الأصل للشيباني ط قطر

محمد بن الحسن الشيباني

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن المُقَدِّمَة إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلامية إدارَة الشّؤون الإسْلامية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

مقدمة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة كتاب الأصل للإمام محمد بن الحسن الشيباني -رحمه الله-. الحمد لله حمداً يوافي نعمه، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم رسله، وبعد، فإن علماء الإسلام قد خلفوا لنا تراثا علمياً ضخماً، متعدد المناحي، وما يزال معظم هذا التراث مخطوطاً لم ير النور، ولم يتعرف عليه الباحثون، رغم ما فيه من المعاني الدقيقة والأفكار العميقة التي تخدم واقعنا المعاصر وتنير السبل لأمتنا في مجالات الفكر والتشريع والثقافة، ويقدر بعض الخبراء أن ما بقي مخطوطاً من تراث علماء الإسلام يربو على ثلاثة ملايين عنوان، تقبع في زوايا المكتبات، وظلام الصناديق والأقبية، حتى إن بعضها لم يفهرس فهرسة دقيقة فضلاً عن النشر. فكان من المهم في هذه المرحلة أن تتجه الجهود لتقويم هذا التراث واستجلاء ما ينفع الناس منه في عصرنا، ثم العمل على تحقيقه ونشره. وإن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر - وقد وفقها الله لأن تضرب بسهم في إحياء هذا التراث - لتحمد الله سبحانه وتعالى على أن ما أصدرته من نفائس التراث قد نال الرضا والقبول من أهل العلم في مشارق الأرض ومغاربها. والمتابع لحركة النشر العلمي لا يخفى عليه جهود دولة قطر في خدمة

تراث الأمة منذ ما يزيد على ستة عقود، وقد جاء مشروع إحياء التراث الإسلامي الذي بدأته الوزارة منذ ست سنوات امتداداً لتلك الجهود وسيراً على تلك المحجة التي عُرفت بها دولة قطر. ومنذ انطلاقة هذا المشروع المبارك يسر الله جل وعلا للوزارة إخراج مجموعة من أمهات كتب العلم في فنون مختلفة تُطبع لأول مرة، ففي تفسير القرآن الكريم أصدرت الوزارة تفسير الإمام العُليمي (فتح الرحمن في تفسير القرآن) وفي علم الرسم أصدرت كتاب (مرسوم المصحف للإمام العُقيلي) ونحن بصدد إصدار جديد متميز للمحرر الوجيز لابن عطية مقابلاً على نسخ خطية عدة. وفي السُّنة أصدرت الوزارة كتاب (التوضيح شرح الجامع الصحيح لابن الملقن) و (حاشية مسند الإمام أحمد للإمام السندي)، و (شرحين لموطأ مالك لكل من القنازعي والبوني)، و (شرح مسند الشافعي للإمام الرافعي)، و (نخب الأفكار شرح معاني الآثار للبدر العيني) إضافة إلى صحيح ابن خزيمة بتحقيقه الجديد المُتقن. وأخيرا صدر عن الوزارة كتاب: (التقاسيم والأنواع) للإمام ابن حبان وكذا (مطالع الأنوار)، لابن قرقول، وهما ينشران لأول مرة، وهناك مشاريع أخرى يُعلن عنها في حينها. وفي الفقه أصدرت الوزارة: (نهاية المطلب في دراية المذهب للإمام الجويني) الذي حققه وأتقن تحقيقه عضو لجنة إحياء التراث الإسلامي أ. د. عبد العظيم الديب - رحمه الله تعالى - وكتاب (الأوسط لابن المنذر) بمراجعة دقيقة للدكتور عبد الله الفقيه عضو اللجنة، وكتاب (التبصرة) للخمي، وحاشية الخلوتي في الفقه الحنبلي، وكتاب الإقناع في مسائل الإجماع، لابن القطان الفاسي، وفي الطريق إصدارات أخرى مهمة تمثل الفقه الإسلامي في عهوده الأولى. وفي السيرة النبوية أصدرت الوزارة الموسوعة الإسنادية (جامع الآثار لابن ناصر الدين الدمشقي).

وفي معتقد أهل السنة والجماعة أصدرت الوزارة كتاباً نفيساً لطيفاً هو كتاب (الاعتقاد لابن العطار) صاحب الإمام النووي -رحمهما الله-. ولم تغفل الوزارة عن إصدار دراسات معاصرة متميزة من الرسائل العلمية وغيرها فأخرجت (القيمة الاقتصادية للزمن) و (نوازل الإنجاب) وفي الطريق - بإذن الله تعالى - ما تقر به العيون من دراسات معاصرة في الكتاب والسنة، والنوازل والمستجدات. ويسرنا أن نقدم اليوم كتاباً نفيساً من تراث الأمة الفقهي، وهو (كتاب الأصل) للإمام أبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - المتوفَّى سنة 189. والذي يُعد مصدراً أساسياً من مصادر المذهب الحنفي، فمؤلفه يروي عن الإمام أبي حنيفة وعن صاحبه الآخر أبي يوسف مباشرة، ويجتهد اجتهاد الضليع في الفقه، السابر لأغواره، مع وضوح العبارة وبعدها عن التعقيد. وقد ظل هذا المرجع النفيس حبيس خزائن المخطوطات قرونا متطاولة، حتى هيأ الله جل وعلا له من أهل الدراية بالفن من يقوم بتحقيقه، ثم تشرفت الوزارة بإخراجه للأمة في حلة قشيبة تليق به، إسهاماً في الحفاظ على تراث هذه الأمة، ورفد المكتبة الفقهية بمرجع أصيل. فالحمد لله على توفيقه، ونسأله المزيد من فضله.

[مقدمة التحقيق]

المقدمة التعريف بكتاب الأصل ودراسته من الناحية الأصولية

الإهداء

الإهداء إلى والدي الكريم الذي ربَّانا على حب العلم والعمل به وضحَّى بالكثير من أجل ذلك، متَّعه الله بالصحة والعافية، وإلى والدتي الكريمة التي كانت خير عون له ولنا طوال عمرها، رحمها الله ورفع درجتها في أعلى الجنان، أهدي عملي هذا داعياً المولى أن يتقبله وينفع به طلاب العلم في كل مكان.

تقديم

تقديم إن الفقه الإسلامي فقه أصيل نشأ على يد الفقهاء المسلمين بعوامل داخلية، في الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي كان يعيش فيها أعلام الفقه الإسلامي. لا شك أن المنابع الأصلية لهذا الفقه هي الكتاب والسنَّة في الدرجة الأولى، ثم فهم وتطبيق الصحابة والقرون الأولى التي عايشت تلك الأجواء وكانت قريبة العهد بالوحي. وكما هو الحال في تطور جميع العلوم فإن علم الفقه قد تطور ونما تدريجياً، وظهرت له مدارس واتجاهات مختلفة في القرن الثاني الهجري. فكان في الحجاز مدرسة أهل الحديث وعلى رأسها الإمام مالك بن أنس، وكان في العراق مدرسة أهل الرأي وعلى رأسها الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، وكان هناك أئمة غيرهم يميل بعضهم إلى هذه المدرسة وبعضهم إلى تلك. لقد كان الفقهاء المسلمون يعيشون في بلاد مختلفة، ويواجهون مجتمعات شتى لها خلفيات تاريخية واقتصادية واجتماعية متنوعة. فكانت اجتهاداتهم تختلف تبعاً للظروف التي يعيشونها مع اعتمادهم على نفس المصادر في الأساس. وبالإضافة إلى ذلك فإن العقل البشري يختلف في تفسير النصوص وتطبيقها حتى داخل المجتمع الواحد تبعاً لاختلاف المناهج وطرق الفهم والاستنباط. وهذا أمر مسلَّم لكل من اشتغل بالفقه والقانون. حتى إنه من الممكن رؤية كثير من القُضاة يختلفون في تفسير نص من نصوص القانون، وهم يعملون في محكمة واحدة وأمام قضية واحدة. والذي ينتظر من الفقه والقانون في الأساس هو تأمين العدالة

والاستقرار في المجتمع وتغطية احتياجات الناس المختلفة مع الحفاظ على التوازن بين فئات المجتمع. وقد كان الفقه الإسلامي بمدارسه المختلفة في حيز التطبيق كلياً أو جزئياً في المجتمعات الإسلامية ابتداءً من العصور الأولى للإسلام إلى يومنا هذا بدون انقطاع. نعم، كانت هناك فترات صعبة مر بها الفقه الإسلامي في مواجهة الظروف التاريخية والاجتماعية، لكن ظل هذا الفقه يوجه حياة المسلمين على وجه العموم في مختلف مجالات حياتهم، سواء في مسائل العبادات أو مسائل الحلال والحرام أو المعاملات أو غير ذلك. وإن من أهم الأسباب التي جعلت الفقه الإسلامي يعيش طوال هذه القرون هو إيمان المسلمين بأن أساس هذا الفقه هو الوحي الإلهي المتمثل في القرآن الكريم والسنَّة النبوية الكريمة، وبأن اتباعهم لأحكام هذا الفقه هو اتباع للإرادة الإلهية التي خلقتهم وجعلت هذه الحياة مسرحاً لاختبارهم، وأن ما يعمله الإنسان من الخير والشر سيحاسب عليه في الحياة الأخرى. لقد استطاع الفقه الإسلامي بمدارسه المتنوعة الغنية وبتراثه الزاخر الذي يعتبر مفخرة من مفاخر المسلمين والبشرية جميعاً أن يحافظ على حيويته على مدار العصور والأمكنة؛ لكن الفقه الإسلامي يواجه اليوم مشاكل داخلية وخارجية تحد من فهمه فهماً صحيحاً ومن تطبيقه تطبيقاً مثالياً لأسباب كثيرة ليس محل إيضاحها هاهنا. وإن دراسة تاريخ الفقه الإسلامي وكيفية نشأته وتطوره سيبين لنا كيف استطاع علماؤنا الأوائل تطوير هذا الفقه بآليات عقلية مثل القياس والاستحسان وغيرهما بما جعله يتناسب مع احتياجات زمانهم دون أن يقطعوا علاقتهم مع منابع هذا الفقه من الوحي الإلهي ويولوه ظهورهم. لقد قام علماء وفقهاء المسلمين وغيرهم بدراسة جوانب كثيرة من الفقه الإسلامي تاريخاً وحاضراً، وأثبتوا أن هذا الفقه لا يزال قادراً على مواجهة مسائل المجتمعات المختلفة في العالم. لكن مما يؤسف له أن عناية المسلمين بتراثهم لا يزال غير كاف. ومن أهم الأدلة على ذلك أن كثيراً من الكتب الفقهية المؤسسة لعلم الفقه عند المسلمين لم يطبع بعد، أو طبع

ناقصاً، أو طبع طبعة سقيمة بدون تحقيق علمي يليق بقدره. ومن تلك الكتب كتاب الأصل للإمام محمد بن الحسن الشيباني (ت. 189)، والذي يعتبر أول كتاب فقهي واسع يشتمل على المسائل الفقهية التي وضعها الإمام أبو حنيفة والإمام أبو يوسف والإمام محمد بن الحسن. وقد طبع بعض هذا الكتاب، لكن ذلك لا يبلغ إلا ربع الكتاب. فلم يطبع كتاب الأصل كاملاً إلى يومنا هذا مع أهميته في تأسيس الفقه الإسلامي. وقد كانت تساورني فكرة تحقيق كتاب الأصل بأكمله منذ زمن طويل؛ إلا أن حجم الكتاب كان عاملاً مهماً يعوقني عن البدء في تنفيذ ذلك الأمل. ثم قررت أن أبدأ في تحقيق الكتاب وأن أسير فيه قدر المستطاع وإن لم أتفرغ لذلك، وقد استغرق عملي فيه قرابة عشرة أعوام. وإني إذ أقدم كتاب الأصل للإمام محمد بن الحسن الشيباني الذي يعتبر من أهم كتب الفقه الإسلامي المؤسِّسة له والواضعة لقواعده والذي طال انتظار الباحثين لرؤيته مطبوعاً كاملاً إلى عالم المعرفة آمل أن يسد ذلك ثغرة في هذا المجال، وأن تتوالى عليه الدراسات والبحوث من أهل الخبرة في جوانبه المختلفة. ولا يسعني إلا أن أشكر كل من ساهم في نشر هذا الكتاب القيم سواء كان ذلك في الحصول على مخطوطاته أو إبداء فكرة استفدت منها في تحقيق الكتاب، وأخص منهم بالذكر أخي الكبير الشقيق الدكتور أرطغرل بوينوكالن، وأستاذي الفاضل الأستاذ الدكتور إبراهيم كافي دونمز، وأستاذي العلامة مفتي الديار المصرية علي جمعة، ومدير مكتبة السليمانية في اسطنبول سابقاً الدكتور نوزاد قايا، جزاهم الله عني كل خير. والحمد لله أولاً وآخراً، وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم. إسطنبول 9/ 4/ 2011

مدخل ترجمة الإمام محمد بن الحسن الشيباني

مدخل ترجمة الإمام محمد بن الحسن الشيباني 1 - اسمه ونسبه وأسرته هو أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني الكوفي. وكان أبوه الحسن بن فرقد من جند الشام، فقدم واسط، فولد له بها محمد (¬1). ونسب إلى بني شيبان لأنه كان مولى لهم (¬2). وهذا يدل على أنه ليس عربي الأصل. ذكر بعضهم أن أصله من أهل الجزيرة (¬3). بينما يذكر آخرون أن أصله من قرية على باب دمشق في وسط الغَوْطَة اسمها حَرَسْتَى (¬4). ونسب إلى الكوفة لأنه نشأ بها ودرس على الإمام أبي حنيفة الفقه فيها كما تلقى عن غيره من أعلام الكوفة وعلمائها. وذكره خليفة بن خياط قائلاً: محمد بن الحسن القاضي (¬5) مما يدل على اشتهاره بالقضاء أيضاً حيث تولى القضاء على عهد هارون الرشيد كما سيأتي. ¬

_ (¬1) الطبقات الكبرى، 7/ 336 ة وتعجيل المنفعة، 361. (¬2) الطبقات الكبرى، 7/ 336. (¬3) الطبقات الكبرى، 7/ 336. (¬4) الجرح والتعديل، 7/ 227؛ وتاريخ بغداد، 2/ 172؛ ووفيات الأعيان، 4/ 184، 185؛ والجواهر المضية، 1/ 526. (¬5) تاريخ خليفة بن خياط، تحقيق: أكرم ضياء العمري، دار القلم - مؤسسة الرسالة، دمشق - بيروت، 458، 1397؛ تاريخ بغداد، 2/ 181.

2 - مولده

وكان محمد بن الحسن ابن خالة الفراء (ت. 257) اللغوي المشهور (¬1)، وكان أيضاً ابن أخت عبد الله بن مسلمة القَعْنَبي (ت. 221) من رواة الموطأ عن الإمام مالك (¬2). وله ابن لا نعرف اسمه، ولعله كان له اشتغال بالفقه، لكنه لم يشتهر. فقد روي أنه سأل ابن محمد بن الحسن أبا سليمان الجوزجاني عن مسألة، فقال أبو سليمان: أما في قول أبي حنيفة وأبيك ... (¬3). 2 - مولده قدم أبوه العراق، فولد محمد بواسط (¬4)، سنة اثنتين وثلاثين ومائة (¬5). وقيل: مولده سنة خمس وثلاثين ومائة، وقيل: إحدى وثلاثين ومائة (¬6). 3 - نشأته وطلبه للعلم نشأ بالكوفة (¬7)، وطلب الحديث وسمع سماعاً كثيراً (¬8). ويظهر أن أباه كان حريصاً على طلبه للعلم مع أنه كان جندياً. فقد ذكر السمعاني أن أباه قدم به إلى الإمام أبي حنيفة (¬9). وتفقه محمد بن الحسن بالكوفة، حيث لازم أبا حنيفة وحمل عنه الفقه والحديث (¬10). وقد توفي الإمام أبو حنيفة وعمر محمد بن الحسن ثمانية عشر عاماً على الرواية المشهورة في أن مولده سنة 132. ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 14/ 152؛ ووفيات الأعيان، 4/ 185، 6/ 179. (¬2) الجواهر المضية، 2/ 42. (¬3) فتح القدير، 7/ 367. (¬4) الجرح والتعديل، 7/ 227؛ وتاريخ بغداد، 2/ 172؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 134؛ والجواهر المضية، 2/ 42. (¬5) الطبقات الكبرى، 7/ 336؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬6) وفيات الأعيان، 4/ 185. (¬7) الجرح والتعديل، 7/ 227؛ وتاريخ بغداد، 2/ 172؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 134؛ والجواهر المضية، 1/ 526. (¬8) الطبقات الكبرى، 7/ 336. (¬9) الجواهر المضية، 1/ 526. (¬10) تعجيل المنفعة، 361.

4 - شيوخه ومن روى عنهم

ويظهر أن والد محمد بن الحسن كان ميسور الحال نوعاً ما. فقد ترك للإمام ثروة أعانته على طلب العلم. قال محمد بن الحسن: "ترك أبي ثلاثين ألف درهم، فأنفقت خمسة عشر ألفاً على النحو والشعر، وخمسة عشر ألفاً على الحديث والفقه" (¬1). وسافر الإمام في طلب العلم إلى الشام والحجاز (¬2). 4 - شيوخه ومن روى عنهم لقد تتلمذ الإمام محمد على كثير من العلماء والفقهاء والمحدثين وغيرهم. فمنهم مِسْعَر بن كِدَام، ومالك بن مِغْوَل، وعمر بن ذر، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وابن جريج، ومحل الضبي، وبكر بن ماعز، وأبي حرّة، وعيسى الخياط، وزمعة بن صالح، وبكير بن عامر، وإبراهيم الخوزي، ومحمد بن أبان، وقيس بن الربيع، والقاسم بن معن (¬3). نخص بالذكر من بينهم أهم مشايخه الذين أثروا على تكوين عقليته الفقهية ومسيرته العلمية: أ - الامام أبو حنيفة (ت. 150) ومن المشهور الذي لا شك فيه أنه جالس أبا حنيفة وسمع منه (¬4). لكن ابن حبان يقول: صحب النعمان وهو أبو حنيفة أياماً يسيرة، يروي عن النعمان بن ثابت وعن يعقوب بن إبراهيم، وسمع من يعقوب عن النعمان أكثر ما يقول عليه (¬5). ومن الظاهر أن مثل هذا الكلام فيه تحامل شديد لا يليق بأهل العلم فضلاً عن علماء الحديث الذين ينبغي أن يكونوا في منتهى ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 2/ 173؛ والجواهر المضية، 1/ 529. (¬2) تعجيل المنفعة، 361. (¬3) الطبقات الكبرى، 7/ 336؛ والجرح والتعديل، 7/ 227؛ وتاريخ بغداد، 2/ 172؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 134؛ والجواهر المضية، 1/ 405، 526؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬4) الطبقات الكبرى، 7/ 336. (¬5) المجروحين لابن حبان، 2/ 275 - 276.

ب - الإمام أبو يوسف (ت. 182)

الدقة والأمانة. إلا أن التعصب وضيق النظر قد أدى ببعض المحدثين إلى مثل هذه الأقوال. فقد ذكرت المصادر أن محمد بن الحسن حضر مجلس أبي حنيفة سنتين أو أكثر (¬1)، وأنه صحب أبا حنيفة وأخذ عنه الفقه ثم عن أبي يوسف (¬2). كما أن عمره عند وفاة أبي حنيفة كان ثمانية عشر عاماً، وهي سن تكفي لسماع الكثير من الفقه والعلم وخصوصاً للطالب النبيه. ب - الإمام أبو يوسف (ت. 182) وقد تقدم آنفاً أنه أتم تحصيل الفقه على أبي يوسف. وهو أمر غني عن البيان كما تراه واضحاً في كتاب الأصل أيضاً. وسيأتي مزيد بيان لذلك أثناء الكلام على كتاب الأصل. وقد سمع منه الجامع الصغير، فجمع فيه المسائل التي رواها عنه عن أبي حنيفة. ج - الإمام مالك بن أنس (ت. 179) قال الشافعي: "كان محمد بن الحسن يقول: سمعت من مالك سبعمائة حديث ونيفاً إلى الثمانمائة لفظاً، وكان أقام عنده ثلاث سنين أو شبيهاً بثلاث سنين" (¬3). قال ابن حجر: "وكان مالك لا يحدث من لفظه إلا قليلاً، فلولا طول إقامة محمد عنده وتمكنه منه ما حصل له عنه هذا. وهو أحد رواة الموطأ عنه، وقد جمع حديثه عن مالك، وأورد فيه ما يخالفه فيه، وهو الموطأ المسموع من طريقه" (¬4). وكان إذا وعد الناس أن يحدثهم عن مالك امتلأ الموضع الذي هو فيه ¬

_ (¬1) طبقات الفقهاء للشيرازي، 1/ 142؛ وتهذيب الأسماء، 1/ 98؛ ووفيات الأعيان، 4/ 184. (¬2) الجواهر المضية، 2/ 42. (¬3) الجرح والتعديل، 1/ 4 - 5؛ وحلية الأولياء، 6/ 330؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 135؛ الجواهر المضية، 2/ 42. (¬4) تعجيل المنفعة، 361.

وكثر الناس عليه، وإذا حدث عن غير مالك لم يأته إلا النفير (¬1)؛ فقال لهم: "لو أراد أحد أن يعيبكم بأكثر مما تفعلون ما قدر عليه؛ إذا حدثتكم عن أصحابكم فإنما يأتيني النفير أعرف فيكم الكراهة، وإذا حدثتكم عن مالك امتلأ علي الموضع" (¬2). قال مجاشع بن يوسف: "كنت بالمدينة عند مالك وهو يفتي الناس، فدخل عليه محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة وهو حَدَث، فقال: ما تقول في جنب لا يجد الماء إلا في المسجد؟ فقال مالك: لا يدخل الجنب المسجد. قال: فكيف يصنع وقد حضرت الصلاة وهو يرى الماء؟ قال: فجعل مالك يكرر: لا يدخل الجنب المسجد. فلما أكثر عليه قال له مالك: فما تقول أنت في هذا؟ قال: يتيمم ويدخل فيأخذ الماء من المسجد ويخرج فيغتسل. قال: من أين أنت؟ قال: من أهل هذه، وأشار إلى الأرض. فقال: ما من أهل المدينة أحد لا أعرفه يُعرف. فقال: ما أكثر من لا تعرف. ثم نهض. قالوا لمالك: هذا محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة. فقال مالك: محمد بن الحسن كيف يكذب وقد ذكر أنه من أهل المدينة؟ قالوا: إنما قال: من أهل هذه، وأشار إلى الأرض. قال: هذا أشد علي من ذاك" (¬3). وعلاقة الإمام محمد بالإمام مالك قد جعلته يسمع حديث وفقه أهل المدينة منه، وكان الطابع الغالب على هذه العلاقة التعرف على قول المخالف حتى يتسنى الرد عليه. وهو ما صنعه الإمام محمد في روايته للموطأ وفي كتابه الحجة على أهل المدينة. لكنه تأثر أيضاً ببعض أقوال أهل المدينة وأخذ بها مع محافظته على أصول فقه أهل الكوفة وعلى رأسهم أبو حنيفة. ويلاحظ أن الشافعي قد فعل نظير ذلك مع محمد بن الحسن، حيث تعلم منه فقه أهل الكوفة والعراق، لكنه لم يسلك مذهبهم، وإنما رد عليهم في كثير من المواضع؛ ومع ذلك فقد استفاد من محمد بن الحسن في ¬

_ (¬1) النفير والنَّفَر. عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة. انظر: مختار الصحاح، "نفر". (¬2) الجرح والتعديل، 1/ 4 - 5؛ وحية الأولياء، 6/ 330. (¬3) تاريخ بغداد، 2/ 174 - 175.

5 - نشره للعلم

طريقة التفقه ووضع المسائل كما كان يعترف بالفضل له في هذا الموضوع (¬1). 5 - نشره للعلم وقد جلس محمد بن الحسن مجلس العلماء في شبابه. فبعد أن توفي أبو حنيفة وقد كان عمره ثماني عشرة سنة، تمم دراسة الفقه على أبي يوسف كما سبق، ثم جلس للتعليم وعمره عشرون سنة. قال إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة: "كان محمد بن الحسن له مجلس في مسجد الكوفة وهو ابن عشرين سنة" (¬2). ثم إنه انتقل إلى بغداد عاصمة الدولة العباسية، فسكن بها، واختلف إليه الناس وسمعوا منه الحديث والرأي (¬3). وصنف الكتب الكثيرة ونشر علم أبي حنيفة (¬4). 6 - تلاميذه ومن روى عنه تتلمذ على الإمام محمد كثير من العلماء. فمن تلاميذه أبو عبيد القاسم بن سلام وهشام بن عبيد الله الرازي وأبو سليمان الجوزجاني وأبو حفص الكبير أحمد بن حفص البخاري وداود بن رشيد وغيرهم كثير (¬5). ومن أشهر من أخذ عنه العلم مرتبين حسب تاريخ الوفاة: أ - الأمام الشافعي (ت. 204) وقد كان الشافعي مقدراً لما أخذ عن محمد بن الحسن من الفقه والعلم. قال الشافعي: "حملت عن محمد بن الحسن وقر بعير كتباً" (¬6). وفي ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 2/ 176. (¬2) تاريخ بغداد، 2/ 174. (¬3) الطبقات الكبرى، 7/ 336؛ وتاريخ بغداد، 2/ 172. (¬4) طبقات الفقهاء، 1/ 142. (¬5) الجواهر المضية، 1/ 237؛ وتعجيل المنفعة، 361. وتأتي ترجمة الجوزجاني وأبي حفص وهشام الرازي وداود بن رشيد بين رواة كتاب الأصل. (¬6) تاريخ بغداد، 2/ 176؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 135؛ وتعجيل المنفعة، 361.

رواية: "سمعت عن محمد بن الحسن وقر بعير" (¬1). وقال الشافعي: "أَمَنُّ الناس عليّ في الفقه محمد بن الحسن" (¬2). كما كان محمد بن الحسن مقدراً للشافعي وذكائه وحرصه على العلم، فكان يخلو به، ولا يبخل عليه بوقته وعلمه. قال أبو حسان الزيادي (¬3): "ما رأيت محمد بن الحسن يعظم أحداً من أهل العلم إعظامه للشافعي، ولقد جاءه يوماً فلقيه وقد ركب محمد بن الحسن فرجع محمد إلى منزله وخلا به يومه إلى الليل، ولم يأذن لأحد عليه" (¬4). وروى الربيع بن سليمان قال: "كتب الشافعي إلى محمد بن الحسن وقد طلب منه كتبه لينسخها، فأخرها عنه، فكتب إليه: قولوا لمن لم تَرَ عَيْـ ... نَا من رآه مثله ومن كأنّ من رآ ... هـ قد رأى من قبله العلم ينهى أهله ... أن يمنعوه أهله لعله يبذله ... لأهله لعله فأنفذ إليه الكتب من وقته (¬5). وكان الإمام محمد يهدي إلى الإمام الشافعي ما ينفقه على نفسه. قال أبو عبيد: "رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن وقد دفع إليه خمسين ديناراً، وقد كان قبل ذلك دفع إليه خمسين درهماً، وقال: إن اشتهيت العلم فالزم. ولما أعطاه محمد قال له: لا تحتشم، فقال الشافعي: لو كنت عندي ممن أحتشمك ما قبلت برك" (¬6). ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 2/ 43. (¬2) تاريخ بغداد، 2/ 176. (¬3) وقال النووي: أبو حسان الرازي. انظر: تهذيب الأسماء، 1/ 79. (¬4) طبقات الفقهاء للشيرازي، 1/ 61؛ وتهذيب الأسماء، 1/ 79. (¬5) طبقات الفقهاء، 1/ 142، والتقرير والتحبير، 1/ 159؛ ومرقاة المفاتيح، 1/ 77. (¬6) سير أعلام النبلاء، 10/ 14.

ب - شعيب بن سليمان الكيساني الكوفي (ت. 204)

ومع هذا فإن الإمام الشافعي لم يتبع مذهب أهل الرأي، لكنه قد استفاد من الإمام محمد كثيراً، وقدّر ذلك، مثل ما فعل الإمام محمد مع الإمام مالك، حيث استفاد منه، لكن لم يتبع مذهبه. وهناك باب في كتاب الأم للإمام الشافعي سماه "الرد على محمد بن الحسن" (¬1). كما أن لمحمد بن الحسن كتاب الحجة على أهل المدينة. ب - شعيب بن سليمان الكيساني الكوفي (ت. 204) من أصحاب محمد وأبي يوسف. قدم مصر ومات بها (¬2). وروى عن محمد مسائل نوادر (¬3). ج - معلى بن منصور الرازي (ت. 211) محدث ثقة حافظ، وفقيه من أهل الرأي. روى الكتب والأمالي والنوادر عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وكان رفيقاً لأبي سليمان الجوزجاني في الرواية، ولكنه كان أصغر سناً منه. وروى الحديث عن مالك والليث بن سعد وغيرهما؛ وروى عنه علي بن المديني والبخاري وغيرهما. وأخرج حديثه الستة. وقد سكن بغداد. وطلبه المأمون للقضاء فأبى (¬4). د - إبراهيم بن رستم، أبو بكر المروزي (ت. 211) كان يذكر بفقه وعبادة. كان أولاً من أصحاب الحديث، ثم خرج الى محمد بن الحسن فكتب كتبهم (¬5)، فاختلف الناس إليه، وعُرض عليه القضاء فلم يقبله، فقرّبه المأمون. وقد وثقه يحيى بن معين، وتكلم فيه بعض المحدثين بسبب الرأي (¬6). ¬

_ (¬1) الأم (تحقيق رفعت فوزي)، 9/ 85 - 169. (¬2) الجواهر المضية، 1/ 257 - 258. (¬3) انظر مثلاً: شرح معاني الآثار، 3/ 218، 4/ 4، 77. (¬4) الجرح والتعديل، 8/ 334؛ وتاريخ بغداد، 13/ 188؛ وميزان الاعتدال، 6/ 477؛ والجواهر المضية (تحقيق عبدالفتاح الحلو)، 3/ 492؛ وتهذيب التهذيب، 10/ 215. (¬5) أي: كتب أهل الرأي. (¬6) الجواهر المضية، 1/ 37؛ ولسان الميزان، 1/ 56 - 57.

هـ - أسد بن الفرات، أبو عبد الله الحراني ثم المغربي (ت. 213)

هـ - أسد بن الفرات، أبو عبد الله الحراني ثم المغربي (ت. 213) هو الفقيه المالكي القاضي. روى أسد عن مالك بن أنس الموطأ وعن أبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن، وغلب عليه علم الرأي، وكتب علم أبي حنيفة. وقد نفدت نفقة أسد وهو عند محمد فكلم فيه الدولة فنفذوا إليه عشرة آلاف درهم (¬1). وقد أخذ أسد بن الفرات المسائل عن محمد بن الحسن ثم عرضها على ابن القاسم، فأجابه فيها على مذهب مالك، وتسمى هذه المسائل الأسدية، وقد أخذها عنه سحنون وألف المدونة التي هي أساس المذهب المالكي (¬2). و- علي بن معبد بن شداد العبدي الرقّي (ت. 218) نزيل مصر، من المحدثين الفقهاء. روى له الترمذي والنسائي. وروى عن محمد بن الحسن الجامع الكبير والجامع الصغير (¬3). قال علي بن معبد: "قدمت الرقّة ومحمد بن الحسن قاض عليها، فأتيت بابه فاستأذنت عليه، فحُجبت عنه، فانصرفت. فأقمت بالرقة مدة لا آتيه. فبينما أنا في يوم من الأيام في بعض طرقاتها إذ أقبل محمد بن الحسن على هيئة القضاة، فلما رآني أقبل علي واستبطأني ووكل بي من يصيرني إلى منزله. فلما جلس في منزله أدخلت عليه، فقال لي: ما الذي خلفك عني منذ قدمت، قد بلغني أنك هاهنا. فقلت: أتيت منزلك فحُجبت عنك، وإنما أتيتك كما كنت آتيك وأنت غير قاض. فساءه ذلك وغمه. فقال لي: أي حُجّابي حجبك؟ فظننت أنه يريد عقوبته، فلم أخبره. فقال لي: فإن لم تفعل فإني أنحيهم كلهم. فقلت له: إذاً تظلم من لم يحجبني. قال: فدعا بهم جميعاً وقال لهم: لا يد لكم على أبي محمد في حجبه عني. ثم التفت إلي فقال: إذا جئت إلينا فلا يكن بيني وبينك إلا الستر الذي يستر الناس عني فتنحنحْ حينئذٍ، فإن ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء، 10/ 225، 227. (¬2) سير أعلام النبلاء، 10/ 225، 226. (¬3) تهذيب الكمال، 21/ 141؛ وسير أعلام النبلاء، 10/ 631؛ والجواهر المضية، 1/ 379.

ز - عيسى بن أبان بن صدقة، أبو موسى (ت. 221)

كنتُ على حال يتهيأ لك الدخول فيها أذنت لك بنفسي، وإن كنت على غير ذلك أسكت، فانصرفت. فكنت آتيه بعد ذلك والناس على بابه فأتخطاهم وأتخطى حُجّابهم حتى أصل إلى ستره فأتنحنح وأسلم، فيقول: ادخل يا أبا محمد، فأدخل، أو يمسك فأنصرف" (¬1). وقد أراد المأمون أن يوليه قضاء مصر، فأبى (¬2). ز - عيسى بن أبان بن صدقة، أبو موسى (ت. 221) صحب محمد بن الحسن الشيباني وتفقه به. واستخلفه يحيى بن أكثم على القضاء بعسكر المهدي. ثم تولى عيسى القضاء بالبصرة فلم يزل عليه حتى مات (¬3). وقد كان عيسى بن أبان كارهاً لأهل الرأي في أول أمره. قال محمد بن سماعة: "كان عيسى بن أبان حسن الوجه، وكان يصلي معنا، وكنت أدعوه أن يأتي محمد بن الحسن، فيقول: هؤلاء قوم يخالفون الحديث. وكان عيسى حسن الحفظ للحديث. فصلَّى معنا يوماً الصبح، وكان يوم مجلس محمد. فلم أفارقه حتى جلس في المجلس. فلما فرغ محمد أدنيته إليه وقلت: هذا ابن أخيك أبان بن صدقة الكاتب، ومعه ذكاء ومعرفة بالحديث، وأنا أدعوه إليك فيأبى ويقول: إنا نخالف الحديث. فأقبل عليه وقال له: يا بني، ما الذي رأيتنا نخالفه من الحديث؟ لا تشهد علينا حتى تسمع منا. فسأله يومئذٍ عن خمسة وعشرين باباً من الحديث، فجعل محمد بن الحسن يجيبه عنها ويخبره بما فيها من المنسوخ ويأتي بالشواهد والدلائل. فالتفت إلي بعدما خرجنا، فقال: كان بيني وبين النور ستر فارتفع عني، ما ظننت أن في ملك الله مثل هذا الرجل يظهره للناس. ولزم محمد بن الحسن لزوماً شديداً حتى تفقه به" (¬4). ح- يحيى بن معين (ت.233) هو المحدث المشهور. قال ابن معين: كتبت الجامع الصغير عن ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 1/ 379 - 380. (¬2) الجواهر المضية، 2/ 177. (¬3) تاريخ بغداد، 1/ 157. (¬4) تاريخ بغداد، 1/ 158.

ط - محمد بن سماعة التميمي، أبو عبد الله (ت. 233)

محمد بن الحسن (¬1). ط - محمد بن سماعة التميمي، أبو عبد الله (ت. 233) حدث عن الليث بن سعد وأبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن، وكتب النوادر عن أبي يوسف ومحمد، وروى الكتب والأمالي. وهو من الحفاظ الثقات. وولاه المأمون القضاء ببغداد سنة 192 بعد وفاة يوسف بن أبي يوسف. واستعفى عن القضاء فيما بعد بسبب ضعف بصره، فأعفي. قال يحيى بن معين: "لو كان أصحاب الحديث يصدقون في الحديث كما يصدق محمد بن سماعة في الرأي لكانوا على نهاية". توفي وله مائة وثلاث سنين (¬2). ي - فرات بن نصر، أبو جعفر الفقيه القهندزي الهروي (ت. 236) تفقه على أبي يوسف، وروى عنه وعن محمد بن الحسن. وكان عنده عامة كتب محمد بن الحسن سمعها منه (¬3). ك - إسماعيل بن توبة، أبو سهل الثقفي القزويني (ت. 247) هو من المحدثين الفقهاء. ارتحل إلى الحجاز والعراق. روى السير الكبير عن محمد بن الحسن مع أبي سليمان الجوزجاني، لم يروه عنه غيرهما. وكان الإمام محمد يؤدب أولاد الخليفة، فكان إسماعيل بن توبة يحضر معهم لسماع السير على محمد، فاتفق أنه لم يبق من الرواة غيره وغير أبي سليمان. انتقل من الري إلى قزوين، ومات بها (¬4). 7 - صفاته الخلقية والخلقية كان الإمام محمد بن الحسن سميناً، لكنه كان مع ذلك ذكياً خفيف ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 2/ 176؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 136؛ والجواهر المضية، 2/ 43؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬2) تهذيب الكمال، 25/ 317 - 319؛ والجواهر المضية، 2/ 85؛ وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال، 339. (¬3) الجواهر المضية، 1/ 405. (¬4) الإرشاد للخليلي، 2/ 702 - 704؛ والجواهر المضية، 1/ 147.

الروح. قال الشافعي: "ما رأيت سميناً أخف روحاً من محمد بن الحسن" (¬1). وكان الشافعي يقول: "ما ناظرت سميناً أذكى منه" (¬2). قال الذهبي: "وكان مع تبحره في الفقه يضرب بذكائه المثل" (¬3). وقال الشافعي: "ما رأيت أعقل من محمد بن الحسن" (¬4). وكان الإمام يحب المناظرة وكان واسع الصدر أمام الأسئلة التي توجه إليه، لا يغضب ولا يتغير. قال الشافعي: "ما ناظرت أحداً إلا تمعر وجهه ما خلا محمد بن الحسن" (¬5). وقال الشافعي: "ما رأيت أحدأ يُسأل عن مسألة فيها نظر إلا تبينت في وجهه الكراهة إلا محمد بن الحسن" (¬6). وكان قد وكل أموره المالية إلى وكيل له حتى يتفرغ للعلم. قال محمد بن سماعة: "قال محمد بن الحسن لأهله: لا تسألوني حاجة من حوائج الدنيا تشغلوا قلبي، وخذوا ما تحتاجون إليه من وكيلي، فإنه أقل لهمي وأفرغ لقلبي" (¬7). وكان محافظاً على وقار العلماء وجريئاً في وجه الملوك لا يتنازل عن الحق. قال أبو عبيد: "كنا مع محمد بن الحسن إذ أقبل هارون الرشيد، فقام إليه الناس كلهم إلا محمد بن الحسن فإنه لم يقم. ثم أُذن بالدخول على الرشيد، فدخل محمد بن الحسن فجزع أصحابه له، ثم خرج طيب النفس مسروراً، فقال: قال لي: ما لك لم تقم مع الناس؟ قلت: كرهتُ أن أخرج عن الطبقة التي جعلتني فيها، إنك أهّلتني للعلم، فكرهتُ أن أخرج منه إلى طبقة الخدمة التي هي خارجة منه، وإن ابن عمك - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار" (¬8)، وإنه إنما أراد بذلك ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 2/ 175؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬2) سير أعلام النبلاء، 9/ 135. (¬3) سير أعلام النبلاء، 9/ 135. (¬4) تاريخ بغداد، 2/ 175. (¬5) تاريخ بغداد، 2/ 177. (¬6) طبقات الفقهاء، 1/ 142. (¬7) تاريخ بغداد، 2/ 176 - 177؛ والجواهر المضية، 1/ 528. (¬8) رواه الترمذي بلفظ: "مَن سره أن يتمثل ... ". انظر: سنن الترمذي، الأدب، 23.

العلماء، فمن قام بحق الخدمة وإعزاز الملك فهو هيبة للعدو، ومن قعد اتبع السنَّة التي عنكم أُخذت، فهو زين لكم. قال: صدقت يا محمد. ثم قال: إن عمر بن الخطاب صالح بني تغلب على أن لا ينصّروا أبناءهم، وقد نصّروا أبناءهم وحلّت بذلك دماؤهم، فما ترى؟ قال: قلت: إن عمر أمرهم بذلك، وقد نصّروا أبناءهم بعد عمر، واحتمل ذلك عثمان وابن عمك (¬1)، وكان من العلم ما لا خفاء به عليك، وجرت بذلك السنَّة، فهذا صلح من الخلفاء بعده، ولا شيء يلحقك في ذلك، وقد كشفتُ لك العلم، ورأيك أعلى. قال: لَكِنّا نجريه على ما أجروه إن شاء الله، إن الله أمر نبيه بالمشورة، فكان يشاور في أمره ثم يأتيه جبريل -عليه السلام- بتوفيق الله، ولكن عليك بالدعاء لمن ولاّه الله أمرك، ومُرْ أصحابك بذلك، وقد أمرت لك بشيء تفرّقه على أصحابك. فخرج له مال كثير ففرّقه" (¬2). وفي سنة 176 ظهر يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (¬3) بالديلم واشتدت شوكته، فاغتم الرشيد لذلك، فندب إليه الفضل بن يحيى في خمسين ألفاً، فكاتب يحيى بن عبد الله ولطف به، فأجاب يحيى إلى الصلح، على أن يكتب له الرشيد أماناً بخطه يشهد عليه فيه القضاة والفقهاء وجِلّة بني هاشم ومشايخهم، فأجابه الرشيد إلى ذلك، وسيّر الأمان مع هدايا وتحف. فقدم يحيى مع الفضل بغداد، فلقيه الرشيد بكل ما أحب وأمر له بمال كثير وأنزله منزلاً سَرِياً. ثم إن الرشيد حبسه فمات في الحبس. وكان الرشيد قد عرض كتاب أمان يحيى على محمد بن الحسن وعلى أبي البَخْتَرِي القاضي (ت. 200) (¬4)، فقال محمد: "الأمان صحيح". فحاجّه ¬

_ (¬1) أي علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. (¬2) تاريخ بغداد، 2/ 173 - 174. (¬3) هو من الطالبيين الذين خرجوا على العباسيين، وقد رباه جعفر الصادق، وتفقه عنده. دعا إلى نفسه في بلاد الديلم، ثم صالح الرشيد بأمان، وقدم بغداد، ثم حبسه الرشيد إلى أن مات. انظر: الأعلام للزركلي، 8/ 154. (¬4) هو وهب بن وهب القرشي المدني، ولاه هارون الرشيد قضاء عسكر المهدي أي شرقي بغداد، ثم قضاء المدينة، ثم عزل ورجع إلى بغداد وتوفي بها. وهو ضعيف عند المحدثين. انظر: الأعلام للزركلي، 8/ 126.

8 - مذهبه في العقائد

الرشيد وأغلظ له الكلام، لكن لم يرجع محمد عن فتواه. وقال أبو البَخْتَرِي: "هذا أمان منتقض من وجه كذا". فمزقه الرشيد (¬1). وكان محمد بن الحسن يتفقد طلاب العلم ويواسيهم بالنفقة مثل أستاذه أبي حنيفة. قال أبو عبيد: "رأيت الشافعي عند محمد بن الحسن وقد دفع إليه خمسين ديناراً وقد كان قبل ذلك دفع إليه خمسين درهماً وقال: إن اشتهيت العلم فالزم" (¬2). وقد نفدت نفقة أسد بن الفرات وهو عند محمد فكلم فيه مسؤولي الدولة فنفذوا إليه عشرة آلاف درهم (¬3). وكان الإمام محمد متواضعاً لأهل العلم حتى لطلابه، وحريصاً على العلم، فيستفيد من طلبته ولا يرى في ذلك غضاضة على نفسه. قال أبو سليمان الجوزجاني: "سمعت ابن المبارك يقول: سألت أبا حنيفة - رضي الله عنه - عن الرجل يبعث بزكاة ماله من بلد إلى بلد آخر، فقال: لا بأس بأن يبعثها من بلد إلى بلد آخر لذي قرابته، فحدثت بهذا محمد بن الحسن، فقال: هذا حسن، وهذا قول أبي حنيفة، وليس لنا في هذا سماع عن أبي حنيفة. قال أبو سليمان: فكتبه عني محمد بن الحسن عن ابن المبارك عن أبي حنيفة" (¬4). 8 - مذهبه في العقائد طعن فيه بعض المحدثين بأنه كان جهمياً مرجئاً يقول بخلق القرآن (¬5). لكن مذهب محمد بن الحسن في العقائد معروف مثل مذهب أبي حنيفة ¬

_ (¬1) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 130 - 131؛ والكامل لابن الأثير، 5/ 291؛ والنجوم الزاهرة، 2/ 63. (¬2) سير أعلام النبلاء، 10/ 14. (¬3) سير أعلام النبلاء، 10/ 225 - 227. (¬4) الجواهر المضية، 1/ 282. (¬5) الضعفاء للعقيلي، 4/ 52، 54؛ والمجروحين لابن حبان، 2/ 276. وتاريخ بغداد، 2/ 179؛ وتعجيل المنفعة، 361.

9 - منزلته في العلم من خلال أقوال العلماء

وأبي يوسف تراه واضحاً في العقيدة الطحاوية التي يرويها الطحاوي عنهم. كما يرى ذلك في مؤلفات الإمام أبي حنيفة، الفقه الأكبر وغيره. والحامل على ذلك كله التعصب الناشئ عن عدم التروي والبحث. كان هناك بعض المنتسبين إلى الحنفية ممن يذهب إلى تلك الآراء، لكن الأئمة أنفسهم برآء من ذلك. وقد صرح بذلك أبو سليمان الجوزجاني ومعلى بن منصور الرازي حيث قالا: "ما تكلم أبو حنيفة ولا أبو يوسف ولا زفر ولا محمد ولا أحد من أصحابهم في القرآن، وإنما تكلم في القرآن بشر المريسي (¬1) وابن أبي دؤاد، فهؤلاء شانوا أصحاب أبي حنيفة" (¬2). 9 - منزلته في العلم من خلال أقوال العلماء قال الشافعي: "ما رأيت أفصح من محمد بن الحسن، كنت إذا رأيته يقرأ كأن القرآن نزل بلغته" (¬3). وقال: "ولو أشاء أن أقول: نزل القرآن بلغة محمد بن الحسن لقلت لفصاحته" (¬4). قال الشافعي: "كان محمد بن الحسن الشيباني إذا أخذ في المسألة كأنه قرآن ينزل عليه لا يقدم حرفاً ولا يؤخر" (¬5). قال الربيع بن سليمان: "وقف رجل على الشافعي فسأله عن مسألة فأجابه، فقال له الرجل: يا أبا عبد الله، خالفك الفقهاء. فقال له الشافعي: وهل رأيت فقيهاً قط اللَّهم إلا أن تكون رأيت محمد بن الحسن، فإنه كان يملأ العين والقلب، وما رأيت مبدناً قط أذكى من محمد بن الحسن" (¬6). ¬

_ (¬1) هو بشر بن غياث المريسي البغدادي المعتزلي، من تلامذة أبي يوسف، فقيه متكلم، انتُقِد كثيراً بسبب دخوله في الكلام، وله أقوال في المذهب الحنفي. انظر: القرشي، الجواهر المضية، 1/ 447 - 450. (¬2) تاريخ بغداد، 13/ 383. (¬3) تاريخ بغداد، 2/ 175؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬4) تاريخ بغداد، 2/ 175؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 135. (¬5) تاريخ بغداد، 2/ 176. (¬6) تاريخ بغداد، 2/ 176.

قال ابن سعد: "ونظر في الرأي فغلب عليه وعرف به ونفذ فيه" (¬1). قال أبو عبيد القاسم بن سلام: "ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد بن الحسن" (¬2). قال جعفر بن ياسين: "كنت عند المزني، فوقف عليه رجل فسأله عن أهل العراق، فقال له: ما تقول في أبي حنيفة؟ قال: سيدهم، قال: فأبو يوسف؟ قال: أتبعهم للحديث، قال: فمحمد بن الحسن؟ قال: أكثرهم تفريعاً، قال: فزفر؟ قال: أحدّهم قياساً" (¬3). قال أبو علي الحسن بن داود: "فخر أهل البصرة بأربعة كتب، منها كتاب البيان والتبيين للجاحظ وكتاب الحيوان له وكتاب سيبويه وكتاب الخليل في العين، ونحن نفتخر بسبعة وعشرين ألف مسألة في الحلال والحرام عملها رجل من أهل الكوفة يقال له: محمد بن الحسن قياسية عقلية لا يسع الناس جهلها، وكتاب الفراء في المعاني ... " (¬4) قال الذهبي: "العلامة فقيه العراق" (¬5). قال القرشي: "وكان أيضاً مقدماً في علم العربية والنحو والحساب والفطنة" (¬6). قال ابن حجر العسقلاني: "وكان الشافعي يعظمه في العلم، وكذلك أحمد بن حنبل" (¬7). ¬

_ (¬1) الطبقات الكبرى، 7/ 336. (¬2) تاريخ بغداد، 2/ 175؛ والجواهر المضية، 2/ 43. (¬3) تاريخ بغداد، 2/ 176. (¬4) تاريخ بغداد، 2/ 177. (¬5) سير أعلام النبلاء، 9/ 64. (¬6) الجواهر المضية، 2/ 44. (¬7) تعجيل المنفعة، 361.

10 - منزلته في الحديث

10 - منزلته في الحديث طعن في الإمام محمد بعض المحدثين كما طعنوا في أستاذه أبي حنيفة وأصحابه، ووثقه بعضهم مثل علي بن المديني الذي يلقب بأمير المؤمنين في الحديث، وقال الدارقطني: "هو لا يستحق الترك" (¬1). وروى عنه الإمام الشافعي في كتاب الأم (¬2). وتقدم ثناء الشافعي وغيره من العلماء عليه قريباً. على أنه من الواضح أن سبب الطعن هو التعصب على أهل الرأي، فإنك ترى بين كلام بعض المحدثين في تضعيفه أنه من أهل الرأي وأنه جهمي وأنه مرجئ وأنه ليس بأهل لأن يروى عنه بهذه الأسباب. وترى بعض المحدثين يذكرون أنه يخطئ كثيراً ويهم في الأحاديث التي يرويها. وهذا أمر مبالغ فيه. والذي دفع بعضهم إلى هذا هو أن الإمام محمد بن الحسن فقيه في الدرجة الأولى، وعنايته بالحديث والرواية منصبة على أحاديث الأحكام، فاهتمامه متوجه إلى الاحتجاج بالحديث وفهم معناه والفقه الذي يستنبط منه أكثر من رواية الحديث والاهتمام بألفاظه وتعداد أسانيده وما إلى ذلك. فلم يكن الإمام ممن يجلس للتحديث ويصرف جل سعيه في رواية الحديث، وإنما هو فقيه ثم محدث. ولكن ذلك لا يمنع من صحة حديثه وكونه ثقة حافظاً للحديث أيضاً. فالأمر يرجع إلى الاختصاص بعلم وتكثيف جهده فيه أكثر من علم آخر. حتى إنك لترى الأمر الذي ينبغي أن يحمد عليه يتحول إلى أمر يذم عليه. قال عبد الرحمن بن مهدي: "دخلت على محمد بن الحسن صاحب الرأي، فرأيت عنده كتاباً موضوعاً فأخذته ونظرت فيه، فإذا هو قد أخطأ وقاس على الخطأ. قال: قلت: ما هذا؟ قال: هذا حديث أبي خَلْدَة عن أبي العالية في الدود يخرج من الدبر. وقد تأوله على غير تأويله وقاس عليه. ¬

_ (¬1) انظر لأقوال أهل الحديث فيه: الجرح والتعديل، 7/ 227؛ والضعفاء للعقيلي، 4/ 52 - 54؛ والمجروحين لابن حبان، 2/ 276؛ والكامل لابن عدي، 6/ 174 - 175؛ وتاريخ بغداد، 2/ 180 - 181؛ وميزان الاعتدال، 6/ 107، وتعجيل المنفعة، 361. (¬2) الأم، 3/ 220، 6/ 185.

فقلت: هذا ليس هكذا. قال: كيف هو؟ فأخبرته. قال: صدقت. ثم جاء بالمقراض يقرض من كتابه" (¬1). فمحمد بن الحسن عالِم واسع الصدر يسمح لابن مهدي بالاطلاع على كتابه ويستمع إلى نقده العلمي ويراه في مكانه ويصحح كتابه تبعاً لما يقوله. وهذا هو التواضع للحق أينما كان ومن أين أتى. كما أن التفرق الذي حدث بين أهل الحديث وأهل الرأي وبين أهل الحجاز وأهل العراق وأمثال ذلك قد أثر في كلام بعض المحدثين والعلماء وجعل من السهل عليهم الطعن على أهل الرأي دون التروي كثيراً في عواقب ذلك. قال محمد بن الحسن الشيباني: "كنت عند مالك، فنظر إلى أصحابه فقال: انظروا أهل المشرق فأنزلوهم بمنزلة أهل الكتاب، إذا حدثوكم فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم. ثم التفت فرآني، فكأنه استحيى، فقال: يا أبا عبد الله، أكره أن تكون غيبة، هكذا أدركت أصحابنا يقولون" (¬2). قال الذهبي: "هذا القول من الإمام قاله لأنه لم يكن له اعتناء بأحوال بعض القوم ولا خبر تراجمهم، وهذا هو الورع. ألا تراه لما خبر حال أيوب السختياني العراقي كيف احتج به، وكذلك حميد الطويل وغير واحد ممن روى عنهم. وأهل العراق كغيرهم فيهم الثقة والحجة والصدوق والفقيه والمقرئ والعابد وفيهم الضعيف والمتروك والمتهم. وفي الصحيحين شيء كثير جداً من رواية العراقيين -رحمهم الله-. وفيهم من التابعين كمثل علقمة ومسروق وعبيدة والحسن وابن سيرين والشعبي وإبراهيم، ثم الحكم وقتادة ومنصور وأبي إسحاق وابن عون، ثم مسعر وشعبة وسفيان والحمادين وخلائق أضعافهم، رحم الله الجميع" (¬3). كما نقل عن الإمام مالك أقوال أخرى في الثناء على الإمام أبي حنيفة وعلى العراقيين. لكن المقصود أنه إذا كان هناك نوع من التحزب والافتراق فإنه يسهل على أحد الأطراف التكلم في الطرف الآخر بما لا ينبغي. وهذا أمر ينبغي أن يتفطن إليه العلماء ¬

_ (¬1) الضعفاء للعقيلي، 4/ 54. (¬2) سير أعلام النبلاء، 8/ 68. (¬3) سير أعلام النبلاء، 8/ 68 - 69.

11 - توليه القضاء

والمحدثون خصوصاً عند توثيقهم وتضعيفهم للرجال وحكمهم على الأحاديث بالصحة والضعف. 11 - توليه القضاء أشار أبو يوسف على هارون الرشيد بتولية محمد بن الحسن قضاء الرقة، ولم يشاوره أبو يوسف في ذلك. فأُحضر محمد بن الحسن من الكوفة وهو لا يعلم سبب إحضاره، فكان ذلك من أسباب انكسار الخاطر بينهما (¬1). فخرج إلى الرقة وهارون أمير المؤمنين بها فولاه قضاء الرقة ثم عزله (¬2). وكان سبب عزله ما سبق من إجازته لأمان يحيى بن عبد الله (¬3). ثم إن الرشيد قربه إليه مرة أخرى وولاه قضاء القضاة بعد وفاة أبي يوسف (¬4). 12 - وفاته خرج بصحبة هارون الرشيد إلى الري، فمات بها في سنة 189 وهو ابن ثمان وخمسين سنة (¬5). ومات هو والكسائي في يوم واحد، فكان الرشيد يقول: "دفنت الفقه والنحو بالري" (¬6). وقد حدد بعضهم مكان موته أنه مات في رَنْبَوَيه قرية من قرى الري (¬7)، وفي جبل طَبَرَك (¬8)، وفي دار أحد تلاميذه هشام بن عبيد الله الرازي (¬9)، وأنه دفن في مقبرة عائلة هشام الرازي المعروفة آنذاك بالعلم والشرف (¬10). وقد دفن بعض العلماء الأحناف في القرن الخامس والسادس في مقبرة الإمام محمد بن الحسن مما يدل على وجود ¬

_ (¬1) بلوغ الأماني، 46. (¬2) الطبقات الكبرى، 7/ 336؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬3) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 126 - 127؛ وبلوغ الأماني، 51. (¬4) سير أعلام النبلاء، 9/ 135. (¬5) الطبقات الكبرى، 7/ 336؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬6) طبقات الفقهاء، 1/ 142؛ وتاريخ بغداد، 2/ 181؛ وتعجيل المنفعة، 361. (¬7) وفيات الأعيان، 4/ 185. (¬8) الجواهر المضية، 1/ 157. (¬9) تذكرة الحفاظ، 1/ 388. (¬10) الجواهر المضية، 2/ 205.

13 - آثاره العلمية

المقبرة في تلك القرون (¬1). لكنها غير موجودة اليوم كما أفاد ذلك الأستاذ محمد حميد الله (¬2). وقد رثاه اليزيدي ورثى الكسائي الذي مات معه في نفس اليوم بقصيدة (¬3). 13 - آثاره العلمية أ - كتاب الأصل ويأتي الكلام عليه مفصلاً. ب - الجامع الصغير وهو أحد كتب ظاهر الرواية. وقد روى محمد بن الحسن مسائل هذا الكتاب عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، وألفه بطلب من أبي يوسف. فيذكر في أول كل باب: محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة. ويذكر فيه الخلاف بين هؤلاء الأئمة في بعض المواضع. وقد رتب الكتاب أبو طاهر الدباس والحسن بن أحمد الزعفراني. ويحتوي الجامع الصغير على 1532 مسألة فقهية مختصرة بدون ذكر أدلتها. وهو كتاب فقهي مختصر يحتوي على أمهات المسائل الفقهية في كل باب. وقد اعتنى به الفقهاء الأحناف كثيراً ما بين شارح وناظم (¬4). وذكر مخطوطاته ومخطوطات شروحه بروكلمان (¬5) وسزكين (¬6). وطبع الكتاب عدة طبعات غير محققة، في بولاق بهامش كتاب ¬

_ (¬1) الكامل لابن الأثير، 9/ 436؛ والجواهر المضية، 1/ 156 - 157، 170. (¬2) ومدينة الري هي في طهران اليوم. وقد ذكر الأستاذ حميد الله أنه يوجد مصنع للإسمنت في تلك المنطقة اليوم. انظر: Muhammed Hamidullah, Olumunun 1200 uncu yildonumunde Sarlman in muasiri: imam Muhammed b. el - Hasen es - Seybani (trc. Yusuf Ziya Kavakci) Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s. 7. (¬3) تاريخ بغداد، 2/ 182. (¬4) كشف الظنون، 1/ 561 - 564. (¬5) تاريخ الأدب العربي، 3/ 253 - 254. (¬6) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 67 - 71.

ج - الجامع الكبير

الخراج لأبي يوسف سنة 1302، وفي الهند في سنوات 1291، 1294، 1310، 1328. وطبع في بيروت سنة 1406/ 1986، مع مقدمة عبد الحي اللكنوي المسماة بالنافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير، وشرح اللكنوي للجامع الصغير. وقد طبع الكتاب بتحقيقنا قريباً. ج - الجامع الكبير وهو أحد كتب ظاهر الرواية. وقد ألفه الإمام محمد تأليفاً مستقلاً من دون رواية عن أبي يوسف. وهو أكبر حجماً من الجامع الصغير. ولم يذكر في أبواب العبادات إلا مسائل قليلة، وتوسع في الأبواب الأخرى. وهو مثل الجامع الصغير من حيث خلوه عن الأدلة. وتظهر فيه ملكة المؤلف الفقهية أكثر حيث يبني مسائل كل باب على قواعد فقهية من غير أن يصرح بتلك القواعد، وقد بين الفقهاء تلك القواعد في شروحهم على الكتاب. وعليه شروح كثيرة وأعمال أخرى من الاختصار والنظم (¬1). وذكر مخطوطاته مع شروحه وغير ذلك بروكلمان (¬2) وسزكين (¬3). وطبع الكتاب بتحقيق أبو الوفا الأفغاني في الهند سنة 1356، ثم صور وطبع في بيروت. د - السير الصغير (¬4) وهو أحد كتب ظاهر الرواية. ويغلب على الظن وجوده ضمن كتاب الأصل في النسخ التي بأيدينا. وقد طبع طبعة مستقلة بتحقيق مجيد خدوري في بيروت سنة 1975 بالاعتماد على بعض نسخ كتاب الأصل. والكتاب يحتوي على مسائل الجهاد والحرب والسلام وما يلحق بذلك مما يدخل في موضوع القانون الدولي اليوم. ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 1/ 567 - 570. (¬2) تاريخ الأدب العربي، 3/ 250 - 253. (¬3) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 59 - 67. (¬4) كشف الظنون، 2/ 1013.

هـ - السير الكبير

هـ - السير الكبير وهو أحد كتب ظاهر الرواية. وهو أوسع من السير الصغير، وموضوعه هو نفسه. ويقال: إنه آخر مؤلفات محمد بن الحسن (¬1). والكتاب موجود ممزوجاً بشرح السرخسي، وقد امتزجت مسائله مع الشرح فلم تتميز تماماً. وذكر مخطوطاته بروكلمان (¬2) وسزكين (¬3). وللكتاب شروح أخرى كشرح الحلواني والحصيري (¬4). وقد طبع مع شرح السرخسي له في حيدر آباد سنة 1335 - 1336 في أربعة أجزاء، وفي القاهرة طبعته جامعة الدول العربية بتحقيق صلاح الدين المنجد في خمسة أجزاء سنة 1971 - 1972. وكانت جامعة القاهرة طبعت الجزء الأول من الكتاب بتحقيق محمد أبو زهرة ومصطفى زيد سنة 1958، لكن لم يكتمل هذا العمل. وقد شرح محمد منيب العينتابي (ت. 1238) شرح السير الكبير للسرخسي باسم تيسير المسير في شرح السير الكبير. وترجم العينتابي المذكور شرح السير الكبير للسرخسي إلى التركية، وطبع في إسطنبول في جزءين سنة 1241. كما ترجم شرح السير الكبير للسرخسي إلى الفرنسية الأستاذ محمد حميد الله، وطبعت وقف الديانة التركي هذه الترجمة في أنقرة في أربعة أجزاء سنة 1989 - 1991. و- الزيادات وهو من كتب ظاهر الرواية. وقد ألفه الإمام محمد استدراكاً لما لم يذكره من المسائل في كتاب الأصل أو غيره من مؤلفاته. وأسلوبه فيه سرد المسائل كما في الجامع الصغير والجامع الكبير. ومسائل الكتاب مسائل دقيقة على شاكلة مسائل الجامع الكبير. وشرحه عدد من الفقهاء الأحناف (¬5). وذكر ¬

_ (¬1) كثف الظنون، 2/ 1013 - 1014. (¬2) تاريخ الأدب العربي، 3/ 255. (¬3) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 72 - 73. (¬4) كشف الظنون، 2/ 1014. (¬5) كشف الظنون، 2/ 962 - 963.

ز - زيادات الزيادات

مخطوطات الكتاب وشروحه بروكلمان (¬1) وسزكين (¬2). ز - زيادات الزيادات وهو ملحق بالكتاب السابق من حيث المضمون كما هو واضح من اسمه. وقد شرحه السرخسي وغيره (¬3). وطبع شرح السرخسي باسم النكت بتحقيق أبو الوفا الأفغاني في حيدر آباد سنة 1378. ح - الآثار وهي عبارة عن الأحاديث والآثار التي يرويها الإمام محمد عن أبي حنيفة وغيره من مشايخه. ويعقب الروايات أحياناً ببيان رأي أبي حنيفة ورأيه وهل يأخذ بالأثر المروي أم لا؟ وذكر مخطوطاته بروكلمان (¬4) وسزكين (¬5). وقد طبع الكتاب في لكنو سنة 1883، وفي لاهور سنة 1309، وفي بشاور سنة 1987، وفي القاهرة سنة 2007 بتحقيق أحمد عيسى المعصراوي. ط - الموطأ وهو رواية محمد بن الحسن لموطأ مالك، حيث تلقى الإمام محمد الموطأ عن الإمام مالك عندما رحل إلى المدينة. وقد أضاف إلى ذلك بيان رأيه ورأي أبي حنيفة، وهل يأخذ بالحديث المروي في الباب أم لا مع رواية ما يؤيد رأيه من الحديث أو الأثر أحياناً. وهي إحدى الروايات المشهورة للموطأ. وذكر مخطوطات الكتاب وشروحه بروكلمان (¬6) وسزكين (¬7). قد طبع الكتاب عدة طبعات قديمة بالهند، وطبع في القاهرة ¬

_ (¬1) تاريخ الأدب العربي، 3/ 248 - 249. (¬2) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 57 - 59. (¬3) كشف الظنون، 2/ 963، 964؛ وتاريخ الأدب العربي، 3/ 249 - 250؛ وتاريخ العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 59. (¬4) تاريخ الأدب العربي، 3/ 254 - 255. (¬5) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 71. (¬6) تاريخ الأدب العربي، 3/ 278. (¬7) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 133.

ي - الحجة على أهل المدينة

بتحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف سنة 1962. وطبع مع شرحه التعليق الممجد على موطأ محمد لعبد الحي اللكنوي بتحقيق تقي الدين الندوي سنة 1412/ 1991 في بومباي / دمشق. ي - الحجة على أهل المدينة وهو يتضمن احتجاج الإمام محمد على أهل المدينة في آرائهم الفقهية بالأحاديث والآثار والحجج العقلية. فهو أقدم كتاب في علم الخلاف. وذكر مخطوطاته بروكلمان (¬1) وسزكين (¬2). وطبع في الهند بتحقيق مهدي حسن الكيلاني سنة 1964. ك - كتاب الكسب ويسمى أيضاً الاكتساب في الرزق المستطاب. وقد وصل إلينا بشرح السرخسي. ويوجد في المبسوط للسرخسي (¬3). وطبع عدة طبعات. أحسنها ما طبع بتحقيق شيخنا العلامة المرحوم عبد الفتاح أبو غدة في حلب سنة 1417/ 1997. ل - كتاب الحيل ويأتي الكلام عليه. م - الأمالي وهي مسائل فقهية رواها سليمان بن شعيب الكيساني وأبوه عن الإمام محمد. ولذلك تسمى الكيسانيات. وطبع جزء من الأمالي بالهند سنة 1360/ 1941. ن - النوادر وهي مرويات أصحابه عنه في المسائل الفقهية المختلفة. وتنسب تارةً ¬

_ (¬1) تاريخ الأدب العربي، 3/ 256. (¬2) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 75. (¬3) المبسوط، 30/ 244 - 287. وانظر: تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/ 256؛ وتاريخ التراث العربي لسزكين، المجلد الأول، الجزء الثالث، 75.

س - كتب أخرى نسبت إليه

إلى الراوي لها عن الإمام محمد، مثل نوادر هشام التي رواها هشام بن عبيد الله الرازي، ونوادر أبي سليمان الجوزجاني، ونوادر المعلى بن منصور الرازي، والجرجانيات نسبة إلى علي بن صالح الجرجاني، والهارونيات نسبة إلى شخص اسمه هارون؛ وتارةً إلى مكان الرواية مثل الرَّقِّيات التي رواها محمد بن سماعة عن الإمام محمد عندما كان قاضياً بالرقة. وقد ضاعت معظم هذه النوادر (¬1). وتوجد نسخة من نوادر المعلى في إسطنبول (¬2). ويذكر السرخسي وغيره من الفقهاء الأحناف المتقدمين نقولاً كثيرة عن هذه النوادر. س - كتب أخرى نسبت إليه أما كتاب العقيدة الشيبانية فلم تصح نسبته إليه (¬3). فهي منظومة علمية، والمنظومات العلمية ظهرت متأخرة عن عصر الإمام محمد. كما أن فيها بيتاً يذكر فيه الإمام الشافعي وأحمد بن حنبل مما يقطع بعدم صحة نسبة هذا الكتاب إلى الإمام محمد (¬4). أما كتاب أصول الفقه الذي ذكره ابن النديم (¬5)، وذكر له بروكلمان مخطوطة (¬6) وزعم أن عليه شرحاً للسرخسي، فما هو إلا قطعة من كتاب الأصل كما يظهر من كلام بروكلمان نفسه حيث يشير إلى أنه يطابق نسخة من كتاب الأصل (¬7). وهناك كتابان آخران ذكرهما بروكلمان، وهما فتوى في منظومة، وقصيدة الشيباني؛ ولا تصح نسبتهما إليه (¬8). ¬

_ (¬1) الإمام محمد بن الحسن، 175 - 176. (¬2) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 80. (¬3) تاريخ الأدب العربي، 3/ 255 - 256؛ وتاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 73 - 74؛ والإمام محمد بن الحسن، 183 - 184. (¬4) المصدر السابق. (¬5) الفهرست، 288. (¬6) تاريخ الأدب العربي، 3/ 256. (¬7) سيأتي الكلام على معنى كلمة الأصل والأصول في كلام الفقهاء الأحناف المتقدمين. (¬8) تاريخ الأدب العربي، 3/ 257؛ والإمام محمد بن الحسن، 184.

14 - كتب في الرد عليه

أما الكتب التي ذكرها سزكين مثل كتاب الصلاة والإكراه والمضاربة وغير ذلك (¬1) فما هي إلا الكتب الفقهية الموجودة ضمن كتاب الأصل (¬2). وقد ذكر ابن النديم كتباً أخرى مثل اجتهاد الرأي، والخصال (¬3)، لكنها في عداد الكتب المفقودة. 14 - كتب في الرد عليه ألف في الرد على محمد بن الحسن عدد من العلماء المخالفين له في رأيه وتفكيره الفقهي. منهم الإمام الشافعي (ت. 204). ففي الأم له كتاب الرد على محمد بن الحسن (¬4)، كما أنه يذكر مناظراته معه في مواضع أخرى من الأم. وكتاب الرد على محمد بن الحسن لا يحتوي إلا على كتاب الديات. ولعله جزء من كتاب أكبر. ومن الذين ردوا على محمد بن الحسن نُعيم بن حماد المروزي (ت. 228)، فقد ذُ كر عنه أنه وضع كتباً في الرد على أبي حنيفة وناقض محمد بن الحسن (¬5). كذلك من الذين ردوا عليه إسماعيل بن إسحاق القاضي المالكي (ت. 282)، وقد ألف كتاباً في الرد على محمد بن الحسن يكون نحو مائتي جزء، ولم يكمل (¬6). أيضاً من العلماء الذين ردوا عليه ابن الوراق المروزي المالكي (ت. 329)، وهو أبو بكر محمد بن أحمد، ألف كتباً على مذهب مالك، منها كتاب الرد على محمد بن الحسن (¬7). ¬

_ (¬1) تاريخ التراث العربي، المجلد الأول، الجزء الثالث، 75 - 78. (¬2) سيأتي الكلام على كتاب الأصل وأنه ألف كتاباً كتاباً ثم جمع. (¬3) الفهرست، 288. (¬4) الأم (تحقيق رفعت فوزي)، 9/ 85 - 169. (¬5) سير أعلام النبلاء، 10/ 599. (¬6) سير أعلام النبلاء، 13/ 340؛ وطبقات الحفاظ للسيوطي، 1/ 279. (¬7) الديباج المذهب، 1/ 243 - 244.

القسم الأول: التعريف بكتاب الأصل

القسم الأول: التعريف بكتاب الأصل 1 - مكانة كتاب الأصل في في تاريخ التشريع الإسلامي: أ - مكانة كتاب الأصل في الفقه الحنفي خصوصاً: من المشهور أن مسائل المذهب الحنفي على ثلاث طبقات: الأولى: مسائل الأصول، وتسمى ظاهر الرواية. وهي مسائل مروية عن أئمة المذهب وهم أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد (¬1). ويلحق بهم زفر بن الهذيل والحسن بن زياد وغيرهما ممن أخذ عن أبي حنيفة. ويسمى هؤلاء بالمتقدمين. ثم هذه المسائل التي سميت مسائل الأصول وظاهر الرواية هي ما وُجدت في كتب محمد التي هي المبسوط والزيادات والجامع الصغير والكبير والسير الصغير والكبير. وإنما سميت بظاهر الرواية لأنها رويت برواية الثقات وتواترت أو اشتهرت عنه (¬2). الثانية: مسائل النوادر. وهي مسائل مروية عن أئمة المذهب المذكورين لكن لا في الكتب المذكورة؛ بل في كتب غيرها تنسب إلى محمد كالكَيْسانيات والهارونيات والجرجانيات والرَّقِّيات، أو في كتب غير محمد ككتاب المجرَّد للحسن بن زياد وكتب الأمالي لأصحاب أبي يوسف وغيرهم، أو بروايات مفردة مثل رواية ابن سماعة ورواية معلى بن منصور وغيرهما في مسألة معينة. وإنما سميت هذه المسائل بالنوادر أو غير ظاهر ¬

_ (¬1) كشف الظنون 2/ 1281. (¬2) كشف الظنون 2/ 1281 - 1282.

الرواية لأنها لم ترو بروايات ظاهرة ومشهورة كالمسائل الأولى (¬1). الثالثة: الفتاوى والواقعات. وهي مسائل استنبطها المجتهدون المتأخرون لما سئلوا عنها ولم يجدوا فيها رواية عن أئمة المذهب المتقدمين. وهم أصحاب أبي يوسف وأصحاب محمد وأصحاب أصحابهما وهلم جراً. وهم كثيرون. فمن أصحاب أبي يوسف ومحمد مثل إبراهيم بن رستم ومحمد بن سماعة وأبي سليمان الجوزجاني وأبي حفص البخاري، ومن أصحاب أصحابهما ومن بعدهم مثل محمد بن سلمة ومحمد بن مقاتل ونصير - وقيل: نصر - ابن يحيى وأبي نصر. وقد يتفق لهم أن يخالفوا أئمة المذهب لدلائل ظهرت لهم. وأول كتاب جمع في فتاواهم كتاب النوازل لأبي الليث السمرقندي. ثم جمع المشايخ بعدهم كتباً أخرى كمجموع النوازل والواقعات للصدر الشهيد (¬2). ثم ذكر المتأخرون المسائل في كتبهم مختلطة غير متميزة، وميز بعضهم كرضي الدين السرخسي في المحيط، فإنه يذكر أولاً مسائل الأصول ثم مسائل النوادر ثم مسائل الفتاوى (¬3). والكتب التي هي ظاهر الرواية لمحمد بن الحسن ستة كما هو مشهور، الأصل - ويسمى بالمبسوط أيضاً - والجامع الصغير والجامع الكبير والزيادات والسير الكبير والسير الصغير (¬4). ومن كتب مسائل الأصول كتاب الكافي للحاكم، وقد اختصر فيه كتب محمد بن الحسن، وهو معتمد في نقل المذهب (¬5). ¬

_ (¬1) كشف الظنون 2/ 1282. (¬2) كشف الظنون 2/ 1282. (¬3) كشف الظنون 2/ 1282. لكنه لم يلتزم لفظ الإمام محمد في كتبه، بل ذكر المسائل بالمعنى كما يتبين ذلك من المقارنة بين المحيط لرضي الدين السرخسي وبين كتاب الأصل للإمام محمد. والمحيط لا يزال مخطوطاً. وقد اطلعنا على نسخة مخطوطة منه. انظر: المحيط لرضي الدين السرخسي، 1/ 1 ظ وما بعده. (¬4) مجموعة الرسائل لابن عابدين، 1/ 16. (¬5) مجموعة الرسائل لابن عابدين، 1/ 20.

ب - مكانة كتاب الأصل في الفقه الإسلامي عموما

فكتاب الأصل هو أوسع كتب ظاهر الرواية وأكثرها فروعاً وأبسطها عبارة. فلذلك كان هو عمدة المذهب الحنفي. ب - مكانة كتاب الأصل في الفقه الإسلامي عموماً: إن الإمام أبا حنيفة (ت. 150) هو في الحقيقة واضع الحجر الأساسي للمذاهب الفقهية الأخرى. فمن حيث الزمن هو أقدمهم، وهو أكبرهم سناً. ومن حيث الفروع الفقهية وتوسيع مسائل الفقه بالقياس، واختراع المسائل الافتراضية وبحث الحلول لها هو المقدم من بين الفقهاء في جميع ذلك. وكتاب الأصل في أساسه مبني على الأسس والقواعد التي وضعها في مدرسته الفقهية بالكوفة. وقد دون أصحابه وتلاميذه أقواله وآراءه في مجلسه أو بعد ذلك مع إضافة أقوالهم في تلك المسائل. ومن أشهرهم ومتقدميهم في ذلك الإمام أبو يوسف. وقد جمع الإمام محمد بن الحسن هذه الأقوال في كتاب الأصل مع إضافة رأيه إلى رأي الإمامين المذكورين. وقد كان الإمام مالك بن أنس (ت 179) بالمدينة معاصراً للإمام أبي حنيفة وإن كان أصغر منه سناً. لكن فقه الإمام مالك لم يكن يشبه فقه الإمام أبي حنيفة في وضع المسائل والتفريع لها والإكثار من القياس واختراع المسائل الافتراضية. وقد قال أسد بن الفرات وقد قَدِم على مالك من أفريقية: كان ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك يجعلونني أسأله عن المسألة، فإذا أجاب يقولون: قل له: فإن كان كذا؟ فأقول له؛ فضاق علي يوماً، فقال لي: هذه سليسلة بنت سليسلة، إن أردت هذا فعليك بالعراق (¬1). وهذا ما صنعه أسد بن الفرات حقاً، فقد رحل إلى العراق وأخذ عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وغلب عليه علم الرأي، وكَتَبَ عِلْمَ أبي حنيفة، كما يقول الذهبي (¬2). ولما رجع من العراق ذهب إلى ابن وهب فقال: هذه كتب أبي حنيفة، وسأله أن يجيب فيها على مذهب مالك، فأبى وتورع؛ فذهب بها إلى ابن القاسم، فأجابه بما حفظ عن مالك وبما يعلم من قواعد ¬

_ (¬1) الموافقات، 4/ 318. (¬2) سير أعلام النبلاء، 10/ 225.

مالك، وتسمى هذه المسائل الأسدية (¬1). وأخذها عنه سحنون بن سعيد، صاحب المدونة التي هي أساس الفقه المالكي، ثم عرضها على ابن القاسم أيضاً (¬2). فقد لجأ أصحاب الإمام مالك إلى الاستفادة من الفقه الحنفي في وضع المسائل وتوسيع الفقه المالكي، والسؤال هو نصف العلم كما يقال. أما الإمام الشافعي (ت. 204) فقد درس الفقه الحنفي دراسة دقيقة على يدي الإمام محمد بن الحسن. وقد حمل عنه وقر بعير كتباً، كما قال (¬3). وكان يعترف بالفضل للإمام أبي حنيفة واضع المذهب، واشتهر قوله: "الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة" (¬4). كما كان يعترف بالفضل للإمام محمد بن الحسن. فقد قال له رجل يوماً: "خالفك الفقهاء، فقال: هل رأيت فقيهاً قط، إلا أن يكون محمد بن الحسن"؛ وقال أيضاً: "أَمَنُّ الناس عليّ في الفقه محمد بن الحسن" (¬5). قال النووي: "أبو العباس بن سُريج الشافعي (ت. 306)، هو أحد أعلام أصحابنا، بل أوحدهم بعد الذين صحبوا الشافعي، وهو الذي نشر مذهب الشافعي وبسطه. قال الخطيب البغدادي: هو إمام أصحاب الشافعي في وقته، شرح المذهب ولخصه وعمل المسائل في الفروع، وصنف كتباً في الرد على المخالفين من أصحاب الرأي. وقال الشيخ أبو إسحاق في طبقاته: كان ابن سريج من عظماء الشافعيين، وكان يفضَّل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني. قال: وسمعت شيخنا أبا الحسن الشيرجي الفرضي يقول: فَرَّعَ على كتب محمد بن الحسن ... وعنه انتشر فقه الشافعي في أكثر الآفاق" (¬6). ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء، 10/ 226. (¬2) الموضع السابق. (¬3) الانتقاء لابن عبد البر، 69، 174، وطبقات الفقهاء للشيرازي، 142، وسير أعلام النبلاء، 10/ 7. (¬4) تاريخ بغداد، 13/ 346؛ وتهذيب التهذيب، 10/ 402. (¬5) تاريخ بغداد، 2/ 176. (¬6) تهذيب الأسماء، 2/ 530 - 531؛ ووفيات الأعيان، 1/ 66.

2 - اسم الكتاب

ولما سئل الإمام أحمد بن حنبل: "من أين لك هذه المسائل الدِّقَاق؟ أجاب بأنها من كتب محمد بن الحسن" (¬1). فهذه المذاهب الفقهية الكبرى قد اعترف أئمتها بأن مسائل الفقه من وضع أبي حنيفة وأصحابه. ولا شك أن هناك خلافاً كثيراً في حلول المسائل الفقهية بين هذه المذاهب والفقه الحنفي؛ لكن أصل وضع هذه المسائل وتفريعها إنما هو من صنع أبي حنيفة وأصحابه. ومصدر هذه المسائل بالدرجة الأولى هو كتاب الأصل. فهذا يبين مقدار أهمية الكتاب بالنسبة للفقه الإسلامي وتاريخه. 2 - اسم الكتاب: للكتاب تسميتان مشهورتان، كتاب الأصل، والمبسوط (¬2). ويقال له: الأصل أيضاً بدون استعمال لفظ الكتاب. وقيل: إن سبب تسميته بالأصل، لأنه صنفه محمد بن الحسن أولاً وقبل كتبه الأخرى (¬3). ولسنا متأكدين من أن محمد بن الحسن كان قد سمى كتابه بأحد هذين الاسمين. ونظن أن تسمية الكتاب بالأصل أو المبسوط قد حدث مؤخراً. فقد كان محمد بن الحسن ألف كل كتاب من الكتب الفقهية على حدة، ثم جمعت تلك الكتب تحت عنوان كتاب واحد. وقد ذكر كاتب جلبي أن محمد بن الحسن ألف الكتب الفقهية مفرداً، فألف مسائل الصلاة وسماه كتاب الصلاة ومسائل البيوع وسماه كتاب البيوع وهكذا، ثم جمعت فصارت مبسوطاً، وبين أنه المراد حيث ما وقع في الكتب قال محمد في كتاب فلان كذا (¬4). لكننا لا ندري هل كان الجامع لهذه الكتب تحت عنوان واحد هو محمد بن الحسن نفسه أو أن تلاميذه الراوين لكتبه هم الذين قاموا ¬

_ (¬1) المنتظم لابن الجوزي، 9/ 175؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 136. (¬2) كشف الظنون، 1/ 107؛ 2/ 1282. (¬3) كشف الظنون، 1/ 107؛ 2/ 1282. (¬4) كشف الظنون، 2/ 1581.

بذلك الجمع؟ ويترجح لدينا أن الرواة هم الذين قاموا بهذا الأمر. فمثلا لا يذكر ابن النديم أحد هذين الاسمين، الأصل أو المبسوط، بل يذكر كل كتاب من كتب الفقه على حدة، مثل كتاب الصلاة، كتاب المناسك وهكذا (¬1). كما لا يذكر الحاكم الشهيد ذلك أيضاً، بل يقول في مقدمة الكافي: "قد أودعت كتابي هذا معاني محمد بن الحسن -رحمه الله تعالى- في كتبه المبسوطة ... " (¬2) لكن يذكر السرخسي تسمية الكتاب باسم "الأصل" في مواضع كثيرة من المبسوط، فيقول مثلاً: "قال محمد في الأصل ... " (¬3) وذكره السمرقندي والكاساني والمرغيناني وغيرهم بهذا الاسم أيضاً (¬4). كما يذكره السرخسي وغيره باسم المبسوط أيضاً، لكن في مواضع أقل بكثير إذا ما قورن بالتسمية باسم "الأصل" (¬5). ولعل ذلك دفعاً للالتباس بين مبسوط الإمام محمد ومبسوط السرخسي وغيرهما، فقد كثرت تسمية الكتب بهذا الاسم فيما بعد، لكن التسمية باسم "الأصل" ليست بتلك الكثرة. وسبب التسمية بالأصل في نظرنا يرجع إلى أنه كتاب شامل للمسائل والقواعد الأساسية التي وضعها أبو حنيفة ومن بعده أبو يوسف ومحمد بن الحسن؛ فهذا الكتاب هو الأصل والأساس والقاعدة التي بني عليها الفقه الحنفي فيما بعد. وقد كانت هذه المسائل تعرف بمسائل الأصول. فقد كانت آراء الإمام أبي حنيفة تدون من قبل تلاميذه، فكانوا يناقشون المسألة في مجلسه فإذا استقر رأيهم على أمر دونوه في "الأصول" (¬6). ولعل المقصود بالأصول هنا كتب وأبواب الفقه الأساسية، فموضوع الصلاة مثلاً أصل، ¬

_ (¬1) الفهرست، 287 - 288. (¬2) الكافي، 1/ 1 ظ. (¬3) المبسوط، 1/ 162؛ 3/ 81، 127؛ 8/ 84؛ 26/ 178، 29/ 92، 108. (¬4) تحفة الفقهاء، 1/ 204؛ 2/ 291، 319، 360؛ 3/ 52، 133، 193؛ وبدائع الصنائع، 1/ 163، 273، 284، والهداية، 1/ 160؛ 2/ 175؛ 3/ 155. (¬5) المبسوط، 1/ 3؛ 18/ 127؛ والهداية، 2/ 84؛ 3/ 78. (¬6) وكانوا يدعونها "أصول الفقه" أيضاً. انظر: مناقب أبي حنيفة للمكي، 508؛ وفقه أهل العراق وحديثهم، 55، 56.

وموضوع الزكاة أصل، وموضوع البيوع أصل، أي أنه موضوع أساسي تدور حوله مسائل ذلك الكتاب. ثم آلت تلك الأصول إلى تلاميذ الإمام أبي حنيفة، ومن بينهم أبو يوسف ومحمد بن الحسن. قد وسعا هذه الأصول بمسائل وآراء جديدة. فكانت هذه الآراء مجتمعة هي امتداداً لذلك "الأصل" الذي دون في عهد الإمام أبي حنيفة، وكونت هذه المجموعة "الأصل" والأساس للمذهب الحنفي، حيث بنى على هذا الأصل جميع من أتى بعدهم من الفقهاء الأحناف وحتى غير الأحناف مثل الإمام الشافعي الذي حمل عن الإمام محمد بن الحسن وقر بعير كتباً (¬1)، وأسد بن الفرات الذي أخذ هذه الكتب ثم بنى عليها الفقهاء المالكية مذهبهم (¬2). ولما سئل الإمام أحمد بن حنبل: من أين لك هذه المسائل الدقاق؟ أجاب بأنها من كتب محمد بن الحسن (¬3). فحُقَّ لهذا الكتاب بأن يسمى بالأصل. فكان اسم الأصل أو الأصول يطلق على هذه المجموعة التي حوت كتب الفقه الشاملة لمسائل وقواعد العبادات والمعاملات المعروفة. وهناك احتمال آخر، وهو أن اسم الأصل لم يكن في البداية اسماً لكتاب معين، وإنما هو بمعنى الكتاب أو المرجع الأساسي أو المصدر الذي يتحاكم إليه للضبط والتثبت. كما كان المحدثون يستعملون هذه اللفظة بكثرة في هذه المعاني أو قريباً منها. لكن لكثرة استعمال هذه اللفظة للتعبير عن تلك الكتب صارت عَلَماً لهذا الكتاب عند الفقهاء الأحناف. ويتحدث الفقهاء الأحناف المتقدمون عن هذا الكتاب تارةً بلفظ الأصل، وتارةً يجمعون ذلك فيقولون: الأصول. وهذا يدل على أنه لم يكن لديهم اسم معين عَلَم على هذا الكتاب. ومن ناحية أخرى كان كل كتاب من كتب الفقه مفرداً عن الآخر، فكتاب الصلاة على حدة، والبيوع على حدة، ¬

_ (¬1) الانتقاء لابن عبد البر، 69، 174؛ وطبقات الفقهاء للشيرازي، 142؛ وسير أعلام النبلاء، 10/ 7. (¬2) طبقات الفقهاء للشيرازي، 160؛ وتاريخ الإسلام للذهبي، 15/ 67، ومقدمة ابن خلدون، 450. (¬3) المنتظم لابن الجوزي، 9/ 175؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 136.

3 - نسبة الكتاب إلى مؤلفه

والحدود على حدة، وهكذا؛ فكان كل كتاب من هذه الكتب الفقهية يسمى "الأصل"، ومجموعها يسمى "الأصول،. فمثلاً كان أبو بكر الرازي يكره أن تقرأ عليه "الأصول" من رواية هشام لما فيها من الاضطراب، ويرجح روايتي أبي سليمان ومحمد بن سماعة (¬1). ويذكر القرشي نفس الرواية بلفظ "الأصل" (¬2). وهما يتحدثان عن نفس الكتاب. والمقصود من قول ابن النديم: ولأبي يوسف من الكتب في "الأصول" والأمالي كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصيام ... (¬3) وكذلك من كتاب "أصول الفقه" الذي ينسبه ابن النديم إلى محمد بن الحسن (¬4)، هو مواضيع الفقه الرئيسية، وليس المقصود بذلك أصول الفقه بالمعنى الحادث بعد ذلك علماً على العلم المعروف. ويظهر أن سبب تسميته بالمبسوط أنه مبسوط واسع كبير مسترسل في العبارة وشامل لجميع أبواب الفقه، وهو مخالف في ذلك مثلاً للجامع الصغير وأمثاله من كتب محمد التي هي أصغر حجماً. ولا نستطيع أن نجزم إن كان الإمام محمد سمى كتابه هذا بهذا الاسم أيضاً. ومع ذلك فإن تسمية الكتب بالمبسوط كانت شائعة في العصور الأولى، فترى العديد من الكتب المسماة بهذا الاسم في مختلف علوم المسلمين (¬5). 3 - نسبة الكتاب إلى مؤلفه: أ - تحقيق نسبة الكتاب إلى محمد بن الحسن إن كتاب الأصل أو المبسوط من تأليف الإمام محمد بن الحسن كما اشتهر عنه، وكما يذكر السرخسي (¬6) وغيره من الفقهاء الأحناف على وجه لا يقبل الشك. لكن ذكر كاتب جلبي أن للإمام أبي يوسف كتاباً باسم ¬

_ (¬1) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 155. (¬2) الجواهر المضية، 2/ 205. (¬3) الفهرست، 286. (¬4) الفهرست، 288. (¬5) انظر مثلاً: كشف الظنون، 2/ 1580 - 1582. (¬6) انظر مثلاً: المبسوط، 1/ 162؛ 3/ 81، 127؛ 8/ 84؛ 26/ 178؛ 29/ 92، 108.

المبسوط، وذكر أنه المسمى بالأصل، ثم ذكر أن للإمام محمد أيضاً كتاباً يحمل اسم المبسوط (¬1). وينبغي أن نذكر أن كتاب الأصل وإن كان من تأليف محمد بن الحسن في حالته الأخيرة التي تداولها الفقهاء الأحناف فيما بينهم إلا أننا لا نكون مجافين للحقيقة والإنصاف إذا اعتبرنا كتاب الأصل عملاً مشتركاً بين الأئمة الثلاثة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. فأبو حنيفة هو المؤسس وواضع المسائل ابتداءً، وهو أستاذ أبي يوسف ومحمد، وأبو يوسف هو الراوي الأول لتلك المسائل ومصنف تلك الكتب ابتداءً من عهد أبي حنيفة، ومحمد هو الراوي الثاني الذي جمع علمي أبي حنيفة وأبي يوسف وهذبه وزاد عليهما تفريعاً ودراسة ونشره في الآفاق. والإمام أبو حنيفة وإن لم يؤلف كتاباً في الفقه بنفسه إلا أن تلاميذه قد دونوا آراءه في حياته. فقد كان تلاميذه ومن بينهم أبو يوسف يدونون آراء أبي حنيفة في مجلسه بعد تداول الآراء في المسألة ومناقشتها ومن ثم استقرار آراء تلاميذه الفقهاء في ذلك المجلس الفقهي على رأي واحد (¬2). وقال أسد بن الفرات: "كان أصحاب أبي حنيفة الذين دونوا الكتب أربعين رجلاً، وكان في العشرة المتقدمين أبو يوسف وزفر وداود الطائي وأسد بن عمرو ويوسف بن خالد السمتي ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو الذي كان يكتبها لهم ثلاثين سنة" (¬3). حتى إن هذه الكتب التي هي أساس كتاب الأصل قد سميت بكتب أبي حنيفة (¬4)، لأنه هو المؤسس لهذه المدرسة التي تربى فيها أبو يوسف ومحمد وغيرهما، وهو الذي دونت آراؤه في هذه الكتب بالدرجة الأولى. وهذا هو المعنى الذي يقصده ابن النديم بقوله: "والعلم براً وبحراً، شرقاً وغرباً، بعداً وقرباً، تدوينه - أي أبي حنيفة - ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1581. (¬2) تاريخ ابن معين، 5043؛ وتاريخ بغداد، 13/ 424؛ وفقه أهل العراق للكوثري، 56. (¬3) الجواهر المضية، 1/ 140. (¬4) تاريخ بغداد، 3/ 338؛ والإكمال، 7/ 61؛ وتهذيب الكمال، 19/ 98؛ وسير أعلام النبلاء، 10/ 226؛ والجواهر المضية، 1/ 412؛ وتهذيب التهذيب، 9/ 245.

- رضي الله عنه -" (¬1). ويقول الجاحظ وهو يتحدث عن جياد الكتب وتأثيرها في تعليم الإنسان: "وقد تجد الرجل يطلب الآثار وتأويل القرآن ويجالس الفقهاء خمسين عاماً وهو لا يعد فقيهاً ولا يجعل قاضياً، فما هو إلا أن ينظر في كتب أبي حنيفة وأشباه أبي حنيفة ويحفظ كتب الشروط في مقدار سنة أو سنتين حتى تمر ببابه فتظن أنه من باب بعض العمال، وبالحَرَى أن لا يمر عليه من الأيام إلا اليسير حتى يصير حاكما على مصر من الأمصار أو بلد من البلدان (¬2). وسميت تلك الكتب بكتب أبي يوسف أيضاً (¬3). وقد كان أبو يوسف منكسر الخاطر على ما يبدو من نسبة محمد بن الحسن هذه الكتب إلى نفسه واستقلاله عنه بعد أن أخذ محمد بن الحسن هذه الكتب وزاد عليها وفرّع فروعاً كثيرة. وقد نُقل عن أبي يوسف أنه سئل: "هل سمع محمد منك هذه الكتب؟ فقال: سلوه. فسئل محمد عن ذلك، فقال: ما سمعتها، ولكن أصححها لكم" (¬4). وقال في رواية أخرى: "والله ما سمعتها منه، ولكني من أعلم الناس بها، وما سمعت من أبي يوسف إلا الجامع الصغير" (¬5). وكلام الإمام محمد هذا يدل على أنه كان على علم ومعرفة بما في هذه الكتب من الآراء والفقه وإن لم يكن سمع هذه الكتب من أبي يوسف كسماع التلميذ من أستاذه. ولكنه سمع منه الجامع الصغير كما قال، ورواه عنه كما هو مذكور في بداية أبواب الجامع الصغير: محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة ... ويكون الإمام محمد بهذا قد أوفى أبا يوسف حق الأستاذية. ولعل الإمام محمداً حين يقول: "لا يحل لأحد أن يروي عن كتبنا إلا ما سمع أو يعلم مثل ما علمنا" (¬6)، يشير إلى صنيعه نفسه، حيث روى آراء أبي يوسف وإن لم يكن سمعها منه لفظاً سماع التلميذ من أستاذه لأنه كان على علم بها من طرق أخرى. فهو حضر حلقة أبي حنيفة وتتلمذ عليه، ¬

_ (¬1) الفهرست، 285. (¬2) الحيوان، 1/ 87. (¬3) الإكمال، 7/ 61. (¬4) الجواهر المضية، 1/ 159. (¬5) تاريخ بغداد، 2/ 180. (¬6) الجواهر المضية، 1/ 527 - 528؛ ومناقب أبي حنيفة للكردري، 425.

وتتلمذ على أبي يوسف من بعده. ثم إن تلاميذ محمد بن الحسن مثل الجوزجاني ومعلى بن منصور قد أخذوا هذه الكتب عن أبي يوسف أيضاً (¬1). فلا شك أن محمد بن الحسن كان مطلعاً على كتب أبي يوسف أيضاً. ولو كان هناك خطأ في نسبة الأقوال إلى أبي يوسف لبين ذلك أبو يوسف بنفسه في حياته، ولنقله تلاميذه من بعده، وكل ذلك لم يحصل. وقد أجمع الفقهاء الأحناف في الطبقات التالية لأبي يوسف ومحمد على رواية الفقه الحنفي عن طريق كتب محمد، ورجحوها على كتب غيره من تلاميذ أبي حنيفة، واشتهرت تلك الكتب حتى سميت بظاهر الرواية واتخذت أصلاً للمذهب الحنفي مما يدل على صحة نسبة الأقوال الواردة فيه إلى أصحابها وتلقيها بالقبول لدى الفقهاء الأحناف. والإمام محمد بن الحسن قد تتلمذ على أبي يوسف بعد وفاة أبي حنيفة، فأخذ عنه ما درس على أبي حنيفة وما جاء به أبو يوسف من آراء جديدة أيضاً، ثم أضاف إلى ذلك آراءه الشخصية. وهذا لا يشك فيه من قرأ هذا الكتاب، ودرس الفقه الحنفي على وجه العموم. فإنك لا تكاد تجد صفحة من صفحات الكتاب إلا ويذكر فيه أسماء هؤلاء الأئمة الثلاثة وما اتفقوا عليه أو اختلفوا فيه. وقد سرى انكسار الخاطر هذا من أبي يوسف إلى بعض تلاميذه أيضاً. فكان بشر بن الوليد الكندي القاضي (ت. 238) من تلاميذ أبي يوسف يلوم محمد بن الحسن، وكان الحسن بن أبي مالك (ت. 204) من تلاميذ أبي يوسف أيضاً ينهاه عن ذلك ويقول له: "قد وضع محمد هذه المسائل، فضع أنت سؤال مسألة، وقد أغناك الله عن جوابها" (¬2). ويذكر السرخسي أن الإمام محمداً بين أنه أخذ هذه المسائل عن طريق المذاكرة. ولعل المقصود مذاكرة تلك المسائل مع أصحاب أبي حنيفة وأبي يوسف بعد قراءة كتبهما. يدل على ذلك سياق كلام السرخسي حيث يقول: ¬

_ (¬1) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 154. (¬2) الجواهر المضية، 1/ 166؛ 2/ 47.

"فأما الكتب المصنفة التي هي مشهورة في أيدي الناس فلا بأس لمن نظر فيها وفهم شيئاً منها وكان متقناً في ذلك أن يقول: قال فلان كذا، أو مذهب فلان كذا، من غير أن يقول: حدثني أو أخبرني، لأنها مستفيضة بمنزلة الخبر المشهور. وبعض الجهال من المحدثين استبعدوا ذلك، حتى طعنوا على محمد -رحمه الله- في كتبه المصنفة. وحكي أن بعضهم قال لمحمد بن الحسن -رحمه الله-: أسمعت هذا كله من أبي حنيفة؟ فقال: لا. فقال: أسمعته من أبي يوسف؟ فقال: لا، وإنما أخذنا ذلك مذاكرة. فقال: كيف يجوز إطلاق القول بأن مذهب فلان كذا أو قال فلان كذا بهذا الطريق؟ وهذا جهل؛ لأن تصنيف كل صاحب مذهب معروف في أيدي الناس مشهور، كموطأ مالك -رحمه الله- وغير ذلك. فيكون بمنزلة الخبر المشهور يوقف به على مذهب المصنف. وإن لم نسمع منه فلا بأس بذكره على الوجه الذي ذكرنا بعد أن يكون أصلاً معتمداً يؤمن فيه التصحيف والزيادة والنقصان" (¬1). من ناحية أخرى فإنه قد ورد في بداية الجامع الصغير للإمام محمد معلومة لا يُعلم على وجه اليقين من قالها. ورد في هذه المعلومة أن الإمام محمداً قد بوّب كتب المبسوط، ولم يبوّب كتب الجامع الصغير (¬2). لكن نستطيع أن نقول بأن تلك المعلومة إما أن تكون من مرتب الجامع الصغير وهو أبو طاهر الدباس (¬3)، أو من تلميذه الذي قرأ الجامع الصغير عليه بترتيبه سنة 322 كما ورد في بداية الجامع الصغير (¬4). وهذا يدلنا كذلك على أن التبويب الحاصل داخل كتاب الأصل هو من صنيع الإمام محمد نفسه، ¬

_ (¬1) أصول السرخسي، 1/ 378 - 379. (¬2) الجامع الصغير مع شرحه النافع الكبير للكنوي، ص 67 - 68. (¬3) هو محمد بن محمد بن سفيان، أبو طاهر الدباس، من أقران أبي الحسن الكرخي (ت. 340)، وكان من علماء الأحناف الكبار، موصوفاً بالحفظ والرواية، ولي القضاء بالشام، ثم جاور في الحرم إلى أن توفي. انظر: الجواهر المضية (بتحقيق الحلو)، 3/ 323 - 324. (¬4) الجامع الصغير، الموضع السابق.

كما يدل على دقة العلماء الأحناف المتقدمين حيث بينوا حالة الكتاب الأصلية وما دخل عليه من تغيير في الترتيب أو التبويب. وهذا يدل على سلامة كتاب الأصل من التغيير حتى في أسماء الأبواب التفصيلية. نتيجة لما سبق من الممكن أن نقول باختصار: إن أصغر الأئمة الثلاثة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد - وهو محمد - قد أخذ فقه أستاذيه وزاد عليهما شيئًا كثيرًا، فظهر إلى الوجود كتاب الأصل الذي هو عمدة المذهب الحنفي. وكلام الإمام في أول الكتاب حيث يقول: قال: "قد بينتُ لكم قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولي، وما لم يكن فيه اختلاف فهو قولنا جميعًا" (¬1)، يدل على ما قلنا. إلا أن دور محمد بن الحسن لم يقتصر على النقل والرواية كما قلنا، بل زاد على أستاذيه مسائل دقيقة كثيرة، كما أنه صاغ هذه المسائل وتلك بأسلوبه الشخصي. يُروى عن ابن البلخي أنه قال: "كانوا إذا قرؤوا على الحسن بن أبي مالك (ت. 204) (¬2) مسائل محمد بن الحسن قال: لم يكن أبو يوسف يدقق هذا التدقيق الشديد" (¬3). وقد بحثنا الكتب الفقهية المكونة لكتاب الأصل، وما ذكر في بداية كل كتاب من حيث رواية محمد بن الحسن لها عن أبي حنيفة وأبي يوسف، والأحاديث والآثار التي يرويها محمد بن الحسن عن أبي حنيفة وأبي يوسف أو غيرهما. ولم نتتبع المسائل الفقهية وأقوال أبي حنيفة وأبي يوسف فيها لأن ذلك أمر موجود في جميع كتب وأبواب الكتاب تقريبًا. وهذه هي النتائج باختصار: كتاب الصلاة. ابتدأه بقوله: محمد عن أبي حنيفة، في معظم النسخ التي اطلعنا عليها إلا في النسختين المستقلتين لكتاب الصلاة، فإنهما تبتدئان بقوله: "عن محمد بن الحسن قال". وروى فيه حديثاً أو حديثين بالإسناد ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 1 ظ. (¬2) وهو من تلاميذ أبي يوسف، وتفقه عليه محمد بن شجاع. انظر: الجواهر المضية، 1/ 204. (¬3) الجواهر المضية، 1/ 204.

عن أبي حنيفة، وعن أبي يوسف. كتاب الحيض. لا يذكر في بدايته أنه يرويه عن أبي حنيفة أو أبي يوسف، كما لا يروي فيه حديثاً عنهما. ويروي فيه أحاديث عن مالك بن أنس وحديثًا عن أيوب بن عتبة. وهو مسترسل في العبارة فيه، ويذكر تعليلات ويرد على الأقاويل ويدلل ويناقش بشكل يغاير الأسلوب العام في الكتاب، وبنوع من الاستقلالية. كتاب الزكاة. يبتدئ بقوله: "محمد بن الحسن قال: قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ليس في أربع من الإبل السائمة صدقة ... " ويروي فيه أحاديث عديدة عن أبي حنيفة، وعن أبي يوسف. كتاب الصوم. يبتدئ بأثر يرويه من طريق راو غير الإمامين، ثم يروي فيه أحاديث عديدة عن أبي حنيفة، وعن أبي يوسف عن أبي حنيفة، وعن أبي يوسف عن غير أبي حنيفة، وأحاديث قليلة عن غيرهما. كتاب التحري وكتاب الاستحسان وكتاب الأيمان. لا يذكر في بداياتها رواية عن الإمامين. وهو مسترسل في العبارة في هذه الكتب. ويروي في التحري أحاديث قليلة من طريق رواة غير أبي حنيفة وأبي يوسف. ويقول في موضع: "وقد وافَقَنا أبو يوسف ... " وتظهر استقلاليته في هذه العبارة، فهو يتحدث عنه كفقيه في درجته، وأن أبا يوسف مشارك له في رأيه. ويروي في الأيمان حديثاً واحداً عن أبي حنيفة. ويروي أحاديث عديدة في الاستحسان من طريق رواة غير أبي حنيفة وأبي يوسف، ويروي فيه حديثاً واحداً عن أبي حنيفة. كتاب البيوع. يبدأ بحديث يرويه عن أبي حنيفة. وفيه عدة أحاديث يرويها بلفظ حدثنا أو أخبرنا أبو حنيفة. كتاب الصرف. يبدأ بحديث يرويه عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، وهو نفس الحديث الذي يذكره في بداية كتاب البيوع. وقد رواه هناك عن أبي حنيفة مباشرة. وقد يدل هذا على أن محمد بن الحسن روى كتاب البيوع عن أبي حنيفة مباشرة، أما كتاب الصرف فلم يروه عن أبي حنيفة

مباشرة، وإنما رواه عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. ومعظم الأحاديث في كتاب الصرف مروية عن طريق أبي يوسف. كما أن أسلوب روايته للأحاديث في كتاب الصرف مختلف عن الكتب الأخرى، فيقول بعد الحديث الأول المذكور: "وحدثنا عن أبي حنيفة"، و"حدثنا عن فلان"، وهكذا دواليك. يقصد بذلك حدثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة ... ويقول في موضع: و"سمعت أبا يوسف يقول" (¬1). كتاب الرهن. يبتدئ بحديث يرويه عن أبي يوسف، وتتلوه أحاديث مروية من طريق أبي يوسف إلا حديث واحد رواه من طريق أبي حنيفة. وبعد أن ينتهي من ذكر الآثار يقول: "محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة ... " فيبدأ بذكر المسائل. كتاب القسمة. يبتدئ بحديث يرويه عن أبي يوسف، ويروي فيه عدة أحاديث عن طريق غير الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف. كتاب الهبة. يبتدئ بحديث يرويه عن أبي حنيفة؛ لكن معظم الأحاديث فيه مروية من طريق أبي يوسف. وفيه عدد قليل من الأحاديث رواها عن طريق شيوخ آخرين، منها حديث واحد رواه عن مالك بن أنس. كتاب الإجارات. يبتدئ بحديث يرويه عن طريق أبي يوسف عن أبي حنيفة. ومعظم الأحاديث فيه مروية من طريق أبي يوسف. وفيه بضعة أحاديث يرويها عن غير الإمامين. كتاب الشركة. لا يذكر في بدايته رواية عن الإمامين. ويروي فيه عن أشعث بن سوار حديثاً واحداً. وفيه حديثان آخران مرويان من طريق أبي يوسف. كتاب المضاربة. يبتدئ بحديث يرويه عن حميد بن عبد الله، ثم يتلوه عدد قليل من الأحاديث، وهي موزعة في الرواية بين أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما من مشايخ محمد. ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 290 ظ.

كتاب الرضاع. لا يذكر في بدايته رواية عن أحد. ويروي فيه حديثاً واحداً بإسْناده، قائلًا: "حدثنا أصحابنا عن مالك بن أنس". ومحمد بن الحسن مع كونه لقي مالكاً ويروي عنه بغير واسطة إلا أنه روى هذا الحديث عنه بواسطة؛ لكن هذه الرواية موجودة في موطأ محمد أيضاً، حيثما يرويها محمد بن الحسن عن مالك مباشرة (¬1). فيكون محمد بن الحسن عند تأليف كتاب الرضاع لم يرحل إلى المدينة بعد، ولم يلق مالكاً؛ وإلا لروى عنه هذا الأثر في كتاب الرضاع بدون واسطة. وهذا مما يؤيد كلام السرخسي حيث يذكر أن كتاب الرضاع من أوائل تأليف محمد بن الحسن (¬2). وهو في هذا الكتاب مسترسل في العبارة، يدلل ويعلل بحرية واستقلال، مما يدل على وجود هذه الروح فيه من شبابه. وأسلوبه هنا يشبه أسلوبه في كتاب الحيض. كتاب الطلاق. ابتدأه بقوله: "قال محمد بن الحسن: إن أحسن الطلاق ... " وروى فيه ثلاثة أحاديث بإسناده، أحدها عن الحسن بن عمارة، والثاني عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة، والثالث عن أبي حنيفة. وفيه قوله: "قال محمد: وسألت أبا يوسف ... " (¬3). كتاب العتاق. ابتدأه بحديث يرويه عن أبي يوسف. والأحاديث فيه كثيرة، معظمها مروية من طريق أبي يوسف، وبعضها من طريق أبي حنيفة، وقليل منها عن طريق مشايخ آخرين. كتاب العتق في المرض. ابتدأه بأثر يرويه عن أبي حنيفة. وليس فيه أي رواية أخرى مسندة. كتاب الصيد. ابتدأه بأثر يرويه عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. وفيه آثار كثيرة مروية من طريق أبي حنيفة وأبي يوسف. وقد قال في موضع: "قال أبو يوسف: قال أبو حنيفة ... " فذكر مسألة (¬4). ¬

_ (¬1) التعليق الممجد، 2/ 593. (¬2) المبسوط، 30/ 287. (¬3) انظر: 3/ 47 ظ. (¬4) انظر: 3/ 192 و.

كتاب الوصايا. ابتدأه بأثر يرويه عن أبي يوسف. وفيه آثار مروية عن أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما؛ لكن أكثرها من طريق أبي يوسف. كتاب الفرائض. ابتدأه بأثر طويل جداً يرويه عن السري بن إسماعيل عن الشعبي في الفرائض. وهو كتاب في الفرائض للشعبي (¬1). وفيه أثر آخر مروي عن الشعبي من طريق أبي يوسف. وكتاب الفرائض مليء بأقوال الصحابة في المواريث، وكلها إلا رواية أو روايتين مذكورة بغير إسناد. ولعل ذلك كان معلوماً ومشهوراً في ذلك الوقت عن طريق كتاب الشعبي وغيره. كتاب المكاتب. لم يذكر في بدايته رواية عن أحد. وروى فيه أثرين عن أبي حنيفة بإسناده. كتاب الولاء. ابتدأه بأثر يرويه عن أبي يوسف. والكتاب به كثير من الآثار والأحاديث المروية عن طريق أبي حنيفة وأبي يوسف. وما رواه محمد عن طريق أبي يوسف أكثر مما رواه عن أبي حنيفة. وتوجد فيه آثار قليلة رواها عن غيرهما. كتاب الجنايات. ابتدأه بأثرين يرويهما عن ابن أبي ذئب (ت. 159)، الذي هو من أهل المدينة، ومن أهل الحديث. ولا يروي فيه أثراً عن أبي حنيفة أو أبي يوسف. كتاب الديات. ولم يذكر في بدايته رواية عن أحد. وقد روى فيه بضعة آثار عن أبي حنيفة وأبي يوسف. كتاب الدور. ولم يذكر في بدايته رواية عن أحد، وليست فيه آثار مسندة ولا بلاغات. ويكثر فيه قوله: "على قياس قول أبي يوسف ومحمد" (¬2). كتاب الحدود. يبتدئ بقوله: عن محمد قال: سألت أبا حنيفة ... ثم ¬

_ (¬1) انظر: الجرح والتعديل، 6/ 323؛ وتهذيب الكمال، 14/ 36؛ تهذيب التهذيب، 3/ 399. (¬2) سيأتي شرح هذه العبارة وأمثالها قريبًا.

يستمر على طريقة السؤال والجواب. وليست فيه آثار مسندة، لكن فيه بلاغات كثيرة. كتاب السرقة. يبتدئ بحديث يرويه عن أبي يوسف. ويستمر في سرد الروايات بعد ذلك، وأكثرها مروية من طريق أبي يوسف. كذلك فيه روايات غير قليلة عن أبي حنيفة. كما أن فيه رواية عن المسعودي. كتاب الإكراه. يبتدئ بأثر يرويه عن أبي حنيفة. لكن الآثار التي بعده وهي كثيرة مروية من طرق شيوخ آخرين كثيرين، مما لم نره في الكتب الأخرى من كتاب الأصل. وفيه رواية أو روايتان عن أبي يوسف. والإمام محمد مسترسل في العبارة فيه. ويشعر أسلوبه فيه بأنه فقيه متمكن مستقل التفكير، مثل أسلوبه في كتاب الحيض والرضاع. كتاب السير، يبتدئ بأثر يرويه عن أبي حنيفة؛ لكن الآثار الآتية بعده وهي كثيرة جداً مروية كلها تقريبًا من طريق أبي يوسف إلا بضع روايات عن أبي حنيفة أو عن شيوخ آخرين لمحمد بن الحسن. ثم بعد انتهاء سرد الآثار في بداية الكتاب يأتي "باب الجيش إذا غزا أرض الحرب"، فيفتتحه بفقرة قصيرة، ثم يقول: "قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة ... " وبعد ذلك يستمر الكتاب على طريقة السؤال والجواب بلفظ قلت، قال. وفى أواخر الكتاب عنوان "ما زاد محمد في آخر كتاب السير"، ويقول بعده: "قال محمد بن الحسن: قال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة ... " ثم يستمر في عرض المسائل قائلًا: "سألت أبا حنيفة ... " مما يدل على غلبة رواية أبي يوسف على هذا الكتاب. كتاب الخراج. لا يذكر في بدايته رواية عن أحد، وليس فيه أي رواية مسندة أو بلاع. وليس فيه ذكر لأبي يوسف ولا لأبي حنيفة. كتاب العشر. يبتدئه بقول الإمام أبي حنيفة بإيجاب العشر في كل ما أخرجت الأرض قليلاً كان أو كثيراً، ثم يذكر أنه لا يأخذ بقوله للحديث المشهور: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة". وهو فيه مسترسل في العبارة متحرر. وروى فيه حديثاً واحداً مسنداً عن سفيان بن عيينة. ويذكر

قول أبي حنيفة وأبي يوسف في موضع أو موضعين. وكتاب العشر أصغر الكتب الفقهية حجماً من بين الكتب الموجودة في الأصل. كتاب الدعوى. يبتدئ بأثر يرويه عن أبي يوسف، ويروي آثاراً كثيرة أخرى، بعضها في أول الكتاب وبعضها متناثر في ثنايا الكتاب. ومعظم هذه الآثار مروية من طريق أبي يوسف، وبعضها مروي من طريق أبي حنيفة، وقليل منها من رواية غير الإمامين. كتاب الشرب. يبتدئ برواية من طريق أبي يوسف، ثم تعقب ذلك روايات كلها من نفس الطريق إلا رواية من طريق أبي العُمَيس. وبعد ذكر الروايات يذكر عدة فقرات يبتدئها بقوله: "قال أبو حنيفة". ثم تأتي بعد ذلك سؤالات محمد لأبي حنيفة، يقول فيها: "سألت أبا حنيفة ... " ثم يذكر جوابه: "قال ... " وبعد هذه الأسئلة وأجوبتها يبدأ بذكر أسئلته لأبي يوسف قائلًا: "سألت أبا يوسف ... " ثم يذكر جوابه: "قال ... " ويقول في موضعين متتاليين: "سألت أبا يوسف ... فأخبرني أنه سأل أبا حنيفة" (¬1). وبعد انتهاء هذه الأسئلة والأجوبة يذكر المسائل بدون سؤال وجواب. كتاب الإقرار. لا يذكر في بدايته رواية عن أحد. وفيه خمس روايات مسندة كلها من طريق أبي يوسف. كتاب الوديعة. يبتدئ بقوله: "محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، قلت: أرأيت ... " ويستمر على هذه الطريقة بالسؤال والجواب. وفيه رواية واحدة مسندة مروية عن أبي حنيفة. وفي آخره باب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في الوديعة. وكتاب "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى" مطبوع من مؤلفات أبي يوسف (¬2). لكن محمد بن الحسن أخذه فرواه وزاد فيه (¬3). والمسائل المذكورة هنا في كتاب الأصل مذكورة في كتاب "اختلاف أبي ¬

_ (¬1) انظر: 5/ 226 ظ، 227 و. (¬2) انظر: اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى لأبي يوسف، (تحقيق أبو الوفا الأفغاني)، القاهرة، مطبعة الوفاء، 1357. (¬3) المبسوط، 30/ 129.

حنيفة وابن أبي ليلى" المطبوع أيضاً (¬1). كتاب العارية. يبتدئ بقوله: "محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، قلت: أرأيت ... " ويستمر على هذا المنوال على طريقة السؤال والجواب. وفي آخره باب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في العارية. والمسائل المذكورة هنا في كتاب الأصل مذكورة في كتاب "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى" المطبوع أيضاً (¬2). كتاب الحجر. يبتدئه بذكر قول أبي حنيفة في بطلان الحجر على الحر، ثم يرد على هذا القول، ولا يذكر أبا يوسف إلا مرتين طوال الكتاب. وهو مسترسل في العبارة فيه متحرر، يدلل ويعلل ويناقش. وليس في هذا الكتاب رواية مسندة، وإنما يذكر أثراً أو أثرين بدون إسناد. كتاب العبد المأذون. يبتدئ بحديث يرويه عن إسرائيل بن يونس. ثم تتلوه روايات أخرى أكثرها عن طريق أبي يوسف، وواحد منها عن طريق غيره. ومسائل الكتاب تبتدئ في أغلبها بقوله: "وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد ... " ويلتزم هذا الأسلوب إلى نهاية الكتاب. كتاب الشفعة. يبتدئ برواية حديث من طريق أبي يوسف، وُيتبع ذلك بروايات أخرى كلها عن طريق أبي يوسف إلا رواية واحدة من طريق أبي حنيفة. وفي موضع يقول: "قال أبو يوسف: قال أبو حنيفة ... " ويسرد مسألة (¬3)، ثم ينتقل إلى أسلوب السؤال والجواب لعدة مسائل. وفي آخر الكتاب عنوان "مسائل نوادر في الشفعة"، وفيه مسائل قريبة من صفحة أو صفحتين. كتاب الخنثى. يبتدئ برواية أثر من طريق أبي يوسف، ومن بعده بضعة آثار مروية من طريق أبي يوسف وغيره. ولا يروي فيه شيئاً عن طريق ¬

_ (¬1) اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، 50 - 52. (¬2) اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، 104 - 105. (¬3) انظر: 6/ 238 و.

الإمام أبي حنيفة. وفيه: "وقال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة ... " في موضع واحد (¬1). وفي موضع: "وسئل أبو يوسف، قلت ... " (¬2). كتاب المفقود. في بدايته عدة آثار مروية عن أبي حنيفة، وأثر واحد مروي عن أبي يوسف. كتاب جعل الآبق. في بدايته عدة آثار مروية عن أبي يوسف، وأثر واحد مروي عن أبي حنيفة. كتاب العقل. لا يذكر في بدايته رواية عن أحد. ويروي فيه أثرين، أحدهما من طريق أبي حنيفة، والآخر من طريق محمد بن عمر. وهو فيه مسترسل في العبارة، يعلل ويناقش ويحتج لرأيه. فهو على طراز كتاب الرضاع وأمثاله. كتاب الحيل. يبتدئ بحديث يرويه عن سلمة بن صالح. وبعده عدة آثار وأحاديث يرويها عن طريق شيوخ غير أبي حنيفة وأبي يوسف. ثم في أثناء الكتاب أحاديث وآثار أخرى من طريق أبي حنيفة وأبي يوسف وشيوخ آخرين. وفي موضع يقول: "وقال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن وجه الثقة في ذلك، فأجابني بما وصفت لك" (¬3). وفي موضع آخر يقول: "سألت أبا حنيفة ... " (¬4). وفي موضع آخر يقول: "سألت أبا يوسف" (¬5). ويقول في موضع آخر: "وكان أبو حنيفة لا يجوّز الخيار في البيع أكثر من ثلاثة أيام، وكان يعقوب ونحن مِن بَعده نجيز الخيار إذا سمى ووقّت وقتاً" (¬6). فقوله: "ونحن من بعده"، يشعر بأنه يقول هذا بعد وفاة أبي يوسف. كتاب اللقطة. يبتدئ برواية عن أبي يوسف، ثم رواية عن ليث بن أبي سليم، ثم تأتي فيه ثلاث روايات عن أبي يوسف. كتاب المزارعة. يبتدئ برواية حديث من طريق أبي العطوف عن ¬

_ (¬1) انظر: 6/ 242 ظ. (¬2) انظر: 6/ 243 و. (¬3) انظر: 7/ 4 و. (¬4) انظر: 7/ 26 ظ. (¬5) انظر: 7/ 31 و. (¬6) انظر: 7/ 25 و.

الزهري، ثم يستمر في رواية آثار وأحاديث عن طريق شيوخ غير أبي حنيفة وأبي يوسف. ويلاحظ أنه لم يرو فيه عن أبي حنيفة وأبي يوسف شيئاً من الآثار. كتاب النكاح. يبتدئ ببلاع، فيذكر حديثاً. ثم يذكر آثاراً كثيرة بلاغاً، وكذلك يستمر على نفس الأسلوب في أثناء الكتاب. ومع ذلك فهو يروي آثاراً مسندة وإن كانت أقل من البلاغات، ويرويها عن أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما. وهناك بعض الأبواب لم يزد فيها على نقل كلام أبي يوسف شيئاً، كما فعل ذلك في باب نكاح الأكفاء بغير ولي. كتاب الحوالة والكفالة. يبتدئ بأثر يرويه عن أبي يوسف، ثم يتبعه أثر آخر معلَّق. ثم يقول: "محمد عن أبي يوسف قال: سألت أبا حنيفة ... " فيذكر المسائل. ويروي أثناء الكتاب آثاراً مسندة عن أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما. كما يلاحظ أن الكتاب يبتدئ بأبواب الكفالة، ثم تأتي أبواب الحوالة، ثم يرجع إلى أبواب الكفالة مرة أخرى. ويلفت النظر أيضاً أن راوي الكتاب أحمد بن حفص يقول فيه: "سمعت محمدًا"، في عشرين موضعاً. كتاب الصلح. يبتدئ برواية عدة آثار عن أبي يوسف، ويستمر على ذلك أثناء الكتاب أيضاً، فأكثر الآثار فيه مروية من طريق أبي يوسف، وقليل منها مروي عن أبي حنيفة وغيره. كتاب الوكالة. يبتدئ بعدة آثار يرويها عن أبي يوسف، ويروي آثاراً أخرى أثناء الكتاب معظمها من طريق أبي يوسف، وقليل منها عن أبي حنيفة وغيره. وقد ورد فيه: "قال محمد -رحمه الله-: وإنما يعني بقوله: وإن رضي بذلك الذي وكله لم يبرأ المطلوب، يقول: إن رضي أن يكون الثوب الذي اشتراه وكيله لنفسه فلا يجوز ذلك" (¬1). فهذه العبارة تدل على أن الكلام الذي قبله من كلام أبي حنيفة أو أبي يوسف. وهذا يؤيد ما ذكر في ¬

_ (¬1) انظر: 8/ 188 ظ- 189 و.

أول كتاب الصلاة أنه ما لم يكن فيه اختلاف فهو قولهم جميعًا؛ لأنه يذكر قبل ذلك مسائل كثيرة من دون أن يبين القائل، وذلك لأنه لا يوجد اختلاف بينهم في تلك المسائل ولا يوجد شيء يحتاج إلى توضيح، لكن بعد ذكر هذه المسألة يذكر توضيحاً ويصرح بذكر اسمه. كتاب الشهادات. يبتدئ بأثر يرويه عن أبي يوسف، ويروي آثاراً أخرى أثناء الكتاب معظمها من طريق أبي يوسف، وقليل منها عن أبي حنيفة وغيره. كتاب الرجوع عن الشهادات. يبتدئ بعدة آثار يرويها عن أبي يوسف، وأثر واحد يرويه عن الحسن بن عمارة. ويقول فيه في موضع: "قال محمد: ورواه عن يعقوب أنه قال ... " وبعد سطرين يقول: "فحدث محمد عن أبي يوسف أنه قال ... " (¬1). كتاب الوقف. يظهر أنه من تأليف الإمام محمد ابتداءً. وهو يتحدث فيه عن كيفية كتابة صكوك الوقف، وليس فيه ذكر لأبي حنيفة، وفيه ذكر لأبي يوسف في موضعين، حيث يقيس محمد بن الحسن قوله على قول أبي يوسف (¬2). وليس فيه أية آثار مروية. كتاب الصدقة الموقوفة. يبتدئ بأثر يرويه عن صخر بن جويرية، ويروي خلال الكتاب آثاراً من طريق غير أبي حنيفة وأبي يوسف، ولا يروي عنهما أثراً في هذا الكتاب. وهو في هذا الكتاب يرد على أبي حنيفة قوله في الوقف، ويناقشه بقوة، كما يرد على أبي يوسف في مسألة أخرى ويناقشه بقوة أيضاً؛ مما يدل على استقلاله في التفكير والاجتهاد عنهما وإن كانوا من نفس المدرسة الفقهية في الأسس والقواعد. كتاب الغصب. يبتدئ بآثار يرويها من طريق أبي يوسف. وكذلك يروي آثاراً أخرى من طريقه أثناء الكتاب. ويقول في موضع: "وهذا قول أبي ¬

_ (¬1) انظر للموضعين المذكورين: 8/ 235 ظ. (¬2) انظر: 8/ 250 و.

ب - الاختلاف في نسبة بعض الكتب ضمن كتاب الأصل إلى الإمام محمد

حنيفة الذي روى أبو يوسف" (¬1). وهذا البحث التفصيلي يستفاد منه أن كتاب الأصل هو من تأليف الإمام محمد بن الحسن، وقد روى فيه أقوال أستاذه أبي حنيفة، وأقوال أستاذه وزميله أيضاً أبي يوسف، وزاد عليهما تفريعاً وإيضاحاً وقياساً كما يمكن رؤية ذلك مفصلاً أثناء الكتاب. وبعض الكتب الفقهية يغلب عليها طابع التأليف مثل كتب الحيض والتحري والاستحسان والأيمان والرضاع والإكراه، وبعضها يغلب عليها طابع الرواية مثل كتاب الصرف. فإن الناظر فيه يحس بأن الكتاب من تأليف أبي يوسف؛ لكن محمد بن الحسن رواه عنه وأضاف إليه بعض الإضافات. وبعض هذه الكتب مثل كتاب الوقف يظهر أنها من تأليف محمد بن الحسن ابتداءً، حيث ألفه للرد على قول أبي حنيفة في الوقف. وهو لا يذكر في كتابه هذا أبا حنيفة أو أبا يوسف إلا مرة أو مرتين، وليس على سبيل رواية المسائل عنهما. وقد ذكر السرخسي أن كتاب العين والدين والذي سمي في الأصل بكتاب الوصايا في العين والدين وكتاب حساب الوصايا ألفه الإمام محمد بالاستفادة من كتب الحسن بن زياد، فقد كان الحسن مقدماً في علم الحساب، ومسائل هذين الكتابين مبنية على العلم بالحساب (¬2). ب - الاختلاف في نسبة بعض الكتب ضمن كتاب الأصل إلى الإمام محمد توجد بعض الكتب التي اختلف في نسبتها إلى الإمام محمد ضمن كتاب الأصل والكافي. فمن هذه الكتب: 1 - كتاب الحيل وقد كان أبو سليمان الجوزجاني ينكر نسبته إلى الإمام محمد، ويقول بأنه من جمع الوراقين ببغداد، وأن المخالفين لأهل الرأي ينسبون ذلك إلى أئمة الحنفية للتعيير والعيب عليهم. وكان أبو حفص يقول بصحة نسبته إلى ¬

_ (¬1) انظر: 268/ 8 ظ. (¬2) انظر: المبسوط، 28/ 110؛ 30/ 114.

الإمام محمد، ويرويه عنه. ووضع الحاكم لهذا الكتاب في الكافي يدل على قبول نسبته إليه أيضاً. وقد دافع السرخسي عن صحة نسبته إلى محمد بن الحسن، وأخذ يبين ويشرح وجه جواز الحيل وأنه لا عيب في ذلك (¬1). وكتاب الحيل الذي ضمن كتاب الأصل في النسخ التي بأيدينا مروي من طريق محمد بن هارون الأنصاري (¬2) عن محمد بن الحسن. ولكن توجد صياغة أخرى لكتاب الحيل على هيئة كتاب مستقل؛ ولا يوجد ذكر للراوي في النسخ التي اطلعنا عليها من هذه الصياغة (¬3). وقد طبع كتاب الحيل بهذه الصياغة باسم كتاب المخارج في الحيل للإمام محمد بن الحسن الشيباني بتحقيق جوزيف شاخت في لايبزيغ سنة 1930. وتوجد في كتاب الحيل بعض العبارات التي لا توجد في كتبه الأخرى. فمثلًا يقول: "قلت: أرأيت شريكين شركة عنان أرادا أن يضمنا عن رجل مالاً بأمره على أنه إن أدى المال أحد الشريكين وهو عبد الله رجع به على صاحبه الآخر وهو زيد وعلى صاحب الأصل، وإن أدى المال زيد إلى الطالب وصاحب الأصل لم يرجعا على عبد الله بشيء، كيف وجه الثقة في ذلك؟ قال: يضمن زيد عن الذي عليه الأصل ما عليه للمطلوب، ثم يجيء عبد الله، فيضمن عن زيد وصاحب الأصل ما للطالب عليهما بأمرهما، فإذا أدى عبد الله المال رجع به على زيد وصاحب الأصل، فإن أداه زيد وصاحب الأصل لم يرجع على عبد الله" (¬4). فهو يذكر في هذه المسألة أسماء زيد وعبد الله كشخصين افتراضيين يبني عليهما المسألة. ولا نجد مثل هذا الأسلوب في أي موضع من الكتاب. وقد يكون هذا من تأثر الإمام بالنحويين الذين يمثلون بزيد وعبد الله وعمرو كما هو معروف عنهم (¬5). ومحمد بن الحسن معروف بتقدمه في علم اللغة أيضاً، وكان على معرفة ¬

_ (¬1) المبسوط، 30/ 209. (¬2) ستأتي ترجمته بين تراجم رواة الكتاب. (¬3) سنذكر النسخ التي اطلعنا عليها من هذه الصياغة لكتاب الحيل. (¬4) انظر: 7/ 17 ظ. (¬5) انظر مثلاً: الكتاب لسيبويه، 1/ 14، 23، 24، 26، 33، 34.

2 - اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى

بالكسائي إمام النحويين والقراء بالكوفة، كما كان ابن خالة الفَرّاء (¬1). ونحن نميل إلى القبول بنسبة كتاب الحيل إلى الإمام محمد بن الحسن الشيباني، ولا نرى اختلافاً كبيراً في الأسلوب بين كتاب الحيل وكتبه الأخرى الموجودة ضمن كتاب الأصل. 2 - اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ومن هذه الكتب المختلف في نسبتها إلى الإمام محمد كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى. وهو من تأليف أبي يوسف في الأصل. وقد طبع بتحقيق أبو الوفا الأفغاني منسوباً إلى أبي يوسف (¬2). ولكن يوجد قسم من هذا الكتاب في نسخ كتاب الأصل التي بأيدينا، وذلك في كتابي الوديعة والعارية. فقد ورد في آخر كتاب الوديعة باب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في الوديعة، وورد في آخر كتاب العارية باب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في العارية. لكن يذكر في هذين البابين رأي محمد أيضاً. فمحمد بن الحسن يروي هذين البابين عن أبي يوسف، ويضيف إلى ذلك رأيه كما هو الحاصل في كتاب الأصل في مواضع كثيرة. والكتاب موجود في الكافي للحاكم الشهيد (¬3)، ويذكر فيه أقوال محمد أيضاً (¬4). وقد صرح السرخسي بأن الكتاب من تصنيف أبي يوسف وأن محمد بن الحسن رواه وزاد فيه (¬5). كما أن الإمام الشافعي ينقل كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى وينسبه ¬

_ (¬1) وفيات الأعيان، 4/ 185؛ والجواهر المضية، 2/ 44. ومن عجائب القدر أنه توفي الكسائي ومحمد بن الحسن في يوم واحد، فقال الرشيد: دفنت اليوم اللغة والفقه. انظر: تاريخ بغداد، 2/ 181. (¬2) انظر: اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى لأبي يوسف، (تحقيق أبو الوفا الأفغاني)، القاهرة، مطبعة الوفاء، 1357. (¬3) الكافي، 3/ 312 و - 318 ظ. (¬4) انظر مثلاً: الكافي، 3/ 312 و، 313 ظ. (¬5) المبسوط، 30/ 129.

3 - كتاب الرضاع

إلى أبي يوسف، ولا يذكر محمد بن الحسن لا في أوله ولا أثناء عرضه للمسائل، بل ينقل رأي أبي حنيفة وابن أبي ليلى، وترجيح أبي يوسف، ثم يذكر رأيه في المسألة (¬1). ويرجح الباحث محمد الدسوقي أنه من تأليف محمد بن الحسن لما زاد محمد فيه من أقواله (¬2). وهو الذي ينبغي ترجيحه؛ لأن بعض الكتب الفقهية ضمن كتاب الأصل قد صنع الإمام محمد فيها مثل ما صنع في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، ونسبت تلك الكتب إليه بدون خلاف. 3 - كتاب الرضاع إن كتاب الرضاع موجود في نسخ الأصل التي بأيدينا، ولكنه غير موجود في الكافي. وقد تكلم السرخسي على نسبة كتاب الرضاع إلى محمد، فقال: "اختلف الناس في كتاب الرضاع هل هو من تصنيف محمد -رحمه الله- أم لا؟ قال بعضهم: هو ليس من تصنيف محمد -رحمه الله-، وإنما صنفه بعض أصحابه ونسبه إليه ليروج به، وفي ألفاظه ما يدل على ذلك، فقد ذكر في حرمة المصاهرة بسبب الوطء الحرام قال: والتنزه عنه أفضل إن شاء الله تعالى، ومحمد -رحمه الله- ما كان يصحح الجواب في مصنفاته في الأحكام خصوصًا فيما فيه نص من الكتاب والسنَّة، فعرفنا أنه ليس من تصنيفاته، ولهذا لم يذكره الحاكم الجليل في المختصر. وقال أكثرهم: هو من تصنيفاته، ولكنه من أوائل تصنيفاته، ولكل داخل دهشة. وقد بينا فيما سبق أنه كان صنف الكتب مرة ثم أعادها إلا قليلاً منها، فهذا الكتاب من ذلك؛ لأنه حين أعاد اكتفى في أحكام الرضاع بما أورد في كتاب النكاح، واكتفى الحاكم - رضي الله عنه - أيضاً بذلك، فلم يفرد هذا الكتاب في مختصره. ولكني لما فرغت من إملاء شرح المختصر ... رأيت الصواب إتباع ذلك بإملاء شرح هذا الكتاب، ففيه بعض ما لا بد من معرفته وما ¬

_ (¬1) الأم للشافعي (تحقيق رفعت فوزي عبد المطلب)، 8/ 217 - 390. (¬2) الإمام محمد بن الحسن، 165.

ج - بعض العبارات الموقعة في الوهم من حيث نسبة الكتاب إلى مؤلفه

يحتاج فيه إلى شرح وبيان" (¬1). ويذكر السرخسي بعض العبارات التي استدل بها بعضهم على عدم كون كتاب الرضاع من تأليف الإمام محمد (¬2). ويمكن ذكر مثال آخر على تلك العبارات حيث يقول: "وكذلك هذه المسألة في الأجنبيين الجواب فيها كالجواب في الأخوين، فاعرف" (¬3). فختمه العبارة بعبارة "فاعرف" مما لم نشاهده في موضع آخر من هذا الكتاب. لكن المفهوم من كلام السرخسي أنه يرجح نسبة كتاب الرضاع إلى محمد بن الحسن مع أكثر الأحناف، وأن اختلاف الأسلوب الواقع بين كتاب الرضاع والكتب الأخرى ناشئ عن اختلاف زمان التأليف وعدم تحريره الكتاب مرة ثانية كما فعل ذلك في الكتب الأخرى، فقد ألف كتاب الرضاع في البداية مع الكتب الأخرى، ثم إنه أعاد النظر في كتبه وغير فيها، إلا أنه لم يغير كتاب الرضاع نظراً لوجود أكثر ما ذكر فيه في باب الرضاع الموجود ضمن كتاب النكاح. ج - بعض العبارات الموقعة في الوهم من حيث نسبة الكتاب إلى مؤلفه وينبغي أن نذكر هنا أنه توجد بعض العبارات الموهمة في كتاب الأصل، والتي يمكن أن تفهم على أنها ليست من كلام الإمام محمد في النظرة الأولى. فيقول مثلاً بعد حكاية قول في مسألة: "وهذا في قياس قول أبي حنيفة"، أو يقول: "في قياس قول أبي يوسف". وأحياناً يجمع إمامين فيقول: "في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف"، أو يقول: "في قياس قول أبي يوسف ومحمد"، أو يقول: "في قياس قول أبي حنيفة ومحمد". وأحياناً يجمعهم كلهم فيقول: "في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد". كما أنه يغير في العبارات السابقة فيقول: "في قياس قول ... "، و"على قياس قول ... "، وأحياناً: "وهو قياس قول ... "، و"هذا قياس قول ... لا وقد ¬

_ (¬1) المبسوط، 30/ 287. (¬2) المبسوط، 30/ 287، 295، 304. (¬3) انظر: 3/ 11 ظ.

تتبعنا المواضع التي تذكر فيها هذه العبارة "قياس قول ... " فحصلنا على النتائج التالية: "قياس قول أبي بكر" (أي الصديق - رضي الله عنه -) ذكر في كتاب الولاء مرة واحدة. "قياس قول علي" ذكر في كتاب الفرائض 6 مرات، وفي كتاب الولاء 4 مرات. "قياس قول علي وزيد" ذكر في كتاب الفرائض مرة واحدة. "قياس قول زيد" ذكر في كتاب الفرائض مرة واحدة. "قياس قول عبد الله بن مسعود" ذكر في كتاب النكاح مرة واحدة. "قياس قول إبراهيم" (أي النخعي) ذكر في كتاب العتاق وكتاب الحدود مرة واحدة. "قياس قول شريح وإبراهيم النخعي" ذكر في كتاب الصلح مرة واحدة. "قياس قول الشعبي" ذكر في كتاب الخنثى 24 مرة. "قياس قول أبي حنيفة" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: الصلاة 1، الحيض 2، البيوع 6، الصرف 5، الرهن 10، القسمة 7، الإجارات 13، الشركة 7، المضاربة 38، الطلاق 4، العتاق 11، العتق في المرض 3، الوصايا 15، الوصايا في الدين 8، الفرائض 4، المكاتب 7، الولاء 11، الجنايات 3، الديات 6، الحدود 2، الإكراه 6، السير 2، الدعوى 7، الشرب 3، الإقرار 35، المأذون 55، الشفعة 15، المفقود 1، العقل 1، الحيل 1، المزارعة 27، النكاح 3، الحوالة 4، الصلح 10، الوكالة 23، الشهادات 2، الرجوع عن الشهادات 3. "قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: الصوم 1، الرهن 1،

الطلاق 1، العتاق 1، الوصايا 1، الوصايا في الدين 1، الديات 1، العشر 1، الإقرار 2، المأذون 2، الحيل 1، الوكالة 1. "قياس قول أبي يوسف" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: الحيض 4، البيوع 1، الصرف 3، الشركة 1، المضاربة 1، العتاق 2، الوصايا في الدين 1، المكاتب 1، الديات 2، الإكراه 4، الدعوى 1، الإقرار 2، الحجر 1، المأذون 1، الحيل 1، المزارعة 18، النكاح 1، الوكالة 1، الوقف 2. "قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: البيوع 1، الإجارات 45، المضاربة 2، الفرائض 1، الدور 1، الدعوى 1، الشرب 1، الإقرار 1، المأذون 8، المزارعة 15، النكاح 3، الصلح 1، الرجوع عن الشهادات 2. "قياس قول أبي حنيفة ومحمد" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: البيوع 1، القسمة 2، الإجارات 1، الشركة 1، المضاربة 2، الطلاق 1، العتق في المرض 1، الفرائض 2، الدور 1، 1 لإكراه 2، المأذون 1، الشفعة 2، المزارعة 2، النكاح 1، الوكالة 1. "قياس قول أبي يوسف ومحمد" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: البيوع 1، الرهن 1، الشركة 2، المضاربة 4، الطلاق 1، الوصايا 3، الوصايا في الدين 1، الدور 11، الإكراه 1، الدعوى 1، الإقرار 2، المأذون 9، المزارعة 3، الوكالة 1. "قياس قولهم جميعاً" ذكر في الكتب التالية، وذكر أمام كل كتاب عدد المرات التي ذكرت فيها هذه العبارة: الإجارات 8، المضاربة 1، المأذون 1. "قياس قولهم" ذكر في العبد المأذون مرة واحدة.

"قياس قول محمد" ذكر في كتاب الإكراه مرة واحدة. "قياس قولنا" ذكر في كتاب الديات مرة واحدة. وهذه العبارة من عبارات الإمام محمد التي يستعملها في كتبه الأخرى أيضاً مثل الآثار، حيث يقول في مسألة: "وهذا قياس قول عبد الله بن مسعود" (¬1)، وفي مسألة أخرى: "وهذا كله قياس قول أبي حنيفة" (¬2). والمقصود بذلك أن هذا القول مقيس على قول عبد الله بن مسعود أو على قول أبي حنيفة مثلاً في مسألة أخرى شبيهة بهذه المسألة. وبناءً على ذلك، فإنه إذا ذكر في الأصل في مسألة أنها على قياس قول أبي حنيفة فالقائس هو إما أبو يوسف وإما محمد بن الحسن. والعبارة صريحة في بعض المواضع حيث يُذكر أن القائس هو أبو يوسف أو محمد وأنه قاس قوله على قول أبي حنيفة (¬3). وإذا ذكر في الأصل أن هذا القول على قياس قول أبي يوسف فالقائس هو محمد كما هو واضح. لكنه يذكر في بعض المواضع كما ذكرنا أن القول المذكور على قياس قول أبي يوسف ومحمد، أو على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فحينئذٍ يبدو أن هناك احتمالين: الاحتمال الأول: هو أن يكون الراوي للكتاب وهو أبو سليمان الجوزجاني أو أبو حفص مثلاً هو الذي يقيس على قول محمد بن الحسن. وحينئذٍ تكون تلك المسألة زيادة على كتاب الأصل، ولكنها تعتبر جزء من الأصل بسبب كونها مقيسة على مسائل الأصل، فتكون منه من حيث المعنى وإن لم تكن منه لفظاً. وهذا الاحتمال ضعيف في نظرنا؛ لأنه لو كان القائس في هذه المسائل هو غير الإمام محمد لذكر ذلك صراحة، ولأشار إلى ذلك الفقهاء الأحناف المتأخرون بعد هذه الطبقة. ولكنهم لم يذكروا شيئاً من ذلك. ثم إن الحاكم الشهيد قد ذكر بعض هذه المسائل في الكافي، ولم يذكر أن ذلك من كلام غير محمد بن الحسن. وهو إنما يقوم باختصار ¬

_ (¬1) الآثار، 4. (¬2) الآثار، 5. (¬3) انظر مثلاً: 3/ 263 و؛ 6/ 195 ظ.

كتب الإمام محمد، فلو كان هناك شيء من غير كلامه كان عليه أن يبين ذلك. والاحتمال الثاني - وهو الراجح لدينا-: أن يكون القائس هو محمد بن الحسن نفسه. وذلك لأنه قد يقيس هذه المسألة التي أمامه على مسألة أخرى قد تكلم فيها أو بحثها من قبل، إما لأنه لم تسنح له الفرصة ليبحث هذه المسألة الجديدة وكانت المسألة القديمة أمامه جاهزة فقاس عليها، وإما ليبين بذلك أن هذه المسألة جارية على قياس قوله في مسائل أخرى وأن آراءه الفقهية مترابطة متناسقة داخلياً، وأن هذه المسألة الجديدة ليست خارجة على القاعدة عنده أي ليست مسألة استحسان. وهذا الأمر أي بيان اعتماد أقوالهم في مسألة ما على القياس أو الاستحسان قد اعتنى به الإمام محمد كما اعتنى به الإمامان أبو حنيفة وأبو يوسف قبله أيما اعتناء، وهو أمر واضح لمن نظر في ثنايا كتاب الأصل. ويمكن أن يستدل على ما قلناه بقول الإمام محمد في بعض المواضع: "قياس قول محمد" (¬1)، "قياس قولنا" (¬2)، "في قياس قول أبي يوسف وقولنا" (¬3)، "في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولنا" (¬4). فمن الواضح أن هذه العبارة تدل على أن محمد بن الحسن يقوم بالقياس على قوله نفسه. وليس هذا بمستنكر لما بيناه من الأسباب آنفًا. ولسبب آخر، وهو أننا لا نجد في أي موضع من الكتاب مسألة يقول فيها صراحة بأنها على "قياس قول محمد"، إلا في موضع واحد أشرنا إليه آنفًا، ولكن المذكور في ذلك الموضع مسألة فرضية حيث يقول فيها: "وكان ينبغي في قياس قول محمد ... ولكنه استحسن ... " (¬5)، والصيغة المذكورة أكثر نسبيًا هي: "قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد"، أو "قياس قول أبي حنيفة ومحمد"، أو "قياس قول أبي يوسف ومحمد". فالإمام محمد دائمًا مذكور مع أبي حنيفة أو أبي يوسف. وهذا يقوي احتمال أن يكون ¬

_ (¬1) انظر: 5/ 86 ظ. (¬2) انظر: 4/ 228 ظ. (¬3) انظر: 7/ 122 ظ. (¬4) انظر: 7/ 76 ظ. (¬5) انظر: 5/ 86 ظ.

القول المذكور من قياس محمد على قول أبي حنيفة أو أبي يوسف أو كليهما، وأن الراوي للكتاب أو الناسخ قد اختصر العبارة. وهناك أمثلة تؤكد حصول ذلك بالفعل. فمثلاً: يقول في كتاب البيوع: "وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد، وأما في قول أبي يوسف ... " (¬1) فيفهم من هذه العبارة أن المقصود بقوله: "وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد" هو "وهذا قياس قول أبي حنيفة، وهو قول محمد"؛ لأنه لا يعقل أن يكون قول أبي يوسف مذكوراً صراحة، وقول محمد مذكوراً قياساً لتأخر الثاني عن الأول. ويقول في كتاب الديات: "وأما في قياس قول أبي يوسف وهو قول محمد ... " (¬2) فهذه العبارة تدل على أن هذا القول للإمام محمد وأنه قال ذلك قياساً على قول أبي يوسف. لكن غُيرت العبارة في نسخة فيض الله أفندي هكذا: "وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد ... " (¬3) فهذا يبين لك كيف حدث تغير العبارة في النسخ المتأخرة. ولعل الناسخ أو الراوي لم يتفطن إلى أنه يغير المعني بتصرفه هذا. ولكن الفرق بين العبارتين في نظرنا دقيق ومهم جداً. ويغلب على الظن أن مثل هذا حدث في المسائل الأخرى الشبيهة. ويقول في كتاب الإكراه: "وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد؛ وقال محمد ... " (¬4) فيذكر دوام المسألة نفسها. فلو كانت المسألة مقيسة على قول محمد ولم تكن من صريح قوله لما استقام قوله: "وقال محمد"؛ لأن المسألة هي نفسها. إذن كانت العبارة في الأصل: "وهذا قياس قول أبي حنيفة، وهو قول محمد". لكن الراوي أو الناسخ تصرف في العبارة، فغير المعنى وهو لا يشعر. ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 227 ظ (¬2) انظر: 4/ 255 ظ. (¬3) انظر نسخة فيض الله أفندي (رقم 668)، 4/ 263 ظ. (¬4) انظر: 5/ 73 ظ.

4 - رواية كتاب الأصل عن طريق تلاميذ المؤلف

وقد تتبعنا بعض هذه المسائل في الكافي للحاكم الشهيد، فرأيناه في بعض المواضع ينسب هذه المسائل إلى أصحاب القول المقيس عليه، أي إلى أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ولا يذكرها على أنها على قياس قول واحد منهم. فمثلاً يقول في الأصل في مسألة في الإجارات بأنها: "في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد" (¬1)، ويذكر الحاكم أنها: "في قولهم جميعاً" (¬2). ويقول في الأصل في مسألة في المزارعة: "وهذا قياس قول أبي حنيفة على قياس قول من أجاز المزارعة؛ وأما القول الآخر- وهو قياس قول أبي يوسف ومحمد -: فالشرطان جميعاً جائزان" (¬3). ويقول الحاكم في نفس المسألة: "في قياس قول أبي حنيفة ... وقال أبو يوسف ومحمد ... " (¬4)، وفي بعض المواضع الأخرى تتوافق عبارة الكافي وعبارة الأصل على أن المسألة "في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد" (¬5). وكذلك الأمر في مسألة أخرى في المضاربة حيث يقول في الأصل: "وهذا قياس قول أبي حنيفة وقياس قول أبي يوسف ومحمد" (¬6)، ويقول الحاكم: "قياس قولهم جميعاً" (¬7). وذكر الحاكم لهذه المسائل يدل على أن هذه القياسات سابقة تاريخياً على زمان الحاكم الشهيد (ت. 334). وهو مما يقوي كونها من كلام الإمام محمد بن الحسن. 4 - رواية كتاب الأصل عن طريق تلاميذ المؤلف أ - تعدد روايات الكتاب لقد أملى الإمام محمد المبسوط على أصحابه (¬8)، كما كانت الطريقة المتبعة غالباً في تلك القرون. فكان هو يقرأ وأصحابه يكتبون. ولذلك وقعت ¬

_ (¬1) انظر: 2/ 127 ظ. (¬2) الكافي، 1/ 203 و. (¬3) انظر: 7/ 61 ظ. (¬4) الكافي، 2/ 318 و. (¬5) انظر: 2/ 42 و؛ والكافي، 1/ 206 و. (¬6) انظر: 2/ 256 و. (¬7) الكافي، 2/ 275 ظ. لكن السرخسي يقول: والأصح عند علمائنا الثلاثة. انظر: المبسوط، 22/ 111. (¬8) كشف الظنون 2/ 1282.

الرواية في بداية بعض كتب الأصل مثل كتاب الحوالة والكفالة عن طريق السماع صراحة، حيث يقول: "سمعت محمداً ... " مرارًا في أول الأبواب (¬1). واكتفى الرواة في كثير من كتب الأصل بالرواية بلفظ "عن محمد"، أو "قال محمد". لكن كانت الطريقة الأخرى وهي العَرْض، أي القراءة على الأستاذ، متبعة أيضاً، فكان تلاميذه يقرؤون كتب محمد بن الحسن عليه وهو يسمع (¬2). وكلتا الطريقتان مقبولتان في الرواية. ويقول في كتاب الدعوى: "كان الجواب على ما كتبتُ لك" (¬3). ويقول في كتاب الإجارات: "وجميع ما كتبنا قبل هذا فهو قياس من قول أبي حنيفة كله" (¬4). وقد يستنتج من هذا أن محمد بن الحسن كان يكتب بنفسه في بعض الأحيان، ويطلب من تلاميذه الكتابة أحياناً أخرى. لكن قد يقال: إن الأمر بالكتابة تعتبر كتابة أيضاً. ومن المعلوم أن رواة كتاب الأصل المشهورين هم أبو سليمان الجوزجاني، وأبو حفص البخاري. واشتهرت الروايتان المنسوبتان إليهما بنسخة أبي سليمان ونسخة أبي حفص. وحتى أن الكتاب نفسه ينسب إلى الراوي أحياناً فيقال: مبسوط أبي سليمان الجوزجاني. وروايات الأصل أي نُسَخُه المروية عن محمد متعددة، وأظهرها رواية أبي سليمان الجوزجاني (¬5). وهناك روايات أخرى مثل رواية أبي حفص (¬6) ورواية هشام بن عبيد الله الرازي (¬7) ورواية محمد بن ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: 7/ 196 ظ، 197 ظ، 198 ظ. (¬2) الفهرست، 287. (¬3) انظر: 5/ 217 و. (¬4) انظر: 2/ 145 ظ. (¬5) كشف الظنون، 2/ 1581. وتأتي ترجمة الجوزجاني قريبًا. (¬6) تأتي ترجمته. (¬7) وهو فقيه من أهل الرأي ومحدث مشهور أيضاً. يروي عن مالك بن أنس وغيره، ويروي عنه أبو حاتم الرازي والحسن بن عرفة وغيرهما. ووثقه ابن أبي حاتم، وقال: يحتج بحديثه. قال هشام: لقيت ألفاً وسبعمائة شيخ وأنفقت في العلم سبعمائة ألف=

سماعة (¬1) ورواية المعلي بن منصور (¬2). وقد أخذ الجوزجاني والمعلى الفقه عن أبي يوسف ومحمد جميعاً، ورويا عنهما الكتب والأمالي، وكانا رفيقين في أخذ الفقه ورواية الكتب (¬3). وقد وُصفت رواية هشام لكتاب الأصل بالاضطراب، وأن أبا بكر الرازي (ت. 370) كان لا يحب أن يقرأ عليه الأصل من رواية هشام من أجل ذلك، وكان يفضل روايتي أبي سليمان ومحمد بن سماعة (¬4). وهذا يدل على وجود رواية محمد بن سماعة في ذلك الوقت. وأشهر هذه الروايات رواية الجوزجاني ورواية أبي حفص. وقد حفظ لنا التاريخ كتاب الأصل عن طريق روايتيهما في معظم الكتاب كما يأتي مفصلاً. والحاكم الشهيد قد بنى كتابه الكافي الذي اختصر فيه كتب الإمام محمد على روايتي أبي سليمان وأبي حفص في معظم كتابه إلا فيما ندر. يتبين ذلك من ذكره الخلاف بين الروايتين في مواضع كثيرة من كتابه. والسرخسي حين يشرح الكافي يعتمد على هاتين الروايتين أيضاً. أما الروايات الأخرى فلم نقف لها على أي مخطوطة. ويذكر الحاكم والسرخسي روايتي أبي سليمان وأبي حفص، فيقولان مثلاً في مواضع كثيرة: في رواية أبي حفص كذا، وفي رواية أبي سليمان كذا (¬5). ويقول السرخسي في مواضع كثيرة: في نُسَخ أبي حفص كذا، وفي ¬

_ = درهم. وقال فيه أبو حاتم: صدوق، ما رأيت أعظم قدراً منه بالري. وكان قاضياً على الري. وقد مات محمد بن الحسن في دار هشام، ودفن في مقبرتهم. توفي هشام سنة 122. انظر: الجرح والتعديل، 9/ 67؛ وتذكرة الحفاظ، 1/ 388؛ والجواهر المضية، 2/ 205؛ وتهذيب التهذيب، 11/ 43؛ ولسان الميزان، 6/ 195. (¬1) تقدمت ترجمته بين تلاميذ الإمام. (¬2) تقدمت ترجمته بين تلاميذ الإمام. (¬3) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 155؛ وطبقات الفقهاء، 144؛ والجواهر المضية، 2/ 186. (¬4) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 155؛ والجواهر المضية، 2/ 205. (¬5) انظر مثلاً: الكافي، 1/ 3 و، 9 و؛ والمبسوط، 1/ 61.

ب - روايات الكتاب الموجودة في نسخ الأصل بأيدينا اليوم

نُسَخ أبي سليمان كذا (¬1). والمقصود هو نفس الشيء. لكن استعمال النسخ بصيغة الجمع قد يدل على أن المقصود هو اتفاق النسخ المنقولة عن الجوزجاني أو عن أبي حفص على مسألة ما. ويدل كذلك على كثرة الناقلين عن أبي حفص والجوزجاني. وقد يعبر السرخسي بالمفرد أيضاً فيقول: نسخة أبي سليمان، ونسخة أبي حفص؛ لكن ذلك قليل جداً (¬2). وكذلك الحال في استعماله لفظ الجمع للرواية، حيث يقول: روايات أبي سليمان، وروايات أبي حفص (¬3). واختلاف هذه الروايات وخصوصًا روايتي أبي سليمان وأبي حفص فيما بينها في بعض المواضع أمر معروف عند المتقدمين من الفقهاء الأحناف. ورواية الجوزجاني مقدمة على رواية أبي حفص في الغالب. لكن توجد مواضع يكون الصواب فيها مع أبي حفص، أو يختلف الترجيح. وقد قام الحاكم الشهيد بالمقارنة بين هذه الروايات واختيار ما رآه صواباً منها في كتابه الكافي المختصر من الأصل. وتبعه السرخسي في المبسوط غالباً. ب - روايات الكتاب الموجودة في نسخ الأصل بأيدينا اليوم والنسخ التي بأيدينا من كتاب الأصل رويت أكثر كتبها عن طريق أبي سليمان الجوزجاني وبعضها عن طريق أبي حفص، وقليل منها عن طريق رواة آخرين، وبعضها لم يذكر فيه أي راو. وهذا هو تفصيل ما ذكر في أول كل كتاب: كتاب الصلاة: أبو سليمان عن محمد بن الحسن. كتاب الحيض: قال: سمعت محمد بن الحسن يقول. كتاب الزكاة: حدثنا زياد بن عبد الرحمن عن أبى سليمان عن محمد بن الحسن قال: قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: المبسوط، 1/ 123. (¬2) انظر مثلاً: المبسوط، 41/ 14. (¬3) انظر مثلاً: المبسوط، 24/ 20.

كتاب الصوم: أبو الحسن محمد بن الحسن قال: قرأت نسخة هذا الكتاب على أبي بكر محمد بن عثمان فقلت له: حدثك أبو جعفر محمد بن سعدان قال: أخبرنا أبو سليمان موسي بن سليمان الجوزجاني قال: أخبرنا محمد بن الحسن إلى آخر هذا الكتاب، ثم قلت له: أَرْوِي هذا عنك؟ قال: نعم، وعارضت به أبا سليمان موسي بن سليمان. كتاب التحري: حدثنا أبو عصمة قال: أخبرنا أبو سليمان قال: سمعت محمداً يقول. كتاب الاستحسان: قال محمد بن الحسن. كتاب الأيمان: أبو سليمان قال: سمعت محمد بن الحسن يقول. كتاب البيوع والسلم: أحمد بن حفص قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال. لكن يقول في داخل كتاب البيوع: أخبرنا أبو سليمان عن محمد ... فيذكر أثراً (¬1). وهذا يدل على أن الكتاب مختلط من روايتي أبي حفص وأبي سليمان. كتاب الصرف: أبو بكر محمد بن عثمان قال: حدثنا أبو عبد لله محمد بن عمار الكريبي عن أبي سليمان موسي بن سليمان الجوزجاني عن محمد بن الحسن. كتاب الرهن: قال: أخبرنا أبو سليمان عن محمد بن الحسن ... فروى حديثاً. ثم قال: محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال: لا يجوز الرهن غير مقبوض ... كتاب القسمة: أخبرنا أبو سليمان قال: أخبرنا محمد. كتاب الهبة: أخبرنا أبو سليمان عن محمد بن الحسن. كتاب الإجارات: أبو سليمان عن محمد بن الحسن. ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 222 و.

كتاب الشركة: لم يذكر اسم أحد في البداية. كتاب المضاربة: محمد بن الحسن. كتاب الرضاع: قال محمد بن الحسن. كتاب الطلاق: قال محمد بن الحسن. كتاب العتاق: أبو سليمان [عن] محمد. كتاب العتق في المرض: محمد بن الحسن. كتاب الصيد والذبائح: أخبرنا أبو سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله عن أبيه عن محمد. كتاب الوصايا: أخبرنا أبو سهل محمد بن عبد الله بن سهل بن حفص قال: أخبرنا أبو عبد الله قال: أخبرنا أبي عن محمد بن الحسن. كتاب الفرائض: حدثنا محمد بن الحسن. كتاب المكاتب: أبو سليمان قال محمد بن الحسن. كتاب الولاء: قال: أخبرنا أبو سليمان عن محمد. كتاب الجنايات: محمد بن الحسن قال. كتاب الديات: قال محمد بن الحسن. كتاب الدور: قال: حدثنا أبو سليمان قال: حدثنا محمد بن الحسن. كتاب الحدود: أبو سليمان عن محمد قال: سألت أبا حنيفة. كتاب السرقة: سعيد قال: سمعت أبا سليمان قال: سمعت محمد بن الحسن. كتاب الإكراه: أبو سليمان قال: أخبرنا محمد. كتاب السير: أبو سليمان عن محمد بن الحسن. كتاب الخراج: قال محمد بن الحسن.

كتاب العشر: داود بن رشيد قال: سمعت محمد بن الحسن. كتاب الدعوى: أبو سليمان قال: حدثنا محمد بن الحسن. كتاب الشرب: أخبرنا أبو عبد الله -رحمه الله- قال: حدثني حمدان بن عبد الله قال: أخبرني أبي -رحمه الله- عن محمد بن الحسن. كتاب الإقرار: قال محمد بن الحسن. كتاب الوديعة: أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. كتاب العارية: محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. كتاب الحجر: أخبرنا أبو عصمة سعد بن معاذ قال: أخبرنا أبو سليمان قال: سمعت محمداً يقول: قال أبو حنيفة. كتاب العبد المأذون: حدثنا محمد بن الحسن. كتاب الشفعة: محمد بن الحسن. كتاب الخنثى: محمد بن الحسن. كتاب المفقود: محمد قال. كتاب جعل الآبق: أخبرنا أبو سليمان قال: أخبرنا محمد. كتاب العقل: قال محمد بن الحسن. وفي أواخر كتاب العقل: هذا آخر كتاب أبي نصر زكريا بن يحيى في المعاقل. وهذا الباقي زيادة في كتاب ابن سنان. كتاب الحيل: أخبرنا محمد بن حمدان قال: أخبرنا أبو ساهر قال: أخبرني محمد بن هارون الأنصاري عن محمد بن الحسن قال. كتاب اللقطة: محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن أبي حنيفة. كتاب المزارعة: محمد بن حمدان قال: حدثنا أبو سليمان قال: حدثنا محمد بن الحسن.

كتاب النكاح: أخبرنا أبو سليمان قال: سمعت محمد بن الحسن. كتاب الحوالة والكفالة: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد قال: سمعت أبي يقول: عن محمد بن الحسن. كتاب الصلح: أبو عبد الله محمد بن حفص قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا محمد بن الحسن. كتاب الوكالة: أخبرنا أبو سليمان أخبرنا محمد بن الحسن. كتاب الشهادات: أبو سليمان عن محمد بن الحسن. كتاب الرجوع عن الشهادات: أبو سليمان قال: أخبرنا محمد بن الحسن. كتاب الوقف: أبو سليمان قال: سمعت محمداً -رحمه الله- يقول. كتاب الصدقة الموقوفة: أبو سليمان قال: أخبرنا محمد بن الحسن. كتاب الغصب: أبو سليمان عن محمد بن الحسن. فالنسخ التي بأيدينا- حسب ما ورد في بداية كل كتاب منها- من رواية أبي سليمان الجوزجاني في كتب الصلاة والزكاة والصوم والتحري والأيمان والصرف والوهن والقسمة والهبة والإجارات والعتاق والمكاتب والولاء والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والدعوى والوديعة والحجر وجعل الآبق والمزارعة والنكاح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب، ومن رواية أبي حفص في كتب البيوع والصيد والوصايا والحوالة والكفالة والصلح، ومن رواية داود بن رشيد في كتاب العشر، ومن رواية محمد بن هارون الأنصاري في كتاب الحيل، ومن رواية حمدان بن عبد الله عن أبيه في كتاب الشرب. أما الكتب الأخرى فلم يذكر لها راو عن الإمام محمد، لكن ذكر اسم محمد بن الحسن في بدايتها. وهي: الحيض والاستحسان والمضاربة والرضاع والطلاق والعتق في المرض والفرائض والجنايات والديات والخراج والإقرار والعارية والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود والعقل واللقطة. والكتاب الوحيد الذي لم يذكر

في بدايته اسم أحد هو كتاب الشركة. وعلى هذا يتبين أن أكثر من نصف الكتاب تقريبًا مروي من طريق أبي سليمان الجوزجاني، وهو ثلاثون كتاباً من ضمن سبعة وخمسين كتاباً، وأن خمسة كتب مروية من طريق أبي حفص، وأن كتاباً واحداً مروي من طريق داود بن رشيد، وكتاباً آخر مروي من طريق محمد بن هارون الأنصاري، وآخر مروي من طريق عبد الله، وأن هناك تسعة عشر كتاباً لم يذكر الراوي لها عن محمد. لكن مع البحث والتدقيق يتبين أنه لا يمكن الوثوق تمامًا بما ذكر من اسم الراوي في أوائل كل كتاب من كتب الأصل في هذه النسخ. وهذا هو التفصيل: لقد وقع في كتاب الصلاة خطأ في جواب مسألة فقهية حسب رأي الحاكم والسرخسي، وهذا الخطأ موجود في معظم النسخ التي بأيدينا. وهو خطأ قديم جداً يرجع إلى ما قبل الحاكم الشهيد. وقد صحح هذا الخطأ الحاكم الشهيد، وبين أن الخطأ من رواية أبي حفص، وكذلك قال السرخسي (¬1). لكن قد ذُكر في بداية كتاب الصلاة في معظم النسخ أنه من رواية أبي سليمان. فكلام الحاكم والسرخسي يدل على أن كتاب الصلاة في هذا الموضع الذي يوجد فيه الخطأ من رواية أبي حفص وليس من رواية أبي سليمان كما ذكر في أوله، ويدل على أن الروايتين قد خلطهما الناسخون (¬2). وهذا يؤدي إلى التفكير في احتمال وجود أماكن أخرى في كتاب الصلاة منقولة من رواية أبي حفص؛ لكن مع هذا توجد أدلة أخرى تدل على التزام رواية أبي سليمان في مواضع أخرى من كتاب الصلاة في النسخ التي اعتمدنا عليها (¬3). فلعل أكثر كتاب الصلاة من رواية أبي سليمان، ¬

_ (¬1) الكافي، 1/ 9 و؛ والمبسوط، 1/ 173. ويري بعض العلماء من متقدمي الأحناف أن هذه الرواية صحيحة انظر: المحيط البرهاني، 1/ 461. (¬2) وانظر لمثال آخر في كتاب الصلاة: الأصل، 1/ 39 ظ؛ والكافي، 1/ 10 ظ؛ والمبسوط، 1/ 208. (¬3) انظر: الأصل، 1/ 22 ظ؛ والكافي، 1/ 6 ظ؛ والمبسوط، 1/ 123.

وقسم قليل منه من رواية أبي حفص، وهذا هو الذي حدا بالرواة والناسخين إلى أن ينسبوه إلى أبي سليمان وحده. كتاب الرهن الذي هو من رواية أبي سليمان على ما ذكر في بدايته، توجد فيه مواضع موافقة لرواية أبي حفص ومخالفة لرواية أبي سليمان كما بين ذلك الحاكم والسرخسي (¬1)، كما يوجد فيه موضع جمع فيه الكاتب بين روايتي أبي سليمان وأبي حفص وخلطهما مع بعض، ويتضح ذلك من كلام الحاكم والسرخسي وابن نجيم (¬2). في كتاب القسمة، ذكر الحاكم في مسألة قول محمد مع أبي يوسف أولًا، ثم قال: وفي رواية أبي حفص ذكر محمد مع أبي حنيفة (¬3). وقال السرخسي: "وهو الأصح، فقد ذكر ابن سماعة أنه كتب إلى محمد يسأله عن قوله في هذه المسألة فكتب إليه أن قوله كقول أبي حنيفة -رحمه الله-" (¬4). واللافت للنظر أن كتاب القسمة في النسخ التي بأيدينا من رواية أبي سليمان، لكن ما ذكره الحاكم والسرخسي يدل على أن هذا الموضع موافق لرواية أبي حفص (¬5). وقد يكون هذا من تصرف الناسخين بخلط الروايتين. في كتاب الصرف، قال السرخسي بعد نقل مسألة موجودة في الأصل (¬6): "هكذا أطلق في نسخ أبي حفص، وفي نسخ أبي سليمان قال: وهذا قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله-، أما في قول أبي يوسف ... " (¬7) والنسخة التي بأيدينا موافقة في هذا الموضع لرواية أبي حفص مع أنه مذكور في بداية كتاب الصرف أنه من رواية أبي سليمان. كما يوجد مثال آخر على ¬

_ (¬1) انظر: الأصل، 17/ 2 ظ، 19 ظ، 40 و؛ والكافي، 2/ 218 و، 220 و، 231 و؛ والمبسوط، 21/ 119 - 120، 123، 162. (¬2) انظر: الأصل، 2/ 39 ظ؛ والكافى، 2/ 230 ظ- 231 و؛ والمبسوط، 21/ 161؛ والبحر الرائق، 8/ 306. (¬3) انظر: الكافي، 197/ 1 ظ. (¬4) المبسوط، 15/ 44. (¬5) انظر: الأصل، 2/ 75 و. (¬6) الأصل، 1/ 296 و. (¬7) المبسوط، 14/ 41.

ج - مقارنة نسخة كتاب الأصل الموجودة مع كتب الفقه الحنفي

موافقة النسخة التي بأيدينا لرواية أبي حفص (¬1). لكن يوجد مثال آخر يدل على موافقة النسخة التي بأيدينا لرواية أبي سليمان (¬2). فالنسخة مختلطة من الروايتين على ما يظهر. كذلك في كتاب العتاق مثال يدل على اختلاط الروايتين في نسختنا. يظهر ذلك بوضوح عند مقارنة نسخة الأصل مع كلام الحاكم والسرخسي (¬3). ذكر في الإجارات مسألة، وذكر الحاكم والسرخسي أن هذه المسألة زيادة من نسخ أبي حفص (¬4). والذي يترجح أنه كتب في أول الكتب الفقهية اسم الراوي الذي غلب استعمال روايته أثناء نسخ الكتاب، لكن كانت الرواية الأخرى أيضاً موجودة لدى الناسخ، فكان إذا رأى زيادة في الرواية الأخرى يضيف تلك الزيادة إلى النسخة، ويشير إلى ذلك أحياناً مثل ما فعل في آخر كتاب الصلاة، حيث ذكر بعض الفروع عن هشام (¬5)، وهو من رواة الأصل الذين فقدت روايتهم كما تقدم، وفي آخر كتاب المزارعة، حيث ذكر في آخره كلاماً لأبي حفص (¬6). وكان الناسخ أيضاً إذا رأى فرقاً بين الروايتين يقوم بترجيح رواية على أخرى، ولا يشير إلى ذلك كما تقدم بيانه في الأمثلة المذكورة آنفاً. وهذا يدل على أن اسم الراوي المذكور في أوائل كتب الفقه من كتاب الأصل هو أغلبي وليس شاملاً لجميع مسائل ذلك الكتاب. ج - مقارنة نسخة كتاب الأصل الموجودة مع كتب الفقه الحنفي يتضح من مقارنة مسائل الأصل في النسخة التي بأيدينا مع كتب الفقه ¬

_ (¬1) انظر: الأصل، 1/ 313 و؛ والكافي، 1/ 183 و. (¬2) انظر: الأصل، 1/ 295 ظ؛ والكافي، 1/ 180 و. (¬3) انظر: الأصل، 3/ 124 و؛ والكافي، 1/ 94 و؛ والمبسوط، 7/ 145. (¬4) انظر: الأصل، 2/ 181 ظ؛ والكافي، 1/ 215 ظ، والمبسوط، 16/ 59. (¬5) انظر: 1/ 85 و. وقد ذكرناها في الهامش في آخر كتاب الصلاة؛ لأننا لم نتأكد أنها من كتاب الأصل. (¬6) انظر: 7/ 123 و.

الحنفي أن الاختلاف الواقع بين روايات الأصل قد أثر على كتب الفقه أيضاً، فترى في بعض المسائل اختلافاً واقعاً بينها في نقل ظاهر الرواية. فعلى سبيل المثال: قال في الأصل: "فإن كان وحده قال: ربنا لك الحمد، في قولهم جميعاً" (¬1). وعبارة الأصل ظاهرة في أن المنفرد يقول: ربنا لك الحمد، في قولهم جميعاً. ولم يذكر خلافًا في قوله: سمع الله لمن حمده، مما يوحي بأن المنفرد يقوله أيضاً. وذكر الحاكم الشهيد ما يفعله الإمام والمأموم، ولم يذكر المنفرد (¬2). وقال السرخسي: "فأما المنفرد على قولهما فيجمع بين الذِّكْرَين، وعن أبي حنيفة فيه روايتان، في رواية الحسن هكذا، وفي رواية أبي يوسف قال: يقول: ربنا لك الحمد، ولا يقول: سمع الله لمن حمده، وهو الأصح، لأنه حَثّ لمن خلفه على التحميد، وليس خلفه أحد" (¬3). وهذا أيضاً ليس فيه إشارة إلى أن قول الإمام أبي حنيفة في ظاهر الرواية عنه متفِق مع الإمامين أبي يوسف ومحمد في أن المنفرد يقول: ربنا لك الحمد، مع أن هذا هو المذكور في جميع نسخ الأصل صريحًا إلا نسختي حلب ويوزغات. والمذكور في الجامع الصغير هو حكم الإمام والمأموم فقط، ولا يخالف ما هاهنا (¬4). وذكر الطحاوي أن المنفرد يجمع بينهما (¬5). وقال السمرقندي: "وإن كان منفرداً لم يذكر في ظاهر الرواية قول أبي حنيفة، وإنما ذكر قولهما: إنه يجمع بينهما، وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة كذلك، وفي رواية النوادر أنه يأتي بالتحميد" (¬6). وقال الكاساني: "وإن كان منفرداً فإنه يأتي بالتسميع في ظاهر الرواية، وكذا يأتي بالتحميد عندهم، وعن أبي حنيفة روايتان، روى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه يأتي بالتسميع دون التحميد ... وروى ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 2 و. (¬2) الكافي، 1/ 1 ظ. (¬3) المبسوط، 1/ 21. (¬4) الجامع الصغير للإمام محمد مع شرحه النافع الكبير للكنوي، 87. (¬5) مختصر الطحاوي، 26 - 27. (¬6) تحفة الفقهاء، 1/ 134.

الحسن عن أبي حنيفة أنه يجمع بينهما، وذكر في بعض النوادر عنه أنه يأتي بالتحميد ... " (¬1)، وذكر المرغيناني أن المنفرد يجمع بينهما في الأصح (¬2). وذكر ابن نجيم عن قاضيخان في شرحه أن المنفرد يكتفي بالتحميد في ظاهر الرواية (¬3). فقد اضطربت النقول في قول الإمام أبي حنيفة في حق المنفرد اضطراباً شديداً، وبعضها موافق لما في الأصل، وبعضها مخالف له. وذلك لا يطعن في صحة المتن، وإنما يدل فقط على اختلاف نسخ الأصل، فقد يكون ذكر في نسخة ما لم يذكر في نسخة أخرى. مسألة أخرى: قال في الأصل: "قلت: فإن مسح رأسه بثلاث أصابع؟ قال: هذا يجزيه" (¬4). وقال الحاكم: "ولا يجزئه مسح الرأس بإصبع أو إصبعين، ويجزيه بثلاثة أصابع، وقال محمد في نوادر إبراهيم بن رستم: إذا مسح خفه بإصبع واحد وأمرّها على خفه لا يجزيه حتى يعيدها ثلاث مرات في الماء، لأنه في المرة الأولى حين أزالها عن موضعها فذلك ماء قد توضأ به، قال: ولو وضع ثلاث أصابع ثم رفعها من غير أن يمرّها أجزأه" (¬5). وقال السرخسي: "ففي الأصل ذكر قدر ثلاثة أصابع، وفي موضعٍ الناصية، وفي موضعٍ ربع الرأس ... ذكر في نوادر ابن رستم أنه إذا وضع ثلاثة أصابع ولم يمرّها جاز في قول محمد -رحمه الله تعالى- في الرأس والخف، ولم يجز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله تعالى- حتى يمرّها بقدر ما تصيب البلّة مقدار ربع الرأس ... " (¬6) ولم أجد في الأصل ذكر الناصية ولا ربع الرأس. لكن ذكر فيه: "قلت: أرأيت رجلًا توضأ فمسح نصف رأسه أو ثلثه أو أقل من ذلك؟ قال: يجزيه" (¬7). فقد يستنبط منه أن الأقل من الثلث هو الربع، لكن لم يذكره صريحاً. ولم يذكره الحاكم في الكافي أيضاً. وقد ذكر الإمام محمد في الآثار مقدار ثلاث أصابع أيضاً (¬8). ¬

_ (¬1) بدائع الصنائع، 1/ 209. (¬2) الهداية، 1/ 49. (¬3) البحر الرائق، 1/ 334. (¬4) انظر: 1/ 7 و. (¬5) الكافي، 1/ 3 ظ. (¬6) المبسوط، 1/ 63، 64. (¬7) انظر: 1/ 9 و. (¬8) الآثار، 17.

وذكر الطحاوي مقدار الناصية (¬1). واستدل الطحاوي بمسح النبي - صلى الله عليه وسلم - لناصيته، وذكر أن ذلك قول الأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬2). وذكر السمرقندي والكاساني أن ظاهر الرواية ثلاث أصابع اليد، وأن الحسن روى عن أبي حنيفة أنه قدّره بالربع، وهو قول زفر، وأن الكرخي والطحاوي ذكرا عن أصحابنا مقدار الناصية، واستدلا لظاهر الرواية بأن ثلاثة أصابع هي أكثر آلة المسح (¬3). مثال آخر: قال في الأصل: "قلت: فإن مسح على الجرموقين وقد كان لبس خفيه على وضوء ثم نزع أحد الجرموقين؟ قال: عليه أن يخلع الجرموق الثاني ويمسح على خفيه، إذا انتقض بعض المسح انتقض كله. قلت: لم؟ قال: ألا ترى أنه إذا وجب عليه غَسل إحدى قدميه وجب عليه غَسل الأخرى" (¬4). لكن في نسختي حلب ويوزغات: قال: عليه أن يمسح على الجرموق الباقي لأن المسح إذا انتقض بعضه انتقض كله. وقد ذُكر هذان القولان المختلفان في المبسوط للسرخسي. قال الحاكم: "واذا مسح على الجرموقين ثم نزع أحدهما مسح على الخف وعلى الجرموق الباقي، لأنه إذا انتقض بعض مسحه انتقض جميعه" (¬5). وقال السرخسي بعد نقل كلام الحاكم: "وفي بعض روايات الأصل قال: ينزع الجرموق الثاني ويمسح على الخفين ... ووجه ما ذكر في بعض النسخ أن نزع أحد الجرموقين كنزعهما جميعاً كما إذا خلع أحد الخفين يكون كخلعهما، ووجه ظاهر الرواية أنه في الابتداء لو لبس الجرموق على أحد الخفين كان له أن يمسح عليه وعلى الخف الباقي، فكذلك إذا نزع أحد الجرموقين، إلا أن حكم الطهارة في الرجلين لا يحتمل التجزيء، فإذا انتقض في أحدهما بنزع الجرموق ينتقض في الآخر، فلهذا مسح على الخف الظاهر وعلى الجرموق ¬

_ (¬1) مختصر الطحاوي، 18. (¬2) شرح معاني الآثار، 1/ 30 - 31. (¬3) تحفة الفقهاء، 1/ 9 - 10؛ وبدائع الصنائع، 1/ 4. (¬4) انظر: 1/ 15 و. (¬5) الكافي، 1/ 5 و.

الباقي" (¬1). وقيل: إن القول المذكور في المتن هنا رواية عن أبي يوسف (¬2). مثال آخر: قال في الأصل: "وقال أبو حنيفة: إذا حُبس رجل في مَخْرَج (أي بيت الخلاء) وهو مقيم في المصر وحضرت الصلاة ولم يقدر على مكان نظيف أن يصلي فيه، ولم يقدر على وضوء ولا على صعيد طيب، فإنه لا يصلي حتى يخرج من ذلك المخرج، ثم يتوضأ ويقضي ما مضى من صلاته. وقال أبو يوسف ومحمد: يصلي في ذلك المكان يُومئ إيماءً بغير وضوء ولا تيمم، فإذا خرج توضأ وقضى ما مضى من صلاته" (¬3). وقد ذكر الحاكم والسرخسي أنه اختلفت الروايات عن محمد -رحمه الله تعالى-، فذكر في الزيادات ونُسَخ أبي حفص -رحمه الله تعالى- من الأصل كقول أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-، وفي نُسَخ أبي سليمان -رحمه الله تعالى- ذكر قوله كقول أبي يوسف -رحمه الله تعالى- (¬4). وذكر في الأصل في مسألة المسافر الذي لا يجد ماءً ولا ما يتيمم به أن قول أبي يوسف أنه يصلي بغير طهور ثم يعيد. ولم يذكر خلافًا لمحمد (¬5). ولم يذكر السرخسي في ذلك خلافًا لمحمد أيضاً (¬6). مثال آخر: قال في الأصل في مسألة معقّدة نوعاً ما: " ... فإن صلاته تامة أيضاً وليس عليه أن يستقبل" (¬7). هكذا ورد في جميع النسخ إلا في نسختي حلب ويوزغات. وقد وردت هذه العبارة في نسختي حلب ويوزغات اعتماداً علي بعض النسخ عنده هكذا: "فإن صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة"؛ لأن الحاكم قال أيضاً: "فصلاته فاسدة. قال: وفي رواية أبي حفص أن صلاته تامة. والأول أشبه بالصواب" (¬8). وقال السرخسي: "وفي رواية أبي حفص قال: صلاته تامة ... ورواية أبي حفص ¬

_ (¬1) المبسوط، 1/ 103؛ وفتح القدير، 1/ 156؛ والبحر الرائق، 1/ 190. (¬2) بدائع الصنائع، 1/ 11؛ وحاشية ابن عابدين، 1/ 270. (¬3) انظر: 1/ 22 و - 22 ظ. (¬4) الكافي، 1/ 6 ظ؛ والمبسوط، 1/ 123. (¬5) انظر: 1/ 19 و. (¬6) المبسوط، 1/ 116. (¬7) انظر: 1/ 31 ظ. (¬8) الكافي، 1/ 9 و.

كأنه غلط وقع من الكاتب؛ لأنه اشتغل بتقسيم ثم أجاب في الفصلين بأن صلاته تامة، وظاهر هذا التقسيم يستدعي المخالفة في الجواب" (¬1). لكن ذكر برهان الدين البخاري أن أبا نصر الصفار ومشايخ العراق صححوا رواية أبي حفص (¬2). مثال آخر: قال في الأصل: "قلت: أرأيت إن دخل معه ونوى الظهر ولم ينو صلاة الإمام فصلَّى معه، فإذا هي الجمعة؟ قال: صلاته فاسدة؛ لأنه لم ينو ما نوى إمامه. إنما أوجب هذا على نفسه غير ما أوجب إمامُه على نفسه" (¬3). قال الحاكم: "وإذا دخل معه في الصلاة ولم ينو صلاة الإمام فصلَّى معه فإذا هي الجمعة فصلاته فاسدة، وفي غير رواية أبي سليمان أنه إذا نوى الظهر فإذا هي الجمعة أو نوى الجمعة فإذا هي الظهر [فصلاته فاسدة]، وهذا هو الصحيح" (¬4). وقال السرخسي: "وفي غير رواية أبي سليمان قال: إذا نوى صلاة الإمام والجمعة فإذا هي الظهر جازت صلاته، وهذا صحيح، فقد تحقق البناء بنية صلاة الإمام، ولا يعتبر بما زاد بعد ذلك، وهو كمن نوى الاقتداء بهذا الإمام وعنده أنه زيد فإذا هو عمرو، وكان الاقتداء صحيحاً، بخلاف ما إذا نوى الاقتداء بزيد فإذا هو عمرو" (¬5). وهذا غير المسألة المذكورة عند الحاكم. فهذه الأمثلة- ولا شك أنها توجد غيرها- تدل على أن روايات كتاب الأصل قد اختلفت فيما بينها في مواضع غير قليلة، ويشهد لذلك كلام الحاكم والسرخسي وغيرهما من الفقهاء الأحناف. وهذه الظاهرة - أي وقوع الاختلاف في الروايات للكتاب الواحد - كثيرة وشائعة. ويمكن أن يكون ذلك ناشئاً من اختلاف رأي المؤلف، حيث يكون على رأي ما فيروي كتابه عنه أحد تلاميذه وهو على هذا الرأي، ثم يغير رأيه في المسألة فيروي عنه تلميذ آخر نفس الكتاب بعد تغير رأي المؤلف. ويمكن أن يكون ذلك من ¬

_ (¬1) المبسوط، 1/ 173. (¬2) المحيط البرهاني، 1/ 461. (¬3) انظر: 1/ 39 و. (¬4) الكافي، 1/ 10 ظ. (¬5) المبسوط، 1/ 208.

د - تراجم رواة كتاب الأصل في النسخ الموجودة اليوم

خطأ الراوي أيضاً. وأحياناً يختلف العلماء في ترجيح بعض الروايات على بعضها الآخر كما تقدم آنفاً. ولكن يمكن القول على وجه العموم بأن رواية أبي سليمان الجوزجاني هي التي لقيت القبول والترجيح، وأنه بقي معظم كتاب الأصل محفوظاً إلى اليوم من روايته. د - تراجم رواة كتاب الأصل في النسخ الموجودة اليوم 1 - موسي بن سليمان أبو سليمان الجوزجاني روى عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن وعبد الله بن المبارك وعمرو بن جميع والقاسم بن معن القيسي، وحماد بن زيد (¬1). وقد أخذ الفقه عن أبي يوسف ومحمد جميعاً، وروى عنهما الكتب والأمالي. كان رفيقاً للمعلي بن منصور في أخذ الفقه ورواية الكتب (¬2). وهو أسن وأشهر من المعلى (¬3). وكان من الورع والدين وحفظ الفقه والحديث بالمنزلة الرفيعة (¬4). ووصفه الذهبي بأنه العلامة الإمام، وبأنه كان صدوقاً محبوباً إلى أهل الحديث (¬5). سكن بغداد، وحدث بها (¬6). روى عنه أحمد بن عطية وأحمد بن مؤمل وعبد الله بن الحسن ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل، 8/ 145؛ والكامل لابن عدي، 3/ 207؛ وأخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 79؛ وتاريخ بغداد، 13/ 36؛ وغنية الملتمس إيضاح الملتبس، 403، والجواهر المضية، 1/ 31، 2/ 186. (¬2) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 161؛ وطبقات الفقهاء، 144؛ والجواهر المضية، 2/ 186. (¬3) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 161؛ والجواهر المضية، 2/ 186. (¬4) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 161. (¬5) سير أعلام النبلاء، 10/ 194. (¬6) تاريخ بغداد، 13/ 36.

الهاشمي وأحمد بن محمد بن عيسى البِرْتي القاضي (¬1) وبشر بن موسى الأسدي وأبو حاتم الرازي وأحمد بن محمد بن نصر وأحمد بن محمد الصيرفي ومحمد بن صالح السهمي ومحمد بن سهل بن عسكر (¬2)، وموسي بن حزام الترمذي (¬3) ومحمد بن سعدان ومحمد بن شاذان الجوهري وأبو عامر عمرو بن تميم ومحمد بن عبدالرحمن الطبري وعلي بن موسى القُمِّي (¬4) والقاسم بن عباد وغيرهم (¬5). وروى عنه كتب محمد خاصة: أحمد بن نصر (¬6)، وأحمد بن محمد بن عيسى البِرْتي القاضي (¬7)، وعلي بن شهريار ¬

_ (¬1) هو أحمد بن محمد بن عيسي بن الأزهر أبو العباس البِرْتي القاضي. ولد سنة نيف وتسعين ومائة. وقد أخذ الفقه عن أبي سليمان الجوزجاني. وروى كتب محمد بن الحسن عن أبي سليمان الجوزجاني. ولي القضاء ببغداد. توفي سنة 280. انظر: أخبار القضاة، 3/ 281، وأخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 164 - 165؛ وتاريخ بغداد، 61/ 5؛ وطبقات الفقهاء، 146؛ وتاريخ الإسلام، 20/ 279 - 280؛ وسير أعلام النبلاء، 13/ 407 - 408؛ والبداية والنهاية، 11/ 69؛ والجواهر المضية، 1/ 88 - 89. وهو منسوب إلي بِرْت، مدينة بنواحي بغداد. انظر: الأنساب، 1/ 308. (¬2) انظر لترجمته: تهذيب الكمال، 25/ 325. (¬3) انظر لترجمته: تهذيب الكمال، 29/ 52. (¬4) انظر لترجمته: الجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 3/ 70. (¬5) الجرح والتعديل، 8/ 145؛ والكامل لابن عدي، 3/ 207؛ وفتح الباب في الكنى والألقاب، 1/ 389؛ وأخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 53. 75، 79، 88،92، 117؛ والانتقاء لابن عبد البر، 133؛ وتاريخ بغداد، 13/ 36، 341، 383؛ وغنية الملتمس إيضاح الملتبس، 403؛ وتاريخ مدينة دمشق، 9/ 171؛ وتاريخ الإسلام، 2/ 503؛ وسير أعلام النبلاء، 8/ 538، 11/ 231؛ والإصابة في تمييز الصحابة، 1/ 204. (¬6) ورواها عنه أحمد بن إسماعيل بن جبريل بن الفيل بن شيبان أبو حامد المقري الصرام. وقد سمع كتب أبي حنيفة وأبي يوسف من أحمد بن نصر عن أبي سليمان الجوزجاني عن محمد. توفي سنة 333، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة. انظر: الإكمال، 7/ 61؛ والجواهر المضية، 1/ 129. (¬7) أخبار القضاة، 3/ 281؛ وأخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 164 - 165؛ وتاريخ بغداد، 13/ 36؛ وطبقات الفقهاء، 146؛ والجواهر المضية، 1/ 88.

الأسترآباذي (¬1)، ويعقوب جد محمد بن أبي سعيد (¬2). وروى عنه الزيادات لمحمد بن الحسن: صفوان بن المغلس (¬3). وروى عنه الجامع الكبير زيد بن أسامة (¬4). وتفقه عليه أيضاً محمد بن أحمد أبو رجاء الجوزجاني الحنفي، قاضي القضاة بنيسابور (¬5)، وأبو بكر أحمد بن إسحاق المعروف بابن صبيح الجوزجاني (¬6)، وأبو يحيى غسان بن محمد بن عبيدالله بن سالم النيسابوري (¬7)، ومحمد بن سلمة (¬8)، ونصير بن يحيى - وقيل: نصر- البلخي (¬9). كان من أسباب محبة أهل الحديث له أنه كان مخالفاً للمعتزلة من الأحناف. فكان يذهب مذهب أهل السنَّة في القرآن (¬10)، وكان يكفر القائلين بخلق القرآن (¬11). وكان أبو سليمان الجوزجاني ومعلي بن منصور الرازي يقولان: "ما تكلم أبو حنيفة ولا أبو يوسف ولا زفر ولا محمد ولا أحد من أصحابهم في القرآن، وإنما تكلم في القرآن بشر المريسي وابن أبي دؤاد، فهؤلاء شانوا أصحاب أبي حنيفة" (¬12). قال أبو حاتم: "كان صاحب رأي، وكان صدوقاً" (¬13). ¬

_ (¬1) هو علي بن شهريار الأسترآباذي، كان من أصحاب الرأي ثقة في الحديث. أخذ كتب محمد بن الحسن عن أبي سليمان الجوزجاني عنه، وسمعوا منه كتب محمد بن الحسن. انظر: تاريخ جرجان، 1/ 533؛ والجواهر المضية، 1/ 363. (¬2) الجواهر المضية، 1/ 143. ومحمد بن أبي سعيد هو أستاذ أبي جعفر الهندواني. انظر: الجواهر المضية، 2/ 37. (¬3) شرح مشكل الآثار، 7/ 227، 12/ 192 - 193. (¬4) الجواهر المضية، 1/ 136، 246. (¬5) الأنساب، 2/ 117؛ وتاريخ الإسلام، 21/ 249 - 250؛ والجواهر المضية، 2/ 29. (¬6) الجواهر المضية، 1/ 60. (¬7) الجواهر المضية، 1/ 404. (¬8) الجواهر المضية 2/ 56 , 68. (¬9) الجواهر المضية، 2/ 200. (¬10) تاريخ بغداد، 13/ 36. (¬11) الجرح والتعديل، 8/ 145. (¬12) تاريخ بغداد، 13/ 383. (¬13) الجرح والتعديل، 8/ 145.

ويدل على ورعه وقلة طمعه في المال والجاه والمنصب امتناعه عن تولي القضاء لما عرض الخليفة المأمون (ت. 218) عليه ذلك. وتفصيل القصة كما يلي: "أحضر المأمون موسي بن سليمان ومعلى الرازي، فبدأ بأبي سليمان لسنه وشهرته بالورع، فعرض عليه القضاء. فقال: يا أمير المؤمنين، احفظ حقوق الله في القضاء ولا تول على أمانتك مثلي، فإني والله غير مأمون الغضب، ولا أرضى نفسي لله أن أحكم في عباده. قال: صدقت، وقد أعفيناك. فدعا له بخير. وأقبل على معلى، فقال له مثل ذلك. فقال: لا أصلح. قال: ولِمَ؟ قال: لأني رجل أداين فأبيت مطلوباً وطالباً. قال: نأمر بقضاء دينك وتقاضي ديونك، فمن أعطاك قبلناه ومن لم يعطك عوضناك ما لك عليه. قال: ففي شكوك في الحكم وفي ذلك تلف أموال الناس. قال: يحضر مجلسك أهل الدين إخوانك فما شككت فيه سألتهم عنه، وما صح عندك أمضيته. قال: أنا أرتاد رجلاً أوصي إليه من أربعين سنة، ما أجد من أوصي إليه، فمن أين أجد من يعينني على قضاء حقوق الله الواجبة علي حتى أئتمنه على دينك وديني. فأعفاه" (¬1). وكان الجوزجاني مقدراً لما يرويه من كتب محمد بن الحسن وآراء أبي حنيفة. فقد روى أحمد بن عطية قال: حدثنا أبو سليمان الجوزجاني قال: "قال لي محمد بن عبد الله قاضي البصرة: نحن أبصر بالشروط من أهل الكوفة. قلت: الإنصاف بالعلماء أحسن، وإنما وضع هذا أبو حنيفة، فزدتم شيئاً ونقصتم وحسنتم تلك الألفاظ، ولكن هاتوا شروطكم وشروط أهل الكوفة قبل أبي حنيفة. فسكت، وقال: التسليم للحق أولى" (¬2). وقد كان هناك إقبال كبير على فقه الإمام أبي حنيفة، خصوصاً بعد تولي أبي يوسف قضاء القضاة في الدولة العباسية. وكان أبو سليمان الجوزجاني الراوية الصدوق والجامع لعلم أبي حنيفة راوياً لذلك عن أبي ¬

_ (¬1) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 161؛ وتاريخ بغداد، 13/ 36؛ والمنتظم، 10/ 246، وسير أعلام النبلاء، 10/ 194 - 195؛ والجواهر المضية، 2/ 186. (¬2) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 1/ 88.

يوسف ومحمد. لكن كان في المقابل محاولات لأهل الحديث في الحد من هذا الإقبال. قال يحيي بن صالح الوُحاظي (¬1): "كنت عند أبي سليمان فجاءه كتاب أحمد بن حنبل يذكر فيه: لو تركت رواية كتب أبي حنيفة أتيناك فسمعنا كتب عبد الله بن المبارك" (¬2). ويحكي موسي بن حزام الترمذي يقول: "كنت أختلف إلى أبي سليمان الجوزجاني في كتب محمد، فاستقبلني أحمد بن حنبل، فقال: إلى أين؟ قلت: إلى أبي سليمان. فقال: العجب منكم، تركتم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يزيد عن حميد عن أنس، وأقبلتم على ثلاثة إلى أبي حنيفة -رحمه الله-، أبو سليمان عن محمد عن أبي يوسف عنه. قال: فانحدرت إلى يزيد بن هارون" (¬3). لكن مع هذا تقدم أن الإمام أحمد قد استفاد المسائل الدقيقة من كتب الإمام محمد. فكان الأخذ والعطاء مستمراً بين العلماء وإن كانوا مختلفين في المنهج على وجه العموم. ويذكر الفقهاء الأحناف أبا سليمان الجوزجاني في كتبهم كثيراً، وينقلون عنه أقوالاً وتخريجات في المذهب (¬4). قال الذهبي: وله تصانيف (¬5). وقال القرشي: من تصانيفه السير الصغير ¬

_ (¬1) هو يحيي بن صالح الوُحاظي الحمصي. من أهل الرأي والحديث. سمع مالكاً ومحمد بن الحسن وغيرهما. وكان عديل محمد بن الحسن في الرحلة إلى مكة. توفي سنة 222. قال يحيى: قدم علينا أحمد بن حنبل هاهنا يعني حمص فكتب عن الصبيان وترك المشايخ، وذلك أنه لما قدم حمص وجه إلى يحيى: إن تركت الرأي أتيتك، وذلك أن يحيى كان يسمع كتب أهل الرأي، وكان يذهب مذهبهم، فلم يأته أحمد. انظر: طبقات الحنابلة، 1/ 402. (¬2) طبقات الحنابلة، 1/ 402. (¬3) سير أعلام النبلاء، 11/ 231. (¬4) انظر مثلاً لمسألة في الفرائض: الجواهر المضية، 2/ 259 - 260. وانظر من كتب الفقه مثلاً: المبسوط، 1/ 2، 9، 91، 123، 144، 179، 208، 230، 231، 241؛ 2/ 147؛ 3/ 7؛ 6/ 112؛ 7/ 21، 146، 165؛ 10/ 217، 219؛ 11/ 20؛ 12/ 154؛ 17/ 43، 73، 131، 150؛ 18/ 10, 91، 149، 150، 151؛ 21/ 162؛ 26/ 143؛ 27/ 57؛ 28/ 206؛ 30/ 23، 25، 26، 244. (¬5) سير أعلام النبلاء، 10/ 195.

2 - أحمد بن حفص

وكتاب الصلاة وكتاب الرهن (¬1). ولكن ذكر ابن النديم أنه لا مصنف له، وإنما روى كتب محمد بن الحسن (¬2). ويظهر أن السير الصغير وكتاب الصلاة وكتاب الرهن مما رواه الجوزجاني عن محمد بن الحسن. فإن هذه الكتب أقسام من كتاب الأصل. ويمكننا أن نضيف إلى مروياته نوادر أبي سليمان. وهي أيضاً مروية عن محمد، لكنها غير ظاهر الرواية. وينقل عنها السرخسي (¬3). كما يوجد قسم منها في نسخة الأصل التي في يدنا. وهي نوادر الصوم (¬4). وعزا له كاتب جلبي كتاب الحيل (¬5). لكن لم نقف على ما يؤيد هذه النسبة. وقد تكون له تصانيف لم يصلنا أسماؤها، فإن له آراء ذكرها الفقهاء الأحناف في كتبهم كما أشرنا إلى ذلك آنفاً. وقد توفي بعد المائتين (¬6). 2 - أحمد بن حفص هو أبو حفص البخاري الفقيه العلَّامة، شيخ ما رواء النهر، فقيه المشرق. ولد سنة 150. ارتحل في طلب العلم، وصحب محمد بن الحسن مدة، وبرع في الرأي. وسمع الحديث من وكيع بن الجراح وأبي أسامة وهشيم بن بشير وجرير بن عبد الحميد وهذه الطبقة. واشتهر بفقهه وورعه وعمله حتى عده بعضهم من المجددين على رأس المائة الثانية. وكان على معرفة وصلة بإسماعيل والد الإمام محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح. وكانت بينه وبين محمد بن سلام البيكندي الحافظ مودة وأخوة مع مخالفة كل واحد منهما للآخر في المذهب، أي أن هذا من أهل الرأي ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 2/ 186 - 187. (¬2) الفهرست، 290. (¬3) انظر: المبسوط، 1/ 179، 222، 230، 231، 241، 2/ 13، 15، 16، 40، 45، 66، 73؛ 3/ 209. (¬4) انظر: 1/ 153 ظ- 155 ظ، 156 و -157 و. (¬5) كشف الظنون، 2/ 1415. (¬6) الجواهر المضية (بتحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 5183. وقد حرفت في الطبعة القديمة إلي "الثمانين". انظر: الجواهر المضية، 2/ 186.

وذاك من أهل الحديث. ولم يشتغل أبو حفص برواية الحديث، فقلت الرواية عنه لذلك (¬1). وهو معروف عند الحنفية بأبي حفص الكبير (¬2). وقد انتهت إليه رئاسة الأحناف ببخارى (¬3). وذكر السرخسي وغيره أنه قدم محمد بن إسماعيل البخاري بخارى في زمن أبي حفص الكبير وجعل يفتي، فنهاه أبو حفص وقال: لست بأهل له. فلم ينته حتى سئل عن صبيين شربا من لبن شاة أو بقرة، فأفتي بثبوت الحرمة، فاجتمع الناس عليه وأخرجوه من بخارى (¬4). لكن استبعد اللكنوي وقوع هذه القصة بالنسبة إلى جلالة قدر البخاري ودقة فهمه مما لا يخفى على من طالع صحيح البخاري (¬5). وقد روى أبو حفص كتاب الحيل عن الإمام محمد (¬6). لكن الجوزجاني كان ينكر نسبة كتاب الحيل إلى الإمام محمد (¬7). ومع ذلك فقد قبله الحاكم والسرخسي وأدخلاه في كتابيهما. وأبو حفص ليس راوي كتاب الحيل في النسخ التي بأيدينا. وقد روى أبو حفص كتاب الأصل عن الإمام محمد، واشتهرت روايته. وقد روي عن الإمام محمد أنه قال: "لم يحمل عني هذا الكتاب أحد أصح مما احتمله البخاري، ولم يستقص أحد مثل استقصائه" (¬8). وأخذ الفقه عنه جماعة لا يحصون ببخارى ونواحيها (¬9). ومن بينهم ابن محمد، وستأتي ترجمته. وقد بقي جزء كبير من كتاب الأصل مروياً من طريقه في النسخ التي بأيدينا. وعول على روايته الحاكم والسرخسي في كثير من المواضع، لكنها تأتي في الدرجة الثانية بعد رواية ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء، 10/ 157 - 159؛ وتاريخ الإسلام للذهبي، 15/ 39 - 41. (¬2) الجواهر المضية، 1/ 67. (¬3) سير أعلام النبلاء، 12/ 619. (¬4) المبسوط، 297/ 30؛ والجواهر المضية، 1/ 67؛ وفتح القدير، 3/ 457. (¬5) الفوائد البهية، 18 - 19. (¬6) المبسوط، 30/ 297؛ وفتح الباري، 12/ 331. (¬7) المبسوط، 30/ 209. (¬8) مناقب أبي حنيفة للكردري، 425. (¬9) الجواهر المضية، 1/ 67.

3 - داود بن رشيد

أبي سليمان الجوزجاني. وروى أبو حفص أيضاً نوادر عن الإمام محمد (¬1). كما أن له فتاوى أبي حفص الكبير (¬2)، وفوائد أبي حفص الكبير (¬3). ويذكر الفقهاء الأحناف أقواله في كتب المذهب (¬4). وله اختيارات يخالف فيها جمهور الحنفية (¬5). وكان له مسجد ينسب إليه، حتى إن بعض علماء الأحناف استدل على اختيار الإخفاء في قنوت الوتر للمنفرد بأن ذلك هو المتوارث في مسجد أبي حفص الكبير (¬6). وقد نقلت عنه بعض الأقوال في الزهد والتصوف (¬7). مات أبو حفص ببخارى في المحرم سنة 217 (¬8). وكان قبره معروفًا ببخارى يزار، ويسمى التل المدفون عنده بتل أبي حفص الكبير (¬9). وقد استمر نسله من بعده في خدمة الفقه والعلم حتى القرن الرابع الهجري، وربما بعد ذلك أيضاً (¬10). 3 - داود بن رشيد هو أبو الفضل الهاشمي مولاهم، أصله خوارزمي من أهل خراسان. ولد في حدود سنة 159. وهو من أصحاب محمد بن الحسن، ومن ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: بدائع الصنائع، 1/ 184. (¬2) البحر الرائق، 2/ 308. (¬3) كشف الظنون، 2/ 1294؛ وحاشية ابن عابدين، 4/ 534. (¬4) انظر مثلاً: المبسوط، 1/ 70؛ 3/ 176؛ والفتاوى الهندية، 1/ 92، 123؛ 2/ 263، 269؛ 5/ 299؛ 6/ 143. (¬5) الفوائد البهية، 18. منها أن نية الإمامة للإمام شرط للاقتداء، وهذا اختيار الكرخي والثوري وإسحاق وأحمد في المشهور. انظر: نفس المصدر. (¬6) فتح القدير، 1/ 438. (¬7) شعب الإيمان للبيهقي، 7/ 218؛ وإغاثة اللهفان لابن قيم الجوزية، 1/ 125. (¬8) سير أعلام النبلاء، 10/ 175 - 159؛ وتاريخ الإسلام للذهبي، 15/ 39 - 41. (¬9) التحبير في المعجم الكبير، 1/ 71؛ 2/ 182، والجواهر المضية، 2/ 93؛ والضوء اللامع، 2/ 195. (¬10) فمن أحفاده محمد بن أحمد البخاري (ت.373). قال الحاكم النيسابوري: كانت الفتوى والرئاسة في بيوتهم من وقت محمد بن الحسن. انظر: الجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 3/ 59.

4 - محمد بن هارون الأنصاري

أصحاب حفص بن غياث أيضاً. سكن بغداد. رحل في طلب الحديث، وروى عن جماعة كثيرين. وروى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وغيرهم. وهو محدث ثقة مشهور نبيل كثير الحديثد وكان صاحب عبادة وتهجد. وله نوادر في الفقه الحنفي. وله جزء في الحديث يعرف باسمه. عمي في آخر عمره. مات ببغداد يوم الجمعة لسبع خلون من شعبان سنة 239 (¬1). وهو راوي كتاب العشر عن محمد بن الحسن. 4 - محمد بن هارون الأنصاري هو راوي كتاب الحيل عن محمد بن الحسن. وأظن أنه أبو عبدالرحمن موسي بن هارون الأنصاري القُهُنْدُزي البخاري، كان من أهل العلم. روى عن عبد الله بن المبارك (ت. 181) وسفيان بن عيينة والفضيل بن عياض وغيرهم، وروى عنه سعيد بن جناح وأسباط بن اليسع (ت. 263) البخاريان (¬2). ولم نستطع الجزم بذلك؛ لأن المصادر التي ترجمت له لم تذكر أن له رواية عن محمد بن الحسن. 5 - عبد الله هو راوي كتاب الشرب عن محمد بن الحسن. ولم يذكر اسمه صريحاً. لكن في أول كتاب الشرب: "أخبرنا أبو عبد الله -رحمه الله- قال: حدثني حمدان بن عبد الله قال: أخبرني أبي -رحمه الله- عن محمد بن الحسن". ولم أستطع تعيينه. وهناك عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي (¬3) روى ¬

_ (¬1) الطبقات الكبرى، 7/ 349؛ والتاريخ الكبير للبخاري، 3/ 244؛ والجرح والتعديل لابن أبي حاتم، 3/ 412؛ وتاريخ بغداد، 8/ 367؛ والتعديل والتجريح لأبي الوليد الباجي، 2/ 565؛ وتاريخ دمشق، 17/ 135؛ واللباب في تهذيب الأنساب، 1/ 467؛ وتهذيب الكمال، 8/ 388؛ والعبر للذهبي، 1/ 429؛ وسير أعلام النبلاء، 11/ 133؛ والوفيات لمحمد بن رافع السلامي، 2/ 378؛ والجواهر المضية، 1/ 237؛ وتهذيب التهذيب، 3/ 159 وشذرات الذهب، 2/ 91؛ وكشف الظنون، 2/ 1981. (¬2) الأنساب، 4/ 566؛ ومعجم البلدان، 4/ 419؛ واللباب في تهذيب الأنساب، 3/ 66. (¬3) وقال الذهبي: الدبوسي. انظر: العلو للعلي الغفار، 153. وذكر السمعاني في إسناد رواية أخرى عبد الله بن أبي حنيفة الدبوسي. انظر: الأنساب، 4/ 127. ولعله الأصح.

6 - زياد بن عبد الرحمن

عن محمد بن الحسن كلاماً في العقائد (¬1). وكذلك روى عن محمد بن الحسن كلاماً له في العقائد عبدالله بن عثمان، ولقبه: عبدان، كان شيخ مرو في زمانه (¬2). وهو محدث مشهور يروي كتب ابن المبارك وغيره. ووثقه المحدثون. توفي سنة 220 (¬3). ومن المحتمل أن يكون أبو عبد الله المذكور في أول السند هو محمد بن أحمد بن حفص الآتية ترجمته، ويكون أبو عبد الله هذا روى كتاب الشرب عن حمدان بن عبد الله عن أبيه أي أحمد بن حفص، وليس أبا حمدان. وحينئذٍ لا يكون هناك وجود لراو اسمه عبد الله لكتاب الشرب. وهو وإن كان احتمالاً بعيداً إلا أن كنية أبي عبد الله مستعملة عدة مرات في أسانيد الكتاب مقصوداً به محمد بن أحمد بن حفص، وهو يروي الكتب عن أبيه أحمد بن حفص. لكنه قد يكون روى كتاب الشرب بواسطة حمدان بن عبد الله عن أبيه، لأنه لم يكن سمعه من والده أو بسبب آخر. 6 - زياد بن عبد الرحمن وهو راوي كتاب الزكاة عن أبي سليمان. لعله زياد بن عبدالرحمن أبو محمد النيسابوري، وهناك محلة بنيسابور تنسب إليه. رحل إلى الكوفة، وروى الحديث. ولم يذكر الذهبي أي علاقة له بالفقه. توفي سنة 247 (¬4). ويحتمل أن يكون القائل: حدثنا زياد بن عبد الرحمن هو حامد بن محمود بن معقل النيسابوري، حيث يذكر القرشي أنه كان يروي كتب محمد بن الحسن عن زياد بن عبد الرحمن عن أبي سليمان موسى الجوزجاني عن محمد بن الحسن، وأنه روى عنه أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه شيخ الحنفية بنيسابور، وأنه توفي سنة 319 (¬5). ¬

_ (¬1) اعتقاد أهل السنَّة للالكائي، 3/ 432. (¬2) الغنية عن الكلام للخطابي، 33. (¬3) تهذيب التهذيب، 5/ 274. (¬4) تاريخ الإسلام، 18/ 276. (¬5) الجواهر المضية، 1/ 183.

7 - أبو جعفر محمد بن سعدان

7 - أبو جعفر محمد بن سعدان وهو راوي كتاب الصوم عن أبي سليمان. ولم أجد بين الفقهاء الحنفية من اسمه محمد بن سعدان في هذه الطبقة. وقد روى محمد بن سعدان عن أبي سليمان منقبة لأبي حنيفة، وأخرى لأبي يوسف (¬1). وهناك أبو جعفر محمد بن سعدان الكوفي، من علماء القراءات والنحو، توفي سنة 231 (¬2). وأبو جعفر محمد بن سعدان البزاز، من المحدثين، توفي سنة 277 (¬3). لكن لا نستطيع الجزم بأن أحدهما هو المذكور في السند، وإن كان الأول أقرب احتمالاً. 8 - أبو بكر محمد بن عثمان وهو راوي كتاب الصوم عن أبي جعفر محمد بن سعدان عن أبي سليمان؛ وكتاب الصرف عن أبي عبد الله محمد بن عمار الكريبي عن أبي سليمان. ولم أستطع تعيينه، وإن كان يوجد عدد من العلماء والرواة على هذا الاسم والكنية في كتب التراجم. يمكن أن يذكر منهم أبو بكر محمد بن عثمان النحوي الملقب بالجعد (ت.288) (¬4)، وأبو بكر محمد بن عثمان الإمام القارئ (ت. 358) (¬5)، وأبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان المعدّل الحافظ (ت. قبل 330) (¬6). 9 - أبو الحسن محمد بن الحسن وهو راوي كتاب الصوم عن أبي بكر محمد بن عثمان عن أبي جعفر ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 13/ 341؛ وسير أعلام النبلاء، 8/ 538. (¬2) الفهرست، 204؛ وتاريخ بغداد، 5/ 324؛ والبلغة، 197. (¬3) تاريخ بغداد، 5/ 325. (¬4) تاريخ بغداد، 3/ 47؛ ونزهة الألباب في الألقاب لابن حجر، 1/ 172. (¬5) مولد العلماء ووفياتهم للربعي، 2/ 638. (¬6) سؤالات السلفي، 112. وانظر لأشخاص على نفس الاسم والكنية مثلاً: تاريخ بغداد، 3/ 47 - 49، 52.

10 - أبو عصمة

محمد بن سعدان عن أبي سليمان. ولم أستطع تعيينه وإن كان يوجد عدد من العلماء والرواة على هذا الاسم في كتب التراجم. فمثلاً من الممكن أن يُذكر منهم أبو الحسن محمد بن الحسن بن أبي الشوارب قاضي بغداد (ت. 347) (¬1)، وأبو الحسن محمد بن الحسن النيسابوري الحافظ (ت. 355) (¬2)، وأبو الحسن محمد بن الحسن الحنفي الكوفي من شيوخ أبي نعيم الأصبهاني (ت. 430) (¬3). 10 - أبو عصمة وهو راوي كتابي التحري والحجر عن أبي سليمان. هو سعد بن معاذ المروزي، روى عن أبي سليمان، وروى عنه أبو أحمد نبهان بن إسحاق بن مقداس (ت. 310). وذكر صاحب الهداية في الغصب والكراهية أبا عصمة هذا بالكنية، ولعله سعد بن معاذ هذا. وقد صرح حافظ الدين النسفي والسغناقي في شرحيهما على الهداية في الكراهية بأنه سعد بن معاذ المروزي هذا، وأما في الغصب فصرح السغناقي بأنه المروزي، ولم يذكر الاسم، ولعله هو سعد بن معاذ هذا. والمروزي أيضاً يقال لأبي عصمة نوح بن أبي مريم صاحب الإمام، لكن الظاهر أنه سعد بن معاذ (¬4). وذكر القرشي أيضاً أنه روى عنه محمد بن أحمد بن موسي بن سلام أبو جعفر القاضي البخاري البَرْكَدي (ت. 289) (¬5). وروى أبو عصمة عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قصة ذكرها الخطيب (¬6). وله أقوال وروايات ذكرها السرخسي وغيره ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد، 2/ 200. (¬2) سير أعلام النبلاء، 16/ 66؛ وتذكرة الحفاظ، 3/ 885. (¬3) يروي عنه أبو نعيم في المسند الذي جمعه لأبي حنيفة، انظر: مسند أبي حنيفة، 196، 238، 245. وانظر لأشخاص على نفس الاسم والكنية مثلاً: تاريخ بغداد، 209/ 2، 216، 231. (¬4) الجواهر المضية، 2/ 257 - 258. (¬5) الجواهر المضية، 2/ 25 - 26. (¬6) تاريخ بغداد، 2/ 174.

11 - أبو عبد الله محمد بن عمار الكريبي

من الفقهاء الأحناف في كتبهم (¬1). 11 - أبو عبد الله محمد بن عمار الكريبي وهو راوي كتاب الصرف عن أبي سليمان. ولم أجد محمد بن عمار الكريبي في كتب التراجم. لكن هناك من المحدثين محمد بن عمار بن فروخ بن شبيب، أبو عبد الله البغدادي، حدث بحلب عن الحسن بن عرفة (ت. 257)، روى عنه أحمد بن إسحاق بن محمد بن يزيد القاضي الحنفي (ت. 360) (¬2)، فلعله هو. وذكر القرشي في ترجمة أبي عمرو الطبري أنه جُمع بين داود بن علي الأصفهاني (ت. 270) وبين محمد بن علي بن عمار الكريبي ببغداد في مسجد الجامع يتناظران في خبر الواحد، وكان الكريبي ينفي العمل به ... (¬3). وقد ينسب الرجل إلى جده أحياناً كما هو معروف. 12 - أبو عبد الله وهو راوي كتب الصيد والوصايا والحوالة والكفالة والصلح عن أبيه أحمد بن حفص. هو محمد بن أحمد بن حفص بن الزبرقان البخاري مولى بني عجل، عالِم ما وراء النهر، شيخ الحنفية. تفقه بوالده العلَّامة أبي حفص الكبير. قال أبو عبدالله بن منده: كان عالِم أهل بخارى وشيخهم. ولما أُخرج الإمام محمد بن إسماعيل البخاري من بخارى بسبب مسألة اللفظ (أي قوله: لفظي بالقرآن مخلوق) أخرجه محمد بن أحمد بن حفص إلى بعض رباطات بخارى، فبقي هناك لفترة. قال ابن منده: نسخة كتاب أبي عبدالله بن أبي ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: المبسوط، 1/ 71، 176، 192، 2/ 39، 3/ 148، 149، 4/ 221، 7/ 140، 141، 10/ 146، 12/ 98، 99، 15/ 49؛ وتحفة الفقهاء، 1/ 223؛ وبدائع الصنائع، 1/ 40، 217، 226، 277؛ والهداية، 4/ 17، 4/ 84؛ وفتح القدير، 1/ 78، 175، 176؛ والبحر الرائق، 1/ 79، 219، 392، 8/ 134؛ وحاشية ابن عابدين، 1/ 285. (¬2) تاريخ بغداد، 3/ 141. وانظر لترجمة أحمد بن إسحاق: الجواهر المضية، 1/ 60. (¬3) الجواهر المضية، 1/ 111.

13 - أبو سهل محمد بن عبد الله بن سهل بن حفص

حفص في الرد على اللفظية: الحمد لله الذي حمد نفسه وأمر بالحمد عباده ... فسرد كتاباً في ذلك. وكان قد ارتحل لسماع الحديث، وسمع من أبي الوليد الطيالسي والحميدي وأبي نعيم عارم ويحيى بن يحيى والتبوذكي وعبد الله بن رجاء وطبقتهم، ورافق البخاري في الطلب مدة. وروى عنه أبو عصمة أحمد بن محمد اليشكري وعبدان بن يوسف وعلي بن حسن بن عبدة وطائفة، آخرهم وفاة أحمد بن خالد البخاري. وله كتاب الأهواء والاختلاف. وكان ثقةً إماماً ورعاً زاهداً ربانياً صاحب سنَّة واتباع. وأبو نعيم هو أكبر شيوخه في الحديث. وكان يقول بتحريم النبيذ المسكر. وانتهت إليه رئاسة الأحناف ببخارى بعد والده وتفقه عليه أئمة. توفي في رمضان سنة 264 (¬1). 13 - أبو سهل محمد بن عبد الله بن سهل بن حفص وهو راوي كتاب الوصايا عن محمد بن أحمد بن حفص عن أبيه. ولم أجد ترجمة لأبي سهل، لكنه يتكرر ذكره بين أسماء رواة الحديث (¬2). 14 - سعيد وهو راوي كتاب السرقة عن أبي سليمان. ولعله تحريف سعد، وهو سعد بن معاذ المروزي أبو عصمة الذي تقدم قريباً. 15 - حمدان بن عبد الله وهو راوى كتاب الشرب عن أبيه عن محمد بن الحسن. ولم أقف عليه. 16 - أبو عبد الله وهو راوي كتاب الشرب عن حمدان بن عبد الله عن أبيه. ولم أقف عليه. ومن المحتمل أن يكون أبو عبد الله هذا هو محمد بن أحمد بن حفص ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء، 12/ 618 - 619. (¬2) انظر مثلاً: تاريخ بغداد، 4/ 184، 9/ 84؛ والإكمال لابن ماكولا، 2/ 178، 4/ 45.

17 - أبو نصر زكريا بن يحيى

السابق ذكره (¬1). 17 - أبو نصر زكريا بن يحيى وهو راوي كتاب العقل، واسمه مذكور في آخر كتاب العقل، حيث ذكر في أواخر كتاب العقل أن كتاب أبي نصر زكريا بن يحيى انتهى، وأن الباقي زيادة في كتاب ابن سنان. ولم أجد له ترجمة. لكن ذكر القرشي أبا يحيى زكريا بن يحيى بن الحارث الإمام النيسابوري المزكي البزار الفقيه، أحد مشايخ الحنفية الكبار، وأحد العباد. سمع إسحاق بن راهويه بخراسان وغيره. قال الحاكم في تاريخ نيسابور: حُدثنا عنه، وله تصانيف كثيرة في الحديث. مات يوم السبت لخمس ليال بقين من ربيع الاَخر سنة 298 (¬2). فقد يكون هو. وأبو نصر يمكن أن يكون محرفاً من أبي يحيى. وذكر ابن نجيم قولاً لأبي نصر بن يحيى في مسألة في الوصايا (¬3). وهناك أبو سعيد يحى بن زكريا بن أبي زائدة الهمداني الوادعي مولاهم الكوفي (ت. 183)، من أصحاب الإمام أبي حنيفة، وكان يكتب كتب أبي حنيفة لأصحابه لمدة ثلاثين سنة (¬4). وكان من حفاظ المحدثين الثقات، روى له الستة. وتولى القضاء بالمدائن (¬5). فهو من أقران الإمام محمد. 18 - ابن سنان وهو راوي كتاب العقل، واسمه مذكور في آخر كتاب العقل. ولم أستطع تعيينه. ومن الأحناف جماعة أسماؤهم ابن سنان ذكرهم القرشي، وأكثرهم من عائلة واحدة (¬6). فمنهم إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان ¬

_ (¬1) وانظر ما تقدم قريباً عند الراوي المسمى عبد الله. (¬2) الجواهر المضية، 1/ 145. (¬3) البحر الرائق، 8/ 479. (¬4) الجواهر المضية، 1/ 140. (¬5) تهذيب التهذيب، 11/ 183. (¬6) انظر: الجواهر المضية، 1/ 57، 173، 240، 369، 382، 411، 2/ 148، 187، 207، 222، 234.

19 - أبو ساهر

الأنباري البغدادي، أخذ الفقه عن الحسن بن زياد والهيثم بن موسى صاحب أبي يوسف. وهو صاحب حديث أيضاً. له المسند، وكتاب في القراءات. وله في الفقه كتاب المتضاد. توفي سنة 252 (¬1). وابنه أحمد بن إسحاق، فقيه حنفي، ومحدث ثقة، تولى القضاء بالأنبار وبمدينة المنصور من بغداد، توفي سنة 319 (¬2). 19 - أبو ساهر وهو راوي كتاب الحيل عن محمد بن هارون الأنصاري عن محمد بن الحسن. لم أجد له ترجمة. وقد يكون محرفاً من أبي طاهر كنية أسباط بن اليسع البصري، نزيل بخارى. روى عن محمد بن هارون الأنصاري وأحمد بن حفص وغيرهما. وروى عنه حامد بن بلال المؤدب وغيره. توفي سنة 263 (¬3). 20 - محمد بن حمدان وهو راوي كتاب الحيل عن أبي ساهر عن محمد بن هارون الأنصاري عن محمد بن الحسن. ولم أستطع تعيينه. وقد ذكر القرشي أبا بكر محمد بن حمدان السويحي خلال ترجمة شخص آخر (¬4). لكنه ليس من هذه الطبقة على ما يظهر. لأنه يذكر أن شمس الأئمة الحلواني يروي عنه. والحلواني توفي سنة 448. فهو بعيد عن هذه الطبقة. وقد ترجم الخطيب البغدادي لجماعة أسماؤهم محمد بن حمدان (¬5). وليس من بينهم من هو منسوب إلى الأحناف. وهناك محمد بن حمدان الطيالسي روى عن أحمد بن الصلت عن ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 1/ 137. (¬2) أطال الخطيب في ترجمته. انظر: تاريخ بغداد، 4/ 30 - 33. ونقل ذلك القرشي. انظر: الجواهر المضية، 1/ 57 - 59. (¬3) فتح الباب في الكنى والألقاب لابن منده، 453؛ وتهذيب الكمال، 2/ 360؛ وتهذيب التهذيب، 1/ 186. (¬4) الجواهر المضية، 2/ 103. (¬5) تاريخ بغداد، 2/ 286 - 288.

21 - محمد بن حمدان

بشر بن الوليد عن أبي يوسف (¬1) 21 - محمد بن حمدان وهو راوي كتاب المزارعة عن أبي سليمان. ويمكن أن يكون هو الذي قبله، لكن الأظهر أنه شخص آخر، لأن طبقة هذا أقدم من الذي قبله. 22 - أبو مطيع وقد مر ذكر اسمه في أواخر كتاب الشهادات، حيث قيل هناك: لم يرو أبو مطيع من هاهنا. أي أنه لم يرو باقي كتاب الشهادات إلى آخره. وهذا يشبه ما ذكر في أواخر كتاب العقل، حيث ذكر هناك أن كتاب أبي نصر زكريا بن يحيى انتهى، وأن الباقي زيادة في كتاب ابن سنان (¬2). ولم نستطع تعيين أبي مطيع هذا. فهناك أبو مطيع البلخي (ت. 199)، واسمه الحكم بن عبد الله، وكان قاضي بلخ ست عشرة سنة، وهو من تلاميذ أبي حنيفة، وراوي كتاب الفقه الأكبر عنه، وكان ابن المبارك يجله (¬3). لكن لم تذكر المصادر أن له رواية عن محمد بن الحسن أو أبي يوسف. وهناك أبو مطيع النسفي مكحول بن الفضل (ت. 308)، من فقهاء الأحناف المحدّثين. وقيل بأن اسمه محمد بن الفضل ومكحول لقبه. وصفه الذهبي بأنه: الحافظ الرحال الفقيه، صاحب كتاب اللؤلؤيات في الزهد والآداب. روى عن داود الظاهري وأبي عيسى الترمذي وعبد الله بن أحمد بن حنبل ومحمد بن أيوب بن الضريس ومطيق وخلق كثير. روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل (¬4). ¬

_ (¬1) أخبار أبي حنيفة للصيمري، 18؛ والتدوين في أخبار قزوين، 3/ 261. (¬2) وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك قريباً. (¬3) الجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 4/ 87 - 88. (¬4) سير أعلام النبلاء، 15/ 33؛ والجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 3/ 498 - 499.

5 - طريقة تأليف الكتاب وأسلوب المؤلف فيه

5 - طريقة تأليف الكتاب وأسلوب المؤلف فيه أ - تأليف الكتاب على هيئة كتب مستقلة في البداية لقد ألف الإمام محمد بن الحسن الشيباني كتاب الأصل كما ذكرنا على هيئة كتب مستقلة، فكل كتاب من كتب الأصل مثل كتاب الصلاة والزكاة والصوم ... إلخ كان كتاباً مستقلاً كما ذكر كاتب جلبي (¬1). وذكر ابن النديم أسماء الكتب الفقهية على حدة، فقال: ولمحمد من الكتب: كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب المناسك، كتاب نوادر الصلاة، كتاب النكاح، كتاب الطلاق، كتاب العتاق وأمهات الأولاد، كتاب السلم والبيوع، كتاب المضاربة الكبير، كتاب المضاربة الصغير، كتاب الإجارات الكبير، كتاب الإجازات الصغير، كتاب الصرف، كتاب الرهن، كتاب الشفعة، كتاب الحيض، كتاب المزارعة الكبير، كتاب المزارعة الصغير، كتاب المفاوضة وهي الشركة، كتاب الوكالة، كتاب العارية، كتاب الوديعة، كتاب الحوالة، كتاب الكفالة، كتاب الإقرار، كتاب الدعوى والبينات، كتاب الحيل، كتاب المأذون الصغير، كتاب القسمة، كتاب الديات، كتاب جنايات المدبر والمكاتب، كتاب الولاء، كتاب الشرب، كتاب السرقة وقطاع الطريق، كتاب الصيد والذبائح، كتاب العتق في المرض، كتاب العين والدين، كتاب الرجوع عن الشهادات، كتاب الوقوف والصدقات، كتاب الغصب، كتاب الدور، كتاب الهبة والصدقات، كتاب الأيمان والنذور والكفارات، كتاب الوصايا، كتاب حساب الوصايا، كتاب الصلح والخنثى والمفقود، كتاب الإكراه، كتاب الاستحسان، كتاب اللقيط، كتاب اللقطة، كتاب الآبق، كتاب التحري، كتاب المعاقل (¬2). وهذه الكتب معظمها موجودة في نسخ الأصل، ولم تذكر بعضها في نسخ الأصل الموجودة اليوم بسبب ضياعها، وبقي بعض تلك الكتب على شكل مختصر في الكافي للحاكم الشهيد. وقد جمعت هذه الكتب التي ذكرها ابن النديم فيما بعد إما عن طريق محمد بن الحسن بنفسه وإما عن طريق تلاميذه الذين رووا هذه الكتب عنه تحت اسم ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1581. (¬2) الفهرست، 287 - 288.

ب - إعادة تأليف الكتاب من قبل مؤلفه

كتاب الأصل أو المبسوط. واختلاف ترتيب كتب الأصل باختلاف النسخ قد يدل على أن الإمام لم يجمع هذه الكتب تحت عنوان كتاب واحد. وترى اختلاف الترتيب هذا واضحاً في وصف النسخ حيث ذكرنا ما بداخل النسخ من الكتب وترتيبها. كما يوجد اختلاف في ترتيب الكتب الفقهية بين نسخ الأصل وبين الكافي للحاكم الشهيد والمبسوط للسرخسي. ب - إعادة تأليف الكتاب من قبل مؤلفه وهناك نقطة أخرى مهمة، وهي أن الإمام محمد بن الحسن قد أعاد النظر فيما ألفه بعد أن انتهى من تأليف كتبه، وأعاد تأليفها مرة أخرى، لكنه لم ينته من إعادة النظر في جميع كتبه كما يقول السرخسي (¬1). وهذا قد يفسر الاختلاف الواقع بين كتب الفقه المختلفة في كتاب الأصل من حيث تنوع الأسلوب، واختلاف الرأي أحياناً أحزى. ج - أسلوب الكتاب العلمي والمنهجي 1 - اختلاف الأسلوب بين السؤال والجواب وبين سرد المسائل يوجد في كتاب الأصل أسلوبان يمكن تمييزهما بوضوح. ففي بعض الكتب الفقهية تُسرد المسائل على طريقة السؤال والجواب: قلت ... قال ... ، وفي بعضها الآخر تُسرد بدون سؤال وجواب. فكتب الصلاة والزكاة والهبة والصيد والذبائح والمكاتب والجنايات والحدود والسرقة والسير والوديعة والعارية وجعل الآبق والحيل واللقطة والغصب مكتوبة على طريقة السؤال والجواب. أما كتب الحيض والتحري والاستحسان والبيوع والسلم والرهن والقسمة والمضاربة والرضاع والعتاق والعتق في المرض والوصايا والفرائض والولاء والديات والدور والخراج والدعوى والبينات والإقرار والعبد المأذون والمفقود والوقف فهي على طريقة سرد المسائل بدون السؤال والجواب. أما باقي الكتب فقد امتزجت فيها الطريقتان، والتفصيل كما يلي: كتاب الصوم، مؤلف على طريقة السؤال والجواب إلى باب ¬

_ (¬1) المبسوط، 30/ 287.

الاعتكاف، ثم يبدأ سرد المسائل بدون سؤال وجواب. كتاب الأيمان، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا في موضع واحد فيه سؤال وجواب. كتاب الصرف، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا مواضع قليلة فيها سؤال وجواب. وورد في كتاب الصرف قوله: "سألت أبا حنيفة"، و"سألت أبا يوسف" في بعض المواضع. كتاب الإجارات، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب في ثلثيه تقريباً، والثلث منه تقريباً على طريقة السؤال والجواب. والأسئلة الواردة فيه مفصلة ومعقدة نوعاً ما، وأسلوبها يختلف عن أسلوب الأسئلة في الكتب الأخرى. فيبدأ الأسلوب في الاختلاف في أواسط باب إجارة الدور ويتحول من سرد المسائل إلى طريقة السؤال والجواب، لكن بأسلوب مختلف، ليس على قلت ... قال ... ، لكن يبتدئ السؤال مثلاً بقوله: "رجل تكارى ... ما القول فيه؟ قال ... " ويستمر هكذا في مسائل كثيرة، وفي كثير منها يقول: "على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد". وفي بعضها يقول: "على قياس قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف ومحمد". وفي بعضها: "وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد". ويتكرر تغير الأسلوب هذا فيما بعد في باب استئجار الحمامات. كتاب الشركة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد، والسؤال المذكور فيه مفصل جداً، يشمل نصف صفحة تقريباً، وهو يشبه أسلوب الأسئلة المذكورة في كتاب الإجارات. كتاب الطلاق، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد. وفيه باب مستقل في مناقشة وقوع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة. ويحتج للمسألة بذكر أسئلة وأمثلة كثيرة. كتاب الإكراه، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أن فيه في عدة مواضع سؤال وجواب على طريقة المناقشة والاحتجاج: "فإن قال قائل ... قيل له ... " وأسلوبه يشبه أسلوب كتاب الحيض.

كتاب السير، مؤلف على طريقة السؤال والجواب، إلا أن الأسلوب يختلف قليلاً في آخره تحت عنوان:"ما زاد محمد في آخر كتاب السير". ففي أوله يستمر على طريقة السؤال والجواب بأسلوب يخالف أسلوب "قلت، قال"، حيث يقول: "سألت أبا حنيفة، قال"، ويقول: "وسألته، قال". ثم يتحول إلى طريقة السرد. ولكن هذا الباب لا يشكل سوى بضع صفحات في آخر كتاب السير. كتاب العشر، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أن في آخره سؤالين فقط بلفظ: "قيل لمحمد بن الحسن، قال ... قيل له، قال ... " وهو أسلوب يختلف عن باقي الكتاب. وذلك ناشئ من اختلاف الراوي. فراوي كتاب العشر داود بن رشيد، وكتاب العشر هو الكتاب الوحيد الذي رواه. ثم يدل هذا أيضاً أن شخصاً آخر سأل محمد بن الحسن السؤالين المذكورين، وإلا كان الأولى أن يقول: قلت أو سألت. كتاب الشرب، توجد فيه الطريقتان. وفيه: "عن محمد قال: سألت أبا يوسف ... " عدة مرات. كتاب الحجر، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أن فيه في عدة مواضع أسلوب المناقشة والاحتجاج: "فإن قال قائل ... قيل له ... ". كتاب الشفعة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب غالباً، وفي بعض المواضع يتحول إلى السؤال والجواب. كتاب الخنثى، توجد فيه الطريقتان. كتاب العقل، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أن فيه في عدة مواضع: "فإن قال قائل ... قيل له ... ، قالوا ... قيل لهم"، على سبيل المناقشة. كتاب المزارعة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد فيه سؤال وجواب.

كتاب النكاح، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضعين على طريقة السؤال والجواب. كتاب الحوالة والكفالة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أنه يبتدئ عرض المسائل في بداية الكتاب بقوله: "محمد عن أبي يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن الرجل يكفل بنفس الرجل ... قال: نعم ... " ثم يستمر في عرض المسائل على طريقة السرد بدون سؤال وجواب. كتاب الصلح، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب غالباً، وفي بعض المواضع على طريقة السؤال والجواب. ويلاحظ أن لفظي السؤال والجواب: قلت، قال، حذف في أكثرها، لكن السياق يدل على وجودها قبل ذلك. كتاب الوكالة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد. كتاب الشهادات، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد. كتاب الرجوع عن الشهادات، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب إلا في موضع واحد. كتاب الصدقة الموقوفة، مؤلف على طريقة سرد المسائل بدون سؤال وجواب، إلا أن فيه أسلوب الاحتجاج والمناقشة: "فإن قال قائل ... قيل له، قالوا ... قيل لهم". وهكذا في عدة مواضع. والسبب في تنوع الأسلوب في الكتاب في تقديرنا يرجع إلى مؤلف الكتاب نفسه، فمحمد بن الحسن -رحمه الله تعالى- قد ألف هذه الكتب الفقهية وانتهى منها ثم أعاد النظر فيها مرة أخرى وغير فيها ما أراد أن

يغير (¬1). فلعله كان يحذف الألفاظ المعبرة عن السؤال والجواب مثل قلت وقال، ويحول العبارة إلى مسألة بدون سؤال وجواب. وذلك سهل لمن تأمل عبارات الكتاب. حتى أنه من الممكن رؤية بعض المواضع قد حذف فيها هذه الألفاظ، لكن لم يتم ترتيب الجملة من جديد حتى تكون جملة واحدة مفيدة، فاضطررنا في هذه المواضع إلى إضافة لفظ "قلت" أو "قال"، لتصحيح العبارة (¬2). وذلك مما يدل على أن التحرير كان مستمراً في الكتاب. ومن المحتمل أن يقول قائل: إن الرواة عن محمد بن الحسن مثل الجوزجاني وأبي حفص أو الرواة عنهم يمكن أن يكونوا هم الذين قاموا بهذا التحرير. وهذا الاحتمال وإن كان وارداً في نظرنا إلا أن حقيقة كون الإمام محمد قد غير كتبه وأعاد تأليفها مرة أخرى تؤكد ترجيح الاحتمال الأول. ومن المحتمل أن يكون الإمام محمد قد استعمل أساليب متنوعة في تأليف كتبه من البداية، خصوصاً إذا ما علمنا أن كتبه كانت مفردة في الأصل، فكل كتاب من الكتب الفقهية كان يعتبر كتاباً بنفسه. ثم إن كتب محمد بن الحسن قد كانت معروفة مشهورة في ذلك الوقت، فلو وقع التغيير فيها من قبل بعض تلاميذه أو غيرهم لتنبه إلى ذلك العلماء الآخرون وعُرف ذلك. فلما لم تكن هناك إشارة في المراجع إلى مثل هذا التغيير تأكد أن تنوع الأسلوب هذا هو من عمل المؤلف نفسه. وهناك نقطة أخرى، وهي أنه لو كان التغيير في الكتاب وقع بعد محمد بن الحسن من قبل تلاميذه ورواة كتبه لكان هذا التغيير شاملاً لجميع الكتاب، لكن الأمر ليس كذلك. فإن الحاصل أن بعض الكتاب مكتوب على طريقة السؤال والجواب وبعضه ليس كذلك. وهذا يدل على أن محمد بن الحسن هو الذي نوّع أسلوبه من البداية، أو بدأ بتنقيح كتبه فغير بعضها ولم يمهله الأجل حتى يغير الباقي منها، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار ضخامة حجم الكتاب. ومن المعلوم أن الإمام محمداً توفي في سفره إلى الري مع هارون الرشيد عام 189، وعمره 57 عاماً، وهي سن مبكرة نسبياً. ¬

_ (¬1) المبسوط،. 30/ 287. (¬2) انظر مثلاً: 8/ 52 و، 53 و، 53 ظ.

2 - توهم وجود روايتين مختلفتين لكتاب الأصل في مكتبات إسطنبول

وواضع الأسئلة في كتاب الأصل هو الإمام محمد نفسه، وهو المجيب كذلك. فقد كانت هذه طريقة في تأليف الكتب. حتى أنها لا تزال متبعة إلى الآن في بعض الأحيان. وقد كان بشر بن الوليد الكندي القاضي (ت. 238) من تلاميذ أبي يوسف يلوم محمد بن الحسن، وكان الحسن بن أبي مالك (ت. 204) من تلاميذ أبي يوسف أيضاً ينهاه عن ذلك ويقول له: "قد وضع محمد هذه المسائل، فضع أنت سؤال مسألة، وقد أغناك الله عن جوابها" (¬1). فيتبين من هذه العبارة أن واضع الأسئلة والأجوبة هو محمد نفسه. وروي عن هشام بن عبيدالله الرازي أنه قال: "لما سمعنا كتب محمد بن الحسن بالرَّقَّة قلنا: قولك: "أرأيت" إلى من ينسب، وسؤالك عن من؟ قال: إنما هو سواد في بياض، إن شئتم فخذوه، وإن شئتم فدعوه" (¬2). فهذا الجواب من الإمام محمد يدل على أن واضع الأسئلة هو نفسه، وليس هناك سؤال حقيقي موجَّه مثلاً إلى أحد من الأئمة أبي حنيفة أو أبي يوسف أو محمد بن الحسن، وإنما هو أسلوب في تأليف الكتاب. هذا هو الأعم الأغلب، لكن هناك مواضع يفهم من السياق أن السؤال فيها حقيقي وموجه إلى أبي حنيفة أو أبي يوسف. فمثلاً عندما يقول: "سألت أبا حنيفة"، أو "سألت أبا يوسف"، فمن الواضح أن هذا سؤال حقيقي موجه إلى شخص حقيقي. وهذا قليل في الكتاب إذا قيس بالأسلوب الآخر الذي يستمر السؤال والجواب فيه على شكل: قلت، قال. 2 - توهم وجود روايتين مختلفتين لكتاب الأصل في مكتبات إسطنبول وينبغي أن نذكر هنا أن الأستاذ المرحوم محمد حميد الله ظن أنه توجد نسخ مختلفة من كتاب الأصل في مكتبات إسطنبول، وأن بعض هذه النسخ مؤلفة على طريقة السؤال والجواب وبعضها ليس كذلك. فقد ظن الأستاذ محمد حميد الله أن نسخة مكتبة السليمانية، جار الله، رقم 575، 576 مجلدان من كتاب الأصل برواية مغايرة للروايات الأخرى لكتاب ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 1/ 166؛ 2/ 47. (¬2) الكامل لابن عدي، 6/ 175.

الأصل، حيث وجد أن أبواب الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والصيد والذبائح والمكاتبة والجنايات والسير مذكورة في أكثر نسخ الأصل على طريقة السؤال والجواب: "قلت، قال"، وأن نفس هذه الأبواب مذكورة في نسخة جار الله المشار إليها على طريقة سرد المسائل بدون ألفاظ السؤال والجواب. وذكر حميد الله أيضاً أن عناوين الأبواب مختلفة بين هذه النسخة والنسخ الأخرى كماً وكيفاً (¬1). وقد نقل هذه المعلومة محمد الدسوقي باختصار، وذكر أن الأمر يحتاج إلى البحث في تلك النسخ للتأكد من الأمر (¬2). وهذه معلومة غير صحيحة. فإننا قد اطلعنا على نسخ الأصل الموجودة في إسطنبول، فوجدنا أنها جميعاً تتفق على نفس الأسلوب في الكتب التي تحتوي عليها. والذي أدى إلى هذا الظن الخاطئ هو وجود بعض النسخ من كتاب مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي (ت. بعد 705) في هذه المكتبات، وقد ظن المفهرسون للمخطوطات بهذه المكتبات أنها كتاب الأصل مع أنها ليست كذلك، ومع وجود اسم "مختصر الأصل" على بعض هذه النسخ. وقد شاركهم في هذا الخطأ الأستاذ محمد حميد الله وبعض الباحثين الآخرين. ولدى الاطلاع على نسخة جار الله برقم 575 تبين لنا أنها قطعة من كتاب الأصل، تبتدئ من كتاب الصلاة وتنتهي بكتاب الأيمان، ولا يوجد فرق في الأسلوب بينها وبين النسخ الأخرى. أما نسخة جار الله برقم 576 فهي قطعة من مختصر الأصل، وهي تختلف من حيث الأسلوب والعناوين مع كتاب الأصل. وهذا الأمر واضح لمن تأمل الكتاب وبحث فيه. حتى أنه مكتوب على هذه النسخة: "النصف الثاني من مختصر الأصل". ¬

_ (¬1) Muhammed Hamidullah ,"profesor Majid khadduri,nin "Islam"(seybani, nin siyer,i)"(trc. Ysuf Ziya Kavakci), Islam Medeniyeti , sy.20,Istanbul 1969 , s.26,N. Bayraktar, M. Hamidullah, S. tug,Y. Z Kavakci,"Imam Muhammed Seybani, nin Istanbul Kutuphanelerindeki Mevcut Yazma Eserleri", Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s.47. (¬2) الإمام محمد بن الحسن لمحمد الدسوقي، 148.

3 - أسلوب العرض لأقوال أبي حنيفة وأبي يوسف وقول المؤلف

والذي يؤدي إلى الالتباس هو أن الكتب الفقهية في هذه النسخة تبتدئ أيضاً بنفس الأسانيد الموجودة في أوائل كتب الأصل، وتروى فيها الأحاديث والآثار بأسانيدها مثل كتاب الأصل. لكن عند الاطلاع على المسائل الفقهية يُرى الفرق واضحاً بين أسلوب كتاب الأصل وأسلوب مختصر الأصل. فأسلوب مختصر الأصل أسلوب فقيه متأخر من حيث الألفاظ والمصطلحات التي يستعملها، ثم إنه يحذف بعض المسائل فلا يذكرها. 3 - أسلوب العرض لأقوال أبي حنيفة وأبي يوسف وقول المؤلف يذكر الإمام محمد في الكتاب آراء أستاذيه الإمام أبي حنيفة والإمام أبي يوسف ورأيه في مواضع كثيرة جداً من الكتاب. ويذكر نادراً آراء غيرهم مثل زفر وابن أبي ليلى وسفيان الثوري. ويذكر نادراً "قول أهل المدينة" (¬1). يذكر الإمام محمد عبارة في أول الكتاب يمكن أن تكون مناراً لأسلوبه في الكتاب. فيروي أبو سليمان الجوزجاني عن محمد بن الحسن، قال: "قد بينتُ لكم قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولي، وما لم يكن فيه اختلاف فهو قولنا جميعاً (¬2). وهذه القاعدة التي وضعها الإمام محمد هنا أغلبية. فإنه توجد مواضع في الكتاب لا يُذكر فيها خلاف، لكن الخلاف موجود. ويوضح ذلك الحاكم والسرخسي في الكافي والمبسوط في مواضع كثيرة. وقد يكون ذلك ناشئاً عن اختلاف النسخ والروايات لكتاب الأصل، فتكون رواية أبي سليمان مخالفة لرواية أبي حفص مثلاً. وقد يكون يذكر الخلاف في كتاب من كتب الفقه ضمن كتاب الأصل ولا يذكره في كتاب آخر اعتماداً على ذكره في الكتاب الآخر. وقد يكون ذكره في كتاب له آخر مثل الجامع الصغير أو الجامع الكبير. وقد يكون الخلاف مبنياً على تغير آراء الأئمة واجتهاداتهم، فيكون هناك اتفاق بين الأئمة في أول الأمر، ثم يتغير رأي إمام منهم، فيكون الاتفاق مذكوراً في كتاب، والخلاف مذكوراً في كتاب آخر. ¬

_ (¬1) انظر: 5/ 75 و؛ 8/ 254 ظ. (¬2) انظر: 1/ 1 ظ.

4 - الأحاديث والآثار المروية في الكتاب

4 - الأحاديث والآثار المروية في الكتاب يروي الإمام محمد أحاديث وآثاراً كثيرة بأسانيدها عن طريق الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف ومالك بن أنس وغيرهم. وأحياناً يذكر بلاغات بدون إسناد فيقول: بلغنا عن النبي -صلى الله عليه وسلم - ... وهو أمر معهود في كتب الأقدمين كالموطأ وغيره. ويبلغ عدد الأحاديث المرفوعة والموقوفة وأقوال التابعين والآثار فيه نحو 1632 رواية. وبعض هذه المرويات مذكورة بأسانيدها، وبعضها بدون إسناد كما ذكرنا. 5 - التكرار في الكتاب تكررت المواضيع في الكتاب. فمثلاً هناك باب الوكالة في السلم، وهو موجود في كتاب البيوع والسلم وفي كتاب الوكالة بنفس العنوان بتغيير يسير في بعض مسائله وألفاظه، وقد استفدنا من هذا التكرار في تصحيح بعض الألفاظ المحرفة في الباب في الموضعين. وهناك باب الوكالة في الصرف، موجود في كتاب الصرف وكتاب الوكالة بنفس العنوان بتغيير يسير في بعض مسائله وألفاظه، وقد استفدنا منه كذلك في تصحيح بعض الألفاظ المحرفة في الباب في الموضعين. وهذا ناشئ من كون الكتاب مفصلاً مبسوطاً في العبارة، فتلك المسائل لها تعلق بالكتابين الفقهيين كليهما، فلذلك وضعت في كليهما. ذكر الإمام محمد مسائل في الحيض في كتاب الصلاة، ثم ذكر مسائل الحيض في كتاب الحيض بشكل أوسع. يوجد في كتاب العتاق باب المكاتب، يذكر فيه مسائل متعلقة بالعبد المكاتب، وهناك كتاب المكاتب الذي يذكر فيه نفس الموضوع على شكل أوسع. كذلك هناك باب الرضاع الموجود في كتاب النكاح، وكتاب الرضاع بشكل كتاب مستقل. وهكذا يمكن أن تُذكر أمثلة أخرى. وهذا كله يدل على تطوير الإمام محمد لكتبه، وتفصيله لما أجمله سابقاً في بعض الكتب التي ألفها مسبقاً، وذلك بتأليف كتاب مستقل في تلك المواضيع.

6 - الموجود من كتاب الأصل اليوم

6 - الموجود من كتاب الأصل اليوم تحتوي النسخ التي بأيدينا من كتاب الأصل على سبعة وخمسين كتاباً من كتب الفقه. وهي حسب ترتيبها في نسخة مراد ملا كما يلي: الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والبيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة والإجارات والشركة والمضاربة والرضاع والطلاق والعتاق والعتق في المرض والصيد والذبائح والوصايا، والوصايا في الدين والعين والفرائض والمكاتب والولاء والجنايات والديات والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والدعوى والبينات والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق والعقل والحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب. ويؤسفنا أن نذكر أن كتاب الأصل الذي بأيدينا ناقص، وأن هذا النقص موجود في جميع النسخ التي اطلعنا عليها. لكن هذا النقص قليل إذا قيس بالقسم الموجود منه. فالمفقود من كتاب الأصل هو كتاب السجدات وكتاب المناسك (أي الحج) وكتاب الأشربة وكتاب أدب القاضي وكتاب حساب الوصايا وكتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى (¬1) وكتاب الشروط. وهذه الكتب موجودة في الكافي للحاكم الشهيد والذي هو مختصر من كتب الإمام محمد. ونظن أن كتاب أدب القاضي كان موجوداً في أصل نسخة مراد ملا. فإنه مكتوب في هامشه في كتاب الشهادات إلى جانب باب كتاب القاضي إلى القاضي بغير عنوان: "هذا الباب معاد في كتاب أدب القاضي" (¬2). وهناك بعض الكتب ألفها الإمام محمد مرة باسم الكبير ومرة أخرى ¬

_ (¬1) وكتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى وإن لم يوجد في نسخ الأصل بكامله إلا أنه قد استخرج من كتاب الأم للإمام الشافعي وطبع كما تقدم. (¬2) انظر: 8/ 212 ظ.

باسم الصغير. فهناك الجامع الكبير والجامع الصغير، والسير الكبير والسير الصغير كما هو معروف. وكتاب السير الموجود ضمن كتاب الأصل لعله هو السير الصغير وإن لم يصرح في نسخة الأصل بذلك. لكن الكتاب يذكره الحاكم والسرخسي باسم السير الصغير (¬1). وهناك كتاب العبد المأذون له في التجارة. هكذا عنوانه في كتاب الأصل. لكن توجد في آخره هذه العبارة: "تم كتاب المأذون الكبير" (¬2). كما ورد عنوانه في الكافي هكذا: "كتاب المأذون الكبير" (¬3). وورد في نهاية كتاب المأذون الكبير في الكافي "كتاب المأذون الصغير"، وحجمه ورقة واحدة تقريباً (¬4). وهناك كتاب المضاربة في كتاب الأصل والكافي. لكن يوجد في الكافي في آخر كتاب المضاربة عنوان "من كتاب المضاربة الصغير"، وحجمه نحو نصف ورقة (¬5). وهذا يدل على أن الآخر هو كتاب المضاربة الكبير. وكذلك يدل على أن أكثر مسائل كتاب المضاربة الصغير مذكورة في كتاب المضاربة الكبير، ولذلك اختصره الحاكم تحت عنوان "من كتاب المضاربة الصغير" وذكر فيه المسائل التي لم تذكر في كتاب المضاربة الكبير. وذكر السرخسي كتاب المضاربة الصغير أيضاً، ونقل منه (¬6). أما كتاب الشروط الموجود في الكافي فلا وجود له في كتاب الأصل. ولعل هذا الكتاب من ضمن الكتب التي ضاعت من كتاب الأصل. وقد ذكر محمد بن الحسن كيفية كتابة العقود في مواضع متفرقة من كتاب الأصل (¬7)، لكن لا يشتمل ذلك على جميع مسائل كتاب الشروط المذكور في الكافي. ¬

_ (¬1) الكافي، 1/ 157 و؛ والمبسوط،.10/ 144؛ والقانون الدولي الإسلامي كتاب السير للشيباني، مقدمة المحقق مجيد خدوري، 60. (¬2) انظر: 6/ 202 ظ. (¬3) الكافي، 3/ 56 و. (¬4) الكافي، 3/ 131 و. (¬5) الكافي، 2/ 303 و. (¬6) المبسوط، 22/ 126، 132، 140، 143، 145، 186. (¬7) فمثلاً ذكر كيفية كتابة صكوك الوقف في كتاب الوقف. انظر: 8/ 239 ظ- 250 و.

7 - الأعمال على الكتاب

7 - الأعمال على الكتاب أ - الشروح ذكر كاتب جلبي أن لكتاب الأصل شرحين (¬1): 1 - شرح شمس الأئمة الحلواني (ت. 448) (¬2) هناك كتاب للحلواني يحمل اسم المبسوط. وله نسخة في مكتبة السليمانية، قسم آيا صوفيا، رقم 1381، في 852 ورقة. وقد اطلعت عليه، وهو شرح للكافي للحاكم الشهيد، وليس لكتاب الأصل. وقد يكون للحلواني كتابان، شرح الأصل، وشرح الكافي، ولم يصلنا شرح الأصل. 2 - شرح شيخ الإسلام أبي بكر المعروف بخواهر زاده (ت. 483) (¬3) ويسمى مبسوط البكري. وهو في عداد الكتب المفقودة. لكن هناك نُقول عنه في كتب الفقه الحنفي (¬4). وذكر كاتب جلبي أنه أُورِدَ على الشرحين المذكورين أن كلام الشارحين مختلط بكلام الإمام محمد من غير تمييز لكلام محمد (¬5). وهناك شرحان آخران لهما ذكر في كتب الحنفية: ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1581. (¬2) وهو عبدالعزيز بن أحمد البخاري، ويقال في نسبته: الحلواني أيضاً، نسبة إلى بيع الحلوى. إمام الحنفية في زمانه ببخارى، وتفقه عليه السرخسي وغيره. وقيل في وفاته أيضاً سنة 449، وسنة 452. انظر: الأنساب للسمعاني، 2/ 248؛ والجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 2/ 429 - 430. (¬3) وهو محمد بن الحسين البخاري، من فقهاء الحنفية الكبار. وله كتب أخرى مثل التجنيس والمختصر. وخواهر زاده معناه أبن الأخت. سمي بذلك لأن خاله كان عالماً وأستاذاً له أيضاً. انظر: الجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 3/ 141 - 142؛ والأعلام للزركلي، 6/ 100. (¬4) انظر مثلاً: المحيط البرهاني، 1/ 25، 28، 4/ 119. (¬5) كشف الظنون، 2/ 1581.

3 - شرح المبسوط لفخر الإسلام البزدوي (ت. 482)

3 - شرح المبسوط لفخر الإسلام البزدوي (ت. 482) وتوجد منه نقول في بعض كتب الحنفية (¬1). ويوجد في مكتبة بايزيد قسم ولي الدين برقم 1454 مخطوط عنوانه المبسوط للفتاوى لفخر الإسلام علي البزدوي. وفي بداية النسخة عنوان بخط جديد على أنه شرح المبسوط للبزدوي. وهي نسخة ناقصة، تشكل الجزء الثاني من الكتاب، وتقع في 241 ورقة، ومسطرتها 25 سطراً. وهذه النسخة قديمة الخط، لكن ليس عليها تاريخ للنسخ، وإنما يوجد في أوله قيد تملك بتاريخ 877. لكن أسلوب الكتاب مختلف تماماً عن أسلوب كتاب الأصل، فهو يعنى بالتعليل النظري الأصولي، ويستعمل مصطلحات جديدة. 4 - شرح المبسوط للإسبيجابي توجد منه بعض النقول في كتب الأحناف (¬2). والمشهور بهذه النسبة عند الحنفية علي بن منصور الإسبيجابي (ت. 480)، له شرح مختصر الطحاوي (¬3)؛ وعلي بن محمد الإسبيجابي (ت. 535) من مشايخ المرغيناني صاحب الهداية (¬4). وهناك كتب تحمل اسم المبسوط لعدد من الفقهاء الأحناف ذكرها كاتب جلبي، مثل أبي الليث السمرقندي (ت. 373)، وشمس الأئمة الحلواني (ت. 448)، وفخر الإسلام علي بن محمد البزدوي (ت. 482)، وشمس الأئمة السرخسي (ت. 483)، وشيخ الإسلام بكر خواهر زاده (ت. 483)، وصدر الإسلام أبي اليسر محمد بن محمد البزدوي (ت. 493)، وناصر الدين أبي القاسم محمد بن يوسف السمرقندي (ت. 556)، وعلاء الدين الإسبيجابي (¬5). ¬

_ (¬1) كشف الأسرار للبخاري، 1/ 42، 237؛ 4/ 286؛ والتلويح، 1/ 385؛ والتقرير والتحبير، 2/ 162؛ 3/ 222. (¬2) كشف الأسرار للبخاري، 4/ 235؛ والتلويح، 2/ 326. (¬3) الجواهر المضية (تحقيق الحلو)، 1/ 335. (¬4) الجواهر المضية (تحقيق الحلو)، 2/ 591. (¬5) كشف الظنون، 2/ 1580، 1581.

ب - المختصرات

وبعض مؤلفي هذه المبسوطات ينسب إليهم أيضاً تأليف شروح لمبسوط الإمام محمد كما تقدم. ويمكن أن تعتبر هذه المبسوطات كلها شروحاً لمبسوط الإمام محمد ومسائله، ولكن ليس ذلك بمعنى الشرح المعروف في القرون المتأخرة، أي أن يأخذ الشارح لفظ كتاب ما فيشرحه مع التقيد بألفاظه؛ ولكن بمعنى شرح مسائل الكتاب دون التقيد بألفاظه. وهذا ما أشار إليه كاتب جلبي حيث يذكر أنه أورد على شرحي الحلواني وخواهر زاده أنهما لم يميزا لفظ الإمام محمد عن ألفاظهما فاختلط كلامه مع كلامهم (¬1). ولكن هذا الإيراد ليس في محله، لأن طريقة التأليف هكذا كانت في تلك العصور. ب - المختصرات 1 - الكافي للحاكم الشهيد (ت. 334) لا شك أن أهم الأعمال على الكتاب هو مختصر الأصل وكتب الإمام محمد الأخرى والمسمى بالكافي للحاكم الشهيد، ويسمى بالمختصر الكافي أو المختصر أيضاً. يقول الحاكم في مقدمة الكافي: "قد أودعت كتابي هذا معاني محمد بن الحسن -رحمه الله تعالى- في كتبه المبسوطة وما في الجوامع المؤلفة مع اختصار كلامه وحذف ما كُرّر من مسائله، قاصداً تسهيل سبيل الراغبين في حفظه وتخفيف المؤنة عنهم في كتابته وقراءته وحمله في السفر والحضر" (¬2). والذي لاحظناه من الاطلاع على كتاب الكافي للحاكم أنه يختصر لفظ كتاب الأصل ويتخذه أساساً ثم يضيف إليه ما يراه مناسباً من كتب الإمام محمد الأخرى وأحياناً من كتب أبي يوسف، لكن الأساس هو كتاب الأصل والعبارة هي عبارة كتاب الأصل في معظمها. والموجود في الكافي للحاكم الشهيد ستة وستون كتاباً. وهي هذه الكتب: الصلاة، السجدات، الزكاة، الصوم، الحيض، المناسك، النكاح، الطلاق، العتاق، المكاتب، الولاء، الأيمان، الاستحسان، التحري، اللقيط، ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1581. (¬2) الكافي، 1/ 1 ظ.

اللقطة، الآبق، المفقود، الغصب، الوديعة، العارية، الشركة، الصيد، الذبائح، الوقف والصدقة، الهبة، الحدود، السرقة، السير، البيوع، الصرف، الشفعة، القسمة، الإجارات، أدب القاضي، الشهادات، الرجوع عن الشهادات، الدعوى والبينات، الإقرار، الوكالة، الكفالة والحوالة، الصلح، الرهن، المضاربة، من كتاب المضاربة الصغير، المزارعة، الشرب، الأشربة، الإكراه، الحجر، المأذون الكبير، المأذون الصغير، الديات، الجنايات، المعاقل، الوصايا، العين والدين، العتق في المرض، الدور، الفرائض، فرائض الخنثى، الخنثى، حساب الوصايا، اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، الشروط، الحيل. ومع مقارنة كتاب الأصل والكافي، نجد فرقاً في ترتيب الكتب، والأهم من ذلك أننا نجد فرقاً بينهما في عدد الكتب. وذلك يرجع تارةً إلى تداخل الكتب بعضها مع بعض مثل الصيد والذبائح فهما كتابان مستقلان في الكافي، وكتاب واحد في الأصل. وكذلك فرائض الخنثى والخنثى، والوقف والصدقة الموقوفة. ويرجع ذلك تارةً أخرى إلى ضياع بعض الأقسام من كتاب الأصل مثل السجدات والمناسك وأدب القاضي والمضاربة الصغير والأشربة والمأذون الصغير وحساب الوصايا واختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى والشروط. أما كتاب العين والدين فهو مسمى في الأصل بكتاب الوصايا في العين والدين. والحاكم الشهيد قد قام بعمل مهم جداً في هذا الكتاب، وهو أنه قد قارن بين نسخ كتاب الأصل، وأثبت الفروق بينها في مواضع كثيرة من الكافي. وأكثر ما اعتمد عليه نسختا أبي سليمان وأبي حفص. ولكن توجد فيه إشارات إلى بعض النسخ الأخرى في مواضع قليلة. ونحن في تحقيقنا هذا قد استفدنا من كتاب الكافي كثيراً في تصحيح الأخطاء الواقعة في نسخ الأصل، واستدراك النقص الموجود فيها. ولم يطبع الكافي طبعة مستقلة وإن كان مطبوعاً ضمن شرح السرخسي له في المبسوط. ولكن المبسوط المطبوع به نقص وتحريف كثير. ويتعدى ذلك النقص

أ - المبسوط للسرخسي (ت. 483)

والتحريف إلى الكافي المطبوع ضمنه أيضاً. وقد استعملنا نسخة للكافي مخطوطة في مكتبة عاطف أفندي بإسطنبول، برقم 1005 - 1007. ويأتي وصف هذه النسخة. وللكافي عدة شروح: أ - المبسوط للسرخسي (ت. 483) وهو أشهر هذه الشروح. ولها مكانة عالية في الفقه الحنفي. فهي تجمع مسائل ظاهر الرواية مع شرحها وتعليلها تعليلاً فقهياً دقيقاً، كما تجمع كثيراً من أقوال المتقدمين من فقهاء الحنفية. والكتاب مطبوع طبعة سقيمة بمطبعة السعادة بالقاهرة سنة 1324، ثم صورت هذه الطبعة من قبل دور النشر فيما بعد مرات متعددة. وقد عمل الشيخ خليل الميس فهارس للكتاب، للمسائل والآيات والأحاديث والأعلام والكتب الواردة فيه. وطبع الكتاب باسم فهارس المبسوط من قبل دار المعرفة ببيروت عام 1400/ 1980 في 590 صفحة. ولكن فهرس المسائل غير مرتب هجائياً، مما يصعب على الباحث فيه الحصول على بغيته، كما أنه لا يستوعب جميع أماكن المواد المذكورة فيه. ب - شرح لأحمد بن منصور الإسبيجابي (ت. 480) (¬1). ويوجد شك في نسبته إلى مؤلفه على ما ذكره فؤاد سزكين (¬2). ج - شرح شمس الأئمة الحلواني (ت. 448) (¬3). ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1378. (¬2) وذكر سزكين له مخطوطة. انظر: تاريخ التراث العربي (ترجمة: محمود حجازي)، المجلد الأول، الجزء الثالث، 100. (¬3) وهو عبدالعزيز بن أحمد البخاري، ويقال في نسبته: الحلواني أيضاً، نسبة إلى بيع الحلوى، إمام الحنفية في زمانه ببخارى، وتفقه عليه السرخسي وغيره. وقيل في وفاته أيضاً سنة 449، وسنة 452. انظر: الأنساب للسمعاني، 2/ 248؛ والجواهر المضية (تحقيق: عبدالفتاح الحلو)، 2/ 429 - 430.

2 - مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي (ت. بعد 705)

ويعرف باسم المبسوط. وله نسخة ناقصة في مكتبة السليمانية، قسم آيا صوفيا، رقم 1381، وتقع في 852 ورقة. وقد اطلعت عليها، وهو يشكل المجلد الثاني من الكتاب. وهو شرح للكافي للحاكم الشهيد، وليس لكتاب الأصل كما توهمه بعضهم (¬1). 2 - مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي (ت. بعد 705) وقد وجدنا هذا المختصر على سبيل الصدفة، حيث ذكرته الفهارس على أنه كتاب الأصل؛ ولكن مع البحث والتدقيق يتبين أنه ليس بكتاب الأصل، وإنما هو مختصر منه. ويأتي التعريف بنسخه. ثم وقفت على مقال لبعض الباحثين ذُكر فيه مجلدان من نسخة بايزيد على أنهما مختصر الأصل (¬2). وهذا صحيح في حد ذاته، لكن المعلومة ناقصة، لأنه يوجد في نفس المكتبة مجلدان آخران من هذه النسخة بهما يكتمل الكتاب. وقد ذُكر هذان المجلدان في نفس المقال على أنهما من كتاب الأصل (¬3). ولم يذكر في النسخ الموجودة في إسطنبول اسم المؤلف لهذا المختصر. لكنْ ذُكر في فهرست الكتبخانه المصرية القديمة كتاب باسم مختصر الأصل، وأن المؤلف هو العلَّامة محمد بن إبراهيم الحنفي من علماء القرن الثامن، وأنه ذكر في آخر كتاب الاستحسان أنه فرغ من تلخيصه في تاسع عشر جمادى الأولى سنة 705/ 1305 (¬4). كما توجد نسخة ناقصة ¬

_ (¬1) تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين (ترجمة: محمود حجازي)، المجلد الأول، الجزء الثالث، 57. (¬2) وهذان المجلدان في قسم بايزيد عمومي، برقم 253، 254. وهما بالترقيم الجديد رقم 18918، 18919 في مكتبة بايزيد بإسطنبول. وسيأتي التعريف بهذه النسخة. (¬3) وهذان المجلدان في قسم بايزيد عمومي، برقم 245، 251. وهما بالترقيم الجديد رقم 18910، 18917 في مكتبة بايزيد بإسطنبول. انظر: N. Bayraktar, M. Hamidullah, S. Tug Y.Z. Kavakci, "Imam Muhammed Seybani,nin Istanbul Kutuphanelerindeki Mevcut Yazma Eserleri", Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s. 47 (¬4) فهرست الكتب العربية المحفوظة بالكتبخانه المصرية لأحمد الميهي ومحمد الببلاوي، 3/ 126. وقد ذكره بروكلمان أيضاً. انظر:- تاريخ الأدب العربي، 3/ 248.

3 - مختصر الأصل لأبي نصر عبدالرحيم بن أبي عصام البلخي

من هذا الكتاب في مكتبة الحرم المكي، وهي برقم 2070 فقه حنفي، وتقع في 364 ورقة، ومسطرتها 31 سطراً. وهي النصف الأول من الكتاب. وفي أولها فهرس. وقد سميت باسم المبسوط في الفقه، للجوزجاني أبي سليمان موسى بن سليمان (¬1). ونسبة الكتاب إلى الجوزجاني خطأ واضح. وقد اطلعنا على هذه النسخة، ودرسناها، فتبين لنا أنها نسخة من مختصر الأصل المذكور. وهي نسخة حديثة نسبياً، عليها قيد تملك بتاريخ 1148. لم نستطع التعرف على مؤلف الكتاب على التعيين؛ لأن المصادر لم تذكر هذا الكتاب. ويوجد عدد من العلماء الأحناف أسماؤهم محمد بن إبراهيم قد عاشوا في تلك الفترة أي أواخر القرن السابع وبدايات القرن الثامن مترجَم لهم في المصادر، لكن هذه المصادر لم تذكر لأحد منهم كتاباً باسم مختصر الأصل. وقد استفدنا من هذا المختصر في تصحيح كثير من مواضع التحريف في نسخ الأصل. 3 - مختصر الأصل لأبي نصر عبدالرحيم بن أبي عصام البلخي ولم نقف على ترجمة لمؤلف الكتاب. وتوجد من هذا الكتاب نسخة في مكتبة السليمانية، قسم جار الله، رقم 873. ويقع الكتاب في 115 ورقة، ومسطرتها 36 سطراً. وقد كتب في بداية الكتاب على ظهر الورقة الأولى: مختصر أصل محمد بن الحسن الشيباني رحمة الله عليه، اختصره الشيخ أبو نصر عبدالرحيم بن أبي عصام البلخي رحمة الله عليه. والنسخة قديمة الخط. وأسلوب هذا المختصر بعيد عن أسلوب كتاب الأصل، فمثلاً يقول في كتاب الصلاة: "أركان الصلاة ستة" ويذكرها. وهذا الأسلوب غير معهود في كتاب الأصل. فالغالب عليه هو الاختصار بالمعنى. كما يوجد في آخر نفس النسخة مختصر الجامع الصغير لنفس المؤلف. ومختصر الأصل هذا يحتوي على الكتب الفقهية التالية: الصلاة، الصوم، الزكاة، الصلح، الرهن، المضاربة، المزارعة، الشرب، العشر والخراج، الحج، النكاح، ¬

_ (¬1) الفهرس المختصر لمخطوطات مكتبة الحرم المكي، 2/ 747. والنسخة ليست كاملة كما ذكر في بعض المصادر. انظر: تذكرة النوادر، 51.

ج - كتب الفقه الحنفي عموما

الطلاق، العتاق، المولى والموالاة، الأيمان، الحدود، السرقة، السير، التحري، الاستحسان، اللقيط، اللقطة، الإباق، الغصب، الوديعة، العارية، الشركة، الصيد والأضاحي، الصدقة الموقوفة، الهبة، البيوع، الشفعة، القسمة، الإجارات، كتاب القاضي، الشهادات، الدعوى، الإقرار، الوكالة، الحوالة والكفالة، الأشربة، الإكراه، الحجر، المأذون الكبير، المعاقل، الجنايات، الوصايا، الفرائض، العين والدين، العتق في المرض، الدور. ومختصر الجامع الصغير لنفس المؤلف يحتوي على كتب الصلاة، الزكاة، الصيام، الحج، الطلاق، العتق، الأيمان، الحدود، السير، البيوع، الإجارة، الجناية، الوصايا. ج - كتب الفقه الحنفي عموماً بما أن كتاب الأصل يشكل المصدر الأساسي للفقه الحنفي فإنه لا شك أن جميع مصادر الفقه الحنفي قد أخذت من الأصل واستفادت منه إما لفظاً وإما معنًى. وإن الناظر في أي كتاب من كتب الفقه الحنفي يستطيع أن يرى ذلك بوضوح. يمكن أن تُذكر بعض الكتب على وجه الخصوص في هذا المجال. فمن بين هذه الكتب المحيط لرضي الدين السرخسي (ت. 571). ويسمى بالمحيط الرضوي (¬1). ويذكر الرضي السرخسي في مقدمته أنه جمع فيه عامة مسائل الفقه، ورتبه على أنه بدأ كل باب بمسائل المبسوط لما أنها أصول مبنية، وأردفها بمسائل النوادر لما أنها من أصول المسائل منزوعة، ثم أعقبها بمسائل الجامع لما أنها من زبدة الفقه مجموعة، ثم ختمها بمسائل الزيادات لما أنها على فروع الجامع مزيدة (¬2). ولكنه عند فحص الكتاب لتبين أنه جمع فيه تلك المسائل من حيث المعنى ولم يلتزم بلفظ المبسوط أي الأصل. والكتاب مخطوط لم يطبع بعد. ومن تلك الكتب أيضاً المحيط ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1620. (¬2) المحيط لرضي الدين السرخسي، 1/ 1 ظ.

8 - الإضافات الموجودة في نسخ كتاب الأصل

لبرهان الدين البخاري (ت. 616). ويسمى بالمحيط البرهاني (¬1). وقد ذكر في مقدمته أنه جمع فيه مسائل المبسوط والجامعين والزيادات والسير والنوادر والفتاوى والواقعات (¬2). ولكنه عند فحص الكتاب يتبين أنه جمع فيه تلك المسائل من حيث المعنى أيضاً، ولم يلتزم باللفظ. كما أنه يمكن الوقوف على مسائل الأصل مذكورة بلفظها أو معناها في بدائع الصنائع للكاساني، والبحر الرائق لابن نجيم، والفتاوى الهندية وغيرها في مواضع كثيرة جداً. وقد استفدنا من هذه الكتب أيضاً في بعض المواضع لتصحيح عبارات الكتاب. هذا وينبغي للباحثين إجراء مقارنات أوسع بين كتاب الأصل وبين كتب الفقه الحنفي حتى تتسنى معرفة كيفية ومدى تأثير كتاب الأصل في هذه الكتب، والتعرف كذلك على روايات الأصل المختلفة التي أشرنا إليها مسبقاً. 8 - الإضافات الموجودة في نسخ كتاب الأصل هناك مواضع في الكتاب منقولة من كتب أخرى غير كتاب الأصل، مثل النوادر والإملاء والجامع الكبير والجامع الصغير. وذلك من صنيع الرواة أو الناسخين. وقد يكون ذلك بأن يكتب أحدهم في الهامش زيادةً أو تعليقاً ينقله من أحد هذه الكتب، فيظن الناسخ أنه من الأصل ويدخله في صلب الكتاب. وقد أبدى هذا الاحتمال أيضاً أبو الوفا الأفغاني في تحقيقه غير الكامل لكتاب الأصل (¬3). وقد يكون ذلك من صنع الراوي عن محمد بن الحسن نفسه مثل أبي سليمان الجوزجاني أو أبي حفص أو غيرهما أو ممن ¬

_ (¬1) كشف الظنون، 2/ 1619. (¬2) المحيط البرهاني، 1/ 2. (¬3) فمثلاً ذكر في نسخة كوبريلي في الهامش قوله: وقال أبو حنيفة في الجامع الصغير يتوضأ بالنبيذ ولا يتيمم وروى نوح في الجامع عنه أنه رجع عن هذا وقال: يتيمم ولا يتوضأ به لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - توضأ به بمكة ونزلت آية التيمم بالمدينة. وقد أدخلت هذه الزيادة في صلب المتن في نسختي ملا جلبي وجار الله، وكذلك في المطبوعة. وذكر الحاكم رواية نوح الجامع في الكافي، 1/ 4 ظ. وذكر أبو الوفا الأفغاني أن هذه الزيادة من بعض رواة الكتاب. انظر: الأصل (الأفغاني)، 1/ 87.

يروي عنهم من الطبقة التي بعدهم. وقد كثرت هذه الزيادات في كتاب الصلاة وكتاب الصوم خصوصاً. ويمكن ذكر هذه المواضع التي ورد فيها النقل عن الكتب الأخرى كما يلي: فتوجد في كتاب الصلاة في جميع النسخ - ما عدا نسختي حلب ويوزغات - هذه الإضافات: - وقال أبو يوسف في الإملاء: الكثير الفاحش شِبر في شِبر (¬1). - وقال محمد في النوادر: إذا نزل الدم في قَصَبَةِ الأنف انتقض وضوؤه، وإذا وقع البول في قَصَبَةِ الذكر لم ينتقض وضوؤه (¬2). - وقال أبو حنيفة في الإملاء: أكره أن يمسح ذلك بحائط المسجد مِن داخلٍ أو بأسطوانة من أَسَاطِينه (¬3). - وقال أبو حنيفة في الإملاء: إذا كان البعر رطباً فقليله وكثيره يفسد الماء (¬4). - وقال أبو حنيفة في الجامع الصغير: يتوضأ بالنبيذ ولا يتيمم. ورَوَى نُوح الجامع عنه أنه رجع عن هذا، وقال: يتيمم ولا يتوضأ به؛ لأن النبي ¬

_ (¬1) وذكر ذلك الحاكم أيضاً. انظر: الكافي، 1/ 3 و. وقال السرخسي: وعن أبي يوسف في رواية الكثير الفاحش شبر في شبر، وفي رواية ذراع في ذراع، وعن محمد ... أنه قدر موضع القدمين، وهذا قريب من شبر في شبر. انظر: المبسوط، 1/ 55. (¬2) وقد وردت نفس العبارة عند الحاكم الشهيد. انظر: الكافي، 1/ 4 و. (¬3) هذه الزيادة موجودة أيضاً في المطبوعة؛ والكافي، 1/ 4 و. ولعل المراد من الإملاء أمالي الإمام أبي يوسف أو الإمام محمد، لأنه لا يعرف أن للإمام أبي حنيفة كتاباً يسمى الإملاء. وقد أشار إليه الأفغاني، 1/ 81. وروي أن أبا حنيفة -رحمه الله- رأى رجلاً يمسح خفيه بأسطوانة المسجد، فقال له: لو مسحته بلحيتك كان خيراً لك. انظر: المبسوط، 1/ 85. (¬4) هذه الزيادة موجودة أيضاً في المطبوعة؛ والكافي، 1/ 4 ظ. وقال السرخسي: وعن أبي يوسف عن أبي حنيفة -رحمه الله- في الإملاء ... فتبين أنه من أمالي الإمام أبي يوسف. انظر: المبسوط، 1/ 87.

-صلى الله عليه وسلم - توضأ به بمكة، ونزلت آية التيمم بالمدينة (¬1). - قال الحاكم الجليل أبو الفضل: هذا الجواب ليس بسديد، وصوابه: أن ينزح أحد عشر دلواً، وهكذا الجواب في رواية أبي حفص (¬2). - وقال أبو يوسف في الإملاء: يُفسد الجنب البئر إن اغتسل فيه أو لم يغتسل أو انغمس لإخراج الدلو (¬3). - وفي الإملاء عن أبي يوسف أن أبا حنيفة كان يقول أولاً في الأمي يتعلم سورة في خلال صلاته: إنه يقرأ ويبني، ثم رجع عن ذلك رحمة الله عليه (¬4). - ورُوي أيضاً عن أبي حنيفة أنه قال: الشفق هو الحمرة (¬5). ويوجد في نسخة مراد ملا بعد نهاية كتاب الصلاة هذه الزيادة: "كان ابن عباس يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في كل ركعة. وكان ابن عمر يفتتح القرآن ببسم الله الرحمن الرحيم. أبو حنيفة في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وتجديدها قبل السورة التي بعد فاتحة الكتاب، قال أبو حنيفة: تجزيه قراءتها قبل الحمد. وقال أبو يوسف: يقرأ بسم الله الرحمن ¬

_ (¬1) وردت هذه الزيادة في نسختي ملا جلبي وجار الله وفي المطبوعة. ولم تُذكر هذه الزيادة في نسخة كوبريلي في صلب المتن، ولكن ذكرت في الهامش. وذكر الحاكم رواية نوح الجامع في الكافي، 1/ 4 ظ. ويرى الأفغاني أن هذه الزيادة من بعض رواة الكتاب. انظر: الأصل (الأفغاني)، 1/ 87 ـ (¬2) هذه الزيادة غير موجودة في المطبوعة، لأنها غير موجودة في نسختي حلب والآصفية عنده. وهي من كلام الحاكم الشهيد. انظر: الكافي، 1/ 4 ظ؛ والمبسوط، 1/ 91. (¬3) وهذه الزيادة موجودة أيضاً في المطبوعة؛ والكافي، 1/ 3 و؛ والمبسوط، 1/ 53. (¬4) وردت هذه الزيادة أيضاً في المطبوعة، وهي غير موجودة في نسختي حلب والآصفية على ما ذكره الأفغاني -رحمه الله-. (¬5) هذه الزيادة موجودة أيضاً في المطبوعة. وأشار الأفغاني في الهامش إلى أنها ليست من الأصل، وأنها غير موجودة في نسخة الآصفية عنده. قال الحاكم: وروى أسد بن عمرو عن أبي حنيفة قال: الشفق: الحمرة. انظر: الكافي،1/ 7 ظ. والمبسوط، 1/ 145.

الرحيم في كل ركعة قبل القراءة مرة واحدة. قال هشام: قلت لأبي يوسف: فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في الركعتين الأخيرتين اللتين يقرأ بهما فاتحة الكتاب؟ قال: نعم. قال هشام: وأخبرني محمد عن أبي حنيفة أنه كان يقول: يجزيه أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أول ركعة قبل فاتحة الكتاب، ولم ير بأساً إن قرأها مرة أخرى بعد فاتحة الكتاب قبل قراءة السورة. قال محمد: يقرأها قبل فاتحة الكتاب وبعد فاتحة الكتاب إذا أراد أن يقرأ سورة. قلت لمحمد: فإن قرأ سورة كبيرة في ركعة؟ قال: إن كان قرأها فيما يخفي فيه القراءة قرأ بسم الله الرحمن الرحيم عند افتتاح كل سورة، وإن كان قراءة يجهر فيها فإنه لا يقرأها. هشام: والذي يُختار من هذا أنه يقرأ عند افتتاح السورة التي يقرأها بعد فاتحة الكتاب جهراً وإخفاءً إلا أنه يخفي قراءة بسم الله الرحمن الرحيم". وقد وردت هذه الزيادة في نسخة ك في آخر المجلد بعد كتاب الأيمان والكفارات. ولم ترد هذه الزيادة في النسخ الأخرى. وهشام بن عبيدالله الرازي معروف من تلاميذ الإمامين أبي يوسف ومحمد. له نوادر. وهو من رواة الأصل. لكن روايته لم تلق القبول لما فيها من الاضطراب (¬1). فلا نعلم يقيناً أن هذه الزيادة هل هي من نوادره أم أنها من الأصل بروايته. وفي كتاب الصوم: - قلت: أرأيت الرجل يصبح صائماً يوم النحر متعمداً لذلك؟ قال: ليس عليه قضاؤه إن أفطره. [قال أبو يوسف: عليه القضاء، وهو مثل قوله: لله علي. وقال أبو حنيفة: هو مختلف. وهذا في الجامع الصغير الكتاب الذي يسمى الهاروني]. يظهر لنا أن ما بين المعقوفتين مزيد من قبل أحد رواة الكتاب، الجوزجاني أو ممن دونه. والهاروني من كتب النوادر التي رويت عن الإمام ¬

_ (¬1) الجواهر المضية، 2/ 205؛ وسير أعلام النبلاء، 10/ 446.

محمد. ويسمونه تارةً بالهاروني وتارةً بالهارونيات (¬1). وليس المقصود به هنا الجامع الصغير المعروف، لأن المؤلف ذكر هذه المسألة في الجامع الصغير فقال: "رجل أصبح يوم النحر صائماً ثم أفطر فلا شيء عليه" (¬2). ولم يذكر في ذلك خلافاً. وقال الحاكم: "وإن أصبح صائماً يوم الفطر ثم أفطره قال: لا قضاء عليه" (¬3). ولم يذكر في ذلك خلافا. ومع أن السرخسي ذكر الخلاف بين الإمام أبي حنيفة وصاحبيه فنقل عن الإمام القول بعدم وجوب القضاء، وعن الصاحبين القول بوجوبه إلا أن المرغيناني بين أن القول بوجوب القضاء مروي عن الصاحبين في النوادر (¬4). - باب في الاعتكاف والصيام من الجامع الكبير. وتحت هذا العنوان مسائل الباب منقولة من الجامع الكبير للإمام محمد (¬5). هذا الباب ثابت في جميع النسخ والمطبوعة. فيظهر أنه أضاف بعض الرواة هذا الباب من الجامع الكبير للإمام محمد تكثيراً للمسائل وتوسيعاً للكتاب. وهناك تغيير قليل في الألفاظ بين النص المنقول هنا ونص الجامع الكبير المطبوع. ويوجد في هامش نسخة كوبريلي في هذا الموضع: "نوادر الصوم رواية أبي سليمان". لكن الجامع الكبير ليس من النوادر وإنما هو من كتب ظاهر الرواية كما هو معروف. وقد جعلنا هذا الباب كله بين معقوفتين لأنه ليس من كتاب الأصل. ولم يذكر الحاكم هذا الباب (¬6). والغريب أن السرخسي شرح مسائل هذا الباب وما بعده في كتاب نوادر الصوم من المبسوط (¬7)، ولم يتنبه إلى أن هذه المسائل من الجامع الكبير. وقد يكون الخطأ من نسخة المبسوط للسرخسي المطبوعة، فإنها سقيمة جداً. ¬

_ (¬1) انظر: المبسوط، 1/ 250، 8/ 142؛ وفتح القدير، 4/ 447؛ وكشف الظنون، 2/ 1282. (¬2) الجامع الصغير، 143. (¬3) انظر: الكافي، 1/ 26 ظ. (¬4) المبسوط، 3/ 97؛ والهداية، 1/ 131. (¬5) الجامع الكبير للإمام محمد، 14 - 15. (¬6) الكافي، 1/ 28 و. (¬7) المبسوط، 3/ 128 - 146.

ويتلو هذا الباب مسألة مأخوذة من كتاب الاستحسان متعلقة برؤية الهلال. وهي مذكورة في كتاب الاستحسان من كتاب الأصل أيضاً. ويتلو هذه المسألة مسائل منقولة من كتاب المجرد للحسن بن زياد. وكتاب المجرد هو للإمام الحسن بن زياد اللؤلؤي (ت. 204) صاحب الإمام أبي حنيفة، وقد روى فيه فقه الإمام أبي حنيفة، ومسائلها تعد من مسائل النوادر (¬1). وهو كتاب يعتبر مفقوداً اليوم. ويتلو ذلك كتاب نوادر الصيام، رواية الجوزجاني عن الإمام محمد. وشرح مسائله السرخسي في المبسوط كما أشرنا إلى ذلك آنفاً. ويتخلل كتاب نوادر الصيام مسائل قليلة منقولة من كتاب المجرد، ومختصر الطحاوي. وكتاب الصوم يتفرد بكونه يحتوي على هذه الزيادات الكثيرة، ولا توجد مثل هذه الزيادات في كتاب آخر من كتب الأصل. لكن الملاحظ هو كون الراوي أو الناسخ الذي زاد هذه النقول قد ذكر مصدر هذه النقول بدقة، وميز بين كتاب الأصل وغيره تمييزاً دقيقاً. ولم نخرج هذه الزيادات من الكتاب لكونها موجودة في جميع النسخ التي اطلعنا عليها. كذلك من الملاحظ أن الإسناد المذكور في أول كتاب الصوم هو: "أبو الحسن محمد بن الحسن قال: قرأت نسخة هذا الكتاب على أبي بكر محمد بن عثمان فقلت له: حدثك أبو جعفر محمد بن سعدان قال: أخبرنا أبو سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني قال: أخبرنا محمد بن الحسن إلى آخر هذا الكتاب، ثم قلت له: أَرْوِي هذا عنك؟ قال: نعم، وعارضت به أبا سليمان موسى بن سليمان" (¬2). والذي قام بزيادة هذه الإضافات إلى الكتاب هو الراوي أبو الحسن محمد بن الحسن في أغلب الاحتمالات؛ لأننا لا نجد مثل هذه الإضافات الكبيرة في الكتب الفقهية الأخرى. وأيضاً فإن وجود نقل ¬

_ (¬1) الفهرست لابن النديم، 288؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 543، والجواهر المضية، 1/ 193؛ وكشف الظنون، 2/ 1282. (¬2) انظر: 1/ 134 ظ.

من مختصر الطحاوي (ت. 321) يدل على تأخر الراوي والكاتب عن هذا التاريخ، وأبو الحسن المذكور هو من هذه الطبقة على ما يظهر. وفي كتاب الوصايا في العين والدين هذه الزيادة: "قال أبو عبد الله: في جميع هذا الباب الشافعي ومالك وابن أبي ليلى وجميع أصحاب الحديث مع أبي يوسف ومحمد" (¬1). هذه الجملة من كلام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن حفص، وهو راوي كتاب الوصايا الذي قبل هذا الكتاب، رواه عن أبيه أبي حفص تلميذ الإمام محمد. وقد ورد بعد نهاية كتاب الجنايات في نسختي مراد ملا وفيض الله لكتاب الأصل، وفي نسختي بايزيد وجار الله لمختصر الأصل ما يلي: "وجدت على الأصل نوادر منسوخة من كتاب جعفر بن محمد بن حمدان الفقيه ... " فذكر فيها مسائل من كفارة اليمين والزكاة والطلاق، وقد نقلها أبو الوفا الأفغاني -رحمه الله- في هامش الأصل بتحقيقه (¬2). وهي ليست من الأصل كما هو ظاهر. لكن ينبغي التنبه إلى أن المقصود بكتاب جعفر قد لا يكون تأليفاً له وإنما هو نسخة كتبها بخطه. وهذا الاحتمال هو الراجح، لأنه يقول: نوادر. والمقصود بالنوادر هي ما روي عن أئمة المذهب لا عن طريق ظاهر الرواية. ولعل جعفر بن محمد بن حمدان الفقيه هو التُّوبَنِي، روى عن أبي بكر بن خَنْب (ت. 355) (¬3) وليث بن نصر (¬4)، وروى عنه أبو العباس المستغفري الفقيه والمحدث الحنفي (ت. 432) (¬5). فجعفر بن محمد بن ¬

_ (¬1) انظر: 3/ 262 و - ظ. (¬2) انظر: الأصل (تحقيق الأفغاني)، 4/ 391 - 393. (¬3) هو محمد بن أحمد بن خَنْب البخاري، ولد سنة 266، وحدّث بحديث كثير ببخارى. انظر: تاريخ بغداد، 1/ 296. (¬4) هو أبو نصر البخاري، قدم بغداد حاجاً سنة 341، وحدثهم. انظر: تاريخ بغداد، 13/ 18. (¬5) توضيح المشتبه لابن ناصر الدين، 1/ 664. وتُوبَن قرية من قرى نَسَف. انظر: نفس المصدر. وقيل: تَوْبَن، بفتح التاء. انظر: تاج العروس، "تبن". وأبو العباس المستغفري هو جعفر بن محمد النسفي، ولد سنة 350، وله عدة كتب في الحديث=

حمدان الفقيه من رجال القرن الرابع. وهناك فقيه شافعي أقدم منه قليلاً يحمل نفس الاسم جعفر بن محمد بن حمدان (ت. 323)، وهو أبو القاسم الموصلي البغدادي، كانت له خزانة كتب كبيرة وقفها على طلاب العلم يستفيدون منها (¬1). والأول أقوى احتمالاً أن يكون هو المقصود. وفي آخر كتاب الشفعة عنوان "مسائل نوادر في الشفعة"، ويحتوي على مسائل متعلقة بالشفعة قريباً من ورقة. ولم يذكر هذا الباب ولا مسائله في الكافي أو المبسوط. كما يوجد في آخر كتاب المزارعة زيادة نقلها أبو حفص عن أبي يوسف. قد يكون أبو حفص روى هذا عن أبى يوسف مباشرة، فإنه من تلك الطبقة، لكن لم تعرف روايته عن أبي يوسف، وإنما عرف بالتلمذة على محمد بن الحسن. ولذلك فالاحتمال الأقوى هو روايته هذه المسائل عن أبي يوسف عن طريق الإمام محمد. ولعل هذه المسائل زيادة من نسخة أبي حفص على نسخة أبي سليمان، فإن كتاب المزارعة من رواية أبي سليمان على ما ذكر في بدايته. ورد في كتاب المزارعة قوله: "في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وقولنا" (¬2)، وفي كتاب الفرائض: "وأما في قول أبي يوسف ومحمد وقولنا" (¬3)، وفي كتاب الطلاق: "في قول أبي حنيفة ومحمد، وكذلك قولنا" (¬4)، "وعندهما (أي أبي يوسف ومحمد) ... وكذلك قولنا" (¬5). وقد يكون هذا من كلام الراوي حيث أضاف قوله إلى قول الأئمة، وبين ترجيحه لهذا الرأي. وقد يكون هذا خطأ من الناسخين. فإن الإمام محمداً يقول في ¬

_ = والتاريخ وغير ذلك. انظر: الجواهر المضية، 1/ 180؛ والفوائد البهية، 57؛ والأعلام للزركلي، 2/ 128. (¬1) الوافي بالوفيات، 11/ 106. (¬2) انظر: 7/ 94 ظ. (¬3) انظر: 4/ 51 و. (¬4) انظر: 3/ 92 ظ. (¬5) انظر: 3/ 95 ظ.

مواضع كثيرة من كتاب المزارعة: "وقولنا" (¬1)، وكذلك الأمر في عدة مواضع من كتاب الفرائض (¬2)، وكتاب الطلاق (¬3). فيكون أحد الرواة أو الناسخين ذكر اسم الإمام محمد تصريحاً ولم يحذف قوله: "وقولنا"، فاجتمعت اللفظتان. لكن يبعد هذا الاحتمال في موضع آخر في كتاب المزارعة عندما يقول: "وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن ... " فيذكر مسألة، ثم يقول: "وهذا قولنا فيه وقول الشيخ -رحمه الله-" (¬4). فهذه العبارة يغلب على الظن أنها من كلام الراوي محمد بن حمدان الذي روى عن أبي سليمان عن محمد بن الحسن كتاب المزارعة. كتاب الفرائض، يقول فيه: "وقول محمد هذا أحب القولين إلينا" (¬5). فهذا من كلام الراوي عن محمد بن الحسن. كتاب الطلاق، ورد فيه "وقد كان في الكتاب ... فكلمت محمداً فيه" (¬6). أي يقول الراوي بأنه كان في الكتاب خطأ، فكلمت محمد بن الحسن في ذلك، وأصلحت الخطأ بموافقته. وهذا يدل على أن الكتاب كان قد كتب من قبل الإمام محمد، وكان فيه سهو، فأعطاه تلميذه لينسخ لنفسه نسخة، فتنبه إلى السهو الموجود فيه. وقد يكون شخص ثالث كتب الكتاب بأمر الإمام محمد له، وكان هناك وراقون يقومون بهذه المهمة كما هو معلوم. كتاب الشفعة، ورد فيه بعد ذكر قول أبي يوسف في مسألة: "وهو خلاف ما في كتاب الشفعة". وقد ورد هكذا في الأصول، لكن ليس محل هذه الجملة هنا. والظاهر أن قول أبي يوسف المذكور قبل هذه الجملة وقول محمد المذكور بعدها كان في كتاب آخر من كتب الأصل مثل كتاب ¬

_ (¬1) انظر: 7/ 42 ظ، 43 و، 44 ظ، 57 ظ، 58 و، 66 ظ، 67 و، 76 ظ، 77 و، 104 ظ، 107 و، 112 ظ،122 ظ. (¬2) انظر: 4/ 41 و، 41 ظ، 43 و. (¬3) انظر: 3/ 83 و، 83 ظ، 85 و، 91 و. (¬4) انظر: 7/ 42 ظ. (¬5) انظر: 4/ 39 ظ. (¬6) انظر: 3/ 72 ظ - 73 و.

الشروط أو المزارعة أو القسمة ثم وضع هاهنا. ويمكن أن يكون قوله: "وهو خلاف ما في كتاب الشفعة" من كلام الإمام محمد، ويقصد بكتاب الشفعة كتاب أبي يوسف؛ أو هو من كلام راوي الكتاب عن محمد بن الحسن (¬1). وورد فيه أيضاً: "وقالوا في كتاب الوصايا ... " فذكر قول أبي يوسف ومحمد في المسألة. ويظهر أن قوله: "وقالوا في كتاب الوصايا ... " من تعليق أحد الرواة حتى يبين أن في المسألة قولاً آخر أو رواية أخرى. وهو كلام صادر من فقيه له معرفة بكتاب الأصل. فالمسألة مذكورة في كتاب الوصايا كما قال (¬2). هناك استعمالات وعبارات أخرى موهمة في الكتاب. فمثلاً ذكره لاسم محمد بن الحسن صريحاً عند حكاية أقواله. وهذا موجود في جميع كتب وأبواب الكتاب من البداية إلى النهاية. ويمكن أن يفسر هذا بطريقتين. الأولى أن يقال: إن هذا من أسلوب علمائنا المتقدمين. فتجدهم يذكرون أسماءهم صريحة عند حكاية أقوالهم، كأنهم يتحدثون عن شخص ثالث. وقد يكون صنيعهم هذا بسبب دفع الالتباس وزيادة الوضوح. وخصوصاً في كتاب الأصل، فإنه يذكر فيه آراء الأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في أكثر المسائل، فكان من السهل جداً التباس الأقوال بين هؤلاء الأئمة، ولذلك كان من الاحتياط الواجب أن يذكر اسم محمد بن الحسن صريحاً. والثانية أن يقال: إن هذا ناشئ عن طريقة التأليف في العصور الأولى. فقد كان الغالب عليهم أن الأستاذ أو العالِم يملي كتابه على الطلبة، وهم يكتبون ما يمليه عليهم. فلذلك كان من الطبيعي أن يكتب التلميذ اسم أستاذه عند حكاية أقواله. ¬

_ (¬1) ويدل على ذلك كلام السرخسي أيضاً. انظر: المبسوط، 14/ 137؛ 15/ 29؛ 123/ 154 - 155. وقد وردت هذه المسألة في كتاب القسمة وكتاب المزارعة. انظر: 2/ 67 و - 67 ظ؛ 7/ 119 و. (¬2) انظر: 3/ 247 ظ.

هذا، وينبغي أن نذكر أنه توجد في الكتاب مواضع كثيرة أيضاً يبين فيها محمد بن الحسن رأيه بلفظ المتكلم مثل: وأما أنا فأرى، وأرى (¬1)، قولنا (¬2)، وهذا قولنا (¬3)، لا يجوز في قول أبي حنيفة وهو جائز في قول أبي يوسف وقولنا (¬4)، في قول أبي يوسف وقولنا وقال أبو حنيفة (¬5). ويقول مثلاً: سألت أبا يوسف عن كذا. فإما أن يكون هذا، أي التصريح باسمه أحياناً والتحدث بصيغة المتكلم أحياناً أخرى من تنوع الأسلوب في التأليف، وإما أن يكون الاختلاف من صنيع الرواة. وتنوع الأسلوب في التأليف ليس ببعيد، خصوصاً إذا لاحظنا أن الكتاب قد ألف على شكل كتب مستقلة في البداية، ثم جمع فيما بعد. وهناك عبارة أخرى موهمة. وذلك أن يقول بعد ذكر قول محمد بن الحسن: وبه نأخذ. فمثلاً يقول: "وقال أبو يوسف ومحمد: صلاة من خلفه تامة، يقومون في ذلك كله فيقضون وإن ضحك الإمام قهقهة. وبهذا الأخير نأخذ" (¬6). قوله: "وبهذا الأخير نأخذ" إما أن يكون من كلام الإمام محمد، فحينئذٍ يكون قوله: "ومحمد" في أول الجملة زيادة من الراوي للإيضاح ودفعاً للالتباس، وقد يكون من كلام الإمام محمد نفسه، فإن هذا الأسلوب أي تعبير المتكلم عن نفسه كالغائب مستعمل عند المتقدمين؛ وإما أن يكون قوله: "وبهذا الأخير نأخذ" من كلام أبي سليمان الجوزجاني، راوي الكتاب عن محمد بن الحسن. وفي كتاب الأيمان: "وإن حلف الرجل لا يأكل بُسْراً فأكل بُسْراً مُذَنِّباً ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث. وإذا حلف أن لا يأكل رُطَباً فأكل ذلك البُسْر المُذَنِّب ففي هذا قولان: قول إنه يحنث، وإن هذا المُذَنِّب يقع ¬

_ (¬1) انظر: 2/ 225 ظ. (¬2) انظر: 3/ 83 و، 83 ظ، 85 و، 91 و؛7/ 42 ظ، 43 و، 44 ظ، 57 ظ، 58 و، 66 ظ، 67 و، 76 ظ، 77 و،104 ظ، 107 و، 112 ظ، 122 ظ. (¬3) انظر مثلاً: 5/ 216 ظ. (¬4) انظر: 7/ 42 ظ. (¬5) انظر: 7/ 42 ظ. (¬6) انظر: 1/ 32 و.

عليه اسم البُسْر واسم الرُّطَب. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. والقول الآخر: إنه بُسْر وليس برُطَب حتى يُرْطِب منه ما يسمى رُطَباً، وهذا لا يحنث. وهو قول أبي يوسف. وقال زفر: إذا وقع عليه اسم الرُّطَب حنث، وإذا لم يقع لم يحنث. وبه نأخذ" (¬1). فقوله: وبه نأخذ، من كلام أبي سليمان؛ لأنه حكى أقوال أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر، ثم قمال بعد قول زفر: "وبه نأخذ". فلا يحتمل هذا أن يكون من كلام الإمام محمد. الترحم على محمد بن الحسن، فيقال: محمد رحمة الله عليه، ونحو ذلك، فهذا من كلام الرواة والناسخين بلا ريب. ولكن لم نحذف هذه العبارات مراعاةً للنسخ. في كتاب الصرف: "وقول محمد ما بينتُ لك" (¬2). فهذا يظهر أنه من كلام الراوي، وهو أبو سليمان الجوزجاني. وهناك مواضع لم يتبين تماماً قائلها، وقد يكون ذلك ناشئاً من التحريف أو السقط (¬3). ومجمل القول هو أن هذه الزيادات وأمثالها من كلام أبي سليمان الجوزجاني أو أبي حفص أو غيرهما من رواة الكتاب الذين هم من تلامذة الإمام محمد، أو من الرواة في الطبقات التي تليهم حتى زمان الحاكم الشهيد (ت. 334). ويدل ذكر الحاكم الشهيد لبعضها أنها موجودة في النسخ القديمة. ويحتمل أن يكون بعض الناسخين زاد هذه العبارات نقلاً عن الكافي للحاكم الشهيد؛ فإن بعضها موجود في الكافي بنفس اللفظ. وقد نُقل كلام للحاكم بلفظه في الكتاب كما ذكرنا. وقد يكون بعض الرواة كتب تلك العبارات في هامش نسخة الأصل، ثم أدخلت في صلب المتن من قبل بعض الناسخين كما سبق. وأيًّا ما كان الأمر فإن معظم الكتب الفقهية في كتاب الأصل خال من هذه الزيادات. والذي أدى إلى كثرة هذه الزيادات نوعاً ما في كتاب الصلاة والصوم في ظننا هو كثرة الاعتناء بهما وكثرة احتياج الناس إلى مسائلهما. وهناك نقطة أخرى مهمة، وهي أنه يمكن التمييز ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 195 ظ. (¬2) انظر: 1/ 322 ظ. (¬3) انظر: 1/ 290 ظ.

9 - تاريخ تأليف الكتاب

بين هذه الإضافات وبين كتاب الأصل بسهولة كما يرى ذلك بالتفصيل في ما تقدم من مواضع الإضافات التي ذكرناها أعلاه. 9 - تاريخ تأليف الكتاب يقول الإمام محمد في كتاب الولاء: "ولو لم يكن الأب عقل عنه وشهد شهوده أنه والاه في سنة خمسين ومائة وشهد شهودها أنه والاها في سنة ستين ومائة فإن ولاءه لها دون الأخ؛ لأن المولى قد تحول مولاه عن الأب إليها" (¬1). ويقول في كتاب الولاء أيضاً: "وإذا اختصم رجل من أهل الذمة ورجل من العرب مسلم في ولاء رجل مسلم قائم بعينه فأقام المسلم بينة من المسلمين أنه أعتقه في رمضان سنة ست وخمسين ومائة وهو يملكه وأقام الذمي بينة من المسلمين أنه أعتقه في رمضان سنة خمس وخمسين ومائة وهو يملكه والعبد المعتق مسلم ينكر ذلك فإنه يقضى بولائه للأول، ولا يكون للآخر ملك مع عتق الأول" (¬2). وهذه العبارات تدل على أنه ألف كتاب الولاء بعد سنة ستين ومائة، لكن ليس متأخراً كثيراً عن هذا التاريخ. ويقول في كتاب المفقود: "واذا فقد الرجل بصفين أو بالجمل ... فإن هذا قد مات. ألا ترى أنه لم يبق أحد أدرك ذلك الزمان. فإذا بلغ المفقود هذه المدة فهو ميت، ويقسم ميراثه بين ورثته. فإذا كان له ابن مات زمن خالد بن عبد الله ... فإني أنظر ... " (¬3) وخالد بن عبد الله هو القسري، كان والي العراق في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك بين سنتي 105 - 120 (¬4). ويقول السرخسي تعليقاً على هذه المسائل: "ومن ذلك ¬

_ (¬1) انظر: 4/ 154 ظ. (¬2) انظر: 4/ 157 و. (¬3) انظر: 6/ 254 ظ. (¬4) وقد عزل بعد ذلك وسجن. ثم قتل سنة 126.انظر: وفيات الأعيان، 2/ 226؛ وشذرات الذهب، 1/ 169؛ والأعلام للزركلي، 2/ 297.

الوقت (أي وقعة صفين) إلى وقت تصنيف هذا الكتاب كان أكثر من مائة وعشرين سنة. والرجل الذي فقد في ذلك الوقت كان ابن عشرين سنة أو أكثر، لأنه خرج محارباً" (¬1). وكانت وقعة الجمل سنة 36، ووقعة الصفين سنة 37. فإذا أضيف مائة وعشرون سنة إلى هذا التاريخ نحصل على سنوات 156 - 157. وإذا خمنا كتابة الأصل بعدما يزيد على مائة وعشرين سنة من الوقعتين المذكورتين نكون قد حصلنا على تاريخ 160 تقريباً. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الأصل هو أول مؤلفات الشيباني فإنه يمكن التوقع بأن الإمام محمداً قد كان يؤلف كتابه في حدود هذه التواريخ. كما أننا نعرف أن الإمام أبا يوسف قد طلب من الإمام محمد أن يؤلف الجامع الصغير بعد انتهائه من تأليف الأصل، وأنه لبى هذا الطلب وعرض الكتاب على الإمام أبي يوسف (¬2). وهذا لا بد أن يكون قد تم قبل انتقال أبي يوسف إلى بغداد بسبب توليه القضاء عام 166 (¬3). وبالتالي لا بد أن يكون الإمام محمد قد أتم تأليف الكتاب قبل هذا التاريخ. من ناحية أخرى فإن الإمام محمداً قد بدأ يدرس في مسجد الكوفة وهو ابن عشرين سنة (¬4). وهذا يوافق تاريخ 152، أي بعد وفاة الإمام أبي حنيفة بسنتين، وقد كان يدرس في هذه الفترة على أبي يوسف. فإذن يمكن أن نتوقع بأن الإمام بدأ تأليف الأصل بعد جلوسه للتدريس سنة 152 وأتم تأليفه قبل سنة 166. إلا أننا نعرف أيضاً أنه قد أعاد تأليف كتبه مرة أخرى كما يفيد ذلك السرخسي (¬5). وهذا التأليف الثاني يمكن أن يكون بعد انتقال الإمام محمد إلى بغداد والرقة قاضياً في السنوات المقبلة من حياته، كما يمكن القول بأن إعادته للنظر في ¬

_ (¬1) المبسوط، 11/ 43. (¬2) شرح الجامع الصغير للسرخسي، مكتبة السليمانية، بغدادلي وهبي 565، ورقة 1 ظ؛ كشف الظنون لكاتب جلبي،1/ 561. (¬3) تاريخ الطبري، 4/ 578؛ أبو يوسف وآراؤه الفقهية لمحمود مطلوب، بغداد 1972، ص 86. (¬4) تاريخ بغداد، 2/ 174. (¬5) المبسوط، 30/ 287.

10 - وصف نسخ كتاب الأصل والكتب الأخرى المساعدة في التحقيق

كتبه قد استمرت حتى وفاته سنة 189، لأنه لم يستطع أن يعيد تأليف كتبه كلها كما أفاد السرخسي (¬1). 10 - وصف نسخ كتاب الأصل والكتب الأخرى المساعدة في التحقيق أ - نسخ كتاب الأصل التي استفدنا منها في التحقيق 1 - نسخة مكتبة السليمانية قسم مراد ملا ورقمها 1038 - 1041. تقع نسخة مراد ملا في ثمان مجلدات في الوقت الحاضر. وكانت قبل ذلك في أربع مجلدات ضخمة، ثم قسم كل مجلد إلى مجلدين. وعدد أوراق المجلدات الثمانية لنسخة مراد ملا حسب الترتيب كما يلي: 9+ 327، 295، 13+ 263، 267، 18+ 262، 270، 7+ 260، 269؛ فهي 2260 ورقة في المجموع. وعدد السطور في جميع المجلدات 21 سطراً إلا القليل من الأوراق في المجلد الأول والتي تحتوي على 20 سطراً، وما عدا الصفحات المشتملة على عناوين الكتب والأبواب. وهي مسجلة في المكتبة باسم الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني. وكتب على وجه الورقة الأولى بالحبر الأحمر بخط حديث وعربية ركيكة: أصل للإمام محمد برواية أبي سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني. لكن كتب على وجه الورقة التالية بخط آخر: كتاب المبسوط على مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة - رضي الله تعالى عنه - تصنيف السيد الجليل أبي عبد الله محمد سليمان (كذا) الهندواني نور الله تعالى ضريحه آمين يا رب العالمين. وليس هناك "بن" بين محمد وسليمان. وقد كتب فوق هذا بخط آخر حديث من العهد العثماني: الأول من المبسوط. وفي الأوراق التالية فهرس لكتب وأبواب الأصل الموجودة في المجلدين الأول والثاني على التقسيم القديم في اثني عشر مجلداً كما سيأتي بيانه أسفله. ومن بينها ورقة مكتوب على وجهها بخط حديث من العهد العثماني: المجلد الثاني من اثني عشر مجلداً ¬

_ (¬1) الموضع السابق.

من مبسوط الإمام العالِم العامل المجتهد الكامل أبي عبد الله محمد بن سليمان الهندواني -رحمه الله تعالى- وعلى (كذا) أسلافه أجمعين. وبعد انتهاء الفهرس مكتوب على وجه الورقة 1/ 1 و: السفر الأول من المبسوط تصنيف الشيخ الإمام صاحب الإمام الأعظم أبي سليمان الجوزجاني (¬1) على مذهب أبي حنيفة -رحمة الله تعالى عليهما- وعلى سائر المجتهدين والأئمة المهديين أجمعين، شيَّد الله تعالى أركان الدين بآثارهم وهدانا إلى مراضيه بأنوارهم بحرمة سيد المرسلين آمين يا معين. ولم أجد ترجمة لأبي عبد الله محمد بن سليمان الهِنْدُوَاني في كتب التراجم. والهندواني المشهور عند الأحناف هو أبو جعفر محمد بن عبد الله البلخي الهندواني (ت. 362)، فقيه مشهور، كان يلقب بأبي حنيفة الصغير (¬2). ولم نجد في المصادر أن له كتاباً باسم المبسوط، أو أن له رواية للمبسوط تعرف باسمه. فمن غير المحتمل أن يكون هذا المبسوط له. كما أن عدم وجود أي ذكر لأبي عبد الله محمد بن سليمان الهِنْدُوَاني في كتب التراجم يطعن في صحة هذه التسمية. ثم لم يرد في بداية أي كتاب من كتب الأصل ذكر اسم له أيضاً مع وجود أسماء رواة آخرين كثيرين. كما أنه يوجد قيد للاطلاع على الكتاب بتاريخ كذا وستين وستمائة من قبل شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء (ت. 673) قاضي قضاة الحنفية بالشام في عهد الظاهر بيبرس (¬3)، وقد كتب فيه ابن عطاء أن هذا الكتاب من تصنيف ¬

_ (¬1) كذا. ومن المعلوم أن أبا سليمان الجوزجاني ليس بصاحب الإمام أبي حنيفة، وإنما هو صاحب الإمام محمد وراوي كتبه، إلا أن يكون المقصود أنه من علماء مذهبه، كما يقال: فلان من أصحاب أبي حنيفة، أي على مذهبه وإن لم يكن صحبه حقيقة؛ لكن التعبير بقوله: صاحب الإمام موهم. (¬2) وهو تفقه على أستاذه أبي بكر محمد بن أبي سعيد المعروف بالأعمش، والأعمش تلميذ أبي بكر الإسكاف، والإسكاف تلميذ محمد بن سلمة، ومحمد بن سلمة تلميذ أبي سليمان الجوزجاني، وأبو سليمان الجوزجاني تلميذ محمد بن الحسن. انظر لترجمته: الجواهر المضية، 2/ 68. (¬3) انظر لترجمته: تاريخ الإسلام للذهبي، 50/ 131؛ والوافي بالوفيات، 17/ 314؛ والجواهر المضية، 1/ 286؛ وذيل التقييد للفاسي، 2/ 60؛ وشذرات الذهب، 5/ 340.

أبي سليمان الجوزجاني (¬1). وهو مما يرجح أن اسم أبي عبد الله محمد بن سليمان الهندواني تحريف لأبي سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني. ولعل ذلك ناشئ من قدم الأصل المنقول عنه وعدم وضوح خطه. وكل هذا يجعلنا نقطع بأن هذا خطأ من أحد المطلعين على الكتاب، حيث حرّف اسم أبي سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني، وكتب ذلك الاسم الذي لا يوجد أحد من العلماء ينطبق عليه. ومما يؤيد هذا أن النسخ الأخرى لكتاب الأصل الموجودة في المكتبات الأخرى لا يوجد فيها أي ذكر لاسم أبي عبد الله الهندواني. ومكتوب على وجه الورقة 1/ 1 و: وقف هذا الكتاب محمد شاه ابن مولانا يكان على أبنائه وأبناء أبنائه ما تناسلوا بطناً بعد بطن وقرناً بعد قرن وقفاً صحيحاً شرعياً وعن الموانع عرياً فمن بدله بعدما سمعه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ويتكرر قيد الوقف هذا كثيراً في أوائل الكتب داخل كتاب الأصل (¬2). وكانت هذه النسخة قبل ذلك مقسمة إلى اثني عشر مجلداً. فقد ورد في أول النسخة بخط حديث من العهد العثماني: مجموع الكتب التي في المبسوط: كتاب الصلاة والوضوء في المجلد الأول وهو هذا المجلد، وفي المجلد الثاني كتاب البيوع كتاب الصرف كتاب القسمة كتاب الهبة، وفي الثالث كتاب الإجارة كتاب الشركة كتاب المضاربة، وفي الرابع كتاب الوكالة والشهادة كتاب الوقف والصدقة الموقوفة وغيرها وكتاب الغصب، ¬

_ (¬1) انظر: 1/ 7 و. (¬2) انظر مثلاً: 1/ 221 و؛ 2/ 118 و، 119 و، 183 و، 207 و.

وفي الخامس كتاب الحوالة كتاب الكفالة كتاب الصلح، وفي السادس كتاب المكاتب كتاب وصية المكاتبة كتاب الولاء على النساء كتاب الجنايات، وفي السابع آخر الجنايات كتاب الحدود السرقة الإكراه السير أحكام المرتد الخراج العشر، وفي الثامن الدعوى والبينات الشرب الإقرار الوديعة العارية الحجر، وفي التاسع العبد المأذون الشفعة الخنثى المفقود الآبق، وفي العاشر الحيل اللقطة المزارعة النكاح، وفي الحادي عشر الرضاع الطلاق العتاق المدبر المكاتب واللقيط العتق في المرض، وفي الثاني عشر الصيد والذبائح الوصايا الفرائض والمواريث. وقد تغير هذا الترتيب بين كتب وأبواب الأصل بعد التجليد الأخير كما تراه في طبعتنا هذه التي اتبعنا فيها الترتيب الموجود الآن لسهولة ترقيم الأوراق على الترتيب. وفي الحقيقة فإن التجليد القديم أيضاً لم يكن هو الترتيب الصحيح بين كتب الأصل. ويمكن فهم ذلك من تواريخ النسخ الموجودة في أواخر كتب الأصل. فنسخة مراد ملا مركبة من قطع مختلفة في الحقيقة. فالمجلد الأول على التقسيم الاثني عشري والذي يحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان مكتوب في آخره: آخر كتاب الأيمان والكفارات. كتبه أحمد بن حمدان الأذرعي. وكان الفراغ من نسخ هذا المجلد المبارك يوم السبت ثامن شهر ربيع الأول سنة 767. ولعل الكاتب هو الفقيه الشافعي أحمد بن حمدان شهاب الدين الأذرعي أبو العباس. ولد بأذرعات الشام في وسط سنة 708. وجمع الكتب

حتى اجتمع عنده منها ما لم يحصل لأهل عصره. مات في خامس عشر جمادى الآخرة سنة 783 (¬1). أما المجلد الثاني حسب التجليد الاثني عشري والذي يحتوي على كتب البيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة فلا يوجد تاريخ للنسخ في آخره، وهو مكتوب بخط مختلف عن المجلد الأول والمجلدات التي تليه. أما باقي النسخة الذي يبدأ من بداية المجلد الثالث إلى آخر المجلد الثاني عشر حسب التجليد القديم فإنه مكتوب في 637 - 639. وقد كتب الناسخ واسمه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الأصفهاني (¬2) تاريخ النسخ لكل كتاب من كتب الأصل في آخر ذلك الكتاب إلا أنه أهمل ذلك في كتب الرضاع والطلاق والدعوى والشفعة والخنثى والمفقود والحيل واللقطة والمزارعة؛ لكن خط هذه الكتب التي ليس في آخرها تاريخ للنسخ هو نفس الخط في الكتب الأخرى التي يوجد في آخرها تاريخ النسخ. ومما يؤكد هذا أنه توجد كتابة على وجه الورقة الأولى قبل كتاب الحيل الذي ليس في آخره قيد لتاريخ كتابتها هذه نصها: يقول الفقير إلى الله تعالى عبد الله بن محمد [بن عطا] الحنفي: إنه طالع مواضع في هذا الكتاب المبارك وإنه كتاب مفيد جامع لجملة من المسائل [المشهورة] عن محمد بن الحسن -رحمه الله- ومصنفه من فضلاء أصحاب أبي حنيفة تغمدهما الله بالرحمة والرضوان وهو الشيخ الإمام العالِم العلاَّمة أبو سليمان الجوزجاني فالمطالعة فيه مفيدة والمتمسك بمسائله على يقين فالله تعالى يعيد بركة العلم على صاحبه ويختم له بالصالحات آمين، وكتب في العشرين من شهر رمضان المبارك بمحروسة صفد ... وستين وستمائة والحمد لله رب العالمين وصلَّى الله على سيدنا محمد وآله (¬3). وقد أضفنا ما بين المعقوفتين من نسخة أخرى نقلت من هذه النسخة، ونقل كاتبها هذه العبارة مصرحاً بأنه وجدها ¬

_ (¬1) الدرر الكامنة، 1/ 145 - 147؛ وشذرات الذهب، 3/ 278. (¬2) لم نجد ترجمة للناسخ في كتب التراجم، والطلحي نسبة إلى طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - أحد العشرة المبشرة بالجنة. (¬3) انظر: الأصل، 7/ 1 و.

على نسخة الأصل (¬1). وقد أفادتنا هذه العبارة أن كاتبها طالع مواضع من هذا الكتاب في الستينيات من القرن السابع، وذلك بعد ثلاثين سنة تقريباً من كتابة القسم الأعظم من نسخة مراد ملا، ومن ضمنها كتاب الحيل الذي لا يوجد تاريخ في آخره. والكاتب لهذه العبارة هو شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء (ت. 673) قاضي قضاة الحنفية بالشام في عهد الظاهر بيبرس (¬2). كما أن هنا فائدة أخرى وهي أن الكتاب كان في صَفَد (¬3) في ذلك التاريخ. ويحتمل أن يكون الكتاب قد نقل إلى هناك من أصفهان بلد الكاتب أو بغداد أو غيرهما من البلاد التي استولى عليها المغول في القرن السابع، وكانوا يتلفون الكتب والمكتبات كما هو معروف في التاريخ. والظاهر بيبرس من سلاطين المماليك معروف بدوره في معركة عين جالوت (658) التي أوقفت الزحف المغولي. فيتبين أن خمسة أسداس الكتاب تقريباً مكتوب في 637 - 639. أما المجلد الثاني فيظهر أنه متأخر عن هذه التواريخ، لكنه قد يكون قريباً من المجلد الأول الذي كتب في 767. وهاك تاريخ كتابة كل كتاب كما ذكره الناسخ في أواخر الكتب إلا القليل الذي لم يذكره فوضعناه حسب ترتيبه في النسخة، وهي في نظرنا متفقة مع الترتيب التاريخي للكتب الأخرى: - المأذون الكبير: يوم الأربعاء الحادي والعشرون من شوال سنة سبع وثلاثين وستمائة (21/ 10/ 637). - الشفعة والخنثى والمفقود: بدون تاريخ. - جعل الآبق: الثالث عشر من ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة (13/ 11/ 637). ¬

_ (¬1) انظر: الأصل، نسخة بايزيد، رقم 18978، الورقة 1 و. (¬2) انظر لترجمته: تاريخ الإسلام للذهبي، 50/ 131؛ والوافي بالوفيات، 17/ 314؛ والجواهر المضية، 1/ 286؛ وذيل التقييد للفاسي، 2/ 60؛ وشذرات الذهب، 5/ 340. (¬3) وهي مدينة تاريخية معروفة في الشام. انظر: معجم البلدان، 3/ 412 وتقع اليوم شمال فلسطين، داخل حدود إسرائيل.

- الحيل واللقطة والمزارعة: بدون تاريخ. - النكاح: ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وستمائة (4/ 638). - الرضاع والطلاق: بدون تاريخ. - العتق: منتصف شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (15/ 8 / 638). - العتق في المرض: العشرون من شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (20/ 8 / 638). - الدور: سلخ شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (8/ 638). - الحدود: يوم الجمعة أول رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (1/ 9 / 638). - السرقة: رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (9/ 638). - الإكراه: منتصف رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (15/ 9 / 638). - السير: الرابع والعشرون من رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (24/ 638/9). - الخراج: رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (9/ 638). - العشر: آخر رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة (29/ 9/ 638). - الصيد والذبائح: شوال سنة ثمان وثلاثين وستمائة (10/ 638). - الوصايا: ذو القعدة سنة ثمان وثلاثين وستمائة (11/ 638). - الوصايا في الدين والعين وغير ذلك: بدون تاريخ. - الفرائض: غرة ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وستمائة (12/ 638). - المكاتب: سلخ ذي الحجة سنة ثمان وتلاثين وستمائة (12/ 638). - الولاء: محرم سنة تسع وثلاثين وستمائة (1/ 639). - الجنايات: محرم سنة تسع وثلاثين وستمائة (1/ 639).

- الديات: صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة (2/ 639). - العقل: صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة (2/ 639). - الحوالة والكفالة: ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وستمائة (3/ 639). - الصلح: ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة (4/ 639). - الوكالة: منتصف جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة (5/ 639). - الشهادات: سلخ جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة (5/ 639). - الرجوع عن الشهادات: سلخ جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وستمائة (5/ 639). - صدقة الوقف: جمادى الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة (6/ 639). - الغصب: جمادى الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة (6/ 639). - الإجارات: رجب سنة تسع وثلاثين وستمائة (7/ 639). - الشركة: رجب سنة تسع وثلاثين وستمائة (7/ 639). - المضاربة: شعبان سنة تسع وثلاثين وستمائة (8/ 639). - الدعوى والبينات: بدون تاريخ. - الشرب: منتصف رمضان سنة تسع وثلاثين وستمائة (9/ 639). - الإقرار: شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة (10/ 639). - الوديعة: شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة (10/ 639). - العارية: شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة (10/ 639). - الحجر: شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة (10/ 639). وإذا فرضنا أن المجلدين الأولين حسب التجليد الاثني عشري كتبا

أولاً فيكون ترتيب المجلدات الأخرى تاريخياً هكذا: - الأول: الصلاة، الحيض، الزكاة، الصوم، التحري، الاستحسان، الأيمان. - الثاني: البيوع، الصرف، الرهن، القسمة، الهبة. - الثالث: العبد المأذون، الشفعة، الخنثى، المفقود، جعل الآبق. - الرابع: الحيل، اللقطة، المزارعة، النكاح. - الخامس: الرضاع، الطلاق، العتاق، العتق في المرض. - السادس: الدور، الحدود، السرقة، الإكراه، السير، الخراج، العشر. - السابع: الصيد والذبائح، الوصايا، الفرائض. - الثامن: المكاتب، الولاء، الجنايات، الديات، العقل. - التاسع: الحوالة والكفالة، الصلح. - العاشر: الوكالة، الشهادات، الرجوع عن الشهادات، الوقف، الصدقة الموقوفة، الغصب. - الحادي عشر: الإجارة، الشركة، المضاربة. - الثاني عشر: الدعوى والبينات، الشرب، الإقرار، الوديعة، العارية، الحجر. ويوجد في آخر المجلد الأول قيد ملكية مكتوب بخط حديث نسبياً وهذه نصها: ملكه من فضل الله -عَزَّ وَجَلَّ- الراجي عفو ربه ومغفرته محمد بن محمد الأنصاري الحنفي (¬1) غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين أجمعين (انظر: 1/ 327 ظ). ¬

_ (¬1) لم أستطع الجزم بتعيينه، لكن هناك محمد بن محمد الأنصاري الحنفي من علماء القرن التاسع. انظر: الضوء اللامع، 9/ 206. فلعله هو. وهناك محمد بن محمد الأنصاري الحنفي آخر، توفي سنة 843. انظر: المصدر السابق، 9/ 135.

ولم يذكر الناسخ الأصفهاني النسخة التي نقل منها نسخته، لكنه ذكر في آخر كتاب العتق في المرض أنها نسخة سقيمة فقال: "فمن قرأه فليعذرني فإن نسخة الأصل على غاية السقم وليس لي يد في الحساب". يعني أن المسائل المذكورة في هذا الكتاب متعلقة بمعرفة الحساب، ولو كانت له معرفة بالحساب لاستطاع أن يقرأ النسخة بسهولة واثقاً من نفسه في صحة القراءة. ولكنه قام بما يستطيع عمله، وهو عمل ضخم يشكر عليه، حيث نقل هذا التراث إلينا وحفظه لنا في هذه النسخة. كما ذكر في آخر كتاب الدور أنه كتبه من أصل سقيم. ولعل المقصود بالسقم هنا هو قدم النسخة وكونها بالية مما يسبب صعوبة القراءة. ولا ندري إن كان باقي الكتاب نقل من نفس النسخة السقيمة أو لا. وخط هذه النسخة واضح ومقروء في الأعم الأغلب، وهو يختلف نوعاً ما حسب القطع الثلاث المختلفة التي تشكل مجموع هذه النسخة كما بينا ذلك أعلاه. والكتابة منقوطة في القطعة الأولى والثانية ومشكولة بالحركات في مواضع كثيرة من القطعة الثانية. أما القطعة الثالثة فهي نصف منقوطة، لكن نقطها تكفي لقراءة النسخة إلا في الأسماء الموجودة في الأسانيد. وعلاوة على الإهمال (عدم النقط) الموجود في الأسماء فتكثر الأخطاء في كتابة الأسماء نفسها. وقد صححنا ذلك من كتب الرجال. والقطعة الأولى والثانية أخطاؤها أكثر من القطعة الثالثة التي تشكل معظم الكتاب. والنسخة عموماً في حالة جيدة إلا أن بها خروماً ومواضع أكلها الدود لا يمكن قراءتها. لكن نسبة ذلك إلى كل الكتاب ضئيلة جداً، كما يمكن تدارك ذلك النقص من النسخ الأخرى. وقد أثبت في الهامش بعض الفروق بين النسخ (¬1). وهذه النسخة تعتبر أهم النسخ وأقدمها في معظمها، أي حوالي ثلاثة أرباع الكتاب، والذي كتب في سنوات 637 - 639. وقد اتخذناها أصلاً في ترقيم الأوراق وأثبتنا فروقها في الهامش من بداية الكتاب إلى نهايته. ورمزنا لهذه النسخة بحرف م. ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: 2/ 180 و.

2 - نسخة مكتبة ملت قسم فيض الله أفندي

2 - نسخة مكتبة مِلَّتْ قسم فيض الله أفندي وهي برقم 665 - 669. وتقع في خمس مجلدات. وهي نسخة ناقصة. لكنها نسخة جيدة ومصححة في بعض المواضع إلا أن بها أخطاء وتحريفات كثيرة أيضاً. وفي آخر هذه النسخة هذا القيد لتاريخ النسخ: تم كتاب الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني -رحمه الله تعالى- في سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بدمشق المحروسة، ولله الحمد. وترتيبها وما تحتوي عليه هكذا: المجلد الأول فيه البيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة والإجارات والشركة والمضاربة. المجلد الثاني فيه الوكالة (يوجد القليل من أوله، وأكثره ناقص) والوقف (ناقص) والغصب والعبد المأذون (ناقص من أوله قليلاً) والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق. المجلد الثالث فيه الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح. المجلد الرابع فيه الدعوى والبينات والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل. المجلد الخامس فيه الدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض. كتب على وجه الورقة الأولى من المجلد الأول: قطعة من الأصل للإمام محمد. وذلك بخط حديث يغاير خط النسخة. وكتب فوق عنوان كتاب البيوع: من كتب الفقير السيد فيض الله المفتي في السلطنة العثمانية عفي عنه. ويتكرر ذلك أثناء الكتاب وهو شيخ الإسلام فيض الله أفندي صاحب المكتبة التي سميت باسمه. والمجلد الأول في الحقيقة يجمع مجلدين، المجلد الأول يبتدئ بالبيوع وينتهي بالهبة، ويبتدئ الثاني بالإجارات وينتهي بالمضاربة. وفي أول وآخر المجلد ختم مكتوب فيه: وقف شيخ الإسلام السيد فيض الله أفندي غفر الله له ولوالديه بشرط أن لا يخرج من مدرسته التي أنشأها بالقسطنطينية سنة 1112. ويتكرر الختم أيضاً في المجلدات الأخرى. المجلد الثاني مكتوب في بدايته: الجزء الثالث من الأصل، وفي

3 - نسخة مكتبة السليمانية قسم عاشر أفندي

بدايته ونهايته نفس الختم الموجود في المجلد الأول. وقد حدث في أوائله اختلاط في ترتيب الأوراق ونقص من كتاب الوكالة والوقف والعبد المأذون كما ذكرنا آنفاً. وأشرنا إلى كل ذلك في موضعه أثناء التحقيق. المجلد الثالث مكتوب في بدايته: الرابع من كتاب الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني في ست مجلدات. لكنه مكون من جزءين، الجزء الأول يبدأ بكتاب الحيل وينتهي بكتاب النكاح، ثم يبدأ الجزء الثاني - وفي بدايته فهرس للكتب والأبواب الموجودة فيه - بكتاب الحوالة والكفالة وينتهي بالصلح. المجلد الرابع مكتوب في بدايته: الخامس من الأصل. وفيه جزءان. الأول يبدأ بكتاب الدعوى والبينات وينتهي بكتاب الحجر، والثاني يبدأ بكتاب المكاتب وينتهي بالعقل. المجلد الخامس مكتوب في بدايته: الجزء السادس من الأصل للإمام محمد. وفيه جزءان. الأول يبدأ بكتاب الدور وينتهي بكتاب العشر، والثاني يبدأ بالصيد والذبائح وينتهي بالفرائض. ويوجد في بداية المجلدات فهرس لكتب وأبواب الكتاب بخط الناسخ. كما يوجد على الحواشي تعليقات منقولة عن كتب الفقه الحنفي والمعاجم. وكذلك توجد بعض التصحيحات والاستدراكات التي قام بها الناسخ نفسه. كما أن في نسخة فيض الله اختلاطاً في ترتيب الأوراق في كتاب السرقة وغيرها. وهذه النسخة هي النسخة الثانية التي أثبتنا فروقها في الهوامش من بدايتها إلى نهايتها، لكنها نسخة غير كاملة وإن كانت تحتوي على أكثر الكتاب. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ف. 3 - نسخة مكتبة السليمانية قسم عاشر أفندي هذه النسخة برقم 87 - 91. وهي نسخة كاملة تقع في خمس مجلدات. وكتبت بين سنتي 1207 - 1209 بخط عمر بن محرم البوسنوي. المجلد الأول: 231 ورقة، الثاني: 375 ورقة، الثالث: 370 ورقة، الرابع: 375 ورقة، الخامس: 299 ورقة. فالمجموع 1645 ورقة. لكن

4 - نسخة مكتبة كوبريلي

عدد السطور فيها يختلف من مجلد إلى مجلد، فمسطرة المجلد الأول 21 سطرًا، والثاني 31 سطراً، والثالث 19 سطراً، والرابع والخامس 31 سطرًا. يحتوي المجلد الأول على الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان، والثاني على المكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض، والثالث على الإجارات والشركة والمضاربة والدعوى والبينات والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر، والرابع على الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق، والخامس على الرضاع والطلاق والعتاق والعتق في المرض والبيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة. وهي نسخة جميلة واضحة الخط. وقد حاول الكاتب تصحيح الأخطاء الواردة في النسخة أو النسخ التي ينقل عنها كما يتبين ذلك من مقارنة الأخطاء بين النسخ، وقد أصاب في بعض ذلك ولم يصب في بعضها. وقد استعملناها كنسخة مساعدة. ولم نشر إلى فروقها أثناء التحقيق إلا في كتب الوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف، لأن هذه الكتب ناقصة في نسخة فيض الله أفندي. كما أشرنا إلى فروقها في مواضع أخرى قليلة عند الحاجة إلى ذلك. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ع. 4 - نسخة مكتبة كوبريلي وهي برقم 537. ومكتوب عليها "كتاب الأصل لمحمد بن الحسن". وتقع في 4 + 224 ورقة. في كل الصفحات 19 سطراً إلا ورقات من أولها فيها 17 سطراً. وهي نسخة ناقصة تحتوي على كتاب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. لكنها نسخة واضحة جيدة الخط وهي أصح النسخ في القدر الذي اشتملت عليه. وفي بدايتها فهرس للكتاب. كما أن على النسخة ختم الوزير كوبريلي الذي أنشأ المكتبة. وفي أولها قيد تملك نصه: "دخل في سلك ملك الفقير محمد بن أبي العمد صفي الدين عفي عنهما". وفي حواشي النسخة تصحيحات وبعض النقول من

5 - نسخة مكتبة شسشر بتي (Chester Beatty)

الجامع الصغير وغيره، وقيود المقابلة مع نسخة الأصل في مواضع كثيرة هذه نصها: "بلغ مقابلةً وتصحيحًا على نسخة الأصل بحسب الطاقة، ولله الحمد والمنة". وفي آخرها قيد لتاريخ النسخ واسم الناسخ يقول فيه: "ووافق الفراغ من نسخه يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وذلك على يد أفقر عباد الله وأحوجهم إلى رحمته المعترف بالذنوب والتقصير خالد بن أيبك الشجاعي ... ملك العبد الفقير إلى الله تعالى الحاج إلى بيت الله الحرام الزائر قبر رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام سيف الدين قرونه بن عبد الله السيفي أحد المماليك السيفية أيتمش المحمدي الملكي الناصري (¬1) ختم الله بالخيرات أعماله بمحمد وآله وصحبه وسلَّم تسليماً". وهذه النسخة قد أثبتنا فروقها في الهامش من كتاب الصلاة إلى كتاب الأيمان، أي من بداية النسخة إلى نهايتها، وهي نسخة جيدة يغلب عليها الصحة. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ك. 5 - نسخة مكتبة شسشر بتي (Chester Beatty) ورقمها 5306، وهي قطعة بمقدار 2 + 135 ورقة. وليس عليها تاريخ للنسخ، لكنها نسخة قديمة وغير منقوطة في كثير من الأحيان. وهي نسخة جيدة يغلب عليها الصحة. وتحتوي على كتاب الرضاع والطلاق والعتاق والعتق في المرض. وقد أثبتنا فروقها في الهامش في القسم الموجود منها. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ش. 6 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 382. وتقع في 200 ورقة، ومسطرتها 21 سطرًا. ويوجد مايكروفيلم مأخوذ من هذه النسخة في معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، فقه حنفي، رقم 12. وقد حصلنا على صورة من هذه ¬

_ (¬1) هو أحد أمراء المماليك، كان نائب طرابلس، وتوفي سنة 755.انظر: السلوك للمقريزي، 4/ 215.

7 - نسخة المكتبة الأحمدية بحلب

القطعة من الأصل. ولا يوجد على المخطوطة تاريخ للنسخ ولا اسم الناسخ. وخمّن فؤاد السيد أنها من القرن الرابع (¬1). وهي تبتدئ من أواخر كتاب المضاربة من قوله: ودرهماً وثلثين فيطرح منها تمام رأس مال رب المال من المضاربة الأولى ... ، يليه كتاب الدعوى والبينات، كتاب الشرب، كتاب الإقرار، كتاب الوديعة، كتاب العارية، كتاب الحجر، وينتهي في آخر الحجر عند قوله: فأطلق عنه الحجر وأجاز ما كان ... فتوجد عدة سطور ناقصة من الآخر. وهي نسخة مكتوبة بخط واضح قديم، كما أنها جيدة يغلب عليها الصحة، وتوجد بعض التصحيحات والاستدراكات على الحواشي. كما أن الناسخ يصلح الخطأ الموجود في النسخة التي ينقل منها أحياناً، ويقول في الهامش: أصله ... ، فيذكر الكلمة كما هي في الأصل. وهذا تصرف دقيق. لكن مع ذلك توجد في النسخة أخطاء وأسقاط. وهناك احتمال أن تكون هذه النسخة متأخرة عن نسخة مكتبة مراد ملا بإسطنبول المؤرخة في 637 - 639. وذلك لأن هناك سقطاً في هذه النسخة في وسط الورقة 122 ظ، وهذا السقط يقابل مقدار ورقة تمامًا من نسخة مراد ملا وهي الورقة 6 ظ- 7 ظ من المجلد الخامس. فيبتدئ السقط من بداية الورقة 6 ظ ويستمر إلى بداية الورقة 7 ظ. وهذا قد يدل على أن الناسخ لنسخة دار الكتب قد انتقل من الورقة التي قبل هذه إلى التي بعد هذه، أي تجاوز ورقة تامة عند تقليبه للأوراق. ورمزنا لهذه النسخة بحرف د. 7 - نسخة المكتبة الأحمدية بحلب وهي برقم 529. وتقع في 75 ورقة، ومسطرتها 25 سطراً. وعلى وجه الورقة الأولى عنوان: كتاب الصلاة للإمام العالم الرباني محمد بن الحسن الشيباني برواية أبي سليمان الجوزجاني عن محمد بن الحسن -رحمهما الله تعالى-. كما يوجد تحت العنوان السابق قيد تملك باسم كرتباي بن عبد الله بن طرسن بتاريخ 22 صفر 850. ويوجد في آخر النسخة قيد مقابلة، وأنه بلغ قراءة على قدر طاقة (كذا) مع الأخ في الله تعالى ¬

_ (¬1) فهرس معهد المخطوطات، 1/ 255.

8 - نسخة مكتبة السليمانية قسم يوزغات

أقباي بن عبد الله الأينالي بتاريخ 24 شوال 851. وتمتاز هذه النسخة بأنها لا تحتوي على العبارات المزيدة على كتاب الأصل من قبل بعض الرواة أو الناسخين والموجودة في جميع النسخ الأخرى. وقد أشرنا إلى أماكن وجود هذه الزيادات في أماكنها في الحاشية. كما أنه تنفرد هذه النسخة بعبارات تكمل النقص الموجود في النسخ الأخرى في بعض المواضع. وتكثر الفروق بين هذه النسخة والنسخ الأخرى من حيث ترتيب المسائل والألفاظ. وتخلو هذه النسخة من كثير من عناوين الأبواب الموجودة في النسخ الأخرى. لكنها تتفق من حيث المعنى مع النسخ الأخرى إلا في النادر. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ح. 8 - نسخة مكتبة السليمانية قسم يوزغات وهي برقم 335، وتقع في 102 ورقة، ومسطرتها 21 سطرًا. وليس عليها اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ. وعليها قيد تملك بتاريخ 1205، وقيد وقف بتاريخ 1211. وتتفق هذه النسخة مع نسخة المكتبة الأحمدية. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ي. 9 - نسخة مكتبة السليمانية قسم ملا جلبي ورقمها 38، وتقع في 252 ورقة. ومسطرتها 21 سطرًا. وهي نسخة ناقصة تحتوي على كتاب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. مكتوب في بدايته: "كتاب الأصل لمحمد بن الحسن". وعليه قيود للتملك والوقف. وفي آخره: "وفرغ من نسخه العبد الفقير إلى الله تعالى المعترف بذنوبه المقر بخطاياه الراجي من الله سبحانه العفو والمغفرة عيسى بن سعيد بن أبي القسم البصراوي -رحمه الله- ورحم من قال: -رحمه الله- ورحم أموات المسلمين أجمعين إنه هو الغفور الرحيم ... وكان الفراغ منه يوم الإثنين ثاني شهر المحرم من سنة أحد وثلاثين وسبعمائة أحسن الله تعالى خاتمتها". وهى نسخة لا بأس بها. وقد استعنا بها في التصحيح والاستدراك في بعض المواضع. فهي نسخة مساعدة. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ج.

10 - نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله

10 - نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله ورقمها 575، وتقع في 207 ورقة. ومسطرتها 23 سطراً. وهي نسخة ناقصة تحتوي على كتاب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. مكتوب في بدايته: "الجزء الأول من كتاب الأصل". وعليه قيود أخرى وختم المكتبة. لكن هناك أوراق كثيرة من النسخة أكلتها الأرضة في مواضع كثيرة منها. يقول ناسخه في الآخر: "وكان الفراغ من نسخه صبيحة يوم السبت الخامس عشر من شهر رمضان المعظم سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة أحسن الله خاتمتها في خير وعافية". وهي نسخة لا بأس بها. وقد استعنا بها في التصحيح والاستدراك في بعض المواضع. فهي نسخة مساعدة. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ر. 11 - نسخة من كتاب الحيل وهي برقم 962 في قسم شهيد علي باشا بمكتبة السليمانية، وتقع في 72 ورقة. واسم الناسخ يونس بن عمر، ولم نستطع قراءة تاريخ النسخ لخرم في النسخة. وذكر فؤاد سزكين أن تاريخ النسخ 930 (¬1). وقد كتب في بداية هذه النسخة أنها "كتاب المخارج في الحيل عن أبي حنيفة النعمان رواية أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم ". وفي آخر النسخة: "هذا آخر كتاب الحيل الذي يسمى المخارج عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم". ولكن يتبين من فحصها أنها نفس كتاب الحيل الموجود ضمن كتاب الأصل، لكنها مختلفة عنه في ترتيب الأبواب والمسائل مع بعض التغيير في الألفاظ. أما المسائل فهي نفسها إلا بضعة مسائل لا توجد في كتاب الأصل، وهي قليلة جداً. وقد استفدنا من هذه النسخة في التصحيح وإكمال النقل الموجود في نسخ الأصل. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ل. 12 - نسخة أخرى من كتاب الحيل وهي برقم 57 في قسم ملا جلبي بمكتبة السليمانية، وتقع بين ورقة ¬

_ (¬1) فؤاد سزكين، تاريخ التراث العربي، 1/ 3، 73.

13 - نسخة مكتبة راشد أفندي بمدينة قيصري

رقم 168 و - 191 ظ، أي في 24 ورقة، ومسطرتها 31 سطراً. وتاريخ النسخ سنة 862 على يد عبد الله ابن الحاج حسين بن أحمد العبادي المكي. وعلى هذه النسخة عنوان: "كتاب الحيل في الفقه المنسوبة إلى الإمام أبي يوسف". وفي آخر النسخة: "هذا آخر كتاب الحيل الذي يسمى كتاب المخارج عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم". وهي تشبه النسخة السابقة من حيث الترتيب والمسائل والألفاظ. وقد استفدنا من هذه النسخة أيضاً في التصحيح وإكمال النقص الموجود في نسخ الأصل. ولم نرمز لهذه النسخة برمز، ولكن ذكرناها باسمها حين الحاجة. 13 - نسخة مكتبة راشد أفندي بمدينة قيصري وهي برقم 325/ 1. وتقع في 1+ 192 ورقة. وفي كل صفحة 25 أو 26 سطراً. وتحتوي النسخة على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. ويوجد على وجه الورقة الأولى فتوى متعلقة بأن ماء زمزم ونهر الكوثر أيهما أفضل، وقد أجاب على هذه الفتوى سعد الدين الديري الحنفي (ت. 867) ونقل ذلك من خطه، وابن حجر العسقلاني (ت. 852) وقد كتب الجواب بخطه، وكمال الدين الأسيوطي (ت. 855) وكتب الجواب بخطه أيضاً. وهي نسخة مكتوبة بخط واضح، وعلى الهامش قيود المقابلة، وتصحيحات، وتعليقات في مواضع قليلة تدل على أن الكاتب فقيه واسع الاطلاع (انظر مثلاً: الورقة 27 و - ظ). وفي آخره قال الناسخ: "تم الكتاب بعون الله وحسن توفيقه ووقع الفراغ منه يوم الجمعة قبل الصلاة ثالث عشر شهر الله المحرم سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة (843) على يد العبد الضعيف الراجي التوبة والمغفرة من ربه القوي الكريم أحمد بن محمود بن يوسف بن عثمان بن فقيه بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان وحسبنا الله ونعم الوكيل". ورمزنا لهذه النسخة بحرف ق.

14 - نسخة مكتبة بايزيد

14 - نسخة مكتبة بايزيد وهي برقم 18993 - 18996، وتقع في أربع مجلدات. الأول 314 ورقة، الثاني 361 ورقة، الثالث 328 ورقة، الرابع 293 ورقة. وفي المجلد الأول في آخر كتاب الأيمان (الورقة 122 و) أن تاريخ كتابته شهر رجب سنة 976، واسم الناسخ محمد بن عبد المؤمن الرومي. وفي المجلد الرابع في آخر كتاب الحوالة والكفالة (الورقة 43 ظ) قيد استنساخ لنفس الكاتب بتاريخ السادس من رمضان لسنة 977. يحتوي المجلد الأول على الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب، والثاني على البيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة والإجارات والشركة والمضاربة والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل، والثالث على الدعوى والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق، والرابع على الحوالة والكفالة والصلح والرضاع والطلاق والعتاق والعتق في المرض والصيد والوصايا والفرائض. وينقص هذه النسخة كتاب الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح، وهي موجودة في مجلد في مكتبة بايزيد برقم 18978، وتقع في 5 + 274 ورقة. في أوله قيد تملك بلفظ: "من كتب العبدويسي في سنة 1015". وتحتوي على كتاب الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح، لكنه ناقص من آخره. وهي منقولة من نسخة مراد ملا. يتبين ذلك من الكتابة الموجودة في بدايتها حيثما يقول الناسخ: "وجدت على نسخة الأصل هذه الفهرسة"، ثم ينقل نفس العبارة الموجودة في نسخة مراد ملا، 7/ 1 و، والتي تبين اطلاع عبد الله بن محمد بن عطاء الحنفي على هذه النسخة. وقد رمزنا لهذه النسخة بحرف ز. 15 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 33. وهي مكتوبة بقلم عادي (¬1). وتقع في ¬

_ (¬1) فهرست الكتب العربية، 3/ 6.

16 - نسخة دار الكتب المصرية

مجلد واحد (¬1). وهي 251 ورقة. وعليها قيد وقف للأمير السيفي صرغتمش الناصري (759) بوقف الكتاب على مدرسته، وكان شديد التمسك بالمذهب الحنفي (¬2). ويبدأ المجلد بكتاب الدعوى والبينات من بدايته، لكن لا توجد من كتاب الدعوى والبينات فيه إلا صفحة واحدة، ثم ينتقل في الورقة الثانية إلى وسط كتاب الحجر. وفي آخر كتاب الحجر أنه علّقه أبو بكر بن عمر بن صديق الراشدي (¬3). ثم يبتدئ جزء آخر، عليه قيد الوقف نفسه ولكنه مخروم في وسطه ويستمر هذا الخرم لعدة ورقات متتالية. ويبتدئ هذا الجزء بكتاب المكاتب، يليه كتاب الولاء، الجنايات. ثم في الورقة 117 ظ ينتقل إلى وسط كتاب الإقرار، يليه كتاب الوديعة، الحجر. ثم في وسط الحجر ينتقل إلى وسط كتاب الديات. يليه كتاب العقل. وفي آخره قيد قراءة ومطالعة سنة 839، وقيد آخر بتاريخ 958. ورمزنا لهذه النسخة بحرف غ. 16 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 34. وتقع في مجلد واحد، به خروم، مكتوب بقلم عادي (¬4). وهي 135 ورقة. وتبدأ هذه النسخة بفهرس لكتاب الإقرار، ثم يوجد قيد وقف لبدر الدين بن الشجاع (769) (¬5) وأنه في ست مجلدات، وأن مقر النسخة خانقاه سعيد السعداء بالقاهرة. وتبدأ النسخة بكتاب الإجارات. وفي آخر كتاب الإجارات أنه كتبه محمد بن نصر بن عز بن علي المختار في صفر سنة ست وستين وستمائة (666). يليه كتاب الشركة، وفي آخرها قيد نفس الكاتب بتاريخ 3 ربيع الأول 666. يليه كتاب المضاربة وهو غير كامل، ويوجد أكثره. وقيل في الفهرس: تبدأ بكتاب ¬

_ (¬1) وقيل في الفهرست بأنها تقع في مجلدين. انظر: فهرست الكتب العربية،3/ 6. وانظر: التعريف بنسخة دار الكتب رقم 623 فيما يأتي. (¬2) الدرر الكامنة، 2/ 363 - 365. (¬3) وذُكر أنه بخط أبي بكر بن محمد بن أحمد بن عمر بن صديق الراشدي الحنفي. انظر: فهرست الكتب العربية، 3/ 6. ولم نجد هذا القيد في النسخة. (¬4) فهرست الكتب العربية، 3/ 6. (¬5) وهو فقيه حنفي. انظر: الدرر الكامنة، 6/ 31.

17 - نسخة دار الكتب المصرية

الإجارات وتنتهي إلى أثناء كتاب الولاء (¬1). لكن النسخة ليس فيها إلا كتاب الإجارات والشركة والمضاربة. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ص. 17 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 623. وتقع في 195 ورقة. ومكتوب عليها: الرابع من الأصل. وتبدأ بكتاب الخراج، يليه العشر، الصيد والذبائح، الوصايا، الوصايا في الدين والعين، الفرائض. ولا يوجد بها تاريخ نسخ. وقد قيل في الفهرس: "وهي الجزء الثاني والرابع من هذه النسخة، مكتوبان بقلم عادي. يبدأ الجزء الثاني من كتاب المكاتب وينتهي بكتاب العقل، ويبدأ الجزء الرابع من كتاب الخراج وينتهي بكتاب الفرائض" (¬2). لكن الواقع أنه مجلد واحد. وهو الرابع فقط. ويظهر أن الجزء الثاني قد دخل في النسخة السابقة التعريف برقم فقه حنفي 33. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ت. ب - نسخ الكتب الأخرى المساعدة في التحقيق 1 - نسخة الكافي للحاكم الشهيد (ت. 334) والكافي هو مختصر كتب الإمام محمد كما أفاد الحاكم ذلك في مقدمة الكتاب. ونسخة الكافي التي اعتمدنا عليها في مكتبة عاطف أفندي، برقم 1005 - 1007. وهي تقع في ثلاث مجلدات، أولها 3+ 240 ورقة، والثاني 5+ 349 ورقة، والثالث 1+ 336 ورقة. لكنها مركبة من قطعتين مختلفتين. فالمجلد الأول مكتوب بخط حديث من العهد العثماني، ومسطرتها 25 سطراً. أما المجلدان الثاني والثالث فقد كتبا سنة 714، ومسطرتهما 21 سطراً. وهما في الحقيقة الجزء الثالث والرابع في تلك النسخة كما كتب عليهما. فالمجلد الأول هو يقابل المجلدين الأولين المفقودين من هذه النسخة. وقد قصت أطراف الورقة الأخيرة التي فيها تاريخ النسخ في المجلد الثاني. لكن يمكن قراءة ما مفاده أن الكاتب واسمه ¬

_ (¬1) فهرست الكتب العربية، 3/ 6. (¬2) فهرست الكتب العربية، 3/ 6.

2 - نسخة مكتبة بايزيد لمختصر الأصل

محمد بن عبد الرحمن الزفتاوي كتبه في شوال سنة 714. أما في آخر الكتاب فقد كتب: "قوبل جميعه على نسخة للأصل وهو الجزء الرابع لتكملة أربعة أجزاء مقابلة بحسب الطاقة بالإشارة العالية المولوية القصاية (لعلها: القضائية) الكريمة كرمها الله تعالى ناظر الدولة المنصورة الناصرية صانها الله تعالى عن كل عثرة على يد أقل عبيد الله وأصغرهم وأحقرهم ... محمد بن عبد الرحمن الزفتاوي الحنفي عامله ... أربع عشرة وسبعمائة. وتاريخ أصله الذي نسخ منه وقوبل عديه وقع الفراغ منه يوم السبت السادس عشر من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة". وهذه النسخة بقطعتيها جيدة ومقروءة، لكن القطعة الثانية غير منقوطة في كثير من الأحيان. وقد استفدنا غاية الاستفادة من الكافي في تصحيح أخطاء نسخ الأصل لا سيما في المواضع المتفقة فيها على الخطأ، كما استفدنا منها في استدراك النقص الموجود في نسخ الأصل والذي يبلغ عدة أسطر أحياناً. كما استفدنا من المبسوط للسرخسي الذي هو شرح الكافي في كثير من المواضع للتصحيح والاستدراك. ولولا هذين الكتابين لما تم لنا تصحيح نسخ الأصل. 2 - نسخة مكتبة بايزيد لمختصر الأصل وهي برقم 18910، 18917 - 18919. وتقع في أربع مجلدات، الأول في 231 ورقة، والثاني في 227 ورقة، والثالث في 310 ورقة، والرابع في 339 ورقة. ومسطرة المجلدين الأولين 25 سطراً، والمجلدين الأخيرين 23 سطراً. وقد سجلت في المكتبة باسم الأصل للإمام محمد. فيوجد على المجلد الأول عنوان كتاب الأصل في الفقه. وليس على المجلدات الثلاثة الباقية عنوان للكتاب، لكن يوجد في آخر المجلد الثالث: تم الجزء الأول من مختصر الأصل. والكتاب ليس هو الأصل. يتبين ذلك بوضوح عند مقارنته مع الأصل. بل هو اختصار للأصل. والمجلد الأول قديم وفي حالة سيئة، ويصعب قراءته. ويحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والرضاع والطلاق والعتاق واللقيط والعتق في المرض. ويوجد في الفهرس الموجود في بداية المجلد ذكر

3 - نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله لمختصر الأصل

لكتب الحيل واللقطة والمزارعة، لكنها غير موجودة في المجلد. ويحتوي المجلد الثاني على كتاب الدعوى والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والإجارات والشركة والمضاربة، والثالث على الأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والدور والعتق في المرض والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض، والرابع على الكفالة والحوالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والصدقة الموقوفة والغصب والبيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة. وهذه النسخة لا تاريخ عليها، لكنها نسخة جيدة على وجه العموم، وقد استعنا بها في تصحيح كثير من أخطاء نسخ الأصل. ورمزنا لهذه النسخة بحرف ب. 3 - نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله لمختصر الأصل وهي برقم 576، وتقع في 2+ 392 ورقة، ومسطرتها 33 سطراً. وقد نسبت نسخة جار الله في بدايتها إلى الحاكم الشهيد، لكنه لا تصح هذه النسبة. فإن أسلوب الكتاب مختلف تماماً عن أسلوب الحاكم الشهيد في الكافي. ومكتوب عليه أيضاً: النصف الثاني من مختصر الأصل وهو المبسوط رواية أبي سليمان الجوزجاني. وقد شطب بعضهم كلمة مختصر، وسُجل الكتاب في المكتبة باسم الأصل للشيباني، مع أنه ليس كذلك قطعًا. بل هو نفس المختصر السابق. وقد كتب الناسخ في آخره: "وكان الفراغ من كتابة هذا الجزء المبارك في يوم الخميس المبارك سادس جمادى الآخر سنة خمسين وتسعمائة من كتابة العبد الفقير إلى الله تعالى عبد الخالق بن عبد الرحمن بن عباس غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين والحمد لله وحده وحسبنا الله ونعم الوكيل". وتحتوي النسخة على كتاب الكفالة والحوالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والصدقة الموقوفة والغصب والبيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والدور وتصرفات المريض والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والوصايا والفرائض. ورمزنا لهذه النسخة بالرمز "جار".

ج - نسخ كتاب الأصل الأخرى

ج - نسخ كتاب الأصل الأخرى في مكتبات إسطنبول وغيرها نسخ كثيرة لكتاب الأصل. وقد اطلعنا على أكثرها. وهي غير ما قدمنا كما يلي: 1 - نسخة مكتبة طوبقابي سرايي وهي برقم 3393 - 3394 (أحمد الثالث، رقم 697). وتتكون من مجلدين، الأول يبدأ بكتاب الصلاة، ويتكون من 311 ورقة، و 27 سطراً في كل صفحة. والثاني يبدأ بكتاب الإجارات، ويتكون من 377 ورقة، و 25 سطراً في كل صفحة. والظاهر أن هذين المجلدين من نسخة واحدة. وقد كتبتا بخط نسخ عربي. 2 - نسخة مكتبة طوبقابي سرايي وهي برقم 3395 (أحمد الثالث، رقم 698). وتقع في 278 ورقة، و 47 سطراً في كل صفحة، ويحتمل أن تكون كتبت في القرن العاشر. وقد كتبت بخط النسخ العثماني. 3 - نسخة مكتبة طوبقابي سرايي وهي برقم 3396 (أحمد الثالث، رقم 699). وتقع في 645 ورقة، و 44 سطراً، وقد كتبت بالخط الفارسي، ويحتمل أن تكون كتبت في القرن الحادي عشر (¬1). 4 - نسخة مكتبة نور عثمانية وهي برقم 1377. وتقع في 434 ورقة، ومسطرتها 35 سطراً. وتاريخ النسخ هو سنة 1152. ويحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والسرقة والإكراه والخراج والعشر والصيد والوصايا والعتق والفرائض. ¬

_ (¬1) fehimi Edhem Karatay ve o.Reser,Topkapi Saryi Muzesi Kutuphanesi Arapca Yazmalar . 375 - 376/ 2 - Katalogu ,

5 - نسخة مكتبة السليمانية قسم ملا جلبي

5 - نسخة مكتبة السليمانية قسم ملا جلبي وهي برقم 39 - 40. ومسطرتها 21 سطراً. وهذه النسخة تتكون من مجلدين، يحتوي الأول على العبد المأذون والشفعة والمفقود وجعل الآبق، وكتب عليه أنه قوبل سنة 959، واسم الكاتب يونس بن أحمد الفيومي الأزهري. وقد ذكر في آخره أنه يتلوه كتاب الرضاع، لكن المجلد الثاني لا يبدأ بالرضاع، بل بالمكاتب ثم الولاء والجنايات والديات والعقل، وعليه نفس التاريخ سنة 959. 6 - نسخة مكتبة السليمانية قسم حميدية وهي برقم 546. وتقع في 708 ورقة. ومسطرتها 45 سطراً. يحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض والإجارة والشركة والمضاربة والدعوى والبينات والشرب والإقرار والوديعة والعارية، والحجر والحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق. وليس عليه تاريخ للنسخ. وقد كتب بخط حديث جميل يظهر أنه من العهد العثماني المتأخر. 7 - نسخة مكتبة السليمانية قسم آيا صوفيا وهي برقم 1026. وتقع في 413 ورقة، ومسطرتها 33 سطراً. وهو المجلد الأول من الأصل. وقد كتب في مكة المكرمة سنة 1140. والمجلد كبير يحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والصيد والذبائح والوصايا والفرائض. وفي آخره: "تم الجزء الرابع ... وكان الفراغ منه يوم السبت ... شوال سنة ألف ومائة وأربعين من الهجرة ... وكان ذلك بمكة المشرفة ... وكتبه الفقير ... محمد جاد الله بن محمد بن محمد المناواتي المالكي ... " وفي بداية

8 - نسخة مكتبة ملت قسم فيض الله أفندي

النسخة قيد يفيد أنه من وقف السلطان محمود خان، وأنه حرر هذا القيد أحمد شيخ زاده المفتش بأوقاف الحرمين الشريفين. 8 - نسخة مكتبة مِلَّتْ قسم فيض الله أفندي وهي برقم 664. وتقع في 945 ورقة. وفي الورقة 732 و: أنه تمت النسخة التي استكتبها أبو سعيد بن فيض الله بمدرسة إبراهيم باشا في سنة 1097. والنسخة تنقصها عدة أوراق. ويحتوي هذا المجلد على معظم كتاب الأصل. ففيه: الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والوصايا والعتق والفرائض والإجارات والشركة والمضاربة والدعوى والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والحيل والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح والوكالة والشهادات والوقف والغصب والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود. 9 - نسخة مكتبة السليمانية قسم سليمانية وهي برقم 586، وتقع في 421 ورقة، ومسطرتها 35 سطراً. وهو الجزء الرابع من الكتاب على ما يبينه الناسخ في آخره. وتاريخ النسخ سنة 1152. وخطها واضح. واسم الناسخ: موسى بن عمرو المنشاوي. ويحتوي على ثلث الكتاب تقريبًا. ففيه: الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والوصايا والفرائض. 10 - نسخة مكتبة السليمانية قسم طرخان والدة سلطان وهي برقم 98 - 99. وتتكون من مجلدين، الأول 629 ورقة، والثاني 469 ورقة. ومسطرتها 31 سطرا. والمجلد الأول فيه ثلاثة أجزاء. الجزء الأول يحتوي على الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. الجزء الثاني يحتوي على الدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والوصايا والفرائض. وفي آخر

11 - نسخة مكتبة السليمانية قسم بشير آغا

الجزء الثاني تاريخ بسنة 970.الجزء الثالث يحتوي على الإجارات والشركة والمضاربة والدعوى والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر. وفي آخر الجزء الثالث تاريخ بسنة 971. أما المجلد الثاني فيتكون من جزءين. الجزء الأول يحتوي على الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح. والجزء الثاني يحتوي على الوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب والمأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق. 11 - نسخة مكتبة السليمانية قسم بشير آغا وهي برقم 206، وتقع في 8+ 379 ورقة، ومسطرتها 35 سطراً. وتاريخ النسخ سنة 1118. وفي آخره أنه أنجز الجزء الرابع، وكتبه عبد القادر بن حسن البسيوني المالكي. ويحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض. 12 - نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله وهي برقم 844، وتقع في 189 ورقة، ومسطرتها 23 سطراً. وهو مجلد واحد يبدأ من الصلاة مع بعض السقط من أوله، ثم يتلوه الحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. وهو مكتوب بالخط الفارسي، ويظهر أنه من العهد العثماني المتأخر. واسم الناسخ محمد بن نور الله، لكنه لم يبين تاريخ النسخ. 13 - نسخة مكتبة عاطف أفندي وهي برقم 742، وتقع في 257 ورقة، ومسطرتها 19 - 21 سطراً. وفي بدايتها فهرس. وقد كتب عليها بخط يغاير خط النسخة: "كتاب المبسوط للإمام محمد بن الحسن الشيباني". وفي آخره: "تم المجلد الأول من كتاب الأصل للعلَّامة الجوزجاني". وتحت هذه العبارة قيد لتاريخ النسخ: "وكان الفراغ من كتابته يوم الإثنين المبارك سابع وعشرين شهر الله

14 - نسخة مكتبة عاطف أفندي

المحرم من شهور سنة خمسين وتسعمائة". وفي الهامش: "بلغ مقابلة على نسخة نقلت من نسخة الأصل بحسب الطاقة". ويوجد هذا القيد في كثير من المواضع في هوامش الكتاب. وتحتوي هذه النسخة على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. 14 - نسخة مكتبة عاطف أفندي وهي برقم 743 - 744، في مجلدين. ويقع المجلد الأول في 436 ورقة، والثاني في 412 ورقة، ومسطرتهما 31 مسطراً. وفي بداية المجلدين فهرس. وقد كتب على المجلد الأول: "المجلد الثاني من كتاب الأصل للإمام محمد بن الحسن". وفي الورقة 197 ومن المجلد الأول هذا القيد: "تم المجلد الثاني من كتاب الأصل لمحمد بن الحسن في أواسط شهر جمادى الأول في سنة المائة وألف (كذا) ". يليه المجلد الثالث، وفي بدايته فهرس. أي أن المجلد الأول من هذه النسخة يتكون من مجلدين أي جزءين في الحقيقة. ويحتوي هذا المجلد في الجزء الأول منه على كتب الدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض، وفي الجزء الثاني على كتب الإجارات والشركة والمضاربة والدعوى والبينات والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر. أما المجلد الثاني برقم 744 فمكتوب عليه: "المجلد الرابع من كتاب الأصل لمحمد بن الحسن الشيباني"، وهو أيضاً يتكون من جزءين، يشتمل الأول على كتب الحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والحوالة والكفالة والصلح، والثاني - وهو المجلد الخامس في الحقيقة ويبدأ من ورقة 203 و -: على كتب الوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب والعبد المأذون والشفعة والخنثى والمفقود وجعل الآبق. 15 - نسخة مكتبة عاطف أفندي وهي برقم 745، وتقع في 241 ورقة، ومسطرتها 29 سطراً. ولا يوجد عليها تاريخ. وتحتوي على كتب الرضاع والطلاق والعتاق والعتق في المرض والبيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة.

16 - نسخة مكتبة حاجي سليم آغا

16 - نسخة مكتبة حاجي سليم آغا وهي برقم 285 - 286، وتقع في مجلدين. الأول 278 ورقة، ومسطرته 35 سطراً. وعليه قيد للملك بتاريخ 1141، وختم وقف الحاج سليم آغا. ويحتوي هذا المجلد على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان مع نقص، والمكاتب مع نقص، والولاء والجنايات والديات والعقل. والمجلد الثاني 275 ورقة، ومسطرته 33 سطراً. ويحتوي على كتب الدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض. 17 - نسخة مكتبة راغب باشا وهي برقم 450، وتقع في 10+ 311 ورقة، ومسطرتها 45 سطراً. في بدايتها فهرس. وتاريخ النسخ سادس شهر رجب سنة 1138. وتحتوي على كتب الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والفرائض. 18 - نسخة مكتبة راشد أفندي بمدينة قيصري وهي برقم 325/ 2. وتقع في 1+ 613 ورقة. في كل صفحة 27 سطراً. وتحتوي على كتب الدعوى والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر. ثم يليه في النسخة باب بيوع أهل الذمة ... وأبواب أخرى منها باب كتاب القاضي وغيرها، وهي ليست من كتاب الأصل. وبعد ذلك يأتي باب مكاتبة الأب على نفسه وولده الصغار، وهذا الباب من كتاب المكاتب في الأصل، يليه كتاب الولاء، والجنايات، والديات، والعقل. وفي الورقة 424 و: "الجزء الرابع من الأصل للإمام محمد". يليه: كتاب الخراج والعشر والصيد والوصايا والفرائض والدور والحدود. وكتاب الحدود ناقص من آخره. يليه كتاب السرقة، لكنها ناقصة من أولها. يليه كتاب الإكراه، وهو ناقص أكثره. يليه كتاب السير لكنه ناقص من أوله إلى وسطه تقريباً. يليه كتاب الخنثى، وهو ناقص من أوله إلى وسطه تقريباً. يليه كتاب المفقود،

19 - نسخة مكتبة قسطموني

وجعل الآبق. وليس في آخره تاريخ النسخ أو اسم الناسخ. لكن يوجد في ظهر آخر ورقة منه: "من الإنعام الرباني على عبده الفقير إلى الله الغني أبو ... حسن بن علي أثابهما ربهما بالنعيم الخفي والجلي سنة 1075". ويظهر أنه قيد للملكية. ولعله كتب قريباً من هذا التاريخ، فإن خطه حديث. 19 - نسخة مكتبة قسطموني وهي برقم 2832، وتقع في 483 ورقة، ومسطرتها 35 سطراً. تبدأ بكتاب الصلاة وتنتهي بكتاب الفرائض. وتاريخ نسخها 1119. 20 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 200. وتقع في 699 ورقة، ومسطرتها 45 سطراً. وقد كتبت بخط نسخ جميل، لعله من القرن الماضي (¬1). وتحتوي هذه النسخة بالترتيب على كتب الصلاة والحيض الزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والدور والحدود والسرقة والإكراه والسير والخراج والعشر والصيد والذبائح والوصايا والوصايا في الدين والعين والفرائض والإجارات والشركة والمضاربة (ناقص من آخره بمقدار الخمس)، والمزارعة (ناقص هنا، وتأتي بقيته مؤخراً)، والنكاح والحوالة والكفالة والصلح والوكالة والشهادات والرجوع عن الشهادات والوقف والصدقة الموقوفة والغصب والعبد المأذون (ناقص هنا، وتأتي بقيته مؤخراً)، والحيل (ناقص هنا، وتأتي بقيته مؤخراً)، واللقطة والمزارعة (القسم الباقي)، والدعوى والبينات (ناقص من أوله الربع تقريبًا)، والشرب والإقرار والوديعة والعارية والحجر والحيل (القسم الباقي)، والعبد المأذون (القسم الباقي)، والشفعة، والخنثى والمفقود وجعل الآبق. وهذه النسخة في جملتها لا تختلف عن النسخ الأخرى كثيراً من حيث المضمون وأسانيد الرواية الموجودة في أوائل الكتب. وهي نسخة ناقصة، ينقصها ربع الكتاب تقريباً. وقد حدث خطأ في ترتيب أوراق النسخة أثناء ¬

_ (¬1) الإمام محمد بن الحسن، 149.

21 - نسخة دار الكتب المصرية

التجليد فيما يظهر، كما يمكن رؤية ذلك في تفصيل أبواب الكتاب. 21 - نسخة دار الكتب المصرية وهي برقم فقه حنفي، 491. وتقع في مجلد واحد مكتوب بقلم عادي، وبه خروم (¬1). وهي في 198 ورقة. وتاريخ النسخ 6 جمادى الأولى سنة 737. وعلى هذه النسخة قيد وقف المدرسة الصرغتمشية. وتبدأ النسخة بكتاب الإجارات، وتنتقل في الورقة 8 وإلى أوائل كتاب الشركة، وبعد كتاب الشركة يأتي كتاب المضاربة كاملاً. 22 - نسخة المكتبة الأزهرية وهي برقم فقه حنفي 202، والرقم العام 4280. تقع في 213 ورقة، ومسطرتها 19 سطراً. وهي في مجلد واحد، يبدأ بكتاب الصلاة وينتهي في أواخر الأيمان. وفي بعض أوراقها تلويث. وهي مكتوبة بقلم معتاد قديم. بأولها فهرس. 23 - نسخة مكتبة أكسفورد وهذه النسخة من أول الكتاب إلى آخر الأيمان، وتاريخ نسخها 740. فهي المجلد الأول من الكتاب (¬2). 24 - نسخة لأحد علماء الهند وقد ذكرها الأفغاني، وأنها الجزء الأول من الكتاب. وهي في مكتبة بعض علماء جونبور في الهند. وبها تصحيف وسقط كثير (¬3). ¬

_ (¬1) فهرست الكتب العربية، 3/ 102 - 103. وقد قيده في الفهرس المذكور بأنه كتاب في الفروع لأبي سليمان الجوزجاني، ومن المعلوم أن الجوزجاني هو من رواة كتاب الأصل، فالكتاب منسوب إليه خطأ. (¬2) تذكرة النوادر، 51. وقد ذكرها بروكلمان في بودليانا، 1/ 534، انظر: تاريخ الأدب العربي، 3/ 247. (¬3) الأصل (الأفغاني)، 1/ 13 - 14.

25 - نسخة كتاب الصلاة في المكتبة الآصفية بالهند

25 - نسخة كتاب الصلاة في المكتبة الآصفية بالهند وهي برقم 143 (¬1). وهي إحدى النسخ التي اعتمد عليها الأفغاني، وذكره أنها إلى أواخر باب صلاة الخوف (¬2). وهذه النسخة تتفق غالباً مع نسختي حلب ويوزغات اللتان سبق وصفهما. وذكر في بعض المصادر أن هناك نسخة من الأصل كاملة في مكتبة الحرم المكي، لكن بعد الفحص والتدقيق تبين لنا أن هذه النسخة هي من كتاب مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي، وأنها ناقصة (¬3). وذُكر أن النسخة الموجودة في المكتبة الأزهرية برقم فقه حنفي 2066، رافعي 26905، والتي تقع في خمسة عشر مجلداً هي نسخة من الأصل (¬4). ولكن تبين لنا بعد البحث أنها نسخة للمبسوط لشمس الأئمة السرخسي. د - المقارنة بين النسخ يمكن تقسيم كتاب الأصل إلى ثلاث أقسام من حيث المقارنة بين النسخ: القسم الأول: يبتدئ من كتاب الصلاة ويستمر بكتاب الحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان. وأقدم نسخة في أيدينا لهذا القسم هي نسخة مكتبة كوبريلي برقم 537 والمؤرخة في 728، تليها نسخة مكتبة السليمانية قسم ملا جلبي برقم 38 والمؤرخة في شهر المحرم من سنة 731، تليها نسخة مكتبة السليمانية قسم جار الله برقم 575 والمؤرخة في شهر رمضان من سنة 731، تليها نسخة مكتبة السليمانية قسم مراد ملا برقم 1038 والمؤرخة في 767. ونسخة كوبريلي أحسن النسخ الأربعة المذكورة. ويظهر أن هذه النسخ كلها ترجع إلى أصل واحد. فإن الفروق الموجودة ¬

_ (¬1) تاريخ الأدب العربي، 3/ 257. (¬2) الأصل (الأفغاني)، 1/ 14. (¬3) تقدم الحديث عن هذا الكتاب وبعض نسخه، ومنها نسخة مكتبة الحرم المكي. (¬4) فهرس المكتبة الأزهرية، 2/ 102.

القسم الثاني

بينها تدل على ذلك. وهناك نسختان من كتاب الصلاة في المكتبة الأحمدية بحلب ومكتبة السليمانية قسم يوزغات تختلفان عن هذه النسخ الأربع في أمور عديدة، وتصححان بعض الأخطاء المتفق عليها بين النسخ الأربع، كما أنهما تكملان النقص الموجود في تلك النسخ. وهذا يدل على أنهما منقولتان من أصل مغاير لأصل النسخ الأربع. وقد قمنا بمقابلة نسخ كوبريلي ومراد ملا وحلب ويوزغات وإثبات فروقها بالكامل في هذا القسم. واستعنا بالنسختين الأخريين أحياناً وأشرنا إلى ذلك في الهامش. القسم الثاني: يشتمل على كتب البيوع والصرف والرهن والقسمة والهبة. وهذا القسم قابلنا فيه النسخ التالية: نسخة فيض الله أفندي والمؤرخة في سنة 753، ونسخة مراد ملا والتي لا يوجد عليها تاريخ في هذا القسم، ويظهر من الخط أنه مغاير لباقي النسخة تاريخاً؛ ونسخة عاشر أفندي في كتاب البيوع؛ ونسخة بايزيد (المشار إليه أعلاه برقم 14) في القسم الباقي. القسم الثالث: يشتمل على باقي كتاب الأصل، وهو يشكل ثلاثة أرباع الكتاب تقريباً. ونسخة مراد ملا هي أقدم النسخ وأحسنها وأكملها في هذا القسم الذي كتب في تواريخ 637 - 639. وقابلنا في هذا القسم النسخ التالية: نسخة مراد ملا؛ ونسخة فيض الله أفندي المؤرخة في سنة 753، لكن نسخة فيض الله أفندي ينقصها بعض الأقسام؛ ونسخة شستربتي في القسم الموجود منها. وهي نسخة قديمة يغلب عليها الصحة، لكنها غير مؤرخة. وبعض الأخطاء الواردة في نسخة مراد ملا لا توجد في نسخة شستربتي، لكن نسخة مراد ملا أصح منها في أغلب المواضع. وقد قمنا بمقابلة نسخة دار الكتب المصرية برقم فقه حنفي 382 مع النسخ المذكورة في القسم الموجود منها لكونها نسخهَ قديمة، وقد ذكر فؤاد السيد احتمال كونها من القرن الرابع، فوجدنا أن هذه النسخة توجد فيها أخطاء كثيرة وأسقاط، وهي تتفق في ذلك مع نسختي مراد ملا وفيض الله أفندي أحياناً، وموافقتها لنسخة مراد ملا أكثر، وتنفرد أحياناً بأخطاء مستقلة. لكنها تنفرد أيضاً في مواضع قليلة بالكمال والصحة في حين يوجد النقص والخطأ في النسختين الأخريين. وقمنا بمقابلة هذا القسم أيضاً بعدة نُسَخ من دار الكتب

المصرية في القسم الموجود منها، وكذلك نسخة بايزيد، وأشرنا إلى ذلك في الحاشية. وكذلك نسخة عاشر أفندي في مواضع أشرنا إليها. وعموماً لم ينقص عدد النسخ المقابلة عن ثلاث نسخ في جميع أجزاء الكتاب، وزادت عدد النسخ التي قابلناها على ثلاث في بعض أجزاء الكتاب. ويمكن رؤية تفصيل ذلك في الحواشي. يمكن القول بأن التحريف والتصحيف الموجود في نسخ الأصل قد شمل جميع النسخ، ولا تخلو نسخة منه (¬1). وقد استطعنا تصحيح الأخطاء والتحريفات الموجودة في النسخ وإكمال النقص الموجود فيها بالاستفادة من مخطوطة الكافي للحاكم الشهيد، والمبسوط للسرخسي وهو مطبوع، ومخطوطتين من مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي. وأشرنا إلى كل ذلك في الحاشية في مواضعه. كما أن أخطاء نسختي مختصر الأصل اللتين اعتمدنا عليهما - وخصوصا نسخة بايزيد التي هي أقدم فيما يظهر- تدل على أن مؤلفها اعتمد على نسخة متأخرة من الأصل، ولعلها نسخة مراد ملا. فإنها متفقة مع نسخة مراد ملا على الأخطاء الواردة فيها والتي هي على الصواب في الكافي. ¬

_ (¬1) وقد حدث الخطأ في الاستنساخ حتى في أيام الإمام محمد بن الحسن. فقد قال ابن الهمام في مسألة متعلقة بالصوم: "قوله: أو المجنونة، قيل: كانت في الأصل المجبورة، فصحفها الكتّاب إلى المجنونة. وعن الجوزجاني: قلت لمحمد: كيف تكون صائمة وهي مجنونة؟ فقال في: دع هذا، فإنه انتشر في الأفق. وعن عيسى بن أبان: قلت لمحمد: هذه المجنونة؟ فقال: لا، بل المجبورة، أي: المكرهة. قلت: ألا نجعلها مجبورة؟ فقال: بلى. ثم قال: كيف وقد سارت بها الركاب، دعوها. فهذان يؤيدان كونه كان في الأصل المجبورة، فصحف، ثم لما انتشر في البلاد لم يفد التغيير والإصلاح في نسخة واحدة، فتركها لإمكان توجيهها أيضاً. وهو بأن تكون عاقلة نوت الصوم فشرعت ثم جُنّت في باقي النهار، فإن الجنون لا ينافي الصوم، إنما ينافي شرطه، أعني النية، وقد وجد في حال الإفاقة، فلا يجب قضاء ذلك اليوم إذا أفاقت؛ كمن أغمي عليه في رمضان، لا يقضي اليوم الذي حدث فيه الإغماء، وقضى ما بعده، لعدم النية فيما بعده، بخلاف اليوم الذي حدث فيه، على ما تقدم. فإذا جومعت هذه التي جُنّت صائمة تقضي ذلك اليوم لطُرُوء المفسد على صوم صحيح ". انظر: فتح القدير، 2/ 380.

ويظهر كذلك من مقارنتها مع النسخ الأخرى أنها منقولة من نفس النسخة التي نقلت عنها النسخ الأخرى؛ لأنها تقع في نفس الأخطاء في نفس المواضع. كما أنه يوجد في هامش نسخة بايزيد في بعض المواضع إشارة إلى لفظ الأصل، فمثلاً في النسخة رقم 18919 ورقة 268 ظ: فله أن يسترده ... قال في الهامش: لفظه يأخذه. ولفظة "يأخذه" هي المذكورة في الأصل، 1/ 304 و. ويوجد في رقم 18918 ورقة 210 و: نعم لا يقتلن. وفي الهامش: كذا في أصله وهو متناقض، ولفظه: نعم لا يسعهم أن يقتلوهن. وهذا لفظ نسخة مراد ملا، 5/ 142 ظ. ويوجد في رقم 18917 ورقة 152 و: لو أراد المستأجر أن لا يخرج إلى مكة ... ونفس العبارة في نسخة مراد ملا، 2/ 167 ظ. والصواب فيها إذا أراد الجَمّال ... كما هو لفظ الحاكم والسرخسي (¬1). ويمكن الإكثار من هذه الأمثلة. إن وجود عبارة في كتاب الصلاة منقولة عن الحاكم (ت. 334) تدل على أن هذه النسخ نقلت من نسخة متأخرة عن الحاكم. كما أن وجود نقول في كتاب الصوم من مختصر الطحاوي (ت. 321) تدل على تأخر النسخة المنقول عنها عن الطحاوي. فهذان الكتابان أي كتاب الصلاة وكتاب الصوم على الأقل يمكن التوقع بأن أصلهما قد كتب في القرن الرابع الهجري. وباقي الكتب يمكن توقع كتابة أصولها في القرن الثالث أو الرابع الهجري تبعاً لأسماء الرواة المذكورين في أوائل تلك الكتب. كما أن اتفاق النسخ التي بأيدينا على أسماء الرواة الموجودة في أوائل الكتب وعلى كثير من الأخطاء أيضاً يدل على أن أصلها نسخة واحدة، وأنها ترجع إلى نفس النسخة. ويظهر أن قسماً من النسخ التي بأيدينا ترجع إلى أصول متقدمة في تاريخ كتابتها على الكافي للحاكم (ت. 334)؛ فإننا نجد أن بعض الأخطاء في هذه النسخ توجد أيضاً في النسخة التي اختصر منها الحاكم كتابه الكافي. فمثلاً يوجد في جميع النسخ خطأ في كتاب القسمة (¬2)، حيث يذكر الحاكم ¬

_ (¬1) انظر: الكافي، 2/ 211 و؛ والمبسوط، 16/ 23. (¬2) انظر: 2/ 75 ظ.

11 - المطبوع من كتاب الأصل

مسألة، ثم يقول: وفي هذا الجواب موضع تأمل (¬1). ويقول السرخسي: وهذا غلط بَيِّن ... والصحيح ما في النسخ العتيقة ... ، ثم يذكر الصواب (¬2). 11 - المطبوع من كتاب الأصل: لقد طبع قسم من كتاب الأصل على أيدي محققين متفرقين وفي أماكن متفرقة. وجميع الأقسام المطبوعة لا تبلغ إلا ربع الكتاب تقريبًا. أ - طبعة حيدرآباد طبع قسم من كتاب الأصل بتحقيق أبو الوفا الأفغاني، حيث طبعت أربع مجلدات تحتوي على الصلاة والحيض والزكاة والصوم والتحري والاستحسان والأيمان والمكاتب والولاء والجنايات والديات والعقل. وقد طبع هذا القسم في حيدرآباد بالهند في سنوات 1966 - 1973. وقد بذل أبو الوفا الأفغاني جهداً يشكر عليه في تحقيق الكتاب، لكن توجد بالكتاب أخطاء غير قليلة، وخصوصاً في المجلد الأخير منه. وقد طبع كتاب الحج الموجود في الكافي للحاكم في ضمن هذا العمل، لأنه لا يوجد كتاب الحج في أية نسخة من نسخ الأصل. ب - كتاب البيوع والسلم طبع كتاب البيوع والسلم في مجلد واحد بتحقيق شفيق شحاتة في القاهرة سنة 1954. وهو تحقيق جيد، مع وجود بعض الأخطاء القليلة فيه. ج - كتاب الحيل وطبع كتاب الحيل بالصياغة الموجودة في نسختي شهيد علي باشا وملا جلبي (¬3) باسم كتاب المخارج في الحيل للإمام محمد بن الحسن ¬

_ (¬1) الكافى، 1/ 197 ظ. (¬2) المبسوط، 15/ 47. (¬3) تقدم وصف هاتين النسختين.

د - كتاب السير

الشيباني بتحقيق المستشرق جوزيف شاخت في لايبزيغ سنة 1930. وهي لا تخلو من الأخطاء أيضاً. د - كتاب السير وطبع كتاب السير الموجود في كتاب الأصل بتحقيق مجيد خدوري في بيروت سنة 1975. وهي كذلك لا تخلو من الأخطاء. 12 - منهج التحقيق إن أقدم النسخ التي بأيدينا ترجع إلى القرن السابع، أي إلى سنوات 637 - 639 بالتحديد. فليست لدينا نسخة المؤلف المتوفى سنة 189 ولا نسخة نقلت من نسخة المؤلف. وهذا أمر واضح السبب، فالكتاب من أوائل ما ألف في العالم الإسلامي، ويرجع إلى القرن الثاني الهجري. ولذلك فلم نتخذ إحدى النسخ أصلًا، ولكن لجأنا إلى أسلوب الترجيح في كل موضع اختلفت فيه النسخ، واتبعنا الأصح دون التقيد بنسخة معينة. كما اضطررنا إلى استعمال كتاب الكافي للحاكم الشهيد الذي تقدم التعريف بمخطوطته، والمبسوط للسرخسي، ومختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي والذي تقدم التعريف بمخطوطتيه؛ لأن نسخ الأصل لم تكن كافية في التوصل إلى المتن الصحيح والكامل في كل الأحوال. فهناك مواضع وقع فيها التحريف للكلمات، ومواضع سقطت فيها عبارات قصيرة أو طويلة أحياناً، ولا يمكن استدراك ذلك إلا من الكتب المذكورة. وقد قمنا بكتابة أرقام الآيات والسور المذكورة فيها، وبتخريج الأحاديث والآثار من مصادر الرواية، وخصوصاً من مؤلفات محمد بن الحسن الأخرى مثل الآثار والموطأ بروايته ومن الآثار لأبي يوسف. وشرحنا الكلمات الغريبة. وقد أشرنا في بعض المواضع إلى الاختلاف الوارد بين كتاب الأصل والكافي للحاكم والمبسوط للسرخسي في عزو الأقوال إلى الأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، لكننا لم نستقص ذلك. وهذا الأمر يحتاج إلى دراسة مستقلة، كما يمكن أن تجرى دراسات أخرى حول هذا الكتاب الذي طالما انتظره الباحثون.

القسم الثاني: دراسة كتاب الأصل من الناحية الأصولية

القسم الثاني: دراسة كتاب الأصل من الناحية الأصولية 1 - مدخل إن الهدف الأساسي من تأليف الأصل هو وضع المسائل الفقهية وتفريعها، وليس الاستدلال والتعليل من الأهداف الأولية للمؤلف. ومع ذلك فالكتاب فيه الكثير من الاستدلال والتعليل، لا سيما في المسائل الخلافية. وتختلف الكتب الفقهية من حيث كمية الاستدلال والتعليل الواردة فيها. فمثلاً يقل الاستدلال بالآيات والأحاديث في كتاب الصلاة، بينما يكثر ذلك في كتاب الطلاق والرضاع. والسبب وراء هذا أن الكتب الفقهية في الأصل قد ألفت على أنها كتب مستقلة وفي فترات مختلفة بأساليب متنوعة. وعلى وجه عام يمكن القول بأن أسلوب المؤلف في الكتاب هو جمع آراء أبي حنيفة وأبي يوسف وزفر وآراء المؤلف في كتاب واحد، وترك الاستدلال والتعليل في المسائل التي هي واضحة لمن اشتغل بالعلم، مع ذكر الاستدلال والتعليل في المسائل التي تحتاج إلى نوع من التدبر والاستنباط أو في المسائل المختلف فيها. ويمكن التوصل من خلال عملية التعليل والاستدلال عند المؤلف إلى بعض أفكاره في أصول الفقه، والذي لم يكن علماً مستقلاً في ذلك الوقت. كما أنه ينبغي أن لا ننسى دور أبي حنيفة وأبي يوسف في تشكيل الأفكار الأصولية الموجودة في الكتاب. وقد حاولنا جمع آراء الإمام محمد الأصولية الموجودة في كتبه الأخرى أيضاً حتى يتسنى فهم الموضوع كاملاً وعقد المقارنة بين آرائه في كتبه المختلفة.

2 - الأدلة الشرعية

2 - الأدلة الشرعية أ - مصادر التشريع وترتيبها يذكر الإمام محمد في كتاب أدب القاضي الأحاديث وأقوال الصحابة التي تشكل أساس فهمه لمصادر التشريع. وتجدر الإشارة إلى أن كتاب أدب القاضي مفقود في الأصل، لكنه موجود في الكافي للحاكم الشهيد باختصاره. وعلى رأس هذه الروايات حديث معاذ المشهور، حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بعثه إلى اليمن: "بمَ تقضي يا معاذ؟ " قال: بما في كتاب الله. قال: "فإن لم تجد في كتابَ الله؟ " قال: أقضي بما قضى به رسول الله. قال: "فإن لم تجد ذلك فيما قضى به رسول الله؟ " قال: أجتهد رأيي. قال: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله " (¬1). فالمصادر هنا بتقرير الرسول عليه الصلاة والسلام القرآن والسنَّة واجتهاد الرأي. يروي الشيباني في بداية كتاب أدب القاضي رسالة عمر - رضي الله عنه - في القضاء إلى أبي موسى الأشعري. في هذه الرسالة يقسم عمر الأحكام إلى قسمين قائلًا: "القضاء فريضة محكمة وسنَّة متبعة" (¬2). والمقصود هنا بقوله: "فريضة محكمة" الأحكام الثابتة بالكتاب والسنَّة على وجه قطعي لا يحتمل النسخ أو التخصيص أو التأويل، وبقوله: "سنَّة متبعة" الطريقة المسلوكة في الدين التي يجب اتباعها على كل حال (¬3). وفي دوام الرسالة: "الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنَّة، واعرف الأمثال والأشباه، وقس الأمور عند ذلك، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله تعالى وأشبهها بالحق فيما ترى" (¬4). فالقرآن والسنَّة هما المصدران الأساسيان، ويجب اتباع الأحكام الواردة فيهما أولياً. وإذا حدثت مسألة لا يوجد حكمها ¬

_ (¬1) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 و. (¬2) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 215 ظ. (¬3) المبسوط للسرخسي، 16/ 60. (¬4) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 215 ظ - 216 و.

في هذين المصدرين فيجب إيجاد حل لها بالقياس على نظائرها الموجودة فيهما (¬1). وروى الشيباني أيضاً عن عمر بن الخطاب أنه دعى قاضياً كان على الشام حديث السن، فقال له: "بم تقضي؟ قال: أقضي بما في كتاب الله. قال: فماذا لم تجد ذلك في كتاب الله؟ قال: أقضي بما قضى به رسول الله. قال: فإذا لم تجد فيما قضى به رسول الله؟ قال: أقضي بما قضى به أبو بكر وعمر. قال: فإذا لم تجد في قضائهم. قال: أجتهد رأي. فقال له عمر: أنت قاضيها" (¬2). ويقول السرخسي شارحاً بأن اتباع أبي بكر وعمر مما أوصى به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن الصحابة كانوا يطلقون لفظ "السنَّة" على تطبيقاتهما (¬3). لكن يفيد الأصوليون الأحناف بأنه إذا وقع الخلاف بين أبي بكر وعمر - رضي الله عنه - وبين الصحابة الآخرين في مسألة فإنه لا يجب اتباعهما مطلقاً (¬4). ويذكر السرخسي أن اجتهاد الرأي هنا معناه القياس، وأن هذه الرواية تثبت حجية القياس (¬5). وروى الشيباني عن ابن مسعود قال: "لقد أتى علينا زمان ولسنا نُسأل ولسنا هناك. ثم بلغنا من الأمر ما ترون. فمن ابتلي منكم بقضاء فليقض بما في كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ-. فإن لم يجد في كتاب الله فليقض بما قضى به رسول الله. فإن لم يجد فيما قضى رسول الله فليقض بما قضى به الصالحون. فإن لم يجد ذلك فليجتهد رأيه، ولا يقولن: إني أرى وإني أخال. فإن الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهة، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (¬6). ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 16/ 62 - 63. (¬2) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 و. (¬3) المبسوط للسرخسي، 16/ 68؛ أصول السرخسي، 1/ 114. (¬4) أصول السرخسي، 2/ 106 - 107، 116. وللتفصيل في حجية أقوال أبي بكر وعمر والصحابة عموماً انظر: كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 3/ 406 - 422. (¬5) المبسوط للسرخسي، 16/ 68. (¬6) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 و.

ويذكر السرخسي أن المقصود بالصالحين هنا أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - (¬1). ويمكن القول بأن الكلمة عامة، وليس هناك ما يوجب تخصيصها بالشيخين. ولعل المقصود هو أن أحكام العلماء والأمراء ذوي العلم والأخلاق تشكل مثالاً يحتذى لمن بعدهم، وخصوصا إجماعات الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما -. كما أن هذه الرواية تفيد أنه لا يجوز ترك الاجتهاد في المسائل الحادثة ممن هو أهل له، وأن الخطأ في الاجتهاك معفو عنه، وأنه يجب مراعاة مبدأ الاحتياط في المسائل المشتبه فيها (¬2). كما روى الشيباني عن عمر بن عبد العزيز أنه من الصفات المكملة للقاضي العلم بما كان قبله، ومشاورة أهل الرأي (¬3). وبعد ذكر الشيباني لهذه الروايات وأمثالها يقول: "وينبغي له أن يقضي بما في كتاب الله. فإن أتاه شيء لم يجده فيه قضى فيه بما أتاه عن رسول الله. فإن لم يجد فيه نظر فيما أتاه عن أصحاب رسول الله فقضى به. فإن كانوا اختلفوا فيه تحرى من أقاويلهم أحسنها في نفسه، وليس له أن يخالفهم ويبتدع شيئاً من رأيه. فإن لم يجده فيما جاء عنهم اجتهد في ذلك برأيه وقاسه بما جاء عنهم، ثم قضى بالذي يجمع رأيه عليه من ذلك ويرى أنه الحق. فإن أشكل عليه شيء يشاور رهطاً من أهل الفقه. فإن اختلفوا فيه نظر إلى أحسن أقاويلهم وأشبهها بالحق فأخذ به. فإن رأى خلاف رأيهم أحسن وأشبه بالحق قضى بذلك. ولا يتعجل بالحكم إذا لم يتبين له الأمر حتى يتفكر فيه ويشاور أهل الفقه" (¬4). وعلى هذا فالمصادر عند الشيباني يمكن عدها كما يلي: القرآن الكريم، السنَّة النبوية، إجماع الصحابة، أقوال الصحابة، الاجتهاد والقياس، آراء الفقهاء الآخرين. ويستخرج السرخسي من هذا الكلام أن قول الصحابي المعروف إذا لم يوجد له مخالف يقدم على ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 16/ 69. (¬2) المبسوط للسرخسي، 16/ 69. (¬3) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 و. (¬4) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 ظ.

القياس (¬1). ولكن هذه المسألة مختلف فيها بين الأصوليين الأحناف. إن الجصاص والسرخسي ينقلان عن طريق هشام بن عبيد الله الرازي (ت. 221) عن الشيباني قوله: "الفقه على أربعة أوجه، ما في القرآن وما أشبهه، وما جاءت به السنة وما أشبهها، وما أجمع عليه الصحابة وما اختلفوا فيه وما أشبهه، وما رآه المسلمون حسناً وما أشبهه" (¬2). يعلق الجصاص على هذه المقولة بأن الشيباني يعد إجماع الصحابة حجة مثل القرآن والسنَّة، وأنه لا يقبل إحداث رأي جديد يخرج عن أقوالهم جميعاً في المسائل التي اختلفوا فيها، وأنه يقصد بما رآه المسلمون حسناً ما رآه المسلمون الآتون بعد جيل الصحابة عموماً. وذكر الجصاص بأن الشيباني أفاد في مواضع أخرى صحة الإجماع في كل عصر (¬3). وينقل ابن عبد البر عن الشيباني أنه قال: "العلم على أربعة أوجه: ما كان في كتاب الله الناطق وما أشبهه. وما كان في سنَّة رسول الله المأثورة عنه وما أشبهها. وما كان فيما أجمع عليه الصحابة وما أشبهه. وكذلك ما اختلفوا فيه لا يخرج عن جميعه. فإن وقع الاختيار فيه على قول فهو علم تقيس عليه ما أشبه. وما استحسن عامة فقهاء المسلمين وما أشبهه وكان نظيراً له. ولا يخرج العلم عن هذه الوجوه الأربعة" (¬4). ويبين ابن عبد البر أن المقصود بما أشبهه القياس (¬5). كما ينقل ابن عبد البر عن الإمام محمد أنه قال: "من كان عالِماً بالكتاب والسنَّة وبقول أصحاب رسول الله وبما استحسن فقهاء المسلمين وسعه أن يجتهد رأيه فيما ابتلي به، ويقضي به، ويمضيه في صلاته وصيامه وحجه وجميع ما أمر به ونهى عنه. فإذا اجتهد ونظر وقاس على ما أشبه ولم يَأْلُ وَسِعَهُ العمل بذلك وإن أخطأ الذي ينبغي ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 16/ 83. (¬2) الفصول للجصاص، 3/ 271، 329؛ أصول السرخسي، 1/ 318. (¬3) الفصول للجصاص، 3/ 271، 339. (¬4) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، 2/ 26. (¬5) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، نفس المكان.

أن يقول به" (¬1). ويقول الشافعي: "وأصل ما يذهب إليه محمد بن الحسن في الفقه أنه لا يجوز أن يقال بشيء من الفقه إلا بخبر لازم أو قياس" (¬2). وينقل الشافعي أيضاً عن الشيباني أن الحجة هي الكتاب والسنَّة والإجماع والقياس (¬3). ويوجد تشابه بين كلام الإمام محمد عن مصادر التشريع وبين كلام أستاذه أبي حنيفة عن ذلك. فالروايات المختلفة عن أبي حنيفة تفيد بأن المصادر عنده هي القرآن والسنة، وإجماع الصحابة، والتخير بين أقوالهم دون إحداث قول جديد، والاجتهاد (¬4). يُستعمل في مواضع كثيرة من الأصل كلمة "الرأي" ومشتقاتها مثل صيغ الأفعال "أرى، نرى" ونحوها (¬5). وتستعمل في الأسئلة لفظة "أرأيت" بكثرة. كما تذكر لفظة "ألا ترى" كثيرا في جمل الاستدلال والتعليل. وإلى جانب استعمال كلمة الرأي في معناها اللغوي، فإنها تستعمل في مواضع كثيرة بمعنى القناعة التي تصدر عن مناهج التفكير العقلي مثل القياس والاستحسان في المسائل التي لم ينص على حكمها في الكتاب أو السنَّة. ¬

_ (¬1) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر، 2/ 61. وينقل ابن القيم نفس العبارة تقريباً. انظر: إعلام الموقعين، 1/ 66. ويفيد أبو الحسين البصري أنه حكي عن محمد بن الحسن أنه جعل الأصول أربعة، ذكر منها إجماع الصحابة واختلافهم. انظر: المعتمد، 2/ 366. (¬2) الأم للشافعي (تحقيق: رفعت فوزي عبد المطلب)، 9/ 97. (¬3) حلية الأولياء لأبي نعيم، 6/ 329، 9/ 74. وينقل الشافعي عن الشيباني أقوالاً أخرى حول مصادر التشريع. انظر: الأم للشافعي (تحقيق: محمد زهري النجار)، بيروت، 1973، 5/ 171، 6/ 313، 316، 322، 328, 8/ 28. ومع هذا فإنه ينبغي تقويم ما نقله الشافعي عن الشيباني ودراسته بدقة. فإن معظم هذه الأقوال قد ذكرت أثناء نقاش الإمامين في مسائل علمية متعددة، ونقلها الشافعي عنه في مجال الرد والانتقاد. (¬4) أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري، ص 10؛ المدخل للبيهقي، ص 111، 204. (¬5) انظر مثلاً: الأصل للشيباني، 1/ 6 و،10 و، 10 ظ، 16 ظ، 20 و، 22 و، 22 ظ، 29 و، 30 ظ، 34 و، 35 و، 38 ظ، 40 ظ، 48 و، 70 و، 74 و، 78 و، 80 ظ، 83 ظ.

وهذا الاستعمال للرأي يكون أحياناً في مقابل الحديث والآثار (¬1). ويتهم الشيباني أهل المدينة في مسائل كثيرة بمخالفة الآثار بالرأي (¬2). من هذه المسائل الأكل أو الشرب في نهار رمضان هل يفسد الصوم، فهو يفسد الصوم عند أهل المدينة، وقد قال أبو حنيفة في ذلك: "لولا ما جاء في هذا من الآثار لأمرت بالقضاء" (¬3). كما أن الشيباني يؤكد على لزوم الانتباه إلى الانسجام المنطقي بين المسائل المتعلقة بنفس الموضوع وتقويم المسائل التي تتشابه فيما بينها بنفس الطريقة فيما إذا حكمنا بالرأي، ويستدل على ذلك بالرسالة التي كتبها عمر إلى أبي موسى الأشعري (¬4). لقد قام الشيباني بالتنبيه على بعض الأمور في موضوع العمل بالظن. فهو عندما ينتقد أهل المدينة في إبطالهم لبعض العقود عملاً بسد الذرائع وعملهم بالقسامة يبين أن هذا قول "بالتُّهَم"، وأن اليقين لا يمكن أن يزول بشيء "موضع التهمة"، ويستدل على هذا بقوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (¬5). لكننا نرى أن الشيباني يعمل بغالب الظن (أكثر/ أكبر ظنه / رأيه، أكثر/ أكبر الرأي) في مسائل فقهية كثيرة (¬6). فمثلاً يفيد الشيباني أنه يعمل "بالظن والحَزْر" في تحديد قيمة الأموال، وأنه لا يمكن غير ذلك (¬7). حتى أنه يذكر العمل اعتماداً على "أكبر الرأي والظن" في مسائل بالغة الأهمية مثل مسائل النكاح والقتل (¬8). ومسائل كتاب التحري من كتب الأصل مبنية على قاعدة العمل بغالب الظن في المسائل المشتبه فيها (¬9). ومع هذا فإنه إذا وجد ¬

_ (¬1) انظر مثلاً: الأصل للشيباني، 5/ 152 ظ، 153 ظ، 155 و، 8/ 253 ظ. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 34، 194، 392، 2/ 236. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 392. (¬4) الحجة للشيباني، 2/ 563، 568 - 570. 620، 3/ 307 - 308، 514. (¬5) سورة يونس 10/ 36؛ الحجة للشيباني، 2/ 585. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 10 ظ، 42 و، 43 ظ، 94 ظ، 140 ظ، 158 ظ، 5/ 69 و، 88 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 215 و، 218 ظ، 2/ 237 و. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 173 ظ، 5/ 88 ظ. (¬9) الأصل للشيباني، 1/ 157 ظ -163 ظ.

ب - القرآن الكريم

بديل عن العمل بالظن، وكان هذا البديل يقينًا أو ظناً أقوى فإنه يجب العمل به. وانتقاد الشيباني مُنصب على مثل هذه الأمور، وحلوله الفقهية تشير إلى هذا (¬1). يواجهنا تركيب "الكتاب والسنَّة"في عدة مواضع من كتاب الحجة للشيباني (¬2). ويمكن أن يقال بأنه لا غرابة في التأكيد على الكتاب والسنَّة لكونهما المصدرين الأساسيين للتشريع، لكن السبب الحقيقي وراء استعمال الشيباني لهذا التركيب هو دفاعه عن أهل الرأي المتهمين بمخالفة النصوص. يستعمل الشيباني كلمة الحجة وجمعها حجج للتعبير عن الآيات والأحاديث وأقوال الصحابة والقياس والدليل بالمعنى العام (¬3). كما أنه يستعمل كلمتي البرهان والبينة للتعبير عن الحديث وقول الصحابي والدليل عموماً (¬4). لكن غالبية استعمال هذه الكلمات بمعنى الدليل التفصيلي وليس الدليل الإجمالي المعروف في أصول الفقه. ويذكر الدبوسي أن كلمات الحجة والبرهان والبينة تأتي بمعنى الدليل عموماً، وأن الحجج تنقسم إلى عقلية وشرعية، ثم يستعمل تركيب "الحجج الشرعية" للتعبير عن الأدلة الإجمالية (¬5). ب - القرآن الكريم يطلق الشيباني على القرآن الكريم أسماء عديدة مثل الكتاب (¬6) , ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 2/ 239 و، 239 ظ، 242 و. (¬2) الحجة للشيباني، 4/ 58، 82 - 83، 137، 322. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 69 و، 3/ 3 ظ، 6/ 238 ظ، 7/ 20 ظ، 21 و، 8/ 253 و، 254 ظ؛ الحجة لنفس المؤلف، 1/ 44، 216، 222، 2/ 2، 164، 231، 304، 467، 514، 568، 569، 746. (¬4) لكلمة البرهان انظر: الأصل للشيباني، 1/ 102 ظ؛ الحجة لنفس المؤلف، 2/ 563، 568, 746. ولكلمة البينة انظر: الحجة للشيباني، 2/ 164، 563. 746. (¬5) تقويم الأدلة للدبوسي، ص 13، 19. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 1 ظ، 29 ظ، 36 و؛ الحجة لنفس المؤلف، 3/ 153، 4/ 137.

القرآن (¬1)، كتاب الله (¬2)، التنزيل (¬3)، كتاب الله الناطق (¬4). إن الأحكام الواردة في القرآن الكريم أعلى درجة من الأحكام الواردة في غيرها وهي تحمل صفة القطعية. فمثلاً يفيد الشيباني بأن مسح الرأس في الوضوء فريضة مذكورة في كتاب الله، وأن المضمضة والاستنشاق ليستا هكذا (¬5). وفي بعض المواضع التي يجب فيها تطبيق حكمين في نفس الآن يقدم الحكم الوارد في القرآن على غيره. فمثلاً مرتكب جرائم السرقة وشرب الخمر وزنا البكر يطبق عليه حد الزنا أو السرقة أولاً ثم حد الشرب؛ لأن حدي الزنا والسرقة مذكوران في القرآن، أما حد الشرب فهو أمر أجمع عليه المسلمون ولا يذكر في القرآن (¬6). يستدل الشيباني بآيات القرآن الكريم في مواضع كثيرة. لكنه لا يكتفي في فهم الآيات والوقوف على معانيها بمجرد فهم المعنى الظاهري بل يستدل على ذلك بالأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين. فمثلاً في الحكم على الذبيحة المتروك عليها التسمية عمدًا بأنها ميتة يستدل بالآية (¬7) والأحاديث وإجماع الصحابة (¬8). ويعتمد على الصحابة مثل علي وعبد اللَّه بن مسعود وعبد الله بن عباس وعلى التابعين مثل إبراهيم النخعي في تفسير بعض الآيات (¬9). ويستدل في تفسير الآية المتعلقة بالغنائم (¬10) بالتطبيق المعروف وبأقوال بعض علماء التابعين مثل عطاء بن أبي رباح (¬11). وهذا كله يدل على وجوب الرجوع إلى السنَّة وأقوال علماء الصحابة والتابعين في فهم القرآن. فمثلاً ذكر الشيباني أن "المفسرين" فسروا قوله تعالى: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (¬12) ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 1 ظ، 2 ظ، 37 و؛ الحجة لنفس المؤلف، 1/ 333، 2/ 400. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ، 6 ظ؛ الحجة لنفس المؤلف، 1/ 18، 19، 4/ 85، 227. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 110 و. (¬4) الحجة للشيباني، 4/ 322. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 30 ظ، 35 و. (¬7) سورة الأنعام 6/ 121. (¬8) الأصل للشيباني، 3/ 204 و. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 17 ظ، 18 ظ، 7/ 138 و. (¬10) سورة الأنفال 8/ 41. (¬11) الأصل للشيباني، 1/ 133 و. (¬12) سورة النور 24/ 31.

المتعلق بالزينة التي يجوز إبداؤها من المرأة بأنه الكحل والخاتم، وأن الكحل زينة الوجه والخاتم زينة اليد، وبالتالي يجوز للرجال النظر إلى الوجه واليدين (¬1). والمقصود بالمفسرين هنا مفسرو الصحابة حيث توجد روايات عن عائشة وأنس وابن عباس - رضي الله عنهم - في هذا المعنى (¬2). ويُرجح الشيباني أحياناً رأي ابن عباس في تفسير آيات الأحكام لأنه أعلم بالتفسير من غيره من الصحابة (¬3). وفي تقدير الكسوة، أي كسوة عشرة مساكين، المذكورة في القرآن على أنها كفارة اليمين أخذ الشيباني بتفسير إبراهيم النخعي حيث يقول: "لكل مسكين ثوب" (¬4). وفي هذا المثال رجع الشيباني إلى رأي عالِم فقيه من التابعين في تفسير وتطبيق حكم الآية (¬5). لقد أفاد الشيباني أن الآية التي تذكر مؤلفة القلوب في ضمن مستحقي الزكاة (¬6) مخصوصة بزمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر دليلاً على ذلك (¬7). ومن المعروف أن الفقهاء قد اعتمدوا في هذه المسألة على أقوال وتطبيقات عمر - رضي الله عنه - (¬8). كما أن الشيباني يستدل على تفسير معنى الآية وحكمها بسبب النزول (¬9). ويستدل الشيباني بالقراءات الشاذة على تقييد المطلق من ألفاظ الآيات. فمثلاً القراءة الشاذة المنسوبة إلى عبد الله بن مسعود في قوله تعالى في كفارة اليمين: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (¬10) بزيادة لفظة {متتابعات} عمل بها ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 65 أو. (¬2) تفسير الطبري، 18/ 118؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 332؛ السنن الكبرى للبيهقي، 2/ 225؛ نصب الراية للزيلعي، 4/ 239؛ الدراية لابن حجر، 2/ 225. (¬3) موطأ محمد، 2/ 541. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 185 و. (¬5) انظر لأمثلة أخرى: الأصل للشيباني، 1/ 205 و، 5/ 37 و. (¬6) سورة التوبة 9/ 60. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 133 ظ. (¬8) وفقهاء الأحناف قائلون بنسخ سهم المؤلفة قلوبهم أو بأن الحكم زال بزوال علته. انظر: المبسوط للسرخسي، 3/ 9؛ بدائع الصنائع للكاساني، 2/ 44 - 45. (¬9) الأصل للشيباني، 5/ 118 ظ. (¬10) سورة المائدة 5/ 89.

ج - السنة

الشيباني (¬1). ويفيد الجصاص بأن هذه القراءة مع كونها شاذة لكنها مشهورة في ذلك العهد، وأنه ينبغي النظر إليها على أنها لفظة منسوخة اللفظ باقية الحكم، وأنه يجوز تقييد مطلق القرآن بالخبر المشهور (¬2). والسرخسي يرى أن الواقع هنا الزيادة على النص بالخبر المشهور (¬3). ج - السنَّة 1 - المصطلحات إن كلمة "السُّنّة" تستعمل في بعض الأحاديث المروية في الأصل. فالحديث الذي روي في موضوع أخذ الجزية من المجوس بلفظ: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب دا (¬4)، وسؤال أحد الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في مسألة فقهية عن "السنَّة" فيها (¬5)، يدل على استعمال كلمة السنَّة بمعنى التطبيق العام، والحكم الذي ينبغي اتباعه، والمثال المحتذى أو القانون نوعاً ما إن صح التعبير. وروي عن عمر بن الخطاب أنه هم بإيقاع عقوبة ثم عدل عن ذلك قائلًا: "لولا أن تكون سنَّة من بعدي ... " (¬6). كما يذكر الشيباني أن القاضي إذا حلّف المتلاعنين ثلاث مرات فقط والمعروف في الآيات والأحاديث المتعلقة باللعان أن عدد الأيمان فيه خمس مرات فإنه يكون قد خالف السنَّة، ولكن التفريق بين الزوجين صحيح ماض (¬7). يمكننا أن نستنتج مما سبق ما يلي: السنَّة التي تستعمل بمعنى التطبيق العام في ذلك العهد يمكن أن يكون مصدره القرآن والأحاديث معاً (¬8). إن السنَّة هي الشكل الأمثل في تطبيق الحكم، لكن هذا الشكل قد لا يكون شرطاً لصحة الحكم. من ناحية أخرى ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 139 و؛ نفس المؤلف، الآثار، ص 123. وانظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص 21. (¬2) الفصول للجصاص، 1/ 198، 2/ 254. (¬3) أصول السرخسي، 26911، 281، 112 هـ (¬4) الأصل للشيباني،1/ 168 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 4/ 151 و. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 73 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 3/ 93 ظ - 94 و. (¬8) وقد وصف التفريق الذي يحكم به القاضي بسبب اللعان بأنه سنَّة في موضع آخر أيضاً. انظر: الأصل للشيباني، 8/ 217 ظ.

فإن ترك صلاة العيد من قبل الحُجاج قد فُسر بأنه "بذلك جرت السنَّة" (¬1). كما أن تطبيق "العَوْل" في المواريث قد جاء عن طريق السنَّة اعتباراً من عهد الصحابة (¬2). ووصف قتل المرتد بأنه "الحكم والسنَّة" (¬3). إن مصطلح السنَّة يتضمن التطبيقات العامة للنبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام كما أفاد ذلك الأصوليون الأحناف (¬4). وأصول هذا الفهم توجد في الأصل والمؤلفات الأخرى للشيباني. فإن كلمة السنَّة تستعمل في هذه المؤلفات بمعنى التطبيق العام المعروف للنبي أو الصحابة أو حتى التابعين (¬5). فيروى عن الزهري أنه مضت السنَّة من النبي والخليفتين من بعده أنه لا شهادة للنساء في الحدود (¬6). والتطبيق المأثور عن التابعي أبي عبد الرحمن السُّلَمِي (ت. 73) - الذي علم الناس القرآن في مسجد الكوفة لمدة أربعين عاماً ابتداءً من عهد عثمان - رضي الله عنه - بكفاية السجدة الواحدة للتلاوة إذا قرئ في المجلس الواحد عدة آيات للسجدة وصف بأنه سنَّة (¬7). في موضع آخر يفيد الشيباني تحريم "السنَّة والإجماع " لبعض أنول الزواج التي لم يصرح القرآن الكريم بتحريمها. ويتكرر ذكر "السنة والإجماع" في هذا المجال (¬8). ففي هذه المواضع تفيد "السنَّة" فهم الأجيال الأولى وتطبيقاتها، ويفيد "الإجماع" كون هذا الفهم والتطبيق لا خلاف فيه. وتُستعمل "السنَّة" في الحجة للشيباني على وجه يتشابه مع الأصل. ومن ذلك تعبير "سنَّة ماضية" أي سنَّة معروفة منذ زمان ماض قديم (¬9). أما تعبير "سنَّة متبعة" الذي يوجد في رسالة عمر إلى أبي موسى الأشعري في القضاء، فيقصد به الطريقة المعروفة منذ القدم والتي يجب اتباعها في كيفية ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 9/ 203 و. (¬2) الأصل للشيباني، 3/ 218 و. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 134 و. (¬4) أصول السرخسي، 1/ 113؛ كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 2/ 564. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 62 ظ، 83 ظ، 3/ 2 و، 218 و؛ نفس المؤلف، الحجة، 1/ 24. (¬6) الأصل للشيباني، 8/ 198 ظ، 202 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 62 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 3/ 2 و، 2 ظ. (¬9) الحجة للشيباني، 4/ 177.

تطبيق الأحكام الشرعية (¬1). فالشيباني يستعمل السنَّة بمعناها الواسع المعروف عند المتقدمين والتي تشمل سنَّة النبي والصحابة والتابعين، أي الأجيال الأولى للمسلمين التي وصفها النبي بأنها خير القرون. ومعنى الفعل والتطبيق واضح في استعماله لكلمة السنَّة. وحيث استعمل السُّنَّة بمعنى القول فالمقصود به محتوى هذا القول من التطبيق ومآله الفعلي، وليس القول نفسه. هذا ما ظهر لنا من خلال دراستنا لاستعمال الشيباني لكلمة السُّنَّة. وهو مختلف قليلاً عن السُّنَّة المستعملة في العصور المتأخرة بمعنى أقوال النبي وأفعاله وتقريراته، وإن كان بين المعنيين تداخل وتقاطع. يستعمل الشيباني كلمة "أثر" وجمعها "آثار" بمعنى الحديث المرفوع وأقوال الصحابة والتابعين (¬2). فمثلاً يقول: الأثر الذي جاء عن رسول الله (¬3)، الأثر الذي جاء عن ابن عباس (¬4)، ويصف قول إبراهيم النخعي بأنه أثر (¬5). ويكثر استعمال الشيباني لكلمة أثر/ آثار للإشارة إلى الروايات عامة. وكما هو معروف فإن للشيباني وأبي يوسف كتاباً يحمل اسم "الآثار" ويحتوي على الأحاديث والروايات عمومًا (¬6). وفي بعض المواضع يستعمل كلمتي السنَّة والأثر معًا، مثلما صنع في الرواية المتعلقة بصلاة الاستسقاء (¬7). وفي هذه الحال فإن الأثر يكون بمعنى الروايات القولية، والسنَّة بمعنى التطبيق العملي لمضمون هذه الأقوال. ¬

_ (¬1) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 215 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 16/ 60. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 36 ظ، 73 ظ، 79 و، 83 ظ، 86 ظ، 118 ظ، 125 و، 6/ 20 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 9 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 130 و. (¬6) انظر: الآثار لأبي يوسف، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، بيروت، دار الكتب العلمية، بدون تاريخ؛ الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: عبد الحي اللكنوي، لكنو، مطبعة أنوار محمدي، بدون تاريخ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 30 ظ.

2 - منهجه في الرواية

يستعمل "الحديث" أيضاً في الأصل بمعنى الأثر. فالروايات المنسوبة إلى النبي (¬1)، والصحابة (¬2)، والتابعين مثل إبراهيم النخعي وشريح (¬3) يطلق عليها اسم "حديث،. وفي بعض المواضع تستعمل السنَّة والحديث معاً. وفي هذه الحالة يحتمل أن يكون الحديث بمعنى الرواية القولية، والسنَّة بمعنى التطبيق لها. فمثلاً خالف أبو يوسف ومحمد أبا حنيفة في سهم الفارس والراجل من الغنائم اتباعاً للحديث والسنَّة (¬4). ويستعمل الشيباني مصطلحات الأثر والحديث والسنَّة في مؤلفاته الأخرى بمعانيها التي استعملها في الأصل (¬5). 2 - منهجه في الرواية روي في الأصل أحاديث مرفوعة وموقوفة وأقوال للتابعين كثيرة عن طريق أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما. وبين هؤلاء الرواة مالك بن أنس الذي روى الشيباني الموطأ عنه. والأحاديث المذكورة في الكتاب تروى أحياناً بأسانيدها، وأحياناً بدون إسناد، فيقول مثلاً: بلغنا عن النبي كذا (¬6). وهذا الأسلوب أي البلاغ قد استعمله مالك في الموطأ أيضاً كما هو معروف. وتكثر البلاغات في كتاب الصلاة والنكاح وبعض الكتب من الأصل أكثر من غيرها. أما في الأحاديث المسندة فيستعمل ألفاظ حدثنا، أخبرنا، ذَكَرَ، والعنعنة وأمثالها من الألفاظ المعروفة في الرواية. كما تستعمل كلمة ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 169 و. ونفس الاستعمال موجود في كتب الشيباني الأخرى. انظر: الآثار، ص 81. (¬2) الأصل للشياني، 1/ 134 و، 3/ 3 و، 5/ 89 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 121 و، 8/ 90 ظ، 91 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 146 ظ. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 24، 225، 269، 319، 343، 2/ 144، 147، موطأ محمد، 2/ 147، 394، 3/ 94. (¬6) ويشير الدبوسي أيضاً إلى كثرة مرويات الشيباني بلفظ بلغنا. انظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص 195.

3 - المصطلحات المتعلقة بصحة الحديث وشهرته

"يرفعه " إشارة إلى رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 3 - المصطلحات المتعلقة بصحة الحديث وشهرته يذكر الشيباني مصطلح "حق" بمعنى صحيح، فيقول في موضع من الأصل: "وقد بلغنا عن عكرمة أثر يرفعه قال: إذا تشاجر القوم في الطريق جعل سبعة أذرع. ولا نأخذ به؛ لأنا لا ندري أَحَقٌّ هذا الحديث أم لا. ولو نعلم أنه حَقٌّ أخذنا به" (¬2). كما يستعمل كلمة "يثبت" بمعنى "يصح"، فيقول: "آية محكمة لا ينبغي أن ترد إلا أن يثبت أنها قد نسخت" (¬3). ويستعمل كلمة "أوثق" لترجيح إحدى الروايتين التي يقارن بينهما على الأخرى (¬4). يستعمل في الأصل تراكيب "الأثر المعروف، الآثار المعروفة، الحديث المعروف" بمعنى الحديث الصحيح المشهور، ويستعمل في ضد هذا المعنى "الحديث الشاذ" (¬5). وحول صلاة الاستسقاء يذكر الإمام أبو حنيفة أنه لم يبلغه في ذلك صلاة "إلا حديثاً واحداً شاذاً لا يؤخذ به "؛ بينما يذكر الإمام محمد أنه بلغه أن النبي صلَّى في الاستسقاء وكذلك ابن عباس، وأنه يتبع في ذلك "السنَّة والآثار المعروفة" (¬6). فنرى هنا أن الأحاديث تقوَّم على أنها معروفة أو شاذة. والسبب في الاختلاف بين الإمامين في المسألة أن الحديث الذي بلغ أبا حنيفة "حديث واحد" وأن الحديث لم يُعمل به. وقوله: "حديث واحد" يذكرنا بمصطلح "خبر الواحد". فهو قد يعتبر أساساً لنشأة هذا المصطلح. فالإمام أبو حنيفة لم يعمل بهذا الحديث لعدم اقتناعه بصحته. أما الإمام محمد فقد بلغته "الآثار المعروفة" أي أكثر من حديث واحد، ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 154 و، 236 ظ. وهذا المصطلح يستعمله مالك أيضاً. انظر: الموطأ، الاستئذان 38. (¬2) الأصل للشيباني، 5/ 236 و. (¬3) الأصل للشيباني، 6/ 70 و. (¬4) الأصل للشيباني، 4/ 153 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 83 ظ، 4/ 153 ظ، 5/ 72 ظ، 89 و، 158 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 83 ظ.

4 - منهجه في الاستدلال بالسنة والروايات

ويحتمل أن يكون رأى "السنَّة" أي العمل بهذا الحديث في الحجاز، واطلع على تطبيق الصحابة مثل ابن عباس وغيره، واقتنع بصحة الحديث. وفي المؤلفات الأخرى للشيباني يَستعمل مصطلحات وألفاظاً مختلفة لبيان صحة الأحاديث والآثار، وعلى رأس هذه المصطلحات: "معروف"، و"مشهور". ويستعمل كذلك مصطلحات وتعبيرات مثل "مستفيض، جاء الثَّبَت، معروف في أيدي الفقهاء، معروف في أيدي الناس، ثَبَتَ، لا اختلاف فيه، لا خلاف فيها" (¬1). ويستعمل لإفادة عدم صحة الحديث ألفاظاً مثل "مستنكر، لا يعرف، غير معروف" (¬2). واستعمل كلمة "أوثق" للترجيح بين الروايات (¬3). وعبر عن خطأ الراوي في متن الحديث بلفظ "أَوْهَمَ" (¬4). وفي صدد بيان ضعف رواية يسمي الرواية المنقطعة بـ "المرسل"، وأن الراوي "لم يُسنِده " (¬5). كما استعمل مصطلحات ثقة / ثقات، مأمون لإفادة أن الراوي موثوق به (¬6). وعبر عن الراوي غير الموثوق به بلفظ "متهم في حديثه"، وعن الموثوق به بلفظ "غير متهم في حديثه" (¬7). واستعمل لفظ "أوثق" للترجيح بين الرواة من حيث الثقة بهم (¬8). 4 - منهجه في الاستدلال بالسنَّة والروايات أ - عمله بالسنَّة القولية والفعلية والتقريرية يذكر الشيباني في جميع أبواب الفقه تقريباً أدلة من السنَّة النبوية. ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 3، 24، 65، 94، 108، 109، 113، 116، 138، 169، 180، 213، 225، 229، 272، 316، 319، 341، 359، 2/ 264، 298، 309، 356، 395، 399، 428؛ موطأ محمد، 2/ 157، 263، 3/ 205، 206. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 89، 3/ 431. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 128، 130، 131، 238. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 134. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 220. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 169، 201، 226، 377؛ موطأ محمد، 1/ 572. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 201. (¬8) الحجة للشيباني، 2/ 261.

ب - التفريق بين المعروف / المشهور والشاذ

والوظيفة الأساسية للسنَّة هي بيان القرآن كما أشار إلى ذلك القرآن الكريم (¬1). وفي بعض المواضع تُذكر السنَّة على أنها الواضعة للأحكام على سبيل المجاز. فيقول مثلاً: "حرّمت السنَّة". والأحاديث المرفوعة القولية والفعلية تذكر على وجه الاستدلال في مواضع كثيرة من الأصل. كما يستدل الشيباني بسكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني بالسنَّة التقريرية في بعض المواضع (¬2). ب - التفريق بين المعروف / المشهور والشاذ تقدم أعلاه أن الشيباني يفرق بين الأحاديث المشهورة / المعروفة والشاذة. كما نرى أنه يستدل بعمل المسلمين بمحتوى الحديث على صحته (¬3)، وأنه لا يقبل بعض الروايات غير المشهورة والمعارضة للقواعد العامة (¬4). كذلك لا يقبل الشيباني خبر الواحد (حديث واحد) إذا عارض السنَّة المشهورة (السنَّة والآثار المعروفة) (¬5). ج - الاحتجاج بخبر الواحد للشيباني دور مهم في الاستدلال لحجية خبر الواحد، وقد غفل عن ذلك الباحثون. ففي كتاب الاستحسان في مسألة قبول خبر الشخص الواحد في المسائل الدينية مثل حل الطعام والشراب أو طهارة الماء المتوضأ به يستدل الشيباني بتصرفات الصحابة تجاه صحابة آخرين يروون حديثاً ما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فيفيد الشيباني أن طلب أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - من بعض الصحابة الراوين لحديث ما أن يأتوا بصحابي آخر يروي نفس الحديث أفضل من ناحية الاحتياط، ولكن خبر الواحد كاف أيضاً، ثم يبدأ بسرد الأدلة على ذلك. فيذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل رجلاً واحداً لتبليغ الإسلام إلى الآخرين، وأن الصحابة مثل عمر وعلي وغيرهم قد عملوا بأحاديث رواها آحاد الصحابة، ويشير إلى أن الأدلة في هذا الموضوع كثيرة (¬6). والشافعي يذكر ¬

_ (¬1) سورة النحل 16/ 44. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 247، 4/ 70. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 671 - 672. (¬4) موطأ محمد، 3/ 338 - 340. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 225. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 168 ظ. وقد أشار الدبوسي إلى ذكر الثيباني للأحاديث وأفعال الصحابة في موضوع العمل بخبر الواحد. انظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص 173.

د - ترك رأي أبي حنيفة في بعض المواضيع بسبب الحديث

الأدلة نفسها التي ذكرها الشيباني لإثبات حجية خبر الواحد في الرسالة (¬1). كما استدل البخاري في صحيحه على نفس المسألة بدليل مذكور عند الشيباني (¬2). والفرق بين الشيباني وغيره هنا هو أن الشيباني استدل بهذه الأدلة على مسألة فقهية، واستدل الشافعي بنفس الأدلة على أصل من أصول الفقه شبيه بتلك المسألة الفقهية. وتصرف الشيباني في هذه المسألة يدل على أن علم أصول الفقه لم ينشأ بعد على وجه الاستقلال، وأن النقاش النظري حول المسائل الأصولية لم ينتشر بعد، وأن المناظرات كانت جارية حول المسائل الفقهية في الأساس. د - ترك رأي أبي حنيفة في بعض المواضيع بسبب الحديث نرى أن أبا يوسف والشيباني يخالفان أبا حنيفة في بعض المواضيع بالاعتماد على الأحاديث. فقد مرت مخالفتهما له في صلاة الاستسقاء أعلاه. مثال آخر: يخالف أبو يوسف والشيباني أبا حنيفة في اشتراط إذن الإمام لتملك الأرض الميتة عن طريق إحيائها مستدلين بحديث: "مَن أحيا أرضاً ميتة فهي له" (¬3)، قائلين: "إذن رسول الله أجوز من إذن الإمام" (¬4). مثال آخر: يرى الإمام أبو حنيفة أن العشر يؤخذ من جميع المحاصيل الزراعية سواء قلت أو كثرت، وسواء كان لها ثمرة باقية أم لا، ويعتمد في ذلك على رأي إبراهيم النخعي ومجاهد بن جبر من التابعين (¬5)؛ بينما يرى الشيباني أن العشر لا يؤخذ من الخضراوات ولا من المحصول الذي هو أقل من خمسة أوسق مستدلاً بالأحاديث "المعروفة" في ذلك (¬6). ومخالفة ¬

_ (¬1) الرسالة للشافعي، ص 409، 426، 429، 430. (¬2) صحيح البخاري، "أخبار الآحاد"، 1. (¬3) الموطأ، "الأقضية"، 26، سنن أبي داود، "الخراج"، 35 - 37؛ سنن الترمذي، "الأحكام "، 38. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 288 - 290؛ الدراية لابن حجر، 2/ 201، 244. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 229 و - 229 ظ. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 371، 372؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، 2/ 37، 38. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 158 ظ.

هـ - الطرق المتبعة في نقد الحديث والترجيح بين الأحاديث المختلفة

الشيباني لأبي حنيفة في جواز الوقف مبني على الحديث أيضاً (¬1). وهناك أمثلة أخرى في كتب الشيباني ترك فيها رأي أبي حنيفة استناداً إلى الأحاديث الواردة في تلك المواضيع (¬2). ونحن نرى أن ترك الشيباني لرأي أبي حنيفة في جميع هذه المسائل ليس لمخالفته له في الأصول، وإنما ذلك لاقتناع الشيباني بصحة الحديث وشهرته لاطلاعه على شيوع رواية ذلك الحديث أو العمل به على وجه لم يطلع أبو حنيفة عليه. هـ - الطرق المتبعة في نقد الحديث والترجيح بين الأحاديث المختلفة يوجد في الأصل نقد لمتن حديث يرويه هشام بن عروة (¬3). ومضمون هذا النقد أن النبي - عليه الصلاة والسلام - لا يأمر بباطل ولا بما يؤدي إلى خداع أحد الطرفين، ولذلك فيحكم بوهم هشام وخطئه في رواية هذا الحديث (¬4). يرجح الشيباني بين الرواة بما فيهم الصحابة، فبعد أن يروي حديثين مختلفين يذكر أن عمر أعلم بحديث رسول الله من عائشة (¬5). ويرجح روايات الصحابة الذين هم أكبر سناً وأكثر خبرة وأقرب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - على روايات الصحابة الآخرين (¬6). فمثلاً يفيد الشيباني أن علياً أعلم بالحديث من أبي هريرة (¬7). وانتقد الشيباني روايات بعض الصحابيات في المسائل التي يكون الرجال أعلم بها في العادة كما اعتمد في ذلك على روايات آخرين ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 8/ 251 ظ. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 7 - 8، 52، 128، 272، 334، 502 - 507؛ موطأ محمد، 2/ 134، 3/ 314. (¬3) هو هشام بن عروة بن الزبير المدني، من رواة الحديث المشهورين. توفي سنة 146. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 11/ 48 - 52. (¬4) الأصل للشيباني، 4/ 153 و - 153 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 4/ 153 ظ. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 95، 2/ 716، 717. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 716، 717، 720.

من الصحابة (¬1). ويرجح كذلك رواية الصحابي المشهور بالصحبة والعلم على رواية الصحابي غير المشهور والذي لا يروي إلا حديثاً واحداً (¬2). كما يرجح الشيباني بين الراويين الثقتين اللذين يرويان عن شخص واحد بكون أحدهما أعلم بحديث الشيخ من الآخر (¬3). وفي الحجة للشيباني نرى أنه يحاول التوفيق بين الأحاديث المختلفة أحياناً، فمثلاً في الروايات المتعلقة بأفضلية التغليس أو الإسفار بصلاة الفجر حاول الشيباني التوفيق بين الروايات بالوقوف على المعنى الظاهري لهذه الروايات (¬4). لكنه في الغالب يذهب إلى الترجيح بين الأحاديث، ويقول في ذلك: "إنما ينبغي إذا جاء الحديثان المختلفان أن ينظر إلى أشبههما بالحق فيؤخذ به ويترك ما سوى ذلك" (¬5). وإذا نظرنا إلى النقاش الذي قيل فيه هذا القول فإن "الحق" المذكور فيه يمكن أن يقصد به القواعد الشرعية العامة (¬6). وفي مكان آخر يذكر الشيباني أن الحديث إذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجوه مختلفة فإنه ينبغي ترجيح الأليق به والأصوب من الروايات، وفي المسألة المذكورة في ذلك المكان يظهر أن المقياس الذي عين به الأصوب هو اتباع العدل والمساواة (¬7). ونرى أنه يرجح بين الروايات المختلفة بمقاييس أخرى، منها تطبيق تلاميذ عبد الله بن مسعود (¬8)، أقوال وأفعال الصحابة (¬9)، الاحتياط (أخذنا بالثقة، لأنه أوثق) (¬10)، موافقة السنَّة المشهورة (¬11)، كثرة الروايات (¬12)، ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 64. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 225 - 226. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 171. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 1، 7. (¬5) الحجة للشيباني، 2/ 332. (¬6) الحجة للشيباني، 2/ 330 - 332. (¬7) الحجة للشيباني، 3/ 252 - 253. (¬8) الحجة للشيباني، 1/ 6 - 7. (¬9) الحجة للشيباني، 1/ 64، 2/ 650، 691. (¬10) الحجة للشيباني، 1/ 128، 166، 182، 187، 311 - 314؛ موطأ محمد، 3/ 63 - 64. (¬11) الحجة للشيباني، 1/ 319. (¬12) الحجة للشيباني، 210/ 2؛ موطأ محمد، 1/ 175، 200، 285، 300، 385، 410، 2/ 549.

التيسير (¬1)، رأي الأغلبية (¬2). ويرجح الشيباني في مسألة خالف فيها أبا حنيفة الحدثحما القولي على الحديث الفعلي لموافقته عمل الصحابة (¬3). ويحتج الشيباني في الحجة بروايات أهل بلده في مقابل روايات أهل المدينة، ويظهر من ذلك أن أهل كل بلد يثقون برواتهم وعلمائهم أكثر من غيرهم، وهذا أمر طبيعي إلى حد ما. فمثلاً، القنوت في صلاة الصبح وزكاة مال الصبي وغير ذلك من المسائل ترى فيها شاهد ما ذكرناه (¬4). وفي هذا السياق ينتقد الشيباني عدم أخذ أهل المدينة بروايات البلدان الأخرى (¬5). حتى أنه يبين أن أهل المدينة لا يعملون في بعض المسائل بأحاديث رووها هم أنفسهم (¬6). فمثلاً ينقل عن أهل المدينة قولهم في مسألة روى فيها أهل العراق حديثاً: "لا نعرف الحديث الذي تروونه"، أي أن هذا الحديث شاذ غير معروف؛ ويجيب الشيباني على ذلك بقوله: "الأحاديث في ذلك أغزر وأشهر من أن ترد، وقد رواها بعض أهل العراق " (¬7). ويجيب الشيباني عن بعض الأحاديث التي تتضمن أحكامًا تخرج عن الأمر المعروف والمشهور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك خاص بالنبي وأنه لا يمكن اتباعه في ذلك، ويستدل على ذلك بأحاديث أخرى أو بالاجتهاد وإعمال الرأي (¬8). ينقل الشافعي عن الشيباني أنه لا يأخذ بالحديث المرسل / المنقطع (¬9). ويذكر الأستاذ محمد الدسوقي أن الشيباني يروي الأحاديث المرسلة/المنقطعة ويحتج بها في الأصل وغيره من كتبه، وبناءً على ذلك فيمكن أن تكون هذه ¬

_ (¬1) موطأ محمد، 1/ 293. (¬2) موطأ محمد، 1/ 643. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 128. (¬4) الحجة للشيباني، 1، 97 - 106، 106 - 108، 199، 357 - 362، 4/ 195 - 196، 206، 218 - 219؛ موطأ محمد 1/ 617 - 617، 2/ 13 - 14، 8/ 3، 12. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 265. (¬6) الحجة للشيباني، 4/ 231 - 233، 242 - 243. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 733. (¬8) الآثار للشيباني، ص 35؛ موطأ محمد، 2/ 124 - 125. (¬9) الأم للشافعي (تحقيق: رفعت فوزي عبد المطلب)، 9/ 135، 139.

5 - عدد الروايات في كتاب الأصل

العبارات أضيفت إلى الأم وليست منها في الأصل، وأنه توجد شبهات في نسبة الأم إلى الشافعي (¬1). ونحن نرى أن الشيباني مع أنه يقبل الأحاديث المرسلة / المنقطعة كدليل ويحتج بها إلا أنه يرد المرسل في جو المناظرة لأن خصمه على ذلك المذهب، فهو يُلزم خصمه برأي نفسه. وهذا التصرف معروف ومتداول لدى العلماء في المناقشات العلمية لإظهار عدم التناسق في منهج الخصم وأنه لا يسير على منهاج مستقيم، وليس هذا من سوء الأخلاق الذي لا يليق بالعلماء، وإنما هو أمر معروف ومشهور عندهم (¬2). 5 - عدد الروايات في كتاب الأصل يوجد في الأصل 1632 حديثاً وأثراً في المجموع. والقليل منه مكرر. ويدخل في هذا العدد الأقوال والأفعال والتقريرات المنسوبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين سواء ذكرت بسند أو بدونه. من ناحية أخرى فإنه ينبغي أن لا يظن أن علم أبي حنيفة وأبي يوسف والشيباني بالحديث مقصور على هذا العدد. فهناك كتب أخرى لهم مثل مسانيدهم، والآثار، والحجة على أهل المدينة وموطأ محمد. فعلاوة على المرويات الموجودة في هذه الكتب فإن مسائل كتاب الأصل نفسها تدل على هذا الأمر. فمثلاً يذكر الشيباني كفاية المُدّ (لتر واحد) للوضوء، والصاع (3،3 لتراً) للغسل كمسألة فقهية. وهي في الحقيقة مروية من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). وكثير من مسائل الوضوء والصلاة غير هذا لم يذكر فيها الدليل من الحديث. ومن المعلوم أن هذه المسائل وأمثالها من مسائل العبادات مأخوذة عن طريق الرواية، ومن المستحيل أن لا يعلم بها أئمة المذهب. فعدم ذكر هذه الروايات إلا نادراً في كتاب الصلاة مثلاً يمكن أن يفسر بأن تلك الروايات معلومة مشهورة عند أربابها، فلا حاجة إلى الإطالة بذكرها؛ وبأن الفقه في تصور الشيباني ¬

_ (¬1) الإمام محمد بن الحسن للدسوقي، ص 216 - 218. (¬2) وقد خالف الأستاذ محمد الدسوقي في ذلك. انظر: الإمام محمد بن الحسن، ص 217. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 4 و؛ صحيح البخاري، "الوضوء"، 47؛ صحيح مسلم، "الحيض"، 51 - 35.

د - الإجماع

وأستاذيه بدأ يستقل عن الحديث والرواية ويبرز إلى الوجود كعلم جديد قائم بنفسه. وقد أشار بعض العلماء إلى أن منهج الشيباني في ذكر الأحاديث هو عدم الاهتمام بالروايات المعروفة لدى الجميع في المسائل المشهورة، والاهتمام بذكر الروايات المتعلقة بالمسائل الدقيقة والتي تخفى على كثير من الناس (¬1). وإذا نظرنا إلى مجموع الروايات في الأصل فيمكن القول بأن هذه المعلومة صحيحة إلى حد ما. فمثلاً، لا يوجد في كتاب الصلاة إلا القليل من الروايات. لكن على النقيض من ذلك فإن الروايات قد ذكرت بكثرة في كتاب الرضاع وكتاب الطلاق حتى في المسائل المعلومة المشهورة. إن عدد الروايات مختلفة من حيث القلة والكثرة بين الكتب الفقهية الموجودة في الأصل، إلا أن معظم هذه الكتب لا تخلو من الرواية. وكثير من الكتب الفقهية في الأصل تفتتح بذكر الأحاديث والآثار الواردة في ذلك الموضوع، ثم ينتقل إلى المسائل الفقهية. فمثلاً كتاب الصرف والرهن والقسمة والهبة والإجارات والمضاربة والعتاق والصيد والذبائح والوصايا والولاء والسرقة والإكراه والدعوى والبينات والشرب والعبد المأذون والشفعة والمفقود وجعل الآبق والعقل والحيل واللقطة والمزارعة والنكاح والصلح والوكالة والوقف وبعض الأبواب الموجودة داخل هذه الكتب تفتتح بالأحاديث والآثار. غير أن كثيراً من الكتب الفقهية لا تفتتح بذكر الأحاديث والآثار، مثل كتاب التحري والاستحسان والأيمان وغيرها. والروايات المذكورة في بداية تلك الكتب الفقهية لا يلزم أن تكون كلها مؤيدة لرأي المذهب، بل يمكن أن توجد بينها روايات تخالف رأي المذهب (¬2). د - الإجماع يستدل الشيباني بالإجماع في مسائل كثيرة في الأصل وغيره من كتبه. ¬

_ (¬1) بلوغ الأماني لمحمد زاهد الكوثري، ص 78. (¬2) الأصل للشيباني، 4/ 144 ظ، 6/ 204 و، 242 ظ، 8/ 90 ظ.

ويستعمل لفظ "الإجماع" كما يستعمل الأفعال الدالة على ذلك مثل "أجمع، اجتمع" ونحوها. فهو يقول للتعبير عن الإجماع: "إجماع لا اختلاف فيه"، "اجتمع عليه الفقهاء"، "اجتمع عليه المسلمون" (¬1)، "أجمع أهل العلم جميعاً"، "أجمع المسلمون جميعاً"، "عند المسلمين وعند جميع الفقهاء"، "الناس جميعاً"، "مجمعة عليها" ونحو ذلك (¬2). وفي بعض المواضع لا يستعمل لفظ الإجماع لكن يستعمل ألفاظاً أخرى تدل على نفس المعنى، مثل قوله: "قول الناس كلهم"، "هذا قول لا نعلم أحداً من العلماء قاله"، "لم يُخْتَلَفْ فيه"، "والناس لا نعلمهم اختلفوا في ذلك" ونحو ذلك (¬3). وقد استعمل الإجماع مع السنَّة في بعض المواضع. ففي موضع يقول: "حرمت السنَّة والإجماع" (¬4). وفي موضع آخر يذكر: "السنَّة المجتمع عليها" (¬5). واستعمال السنَّة والإجماع معاً يحمل معنى تقوية أحد الدليلين بالآخر. فالسنَّة كما سبقت الإشارة إليها لها مفهوم يغلب عليه جانب الفعل والتطبيق. تبعاً لذلك، فالسنَّة والإجماع، أو السنَّة المجتمع عليها إذا أيدت حكماً من الأحكام تفيد أن ذلك الحكم معروف من قبل الجميع وأنه جار العمل به منذ القديم. والسنَّة بعد ذاتها تحمل معنى الشهرة والتلقي بالقبول في القرون الأولى. ففي هذه الحالة يكون إضافة الإجماع إليها مفيداً لقطعية هذه الشهرة والتلقي بالقبول ومؤكداً لهما. ويستدل في الأصل بإجماع الصحابة. فمثلاً في أحداث الفتنة الواقعة بين الصحابة كان كثير منهم على قيد الحياة وقد أجمعوا على عدم معاقبة من ارتكب قتلًا أو غصباً أو نحو ذلك في خضم هذه ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني،3/ 3 ظ، 204 و، 5/ 35 و. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 208، 209، 2/ 313، 3/ 22، 4/ 155، 262؛ موطأ محمد، 1/ 628. (¬3) الأصل للشيباني، 4/ 10 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 522، 2/ 398، 409، 3/ 55، 124، 4/ 177 - 178. (¬4) الأصل للشيباني، 3/ 2 و. (¬5) الأصل للشيباني، 8/ 58 ظ.

الأحداث (¬1). واستدل في مسألة حصلت بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وسكت الصحابة عليها بأن سكوتهم هذا يدل على صحة ذلك الأمر (¬2). فهنا وقع الاستدلال منه بالإجماع السكوتي. وينقل الجصاص عن الشيباني أنه إذا اختلف الصحابة في أمر ثم وقع الإجماع في عهد التابعين على رأي من آراء الصحابة وترك الرأي الآخر تماماً فإنه لا يجوز العمل بالرأي المتروك (¬3). كما أفاد مشايخ الحنفية المتقدمون أن الشيباني يقول بحجية الإجماع من أهل كل عصر (¬4). وقد استدل الشيباني بالأثر القائل: "ما رآه المؤمنون حسناً فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح" على كون استحسان المسلمين جميعهم لشيء أو استقباحهم له دليلاً من الأدلة (¬5). وينبه الشيباني على أن الأفعال والتطبيقات المخالفة للإجماع باطلة وأنه لا ينبغي اتباعها. فمثلاً ينبغي اتباع الإمام في صلاة العيد في عدد تكبيرات الزوائد على اختلاف الروايات في ذلك، لكن لا يجوز متابعة الإمام الذي يكبر عدداً لم يقل به أحد من الفقهاء ولم يؤثر عن السابقين (¬6). ويبين الشيباني أنه لا يجوز أن يبطل القاضي حكماً حكم به قاض آخر ما لم يكن ذلك الحكم مخالفاً لشيء لا يختلف فيه القضاة (¬7). ومفهوم هذا أن حكم القاضي المخالف للإجماع عرضة للإبطال. ويستعمل الشيباني لفظ الإجماع أحياناً بمعنى اتفاق مجموعة من الأشخاص أو الجماعات على أمر، وليس بمعنى الإجماع السابق. فمثلاً يفهم من السياق في موضع ذكر فيه الإجماع أنه يقصد به رأي الجمهور، لأنه يذكر رأياً آخر في مقابل الإجماع، وهو رأي أهل المدينة. وهي مسألة الأكل أو الشرب ناسياً في نهار رمضان، فبالرغم من وجود الأحاديث ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 5/ 89 و. (¬2) الحجة للشيباني، 3/ 413. (¬3) الفصول للجصاص، 3/ 339. (¬4) تقويم الأدلة للدبوسي، ص 31. (¬5) موطأ محمد، 1/ 628 - 633. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 73 ظ. (¬7) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 218 و.

و"الناس يجمعون عليها" إلا أن أهل المدينة يرون أن ذلك ينقض الصوم (¬1). وفي مواضع أخرى يذكر أيضاً أن الإجماع واقع على خلاف رأي أهل المدينة في المسألة (¬2). كما يقول في مسألة خالف فيها أهل المدينة: "وهذا الأمر المجتمع عليه لا اختلاف فيه بين الفقهاء إلا من قال برأيه ونبذ الآثار خلف ظهره " (¬3). وفي موضع آخر يذكر إجماع أهل الكوفة وأهل المدينة (¬4). ويقول في موضع: "لأن أبا حنيفة وجميع أصحابنا قد أجمعوا" (¬5). وفي مسائل الفرائض يتحدث عن أن القضاهّ لا يختلفون في بعض المسائل أو أنهم يجمعون عليها (¬6). واللافت للنظر هنا أنهم كانوا يتتبعون قضاء القضاة وإجماعهم على قضية من القضايا ويستدلون بذلك. ويستعمل الشيباني لفظ "العامة" بمعنى الجمهور، ويستدل برأيهم ويوليه قيمة (¬7). ويقول في مسألة وقوع الطلاق الثلاث بلفظ واحد بأنه "قول العامة لا اختلاف فيه" (¬8). وهذا التعبير بن كان يوهم أن المقصود به الإجماع إلا أنه يفيد الجمهور وقلة المخالفين، لأنه عقد في الأصل باباً لرد الرأي المخالف (¬9). وقد استدل الشيباني في موضع واحد بإجماع أهل الكوفة. يقول الشيباني في موضوع بيع العبد المدبَّر - الذي علق سيده عتقه على موته - بعد نقله حديثين مختلفين يقضي أحدهما بجواز بيعه ويقضي الآخر بعدم جواز بيعه: "فلما اختلفوا في الرواية عنه أخذنا بما اجتمع عليه أهل الكوفة ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 392. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 199، 396، 443. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 236. ولعبارة شبيهة انظر: نفس المصدر، 2/ 334. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 497. ولعبارة شبيهة انظر: نفس المصدر، 1/ 533. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 102 و. (¬6) الأصل للشيباني، 4/ 15 ظ،16 و. (¬7) الحجة للشيباني، 1/ 108، 4/ 209؛ الآثار للشيباني، ص 77. (¬8) الآثار للشيباني، ص 86. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 25 و.

هـ - قول الصحابي

أنه لا يباع" (¬1). فهنا يستعمل إجماع أهل الكوفة كمرجِّح بين روايتين مختلفتين. وهذا التصرف يشبه استعمال الإمام مالك لعمل أهل المدينة واحتجاجه به في العمل بالأحاديث وغير ذلك. ويتشابه اللفظ المستعمل عند الإمام مالك والإمام محمد، فيقول الإمام مالك مثلاً: "الأمر المجتمع عليه عندنا" ونحو ذلك (¬2). ويفيد بعض الأصوليين أن الحنفية كانوا يستعملون عمل أهل الكوفة كمقياس للترجيح بين الروايات إلى زمن أبي حنيفة قبل شيوع البدع (¬3). وهذا المنهج كان متبعاً لدى المجتهدين الأولين. فقد كانوا يرون أن العمل الجاري في المكان الذي يعيشون فيه متوارث من الصحابة والتابعين الذين كانوا يعيشون في ذلك المكان قبلهم وأنهم لكونهم قريبي العهد بهم فقد وصل إليهم عمل الصحابة والتابعين عن طريق صحيح. وكانوا يرون أيضاً أن مثل هذا العمل المشهور والمتوارث من جيل إلى جيل أقوى من حديث يرويه شخص أو شخصان، ولذلك كانوا لا يقبلون صحة أخبار الآحاد التي تخالف هذا العمل المتوارث ويقولون بأن هذه الأخبار لو كانت صحيحة لكانت معلومة عند الصحابة والتابعين المتوافرين في ذلك المكان. ومن المفهوم أن الشيباني إنما ينطلق من هذه الفكرة في المثال المذكور أعلاه. وينبغي أن نلفت النظر هنا إلى أن استدلال الشيباني بإجماع أهل الكوفة لا يتناقض مع نقده لاستدلال الإمام مالك بعمل أهل المدينة. فالإمام محمد يستدل بإجماع أهل الكوفة للترجيح بين حديثين مختلفين، بينما ينتقد الاستدلال بعمل أهل المدينة في مواضع لا يوجد فيها حديث مؤيد لذلك العمل. هـ - قول الصحابي يستدل الشيباني بأقوال الصحابة في مواضع كثيرة، ويقول في بعض المسائل بأنه لا يوجد في هذه المسألة حديث للنبي - عليه الصلاة والسلام - ولا ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 133 و. (¬2) الموطأ لمالك بن أنس، 1/ 247، 271، 302. (¬3) المسودة لابن تيمية، ص 281.

قول صحابي، مما يدل على أنه يعد قول الصحابي دليلًا من الأدلة (¬1). وفي بعض المواضع ترك العمل يقول الصحابي (¬2). ولذلك فالمسألة مختلف فيها بين الأصوليين الأحناف (¬3). ويرجح الشيباني بين أقوال الصحابة في حال اختلافهم. فمثلاً في تحديد أيام تكبير التشريق يأخذ أبو حنيفة يقول عبد الله بن مسعود بينما يأخذ أبو يوسف والشيباني يقول علي بن أبي طالب (¬4). فيرجح الشيباني رواية أحد الصحابة على رواية صحابي آخر مؤيداً ذلك بأحاديث وأقوال الصحابة الآخرين (¬5). والصحابي الذي ترد روايته أو يرد قوله قد يكون مثل عبد الله بن مسعود الذي لأقواله مكانة عند أئمة المذهب (¬6). كما نرى أن الترجيح يكون غالباً لأقوال الصحابة الكبار والفقهاء منهم مثل عمر وعلي وعبد الله بن مسعود في حال تعارضها مع أقوال صحابة آخرين مثل زيد بن ثابت وأبي هريرة (¬7). هذا هو المفهوم من صنيع الشيباني في مؤلفاته (¬8). ويقدم الشيباني رأي الصحابة على رأي التابعين (¬9). ويستدل أحياناً بآراء التابعين التلاميذ لصحابي مشهور بالعلم ويذهب إلى الترجيح بينها، مثل آراء ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 8/ 253 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 477، 513، 514، 563، 568. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 214 ظ، 3/ 15 و. يذكر الدبوسي أن أبا يوسف ومحمداً يقولان بعدم تضمين الأجير المشترك، ويستدلان في ذلك يقول علي، أما أبو حنيفة فاستدل برأيه وخالف هذا القول. انظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص 256. لكن توجد في الأصل رواية تؤيد رأي الإمام أبي حنيفة أيضاً. انظر: الأصل، 2/ 120 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 15/ 80. وعليه فيمكن أن يقال بأن الإمام أبا حنيفة إنما ذهب إلى الترجيح بين روايتين عن نفس الصحابي، أو أنه طرح الروايتين جانباً لتناقضهما، وعمل برأيه. (¬3) تقويم الأدلة للدبوسي، ص 256؛ أصول السرخسي، 2/ 110. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 73 ظ - 74 و. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 65 - 66. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 214 - 218. (¬7) الحجة للشيباني، 1/ 299، 4/ 284 - 285. (¬8) قارن: الإمام محمد بن الحسن للدسوقي، ص 229. (¬9) الحجة للشيباني، 1/ 116، 169، 172 - 173.

أصحاب علي وأصحاب عبد الله بن مسعود (¬1). ولفقهاء الكوفة من التابعين مكانة مهمة في الأصل، وآراؤهم مذكورة في الكتاب بكثرة. ويمكن أن نذكر من بينهم إبراهيم النخعي (ت. 96)، والشعبي (ت. 104)، والقاضي شريح (ت. 80). والروايات المذكورة عن إبراهيم النخعي خصوصاً كثيرة جداً ولرأيه مكانة متميزة عند أئمة المذهب (¬2). وهذه الروايات تروى غالباً بنفس السند: أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم. ولآراء النخعي تأثير مهم على المذهب الحنفي. ومع ذلك فهناك مواضع خالف فيها أئمة المذهب رأيه. وللشعبي تأثير كبير في تأليف كتاب الفرائض من كتاب الأصل. فالشيباني ينقل عن الشعبي كتابه في الفرائض المشتمل على أقوال الصحابة والتابعين في مسائل الفرائض وتخريجاته على ذلك، ويبلغ ذلك إحدى عشرة ورقة (¬3). ثم يبني الشيباني كتاب الفرائض على هذه المعلومات ويتوسع في ذكر المسائل وتفصيلها. وكتاب الشعبي في الفرائض يعتبر مصدراً مهماً من القرن الأول منقولًا إلينا بواسطة كتاب الأصل (¬4). وينقل الشيباني هذا الكتاب عن السري بن إسماعيل ومحمد بن سالم بإسناده إلى الشعبي (¬5). ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 6 - 7، 300. (¬2) الأصل للشيباني، 6/ 42 و. (¬3) الأصل للشيباني، 4/ 5 ظ - 16 ظ. (¬4) وقد ذكر أبو حاتم أن المسائل المذكورة في كتاب الفرائض للشعبي والمنسوبة إلى علي بن أبي طالب إنما هي من قياس الشعبي على أقوال علي - رضي الله عنه -، ولم يكن لعلي بن أبي طالب وقت لتفريعه مثل هذه المسائل. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم، 6/ 233؛ تهذيب الكمال للمزي، 14/ 36. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 4 ظ، 38 ظ. السري بن إسماعيل الهمداني كوفي، وهو ابن عم الشعبي، وكان كاتباً للشعبي أثناء قضائه. وصار قاضياً مكانه بعد وفاته. وضعفه المحدثون من قبل الرواية انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 3/ 459 - 460. أما محمد بن سالم الهمداني فكوفي أيضاً، وله كتاب في الفرائض. روى عن الشعبي وغيره. وكان يعلم الفرائض جيداً. وهو ضعيف أيضاً عند المحدثين. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 9/ 176 - 177.

و - القياس

والأصوليون الأحناف مع أنهم لا يعتبرون أقوال التابعين حجة إلا أنهم يرون أن مخالفة التابعي الذي كان معروفاً بالفقه على عهد الصحابة مثل إبراهيم النخعي للصحابة تقدح في تكون الإجماع (¬1). وهذا يدل على أن للتابعي الذي هذا شأنه مكانة معتبرة وأن أقواله لها نوع من الحجية. و- القياس 1 - مكانة القياس في المذهب الحنفي تتردد كلمة القياس بكثرة في الأصل. وهو أكثر الأدلة استعمالاً في الكتاب. ويدل كثرة استعمال لفظ القياس وما اشتق من نفس المصدر على كون المذهب الحنفي الممثل الرئيسي لمدرسة أهل الرأي. من ناحية أخرى فإن هذا الاستعمالك الكثير يوضح الانتقادات التي وجهها أهل الحديث إلى الحنفية وأبي حنيفة خصوصاً في موضوع القياس. فالقياس هو أساس الفقه الحنفي. يدور الفقه الحنفي حول محور القياس وتُصنَّف المسائل بالنظر إليه. لا شك أن النصوص هي المصادر الأساسية للفقه الحنفي، لكن هذا الفقه ينظر إلى القواعد العامة والعلل المستنبطة من النصوص بمجموعها على أنها أساس الفقه. فالقياس عندهم هي عملية إعمال النظر والفكر في ضوء النصوص وفي الإطار الذي ترسمه النصوص. 2 - المصطلحات يستعمل الشيباني كلمة القياس وما اشتق من مصدر "قيس" من الأفعال للتعبير عن هذا الدليل. وبعض التعابير المستعملة في إفادة القياس يمكن أن تسرد كما يلي: في القياس (¬2)، القياس في هذا أو في ذلك ونحوه (¬3)، على القياس (¬4)، قياس هذا (¬5). كذلك تستعمل الأفعال مثل قاس، قستُ، قسنا، ¬

_ (¬1) أصول السرخسي، 2/ 114؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 3/ 135. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 185 ظ، 203 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 194 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 194 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 197 ظ.

نقيس، يقاس، تقاس (¬1). وقد استعملت ألفاظ أخرى لإفادة القياس. فمن ذلك لفظ "بمنزلة". فمثلاً يقيس الشيباني النفخ بالفم في الصلاة على الكلام ويحكم بفساد صلاة من يفعل ذلك قائلًا: "هذا بمنزلة الكلام" (¬2). وقوله: "بمنزلة" أي في نفس المعنى أو الحكم. يعني أن الأمرين في نفس المستوى من حيث العلة. ويستعمل للتعبير عن القياس ألفاظ أخرى مثل "هما سواء"، "هذا سواء"، والجمل التي تحتوي على لفظة "سواء". وهذا اللفظ يفيد كون الأصل والفرع مستويين من حيث العلة والحكم (¬3). وفي بعض المواضع يقيس مستعملاً كلمة "مثل" أو كاف التشبيه (¬4). تمر كلمة "العلة" في موضع واحد فقط (¬5). وهذا يدل على أن الكلمة لم تصبح مصطلحاً بعد. وتبدأ الجمل التي تبين العلة أو المقيس عليه بألفاظ "لأن"، "ألا ترى"، "مِن قِبَلِ" ونحوها (¬6). وتستعمل عبارات "لا يشببه"، "ليس يشبه" لبيان الفرق بين مسألتين وأنه لا يمكن قياس أحدهما على الآخر. ويكثر استعمالها لإيضاح الفرق بين المسائل التي يظن أنها متشابهة فيما بينها وهي ليست كذلك (¬7). وهناك تعبير آخر مستعمل في نفس المعنى وهي "ليس سواء" (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 51 و، 241 ظ، 3/ 218 و، 4/ 40 و، 45 ظ، 46 و، 50 و، 52 ظ، 54 و، 65 و، 5/ 34 ظ، 69 ظ، 256 ظ، 6/ 195 ظ، 213 ظ، 7/ 42 و، 8/ 92 و، 253 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ. وانظر لأمثلة أخرى: الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ - 7 و، 10 و، 14 ظ، 19 و، 22 ظ، 32 ظ، 33 و، 34 ظ؛ موطأ محمد، 3/ 294، 354. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 2 و، 3 و، 10 و، 12 و، 15 و، 15 ظ، 16 و، 19 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 87 ظ، 2/ 160 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 294 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ، 5 ظ، 7 و، 8 و، 9 ظ،10 ظ،11 و، 2/ 131 و، 132 ظ، 135 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 8 ظ، 11 و، 11 ظ، 19 ظ، 20 ظ، 31 ظ، 32 و، 39 و، 40 ظ، 42 و، 304 و، 2/ 36 و، 129 و. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 9 ظ، 58 و.

3 - فائدة القياس

وللإشارة إلى قياس الأَوْلى تستعمل ألفاظ مثل: "أشد، أعظم، أولى" ونحو ذلك مما يفيد التفضيل والترجيح (¬1). وفي موضع آخر استعمل فعل "عدّيتم" من مصدر التعدية (¬2). وقد استعملت كلمة التعدية في تعريف القياس فيما بعد عند الأصوليين (¬3). وفي معنى الاعتراض على القياس وإيراد المسائل التي تخالف قياساً ما لبيان فساد ذلك القياس فإنه يستعمل كلمة "يدخل" وما يشبهها (¬4). وقد استعمل القياس مع كلمة "النظر" حيث يقول: "السنَّة والآثار في هذا معروفة مشهورة لا يحتاج معها إلى نظر وقياس " (¬5). وبالنظر إلى أمثلة أخرى أيضاً يتبين أن كلمة النظر تستعمل بمعنى الاجتهاد والفكر الفقهي (¬6). وقد استعمل كلمة القياس في الأصل في بعض المواضع بمعنى قياس الأصول، أي القواعد العامة. فمثلاً العمل باليقين وعدم الالتفات إلى الشك الطارئ عليه والمعبر عنه بقاعدة "اليقين لا يزول بالشك" قد سمي قياساً (¬7). 3 - فائدة القياس إن القياس الذي يستعمل في الأصل في معنى أوسع من معناه الاصطلاحي المتأخر يعمل كآلية لتحقيق الانسجام الداخلي والترابط والتناسق بين فروع المذهب، فبواسطته تترابط الفروع لتشكل نسقاً واحداً منتظماً، وتُنقح المسائل وُيقرر ما يقبل من المسائل وما لا يقبل. ولذلك ترى في مواضع كثيرة من الكتاب عبارات مثل: "ينبغي في القياس" ونحو ذلك (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 8/ 1 و، 11 ظ، 52 و، 57 و، 60 ظ، 108 و، 168 ظ، 183 ظ, 210 ظ، 2/ 83 و، 106 ظ، 9/ 13 و، 27 ظ، 53 و، 59 و. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 665. (¬3) أصول السرخسي، 2/ 118؛ التوضيح لصدر الشريعة، 2/ 52. (¬4) الأصل للشيباني،1/ 98 ظ، 102 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 34، 77. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 316. وانظر لمثال آخر: نفس المصدر، 2/ 482. (¬6) الحجة للشيباني، 2/ 568، 569. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 6 و - 6 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 217 و، 322 و، 2/ 121 و، 3/ 44 و، 241 ظ، 4/ 61 ظ، 242 ظ , 245 و، 8/ 210 و.

4 - أركان القياس

فمثلاً المقيم إذا مسح على الخفين ثم سافر قبل تمام يوم وليلة فإن مدة المسح تمتد إلى ثلاثة أيام، وقياساً على هذا لتحقيق التناسق بين الفروع قيل بأن المسافر إذا مسح على الخفين ثم أقام قبل تمام ثلاثة أيام ولياليها فإن مدة المسح تنقص إلى يوم وليلة (¬1). وترى في مواضع كثيرة من الكتاب أن موضوعًا ما يتم بيانه عن طريق إيضاح مسألة معينة ثم يتم بيان علتها ثم يقال بأنه يمكن القياس على هذه المسألة باتباع العلة المذكورة. ويتم التعبير عن ذلك بقوله: "وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه" (¬2)، "وعلى هذا جميع هذا الباب وقياسه" (¬3)، "وعلى هذا جميع هذا القول وقياسه" (¬4)، ونحو ذلك. 4 - أركان القياس إن أركان القياس التي هي الأصل والفرع والعلة والحكم تكون واضحة مذكورة في بعض المواضع، لكن بدون استعمال هذه المصطلحات أي الأصل والفرع وما إلى ذلك (¬5). ففي كثير من المواضع لا يذكر الأصل المقيس عليه، ويذكره في بعض المواضع. فمثلاً يقيس جواز الاحتكام إلى الحكمين في حل الخلافات عمومًا على جواز الاحتكام إلى الحكمين في حل الخلافات الزوجية المذكور في الآية الكريمة (¬6). ويتم تعليل الحكم في مواضع كثيرة (¬7). وقد تم تعيين مسافة قصر الصلاة للمسافر بثلاثة أيام قياساً على الحديث القائل: "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها محرم" (¬8). وأشار في موضع إلى إمكان القياس ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 15 ظ. (¬2) الأصل للشيباني،1/ 102 ظ، 2/ 28 و، 249 و، 257 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 2/ 248 ظ، 6/ 88 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 7 و، 9 ظ. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 19، 2/ 183، 467، 665. (¬6) الأصل للشيباني، 8/ 88 و. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 565؛ موطأ محمد، 3/ 418، 423. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 51 و.

5 - حجية القياس وحدودها

على الحكم الثابت بالإجماع (¬1). وقام في مسألة بالقياس على الأثر المروي عن علي بن أبي طالب (¬2). وفي مثال آخر يقول: "هذا قياس الصلاة على غير وضوء" (¬3). كما يتم القياس على أقوال الصحابة والتابعين كذلك يتم القياس على آراء أبي حنيفة وأبي يوسف، وتستحدث بذلك مسائل جديدة. ويعبر عن مثل هذه القياسات بقوله: "قياس قول أبي بكر"، "قياس قول الشعبي"، "قياس قول أبي حنيفة"، "قياس قول أبي يوسف"، ونحو ذلك (¬4). وقد سمي هذا النوع من القياس فيما بعد بالتخريج، وقد أدى ذلك إلى نمو المذهب وازدياد عدد مسائله وفروعه، كما أدى إلى تقوية الترابط بين فروع المذهب. وأثناء القيام بالقياس يقال بأنه لا "فرق" بين المسألتين، وأن المسألتين "تشبه" بعضهما بعضاً. فمثلاً يقول: "إنما ينبغي أن يقاس ما لم يأت فيه أثر بما يشبهه مما جاء فيه الأثر" ونحو ذلك (¬5). ويصور الرأي المخالف للقياس بأنه التفريق بين أمرين ليس بينهما فرق في الحقيقة (¬6). وكلمتا الفرق والشَّبَه مما يكثر استعمالهما في أصول الفقه فيما بعد في مباحث القياس. 5 - حجية القياس وحدودها هناك عبارة جالبة للانتباه في حجية القياس، يقول الشيباني: "الآثار لا تجيء في الأشياء كلها ولكن تجيء في بعض، ويقاس ما لم يأت فيه أثر بما جاءت فيه آثار"، وأن عدم اتباع ذلك هو تحكُّم (¬7). وهذه العبارة تذكرنا بالعبارة الشهيرة في أصول الفقه والتي تقال أثناء الاحتجاج للقياس، وهي أن النصوص متناهية والحوادث غير متناهية فيجب قياس ما لم يرد في النصوص ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 2/ 313. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 125 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 158 و. (¬4) وقد تم بحث مثل هذه العبارات فيما تقدم. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 19، 44، 45، 2/ 661، 664 - 665. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 84، 2/ 563. (¬7) الأصل للشيباني، 8/ 253 و.

على ما ورد فيها (¬1). وفي مؤلفاته الأخرى ينتقد الشيبانيّ كذلك التفريق بين المسائل التي تتبع علة واحدة ويسمي ذلك تحكماً (¬2). ويستدل في بعض المسائل بالقياس الذي قام به الصحابة مثل عبد الله بن عباس (¬3). وقد صرح الشيباني بأنه لا يمكن أن يخالف القياس الحديث قائلاً: "لا قياس مع أثر" (¬4). وهذه العبارة تشبه القاعدة المصوغة فيما بعد: "لا مساغ للاجتهاد في مورد النص ". وقد مرت قريباً العبارة القائلة: "السنَّة والآثار في هذا معروفة مشهورة لا يحتاج معها إلى نظر وقياس" (¬5). يرد الشيباني بأمثال هذه العبارات على الادعاء بأن أهل الرأي يتركون الأحاديث في مقابل القياس والرأي. ويبين الشيباني وجوب العمل بالقياس في المحل اللازم. فلا يمكن القبول بالعمل بظاهر الحديث في المسألة التي ورد فيها الحديث وتَرْكِ العمل به في مسألة شبيهة بما ورد في النص. يقول الشيباني: "ينبغي أن يقاس على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يخالف فيقول قائل: إنما أقول ذلك فيما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة وما لم يأت فيه أثر قلت فيه برأيي" (¬6). وقد عمل الشيباني بالقياس في جميع أبواب الفقه تقريباً. وعلى عكس ما ورد في أصول فقه الأحناف أنه لا يجري القياس في العبادات والحدود، فقد عمل بالقياس في العبادات والقصاص والحدود واحتج بالقياس في المناقشات الجارية في هذه المسائل (¬7). وقد انتقد الشيباني أهل المدينة بسبب ¬

_ (¬1) أصول السرخسي، 2/ 139 - 140؛ البحر المحيط للزركشي، 5/ 5. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 302، 501. 575. 620، 4/ 317 - 318. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 664 - 665. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 204. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 316. (¬6) الحجة للشيباني، 2/ 650. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 6 و، 11 ظ، 15 ظ، 29 و، 51 و، 5/ 19 ظ، 20 و، 21 ظ، 23 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 76 - 77، 240 - 251، 261 - 264، 293 - 294، 296 - 298، 341 - 342، 381 - 382، 383 - 391، 2/ 272 - 274، 303 - 304، 325، 356 - 388،357 - 390، 419 - 420، 467، 4/ 404 - 405، 407 - 411، 415 - 416.

ز - الاستحسان

عدم اتباعهم لما يوجبه القياس في مسائل الوضوء والحج (¬1). لكن من الواضح أن هذه المسائل ليست من أصول العبادات المقررة بالنصوص وإنما هي متعلقة بفروعها. أما المعاملات فقد جرى القياس فيها على أوسع نطاق من قبل أهل الرأي وأهل المدينة أيضاً، وجرت المناقشات فيها على صحة القياس المجرى أو عدم صحته (¬2). وقد أفاد الشيباني أن القياس ينبغي أن يجري بين مسائل الباب الواحد والمسائل الشبيهة ببعض. فمثلاً مسائل الصوم تقاس بمسائل الصوم، ومسائل الإحرام تقاس بمسائل الإحرام، وعوارض الأهلية مثل الخطأ والنسيان والإكراه المذكورة في حديث واحد ينبغي أن تقاس ببعضها (¬3). وهذا لأن مسائل الباب الواحد تشبه بعضها أكثر من مسائل باب آخر، وإلا فليس هناك مانع من القياس بين مسائل الأبواب المختلفة إذا وقع بينها اتحاد من حيث العلة. ز - الاستحسان 1 - مفهوم الاستحسان إن الاستحسان مع القياس من أكثر المصطلحات استعمالاً في كتاب الأصل. كما أن ذِكْرَ القياس في كثير من المسائل هو نتيجة لوجود استحسان في المسألة. فحين تستند مسألة إلى قياس ولا يوجد استثناء في فروع تلك المسألة فلا يذكر الشيباني القياس فيها. لكن إذا وجد استثناءً في فروع المسألة المبنية على القياس فإنه يذكر القياس ويبين أنه ينبغي أن يكون الحكم في حال اتباع القياس كذا وكذا، لكن يترك القياس لسبب يذكره ويذهب إلى الاستحسان. وهكذا يشكل القياس والاستحسان زوجاً اصطلاحياً متقابلين من حيث المعنى. ولإفادة الاستحسان استعمل الشيباني كلمة ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 18 - 19، 44 - 45، 2/ 183. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 500 - 502، 503 - 509، 514، 522 - 525, 556 - 557، 624 - 626، 661 - 662. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 327 - 328.

"الاستحسان" وأفعالاً مثل أستحسن واستحسنتُ ونحو ذلك. ويستعمل الاستحسان غالباً بتقديم حرف الجر "في" عليه، أي يقول: "في الاستحسان". ويستعمل هذا التعبير في مقابل تعبير "في القياس" كثيراً. كما يستعمل تعبير "أخذت بالاستحسان" أو "آخذ بالاستحسان" ونحو ذلك (¬1). وقد استعمل الاستحسان في بعض المواضع بمعناه اللغوي أي رؤية الشيء حسنًا أو قبول رأي ما (¬2). وفي بعض المناقشات مع أهل المدينة يستعمل الاستحسان بمعنى قبول الرأي المخالف للحديث والسنَّة (¬3). فالشيباني يستعمل الاستحسان بمعنى الاستثناء من القاعدة أو القياس، أي بالمعنى الاصطلاحي المعروف في أصول الفقه. وفي كثير من المواضع يستعمل لفظ الاستحسان مع أدوات الاستثناء، مما يدل على وقوع الاستحسان بطريق الاستثناء. فيقول: "إلا أني أستحسن"، "إلا باباً واحداً أستحسن فيه"، "غير خصلة واحدة لو فعلها أستحسنها"، "غير أني أستحسن"، "غير أني أستحسن في هذا خصلة واحدة"، "ما خلا ... فإني أستحسن" ونحو هذا (¬4). ومع ذكر الاستحسان والقياس مع بعض في كثير من الأماكن إلا أن الاستحسان يذكر أحياناً وحده ويفهم القياس ضمناً من السياق، وأحياناً يعبر عن الاستحسان بترك القياس. ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 11 و، 240 ظ، 2/ 95 و، 147 و، 175 و، 194 ظ، 3/ 129 و، 157 و، 207 و، 207 ظ، 237 ظ، 4/ 85 و، 86 و، 247 ظ، 5/ 22 ظ، 23 ظ، 46 ظ، 60 ظ، 195 و، 6/ 16 ظ، 33 ظ، 51 و، 8/ 16 ظ، 110 و، 119 و، 126 ظ، 129 و، 213 و، 265 ظ وقد أشار الدبوسي إلى الألفاظ التي استعملها الشيباني لإفادة الاستحسان. انظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص 404. (¬2) الأصل للشيباني،1/ 102 و، 107 ظ،111 و، 114 ظ، 5/ 57 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 522. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 222، 272. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 226 ظ، 232 ظ، 249 و، 3/ 79 ظ، 129 و، 5/ 34 ظ، 6/ 32 و، 7/ 244 ظ، 8/ 74 ظ،104 ظ، 196 و.

ففي بعض المواضع التي يذكر فيها الاستحسان والقياس معاً يقول: "هما سواء في القياس ولكني أستحسن ذلك وأدع القياس فيه" (¬1)، "أما في القياس ... وبه نأخذ ... وأما في قول أبي يوسف فإنه قال أستحسن" (¬2)، "أستحسن في هذا وأدع القياس" (¬3)، "أستحسن ذلك وأدع القياس فيه وكان ينبغي في القياس" (¬4)، "هذا والباب الأول سواء في القياس ولكن أستحسن في ... وآخذ في ... بالقياس " (¬5)، "أما في القياس ... وأما في الاستحسان " (¬6)، "هذا القياس في هذا ولكن أستحسن" (¬7)،" هذا القياس ولكن أبا حنيفة كان يستحسن" (¬8)، "والنكاح في هذا الباب والباب الأول سواء في القياس غير أني أخذت في الباب الأول بالاستحسان" (¬9). ويوجد غير ما ذكر مواضع كثيرة جداً ذكر فيها القياس والاستحسان مع بعض. وهذا غيض من فيض. وهناك مواضع ذكر فيها أنه ترك القياس ولم يذكر لفظ الاستحسان صراحة. فمثلاً يقول: "هما في القياس سواء إلا أنا ندع القياس" (¬10)، "هما ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 8/ 124 و. ولعبارات شبيهة انظر: نفس المصدر، 1/ 39 ظ، 209 ظ، 210 و، 259 ظ، 285 و، 2/ 124 ظ، 285 و، 3/ 85، 129 , 144 ظ, 233 و، 4/ 136 ظ، 5/ 39 ظ، 48 و، 118 و - ظ، 8/ 164 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 5/ 42 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 69 ظ،140 و، 148 و، 227 ظ، 236 ظ، 252 ظ، 255 ظ، 260 وظ، 265 ظ, 312 و، 325 و، 2/ 93 ظ، 108 و، 146 ظ، 148 و، 150 و، 209 و,210 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 2/ 192 و، 3/ 90 و، 154 ظ، 5/ 50 ظ، 7/ 74 و، 8/ 86 ظ، 194 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 59 و. ولعبارات شبيهة انظر: نفس المصدر، 1/ 59 و، 3/ 241 ظ، 4/ 114 ظ، 7/ 35 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 61 و، 4/ 88 و، 8/ 260 و. (¬7) الأصل للشيباني، 2/ 209 ظ، 5/ 91 و. (¬8) الأصل للشيباني، 6/ 115 و. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 132 و. (¬10) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ.

في القياس سواء غير أنه جاء ... أثر فأخذنا به." (¬1)، "أما في القياس ... ولكني أدع القياس" (¬2)، "أدع القياس" (¬3)، "ليس هذا بالقياس، وهذا والأول سواء في القياس" (¬4)، "ليس هذا بقياس، فكذلك الوجه الأول" (¬5)، "ليس ذلك بقياس، القياس فيه ... " (¬6)، "فإني أدع القياس " (¬7). وتوجد عبارات أخرى شبيهة بهذه، وهي كثيرة جداً. ويقتصر أحياناً على ذكر الاستحسان دون القياس. ويفهم من ذلك أن الرأي الآخر هو القياس. فيقول مثلاً: "استحسنا ذلك" (¬8)، "أستحسن ذلك ... إنما أستحسن" (¬9)، "أستحسن في هذا وشبهه" (¬10)، "نستحسن ذلك" (¬11)، "نستحسن في هذا" (¬12). وتوجد عبارات أخرى شبيهة بهذه كثيرة. ومع أن القياس والاستحسان يكونان مختلفي النتيجة في الأعم الأغلب، إلا أنه نادراً ما يذكر أن القياس والاستحسان يؤديان إلى نفس النتيجة، فيقول عقيب مسألة: "في القياس والاستحسان" (¬13). وفي بعض المواضع يذكر أن الرأي الذي على خلاف الاستحسان قبيح، يعني أنه يؤدي إلى نتائج قبيحة، ويستعمل ألفاظاً تدل على هذا المعنى (¬14). ويلاحظ هنا التضاد بين الحسن والقبح في استعمال الشيباني لهذه الألفاظ. كما أنه يستعمل أحياناً لفظ "الاستقباح" وما يشتق منه للدلالة على ما هو خلاف الاستحسان (¬15). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 9 و. (¬2) الأصل للشيباني، 4/ 88 و، 5/ 140 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 8/ 70 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 3/ 211 و. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 85 و. (¬6) الأصل للشيباني، 6/ 71 و. (¬7) الأصل للشيباني، 8/ 144 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 4/ 90 ظ. (¬9) الأصل للشيباني، 8/ 110 ظ. (¬10) الأصل للشيباني، 6/ 59 و. (¬11) الأصل للشيباني، 1/ 227 ظ. (¬12) الأصل للشيباني، 3/ 206 ظ. (¬13) الأصل للشيباني، 5/ 88 و. (¬14) الأصل للشيباني، 1/ 32 ظ، 3/ 113 ظ، 241 ظ، 6/ 106 ظ. (¬15) الأصل للشيباني، 6/ 58 و، 7/ 135 ظ.

وقد استعمل الشيباني الاستحسان في مؤلفاته الأخرى مثل الجامع الصغير والجامع الكبير أيضاً (¬1). ولا يذكر لفظ الاستحسان أحياناً مع أن المعنى يدل عليه. فمثلاً في مسألة انتقاض الصوم بالأكل والشرب ناسياً يقول أبو حنيفة: "لولا ما جاء في هذا من الآثار لأمرت بالقضاء" (¬2). أما كتاب الاستحسان الذي هو أحد كتب الأصل فقد فسر السرخسي كلمة الاستحسان الوارد في هذا العنوان بالمصطلح الأصولي؛ لكن الأكثر على أنه ليس في هذا المعنى. فيذكر السرخسي بعض التعاريف لمصطلح الاستحسان بالمعنى الأصولي، ثم يحاول أن يقيم علاقة بين المسائل الواردة في بداية كتاب الاستحسان وبين المعنى الأصولي، فيقول بأن المرأة يجب أن تكون كلها عورة من القرن إلى القدم في القياس، ولكن الاستحسان هو الذي جوز النظر إلى وجهها وكفيها للضرورة (¬3). أما نجم الدين النسفي (ت. 537) فيذهب إلى أن الاستحسان هنا بمعنى استخراج المسائل الحسنة، أو وضع المسائل الحسنة بأدلة قوية، وأن الاستحسان الذي يذكر في مقابل القياس فهو متعلق بأصول الفقه (¬4). وقد استعمل أئمة الحنفية وفقهاؤهم أسماء أخرى لكتاب الاستحسان مثل كتاب الكراهية، فقد استعمله الشيباني في الجامع الصغير (¬5)، وكتاب الكراهة الذي استعمله الطحاوي (¬6)، وكتاب ¬

_ (¬1) الجامع الصغير للشيباني، ص 115 - 116، 130، 359، 441، 442، 456، 460، 469، 490، 501، الجامع الكبير، ص 45، 55. 85. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 392؛ تقويم الأدلة للدبوسي، ص 405. (¬3) المبسوط للسرخسي، 10/ 145. (¬4) طلبة الطلبة للنسفي، ص 201. وانظر: بدائع الصنائع للكاساني، 5/ 118؛ تبيين الحقائق للزيلعي، 6/ 10؛ البحر الرائق لابن نجيم، 8/ 204. (¬5) الجامع الصغير للشيباني، ص 47. وتبعه في ذلك بعض الفقهاء. انظر: الهداية للمرغيناني، 4/ 78؛ الاختيار للموصلي، 4/ 153؛ كنز الدقائق لحافظ الدين النسفي (مع تبيين الحقائق للزيلعي)، 6/ 10 ملتقى الأبحر لإبراهيم الحلبي (مع مجمع الأنهر لداماد)، 4/ 177. (¬6) مختصر الطحاوي، ص 428؛ شرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 229.

2 - الأسباب المقتضية للاستحسان

الحظر والإباحة الذي استعمله القدوري وغيره (¬1)؛ وكتاب الزهد والورع الذي اقترحه بعفى الفقهاء (¬2). والملاحظ أن أكثر الفقهاء الأحناف عدلوا عن اسم كتاب الاستحسان وغيروه إلى الأسماء المذكورة، ولعل السبب في ذلك أنهم أرادوا أن لا يلتبس المراد بالاستحسان هنا بالمعنى الأصولي للكلمة. 2 - الأسباب المقتضية للاستحسان لقد ذكر الأصوليون الأحناف الأسباب المقتضية للاستحسان بأنها النص والإجماع والقياس والضرورة (¬3). وهناك أمثلة على الاستحسان بالنص والقياس في كتب الشيباني. ولكن الأمثلة التي ذكرها الأصوليون الأحناف للاستحسان بالإجماع والضرورة لا توجد في كتب الشيباني. فمثلاً جواز عقد الاستصناع بالاستحسان المستند إلى الإجماع، وطهارة البئر التي سقطت فيها نجاسة بنزع عدد من الدلاء بالاستحسان المستند إلى الضرورة، كل هذا مما لم يذكره الشيباني. كذلك ما اشتهر على ألسنة الفقهاء والأصوليين الأحناف من جواز عقد السلم بالاستحسان المستند إلى النص، وجواز عقد الإجارة بالاستحسان المستند إلى النص أو الضرورة مما لم يذكره الشيباني (¬4). ولكن إذا نظرنا إلى أمثلة الاستحسان المستند إلى العرف عند الشيباني نرى أن كثيراً من هذه المسائل يرجع الاستحسان فيها إلى الضرورة والحاجة. كذلك عقد الاستصناع الذي مثل به الحنفية للاستحسان بالإجماع يمكن أن يقال ¬

_ (¬1) الكتاب للقدوري (مع اللباب للميداني)، 4/ 156؛ المبسوط للسرخسي، 10/ 145؛ تحفة الفقهاء للسمرقندي، 3/ 331؛ تنوير الأبصار للتمرتاشي (مع رد المحتار لابن عابدين)، 6/ 336. (¬2) المبسوط للسرخسي، 10/ 145؛ الاختيار للموصلي، 4/ 153؛ رد المحتار لابن عابدين، 6/ 336. (¬3) الفصول للجصاص، 4/ 228؛ تقويم الأدلة للدبوسي، ص 405؛ أصول السرخسي، 2/ 202؛ التوضيح لصدر الشريعة، 2/ 82؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 4/ 78. (¬4) تقويم الأدلهّ للدبوسي، ص 405 - 406؛ أصول السرخسي، 2/ 203؛ التوضيح لصدر الشريعة، 2/ 82؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 4/ 78.

أ - السنة والحديث والأثر

بأنه يستند إلى العرف والتعامل العام، وهذا العرف والتعامل يرجع في الحقيقة إلى احتياج الناس لمثل هذه المعاملة. أ - السنَّة والحديث والأثر توجد عند الشيباني عبارات كثيرة تبين أن السبب وراء ترك القياس والأخذ بالاستحسان هو الأثر الموجود في المسألة. وتستعمل في هذه العبارات مصطلحات الأثر والآثار والسنَّة والحديث (¬1). والأثر الوارد في المسألة قد يكون حديثاً مرفوعاً، أو قول صحابي، أو قول تابعي (¬2). فيقول مثلاً: "هما في القياس سواء إلا أنا ندع القياس للأثر" (¬3)، "هما في القياس سواء غير أنه جاء ... أثر فأخذنا به" (¬4)، "جاء في ذلك أثر فأخذت به وأخذت في ... بالقياس" (¬5). وهذه بعض الأمثلة التي ترك فيها القياس للأثر: - ينبغي أن يكون حكم المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل واحداً في القياس، إلا أن أثر ابن عباس أوجب ترك القياس، وفرضية المضمضة والاستنشاق في الغسل دون الوضوء (¬6). - ينبغي أن يكون حكم المني الجاف في الثوب وغيره من النجاسات في التطهير واحداً من حيث وجوب استعمال الماء في ذلك، إلا أن الحديث ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 79 ظ، 4/ 223 ظ، 242 ظ، 7/ 51 و، 234 و. (¬2) الأصل للشيباني، 4/ 241 و، 5/ 28 ظ، 50 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ. وانظر لما يشبه هذه العبارة: نفس المصدر، 5/ 162 و - ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 9 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 11 ظ. وانظر لعبارات أخرى شبيهة: نفس المصدر، 1/ 234 ظ، 256 و، 2/ 58 ظ، 4/ 219 و، 241 و، 5/ 28 ظ، 50 ظ، 7/ 234 و. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ. ولأثر ابن عباس انظر: الآثار لأبي يوسف، ص 13؛ السنن للدارقطني، 1/ 116، مسند أبي حنيفة لأبي نعيم، ص. 200؛ السنن الكبرى للبيهقي، 1/ 179، جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 269؛ نصب الراية للزيلعي، 1/ 78؛ الدراية لابن حجر، 1/ 47،

ب - القياس

الذي جوز تطهر المني بالفرك من الثوب أوجب الاستحسان (¬1). - ينبغي أن يكون حكم النوم واحداً من حيث نقضه للوضوء على أية حالة كان النوم، إلا أن الحديث أوجب استثناء النوم في حالة الركوع والسجود والقيام والقعود. وقد قاس الشيباني الجنون على النوم من حيث كونه ناقضاً للوضوء ولم يستثنوا من ذلك حالة الركوع والسجود ولا غيرها، وعلل ذلك بأن الحديث ورد في النوم خاصة على خلاف القياس (¬2). وهذا المثال وغيره مما استنبط أصوليو الحنفية منه أن الحكم الذي ورد على خلاف القياس لا يقاس عليه (¬3). وهناك أمثلة أخرى ذكرها الشيباني في الأصل (¬4). ب - القياس في أكثر المواضع يستند الاستحسان إلى قياس آخر. فإذا أمكن قياس فرع على أصلين مختلفين يسمى القياس الذي يكون أسرع وروداً إلى العقل ولكنه ضعيف باسم "القياس"، ويسمى القياس الذي يكتشف بنوع من التأمل ويكون أقرب إلى العقل باسم "الاستحسان " (¬5). وقول الشيباني في الأصل: "ويدخل في هذا الاستحسان بعض القياس" (¬6)، يدل على أن الاستحسان هنا هو ترجيح بين قياسين. وقد شرح الجصاص عبارة الشيباني هذه بتوسع (¬7). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 9 و. وللحديث انظر: صحيح مسلم، "الطهارة"، 105 - 106؛ سنن أبي داود، "الطهارة"، 134؛ سنن الترمذي، "الطهارة"، 85؛ جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 277؛ الدراية لابن حجر، 1/ 91. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 11 ظ. (¬3) تيسير التحرير لأمير بادشاه، 4/ 82 - 83. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 30 ظ - 31 و، 234 ظ، 256 و، 5/ 28 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 13/ 30 - 31. (¬5) الفصول للجصاصى، 4/ 234. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 41 و. (¬7) الفصول للجصاص، 4/ 234 - 238.

ج - القواعد العامة (الأصول)

ويسمي الدبوسي القياس المتروك باسم "القياس الجلي، القياس الظاهر"، والقياس المأخوذ به أي الاستحسان باسم "القياس الخفي" (¬1). وكتاب الأصل مليء بالأمثلة على هذا النوع من الاستحسان، فمن ذلك: - ينبغي في القياس أن يكون سؤر سباع الطير مثل سؤر سباع البهائم من حيث النجاسة، لكن الاستحسان فرق بينهما من حيث أن سباع الطير لها منقار، والمنقار عظم لا يحمل النجاسة (¬2). - الرجل الذي أسلم في دار الحرب ومكث هناك شهراً أو شهرين لا يصلي لأنه لا لجم حكم الصلاة فإنه لا يجب عليه قضاء الصلوات التي فاتته؛ أما الرجل الذي أسلم في دار الإسلام فإنه يلزمه قضاء ما فاته من الصلوات. وكان ينبغي في القياس أن يكون حكم المسألتين واحداً، إلا أن الجهل يعذر به في دار الحرب دون دار الإسلام (¬3). - لا تجوز المضاربة عند أبي حنيفة وأبي يوسف إلا بالدنانير والدراهم، وتجوز عند الشيباني بالفلوس المضروبة من النحاس لأنها ثمن مثل الدنانير والدراهم. فالرأي الأول قياس والثاني استحسان (¬4). وهناك أمثلة أخرى كثيرة (¬5). ج - القواعد العامة (الأصول) يكون الاستحسان أحياناً مستندًا إلى القواعد العامة أي قياس الأصل (¬6). ¬

_ (¬1) تقويم الأدلة للدبوسي، ص 404، 405. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 4 ظ، 5 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 1/ 48، 50. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 55 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 1/ 245 - 246. (¬4) الأصل للشيباني، 2/ 208 و؛ المبسوط للسرخسي، 22/ 21. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 35 ظ، 44 و، 81 و، 292 و، 2/ 147 و، المبسوط للسرخسي، 1/ 183 - 186، 225، 2/ 69، 14/ 29 - 30، 15/ 166. (¬6) الفصول للجصاص، 4/ 242.

د - الاحتياط

فمثلاً الشخص الذي ينام في الصلاة ويحتلم عليه أن يغتسل ويبني على صلاته في القياس، أما في الاستحسان فعليه أن يستأنف صلاته (¬1). فالقياس هنا مبني على الحديث الذي أمر فيه بالبناء على الصلاة لمن أحدث حدثاً أصغر. وهذا الحديث مخالف للقاعدة العامة التي تقضي بعدم جواز البناء مع الحدث. ولذلك فحالة الاحتلام لا تقاس على الحدث الأصغر ويكون العمل حسب القاعدة العامة (¬2). د - الاحتياط يستند الاستحسان إلى مبدأ الاحتياط أحياناً. فمثلاً إذا وجد في البئر دجاجة ميتة وقد انتفخت فإن أبا حنيفة يرى بأن المتوضئ من تلك البئر عليه أن يقضي صلاة ثلاثة أيام ولياليها، وأما أبو يوسف ومحمد فيريان أنه لا قضاء على المتوضئ من البئر ما لم يعلم متى وقعت الدجاجة في البئر. فالقياس هنا هو رأي أبي يوسف ومحمد، لأن اليقين لا يزول بالشك. وأما أبو حنيفة فقد احتاط في أمر الصلاة استحساناً، وذهب إلى أن الماء ولو كان طاهراً فيكون الشخص قد صلَّى مرة أخرى، ولا ضرر في ذلك (¬3). وهناك أمثلة أخرى بني الاستحسان فيها على مبدأ الاحتياط (¬4). هـ - كون المسألة خلافية يكون الاستحسان مبنياً على وجود خلاف في المسألة أحياناً، ويعبر الشيباني عن هذا باختلاف الناس. فمثلاً المحجور عليه إذا أراد أن يعتمر فإنه يؤذن له في ذلك استحساناً، لأن العمرة وإن لم تكن واجبة عند الحنفية إلا أن من العلماء من يرى أنها واجبة (¬5). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 37 ظ. (¬2) الفصول للجصاص، 4/ 242. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 6 و - ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 6 و، 7 و، 3/ 41 ظ، 8/ 204 و. (¬5) الأصل للشيباني، 6/ 72 ظ.

و - العرف

و - العرف يبنى الاستحسان على العرف في كثير من المسائل. فمثلاً: - المستأجر للدابة حتى يركبها إذا ضرب الدابة وكبح جماحها وأحدث ذلك ضرراً في الدابة فإن أبا حنيفة يرى بأنه يضمن، وهذا هو القياس. ويرى أبو يوسف ومحمد بأنه لا يضمن إذا تصرف في حدود المعروف وضرب "كما يضرب الناس" (¬1). - المستأجر للدابة ليذهب بها إلى الحج إذا لم يبين ما يحمل عليها فإن العقد جائز مع هذه الجهالة؛ لأن ما يحمل في سفر الحج معروف عادة. وهذا استحسان. وقوله في هذه المسألة: "ما يحمل الناس" يدل على اعتبار العرف (¬2). - العامل الذي استؤجر ليحفر قبراً إذا لم يبين له مقدار الحفر فإن العقد يجوز استحساناً، لأن ذلك معروف عند الناس. وقول الشيباني في هذه المسألة: "وسط ما يعمل الناس" يدل على اعتبار العرف (¬3). وهناك أمثلة أخرى تدل على اعتبار العرف في الاستحسان (¬4). ز - الضرورة يعتبر الشيباني حالة الضرورة التي تنتج عن الإكراه سبباً للاستحسان في كثير من مسائل العبادات والمعاملات والعقوبات. لكنه لم يستعمل لفظ الضرورة في ذلك. فمثلاً الشخص الذي يخرج من المسجد الذي يعتكف فيه مكرهاً ثم يذهب إلى مسجد آخر فيعتكف فيه لا يفسد اعتكافه استحساناً، وكان ينبغي في القياس أن يفسد اعتكافه (¬5). وفسر السرخسي الإكراه هنا ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 2/ 150 ظ - 151 و. (¬2) الأصل للشيباني، 2/ 166 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 2/ 177 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 181 ظ، 2/ 128 ظ، 144 ظ، 209 و، 220 و، 238 و؛ المبسوط للسرخسي، 15/ 119 - 120، 160، 22/ 45. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 148 و.

3 - الاختلاف في القياس والاستحسان

بالضرورة وأفاد أن المعتكف هنا معذور في الخروج من المسجد لأنه لا يستطيع مقاومة المكره (¬1). وفي مثال آخر أن الشخص المكره على كلمة الكفر لا يفسد نكاحه بذلك استحساناً (¬2). وهناك أمثلة أخرى (¬3). 3 - الاختلاف في القياس والاستحسان في بعض المسائل يكون هناك حلان مختلفان أحدهما هو القياس والآخر هو الاستحسان، ويختلف ترجيح أئمة المذهب، فيرجح قسم منهم القياس ويرجح القسم الآخر الاستحسان. وهناك أمثلة كثيرة على هذا الأمر، منها: - من يبتدئ صلاة النافلة قائمًا فلا يجوز له أن يقعد بلا عذر عند أبي يوسف ومحمد، وهذا هو القياس، ويجوز له أن يقعد بدون عذر عند أبي حنيفة استحساناً (¬4). - الجهالة الموجودة في أجرة الظئر من الطعام وغيره مغتفرة عند أبي حنيفة استحساناً، ولا يجيز ذلك أبو يوسف ومحمد عملاً بالقياس (¬5). وهناك أمثلة أخرى (¬6). 4 - ترجيح القياس على الاستحسان هناك مواضع رجح فيها القياس على الاستحسان. مثلاً: إذا قرأ المصلي آية فيها سجدة تلاوة قبل الركوع ثم ركع عقيبها مباشرة فإن ذلك ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 3/ 122. (¬2) الأصل للشيباني، 5/ 73 و. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 74 ظ، 80 و، 94 ظ، 103 ظ، 104 و، 105 ظ, 106 و (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 39 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 2/ 128 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 5 ظ، 6 ظ، 9 و، 29 و، 31 و، 35 و، 39 ظ، 52 ظ، 55 ظ، 59 و، 61 و، 2/ 8 ظ،10 ظ، 24 ظ، 42 ظ - 43 و، 64 و، 128 ظ، 150 ظ - 151 و، 3/ 90 و، 7/ 178 و، الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 6 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 1/ 120 - 160،121 - 208،161 - 209.

ح - العرف

يغنيه عن السجدة، لأن الركوع والسجدة واحد في القياس. وقد فسر قوله تعالى {وَخَرَّ رَاكِعًا} [ص: 24] (¬1) بأنه خر ساجداً (¬2). أما في الاستحسان فينبغي أن لا يغني الركوع عن السجدة. ولكن رجح علماء المذهب القياس هنا (¬3). وقد فسر السرخسي هذا الأمر بأن الاستحسان قياس في الحقيقة، فالحادث هنا هو ترجيح أحد القياسين على الآخر. وفصل في شرح المسألة وبيان وجه القياس والاستحسان (¬4). وهناك مواضع أخرى رجح فيها القياس على الاستحسان (¬5). وقد نبه فقهاء الأحناف على المسائل التي رجح فيها القياس على الاستحسان وعدها بعضهم اثنتين وعشرين مسألة (¬6). وينبغي التنبه هنا إلى أن أئمة المذهب متفقون في هذه المسائل على ترجيح القياس على الاستحسان، أما المسائل التي رجح فيها بعضهم القياس وبعضهم الاستحسان فهي كثيرة جداً كما تقدمت الإشارة إلى ذلك. ح - العرف إن العرف مراعى في كتاب الأصل. ففي كثير من مواضيع الفقه يوجد تأثير بارز للعرف القولي والعملي. حتى أن العرف قد سمي "سنَّة" في موضع (¬7). والسنَّة مستعملة بمعناها اللغوي هنا كما هو واضح. ويمكن رؤية أمثلة على مراعاة العرف في تحديد سعر الشيء، ومعنى الأيمان، وكون خيار الشرط عرفاً في بعض العقود، والآلات التي ينبغي أن يوفرها رب العمل للعامل، ومن يستحق الأجر في تعليم العامل المبتدئ. وللتعبير عن العرف يستعمل الشيباني ألفاظاً مثل "يُعْرَف، بالمعروف، عَمَلُ الناس، ما ¬

_ (¬1) سورة ص 24/ 38. (¬2) فسر ابن عباس ومجاهد الآية بذلك. انظر: جامع البيان للطبري، 23/ 146 - 150؛ الدر المنثور للسيوطي، 7/ 156 - 164. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 61 و. (¬4) المبسوط للسرخسي، 2/ 8 - 9. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 61 و، 218 و، 2/ 24 ظ، 3/ 42 و، 4/ 109 و، 8/ 178 ظ، 210 و. (¬6) "عقود رسم المفتي"، مجموعة رسائل ابن عابدين، 1/ 35. (¬7) الأصل للشيباني، 2/ 73 و.

ط - شرع من قبلنا

يصنع أهل تلك البلاد، ما يفعل التجار" ونحو ذلك (¬1). وفي مؤلفاته الأخرى يستعمل الشيباني ألفاظاً مثل "المعروف عندنا، عمل الناس، ما عليه الناس" ونحو ذلك (¬2). ويستدل الشيباني بتعامل المسلمين على شيء من غير نكير بينهم، فيقول: "ما زال المسلمون على أنه ... ، وعلى هذا عامة أمر الناس، فَعَلَه المسلمون، ما يتعامل عليه الناس" (¬3). وقد قبل الشيباني أن الحكم يتغير بتغير العرف وراعى هذا المبدأ في اجتهاده. ولذلك فقد حدث اختلاف في بعض المسائل بين أبي حنيفة وصاحبيه بناءً على تغير العرف (¬4). ط - شرع من قبلنا استدل الشيباني على جواز المهايأة في الشرب بصنيع صالح عليه السلام حينما اقتسم قومه وناقة صالح الماء، يشربون يوماً وتشرب يوماً، حيث تقول الآية الكريمة {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ} [القمر: 28] (¬5)، والآية الأخرى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: 155] (¬6). وهذا يدل على أنه يحتج بشرع من قبلنا إذا حكاه القرآن الكريم عنهم وقرره (¬7). وينقل الشيباني في مسألة عن تابعي نقلاً عن التوراة ويستدل به. لكن هناك أدلة أخرى في المسألة. فلذلك ينبغي اعتبار هذا النقل عنصراً مساعداً في الاستدلال يستشهد به، ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 123 و، 181 ظ، 2/ 73 و، 178 ظ، 179 ظ، 220 و، 3/ 238 ظ، 5/ 47 و. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 476، 492؛ موطأ محمد، 2/ 589. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 568، 609، 671 - 672، 677، 3/ 39 ,146. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 73 ظ، 83 و - ظ، 193 ظ، 313 ظ. (¬5) سورة القمر 54/ 28. (¬6) سورة الشعراء 26/ 155. (¬7) الأصل للشيباني، 5/ 23 و. وقد استنبط الجصاص والدبوسي نفس النتيجة من صنيع الشيباني. انظر: الفصول للجصاص، 3/ 20؛ تقويم الأدلة للدبوسي، ص 253. ولمثال آخر انظر: الحجة للشيباني، 4/ 321.

ي - الاستصحاب

وليس دليلاً أصلياً (¬1). ي - الاستصحاب يتبين من حلول الشيباني في بعض مسائله أنه يراعي قاعدة الاستصحاب وإن لم يصرح بهذا الاسم. فالمسائل التي تبنى على أن اليقين لا يزول بالشك تعتبر أمثلة على هذا (¬2). ويرى الأصوليون الأحناف أن الاستصحاب حجة في الدفع لا في الإثبات. وقد استدلوا على هذا بأمثلة استخلصوها من الأصل. مثلاً: المفقود الذي يحكم بأنه على قيد الحياة تستمر ملكيته على أملاكه التي كانت له، ولكنه لا يكتسب ملكاً جديداً عن طريق الميراث (¬3)، ك - الحجج الفاسدة رد الشيباني العمل ببعض الأدلة التي استدل بها الفقهاء الآخرون مثل عمل أهل المدينة (¬4). وفي صدد رده للاحتجاج بهذا الدليل يذكر الشيباني أن عمل أهل المدينة إذا كان مستنداً إلى الحديث والأثر فإنه يكون دليلاً، ولكن إذا لم يكن مستنداً إلى ذلك فلا يكون دليلاً، وإذا بُحث عن عمل أهل المدينة الذي احتج به الإمام مالك يُرى أنه يستند إلى حكم وال من ولاة. المدينة أو يكون هناك خلاف بين علماء المدينة في المسألة. وهذا يدل على أن عمل أهل المدينة لا يكون حجة في نفسه (¬5). وحول سد الذرائع انتقد الشيباني منع أهل المدينة لبعض البيوع التي هي جائزة في نفسها عملاً بالذريعة، وبين أنه لا يجوز تحريم الحلال بالتُهم، وأن اليقين لا يمكن أن يزول بالظن، واستدل على ذلك بقوله ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 3/ 375. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 160 و، 161 و، 3/ 98 ظ، 6/ 33 و - ظ , 35 ظ ,161 و. (¬3) الأصل للشيباني، 6/ 253 و، 255 ظ؛ أصول السرخسي، 2/ 224. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 193، 2/ 575. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 622 - 623، 4/ 416 - 417.

3 - طرق الاستنباط

تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: 36] (¬1). وهذا الاستدلال يفهم منه أنه لا بد في الأدلة من اليقين أو غالب الظن الذي يقرب من اليقين. من ناحية أخرى فإنه توجد مسائل في كتاب الأصل عمل فيها بسد الذرائع. مثلا الدلالة لمن يريد أن يسرق مال غيره يعتبر معصية لأنه إعانة على معصية (¬2). كذلك استئجار الذمي من المسلم مكاناً ليتعبد فيه لم يجوزه أئمة المذهب واعتبروه معصية (¬3). ويوجد خلاف بين أئمة المذهب في تقدير الذريعة. فمثلاً استئجار الذمي للمسلم لحمل الخمر جوزه أبو حنيفة، ولم يجوزه أبو يوسف ومحمد. قاس أبو حنيفة هذا على حمل الميتة والنجاسات. ورد الشيباني على ذلك بأن الميتة والنجاسات تحمل للتخلص منها، أما الخمر فإنه يحمل للشرب والمعصية، فهناك فرق بين المسألتين (¬4). وعليه فيمكن أن يقال بأن الشيباني لا يرد الاحتجاج بسد الذريعة مبدئياً، لكنه يتصرف بدقة في العمل به وينتبه إلى تحقق الظن الغالب في حصول الشر الذي يراد منعه. 3 - طرق الاستنباط أ - الألفاظ ودلالاتها 1 - الألفاظ من حيث الظهور والخفاء أ - النص استعمل الشيباني كلمة "النص" ومشتقاتها بمعنى لفظ الآية الصريحة. فمثلاً يذكر الشيباني أن الزواج ببنات العم أو العمة حلال بنص الآية، وأن المحرمات من النساء ذكرن في الآية بالنص (¬5). كما ذكر أن الزول بالخالة حرم والزواج ببنت الخالة أحل بطريق النص (¬6). وبعد أن يذكر المحرمات من النساء المنصوص عليهن في الآيات يقول: "فهذه جملة في تحريم ما ¬

_ (¬1) سورة يونس 10/ 36. وانظر: الحجة للشيباني، 2/ 585، 587. 595، 607، 694 - 696، 727، 753. (¬2) الأصل للشيباني،5/ 110 و. (¬3) الأصل للشيباني، 2/ 172 و. (¬4) الأصل للشيباني، 2/ 172 ظ. (¬5) الأصل للشيباني،3/ 2 و - ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 2 ظ.

ب - المفسر

نَصهُ الله تعالى من الصهر والنسب" (¬1). كما يستعمل عبارات مثل "ما نَصَّ الله تعالى في كتابه، ما نَصَّهُ الله تعالى في كتابه" (¬2). فالنص مذكور هنا بمعنى ذكر الشيء صراحة. وهو يستعمل النص في مقابل السنَّة والإجماع مما يدل على أنه يقصد بالنص الآيات (¬3). ومصطلح النص في أصول الفقه يشمل الآيات والأحاديث. فالنص عند الحنفية هو اللفظ الذي ظهرت دلالته على المعنى الذي سيق له مع احتمال التخصيص والتأويل، وعند غيرهم هو اللفظ الذي يدل على معناه قطعاً ولا يحتمل معنى آخر (¬4). ب - المفسر يستعمل كلمة المفسر بمعنى الصريح، فيقول: "لأن الله تعالى قد أحل الفطر في هذين الوجهين (أي في المرض والسفر) في كتابه مفسراً" (¬5). ويستعمل كلمة التفسير بمعنى التخصيص، والمفسر بمعنى الخاص أو قريباً منه (¬6). والمفسر عند الحنفية هو اللفظ الذي ظهرت دلالته على معناه الوضعي مع احتمال النسخ وحده (¬7). أما غير الحنفية فليس المفسر عندهم من المصطلحات المهمة في أقسام اللفظ، ولذلك لم يهتموا بتعريفه. ج - المحكم يفيد الشيباني أن الآية التي أمرت بابتلاء اليتيم ثم تسليم ماله إليه إذا ثبت أنه رشيد آية "محكمة" وأنه يجب العمل بها حتى يثبت أنها منسوخة (¬8). كما روى الشيباني في الرسالة التي بعث بها عمر إلى أبي موسى الأشعري أن الأحكام فريضة محكمة أو سنَّة متبعة (¬9). فالمقصود بالفريضة المحكمة هنا ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 1 ظ - 2 و. (¬2) الأصل للشيباني، 3/ 2 و. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 2 ظ. (¬4) أصول الفقه لمحمد الخضري بك، القاهرة، المكتبة التجارية الكبرى، 1389/ 1969، ص 130،129. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 109 و. (¬6) الحجة للشيباني، 2/ 164، 513. (¬7) أصول الفقه لمحمد الخضري بك، ص 129. (¬8) الأصل للشيباني، 6/ 70 و. وللآية انظر: سورة النساء 4/ 6. (¬9) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 215 ظ.

2 - الأمر والنهي

على ما يقول السرخسي الأحكام المنصوصة عليها في الكتاب والسنَّة على سبيل القطع بحيث لا تحتمل نسخاً ولا تخصيصاً ولا تأويلاً (¬1). واستعمال الشيباني لكلمة المحكم يوحي بهذا المعنى. والمحكم عند الأصوليين الأحناف هو اللفظ الذي ظهرت دلالته على معناه الوضعي بدون احتمال النسخ أو التخصيص أو التأويل. أما عند غيرهم فهو ما استقام نظمه للإفادة ولو بتأويل، فيعم الظاهر والنص (¬2). 2 - الأمر والنهي أ - دلالة الأمر على الوجوب يرى الشيباني أن بعض الأوامر الواردة في الكتاب والسنَّة تفيد الوجوب، بينما تفيد بعضها الآخر الندب. فمثلاً يعبر الشيباني عن فريضة القصاص بأنه أمر الله (¬3)، وعن فريضة القتال بأن النبي أُمِرَ به (¬4). ويشير الشيباني إلى أن أمر الله بشيء في كتابه يدل على الفرضية (¬5). كما يروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعلي وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعمر بن عبد العزيز وإبراهيم النخعي أحاديث وآثاراً ورد فيها أنهم أمروا بأشياء، وهذه الأمور ثبت أنها واجبة (¬6). ويروي عن إبراهيم النخعي أن الأمر الوارد بالغسل يوم الجمعة لا يفيد الوجوب، كما أن الأوامر الواردة في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] (¬7)، وقوله سبحانه: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10] (¬8)، لا تفيد الوجوب (¬9). كذلك بعض الأوامر الواردة؛ في ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 15/ 60. (¬2) أصول الفقه لمحمد الخضري بك، 129، 130. (¬3) الأصل للشيباني، 4/ 225 و. (¬4) الأصل للشيباني، 4/ 165 ظ، 166 و. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 19. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 95 ظ، 136 و، 140 و، 144 و، 169 و، 3/ 125 و, 135 ظ، 4/ 43 و، 43 ظ، 223 ظ، 5/ 34 ظ، 61 و، 68 و، 158 ظ، 6/ 41 و. (¬7) سورة البقرة 2/ 282. (¬8) سورة الجمعة 62/ 10. (¬9) الحجة للشيباني، 1/ 279 - 282؛ موطأ محمد، 1/ 303 - 304.

ب - الأمر بالشيء نهي عن ضده

الأحاديث النبوية يرى الشيباني عدم دلالتها على الوجوب (¬1). ويستدل الشيباني على عدم دلالة الأمر على الوجوب ودلالته على الندب بحديث آخر أو بعمل الصحابة في ذلك الموضوع. فمثلاً غسل يوم الجمعة وإن أمر به في حديث فإنه في حديث آخر ذكر أنه أفضل، والصحابة لم يروه واجباً، ثم ينقل الشيباني كلام النخعي المذكور (¬2). وفي موضع يفسر الشيباني الأمر الوارد في الحديث بالإباحة، مثل الأمر الوارد بشرب بول الإبل للتداوي (¬3). وهناك أمثلة أخرى على استعمال صيغ الأمر الواردة في الأحاديث وأقوال الصحابة بمعنى الإباحة (¬4). وبعد التأمل في مجموع ما سبق يمكن القول بأن الأمر يفيد الوجوب، إلا أن القرائن قد تصرفه إلى الندب أو الإباحة. والأصوليون الأحناف على هذا الرأي (¬5). ب - الأمر بالشيء نهي عن ضده توجد عبارات في الأصل تفيد بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده. فمثلاً الأمر الوارد في التطليق مع مراعاة العدة قد أفاده الشيباني على أنه نهي عن فعل ضده (¬6). وأكثر الأصوليين الأحناف على هذا الرأي (¬7). ج - دلالة النهي على الفساد موضوع النهي هل يقتضي الفساد أم لا قد تطرق إليه الشيباني في ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 15 ظ - 16 و، 18 ظ. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 279 - 282. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 11 و. وقد اختلف أئمة المذهب في هذه المسألة، فلم يعمل أبو حنيفة بهذا الحديث، وقبله أبو يوسف مقتصراً على التداوي، وقبله الشيباني على عمومه. انظر: الأصل للشيباني، 1/ 5 و, المبسوط للسرخسي، 1/ 54. (¬4) الأصل للشيباني، 3/ 203 و، 203 ظ، 204 و، 6/ 81 و. (¬5) أصول السرخسي، 1/ 15؛ التوضيح لصدر الشريعة، 1/ 153؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 1/ 341، 342. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 25 ظ. (¬7) تيسير التحرير لأميرِ بادشاه، 1/ 341، 342.

"باب الرد على من قال: إذا طلق ثلاثاً في كلمة واحدة لا يقع" (¬1). فأفاد أولًا أن النهي يكون متوجهاً إلى شيء موجود وأن الشيء المعدوم لا يمكن أن ينهى عنه. يقول الشيباني: "أليس إنما نهى الله تعالى عن شيء لا يكون أو عن شيء يكون (¬2)؟ ألا ترى إلى قوله - عليه السلام - أنه نهى عن صيام يوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق، فمن صامهن كان صائماً وقد أساء. وإنما نهى عن صومهن لأنه صوم. كما نهى عن الطلاق في غير عدة لأنه طلاق لازم. ولو لم يكن طلاقاً لازمًا لم ينه عنه" (¬3). ثم يذكر الشيباني أمثلة أخرى كثيرة في هذا الباب تدل على أن النهي لا يقتضي الفساد، وهذه الأمثلة بعضها متفق عليها وبعضها موضع اختلاف عند الفقهاء. ففي هذا السياق ذكر أن البيع وقت صلاة الجمعة، والبيع بدون شهود، والنافلة بعد صلاة العصر صحيحة مع وجود النهي، وأن القيام بهذه التصرفات مخالفة للسنَّة وإساءة (¬4). واستنبط الشيباني من ترتيب الكفارة على الظهار مع وصفه في القرآن بأنه منكر من القول وزور (¬5)، أن نذر المعصية تجب فيه الكفارة (¬6). فاستنباطه هذا في الحقيقة يدل على أن كون تصرف ما معصية أو حراماً أو إثماً لا يمنع من ترتيب نتيجة دينية أو فقهية عليه، أي قد يكون هذا ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 25 و - 27 و. (¬2) نقل السرخسي والتفتازاني هذا اللفظ على أنه "يتكون أو لا يتكون". انظر: أصول السرخسي، 1/ 85؛ شرح التلويح للتفتازاني، 1/ 216. ويقول أمير بادشاه في هذا المعنى بأن المعدوم لا يصح النهي عنه. انظر: تيسير التحرير لأمير بادشاه، 1/ 382. وقد شرح الأصوليون الأحناف هذه المسألة بألفاظ ومصطلحات جديدة، منطلقين من كلام الشيباني هذا. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 150 ظ، 3/ 25 ظ. وينقل الجصاص والدبوسي هذه العبارة بالمعنى. انظر: الفصول للجصاص، 2/ 178؛ تقويم الأدلة للدبوسي، ص 56. ويستخرج الجصاص من هذه العبارة قاعدتين: أحدهما أن ظاهر النهي لا يمنع وقوع المنهي عنه على فساد. والثاني أنه يمنع جوازه عن واجب عليه. وذلك مثل عدم جواز الصوم يوم العيد. انظر: الفصول للجصاص، 2/ 178. (¬4) الأصل للشيباني، 3/ 25 ظ، 26 ظ، 27 و. (¬5) سورة المجادلة 58/ 2. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 181 ظ؛ الآثار للشيباني، ص 124.

د - قواعد التفسير

التصرف صحيحاً مع النقص الموجود فيه. فلذلك استدل الشيباني بآية الظهار على أن الزنا يوجب حرمة المصاهرة (¬1). وهذا الاستدلال يشكل أحد الأسس لفهم الحنفية في موضوع اقتضاء النهي الفساد أو عدمه. وهناك بعض المواضع حكم فيها بأن النهي يقتضي الفساد (¬2). والأصوليون الأحناف يذكرون أن النهي عن الأفعال المعلومة قبل ورود الشرع مثل الزنا وشرب الخمر يدل على الفساد، أما الأفعال المعلومة عن طريق الشرع مثل الصوم وغيره من الأفعال الشرعية فإن النهي عنها قد يدل على الحرمة أو الكراهة ولكنه لا يقتضي الفساد. وهذه المسألة الأصولية من أهم القضايا المختلف فيها بين الحنفية وغيرهم (¬3). ويبين الشيباني أن الفساد الناتج من أصل العقد مثل كون الثمن خمراً، والفساد بسبب شرط يشترطه البائع أو المشتري، يوجد بينهما فرق ويترتب عليهما نتائج مختلفة (¬4). وعبارات الأصوليين الأحناف أن هناك نتائج مختلفة تترتب على كون النهي متوجهاً إلى أصل الشيء أو وصفه ناشئة من العبارات المشار إليها عند الشيباني (¬5). د - قواعد التفسير يستعمل الشيباني كلمة "التفسير" لشرح الأحاديث (¬6). والتفسير يعني البيان بشكل واضح وقطعي. أما "التأويل" فقد استعمل في معنى التفسير الذي يكون محتملاً لوجه آخر، وقد يكون خطأ في نفسه (¬7). حتى أن التأويل الخاطئ أحياناً قد يؤدي إلى نتائج وخيمة، فمثلاً قد يتأول بعضهم ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 3 ظ. (¬2) موطأ محمد، 3/ 218 - 219، 223. (¬3) البحر المحيط للزركشي، 2/ 439 - 441؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 1/ 376 - 377. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 85 و - ظ. (¬5) أصول السرخسي، 1/ 87؛ التوضيح لصدر الشريعة، 1/ 215. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 208 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 5/ 89 و؛ الحجة للشيباني، 2/ 400.

1 - تقديم المعنى الحقيقي على غيره

القرآن على وجه يستدل به على العصيان المسلح ضد الدولة، ويتسبب في قتل النفوس البريئة (¬1). والتأويل عند الأصوليين يعرف بأنه صرف اللفظ عن ظاهره لدليل يقتضي ذلك (¬2). 1 - تقديم المعنى الحقيقي على غيره يرى الشيباني أن الأصل في الكلام الحقيقة، وأنه لا يجوز ترك المعنى الحقيقي للكلمة بدون دليل يوجب ذلك (¬3). ولهذا فقد استشهد الشيباني بلغة القرآن الكريم لتحديد معاني الكلمات وبعض القواعد اللغوية (¬4). لكن خصوصاً في الأيمان فإن العرف هو المعول عليه في تحديد معنى الكلمات أكثر من استعمال القرآن للكلمة في معنى معين. فمثلاً عند الحلف على عدم أكل اللحم لا يشمل اليمين لحم السمك ما لم يقصد الحالف ذلك، لأنه في الأيمان يعول على استعمال الناس للكلمات في أي معنى. لكن إذا قصد الحالف بذلك معنًى معيناً فإنه يحمل على ذلك، ويكون استعمال القرآن للكلمة في ذلك المعنى شاهداً لصحته (¬5). 2 - العموم والخصوص يروي في الأصل عن عبد الله بن عباس رواية يستعمل فيها كلمة "المبهم" بمعنى "العام". ففي هذه الرواية يذكر ابن عباس أن قوله تعالى في تعداد المحرمات من النساء: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] (¬6) مبهم من حيث عدم تعرضه لكون الزوجة دُخِل بها أم لا، ولذلك فالعقد كاف في تحريم أم ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 5/ 89 و. (¬2) أصول الفقه لمحمد الخضري بك، ص 130. (¬3) الحجة للشيباني، 3/ 144 - 146. (¬4) الأصل للشيباني، 6/ 201 ظ، 207 و، 210 و، 3/ 216 و، 5/ 35 و، 38 ظ، 40 و، 6/ 48 و، 7/ 33 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 193 و. وقد قصد باللحم في القرآن لحم السمك في سورة النحل 16/ 14. ولمثال آخر انظر: الأصل للشيباني، 1/ 210 و. (¬6) سورة النساء 4/ 23.

الزوجة على الزوج، ولا يشترط الدخول (¬1). ومع استعمال الشيباني لكلمات "المبهم، و"الجملة" بمعنى العام والعموم (¬2)، فإنه استعمل كلمات "ما خص، ما عم، عَمَّ، يعم" للتعبير عن العموم والخصوص أيضاً (¬3). وكلمة "التفسير" قد استعملت بمعنى "التخصيص"، كما أن كلمة "المفسَّر" استعملت في معنى قريب من "الخاص" (¬4). يستدل في الأصل بعمومات القرآن. فمثلاً يستدل أبو حنيفة على صحة إيلاء الذمي بعموم قوله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ...} (¬5). ويرى أبو يوسف والشيباني أن الذمي مخصوص من الآية لأنه لا تجب عليه الكفارة إذا حنث في يمينه (¬6). ويروى عن الصحابة عملهم بالعمومات، مثل استدلال عبد الله بن مسعود بعموم الآية في توريث ذوي الأرحام في بعض الحالات (¬7). وهناك أمثلة أخرى على الاستدلال بالعمومات في المسائل الخلافية بين أئمة المذهب، أو بين المذهب الحنفي والمذاهب الأخرى (¬8). يتحدث الشيباني عن تخصيص عموم آية بآية أخرى، فيذكر أن قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} (¬9) يشمل أهل الكتاب وغيرهم، ثم جاءت الآية التي أباحت نساء أهل الكتاب (¬10)، فأخرجت هذه الآية نساء أهل الكتاب من "جملة" أي عموم الآية الأولى (¬11). فلفظ {الْمُشْرِكَاتِ} الذي هو ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 7/ 124 ظ. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 164، 650، 3/ 280، 400، 500. (¬3) الحجة للشيباني، 3/ 280 - 281، 285، 286، 287. (¬4) الحجة للشيباني، 2/ 513. (¬5) سورة البقرة 2/ 226. (¬6) الأصل للشيباني 3/ 91 ظ - 92 و. (¬7) الأصل للشيباني، 4/ 7 ظ. وللآية انظر: سورة الأنفال 8/ 75. (¬8) الأصل للشيباني، 6/ 74 ظ، 75 و، 7/ 135 و، 161 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 470، 472، 3/ 153، 4/ 227، 321، 382. (¬9) سورة البقرة 2/ 221. (¬10) سورة المائدة 5/ 5. (¬11) الأصل للشيباني، 3/ 1 ظ.

3 - دلالة الإشارة

جمع معرف بلام التعريف يفيد العموم، والآية المتأخرة قد خصصت عموم الآية المتقدمة، ولفظ "جملة" تفيد معنى "عموم". ولعل استعمال عيسى بن أبان الذي هو تلميذ للإمام محمد لكلمة "المجمل" بمعنى "العام" مأخوذ من هنا (¬1). كما يقبل الشيباني تخصيص القرآن بالسئة المشهورة (¬2). يذهب الشيباني إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بين حكماً في مسألة يمكن أن يكون لها تفاصيل ولم يسأل عن هذه التفاصيل فإن الحكم يكون عاماً لكل وجوه المسألة (¬3). وقد ناقش الأصوليون هذه المسألة المعروفة بترك الاستفصال ودلالتها على العموم، وقبلها الحنفية في بعض الأحوال (¬4). ينقل الجصاص عن السير الكبير للشيباني هذه العبارة: "لا يجزيه (أي المحصر) غير الهدي، لأن الله تعالى نص عليه ولم يذكر فيه صوماً لمن لم يجد. فنحن نبهم ما أبهم الله تعالى. وإنما ذكر الله تعالى الصوم في هدي المتعة لمن لم يجد. فلا يستقيم الرأي والقياس في التنزيل. إنما يقاس على التنزيل. فأما التنزيل بعينه فلا يقاس" (¬5). ويستنتج الجصاص من هذا أن الشيباني يستدل بعموم الآيات، وأن الحكمين الثابتين بنصين مختلفين لا يقاس بعضهما على بعض، وأن العام غير المخصوص لا يجوز تخصيصه بالقياس (¬6). 3 - دلالة الإشارة يسمي الشيباني استنباط حكم من آية عن طريق دلالة الإشارة بالتأويل (¬7). وهناك أمثلة أخرى على الاستنباط عن طريق دلالة الإشارة من ¬

_ (¬1) الفصول للجصاص، 1/ 63. (¬2) الحجة للشيباني، 2/ 400. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 171. (¬4) البحر المحيط للزركشي، 3/ 148 - 154؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 1/ 263 - 264. (¬5) الفصول للجصاص، 1/ 211. (¬6) الفصول للجصاص، 1/ 212 - 214. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 400.

4 - مفهوم المخالفة

الآيات والأحاديث (¬1). ومن الأمثلة على ذلك أن الشيباني استنبط من الآية التي تأمر بالتيمم لمن لم يجد ماء بعد ملامسة النساء أي الجماع أنه يجوز لمن يظن أنه لن يجد ماء في السفر أن يجامع زوجته (¬2). واستدل على كفاية الركوع لمن قرأ سجدة التلاوة ثم ركع مباشرة بأن الركوع في القرآن قد يقصد به السجود (¬3). واستدل أبو حنيفة على كراهة لحم الخيل بأثر ينقله عن ابن عباس ويستدل فيه بقوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (¬4). واستدل بعدم الفرق بين أجناس الخيل في الإسهام لها من الغنيمة بأن الآية السابقة ذكر فيها "الخيل" كله باسم واحد (¬5). واستدل بترتيب الكفارة على الظهار مع وصفه في القرآن بأنه منكر من القول وزور (¬6) على أن نذر المعصية تجب فيه كفارة اليمين (¬7). 4 - مفهوم المخالفة بين الشيباني أن العمل بمفهوم المخالفة ليس بمنهج صائب. فقد رد على من قال بأن قيد {فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] المذكور في قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} (¬8) مؤثر في الحكم. واستدل على ذلك بما يلي: إن دوام الآية تقول: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}. فيتبين أن الأمر المؤثر في الحكم هو الدخول بأم الربيبة. من ناحية أخرى فإن رجلاً لو عاش في بيت كبير مع امرأة وابنتها ¬

_ (¬1) موطأ محمد، 2/ 183 - 185، 3/ 540 - 544. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 19 ظ. وللآية انظر: سورة النساء 4/ 43؛ سورة المائدة، 5/ 6. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 60 و. وللآية انظر: سورة ص 38/ 24. وقد فسر ابن عباس ومجاهد الركوع في الآية بالسجود. انظر: جامع البيان للطبري، 23/ 146 - 150؛ الدر المنثور للسيوطي 7/ 156 - 164. (¬4) سورة النحل 16/ 8؛ الأصل للشيباني، 3/ 193 و. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 146 ظ. (¬6) سورة المجادلة 58/ 2. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 181 ظ؛ الآثار للشيباني، ص 124. (¬8) سورة النساء 4/ 23.

5 - المطلق والمقيد

من دون أن يكون بينه وبين المرأة علاقة زوجية ولكنه كان ينفق على المرأة وابنتها ويعولهما فإن الإجماع واقع على أنه يجوز أن يتزوج من ابنة هذه المرأة. وبالتالي فالوجود في نفس البيت لا تأثير له في الحكم إطلاقاً (¬1). وذكر الشيباني أن قوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (¬2) مذكور فيه قيد {فِي الْمَسَاجِدِ}، ولكن لا تأثير لهذا القيد في الحكم، فلو خرج المعتكف من المسجد ثم جامع زوجته لا يجوز له ذلك ويفسد اعتكافه (¬3). ويذكر الشيباني أنه لا يجوز الاستدلال بالمفهوم المخالف لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (¬4) حتى يحكم بعدم جواز نكاح جارية من أهل الكتاب (¬5). ومع ذلك فإنه وقع العمل بمفهوم الصفة في بعض الآيات. فمثلاً اشتراط التتابع في صوم كفارة الظهار استدل فيه بقوله تعالى: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} (¬6). كما استدل بقوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (¬7) على عدم صحة الرهن بدون قبض (¬8). ولكن الأصوليين الأحناف متفقون على عدم العمل بمفهوم المخالفة إلا محمد بن شجاع الثلجي (ت. 266) فإنه كان يعمل بمفهوم العدد (¬9). 5 - المطلق والمقيد استعمل الشيباني كلمة المرسل بمعنى المطلق (¬10). وقد عمل الشيباني ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 3 و - ظ. (¬2) سورة البقرة 2/ 187. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 3 ظ. (¬4) سورة المائدة 5/ 4. (¬5) الحجة للشيباني، 3/ 353 - 354. (¬6) سورة المجادلة 58/ 4؛ الأصل للشيباني، 1/ 139 و. (¬7) سورة البقرة 2/ 283. (¬8) الأصل للشيباني، 2/ 1 ظ. (¬9) الفصول للجصاص، 1/ 289؛ أصول السرخسي، 1/ 255، 256؛ كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 2/ 465. (¬10) الحجة للشيباني، 3/ 393، 4/ 115.

6 - دلالة الاقتران

بالمطلق على إطلاقه. فمثلاً قوله: {صَعِيدًا} (¬1) المذكور في آية التيمم فسره بالأرض ثم ذكر أن أي شيء من جنس الأرض فيجوز التيمم به (¬2). فالنكرة في سياق الإثبات أفادت الإطلاق (¬3). وفي موضوع حمل المطلق على المقيد هناك بعض الأمثلهَ التي ذكرها الشيباني وهي موافقة لما بينه الأصوليون الأحناف. فمثلاً في كفارة الظهار ذكرت الآيات قيد: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (¬4) في تحرير الرقبة وصوم شهرين متتابعين، ولم يذكر ذلك القيد في إطعام ستين مسكيناً. وعلى هذا فإنه إذا جامع الرجل زوجته قبل إتمام تحرير الرقبة أو صوم شهرين متتابعين فإنه يجب عليه استئناف الكفارة، لكن إذا فعل ذلك قبل إتمام إطعام ستين مسكيناً فلا يجب عليه الاستئناف (¬5). فلا يحمل المطلق على المقيد هنا. كما أن اشتراط الإيمان في الرقبة في بعض الكفارات دون بعضها قد راعى فيه الشيباني لفظ الآيات الواردة في تلك الكفارات، فاشترط الإيمان فيما ذكر فيه، ولم يشترطه فيما لم يذكر، وقد نقل ذلك عن إبراهيم النخعي (¬6). فلم يحمل المطلق على المقيد أيضاً. والأصوليون الأحناف قد بنوا رأيهم في حمل المطلق على المقيد على هذه الأمثلة (¬7). 6 - دلالة الاقتران استدل الشيباني بذكر الشيئين مقترنين مع بعض على أنهما يأخذان نفس الحكم. فمثلاً النهي الوارد في الحديث للصيد وقطع الشجر في الحرم ¬

_ (¬1) سورة النساء 4/ 43؛ سورة المائدة 5/ 6. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 17 ظ. (¬3) تيسير التحرير لأمير بادشاه، 1/ 220. (¬4) سورة المجادلة 58/ 3، 4. (¬5) الأصل للشيباني، 3/ 82 ظ، 85 ظ، 87 و. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 84 ظ - 85 و. (¬7) أصول السرخسي، 1/ 268؛ كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 2/ 520 - 521، 525.

ج - التعارض والترجيح

يدل على أن قطع الشجر موجب للكفارة كالصيد (¬1). وقد نقل الجصاص عن أبي الحسن الكرخي أن الشيباني يرى أن الواو بمعنى الجمع أي الاقتران ما لم يدل دليل على كونها في معنى الاستئناف، وأن مسائل الأيمان في الجامع الكبير للشيباني تدل على ذلك (¬2). ج - (*) التعارض والترجيح يستعمل الشيباني كلمة الاختلاف بمعنى التعارض (¬3). فيقول مثلاً: "آثار مختلفة"، "أحاديث مختلفة"، "الحديثان المختلفان" (¬4). وقد تقدم أعلاه كثير من المقاييس للترجيح بين الأحاديث المختلفة. وإضافة إلى ذلك يمكن ذكر هذه المقاييس: الرواية المثبتة مقدمة على الرواية النافية (¬5). وهذه القاعدة عبر عنها الأصوليون بأن المثبت أولى من النافي، ولكنها مسألة اختلافية عندهم (¬6). مقياس آخر: القول أبين في الدلالة على وجوب الشيء من الفعل. يقول الشيباني: "ولو كان هذا من الواجب لقال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قولاً أبين من الفعل حتى يعرفه الناس بالقول دون الفعل" (¬7). والقول أقوى في الدلالة من الفعل عند الأصوليين، لكن هذه القاعدة لها استثناءات وفي تفاصيلها اختلاف (¬8). د - النسخ يذكر الشيباني أن أحكام بعض الآيات والأحاديث منسوخة. فمثلاً النهي عن القتال في الأشهر الحرم قد نسخ بالأمر بقتال المشركين مطلقاً. وقد ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 2/ 411. (¬2) الفصول للجصاص، 1/ 83 - 84. (¬3) الحجة للشيباني، 2/ 261. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 1، 7، 166، 182، 458، 2/ 332. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 226 - 227، 3/ 68. (¬6) أصول السرخسي، 2/ 21؛ كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 3/ 197 - 198. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 476 - 477. (¬8) تيسير التحرير لأمير بادشاه، 3/ 148. (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع (ج) وقبلها (أ)

4 - مباحث الحكم

استدل الشيباني على وقوع النسخ هنا بقول التابعي المفسر مجاهد بن جبر (ت. 103)، ولم يقبل رأي الكلبي (ت. 146) المخالف في هذا الموضوع (¬1). ويذكر في موضع آخر أن نسخ الآية ممكن وأن الآية قد نسخت (¬2). وهناك أمثلة ذكرها على نسخ الأحاديث بالآيات والأحاديث (¬3). وقد استدل على نسخ الحديث بترك الصحابة العمل به (¬4). ويفهم من كلامه أن رأي الأغلبية يمكن أن يكون دليلاً على نسخ الحديث (¬5). وقد يعبر عن النسخ أحياناً بالترك (¬6). 4 - مباحث الحكم أ - الحاكم، والحسن والقبح يروي الشيباني قول عمر - رضي الله عنه - بأن الصلح جائز إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً، وهذا القول يدل على أن الإنسان ليس له صلاحية تحريم الحلال أو تحليل الحرام (¬7). وفي أقوال الشيباني مثل "ما أوجب الله"، "ما أحل الله "، "ما حرم الله" ما يشير إلى أن صلاحية وضع الأحكام لله -سبحانه وتعالى- (¬8). ومع هذا فإن الأحكام تسند مجازاً في بعض المواضع إلى النبي أو القرآن أو السنَّة أو الإجماع. فمثلاً يتحدث عن إيجاب النبي للشيء، وتحليل القرآن لأمر، وتحريم السنَّة أو الإجماع لشيء ما (¬9). وكذلك حكم ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 5/ 115 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 6/ 70 و؛ الآثار للشيباني، ص 111. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 257، 2/ 757 - 758، 768؛ موطأ محمد، 1/ 493، 2/ 620، 664 - 666. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 128. (¬5) موطأ محمد، 1/ 643 - 645. (¬6) موطأ محمد، 1/ 287، 644 - 645. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 595. (¬8) الأصل للشيباني، 3/ 1 ظ، 2 و، 2 ظ، 3 و، 5/ 109 ظ، 6/ 72 و - ظ، 7/ 165 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 210، 311، 694، 3/ 8، 197, 350، 352، 353، 354، 400، 449، 450، 500، 4/ 306. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 1، 2 و، 2 ظ، الحجة للشيباني، 2/ 497، 3/ 8 - 9، 4/ 157، 304، 362.

القاضي أو الفقيه على شيء بأنه حرام يسمى تحريماً على سبيل المجاز (¬1). ويستعمل الشيباني الكلمات المشتقة من الحسن والقبح مع بعض في مواضع كثيرة. ويكون ذلك في مواضع القياس والاستحسان والتفسير أو الاستدلال العقلي الموافق للقواعد العامة. وفي بعض المواضع تفيد الكلمات المشتقة من الحُسْن المُوَافَقَة للقياس والعقل، والكلمات المشتقة من القُبْح المُخَالَفَة للقياس والعقل. ويضيف إلى استعمال كلمة القبح أحياناً كلمة الفحش ومشتقاتها للتأكيد (¬2). وهذه الاستعمالات قد مهدت الطريق أمام المناقشات المعروفة في أصول الفقه في مسألة الحسن والقبح. وخصوصًا في أصول الأحناف يستعمل مصطلحا الحسن والقبح أكثر من استعماله في أصول المتكلمين. من ناحية أخرى فإنه يمكن القول بأن الشيباني يميل إلى أن للعقل دورًا في إدراك الأحكام إلى حد ما. فمثلاً يفرق الشيباني بين المسائل التي يكون فيها الإكراه عذراً وما لا يكون الإكراه فيها عذراً، فيذكر أن شرب الخمر وأكل الميتة مثلاً قد حرما بسبب النهي المتوجه إليهما فقط، ولذلك ففي حال الضرورة يرتفع النهي عنهما وتصبح هذه المحرمات حلالاً، وعليه فإن الذي لا يرتكب هذه المحرمات في حال الضرورة يكون آثماً؛ ولكن الكفر بالله والقذف الذي فيه اعتداء على حق الناس مثلاً لا يمكن أن يكون حلالاً في أي حال من الأحوال، ولذلك فإن الذي لا يرتكب هذه المحرمات في حال الضرورة لا يكون آثماً، بل يؤجر على ذلك (¬3). ويمكن ¬

_ (¬1) الجامع الصغير للشيباني، ص 399؛ الحجة للشيباني، 2/ 210، 3/ 371. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 32 ظ، 35 ظ، 81 ظ، 98 و، 98 ظ، 102 و، 118 ظ، 135 ظ، 173 ظ، 233 ظ، 245 و، 264 ظ، 290 و، 290 ظ، 2/ 190 ظ، 3/ 16 و، 54 ظ، 58 ظ، 89 و، 113 ظ، 241 ظ، 4/ 221 ظ، 247 و، 5/ 39 و، 52 و، 70 و، 86 ظ، 202 و، 6/ 52 ظ، 58 و، 69 ظ، 70 ظ، 82 ظ، 98 و، 106 ظ، 107 و، 258 ظ، 7/ 32 و، 135 ظ، 161 و، 162 و، 162 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 76 و.

ب - حق الله - حق الناس

القول بأن بعض الأصوليين الأحناف قد تأثروا بهذه الآراء ومالوا إلى أن العقل قد يدرك بعض الأحكام (¬1). ب - حق الله - حق الناس من المعلوم أن الأصوليين الأحناف قد قسموا الحقوق إلى حقوق الله وحقوق الناس. هذا التقسيم موجود في كتاب الأصل أيضاً. فمثلاً يرى الشيباني أنه إذا اجتمع القصاص وحد السرقة فإن القصاص مقدَّم؛ لأنه "حق من حقوق الناس"، وحد السرقة "حق من حقوق الله" (¬2). كذلك إذا أقر الشخص بسرقة شيء ثم رجع عن إقراره فإنه لا يقام عليه حد السرقة، ولكنه يضمن ما سرق؛ لأن ذلك "حق الناس"، ولا يجوز الرجوع عن الإقرار في حق الناس، ولكنه يجوز الرجوع عن الإقرار في حق الله (¬3). ويذكر الشيباني أن حد الحرابة حق للمسلمين، وأن بعض الجرائم التعزيرية من حق الناس (¬4). وذكر الشيباني أيضاً أن حد القذف من حقوق الناس وليس من حقوق الله تعالى (¬5). ج - المحكوم عليه أفاد الشيباني أن الأحكام والواجبات تجب على الإنسان بالبلوغ (¬6). والبلوغ إذا لم يتم بالشكل الطبيعي فإن أبا حنيفة يحدد للغلام تسعة عشر سنة، وللبنت سبعة عشر سنة، ويحدد أبو يوسف ومحمد للغلام والبنت خمسة عشر سنة (¬7). ¬

_ (¬1) التوضيح لصدر الشريعة، 1/ 189؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 2/ 150 - 151. (¬2) الأصل للشيباني، 5/ 58 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 63 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 65 ظ، 7/ 241 و. (¬5) الآئار للشيباني، ص 106. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 36 ظ، 51 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 3/ 24 ظ، 5/ 57 ظ. وفي رواية في الأصل يعتبر الطعن في السن، وفي رواية أخرى يعتبر إكمال السن. انظر: الأصل للشيباني، 8/ 111 ظ، 114 و؛ الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 64 ظ - 65 و؛ المبسوط للسرخسي، 6/ 53 - 54.

د - الأحكام

هناك عبارات في الأصل متعلقة بموضوع تكليف غير المسلم بالفروع. فمثلاً ظهار الكافر غير واقع كما أن العبادة من الكافر غير صحيحة؛ لأن في يمين الظهار تحريم شيء على نفسه. أما طلاق الكافر وإعتاقه ونحو ذلك من تصرفاته فهي صحيحة. واختلف في بعض تصرفاته مثل الإيلاء، فأوقعه أبو حنيفة ولم يوقعه أبو يوسف ومحمد (¬1). فهنا فرّقوا بين التصرفات الدينية والدنيوية وحكم بأن التصرفات الخاصة بالدين مثل العبادات وأمثالها لا تصح من الكافر، وأن التصرفات الدنيوية صحيحة منه. وبعض التصرفات وقع الخلاف في صفتها هل هي دينية أو دنيوية؟ ولذلك وقع الخلاف في صحتها منه. والموضوع مختلف فيه بين الأصوليين الأحناف، واستدلوا في النقاش حوله بأقوال الشيباني (¬2). ويتكلم الشيباني في الأصل عن عوارض الأهلية. فيوجد فيه كتاب مستقل وواسع في موضوع الإكراه. وقد فصل فيه حول تأثير الإكراه على التصرفات (¬3). وقد تطرق الشيباني أيضاً إلى حكم تصرفات الهازل في بعض المسائل (¬4). أما في الضرورة فإنه بين أن بعض المحرمات تصبح مباحة في حال الضرورة مثل أكل الميتة والنظر إلى عورة غيره، وأن بعض المحرمات لا تباح بحال، مثل الزنا (¬5). وقد استعمل كلمة "العذر" للتعبير عن الضرورة، وأشار إلى أنه يجب التنبه إلى حدود الضرورة وأنها تقدر بقدرها (¬6). د - الأحكام 1 - الأحكام التكليفية أ - الفرض يروي الشيباني في بداية كتاب أدب القاضي رسالة عمر - رضي الله عنه - في ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 92 و. (¬2) الفصول للجصاص، 2/ 158 - 160؛ أصول السرخسي، 1/ 72 - 78؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 2/ 148 - 150. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 67 ظ - 111 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 96 و، 96 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 160 ظ - 161 و، 165 ظ - 166 و؛ موطأ محمد، 3/ 468. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 165 ظ، 166 و.

القضاء إلى أبي موسى الأشعري. في هذه الرسالة يقسم عمر الأحكام إلى قسمين قائلًا: القضاء فريضة محكمة وسنَّة متبعة (¬1). والمقصود هنا بقوله: "فريضة محكمة" الأحكام الثابتة بالكتاب والسنَّة على وجه قطعي بحيث لا تحتمل النسخ أو التخصيص أو التأويل، وبقوله: "سنَّة متبعة" الطريقة المسلوكة في الدين التي يجب اتباعها على كل حال (¬2). ومصطلح "الفريضة" (وجمعها الفرائض) يستعمل في الأصل بمعنى المأمور به على سبيل القطع (¬3). كما يستعمل كلمة "الفرض" في مؤلفاته الأخرى (¬4). وللتنبيه على القطعية الموجودة في الأوامر تضاف الفروض إلى الله فيقال: "فريضة الله، فرائض الله" (¬5). وقد استعمل مثل هذا الوصف للصلاة والزكاة والحج وغيرها (¬6). وقد استعمل أفعال "فرض وافترض" بمعنى إيجاب الفرض (¬7). وتستعمل مصطلح الفريضة في مقابل النافلة والتطوع والسنَّة (¬8). ويستعمل الشيباني "الفريضة" في الغالب للتعبير عن الصلوات الخمس وصلاة الجمعة (¬9). وقد ذكر في موضع أن مسح الرأس فريضة في كتاب الله تعالى وأن المضمضة والاستنشاق ليسا هكذا (¬10). كما استعمل الشيباني ¬

_ (¬1) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 215 ظ. (¬2) المبسوط للسرخسي، 16/ 60. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 149 ظ، 3/ 27 ظ، 5/ 36 ظ، 51 ظ، 86 ظ - 87 و. وانظر: الحجة للشيباني، 1/ 529. (¬4) الجامع الصغير للشيباني، ص 186، الحجة للشيباني، 1/ 19. (¬5) الأصل للشيباني، 3/ 27 ظ، 88 و. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 482، 2/ 414. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 181 ظ، 4/ 165 ظ، 6/ 244 و؛ موطأ محمد، 2/ 221؛ الحجة للشيباني، 1/ 50. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ،10 و، 30 و، 32 و، 32 ظ، 34 ظ؛ الجامع الصغير للشيباني،- ص 113، 186؛ الحجة للشيباني، 1/ 49، 50، 51، 188. (¬9) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ،10 و، 20 ظ، 24 و، 28 و، 29 و، 30 و، 94 ظ؛ الجامع الصغير للشيباني، ص 88، 113؛ الحجة للشيباني، 1/ 49، 50، 51، 182، 240، 416. (¬10) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 18.

"الفريضة" لوصف الزكاة والصوم والحج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (¬1). وهناك مصطلح آخر يستعمل للصلوات المفروضة وهي المكتوبة (¬2). والفرائض تستعمل بمعنى سهام الميراث المحددة والمفروضة في عنوان "كتاب الفرائض "، وتستعمل بهذا المعنى بصيغة المفرد والجمع أي الفريضة والفرائض في مواضع كثيرة من الأصل (¬3). كما تذكر في مواضع كثيرة مضافة إلى الله، فيقال: "فرائض الله"، وذلك لتحديدها وفرضها في القرآن الكريم (¬4). وتستعمل كلمات مشتقة من مصدر الفرض بمعنى التحديد والتقدير في مواضع كثيرة. فمثلاً تستعمل "الفريضة" بمعنى المهر والنفقة والدية لأنها محددة مقدرة (¬5). وتستعمل الأفعال المشتقة من "فرض" في معاني كثيرة منها الإيجاب، تحديد سهم الميراث، تقدير أجر معين، تحديد مقدار المهر، تعيين النفقة، تقدير الدية وتعيين المسؤولين عنها، وتقدير المصاريف المبذولة لمصلحة مال مشترك (¬6). ومما يلفت النظر أن التفريق بين الفرض والواجب على ما هو معروف ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 104 ظ، 5/ 86 ظ، 109 ظ، 6/ 73 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ، 28 و، 60 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 50. (¬3) الأصل للشيباني، 2/ 91 و، 173 ظ، 3/ 162 ظ، 163 و، 163 ظ، 166 ظ، 218 و. وانظر: الحجة للشيباني،3/ 62، 4/ 191، 202. 233. (¬4) الأصل للشيباني، 3/ 162 ظ، 224 و، 244 ظ، 4/ 53 ظ، 218 ظ، 229 ظ، 4/ 134 و، 136 و، 141 و،149 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 104 ظ، 105 و، 105 ظ، 3/ 29 ظ، 5/ 68 و، 6/ 11 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 482، 483، 487، 494 , 3/ 480، 4/ 264، 297. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 133 ظ، 301 و، 2/ 200 و،3/ 8 ظ، 29 و، 29 ظ، 65 و، 4/ 16 ظ، 218 و، 220 و، 221 ظ، 223 و، 5/ 101 ظ، 230 و، 6/ 72 ظ، 75 ظ، 220 ظ، 263 ظ، 7/ 138 ظ، 139 و، 143 و، 145 و، 173 و، 173 ظ، 174 و، 174 ظ، 8/ 153 و؛ الحجة للشيباني، 3/ 157، 326، 335، 473، 478، 479، 480، 485، 4/ 99، 228، 259، 261، 262، 263، 264، 286، 287، 297، 362، 368، 396.

ب - الواجب

في المذهب الحنفي ليس بواضح في مؤلفات الشيباني. وحتى أن الفرض والواجب يستعملان داخل الجملة الواحدة لوصف نفس الشيء، ويوصف طواف الزيارة والجهاد بأنهما واجبان مع أنهما من الفروض، ويستعمل فعل "فَرَضَ" للهَدْي الذي هو من واجبات الحج (¬1). ومع ذلك فإنه توجد استعمالات قد مهدت الطريق للتفريق بين الفرض والواجب. فمثلاً يفاضل الشيباني بين الواجبات فيفيد بأن الصلاة المكتوبة أوجب من سجدة التلاوة وأن الصلاة والصوم أوجب من الدم في الحج (¬2). فهذا التفضيل بين الواجبات يدل على أن هناك فرقاً بينها وأن بعضها مطلوب على وجه آكد من بعضها الآخر. وإذا استعملنا المصطلحات المتأخرة للتعبير عن الأمثلة المذكورة فإن الصلاة المكتوبة فرض وسجدة التلاوة واجبة، والصلاة والصوم فرض والدم واجب. ب - الواجب يستعمل الواجب بمعنى ما يلزم فعله ويكون تركه إثماً (¬3). وتستعمل كلمة الواجب وما يشتق من نفس الجذر من الأفعال مثل وجب، يجب وأمثالها بكثرة (¬4). ووصفت أفعال كثيرة بالوجوب مثل الصلاة المكتوبة، سجدة السهو، الحدود، القصاص، التعازير، الاستماع إلى خطب الجمعة والعيد، الاغتسال من الحيض والجنابة، الزكاة، صوم رمضان، اعتكاف النذر، التحري في بعض الحالات، دفع أجرة العامل، الوفاء باليمين على فعل طاعة، انتظار مدة عدة الطلاق أو الوفاة، المهر، الأضحية، صدقة الفطر، إعتاق رقبة في بعض الكفارات، النفقة، حلف المتهم بالقتل في ¬

_ (¬1) الجامع الصغير للشيباني، ص 160، 534؛ الحجة للشيباني، 1/ 402، 2/ 331. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 61 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 414. (¬3) الأصل للشيباني، 9/ 213 ظ، 236 و، موطأ محمد، 1/ 192. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ، 7 و، 7 ظ، 13 و، 14 ظ، 15 و، 15 ظ،16 و، 16 ظ, 51 ظ، 63 و، 63 ظ، 67 ظ. ونفس الاستعمال يكثر في مؤلفات الشيباني الأخرى أيضاً. انظر: الجامع الكبير للشيباني، ص 9؛ الحجة للشيباني، 1/ 59، 156، 159، 167، 2/ 550، 3/ 208، 4/ 76؛ موطأ محمد، 2/ 137، 221، 245.

الدعوى، صلاة الجنازة، الوضوء وسجدة التلاوة وغيرها (¬1). لا يصف الشيباني صلاة الوتر بالوجوب في الأصل، ولكنه لا يصفه بأنه تطوع أيضاً مثل ما وصف السنن والنوافل بذلك، بل يذكر الوتر بمعزل عنها (¬2). أما في الحجة فإنه يذكر أن بعض الفقهاء وصفوا الوتر بأنه "سنَّة لا ينبغي تركها"، وبعضهم بأنه "واجب"، وأن الفقهاء لم يشددوا على صلاة بعد الصلوات الخمس مثل ما شددوا على صلاة الوتر (¬3). يفيد الشيباني وجوب الشيء على الرجل بسبب فعل له بقوله: "أوجب على نفسه" كذا. مثل وجوب سجدة السهو على الرجل بسبب سهوه في الصلاة (¬4). ويضيف الإيجاب أيضاً إلى سبب الشيء. فيذكر مثلاً أن مس الجنازة ليس بحدث يوجب الوضوء، وأن إدخال دواء من الأنف يوجب قضاء الصوم، وأن الخلوة في الزواج توجب المهر (¬5). ونفس الاستعمال موجود في مؤلفات الشيباني الأخرى (¬6). واستعمال الشيباني لكلمات "أَوْجَبْتُ"، "أُوجِبُ" بإضافة الإيجاب إلى نفسه تشير إلى أن الوجوب قد يثبت عن طريق الاجتهاد (¬7). وقد يوجد ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 6 و، 43 ظ، 64 و، 78 و، 83 ظ، 104 و، 105 و، 140 و - ظ، 158 ظ، 161 ظ، 181 و، 264 ظ، 3/ 71 ظ، 88 ظ، 208 ظ، 209 و، 5/ 87 و، 106 ظ، 6/ 195 ظ، 246 ظ، 7/ 139 و، 177 ظ، 8/ 199 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 51، 59، 109. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 74 و. (¬3) الحجة للشيباني، 1/ 182، 186 - 187. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 49 ظ، 148 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 9 ظ، 138 و، 3/ 10 ظ. (¬6) الحجة للشيباني، 3/ 42، 4/ 106. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 27 و، 63 و، 141 ظ، 149 ظ، 2/ 161 و، 174 ظ، 3/ 21 و، 58 ظ، 4/ 236 ظ، 241 ظ، 258 ظ، 5/ 16 ظ، 19 و، 23 و، 29 ظ، 7/ 179 و. واستعمالات من هذا القبيل توجد في مؤلفات الشيباني الأخرى. انظر: الحجة للشيباني، 2/ 329، 4/ 76. كما استعمل كلمة "يُوجَبُ" مبنياً للمجهول بمعنى الحكم على شيء بأنه واجب. انظر: الحجة للشيباني، 1/ 531. 2/ 313.

اختلاف في وجوب الشيء. فمثلاً العمرة واجبة في رأي بعض الفقهاء وتطوع في رأي بعض الفقهاء الآخرين (¬1). ويمكن أن يبنى وجوب الشيء على الاحتياط. فمثلاً إذا استيقظ الشخص من النوم وهو لا يذكر احتلاماً ولكنه وجد المذي في ثوبه فإن أبا حنيفة ومحمداً يقولان بوجوب الغسل عليه احتياطًا، أما أبو يوسف فيرى أنه لا يجب الغسل عليه حتى يعلم أنه قد احتلم (¬2). يبين الشيباني أن بين الواجبات فرقاً من حيث درجة الوجوب، فتكون بعض الواجبات أوجب من بعضها الآخر. فمثلاً الصلاة المكتوبة أوجب من سجدة التلاوة، وتكبير التشريق أوجب من التلبية، وصلاة المغرب أوجب من صلاة الجنازة (¬3). وإذا استعملنا المصطلحات المعروفة فالصلاة المكتوبة فرض وسجدة التلاوة واجبة، وتكبير التشريق واجب والتلبية سنَّة، وصلاة المغرب فرض عين وصلاة الجنازة فرض كفاية. فمن خلال هذه الأمثلة نرى أنه قد استعمل الواجب للتعبير عن السنَّة مجازاً لوجود القياس بين واجب وسنَّة. كذلك في هذه الأمثلة يستنتج الشيباني أنه يجوز الإيماء في سجدة التلاوة كما يجوز في الصلاة المكتوبة، وأن المحرم في يوم عرفة يكبر تكبيرة التشريق بعد الصلاة أولاً ثم يأتي بالتلبية، وأن الجنازة إذا حضرت بعد أذان المغرب فإن صلاة المغرب تؤدى أولاً ثم تؤدى صلاة الجنازة. هناك مثال آخر: يعتبر حد القذف أوجب الحدود لأنه حق للعبد، فإذا اجتمعت حدود مختلفة فيقدم تطبيق حد القذف على باقي الحدود (¬4). وفي مثال آخر يفيد الشيباني أن الصلوات الخمس وصلاة الجمعة والحج أوجب من صلاة العيد (¬5). وتوجد مثل هذه الاستعمالات في مؤلفات الشيباني الأخرى (¬6). فمثلاً يذكر الشيباني أن الصلاة والصوم أوجب من دم الجزاء في ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 6/ 72 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 7 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 61 ظ، 74 و، 81 و. ولمثال آخر انظر: نفس المصدر، 7/ 179 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 35 و. (¬5) الأصل للشيباني، 7/ 233 و. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 208.

ج - المندوب

الحج، وأن صوم رمضان أوجب من صوم يوم عاشوراء (¬1). وإذا اجتمع واجبان متساويان في الوجوب فإنه يبدأ بأيهما شاء (¬2). فمثلاً يذكر الشيباني أنه لا فرق بين صوم النذر وصوم كفارة الظهار من حيث تقديم أحدهما على الآخر وأنه ليس أحدهما أوجب من الآخر (¬3). ويستعمل كلمة "أوجب" أحياناً بمعنى أقوى. فمثلاً يقول الشيباني بأن المفاوضة أوجب من الوكالة، والمقصود بذلك أن الحقوق بين شركاء المفاوضة أقوى وآكد من الحقوق بين الوكيل والموكل (¬4). وهناك مصطلحات أخرى تفيد أحكام الفرض والواجب، مثل الأفعال المشتقة من مصدر الأمر، مثل "آمُرُه، أَمَرْتُه أُمِرَ، يُؤْمَر" وأمثالها (¬5). ويستعمل فعل الأمر المنفي مثل "لا آمره، لسنا نأمره" بمعنى عدم إيجاب الشيء (¬6). كما استعمل "عليه" بمعنى واجب، و"ليس عليه"بمعنى ليس بواجب (¬7)، و"لا بد منه" بمعنى واجب (¬8). ج - المندوب لم يستعمل لفظ المندوب في مؤلفات الشيباني، لكن استعملت مصطلحات أخرى تدل على نفس المعنى، مثل: ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 382، 2/ 414. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 23 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 152 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 2/ 194 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 6 و، 37 ظ، 40 ظ، 54 ظ، 94 ظ، 96 و،2/ 60 ظ، 158 و، 158 ظ، 3/ 19 ظ، 20 ظ، 235 ظ، 236 و، 4/ 247 و، 5/ 33 و، 143 ظ، 175 و، 6/ 146 ظ، 180 ظ، 243 ظ، 7/ 42 ظ، 8/ 23 و. الجامع الصغير للشيباني، ص 314، 508، 522؛ الحجة للشيباني، 1/ 68، 156، 181، 382، 402، 480، 2/ 146. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 5 ظ، 56 و، 82 ظ، 2/ 171 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 48 ظ؛ الجامع الكبير للشيباني، ص 10؛ الآثار للشيباني، ص 18؛ موطأ محمد، 3/ 166. (¬8) الحجة للشيباني، 1/ 157، 182، 416؛ موطأ محمد، 5/ 322؛ الآثار للشيباني، ص 38.

1 - السنة

1 - السنَّة في مواضع كثيرة يستعمل مصطلح السنَّة بمعنى طريقة النبي والصحابة في الحياة، ويشمل بهذا المعنى الفرض والواجب والمندوب. فمثلاً "طلاق السنَّة" (¬1) و"سنَة الصلاة" (¬2) تحمل هذا المعنى الواسع. كذلك يعتبر قطع الأظفار والسواك ونحو ذلك من تطهر البدن سنَّة (¬3). وبين الشيباني أن اتباع السنَّة في صيغة السلام أفضل (¬4). كما يذكر الشيباني السنَّة في كيفية تكفين الميت وغير ذلك (¬5). ومخالفة السنَّة لا تقتضي شيئاً من الناحية القضائية في كثير من الأحيان. فمثلاً محاربة المرتدين قبل أن يُدْعَوْا إلى الإسلام وإن كان مخالفاً للسنَّة إلا أنه لا يترتب عليه شيء في القضاء (¬6). والأصوليون الأحناف شرحوا مفهوم السنَّة على هذا الأساس، وقسموا السنَّة إلى سنن هدى تطلب على سبيل التأكيد والوجوب أحياناً مثل الأذان، وسنن زوائد لا تطلب مثل هذا الطلب المؤكد، ونافلة وتطوع ونحو ذلك من الأقسام (¬7). 2 - المستحب إن الآثار المروية عن الصحابة والتابعين في كتاب الأصل تحتوي على كلمات مشتقة من الحب والاستحباب، واستعمال تلك الكلمات في التعبير عن الأحكام. فمثلاً ورد في رواية أن الصحابة كانوا يستحبون إيقاع الطلاق مرة واحدة في المجلس الواحد وعدم إيقاع طلاق آخر حتى تنتهي العدة (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 26 ظ. ويستعمل الشيباني "طلاق المعصية" في مقابل "طلاق السنَّة" ويفيد بأن الطلاق المخالف للسنَّة واقع ولكنه يعتبر إثماً. انظر: نفس المكان. (¬2) الآثار للشيباني، ص 24. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 7 و؛ الآثار للشيباني، ص 17. (¬4) موطأ محمد، 3/ 435. (¬5) الجامع الصغير للشيباني، ص 117، 191، 192. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 140 و. (¬7) أصول السرخسي، 1/ 114 - 115؛ كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، 2/ 567 - 568؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، 2/ 230 - 231. (¬8) الأصل للشيباني، 3/ 14 ظ.

وهذا النوع من الطلاق هو المعروف بطلاق السنَّة. وفي رواية أخرى أن أبا بكر وعمر - رضي الله عنه -ما قالا بأن وصية الرجل بربع ماله أحب إليهما من وصيته بالثلث، ووصيته بالخمس أحب إليهما من وصيته بالربع (¬1). وقال عمر بأنه لا يحب أن يأخذ القاضي والقسام على عمله أجراً (¬2). وقال علي - رضي الله عنه - بأن ذلك أحب إليه (¬3). كما روي عن عبد الله بن عمر استعماله لهذا اللفظ في موضوع آخر (¬4). واستعمل إبراهيم النخعي أيضاً ألفاظ "يستحب" و"أحب إلي" للتعبير عن آرائه في بعض المسائل (¬5). وقد استعملت كلمات كثيرة في الأصل مشتقة من جذر الحب والاستحباب للدلالة على أن فعل شيء ما أفضل من عدم فعله ولكنه ليس بواجب. فاستعملت في ذلك كلمات مثل "يُستحَب، أَحَبُّ إلي، أَحَبُّ ذلك إلي، أَحَبُّ إلينا، أَحَبُّ، أُحِبُّ له، نُحِبُّ، نَستحب" ونحوها (¬6). ولا يؤثر ترك الشيء المستحب على إجزاء العبادة. فمثلاً وضع السترة أمام المصلي مستحب، ولكن الصلاة مجزئة بدونها (¬7). فالمستحب ليس بمنزلة الواجب الذي يراد فعله قطعاً. فمثلاً إذا خطب الإمام في صلاة الاستسقاء فإنه يستحب الاستماع إليه، ولا يجب مثل الاستماع إلى خطب الجمعة والعيدين (¬8). ولكنه نادراً ما يستعمل قوله: "أحب إلي، مستحب له" في حق أمر واجب. فمثلاً مع التصريح بأن ذبح الأضحية واجب (¬9)، إلا أنه ذكر أن ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 213 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 2/ 58 و. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 214 و. (¬4) الأصل للشيباني، 7/ 1 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 118 و، 130 و. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 2 و، 2 ظ، 3 ظ، 23 ظ، 24 و، 83 ظ، 3/ 204 ظ، 208 ظ , 4/ 107 و،113 و، 127 و، 127 ظ، 5/ 31 ظ، 6/ 164 ظ، 243 و؛ الجامع الصغير للشيباني، ص 91، 96، 103، 118، 163، 164، 372؛ الآثار للشيباني، ص 14، 16، 17، 25، 39؛ الحجة للشيباني، 1/ 1، 52. 70، 129، 214، 215؛ موطأ محمد، 1/ 195، 257، 595، 2/ 53. 55. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 36 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 83 في وانظر لاستعمالات شبيهة: موطأ محمد، 2/ 8، 11. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 208 ظ، 209 و.

ذبح الأضحية "أحب إلي" من التصدق بقيمتها (¬1). والكلمات المشتقة من الحب تستعمل في الغالب في العبادات والتصرفات التي فيها معنى التعبد، ويقل استعمالها في الأمور الأخرى (¬2). وكون الشيء مستحباً يستند في كثير من المواضع إلى مبدأ الاحتياط المعبر عنه بالثقة والتنزه. وهذا النوع من الاحتياط متوجه إلى مقصد تجنب الإثم في بعض المواضع، وصحة المعاملة في بعض المواضع الأخرى (¬3). والكلمات المشتقة من الحب تستعمل في الجمل المنفية بمعنى الكراهة. وفي هذا المعنى يستعمل عبارات مثل "لا أحب له، ما أحب له، لا أحب ذلك، ما أحب ذلك، لم يستحب، لم نحب له" (¬4). وأحياناً عبر عن الكراهة بقوله: "تركه أحب إلي"، مثل قوله ذلك في كراهة أكل لم الخيل (¬5). وفي نفس المعنى قوله: "غيره أحب إلي منه" (¬6). واستعمل الشيباني قوله: "أحب إلي" أيضاً لترجيح رأي على آخر (¬7). كما نقل استعمال بعض التابعين مثل الشعبي وعبيدة السلماني وإبراهيم النخعي لمثل هذه العبارة في إفادة المعنى المذكور (¬8). واستعمل الشيباني هذه العبارة لترجيح الآراء داخل المذهب، مثل قوله: "أحب القولين إلي، أحب ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 207 و؛ الآثار للشيباني، ص 37. وانظر لاستعمال شبيه: موطأ محمد، 2/ 639. (¬2) الأصل للشيباني، 2/ 158، 179 و، 3/ 17 و، 87 و، 4/ 107 و، 113 و، 5/ 20 ظ، 31 ظ، 104 ظ، 105 ظ، 116 ظ، 121 و، 124 و، 146 و، 6/ 257 ظ، 8/ 203 و، 207 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 65 و، 169 ظ، 170 ظ، 171 و، 2/ 158 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 57 و، 73 ظ، 83 و، 83 ظ، الحجة للشيباني، 1/ 146، 147، 212؛ الآثار للشيباني، ص 62؛ موطأ محمد، 2/ 163، 516. (¬5) الأصل للشيباني، 3/ 204 و. (¬6) الآثار للشيباني، ص 11. (¬7) الأصل للشيباني، 58/ 5 ظ؛ الآثار للشيباني، ص 29. (¬8) الأصل للشيباني، 3/ 101 ظ، 125 و، 145 ظ، 5/ 45 و، 6/ 252 ظ، 253 و.

3 - التطوع

إلي من قول أبي حنيفة" ونحو ذلك (¬1). 3 - التطوع تمر كلمة التطوع التي هي بمعنى عمل الشيء بطيبة نفس وعن رضا في كتاب الأصل في مواضع كثيرة. وليس لعدم فعل التطوع ضرر من الناحية الدينية أو القضائية (¬2). وتستعمل كلمة التطوع في وصف صلاة النافلة في مقابل صلاة الفرض، وكذلك في وصف النوافل والرواتب التي تؤدى قبل الصلوات المكتوبة وصلاة الجمعة وبعدها، صلاة التهجد، صلاة النفل مطلقاً، صلاة التراويح، تحية المسجد، وصوم النافلة (¬3). وقد اختلف الفقهاء في كون العمرة واجبة أو تطوعاً، وهي تطوع عند الحنفية (¬4). والحج قد يكون تطوعاً (¬5). وفي مؤلفات الشيباني الأخرى يستعمل التطوع في مقابل الفرض والواجب (¬6). وهناك معنى آخر لكلمة التطوع، وهو العمل أو الإنفاق الذي يكون بلا مقابل ولا يلزم أن يؤخذ في مقابله شيء. فمثلاً دفع الشخص دين شخص آخر بدون طلب منه، الإنفاق على الرهن من تلقاء نفسه، دفع العشر أو الخراج عن الأرض المرتهنة، الإنفاق من أجل إطعام الدابة المستأجرة للركوب، العمل بعقد فاسد في بعض الأحوال، إطعام العامل المستأجر كان لم يشترط ذلك، الإنفاق على اللقيط، والالتحاق بالجيش بدون طلب وجه ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 2/ 245 ظ، 6/ 104 ظ. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 296. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 1 ظ،.10 و، 23 ظ - 24 و، 27 و، 28 و، 28 ظ، 135 ظ، 136 ظ، 140 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 49، 50. 218؛ الآثار للشيباني، ص 26، 64؛ موطأ محمد، 628/ 1، 2/ 33، 80. (¬4) الأصل للشيباني، 6/ 72 ظ، الحجة للشيباني، 2/ 119. (¬5) الأصل للشيباني، 6/ 73 ظ، 74 و؛ الحجة للشيباني، 2/ 227. (¬6) الجامع الصغير للشيباني، ص 186؛ الحجة للشيباني، 1/ 182، 208، 211.

4 - النافلة

إليه، كل ذلك يعتبر تطوعاً (¬1). 4 - النافلة كلمة النافلة تستعمل في الأصل وفي مؤلفات الشيباني الأخرى بمعنى التطوع وخصوصاً في مسائل الصلاة. وعبارة "صلاة النافلة" تمر كثيراً في مقابل صلاة الفرض (¬2). 5 - الحسن تستعمل الكلمات المشتقة من مصدر "حسن" في كثير من المواضع بالمعنى اللغوي (¬3). وكلمة "حَسَن" تستعمل في الأصل بمعنى الفعل الذي يطلبه الدين ويعده أمراً يحمد عليه ولا يكون في تركه إثم أو ضرر. فمثلاً الغسل قبل صلاة الجمعة وصلاة العيد وليلة عرفة وقبل الإحرام حسن وليس بواجب وليس في تركه إثم (¬4). والتطوع قبل صلاة العصر وصلاة أربع ركعات بعد العشاء والصلاة في كسوف الشمس وخسوف القمر أمر "حسن" (¬5). وقد يكون الشيء حسناً لأنه موافق للاحتياط (¬6). ويمر مصطلح ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 9/ 2 ظ، 15 ظ 16 و، 40 و، 41 و،100 ظ، 130 و، 141 ظ، 152 ظ، 153 و، 177 ظ، 180 و، 236 ظ، 259 و، 259 ظ، 260 ظ، 293 ظ، 294 و، 3/ 65 و، 156 ظ, 157 ظ, 235 ظ، 95/ 4 و، 5/ 133 ظ، 146 ظ 6/ 183 ظ، 7/ 44 و، 106 و، 112 ظ, 223 ظ، 8/ 1 ظ؛ الحجة للشيباني، 3/ 37، 38؛ الآثار للشيباني، ص 149. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 27 و، 32 ظ، 2/ 172؛ الجامع الصغير للشيباني، ص.9؛ الحجة للشيباني، 1/ 49، 51، 271، 294، 2/ 301. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 202 ظ، 2/ 176 ظ، 180 و، 260 ظ، 3/ 200 و، 215 و، 215 ظ، 7/ 216 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 11 ظ؛ موطأ محمد، 1/ 310. ولأمثلة أخرى في نفس المعنى انظر: الأصل للشيباني، 1/ 10 و - ظ، 23 ظ، 69 ظ، 72 ظ، 73 ظ، 3/ 57 و، 8/ 199 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 28 ظ، 83 و. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 183 ظ.

"حسن" في كثير من المواضع الأخرى (¬1). وفي بعض المواضع يستعمل فعل "أَحْسَنَ" للتعبير عن نفس المعنى (¬2). وقال في موضع: "أحسن وأخذ بالفضل" (¬3). ويكون الشيئان حسنين وجائزين لكن أحدهما أحسن من الآخر (¬4). وتأتي كلمة "حسن" بمعنى جائز، خصوصاً إذا قيس شيئان ببعض وقيل بأن كليهما حسن، وقد تستعمل بمفردها في هذا المعنى أيضاً (¬5). واستعملت هذه الكلمة في مؤلفات الشيباني الأخرى بنفس المعنى أيضاً (¬6). وأحياناً تستعمل كلمة "جميل" مع حسن (¬7). ومع هذا فقد استعمل كلمة "أَحْسَنُ" في بعض المواضع بمعنى الواجب وأنه يقع الإثم في حال عدم العمل به (¬8)، واعتبر الفعل المقابل له إساءة (¬9). وقد يستعمل فعل "أَحْسَنَ" بمعنى فعل الشيء الواجب (¬10). وتفيد عبارة "لا يَحْسُنُ" معنى المكروه تحريماً في بعض المواضع. فمثلاً المرأة التي انقطع حيضها في نهار رمضان تتشبه بالصائمين في بقية النهار ولا تأكل، لأنه "لا يحسن" منها أن تأكل وهي طاهرة وبقية الناس ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 25 ظ، 28 ظ، 29 ظ، 30 و، 34 ظ، 38 و، 71 ظ، 82 و، 119 و، 137 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 55 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 119 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 7 و، 24 ظ، 26 و، 28 ظ، 80 و، 140 ظ، 179 ظ، 2/ 62 و، 3/ 14 ظ، 16 و، 17 و، 43 و، 47 و، 51 ظ، 207 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 18 ظ، 22 و، 115 ظ، 6/ 253 و، 7/ 41 ظ. (¬6) الجامع الصغير للشيباني، ص 83، 149، الحجة للشيباني، 1/ 279، 285، 2/ 771، 163/ 4، 210؛ موطأ محمد، 1/ 181، 192، 443، 469، 555، 556، 2/ 33، 72؛ الآثار للشيباني، ص 20، 29. (¬7) الحجة للشيباني، 4/ 210؛ موطأ محمد، 2/ 388، 3/ 147، 326؛ الآثار للشيباني، ص 59. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 211 ظ. (¬9) الأصل للشيباني، 3/ 16 ظ. (¬10) الأصل للشيباني، 1/ 137 ظ.

6 - أفضل

صيام (¬1). وهناك أمثلة أخرى شبيهة بذلك (¬2). واستعمل الشيباني كلمات "حسن" و"أحسن ما عندنا" للتعبير عن تقديره لبعض الآراء (¬3). واستعمل للتعبير عن الترجيح بين الآراء مثل قوله: "أحسن القولين"، "أحسن من القولين"، "أحسن الأقاويل" (¬4). 6 - أفضل تستعمل كلمة "أفضل" في الأصل بمعنى ما يكون فعله أولى ولكنه يجوز تركه. فمثلاً الترتيب والموالاة في الوضوء أفضل، ولكن إذا ترك ذلك فالوضوء مجزئ (¬5). ومن الألفاظ المستعملة في هذا المعنى: "الأفضل، أفضل ذلك، أفضل الأمر" (¬6). وتستعمل كلمات "أَحْسَنُ، أَحَبُّ" مع كلمة أفضل لتأكيد معناها (¬7). كما تستعمل كلمة "فَضْل" في تعابير مثل: "أخذ بالفضل"، "فضل أخذ به". فمثلاً إخراج الدائن الزكاة عن الدين "فَضْل"، ولكن يجزيه أن يخرج الزكاة إذا أخذ الدين (¬8). وتستعمل كلمة أفضل في مقابل الرخصة أحياناً. فمثلاً صوم رمضان في السفر أفضل، وعدم صومه رخصة (¬9). وتكون بعض الأفعال أفضل من أجل الاحتياط (¬10). وتستعمل ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 135 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 237 ظ، 2/ 184 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 98 ظ، 102 و، 102 ظ، 3/ 54 ظ. (¬4) للشيباني، 1/ 98 و، 98 ظ. (¬5) للشيباني، 1/ 5 و. ولأمثلة أخرى انظر: الأصل للشيباني، 1/ 7 و، 9 و، 10 و، 10 ظ، 16 ظ، 26 ظ، 26 و، 38 و، 54 و، 149 و، 160 ظ، 181 ظ، 3/ 14 ظ 208 ظ، 5/ 76 و، 105 ظ، 121 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 5 و، 7 و، 9 و، 10 و، 10 ظ، 16 ظ، 23 ظ، 26 ظ، 36 و، 38 و، 54 و، 179 ظ، 3/ 28 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 54 و، 3/ 43 و، 207 و، 5/ 146 ظ، 147 و. (¬8) الأصل للشيباني، 119/ 1 و. ولمثال آخر انظر: الأصل للشيباني، 1/ 179 و. (¬9) الأصل للشيباني، 1/ 142 و، 5/ 76 و، 109 و، 110 و. ولمثال شبيه بهذا انظر: موطأ 1/ 555. (¬10) الأصل للشيباني، 1/ 168 ظ، 169 ظ، 170 ظ، 172 و، 176 ظ، 179 و، 3/ 10 و.

7 - ينبغي

كلمة أفضل في الغالب لما لا يكون واجباً من الأفعال. فمثلاً متعة الطلاق في بعض الحالات ليست بواجبة، ولكن دفعها أفضل (¬1). ولكن استعملت "أفضل" نادراً لوصف الواجب أيضاً (¬2). والأفعال التي تكون أفضل بسبب الاحتياط قد توصف بأنها واجبة (¬3). وتستعمل كلمة "أفضل" بنفس المعنى عموماً في مؤلفات الشيباني الأخرى (¬4). 7 - ينبغي تفيد كلمة "ينبغي" معنى المندوب أحياناً. فمثلاً ينبغي أن يقول الإمام والمأمومون: آمين، بعد الفراغ من الفاتحة، وذلك مندوب (¬5). وهذا المصطلح يستعمل في مؤلفات الشيباني الأخرى أيضاً بمعنى المندوب (¬6). ويقابل الوصف بقوله: "ينبغي" الكراهة. فمثلاً إذا صلَّى رجلان جماعة فإن المأموم ينبغي أن يقف إلى يمين الإمام، ولكنه إذا وقف إلى يساره يكون مسيئاً، وتجوز صلاته (¬7). وقد استعمل في بعض الأمثلة لفظ الكراهة بدل الإساءة (¬8). وتستعمل كلمة "ينبغي" بمعنى الجواز أحياناً. فمثلاً ينبغي الوضوء من الماء الذي شرب منه ما يؤكل لحمه من الحيوانات (¬9). وتستعمل كلمة ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 28 و. كذلك الغسل يوم الجمعة أفضل وليس بواجب. انظر: موطأ محمد، 1/ 299. (¬2) الأصل للشيباني، 7/ 203 و، الحجة للشيباني، 1/ 288. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 3 ظ، 5 ظ. (¬4) الجامع الصغير للشيباني، ص 108، 159، 401؛ الحجة للشيباني، 1/ 6، 41، 280. 315، 366، 381، 2/ 1، 415؛ موطأ محمد، 1/ 171، 181، 465؛ الآثار للشيباني، ص 20. (¬5) الأصل للشيباني، 2/ 1 ظ. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 1، 2، 208؛ موطأ محمد، 1/ 184 - 185، 192، 445، 478، 2/ 43، 66؛ الآثار للشيباني، ص 60. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 4 و. ولأمثلة أخرى انظر: 1/ 40 و، 145 و. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 39 و. (¬9) الأصل للشيباني، 1/ 4 ظ - 5 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 51.

8 - يعجبنا

"ينبغي" بمعنى الوجوب أحياناً أخرى (¬1). ويروى عن ابن عباس استعمال للكلمة في هذا المعنى (¬2). وتستعمل ألفاظ "لا ينبغي، ليس ينبغي" بمعنى عدم الجواز أو البطلان أحياناً (¬3)، وبمعنى الكراهة أحياناً أخرى (¬4). وتستعمل كلمة "لا ينبغي" بمعنى عدم الوجوب أحياناً (¬5). ويفيد قوله: "لا ينبغي أن يُتْرَك" الوجوب (¬6). أما الأسئلة على شكل "هل ينبغي" ونحوها فتكون بمعنى "هل يجوز" أحياناً (¬7)، وبمعنى "هل يجب" أحياناً أخرى (¬8). 8 - يعجبنا تستعمل كلمة "يعجبنا" بمعنى المندوب (¬9). وتستعمل كلمات "لا يعجبني، لا يعجبنا" بمعنى المكروه أحياناً" (¬10)، وبمعنى الحرام أحياناً ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 31 ظ، 33 ظ، 44 و، 66 و، 72 و، 76 و، 160 ظ، 169 ظ، 221 ظ، 2/ 8 و، 59 ظ، 210 و، 3/ 157 ظ، 75/ 5 و، 182 ظ، 6/ 72 ظ، 185 و، 7/ 166 ظ، 8/ 88 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 106؛ موطأ محمد، 2/ 349. (¬2) الأصل للشيباني، 7/ 184 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 22 ظ، 26 و، 28 و، 32 ظ، 33 ظ، 54 و، 66 و، 101 و، 136 و، 160 ظ، 179 و، 182 و، 197 و، 222 و، 290 و، 292 ظ، 2/ 131 و، 4/ 3 و، 5/ 230 ظ، 236 و، 6/ 42 ظ، 7/ 136 و، 156 ظ، 8/ 85 و، 199 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 15 - 16، 52، 68، 160، 177؛ موطأ محمد، 1/ 531، 2/ 118، 124، الآثار للشيباني، ص 128، 130. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 25 ظ، 26 ظ - 27 و، 32 و، 62 و، 82 ظ، 2/ 266 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 96، 218؛ موطأ محمد، 1/ 485، 2/ 41، 384؛ الآثار للشيباني، ص 23، 33. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 106 و، 3/ 28 و. (¬6) الحجة للشيباني، 1/ 113. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 73 و، 73 ظ، 3/ 207 و، 58/ 6 ظ، 66 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 72. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 81 ظ، 82 و، 5/ 16 ظ، 25 ظ، 6/ 60 ظ، 259 و. (¬9) موطأ محمد، 2/ 164؛ الآثار للشيباني، ص 10. (¬10) الأصل للشيباني، 3/ 210 ظ، 212 و، موطأ محمد، 2/ 104، 282، 372؛ الآثار للشيباني، ص 41، 43، 61، 144.

د - المباح

أخرى (¬1). وقد استعملت هذه الألفاظ للمكروهات التي لا تفسد الصلاة (¬2)، واستعملت كذلك لما يفسد الصلاة من الأفعال (¬3). ويستعمل في مقابل كلمة "لا يعجبني "كلمة" لا بأس" (¬4). واستعملت كلمات "لا يعجبني" وما يشبهها للترجيح بين الآراء. فمثلاً استعمل تعبير "لا يعجبني هذا القول"، و"أعجب إلينا" في هذا المعنى (¬5). د - المباح يعبر الشيباني عن عصمة نفس شخص أو ماله بأنه لا يباح جسده أو ماله (¬6). ولم نجد موضعاً آخر في مؤلفات الشيباني يستعمل فيه كلمة مباح أو ما يشبهها. ولكنه استعمل في معنى هذا الحكم ما يلي: 1 - حلال روى الشيباني عن عمر - رضي الله عنه - قوله: "الصلح جائز إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً"، ويشير هذا إلى أنه ليس من صلاحية الإنسان أن يحرم الحلال أو يحلل الحرام (¬7). ويفيد ابن عباس - رضي الله عنه - بأنه لا يستطيع أن يقول بأن الشيء حلال أو حرام إلا إذا نزل به الكتاب أو السنَّة (¬8). وتستعمل كلمة حلال وما يشتق من هذا المصدر فى بعض الأحاديث النبوية المروية في مؤلفات الشيباني (¬9). وتستعمل كلمة حلال بمعنى كون الاستفادة من الشيء أو فعل شيء ما مباحاً. فمثلاً العلاقة الجنسية بين الزوجين (¬10)، الربح المكتسب من تجارة ¬

_ (¬1) موطأ محمد، 2/ 463. (¬2) الآثار للشيباني، ص 29. (¬3) الآثار للشيباني، ص 38. (¬4) الآثار للشيباني، ص 44. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 98 و؛ الآثار للشيباني، ص 86. (¬6) الأصل للشيباني، 6/ 14 و. (¬7) الحجة للشيباني، 2/ 595. (¬8) الحجة للشيباني، 4/ 213. (¬9) الحجة للشيباني، 1/ 167. (¬10) في بعض هذه الأمثلة وصف الأزواج أنفسهم، وفي بعضها وصف العقد، وفي بعضها وصف العلاقة نفسها بأنها حلال. انظر: الأصل للشيباني، 1/ 81 ظ، 103 ظ، 161 و، 3/ 2 ظ، 3 ظ، 4 ظ، 6 ظ، 27 ظ، 28 و، 56 و، 89 ظ، 94 ظ، 7/ 124 ظ، 128 ظ؛ الحجة للشيباني، 3/ 371، 372، 500؛ الآثار للشيباني، ص 85.

مشروعة (¬1)، صلاة الشخص مع مراعاة شروط الصلاة من الطهارة وغيرها، أخذ الصدقة لمن كان محتاجاً، لم الحيوان المذبوح على الطريقة الشرعية، الوضوء بالماء الطاهر، عصير العنب، الأكل والشرب والاستمتاع الجنسي في دائرة المشروع، لحم الحيوان المذبوح أو المصيد بيد اليهود والنصارى وغنائم الحرب مما عده الشيباني من الحلال (¬2). وتستعمل كلمة الحلال لمن ليس بمحرم إحرام الحج أو العمرة (¬3). وإلى جانب هذا فإنه توجد كلمات كثيرة مشتقة من نفس المصدر لكلمة حلال على صيغة فِعْل مثبت أو منفي، مستعملة في الأصل وفيره من مؤلفات الشيباني (¬4). والإحلال مستعمل بمعنى حكم الله أو رسوله بكون الشيء حلالاً (¬5). وقد استعمل فعل "أَحَلَّ" بهذا المعنى (¬6). وتستعمل كلمات "أَحَلَّ" بمعنى الحكم بكون الشيء حلالاً، ورؤيته حلالاً، والتسبب في كونه حلالاً (¬7)، و"أُحِلَّ، أُحِلُّ" بمعنى الحكم على الشيء بكونه حلالاً، و"أَحَلُّ" بمعنى التفضيل من حيث كون الشيء حلالاً وكونه لا شبهة فيه (¬8). وتستعمل كلمة "لا يَحِلُّ" مع مصطلحات ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 221 ظ، 2/ 275 ظ، 6/ 60 و، 7/ 3 ظ، 25 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 585، 587. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 40 ظ، 118 ظ، 135 و، 159 و، 168 ظ، 256 ظ، 3/ 8 و، 33 و، 195 ظ، 5/ 139 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 64، 3/ 8، الآثار للشيباني، ص 44؛ موطأ محمد، 1/ 319 - 320. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 78 و، 3/ 209 و، 210 ظ، 211 و؛ الجامع الصغير للشيباني، ص 152، 155، 499؛ الحجة للشيباني، 2/ 155، 157، 181. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 20 و، 26 و، 39 ظ، 81 ظ؛ الجامع الصغير للشيباني، ص 123، 150، 485، الحجة للشيباني، 1/ 358، 359، 421؛ موطأ محمد، 2/ 473، 3/ 187، 368؛ الآثار للشيباني، ص 44، 64، 147. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 109 ظ؛ الآثار للشيباني، ص 138. (¬6) الحجة للشيباني، 3/ 350، 352، 353، 354، 500. (¬7) الجامع الصغير للشيباني، ص 178؛ الحجة للشيباني، 3/ 9، 197، 397، 4/ 69، 107. (¬8) الحجة للشيباني، 2/ 284، 3/ 14، 4/ 213.

2 - لا يضره

مكروه، حرام وفاسد (¬1). كما تستعمل كلمة حلال مع مصطلحات "جائز، تام، حسن" للتأكيد ونحوه (¬2). وششعمل الشيباني تعبير "حلال جائز" في مقابل "حرام باطل"، مما يوحي بأن الحلال والحرام متعلقان بالجهة الدينية والأخروية للمسألة وأن الجائز والباطل متعلقان بالجهة الدنيوية والقضائية لها (¬3). وقد استعمل أفعال "يحل ويجوز" عقيب بعض في هذا المعنى (¬4). ويرى الشيباني أن القاضي إذا قضى في مسألة مختلف فيها بحل شيء فإنه يجوز للطرفين العمل بحكم القاضي كان كان أحدهما يرى أن ذلك الشيء حرام، ولكن إذا كان حكم القاضي مبنياً على عدم كفاية البينة وليس متعلقاً بأصل المسألة فإن ذلك لن ينجي الطرف الذي يعلم حرمة الشيء من المسؤولية (¬5). كما أفاد الشيباني بأنه في حال الضرورة تصبح بعض المحرمات حلالاً (¬6) ويستعمل في الأصل كلمة "طيِّب"بوما يشتق من مصدره من الأفعال مثل "طاب، يطيب"، بمعنى كون الشيء حلالاً إذا اتُّبعت المقاييس المعروفة في موضوع ما، وأنه لا تبقى شبهة فيه. مثلاً، إذا استأجر شخص بيتاً بأجرة معينة ثم أجّر البيت من شخص آخر بأجرة أعلى فإن الزيادة بين الأجرتين التي يأخذها ليست بطيّب له، وعليه أن يتصدق بها (¬7). 2 - لا يضره يستعمل في الأصل تعبير "لا يضره" ونحوه في كثير من المواضع ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 2/ 667، 3/ 367، 372. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 40 ظ؛ الحجة للشيباني، 2/ 543، 771. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 132 و. (¬4) الحجة للشيباني، 2/ 509. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 178 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 76 و، 109 ظ - 110 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 272 و، 272 ظ، 2/ 78 و، 120 و، 130 ظ، 133 ظ، 151 و، 165 ظ، 180 و، 213 و، 213 ظ.

3 - لا بأس

بمعنى المباح والجائز (¬1). مثلاً ترك البسملة قبل الوضوء، وذبح الأضحية بيد غير صاحبها مما لا يستحب، ولكنها لا تضر، وتكون العبادة صحيحة (¬2). وهذا المصطلح مستعمل في مواضيع الصوم والنكاح وذبح الحيوان والسلم والبيع والصرف والإجارة والوصية والشهادة، فهي مستعملة في العبادات والعقود والتصرفات (¬3). 3 - لا بأس يروي الشيباني أحاديث وآثاراً تشتمل على هذا التعبير (¬4). وهذا التعبير يعني الجواز وعدم الإثم. ويُستعمل مع مصطلحات "جائز، حلال، صحِيح، مستقيم، ينبغي، تام ويجزئ" (¬5). وفي مقابله تستعمل مصطلحات مثل "أحَبُّ ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 21 و، 23 و، 23 ظ، 28 و، 28 ظ، 40 و، 60 ظ، 73 ظ، 79 ظ، 218 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 4 ظ، 3/ 208 ظ (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 134 ظ، 139 ظ، 142 ظ، 143 ظ، 215 ظ، 218 ظ، 248 و، 289 و، 303 و، 306 و، 312 ظ، 2/ 146 ظ، 3/ 4 و، 7 ظ، 9 و، 36 ظ، 193 ظ، 194 ظ، 196 ظ، 204 ظ، 251 ظ، 252 و، 4/ 156 و، 5/ 54 ظ، 136 و؛ الحجة للشيباني، 3/ 30. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 281 و، 282 و، 282 ظ، 283 و، 283 ظ, 290 ظ، 293 ظ, 294 و، 295 ظ، 301 و، 2/ 120 و، 3/ 186 ظ، 191 ظ، 192 و، 192 ظ، 193 و، 205 ظ، 206 ظ، 214 و، 5/ 114 و، 132 ظ، 7/ 16 و، 40 ظ، 41 ظ، 42 و، 53 و، 8/ 35 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ، 3 و، 3 ظ، 4 و، 4 ظ، 5 و، 5 ظ، 6 و، 6 ظ، 7 ظ، 8 و، 10 ظ،11 و، 12 و، 13 و، 13 ظ، 23 ظ، 24 ظ، 28 ظ، 71 و، 81 و، 82 ظ، 107 ظ، 225 و، 275 ظ، 322 ظ، 132/ 2 و، 148 ظ، 167 و، 194 و، 235 و، 235 ظ، 3/ 206 ظ، 207 ظ، 4/ 127 و، 127 ظ، 5/ 126 ظ، 132 ظ، 230 و، 6/ 66 و، 75 ظ، 184 و، 7/ 4 ظ، 7 ظ، 158 ظ، 161 و، 170 و، 170 ظ، 184 ظ، 8/ 73 و؛ الجامع الصغير للشيباني، ص 82، 86، 91، 116، 233، 303، 476، 480، 481، 533؛ الحجة للشيباني، 1/ 15، 18، 23، 129؛ موطأ محمد، 1/ 242، 291، 318، 465، 479؛ الآثار للشيباني، ص 11، 13، 17.

4 - له

إلي، مكروه، لا خير فيه، لا يحل، لا يجوز" (¬1). 4 - له ويستعمل كلمة "له" بمعنى الإباحة والجواز، و"ليس له" بمعنى أنه لا يباح له ولا يجوز له (¬2). 5 - واسع تستعمل كلمة "واسع" بمعنى مباح وجائز (¬3). وتستعمل "وَسِعَ، يَسَعُه، هو في سعة من" ونحوها من العبارات في نفس المعنى (¬4). وعبارة "لم يسعه" بمعنى لا يباح ولا يجوز له (¬5). هـ - الكراهة 1 - مكروه يروي الشيباني أحاديث وآثاراً تشتمل على أفعال مشتقة من مصدر "كره" (¬6). وتمر كلمة "أكره" في حديث: "ولا شيء أحله الله أكره إليه من الطلاق"، وفي أثر عن إبراهيم النخعي في نفس المعنى (¬7). كما يروى عن ابن عباس أئر يستعمل فيه مصطلحي جائز ومكروه على أنهما متقابلين (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ، 3 و، 3 ظ، 4 ظ، 28 ظ، 48 ظ، 71 و، 78 ظ، 3/ 197 و، 203 ظ، 204 و، 204 ظ، 205 ظ، 210 و، 211 و، 211 ظ، 212 و، 4/ 127 ظ، 5/ 116 و، 132 ظ، 146 ظ، 8/ 76 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 15 ظ، 16 و؛ موطأ محمد، 3/ 275. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 47 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 220؛ موطأ محمد، 2/ 205، 339، 397. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 41 ظ، 104 و؛ الحجة للشيباني، 1/ 88، 89؛ موطأ محمد، 3/ 408. (¬5) موطأ محمد، 2/ 502. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 293 ظ، 294 و، 301 و، 2/ 120 و، 143 و، 207 ظ، 208 و، 36/ 3 ظ، 192 و، 193 و، 4/ 153 ظ، 8/ 14 ظ، 42 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 7/ 16 ظ، 17 و. (¬8) الأصل للشيباني، 8/ 73 و.

هذا المصطلح وما يشتق من مصدره من الأفعال تستعمل في الأصل بكثرة. فمثلاً: وصف الشيباني القرض الذي جر نفعاً، والخلوة بالمرأة التي ليست بمحرم، الزول بالكتابية في دار الحرب، استرداد الزوج من زوجته أكثر من المهر في الخلع، توكيل الكتابي بذبح الأضحية ونحو ذلك من الأفعال بأنها مكروهة (¬1). كما استعمل في الكتاب ألفاظ "لا أكره، لا نكره، لا يُكره، لا تُكره" بنفي الكراهة، وكذلك مع أداة السؤال هل، أي "هل يُكره" ونحوها كثيراً (¬2). وقال في شأن عدم مراعاة تعديل الأركان في الصلاة: "أكره له ذلك أشد الكراهية" (¬3). ونرى في بعض الأمثلة استعمال المكروه بمعنى الحرام، مثل استعماله في العقود الربوية وبيع الخمر والخنزير ولحم الميتة ونكاح المتعة وغيرها (¬4). ووصف لم سباع البهائم والطيور المنهي عنها في الحديث بالمكروه أيضاً (¬5). وعبارة "حرام مكروه" التي تمر في موصع واحد من الجامع الصغير تستعمل للإشارة إلى ثبوت الحرمة بالدليل الظني لا القطعي (¬6). وهذا الاستعمال قد تحول في اصطلاح الحنفية فيما بعد إلى "المكروه تحريماً"، وعبر عن المكروه الذي هو أقرب إلى الحلال أو المباح بمصطلح "المكروه ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 170 ظ، 294 و، 2/ 178 ظ، 197 و، 206 ظ، 228 و، 261 و، 266 و، 3/ 36 ظ، 68 ظ، 7/ 44 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 2 و، 2 ظ، 3 و، 3 ظ، 4 و، 4 ظ، 5 ظ، 6 و، 8 و، 13 و، 13 ظ، 23 ظ، 24 و، 24 ظ، 25 و، 25 ظ، 26 و، 26 ظ، 27 و، 28 و، 28 ظ، 30 و، 38 ظ، 39 و، 68 ظ، 71 و، 71 ظ، 73 و، 74 ظ، 79 ظ، 80 ظ، الحجة للشيباني، 1/ 8، 129، 216، 217؛ موطأ محمد، 1/ 368؛ الآثار للشيباني، ص 16، 19، 29، 103. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 39 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 308 ظ، 3/ 200 ظ؛ موطأ محمد، 2/ 548، 3/ 113، 117؛ الآثار للشيباني، ص 81. (¬5) الأصل للشيباني، 3/ 203 و -203 ظ، موطأ محمد، 2/ 632. (¬6) الجامع الصغير للشيباني، ص 485؛ بدائع الصنائع للكاساني، 5/ 118.

تنزيهاً". ونرى اجتماع الجواز مع الكراهة في أمثلة كثيرة (¬1). والكراهة لا تؤثر في صحة العبادة في أكثر الأحيان. فمثلاً صلاة الإمام في موضع أرفع من المأموكان مكروهة، لكن الصلاة صحيحة (¬2)؛ كذلك التوضؤ بماء شرب منه طير لا يؤكل لحمه مكروه، لكن الوضوء مجزئ (¬3)؛ كما أن التأذين قاعداً مكروه، لكنه مجزئ (¬4). وفي بعض الأحيان تؤثر الكراهة في صحة العبادة. فمثلاً القراءة من المصحف في الصلاة مكروهة عند أبي حنيفة ومفسدة للصلاة (¬5). والحكم في المعاملات مثل الحكم في العبادات، فبعض الأفعال جائزة من حيث القضاء لكنها مكروهة ديانة (¬6)، والكراهة موجبة للفساد أحياناً (¬7)، وغير موجبة له في أحيان أخرى (¬8). وقد استعمل مصطلح الكراهة في المؤلفات الأخرى للشيباني في نفس المعنى المستعمل فيه في الأصل (¬9). وينقل الفقهاء والأصوليون الأحناف أن الشيباني يقول: "كل مكروه حرام"، وأن أبا حنيفة وأبا يوسف يقولان بأن المكروه أقرب إلى الحرام (¬10). ويروى أن أبا يوسف سأل أبا حنيفة عن ما يقصده بقوله في حق شيء: ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 2/ 180 و، 180 ظ، 206 ظ، 216 و، 228 و، 7/ 137 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 3 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 5 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 23 ظ. وانظر لأمثلة أخرى: نفس المصدر، 1/ 24 ظ، 25 ظ، 26 ظ، 37 و، 38 و، 39 و، 39 ظ، 40 و، 56 و، 60 ظ، 71 ظ، 80 ظ، 128 و، 142 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 38 ظ. وانظر لاستعمال شبيه بذلك: موطأ محمد، 2/ 60. (¬6) الأصل للشيباني، 2/ 178 ظ، 261 و، 3/ 68 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 294 و، 298 و، 5/ 124 و، 7/ 42 ظ؛ موطأ محمد، 3/ 229؛ الآثار للشيباني، ص 15، 130. (¬8) الأصل للشيباني، 2/ 178 ظ، 197 و، 206 ظ، 228 و، 261 و، 266 و، 3/ 68 ظ، 208 ظ، 5/ 133 ظ، 139 ظ، 7/ 44 ظ؛ الحجة للشيباني، 1/ 8؛ موطأ محمد، 2/ 29. (¬9) الحجة للشيباني، 1/ 175؛ موطأ محمد، 2/ 38، 56، 209. (¬10) الهداية للمرغيناني، 4/ 78؛ تبيين الحقائق للزيلعي، 6/ 10، تيسير التحرير لأمير بادشاه، 2/ 135؛ رد المحتار لابن عابدين، 2/ 161، 6/ 311.

2 - أساء

أكرهه، فأجابه بأنه يقصد الحرام (¬1). وفي رواية أخرى عن أبي حنيفة أنه يقصد ما هو أقرب إلى الحرام (¬2). وينبغي التنبيه هنا على أن هذه العبارات صحيحة من حيث المكروه تحريماً، أما المكروه تنزيهاً فهو أقرب إلى الحلال (¬3). وقد صرح الشيباني في غير كتابه الأصل بوجود فرق بين الحكم على شيء بأنه مكروه وبين الحكم عليه بأنه حرام، على ما يشير إليه استعماله لمصطلح المكروه في الأصل أيضاً (¬4). 2 - أساء هذا الفعل يستعمل في معنى"عمل شيء سيئ" أو "عمل الشيء على شكل سيئ". وقد استعمل الشيباني كلمة "أساء" بمعنى المكروه والإثم (¬5). ومع ذلك فالفعل صحيح غالباً. فمثلاً هناك أفعال في الصلاة تعتبر إساءة، لكن الصملاة تكون مجزئة وتامة معها. وفي بعض هذه, الأمثلة ترك الواجب عمداً (¬6). واستعمل لفظ الإساءة في البيع والشراء في وقت صلاة الجمعة، وترك الإشهاد على الرجعة بعد الطلاق، وعدم مراعاة بعض القواعد الخاصة بذبح الحيوان. ففي هذه الأمثلة اعتبر العقد أو العبادة صحيحة مع لحوق إثم (¬7). وفي بعض المواضع تكون الإساءة مؤدية إلى فساد العبادة. فمثلاً ¬

_ (¬1) المبسوط للسرخسي، 11/ 233. وعزا ابن أميرحاج هذه الرواية إلى الأصل. انظر: التقرير والتحبير، 2/ 80. لكن كلام السرخسي يدل على خلف ذلك. انظر: المبسوط للسرخسي، الموضع السابق. (¬2) المبسوط للسرخسي، 30/ 278. (¬3) البحر الرائق لابن نجيم، 8/ 205؛ الفتاوى الهندية، 5/ 308. (¬4) الحجة للشيباني، 350/ 3، 355. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 149 ظ، 159 و، 5/ 155 و. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ، 3 و، 4 و، 5 و، 9 ظ، 23 ظ، 37 و، 37 ظ، 39 و، 39 ظ، 40 و، 47 ظ، 48 ظ، 67 ظ، 72 و، 82 و؛ الحجة، 1/ 107، 204؛ الآثار، ص 11. كما استعمل لفظ الإساءة في الحج أيضاً انظر: الجامع الصغير، ص 161؛ الحجة، 2/ 35، 421. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 136 و، 145 و، 150 ظ، 3/ 16 ظ، 25 ظ، 203 و، 219 و، 5/ 127 ظ؛ الحجة، 1/ 403.

و - الحرمة وما في معناها

اقتداء الرجل بالمرأة في الصلاة تعتبر إساءة ومفسدة للصلاة (¬1). والجماع أثناء الاعتكاف يعتبر إساءة مفسدة للاعتكاف، لكن القبلة ونحوها مع كونها إساءة فهي لا تفسد الاعتكاف (¬2). وقد تكون الإساءة موجبة للتعزير في بعض الأحيان (¬3). و- الحرمة وما في معناها 1 - الحرمة استعملت الحرمة في الأصل بمعنى كون الشيء حراماً (¬4)، ومحترماً (¬5)، وبمعنى المحرمية (¬6). فاستعمل "الحرام" في حق لم الميتة وذبيحة المجوسي والطعام المختلط بلحم الخنزير والشراب المختلط بالخمر ونكاح الإخوة من الرضاع والتوضؤ من الماء النجس والزنا والخمر والربا ونكاخ المرأة المشركة وحرمة النكاح والمال المغصوب (¬7)، واستعملت الأفعال "حَرُمَ، يَحْرُمُ" ونحوها في أكل الصائم وحرمة النكاح وحرمة النفس ومحظورات الحج (¬8). كما استعمل أفعال "حَرَّمَ، يُحَرِّمُ" بمعنى التسبب في ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 54 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 148 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 4/ 229 و، 236 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 164 ظ، 166 و، 264 و، 3/ 6 و، 35 و، 83 ظ؛ الحجة، 2/ 311، 312، 3/ 192. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 108 و، 112 و، 115 ظ، 127 و، 131 ظ؛ الحجة، 1/ 386، 2/ 389، 3/ 446، 463. (¬6) الأصل للشيباني، 7/ 170 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 159 و، 161 و، 168 و، 170 و، 170 ظ، 171 و، 177 ظ، 178 و، 249 ظ، 256 ظ، 264 ظ، 312 ظ، 3/ 1 ظ، 2 و، 2 ظ، 3 و، 3 ظ، 4 و، 6 ظ، 9 و،10 و، 37 و، 50 و، 54 ظ، 174 ظ، 208 ظ؛ الجامع الصغير، ص 485؛ الآثار للشيباني، ص 149؛ الحجة، 2/ 585، 3/ 8. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 26 و، 81 ظ، 4/ 234 ظ، 236 ظ، 8/ 182 و؛ الحجة، 2/ 272. ولأمثلة أخرى انظر: الأصل للشيباني، 1/ 103 ظ، 149 و، 166 و، 166 ظ، 167 و، 241 ظ، 263 ظ، 3/ 3 و، 5 و، 5 ظ؛ الحجة، 3/ 192، 369، 371.

2 - لا خير فيه

كون الشيء حراماً (¬1) واعتقاد حرمة الشيء (¬2). واستعمل كلمة "التحريم" في مواضع عديدة بمعنى الحكم بحرمة الشيء والتسبب في حرمة الشيء (¬3). ويفرق الشيباني بين نوعين من الحرام بشكل يشبه التفريق بين الحرام لعينه والحرام لغيره باصطلاح المتأخرين. فيبين أن ذبيحة المجوسي والشراب المختلط بالخمر والماء النجس "حرام من قِبَل نفسه"، أما الطعام والشراب المغصوب فهو حرام لأنه ليس مملوكاً للشخص الذي في يده، وأن هناك نتائج مختلفة تترتب على هذا التفريق (¬4). ويفيد أن هناك فرقاً بين المحرمات من حيث درجة الحرمة، فبعضها "أعظم حرمة، وأَحْرَمُ" من غيرها (¬5). ويذكر أن الحرام قد يكون مختلفاً في حرمته بين الفقهاء (¬6). ويستعمل في حق النكاح المحرم والباطل عبارات مثل "فاسد حرام لا يجوز"، "حرام لا يصلح"، "حرام لا يحل"، "حرام باطل" ونحو ذلك (¬7). وقد استعملت أفعال "حَرَّمَ" و"كَرِهَ" بنفس المعنى في موضع (¬8). كما تستعمل مصطلحات حرام - حلال وحرام - جائز كأضداد (¬9). 2 - لا خير فيه روي عن ابن عباس وإبراهيم النخعي والشعبي استعمال عبارة "لا ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 103 ظ، 166 ظ، 264 و، 264 ظ، 3/ 3 ظ، 4 و، 4 ظ، 6 و، 7/ 170 ظ؛ الجامع الصغير، ص 485؛ الحجة، 3/ 371، 384؛ موطأ محمد، 2/ 606،607، 608،609. (¬2) الحجة، 3/ 8. (¬3) الأصل للشيباني، 3/ 1 ظ، 2 و، 2 ظ، 3 ظ، 4 و، 6 و، 7 و، 33 ظ، 53 ظ، 61 ظ؛ الحجة، 1/ 247، 251، 257، 2/ 152، 210، 758، 3/ 353، 354. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 171 و. (¬5) الحجة للشيباني، 2/ 252، 3/ 192، 387. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 178 ظ، 3/ 3 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 4/ 47 ظ، 5/ 41 و، 132 و، 7/ 174 ظ؛ الحجة، 3/ 192، 372، 500. (¬8) الحجة، 2/ 210. (¬9) الأصل للشيباني، 7/ 158 و؛ الحجة، 1/ 421، 2/ 585، 3/ 365، 4/ 54.

خير فيه" في وصف المعاملات الربوية (¬1). وقد استعمل الشيباني هذا التعبير بمعنى عدم صحة العبادة. فمثلاً قال في الماء الذي يشم منه رائحة النجاسة بأنه "لا خير في الوضوء منها"ـ، وأنه لا بد من تجديد الوضوء (¬2). كما استعمل هذا التعبير لإفادة عدم صحة عقد السلم والصرف والصلح والبيع والإجارة والمزارعة وأمثالها (¬3). واستعمل هذا المصطلح أيضاً للتعبير عن كون الربح فيه شبهة وأنه ينبغي التصدق به مع كون العقد صحيحاً (¬4). واستعمل أيضاً في وصف ما يكره أكله مثل السمك الميت الطافي على وجه الماء، وما يحرم مثل الحيوانات التي لم تذبح على الطريقة الشرعية (¬5). كذلك استعمل في وصف بيع الخمر وأكل ثمنه (¬6). وفي هذا المضمار استعمل في مقابل مصطلح "لا خير فيه" مصطلح "جائز" و"لا بأس" (¬7). كما استعمل "لا خير" مع مصطلحات "باطل، مردود، لا ينبغي، لا يجوز، فاسد، لا أجيز، لا يصلح" في سياق واحد مؤيداً لمعناها (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 212 ظ، 281 و، 298 و، 5/ 114. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 213 و، 213 ظ، 214 و، 214 ظ، 216 و، 218 و، 218 ظ، 222 ظ، 223 و، 223 ظ، 224 و، 224 ظ، 225 ظ، 226 و، 236 ظ، 237 و، 237 ظ، 243 ظ، 253 ظ، 283 ظ، 300 و، 300 ظ، 302 و، 306 ظ، 307 و، 307 ظ، 311 ظ، 2/ 183 ظ، 123/ 3 ظ، 146 ظ، 147 ظ، 4/ 220 و، 5/ 127 و، 224 ظ، 7/ 60 و، 8/ 49 ظ، 123 ظ؛ الآثار، ص 129. (¬4) الأصل للشيباني، 2/ 120 و. (¬5) الأصل للشيباني، 3/ 197 و، 203 و، 203 ظ، 204 و، 204 ظ، 205 ظ، 210 و، 210 ظ،211 ظ، 212 و. (¬6) موطأ محمد، 3/ 113 - 114. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 213 و، 213 ظ، 214 و؛ موطأ محمد، 3/ 189 - 195؛ الآثار، ص 129. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 213 و، 214 ظ، 215 ظ، 223 و، 226 ظ، 232 و، 4/ 220 و؛ موطأ محمد، 3/ 196 - 197.

2 - الأحكام الوضعية

2 - الأحكام الوضعية أ - الصحة والفساد والبطلان 1 - الصحة لقد استعمل الشيباني مصطلح "صحيح" لوصف الصلاة والنكاح والخيار والصرف والهبة والمضاربة والبيع والمكاتبة والزكاة والمعاملة (المساقاة) والمزارعة والسلم والعتق ونحو ذلك من العبادات والعقود والتصرفات (¬1). واستعملت كلمات "الصحة"، و"صَحَّ، يَصِحُّ" لإفادة هذا المعنى (¬2). وتفيد كلمة "أصح" في موضع كون عقد أصح من عقد آخر بحيث لا يحتمل الشبهة أو الشك في صحته (¬3). وتستعمل كلمات "جائز، مستقيم، لا بأس به، يجزئ، ثابت" مع مصطلح "صحيح" لتأييد معناها، كما تستعمل كلمات "فاسد، باطل، غير صحيح، هزل" في مقابل "صحيح" (¬4). 2 - الإجزاء تستعمل في الأصل الأفعال المشتقة من الإجزاء مثل أجزأه ويجزئه، وبإبدال الهمزة نحو أجزاه، يجزيه كثيراً. واستعمل هذا المصطلح في كتبه الأخرى أيضاً بكثرة (¬5). واستعمل في الأصل الإجزاء في أبواب الوضوء ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 20 ظ، 29 و، 49 و، 98 ظ، 175 و، 210 ظ، 263 ظ، 287 و، 289 ظ، 2/ 112 ظ، 173 ظ، 220 ظ، 235 و، 274 و، 4/ 85 ظ، 5/ 98 و، 7/ 30 ظ، 51 ظ، 55 و، 8/ 45 ظ، 46 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 4/ 90 و، 7/ 76 و، 167 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 8/ 64 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 222 و، 235 و، 3/ 32 و، 5/ 98 و. (¬5) الجامع الصغير للشيباني، ص 73، 74، 76، 80، 81، 84، 88، 94، 95، 98، 108، 124، 150، 157، 160، 169، 224، 473؛ الجامع الكبير، ص 11؛ الحجة، 17/ 1، 18، 19، 34، 42، 44، 51، 122، 264، 289، 391، 406، 2/ 131، 136، 143، 227، 281، 305، 306، 355؛ موطأ محمد، 182/ 1، 252، 2/ 53، 55، 285، 613؛ الآثار، ص 15، 17، 21، 32، 123.

والصلاة والغسل والطهارة والزكاة والصوم وصدقة الفطر والاعتكاف وكفارة اليمين وقبض الثمن في السلم والنذر وكفارة الظهار والرجوع عن اليمين في الإيلاء وقول أهل الخبرة والصدقة والحج والدعوى وصيغة اليمين. وإذا نظرنا إلى استعمال الشيباني فباستثناء بعض الصور نرى أنه يستعمل الإجزاء في العبادات وما في معناها من الأفعال. وهذا الاستعمال يتوافق مع رأي أكثر الأصوليين الذين يرون الإجزاء خاصاً بالعبادات. كما أننا نرى أنه يستعمل الإجزاء في الواجبات وفي غيرها مثل الصلاة والصوم النافلة (¬1). لدى النظر في استعمال مصطلح الإجزاء مع المصطلحات الأخرى نتوصل إلى النتائج التالية: إن إجزاء عبادة أو تصرف ما يقتضي كونه "صحيحاً"، أو "تاماً" (¬2)، كما أن عدم الإجزاء يقتضي الفساد، وبالتالي الإعادة أو القضاء (¬3). وفي هذا السياق يستعمل الإجزاء في مقابل الفساد والبطلان (¬4). والفعل المجزئ قد يكون خلف الأفضل أو المستحب (¬5)، وقد يكون هو الأفضل (¬6). والإجزاء يفيد التخلص من المسؤولية الدينية. فمثلاً إذا تغلب الخوارج على منطقة ما وجمعوا الزكاة من أهلها ثم إن أهل العدل استعادوا تلك المنطقة منهم فلا يجب أداء الزكاة على أهلها إلى أهل العدل، لكن ذلك واجب عليهم ديانة (¬7). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 39 ظ، 140 ظ. انظر لآراء الأصوليين: القرافي، شرح تنقيح الفصول، ص 77؛ ابن أمير حاج، التقرير والتحبير، 2/ 153؛ أمير بادشاه، تيسير التحرير، 2/ 235. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 40 و، 41 و، 84 و، 186 ظ، 863 و، 7/ 30 ظ. وسيأتي معنى كون الشيء تاماً في اصطلاح الشيباني. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 34 و، 36 ظ، 39 ظ، 41 و، 43 ظ، 59 ظ، 61 ظ، 66 و. (¬4) الأصل للشيباني، 34 و، 34 ظ، 47 ظ، 186 و، 214 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 160 ظ، 184 و؛ الآثار للشيباني، ص 25. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 184 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 121 ظ. وانظر لمثال آخر: نفس المصدر، 1/ 132 و.

3 - جائز

3 - جائز يستعمل الشيباني مصطلح "جائز، استعمالًا كثيراً بمعنى كون العبادة أو التصرف أو العقد صحيحاً مجزئاً، في أبواب الصلاة والزكاة والصوم والنكاح والبيع والعتق والمهر والشفعة والإجارة والشهادة وحكم القاضي وكفارة اليمين والسلم والصلح وخيار الشرط والرهن والصرف (¬1). واستعمله في مسألة في الصلاة بمعنى الإجزاء مع وجود نقص في بعض الواجبات (¬2). وقد استعمل كلمة "أجوز" بمعنى كون العقد أو التصرف صحيحاً بدون شبهة أو خلف بالمقارنة مع عقد أو تصرف آخر (¬3). واستعملت أفعال "جاز، يجوز" ونحوها بالإثبات والنفي في مواضع كثيرة جداً (¬4). كما استعمل بكثرة أفعال "أجزتُ، أُجيز، لا أُجيز" المشتقة من الإجازة والتجويز والتي تشير إلى دور الاجتهاد في التوصل إلى هذا الحكم (¬5). كما استعمل في نفي الجواز ألفاظاً مثل "ليس بجائز، غير جائز" (¬6)، في حين استعمل لفظ "غير جائز" تأكيداً ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 20 و، 40 ظ، 81 ظ، 101 و، 107 و، 111 و، 118 ظ، 126 ظ، 135 و، 157 ظ، 162 ظ، 169 و، 169 ظ، 174 ظ، 178 ظ، 182 ظ، 183 و، 183 ظ، 186 ظ، 212 ظ، 213 و، 213 ظ، 215 و، 237 ظ، 238 ظ، 257 و، 283 ظ؛ الآثار للشيباني، ص 71، 103؛ موطأ محمد، 2/ 406. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 42 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 287 ظ، 5/ 182 و، 6/ 26 و. (¬4) انظر مثلاً: الأصل للشيباني، 1/ 26 و، 65 و، 68 و، 114 ظ، 118 ظ، 159 و، 159 ظ، 161 و، 291 ظ، 292 و، 2/ 176 و، 180 ظ، 3/ 117 ظ، 118 و، 120/ 4 ظ، 122 و، 237 ظ، 262 ظ، 5/ 182 و، 191 و، 6/ 118 و، 119 ظ، 7/ 69 ظ، 71 و، 8/ 17 ظ، 18 و، 231 ظ، 241 و؛ الجامع الكبير، ص 11؛ الحجة، 1/ 175؛ موطأ محمد، 1/ 506، 2/ 468؛ الآثار، ص 126، 131. (¬5) انظر مثلاً: الأصل للشيباني، 1/ 222 ظ، 224 و، 229 و، 233 ظ، 236 و، 298 و، 2/ 192 ظ، 3/ 106 و، 119 ظ، 4/ 114 ظ، 5/ 17 ظ، 217 و، 6/ 180 ظ، 7/ 72 ظ، 8/ 21 ظ، 253 و؛ الحجة، 1/ 158؛ موطأ محمد، 2/ 322، 3/ 200؛ الآثار ص 131. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 122 و، 4/ 113 ظ، 117 و، 5/ 95 ظ، 6/ 235 و، 8/ 122 ظ، 257 ظ.

لمعنى"باطل" (¬1). وقد استعمل لتأييد معنى "جائز" مصطلحات مثل "صحيح، حلال، لا بأس به، مستقيم، ماضي، لا يُرَدّ، واقع، واسع، ثابت" (¬2)؛ كما استعمل في ضد معناه مصطلحات مثل "فاسد، باطل، لا خير فيه، مردود، رَدٌّ، يَنتقض، ليس بشيء، لا ينبغي" (¬3). ويكون الجائز أحياناً خلاف الأفضل (¬4). وفي موضع يصف عقد البيع بأنه "فاسد يجوز" مبيناً بذلك أن العقد فاسد لكن تصحيحه ممكن (¬5). وبعض العقود تكون جائزة في القضاء ولكنها مكروهة ديانة أو هي مخالفة للسنَّة" (¬6)، فمثلاً الصلح عن إنكار يكون جائزاً في القضاء لكن المنكر آثم (¬7). كما بين الشيباني في بعض المواضع أن هذا العقد مثلاً جائز في القضاء وفيما بين العبد وبين الله أي ديانة (¬8). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 7/ 151 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 225 و، 226 ظ، 227 ظ، 253 ظ، 287 و، 289 ظ، 290 ظ، 291 و، 291 ظ، 292 ظ، 294 ظ، 316 ظ، 322 ظ، 2/ 29 و، 179 و، 188 و، 194 و، 3/ 75 ظ، 106 و، 107 و، 112 ظ، 4/ 170 ظ، 1/ 5 ظ، 67 ظ، 132 و، 230 و، 70/ 6 ظ، 7/ 4 ظ، 71 ظ، 109 ظ، 127 ظ، 167 و، 168 و، 8/ 5 ظ، 46 و، 66 و، 77 ظ، 206 و، 228 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 212 ظ، 213 و، 213 ظ، 214 و، 215 و، 215 ظ، 216 و، 218 و، 222 ظ، 225 ظ، 226 ظ، 230 ظ، 232 و، 232 ظ، 233 و، 236 ظ، 254 و، 291 و، 300 ظ، 306 و، 321 و -321 ظ، 325 ظ، 326 و، 2/ 13 و، 63 ظ، 68 ظ - 69 و، 88 ظ، 92 و، 106 ظ، 214 ظ، 232 و، 318 و، 5/ 197 و، 236 و، 6/ 6 و، 37 و، 7/ 61 ظ، 98 ظ، 8/ 73 ظ، 146 و، 160 و، 214 ظ؛ الآثار، ص 126؛ موطأ محمد، 3/ 282. (¬4) الأصل للشيباني، 7/ 245 ظ (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 287 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 2/ 178 ظ، 261 و، 3/ 68 ظ، 94 و، 5/ 133 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 8/ 7 ظ، 49 ظ. وانظر لأمثلة أخرى يجتمع فيها الجواز مع الكراهة أو الإساءة: الأصل للشيباني، 2/ 180 و، 180 ظ، 206 ظ، 216 و، 228 و، 3/ 25 ظ، 7/ 137 و. (¬8) الأصل للشيباني، 5/ 96 و، 102 و.

4 - تام

4 - تام استعمل الشيباني كلمة "تام، تامة" لإفادة صحة العبادات مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج ونحوها. ولا يمنع وجود النقص الذي يوصف بالكراهة والإساءة أو يكون نتيجة لترك المستحب والأفضل أن توصف العبادة بأنها تامة (¬1). فمثلاً ترك الواجب نسياناً في الصلاة يوجب سجود السهو، لكن الصلاة تكون تامة (¬2). وفي بعض المواضع في سياق صحة بعض العقود مثل البيع والهبة أو ثبوت حق مالٍ أو عدمه يستعمل مصطلحي "تام، غير تام" (¬3). ويستعمل مع مصطلح "تام" من حيث التأييد لمعناه مصطلحات مثل "لا يستقبل، لا يعيد، لا يضره، لا يقطع، حلال، جائز، أجزأ عنه" (¬4)؛ في حين يستعمل في مقابله مصطلحات مثل "يستقبل، يعيد، فاسد، لا يجزيه، بطلت" (¬5). كما تستعمل في الأصل أفعال وكلمات مشتقة من جذر "تمم" مثل "تم، تمت، تمام" ونحو ذلك (¬6). 5 - مستقيم يستعمل في الأصل مصطلح "مستقيم" لوصف العبادات والمعاملات بالصحة والجواز. وبالإضافة إلى ذلك فإنه يوجد في هذا المصطلح معنى موافقة العقل والقياس (¬7). ويصاحب هذا المصطلح مصطلحات أخرى مثل ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ، 3 و، 3 ظ، 4 و، 5 و، 6 ظ، 9 ظ، 11 و, 14 و، 14 ظ, 16 ظ، 17 و، 24 و، 37 و، 38 و، 38 ظ، 103 ظ، 135 و، 142 و، 143 ظ، 158 و، 6/ 73 و؛ الجامع الكبير، ص 9؛ الحجة، 1/ 20. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 34 ظ (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 78 ظ، 90 ظ، 96 ظ، 6/ 169 ظ، 237 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 18 ظ، 33 و، 37 و، 37 ظ، 38 و، 40 ظ، 135 و، 186 ظ؛ الحجة، 1/ 18. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 16 و، 17 ظ، 21 و، 22 ظ، 30 ظ، 31 ظ، 33 و، 33 ظ، 34 و، 35 و، 36 ظ، 69 ظ؛ الجامع الكبير، ص 9. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 21 ظ، 27 ظ، 30 و، 40 ظ، 45 و، 45 ظ، 46 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 251 و، 307 و، 319 و، 2/ 16 و، 5/ 240 و،240 ظ، 6/ 30 و، 253 و.

6 - واقع

"صحيح، جائز، لا بأس به" في مواضع كثيرة (¬1). واستعمل لفظ "لا يستقيم" ونحوه في معنى "لا يجوز" (¬2). كما استعملت أفعال مشتقة من جذر "استقامة" مثل "يستقيم، لا يستقيم" للتعبير عن الملاءمة بين المسائل الفقهية من حيث موافقة القياس، أو كون حل ما موافقاً للعقل والمنطق عموماً أو غير موافق (¬3). فمثلاً يقول في موضع: "إن الكفر بالله لم يحلّله الله تعالى لبشر، ولا يستقيم أن يحل على حال" (¬4). واستعمل في كتاب آخر للتعبير عن مخالفة العقل في مسألة ما عبارة "محال لا يستقيم" (¬5). 6 - واقع تستعمل كلمة "واقع" أحياناً مفردة وأحياناً مع مصطلح "جائز" ونحوه لإفادة صحة بعض التصرفات مثل الطلاق والخلع والعتق (¬6). وتستعمل أفعال "وقع، يقع" أيضاً لإفادة هذا المعنى (¬7). 7 - لازم - جائز استعملت كلمة "لازم" في مواضع كثيرة لإفادة لزوم التصرفات والعقود ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 29 و، 227 ظ، 287 و، 289 ظ، 290 ظ، 291 و، 291 ظ، 292 ظ، 2/ 179 و، 235 ظ، 6/ 54 و، 7/ 4 ظ، 22 ظ، 24 و، 33 و، 71 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 234 ظ، 5/ 31 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 86 ظ، هاو، 103 ظ، 160 و، 175 ظ، 2/ 58 ظ، 60 و، 184 و، 186 ظ، 196 ظ، 208 ظ، 238 ظ، 272 و، 284 و، 290 ظ، 3/ 38 و، 41 و، 109 و، 227 و، 263 ظ، 4/ 186 ظ، 221 ظ، 245 ظ، 27/ 5 و، 51 ظ، 97 و، 187 ظ، 240 و، 260 ظ، 6/ 43 ظ، 44 و، 71 ظ، 73 ظ، 82 ظ، 88 ظ، 89 و، 98 و، 193 ظ، 267 ظ، 7/ 6 و، 32 و، 33 و، 48 و، 75 ظ، 84 ظ، 116 ظ، 161 و، 8/ 58 ظ، 133 ظ، 206 و، 207 ظ؛ الحجة، 1/ 230؛ موطأ محمد، 3/ 322. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 76 و. (¬5) الحجة، 2/ 326. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 75 ظ، 67/ 5 ظ، 81 ظ، 7/ 109 ظ. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 200 ظ، 201 و، 201 ظ، 202 و، 210 ظ، 211 و.

8 - نافذ - موقوف

مثل الطلاق والعتق والسلم والبيع والإجارة (¬1). وفي بعض الأحيان يذكر "جائز" و"لازم" معاً، فيفيد أن العقد أو التصرف صحيح ولازم في نفس الوقت (¬2). إلى جانب ذلك فإن كلمة "واجب" استعملت في بعض المواضع بمعنى "لازم". فمثلاً عقد الاستصناع ليس عقداً "واجباً" مثل عقد السلم، بل هو "جائز"، بمعنى أن المستصنِع مخير بين أن يأخذ المال المستصنَع وأن يرده (¬3). وقد عبر عن إنهاء خيار الشرط في العقد بالإيجاب (أَوْجَبَ، يوجب، يستوجب) (¬4)، وعن انتهاء الخيار ونحوه بالوجوب (وجب، يجب) (¬5). ويعبر عن تأسيس العقد بدون خيار الشرط لازماً بفعل "أوجب" (¬6). كما يعبر عن تأسيس العقد بشكل لازم بوجوب العقد. فمثلاً يقول بأن "البيع قد وجب"، مشيراً إلى تأسيس عقد البيع بشكل لازم (¬7). 8 - نافذ - موقوف تستعمل كلمة "نافذ" بمفردها أحياناً ومع كلمة "جائز" أحياناً أخرى لوصف العبادات والعقود والتصرفات بالصحة واللزوم وسريان حكمها فوراً، مثل استعماله ذلك في الصدقة والإجارة والعتق وحكم القاضي والبيع ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 198 و، 228 ظ، 238 و، 238 ظ، 239 ظ، 242 ظ، 243 و، 244 و، 254 ظ، 256 ظ، 257 ظ، 268 و، 270 و، 2/ 41 و، 120 و، 137 و، 140 و، 195 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 291 و، 2/ 254 ظ، 255 و، 3/ 247 و، 5/ 96 و، 96 ظ، 5/ 6 و، 134 ظ، 7/ 69 و. (¬3) الأصل للشيباني، 2/ 121 و. وانظر لأمثلة أخرى: نفس المصدر، 3/ 226 و، 5/ 96 و، 233 ظ، 6/ 169 ظ، 8/ 15 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 238 ظ، 241 ظ، 242 ظ، 243 و، 258 و، 258 ظ، 267 و، 4/ 244 ظ، 8/ 36 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 241 و، 251 و، 257 و، 266 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 266 و؛ الحجة، 2/ 692. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 319 و. وانظر لأمثلة أخرى في نفس المعنى: نفس المصدر، 2/ 283 و، 7/ 45 و، 82 و، 119 و.

9 - فساد

والشهادة (¬1). وفي بعض الأماكن يستعمل كلمة "موقوف" التي تفيد ضد معنى "نافذ"، وذلك لوصف الولاء والميراث والوصية والنكاح والإقرار ونحو ذلك من العقود والحقوق والتصرفات. وهذه العقود والتصرفات الموقوفة تكون نافذة بأسباب مثل إجازة صاحب الحق أو إسلام المرتد أو إثبات الحق (¬2). 9 - فساد تستعمل مصطلحات "فساد" و"فاسد" لوصف العبادات أو التصرفات أو العقود بمعنى عدم صحتها (¬3). وفي بعض المواضع يكون "فاسد" بمعنى الباطل أي كأنه لم يكن. فمثلاً كون الصلاة فاسدة بمعنى أنها ليست بصلاة (¬4)، ويقتضي إعادتها (¬5). وكون النكاح فاسداً هو بمعنى عدم وجود النكاح كذلك (¬6). ومع استعمال الفاسد هكذا بمعنى الباطل في مواضع كثيرة (¬7)، فإنه في موضع ينبه على وجود فرق بين الفاسد والباطل وأن ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 158/ 1 و، 260 و، 304 و، 2/ 128 و، 158 ظ، 3/ 144 ظ، 5/ 95 و، 6/ 43 و، 156 ظ، 159 ظ، 8/ 85 و، 92 ظ، 219 ظ، 250 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 231 ظ، 2/ 203 ظ، 3/ 115 و 119 ظ،120 و، 131 ظ، 143 ظ، 159 ظ، 227 و، 4/ 162 و، 162 ظ، 163 و، 182 ظ، 249 و، 180/ 5 ظ، 188 ظ، 189 ظ، 195 و، 205 ظ، 207 ظ، 6/ 112 و، 112 ظ، 243 ظ، 244 و، 244 ظ، 254 ظ، 7/ 119 و، 129 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 21 و، 22 ظ، 32 ظ،33 و، 81 ظ، 126 ظ، 137 ظ، 148 و 175، و، 212 ظ، 229 و، 235 ظ، 294 ظ، 311 و، 323 و، 2/ 170 ظ، 245 و، 3/ 6 ظ، 7 و، 7 ظ، 8 و، 8 ظ، 9 و، 10 ظ، 12 ظ، 13 و، 34 ظ، 4/ 85 و، 72/ 5 و، 218 و، 246 و، 6/ 28 ظ، 34 ظ، 49 و، 50 ظ، 71 ظ، 73 ظ، 214 ظ، 221 و، 7/ 45 و، 75 ظ، 76 و، 76 ظ، 153 ظ، 158 ظ، 8/ 123 و، 160 و؛ الجامع الكبير، ص 9. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 34 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 17 ظ، 22 و، 22 ظ، 27 ظ، 28 و، 30 ظ، 31 و، 31 ظ، 32 و، 32 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 7/ 169 ظ، 172 ظ. (¬7) انظر مثلاً: الأصل للشيباني، 4/ 118 و، 135 و، 7/ 112 ظ، 123 و، 8/ 13 و؛ الآثار ص 30.

10 - بطلان

الفاسد قد يترتب عليه بعض النتائج إلا أن الباطل لا يترتب عليه أي نتيجة (¬1). لهذا السبب فإن كون العقد أو التصرف فاسداً في بعض الأحوال لا يعني بالضرورة أنه لا يترتب عليه أي نتيجة. ويمكن رؤية أمثلة على ذلك في الشركة والمضاربة والنكاح والبيع والمزارعة ونحوها من العقود والتصرفات (¬2). ويؤيد ذلك عنوان باب في كتاب المزارعة: "باب الشروط الفاسدة التي تبطل فتجوز المزارعة فيها أو لا تجوز" (¬3). ويقول في موضع بأن عقد البيع في هذه المسألة "فاسد يجوز" بمعنى أنه يمكن تصحيحه مع فساده (¬4). كما ينبه في موضع على وجود فرق بين كون سبب الفساد يرجع إلى "أصل" العقد وبين كونه يرجع إلى شرط يشترطه البائع أو المشتري، وأن الحالتين تترتب عليهما نتائج مختلفة (¬5). ويستعمل مصطلح "فاسد" مع مصطلحات "حرام، مردود، باطل، مكروه، لا يجوز، لا ينبغي" مؤيدة لمعناها؛ كما يستعمل في مقابل مصطلحات "جائز، صحيح، تام، يجزيه" (¬6). 10 - بطلان لقد استعمل الشيباني مصطلح "باطل" في مواضع كثيرة من الأصل بمعنى غير الصحيح أو ما لا حكم له. لكن لا يوجد تفريق واضح في استعماله بين الفاسد والباطل. فهو يستعمل كل واحد منهما في مكان الآخر. لكن الأصل لا يخلو من إشارات تفيد بأن هناك فرقاً بين الاصطلاحين. ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 241/ 2 و. (¬2) الأصل للشيباني، 2/ 205 و - 206 ظ، 220 ظ - 221 و، 225 و، 232 و، 245 و، 25/ 3 و، 4/ 153 ظ، 5/ 83 ظ، 99 ظ، 7/ 62 و. (¬3) الأصل للشيباني، 7/ 122 ظ - 123 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 287 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 85 و - 85 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 21 و، 34 ظ، 47 ظ، 214 و، 215 ظ، 216 و، 221 و، 222 ظ، 288 و، 289 و، 290 ظ، 300 ظ، 316 و، 325 ظ، 326 و، 2/ 73 و، 121 ظ، 124 ظ، 133 و، 135 ظ، 151 ظ، 155 ظ، 156 و، 174 و، 175 ظ، 188 ظ، 3/ 49 و، 49 ظ، 50 ظ، 55 و، 55 ظ، 4/ 85 ظ.

فمثلاً يفيد في موضع بأن البيع الباطل "لا يكون بيعاً" (¬1)، أي أنه في حكم المعدوم. وقد استعمل مصطلح "باطل" في العبادات والعقود والتصرفات مثل الصلاة والنكاح والسلم والكفالة والبيع والعتق والصرف والشروط المشترطة في العقد والصلح والرهن والقسمة والهبة والرقبى والصدقة والإجارة والدعوى والطلاق والظهار والإيلاء والوصية والإجازة والقبض والدين والإكراه والأمان والخلع والحجر والإبراء والحوالة والوكالة والإقالة والشهادة (¬2). ويوصف بالباطل الإقرار والشهادة والكتاب بمعنى الكاذب والمخالف للحقيقة (¬3). وتستعمل أفعال "بَطَلَ" ونحوها لإفادة البطلان أيضاً (¬4). ويستعمل هذا الفعل أيضاً بمعنى انتهاء العقد بصورة ما. فمثلا يعبر عن انتهاء النكاح بالطلاق والموت ونحو ذلك من الأسباب بفعل "بَطَلَ" (¬5). ويستعمل تعبير "بطل عنه" بمعنى سقوط فرضية الشيء أو ووجوبه عن شخص (¬6). ويستعمل فعل "بطل" في بعض المواضع مع أفعال "فسد وانتقض" متعاقبة (¬7). كما تستعمل الأفعال المشتقة من مصدر "إبطال" بمعنى التسبب في البطلان، فسخ العقد، رد الشهادة، الحكم ببطلان العقد أو الشيء، إبطال حق الخيار والحكم بسقوط الدين (¬8). ويستعمل مصطلح ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 6/ 164 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 33 ظ، 69 ظ، 175 ظ، 213 و، 222 و،230 و، 235 ظ, 291 و، 292 ظ، 316 ظ، 2/ 8 و، 19 و، 63 ظ، 92 و، 105 ظ، 107 و، 109 ظ، 133 ظ، 137 و، 141 و، 244 ظ، 243 ظ، 83 ظ، 88 و، 215 ظ، 221 ظ، 4/ 105 ظ، 124 ظ، 5/ 81 و، 123 و، 228 و، 6/ 134 ظ، 135 ظ، 136 ظ، 157 و، 8/ 168 ظ؛ موطأ محمد، 2/ 461؛ الآثار، ص 113، 126. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 108 ظ، 153 و، 169 ظ، 176 و، 2/ 269 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 45 ظ، 46 و، 69 ظ، 221 و، 228 و، 285 ظ، 291 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 175 و. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 110 ظ، 123 ظ؛ الجامع الكبير، ص 11. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 296 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 60 ظ، 119 ظ، 161 ظ، 163 و، 177 ظ، 287 و، 288 و، 292 ظ، 299 ظ، 300 ظ، 308 و، 308 ظ، 316 و، 316 ظ؛ الحجة، 1/ 156؛ موطأ محمد، 2/ 322، 532.

11 - مردود

"باطل" أكثر ما يكون مع مصطلح "لا يجوز"؛ (¬1) كما يستعمل مع مصطلحات أخرى مثل "حرام، فاسد، مردود، منتقض، غير مقبول، ليس بشيء، لا خير فيه، لا يقع، لا يلزم، لا يصلح، لا يحل، لا ينفذ" (¬2). وقد استعمل في ضد مصطلح "باطل" مصطلحات مثل "جائز" ونحو ذلك (¬3). 11 - مردود استعمل مصطلح "مردود" مفرداً أحياناً، ومع مصطلحات أخرى أحياناً مثل "فاسد، باطل، لا يجوز"، وذلك للتعبير عن بطلان العقود والتصرفات نحو القسمة، السلم، البيع، الصرف، الهبة، القرض، الرهن، الربا ونحوه (¬4). 12 - قطع الصلاة يستعمل مصطلح "قطع الصلاة" الوارد في بعض الأحاديث (¬5)، بمعنى فساد الصلاة في كثير من المواضع (¬6). ويستعمل في بعض المواضع مع مصطلح "فساد" (¬7). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 216 ظ، 222 و، 230 و 231، و 232، و، 233 و، 235 ظ 240 و، 253 و، 291 و، 294 و، 298 ظ 299، و، 301 و، 308 ظ، 309 و، 313 ظ، 315 ظ، 320 و، 320 ظ، 321 و، 321 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 325 و، 230 ظ، 238 ظ، 3/ 88 ظ، 5/ 132 و، 240 ظ، 6/ 20 و، 216 و، 7/ 162 و، 8/ 18 و، 85 و، 165 و، 176 و. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 325 ظ، 35/ 2 و، 148 ظ، 157 ظ, 181 ظ، 223 و، 3/ 66 و" 118 و، 239 ظ؛ الآثار، ص 126. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 26 و، 214 ظ، 225 و، 231 ظ، 232 و، 236 ظ، 238 ظ، 254 و، 255 ظ، 310 و، 312 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 36 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 2 ظ، 3 ظ، 30 ظ، 31 و، 31 ظ، 37 و، 37 ظ، 38 ظ، 45 ظ، 46 و، 49 و، 52 ظ، 60 و، 69 و، 77 ظ؛ الآثار، ص 30؛ موطأ محمد، 2/ 32. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 39 ظ، 76 ظ.

ب - السبب، الشرط، المانع

ب - السبب، الشرط، المانع تمر كلمة "سبب" في الأصل في موضعين، يتحدث فيهما عن الرضاع سبباً للتفريق بين الزوجين، وعن الغصب سبباً للرجوع على الغاصب (¬1). وتستعمل كلمة "شرط" في مواضع كثيرة. ففد أفاد أن بعض الشروط جائزة، وبعض الشروط تفسد العقد، وبعضها تبطل العقد، وبعض الشروط تعتبر باطلة، واستدل على ذلك ببعض الأحاديث (¬2). واستعمل مصطلح "مانع" في موضع واحد، وعبر عن كون الدين مانعاً للزكاة، كما أفاد في موضع آخر أن قتل الشخص مكرَهاً "لا يمنع" من استحقاق القاتل ميراث المقتول (¬3). ومانعية الدين للزكاة مثال يستعمل شائعاً في كتب الفقه والأصول (¬4). ج - الأداء، القضاء، الإعادة تستعمل كلمة "أداء" بمعنى أداء الأمانة في عقد الشركة، وأداء العبد ما اكتسبه إلى سيده، وقضاء الدين (¬5). كما تستعمل كلمة "قضاء" بمعنى فعل العبادة التي مضى وقتها، وقيام دين مقام دين آخر؛ مثل قضاء الصلاة والصوم والاعتكاف والحج وقضاء الدين بالمعنى المذكور (¬6). وتستعمل كلمة ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 3/ 12 ظ، 4/ 256 فى (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 216 ظ، 229 و، 231 ظ، 232 و، 232 ظ، 236 ظ، 286 و، 293 ظ، 294 و، 294 ظ، 2/ 19 و، 63 ظ، 109 ظ، 122 و، 125 و، 128 و، 131 و، 133 ظ، 137 ظ، 141 و، 145 ظ, 149 ظ, 156 ظ, 157 ظ, 166 و، 171 ظ، 271 و، 4/ 153 و، 7/ 50 ظ، 51 ظ، 69 ظ، 122 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 126 و، 77/ 5 و. (¬4) الإحكام للآمدي، 1/ 185؛ رد المحتار لابن عابدين، 2/ 264. (¬5) الأصل للشيباني، 2/ 183 ظ، 184 و، 188 و، 197 و، 222 و، 257 و، 3/ 106 ظ 1/ 218 ظ. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 3 و، 20 ظ، 87 و، 95 ظ، 134 ظ، 149 ظ، 162/ 4 ظ، 6/ 147 ظ، 148 و، 164 ظ، 192 و، 8/ 43 ظ؛ الجامع الكبير، ص 9؛ الحجة، 1/ 156، 158، 159، 179، 181؛ موطأ محمد، 2/ 203، 206؛ الآثار، ص 29، 36.

3 - الرخصة

"قضاء" بمعنى أداء الدين أيضاً (¬1). ويستعمل "الإعادة" بمعنى تجديد أداء العبادات الفاسدة مثل الصلاة والصوم إذا فسدا (¬2). كما تستعمل أفعال "أعاد، يعيد" وما يشبهها لإفادة نفس المعنى (¬3). كما يستعمل "الإعادة" لتجديد الإدلاء بالشهادة في المحكمة إذا دعت الحاجة إلى ذلك (¬4). وتستعمل أفعال "استقبل، يستقبل" للتعبير عن وجوب إعادة العبادة أو التصرف إذا تبين فسادهما، حيث ورد ذلك في أبواب الصلاة، الاعتكاف، الظهار، كفارة اليمين والقسمة (¬5). واستعمل كلمة "مستقبل" بمعنى "جديد"، فمثلاً عبر بلفظ "بيع مستقبل، رهن مستقبل، هبة مستقبلة" ونحوها عن بيع أو رهن جديد أو هبة جديدة (¬6). وتفيد كلمة "يستأنف" وجوب إعادة العبادة الفاسدة مثل الوضوء والصلاة إذا فسدا (¬7). 3 - الرخصة تستعمل كلمة "رخصة" وما اشتق من نفس المصدر في مواضع كثيرة بمعنى الإذن في فعل الشيء شرعاً (¬8). ولا تستعمل كلمة "عزيمة" المضادة للرخصة في الأصل. وتستعمل في الحجة عبارة "عزائم السجود، عزائم سجود القرآن" في بعض أقوال الصحابة المروية في الكتاب بمعنى سجدات ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 186 و، 3/ 236 ظ، 4/ 5 و، 6/ 93 و، 7/ 35 و، 175 و. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 6 ظ، 9 و، 22 و، 31 و، 48 ظ، 54 ظ، 81 و، 97 و؛ الحجة، 1/ 18؛ موطأ محمد، 2/ 51. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 4 ظ، 5 و، 5 ظ، 6 و، 8 و، 8 ظ، 9 و؛ الجامع الكبير، ص 9، 10؛ الحجة، 1/ 18، 19، 20، 44، 204؛ الآثار، ص 34. (¬4) الأصل للشيباني، 6/ 121 و، 8/ 223 و. (¬5) الأصل للشيباني، 4/ 1 ظ، 6 ظ، 9 و، 11 ظ، 15 ظ، 16 و، 17 و، 139 و، 147 ظ، 184 و، 2/ 69 ظ، 84 ظ، 86 و؛ الحجة، 1/ 44، 51. (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 239 و، 245 و، 314 و، 2/ 14 ظ، 104 و. (¬7) الأصل للشيباني، 1/ 40 ظ. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 290 و، 5/ 116 و؛ موطأ محمد، 1/ 610، 2/ 620، 3/ 308، 521.

التلاوة الواجب فعلها (¬1). وتستعمل "الرخصة" بمعنى الإذن في عدم فعل الفرض أو الواجب أو السنَّة أو فعل الحرام أو المكروه في بعض الأحوال، كما تستعمل بمعنى الفعل المباح عن طريق الاستثناء من القاعدة العامة. فمثلاً التيمم بدلاً عن الوضوء والفطر في نهار رمضان في بعض الأحوال يعتبر من الرخص (¬2). وهناك رخصة في التلفظ بكلمات الكفر بالله والتي تعتبر ارتداداً عن الدين في حالة الإكراه (¬3). وقد رخص في ترك الأذان في السفر بينما يكره تركه في صلاة الجماعة في الحضر (¬4). كما سمي استثناء الوجه والكفين من النهي عن إبداء الزينة للنساء بالرخصة (¬5). وتفيد "الرخصة" أحياناً إباحة الشيء بالمعنى العام. فمثلاً عبر عن إباحة أكل لم الخيل عند بعض الفقهاء بأنهم رخصوا في ذلك (¬6). ويفرق الشيباني بين حالتين من الترخيص في فعل الحرام في حالة الضرورة والإكراه. فهو يرى أن بعض الأفعال المحرمة تأخذ حكم المباح في حالات الضرورة والإكراه؛ ويجب العمل بهذه الرخصة، ويأثم الشخص إذا لم يعمل بهذه الرخصة معرضاً بذلك حياته للخطر. وذلك مثل أكل لحم الميتة أو الخنزير في حالة الضرورة والإكراه. وبعض الأفعال المحرمة لا تأخذ حكم المباح في حالة الضرورة أو الإكراه، لكن يرخص في فعل الحرام في هذه الأحوال. وذلك مثل التلفظ بكلمة الكفر في حالة الإكراه. وعبارة الشيباني في الأصل في هذا الموضوع مثيرة للاهتمام: "كل أمر ¬

_ (¬1) الحجة، 109/ 1، 114. ولم نجد مصطلح "عزيمة" في الجامع الصغير ولا في الآثار. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 142 و؛ الحجة، 1/ 49. وانظر لأمثلة أخرى: الأصل للشيباني، 1/ 39 ظ، 5/ 109 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 142 ظ، 5/ 69 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 23 ظ. وانظر لأمثلة أخرى: نفس المصدر، 1/ 401 و، 73 ظ، 83 و، 135 و، 166 ظ؛ موطأ محمد، 1/ 256. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 165 و. وانظر لأمثلة أخرى: نفس المصدر، 3/ 193 و. (¬6) الأصل للشيباني، 3/ 204 و، 205 ظ؛ الحجة، 1/ 167؛ موطأ محمد، 2/ 185.

حرمه الله تعالى ولم يجئ فيه إحلال إلا أن فيه رخصة للمكره فأبى أن يأخذ بالرخصة حتى قتل فهو في سعة وان كان يعلم أن الرخصة تسعه. وكل أمر أحله الله -عَزَّ وَجَلَّ- في مثل ما أحل في الضرورة من الميتة ولحم الخنزير وفي المرض والسفر في الصوم فلم يفعل الرجل ما أحل الله تعالى له في الضرورة والمرض والسفر حتى مات أو قتل فهو آثم؛ لأن الأول الذي فيه الرخصة أراد بتركه الرخصة أن يعز الدين، فهو في ذلك مأجور. وهذا الوجه الآخر قد أحل الله تعالى له ذلك في حال الضرورة والمرض والسفر، وليس في ذلك إعزاز الدين؛ لأن الله تعالى حين أحله في تلك الحال صار بمنزلة ما أحله الله تعالى في غير تلك الحال، ومن لم يقبل ما أحل الله تعالى له صار عندنا آثماً. ألا ترى أن رجلاً محرماً لو اضطر إلى ميتة وإلى ذبح صيد فأكله حل له عندنا أكل الميتة، ولم يحل له ذبح الصيد ما دام يجد الميتة؛ لأن الميتة حلال في الضرورة، والصيد جاء تحريمه جملة لم يستثن فيه ضرورة ولا غيرها، ولا يشبه ما أحله التنزيل ما رخص فيه لحال الضرورة. ألا ترى أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- حين رخص في الكفر في الإكراه لم يقل في كتابه: إنه حلال، ولكنه قال: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ} (¬1)، فإذاً ذهب التعنيف عن المكره، ولم يقل: إني أحللت ذلك، ولكنه رخص في ذلك، والترك لذلك حتى يقتل أفضل. ألا ترى أن خبيباً أبى ذلك حتى قتل فلم يُعَنَّف في ذلك (¬2)، وأن عماراً فعل فرخص له في ذلك (¬3). وقد جاء في الأثر أن المجبر في نفسه يوم القيامة في ظل العرش إن أبى الكفر حتى يقتل" (¬4). ¬

_ (¬1) سورة النحل، 16/ 106. (¬2) المغازي للواقدي، 1/ 360؛ نصب الراية للزيلعي، 4/ 159. (¬3) رواه الشيباني بإسناده في الأصل، 5/ 68 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 109 ظ -110 و. وانظر كذلك: نفس المصدر، 5/ 76 و، 108 ظ - 109 و.

4 - الفرق بين الحكم الدياني والقضائي

4 - الفرق بين الحكم الدياني والقضائي فرق الشيباني في الأصل بين الحكم القضائي والحكم الديني - الأخلاقي في مواضيع كثيرة مثل الطلاق والإيلاء والعتق والنكاح والقصاص والنذر والرجعة والاستفادة من المال العام والربح المشتبه فيه. وأفاد أن القاضي قد يحكيم في بعض الأحوال بحكم معين، لكن الحكم الذي يكون الشخص مسؤولاً عنه أمام الله قد يكون مختلفاً عن الحكم القضائي. وفي مثل هذه المسائل يستعمل للحكم القضائي عبارة "في القضاء"، وللحكم الآخر "فيما بينه وبين الله" ويقصد بقوله: "يُدَيَّنُ" الذي يستعمله مع العبارتين السابقتين كلتيهما أن الشخص يوثق بديانته ويقبل قوله في تفسيره لمقصوده من كلامه (¬1). وفي بعض المواضع يبين أن العقد جائز في القضاء مع كونه مكروهاً (¬2). 5 - الإباحة الأصلية استنبط السرخسي من قول الشيباني "إن شرب الخمر وأكل الميتة لم يحرم إلا بالنهي عنهما" (¬3) أنه يرى أن الأصل في الأشياء الإباحة (¬4). وقيل بأن أكثر الحنفية على هذا الرأي (¬5). 6 - الاجتهاد لم يستعمل الشيباني في مؤلفاته "الاجتهاد" بمعناه الاصطلاحي المعروف. لكنه استعمل "الاجتهاد" عندما تحدث عن وجوب اللجوء إلى الاجتهاد في تعيين المستحقين للزكاة من قبل السلطان، والاجتهاد في تعيين ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 188 و، 189 ظ، 190 و، 193 ظ، 197 و، 198 و، 199 و، 201 و، 343 و، 34 ظ، 39 و، 41 ظ، 43 ظ، 44 ظ، 45 و، 99 ظ، 100 و، 5/ 80 و، 96 و, 98 ظ، 235 و، 7/ 48 و؛ موطأ محمد، 2/ 502، 516. (¬2) الأصل للشيباني، 2/ 178 ظ، 261 و. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 76 و. (¬4) المبسوط للسرخسي، 24/ 77؛ أصول السرخسي، 2/ 20. (¬5) تيسير التحرير لأمير بادشاه، 2/ 168.

أ - شروط الاجتهاد

مقدار دية بعض الأعضاء (¬1). والاجتهاد هنا بمعنى التقدير. وآراء الشيباني المتعلقة بموضوع الاجتهاد مأخوذة من الشروط التي اشترطها بشأن أهلية القاضي أو المفتي. ويفيد الفقهاء الأحناف بأن القاضي لا بد أن يكون أهلاً للاجتهاد، لكن الفقهاء المتأخرين رجحوا أن يكون الاجتهاد شرط كمال وأولوية فقط (¬2). ويشير ابن الهمام عندما يقول بأن الإمام محمداً ذكر في الأصل أن المقلد لا يكون قاضياً إلى العبارات التي سننقلها أسفله (¬3). كذلك اشترطوا الاجتهاد للإفتاء أيضاً، لكن تسامحوا في إفتاء غير المجتهد عند عدم المجتهد (¬4). أ - شروط الاجتهاد يعبر الشيباني عن قاعدة "لا مساغ للاجتهاد في مورد النص" بقوله: "السنة والآثار في هذا معروفة مشهورة لا يحتاج معها إلى نظر وقياس" (¬5) ويفهم من هذا المثال ومن أمتلة أخرى أن "النظر" يستعمل بمعنى الاجتهاد والتفكير الفقهي (¬6). ويشير قوله: "لا قياس مع أثر" إلى نفس القاعدة أيضاً (¬7). يعدد الشيباني شروط القضاء والإفتاء، أي الاجتهاد كما يلي: "ولا ينبغي أن يستعمل على القضاء إلا الموثوق به في عفافه وعقله وصلاحه وفهمه وعلمه بالسنَّة والآثار والوجوه التي يؤخذ منها الكلام؛ فإنه لا يستقيم أن يكون صاحب رأي ليس له علم بالسنَّة والأحاديث، ولا صاحب حديث ليس له علم بالفقه. وليس يستقيم واحد منهما إلا بصاحبه. ولا ينبغي لأحد ¬

_ (¬1) الحجة للشيباني، 1/ 496، 4/ 308. (¬2) الهداية للمرغيناني، 3/ 101؛ تبيين الحقائق للزيلعي، 4/ 176. (¬3) فتح القدير لابن الهمام، 7/ 256. (¬4) تيسير التحرير لأمير بادشاه، 4/ 248. (¬5) الحجة للشيباني، 1/ 316، 2/ 482. (¬6) الحجة للشيباني، 2/ 568، 569. (¬7) الحجة للشيباني، 1/ 204.

ب - الخطأ في الاجتهاد

أن يفتي إلا من كان هكذا، إلا أن يفتي بشيء يسمعه" (¬1). وهذه الشروط يمكن أن تلخص في العلم والعقل والأخلاق. فالعلم عبر عنه بالعلم بالسنَّة والأحاديث والآثار. ولم يتعرض لمعرفة الكتاب لأنه بديهي. وعبر بالفهم والرأي والعلم بالوجوه التي يؤخذ منها الكلام عن معرفة دلالات الألفاظ وطرق الاستنباط والاستدلال وكونه صاحب ملكة. كما عبر عن التدين والأخلاق بالعفاف والصلاح. كما تدل عبارة الشيباني على أن الذي لا يعرف الأدلة النقلية والعقلية أو يعرف واحداً منهما فقط لا يكون مفتياً أي مجتهداً، بل ينقل فتاوى السابقين، يعني أنه يكون مقلداً فقط. ب - الخطأ في الاجتهاد ينقل هشام بن عبيد الله الرازي أحد تلامذة الشيباني عن أستاذه أنه يرى أن الحق عند الله تعالى واحد في المسائل المختلف فيها، لكن المخطئ في الاجتهاد قد قام بالوظيفة التي أوجبها الله عليه، وهو مأجور عند الله كالذي يجتهد في معرفة القبلة (¬2). وينقل الجصاص عن الشيباني كلاماً آخر بنفس المعنى (¬3). وقد عد الشيباني الاختلاف في بعض المسائل الاعتقادية خطأ في الفتوى أو في الرأي، ولذلك فقد قبل شهادة أهل الأهواء. يقول الشيباني: "وقال أبو حنيفة: شهادة أصحاب الأهواء جائزة إذا كانوا غير متهمين في الشهادة. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: إنما الأهواء فتيا أفتى بها رجل، فلا ينبغي أن تبطل شهادته إن أخطأ في فتياه. إنما عظم قوم الذنوب حتى جعلوها كفراً فأخطأوا. وهذا منهم فتيا. فلا تبطل ¬

_ (¬1) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 218 و - 218 ظ؛ المبسوط للسرخسي، 16/ 108 - 109. وقد نقل البزدوي عن كتاب أدب القاضي للإمام محمد أن الحديث لا يستقيم إلا بالرأي وأن الرأي لا يستقيم إلا بالحديث. انظر: أصول البزدوي (مع كشف الأسرار لعبدالعزيز البخاري)، 1/ 60. (¬2) الفصول للجصاص، 4/ 297. (¬3) الفصول للجصاص، 4/ 297 - 298.

ج - اتباع المجتهد لمجتهد آخر

شهادتهم بذلك. وشك قوم في الدين فقالوا: لا نقر أنا مؤمنين، فلا تبطل شهادتهم لضعف رأيهم هذا" (¬1). ثم بين بعد ذلك أن القتل الواقع في حروب الفتنة الكائنة بين الصحابة من أعظم الذنوب، لكنه مع ذلك لم يشكل سبباً لرد شهادتهم (¬2). توجد في الأصل عبارات تدل على ظنية الاجتهاد وأنه لذلك يمكن أن تكون الاجتهادات الأخرى صحيحة أيضاً. كما يمكن رؤية مراعاة الخلاف في بعض المسائل المختلف فيها. فمثلاً يبين الشيباني أنه يسمح للمحجور عليه بأداء العمرة بشرط أن لا يكون أدى العمرة قبل ذلك استحساناً، لأن بعض العلماء يرى أن العمرة واجبة (¬3). ويقتدي المأموم بالأئمة الذين يتبعون آراءً مختلفة للفقهاء في عدد تكبيرات صلاة العيد (¬4). وهناك أمثلة أخرى (¬5). كما أن للشيباني عبارات تدل على أنه يمكن العمل على وجهين مختلفين في بعض المسائل التي تختلف فيها الآثار مع كون العمل بأحد الوجهين أولى من الآخر (¬6). ج - اتباع المجتهد لمجتهد آخر يرى الشيباني أنه يجوز للقاضي أو المجتهد الذي يشتبه عليه أمر أن يستشير من يراه أفقه منه ويتبع رأيه، لكنه إذا اجتهد واقتنع بصحة رأيه وخطأ رأي المجتهد الآخر فعليه أن يعمل برأيه ولا يعدل عنه (¬7). والجصاص الذي نقل هذا الرأي، يذكر أن الكرخي يووي عن أبي يوسف والشيباني أنه لا يجوز للمجتهد أن يقلد غيره ويجب عليه العمل برأي نفسه؛ وأن داود بن ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 7/ 227 ظ. (¬2) نفس المصدر. (¬3) الأصل للشيباني، 6/ 72 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 73 ظ. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 141 و، 230 ظ، 6/ 254 و، 7/ 8 و. (¬6) موطأ محمد، 1/ 616 - 617، 2/ 7 - 8، 243. (¬7) الأصل للشيباني، 5/ 31 و - 31 ظ.

د - التوقف

رشيد يروي عن الشيباني أنه يجوز للمجتهد أن يقلد من هو أعلم منه (¬1). وعبارة الأصل تدل على أن الرواية الأخيرة أصح. د - التوقف ينقل الشيباني في موضع أن أبا حنيفة قال: "لا علم في بهذا" (¬2). وهذا التصرف يدل على أنه يجوز للمجتهد التوقف في بعض المسائل. كذلك الشيباني نفسه قد توقف في مسألة متعلقة بفساد الصوم (شك في ذلك ووقف فيه) (¬3). هـ - بعض القواعد المتبعة في الاجتهاد 1 - ارتفاع النهي أو الإثم في حالة الضرورة أو الحاجة لقد أتى الشيباني بحلول راعى فيها حالة الضرورة في مسائل كثيرة ووضع بعض المبادئ المتعلقة بهذا الموضوع. فحالة الضرورة تبيح بعض المحرمات، لكنها لا تبيح بعضها الآخر. فمثلاً يباح في حالة الضرورة أكل لحم الميتة، ولكن الزنا لا يباح في حالة الضرورة أبداً. ولذلك فإن أثر الضرورة في مسائل القسم الأول يختلف عنهء في مسائل القسم الآخر. فمثلاً يجوز العمل بالتحري (غالب الظن) في الأشياء التي تباح في حالة الضرورة بينما لا يجوز ذلك في الأشياء التي لا تباح في حالة الضرورة (¬4). قاس الشيباني حالة الإكراه على حالة الضرورة. وبناء على ذلك فإن الأشياء الجائزة في حالة الضرورة تجوز في حالة الإكراه أيضاً. فمثلاً إذا كان هناك خطر الموت أو تلف عضو بسبب الجوع أو العطش فإنه يباح أكل ¬

_ (¬1) الفصول للجصاص، 4/ 283. ويرى الكرخي والجصاص أن اتباع المجتهد لمجتهد آخر يراه أعلم منه في مسألة ما إنما يكون نتيجة اجتهاد منه، وبالتالي ينبغي أن يكون جائزاً. انظر: نفس المصدر، 4/ 284 - 285. (¬2) الأصل للشيباني، 6/ 242 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 138 و. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 160 ظ - 161 و. وقد تقدمت عبارة الشيباني المتعلقة بهذا الموضوع تحت عنوان "الرخصة".

2 - رفع الحرج

لحم الميتة أو الخنزير أو شرب الخمر؛ وهكذا إذا وجد نفس الخطر في حالة الإكراه فإنه يباح التلفظ بكلمة الكفر (¬1). ولكن لا يباح في حالة الإكراه الأشياء التي لا تباح في حالة الضرورة أيضاً مثل ظلم الناس. فمثلاً لا يجوز لمن يكرَه بالتهديد بالقتل على قتل نفسِ معصومٍ أو قطع عضوه أن يفعل هذه الأشياء (¬2). ولكن يجوز لمن أكره بنفس التهديد على أخذ مال غيره أن يفعل ذلك (¬3). وحالة الإكراه التي لا تصل لحد الضرورة مؤثرة كذلك في بعض المسائل. فمثلاً يكون الإقرار بالمال باطلاً في حالة التهديد بالحبس أو التقييد أو الضرب الشديد (¬4). لكن الإكراه بهذه الدرجة لا يؤثر على الحكم في بعض الحالات الأخرى (¬5). كذلك لا يجوز الزنا تحت الإكراه الذي يصل لحد الضرورة مثل التهديد بالقتل أو إتلاف عضو، لكن لا يحد الزاني في هذه الحالة؛ أما إذا ارتكب الزنا تحت الإكراه الذي لا يصل لحد الضرورة فإنه يحد في هذه الحالة (¬6). وقد عد الشيباني المرض في بعض الحالات ضرورة تؤدي إلى إباحة المحرم (¬7). فمثلاً يباح للرجل مداواة المرأة بما يقتضيه الحال إذا كان هناك خطر على حياتها أو خطرُ تَحَؤُلِ المرض إلى حالة مزمنة أو كان ألمها شديداً (¬8). وفي بعض أحوأل الحاجة ترتفع الحرمة أيضاً. فمثلاً يجوز للخاتن أن ينظر إلى عورة البالغ للقيام بعملية الختان (¬9). 2 - رفع الحرج والمقصود بالحرج هنا حالات المشقة والضيق التي لا تصل إلى حالة الضرورة. فقد خففت بعض الأحكام بسبب المشقة الموجودة في تطبيقها. فمثلاً لا يُنَجِّسُ الماء الذي يتساقط من بدن المغتسل الماءَ الموجود في ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 5/ 69 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 5/ 74 و. (¬3) الأصل للشيباني، 5/ 104 و. (¬4) الأصل للشيباني، 5/ 70 و. (¬5) الأصل للشيباني، 5/ 87 و، 92 و، 94 و. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 82 ظ (¬7) الأصل للشيباني، 6/ 74 و. (¬8) الأصل للشيباني، 1/ 165 ظ. (¬9) نفس الموضع.

3 - المصلحة

الإناء؛ لأنه "لا يستطاع الامتناع منه" (¬1). ويجوز العمل يقول الواحد في كونه شريكاً لآخر أو وكيلاً له أو أن شخصاً أرسل إليه هدية بواسطته، ولا يشترط شاهدان كما هو الحال في إثبات الدعاوى في القضاء؛ والعمل بعكس هذا "قبيح ضيق ليس عليه أمر الناس" (¬2). يرى أبو حنيفة ومحمد عدم قبول كتابة القاضي إلى القاضي في بعض المواضيع خشية من حدوث تغيير في الأدلة أو موضوع الدعوى، لكن أبا يوسف يرى قبول ذلك لأنه يرجح إمكانية أخذ التدابير اللازمة في هذه المواضيع. ووصف الشيباني القول الأول هنا بأنه "أجود القولين وأصحهما"، والقول الثاني بأنه "أرفق بالناس وأوسع" (¬3). انتقد الشيباني أهل المدينة الذين يشترطون الحول لإيجاب الزكاة في كل شيء يكتسبه الشخص خلال السنة، مبيناً أن ذلك صعب من حيث الحساب وشاق، وأن الأنسب هو أداء زكاة الأرباح أو الأموال المكتسبة خلال السنة مع رأس المال إذا كان قد بلغ مقدار النصاب في أول الحول (¬4). 3 - المصلحة نبه الشيباني على المصلحة أي المنفعة المشتركة بين الناس في التعليل لبعض المسائل. فمثلاً يجب على من ينتفع من نهر على سبيل الاشتراك أن يشارك في المصاريف المتعلقة بإصلاح النهر؛ لأن في هذا "منفعة عامة"، وفي تركه "ضرر عام" (¬5). إذا تسبب الشخص في إضرار الآخرين ببناء رحى أو شيء آخر على نهر يستفيد منه الجميع فإنه يحق لمن يتضرر من ذلك سواء كان مسلماً أو غير مسلم أن يرفع دعوى ضد الباني وينقض بناءه (¬6). علل الشيباني الحديث الناهي لتلقي السلع خارج السوق وشرائها بتضرر أهل البلدد من ذلك، وأنه يجوز تلقي السلع إذا كانت السلع متوفرة ولم يتضرر أهل تلك البلدة من ذلك (¬7). ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 4 ظ. (¬2) الأصل للشيباني، 1/ 173 ظ. (¬3) الأصل للشيباني، 8/ 101 و. (¬4) الحجة للشيباني، 1/ 491 - 492. (¬5) الأصل للشيباني، 8/ 10 و. (¬6) الأصل للشيباني، 5/ 235 و. (¬7) موطأ محمد، 3/ 210.

4 - الاحتياط

4 - الاحتياط رجح الشيباني العمل بما يوجبه الاحتياط في مسائل العبادات والحلال والحرام والعقود الربوية والنكاح وعقوبات الحدود وكتابة الشروط. واستعمل كلمات "الاحتياط، الثقة، التنزه، الورع" لإفادة هذا المعنى (¬1). وقد رجح العمل بما يوافق الاحتياط بالرغم من رواية بعض الآراء المخالفة للصحابة في مسائل فرعية فيها معنى العبادة والصلة، حيث قال: "والأمر الأول الذي قال أبو حنيفة الأخذ بالثقة الذي ليس في النفس معه شك ولا شبهة" (¬2). 5 - الأخذ بالغالب لقد حكم في مسائل كثيرة باعتبار الغالب. واستعمل في ذلك كلمات "الغالب، الأكثر" ونحوهما. فمثلاً إذا رأى الشخص في ريقه دماً فإن كان الغالب على الريق هو الدم يفسد الوضوء (¬3). إذا استعمل الشخص أثناء المسح على رأسه أو على الخفين ثلاثة أصابع من أصابع يده فإنه يجزئه؛ لأنه قد استعمل الأكثر من أصابعه (¬4). إذا مات جماعة أكثرهم مسلمون وفيهم واحد أو اثنان من غير المسلمين ولكن لا يعرف المسلم من غير المسلم فإنه يصلَّى على جميعهم ويدفنون جميعاً في مقابر المسلمين (¬5). إذا حلف الشخص على أن لا يشرب اللبن ثم شرب لبناً مشوباً بالماء فإنه ينظر: إن كان اللبن أكثر حنث، كان كان الماء أكثر لا يحنث (¬6). إذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم أراد أن يحجر عليه فإنه يجب عليه أن يبلغ أكثرية أهل السوق بذلك، ولا يكفيه أن يبلغ شخصاً أو شخصين (¬7). وهناك ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 6 و، 7 و، 7 ظ، 8 ظ، 19 ظ، 56 و، 65 و، 66 و، 94 ظ، 140 ظ، 168 ظ، 169 ظ، 170 و، 170 ظ، 171 و، 178 ظ، 2/ 179 ظ، 3/ 3 ظ، 5 ظ،10 و، 20 ظ، 21 و، 22 ظ، 41 ظ، 42 ظ، 121 ظ، 147 و، 210 ظ، 7/ 2 ظ، 6 ظ، 7 ظ، الحجة للشيباني، 2/ 325؛ موطأ محمد، 3/ 64. (¬2) الحجة للشيباني، 1/ 569 - 570. (¬3) الأصل للشيباني، 1/ 8 ظ. (¬4) الأصل للشيباني، 1/ 7 و، 14 و. (¬5) الأصل للشيباني، 1/ 159 ظ (¬6) الأصل للشيباني، 1/ 197 و. (¬7) الأصل للشيباني، 6/ 89 ظ.

6 - الشورى

أمثلة أخرى (¬1). 6 - الشورى لم يهتم الأصوليون كثيراً بفكرة استشارة المجتهد لمجتهد آخر. وفي الحقيقة فإنه من المعروف في عهد الصحابة من تطبيقات عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جريان الشورى بين الفقهاء في اجتهاداتهم. وينقل الشيباني عن الخليفة عمر بن عبدالعزيز (ت. 101) أنه يرى أن على القاضي أن يعرف آراء من قبله من العلماء وأن يستشير أهل الرأي (¬2). ويرى الشيباني أن على القاضي أن يستشير الفقهاء الآخرين إذا شك في الحكم في مسألة اجتهادية. وهو مخير بعد استشارتهم في العمل بآرائهم أو عدم العمل بها، فيمكنه اختيار وترجيح آرائهم أو رأي واحد منهم، ويمكنه أن يأتي برأي جديد يخالف اراءهم جميعاً. ويقول الشيباني: "فإن أشكل عليه شيء يشاور رهطاً من أهل الفقه. فإن اختلفوا فيه نظر إلى أحسن أقاويلهم وأشبهها بالحق فأخذ به. فإن رأى خلف رأيهم أحسن وأشبه بالحق قضى بذلك. ولا يتعجل بالحكم إذا لم يتبين له الأمر حتى يتفكر فيه ويشاور أهل الفقه" (¬3). ومن المحتمل جداً أن يكون الشيباني قد تأثر في هذا الموضوع بمنهج أستاذه الأول أبي حنيفة. فكما هو معلوم فإن أبا حنيفة كان يناقش المسائل الفقهية مع أصحابه وتلاميذه مناقشة طويلة، ويتبادل معهم الرأي والأفكار، وفي النهاية يبين رأيه الشخصي. لقد تكون الفقه الحنفي هكذا بتعاون مجموعة من العلماء يعملون كمجلس للشورى، وانعكست هذه الميزة على الأصل الذي هو المصدر الأساسي لهذا الفقه. إن الآراء المختلفة للأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد والتي توجد في كل صفحة تقريباً من الأصل تدل بوضوح على البنية الجماعية في تكوين هذا المذهب وكونه قابلاً للاجتهادات المختلفة. ¬

_ (¬1) الأصل للشيباني، 1/ 87 و، 159 و - 160 ظ، 193 ظ، 5/ 159 ظ، 259 و، 6/ 29 و، 247 و، 7/ 29 و، 158 و. (¬2) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 و. (¬3) الكافي للحاكم الشهيد، 1/ 216 ظ. وينقل الطحاوي هذه العبارة بنفس الألفاظ تقريباً. انظر: مختصر الطحاوي، ص 237.

خاتمة

خاتمة لدى النظر في تاريخ الفقه فإن القرن الثاني الهجري يشكل مرحلة زمنية هامة من حيث نشأة المذاهب وأصول الفقه. لقد عاش مؤسسو المذهب الحنفي والمالكي والشافعي في هذه الفترة. من المعلوم أن الإمام أبا حنيفة (ت. 150) بالرغم من دوره التأسيسي لم يؤلف كتاباً بنفسه، وإنما وضع تلاميذه المصادر الأساسية للمذهب بتقييد آراء الإمام التي تلقوها منه. وأهم شخصية في هذا المجال هو محمد بن الحسن الشيباني (ت. 189). جمع الشيباني آراء أبي حنيفة الذي درس عليه أربع أو خمس سنوات وآراء أبي يوسف (ت. 182) الذي واظب على دروسه بعد وفاة أبي حنيفة، وضم إلى ذلك آراءه، فظهر بذلك إلى الوجود كتب "ظاهر الرواية" التي تعرف بأنها المصادر الأم للمذهب الحنفي والتي نقلت على وجه الشهرة أو التواتر. يعتبر "الأصل" كاسمه أصلاً وأساساً لكتب ظاهر الرواية الأخرى لكونه ألف أولاً ولكبر حجمه الذي يصل إلى 2260 ورقة. وفي الحقيقة فإن الأصل حصيلة جهد جماعي يجمع بين طياته آراء واجتهادات الأئمة المجتهدين الثلاثة أبي حنيفة وأبي يوسف والشيباني. وقد استطاع الشيباني بحكم كونه أشب الأئمة أن يجمع آراءهم في هذا الكتاب، ويؤلف كتب المذهب الأخرى، وتمكن من نشر المذهب عن طريق تدريس هذه الكتب لتلاميذه. ومع أن تلاميذ الإمام أبي حنيفة الاَخرين مثل أبي يوسف والحسن بن زياد (ت. 254) قد ألفوا كتباً في الفقه إلا أن علماء المذهب قد اتخذوا كتب الشيباني أساساً، واعتبروا الكتب الأخرى في درجة تالية. من ناحية أخرى

فإن "الأصل" له أهمية كبيرة في نشأة المذاهب الأخرى أيضاً. فـ "الأسدية" التي هي أساس المدوَّنة التي تعتبر المصدر الأساسي للمذهب المالكي قد ألفها أسد بن الفرات (ت. 213) الذي تتلمذ على الشيباني، كما تتلمذ الإمام الشافعي (ت. 204) على الشيباني، واستفاد الإمام أحمد بن حنبل (ت. 241) في المسائل الدقيقة "من كتب محمد بن الحسن" على حد تعبيره. وإنه لنقص كبير أن لا ينشر الأصل الذي له هذه الأهمية في تطور التفكير الفقهي حتى يومنا هذا. ومقصدنا الأولي في عملنا هذا هو نشر هذا الكتاب محققاً وتقديمه لعالم المعرفة بالاعتماد على أوثق نسخه المخطوطة التي وصلت إلى اليوم. ولتحقيق هذا المقصد فقد درسنا نسخاً كثيرة للأصل موجودة في تركيا ومصر وغيرها، وتبين لنا أن الأصل قد وصل إلى يومنا هذا على وجه شبه كامل. وقد قمنا باختيار أقدم وأصح النسخ من بين الموجود وحققنا الكتاب بمقارنة هذه النسخ. في حين كان يجري العمل في هذا المضمار فقد قمنا بكتابة مقدمة للكتاب تتناول التعريف بالأصل ومحاولة الوقوف على المخطوط الأساسية للفكر الأصولي المتضمَّن في الأصل. يعرف هذا الكتاب باسم الأصل أو كتاب الأصل وباسم المبسوط. وهناك شك في تسمية المؤلف لكتابه بأحد هذين الاسمين. والسبب في ذلك أن الأصل في البداية كان قد ألف كل كتاب منه على حدة ككتاب مستقل. لكننا نرى اعتباراً من القرن الرابع الهجري استعمال اسمي الأصل والمبسوط في التراث الفقهي. ونسبة الأصل إلى مؤلفه مقطوع بها. فإلى جانب رواية الكتاب عن مؤلفه على وجه الشهرة فإن لسان الكتاب وأسلوبه والمصطلحات المستعملة فيه واقتباسات الكتب الأخرى منه تدل على ذلك. ومع وجود النقاش في نسبة بعض الكتب الموجودة في مخطوطات الأصل إلى الشيباني فإنه لا يوجد دليل كاف لما يوجب الشك في صحة نسبتها إليه. توجد في الأصل بعض العبارات القليلة التي توهم في الوهلة الأولى أن بعض الآراء الموجودة قيس من كلام تلاميذ الشيباني مثل "هذا قياس قول محمد" ونحو ذلك؛ إلا أن استعمال الشيباني لعبارات مثل "قياس قولنا" وقرائن أخرى تدل على أنه من الممكن أن تكون العبارة السابقة وأمثالها من كلام الشيباني

نفسه. توجد في مخطوطات الأصل مقتبسات يسيرة في كتاب الصلاة وكتاب الصوم من كتب الشيباني الأخرى وكتب بعض الفقهاء الأحناف المتقدمين كما ينص على ذلك الناسخ بوضوح. وهذه الزيادات اليسيرة ترجع إلى تعليقات كتبت على هامش النسخ القديمة، فأدخلها المستنسخون المتأخرون في صلب الكتاب وخلطوها به. يدل تاريخ 160 المذكور كمثال في مسألة من مسائل الأصل، وتعيين أبي يوسف - الذي طلب من الشيباني تأليف الجامع الصغير بعد تأليفه الأصل - قاضياً في بغداد عام 166 أن الأصل قد أُكمل تأليفه قبل هذا التاريخ. لكن إذا أخذنا بعين الاعتبار المعلومة المفيدة أن الشيباني قد أعاد النظر في أكثر كتبه وأعاد تأليفها فإنه يمكن القول بأن هذا هو التأليف الأول للكتاب وأن التأليف الآخر قد تم في السنوات القادمة من حياة الشيباني. روى الأصل عن الشيباني تلاميذه وعلى رأسهم أبو سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني (ت. بعد 200) وأبو حفص الكبير أحمد بن حفص البخاري (ت. 217). وقد اشتهرت رواية الجوزجاني خصوصاً من بين الروايات الأخرى، ورأينا أن نسخة الأصل الموجودة بأيدينا اليوم مروي أكثر من نصفها عن طريق الجوزجاني، وأن ثُمنها تقريباً مروي عن طريق أبي حفص، وأن الباقي لا يوجد في معظمه ذكر لاسم الراوي. ويوجد في تراث الفقه الحنفي اقتباسات من الروايات الأخرى للكتاب. تذكر المصادر أن الأصل قد قرئ ودرس من قبل تلاميذ الشيباني في بغداد وبخارى والري الذي هو متصل بطهران اليوم، وكان لذلك تأثير كبير في انتشار المذهب الحنفي في تلك المناطق وما حولها. إن المسائل الفقهية في الأصل تأتي في بعض الكتب والأبواب على شكل السؤال والجواب بصيغة "قلت - قال"، بينما تأتي في بعض الكتب والأبواب على شكل جمل شرطية تبتدئ بأدوات الشرط مثل "إذا، لو، إن". وسبب هذا الاختلاف في الأسلوب يمكن أن يكون راجعاً إلى تأليف الأصل مرتين. وقد ظن الأستاذ العلَّامة المرحوم محمد حميد الله أنه يوجد في مكتبات إسطنبول روايتان مختلفتان للأصل، لكن بعد اطلاعنا على النسخ التي أشار إليها الأستاذ حميد الله للاستدلال على مدعاه وبَحْثِنا فيها تبين لنا

أن تلك النسخ لكتاب مختصر الأصل لمحمد بن إبراهيم الحنفي (ت. بعد 705)، وأن هذا الظن في غير محله. لقد ألف كثير من فقهاء الأحناف المتقدمين شروحاً على الأصل. لكن هذه الشروح تختلف عن الشروح المتأخرة في أنها لا تلتزم بلفظ المتن الذي تشرحه، ولكنها تكون متداخلة ومتشابكة معه، وتنقله أحياناً كثيرة بمعناه دون لفظه. وأهم الأعمال التي عُملت على الأصل هو الكافي للحاكم الشهيد (ت. 334) والذي يعتبر اختصاراً للأصل بشكل كبير. فإن الحاكم الشهيد قد اختصر الأصل في كتابه هذا في نصف حجمه تقريباً والتزم لفظه في الغالب وقابل روايات الأصل المختلفة وقام بترجيح بعضها على بعض. من ناحية أخرى فإن القسم المفقود من الأصل موجود في الكافي بشكل مختصر. والمبسوط لشمس الأئمة السرخسي (ت. 483) الذي شرح الكافي من المصادر الأساسية التي تنقل لفظ الأصل أحياناً وتحيل عليه وتفسر الفقه الحنفي المتقدم بتفكير فقهي وأصولي متطور. وقد استفدنا غاية الاستفادة من الكافي والمبسوط ومختصر الأصل في تحقيق الأصل وتصحيح مخطوطاته وإكمال النقص الموجود فيها. يوجد في نسخ الأصل التي بأيدينا اليوم سبع وخمسون كتاباً فقهياً، بينما يوجد في الكافي الذي يعتبر اختصاراً له ثمانية كتب فقهية أخرى لا توجد في الأصل. لقد قام بعض الباحثين في عصرنا وعلى رأسهم أبو الوفا الأفغاني بنشر ما يقرب من ربع الأصل. ويوجد في هذه الطبعات قراءات خاطئة في بعض المواضع مما لا يخلو منه أي تحقيق. وأقدم مخطوطات الأصل التي وصلت ليومنا يرجع تاريخ نسخها إلى سنوات 637 - 639. والنسخ الأقدم يحتمل أن تكون ضاعت في الاستيلاء المغولي على الجغرافيا التي كان المذهب الحنفي منتشراً فيها بشكل كبير. يمكن القول بأن مسائل الأصل مبنية في مجملها على الأدلة الشرعية الأربعة المعروفة "الكتاب والسنَّة والإجماع والقياس". تدل على ذلك عبارات الشيباني ومنهجه الذي اتبعه في اجتهاده لحل المسائل الفقهية. فالشيباني يعتبر القرآن الكريم الدليل الأول ويستدل بالآيات الكريمة حين يقتضي الأمر ذلك. والدليل الثاني عند الشيباني هو السنَّة. فهو يستدل بأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله

مع إعطاء الأولوية للأخبار "المعروفة المشهورة". وقد تقدم الشيباني على الشافعي في الاستدلال الحجية خبر الواحد وكان سلفاً له في ذلك. إلا أنه لا يقبل خبر الواحد مطلقاً، بل يأخذ به في ضوء السنَّة المعروفة والمشهورة. ويرى الشيباني الكتاب والسنَّة دليلين لا يفترق أحدهما عن الآخر، بحيث لا يجهد نفسه للاستدلال بالقران في كل صغيرة وكبيرة، بل يقبل السنَّة والعمل المعروف لدى المجتمع المسلم والعلماء كدليل كاف يجب اتباعه. ويرجع الشيباني إلى أقوال الصحابة والتابعين في تفسير آيات الكتاب، ويقول بوجوب اتباع ما أجمع عليه الصحابة، واختيار أحد أقوالهم فيما اختلفوا فيه وعدم إحداث قول جديد. كما يحتج الشيباني يقول الصحابي فيما لا يعلم له فيه مخالف، وششدل كذلك بأقوال التابعين الذين اشتهروا بالفتوى على عهد الصحابة مثل إبراهيم النخعي وغيره. ويستعمل الشيباني مصطلحات السنَّة والحديث والأثر/ الآثار على نطاق واسع. وهذه المصطلحات تشمل أقوال وأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين. ولكن المعنى المقصود بالسنَّة أولياً هو كونه العمل المشهور المعروف والذي ينبغي اتباعه لدى الأجيال السابقة خير القرون. ونرى في بعض المسائل أن الشيباني خالف رأي أبي حنيفة مستدلاً عليه بالسنَّة والأحاديث. ومخالفته هذه لا تنبع من خلف في الأصول والمنهج ولكنها نابعة من اقتناعه بوصول تلك الروايات - التي لم يعمل بها أبو حنيفة لأنها لم تصل لحد الشهرة - إلى درجة الشهرة. يحتوي الأصل على 1632 رواية ما بين حديث مرفوع وموقوف ومقطوع. ويروي الشيباني كثيراً عن أبي حنيفة وأبي يوسف كما يروي في بعض المواضع عن مالك بن أنس بالإضافة إلى كثير من علماء الحديث والفقه الآخرين. والشيباني الذي يولي قيمة كبيرة لإجماع الصحابة يحتج بإجماع من بعدهم أيضاً. أما القياس فهو يطلق على عملية الاجتهاد والتفكير العقلي الذي يظهر على شكل القواعد العامة حيناً والقياس بمعناه الاصطلاحي عند المتأخرين حيناً آخر، والذي يستلهم من معاني النصوص ولا يعارضها على وجه العموم. وهذا التفكير العقلي قد نفذ إلى الأصل بكامله وحقق التناسق والترابط بين مسائله. ومما يتصل بهذا أن كلمة القياس قد استعملت في مواضع كثيرة من الأصل

بمعنى "التخريج" في اصطلاح المتأخرين، أي قياس المسائل الفقهية الحديثة على المسائل الفقهية المعروفة في المذهب. والاستحسان المستعمل مع القياس يعترضنا في مواضع كثيرة جداً من الأصل، ويشكل هذان المفهومان زوجاً اصطلاحياً يرجع إليهما في حل المسائل. فقد ذُكر في كثير من المسائل أن القياس يقتضي أمراً لكن الاستحسان يقتضي أمراً آخر، ثم تُرك العمل بمقتضى القياس وصير إلى العمل بالاستحسان. كما هو المفهوم من هنا فإن الاستحسان يشكل استثناءً من قاعدة عامة. وما يقتضي هذا الاستثناء قد يكون هو السنَّة أو القياس أو القاعدة العامة أو الاحتياط أو العرف أو الضرورة. وفي الغالب فإن الاستحسان يستعمل بمعنى القياس الدقيق والخفي الذي يقتضي تفكيراً أعمق في مقابل القياس الجلي الذي يكون بمعنى التشابه الظاهري، ويكون مراعاة العرف والقواعد العامة أهم الأسباب التي تكمن وراء الاستحسان. كما نرى أن للعرف مكانة هامة في المعاملات ما لم يكن مخالفاً للنص. وقد استدل في حل بعض المسائل بأحكام الشرائع السابقة التي وردت في القرآن الكريم. ورأينا أن الاستصحاب يستعمل حجة للدفع لا للاستحقاق، أي دليلاً في بقاء ما كان على ما كان لا في إثبات أمر جديد. وقد انتقد سد الذرائع وعمل أهل المدينة والاحتجاج بهما فيما وجه إلى أهل المدينة من انتقاد، لكن عمل بمبدأ سد الذرائع في الحالات التي تكون شبهة التأدية إلى الشر فيها قوية. استعمل الشيباني أيضاً مصطلحات متعلقة بدلالات الألفاظ مثل النص والمفسر والمحكم، ولكن معانيها ليست واضحة تماماً كما استقرت عليه عند الأحناف المتأخرين. تدل مسائل الأصل على أن مطلق الأمر يدل على الوجوب، لكن القرائن يمكن أن تصرف دلالته إلى الندب أو الإباحة. تكلم الشيباني عن دلالة النهي على الفساد ووضح رأي الحنفية في هذه المسألة بشكل يتفق مع ما تحدث عنه الأصوليون الأحناف فيما بعد. كما أشار إلى قواعد ومصطلحات هامة في أصول الأحناف مثل تقديم المعنى الحقيقي على غيره، ومصطلحات العموم والخصوص ومسائلهما، واستنباط أحكام من

النصوص تحتاج إلى التفكير الدقيق عن طريق دلالة الإشارة، وعدم العمل بمفهوم المخالفة، وحمل المطلق على المقيد، ودلالة الاقتران. وقد جمع الشيباني بين الآثار المتعارضة في بعض الأحيان، لكن صار إلى الترجيح في الغالب، ووضع كثيراً من المقاييس في هذا الشأن وأهمها "السنَّة المشهورة". ومما يجلب الانتباه أنه استعمل خلال تحدثه عن اجتهاداته المختلفة كلمات كثيرة مشتقة من جذري "الحسن والقبح" اللذان أصبحا من أهم مباحث الحكم عند الأصوليين. ونظن أن هذه الاستعمالات قد مهدت الطريق أمام الآراء المختلفة في هذا المبحث الأصولي فيما بعد. ويمكن القول بأن مقاربة الحنفية للموضوع تقع في الوسط بين الآراء التي ستتكون فيما بعد عند المعتزلة والأشاعرة، وأن الأصل يحكمه طراز من التفكير يولي العقل أهمية كبيرة مع إعطاء الأولوية للنصوص. ونرى أن الشيباني قد فرق بين حق الله وحق العبد في بعض المسائل، وتحدث عن حلول مفصلة جداً لحالات الإكراه الذي هو من "عوارض الأهلية" عند الأصوليين، وخطا خطوات نحو تكوين نظرية للإكراه. وإذا نظرنا إلى المصطلحات المستعملة للتعبير عن الأحكام الشرعية فإننا نرى أنها ليسست واضحة المعنى تماماً على ما يعرف في اصطلاح المتأخرين. فمثلاً ليس هناك تفريق واضح بين الفرض والواجب، وبين الحرام والمكروه، وبين المكروه تحريماً والمكروه تنزيهاً، لكن هناك بعض الأمور التي تشير إلى ما يبتني عليه ذلك التفريق. إن دراسة منهج الشيباني وأسلوبه في الأصل وفي غيره من مؤلفاته تدل على أنه مجتهد مستقل بحيث يخالف أستاذيه أبا حنيفة وأبا يوسف في مواضع كثيرة من كتبه. نرى أن الشيباني قد أشار إلى شروط الاجتهاد مثل المعرفة بالكتاب والسنَّة والإجماع والملكة الفقهية والتقوى واستشارة الفقهاء الآخرين، وأنه يرى أن الخطأ معفو عنه في المسائل الاجتهادية، ويفسح المجال في اجتهاداته لرفع الحرج والعمل بالمصلحة والاحتياط كمبادئ يلتزم بها. وختاماً فإن الأصل للإمام محمد بن الحسن الشيباني يشتمل على محتوى غني جداً ومفتوح أمام من يريد البحث فيه من مختلف الجهات. ومن الواضح أنه لا يمكن لأي باحث أن يستوفي البحث في كتاب كبير مثل

الأصل، ولكن مع ذلك فإننا حاولنا قدر المستطاع تحليل التفكير الأصولي المتضفَن في ثنايا الكتاب وإلقاء الضوء على أفكاره الأساسية. وسوف نكون سعداء إذا شكل عملنا حول الكتاب نقطة بداية لبحوث أخرى مفصلة في المستقبل. والله المستعان، وعليه التكلان. والحمد لله أولاً وآخراً، وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.

مراجع المقدمة

مراجع المقدمة المصادر العربية: 1 - الآثار، محمد بن الحسن الشيباني، لكنو، مطبعة أنوار محمدي، د. ت. 2 - الآثار، أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت. 3 - الإحكام في أصول الأحكام، سيف الدين الآمدي، بيروت، 1400/ 1980. 4 - أخبار أبي حنيفة وأصحابه، حسين بن علي الصيمري، دار الكتب العلمية، بيروت، 1976. 5 - أخبار القضاة، محمد بن خلف بن حيان المعروف بوكيع، عالم الكتب، بيروت، د. ت. 6 - اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى، أبو يوسف، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، القاهرة، 1357. 7 - الإرشاد في معرفة علماء الحديث، أبو يعلى خليل بن عبد الله الخليلي، تحقيق: محمد سعيد عمر إدريس، مكتبة الرشد، الرياض، 1409. 8 - الإصابة في تمييز الصحابة، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، 1412/ 1992. 9 - الأصل، محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، عالم الكتب، بيروت، 1410/ 1990. 10 - الأصل، محمد بن الحسن الشيباني، مكتبة السليمانية، مراد ملا، رقم 1038 - 1041 (ثمانية أجزاء، كل مجلد يتكون من جزءين) 11 - أصول البزدوي، البزدوي، (انظر: كشف الأسرار، البخاري).

12 - أصول السرخسي، شمس الأئمة محمد بن أبي سهل أحمد السرخسى، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، دار قهرمان، إسطنبول، 1984. 13 - الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، 1986. 14 - إعلام الموقعين، ابن قيم الجوزية، تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد، بيروت، 1973. 15 - إغاثة اللهفان، شمس الدين محمد بن أبي بكر الزُّرَعي الدمشقي المعروف بابن قيم الجوزية، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار المعرفة، بيروت، 1395/ 1975. 16 - الإكمال، علي بن هبة الله المعروف بابن ماكولا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411. 17 - الأم، محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: رفعت فوزي عبد المطلب، دار الوفاء، المنصورة، 1422/ 2001. 18 - الأم، محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: محمد زهري النجار، بيروت، 1973. 19 - الإمام محمد بن الحسن الشيباني وأثره في الفقه الإسلامي، محمد الدسوقي، دار الثقافة، الدوحة، 1407/ 1987. 20 - الأنساب، أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني، تحقيق: عبد الله عمر البارودي، دار الفكر، بيروت، 1988. 21 - الاختيار لتعليل المختار، عبد الله بن محمود الموصلى، تحقيق: محمود أبو دقيقة، بيروت، 1395/ 1975. 22 - اعتقاد أهل السنَّة، اللالكائي، انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة. 23 - الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، أبو عمر يوسف بن عبد الله القرطبي المعروف بابن عبد البر، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 24 - البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين بن إبراهيم المعروف بابن نجيم، دار المعرفة، بيروت، د - ت. 25 - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني، دار الكتاب العربي، بيروت، 1982. 26 - البداية والنهاية، أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير، مكتبة المعارف، بيروت، د. ت. 27 - البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، تحقيق: محمد المصري، جمعية إحياء التراث الإسلامي، الكويت، 1407. 28 - بلوغ الأماني في سيرة الأمام محمد بن الحسن الشيباني، محمد زاهد الكوثري، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1355.

29 - التاريخ (رواية الدوري)، يحيى بن معين، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامىِ، تحقيق: أحمد محمد نور سيف، مكة المكرمة، 1399/ 1979. 30 - تاريخ الأدب العربي، كارل بروكلمان، ترجمة: عبد الحليم النجار وغيره، دار المعارف، القاهرة، 1983 31 - تاريخ الأمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، بيروت، 1408/ 1988. 32 - تاريخ الإسلام، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: عمر عبدالسلام تدري، دار الكتاب العربي، بيروت، 1407/ 1987. 33 - تاريخ التراث العربي، فؤاد سزكين، ترجمة: محمود حجازي، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، 1403/ 1983. 34 - التاريخ الكبير، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: السيد هاشم الندوي وغيره، دار الفكر، د. ت. (مصورة من طبعة حيدرآباد). 35 - تاريخ بغداد، أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 36 - تاريخ جرجان، حمزة بن يوسف السهمي الجرجاني، تحقيق: محمد عبدالمعيد خان، عالم الكتب، بيروت، 1401/ 1981. 37 - تاريخ مدينة دمشق، ابن عساكر، تحقيق: عمر بن غرامة العمري، دار الفكر، بيروت، 1995. 38 - تبين الحقائق في شرح كنز الدقائق، جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي، القاهرة، 1313. 39 - التحبير في المعجم الكبير، أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني، تحقيق: منيرة ناجي سالم، رئاسة ديوان الأوقاف، بغداد، 1395/ 1975. 40 - تحفة الفقهاء، علاء الدين محمد بن أحمد السمرقندي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1405/ 1984. 41 - التدوين في أخبار قزوين، عبد الكريم بن محمد الرافعي، تحقيق: عزيز الله العطاري، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987. 42 - تذكرة الحفاظ، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 43 - تذكرة النوادر من المخطوطات العربية، جمعية دائرة المعارف العثمانية، حيدرآباد، 1350.

44 - تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: إكرام الله إمداد الحق، دار الكتاب العربي، بيروت، د. ت. 45 - التعديل والتجريح، أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي القرطبي، تحقيق: أبو لبابة حسين، دار اللواء، الرياض، 1406/ 1986. 46 - التعليق الممجد على موطأ محمد، أبو الحسنات محمد عبدالحي بن محمد اللكنوي، تحقيق: تقي الدين الندوي، دار السنَّة والسيرة - دار القلم، بومبائي - دمشق، 1412/ 1991. 47 - التقرير والتحبير في شرح التحرير، شمس الدين محمد بن محمد بن محمد المعروف بابن أمير حاج الحلبي، دار الفكر، بيروت، 1417/ 1996. 48 - تقويم الأدلة، أبو زيد الدبوسي، تحقيق: خليل الميس، بيروت، 1421/ 2001. 49 - التلويح في شرح التوضيح، سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني، تحقيق: زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت، 1416/ 1996. 50 - التمييز، مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، مكتبة الكوثر، المربع (المملكة العربية السعودية)، 1410. 51 - تنوير الأبصار، التمرتاشي، (انظر: رد المحتار، ابن عابدين). 52 - تهذيب الأسماء واللغات، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، دار الفكر، بيروت، 1996. 53 - تهذيب التهذيب، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، دار الفكر، بيروت، 1404/ 1984. 54 - تهذيب الكمال، أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي، تحقيق: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1400/ 1980. 55 - توضيح المشتبه، شمس الدين محمد بن عبد الله المعروف بابن ناصر الدين، تحقيق: محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1993. 56 - التوضيح لمتن التنقيح، صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود (مع شرح التلويح، التفتازاني)، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت. 57 - جامع البيان عن تأويل القرآن، محمد بن جرير الطبري، بيروت، 1405. 58 - جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، بيروت، 1398. 59 - الجامع الصغير، محمد بن الحسن الشيباني (مع شرحه النافع الكبير لعبد الحي اللكنوي)، إدارة علوم القرآن، كراتشي، 1410/ 1990.

60 - الجامع الكبير، محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1399. 61 - جامع المسانيد، أبو المؤيد محمد بن محمود الخوارزمي، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت. 62 - الجرح والتعديل، عبد الرحمن بن محمد المعروف بابن أبي حاتم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1371/ 1952. 63 - الجواهر المضية في طبقات الحنفية، محيي الدين عبد القادر بن محمد ابن أبي الوفاء القرشي، تحقيق: عبد الفتاح الحلو، هجر للطباعة، الجيزة، 1413/ 1993. 64 - الجواهر المضية في طبقات الحنفية، محيي الدين عبد القادر بن محمد ابن أبي الوفاء القرشي، مير محمد كتبخانه، كراتشي، د. ت. 65 - حاشية ابن عابدين، انظر: رد المحتار. 66 - الحجة على أهل المدينة، محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: مهدي حسن الكيلاني، حيدرآباد، 1385 - 90/ 1965 - 71. 67 - حلية الأولياء، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، دار الكتاب العربي، بيروت، 1405. 68 - الحيوان، الجاحظ، تحقيق: عبد السلام هارون، بيروت، 1416/ 1996. 69 - خلاصة تذهيب تهذيب الكمال، أحمد بن عبد الله الخزرجي، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية - دار البشائر، حلب - بيروت، 1416. 70 - الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، بيروت، 1993. 71 - الدراية في تخريج أحاديث الهداية، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 72 - دراسة على الجامع الصغير للإمام محمد بن الحسن الشيباني، محمد بوينوكالن، مجلة البحوث الإسلامية (Islam Arastirmalari Dergisi)، العدد 20، 2008، ص 1 - 38. 73 - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: محمد عبد المعيد خان، دائرة المعارف العثماني، حيدرآباد، 1392/ 1972.

74 - الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، إبراهيم بن علي المالكي المعروف بابن فرحون، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت. 75 - ذيل التقييد في رواة السنن والمسانيد، تقي الدين محمد بن أحمد الفاسي المكي، تحقيق: يوسف كمال الحوت، دار الكتب العلمية، بيروت، 1410. 76 - الرخص الفقهية من القرآن والسنَّة النبوية، محمد شريف الرحموني، تونس، د. ت. 77 - رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر المعروف بابن عابدين، دار الفكر، بيروت، 1421/ 2000. 78 - الرسالة، محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: أحمد شاكر، القاهرة، 1358/ 1939 79 - السؤالات، أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي، تحقيق: مطاع الطرابيشي، دار الفكر، دمشق، 1403. 80 - السلوك لمعرفة دول الملوك، تقي الدين أحمد بن علي المقريزي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، 1418/ 1997. 81 - سنن أبي داود (داخل موسوعة السنَّة)، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، فهرسة وترقيم بدر الدين جتين أر، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1992/ 1413. 82 - سنن الترمذي (داخل موسوعة السنَّة)، محمد بن عيسى الترمذي، تحقيق: أحمد شاكر، محمد فؤاد عبد الباقي، إبراهيم عطوه عوض، فهرسة وترقيم بدر الدين جتين أر، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 83 - سنن الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، تحقيق: السيد عبد الله هاشم اليماني المدني، دار المعرفة، بيروت، 1386/ 1966. 84 - السنن الكبرى، أبو بكر أحمد بن حسين البيهقي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الباز، مكة المكرمة، 1414/ 1994. 85 - سير أعلام النبلاء، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، محمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1413. 86 - شذرات الذهب، عبد الحي بن أحمد المعروف بابن العماد الحنبلي، تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، محمد الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق، 1406.

87 - شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة، أبو القاسم هبة الله بن حسن اللالكائي، تحقيق: أحمد سعد حمدان، دار طيبة، الرياض، 1402. 88 - شرح تنقيح الفصول، شهاب الدين القرافي، تحفيق: طه عبد الرؤوف سعد، القاهرة، مكتبة الكليات الأزهرية، د. ت. 89 - شرح التلويح على التوضيح، سعد الدين التفتازاني، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت. 90 - شرح مشكل الآثار، أبو جعفر أحمد بن محمد للطحاوي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1408/ 1987. 91 - شرح معاني الآثار، أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، 1399. 92 - شعب الإيمان، أبو بكر أحمد بن حسين البيهقي، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، 1410. 93 - صحيح البخاري (داخل موسوعة السنَّة)، محمد بن إسماعيل البخاري، تحقيق: محمد ذهني أفندي وغيره، فهرسة وترقيم بدر الدين جتين أر، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992، (مصورة عن طبعة إسطنبول 1315). 94 - صحيح مسلم (داخل موسوعة السنَّة)، مسلم بن الحجاج النيسابوري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 95 - الضعفاء الكبير، أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي، تحقيق: عبدالمعطي أمين قلعجي، دار المكتبة العلمية، بيروت، 1404/ 1984. 96 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي، مكتبة الحياة، بيروت، د. ت. 97 - طبقات الحفاظ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1403. 98 - طبقات الحنابلة، محمد بن محمد بن حسين المعروف بابن أبي يعلى، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 99 - طبقات الفقهاء، أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي، تحقيق: خليل الميس، دار القلم، بيروت، د. ت. 100 - الطبقات الكبرى، أبو عبد الله محمد بن سعد الكاتب، دار صادر، بيروت، د. ت.

101 - طلبة الطلبة، نجم الدين النسفي، تحقيق: خالد عبد الرحمن العك، عمان، 1416/ 1995. 102 - العبر في خبر من غبر، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: صلاح الدين المنجد، مطبعة حكومة الكويت، الكويت، 1984. 103 - العلو للعلي الغفار، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: أشرف بن عبد المقصود، مكتبة أضواء السلف، الرياض، 1416/ 1995. 104 - غنية الملتمس إيضاح الملتبس، أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي، تحقيق: يحيى بن عبد الله البكري الشهري، مكتبة الرشد، الرياض، 1422/ 2001. 105 - الغنية عن الكلام وأهله، أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي البستي، لا يوجد الناشر أو التاريخ. 106 - الفتاوى الهندية، للشيخ نظام وجماعة من علماء الهند، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1400/ 1980. 107 - فتح الباب في الكنى والألقاب، أبو عبد الله محمد بن إسحاق الأصفهاني المعروف بابن منده، تحقيق: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابى، مكتبة الكوثر، الرياض، 1417/ 1996. 108 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 109 - فتح القدير، كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام، دار الفكر، بيروت، د. ت. 110 - الفرق بين الفرق، عبدالقاهر البغدادي، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 111 - فقه أهل العراق وحديثهم، محمد زاهد الكوثري، تحقيق: عبدالفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، 1970. 112 - الفهرس المختصر لمخطوطات مكتبة الحرم المكي، محمد بن سيد أحمد مطيع الرحمن وغيره، مكة المكرمة، 1427/ 2006. 113 - فهرس المكتبة الأزهرية، مطبعة الأزهر، 1365/ 1946. 114 - فهرس المخطوطات المصورة بمعهد المخطوطات العربية، فؤاد السيد، 1954 - 1960. 115 - فهرست الكتب العربية المحفوظة بالكتبخانه المصرية، أحمد الميهي ومحمد الببلاوي، المطبعة العثمانية، مصر، 1305.

116 - الفهرست، محمد بن إسحاق المعروف بابن النديم، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 117 - الفوائد البهية في تراجم الحنفية، أبو الحسنات محمد عبدالحي اللكنوي، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 118 - القانون الدولي الإسلامي كتاب السير للشيباني، مقدمة المحقق مجيد خدوري، بيروت، 1975. 119 - الكافي، الحاكم الشهيد المروزي، مكتبة عاطف أفندي، رقم 1005 - 1007. 120 - الكامل في ضعفاء الرجال، عبد الله بن عدي الجرجاني، تحقيق: يحيى مختار غزاوي، دار الفكر، بيروت، 1409/ 1988. 121 - الكامل في التاريخ، أبو الحسن عز الدين علي بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير، تحقيق: عبد الله القاضي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1415. 122 - كتاب السبعة في القراءات، ابن مجاهد، تحقيق: شوقي ضيف، القاهرة، 1400. 123 - كتاب السنن، أبو عثمان سعيد بن منصور الخراساني، تحقيق: سعد بن عبد الله بن عبدالعزيز آل حميد، دار العصيمي، الرياض، 1414. 124 - كتاب السير، محمد بن الحسن الشيباني، تحقيق: مجيد خدوري، بيروت، 1975. 125 - الكتاب، عمرو بن عثمان المعروف بسيبويه، تحقيق: عبدالسلام هارون، دار الجيل، بيروت، د. ت. 126 - الكتاب، القدوري (مع شرحه اللباب، عبدالغني الميداني)، بيروت، 1400/ 1980. 127 - كشف الأسرار، علاء الدين عبدالعزيز بن أحمد البخاري، تحقيق: عبد الله محمود عمر، دار الكتب العلمية، بيروت، 1418/ 1997. 128 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، مصطفى بن عبد الله المعروف بكاتب جلبي أو حاجي خليفة، تحقيق: محمد شرف الدين يالتقايا، رفعت بيلكه الكليسي، وكالة المعارف، إسطنبول، 1360/ 1941. 129 - كنز الدقائق، حافظ الدين النسفي، (انظر: تبيين الحقائق للزيلعي). 130 - اللباب في تهذيب الأنساب، أبو الحسن عز الدين علي بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير، دار صادر، بيروت، 1400/ 1980.

131 - لسان الميزان، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1406/ 1986 (مصورة عن طبعة حيدرآباد). 132 - المبسوط، شمس الأئمة محمد بن أبي سهل أحمد السرخسي، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 133 - المجروحين، أبو حاتم محمد بن حبان البستي، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الوعي، حلب، 1396. 134 - مجموعة رسائل، محمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين، دار إحياء التراث العربي، بيروت، د. ت. (رسالة عقود رسم المفتي). 135 - المحيط البرهاني، برهان الدين محمود بن أحمد البخاري، تحقيق: أحمد عزو عناية الدمشقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1424/ 2003. 136 - المحيط، رضي الدين السرخسي، مخطوطة رقم 377 بمكتبة دار الإفتاء في إسطنبول. 137 - مختار الصحاح، محمد بن أبي بكر الرازي، تحقيق: محمود خاطر، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، 1415/ 1995. 138 - مختصر الأصل، مخطوطة رقم 18917 بمكتبة بايزيد بإسطنبول. 139 - مختصر الطحاوي، أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق: أبو الوفا الأفغاني، دار إحياء العلوم، بيروت، 1406/ 1986. 140 - المدخل إلى السنن الكبرى، البيهقي، تحقيق: محمد ضياء الرحمن الأعظمي، الكويت، دار الخلفاء للكتاب الإسلامي، د. ت. 141 - مرقاة المفاتيح، علي بن سلطان الهروي المعروف بملا علي القاري، تحقيق: جمال عيتاني، دار الكتب العلمية، بيروت، 1422/ 2001. 142 - مسند أبي حنيفة، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، تحقيق: نظر محمد الفاريابي، مكتبة الكوثر، الرياض، 1415. 143 - المسودة في أصول الفقه، مجد الدين عبد السلام بن عبد الله المعروف بابن تيمية الجد وغيره، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار المدني، القاهرة، د. ت. 144 - المصنف، أبو بكر عبد الله بن محمد المعروف بابن أبى شيبة، تحقيق: كمال يوسف الحوت، مكتبة الرشد، الرياض، 1409. 145 - المصنف، عبد الرزاق بن همام الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1403.

146 - المعتمد، أبو الحسين البصري، تحقيق: خليل الميس، بيروت، 1403/ 1983. 147 - معجم الأدباء، ياقوت بن عبد الله الحموي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411/ 1991. 148 - معجم البلدان، ياقوت بن عبد الله الحموي، دار الفكر، بيروت، د. ت. 149 - معرفة القراء الكبار، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: بشار عواد معروف وغيره، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1404. 150 - المغازي، أبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي، تحقيق: مارسدن جونس، عالم الكتب، بيروت، 1404/ 1984. 151 - المغرب في ترتيب المعرب، أبو الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي، تحقيق: محمود فاخوري - عبدالحميد مختار، مكتبة أسامة بن زيد، حلب، 1399/ 1979. 152 - المقدمة، ولي الدين عبد الرحمن بن محمد التونسي الإشبيلي المعروف بابن خلدون، دار القلم، بيروت، 1984. 153 - ملتقى الأبحر، إبراهيم الحلبي، (مع شرحه مجمع الأنهر، داماد)، بيروت، 1419/ 1998. 154 - مناقب أبي حنيفة، حافظ الدين محمد بن محمد البزازي الكردري، (مع مناقب أبي حنيفة للموفق المكي)، دار الكتاب العربي، بيروت، 1401/ 1981. 155 - مناقب أبي حنيفة، الموفق بن أحمد المكي، (مع مناقب أبي حنيفة لحافظ الدين البزازي الكردري)، دار الكتاب العربي، بيروت، 1401/ 1981. 156 - المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي، دار صادر، بيروت، 1358. 157 - الموافقات، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي، تحقيق: عبد الله دراز، دار المعرفة، بيروت، د. ت. 158 - الموطأ، مالك بن أنس، (داخل موسوعة السنَّة)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الدعوة - دار سحنون، إسطنبول - تونس، 1413/ 1992. 159 - الموطأ، محمد بن الحسن الشيباني (انظر: التعليق الممجد، محمد عبدالحي اللكنوي).

المصادر التركية

160 - مولد العلماء ووفياتهم، أبو سليمان محمد بن عبد الله الربعي، تحقيق: عبد الله أحمد الحمد، دار العاصمة، الرياض، 1410. 161 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال، أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق: علي محمد معوض - عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، 1995. 162 - النتف في الفتاوى، علي بن حسين السُّغْدي، تحقيق: صلاح الدين الناهي، عمان - بيروت، 1404/ 1984. 163 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن تغري بردي، وزارة الثقاقة، مصر، د. ت. 164 - نزهة الألباب في الألقاب، أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني، تحقيق: عبد العزيز السديري، مكتبة الرشد، الرياض، 1409/ 1989. 165 - نصب الراية لأحاديث الهداية، جمال الدين عبد الله بن يوسف للزيلعي، تحقيق: محمد يوسف البنوري، دار الحديث، مصر، 1357. 166 - الهداية شرح بداية المبتدي، برهان الدين علي بن أبي بكر المرغيناني، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1400/ 1980. 167 - الوافي بالوفيات، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، تحقيق: أحمد الأرناؤوط - تركي مصطفى، دار إحياء التراث، بيروت، 1420 - 2000. 168 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، شمس الدين أحمد بن محمد المعروف بابن خلكان، تحقيق: إحسان عباس، دار الثقافة، لبنان، د. ت. 169 - الوفيات، محمد بن رافع السلامي، تحقيق: صالح مهدي عباس - بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1402. المصادر التركية: Fehmi Edhem Karatay ve o. Reser, Topkapi Sarayi Miizesi KiiUphanesi Arap؟a Yazmalar - Katalogu, Istanbul Topkapi Sarayi Miizesi, 1964, II, 375 - 376. Muhammed Hamidullah, "Oliimunun 1200'iincii yidOniimiinde Sarlman'in muasiri: Imam - Muhammed b. el - Hasen es - Seybani (trc. Yusuf Ziya Kava ،), Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s. 7. Muhammed Hamidullah, "ProfesOr Majid Khadduri'nin "Islam Devletler Hukuku" - (Seybani'nin Siyer'i)" (trc. Yusuf Ziya Kava) Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbid 1969, s.

26; N. Bayraktar, M. Hamidullah, s. Tug, Y. Z. Kavakl, "Imam Muhammed Seybâni'nin Istanbul KUtüphanelerindeki Mevcut Yazma Eserleri", Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s. 47. N. Bayraktar, M. Hamidullah, s. Tug, Y. Z. Kavaki, "Imam Muhammed Seybâni'nin - Istanbul Kiltüphanelerindeki Mevcut Yazma Eserleri", Islam Medeniyeti, sy. 20, Istanbul 1969, s. 47.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجُزْءُ الأولُ إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الصلاة

[1/ 1 ظ] بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) أبو سليمان الجوزجاني (¬2) عن محمد بن الحسن، قال: قد بينتُ لكم قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولي، وما (¬3) لم يكن فيه اختلاف فهو قولنا جميعاً (¬4). كتاب الصلاة (¬5) باب الوضوء (¬6) أبو سليمان عن محمد عن أبي حنيفة، قال (¬7): إذا أراد الرجل الصلاة ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ح ي - أبو سليمان الجوزجاني. (¬3) ك: ما. (¬4) ح ي - قد بينت لكم قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولي وما لم يكن فيه اختلاف فهو قولنا جميعاً. (¬5) ك م - كتاب الصلاة. ولا يوجد في طبعة حيدرآباد. وفي طبعة بيروت: كتاب الطهارة والصلاة. ولم يبين من أين أخذ ذلك. وهو موجود في الكافي، 1/ 1 ظ. كما أن في آخر هذا الكتاب عبارة: آخر كتاب الصلاة. (¬6) ح ي - باب الوضوء. (¬7) ح ي - أبو سليمان عن محمد عن أبي حنيفة قال.

باب الدخول في الصلاة

فليتوضأ. والوضوء أن يبدأ فيغسل يديه ثلاثاً، ثم يمضمض (¬1) فاه (¬2)، ثم يستنشق (¬3) [ثلاثاً] (¬4)، ثم يغسل وجهه ثلاثاً، ثم يغسل ذراعيه ثلاثاً (¬5) ثلاثاً (¬6)، ثم يمسح برأسه وأذنيه مرة واحدة، ثم يغسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً. قلت: أرأيت إن توضأ مثنى مثنى (¬7)؟ قال: يجزيه (¬8). قلت: فإن توضأ واحدة واحدة (¬9) سابغة؟ قال: يجزيه. ... باب الدخول في الصلاة (¬10) أبو سليمان عن محمد، قال (¬11): إذا (¬12) أراد الرجل (¬13) الدخول في الصلاة كبّر ورفع يديه حذاء أذنيه. ثم يقول: سبحانك اللَّهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم في نفسه. ثم يفتتح القراءة، ويخفي بسم الله الرحمن الرحيم. فإن كان إماماً وكان في صلاة يُجهر فيها بالقرآن (¬14) جهر بالقرآن (¬15). وإن كان في صلاة لا يجهر فيها بالقرآن أسرّ وقرأ في نفسه. وإن كان وَحْدَه ليس بإمام قرأ في نفسه إن شاء وإن كان (¬16) في (¬17) صلاة يُجْهَر فيها بالقرآن، وإن (¬18) شاء جهر وأسمع أذنيه (¬19). والقراءة في الركعتين الأُولَيَين من الظهر ¬

_ (¬1) خ: ثم يتمضمض. (¬2) خ - فاه. (¬3) ح ي - ثم يستنشق. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 1 ظ. (¬5) ي - ثم يغسل ذراعيه ثلاثاً. (¬6) ح - ثم يغسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً. (¬7) ح + يجزيه؛ ي + أيجزيه. (¬8) ح ي: نعم. (¬9) ح - واحدة. (¬10) ح ي - باب الدخول في الصلاة. (¬11) ح ي - أبو سليمان عن محمد قال. (¬12) ح ي: وإذا. (¬13) ح ي - الرجل. (¬14) ح ي: بالقراءة. (¬15) ح ي - بالقرآن. (¬16) ح ي: إن كانت. (¬17) ح ي - في. (¬18) ك م: فإن. (¬19) ح ي: نفسه. وقال الحاكم الشهيد: وإن كان وحده جهر في صلاة الجهر إن شاء وأسمع نفسه، وإن شاء أسر، والجهر أفضل. انظر: الكافي، 1/ 1 ظ. وعبارة السرخسي =

والعصر والمغرب والعشاء في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسورة (¬1)، وفي الأُخْرَيَيْن يقرأ بفاتحة القرآن. قلت (¬2): فإن لم يقرأ فيهما (¬3) أو قرأ في واحدة ولم يقرأ في الأخرى؟ قال (¬4): يجزيه. والقراءة في الفجر في كل ركعة، يقرأ (¬5) بفاتحة القرآن وسورة (¬6). والإمام [1/ 2 و] والذي يصلي وحده في ذلك سواء. فإذا أراد أن يركع (¬7) كبر وركع (¬8)، ووضع يديه على ركبتيه، وفرّق بين أصابعه، وبَسَطَ ظهرَه (¬9)، ولم ينكس رأسه ولم يرفعه. فإذا اطمأن راكعاً ¬

_ = هكذا: فإن كان وحده يخافت في هاتين الصلاتين (أي: الظهر العصر) كالإمام، فأما في صلاة الجهر فيتخير. انظر: المبسوط، 1/ 17. وذكر أيضاً أن على المنفرد المخافتة في الصلوات السرية. انظر: المبسوط، 1/ 222. وذكر الكاساني أنه إن كان المصلي منفرداً في صلاة يخافت فيها بالقراءة يخافت لا محالة، وأن هذا رواية الأصل، لكنه نقل عن عصام بن يوسف (ت 210 هـ) في مختصره أنه أثبت له خيار الجهر والمخافتة استدلالاً بعدم وجوب السهو عليه إذا جهر. انظر: بدائع الصنائع، 1/ 161. وظاهر عبارة الأصل تدل على أن للمنفرد أن يتخير بين الجهر والإخفاء حتى في الصلوات السرية وقد قال المؤلف: قلت: فإن لم يكن إماماً ولكنه صلى وحده فخافت فيما يجهر فيه أو جهر فيما يخافت فيه؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: من أين اختلفا (أي: صلاة الإمام وصلاة المنفرد)؟ قال: إذا كان الرجل وحده وأسمع أذنيه القرآن أو رفع ذلك أو خفض في نفسه أجزأه ذلك، وليس عليه سجدتا السهو. وإن تعمد لذلك فقد أساء، وصلاته تامة. انظر: 1/ 42 ظ - 43 و. وقد ذكر السرخسي أن جهر المنفرد في الصلاة السرية هو بمقدار إسماعه نفسه، وأنه غير منهي عنه. انظر: المبسوط، الموضع السابق. أما في الصلوات الجهرية فيجوز للمنفرد الزيادة على هذا القدر. وانظر للتفصيل: بدائع الصنائع للكاساني، 1/ 160 - 162. (¬1) ح ي: وبسورة. (¬2) ي - قلت؛ صح هـ (¬3) أي في الأخريين. وقال الحاكم الشهيد: وإن لم يقرأ في الأخريين أجزأه. انظر: الكافي، 1/ 1 ظ. (¬4) زاد في نسخة ك: "لم" فوق "قال". ويظهر أنه زِيدَ بعد أن كتب على الصواب بدون "لم". (¬5) ح - يقرأ. (¬6) ح ي: وبسورة. (¬7) م - يركع. (¬8) ح - وركع. (¬9) م - ظهره.

رفع رأسه وقال: سمع الله لمن حمده. ثم يقول في نفسه (¬1): ربنا لك الحمد، في قول أبي يوسف ومحمد (¬2). فإن كان إماماً قال مَن خلفه: ربنا لك الحمد، ولا يقولها هو في قول أبي حنيفة. وقال أبو (¬3) يوسف ومحمد: يقولها هو ومن خلفه. فإن كان وحده قال: ربنا لك الحمد، في قولهم جميعاً (¬4). ثم يَنحطّ فيكبر ويسجد. فإذا اطمأن ساجداً رفع رأسه وكبر. فإذا ¬

_ (¬1) أي: الإمام، لأنه قيده بقوله: في نفسه، أي يقول ذلك سرا، ولا حاجة إلى التقييد بذلك في المنفرد. (¬2) قال أبو الوفا الأفغاني: وقوله: "ثم يقول في نفسه: ربنا لك الحمد في قول أبي يوسف ومحمد" زائد لا حاجة إليه، لأنه إن أراد به المنفرد فيجيء حكمه بعد، وإن كان المراد به إماماً فحكمه متصل به بقوله: فإن كان إماماً ... انظر: الأصل (أبو الوفا الأفغاني)، 1/ 30. وكلام الإمام محمد واضح، أما الحكم عليه بأنه زائد لا حاجة إليه فليس في محله، لأن هذا هو أسلوب الكتاب، وهو مبني على الانبساط في العبارة (¬3) ي: أبي. (¬4) ح ي - فإن كان وحده قال ربنا لك الحمد في قولهم جميعاً. وعبارة المتن ظاهرة في أن المنفرد يقول ربنا لك الحمد، في قولهم جميعاً. ولم يذكر خلافا في قوله: سمع الله لمن حمده، مما يوحي بأن المنفرد يقوله أيضاً. وذكر الحاكم الشهيد ما يفعله الإمام والمأموم، ولم يذكر المنفرد. انظر: الكافي، 1/ 1 ظ وقال السرخسي: فأما المنفرد على قولهما فيجمع بين الذكرين، وعن أبي حنيفة فيه روايتان، في رواية الحسن هكذا، وفي رواية أبي يوسف قال: يقول: ربنا لك الحمد، ولا يقول: سمع الله لمن حمده، وهو الأصح، لأنه حَثّ لمن خلفه على التحميد، وليس خلفه أحد. انظر: المبسوط، 21/ 1. وهذا أيضاً ليس فيه إشارة إلى أن قول الإمام أبي حنيفة في ظاهر الرواية عنه متفِق مع الإمامين أبي يوسف ومحمد في أن المنفرد يقول: ربنا لك الحمد، مع أن هذا هو المذكور في جميع النسخ صريحاً إلا نسخة يوزغات. وفي الجامع الصغير: ويقول الإمام: سمع الله لمن حمده، ويقول من خلفه: ربنا لك الحمد، ولا يقولها هو. وقال أبو يوسف ومحمد: يقولها هو. وقال أبو يوسف: سألت أبا حنيفة عن الرجل يرفع رأسه من الركوع في الفريضة أيقول: اللَّهم اغفر لي؟ قال: يقول: ربنا لك الحمد، ويسكت. انظر: الجامع الصغير للإمام محمد مع شرحه النافع الكبير للكنوي، 87. فما أجاب به الإمام أبو حنيفة على سؤال أبي يوسف يفهم منه أن المنفرد يقول: ربنا لك الحمد في رأيه؛ لأنه ذكر قبله أن الإمام لا يقول ذلك. وذكر الطحاوي أن المنفرد يجمع بينهما. انظر: مختصر الطحاوي، 26 - 27. وقد اضطربت النقول في قول الإمام أبي حنيفة في حق المنفرد، وبعضها موافق لما في =

اطمأن قاعداً سجد الأخرى (¬1) وكبر. فإذا اطمأن ساجداً رفع رأسه وكبر، حتى يفرغ من صلاته. ويقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثاً، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً. وأدنى ما يقول (¬2) من ذلك ثلاثاً ثلاثاً (¬3) في كل ركعة وفي كل سجدة (¬4). قال: وبلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان (¬5) يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم" ثلاثاً (¬6)، وفي سجوده: "سبحان ربي الأعلى" ثلاثاً (¬7). قلت: أرأيت إذا سجد يضع يديه في السجود حذاء أذنيه، ويوجّه أصابعه نحو القبلة، ويعتمد على راحتيه، ويُبدي ضَبُعَيه، ويعتدل في سجوده، ولا يَفترش (¬8) ذراعيه؟ قال: نعم. قلت: وينحطّ في السجود (¬9) وهو يكبر، ويرفع رأسه إذا رفعه من السجود وهو يكبر؟ قال: نعم. قلت (¬10): ويَستتمّ قائماً كما هو (¬11)؟ قال: نعم. قلت: ويحذف التكبير حذفاً، ولا يطوّله؟ قال: نعم (¬12). قلت: أفيُستحب له إذا نهض أن ينهض ¬

_ = المتن، وبعضها مخالف له. وذلك لا يطعن في صحة المتن، وإنما يدل فقط على اختلاف نسخ الأصل، فقد ذكر في نسخة ما لم يذكر في نسخة أخرى. وهو أمر معروف لدى فقهاء الحنفية مثل الحاكم والسرخسي. وانظر: تحفة الفقهاء، 1/ 134؛ وبدائع الصنائع، 1/ 209؛ والهداية، 1/ 49؛ والبحر الرائق، 1/ 334. (¬1) م: للأخرى. (¬2) ي: ما يقال. (¬3) ح ي: ثلاث ثلاث. (¬4) والمراد بهذا أدنى الكمال لا أدنى الجواز، لأن الركوع والسجود يجوزان بدون هذا الذكر. انظر: المبسوط، 1/ 21. (¬5) ح ي: بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان. (¬6) ح ي - ثلاثاً. (¬7) ح ي - ثلاثاً. وروي نحو ذلك من حديث ابن مسعود وحذيفة وعقبة بن عامر - رضي الله عنهم -. انظر: سنن أبي داود، الصلاة، 146، 149؛ وسنن الترمذي، الصلاة، 79؛ وسنن النسائي، الافتتاح، 77. (¬8) م: ولا يفرش. (¬9) ي: للسجود. (¬10) ح ي - قال: نعم قلت. (¬11) أي: يستتم قائماً إذا قام إلى الركعة الثانية والثالثة والرابعة كما كان قائماً في الركعة الأولى. (¬12) ح - قلت ويحذف التكبير حذفاً ولا يطوله قال نعم.

على صدور (¬1) قدميه (¬2) إذا رفع رأسه من السجود حتى يَستتمّ قائماً، ولا يقعد (¬3)؟ قال: نعم (¬4)، يُستحبّ له ذلك. قلت: وكيف يقعد الرجل في الصلاة إذا قعد في الثانية والرابعة؟ قال: يَفترش (¬5) رجله اليسرى فيجعلها بين أليتيه فيقعد عليها ويَنصِب اليمنى نَصْباً ويوجّه أصابع رجله اليمنى نحو القبلة. قلت: وكذلك إذا سجد وجّه أصابع رجليه (¬6) قِبَلَ القبلة؟ قال: نعم. قلت (¬7): وتَستحِبّ (¬8) له أن يعتمد بيده اليمنى على اليسرى وهو قائم في الصلاة؟ قال: نعم (¬9). قلت: وتحب (¬10) له أن يكون مُنتهَى بصرِه إلى موضع سجوده، ولا يَلتفت ولا يَعبث بشيء؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: على صدر. (¬2) قال الإمام محمد: قال أبو حنيفة - رضي الله عنه -: السنة في الصلاة إذا أراد الرجل أن ينهض ينهض على صدور قدميه إن قدر على ذلك، وإن كان شيخاً كبيراً أو رجلاً بادناً لا يقدر على أن ينهض على صدور قدميه فليعتمد براحتيه على الأرض ولينهض عليها. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 315. وذكر السرخسي كلاماً نحوه. انظر: المبسوط، 1/ 23. (¬3) أي: لا يجلس جلسة الاستراحة. انظر: بدائع الصنائع للكاساني، 1/ 211. (¬4) ي + قلت: وكذلك إذا سجد وجه أصابع رجليه قبل القبلة؟ قال: نعم. (¬5) م: يفرش. (¬6) ي: رجله. (¬7) ح - قلت. (¬8) م ح ي: ويستحب. (¬9) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة [عن حماد] عن إبراهيم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتمد بإحدى يديه على الأخرى في الصلاة يتواضع لله تعالى. قال محمد: ويضع بطن كفه الأيمن على رسغه الأيسر تحت السرة، فيكون الرسغ في وسط الكف. محمد قال: أخبرنا الربيع بن صبيح عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي أنه كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى تحت السرة. قال محمد: وبه نأخذ. وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار، 28. وزيادة "عن حماد" في الإسناد من مخطوطة الآثار في مكتبة سليم أغا بإسطنبول، رقم 275؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 296. وانظر: المبسوط، 1/ 23 - 24. (¬10) م ح: ويجب؛ ي: ويستحب.

قلت: أتَكره (¬1) له أن يُقْعِيَ في الصلاة (¬2) إقْعاء (¬3)؟ قال: نعم. قلت: وتَكره (¬4) له أن يتربّع (¬5) في الصلاة من غير عذر؟ قال: نعم. قلت: وتَكره (¬6) له أن يَلتفت أو يَقلب الحَصَى أو يُفَرْقِعَ أصابعَه أو يَعبث بشيء من جسده أو (¬7) ثيابِه أو يَعبث بالحصى (¬8) أو بشيء غير ذلك / [1/ 2 ظ] أو يضع يده على خاصرته وهو في الصلاة؟ قال: أكره هذا كله. قلت: أرأيت إن كان الحصى لا يمكّنه من السجود؟ قال: إن سَوَّاه مرة واحدة بيده فلا بأس بذلك، وتَرْكُه أحب إلي. قلت: وتَكره (¬9) أن يمسح جبهته من التراب بعد أن (¬10) يفرغ من صلاته (¬11)؟ قال: لست أَكره [ذلك]. قلت: فإن مسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته؟ قال: لا أكره (¬12) له ¬

_ (¬1) م: أيكره؛ ح ي: ويكره. (¬2) ح ي - في الصلاة. (¬3) ح ي + الكلب. الإقعاء في اللغة هو أن يُلصق أليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كما يقعي الكلب. وتفسير الفقهاء أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين. انظر: المغرب، "قعي"؛ ولسان العرب، "قعي". (¬4) م ح ي: ويكره. (¬5) م: أن يربع. (¬6) م ح ي: ويكره. (¬7) ح ي + من. (¬8) ح ي - أو يعبث بالحصى. (¬9) م ح ي: ويكره؛ ح ي + له. (¬10) ح ي: بعدما. (¬11) ح + قبل أن يسلمه؛ ي + قبل أن يسلم. (¬12) م: قال أكره. وقال الحاكم الشهيد: ويكره أن يمسح جبهته من التراب قبل أن يفرغ من صلاته انظر: الكافي، 1/ 2 و. لكن قال السرخسي: قال [أي: الحاكم في الكافي]: لو مسح جبهته من التراب قبل أن يفرغ من صلاته لا بأس به. [قال السرخسي]: لأنه عمل مفيد، فإن التصاق التراب بجبهته نوع مُثْلَة، فربما كان الحشيش الملتصق بجبهته يؤذيه، فلا بأس به. ولو مسح بعدما رفع رأسه من السجدة الأخيرة لا خلاف في أنه لا بأس به. فأما قبل ذلك فلا بأس به في ظاهر الرواية. وعن أبي يوسف قال: أحب إلي أن يدعه، لأنه يتترب ثانياً وثالثاً فلا يكون مفيداً، ولو مسح لكل مرة كان عملاً كثيراً. ومن مشايخنا من كره ذلك قبل الفراغ من الصلاة، وجعلوا القول قول محمد -رحمه الله- في الكتاب: "لا" مفصولاً عن قوله: "أكرهه"، فإنه قال في الكتاب: قلت: لو مسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته؟ قال: لا أكرهه، يعني لا تفعل، فإني أكرهه. لحديث ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه -: أربع من الجفاء: أن تبول قائماً، وأن تسمع النداء فلم تجبه، وأن تنفخ في صلاتك، وأن=

ذلك (¬1). قلت: أرأيت الرجل إذا قعد في الصلاة في الثانية والرابعة كيف يتشهّد؟ قال: يقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله (¬2) وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. ولا (¬3) يزيد على هذا إذا قعد في الركعة الثانية شيئاً. وأما في الركعة الرابعة فإذا فرغ من هذا دعا الله -عَزَّ وَجَلَّ- (¬4) وسأله (¬5) حاجته (¬6). قلت: وتَكره (¬7) أن يزيد في التشهد حرفاً أو يبتدئ بشيء قبل هذا (¬8)؟ قال: نعم. قلت: وكيف يسلّم الرجل إذا فرغ من صلاته؟ قال: يقول: السلام عليكم ورحمة الله، عن يمينه (¬9)، وعن (¬10) يساره مِثلَ ذلك. وَينوي بالتسليم الأول (¬11) من كان عن يمينه من الحَفَظَة والرجال والنساء في التسليمة الأولى، وعن يساره مِثلَ ذلك. فإن (¬12) كان خلف الإمام سلّم ونوى مثل ¬

_ = تمسح جبهتك في صلاتك. وتأويله عند من لا يكرهه من أصحابنا المسح باليدين كما يفعله الداعي إذا فرغ من الدعاء في غير الصلاة انظر: المبسوط، 1/ 27. فلعل نسخة الكافي التي عندنا محرفة. (¬1) ح ي: قال: أكره ذلك له. (¬2) ح ي + وحده لا شريك له. (¬3) ح ي: لا. (¬4) م - دعا الله -عَزَّ وَجَلَّ-. (¬5) ح: ويسأله. (¬6) لم يذكر الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا، ولم يذكرها الحاكم في الكافي، 2/ 1 و. وذكرها الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة في الحجة على أهل المدينة، 1/ 138. وذكرها السرخسي نقلاً عن مختصر الطحاوي. انظر: مختصر الطحاوي، 27؛ والمبسوط، 1/ 29. (¬7) م: ويكره؛ ح ي: ويكره له. (¬8) قال السرخسي: ومراده ما نُقل شاذاً في أول التشهد: باسم الله وبالله، أو باسم الله خير الأسماء، وفي آخره: أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فإنه لم يشتهر نقل هذه الكلمات انظر: المبسوط، 1/ 28. (¬9) ح ي + ويقول السلام عليكم ورحمة الله. (¬10) ح ي: عن. (¬11) ح ي - بالتسليم الأول. (¬12) ح ي: وإن.

ذلك. فإن كان الإمام في الجانب (¬1) الأيمن نواه فيهم. وكذلك إن (¬2) كان في الجانب الأيسر فإنه ينويه فيهم. قلت: أرأيت الرجل إذا صلى أتَكره (¬3) له أن يغطّي فاه وهو يصلي؟ قال: نعم. قلت: وتَكره (¬4) للرجل أن يصلي وهو مُعْتَجِر (¬5) أو عاقِص شعره (¬6)؟ قال: نعم، أكره هذا كله. قلت: فهل يُستحب للرجل إذا سجد أن يضع ركبتيه (¬7) على الأرض قبل يديه، وإذا رفع رأسه فقام (¬8) أن يرفع يديه قبل ركبتيه؟ قال: نعم. قلت: ويخفي الإمام التشهد والتعوذ؟ قال: نعم. قلت: ويخفي (¬9) بسم (¬10) الله الرحمن الرحيم وآمين واللَّهم (¬11) ربنا (¬12) لك الحمد؟ قال: نعم. قلت: وينبغي له إذا فرغ من فاتحة القرآن أن يقول: آمين؟ قال: نعم. قلت (¬13): وينبغي لمن خلفه أن يقولوها ويخفوها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً (¬14) صلى فنفخ التراب عن (¬15) موضع سجوده وهو نَفْخٌ يُسمَع؟ قال: هذا بمنزلة الكلام، وهو يقطع الصلاة. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يقطع الصلاة (¬16) إلا أن يريد به (¬17) ¬

_ (¬1) ك م: في جانب. (¬2) ح ي: لمن. (¬3) م ي: أيكره. (¬4) م ي: ويكره. (¬5) م: متعجر. والاعتجار في اللغة الاختمار والاعتمام. وأما الاعتجار المنهي عنه في الصلاة فهو أن يلف العمامة على رأسه ويبدي الهامة. وقيل: هو لَيّ العمامة على الرأس من غير إدارة تحت الحنك. وروي عن محمد بن الحسن: المعتجر المنتقب بعمامته وقد غطى أنفه. انظر: المبسوط، 1/ 31؛ والمغرب، "عجر". (¬6) العَقْص هو جمع الشعر على الرأس. وقيل: لَيّه وإدخال أطرافه في أصوله. انظر: المغرب، "عقص". (¬7) ح: ركبته. (¬8) ك + قبل. (¬9) ح ي - قال نعم قلت ويخفي. (¬10) ح ي: وبسم. (¬11) ح ي - واللَّهم. (¬12) ح ي: وربنا. (¬13) ح - قلت. (¬14) ي: الرجل. (¬15) ي - عن. (¬16) ح ي - الصلاة. (¬17) م - به.

التأفيف. وهذا قول أبي يوسف الأول. ثم رجع فقال: لا يقطع صلاته (¬1)، وصلاته (¬2) تامة. قلت: فإن كان نَفْخاً (¬3) لا يُسمَع؟ قال: هذا قد أساء، وصلاته تامة. قلت: أرأيت الرجل يصلي في ثوب واحد / [1/ 3 و] يتوشّح به (¬4) أو في قميص واحد وهو صفيق هل تَكره (¬5) له ذلك؟ قال: لا أكرهه، ولا بأس بذلك. قلت: وكذلك (¬6) لو كان إمام قوم؟ قال: نعم. قلت: أفتكره (¬7) للرجل أن يَكُفّ ثيابه إذا سجد ويرفعها (¬8) أو يرفع شعره (¬9)؟ قال: نعم، أكره ذلك كله (¬10). قلت: وتَرَى (¬11) إذا سجد أن يضع جبهته وأنفه على الأرض؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وضع جبهته (¬12) ولم يضع أنفه أو وضع أنفه ولم يضع جبهته؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد (¬13) فإن سجد على أنفه دون جبهته وهو يقدر على السجود على جبهته لم يجزه (¬14)، وإن سجد على جبهته دون أنفه أجزأه ذلك (¬15). ... ¬

_ (¬1) ح ي - لا يقطع صلاته. (¬2) ح ي: صلاته. (¬3) ح ي: نفخ. (¬4) توشّح الرجل بالثوب واتّشح هو أن يُدخله تحت يده اليمنى ويُلقيه على منكبه الأيسر كما يفعله المحرم. وذكر خواهر زاده أن المعنى أن يلف الثوب على جميع بدنه كنحو إزار الميت أو قميص واحد. انظر: المغرب، "وشح". (¬5) م ح: هل يكره. (¬6) ح - كذلك؛ صح هـ. (¬7) م ي: أفيكره. (¬8) ح ي: أو يرفعها. (¬9) أي: إذا كان شعره طويلاً فلا يكفه. انظر: المبسوط، 1/ 34. (¬10) ي: له. (¬11) م: ويري؛ ي + له. (¬12) ح - وأنفه على الأرض قال نعم قلت أرأيت إن وضع جبهته؛ صح هـ. (¬13) ح ي - ومحمد. (¬14) ح ي + ذلك. (¬15) ي - ذلك.

باب افتتاح الصلاة وما يصنع الإمام

باب افتتاح الصلاة وما يصنع الإمام (¬1) قلت: أرأيت الرجل إذا صلى هل يرفع يديه في شيء من تكبير (¬2) الصلاة حين يركع أو حين يسجد أو حين يرفع رأسه من الركوع (¬3) أو حين يرفع رأسه (¬4) من السجود (¬5)؟ قال: لا يرفع يديه في شيء من ذلك إلا في التكبيرة (¬6) التي يفتتح بها الصلاة. قلت: أرأيت الرجل (¬7) إذا (¬8) انتهى إلى الإمام وقد سبقه الإمام (¬9) بركعتين والإمام قاعد كيف يصنع هذا الرجل؟ قال: يكبر تكبيرة يفتتح بها الصلاة، ثم يكبر أخرى فيقعد بها، فإذا نهض الإمام نهض معه وكبر، فإذا فرغ الإمام من صلاته وسلّم قام (¬10) فقضى ما سبقه به الإمام. قلت: أرأيت رجلاً (¬11) افتتح الصلاة بالتهليل أو بالتحميد أو بالتسبيح هل يكون ذلك دخولاً في الصلاة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو افتتح الصلاة فقال: الله أجل أو (¬12) الله أعظم، أكان هذا دخولاً في الصلاة؟ قلت (¬13): نعم. قال (¬14): فهذا وذاك سواء. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وإبراهيم والحَكَم بن عُتَيْبَة (¬15). وقال أبو يوسف: لا يجزيه إذا كان يعرف ¬

_ (¬1) ح ي - باب افتتاح الصلاة وما يصنع الإمام. (¬2) ح: من تكبيرة. (¬3) ح ي: من السجود (¬4) ح ي - حين يرفع رأسه. (¬5) ح ي: من الركوع. (¬6) ح: في تكبيرة. (¬7) ح: رجلاً؛ ي: رجل. (¬8) ح ي - إذا. (¬9) ح ي - الإمام. (¬10) ح ي + بتكبيرة. (¬11) ي + رجل. (¬12) ح + قال؛ ي: وقال. (¬13) ي: قال. (¬14) ي: قلت. (¬15) ك م: عيينة؛ ح ي. بن عتيبة. والتصحيح من كتب الرجال. وهو فقيه معروف من فقهاء الكوفة، من أصحاب إبراهيم النخعي، توفي سنة 115 هـ انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 208/ 5. وعن إبراهيم قال: إذا سبح أو كبر أو هلل أجزأه في الافتتاح ويسجد سجدتي السهو. وعن الحكم قال: إذا سبح أو هلل في افتتاح الصلاة أجزأه من التكبير. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 1/ 215. وعن الحكم قال: إذا نسي أن يكبر الرجل في الصلاة فقال: سبحان الله، أجزأ عنه أن يفتتح بذكر الله. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 2/ 73.

أن الصلاة (¬1) تُفتتَح بالتكبير وكان يحسنه، وإن كان لا يعرف أجزأه. وقال أبو حنيفة: إن افتتح الصلاة بالفارسية وقرأ بها وهو يحسن العربية أجزأه. وقال أبو يوسف ومحمد (¬2): لا يجزيه إلا أن يكون لا يحسن العربية. قلت: أرأيت رجلاً (¬3) افتتح الصلاة قبل الإمام ثم كبر الإمام بعده فصلى الرجل بصلاة (¬4) الإمام؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه دخل (¬5) في غير صلاة الإمام. ألا ترى أنه قد أوجب الصلاة على نفسه (¬6) ودخل فيها قبل أن يوجبها الإمام على نفسه. قلت: / [1/ 3 ظ] أرأيت إن كبر بعدما كبر الإمام ودخل (¬7) معه وهو ينوي بذلك الدخول (¬8) في صلاة الإمام والقطع لما كان كبر قبله فصلى مع الإمام؟ قال: يجزيه. قلت: لم يكون (¬9) التكبير قطعاً للصلاة (¬10) ولم يتكلم ولم يسلم؟ قال: لأنه قد (¬11) دخل في صلاة أخرى غير الأولى. ألا ترى أن رجلاً لو صلى (¬12) تطوعاً وتشهّد فنسي أن يسلم فقام فكبر وهو ينوي الدخول في الصلاة (¬13) المكتوبة أن ذلك قَطْعٌ للتطوع (¬14) ودخول في الفريضة، فكذلك (¬15) الأول. قلت: أرأيت الإمام إذا فرغ من صلاته أيقعد (¬16) في مكانه الذي يصلي فيه أو يقوم؟ قال: إذا كانت صلاة الظهر أو المغرب (¬17) أو العشاء فإنني (¬18) أكره له أن يقعد في مقعده حين يسلم، وأَحَبُّ إليّ (¬19) أن يقوم. ¬

_ (¬1) ح: إن كان لا يعرف الصلاة. (¬2) ح ي - ومحمد. (¬3) ي: رجل. (¬4) ح ي: صلاة. (¬5) ح: إنه قد دخل. (¬6) ح ي: قد أوجب على نفسه الصلاة. (¬7) ح ي: دخل. (¬8) ح - الدخول. (¬9) م: لم يكن. (¬10) ح ي: قطع الصلاة. (¬11) ح ي - قد. (¬12) ح ي: ألا ترى لو أن رجلاً صلى. (¬13) ح ي: في صلاة. (¬14) م: المتطوع؛ ح: للمتطوع. (¬15) م: وكذلك. (¬16) م: أيعقد. (¬17) ح: والمغرب. (¬18) ح ي: فإني. (¬19) ح - إلي.

وأما الفجر والعصر (¬1) فإن شاء قام، وإن شاء قعد. قلت: أفيَستقبل القوم بوجهه أو يَنحرف من مكانه؟ قال: إن كان بحذائه إنسان يصلي شيئاً (¬2) بقي عليه (¬3) من صلاته فلا يَستقبله بوجهه، وإن لم يكن بحذائه أحد يصلي فإن شاء انحرف، وإن شاء استقبلهم بوجهه. قلت: فإن أراد (¬4) في الظهر والمغرب والعشاء أن يصلي تطوعاً أيصلي (¬5) في مكانه (¬6) الذي صلى بهم (¬7) أو يتأخر؟ قال: بل يتأخر فيصلي خلف القوم أو حيث أحب من المسجد ما خلا مكانه الذي يصلي (¬8) بهم فيه. قلت: فالذين خلفه أيصلون في أمكنتهم التي صَلَّوْا فيها أو يَتَنَحَّوْن؟ قال: إن فعلوا فلا بأس، ويَتَنَحَّوْن خطوة أو خطوتين أَحَبُّ إليّ (¬9). قلت: فمتى يجب على القوم أن يقوموا في الصف؟ قال: إذا كان الإمام معهم في المسجد فإني أُحب لهم أن يقوموا في الصف إذا قال المؤذن: حي على الفلاح، وإذا (¬10) قال: قد قامت الصلاة، كبر الإمام وكبر القوم معه. وأما إذا لم يكن الإمام معهم في المسجد فإنني (¬11) أكره لهم أن يقوموا في الصف والإمام غائب عنهم. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وأما في قول أبي يوسف فإنه (¬12) لا يكبر حتى يفرغ المؤذن من الإقامة. قلت: أرأيت إن أخّر الإمام ذلك حتى يفرغ المؤذن من الإقامة (¬13) ثم كبر ودخل في الصلاة؟ قال (¬14): لا بأس بذلك. قلت: أرأيت الرجل يتثاءب (¬15) في الصلاة أتحبّ (¬16) له أن يغطّي ¬

_ (¬1) ح ي: وأما العصر والفجر. (¬2) ح ي - شيئاً. (¬3) ح ي + شيء. (¬4) ح ي: فإذا قلت أراد. (¬5) ح ي - أيصلي. (¬6) م: وكذلك. (¬7) ح ي + ان يصلى. (¬8) ح ي: صلى. (¬9) ح ي - قلت فالذين خلفه أيصلون في أمكنتهم التي صلوا فيها أو يتنحون قال إن فعلوا بأس ويتنحون خطوة أو خطوتين أحب إلي. (¬10) ح ي: فإذا. (¬11) ح ي: فإني. (¬12) ح ي: وأما أبو يوسف قال. (¬13) ح ي: من إقامته. (¬14) م: وقال. (¬15) ح ي: يتثاوب. (¬16) م: أيجب؛ ي - أتحب؛ صح هـ.

فاه؟ قال: نعم، أُحب له ذلك. قلت: أرأيت رجلاً (¬1) صلى بقوم فكان (¬2) على دُكّان (¬3) يصلي بهم وأصحابه على الأرض؟ قال: أكره لهم ذلك، وصلاتهم تامة (¬4). قلت: وكذلك لو كان الإمام على الأرض وأصحابه على الدُّكّان؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يَؤُمُّهم العبد أو الأعرابي أو الأعمى أو ولد الزنى؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: وَيؤُمُّهم غير هؤلاء أحَبُّ؟ قال: نعم (¬5). قلت: أرأيت إن أَمَّهم فاسق؟ قال: صلاتهم تامة. قلت (¬6): أي القوم أَحَبُّ إليك (¬7) أن يَؤُمَّهم؟ قال: أَقْرَؤُهم لكتاب الله / [1/ 4 و] وأعلمهم بالسنة. قلت: فإن كان في القوم (¬8) رجلان (¬9) أو ثلاثة كذلك؟ قال: يَؤُمُّهم أكبرهم سناً. قلت: فإن كان غيره أورع منه وأبين صلاحاً (¬10) وهما في القراءة والفقه سواء؟ قال: يؤمّهم أفضلهما (¬11) ورعاً وأبينهما (¬12) صلاحاً. قلت: أفتَكره (¬13) للرجل أن يؤمّهم الرجل في بيته؟ قال: نعم بغير إذنه (¬14). قلت: فإن (¬15) أذن له في ذلك؟ قال: لا بأس بذلك (¬16). ¬

_ (¬1) ح: رجل. (¬2) م - فكان، صح هـ. (¬3) الدُّكّان: مكان مرتفع عن باقي المصلين. انظر: المغرب، "رحب"؛ ولسان العرب، "دكك، دكن"؛ والمصباح المنير، "دكك". (¬4) وعللوا للمسألة بأن فيه تكبراً وتشبهاً بأهل الكتاب قال السرخسي: ولم يبين في الأصل حد ارتفاع الدكان، وذكر الطحاوي أنه ما لم يجاوز القامة لا يكره، لأن القليل من الارتفاع عفو، ففي الأرض هبوط وصعود، والكثير ليس بعفو، فجعلنا الحد الفاصل أن يجاوز القامة، لأن القوم حينئذ يحتاجون إلى التكلف للنظر إلى الامام، وربما يشتبه عليهم حاله. انظر: مختصر الطحاوي، 33؛ والمبسوط، 1/ 40. (¬5) ح ي - قلت ويؤمهم غير هؤلاء أحب قال نعم. (¬6) ح ي + أرأيت. (¬7) ح ي: أحقهم. (¬8) ح ي: فيهم. (¬9) ي: رجلين. (¬10) ي + منه. (¬11) ح: أفضلهم. (¬12) ح: وأبينهم. (¬13) ك م: أفيكره. (¬14) ح ي - بغير إذنه. (¬15) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬16) ح ي: به.

باب الوضوء والغسل من الجنابة

قلت: أرأيت القوم إذا كانوا (¬1) ثلاثة أحدهم الإمام كيف يصنع؟ قال: يتقدم الإمام (¬2) فيصلي بهما. قلت: فإن لم يتقدم وصلى بينهما؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: أرأيت إن كان القوم كثيراً فقام الإمام وسطهم أو قام في ميمنة الصف أو في ميسرته فصلى (¬3) بهم؟ قال: هذا قد أساء، وصلاتهم تامة. قلت: أرأيت إن كان الإمام ومعه رجل واحد أين يقوم الرجل (¬4)؟ قال: يقوم إلى جانب الإمام (¬5) الأيمن. قلت: أرأيت (¬6) إن صلى خلفه وحده؟ قال: صلاته (¬7) تامة. قلت: أرأيت إن صلى إلى جانب الإمام الأيسر؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة، وإنما ينبغي له أن يقوم عن يمين الإمام. ... باب الوضوء والغسل من الجنابة (¬8) أبو سليمان عن محمد، قال (¬9): قلت: أرأيت الرجل إذا أراد أن يغتسل من الجنابة كيف يغتسل؟ قال: يبدأ (¬10) فيُفرِغ على يديه (¬11) الماء (¬12) فيَغسلهما حتى يُنقيهما. ثم يُفرغ بيمينه (¬13) على شماله (¬14) فيَغسل فرجه حتى يُنقيه. ثم يتوضأ وضوءه للصلاة كما وصفتُ لك وضوء الصلاة غير رجليه. ثم يُفيض الماء على رأسه ولحيته وعلى سائر جسده، فيَغسل ذلك كله (¬15) ¬

_ (¬1) ح ي: قلت إذا كان القوم. (¬2) ح ي - الإمام. (¬3) ح ي: وصلى. (¬4) م - الرجل. (¬5) ح - الإمام؛ صح هـ. (¬6) ح ي - أرأيت. (¬7) ح ي: صلاتهم. (¬8) ح ي - باب الوضوء والغسل من الجنابة. (¬9) ح ي - أبو سليمان عن محمد قال. (¬10) ي: فيبدأ. (¬11) ي: على يده. (¬12) ح ي: من الماء. (¬13) ي: يمينه. (¬14) ح: عن شماله. (¬15) ح - كله.

حتى يُنقيه. ثم يَتنحَّى فيَغسل قدميه. قلت: أرأيت إن أفاض الماء على رأسه وسائر (¬1) جسده (¬2) ثلاثاً ثلاثاً؟ قال: يجزيه. قلت (¬3): أدنى ما يَكفي (¬4) من الماء في غُسل الجنابة كم هو؟ قال: صاع من ماء (¬5). قلت: فكم أدنى ما يكفي في الوضوء من الماء؟ قال: مُدٌّ من الماء (¬6). قلت: وغُسل المرأة إذا طَهرت من حيضها وغُسلها من الجنابة مثل غسل الرجل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن اغتسلت المرأة ولم تَنقُض شعر (¬7) رأسها (¬8) إلا أنّ الماء يَبلغ أصول الشعر؟ قال: يجزيها (¬9). قلت: أرأيت جُنُباً اغتسل فانْتَضَحَ من غُسله شيءٌ في إنائه (¬10) هل يفسد عليه ذلك (¬11) الماء؟ قال: لا. قلت: / [1/ 4 ظ] لم؟ قال: لأن هذا مما (¬12) لا يُستَطاع الامتناعُ منه. قلت: أرأيت إن أفاض الماء على رأسه أو على (¬13) سائر (¬14) جسده أو غَسَلَ فرجه فجعل ذلك الماء كله (¬15) يَقطر (¬16) في الإناء؟ قال: هذا يُفسد الماء، ولا يجزيه أن يتوضأ بذلك الماء ولا يغتسل به. قلت: أرأيت رجلاً توضأ في إناء نظيف فتوضأ رجل آخر (¬17) ¬

_ (¬1) ح - وسائر. (¬2) ح: وجسده. (¬3) ح ي + أرأيت. (¬4) ح: يكفيه؛ ح + في الوضوء. (¬5) ح ي: من الماء. (¬6) ي: من ماء. ذكر الإمام محمد هذين المقدارين في الغسل والوضوء لورودهما من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث صحيحة. انظر: صحيح البخاري، الوضوء، 47؛ وصحيح مسلم، الحيض، 51 - 53. ولكن التقدير ليس بضروري، وإنما الأمر متوقف على إتمام الوضوء والغسل سواء قل استعمال الماء أو كثر، لكن يكره الإسراف. انظر: المبسوط، 1/ 45. (¬7) م ح ي: شعرها. (¬8) م ح ي - رأسها. (¬9) م + قال نعم. (¬10) ح: في أثوابه. (¬11) ح ي: هل يفسد ذلك عليه. (¬12) ك م: ما. (¬13) ي: وعلى. (¬14) ك م - سائر. (¬15) ح ي - الماء كله. (¬16) ح ي + كله. (¬17) م ح ي - آخر.

بذلك الوَضوء (¬1)؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه قد (¬2) توضأ (¬3) بذلك الماء مرة، فلا يجزي من توضأ به (¬4) بعده (¬5). قلت: أرأيت إن لم يُعِدِ الوُضوء فصلى (¬6) به يوماً أو أكثر (¬7) من ذلك؟ قال: عليه أن يُعيد الوضوء ويَستقبل الصلوات كلها. قلت: أرأيت امرأة حائضاً (¬8) شربت من ماء أو توضأت به ففَضَلَ من ذلك الماء في (¬9) الإناء فتوضأ به رجل؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأن (¬10) هذا الماء طاهر. قلت: وكذلك لو كان الذي شرب أو توضأ جُنُباً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة الحائض تُدخِل يدَها في الحُبّ (¬11) أو في إناء فيه ماء هل يُتوضأ من ذلك الماء أو يُشرب منه؟ قال: إن لم يكن في يدها قَذَر فلا بأس بذلك، وإن كان في يدها قَذَر (¬12) فلا يُشرب (¬13) منه ولا يُتوضأ (¬14) به. قلت: وكذلك الجُنُب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت جُنُباً أراد أن يَغتسل فأدخل يده (¬15) في الإناء قبل أن يَغسلها (¬16) ثم اغتسل بذلك الماء ¬

_ (¬1) ح: وضوءه بذلك؛ ي: وضوءه ذلك. (¬2) ح ي - قد. (¬3) ي + توضأ. (¬4) م - به. (¬5) ح ي - بعده. هذا هو الماء المستعمل. قال السرخسي: ثم اختلفوا في صفة الماء المستعمل، فقال أبو يوسف -رحمه الله-: هو نجس إلا أن التقدير فيه بالكثير الفاحش، وهو روايته عن أبي حنيفة - رضي الله عنه -، وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه نجس لا يعفى عنه أكثر من قدر الدرهم، وقال محمد -رحمه الله تعالى-: هو طاهر غير طهور، وهو رواية زفر وعافية القاضي عن أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- ... انظر: المبسوط، 1/ 46. (¬6) ح: أو صلى؛ ي: وصلى. (¬7) م: أو كثر. (¬8) ح: حائض. (¬9) ح ي - الماء في. (¬10) خ: بأن. (¬11) الحُبّ: الجَرّة، أو الجرة الضخمة. انظر: القاموس المحيط، "حبب". (¬12) ح - فلا بأس بذلك وإن كان في يدها قذر؛ صح هـ (¬13) ي: تشرب. (¬14) ي: تتوضأ. (¬15) ح ي: يديه. (¬16) م ح ي: أن يغسلهما.

هل يجزيه؟ قال: إن لم يكن في يده (¬1) قَذَر أجزأه، وإن كان في يده (¬2) قَذَر لم يجزه (¬3). قلت: أرأيت الرجل يدعو بالوَضوء ليتوضأ أو بالغُسْل (¬4) ليغتسل أتحب (¬5) له أن يَذكر اسم الله تعالى حين يبتدئ في (¬6) ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن ترك ذلك ناسياً أو متعمداً (¬7)؟ قال: لا يضرّه ذلك. قلت: أرأيت الرجل يؤتَى (¬8) بالماء ليتوضأ به فيَبْزُق أو يَمتخط (¬9) فيَقَع ذلك في إنائه ثم يتوضأ به (¬10) ويصلي؟ قال: لا بأس بذلك، وصلاته تامة. قلت: أرأيت إن شرب (¬11) من إنائه سِنَّوْر أيتوضأ به ويصلي (¬12)؟ قال: أَحَبُّ إليَّ (¬13) أن يتوضأ بغيره. قلت (¬14): فإن فعل وصلى؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت إن شربت من إنائه (¬15) دجاجة هل يتوضأ منه (¬16)؟ قال: إن كانت الدجاجة مخلّى عنها (¬17) فإني أكره له (¬18) أن يتوضأ به، وإن كانت محبوسة فلا بأس أن (¬19) يتوضأ به (¬20). قلت: أرأيت إن كانت مخلّى عنها فشربت منه فتوضأ بفضلها فصلى (¬21)؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يَرَ في منقارها قَذَراً (¬22) فهو يجزيه، وأَحَبُّ إليَّ أن يتوضأ بغيره. ¬

_ (¬1) ح ي: في يديه. (¬2) ح ي: في يديه. (¬3) ي: لم يجز. (¬4) الغُسْل هنا اسم للماء الذي يغتسل به. انظر: المغرب، "غسل". (¬5) م: أيحب؛ ح: أيجب. (¬6) ح ي - في. (¬7) ك: أو معتمداً؛ ح: أو متعمداً. (¬8) م: نوي. (¬9) م: أو يتمخط. (¬10) ح ي: منه. (¬11) ح: إن يشرب. (¬12) ح ي - ويصلي. (¬13) م - إلي. (¬14) ح ي - قلت. (¬15) ح: إن يشرب منه؛ ي: إن تشرب منه. (¬16) ح ي: به. (¬17) م: عليها. (¬18) ي + ذلك. (¬19) ي: بأن. (¬20) ي - به. (¬21) ح ي: فيصلي. (¬22) ي: قذر.

قلت: أرأيت إن رأى في منقارها قَذَراً (¬1) فشربت منه هل يتوضأ به (¬2)؟ قال: لا. قلت: فإن فعل وصلى (¬3)؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلاة. قلت: أرأيت (¬4) إن شرب (¬5) من إنائه طير أو شاة أو بقرة أو بعير أو فرس (¬6) أو بِرْذَوْن أو شيء مما / [1/ 5 و] يؤكل لحمه هل ينبغي له أن يتوضأ بفضل ذلك الماء (¬7)؟ قال: نعم (¬8)، لا بأس به (¬9). قلت: أرأيت إن شرب منه شيء لا يؤكل لحمه مثل الحمار أو البغل أو شِبْهِ (¬10) ذلك؟ قال: لا يتوضأ منه. قلت: أرأيت إن توضأ منه وصلى بذلك الوضوء (¬11) يوماً (¬12) أو أكثر من ذلك؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلوات كلها. قلت: أرأيت إن وقع في إنائه (¬13) ذباب أو زُنْبُور (¬14) أو عقرب أو خُنْفُسَاء أو جراد أو نمل أو صَرَاصِر (¬15) فمات فيه أو وجد ذلك في الحُبّ (¬16) ميتاً (¬17) هل يفسد ذلك الماء (¬18)؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه (¬19) ليس له دم، فلا (¬20) بأس بالوضوء منه. قلت: وكذلك كل شيء ليس له دم؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ح: قذر. (¬2) ح ي - به. (¬3) ي: فصلى. (¬4) ي - أرأيت. (¬5) م: إن شربت. (¬6) ح ي - أو فرس. (¬7) ح - الماء؛ صح هـ (¬8) ح ي - نعم. (¬9) ح ي: بذلك. (¬10) م: أو ميته. (¬11) ك م - الوضوء. (¬12) ي: يوم. (¬13) ح ي - في إنائه. (¬14) الزُّنْبُور ذباب لَسّاع، أو الدَّبْر. انظر: لسان العرب، "زنبر". (¬15) ح ي: أو قراد. (¬16) ج ح ط: في الجب. والحُبّ الجرّة أو الضخمة منها، أو الخشبات الأربع توضع عليها الجرّة ذات العُرْوَتين. انظر: القاموس المحيط، "حبب". والجُبّ بالضم البئر أو البئر الكثيرة الماء البعيدة القعر أو البئر الجيدة الموضع من الكلأ، أو البئر التي لم تُطْوَ، أو البئر مما وُجِدَ لا مما حفره الناس، والجمع: أجباب وجباب وجببة. والجُبّ أيضاً: المَزَادَة؛ يُخَيَّطُ بعضها إلى بعض. انظر: القاموس المحيط، "جبب". (¬17) ح ي: ميتة. (¬18) ح ي: هل ترى ذلك يفسد الماء. (¬19) ح ي: لأن هذا. (¬20) ح ي: ولا.

قلت: أرأيت إن وقع في إنائه شيء من خمر أو دم أو بول (¬1) أو عَذِرَة أو وقع ذلك في الحُبّ (¬2) وهو قليل أو كثير هل يتوضأ أو يشرب (¬3) من ذلك الماء؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن توضأ (¬4) وصلى أياماً؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلوات كلها. قلت: أرأيت إن وقع في وَضوئه لُعابُ ما يؤكل لحمه أو وقع في الحُبّ (¬5)؟ قال: أما اللُّعاب فليس يُفسد الماء، ولا بأس أن (¬6) يتوضأ به ويشرب منه. قلت: أرأيت إن وقع بول ما يؤكل لحمه في الإناء أو في الحُبّ (¬7)؟ قال: هذا فاسد، وهو (¬8) يُفسد الماء. قلت: فإن توضأ بذلك الماء وصلى؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلاة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: ما أكلت لحمه فلا بأس ببوله، وإن وقع (¬9) في ماء لم يفسد حتى يَغلب على الماء، فإذا غلب على الماء لم (¬10) يتوضأ به. وقال أبو يوسف: لا بأس بشرب بول ما يؤكل لحمه مثل الناقة وشِبْهِها، وبولهُا يُفسد الماء وإن كان قليلاً. وقال محمد: لا بأس بشربه، فليس (¬11) يُفسد الماء (¬12). قلت: أرأيت رجلاً (¬13) توضأ فبدأ برجليه قبل ذراعيه أو بذراعيه قبل وجهه أو مسح رأسه قبل أن يغسل وجهه أو ترك (¬14) بعض أعضائه حتى جفّ ما قد غسل أو فعل ذلك في غُسله ثم غسل ما بقي؟ قال: يجزيه غُسله (¬15)، ووضوؤه تامّ، ولكن أفضل ذلك أن يبتدئ (¬16) بيديه (¬17) ثم ¬

_ (¬1) ح ي: من خمر أو بول أو دم. (¬2) ح ي: في الجب. (¬3) ح ي: ويشرب. (¬4) ح ي + به. (¬5) ح: في الجب. والحب هو الجرة الضخمة كما تقدم. (¬6) ح ي: بأن. (¬7) ح ي: في الجب. (¬8) ح ي - وهو. (¬9) ح ي + ذلك. (¬10) ك م: فلم. (¬11) ح ي: ولا. (¬12) أما عند الإمام أبي حنيفة فلا يجوز شربه للتداوي ولا لغيره. انظر: المبسوط، 1/ 54. (¬13) ي: رجل. (¬14) ح ي: وترك. (¬15) ح ي: وغسله. (¬16) ح ي: أن يبدأ. (¬17) م: ببدنه.

بوجهه (¬1) ثم بذراعيه (¬2) ثم يمسح برأسه (¬3) ثم يغسل قدميه (¬4). قلت (¬5): الإناء يقع فيه (¬6) خُرْءُ عصفور أو خُرْءُ حمام (¬7)؟ قال: يُلقيه من الإناء، ثم يتوضأ به. قلت: فإن وقع فيه (¬8) خُرْءُ دجاجة (¬9)؟ قال: لا يتوضأ به. قلت: أرأيت إن توضأ به وصلى يوماً أو أكثر من ذلك؟ قال: يعيد الوضوء والصلوات كلها. قلت: أرأيت الإناء تشرب (¬10) منه (¬11) الفأرة أو الحية أو الوَزَغَة هل يتوضأ به؟ قال: لا. قلت: فإن توضأ به (¬12) وصلى؟ قال: صلاته تامة، وقد أساء (¬13). قلت: أرأيت السَّبُع من السَّباع أو الكلب يشرب من الإناء؟ قال: لا / [1/ 5 ظ] يتوضأ به. قلت: أرأيت إن توضأ به وصلى (¬14) يوماً أو أكثر من ذلك (¬15)؟ قال: يعيد الوضوء والصلوات كلها. قلت: أرأيت الإناء يقع فيه (¬16) بول الخَفَافِيش أو وقع فيه (¬17) شيء من البَعُوض (¬18) أو البراغيث؟ قال: لا بأس بالوضوء من ذلك الماء. قلت: لم وهذا له دم؟ قال (¬19): دم هذا ليس بشيء. قلت: أرأيت إن شرب (¬20) من إنائه (¬21) من الطير ما (¬22) لا يؤكل لحمه؟ قال: أكره له أن يتوضأ به. قلت: فإن توضأ به وصلى؟ قال: يجزيه ذلك. قلت: من أين اختلف هذا والسِّباع التي (¬23) لا يؤكل لحمها؟ قال: أما في القياس فهما سواء، ولكني (¬24) أستحسن في هذا. ألا ترى أني أكره سُؤْر الدجاجة، ولا آمره أن يعيد منه ¬

_ (¬1) ح ي: ثم وجهه. (¬2) ح ي: ثم ذراعيه. (¬3) م ح ي: رأسه. (¬4) ح ي: رجليه. (¬5) ح ي + أرأيت. (¬6) م - فيه. (¬7) ح ي: الحمام. (¬8) ح ي: فيها (¬9) ح: دجاج. (¬10) ح ي: يشرب (¬11) ي: منها. (¬12) ح ي - به (¬13) ح ي: قال قد أساء وصلاته تامة. (¬14) ح ي - يصلي. (¬15) ي - من ذلك. (¬16) ي: فيها. (¬17) ح - فيه؛ ي: فيها. (¬18) م: من البعوض. (¬19) ح ي + لأن. (¬20) ح: إن يشرب. (¬21) ح ي + شيء. (¬22) ك: مما؛ ح ي - ما. (¬23) ح ي: الذي. (¬24) ح ي: ولكن.

الوضوء والصلاة (¬1). قلت: أرأيت إن شرب من إنائه باز أو صقر؟ قال: أكره الوضوء منه، وإن توضأ (¬2) أجزأه. قلت: أرأيت الحُبّ (¬3) تموت فيه السمكة أو الضفدع أو السرطان هل ترى بالشرب وبالوضوء منه بأساً (¬4)؟ قال: لا بأس بالوضوء والشرب منه. قلت: لم؟ قال: لأن هذا يعيش في الماء ويسكنه. ألا ترى أنه لا بأس بأكل السمكة حين ماتت (¬5) في الحُبّ (¬6) لأنها ذكية (¬7). قلت: أرأيت لُعَاب ما لا (¬8) يؤكل لحمه من الدوابّ يقع في الإناء أيتوضأ (¬9) به؟ قال: لا. قلت: فإن توضأ به وصلى؟ قال: يعيد الوضوء والصلاة قلت: وكذلك السِّباع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الفأرة أو العصفورة (¬10) تموت (¬11) في البئر أو في الحُبّ (¬12) فتُخرَج (¬13) منها (¬14) ساعةَ ماتت (¬15) أيتوضأ من (¬16) البئر أو من (¬17) الحُبّ (¬18) أو يشرب منهما (¬19)؟ قال: لا حتى يُنزف (¬20) من البئر (¬21) عشرون دلواً أو ثلاثون. وأمّا في الحُبّ (¬22) فيُهرَاق الماءُ (¬23) كله ولا يُشرَب منه ولا يُتوضأ منه (¬24). قلت: أرأيت إن توضأ قبل ذلك من البئر أو من الحُبّ (¬25) فصلى أياماً بذلك الوضوء؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلوات كلها. ¬

_ (¬1) ح: أو الصلاة. (¬2) ح ي + به. (¬3) ح ي: الجب. (¬4) ح: ثابتاً. (¬5) ح ي: إذا ماتت. (¬6) م ح ي: في الجب. (¬7) ح: حكته. (¬8) خ ط - لا. (¬9) ي: ليتوضأ. (¬10) ك ح: أو العصفور؛ م: والعصفور. (¬11) ك م: يموت. (¬12) م ح ي: في الجب. وقد تقدم تفسير الجب والحب قريباً. (¬13) ك ي: فيخرج. (¬14) م: منه. (¬15) ح ي: مات. (¬16) ح ي + ذلك. (¬17) ك ح ي - من. (¬18) م ح ي: الجب. (¬19) ح ي: منها. (¬20) م: حتى يهرق. (¬21) ك م: منها. (¬22) م: في الجب. (¬23) ح ي: وأما ماء الحب فإنه يهراق. (¬24) ح ي: به. (¬25) م: من الجب.

قلت: فإن وقع فيها دجاجة (¬1) أو سِنَّوْر فماتت (¬2) فأُخرجت (¬3) منها ساعةَ ماتت؟ قال: يُنزف (¬4) منها أربعون أو خمسون دلواً (¬5). قلت: أرأيت إن وقع فيها شاة أو بقرة (¬6)؟ قال: يُنْزَف (¬7) ماء البئر كله إلا أن يَغلبهم الماء. قلت: فإن كان الذي ذكرت لك (¬8) قد انتفخ أو تَفسّخ فيها أو تَقطّع فيها (¬9)؟ قال: يُنْزَف (¬10) ماء البئر كله حتى يَغلبهم الماء. قلت: أرأيت صبياً (¬11) بال في بئر أو وقعت فيها (¬12) عَذِرة أو وقع فيها جُنُب فاغتسل فيها؟ قال: عليهم أن يَنْزِفوا (¬13) ماء البئر كله. قلت: أرأيت إن توضأ رجل (¬14) من تلك البئر (¬15) وصلى (¬16) بذلك الوضوء يوماً ثم وجد فيها من الليل دجاجة ميتة لم تَتفسّخ بعد، أو عَلِمَ أن صبياً (¬17) قد (¬18) كان بال فيها (¬19) قبل ذلك، أو جُنُباً (¬20) وقع فيها فاغتسل؟ قال: على الرجل أن يعيد الوضوء والصلوات كلها. قلت: فإن كانت الدجاجة (¬21) أو غير ذلك قد انتفخت، وإنما (¬22) كان وضوء ذلك الرجل / [1/ 6 و] من تلك البئر (¬23) ولا يعلم متى وقعت (¬24) فيها الدجاجة، إلا أنهم وجدوها منتفخة؟ قال: على من توضأ من ذلك الماء (¬25) وصلى (¬26) أن يعيد الوضوء، ويعيد صلاة (¬27) ثلاثة أيام ولياليهن. قلت: ولم (¬28) وهو لا ¬

_ (¬1) ح: دجاح. (¬2) ح ي + فيها. (¬3) ح: فخرجت. (¬4) م: يهرق. (¬5) ح ي: أربعون دلواً أو خمسون. (¬6) ح ي + فماتت. (¬7) ح + من. (¬8) ح ي - لك. (¬9) ح ي - فيها. (¬10) م: يرق. (¬11) ي: صبي. (¬12) م ح ي: فيه. (¬13) م: أن يبرقوا. (¬14) ح ي - رجل. (¬15) ح + رجل رجل؛ ي + رجل. (¬16) ح ي: فصلى. (¬17) ك م: أن الصبي. (¬18) ح ي - قد. (¬19) ح ي - فيها. (¬20) ك م خ: أو جنب. (¬21) ح ي: كان دجاجة. (¬22) ح ي: فإنما. (¬23) ح ي + وصلى. (¬24) ح ي: وقع. (¬25) ح ي: من تلك البئر. (¬26) ح ي - وصلى. (¬27) ح: الصلاة. (¬28) م ح ي: لم.

يعلم متى وقعت (¬1)؟ قال: أستحسن ذلك وآخذ بالثقة؛ لأنها صلاة، وأنْ يصلي (¬2) الرجل شيئاً قد صلاه وفرغ منه أحبّ إليّ من (¬3) أن يترك شيئاً واجباً عليه. وقال (¬4) أبو يوسف ومحمد: يجزيه، ولا نرى (¬5) أن يعيد حتى يستيقن أنها ماتت فيها قبل وضوئه. والقياس قول أبي يوسف ومحمد، والاستحسان قول أبي حنيفة. فإذا لم يعلم أعاد (¬6) صلاة يوم وليلة إذا لم تنتفخ ولم تتفسخ (¬7). قلت: أرأيت ما كان من عجين قد عُجِن بذلك الماء؟ قال: أكره لهم أكله. قلت: فإن (¬8) كان قد غُسل بذلك الماء ثوب (¬9)؟ قال: آمرهم أن يعيدوا غسله بماء نظيف. قلت: فإن كان (¬10) أصاب ذلك الماء ثوباً؟ قال: يغسل ذلك الموضع الذي أصابه الماء (¬11). قلت: وكذلك كل وَضوء تأمر صاحبه أن يعيد الوضوء والصلاة فإنه إذا أصاب الثوب أو غيره أمرته بغسله؟ قال: نعم (¬12). ................................................................. ¬

_ (¬1) م + فيها الدجاجة إلا أنهم وجدوها منتفخة قال على مَن توضأ من ذلك الماء وصلى أن يعيد الوضوء ويعيد صلاة ثلاثة أيام ولياليهن قلت ولم وهو لا يعلم متى وقعت. (¬2) م: وإن صلى. (¬3) ح - من. (¬4) ي + وقال. (¬5) ح: يرى. (¬6) ح: عاد. (¬7) ي: لم ينتفخ ولم يتفسخ؛ ك م - وقال أبو يوسف ومحمد يجزيه ولا نرى أن يعيد حتى يستيقن أنها ماتت فيها قبل وضوئه والقياس قول أبي يوسف ومحمد والاستحسان قول أبي حنيفة فإذا لم يعلم أعاد صلاة يوم وليلة إذا لم ينتفخ ولم يتفسخ. وقال السرخسي: وإن كان لا يدري متى وقع فيها وقد كان وضوءه من ذلك البئر فإن كانت منتفخة أعاد صلاة ثلاثة أيام ولياليها في قول أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- احتياطاً، وإن كانت غير منتفخة يعيد صلاة يوم وليلة، وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله تعالى-: ليس عليه أن يعيد شيئاً من صلاته ما لم يعلم أنه توضأ منها وهو فيها ... انظر: المبسوط، 1/ 59. وعبارة الحاكم بمعنى ذلك في الكافي، 1/ 3 و. لكن فيها سقط، فلذلك نقلنا عبارة السرخسي. (¬8) خ: وإن. (¬9) ح ي: ثوبه. (¬10) ح - كان. (¬11) ح - الماء. (¬12) ك م - قلت فإن كان أصاب ذلك الماء ثوباً قال يغسل ذلك الموضع الذي أصابه الماء قلت وكذلك كل وضوء تأمر صاحبه أن يعيد الوضوء والصلاة فإنه إذا أصاب الثوب أو غيره أمرته بغسله قال نعم؛ ي + فا.

قلت (¬1): فإن كان الذي أصاب الثوب أكثر من قَدْر الدرهم (¬2) الكبير المثقال وقد صلى فيه يوماً (¬3) أو أكثر (¬4) من ذلك؟ قال: عليه أن يعيد ما صلى فيه. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أمّا أنا فأرى أن يجزيه الوضوء والصلاة، ولا بأس بذلك العجين أن يأكله، ولا يغسل ثوبه حتى يعلم أن ذلك كله كان بعدما ماتت (¬5) في البئر. وهو قول محمد. قلت: أرأيت إن كان الذي (¬6) أصاب (¬7) ثوبه (¬8) أقل من قدر الدرهم وقد صلى فيه؟ قال (¬9): لا يعيد الصلاة (¬10). قلت: وكذلك رَوْث ما يؤكل (¬11) لحمه وبوله؟ قال: نعم. وقال أبو حنيفة: الرَّوْث كله سواء (¬12). ورَوْث (¬13) الحمار والفرس إذا أصاب الثوبَ منه أو النعلَ (¬14) أكثرُ من قدر الدرهم لم تجز (¬15) الصلاة فيه. وقال أبو يوسف ومحمد: تجزي الصلاة فيه إلا أن يكون كثيراً فاحشاً. وقال أبو حنيفة: بول الحمار إذا كان أكثر من قدر الدرهم يُفسد، وبول الفرس لا يُفسد إلا أن يكون كثيراً فاحشاً. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد في بول الحمار مثل قولهما، وأمّا في بول ¬

_ (¬1) ح - قلت. (¬2) سيأتي في المتن قول المؤلف: قلت أرأيت قولك في الدم: إذا كان أكثر من قدر الدرهم أعاد الصلاة، لِمَ قلته؟ قال لأنه بلغني عن إبراهيم النخعي أنه قال قدر الدرهم. والدرهم قد يكون أكبر من الدرهم، فوضعناه على أكبر ما يكون منها، أستحسن ذلك. انظر: 1/ 11 و. (¬3) ي: يوم. (¬4) ح ي: أو أقل. (¬5) ح ي: مات. (¬6) م - الذي. (¬7) ح ي: أصابه. (¬8) ح ي - ثوبه. (¬9) م - قال. (¬10) ح ي - الصلاة. (¬11) ح ي: ما لا يؤكل. (¬12) ح ي - وقال أبو حنيفة الروث كله سواء. (¬13) ح ي: بول. (¬14) م ح: أو البغل. ويجوز أن يكون "أو البغل" معطوفاً على الفرس، ولكن ما أثبتناه أولى، لأنه أقرب إلى ما عطف عليه. وسيأتي حكم إصابة الروث للخف والنعل بالتفصيل. (¬15) ح: لم يجزيه؟ ي: لم تجزه.

الفرس فلا يُفسد في قول محمد وإن كان كثيراً فاحشاً. وقال أبو حنيفة في أَخْثَاء البقر وخُرْء الدجاج (¬1) مثل السَّرْقِين (¬2): يُفسد منه أكثرُ مِن قَدْر الدرهم. وقال أبو يوسف ومحمد مثل ذلك في خُرْء الدجاجة (¬3) خاصة. وقال محمد: الكثير (¬4) الفاحش الربع فصاعداً. قلت: ولا ترى بأساً بلُعاب ما يؤكل لحمه وهو كثير فاحش؟ قال: لا بأس به وإن كان كثيراً فاحشاً (¬5). قلت: وكذلك بوله إذا أصاب الثوب؟ قال: نعم ما لم يكن كثيراً فاحشاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يُفسد بولُ ما يؤكل لحمه يُصيب (¬6) الثوب وإن كان كثيراً فاحشاً (¬7). قلت: أرأيت البئرين (¬8) تكونان (¬9) في الحُجْرَة (¬10) إحداهما بالوعة ¬

_ (¬1) ح ي: الدجاجة. (¬2) السَّرْقِين والسَّرْقِين ما يخلط بالأرض من رجيع الدواب للخصوبة. انظر: لسان العرب، "سرقن". (¬3) م: الدجاج. (¬4) م: الكبير. (¬5) ح ي - فاحشاً؛ ك + وقال أبو يوسف في الإملاء: الكثير الفاحش شبر في شبر؛ م + وقال أبو يوسف في الإملاء الكبير الفاحش شبر في شبر. ولعل هذا من كلام أبي سليمان الجوزجاني أو أحد رواة الكتاب الآخرين. وقد ورد في جميع النسخ غير نسخة ي. وذكر ذلك الحاكم أيضاً. انظر: الكافي، 1/ 3 و. وقال السرخسي: وعن أبي يوسف في رواية الكثير الفاحش شبر في شبر، وفي رواية ذراع في ذراع، وعن محمد ... أنه قدر موضع القدمين، وهذا قريب من شبر في شبر. انظر: المبسوط، 1/ 55. (¬6) ح ي - يصيب. (¬7) وقد اختصر الحاكم الشهيد هذه الفقرة بقوله: وإذا صلى الرجل وفي ثوبه من الروث والسرقين أو بول ما لا يؤكل لحمه من الدواب أو خرء الدجاج أكثر من قدر الدرهم لم تجزه صلاته في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يجزيه في الروث والسرقين ما لم يكن كثيراً فاحشاً. انظر: الكافي: 1/ 3 و. (¬8) ح ي: البئران. (¬9) م ح ي: يكونان. (¬10) ح ي + جميعاً. والحجرة تستعمل بمعنى حجرة الدار، والحجرة التي ينزلها الناس وهو ما حَوَّطُوا عليه، والحجرة بمعنى حظيرة الإبل. انظر: لسان العرب، "حجر".

يهراق فيها البول (¬1) والوضوء، والأخرى يُستقَى (¬2) منها الماء، كم / [1/ 6 ظ] أدنى ما يكون بينهما؟ قال: خمسة أذرع (¬3). قلت: فإن كان بينهما أقل من ذلك ولا يوجد في الماء طَعْمُ نَتِن (¬4) ولا (¬5) شيء (¬6) ولا ريحه (¬7)؟ قال: لا بأس بالوضوء منه. قلت: فإن كان بينهما سبعة أذرع أو أكثر من ذلك وقد يوجد طعم البول منها وريحه (¬8)؟ قال: لا خير في الوضوء منها (¬9). قلت: أرأيت (¬10) إن (¬11) توضأ منها إنسان وصلى؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلاة. قلت: أرأيت الرجل والمرأة يغتسلان من إناء (¬12) واحد من الجنابة؟ لا بأس بذلك. ¬

_ (¬1) ح ي: الماء. (¬2) ك م: يسقا. (¬3) وقال الحاكم: وفي رواية أبي سليمان سبعة أذرع. انظر: الكافي، 1/ 3 و. ولعله سهو من الناسخ. لأن عند السرخسي خمسة أذرع في رواية أبي سليمان والنوادر والأمالي، وسبعة أذرع في رواية أبي حفص. انظر: المبسوط، 1/ 61. لكن المعتبر هو خلوص أثر النجاسة، وليس التقدير بلازم كما هو مفهوم مما يأتي بعده. وانظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬4) نَتُن الشيء بالضم نُتونة ونَتانة فهو نتين مثل قريب، ونَتَن نَتْناً من باب ضرب، ونَتِن يَنْتَن فهو نَتِن من باب تعب، وأنتن إنتاناً فهو منتن، أي: كريه الرائحة. انظر: لسان العرب، "نتن"؛ والمصباح المنير، "نتن". والتقدير طعمُ شيءٍ نَتِن. (¬5) ح ي - نتن ولا. (¬6) ك هـ: كذا وجد هنا وينبغي أن يكون ولا لون شيء. وفي المطبوعة: ولا لون شيء. وقد ذكر أبو الوفا الأفغاني أن العبارة هكذا في النسخة الأزهرية والحلبية والآصفية. انظر: الأصل (الأفغاني)، 1/ 58. لكن ما ذكره غير سديد بالنسبة إلى النسخة الحلبية، لأن عبارة النسخة الحلبية مثل نسخة يوزغات: ولا طعم شيء. ولم يذكر الحاكم ولا السرخسي كلمة "لون". وعبارتهما: ريح البول أو طعمه انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 1/ 61. (¬7) ح: رايحة. (¬8) ح ي: يوجد ريح البول منها وطعمه. (¬9) ح ي: منه. (¬10) ح ي - أرأيت. (¬11) ح ي: فإن. (¬12) ح ي: في إناء.

قلت: أرأيت امرأة حائضاً (¬1) طهرت فاغتسلت فبقي من غُسلها أقل من موضع (¬2) الدرهم (¬3) كيف تصنع؟ قال: تَغسل ذلك المكان، وإن كانت صلت قبل أن تغسله فعليها أن تعيد الصلاة. قلت: وكذلك الجُنُب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً جُنُباً (¬4) اغتسل فنسي المضمضة والاستنشاق ثم دخل في الصلاة فصلى ركعة أو ركعتين ثم ضحك كيف يصنع؟ قال: عليه أن يتمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة، ولا يعيد الوضوء. قلت: لم؟ قال: لأنه كان (¬5) في صلاة لو تمّ عليها لم تجزه (¬6)، فإذا ضحك فيها لم يكن عليه (¬7) أن يعيد الوضوء. قلت: أرأيت إن (¬8) نسي المضمضة والاستنشاق في الوضوء فصلى ركعة أو ركعتين ثم ضحك؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء ويَستقبل الصلاة. قلت: لم؟ قال: لأنه لو تمّ على صلاته أجزأه ذلك. قلت: أرأيت رجلاً (¬9) جُنُباً اغتسل فبقي من جسده قَدْرُ موضع الدرهم (¬10) لم يُصبه الماء ثم صلى ركعة أو ركعتين ثم ضحك (¬11)؟ قال: عليه أن يغسل ذلك المكان الذي لم يُصبه الماء، ويَستقبل الصلاة، ولا يعيد الوضوء (¬12). قلت: أرأيت رجلاً (¬13) توضأ ونسي أن يمسح برأسه (¬14) ثم صلى ركعة أو ركعتين ثم ضحك؟ قال: عليه أن يمسح برأسه (¬15) ويَستقبل الصلاة، ولا يعيد الوضوء. قلت: أرأيت رجلاً (¬16) توضأ ونسي المضمضة والاستنشاق أو كان جُنُباً فنسي المضمضة والاستنشاق ثم صلى؟ قال: أمّا ما كان في الوضوء ¬

_ (¬1) م: حايظاً؟ ح ي: حائض. (¬2) ج: من قدر. ويأتي بعد عدة أسطر في مسألة شبيهة بهذه: قدر موضع الدرهم. (¬3) ح ي: درهم. (¬4) ي: رجل جنب. (¬5) ح - كان. (¬6) ح ي: لم يجزيه. (¬7) ي: عليها. (¬8) ح ي: رجلاً. (¬9) ح ي - رجلاً. (¬10) ح ي: درهم. (¬11) ح ي - ثم ضحك. (¬12) ي: الغسل. (¬13) ي: رجل. (¬14) ح: رأسه. (¬15) ح: رأسه. (¬16) ح ي: لو.

فصلاته (¬1) تامة، وأمّا ما كان في غُسل الجنابة أو طُهر حيض فإنه يتمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة. قلت: من أين اختلفا؟ قال: هما في القياس سواء، إلا أنّا (¬2) نَدَعُ القياس للأثر (¬3) الذي جاء عن ابن عباس (¬4). قلت (¬5): فإن نسي مسح الرأس في الوضوء فصلى (¬6)؟ قال: عليه أن يمسح برأسه ويعيد الصلاة. قلت (¬7): لم أمرته في هذا بإعادة الصلاة (¬8) ولم تأمره في المضمضة والاستنشاق؟ قال: لأن مسح الرأس فريضة في كتاب الله تعالى، وليست (¬9) المضمضة والاستنشاق مثله. قلت: فإن (¬10) نسي أن يمسح رأسه (¬11) وكان (¬12) في لحيته ماء فأخذ منه فمسح به رأسه؟ قال: لا يجزيه؛ لأنه لا بد له من (¬13) أن يأخذ ماء فيمسح به رأسه، لأنه واجب عليه. وقال سفيان: يجزيه (¬14). قلت: فإن كان في كفه بَلَل فمسح به رأسه؟ قال: هذا يجزيه (¬15)، وهذا بمنزلة ما لو أخذ (¬16) / [1/ 7 و] من الإناء ماء فمسح به (¬17). ¬

_ (¬1) ح ي: فإن صلاته. (¬2) ح - أنا. (¬3) م: ليلاثر. (¬4) روى الإمام أبو حنيفة عن عثمان بن راشد عن عائشة بنت عجرد عن ابن عباس أن من نسي المضمضة والاستنشاق فلا يعيد إلا أن يكون جنباً. انظر: الآثار لأبي يوسف، 13؛ وسنن الدارقطني، 116/ 1؛ ومسند أبي حنيفة لأبي نعيم، 200؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 179/ 1؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 269؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 78؛ والدراية لابن حجر، 1/ 47. فالمضمضة والاستنشاق فرضان في الغسل سنتان في الوضوء. انظر: المبسوط، 1/ 62. (¬5) ح: فقلت. (¬6) ح ي: وصلى. (¬7) ح + قلت. (¬8) ح: الوضوء. (¬9) ح ي: وليس. (¬10) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬11) ح ي: برأسه. (¬12) ح: فكان. (¬13) م - من. (¬14) ح ي - لأنه واجب عليه وقال سفيان يجزيه. والقائل هو سفيان الثوري. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 16/ 1. وروي كذلك عن علي - رضي الله عنه - وإبراهيم النخعي وعطاء والحسن. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 1/ 16 - 17؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 1/ 28. (¬15) ح ي: جائز. (¬16) ح ي: بمنزلة من أخذ. (¬17) ح ي + رأسه.

ألا ترى (¬1) أنه إنما (¬2) يَصِل منه إلى الرأس (¬3) البَلَل، فلا أبالي مِن يديه (¬4) كان أو مِن الإناء. وأمّا ما كان على اللحية فإنه ماء قد توضأ به مرة (¬5)، فلا (¬6) يجزيه أن يتوضأ به ثانية. قلت: أرأيت (¬7) رجلاً توضأ ومسح رأسه بإصبع واحدة أو بإصبعين؟ قال: لا يجزيه. وقال زُفَر (¬8): يجزيه (¬9). قلت: فإن مسح رأسه بثلاثة (¬10) أصابع؟ قال: هذا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه مسح (¬11) بالأكثر من أصابعه. ألا ترى أنه لو مسحه بكفه كله (¬12) إلا إصبعاً (¬13) واحدة أو بعض إصبع أنه يجزيه، ولكنه أفضل أن يمسح بكفيه كليهما (¬14). وكذلك (¬15) إذا مسح (¬16) بثلاثة (¬17) أصابع (¬18). قلت: أرأيت إن ¬

_ (¬1) ح: يرى. (¬2) ك م: أيضاً؛ ح: ما. (¬3) ك ح ي: يصل إلى الرأس منه. (¬4) ح ي: من يده. (¬5) ح ي - مرة. (¬6) م ح: ولا. (¬7) م + ان. (¬8) م - زفر. (¬9) ح ي - وقال زفر يجزيه. (¬10) ك م: بثلاث. (¬11) ح ي: لأنه قد مسحه. (¬12) ي: كلها. (¬13) ح ي: إلا إصبع. (¬14) ح ي - ولكنه أفضل أن يمسح بكفيه كليهما. (¬15) ح: بذلك؛ ي: فكذلك. (¬16) ح ي: إذا مسحه. (¬17) ك م: بثلاث. (¬18) ح + ولكنه أفضل أن يمسح بكفيه كلتاهما؛ ي + ولكنه الأفضل أن يمسح بكفيه كلتاهما. قال الحاكم: ولا يجزيه مسح الرأس بإصبع أو إصبعين، ويجزيه بثلاثة أصابع، وقال محمد في نوادر إبراهيم بن رستم: إذا مسح خفه بإصبع واحد وأمرّها على خفه لا يجزيه حتى يعيدها ثلاث مرات في الماء، لأنه في المرة الأولى حين أزالها عن موضعها فذلك ماء قد توضأ به، قال ولو وضع ثلاث أصابع ثم رفعها من غير أن يمرّها أجزأه. انظر: الكافي، 1/ 3 ظ. وقال السرخسي: ففي الأصل ذكر قدر ثلاثة أصابع، وفي موضعٍ الناصية، وفي موضعٍ ربع الرأس ... ذكر في نوادر ابن رستم أنه إذا وضع ثلاثة أصابع ولم يمرّها جاز في قول محمد -رحمه الله تعالى- في الرأس والخف، ولم يجز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله تعالى- حتى يمرّها بقدر ما تصيب البلّة مقدار ربع الرأس ... انظر: المبسوط، 1/ 63، 64. ولم أجد في الأصل ذكر الناصية ولا ربع الرأس. وإنما فيه ثلاثة أصابع هنا، وذكر فيما يأتي قريباً: قلت أرأيت رجلاً توضأ فنسي أن يمسح برأسه فأصاب رأسَه ماءُ المطر فأصاب من=

كان شعره طويلاً يقع على منكبيه فمسح ما (¬1) تحت أذنيه وما على (¬2) منكبيه؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن مسح ما فوق منكبيه وأذنيه؟ قال: هذا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأن ما تحت الأذنين ليس من الرأس، وما فوق الأذنين من الرأس. قلت: أرأيت الأذنين يَغسل مُقدَّمهما مع الوجه ويمسح مُؤخَّرهما مع الرأس أو يمسحهما (¬3)؟ قال: أي ذلك فعل فحسن (¬4)، وأَحَبُّ إليّ أن يمسحهما مع الرأس؛ لأن الأذنين عندنا من الرأس ما أَقبل منهما وما أَدبر (¬5). بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الأذنان من الرأس" (¬6). قلت: أرأيت إن مسح رأسه ولم يمسح أذنيه؟ قال: يجزيه. قلت: فإن مسح أذنيه ¬

_ = ذلك مقدارَ ثلاث أصابع فمسحه به؟ قال يجزيه من مسح الرأس. انظر: 1/ 7 ظ. وذكر أيضاً: قلت أرأيت رجلاً توضأ فمسح نصف رأسه أو ثلثه أو أقل من ذلك؟ قال يجزيه. انظر: 1/ 9 و. فقد يستنبط منه أن الأقل من الثلث هو الربع، لكن لم يذكره صريحاً. ولم يذكره الحاكم في الكافي أيضاً. وقد ذكر الإمام محمد في الآثار، 17، مقدار ثلاثة أصابع أيضاً. وذكر الطحاوي مقدار الناصية. انظر: مختصر الطحاوي، 18. واستدل الطحاوي بمسح النبي - صلى الله عليه وسلم - لناصيته، وذكر أن ذلك قول الأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. انظر: شرح معاني الآثار، 30/ 1 - 31. وذكر السمرقندي والكاساني أن ظاهر الرواية ثلاثة أصابع اليد، وأن الحسن روى عن أبي حنيفة أنه قدّره بالربع، وهو قول زفر، وأن الكرخي والطحاوي ذكرا عن أصحابنا مقدار الناصية، واستدلا لظاهر الرواية بأن ثلاثة أصابع هي أكثر آلة المسح. انظر: تحفة الفقهاء، 1/ 9 - 10؛ وبدائع الصنائع، 1/ 4. (¬1) ح ي: بما. (¬2) ح: وبأعلى. (¬3) ح - أو يمسحهما؛ ي + مع الرأس. (¬4) م: حسن؛ ح ي: فهو حسن. (¬5) ح ي + قال. (¬6) ذكره الإمام محمد أيضاً في الآثار، 10، عن الإمام أبي حنيفة بلاغاً. وهو كذلك في جامع المسانيد للخوارزمي، 231/ 1. وقد روي موصولاً. انظر: سنن ابن ماجه، الطهارة، 53؛ وسنن أبي داود، الطهارة، 51؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 29. ورواه الإمام أبو يوسف عن ابن عمر موقوفاً. انظر: الآثار لأبي يوسف،7.

ولم يمسح رأسه؟ قال: لا يجزيه ذلك. قلت: فقد (¬1) تركتَ (¬2) قولك. قال: آخذ في الأذنين بالاستحسان (¬3)، وآخذ في الرأس بالثقة. قلت: أرأيت رجلاً توضأ وضوءه للصلاة ثم جَزَّ شعره (¬4) أو نَتَفَ إبطه أو قَصَّ أظفاره (¬5) أو أخذ من شاربه هل يمسح شيئاً من ذلك (¬6)؟ قال: لا، لأن (¬7) هذا طُهُور ونظافة، ولو كان هذا (¬8) ينقض بعض الوضوء لنقضه (¬9) كله. هل رأيت شيئاً ينقض بعض الوضوء دون بعض؟ وهذا الذي أخذ من شاربه وقصّ أظفاره (¬10) ونَتَفَ إبطه قد (¬11) وافق السنة وازداد (¬12) طُهُوراً، فلا (¬13) يجب عليه الوضوء فيما صنع. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم مَسَّ ذَكَرَه في الصلاة أو في غير الصلاة (¬14) هل ينقض ذلك وضوءه، وهل يجب عليه غَسل يديه؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم نظر إلى امرأته (¬15) من شهوة (¬16) ولم يُمْذِ (¬17) هل يجب عليه الوضوء؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن (¬18) نظر إلى الفرج؟ قال: وإن نظر إلى الفرج. قلت: أرأيت إن نظر إلى الفرج فأَمْنَى أو أَمْذَى أو أَوْدَى؟ قال: أمّا إذا أمْنَى (¬19) وجب (¬20) عليه الغُسل، وأما إذا أَمْذَى (¬21) أو أَوْدَى (¬22) فإن عليه الوضوء ولا غُسل عليه (¬23). قلت: وما ¬

_ (¬1) ح ي - فقد. (¬2) م: تركب. (¬3) ح ي: استحساناً. (¬4) ح ي: رأسه. (¬5) ح ي: أظافيره. (¬6) ح ي + بالماء. (¬7) ح ي - لا لأن. (¬8) ح - هذا. (¬9) ك م: نقضه. (¬10) ح ي: وقص من أظافيره. (¬11) ك م - قد. (¬12) م: وأراد. (¬13) ح ي: ولا. (¬14) ح ي: صلاة. (¬15) ح: إلى امرأة. (¬16) ي: إلى امرأة بشهوة. (¬17) ح: ولم يود؛ ي + ولم يودي. (¬18) ح ي: قلت فإن. (¬19) ح ي + فإنه. (¬20) ح ي: يجب. (¬21) م: وإذا أمنى. (¬22) ح ي - أو أودى. (¬23) ح ي + وكذلك إذا أودى يجب عليه الوضوء.

المني والوَدِيّ والمَذِيّ؟ قال: أما المني فهو (¬1) خاثِر (¬2) أي: به غِلَظ (¬3) أبيض ينكسر منه الذكر. وأمّا المَذِيّ فهو (¬4) رقيق إلى (¬5) البياض (¬6) ما هُوَ. وأمّا الوَدِيّ فهو (¬7) رقيق يجيء بعد البول. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم قبّل امرأته من شهوة (¬8) أو لمسها لشهوة أو لمس فرجها لشهوة هل ينقض (¬9) ذلك وضوءه (¬10)؟ / [1/ 7 ظ] قال: لا. قلت: فإن باشرها لشهوة وليس بينهما ثوب وانتشر لها؟ قال: أما هذا فينقض وضوءه (¬11) وعليه أن يعيد الوضوء. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال (¬12) محمد: لا وضوء عليه حتى يخرج منه مذي أو غير ذلك (¬13). قلت: أرأيت الرجل يجامع أهله دون (¬14) الفرج ولا (¬15) ينزل ولكن (¬16) يخرج منه الودي أو المذي (¬17)؟ قال: عليه الوضوء، ولا غسل عليه. قلت: أرأيت إن التقى الختانان (¬18) وتوارت الحشفة (¬19)؟ قال: هذا يجب عليه الغسل. قلت: أرأيت رجلاً احتلم (¬20) ولم ينزل (¬21) شيئاً ولم ير شيئاً (¬22)؟ قال: ليس عليه غسل. قلت: فإن عَلِم أنه لم يحتلم ولكنه استيقظ فوجد ¬

_ (¬1) ح ي: فإنه. (¬2) م: حاير. (¬3) ح ي - أي به غلظ. (¬4) ح ي: فإنه. (¬5) ح - إلى. (¬6) ح - البياض؛ صح هـ. (¬7) ح: وهو. (¬8) ح ي: لشهوة. (¬9) ح: هل ينتقض. (¬10) ح - وضوءه (¬11) ح ي: الوضوء. (¬12) ح: قال. (¬13) ح ي: أو غيره. (¬14) ح ي: يجامع امرأته فيما دون. (¬15) ح ي: فلا. (¬16) ح ي: ولكنه. (¬17) ح ي: المذي أو الودي. (¬18) ح ي: الختانين. (¬19) ح ي + ولم ينزل. (¬20) م: احلم. (¬21) ح - قال هذا يجب عليه الغسل قلت أرأيت رجلاً احتلم ولم ينزل؛ صح هـ. (¬22) م - ولم ير شيئاً، صح هـ.

على فراشه مذياً أو في فخذه وقد رأى رؤيا أو لم ير؟ قال: هذا يجب عليه الغسل (¬1) أخذاً (¬2) بالثقة في ذلك. قلت: فإن كان لم ير مذياً ولكنه أَوْدَى في رؤياه (¬3)؟ قال: هذا بول، وليس عليه غسل. وهذا (¬4) قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا غُسل عليه حتى يستيقن أنه قد احتلم. قلت: أرأيت المرأة هي (¬5) في الاحتلام بمنزلة الرجل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة تصيبها (¬6) الجنابة ثم تحيض قبل أن تغتسل هل عليها غُسل الجنابة؟ قال: إن شاءت اغتسلت، وإن شاءت لم تغتسل حتى تطهر. قلت: أرأيت الجنب والحائض يَعْرَقان في الثوب هل يُغسَل ذلك الثوب أو يُنضَح بالماء؟ قال: لا (¬7). قلت: أرأيت الحوض تقع فيه الجيفة هل يتوضأ منه أو يشرب (¬8) منه؟ قال: إن كان حوضاً صغيراً يَخْلُص (¬9) بعضُه إلى بعض فلا يتوضأ منه ولا يشرب منه، إلا أن يخاف الرجل على نفسه في (¬10) العطش (¬11) فيشرب منه. وأما الوضوء فلا يتوضأ منه. وإن كان الحوض كبيراً لا يَخْلُص بعضه إلى بعض فلا بأس أن (¬12) يتوضأ (¬13) من ناحية أخرى ويشرب منه (¬14). قلت: ¬

_ (¬1) م - الغسل. (¬2) ح: آخذ. (¬3) ح ي: ولكنه رأى ودياً. (¬4) ح ي: وهو. (¬5) ح ي: أهي. (¬6) ح: يصيبها. (¬7) ح ي - قلت أرأيت الجنب والحائض يعرقان في الثوب هل يغسل ذلك الثوب أو ينضح بالماء قال لا. (¬8) ح ي: ويشرب. (¬9) أي يَصِل، والخلوص هو الصفاء في الأصل، ويستعار للوصول. انظر: المغرب، "خلص". (¬10) ح ي - في. (¬11) في العطش، أي: بسبب العطش. (¬12) ح ي: بأن. (¬13) ح ي + به. (¬14) نقل الحاكم عن إملاء أبي يوسف أن الإمام أبا حنيفة قال في الحوض: إذا حُرِّكَتْ منه ناحيةٌ لم تضطرب الناحية الأخرى فهذا لا ينجّسه بول يقع فيه أو دم أو جيفة إلا ذلك=

وكذلك لو بال فيه إنسان أو اغتسل (¬1) فيه جُنُب (¬2) أو أُلْقِيَ فيه عَذِرَة (¬3)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الحوض الذي يخاف أن يكون فيه (¬4) قَذَر (¬5) ولا يستيقن ذلك (¬6) هل يشرب منه ويتوضأ (¬7) منه قبل أن يسأل عنه؟ قال: نعم، يشرب منه، ويتوضأ منه، وليس عليه أن يسأل عنه (¬8)، ولا (¬9) يدع الشرب منه ولا الوضوء (¬10) حتى يستيقن (¬11) أنه قَذِر. قلت: أرأيت الماء يكون في الطريق في حوض وقد أَنْتَنَ (¬12) وليس فيه جيفة هل يتوضأ منه ويشرب (¬13) منه (¬14)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت جُنُباً (¬15) وقع في نهر فانغمس (¬16) فيه (¬17) انغماسة واحدة وتمضمض واستنشق وأنقى الفرج وغَسَل كل شيء منه مرة واحدة؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً توضأ فنسي أن يمسح برأسه (¬18) فأصاب رأسَه (¬19) ماءُ (¬20) المطر فأصاب من ذلك مقدارَ ثلاثة (¬21) أصابع فمسحه به (¬22)؟ قال: يجزيه من مسح الرأس. قلت: أرأيت جُنُباً قام (¬23) في المطر الشديد متجرّداً فاغتسل بما أصابه من المطر وتمضمض واستنشق / [1/ 8 و] وغسل فرجه؟ ¬

_ = الموضع، ونقل عن أبي عصمة أن الإمام محمداً كان يقدر بعشرة في عشرة ثم رجع إلى قول الإمام أبي حنيفة في عدم التقدير. انظر للتفصيل والشرح: المبسوط، 1/ 70 - 71. (¬1) خ: واغتسل. (¬2) ح: جنباً (¬3) ح ي: العذرة. (¬4) ح ي - فيه. (¬5) ح ي: قذراً. (¬6) ي -ذلك. (¬7) ي: أو يتوضأ. (¬8) ح ي - نعم يشرب منه ويتوضأ منه وليس عليه أن يسأل عنه. (¬9) ح ي: لا. (¬10) ح ي: والوضوء. (¬11) ي: حتى يتيقن؛ صح هـ (¬12) م: ابين (الباء مهملة). (¬13) ح + ويشرب. (¬14) ح ي -منه (¬15) م: خبثاً؛ ي: جنب. (¬16) ح ي: في النهر وانغمس. (¬17) ح ي - فيه. (¬18) ح ي: رأسه. (¬19) ح - فأصاب رأسه. (¬20) ح: من (¬21) ك م: ثلاث. (¬22) ح: من. (¬23) ح ي: أرأيت رجلاً أجنب فقام.

قال: يجزيه (¬1) غُسله. قلت: أرأيت جُنُباً (¬2) وقع في بئر فاغتسل فيها؟ قال: قد أفسد ماءَ البئر (¬3)، ولا يجزيه غُسله. قلت: لم؟ قال: لأنه حين وقع في البئر فقد أفسد الماءَ كله، وإنما اغتسل بماءٍ قَذِر، فلا يجزيه. قلت: أرأيت الرجل يُسأل عن الوضوء فيتوضأ وضوءه للصلاة يريد بذلك تعليم الرجل (¬4) الذي سأله (¬5) هل يجزيه (¬6) وضوؤه (¬7) للصلاة (¬8) ولم ينو به الوضوء حين (¬9) توضأ؟ قال: نعم. قلت: لم ولم (¬10) يرد به الصلاة، وإنما (¬11) أراد به (¬12) أن يعلم الرجل (¬13) الذي سأله (¬14) عنه؟ قال: إذا توضأ وأراد (¬15) به الصلاة أو لم يرد به فإنه يجزيه من وضوئه. ألا ترى أن جُنُباً لو اغتسل (¬16) وهو ناس (¬17) للجنابة لا يريد بذلك غُسل الجنابة أن ذلك يجزيه من غُسل الجنابة (¬18)، فكذلك (¬19) هذا الذي توضأ، ولا أُبالي نَوَى به الغُسل (¬20) أو لم يَنْوِ (¬21). قلت: أرأيت الرجل يتوضأ (¬22) ثم يمسح (¬23) الوجه (¬24) بالمنديل؟ ¬

_ (¬1) ح ي+ من. (¬2) ي: جنب. (¬3) ح ي+ كله. (¬4) ح ي - الرجل. (¬5) ح: يسأله؛ ح ي+ عنه. (¬6) ح ي + ذلك من. (¬7) ح: وضوء؛ ي: وضوئه. (¬8) ح: الصلاة؛ ي - يريد بذلك تعليم الرجل الذي سأله هل يجزيه وضوؤه للصلاة؛ صح هـ مع التغييرات المشار إليها في الحواشي السابقة. (¬9) ح ي: ساعة. (¬10) ح ي: وهو لم. (¬11) ح ي: إنما. (¬12) ح - به. (¬13) ح ي - الرجل. (¬14) م ي: سأل. (¬15) ح ي: أراد. (¬16) ح ي: ألا ترى لو أن رجلاً جنباً اغتسل. (¬17) ح ي: ناسي. (¬18) ح ي - لا يريد بذلك غسل الجنابة أن ذلك يجزيه من غسل الجنابة. (¬19) م: وكذلك. (¬20) ح ي + والوضوء. (¬21) ح ي + به. (¬22) ك: توضأ. (¬23) م: ثم مسح؛ ح ي + أعضاء. (¬24) م - الوجه؛ ح ي: الوضوء.

قال: لا بأس بذلك. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو اغتسل في ليلة باردة أكان يقوم عُرياناً حتى يَجِفّ؟ قلت: لا. قال: فلا بأس أن (¬1) يمسح بالمنديل ويتمسّح في ثوب من الجنابة والوضوء. قلت: أرأيت الجُنُب أتَكره (¬2) له أن ينام أو يعاود أهله قبل أن يتوضأ؟ قال: لا بأس بذلك، إن شاء توضأ، وإن شاء لم يتوضأ. وقد بلغنا أن عائشة (¬3) رضي الله عنها (¬4) قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصيب مِن أهله وينام ولم يُصِبْ (¬5) ماءً، ثم يقوم، فإن شاء عاد (¬6)، وإن شاء اغتسل (¬7). قلت: فإن أراوإن يأكل كيف يصنع؟ قال: يَغسل يديه ويتمضمض ثم يأكل. قلت: فإن كانت (¬8) يداه نظيفتين فأكل ولم يَغسلهما؟ قال: لا يضره ذلك، ولكن أحبّ إلي (¬9) أن (¬10) يَغسلهما ويتمضمض. قلت: ولم لا يتوضأ وضوءه للصلاة؟ قال: هذا ليس بشيء (¬11)، أرأيت الحائض أتتوضأ (¬12) وضوءها للصلاة كله إذا (¬13) أرادت أن تأكل؟ قلت (¬14): لا. قال (¬15): فالمرأة مثل الرجل أو أشد حالاً (¬16). ليس على واحد (¬17) منهما أن يتوضأ، ولكنه يَغسل يديه ويتمضمض (¬18) إن شاء. ¬

_ (¬1) ح ي: بأن. (¬2) م ح: أيكره. (¬3) ح ي: عن عائشة. (¬4) ح ي + أنها. (¬5) ح ي: ثم ينام ولا يصيب. (¬6) ك م: أعاد؛ ي: عاود. والتصحيح من المصادر المذكورة في الحاشية التالية. (¬7) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا أبو إسحاق السبيعي عن الأسود بن يزيد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصيب من أهله من أول الليل فينام ولا يصيب ماء، فإن استيقظ من آخر الليل عاد واغتسل. انظر: الآثار لمحمد، 17. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 25؛ ومسند أحمد، 6/ 106. (¬8) ح ي: كان. (¬9) م - إلى؛ ح ي: وأحب في ذلك. (¬10) ح - أن. (¬11) ك م+ قلت؛ ح ي - هذا ليس بشيء. (¬12) ح ي: لتتوضأ. (¬13) ح ي: كلما. (¬14) ك م: قال. (¬15) م - قال. (¬16) ك م+ قال. (¬17) ح ي: فليس على كل واحد. (¬18) ي: ويمضمض.

قلت: أرأيت الرجل (¬1) تنكسر (¬2) يده (¬3) فتكون (¬4) عليها (¬5) الجَبَائِر فيتوضأ للصلاة (¬6) أيجزيه أن يمسح على الجبائر (¬7)؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان (¬8) به قَرْحَة أو جرح (¬9) فمسح فوق الخِرْقَة التي على الجرح؟ قال: نعم، يجزيه ذلك. وذلك (¬10) إذا كان الجرح في موضع الوضوء، فإن لم يكن في موضع الوضوء (¬11) فليس عليه أن يمسح عليه. قلت: أرأيت إن كانت به جِراحة وهو يخاف على نفسه أن يمسح عليها؟ قال: إذا خاف على نفسه أن يمسح عليها (¬12) فلم يمسح عليها أجزأه. قلت: أرأيت إن كانت الجِراحة في جانب رأسه وهو يَقدر على أن يمسح بقية رأسه ولا يضره؟ قال: فليمسح ما بقي من رأسه. قلت: فإن لم يفعل وصلى هكذا أياماً من غير أن يمسح على بقية رأسه؟ قال: عليه أن يمسح على بقية رأسه (¬13) وُيعيد (¬14) الصلوات كلها. قلت: أرأيت إن أَجْنَبَ / [1/ 8 ظ] فاغتسل فمسح بالماء على الجبائر التي على يديه أو لم يمسح لأنه يخاف على نفسه أن يمسح؟ قال: يجزيه. وقال (¬15) أبو يوسف ومحمد: إنْ تَرَكَ المسح على الجبائر ولا يضرّه ذلك (¬16) لم يجزه (¬17). فإن صلى هكذا أياماً (¬18) أعاد ما ¬

_ (¬1) ح - الرجل. (¬2) ي: ينكسر. (¬3) ح ي: يديه. (¬4) م ح ي: فيكون. (¬5) ك م ح ي: عليه. والتصحيح من ج. (¬6) ح - للصلاة؛ صح هـ. (¬7) ح: على الجبائرة. (¬8) ح: قلت لو كانت؛ ي: قلت ولو كانت. (¬9) م: أو خرج. (¬10) ح: وكذلك. (¬11) ح - فإن لم يكن في موضع الوضوء. (¬12) ح ي - أن يمسح عليها. (¬13) ح ي - عليه أن يمسح على بقية رأسه. (¬14) ح ي: يعيد. (¬15) ح: قال. (¬16) ح ي: وذلك لا يضره. (¬17) ي: لم يجزيه. قال السرخسي: فإن ترك المسح وهو لا يضره قال في الأصل: لم يجزه في قول أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله تعالى-، ولم يذكر قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وفي غير رواية الأصول عن أبي حنيفة -رحمه الله- أنه يجزئه، وقيل: هو قوله الأول، ثم رجع عنه إلى قولهما ... انظر: المبسوط، 1/ 74. (¬18) ح ي - أياماً.

كان (¬1) صلى (¬2) حتى يمسح (¬3) عليها. فإن (¬4) مسح عليها ودخل (¬5) في الصلاة ثم سقطمت الجبائر عنه من غير برء (¬6) مضى في صلاته، ولا يشبه (¬7) هذا المسح على الخفين. قلت: أرأيت الرجل ينكسر ظفره فيجعل عليه الدواء أو العلك فيتوضأ (¬8) وقد أُمِرَ (¬9) أن لا ينزعه عنه؟ قال: يجزيه. قلت: وإن لم يَخْلُصِ الماءُ إليه (¬10)؟ قال: وإن لم يَخْلُصِ الماءُ إليه (¬11). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم تَقَيَّأَ متعمداً أو غير متعمد (¬12) أو قَلَسَ (¬13)؟ قال: إذا كان ذلك مِلْءَ فِيهِ أو أكثر من ذلك أعاد الوضوء، وإن (¬14) كان القَلَس أقلّ مِن مِلْءِ فِيهِ لم يُعِدِ الوضوء. قلت: أرأيت إن تَقَيَّأَ مِلْءَ فِيهِ بَلْغَماً؟ قال: لا يعيد الوضوء. قلت: وكذلك البُزَاق؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: البَلْغَم (¬15) كغيره من الطعام والشراب، إذا كان مِلْءَ فِيهِ أعاد الوضوء (¬16). قلت: فإن تَقَيَّأَ مِلْءَ فِيهِ مِرّة (¬17)؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء. ¬

_ (¬1) ح ي - كان. (¬2) ي: صلاه. (¬3) ح ي: حين يمسح. (¬4) ح ي: وإن. (¬5) ح ي: ثم دخل. (¬6) ك م - عنه من غير برء. وقال الحاكم: وهذا إذا كان سقوطها من غير برء. انظر: الكافي، 1/ 4 و. وسيذكر المؤلف هذا القيد بمعناه فيما يأتي. انظر: 1/ 17 و. وقال السرخسي: فإن كان عن برء فعليه غسل ذلك الموضع واستقبال الصلاة لزوال العذر، فأما إذا سقط عن غير برء فالمسح على الجبائر كالغسل لما تحته ما دامت العلة باقية، ولهذا لا يتوقف بخلاف المسح بالخف. انظر: المبسوط، 1/ 74. (¬7) ح: شبهه؛ ي: يشبهه. (¬8) ي - فيتوضأ. (¬9) ح: أمن. (¬10) ح ي: يخلص إليه الماء. (¬11) ح ي: يخلص إليه الماء. (¬12) م: معتمداً أو غير معتمد. (¬13) قَلَس، أي: قاء أقل من ملء الفم أو ملء الفم، والقيء يكون أكثر من ذلك. انظر: المغرب، "قلس"؛ ولسان العرب، "قلس". (¬14) ح ي: فإن. (¬15) م: التلغم. (¬16) الجامع الصغير لمحمد بن الحسن، 71 - 72. (¬17) هي الصفراء، مزاج من أمزجة البدن عند القدماء، وهي سائل شديد المرارة يختزن في كيس المرارة لونه أصفر يضرب للحمرة. انظر: المعجم الوسيط، "صفر".

قلت: أرأيت رجلاً به دُمَّل أو قَرْحَة (¬1) فخرج (¬2) منه دم أو قَيْحٌ أو صَدِيدٌ فسَالَ عن رأس الجرح؟ قال: عليه أن يُعيد الوضوء. قلت: فإن كان قليلاً لم يَسِلْ عن رأس الجرح؟ قال: فلا (¬3) وضوء عليه. قلت: أرأيت رجلاً بَزَقَ فرأى في (¬4) بُزَاقِه الصفرة هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا. قلت: فإن كان الدم هو الغالب؟ قال: هذا ينقض وضوءه (¬5). قلت: فإن كان الدم والبُزَاق سواء لا يَغلب أحدهما صاحبه؟ قال: أحبّ إليّ أن يعيد الوضوء، ويأخذ في ذلك بالثقة. قلت: أرأيت (¬6) الرُّعَاف والريح والضحك في الصلاة هل ينقض الوضوء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت النوم هل (¬7) ينقض الوضوء؟ قال: إذا كان قائماً أو راكعاً أو ساجداً أو قاعداً فلا ينقض (¬8) وضوءه (¬9)، وأمّا إذا نام (¬10) مضطجعاً أو متكئاً فإن ذلك ينقض الوضوء. قال أبو يوسف: إن نام متعمداً (¬11) في السجود فسدت صلاته، وإن غلبه النوم في السجود لم يضرّه (¬12). قلت: إن (¬13) نام على إحدى أليتيه أو إحدى (¬14) وَرِكَيْه مُتَوَرِّكاً؟ قال: هذا ينقض وضوءه. قلت: أرأيت رجلاً به جرح وَكَزَه (¬15) فخرج منه دم قليل فمسحه ثم ¬

_ (¬1) ح: أو قراحة. (¬2) ح: يخرج. (¬3) ح ي: لا. (¬4) ح: يخرج من؛ ي: فخرج من. (¬5) ي - قلت فإن كان الدم هو الغالب قال هذا ينقض وضوءه؛ صح هـ. (¬6) ح + رجلاً. (¬7) م - هل. (¬8) ح ي + ذلك. (¬9) ح ي: الوضوء. (¬10) خ: وأما النوم. (¬11) م: معتمداً. (¬12) ح ي - قال أبو يوسف إن نام متعمداً في السجود فسدت صلاته وإن غلبه النوم في السجود لم يضره. (¬13) ح ي: فإن. (¬14) ح ي: أو أحد. (¬15) ح ي - وكزه. وكزه وَكْزاً من باب وَعَدَ: ضربه ودفعه. انظر: المصباح المنير، "وكز".

خرج منه (¬1) أيضاً فمسحه وذلك كله قبل أن يسيل؟ قال: إن كان (¬2) الدم لو ترك ما مسح منه سال (¬3) أعاد الوضوء، وإن (¬4) كان لو ترك لم يَسِلْ لم ينقض وضوءه. قلت: أرأيت الكلام الفاحش هل ينقض الوضوء؟ قال: لا. قلت: أرأيت الطعام (¬5) هل ينقض شيء منه (¬6) الوضوء (¬7) مثل لحوم الإبل أو البقر أو الغنم (¬8) أو اللبن (¬9) أو غير ذلك مما (¬10) مَسَّتْه النار (¬11)؟ قال: ليس شيء من الطعام ينقض الوضوء. إنما الوضوء ينتقض (¬12) مما يخرج وليس مما يدخل، ولم تَزِدْه النارُ إلا طِيباً. ولو كان هذا ينقض الوضوء لكان من توضأ بماءٍ سُخْنٍ نقض (¬13) وضوءه، ولكان من ادَّهَنَ بدُهن (¬14) قد مَسَّتْه النارُ أعاد الوضوء. فليس شيءٌ مِن هذا ينقض وضوءه (¬15). قلت: أرأيت رجلاً تبسم في صلاته ولم يُقَهْقِهْ هل ينقض ذلك الوضوء (¬16)؟ قال: لا. قلت: فإن قَهْقَهَ؟ قال: هذا ينقض الوضوء، وعليه ¬

_ (¬1) ح ي - منه. (¬2) ح ي: إذا كان. (¬3) ح ي: لسال. (¬4) ي: فإن. (¬5) ي+ هل ينقض الوضوء قال لا قلت أرأيت الطعام. (¬6) ح - شيء منه. (¬7) ح + قال لا قلت شيء منه. ي - الوضوء. (¬8) ح ي: والبقر والغنم. (¬9) ح: والطير؛ ي: واللبن. (¬10) ح ي + قد. (¬11) ح ي + في شيء من هذا وضوءه. (¬12) م: ينقض؛ ح - ينتقض؛ ي: إنما ينقض الوضوء. (¬13) ح ي: ينقض. (¬14) ح: يدهن. (¬15) ح - أعاد الوضوء فليس شيء من هذا ينقض وضوءه؛ ي - فليس شيء من هذا ينقض وضوءه. (¬16) ح ي: وضوءه.

أن يَستقبل الوضوء والصلاة. قلت: لم؟ قال: للأثر (¬1) الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2). قلت: أرأيت رجلاً توضأ فمسح نصف رأسه أو ثلثه (¬3) أو أقل من ذلك؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ولم يُخَلِّلْ لحيتَه بالماء؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت الرجل إذا توضأ أينبغي له أن يُخَلِّلَ أصابعَ يديه ورجليه بالماء؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن هذا مِن مواضع (¬4) الوضوء، فلا بد له (¬5) من أن يصيبه الماء. قلت: فاللحية؟ قال: اللحية إنما مواضع (¬6) الوضوء (¬7) ما ظهر منها، فإذا أَمَرَّ (¬8) كفّيه عليها (¬9) أجزأه. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم ذبح شاة هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا. قلت: فإن أصاب يدَه بولٌ أو دم أو عَذِرَةٌ أو خمر هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا، ولكن يَغسل ذلك المكان الذي أصابه. قلت: فإن صلى به (¬10) ولم يَغسله؟ قال: إن كان أكثر مِن قَدْرِ الدرهم غَسَلَه وأعاد الصلاة، ¬

_ (¬1) ح: قال ألا ترى. (¬2) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا منصور بن زاذان عن الحسن البصري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال بينما هو في الصلاة إذ أقبل أعمى من قبل القبلة يريد الصلاة والقوم في صلاة الفجر، فوقع في زُبْيَة [أي: حفرة، انظر: المغرب، "زبي"]، فاستضحك بعض القوم حتى قَهْقَه، فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "مَن كان قَهْقَهَ منكم فليُعِدِ الوضوء والصلاة". انظر: الآثار لمحمد، 35. وروي الحديث من وجوه كثيرة مسنداً ومرسلاً. انظر: الآثار لأبي يوسف، 28؛ وسنن الدارقطني، 1/ 161 - 172؛ ومسند أبي حنيفة لأبي نعيم، 223؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 47 - 52؛ والدراية لابن حجر، 1/ 34 - 37. (¬3) ح: أو ثلثة. (¬4) ح ي: من موضع. (¬5) ح ي - له. (¬6) ح: موضع. (¬7) ح ي + منها. (¬8) م: فإذا مر. (¬9) ح - عليها. (¬10) صح ي: فيه.

وإن كان (¬1) أقلّ مِن قَدْرِ الدرهم لم يُعِدِ الصلاة (¬2)، ولكن أَفْضَل ذلك أن يَغسله. قلت: وكذلك لو أصاب يدَه القيءُ؟ قال: نعم. قلت: وكذلك (¬3) الرَّوْث وخُرْءُ الدجاج (¬4)؟ قال: نعم. قلت: فإن أصابه خُرْءُ طائر (¬5) يؤكل لحمه مثل الحمام والعصفور؟ قال: ليس عليه في هذا (¬6) إعادة. قلت: أرأيت المني يكون في الثوب فيَجِفّ فيَحُكُّه (¬7) الرجل؟ قال: يجزيه ذلك. بلغنا عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تَفْرِكُه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬8). قلت: فإن أصاب الثوبَ دمٌ أو عَذِرَةٌ (¬9) فحَكَّها (¬10)؟ قال: لا يجزيه ذلك. قلت: من أين اختلفا؟ قال: هما في القياس سواء، غير أنه جاء في المني أثر، فأخذنا به. قلت: وكذلك رَوْث الحمار أو البغل (¬11) هو (¬12) مثل العَذِرَة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الدم أو العَذِرَة أو الرَّوْث إذا أصاب النعل أو الخُفّ فجفّ (¬13) فمسحه الرجل بالأرض هل يجزيه ذلك ويصلي في نعله أو خُفَّيْه (¬14)؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف (¬15) النعل والثوب؟ قال: لأن النعل جِلْد، فإذا مسحه بالأرض ذهب القَذَر منه، والثوب ليس هكذا؛ لأن الثوب يَنْشَفُه (¬16) فيَبقى فيه. وقال محمد في الدم ¬

_ (¬1) ط+ قدر الدرهم أو. وفي هامش نسخة ك: ينبغي وإن كان قدر الدرهم أو أقل لم يعد. وسيأتي قريباً أن قدر الدرهم معفو عنه وأنه من قول إبراهيم النخعي. انظر: 1/ 9 ظ؛ 11 و. (¬2) ح ي - وإن كان أقل من قدر الدرهم لم يعد الصلاة. (¬3) ح ي - وكذلك. (¬4) ح ي: الدجاجة. (¬5) م ح ي: طير. (¬6) ح ي: في ذلك. (¬7) ح ي: فيحته. (¬8) روي من طريق الإمام أبي حنيفة بإسناده. انظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 277. وروي من طرق أخرى. انظر: صحيح مسلم، الطهارة، 105 - 106؛ وسنن أبي داود، الطهارة، 134؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 85؛ والدراية لابن حجر، 1/ 91. (¬9) ح ي: الثوب عذرة أو دم. (¬10) ح: فنحاها؛ ي: فيحتها. (¬11) ح ي: والبغل. (¬12) ح ي - هو. (¬13) ك م: فيجف. (¬14) ح: أو خفه. (¬15) ح ي: اختلفا. (¬16) ح - ينشفه.

والعَذِرَة (¬1): إذا أصاب الخُفَّ أو النعل (¬2): لا يجزيه أن يمسحه من الخُفّ أو النعل (¬3) حتى يَغسله من موضعه وإن كان يابساً. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أصاب الخُفَّ أو النعلَ أو الثوبَ الرَّوْثُ فصلى فيه وهو رَطْبٌ وهو أكثر مِن قَدْرِ الدرهم إن صلاته تامة (¬4). وإن كان كثيراً فاحشاً فصلى فيه أعاد الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً توضأ وضوءه للصلاة ثم غَمَّضَ (¬5) ميتاً أو غَسَلَه (¬6) هل يجب عليه الغسل (¬7) أو يَنْقُضُ وضوءَه؟ قال: لا، إلا أن يصيب يدَه (¬8) أو سائرَ (¬9) جسدِه شيءٌ فيَغسله. قلت: لم لا يجب عليه الوضوء وقد مَسَّ ميتاً؟ قال: لأن مَسَّ الميت ليس بحَدَث يوجب عليه (¬10) الوضوء. ألا ترى لو أن رجلاً توضأ ثم مَسَّ كلباً أو خنزيراً أو جيفةً لم ينقض وضوءه وهذا نجس (¬11). فالمسلم الميت (¬12) أطهر وأنظف من هذا. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم احتجم؟ قال: قد نقض ذلك وضوءه. قلت: فهل يجب عليه الغُسل؟ قال: لا، ولكن يجب عليه أن يَغسل موضع المِحْجَمَة (¬13). قلت: فإن توضأ ولم يَغسل موضع المِحْجَمَة وصلى فيه أياماً؟ قال: إن كان موضع المِحْجَمَة قدر الدرهم أو (¬14) أقلّ مِن قَدْرِ الدرهم (¬15) فإن (¬16) صلاته تامة، إلا أنه قد أساء. وإن كان موضع المِحْجَمَة أكثر مِن قَدْرِ الدرهم غَسله وأعاد ما صلى (¬17). ¬

_ (¬1) ح ي: أو العذرة. (¬2) ح: والنعل. (¬3) ك: والنعل؛ ح ي - أو النعل. (¬4) ي - إن صلاته تامة. (¬5) ح ي: ثم غمس. (¬6) ح ي: أو غسل. (¬7) ح ي: غسل. (¬8) ح: بدنه؛ ي: يديه. (¬9) ح ي: وسائر. (¬10) ح ي + فيه. (¬11) م: يحسن. (¬12) م ح ي: فالميت المسلم. (¬13) المِحْجَمَة هي آلة الحجّام التي يستعملها للحجامة. انظر: المغرب، "حجم"؛ والمصباح المنير، "حجم". فموضع المحجمة هو المكان الذي يستخرج منه الدم في الجسم. ويسمى المَحْجَم. وجمعه: محاجم. انظر المصدرين السابقين. (¬14) م ح ي - قدر الدرهم أو. (¬15) ك - من قدر الدرهم. (¬16) ح ي: إن. (¬17) ي: ما صلاه.

قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم خرج من ذكره بول هل يجب (¬1) عليه الوضوء؟ قال: نعم. قلت: فإن قَلَسَ أقلَّ مِن مِلْءِ فيه؟ قال: لا يجب عليه في ذلك (¬2) الوضوء. فلت: مِن أين اختلف (¬3) القَلَس والبول؟ قال: ليس الفم والذكر والدبر سواء. ألا ترى (¬4) أنه لو خرج (¬5) من دبره ريح (¬6) أعاد الوضوء، ولو تَجَشَّأَ لم يكن عليه الوضوء. قلت: فإن خرج من جرحه دم ولم يَسِلْ؟ قال: لا ينقض ذلك وضوءه. قلت: لم (¬7) لا ينقض هذا (¬8) وضوءه كما أنه لو (¬9) خرج من ذكره بول نقض وضوءه (¬10)؟ قال: لأن ما خرج من الذكر حَدَثٌ، وما خرج من الجرح ليس بحَدَث، إلا أن يَسِيل. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم خرج من دُبُرِه دابة؟ قال: هذا قد نقض (¬11) وضوءه، وعليه أن يعيد الوضوء (¬12) والصلوات (¬13). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم سَقَط مِن جرحه لحم (¬14)، أو دابة خَرَجَتْ مِن جرحه هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم قَشَرَ مِن جرحه الجِلْد (¬15) هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا (¬16). قلت: فإن كان فيه ماءٌ فسَالَ؟ قال: هذا ينقض الوضوء (¬17). قلت: فما فَرْقُ (¬18) ما (¬19) بين الدابة إذا خرجت من الدبر وإذا (¬20) خرجت من الجرح؟ قال: لأنها (¬21) إذا ¬

_ (¬1) ح ي: هل في ذلك. (¬2) ح ي: لا يوجب ذلك عليه. (¬3) ي: اختلفا. (¬4) ح: ألا يرى. (¬5) ح ي: لو خرجت. (¬6) ح: بريح. (¬7) ح: ولم. (¬8) ك م - هذا؛ صح م هـ. (¬9) ح - أنه لو؛ صح هـ. (¬10) ح ي - نقض وضوءه. (¬11) ح ي: قد انتقض. (¬12) ح ي + قلت فإن صلى ولم يعد الوضوء قال عليه أن يعيد الوضوء. (¬13) ح ي: والصلاة. (¬14) ح ي: اللحم. (¬15) ح: الجلدة. (¬16) ي - قلت أرأيت رجلاً توضأ ثم قشر من جرحه الجلد هل ينقض ذلك وضوءه قال لا. (¬17) ح ي - الوضوء. (¬18) ح ي: الفرق. (¬19) م ح ي - ما. (¬20) ح ي: أو إذا. (¬21) ح: لأنه.

خرجت (¬1) من الدبر فهو حَدَث، وإذا خرجت من الجرح (¬2) فليس بحَدَث. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم رَعَفَ وهو قليل لا يَسِيل؟ قال: لا ينقض وضوءه. قلت: من أين اختلف الدم إذا خرج من الأنف والدابة إذا خرجت من الدبر؟ قال: لأن الدابة إذا خرجت من الدبر (¬3) فهو حَدَث، وإذا خرج الدم من الأنف ولم يَسِلْ لم يكن ذلك بحَدَث. ولو كان هذا حَدَثاً لكان إذا خرج منه المُخَاط أو البُزَاق (¬4) أعاد الوضوء. فليس هذا بشيء، ولا وضوء عليه (¬5). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم تَقَيَّأَ فخرج منه دم (¬6) لم يخالطه (¬7) شيء؟ قال: هذا ينقض وضوءه (¬8). قلت: وكذلك لو قاء مِرّةً (¬9) لم يخالطها (¬10) شيء؟ قال (¬11): وكذلك لو قاء مِرّةً لم يخالطها شيء (¬12). قلت: فإن قاء بَلْغَماً لا يخالطه شيء (¬13)؟ قال: هذا بُزَاق، ولا ينقض هذا ¬

_ (¬1) ي: إذا خرج. (¬2) م - قال لأنها إذا خرجت من الدبر فهو حدث وإذا خرجت من الجرح. (¬3) ح - قال لأن الدابة إذا خرجت من الدبر؛ صح هـ. (¬4) ح ي: والبزاق. (¬5) ك م ط+ وقال محمد في النوادر إذا نزل الدم في قصبة الأنف انتقض وضوؤه وإذا وقع البول في قصبة الذكر لم ينتقض وضوؤه قال محمد فيمن قاء دماً لم ينقض حتى يملأ الفم لأن الجرح إذا كان في الجوف فليس بجرح إنما هذا قيء وليس بدم. ولعل هذا من كلام أبي سليمان الجوزجاني أو بعض رواة الكتاب الآخرين. ونفس الكلام موجود في الكافي، 1/ 4 و. (¬6) ح ي: الماء. (¬7) ح ي: لا يخالطه. (¬8) ح ي: قال قد انتقض وضوؤه. إن قاء دماً فعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله تعالى- ينتقض وضوؤه بقليله وكثيره، وقال محمد -رحمه الله تعالى-: لا ينتقض وضوؤه حتى يملأ الفم. انظر: المبسوط، 1/ 75 - 76. (¬9) المِرّة خِلْط من أخلاط البدن. انظر: المصباح المنير، "مرر". (¬10) ح ي: لا يخالطها. (¬11) ح ي + نعم. (¬12) ح ي - وكذلك لو قاء مرة لم يخالطها شيء. (¬13) ك - لا يخالطه شيء؛ م - قال وكذلك لو قاء مرة لم يخالطها شيء قلت فإن قاء بلغماً لا يخالطه شيء.

وضوءه في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أمّا أنا فأرى المِرَّة والبَلْغَم (¬1) والقيء سواء، وهذا ينقض الوضوء (¬2). قلت: أرأيت رجلاً به جرح سائل لا ينقطع كيف يتوضأ ويصلي؟ قال: يتوضأ لوقت كل صلاة (¬3) ويصلي. قلت: فإن (¬4) صلى الظهر هل يصلي ما بينه وبين العصر من التطوع أو فريضة قد (¬5) نسيها أو صلاة قد جعلها لله على نفسه؟ قال: نعم، يصلي ما بينه وبين العصر ما شاء ما لم يحدث. قلت: وتأمره أن يشد الجرح ويربطه (¬6)؟ قال: نعم. قلت: فإن شده (¬7) وربطه ثم سال الدم حتى نَفَذَ الرباطَ؟ قال: لا ينقض ذلك وضوءه حتى يجيء وقت صلاة أخرى. قلت: فإن كان (¬8) أصاب ثوبه من ذلك الدم؟ قال: يغسله ويصلي فيه. قلت: فإن لم يغسله وصلى فيه؟ قال: إن كان أكثر من قدر الدرهم غسله وأعاد الصلاة، وإن كان (¬9) أقل من قدر الدرهم لم يعد الصلاة، ولكن أفضل ذلك أن يغسل ذلك الدم من ثوبه. قلت: أرأيت إن توضأ وربطه وشده ثم سال الدم وسال من مكان آخر (¬10)؟ قال: هذا ينقض وضوءه، ولا ينقضه ذلك الجرح. قلت: لم جعلت عليه إذا توضأ أن يصلي ما بينه وبين وقت (¬11) صلاة أخرى بذلك الوضوء؟ قال: هذا عندي بمنزلة المستحاضة، وقد جاء في المستحاضة أثر أنها تتوضأ لوقت (¬12) كل (¬13) صلاة (¬14). ¬

_ (¬1) م: البلغم والمرة. (¬2) ح ي: أبو يوسف ينقض له أن البلغم والمرة سواء في القيء وهو ينقض الوضوء. (¬3) ح: لكل وقت صلاة. (¬4) ح ي: فإذا. (¬5) ح ي: كان. (¬6) ي: ويربط. (¬7) ح: شد. (¬8) ح ي - كان. (¬9) ح - إن كان. (¬10) ح ي + دم. (¬11) ح: وقته. (¬12) ح ي - لوقت. (¬13) ح ي: لكل. (¬14) روى البخاري من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا، إنما ذلك عِرْق، وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي". قال وقال أبي: "ثم=

قلت: أرأيت رجلاً (¬1) توضأ (¬2) ثم صلى (¬3) على عَذِرَة يابسة أو دم يابس أو مَشَى في موضع به دم (¬4) هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا. قلت: فإن قام عليه هل يجب عليه أن يَغسل رجليه أو يعيد الوضوء والصلاة (¬5)؟ قال: لا (¬6). قلت: أرأيت إن توضأ ثم خاض ماءَ المطر إلى المسجد أو داس الطينَ إلى المسجد هل ينقض ذلك وضوءه (¬7) أو يجب (¬8) عليه غَسل رجليه أو خُفّيه؟ قال: لا، ولكن (¬9) يمسح ما كان على قدميه أو خُفّيه بالأرض، ويصلي ولا يجب عليه غَسله حتى يستيقن (¬10) أن الطين قَذِر (¬11). ¬

_ = توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت". والجملة الأخيرة مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: فتح الباري لابن حجر، 1/ 409. ونقل ابن الهمام عن شرح مختصر الطحاوي: روى أبو حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة بنت أبى حبيش: "وتوضئي لوقت كل صلاة". انظر: فتح القدير لابن الهمام، 1/ 179. ورواه الطحاوي من طريق الإمام أبي حنيفة بنفس الإسناد بلفظ: "ثم توضئي عند كل صلاة". انظر: شرح معاني الآثار، 1/ 102. (¬1) ي: رجل. (¬2) ك م: يتوضأ. (¬3) ح ي: ثم وطيء. (¬4) ح ي: أو مشاقة فيها دم. (¬5) ح ي: أو الصلاة. (¬6) ويأتي في كلام المؤلف: قلت أرأيت رجلاً صلى في مكان من الأرض قد كان فيه بول أو عَذِرَة أو دم أو قيء أو خمر وقد جَفَّ ذلك وذهب أثره؟ قال صلاته تامة. قلت فإن كان لم يذهب أثره؟ قال صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. انظر: 1/ 38 ظ - 39 و. وانظر للتفصيل: المبسوط، 1/ 204 - 205. (¬7) ح - وضوءه. (¬8) ح: ويوجب. (¬9) ح ي: ولكنه. (¬10) ي: حتى يتيقن؛ صح هـ. (¬11) ك م + وقال أبو حنيفة في الإملاء أكره أن يمسح ذلك بحائط المسجد من داخل أو بأسطوانة من أساطينه. وهذه العبارة موجودة في جميع النسخ وفي المطبوعة؛ وفي الكافي، 1/ 4 و. لكنها لا توجد في نسختي ح ي. وهي ليست من الأصل كما هو ظاهر. ولعل المراد من الإملاء أمالي الإمام أبي يوسف أو الإمام محمد، لأنه لا يعرف أن للإمام أبي حنيفة كتاباً يسمى الإملاء. وقد أشار إليه أبو الوفا الأفغاني، 1/ 81. وروي أن أبا حنيفة رحمه الله رأى رجلاً يمسح خفيه بأسطوانة المسجد، فقال له: لو مسحته بلحيتك كان خيراً لك. انظر: المبسوط، 1/ 85.

قلت: أرأيت رجلاً مَرَّ بكَنِيف فسال عليه مِن ذلك الكَنِيف أكثرُ مِن قَدْرِ الدرهم وهو لا يَعلم ما هو؟ قال: إن غَسَلَه فحَسَن، وإن لم يَغْسِلْه حتى يَعلم ما هو أجزأه ذلك (¬1). قلت: فإن كان أكثر ظنّه (¬2) أنه قَذَر؟ قال: يَغسله. قلت:. أرأيت إن لم يَسِلْ (¬3) ولكن هَبَّتْ عليه ريحٌ (¬4) فانْتَضَحَ عليه منه شيءٌ يسيرٌ كرؤوس الإبَر أو أصغر (¬5) من ذلك؟ قال: هذا ليس (¬6) بشيء. قلت: فإن استيقن أنه بول أو قَذَر (¬7)؟ قال: وإن استيقن، فلا يجب عليه (¬8) غَسله. ألا ترى أن الرجل يدخل المَخْرَج فيقع الذباب (¬9) على العَذِرَة والبول ثم يَقَعْنَ عليه وعلى ثيابه. فليس يجب عليه في هذا غَسل. قلت: فإن انْتَضَحَ عليه (¬10) شيء كثير وهو يستيقن أنه بول؟ قال: يغسله. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ثم شَكَّ في بعض وضوئه وذلك أوّلُ ما شَكّ؟ قال: عليه أن يغسل ذلك (¬11) الموضع (¬12) الذي شَكّ فيه. قلت: فإن كان يَلْقَى ذلك (¬13) كثيراً يَعْرِضُ له الشيطان بذلك في صلاته أو بعد فراغه منها حتى يَكْثُر ذلك عليه؟ قال: لا يلتفت (¬14) إلى شيء من هذا، ويمضي في صلاته، ولا يعيد شيئاً من ذلك. قلت: أرأيت رجلاً توضأ وفرغ (¬15) من وضوئه فظن (¬16) أنه قد أحدث ولم يستيقن؟ قال: هو على وضوئه، ولا يعيد. قلت: فإن كان في الصلاة فظن (¬17) أنه أحدث (¬18)؟ قال: يمضي في صلاته. قلت: وكذلك لو كان فرغ من صلاته؟ قال: نعم، ليس يجب عليه أن يعيد (¬19) حتى يستيقن (¬20)، حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً أو يستيقن ¬

_ (¬1) ح ي -ذلك. (¬2) م: طينه. (¬3) ح ي+ عليه. (¬4) ح ي: ولكن الريح هبت به. (¬5) ح ي: وأصغر. (¬6) ح ي: ليس هذا. (¬7) ح ي+ أو قذر. (¬8) م - عليه. (¬9) ي: الذبان. (¬10) ي+ منه. (¬11) ح ي - ذلك. (¬12) أي: العضو. (¬13) ح ي: هذا. (¬14) م: لايلتف. (¬15) ح ي: ثم فرغ. (¬16) ح ي: وظن. (¬17) ح ي: ثم ظن. (¬18) ح ي - أنه أحدث. (¬19) ح ي + الوضوء. (¬20) ح ي - حتى يستيقن.

بحَدَث. قلت: أرأيت الرجل (¬1) توضأ ثم وجد البَلَلَ سائلاً من ذكره؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء. قلت (¬2): فإن كان الشيطان يُرِيهِ (¬3) ذلك كثيراً (¬4) ولا (¬5) يَعلم ذلك يقيناً أنه بول أو ماء؟ قال: يمضي في صلاته، ولا ينظر في شيء من ذلك حتى يستيقن أنه بول. قلت: أفتَرَى له أن يَنضح فرجَه بالماء إذا توضأ، فإن سال شيء (¬6) قال: هو من الماء الذي انْتَضَحَ به؟ قال: نعم، أرى له أن يفعل ذلك. قلت: أرأيت رجلاً أحدث ثم شَكَّ (¬7) فلا (¬8) يَدري أتوضأ أم لا؟ قال: هو على حَدَثِه غيرُ متوضئ حتى يستيقن بالوضوء. وإذا توضأ فلا يكون محدثاً حتى يستيقن بالحدث، فإذا (¬9) أحدث لم يكن متوضئاً حتى يستيقن بالوضوء. قلت: أرأيت دم البراغيث والبَقّ (¬10) والحَلَم (¬11) يكون في الثوب؟ قال: أمّا دم البَقّ والبراغيث (¬12) فليس به بأس، وأما دم الحَلَم فإن كان أكثر من قدر الدرهم وقد صلى فيه فإنه يعيد الصلاة، وإن كان أقل من قدر الدرهم لم يُعِد (¬13)، ولكن أفضل ذلك أن يغسله. قلت: من أين اختلف دم البَقّ والحَلَم؟ قال: ليس للبَقّ (¬14) دم سائل، والحَلَم له دم سائل. قلت (¬15): ¬

_ (¬1) ح ي: رجلاً. (¬2) ح ي - قلت. (¬3) ح: يريبه. (¬4) ك م - كثيراً. والمتن موافق لما في الكافي، 1/ 4 ظ؛ والمبسوط، 1/ 86. (¬5) ك م: أو لا. والمتن موافق للمصدرين السابقين. (¬6) ك م - شيء؛ ح: سيل شيئاً. (¬7) ح + قال. (¬8) م: لا. (¬9) ك م: فإذا. (¬10) البَقّ كبار البعوض، والمفرد: بَقّة. انظر: المصباح المنير، "بقق". (¬11) الحَلَم جمع حَلَمَة وهي الدويبّة التي تمتص الدم. انظر: المغرب، "حلم"؛ والمصباح المنير، "حلم". (¬12) ح: دم البراغيث والبق. (¬13) ح ي: لا يعيد. (¬14) ح: قال ليس البق له؛ ي: قال البق ليس له. (¬15) ح + قلت.

وكذلك كل شيء ليس له دم سائل يقع في الإناء (¬1) فلا بأس بالوضوء منه؟ قال: نعم، إذا كان مثل الخُنْفُساء والعقرب والجراد والنمل والزُّنْبُور والذباب والقُرَاد (¬2) فإنه (¬3) إذا وقع شيء من هذا في الماء لم يفسد (¬4). وكذلك دمها (¬5) إذا أصاب الثوب لم يجب أو، عليه غَسله (¬6). قلت: أرأيت دم السمك ما قولك فيه؟ قال: ليس دم السمك بشيء، ولا يُفسد شيئاً. قلت: أرأيت قولك في الدم: إذا كان أكثر من قدر الدرهم أعاد الصلاة، لِمَ قلته؟ قال: لأنه بلغني عن إبراهيم النخعي أنه قال: قدر الدرهم (¬7). والدرهم قد يكون أكبر (¬8) من الدرهم (¬9)، فوضعناه على أكبر (¬10) ما يكون منها (¬11)، ¬

_ (¬1) ح ي + فيموت. (¬2) جمع قُرَادَة، وهي دويبة تمتص دم الإبل ونحوها وهي كالقمل للإنسان. انظر: المصباح المنير، "قرد". (¬3) ح ي - فإنه. (¬4) ح ي + الماء. (¬5) ح ي: دم ذلك. (¬6) ح ي: لم يجب غسله له. (¬7) ح ي - أعاد الصلاة لم قلته قال لأنه بلغني عن إبراهيم النخعي أنه قال قدر الدرهم. قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال إذا كان الدم قدر الدرهم والبول وغيره فأعد صلاتك. وإن كان أقل من قدر الدرهم فامض على صلاتك. وقال محمد: يجزئه صلاته حتى يكون ذلك أكثر من قدر الدرهم الكبير المثقال. فإذا كان كذلك لم تجزئه صلاته. وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار لمحمد، 32. وأنظر: المصنف لابن أبى شيبة، 1/ 345. وروي مرفوعاً من وجه ضعيف. انظر: نصب الراية للزيلعي، 1/ 212؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 1/ 278. والدرهم المشهور وزنه أقل من المثقال. فالمثقال وزنه درهم وثلاثة أسباع درهم. انظر: لسان العرب، "ثقل"؛ والمصباح المنير، "ثقل". وقال السرخسي: إذا كان أكثر من وزن مثقال ولا عَرْض له يمنع جواز الصلاة أيضاً. انظر: المبسوط، 1/ 60. وقال المرغيناني: ثم يُرْوَى اعتبار الدرهم من حيث المساحة، وهو قدر عَرْض الكف في الصحيح، وُيرْوَى من حيث الوزن، وهو الدرهم الكبير المثقال، وهو ما يبلغ وزنه مثقالاً، وقيل في التوفيق بينهما: إن الأولى في الرقيق والثانية في الكثيف. انظر: الهداية، 1/ 35 - 36. (¬8) م ح ي: أكثر. (¬9) ح ي: من درهم. (¬10) م: على أكثر. (¬11) وهو الدرهم الذي يبلغ قدر مثقال كما ذكر في الآثار للإمام محمد، 32.

أستحسن ذلك. قلت: فإن كان (¬1) قدر مثقال (¬2)؟ قال: لا يعيد حتى يكون أكثر من (¬3) قدر الدرهم (¬4). قلت: أرأيت رجلاً وضع الماء ليتوضأ (¬5) به فأخبره بعض أهله أنه قَذِر؟ قال: لا يتوضأ به. قلت: أرأيت رجلاً وضع الماء ليتوضأ (¬6) به فأدخل صبي يده أو رجله في ذلك الماء وليس على يديه ورجليه قَذَر؟ قال: أحب ذلك إلي (¬7) أن يتوضأ بغيره. قلت: فإن (¬8) لم يفعل وتوضأ (¬9)؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت الحُبّ (¬10) يكون له الكُوز (¬11) يوضع في نواحي الدار أترى للرجل (¬12) أن يتوضأ منه (¬13) ويشرب منه (¬14)؟ قال: نعم، إذا لم يَعلم فيه قذراً (¬15)، وهكذا أمر الناس. قلت: أرأيت الشاة إذا بالت في بئر الماء؟ قال: ينزح ماء البئر كله إلى أن يغلبهم الماء (¬16). قلت: وكذلك بول ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه إذا بال شيء (¬17) منها في بئر الماء أَمَرْتَ أن يُنْزَف ماء البئر كله حتى يَغلبهم الماء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك أرواثها؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا بأس ببول ما يؤكل لحمه، وإن بال شيء (¬18) من ذلك في بئر ماء (¬19) لم يفسد الماء، ولم يجب عليهم أن ¬

_ (¬1) م + قد. (¬2) م: بمثقال. (¬3) ح ي + ذلك. (¬4) ح ي - قدر الدرهم. (¬5) خ: يتوضأ. (¬6) خ: ويتوضأ. (¬7) ك م: أحب لذلك. (¬8) ح ي: إن. (¬9) ح ي + به. (¬10) وهو الجرة الكبيرة كما تقدم. (¬11) ح ي: اما لكوز. (¬12) ح: الرجل. (¬13) ح ي: فيه. (¬14) ح م - منه. (¬15) ح ي: قذر. (¬16) ك م - قلت أرأيت الشاة إذا بالت في بئر الماء قال ينزح ماء البئر كله إلى أن يغلبهم الماء. (¬17) ح: شيئاً. (¬18) ح: شيئاً. (¬19) ح ي - في بئر ماء.

يَنزفوا (¬1) ماء حتى (¬2) يتغير الماء. وكذلك إذا أصاب (¬3) الثوبَ (¬4) منه شيءٌ كثيرٌ فاحش (¬5) لم يجب عليهم غَسله. ألا ترى (¬6) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر بأن يُشرَب (¬7) أبوالُ الإبل وألبانها (¬8)، ولو (¬9) كان نجساً لم يأمر بشربه. قلت: أرأيتَ البَعْر مِن (¬10) بَعْر الغنم والإبل يَقَع في بئر (¬11) الماء؟ قال: لا يضره (¬12) ذلك ما لم يكن كثيراً فاحشاً. فإن كان كثيراً فاحشاً (¬13) كان عليهم أن ينزفوا (¬14) ماء البئر كله (¬15). قلت: لم؟ أليس (¬16) قد قلت في بول ما يؤكل لحمه إذا أصاب الثوب منه (¬17) وهو أكثر من قدر الدرهم إنه لا يفسد (¬18)، وإن (¬19) الصلاة فيه تامة؟ قال: بلى، قد قلت ذلك، ولكن لا يشبه البول في الماء مثل (¬20) البول يصيب الثوب، لأنها إذا بالت في البئر فقد صار الماء كله مثل ذلك البول، وإذا أصاب (¬21) الثوب فإنما يصيب (¬22) منه موضعاً واحداً. ألا ترى أن البول لو أصاب الثوب وهو كثير فاحش لم ¬

_ (¬1) م: أن يبرقوا. (¬2) ح ي: أن ينزفوها إلى أن. (¬3) ح ي: إن أصاب. (¬4) ح ي - الثوب. (¬5) ح: شيئاً كثيراً فاحشاً. (¬6) ح: يرى. (¬7) ح ي + من. (¬8) وكان ذلك للتداوي كما هو معروف عند أهل البادية إلى يومنا هذا. انظر للحديث: صحيح البخاري، الوضوء، 66؛ وصحيح مسلم، القسامة، 9 - 11. (¬9) ح ي: فلو. (¬10) ح ي - من. (¬11) ح ي - بئر. (¬12) ي: لا يضر. (¬13) ي - فإن كان كثيراً فاحشاً؛ صح هـ. (¬14) م: أن يبرقوا. (¬15) ك م + وقال أبو حنيفة في الإملاء إذا كان البعر رطباً فقليله وكثيره يفسد الماء. وهذه العبارة موجودة في جميع النسخ ما عدا نسختي ح ي. وهي موجودة في المطبوعة. وفي الكافي، 1/ 4 ظ. وقال السرخسي: وعن أبي يوسف عن أبي حنيفة -رحمه الله- في الإملاء ... فتبين أنه من أمالي الإمام أبي يوسف. انظر: المبسوط، 1/ 87. (¬16) ح: قلت لا لم نشربه؛ ي: قلت لم لا يشربه. (¬17) ح ي - منه. (¬18) ح ي: لا يغسل. (¬19) ح ي: فإن. (¬20) ح ي - مثل. (¬21) ح ي + البول. وقد انتقل هنا في نسخة ح إلى الورقة السابقة. (¬22) ح: فإنها تصيب.

تجز الصلاة فيه (¬1). وقال محمد: لو بالت شاة في بئر لم ينجسها (¬2). وقال أبو يوسف ومحمد في الروث يصيب النعل أو الخف أو الثوب (¬3) فصلى فيه وهو رطب وهو أكثر من قدر الدرهم: إنه يجزيه ما لم يكن كثيراً فاحشاً، فإن كان كثيراً أعاد. وهو قول محمد (¬4). قلت: أرأيت مسافراً حضرت الصلاة ومعه نبيذ التمر ليس معه غيره (¬5) أيتوضأ به؟ قال: نعم، يتوضأ به، ويتيمم مع ذلك أحب إلي. قلت (¬6): فإن لم يتيمم وتوضأ (¬7) بالنبيذ وحده؟ قال: يجزيه في قول أبي حنيفة (¬8). قلت: لم يجزيه؟ قال: لأنه (¬9) بلغنا أن رسول (¬10) الله - صلى الله عليه وسلم - (¬11) توضأ بالنبيذ (¬12). وقال أبو يوسف: يتيمم ولا يتوضأ بالنبيذ (¬13). وقال محمد: يتوضأ ويتيمم مع ذلك (¬14). قلت: فهل يجزي الوضوء بشيء من الأشربة سِوَى (¬15) نبيذ التمر؟ قال: إذا لم يكن (¬16) عنده ماء لم يجزه الوضوء بشيء من الأشربة ¬

_ (¬1) ح: فيها. (¬2) ي: لم تنجسها. (¬3) ك: والخف والثوب. (¬4) ح ي - وقال أبو يوسف ومحمد في الروث يصيب النعل أو الخف أو الثوب فصلى فيه وهو رطب وهو أكثر من قدر الدرهم إنه يجزيه ما لم يكن كثيراً فاحشاً فإن كان كثيراً أعاد وهو قول محمد. (¬5) ح ي - التمر ليس معه غيره. (¬6) ك م - قلت. (¬7) ح: يتوضأ. (¬8) ح ي - في قول أبي حنيفة. (¬9) م: لأنا؛ ح ي - لأنه. (¬10) ح ي: عن رسول. (¬11) ح ي + أنه. (¬12) مسند أحمد، 1/ 398؛ وسنن ابن ماجه، الطهارة، 37؛ وسنن أبي داود، الطهارة، 42؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 65؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 137. (¬13) ح - وقال أبو يوسف يتيمم ولا يتوضأ بالنبيذ. (¬14) ح ي: بعد ذلك. (¬15) ح ي + النبيذ. (¬16) م: إذا كان.

سوى النبيذِ (¬1) نبيذِ التمر. قلت: فإن توضأ بشيء من الأشربة سِوَى النبيذ (¬2) وصلى به يوماً أو أكثر من ذلك؟ قال: عليه أن يُعيد الوضوء والصلوات كلها (¬3). قلت: أرأيت إن توضأ بالنبيذ وهو يجد الماء؟ قال: لا يجزيه ذلك. قلت: فإن لم يُعِد الوضوء وصلى بوضوئه ذلك؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلاة. قلت: أرأيت رجلاً توضأ وضوءه للصلاة فمكث على وضوئه ذلك يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام ولم يُحْدِثْ ولم يَنَمْ (¬4) أيصلي بذلك الوضوء؟ قال: نعم. قلت: أرأيتَ رجلاً (¬5) توضأ ثم غُشِي عليه أو أصابه لَمَمٌ أو أُغْمِيَ عليه أو ذهب عقلُه من شيء ثم زال (¬6) ذلك عنه هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن الذي أصابه من ذهاب عقله أشد عليه (¬7) من النوم، والنومُ ينقض الوضوء إذا نام مضطجعاً. قلت: فالذي ذهب عقلُه أو أصابه ما ذكرتُ لك أسواء هو إن كان قائماً أو قاعداً أو ¬

_ (¬1) ح ي: إلا بالنبيذ. (¬2) ح ي - سوى النبيذ. (¬3) ج ر ط + وقال أبو حنيفة في الجامع الصغير يتوضأ بالنبيذ ولا يتيمم وروى نوح في الجامع عنه أنه رجع عن هذا وقال يتيمم ولا يتوضأ به لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ به بمكة ونزلت آية التيمم بالمدينة. ولم يذكر هذه الزيادة في نسخة ك في صلب المتن ولكن ذكره في الهامش. وذكر الحاكم رواية نوح الجامع في الكافي، 1/ 4 ظ. وهذه الزيادة من بعض رواة الكتاب كما قال أبو الوفا الأفغاني. انظر: الأصل (الأفغاني)، 1/ 87. وللحديث الوارد في التوضؤ بالنبيذ بمكة انظر: مسند أحمد، 1/ 458. أما آية التيمم فيقول تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [سورة النساء، 4/ 43]. وفي آية أخرى: {. . . وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [سورة المائدة، 5/ 6]. والسورتان مدنيتان. ويتبين نزول الآية في المدينة من القصة المروية في سبب نزول آية التيمم. انظر: صحيح البخاري، التيمم، 1؛ وصحيح مسلم، الحيض، 108. (¬4) ح: لم ينم ولم يحدث؛ ي: لم ينام ولم يحدث. (¬5) ي: رجل. (¬6) ح ي: ثم ذهب. (¬7) ح - عليه.

مضطجعاً؟ قال: نعم، وعليه الوضوء في هذا كله. قلت: فلِمَ استحسنتَ في النوم إذا كان قاعداً أو ساجداً أو قائماً أو راكعاً؟ قال: جاء في ذلك أثر (¬1)، فأخذتُ به، وأخذت (¬2) في ذهاب العقل بالقياس؛ لأن ذهاب العقل أشد من الحَدَث. قلت: فإن لم يُعِد الوضوء وصلى (¬3) هكذا؟ قال: يُعِيد الوضوء والصلاة. قلت: لِمَ ولو نام قائماً أو قاعداً لم يجب عليه الوضوء؟ قال: لأن ذهاب العقل لا يشبه النوم في هذا. قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعة بقوم أو ركعتين ثم أُغْمِيَ عليه أو ذهب عقلُه (¬4) أو أصابه لَمَم؟ قال: عليه وعليهم أن يَستقبلوا الصلاة. قلت (¬5): وإن (¬6) لم يَذهب عقلُه (¬7) ولكنه وقع فمات؟ قال: عليهم أن يَستقبلوا الصلاة بإمامٍ غيره. قلت: أرأيت الرجل إذا مضمض (¬8) أو استنشق (¬9) أيُدخِل يده في فيه أو في أنفه (¬10)؟ قال: إن شاء فعل، وإن شاء ترك. قلت: أرأيت الغُسل أتراه (¬11) واجباً يوم الجمعة ويوم عرفة وفي العيدين وعند الإحرام؟ قال: ليس بواجب في شيء من هذا. إن اغتسل ¬

_ (¬1) قال الإمام محمد في الآثار، 35: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال إذا نمت قاعداً أو قائماً أو راكعاً أو ساجداً أو راكباً فليس عليك وضوء. وعن ابن عباس مرفوعاً: "إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله". وانظر: سنن أبي داود، الطهارة، 79؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 57. وعن ابن عباس رفعه: "لا يجب الوضوء على من نام جالساً أو قائماً أو ساجداً حتى يضع جنبه، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله". انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 1/ 121. وعن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينام وهو ساجد، فما يُعرَف نومه إلا بنفخه، ثم يقوم فيمضي في صلاته. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 1/ 124. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 1/ 44؛ والدراية لابن حجر، 1/ 33. (¬2) م: وآخذ. (¬3) ح ي: أو صلى. (¬4) ح ي + يوماً. (¬5) ح ي + أرأيت. (¬6) م ح ي: إن. (¬7) م: عليه. (¬8) ك ح م: إذا تمضمض. (¬9) ك: واستنشق. (¬10) ك م: في أنفه أو في فيه. (¬11) ح ي - أتراه.

باب البئر وما ينجسها

فحسن، وإن ترك ذلك لم (¬1) يضره. قلت: أرأيت رجلاً توضأ (¬2) من سؤر حائض أو جنب أو مشرك أو صبي؟ قال: لا بأس بذلك كله في (¬3) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬4). ... باب البئر وما ينجسها (¬5) أبو سليمان عن محمد بن الحسن، قال (¬6): قلت: أرأيت (¬7) فأرة وقعت في بئر الماء فماتت فيها (¬8) ولم تتفسّخ؟ قال: يُنْزَف (¬9) منها (¬10) عشرون دلواً أو ثلاثون. قلت: فإن نُزِف منها ثلاثون دلواً أو عشرون (¬11) دلواً (¬12) والفأرة (¬13) في البئر بَعْدُ؟ قال (¬14): عليهم أن ينزفوا منها عشرين (¬15) دلواً (¬16) أو ثلاثين (¬17) دلواً (¬18) بعد إخراج (¬19) الفأرة. ¬

_ (¬1) ح + يكن. (¬2) م - توضأ. (¬3) ح ي: وهو. (¬4) ك م + والإغماء ينقض الطهارة في الأحوال كلها ويقطع الصلاة ويمنع القوم من البناء عليها ومن الائتمام بإمام آخر فيها وكذلك موت الإمام. هذه العبارة مأخوذة بعينها من الكافي، 1/ 4 ظ. وهو من صنيع الرواة أو الناسخين. (¬5) ح ي + والصلاة في ثياب أهل الذمة. (¬6) ح ي - أبو سليمان عن محمد بن الحسن قال. (¬7) م - أرأيت. (¬8) ح - فيها. (¬9) م: يرق. وقد تكرر الخطأ في هذه الكلمة في نسخة م بعد هذا الموضع في هذا الباب كثيراً، فأهملنا الإشارة لذلك. (¬10) ك م: منه. (¬11) ح ي: عشرون دلواً أو ثلاثون. (¬12) ح ي - دلواً. (¬13) م: أو الفأرة. (¬14) ح - قال. (¬15) ح: عشرون. (¬16) ح - دلواً. (¬17) ح: أو ثلاثون. (¬18) ح ي - دلواً. (¬19) ك م: خروج.

قلت (¬1): فإن نزفوا منها عشرين دلواً (¬2) ثم استخرجوا الفأرة ثم نزفوا بعد ذلك عشرة (¬3) دِلاَء؟ قال (¬4): فإنها (¬5) لا تطهر، وعليهم أن ينزفوا (¬6) تمام (¬7) عشرين دلواً أو ثلاثين بعد إخراج (¬8) الفأرة. قلت: فإن كان يقطر من الدلاء (¬9) شيء في البئر؟ قال (¬10): لا ينجسها، لأن هذا لا يُمتنع منه. قلت (¬11): أرأيت (¬12) إن صبّ الدلو الآخِر (¬13) في البئر (¬14) بعدما نَحَّوْه (¬15) عن رأسها أو قبل ذلك أو بعدما أفرغوه في إناء آخر؟ قال: هذا كله سواء، وعليهم أن ينزفوا دلواً مثله. قلت: أرأيت إن انصبّ (¬16) ذلك الدلو في بئر طاهرة؟ قال: عليهم أن ينزفوا منها دلواً مثله (¬17)؛ وذلك لأن الماء قد صار كله مثل ذلك الدلو، وإنما يُطَهِّرُ هذه البئر ما يُطَهِّرُ التي قبلها. ألا ترى أن البئر التي قبلها إنما يُطَهِّرُها دلو واحد لو انصبّ فيها ذلك الدلو الآخِر (¬18)، فكذلك هذه البئر. قلت: أرأيت إن انصبّ في هذه البئر الطاهرة الدلو الأول؟ قال: يُنْزَف منها عشرون دلواً. قلت: فإن (¬19) انصبّ فيها الدلو الثاني؟ قال: عليهم أن ينزفوا منها تسعة عشر دلواً. وكذلك لو صبّ فيها الدلو العاشر كان ¬

_ (¬1) ي - قلت. (¬2) ح ي - منها عشرين دلواً. (¬3) ك م: عشر. (¬4) م ح ي - قال. (¬5) ك - فإنها. (¬6) ح ي: أن ينزفوا. (¬7) ح ي: إتمام. (¬8) ك م: من خروج. (¬9) ح: من الدلى؛ ي: من الدلو. (¬10) ح - قال؛ ي - قال؛ صح هـ. (¬11) ي: قال. (¬12) ح ي - أرأيت. (¬13) ح ي: الأخيرة. (¬14) ك - قال لا ينجسها لأن هذا لا يمتنع منه قلت أرأيت إن صب الدلو الآخر في البئر. (¬15) ح ي: نحوها. (¬16) ح: صب. (¬17) ك - قلت أرأيت إن انصب ذلك الدلو في بئر طاهرة قال عليهم أن ينزفوا منها دلواً مثله. (¬18) ح ي: الأخير. (¬19) ح ي: وإن.

عليهم أن (¬1) ينزفوا (¬2) منها عشر دلاء (¬3). وإنما يُطهِّرها ما يُطهِّر الأولى. ألا ترى أنه كلما استُقي من البئر الأولى كان أطهر لها (¬4). قلت: أرأيت إنِ اسْتُخْرِجَتِ الفأرةُ فأُلْقِيَتْ (¬5) في هذه البئر الطاهرة وصُبَّ فيها عشرون دلواً؟ قال: عليهم أن يخرجوا الفأرة وعشرين دلواً. قلت: لم؟ قال: لأن الدلاء التي صُبَّتْ (¬6) فيها بمنزلة ماء البئر، وهو كله نجس، وإنما يُطهِّرها عشرون دلواً. ومن قال غير هذا فلا بد له من أن يخرج العشرين الدلو (¬7) التي صُبَّ فيها مع الفأرة وعشرين (¬8) دلواً أخرى (¬9). قلت: أرأيت إن جاؤوا بدلو عظيم يَسَعُ (¬10) عشرين (¬11) دلواً بدلوهم فاستَقَوْا به دلواً واحداً؟ قال: يجزيهم، وقد طَهُرَت البئر. قلت: أرأيت إن عاد (¬12) ذلك الماء فأُهْرِقَ (¬13) في البئر؟ قال: عليهم أن يخرجوا منها مثله. قلت: أرأيت إن توضأ رجل (¬14) من تلك البئر بعد إخراج ذلك الدلو؟ قال: يجزيه وضوؤه. قلت: فإن انصبّ (¬15) فيها ¬

_ (¬1) ح ي - كان عليهم أن. (¬2) ح ي: ينزح. (¬3) ح ي + وفي رواية أبي حفص ينزف منها إحدى عشر دلواً وهو صحيح. وانظر الحاشية التالية. (¬4) ك م + قال الحاكم الجليل أبو الفضل هذا الجواب ليس بسديد وصوابه أن ينزح أحد عئر دلواً وهكذا الجواب في رواية أبي حفص. وهذه العبارة موجودة في أكثر النسخ. وهي من كلام الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 4 ظ؛ والمبسوط، 1/ 91. (¬5) م: وألقيت. (¬6) ي: صب. (¬7) ح: دلواً. (¬8) ح: وعشرون. (¬9) وقد روي هذا القول الأخير عن أبى يوسف. انظر: المبسوط، 1/ 91. (¬10) ك: تسع؛ ح ي + فيه. (¬11) ح ي: عشرون. (¬12) ح: إن أعاد؛ ي: إن أعادوا. (¬13) ح: فأهراق؛ ي: فأهريق. (¬14) ح ي - رجل. (¬15) ح: صب.

ذلك الدلو بعد ذلك؟ قال: لا يفسد وضوء (¬1) ذلك الرجل إلا أن (¬2) يكون الدلو في البئر بَعْدُ لم يُنَحَّ (¬3) عنها، فما دام الدلو فيها فليس يجزي من توضأ منها (¬4)؛ لأنه يقطر فيها بَعْدُ، فإذا نُحّي (¬5) عنها فقد طَهُرَتْ. وقال محمد: يجزيه. قلت: أرأيت ثوباً نجساً (¬6) غُسل في إجّانة (¬7) بماء نظيف ثم عُصر ولم يُهْرَق (¬8) ذلك الماءُ، ثم غُسل في إجّانة أخرى بماء نظيف ثم عُصر ولم يُهْرَق (¬9) ذلك الماء، ثم غُسل في إجانة أخرى بماء نظيف ثم عُصر (¬10) ما حال (¬11) الثوب؟ قال: الثوب (¬12) قد طهر (¬13). قلت: فهل يجزي من توضأ بالماء (¬14) الأول (¬15) أو الثاني أو الثالث؟ قال: لا. قلت: فإن توضأ رجل من ذلك وصلى؟ قال: يعيد الوضوء والصلاة. قلت: أرأيت إن غُسل ذلك الثوب في إجّانة أخرى بماء طاهر هل يجزي من توضأ بذلك الماء الرابع؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه لما غُسل في الإجّانة الثالثة فقد صار طاهراً، ثم غُسل في الإجّانة الرابعة وهو طاهر، فلا (¬16) بأس بأن يتوضأ بذلك الماء الرابع، لأنه طاهر. قلت: أرأيت رجلاً توضأ في إناء نظيف وضوءه للصلاة ثم توضأ وهو متوضئ في إناء آخر (¬17) نظيف ثم توضأ في إناء آخر نظيف وهو متوضئ هل يجزي من (¬18) توضأ بالماء (¬19) الأول (¬20) ¬

_ (¬1) م: وضوه. (¬2) ح - أن؛ صح هـ. (¬3) ك م: لم يتنح؛ ي: لم ينحا. (¬4) ح: فيها. (¬5) ك م: تنحى. (¬6) ح ي: ثوب نجس. (¬7) الإجّانة: إناء يغسل فيه الثياب. انظر: المغرب، "أجن"؛ والمصباح المنير، "أجن". (¬8) ي: يهراق. (¬9) ي: يهراق. (¬10) م - ولم يهرق ذلك الماء ثم غسل في إجانة أخرى بماء نظيف ثم عصر. (¬11) ك: ما حكم؛ م: ما حلل. (¬12) ك م - الثوب. (¬13) ك م: قد طهرت. (¬14) ح ي: بماء. (¬15) ح: الأولى. (¬16) ح ي: ولا. (¬17) ك م - آخر. (¬18) ح: بمن. (¬19) ح ي: بماء. (¬20) ح: الأولى.

والثاني والثالث (¬1)؟ قال: لا. قلت: فإن توضأ في إناء نظيف أيضاً (¬2) وهو متوضئ هل يجزي من توضأ بالماء (¬3) الرابع؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو توضأ (¬4) بخامس (¬5) أو سادس؟ قال: نعم، لا يجزي من توضأ بذلك الماء. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو استنجى بماء عشرَ مرات أكان يجزي من توضأ بالعاشر؟ قلت: لا. قال: فكذلك هذا. قلت: أرأيت جنباً اغتسل في بئر ثم وقع في أخرى ثم وقع في أخرى ثم وقع في أخرى؟ قال: قد أفسد (¬6) الآبار كلها، وعليهم أن ينزفوا ماء الآبار كلها حتى يَغلبهم الماء. قلت: وهل (¬7) يجزيه غسله؟ قال: لا. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: يَطهُر إذا اغتسل في البئر الثالثة، ويفسد الماء (¬8). قلت: أرأيت رجلاً طاهراً (¬9) وقع في بئر فاغتسل فيها؟ قال: قد أفسد ماء البئر كله. قلت: وكذلك لو توضأ فيها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو استنجى فيها؟ قال: نعم. قلت: فما حال البئر؟ قال: عليهم أن ينزفوا ماء البئر كله إلا أن يَغلبهم الماء. قلت: أرأيت الرجل هل يجزيه وضوؤه ذلك؟ قال: لا. قلت (¬10): أرأيت رجلاً ¬

_ (¬1) ح ي: أو الثاني أو الثالث. (¬2) ح ي - أيضاً. (¬3) ح ي: بماء. (¬4) ح ي + بماء. (¬5) ح ي: خامس. (¬6) ح ي + ماء. (¬7) ح ي: فهل. (¬8) قال السرخسي: جُنُبٌ اغتسل في ثلاثة آبار وليس على بدنه نجاسة عينية فقد أفسد ماء الآبار، ولا يجزئه غسله في قول أبي يوسف. وقال محمد -رحمه الله- تعالى: يخرج من البئر الثالث طاهراً. وهذا لأن الحدث الحكمي معتبر بالنجاسة العينية، فالآبار كالإجّانات. وعند أبي يوسف -رحمه الله- تعالى: النجاسة لا تزول عن البدن بالغسل في الإجّانات، فكذلك الحدث. قال ولو كان يزول بالغسل في الآبار لكان يخرج الجنب من البئر الأولى طاهراً كما إذا صب الماء على بدنه مرة بعد مرة وعند محمد -رحمه الله تعالى- النجاسة العينية تزول عن البدن بالغسل في الإجّانات، فكذلك الجنابة. قال ولما كان ثبوت هذا الحكم بالقياس على النجاسة شرطنا فيه عدد الثلاث كما يشترط في غسل النجاسة، بخلاف صب الماء على رأسه. انظر: المبسوط، 1/ 94. (¬9) ي + لو. (¬10) ي - قلت؛ صح هـ.

جنباً (¬1) دخل بئراً يطلب دلواً له فيها فانغمس (¬2) فيها وهو غير طاهر غير أنه ليس في رجليه ولا في جسده ولا في يده (¬3) قذر فلم (¬4) يَتَدَلَّكْ (¬5) فيها هل يفسد الماء؟ قال: لا. وقال أبو يوسف: ولو (¬6) أن جنباً دخل بئراً ليخرج دلواً (¬7) منها فانغمس في الماء أنه لا يفسد (¬8) الماء، ولا يجزيه من الغسل. وقال محمد: لا يفسد الماء، ويجزيه من الغسل (¬9). قلت: أرأيت فأرة وقعت في بئر فماتت فيها، ثم وقعت فأرة أخرى في بئر أخرى فماتت، فَاسْتَقَى من إحدى البئرين (¬10) عشرين دلواً بعد خروج الفأرة، فصَبَّ ذلك الماء في البئر الأخرى؟ قال: عليهم أن ينزفوا منها عشرين دلواً بعد خروج الفأرة (¬11)؛ لأن الذي صَبُّوا (¬12) فيها مثل ما كان فيها. قلت: فإن وقع في بئر أخرى ثالثة فأرة فماتت فنُزف منها عشرون دلواً ¬

_ (¬1) جميع النسخ: طاهراً. والتصحيح من ط. وقد كانت على الصواب في نسخة ي على ما يظهر، ثم حذفت الكلمة وغيرت إلى "طاهراً". (¬2) خ: فاغمس. (¬3) ح ي: في رجليه ولا في يديه ولا في جسده. (¬4) ح ي: ولم. (¬5) ك م: يدلك. (¬6) ح ي: لو. (¬7) ح ي: الدلو. (¬8) ح ي: لا ينجس. (¬9) ك م ج ر ط + وقال أبو يوسف في الإملاء يفسد الجنب البئر إن اغتسل فيه أو لم يغتسل أو انغمس لإخراج الدلو. وهذه العبارة موجودة كذلك في المبسوط، 1/ 53.وهي من زيادة بعض رواة الكتاب. وجه ظاهر الرواية أنه لا يفسد الماء لوجود الضرورة في إخراج الدلو من البئر، ويطهر الجنب عند محمد لأن الماء مطهر وإن لم ينو الجنب ذلك. ولا يطهر عند أبي يوسف لأنه لم ينو ذلك. انظر: المبسوط، 1/ 53. ووجه رواية الإملاء أنه كما أدخل بعض أعضائه في البئر صار الماء مستعملاً، فبعد ذلك سواء اغتسل أو لم يغتسل لم يطهّره الماء المستعمل. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬10) ح: البئر. (¬11) ح ي - فصب ذلك الماء في البئر الأخرى قال عليهم أن ينزفوا منها عشرين دلواً بعد خروج الفأرة. (¬12) ح ي: صب.

فصُبَّ في هذه أيضاً مع العشرين الأولى ومع الفأرة التي وقعت فيها؟ قال: يُنْزَف منها أربعون دلواً. وإنما أنظر إلى ما وجب عليها وإلى ما صبوا فيها فأَنزف الأكثر من ذلك (¬1). قلت: فإن (¬2) صبوا فيها دلواً واحداً أو اثنين (¬3)؟ قال: لا يُنْزَف منها إلا عشرون (¬4) دلواً. قلت: وكذلك لو صبوا فيها عشرين (¬5) دلواً (¬6)؟ قال: نعم، لا يُنْزَف منها إلا عشرون دلواً (¬7). قلت: فإن (¬8) زادوا (¬9) من البئر (¬10) الثالثة (¬11) دلواً أو اثنين (¬12) نُزفت تلك الزيادة مع العشرين (¬13) دلواً (¬14)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الفأرة (¬15) ماتت في سَمْنٍ جامد وتفسّخت فيه (¬16)؟ قال: تؤخذ (¬17) الفأرة وما حولها فيُرْمَى به، ولا بأس بأكل ما بقي والانتفاع به. قلت: فإن كان السمن ذائباً؟ قال: أكره لهم أكله؛ لأنه نجس. قلت: فإن اسْتَصْبَحُوا (¬18) به أو دبغوا به جلداً؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: فإن باعوه ¬

_ (¬1) ح ي - قلت فإن وقع في بئر أخرى ثالثة فأرة فماتت فنزف منها عشرون دلواً فصب في هذه أيضاً مع العشرين الأولى ومع الفأرة التي وقعت فيها قال ينزف منها أربعون دلواً وإنما أنظر إلى ما وجب عليها وإلى ما صبوا فيها فأنزف الأكثر من ذلك. (¬2) ح ي + كانوا إنما. (¬3) أي: من البئر الثانية فقط. (¬4) م: إلا عشرين. (¬5) ح ي: عشرون؛ ي + قال. (¬6) أي: من البئر الثانية فقط. (¬7) ح ي + قلت فإن وقع في بئر أخرى ثالثة فأرة فماتت فنزف منها عشرون دلواً فصب في هذه أيضاً مع العشرين الأولى ومع الفأرة الأولى التي وقعت فيها قال ينزف منها أربعون دلوا فإنما أنظر إلى ما وجب عليها وإلى ما صبوا فيها فأنزف الأكثر من ذلك. (¬8) ح ي + كان. (¬9) ح - زادوا. (¬10) ح ي + الأخرى. (¬11) ح ي: الثانية. (¬12) أي زيادة على العشرين دلواً التي صبت من البئر الثانية. انظر: المبسوط، 1/ 94. (¬13) ح: عشرين؛ ي - العشرين. (¬14) ي: دلو. (¬15) ح ي: فأرة. (¬16) ح ي: فيها. (¬17) ي: يؤخذ. (¬18) أي: نوّروا به المصباح. انظر: المغرب، "صبح".

ولم يبيّنوا ما هو ثم علم المشتري؟ قال: هو بالخيار، إن شاء رده، وإن شاء أمسكه. قلت: فإن باعوه وبيّنوا ذلك؟ قال: لا بأس به. قلت: فإن اشتراه (¬1) رجل ثم دبغ به جلداً؟ قال: لا بأس بالدباغة به (¬2)، ثم يغسل الجلد بعد ذلك بالماء. قلت: أرأيت فأرة وقعت في حُبّ (¬3) فيه خَلّ فماتت فيه فأَدخل رجل يده فيه ثم أخرج يده (¬4) فغمسها (¬5) في خابية (¬6) أخرى؟ قال: أكره لهم (¬7) جميعاً. قلت: وكذلك لو كان في الحُبّ (¬8) الأول (¬9) ماء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو غمس يده في الخَلّ والماء (¬10) ثم أخرج يده فغمسها في عشرة (¬11) خَوَابِي أو أكثر من ذلك واحدة بعد واحدة أفسدهن كلهن؟ قال: نعم (¬12). قلت: فإن صبّ منها خابية في بئر فيها ماء؟ قال: عليهم أن ينزفوا الأكثر من عشرين دلواً ومن مقدار الخابية. قلت: وكذلك لو أدخل يده في حُبّ (¬13) فيه ماء وفيه فأرة ثم أخرج يده ¬

_ (¬1) ح: اشترى به. (¬2) ح م - به. (¬3) م ي: في جب. والحُبّ هو الجرة الكبيرة كما تقدم. (¬4) ح: ثم أخرجها؛ ي - يده. (¬5) ك م ي: فغمسه. (¬6) م: في جانبه. والخابية هي الحُبّ وهي الجرة أو الجرة الضخمة. انظر: لسان العرب، "حبب، خبأ"؛ والقاموس المحيط، "حبب". (¬7) ح: أكلها؛ ي: أكلهما. (¬8) م: في الجب؛ ح ي: في حب. (¬9) ح ي: الأولى. (¬10) ح ي: أو الماء. (¬11) ك م: في عشر. (¬12) قال الحاكم: وذهب بعض مشايخنا إلى أن هذا الجواب في الماء على مذهب أبي يوسف. انظر: الكافي، 1/ 5 و. وذكر ذلك السرخسي ولم يعزه إلى الحاكم ولا إلى غيره، وأثبت الخلاف بين أبي يوسف وبين أبي حنيفة ومحمد، وشرح المسألة بالتفصيل. انظر: المبسوط، 1/ 95. (¬13) م: في جب.

باب ثياب أهل الذمة والصلاة فيها

فأدخلها في عشرة (¬1) خوابي (¬2)؟ قال: نعم، قد أفسد الماء كله، ولا يجزي من توضأ بشيء منهن؛ لأنه غمس يده أول مرة في ماء نجس، فما أدخل يده فيه فهو بمنزلته. قلت: فإن أخرج يده فغسلها ثم أدخلها في حُبّ أخرى (¬3)؟ قال: لا يفسد الماء. ... باب ثياب أهل الذمة والصلاة فيها (¬4) قال أبو حنيفة: لا بأس بلبس ثياب أهل الذمة كلها والصلاة فيها ما لم يعلم أنه (¬5) أصابه قذر إلا الإزار والسراويل، فإنه يكره (¬6) الصلاة في ذلك حتى يغسل (¬7). وهو قول أبي يوسف ومحمد. إلا أن أبا يوسف قال: إن صلى في الإزار والسراويل أجزأه ذلك إذا لم يعلم أنه (¬8) أصابه قذر أو شيء ينجسه. ألا ترى أن عامة من ينسج هذه الثياب ويغزلها أهل الذمة. وأخبرنا (¬9) محمد عن أبي يوسف (¬10) عن شيخ (¬11) عن الحسن البصري أنه سُئل عما يَنسج المجوس من الثياب أيصلي (¬12) فيها (¬13) قبل أن تُغسَل (¬14)؟ قال: نعم، لا بأس بذلك (¬15). ¬

_ (¬1) ك ي: في عشر. (¬2) ك م - خوابي. (¬3) ح ي: آخر. (¬4) ح: فيه. (¬5) م: به. (¬6) ك م: كره. (¬7) والمقصود هنا الإزار والسراويل التي استعملوها ولبسوها، فإنهم لا يتحرزون من النجاسة. وانظر للتفصيل: المبسوط، 1/ 97. (¬8) م: به. (¬9) ح: قال قال؛ ي: قال. (¬10) ح ي: قال أبو يوسف. (¬11) ح ي: حدثنا شيخ. (¬12): يصلي. (¬13) ك م: فيه. (¬14) ك م: أن يغسل؛ ح: أن يغسلها. (¬15) هذا الأثر علّقه البخاري. انظر: صحيح البخاري، الصلاة، 7. ووصله غيره. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 48؛ وتغليق التعليق لابن حجر، 2/ 206.

باب المسح على الخفين

باب المسح على الخفين قلت: أرأيت رجلاً توضأ ولبس خُفيه وصلى الغَدَاة ثم أحدث فمكث محدثاً حتى زالت الشمس فتوضأ ومسح (¬1) على خفيه حتى متى (¬2) يجزيه ذلك المسح؟ قال: إلى الساعة التي أحدث فيها (¬3) من الغد. قلت: ولا يجزيه ذلك إلى الساعة التي مسح عليها (¬4)؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو مكث يوماً أو يومين وقد أُغمي عليه أو مَرِض ولم (¬5) يُصَلِّ (¬6) ثم أفاق أكان له أن يمسح على الخفين وقد مضى بعدما أحدث يوم أو يومان (¬7)؟ قلت: لا. قال (¬8): كذلك (¬9) الأول (¬10) ليس له أن يجاوز الساعة التي أحدث فيها من الغد. وكذلك المسافر له من الساعة التي أحدث فيها حتى يَستكمل ثلاثة أيام ولياليها إلى مثل (¬11) تلك الساعة من اليوم الرابع. قلت: أرأيت رجلاً غسل رجليه ولبس خفيه على غير وضوء ثم أحدث أيتوضأ ويمسح على خفيه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه ليس له أن يمسح على الخفين حتى يلبسهما على وضوء تام. فإن لبسهما على وضوء تام (¬12) ثم أحدث بعد ذلك توضأ ومسح عليهما. قلت: أرأيت المسح على الخفين كم هو؟ قال: مرة واحدة. قلت: أفيمسح مِن قِبَلِ الساق أو يبتدئ (¬13) مِن قِبَلِ الأصابع؟ قال: بل يبدأ مِن قِبَلِ الأصابع حتى ينتهي إلى أصل الساق. قلت: فإن بدأ من أصل الساق إلى رأس الأصابع؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه مرة واحدة بإصبع أو ¬

_ (¬1) ك م: أو مسح. (¬2) ي: إلى متى. وذكر في الهامش: نسخة حتى. (¬3) م - التي أحدث فيها. (¬4) ح ي: فيها. (¬5) ح ي: فلم. (¬6) ح: يصلي. (¬7) ح ي: يوماً أو يومين. (¬8) م - قال. (¬9) ح ي: فكذلك. (¬10) ي: الأولى. (¬11) ح - مثل؛ صح هـ. (¬12) ح ي - فإن لبسهما على وضوء تام. (¬13) ح ي: أو يبدأ.

بإصبعين (¬1)؟ قال: لا يجزيه. قلت: أرأيت (¬2) إن (¬3) مسح بثلاثة (¬4) أصابع أو أكثر من ذلك؟ قال: يجزيه. قلت: من أين اختلفا؟ قال: إذا مسح بالأكثر (¬5) من أصابعه أجزأه ذلك. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح (¬6) على خفيه وفي خفيه (¬7) خَرْق يخرج منه إصبع أو إصبعان (¬8) هل يجزيه أن يمسح على الخفين؟ قال: نعم. قلت: فإن كان يخرج منه ثلاثة (¬9) أصابع؟ قال: لا يجزيه. قلت: من أين اختلفا؟ قال: إذا خرج من الخف أكثر من نصف أصابعه وجب عليه غسل رجليه (¬10). قلت: أرأيت رجلاً توضأ وعليه خُفَّاه وهما مُنْخَرِقان (¬11) والخَرْق أكثر من نصف قدمه مِن قِبَلِ عَقِبِه هل يجزيه أن يمسح عليهما؟ قال: لا. قلت: لم لا يجزيه المسح عليهما وأصابعه مغطّاة؟ قال: لا يجزيه إلا الغَسل. قلت: فإن خرج من عَقِبِه أو أسفلَ مِن قدمه أو ظاهرِهما شيءٌ قليلٌ؟ قال: يجزيه المسح عليهما. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه ببَلَلٍ أخذه من لحيته؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن مسحهما بِبَلَل (¬12) في يديه (¬13)؟ قال: هذا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه إذا أخذ له ماءً فمسحه فإنما يَصِل إليه (¬14) البَلَلُ الذي في كفّه، فلا أُبالي أكان ذلك الماء في كفّه (¬15) أو (¬16) مِن شيء أخذه. فأمّا إذا مسح خفيه بِبَلَل أخذه من رأسه أو من لحيته فهو ماء قد (¬17) توضأ به مرة، فلا يجزيه أن يتوضأ به (¬18) ثانية. قلت: فإن كان الذي في يديه من الماء هو شيءٌ فَضَلَ في يديه بعدما ¬

_ (¬1) ح ي: أو إصبعين. (¬2) ح ي - أرأيت. (¬3) ح ي: فإن. (¬4) م: ثلاثة. (¬5) ح ي: بأكثر. (¬6) ح ي - ومسح. (¬7) ح ي: وعليه خفاه وعلى خفيه. (¬8) ي: أو إصبعين. (¬9) ك م: ثلاث. (¬10) ح ي: الرجلين. (¬11) ي: متخرقان. (¬12) ي: ببل. (¬13) ك ح ي: في يده. (¬14) ح: له. (¬15) ح ي - فلا أبالي أكان ذلك الماء في كفه. (¬16) ح ي + هو. (¬17) ح ي - قد. (¬18) ك م - به.

مسح رأسه؟ قال: لا يجزيه أن يمسح به. قلت: أرأيت رجلاً توضأ (¬1) ومسح على أسفل خفيه ولم يمسح على ظاهر خفيه (¬2)؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن مسح على (¬3) ساق الخف؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن مسح على مقدّم الخف؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على عمامته أو على قلنسوته؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن كانت (¬4) امرأة فمسحت على خمارها؟ قال: لا يجزيها (¬5). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على جوربيه (¬6) ونعليه أو على جوربيه (¬7) بغير نعلين؟ قال (¬8): لا يجزيه المسح على شيء من ذلك. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد (¬9): إذا مسح على الجوربين أجزأه المسح (¬10) كما يجزي المسح على الخف (¬11) إذا كان الجوربان (¬12) ثَخِينَين لا يَشِفّان (¬13). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على الجُرْمُوقَين (¬14) وأسفلهما (¬15) أَدَمٌ (¬16)؟ قال: نعم (¬17)، يجزيه. قلت: فما شأن الجورب لا ¬

_ (¬1) ح ي + ومسح على خفيه. (¬2) ح ي: على ظاهرهما. (¬3) ح ي - على. (¬4) خ: كان. (¬5) ك م: لا يجزيه. (¬6) خ: على جوربه. (¬7) ح ي: على جوربين. (¬8) ك م - قال. (¬9) ح - ومحمد؛ صح هـ. (¬10) ح ي - المسح. (¬11) ح ي: على الخفين. (¬12) ح ي: الجوربين. (¬13) م: لا يشقان؛ ي: لا ينشفان. ثَخُن الشيء فهو ثخين، أي: كَثُف وغَلُظ وصَلُب. وثوب ثخين: جيد النَّسْج والسَّدَى (ما ينسج طولاً) كثير اللُّحْمَة (ما ينسج عرضاً). انظر: لسان العرب، "ثخن". وشَفّ الثوب: رَقّ حتى رأيت ما وراءه، ومنه "إذا كانا ثخينين لا يَشِقّان"، ونفي الشُّفوف تأكيد للثخانة. انظر: المغرب، "شفف". (¬14) الجُرْمُوق: ما يلبس فوق الخف. انظر: المغرب، "جرمق". وقال ابن منظور: الجرموق خف صغير، وقيل: خف صغير يلبس فوق الخف. انظر: لسان العرب، "جرمق". (¬15) ح ي: أسفلهما. (¬16) الأَدَم بفتحتين اسم لجمع أَديم، وهو الجلد المدبوغ. انظر: المغرب، "أدم". (¬17) ح ي - نعم.

يمسح عليه والجُرْمُوقان (¬1) يمسح عليهما؟ قال (¬2): لأنه إذا كان أسفلهما أَدَم (¬3) فهو بمنزلة الخف. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على نعليه وعلى قدميه؟ قال: لا يجزيه. قلت: أرأيت الرجل إذا توضأ أيجب (¬4) عليه (¬5) أن يمسح باطن الخف؟ قال: لا. قلت: فإن مسح وصلى فيه ولم يمسح ظاهر الخفين بماء؟ قال: لا يجزيه ذلك، وعليه أن يمسح ظاهرهما ويعيد الصلاة. قلت: أرأيت إن (¬6) مسح من الخف (¬7) شيئاً قليلاً (¬8) لا يكون ثلثاً ولا ربعاً ولا خمساً (¬9)؟ قال: لا (¬10) يجزيه إلا أن يمسح مقدار (¬11) ثلاثة أصابع من أصابع اليد (¬12). قلت: أرأيت الرجل إذا مسح على الخفين ثم صلى صلاة أو صلاتين ثم أحدث أيمسح على الخفين أيضاً؟ قال: نعم، يمسح على الخفين ما دام في وقته. قلت: أرأيت إذا استكمل المقيم يوماً وليلة وهو على وضوء (¬13) لم يحدث أيصلي بذلك المسح؟ قال: لا، ولكنه يخلع خفيه ويغسل قدميه. قلت: فإن كان مسافراً استكمل ثلاثة أيام ولياليها ولم يحدث ولم ينم؟ قال: ينزع خفيه ويغسل قدميه، ولا يجب على واحد منهما أن يعيد الوضوء كله. قلت: لم؟ قال: لأن الوضوء إنما يجب عليه (¬14) في القدمين، فأمّا ما سِوَى ذلك فهو طاهر. قلت: فإن صلى بعدما استكمل لوقتِ مسحِه (¬15) ذلك؟ قال: عليه أن ينزع خفيه ويغسل قدميه، ويعيد ما صلى بعد خروج الوقت. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه فصلى صلاة أو صلاتين ثم أحدث فمسح على الخفين أيكون له (¬16) ¬

_ (¬1) ح ي: والجرموقين. (¬2) ح - قال. (¬3) م: دم. (¬4) ك: يجب. (¬5) ح ي: له. (¬6) ي: وإن. (¬7) ح ي: من الخفين. (¬8) ي: شيء قليل. (¬9) ح ي: ثلث ولا ربع ولا خمس. (¬10) م - لا. (¬11) م: بمقدار. (¬12) ح ي - إلا أن يمسح مقدار ثلاثة أصابع من أصابع اليد. (¬13) ح ي: على وضوه. (¬14) ح ي - عليه. (¬15) ح ي: الوقت بمسحه. (¬16) ح ي - له.

كمال يوم وليلة من الحدث الأخير (¬1) أو من الحدث الأول؟ قال: بل من الحدث الأول. قلت: فإن صلى بمسحه ذلك (¬2) الأخير (¬3) كمال يوم وليلة؟ قال: عليه أن ينزع خفيه ويغسل قدميه، ويعيد ما صلى بعد خروج الوقت من الحدث الأول. قلت: أفيمسح الرجل على الخفين ما دام في الوقت مِن كل حدب غائطاً كان أو بولاً أو رُعافاً أو نوماً أو قَيْئاً (¬4) أو أُغْمِيَ عليه أو ذهب عقلُه؟ قال: نعم، يمسح على خفيه ما لم يخرج الوقت إلا أن يجب عليه الغُسل. فإذا وجب عليه الغُسل فلا بد من أن يخلع خفيه. قلت: وكذلك لو احتلم أو لامس من شهوة فأنزل أو جامع فيما دون الفرج أو نظر إلى فرج امرأة فأمنى؟ قال: نعم، هذا كله باب واحد. إذا وجب عليه الغُسل في وجه من الوجوه فلا بد من أن يخلع خفيه ويغسل قدميه. قلت: أرأيت الرجل والمرأة أهما (¬5) سواء في الغسل والوضوء والمسح على الخفين؟ قال: نعم، هما سواء في كل شيء من (¬6) الوضوء والغسل والمسح على الخفين ومسح الرأس. قلت: أرأيت المسافر يكون في أرض الجبل وعليه خفان وجرموقان فوق الخفين أيتوضأ ويمسح على الجرموقين وقد كان لبس خفيه وهو على وضوء؟ قال: نعم. قلت: فإن نزع جرموقيه؟ قال: يمسح على الخفين. قلت: فإن خلع إحدى (¬7) خفيه؟ قال: عليه أن ينزع الأخرى ويغسل رجليه. قلت: فإن مسح على الجرموقين وقد كان لبس خفيه على وضوء ثم نزع أحد (¬8) الجرموقين؟ قال: عليه أن يخلع الجرموق الثاني ويمسح على خفيه، ¬

_ (¬1) ك ح ي: الآخر. (¬2) ح ي: بمسحه من الحدث. (¬3) ك ح ي: الآخر. (¬4) ح ي: غائط كان أو بول أو رُعاف أو نوم أو قيء. (¬5) ك م: هما. (¬6) ح ي + أمر. (¬7) ي: أحد. (¬8) ح: إحدى.

إذا انتقض بعض المسح انتقض كله (¬1). قلت: لم (¬2)؟ قال: ألا ترى أنه إذا وجب عليه غَسل إحدى (¬3) قدميه وجب عليه غَسل الأخرى. قلت: أرأيت إن لم ينزع خفيه ولكنه (¬4) مسح عليهما ثم لبس فوقهما الجرموقين أيجب عليه أن يمسح على الجرموقين دون أن يحدث؟ قال: لا. قلت: لم لا يكون هذا كالباب الأول حين مسح على الجرموقين ثم نزعهما وجب عليه أن يمسح على الخفين، فإذا مسح على الخفين ثم لبس فوقهما الجرموقين (¬5) زعمتَ أنه لا يجب عليه أن يمسح على الجرموقين حتى يحدث؟ قال: هما مختلفان. ألا ترى أنه إذا مسح على الخفين ثم لبس فوقهما الجرموقين فالذي مسح عليهما هو بَعْدُ لابِسُهما، فإذا (¬6) مسح على الجرموقين ثم نزعهما فقد بقي عليه خفان لم يمسحهما، ولا (¬7) بد من أن يمسح عليهما. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: علمني الوضوء والمسح على الخفين، فتوضأ ومسح على خفيه ولا ينوي بذلك وضوء الصلاة هل يجزيه من ¬

_ (¬1) ح ي: عليه أن يمسح على الجرموق الباقي لأن المسح إذا انتقض بعضه انتقض كله. وقد ذُكر القولان - أي ما في المتن وما في نسختي ح ي - في المبسوط للسرخسي. قال الحاكم: وإذا مسح على الجرموقين ثم نزع أحدهما مسح على الخف وعلى الجرموق الباقي، لأنه إذا انتقض بعض مسحه انتقض جميعه. انظر: الكافي، 1/ 5 و. وقال السرخسي بعد نقل كلام الحاكم: وفي بعض روايات الأصل قال ينزع الجرموق الثاني ويمسح على الخفين ... ووجه ما ذكر في بعض النسخ أن نزع أحد الجرموقين كنزعهما جميعاً كما إذا خلع أحد الخفين يكون كخلعهما، ووجه ظاهر الرواية أنه في الابتداء لو لبس الجرموق على أحد الخفين كان له أن يمسح عليه وعلى الخف الباقي، فكذلك إذا نزع أحد الجرموقين، إلا أن حكم الطهارة في الرجلين لا يحتمل التجزي، فإذا انتقض في أحدهما بنزع الجرموق ينتقض في الآخر، فلهذا مسح على الخف الظاهر وعلى الجرموق الباقي. انظر: المبسوط، 1/ 103؛ وفتح القدير لابن الهمام، 1/ 156؛ والبحر الرائق لابن نجيم، 1/ 190. وقيل: إن القول المذكور في المتن هنا رواية عن أبي يوسف. انظر: بدائع الصنائع للكاساني، 1/ 11؛ وحاشية ابن عابدين، 1/ 270. (¬2) ي: ولم. (¬3) ك م ي: أحد. (¬4) ح ي: ولكن الخفين. (¬5) ك م + فان. (¬6) ح ي: وإذا. (¬7) صح ي: فلا.

وضوئه وقد كان لبس خفيه وهو على وضوئه ثم أحدث بعد ذلك (¬1)؟ قال: نعم، يجزيه من وضوئه وإن لم يكن ينويه (¬2). قلت: أرأيت رجلاً توضأ فنسي أن يمسح على خفيه وقد توضأ وضوءاً تاماً إلا المسح ثم خاض الماء وعليه خفاه فأصاب الماء ظاهر الخفين وباطنهما؟ قال: يجزيه ذلك من المسح (¬3). قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه وهو مقيم فصلى بذلك الوضوء (¬4) يوماً وليلة ثم سافر بعد ذلك أو سافر قبل أن يستكمل يوماً وليلة (¬5)؟ قال: إذا سافر بعدما (¬6) استكمل (¬7) يوماً وليلة فقد (¬8) انتقض المسح، ولا يجزيه دون (¬9) أن يغسل قدميه إن كان على وضوء بَعْدُ. وأن (¬10) كان أحدث استقبل الوضوء. وأنها إذا سافر قبل أن يستكمل يوماً وليلة (¬11) فله أن يصلي بذلك المسح حتى يستكمل ثلاثة أيام ولياليها من الساعة التي أحدث فيها وهو مقيم. قلت: فإن أحدث في الثلاث؟ قال: عليه أن يتوضأ ¬

_ (¬1) ح ي - وقد كان لبس خفيه وهو على وضوئه ثم أحدث بعد ذلك. (¬2) ح ي: يكن له نية. (¬3) ك م - قلت أرأيت رجلاً توضأ فنسي أن يمسح على خفيه وقد توضأ وضوءاً تاماً إلا المسح ثم خاض الماء وعليه خفاه فأصاب الماء ظاهر الخفين وباطنهما قال يجزيه ذلك من المسح. والمسألة مذكورة بمعناها في الكافي، 1/ 5 ظ؛ والمبسوط، 1/ 103. (¬4) ك م ح ي - الوضوء. والزيادة من ج ر. (¬5) ي + قال إذا سافر بعد أن يستكمل يوماً وليلة فقد انتقض المسح ولا يجزيه أن يغسل قدميه إن كان على وضوء بعد وإن كان أحدث استقبل الوضوء وأما إذا سافر قبل أن يستكمل يوماً وليلة. (¬6) ح ي: بعد أن. (¬7) ي: يستكمل. (¬8) م: وقد. (¬9) ح - دون؛ صح هـ. (¬10) ي: فإن. (¬11) ح + فقد انتقض المسح ولا يجزيه دون أن يغسل قدميه إن كان على وضوء بعد وإن كان أحدث استقبل الوضوء وأما إذا سافر قبل أن يستكمل يوماً وليلة.

ويمسح على خفيه. قلت: ويجب عليه أن يحتسب (¬1) في الثلاثة (¬2) الأيام ما صلى بالمسح وهو مقيم؟ قال: نعم (¬3). قلت: لم (¬4) جعلت له (¬5) هاهنا ما للمسافر وقد أحدث وهو مقيم (¬6)؟ قال: لأنه سافر قبل أن يستكمل مدة (¬7) المسح، فله ما للمسافر. قلت: أرأيت مسافراً مسح على خفيه ثم قدم المصر فأقام؟ قال: يكون له ما يكون للمقيم. قلت (¬8): فإن كان قد استكمل في سفره يوماً وليلة؟ قال (¬9): فقد انتقض المسح، وعليه أن ينزع خفيه ويغسل قدميه إن كان على وضوئه. وإن (¬10) كان (¬11) أحدث استقبل الوضوء. وإن كان لم يستكمل في سفره يوماً وليلة استكمل يوماً وليلة. قلت: فإن مسح وهو مسافر ثم أقام وجب عليه ما يجب على المقيم وانتقض حال السفر؟ قال: نعم (¬12). قلت: وهذا قياس الباب الأول إذا مسح وهو مقيم ثم سافر قبل أن يمضي يوم (¬13) وليلة كان له ما للمسافر، وإذا مسح وهو مسافر ثم أقام كان له ما للمقيم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مسح في السفر يوماً أو يومين ثم بَدَا له أن يقيم؟ قال: قد انتقض حال السفر، ورجع (¬14) إلى حال المقيم. قلت: أرأيت رجلاً خرج إلى ضَيعته بالسواد (¬15) هل يمسح ثلاثة أيام ولياليها؟ قال: إن كان سفره (¬16) ثلاثة أيام ولياليها مسح على خفيه ثلاثة أيام ولياليها، يكون له ما للمسافر. وإن كان سفره ذلك أقل ¬

_ (¬1) ح ي + به. (¬2) ح ي: من الثلاثة. (¬3) ح + قال. (¬4) ح - لم. (¬5) ح - له. (¬6) ك - قال نعم قلت لم جعلت له هاهنا ما للمسافر وقد أحدث وهو مقيم. (¬7) ك م - مدة. (¬8) ك م - قلت. (¬9) ك م - قال. (¬10) ح ي: فإن. (¬11) ح - كان. (¬12) ك - قال نعم. (¬13) ح ي: يوماً. (¬14) ي: رجع. (¬15) الضيعة: العقار، والأرض المُغِلّة. انظر: لسان العرب، "ضيع". والسواد هو سواد العراق، سمي بذلك لخضرة أشجاره وزروعه، وحَدُّه طُولاً من حَدِيثَة الموصل إلى عبادان، وعَرْضاً من العُذَيْب إلى حُلْوان. انظر: المغرب، "سود". (¬16) ح ي + ذلك.

من ثلاثة أيام ولياليها (¬1) فهذا والمقيم سواء، ويكون له ما للمقيم. قلت (¬2): أرأيت مسافراً مسح على خفيه فصلى صلاة أو صلاتين ثم بدا له أن يقيم؟ قال: قد انقطع حال السفر وكان (¬3) له ما للمقيم يوم وليلة. قلت (¬4): فإن قدم أرضاً وقد سافر إليها وهي مسيرة شهر فدخلها ولا (¬5) يدري متى يخرج منها (¬6)، يقول: اليوم وغداً، أله (¬7) أن يمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليها؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن هذا مسافرٌ بَعْدُ. قلت: أرأيت إن بدا له أن يقيم خمسة عشر يوماً أو أكثر من ذلك وأجمع رأيَه على ذلك (¬8) يوم دخل؟ قال: هذا مقيم، وله ما للمقيم. قلت: أرأيت القوم يغزون أرض الحرب فيقيمون في العسكر شهراً أو نحو ذلك أو يحاصرون مدينة من المدائن كيف يصلون أصلاة (¬9) مسافر أو صلاة مقيم، وما حالهم في المسح؟ قال: هؤلاء مسافرون، لهم (¬10) المسح ثلاثة أيام ولياليها، وعليهم أن يقصروا الصلاة (¬11). قلت: لم وهؤلاء (¬12) قد (¬13) وَطَّنُوا أنفسَهم على إقامة شهر، وقد قلت: إذا وَطَنَ المسافرُ نفسَه بإقامة خمسة عشر يوماً وجب عليه أن يتم الصلاة، وكان له من المسح ما للمقيم؟ قال: لأن العسكر (¬14) ليس كالأمصار والمدائن. إذا كان القوم في عسكر فهم مسافرون وإن وَطَّنُوا أنفسَهم على إقامة سنة (¬15). قلت: أرأيت رجلاً خرج من الكوفة إلى مصرين (¬16) من الأمصار أو إلى مدينتين من المدائن والذي بينهما مسيرة يوم (¬17) أو يومين وهو يريد أن يقيم بهما جميعاً خمسة عشر ¬

_ (¬1) ح ي - ولياليها. (¬2) ح + قلت. (¬3) ح ي: فكان. (¬4) ح ي - قلت. (¬5) ح: وهو لا. (¬6) ح - منها. (¬7) ح ي: له. (¬8) ح ي - وأجمع رأيه على ذلك. (¬9) ح: صلاة. (¬10) ح ي + من. (¬11) ح ي: الصلوات. (¬12) ح ي - وهؤلاء. (¬13) ح ي: وقد. (¬14) ح ي: المعسكر. (¬15) ح ي: على إقامة خمسة عشر يوماً. (¬16) م ح: إلى مصر. (¬17) م: يوماً.

يوماً (¬1) فقَدِمَ أحدَهما ما له من المسح؟ قال: له من (¬2) المسح ما للمسافر (¬3). قلت: لم؟ قال: لأنه لم يوطّن نفسه على إقامة خمسة عشر يوماً (¬4) في مدينة واحدة. قلت (¬5): ولا ترى (¬6) مدينتين في هذا مثل مدينة واحدة؟ قال: لا. ألا ترى أنه لم يَنْفُذْ (¬7) إلى (¬8) الأخرى بَعْدُ (¬9). قلت: أرأيت إن كانت المدينتان (¬10) مثل (¬11) الحِيرَة (¬12) والكوفة؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: لم صار (¬13) هكذا؟ قال: أرأيت رجلاً من أهل الحِيرَة أقبل من خراسان (¬14) حتى أتى الكوفة فأقام بها ثلاثة أيام أو أربعة أيام أليس هذا مسافراً (¬15) حتى يأتي الحِيرَة، له من المسح ما للمسافر، وعليه من الصلاة ما على المسافر (¬16)؟ قلت (¬17): بلى. قال (¬18): فهذا وذاك (¬19) سواء. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه وصلى فقعد (¬20) في الرابعة قدر التشهد ثم وجد في خفيه شيئاً فنزعه؟ قال: صلاته تامة في قول أبي يوسف ومحمد. وأمّا في قول أبي حنيفة فإنه (¬21) يَستقبل الصلاة. قلت: أرأيت مسافراً تيمم (¬22) وهو لا يجد الماء، ثم لبس خفيه على ¬

_ (¬1) ح - يوماً. (¬2) ح - من؛ صح هـ. (¬3) ح ي: للمسافرين. (¬4) ك م - يوماً. (¬5) ح - قلت. (¬6) م: ولا يري؛ ح: ولا نرى. (¬7) ح ي: لم يقدم. (¬8) ح ي - إلى. (¬9) ي: بعده. (¬10) ح ي: مدينتان. (¬11) ح ي: في مثل. (¬12) م: الحرة. الحِيرَة مدينة تاريخية مشهورة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "الحيرة". (¬13) ح ي + هذا. (¬14) خراسان بلاد واسعة تشتمل على معظم إيران وأفغانستان. انظر: معجم البلدان لياقوت، "خراسان". (¬15) ح ي: مسافر. (¬16) ح: على المسافرين. (¬17) ي: قال. (¬18) ي: قلت. (¬19) ح: وذلك. (¬20) ح ي: وقعد. (¬21) ح - فإنه. (¬22) م: يقيم؛ ح: يتيمم.

تيممه ذلك ثم صلى، فلمّا فرغ من صلاته حضرت (¬1) صلاة أخرى فوجد الماء، أيتوضأ ويمسح على خفيه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يلبسهما على وضوء، إنما لبسهما على تيمم. ألا ترى (¬2) أنه لو وجد الماء لم يجزه (¬3) تيممه ذلك، وكان عليه الوضوء (¬4). ولو لبس (¬5) خفيه على وضوء ثم أحدث وتوضأ ومسح عليهما لم يجب عليه وضوء حتى يحدث. فهذا مخالف لذلك. قلت: أرأيت رجلاً توضأ (¬6) ومسح (¬7) على جبائر على (¬8) يديه (¬9) ثم لبس خفيه ثم أحدث بعد ذلك هل يتوضأ ويمسح على جبائر يده أيضاً وعلى خفيه؟ قال: نعم (¬10). قلت: لم (¬11) وقد لبس الخفين على غير وضوء تام؟ قال: هذا طهور تام في هذه (¬12) الحال، وليس هذا كالتيمم. ألا ترى أن هذا على وضوئه (¬13) ما لم يحدث، والمتيمم إذا وجد الماء توضأ وإن لم يحدث. قلت: أرأيت رجلاً اغتسل من الجنابة (¬14) ثم لبس خفيه ثم أحدث بعد ذلك أيتوضأ ويمسح عليهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً مقيماَ توضأ ومسح (¬15) على خفيه ثم سافر ثم أحدث فلم يجد الماء أيتيمم ولا ينزع خفيه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يمسح على الخفين أترى له أن يؤم (¬16) المتوضئين؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ي: وحضرت. (¬2) ح: يرى. (¬3) ح ي: لم يجز. (¬4) ح ي + وإنما لبسه على تيمم ألا ترى أنه وجد الماء لم يجزه (ي: لم يجز) تيممه ذلك وكان عليه الوضوء. (¬5) ح: ولو لم يلبس. (¬6) ح: يتوضأ. (¬7) ح: فمسح. (¬8) ح ي - على. (¬9) م: على بدنه؛ ح ي: يده. (¬10) وهذا ما لم يبرأ الجرح كما سيأتي قريباً. وانظر: المبسوط، 1/ 104. (¬11) ح ي: ولم. (¬12) ي: في هذا. (¬13) ح ي: على وضوء. (¬14) ح: من جنابة. (¬15) ح ي: يتوضأ ويمسح. (¬16) ح: أترى أنه يؤم.

قلت: أرأيت الرجل يكون متوضئاً ويريد (¬1) أن يبول أو يقضي (¬2) حاجته فيلبس (¬3) خفيه ثم يبول (¬4) أو يقضي حاجته وإنما يريد بذلك المسح هل يجزيه أن يتوضأ ويمسح على خفيه (¬5)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه ثم نزعهما وعليه جوربان ثم أحدث أيجزيه أن يمسح على الجوربين ويصلي؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن المسح على الجوربين لا يجزي (¬6)، ولكنه يخلع جوربيه ويغسل قدميه. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يجزيه المسح على الجوربين. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ولبس خفيه (¬7) ثم خلع أحدهما ثم أحدت هل يجزيه أن يمسح على الخف الذي لم ينزع ويغسل الأخرى؟ قال: لا، ولكنه يخلع الأخرى ويغسل قدميه. إذا وجب الغَسل في إحدى رجليه وجب في الأخرى. قلت: أرأيت رجلاً توضأ ومسح على خفيه ثم بدا له أن يخلعهما جميعاً فنزع القدم من الخف غير أنها (¬8) في الساق بَعْدُ ثم بدا له فلبسهما هل يجب عليه غسل قدميه جميعاً؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه قد (¬9) نزع القدم من الخف، فإذا نزع الرجل (¬10) قدميه من الخف وجب عليه غَسل قدميه جميعاً. ولا ينتقض (¬11) المسح في قول (¬12) أبي حنيفة إلا أن يخرج الأكثر من عَقِبِه عن موضعه. وفي قول أبي يوسف حتى يخرج الأكثر من قدمه (¬13). وفي قول محمد: حتى يخرج كله (¬14). ¬

_ (¬1) ح ي: فيريد. (¬2) م: ويقضي. (¬3) م ح ي: فلبس. (¬4) ح ي: ثم بال. (¬5) ح ي + ثم ينزعهما. (¬6) ح: لا يجزيه. (¬7) ح - خفيه. (¬8) ح: أنهما. (¬9) ح - قد. (¬10) ح ي: رجل. (¬11) م: ولا ينقض. (¬12) م: على قول. (¬13) ك: حتى يخرج أكثر قدمه. (¬14) ح ي - ولا ينتقض المسح في قول أبي حنيفة إلا أن يخرج الأكثر من عقبه عن موضعه وفي قول أبي يوسف حتى يخرج الأكثر من قدمه وفي قول محمد حتى يخرج كله.

قلت: أرأيت امرأة توضأت ومسحت على القُفَّازَين؟ قال: لا يجزيها حتى تغسل ذراعيها. قلت: فإن صلت بذلك المسح؟ قال: عليها أن تنزع القُفَّازَين وتغسل ذراعيها وتعيد الصلاة. قلت: أرأيت الرجل إذا أراد أن يمسح على خفيه أترى له أن يغسل الخفين (¬1) كما يغسل قدميه؟ قال: لا أرى له (¬2) ذلك، ولكنه يمسحهما مسحاً. قلت: أرأيت رجلاً (¬3) توضأ ومسح على خفيه بظاهر كفيه أو بباطنهما هل يجزيه؟ قال: نعم، ولكن أفضل ذلك أن يمسحهما بباطن كفيه (¬4). قلت: أرأيت رجلاً (¬5) توضأ ومسح على خفيه وصلى ثم قعد قَدْرَ التشهد وفرغ (¬6) من التشهد وذهب (¬7) وقت المسح حين فرغ من التشهد قبل أن يسلم؟ قال: أمّا في قول أبي حنيفة فإنّ عليه أن ينزع خفيه ويغسل قدميه ويستقبل الصلاة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإن صلاته تامة، وعليه أن ينزع خفيه ويغسل رجليه (¬8) لصلاة أخرى. قلت: أرأيت رجلاً (¬9) لم يجد الماء فتوضأ بالنبيذ ولبس (¬10) خفيه ثم أحدث وتوضأ ومسح على الخفين بذلك النبيذ ثم وجد الماء؟ قال: ينزع خفيه ويستقبل الوضوء بالماء. وإنما يكون للرجل أن يتوضأ بالنبيذ ما لم يجد الماء، فإذا وجد الماء لم يجزه (¬11) أن يتوضأ بالنبيذ. وإن (¬12) كان قد (¬13) توضأ بالنبيذ ثم وجد الماء انتقض وضوؤه ذلك، وعليه أن يستقبل الوضوء بالماء. ¬

_ (¬1) ح ي: خفيه. (¬2) م ي - له. (¬3) ي: رجل. (¬4) ي هـ + قلت أرأيت رجل توضأ وأمر آخر أن يمسح على خفيه ولم يمسحهما هو يجزيه. وقد وردت هذه المسألة في نسخة حلب أيضاً بلفظ: ... ولم يمسحهما قال يجزيه. ولكنها لم ترد في النسخ الأخرى ولا في الكافي. ولم يذكرها في المطبوعة. (¬5) ي: رجل. (¬6) ح ي: أو فرغ. (¬7) ح ي: فذهب. (¬8) ح ي: قدميه. (¬9) في: رجل. (¬10) ح ي: فلبس. (¬11) ي: لم يجزيه. (¬12) ح ي: فإن. (¬13) ح ي - كان قد.

قلت: أرأيت رجلاً به جرح عليه خِرْقَة وقد (¬1) نُهِيَ أن يصيبه الماء فتوضأ ومسح عليه ثم لبس خفيه ثم أحدث فتوضأ ومسح على الخفين ثم بَرَأَ ذلك الجرح كيف يصنع؟ قال: ينزع خفيه ويغسل قدميه ويكون على وضوئه (¬2)؛ لأن المسح (¬3) إنما يجزيه ما لم يبرأ ذلك الجرح (¬4). قلت: أرأيت مستحاضة لا ينقطع عنها الدم توضأت ثم سال الدم بعد وضوئها، ثم لبست خفيها ثم صلت ثم أحدثت بعدما فرغت من الصلاة، فتوضأت ومسحت على خفيها، ثم ذهب وقت تلك الصلاة، أتتوضأ وتمسح (¬5) على الخفين؟ قال: لا، ولكن تنزع خفيها وتغسل قدميها. وإنما (¬6) يكون لها أن تمسح ما كانت في وقت الصلاة. فإذا دخل وقت صلاة أخرى (¬7) فلا بد لها من أن تنزع خفيها وتغسل (¬8) قدميها. قلت: فإن لم تنزع خفيها وصلت بذلك المسح؟ قال: عليها أن تنزع خفيها وتغسل قدميها (¬9) وتعيد الصلاة (¬10). قلت: أرأيت رجلاً (¬11) توضأ ولبس خفيه ثم أحدث فتوضأ ومسح على الخفين ثم لبس الجُرْمُوقين (¬12) فوق الخفين ثم أحدث؟ قال: ينزع الجُرْمُوقين ويتوضأ (¬13) ويمسح على الخفين (¬14). ¬

_ (¬1) ي: فقد. (¬2) وعليه أن يغسل موضع الجرح الذي برأ أيضاً كما تقدم. انظر: 1/ 8 ظ، والمبسوط، 1/ 74. (¬3) ح ي + على خفيه. (¬4) ح + قليل. (¬5) م: أيتوضأ ويمسح. (¬6) ح ي: إنما. (¬7) ح: الصلاة الأخرى. (¬8) ح: ويغسل. (¬9) ك م ح - قلت فإن لم تنزع خفيها وصلت بذلك المسح قال عليها أن تنزع خفيها وتغسل قدميها. (¬10) أي: إن كانت مسحت على الخفين وصلت بعد خروج الوقت فإنها تعيد الصلاة. (¬11) ي: رجل. (¬12) ح ي: جرموقين. (¬13) ي: وتتوضأ. (¬14) يعني: أنه لا يجوز المسح على الجرموقين إلا إذا لبسهما فوق الخف قبل أن يحدث. انظر: المبسوط، 1/ 102.

باب التيمم بالصعيد

وقال أبو حنيفة: إذا كان مع الرجل (¬1) في سفره ماءٌ (¬2) هو قَدْرُ ما يتوضأ به وفي ثوبه دم (¬3) إنه (¬4) يَغسل (¬5) ذلك الدم من ثوبه بذلك الماء ويتيمم بالصعيد. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: قال حماد: يتوضأ بذلك الماء ولا يغسل ذلك الدم (¬6). ... باب التيمم بالصعيد قلت: أرأيت المسافر (¬7) الذي لا يجد الماء متى يتيمم، وكيف يتيمم (¬8)؟ قال: ينتظر إلى آخر وقت تلك الصلاة التي حضرت، فإن وجد الماء توضأ وصلى، وإن (¬9) لم يجد الماء (¬10) تيمم (¬11) صعيداً طيباً. والتيمم أن يضع يديه على الأرض، ثم يرفعهما فيَنْفُضهما، ثم يمسح بهما وجهه، ثم يضعهما على الأرض (¬12)، ثم يرفعهما (¬13) ثم يمسح بهما (¬14) ذراعيه (¬15) إلى المرفقين، ثم يصلي. قلت: أرأيت (¬16) إن مسح كفيه ووجهه ولم يمسح ذراعيه (¬17)؟ قال: لا يجزيه ذلك. قلت: فإن مسح كفيه ¬

_ (¬1) ح ي + ماء. (¬2) ح ي - ماء. (¬3) ح ي + يغسله ذلك الماء. (¬4) ح ي - إنه. (¬5) ح ي: غسل. (¬6) وحماد هو ابن أبي سليمان شيخ الإمام أبي حنيفة. وهذا القول رواية عن أبي يوسف أيضاً. وقيل: إن هذا هو أول مسألة خالف فيها الإمام أستاذه. انظر: المبسوط، 1/ 105. (¬7) ح: مسافر. (¬8) ي - وكيف يتيمم؛ صح هـ. (¬9) ح: فإن. (¬10) ي - الماء. (¬11) ح: يتيمم. (¬12) ح ي: على الصعيد؛ ح ي + ثانية. (¬13) ح ي + فينفضهما. (¬14) ح ي + كفيه. (¬15) ح ي: وذراعيه. (¬16) م ي - أرأيت. (¬17) ح - إلى المرفقين ثم يصلي قلت أرأيت إن مسح كفيه ووجهه ولم يمسح ذراعيه؛ صح هـ.

وذراعيه ولم يمسح وجهه؟ قال: لا يجزيه أيضاً. قلت: فإن مسح وجهه وذراعيه ولم يمسح ظاهر كفيه؟ قال: لا يجزيه أيضاً (¬1). قلت: أرأيت كل شيء يتيمم به (¬2) من تراب أو طين أو جِصّ (¬3) أو نُورَة أو زِرْنِيخ أو شيء مما يكون من الأرض؟ قال: يجزيه التيمم بذلك كله. قلت: فإن ضرب يديه (¬4) على حائط أو حصاة (¬5) أو على حجارة عليها غبار (¬6) فتيمم بذلك؟ قال: يجزيه. قلت: فإن تيمم بشيء غير الصعيد وليس (¬7) من الأرض؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأن الله تعالى (¬8). يقول: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬9)، فما كان من الأرض فهو من الصعيد (¬10)، وما كان (¬11) من غير الأرض فليس بالصعيد (¬12)، ولا يجزي التيمم به. قلت: أرأيت مسافراً تيمم في أول الوقت (¬13) وصلى (¬14) ولم ينتظر إلى آخر الوقت ثم وجد الماء بعد فراغه من الصلاة وبعدما سلّم؟ قال (¬15): صلاته تامة. قلت: أرأيت إن وجد الماء قبل أن يسلّم (¬16) وقد قعد قَدْرَ التشهد أو وجد الماء قبل أن يقعد قَدْرَ التشهد؟ قال: صلاته فاسدة، ¬

_ (¬1) ح - قلت فإن مسح وجهه وذراعيه ولم يمسح ظاهر كفيه قال لا يجزيه أيضاً؛ صح هـ. (¬2) م - به. (¬3) يقال الجِصّ والجَصّ. انظر: المغرب، "جصص". (¬4) م ح ي: يده. (¬5) ح ي: أو على حصا. (¬6) ح ي - عليها غبار. (¬7) ح ي: صعيد ليس. (¬8) ح: قال. (¬9) سورة النساء، 4/ 43؛ وسورة المائدة، 5/ 6. (¬10) ي: فهو صعيد. (¬11) ح - من الأرض فهو من الصعيد وما كان. (¬12) ح ي: بصعيد. (¬13) ح ي: وقت؛ ح ي + الصلاة. (¬14) ح: فصلى. (¬15) م - سلم قال. (¬16) ح: أن سلم.

ويتوضأ (¬1)، ويستقبل الصلاة في قول أبي حنيفة. وأما (¬2) في قول أبي يوسف ومحمد فصلاته تامة إذا كان قد (¬3) قعد قَدْرَ (¬4) التشهد. فإن وجد الماء قبل أن يقعد قدر التشهد فعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت المتيمم هل يصلي بالقوم المتوضئين (¬5)؟ قال: نعم، في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يؤم المتيمم المتوضئين (¬6). قال (¬7): بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه (¬8). قلت: أرأيت الجنب والحائض وغير الجنب وغير (¬9) الحائض أهما سواء في التيمم (¬10) كما وصفت (¬11) الكفين والذراعين والوجه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً مقيماً (¬12) في المصر لا يستطيع الوضوء لما به من المرض أيجزيه أن يتيمم؟ قال: نعم. قلت: فإن (¬13) كان جنباً من احتلام ولا يستطيع الغُسل أيتيمم (¬14) بالصعيد (¬15) كما وصفنا؟ قال: نعم. قلت: فإن كان مريضاً كما وصفت لا يستطيع الوضوء أيصلي بتيممه ذلك ما لم يحدث؟ قال: نعم (¬16). قلت: وكذلك إن مكث (¬17) يوماً أو يومين على ¬

_ (¬1) ي: فيتوضأ. (¬2) م: فأما. (¬3) ح - قد. (¬4) م - قدر. (¬5) ح ي: بقوم متوضئين. (¬6) م: بالمتوضئين. (¬7) ي - قال. (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 2/ 352؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 1/ 234. (¬9) ح - غير. (¬10) ح: في المتيمم. (¬11) ح ي + لك في. (¬12) ي: رجل مريض مقيم. (¬13) ح ي: وإن. (¬14) ح ي: يتيمم. (¬15) ح ي - بالصعيد. (¬16) وردت هذه المسألة في نسختي ح ي هكذا: قلت أرأيت هذا المريض المتيمم هل يصلي بتيممه ذلك ما لم يحدث قال نعم إذا كان مريضاً كما وصفت لا يستطيع الوضوء صلى بتيممه ذلك ما لم يحدث. (¬17) ح: إن كان مكث؛ ي: إن كان.

حاله (¬1) لا يحدث ولا ينام؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان مسافراً صلى بتيممه ذلك ما لم يحدث أو يجد الماء؟ قال: نعم. قلت: فإن تيمم وصلى ثم وجد الماء فلم يتوضأ ثم حضرت صلاة أخرى (¬2) هل يجزيه أن يصلي بتيممه ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه حيث وجد الماء فقد فسد تيممه، فلا بد له من أن يتيمم (¬3) ثانية. قلت: وكذلك الحدث (¬4)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن تيمم بإصبع واحدة أو بإصبعين؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن تيمم بثلاثة أصابع؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه تيمم بالأكثر من أصابعه. قلت: أرأيت الرجل إذا تيمم أيجب عليه أن يصيب رجليه أو رأسه (¬5) بشيء من التيمم؟ قال: لا، إنما التيمم كما وصفت لك. قلت: أرأيت مسافراً أجنب (¬6) فحضرت الصلاة فلم يقدر على الماء ليغتسل به إلا أن عنده من الماء قدر ما يتوضأ به (¬7) ولا يستطيع أن يغتسل به كيف يصنع؟ قال: يتيمم بالصعيد، ولا يتوضأ بذلك الماء. قلت: فإن تيمم بالصعيد وصلى الظهر ثم أحدث ثم حضرت العصر وذلك الماء عنده قدر ما يوضئه؟ قال: يتوضأ به ولا يتيمم. قلت: فإن تيمم ولم يتوضأ (¬8) بذلك الماء؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه طاهر، وعنده من الماء قدر ما يتوضأ به، فلا يجزيه أن يتيمم (¬9)، فلذلك جعلت عليه الوضوء. ¬

_ (¬1) ح: على حالة. (¬2) زاد الحاكم هنا: فلم يجد الماء. انظر: الكافي، 1/ 5 ظ. (¬3) ح: من أيتيمم. (¬4) أي: إذا أحدث فإنه يتيمم مرة أخرى كما يفعل من وجد الماء ثم لم يتوضأ حتى فقد الماء. (¬5) ح ي: يصيب رأسه أو رجليه. (¬6) ح ي: جنباً. (¬7) ح ي - به. (¬8) ح: ولا يتوضأ؛ ي: ولا توضأ. (¬9) ح: إن تيمم.

قلت: فإن توضأ ولبس خفيه ثم أحدث ثم تيمم ثم أحدث ثم أصاب من الماء مقدار ما يتوضأ؟ قال: هذا يتوضأ ويمسح على خفيه (¬1). قلت: أرأيت إن توضأ بذلك الماء وصلى العصر ثم مر بالماء بعدما صلى العصر فلم يغتسل حتى حضرت (¬2) المغرب وقد أحدث أو لم يحدث، وعنده من الماء قدر ما يتوضأ به ولا يستطيع أن يغتسل أيتوضأ به (¬3) أو يتيمم؟ قال: بل يتيمم ولا يتوضأ. قلت: لم؟ قال: لأنه حين أبصر الماء قد عاد جنباً كما كان (¬4)، وإذا (¬5) حضرت الصلاة بعد ذلك فلم يجد من الماء قدر ما يغتسل به فإن (¬6) عليه أن يتيمم ولا يتوضأ. قلت: فإن تيمم وصلى المغرب ثم حضرت العشاء وقد أحدث وعنده من الماء قدر ما يتوضأ (¬7) أيتوضأ به (¬8) أم يتيمم (¬9)؟ قال: بل يتوضأ ولا يتيمم. قلت: أليس قد زعمت أنه عاد جنباً كما كان؟ قال: أجل (¬10)، ولكنه لما حضرت (¬11) المغرب ولم (¬12) يجد من الماء قدر ما يغتسل فتيمم وصلى المغرب فقد صار (¬13) طاهراً. فإذا حضرت العشاء وهو يقدر على ما يتوضأ به لم يجزه (¬14) أن يتيمم؛ لأنه طاهر. قلت: أرأيت مسافراً (¬15) توضأ وضوءه للصلاة ولبس خفيه وصلى الظهر ثم أجنب، ثم حضرت (¬16) العصر وعنده من الماء قدر ما يتوضأ به ولا يغتسل، فتيمم بالصعيد (¬17) وصلى العصر، ثم حضرت المغرب وعنده من الماء قدر ما يوضئه فتوضأ به، أيمسح على خفيه أو ينزعهما؟ ¬

_ (¬1) ح ي - فلذلك جعلت عليه الوضوء، قلت فإن توضأ ولبس خفيه ثم أحدث ثم تيمم ثم أحدث ثم أصاب من الماء مقدار ما يتوضأ قال هذا يتوضأ ويمسح على خفيه. (¬2) ح ي: ثم حضرت. (¬3) ح ي - به. (¬4) ط + قلت. وليس هذا مقام سؤال وإنما هو دوام للتعليل. (¬5) ح ي: فإذا. (¬6) ك - فإن؛ ج ر م ط: قال. (¬7) ح ي + به. (¬8) ح ي - به. (¬9) ح ي: أو يتيمم. (¬10) ح ي: نعم. (¬11) ي: حضر. (¬12) ح ي: فلم. (¬13) ح - صار؛ صح هـ. (¬14) ي: لم يجزيه. (¬15) ك: أرأيت الرجل إذا. (¬16) ح ي + صلاة. (¬17) ي: الصعيد.

قال: بل ينزعهما ويغسل رجليه. قلت: أرأيت إن توضأ به (¬1) ونزع خفيه وغسل قدميه ثم لبس خفيه وصلى المغرب ثم أحدث فحضرت العشاء وعنده ماء (¬2) قدر ما يوضئه أيمسح على خفيه أو ينزعهما؟ قال: بل يمسح (¬3)، ولا ينزعهما. قلت: أرأيت إن مسح عليهما وصلى العشاء ثم مر بالماء ولم (¬4) يغتسل، فحضرت صلاة الفجر وعنده من الماء قدر ما يوضئه أيتوضأ وينزع خفيه أو يمسح أو يتيمم، كيف يصنع؟ قال: لا يمسح ولا ينزع خفيه، ولكنه يتيمم بالصعيد (¬5) ويصلي الفجر. قلت: أرأيت إن تيمم وصلى الفجر ثم أحدث، ثم حضرت الظهر وعنده من الماء (¬6) قدر ما يوضئه؟ قال: يتوضأ به (¬7) ولا يتيمم. قلت: فهل يمسح على خفيه؟ قال: لا، ولكنه (¬8) ينزعهما ويغسل رجليه. قلت: لم؟ قال: لأنه حيث (¬9) مَرّ بالماء فقد انتقض وضوؤه كله (¬10)، فلا بد له (¬11) من أن ينزع خفيه ويغسل قدميه (¬12). قلت: أرأيت إن نزعهما وغسل قدميه ثم لبس (¬13) خفيه وصلى الظهر ثم أحدث، فحضرت (¬14) العصر وعنده من الماء قدر ما يتوضأ به؟ قال: يتوضأ ويمسح على خفيه ولا ينزعهما. قلت: لم؟ قال: لأن رجليه طاهرتان بَعْدُ. قلت: أرأيت (¬15) إن توضأ ومسح على خفيه وصلى العصر فقعد قدر التشهد ثم أبصر الماء؟ قال: قد انتقضت (¬16) صلاته حين أبصر الماء، فعليه أن يغتسل ويعيد العصر (¬17). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: صلاته تامة، ولا يعيدها. قلت: أرأيت إن قعد قدر ¬

_ (¬1) ح ي - به. (¬2) ح ي - ماء. (¬3) ح ي + على خفيه. (¬4) ح: فلم. (¬5) ي: الصعيد. (¬6) ح ي - من الماء. (¬7) ح ي - به. (¬8) ح ي: ولكن. (¬9) م: جنب. (¬10) ح ي + الرجل وغيره. (¬11) ح ي - له. (¬12) ح ي: رجليه. (¬13) ح ي: ولبس. (¬14) ح ي: وحضرت. (¬15) ح - أرأيت؛ صح هـ. (¬16) ح ي: قد انتقض. (¬17) ح ي: الصلاة.

التشهد (¬1) وسلم ثم أبصر الماء؟ قال: عليه أن يغتسل، ولا يعيد العصر، لأن صلاته قد تمت. قلت: أرأيت مسافراً (¬2) أجنب فحضرت الظهر فلم يجد الماء فتيمم بالصعيد (¬3) وصلى، فلما قعد قدر التشهد وجد من الماء قدر ما يوضئه ولا يغتسل؟ قال: يمضي على صلاته. قلت: أرأيت إن مضى على صلاته وسلم (¬4) ثم أحدث ثم حضرت العصر فلم يجد الماء فتيمم بالصعيد (¬5) وصلى العصر، فلما قعد قدر التشهد وجد من الماء قدر ما يوضئه (¬6)؟ قال: قد انتقضت (¬7) صلاته حين وجد من الماء قدر ما يوضئه (¬8). قلت: لم؟ قال: لأنه لما تيمم في الظهر وصلى فقد صار طاهراً، فإذا دخل العصر فوجد الماء فإنه لا يجزيه أن يتيمم (¬9) وهو يجد الماء، وعليه أن يتوضأ ويصلي العصر. قلت: أرأيت إن كان لما حضرت الظهر فلم يجد الماء فتيمم وصلى من الظهر ركعة ثم ضحك فانصرف، ثم وجد من الماء قدر ما يغتسل به؟ قال (¬10): عليه أن يغتسل ويستقبل الظهر، ولا يجزيه أن يبني على صلاته. قلت: وكذلك لو - تكلم أو رَعَف أو أحدث أو تقيّأ متعمداً أو غير متعمد؟ قال: نعم هذا كله سواء، وعليه أن يستقبل الصلاة؛ لأنه لما وجد الماء فقد انتقض تيممه وعاد جنباً كما كان، فعليه أن يستقبل الصلاة (¬11). قلت: أرأيت مسافراً وجد بئراً في الطريق فيها ماء وهو لا يستطيع أن يأخذ منها (¬12) ولا يجد ماء غيره؟ قال: يتيم بالصعيد (¬13) ويصلي، وهذا ¬

_ (¬1) ح ي + وتشهد. (¬2) ح ي: مسافر. (¬3) ح: الصعيد. (¬4) ك: ثم سلم. (¬5) ح ي: الصعيد. (¬6) ح ي: ما يتوضأ به. (¬7) ح ي: قد انتقض. (¬8) م - قال قد انتقضت صلاته حين وجد من الماء قدر ما يوضئه. (¬9) ح ي: التيمم. (¬10) م: كان. (¬11) م - لأنه لما وجد الماء فقد انتقض تيممه وعاد جنباً كما كان فعليه أن يستقبل الصلاة. (¬12) ح ي + الماء. (¬13) ح ي: الصعيد.

بمنزلة من لا يجد (¬1) الماء. قلت: أرأيت مسافراً تيمم بالصعيد (¬2) والماء منه قريب وهو لا يعلم به (¬3)، فصلى بتيممه ذلك وسلم ثم علم بالماء؟ قال: صلاته تامة، إذا لم يعلم بالماء هو (¬4) بمنزلة من لا يجد (¬5) الماء. قلت: أرأيت مسافراً حضرت الصلاة وهو على غير وضوء ولا (¬6) يجد الماء إلا قدر ما يغسل فرجه أو قدر ما يغسل وجهه لا يبلغ (¬7) في وضوئه كله أيتيمم بالصعيد (¬8) أو يتوضأ (¬9) بذلك الماء؟ قال: بل يتيمم للصلاة (¬10)، ولا يتوضأ بذلك الماء. قلت: أرأيت مسافراً عنده من الماء قدر ما يتوضأ به وهو يخاف العطش فحضرت الصلاة وهو في مفازة؟ قال: يتيمم بالصعيد (¬11) ولا يتوضأ. قلت: وكذلك لو كان معه من (¬12) الماء أكثر مما يتوضأ به؟ قال: نعم، إذا كان يخاف على نفسه. قلت: أرأيت إن لم يكن معه ماء وكان معه رفيق له ماء فأبى رفيقه أن يعطيه من الماء شيئاً إلا بثمن كثير؟ قال: يتيمم ولا يشتري إن شاء. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو قال صاحب الماء: أبيعك لوضوئك من الماء ما يكفيك بألف درهم أو أكثر من ذلك، أكان يجب عليه أن يشتريه منه (¬13). فله أن لا يشتريه (¬14). ولكنه (¬15) يتيمم ويصلي. قلت: فإن وجد الماء بثمن رخيص كما يجد (¬16) الناس؟ قال: يشتري فيتوضأ ويشرب، ولا يتيمم. ¬

_ (¬1) ح ي: لم يجد. (¬2) ح ي: الصعيد. (¬3) ح ي - به. (¬4) ح: وهو؛ ي: وهذا. (¬5) ح ي: لم يجد. (¬6) ح ي: لا. (¬7) ح ي: ولا يكفيه. (¬8) ح ي: الصعيد. (¬9) ح ي: أم يغسل. (¬10) ح ي: الصعيد؛ ح + ولا يغتسل؛ ي + ولا يغسل. (¬11) ح ي: الصعيد. (¬12) ح ي - من. (¬13) ح + قلت لا؛ ي + قال لا. (¬14) ح: قال وليس عليه أن يشتري منه؛ ي: قلت وليس عليه أن يشتري منه. (¬15) ح ي: ولكن. (¬16) ح ي: يبيع.

قلت: أرأيت مسافراً في طين ورَدَغَةٍ (¬1) لا يجد ماء يتوضأ (¬2) به ولا صعيداً يتيمم به كيف يصنع؟ قال: إن كان معه لِبْد (¬3) أو سَرْج نفضه (¬4) وتيمم (¬5) بغباره، وإن لم يكن ذلك معه نفض ثوبه فتيمم (¬6) بغباره. قلت: أرأيت إن لم يكن في ثوبه غبار وكان (¬7) قد أصابه المطر ولم يكن على دابته سَرْج ولا لِبْد ولا يجد شيئاً (¬8) فيه تراب (¬9)؟ قال: يأخذ من ذلك الطين شيئاً (¬10) فيلطّخ به (¬11) بعض ثيابه، فإذا جَفَّ تيمم به (¬12). قلت: فإن لطّخ به ثوبه فلم (¬13) يجفّ ولا (¬14) يجد ماء ولا (¬15) صعيداً؟ قال: ينتظر حتى يجفّ أو يجد صعيداً أو ماءً. قلت: فإن ذهب الوقت (¬16)؟ قال: وإن ذهب الوقت؛ لأنه لا يجزيه أن يصلي إلا بوضوء أو تيمم (¬17). قلت: أرأيت إن وجد سُؤْرَ حمار أو بغل أيتوضأ به أو يتيمم؟ قال: بل يتوضأ به (¬18) ويتيمم بعد ذلك ثم يصلي. قلت: لم؟ قال: ¬

_ (¬1) الرَّدَغَة والرَّدْغَة: الماء والطين والوَحَل الكثير الشديد. انظر: لسان العرب، "ردغ". (¬2) ك: فيتوضأ. (¬3) اللِّبْد هو البساط، وكل شعر أو صوف مُتَلَبِّد، أي: متداخل وملتزق بعضه ببعض، وما يوضع تحت السَّرْج. انظر: القاموس المحيط، "لبد". (¬4) م: يفضه. (¬5) ح: ويتيمم. (¬6) ح: فيتيمم. (¬7) ح ي: كان. (¬8) ك م - شيئاً. (¬9) ك م: تراباً. (¬10) ح ي - شيئاً. (¬11) ح - به. (¬12) ح ي - به. (¬13) ح ي: ولم. (¬14) ح ي: ولم. (¬15) ح - ولا؛ صح هـ. (¬16) ح ي + ولم يجد الماء. (¬17) ح: أو بتيمم؛ ك م + وقال أبو يوسف يصلي إذا لم يجد الماء ولا يجف ذلك الطين فإذا جفّ الطين أو وجد الماء أو الصعيد تيمم وأعاد الصلاة. وهذه العبارة لم يذكرها الحاكم أيضاً. انظر: الكافي، وعبارة السرخسي: وعن أبي يوسف -رحمه الله- تعالى أنه يصلي ثم يعيد إذا قدر على الطهور. انظر: المبسوط، 1/ 116. وسيذكر المؤلف حكم المحبوس الذي لا يقدر على الوضوء فيما بعد. انظر: 1/ 22 و - 22 ظ. (¬18) ح - به.

آخُذُ في هذا (¬1) بالثقة، فإن أجزأه سؤر الحمار لم يضره التيمم (¬2) يجزه (¬3) كان قد تيمم. قلت: أرأيت مسافراً (¬4) تيمم ثم أصاب بعضَ جسده (¬5) عَذِرَةٌ أو دم أو قيء أو خمر ولا يجد الماء هل ينقض ذلك تيممَه (¬6)؟ قال: لا. قلت: فكيف يصنع في الذي أصابه وهو أكثر من قدر الدرهم؟ قال: يمسحه بخرقة أو بتراب ثم يصلي. قلت: فإن صلى ولم يمسحه؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يجد (¬7) الماء، ولا يطهر ذلك المكان إلا بالماء (¬8)، فتَرْكُه ومسحُه سواء. قلت: أرأيت رجلاً (¬9) تيمم للصلاة ثم ارتدّ عن الإسلام ثم أسلم وتاب (¬10) أيكون (¬11) على تيممه ذلك ما لم يجد الماء أو يحدث؟ قال: نعم. قلت (¬12): وكذلك لو توضأ ثم ارتد عن الإسلام ثم أسلم؟ قال: نعم (¬13). قلت: لم وقد حبط عمله؟ قال: إنما حبط أجر (¬14) عمله (¬15)، فأما الطهر فهو طاهر. قلت: أرأيت نصرانياً (¬16) توضأ أو اغتسل ثم أسلم أيكون على وضوئه وغسله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت نصرانياً (¬17) تيمم ثم أسلم هل يجزيه تيممه ذلك ما لم يجد الماء أو يحدث؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأن التيمم لا يكون إلا بالنية. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو ¬

_ (¬1) ك م - في هذا. (¬2) ح ي + شيئاً. (¬3) ي: لم يجزيه. (¬4) ي: مسافر. (¬5) ح ي + بول أو. (¬6) ح ي: وضوءه. (¬7) ك ح ي. لا يجد. (¬8) ح ي: الماء. (¬9) ح ي: رجل. (¬10) م: وبات. (¬11) ح ي: يكون. (¬12) م - قلت. (¬13) ح - وكذلك لو توضأ ثم ارتد عن الإسلام ثم أسلم قال نعم؛ صح هـ. (¬14) ي: أحب. (¬15) ح + ثم أسلم قلت. (¬16) ح ي: نصراني. (¬17) ح ي: نصراني.

يوسف: يجزيه، وهو متيمم (¬1). قلت: أرأيت المسافر تكون (¬2) معه (¬3) امرأته أو جاريته فأراد أن يطأها وهو يعلم أنه لا يجد الماء أترى له أن يطأها؟ قال: نعم. ألا ترى قوله (¬4) تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬5). قلت: أرأيت رجلاً (¬6) قال لرجل: علّمني التيمم، فتيمم (¬7) يريد بذلك التعليم (¬8) ولا ينوي به الصلاة هل يجزيه ذلك من تيممه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن التيمم لا يكون إلا بالنية. قلت: فلم يجزيه هذا في الوضوء إذا عَلَّمَ به (¬9) ولا (¬10) يجزيه في التيمم؟ قال: هما مختلفان. ألا ترى لو أن رجلاً جنباً (¬11) وقع في نهر وهو لا يريد الغُسل فاغتسل فيه أجزأه ذلك من غُسله ومن وضوئه، ولو أصاب ذراعيه ووجهه (¬12) غبارٌ لم يجزه (¬13) من التيمم. أَوَلاَ ترى لو أصابه مطر يُنقي (¬14) ذراعيه ووجهه ورجليه أجزأه ذلك من الوضوء، فالوضوء (¬15) لا يشبه التيمم. قلت: أرأيت رجلاً تيمم فشك في شيء من تيممه أهو عندك والذي يشك (¬16) في شيء من وضوئه سواء؟ قال: نعم. قلت: فإذا أحدث فهو ¬

_ (¬1) ح ي: نصراني. قال السرخسي: وقال أبو يوسف -رحمه الله تعالى-: إذا تيمم بنية الإسلام أو الطهر فله أن يصلي به بعد الإسلام. وجه قوله أن التيمم يفارق الوضوء في اشتراط النية، وبنية الطهر صحّ، لأنه من أهله، ونية الإسلام نية قربة، فإذا اقترن بالتيمم نية القربة صح منه كما يصح من المسلم. ولنا أن من شرط التيمم نية الصلاة به، والكافر ليس من أهلها ... انظر: المبسوط، 1/ 116. (¬2) ك ح ي: يكون. (¬3) ح ي: مع. (¬4) ح ي: ألا ترى إلى قول الله. (¬5) سورة النساء، 4/ 43؛ وسورة المائدة، 5/ 6. (¬6) ح ي: رجل. (¬7) ك م - فتيمم. (¬8) ح ي: تعليم الرجل. (¬9) ح ي + رجلاً. (¬10) ح ي: فلا. (¬11) ح ي - جنباً. (¬12) ي: ووجه. (¬13) ي: لم يجزيه. (¬14) ح قي: فنقى. (¬15) ح ي + هاهنا. (¬16) ح ي: شك.

على حدثه ما لم يستيقن بالتيمم، وإذا تيمم فهو على تيممه حتى يستيقن بالحدث (¬1)؟ قال: نعم. قلت: وكيف يستيقن بالحدث؟ قال: أن يسمع صوتاً أو يجد ريحاً (¬2). قلت: وكل شيء ينقض الوضوء فإنه ينقض التيمم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت امرأة مسافرة وهي حائض فطهرت من حيضها فلم تجد الماء فتيممت وصلت هل لزوجها أن يجامعها؟ قال: نعم. قلت: ولها أن تصلي بالتيمم المكتوبة؟ قال: نعم. قلت: فإن كان زوجها قد طلقها قبل ذلك وطهرت (¬3) من الحيضة الثالثة فتيممت وصلت؟ قال: قد انقضت عدتها وحلّت للرجال (¬4). قلت: أرأيت المرأة إذا طهرت وتيممت وصلت ثم وجدت (¬5) الماء بعد ذلك أيجب عليها أن تغتسل؟ قال: نعم. قلت: فهل يملك زوجها الرجعة (¬6)؟ قال: لا يملك رجعتها (¬7). قلت: فإن كانت قد تزوجت زوجاً غيره قبل أن تجد الماء ثم وجدت الماء؟ قال: نكاحها جائز، وعليها أن تغتسل. قلت: ولا ترى ما (¬8) وجب عليها من الغسل حين وجدت الماء ينقض شيئاً من نكاحها؟ قال: لا نرى ذلك (¬9). قلت: أرأيت مسافراً جنباً (¬10) مر على مسجد وفيه عين ماء (¬11) وهو لا يجد ماء (¬12) غير ذلك (¬13) كيف يصنع؟ قال: يتيمم بالصعيد (¬14) ثم يدخل المسجد فيستقي من ذلك الماء، ثم يخرج الماء (¬15) من المسجد فيغتسل به. ¬

_ (¬1) ح ي: الحدث. (¬2) ح ي + أو يستيقن بحدث. (¬3) ح ي: فطهرت. (¬4) ح: للرجل. (¬5) ح ي: ووجدت. (¬6) ح ي: رجعتها. (¬7) ك م: زوجها. (¬8) ح: تريها، ي - ما. (¬9) ح ي - نرى ذلك. (¬10) ي: مسافر جنب. (¬11) ك م - مر على مسجد وفيه عين ماء. ويؤيد المتن عبارة الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 6 و. (¬12) ك م: الماء؛ ك م + إلا في المسجد. (¬13) ك م - غير ذلك. (¬14) ي: الصعيد. (¬15) ك م - الماء.

قلت: فإن لم يكن معه شيء يستقي به وكان لا يستطيع أن يغترف من العين (¬1)، ولكنه يستطيع أن يقع فيها وهي عين (¬2) صغيرة؟ قال: يتيمم بالصعيد (¬3) ولا يقع فيها. قلت: لم؟ قال: لأنه إذا وقع فيها أفسد ماءها (¬4) كله ولم يجزه (¬5) غسله ذلك، وكان عليه أن يتيمم بعد ذلك، فلذلك أمرته (¬6) أن يتيمم (¬7) ولا يقع فيها. قلت: أرأيت الرجل يجد سؤر الكلب أيتوضأ به (¬8) أو يتيمم (¬9)؟ قال: بل يتيمم ولا يتوضأ به. قلت: لم (¬10)؟ أليس هذا عندك مثل سؤر (¬11) الحمار والبغل؟ قال: لا، سؤر الحمار والبغل أحبّ إليّ من هذا. قلت: أرأيت مسافراً قرأ السجدة وهو لا يجد الماء؟ قال: يتيمم ويسجد. قلت: وكذلك لو أراد أن يصلي تطوعاً في غير وقت المكتوبة؟ قال: نعم، يتيمم ويصلي ما بدا له. قلت: فإن تيمم وصلى ثم حضرت الصلاة المكتوبة (¬12)، أيصلي بذلك التيمم ما لم يجد الماء أو يحدث؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً حضر (¬13) الصلاة على الجنازة وهو على غير وضوء كيف يصنع؟ قال: يتيمم ويصلي عليها. قلت: لم وهو مقيم في المصر؟ قال: لأنه إذا صلى عليها لم يستطع أن يصلي عليها وحده (¬14)، وإن ذهب يتوضأ سُبِقَ بالصلاة عليها. قلت: أرأيت رجلاً قرأ السجدة وهو مقيم بالمصر وهو على غير وضوء أيتيمم ويسجد؟ قال: لا. قلت: لم (¬15)؟ ومن أين اختلف هذا والأول؟ قال: لأن هذا لا يفوته (¬16)، ¬

_ (¬1) ك م: من البئر. (¬2) ك م: بئر؛ ح: غير. (¬3) ح ي: الصعيد. (¬4) ح ي: الماء. (¬5) ح ي: يجزيه. (¬6) ح: امراته. (¬7) م: أن يقيم. (¬8) ح ي - به. (¬9) ح ي: أم يتيمم. (¬10) ح ي - لم. (¬11) ح - سؤر. (¬12) ح ي: صلاة مكتوبة. (¬13) ك م ح: حضرت. (¬14) أي: إن صلاة الجنازة لا تعاد. انظر: المبسوط، 1/ 119. (¬15) م: ولم. (¬16) م: لا يقويه.

فمتى ما (¬1) شاء توضأ وقضى السجدة. قلت: أرأيت رجلاً شهد (¬2) العيد مع الإمام في الجَبَّانَة (¬3) وهو على غير وضوء أيتيمم (¬4) ويصلي؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال (¬5): لأن هذا خارج من المصر، فإن رجع فتوضأ (¬6) فاتته الصلاة (¬7)، وليس (¬8) صلاة العيد إلا مع الإمام. وصلاة العيد والصلاة على الجنازة سواء. قلت: وكذلك لو أن الإمام أحدث بعدما دخل في الصلاة يوم العيد تيمم وصلى بهم (¬9) بقية الصلاة؟ قال: نعم. قلت (¬10): وكذلك لو أحدث رجل خلفه؟ قال: نعم، يتيمم ويدخل معه في صلاته. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا دخل في الصلاة متوضئاً ثم أحدث انحرف فتوضأ ثم بنى؛ لأن هذا لا تفوته الصلاة (¬11). قلت: فإن كان كل (¬12) الذي ذكرت لك يجد الماء من غير أن تفوته (¬13) الصلاة؟ قال: عليهم أن يتوضؤوا ولا يجزيهم التيمم (¬14). قلت: وكذلك لو أن رجلاً شهد الجمعة فأحدث؟ قال: لا، الجمعة ليست (¬15) مثل العيد؛ لأن الرجل في المصر، ولأن الجمعة إذا فاتت الرجل كان عليه أن يصلي الظهر أربعاً، والظهر (¬16) فريضة. وليست الجمعة كالعيد ولا كالصلاة على الجنازة. قلت: أرأيت رجلاً تيمم بالصعيد القَذِر الذي كان فيه بول أو عَذِرَة فجَفّ؟ قال: لا يجزيه. قلت (¬17): فإن صلى بذلك؟ قال: يعيد التيمم والصلاة. ¬

_ (¬1) ح ي - ما. (¬2) ح ي: يشهد. (¬3) م: في الجنابة والجَبّانة: المصلى العام في الصحراء. انظر: المغرب، "جبن". (¬4) ح ي: يتيمم. (¬5) ح ي - قلت لم قال. (¬6) ح ي: يتوضأ. (¬7) ح ي + قال. (¬8) ح ي: ليس. (¬9) ح ي - بهم. (¬10) م - قلت. (¬11) انظر: 1/ 73 و. فهذا المحدث إن توضأ وجاء بعد فراغ الإمام فإنه يصلي ما بقي له كما يصليها خلف الإمام، ويسمى هذا اللاحق. انظر: المبسوط، 1/ 119. (¬12) ح - كل؛ ي: كذلك. (¬13) ح: أن يفوته. (¬14) م: بالتيمم. (¬15) ح ي: ليس. (¬16) ح ي: فالظهر. (¬17) ك - قلت.

قلت: أرأيت رجلاً تيمم بالصعيد ثم دخل في الصلاة فأحدث كيف يصنع؟ قال: يَنْفَتِل فيعيد (¬1) التيمم. فإن (¬2) تكلم استقبل الصلاة، وإن (¬3) لم يتكلم اعتدّ (¬4) بما مضى من صلاته وصلى ما بقي. قلت: والتيمم (¬5) والوضوء عندك في هذا سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن تيمم فدخل في (¬6) الصلاة ثم أحدث فانفتل فوجد الماء؟ قال: يتوضأ ويستقبل الصلاة. قلت: لم؟ قال: لأنه حين وجد الماء انتقض ما مضى (¬7) من صلاته وما بقي. قلت: وكذلك لو كانت (¬8) الصلاة تطوعاً؟ قال: نعم. قلت: فهل يجب عليه قضاء التطوع؟ قال: نعم، قلت: لم وقد انتقضت صلاته؟ قال: لأنه افتتح الصلاة وهو على (¬9) تيمم، فدخل في صلاة ليست بفاسدة، فلمّا وجد الماء انتقضت (¬10) صلاته وكان عليه أن يتوضأ ويقضيها. ألا ترى أنه لو لم يجد الماء فتَمَّ (¬11) عليها (¬12) أجزأته (¬13)؛ لأن أول دخوله فيها كان وهي (¬14) صحيحة. ولا يشبه هذا المحدث (¬15) الذي يقضي ما بقي ويعتدّ (¬16) بما مضى؛ لأن هذا يفسد ما مضى وما بقي؛ لأنه حيث وجد الماء صار (¬17) على غير وضوء، إلا أن عليه قضاءه. قلت: أرأيت رجلاً تيمم بصعيد فيه (¬18) بول أو عَذِرَة ثم افتتح الصلاة تطوعاً ثم وجد الماء (¬19) هل عليه أن يقضي تلك الصلاة؟ قال: ليس عليه أن يقضيها؛ لأنه بمنزلة من لم يدخل في الصلاة. ألا ترى أنه لو ¬

_ (¬1) م: فيعند. (¬2) ح ي: وإن. (¬3) م: فإن. (¬4) م: أعد؛ ح: أعيد. (¬5) ح ي: التيمم. (¬6) م - في. (¬7) ح ي - ما مضى. (¬8) م - لو كانت، صح هـ. (¬9) م + غير. (¬10) ح ي: انتقض. (¬11) ح ي: فتيمم. (¬12) تَمَّ على الشيء: أتمه. انظر: المغرب، "تمم". (¬13) ح: أجزأه. (¬14) ي: دخوله كان فيها وبقي. (¬15) ك م ح ي: الحدث. (¬16) م: ويعيد (الياء الأولى مهملة). (¬17) ك م: فصار. (¬18) ح ي: بالصعيد وفيه. (¬19) ح ي - ثم وجد الماء.

تَمَّ عليها لم يجزه ذلك. قلت: هذا والذي يدخل في الصلاة وهو على غير وضوء سواء؟ قال: نعم، هما سواء، وليس (¬1) على واحد منهما القضاء. قلت: أرأيت متيمماً أَمَّ قوماً متوضئين فأحدث فتأخر وقدّم رجلاً من المتوضئين، ثم إن المتيمم بعد ذلك وجد الماء (¬2) فتوضأ، أيبني على ما مضى من صلاته؟ قال: لا، ولكن يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت القوم إذا صلى بهم الإمام الثاني أفاسدة صلاتهم أم تامة (¬3)؟ قال: بل صلاتهم تامة. قلت: لم؟ قال: لأنهم قد خرجوا من صلاة المتيمم، وصار إمامهم متوضئاً، فلا تفسد (¬4) صلاتهم (¬5). قلت: لم؟ قال: أرأيت لو ضحك الإمام الأول أو تكلم (¬6) أو بال أو تقيّأ هل كان يُفسد (¬7) عليهم صلاتهم؟ قلت (¬8): لا. قال (¬9): هذا (¬10) وذالناسواء. قلت: أرأيت إن كان الإمام الأول متوضئاً والإمام (¬11) الثاني متيمم (¬12) فلمّا أحدث الأول قدّم الثاني فصلى بهم ركعة ثم وجد الماء (¬13) الإمام الثاني (¬14)؟ قال: صلاة الإمام الثاني والإمام (¬15) الأول (¬16) والقوم جميعاً كلهم فاسدة. قلت: لم؟ قال (¬17): لأن إمامهم هو (¬18) الثاني، وصار (¬19) هو إمام الأول، فلمّا فسدت (¬20) صلاته فسدت صلاة الأول والقوم جميعاً. وهذا يبين لك أن الصلاة في الباب (¬21) الأول ¬

_ (¬1) ح ي: ليس. (¬2) ح ي: إن المتيمم وجد الماء بعد ذلك. (¬3) ح: أرأيت القوم إذا صلوا فصلاتهم أتامة أم فاسدة؛ ي: أرأيت القوم إذا صلوا بصلاته أتامة صلاته أم فاسدة. (¬4) ي: يفسد. (¬5) ح ي + وإن فسدت صلاته. (¬6) ح ي - أو تكلم. (¬7) ح ي: كانت تفسد. (¬8) م ي: قال. (¬9) ي: قلت. (¬10) ح ي: فهذا. (¬11) ح ي - والإمام. (¬12) ح ي: والثاني متيمماً. (¬13) ح ي - الماء. (¬14) ح ي + ماء. (¬15) ح ي - والإمام. (¬16) ح ي: والأول. (¬17) ك - قال. (¬18) ح ي - هو. (¬19) ح ي: صار. (¬20) ح ي: أفسدت. (¬21) ح ي - الباب.

تامة؛ لأن الثاني هو الإمام، ولا (¬1) يضرهم ما دخل على (¬2) الأول من فساد صلاته، إنما يضرهم ما دخل على الإمام الثاني؛ لأن الإمام هو (¬3) الثاني. قلت: أرأيت رجلاً (¬4) متيمماً (¬5) أَمَّ قوماً متيممين وصلى (¬6) بهم ركعة ثم رأى بعضُ مَن خلفه الماء وعلم بمكانه (¬7) ولم يعلم به (¬8) الإمام ولا بقية القوم حتى فرغوا من صلاتهم وسلموا؟ قال: أمّا مَن علم منهم بالماء فصلاته (¬9) فاسدة، وأمّا الإمام ومن خلفه الذين (¬10) لم يعلموا بالماء فصلاتهم تامة. قلت: أرأيت إن كان في القوم متوضئون ومتيممون وعلم (¬11) المتوضئون بالماء ولم يعلم به الإمام ولا المتيممون حتى سلم بهم؟ قال: أما المتوضئون فصلاتهم فاسدة، وأما الإمام والمتيممون (¬12) الذين (¬13) لم يعلموا بالماء فصلاتهم تامة (¬14). ¬

_ (¬1) ح ي: فلا. (¬2) ح ي + الإمام. (¬3) ك م - هو. (¬4) ي: رجل. (¬5) ح ي: متيمم. (¬6) ح ي: فصلى. (¬7) ح ي: مكانه. (¬8) ح ي - به. (¬9) ح ي: فصلاتهم. (¬10) ح ي: والذين. (¬11) ح ي: فعلم. (¬12) ح ي - والمتيممون. (¬13) ح ي: والذين. (¬14) انظر: 1/ 22 ظ. وقال السرخسي: وقال زفر - رضي الله عنه تعالى -: لا تفسد صلاته، وهو رواية عن أبي يوسف -رحمه الله-. ووجهه أنه لا بد لفساد الصلاة من سبب، وهو في نفسه متوضئ، فرؤية الماء لا تكون مفسداً في حقه، وإنما تفسد صلاته لفساد صلاة الإمام، وصلاة الإمام هنا صحيحة، فلا معنى لفساد صلاته. ولنا أن طهارة الإمام معتبرة في حق المقتدي بدليل أنه لو تبين أن الإمام محدث لم تجز صلاة القوم، وطهارته هنا تيمم، فيجعل في حق من أبصر الماء كأنه هو المتيمم، فلهذا فسدت صلاته، لأنه اعتقد الفساد في صلاة إمامه، لأنه عنده أنه يصلى بطهارة التيمم مع وجود الماء، والمقتدي إذا اعتقد الفساد في صلاة إمامه تفسد صلاته، كما لو اشتبهت عليهم القبلة فتحرى الإمام إلى جهة والمقتدي إلى جهة أخرى لا يصح اقتداؤه به إذا كان عالماً أن إمامه يصلي إلى غير جهته. انظر: المبسوط، 1/ 120.

قلت: أرأيت رجلاً (¬1) تيمم فدخل في الصلاة فصلى ركعة، فبينا هو في صلاته إذ رأى سراباً (¬2) فظن أنه ماء فانفتل من صلاته، فمشى إليه ساعة حتى انتهى إليه فإذا هو سراب (¬3)؟ قال: يستقبل الصلاة. قلت: لم؟ قال: لأن انصرافه كان (¬4) إلى غير ماء (¬5)، ومشيه الذي مشى فيه (¬6) حَدَثٌ أحدثه وعَمَلٌ عمله (¬7)، فعليه أن يعيد صلاته (¬8). وهو على تيممه؛ لأنه لم يحدث ولم يجد الماء. قلت: أرأيت رجلاً تيمم وصلى ثم حضرت صلاة أخرى فأراد أن يصلي بذلك التيمم فشك فلم (¬9) يدر (¬10) أَمَرَّ على الماء أم لا؟ قال: يصلي بتيممه ذلك حتى يستيقن أنه قد مرّ على الماء أو يستيقن بالحدث. قلت: أرأيت رجلاً (¬11) أجنب فلم (¬12) يجد الماء فتَمَعَّكَ (¬13) في التراب فتَدَلَّكَ (¬14) به جسدُه كله هل يجزيه ذلك (¬15) من التيمم؟ قال: إن كان أصاب وجهه وذراعيه وكفيه فقد تم تيممه، دن كان لم يصبه فعليه أن يعيد التيمم. قلت: فإن كان قد أصاب وجهه وذراعيه (¬16) وكفيه التيمم وأصاب سائر جسده هل يفسد ذلك عليه تيممه؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً تيمم فبدأ بذراعيه فيَمَّمَهما (¬17) ثم يَمَّمَ وجهه ثم ¬

_ (¬1) ي: رجل. (¬2) م: شراباً. (¬3) م: شراب. (¬4) ح ي - كان. (¬5) أي: لو انصرف إلى ماء حقيقة كان عليه أن يستقبل الصلاة أيضاً، فكيف وقد انصرف إلى غير ماء. وانظر: المبسوط، 1/ 120. (¬6) ح ي - فيه. (¬7) ح ي: عمل عمله وحدث أحدثه. (¬8) ح ي: الصلاة. (¬9) خ: ولم. (¬10) ح ي: يدري. (¬11) ي: رجل. (¬12) ح ي: ولم. (¬13) تمعك في التراب، أي: تمرّغ فيه ولطّخِ نفسه به. انظر: المغرب، "معك". (¬14) ح ي: فدلك. تدلّك الرجل، أي: دَلكَ وعَرَكَ جسدَه عند الاغتسال. انظر: لسان العرب، "دلك". (¬15) ح ي - ذلك. (¬16) م - وذراعيه. (¬17) م: فتيممها.

صلى؟ قال: يجزيه. قلت: فإن بدأ فيَمَّمَ (¬1) وجهه (¬2) ثم مكث ساعة ثم يَمَّمَ ذراعيه ثم مكث ساعة ثم يَمَّمَ كفيه؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً وضع يديه على الصعيد (¬3) فتيمم به ثم إن آخر تيمم بما (¬4) تيمم به الأول من الصعيد؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: أرأيت رجلاً توضأ ففَضَلَ من وَضوئه ماء فتوضأ بذلك الماء آخر أمَا يجزيه؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت امرأة طهرت من حيضها فتيممت بالصعيد ثم وضع رجل يديه (¬5) في موضع يدها (¬6) فتيمم؟ قال: يجزيه. قلت: وكذلك لو كان الأول جنباً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً نفض ثوبه أو لِبْدَه (¬7) فتيمم بغباره وهو يقدر على الصعيد أيجزيه؟ قال: يجزيه. قلت: لم؟ قال: لأن هذا صعيد أيضاً. وهو (¬8) قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يجزيه إذا كان يقدر على الصعيد (¬9). قلت: أرأيت رجلاً مقطوع اليدين من المرفقين فأراد أن يتيمم هل يمسح على (¬10) وجهه ويمسح على (¬11) موضع القطع؟ قال: نعم. قلت: فإن مسح وجهه وترك موضع القطع؟ قال: لا يجزيه (¬12). قلت: فإن صلى هكذا ¬

_ (¬1) ط: فيه. وانظر الحاشية التالية. (¬2) ك م - ثم صلى قال يجزيه، قلت فإن بدأ فيمم وجهه. وقال الحاكم: وإن بدأ بذراعيه في التيمم أو مكث بعدما تيمم وجهه ساعة ثم بدأ بذراعيه أجزأه. انظر: الكافي، 1/ 6 ظ، والمبسوط، 1/ 121. (¬3) ح ي: على الأرض. (¬4) م + قد. (¬5) ح ي: يده. (¬6) ح ي: يديها. (¬7) أي: بساطه. وقد تقدم. (¬8) ح ي: وهذا. (¬9) ح ي: لا يجزيه إلا أن يتيمم بالصعيد الطيب بالتراب (ي: التراب). (¬10) ح ي - على. (¬11) ح ي - على. (¬12) ح - قلت فإن مسح وجهه وترك موضع القطع قال لا يجزيه؛ صح هـ.

أياماً؟ قال: عليه أن يمسح موضع القطع (¬1) ويستقبل الصلاة. قلت: فإن كان القطع في اليدين من المنكب؟ قال: عليه أن يمسح وجهه، وليس عليه أن يمسح موضع القطع. قلت: وكذلك لو كان القطع من فوق المرفق دون المنكب؟ قال: نعم. قلت: فإن (¬2) كان القطع من المفصل (¬3)؟ قال: عليه أن يمسح وجهه وذراعيه. قلت: وكذلك لو كان (¬4) دون المرفق؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يفعل وصلى هكذا أياماً؟ قال: عليه أن يمسح ذلك ويعيد الصلوات كلها. قلت: أرأيت رجلاً تيمم وصلى فقعد (¬5) قدر التشهد ثم وجد الماء؟ قال: يتوضأ ويعيد الصلاة في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا نرى عليه إعادة. قلت: فإن كان قد سلم تسليمة واحدة ثم وجد الماء (¬6)؟ قال: صلاته تامة، وليس عليه أن يعيدها (¬7). قلت: فإن كان قد سلم تسليمتين عن يمينه وعن يساره وقد كان سها في صلاته ثم سجد لسهوه ثم رفع رأسه وهو يريد أن يسجد الأخرى فأبصر الماء؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة في قول أبي حنيفة. قلت: لم وقد سلم وفرغ من صلاته؟ قال: لأنه في شيء من صلاته بَعْدُ. ألا ترى أنه لو كان إماماً فأدرك (¬8) معه رجل الصلاة في هذه (¬9) الحال كان قد أدرك معه الصلاة. قلت: أرأيت مسافراً تيمم ومعه في رَحْلِهِ (¬10) ماء وهو لا يعلم به (¬11) فصلى، فلمّا فرغ من صلاته وسلّم علم بالماء؟ قال: صلاته تامة، وهذا ممن (¬12) لا يجد الماء؛ لأن الله تعالى لا يكلّفه إلا عِلْمَه. وهذا قول ¬

_ (¬1) ي - قال لا يجزيه قلت فإن صلى هكذا أياماً قال عليه أن يمسح موضع القطع؛ صح هـ. (¬2) م: وإن. (¬3) أي: من الرسغ. (¬4) ح ي - لو كان. (¬5) ح ي: وقعد. (¬6) ك - وجد الماء. (¬7) ح ي: أن يعيده. (¬8) ح ي: وأدرك. (¬9) ح ي: في هذا. (¬10) م: في رجله. (¬11) ح ي - به. (¬12) ح + ممن.

أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يجزيه. قلت: فإن علم (¬1) بالماء قبل أن يسلّم؟ قال: عليه أن يتوضأ ويستقبل الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً به جِراحات في عامة جسده وهو يستطيع أن يغسل (¬2) ما بقي ولا يستطيع أن يغسل الجِراحات وهي في رأسه وصدره وظهره (¬3) وعامة جسده؟ قال: يتيمم. قلت: فإن كانت (¬4) الجراحات في رأسه أو في (¬5) إحدى يديه؟ قال: يغسل سائر جسده. قلت (¬6): فكيف يصنع بمواضع (¬7) الجراحات؟ قال: يمسح عليها بالماء. قلت: فإن كان لا يستطيع ذلك؟ قال: يمسح (¬8) على الخرقة التي فوق الجراحة بالماء. قلت: فإن كانت (¬9) الجراحات في رأسه؟ قال: يغسل جسده ويدع رأسه ويمسح على الجراحات بالماء. قلت: أرأيت رجلاً (¬10) مريضاً أجنب وهو لا يستطيع أن يغتسل (¬11) لما به من الجُدَرِي؟ قال: يتيمم بالصعيد (¬12). قلت: فإن كان به جرح في رأسه وهو يستطيع الغسل في سائر جسده؟ قال: يغسل جسده ويدع رأسه. قلت: أرأيت رجلاً صحيحاً وهو في المصر فأصابته (¬13) جنابة فخاف إن اغتسل أن (¬14) يقتله البرد؟ قال: إن خاف على نفسه القتل من البرد فإنه (¬15) يتيمم (¬16). وإن لم يخف على نفسه القتل فلا بد من أن يغتسل. قلت: وكذلك إذا كان في السفر؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة (¬17). وقال أبو يوسف: أمّا أنا فأرى أن يجزيه ذلك في السفر، ولا يجزيه إذا كان مقيماً في المصر. وهو قول محمد. ¬

_ (¬1) ح: علمه. (¬2) م - أن يغسل. (¬3) ح ي - وظهره. (¬4) م ح ي: كان. (¬5) م - في؛ ح ي: وفي. (¬6) م - قلت. (¬7) ح ي: بموضع. (¬8) ي: يمسحه. (¬9) ي: كان. (¬10) ح ي - رجلاً. (¬11) م: أن يغسل. (¬12) ح ي: الصعيد. (¬13) ح ي: أصابه. (¬14) ح - أن. (¬15) ح ي - فإنه. (¬16) ح ي: تيمم. (¬17) م + وهذا قول أبي حنيفه.

وقال أبو حنيفة: إذا حُبس (¬1) رجل في مَخْرَج (¬2) وهو مقيم في المصر وحضرت (¬3) الصلاة ولم يقدر على مكان نظيف أن (¬4) يصلي فيه، ولم يقدر على وضوء ولا على صعيد طيب، فإنه لا يصلي حتى يخرج من ذلك المخرج، ثم يتوضأ ويقضي ما مضى من صلاته. وقال أبو يوسف ومحمد (¬5): يصلي في ذلك المكان يومي إيماء (¬6) بغير وضوء ولا تيمم، فإذا خرج توضأ وقضى ما مضى من صلاته. قلت: أرأيت (¬7) إن كان في غير مخرج وكان محبوساً في السجن (¬8) لا يقدر على ماء يتوضأ به؟ قال: يتيمم ويصلي، فإذا خرج توضأ وأعاد الصلاة. قلت: لم؟ قال: لأنه في المصر. قلت: أرأيت رجلاً أخّر الصلاة وهو على غير وضوء حتى خاف (¬9) ذهاب الوقت هل يجزيه أن يتيمم ويصلي؟ قال: لا يجزيه، ولكنه (¬10) يتوضأ ويصلي وإن (¬11) ذهب الوقت. قلت: أرأيت رجلاً متيمماً صلى بقوم متوضئين فأبصر (¬12) المتوضئون الماء ولم يبصره (¬13) الإمام ولم يعلم به حتى فرغ من صلاته وسلّم (¬14)؟ ¬

_ (¬1) م: إذا جلس. (¬2) المقصود بالمخرج مكان قضاء الحاجة. (¬3) ح ي: فحضرت. (¬4) ح ي - أن. (¬5) واختلفت الروايات عن محمد -رحمه الله تعالى-، فذكر في الزيادات ونُسَخ أبي حفص -رحمه الله تعالى- من الأصل كقول أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-، وفي نُسَخ أبي سليمان --رحمه الله تعالى-- ذكر قوله كقول أبي يوسف -رحمه الله تعالى-. انظر: الكافي، 1/ 6 ظ؛ والمبسوط، 1/ 123. وهذا مما يشهوإن كتاب الصلاة في هذا الموضع من رواية أبي سليمان كما ذكر في بدايتها. وقد تقدم في مسألة المسافر الذي لا يجد ماء ولا ما يتيمم به أن قول أبي يوسف أنه يصلي بغير طهور ثم يعيد. ولم يذكر خلافاً لمحمد. انظر: 1/ 19 و. ولم يذكر السرخسي في ذلك خلافاً لمحمد أيضاً. انظر: المبسوط، 1/ 116. (¬6) م: اومآ. (¬7) ح ي - أرأيت. (¬8) ح ي + وكان. (¬9) ح ي: وهو يخاف. (¬10) ح ي: ولكن. (¬11) ح: فإن. (¬12) ح ي: وأبصر. (¬13) ح ي: يبصر. (¬14) تقدمت المسألة في هذا الباب، فهي مكررة. لكن التعليل المذكور هنا لم يذكر هناك. انظر: 1/ 21 و.

باب ما ينقض التيمم وما لا ينقضه

قال: أمّا صلاة الإمام فتامة، وأمّا صلاة القوم جميعاً فهي فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: لم أفسدت (¬1) صلاة القوم وصارت (¬2) صلاةُ الإمام تامة؟ قال: هذا بمنزلة (¬3) إمام (¬4) صلى بقوم وتحرّى القبلة فأخطأ (¬5) وعَرَفَ الذين خلفه أنه (¬6) على غير القبلة (¬7)، فصلاة الإمام تامة، وصلاة القوم فاسدة. وقال محمد: لا أرى أن يؤم المتيمم المتوضئين على حال، ولا يجزيهم (¬8) ذلك. وهو قول علي بن أبي طالب كرم الله وجهه (¬9). ... باب ما ينقض التيمم (¬10) وما لا ينقضه قلت: أرأيت مسافراً تيمم وهو جنب فصلى بتيممه ذلك صلاة، ثم أحدث، فوجد من الماء قدر ما يتوضأ به ولا يكفيه لغسله؟ قال: يتوضأ به (¬11). قلت: لم؟ أليس هذا جنباً (¬12) بَعْدُ، فلا ينبغي له أن يتوضأ حتى يجد من الماء قدر (¬13) ما يكفيه للغسل؟ قال (¬14): هو طاهر ليس بجنب حتى يجد من الماء ما يكفيه للغسل، فلذلك جعلت عليه الوضوء. قلت: أرأيت مسافراً جنباً غسل فرجه ووجهه وذراعيه ورأسه، ثم أهراق الماء وليس معه ماء غيره، فتيمّم بالصعيد (¬15) ودخل في الصلاة، ثم ضحك فقهقه (¬16)، ثم وجد من الماء ما يكفيه للغسل؟ قال: يغسل وجهه وذراعيه ¬

_ (¬1) م: فسدت. (¬2) ك م: وصار. (¬3) ك: مثل؛ م - بمنزلة. (¬4) ح ي: الإمام. (¬5) ح ي: أو أخطأ. (¬6) ح ي: وأنه. (¬7) ح ي: قبلة. (¬8) صح ي: يجزيه. (¬9) تقدم قريباً بلاغاً. انظر: 1/ 17 ظ. (¬10) ح ي: الوضوء. (¬11) ح ي + به. (¬12) ح ي: جنب. (¬13) ح ي - قدر. (¬14) ح ي + ليس هكذا. (¬15) ح ي: الصعيد. (¬16) م ح ي: قهقهة.

ويمسح برأسه ويغسل ما بقي من جسده سوى الفرج والرأس (¬1) ويغسل رجليه. والقهقهة هاهنا بمنزلة الحدث، تنقض (¬2) الوضوء والتيمم، ولا تنقض (¬3) ما مضى من الغسل. ولو أن جنباً اغتسل بماء إلا موضع (¬4) درهم (¬5) من جسده بقي لم يجد له ماء، فتيمم وصلى، ثم وجد من الماء قدر (¬6) ما يغسل ذلك الموضع، وحضرت (¬7) صلاة أخرى، فإنه كان عليه أن (¬8) يغسل ذلك الموضع ويصلي ولا يتيمم؛ لأنه طاهر بالغسل. ولو كان أحدث قبل أن يغسل (¬9) ذلك الموضع كان عليه أن يغسل ذلك الموضع ويتيمم. فإن بدأ بالتيمم قبل أن يغسل ذلك الموضع ثم غسل ذلك الموضع أجزأه؛ لأنه قد وجب عليه التيمم مع غسل ذلك الموضع. فإذا وجبا عليه (¬10) جميعاً فلا يضره، وبأيهما (¬11) بدأ أجزأه ذلك (¬12). ألا ترى (¬13) أنه (¬14) لو وجد سؤر حمار كان عليه أن يتوضأ وأن (¬15) يتيمم، وبأيهما (¬16) بدأ أجزأه ذلك. قلت: أرأيت لو وجد سؤر حمار (¬17) واغتسل (¬18) به بعد التيمم (¬19) وقد (¬20) بدأ بالتيمم أمَا يجزيه هذا (¬21)؟ قال (¬22): يجزيه، وهذا مثل الأول. وقال محمد في رجل تيمم ودخل في (¬23) الصلاة ثم نظر إلى سؤر الحمار أو إلى نبيذ التمر، قال: يمضي في صلاته (¬24) ولا يقطعها، فإذا فرغ ¬

_ (¬1) ح ي: سوى الرأس والفرج. (¬2) م: ينقض. (¬3) م ي: ينقض. (¬4) ي + قدر. (¬5) ح ي: الدرهم. (¬6) ك م ح ي - قدر. والزيادة من ج. (¬7) ح ي: فحضرت. (¬8) ح ي - كان عليه أن. (¬9) ح ي: قبل غسل. (¬10) ي - عليه. (¬11) م: بأنهما؛ ح ي: بأيهما. (¬12) ح ي - أجزأه ذلك. (¬13) ي: أرأيت. (¬14) ح ي - أنه. (¬15) ح ي - يتوضأ وأن. (¬16) م: وبأنهما؛ ح ي: فبأيهما. (¬17) ك م ح: الحمار. (¬18) ك م: فيغتسل. (¬19) م: اللتيم (مهملة). (¬20) ح ي: وكان. (¬21) ح ي - هذا. (¬22) ح ي + هذا. (¬23) ح ي - في. (¬24) م: في صلواته.

باب الأذان

من الصلاة (¬1) توضأ (¬2) بسؤر الحمار (¬3) أو النبيذ ثم (¬4) يصلي مرة أخرى. وكذلك لو كان توضأ (¬5) بالنبيذ وتيمم ثم دخل في الصلاة ثم نظر إلى سؤر الحمار (¬6) مضى على صلاته (¬7) ولا يقطعها، فإذا فرغ من الصلاة (¬8) توضأ بسؤر الحمار وصلى مرة أخرى (¬9). ... باب الأذان قلت: أرأيت الرجل إذا أراد أن يؤذن كيف يؤذن وكيف يقوم في أذانه؟ قال: يستقبل القبلة في أذانه حتى إذا (¬10) انتهى إلى الصلاة وإلى الفلاح حوّل وجهه يميناً وشمالاً وقَدَمَاه مكانهما. فإذا فرغ من الصلاة والفلاح حوّل وجهه إلى القبلة. قلت: والأذان والإقامة مثنى مثنى، وآخِرُ الأذان لا إله إلا الله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا أذن أيجعل (¬11) إصبعيه في أذنيه؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يفعل حتى فرغ (¬12) من أذانه؟ قال: لا يضره ذلك. قلت: أرأيت إن استقبل (¬13) القبلة بأذانه حتى انتهى إلى الصلاة وإلى (¬14) الفلاح وهو في صَوْمَعَتِه (¬15) فأراد (¬16) أن يخرج رأسه من ¬

_ (¬1) ح ي - فإذا فرغ من الصلاة. (¬2) ح ي: ثم يتوضأ. (¬3) ح ي + كان. (¬4) م: يم. (¬5) ي: وكذلك إن توضأ. (¬6) ي: حمار. (¬7) ح + صلاته. (¬8) ك م ح ي - من الصلاة. والزيادة من ج. (¬9) ك م + ولا يجوز التيمم من مكان قد كان فيه بول أو نجاسة وإن ذهب الأثر. وقد تقدمت هذه المسألة قريباً. (¬10) ح ي - إذا. (¬11) ح: يجعل. (¬12) ح ي: حتى يفرغ. (¬13) ح: إن يستقبل. (¬14) ح - إلى. (¬15) الصومعة بناء محدد أعلاه يتعبد فيه الراهب. ويقال للمنارة أيضاً: صومعة، لأنه محدد أعلاه كذلك. انظر: لسان العرب، "صمع، أذن". (¬16) ح ي: أراد.

نواحيها فلم يستطع حتى يحوّل قدميه من مكانهما فدار في صومعته؟ قال: لا يضره ذلك شيئاً. قلت: فهل يُثَوِّبُ (¬1) في شيء من الصلوات (¬2)؟ قال: لا يُثَوِّبُ إلا في صلاة الفجر. قلت (¬3): فكيف التثويب (¬4) في صلاة الفجر؟ قال: كان التثويب الأول بعد الأذان: "الصلاة خير من النوم" (¬5)، فأحدث (¬6) الناس هذا التثويب، وهو حسن (¬7). ¬

_ (¬1) التثويب مأخوذ من الثوب، لأن الرجل كان إذا جاء مستصرخاً - أي: مستغيثاً - حرّك ثوبه رافعاً به يده ليراه المستغاث فيكون ذلك دعاء له وإنذاراً، ثم كثر حتى سمي الدعاء تثويباً، فقيل: ثَوَّب الداعي، وقيل: هو ترديد الدعاء، تفعيل مِن ثاب يَثُوب إذا رجع وعاد. انظر: المغرب، "ثوب". (¬2) ك م: من الصلاة. (¬3) ح + أرأيت. (¬4) م: التثوب (التاء والثاء مهملتان). (¬5) صح ي + مرتين. (¬6) م: فأخذت؛ ح ي: وأحدث. (¬7) وكذلك في الكافي، 1/ 7 و؛ والمبسوط، 1/ 130. وقال الإمام أبو حنيفة: والتثويب في الفجر: "حي على الصلاة حي على الفلاح" مرتين بين الإذان والإقامة حَسَنٌ، وكُرِهَ في سائر الصلوات انظر: الجامع الصغير لمحمد بن الحسن، 83. قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال سألته عن التثويب قال هو مما أحدثه الناس، وهو حسن مما أحدثوا، وذكر أن تثويبهم كان حين يفرغ المؤذن من أذانه: "الصلاة خير من النوم". قال محمد: وبه نأخذ وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار لمحمد، 19. وقال الإمام محمد: وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: كان التثويب في صلاة الصبح بعدما فرغ المؤذن من الأذان الصلاة خير من النوم. وأهل الحجاز يقولون: الصلاة خير من النوم في الأذان حين يفرغ المؤذن من حي على الفلاح. أخبرنا إسرائيل بن يونس قال حدثنا حكيم بن جبير عن عمران بن أبي الجعد عن الأسود بن يزيد أنه سمع مؤذناً أذن فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال الصلاة خير من النوم، قال الأسود: ويحك لا تزد في أذان الله، قال سمعت الناس يقولون ذلك، قال لا تفعل. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 84 - 86 وذكر الطحاوي أن "الصلاة خير من النوم" بعد الفلاح في أذان الفجر وأن ذلك هو قول الأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، بعد أن استشهد لذلك بالأحاديث والآثار. انظر: شرح معاني الآثار، 1/ 136 - 137. وقد وردت فيه أحاديث مرفوعة، وفي بعضها=

قلت: أفيَحْدُرُ (¬1) الإقامةَ حَدْراً (¬2) ويترسَّل في (¬3) الأذان؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن حَدَرَهما (¬4) جميعاً أو تَرَسَّلَ (¬5) فيهما جميعاً أو حَدَرَ (¬6) الأذان وتَرَسَّل (¬7) في الإقامة هل يضره ذلك؟ قال: لا، ولكن أفضل ذلك أن يصنع كما وصفت لك. قلت (¬8): أرأيت رجلاً أذن وهو على غير وضوء وأقام كذلك؟ قال: يجزيه (¬9). قلت: أرأيت رجلاً أذن قاعداً؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فهل يجزيه ذلك (¬10)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أذن وأقام رجل آخر غيره؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: أرأيت رجلاً أذن ولم يستقبل القبلة في أذانه؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فهل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أذن قبل وقت الصلاة؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن فعل ذلك؟ قال (¬11): فعليه (¬12) أن يعيد أذانه (¬13) إذا دخل الوقت. قلت: فإن لى يفعل وصلى بهم؟ قال: صلاتهم تامة. وقال أبو يوسف آخِراً: لا بأس بأن يؤذن للفجر خاصة قبل طلوع الفجر (¬14). ¬

_ = أن "الصلاة خير من النوم" بعد: "حي على الفلاح". انظر: نصب الراية للزيلعي، 1/ 259، 265، 279، 290؛ والدراية لابن حجر، 1/ 113 - 114. فظهر أن رواية الأصل هي أن "الصلاة خير من النوم" بعد الأذان، وليس بعد الفلاح في الأذان. ورواية الطحاوي تخالف ذلك. والعمل على ما قاله الطحاوي. وهو المذكور في المتون والراجح في المذهب. انظر: تحفة الفقهاء للسمرقندي، 1/ 110؛ والهداية للمرغيناني، 1/ 41؛ والبحر الرائق لابن نجيم، 1/ 270؛ وحاشية ابن عابدين، 1/ 388. (¬1) م: أفنحذر؛ ح: أفيحذف؛ ي: أفتحذف. (¬2) م: حذرا؛ ح ي: حذفاً. (¬3) ح ي - في. (¬4) م: إن أحذرهما؛ ح ي: إن حذفهما. (¬5) م: أو يرسل. (¬6) م: أو حذر؛ ح ي: أو حذف. (¬7) م: ويرسل. (¬8) ي - قلت. (¬9) ح ي - أرأيت رجلاً أذن وهو على غير وضوء وأقام كذلك قال يجزيه؛ صح ي هـ. (¬10) ح ي - ذلك. (¬11) ك م - قلت فإن فعل ذلك قال. (¬12) ك م: وعليه. (¬13) ح ي: الأذان. (¬14) ح ي - وقال أبو يوسف آخراً لا بأس بأن يؤذن للفجر خاصة قبل طلوع الفجر.

قلت: أرأيت المسافر هل يؤذن وهو راكب؟ قال: نعم إن شاء. قلت: فكيف يصنع إذا أقام؟ قال: أحب ذلك إلي إذا أراد (¬1) أن يقيم أن ينزل فيقيم وهو على الأرض. قلت: فإن لم يفعل وأقام راكباً كما هو؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت النساء هل عليهن أذان وإقامة؟ قال: ليس على النساء أذان ولا إقامة. قلت: أرأيت أهل المصر يصلون الجماعة بغير أذان ولا إقامة؟ قال: قد أساؤوا (¬2)، وصلاتهم تامة. قلت: أرأيت رجلاً (¬3) صلى في المصر وحده هل يجب عليه أذان وإقامة (¬4)؟ قال: إن (¬5) فعل فحسن، وإن اكتفى بأذان الناس وإقامتهم أجزاه ذلك (¬6). قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى المسجد فأراد أن يصلي فيه وقد أُذّن في ذلك (¬7) المسجد وأقيم (¬8) فيه وصلى الناس هل يجب على هذا الرجل أن يؤذن لنفسه ويقيم؟ قال: لا، ولكنه يصلي بأذانهم وإقامتهم. قلت: أرأيت المسافر أيؤذن (¬9) ويقيم في السفر؟ قال: نعم. قلت: فإن أقام ولم يؤذن؟ قال: يجزيه (¬10). قلت: فإن أذن ولم يقم؟ قال: يجزيه، وقد أساء. قلت: فإن لم يؤذن ولم يقم (¬11)؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة. قلت: أرأيت إن كانوا جماعة في سفر؟ قال: الجماعة في هذا (¬12) والواحد سواء، وعليهم أن يؤذنوا ويقيموا، وإن (¬13) لم يفعلوا فقد أساؤوا، وصلاتهم تامة. قلت: فإن أقاموا وتركوا الأذان؟ قال: يجزيهم. قلت: وترخص (¬14) للمسافرين (¬15) في هذا (¬16)، ولا ترخص (¬17) للمقيمين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت (¬18) الأذان والإقامة هل ¬

_ (¬1) ح - أراد. (¬2) ح ي + في ذلك. (¬3) ح ي: الرجل. (¬4) ح ي - وإقامة. (¬5) ح: فإن. (¬6) ح ي - ذلك. (¬7) ح ي - ذلك. (¬8) ح: أقيم. (¬9) ح ي: أن يؤذن. (¬10) ح - قلت فإن أقام ولم يؤذن قال يجزيه؛ صح هـ. (¬11) م: ولم يقيم. (¬12) ح - في هذا. (¬13) ح ي: فإن. (¬14) م: ويرخص. (¬15) ح ي: للمسافر. (¬16) ح ي - في هذا. (¬17) م ي: يرخص. (¬18) ح ي - أرأيت.

يجب (¬1) في شيء من صلاة التطوع؟ قال: لا، إنما الأذان والإقامة في الصلوات (¬2) الخمس المفروضة (¬3). قلت: فهل في الوتر (¬4) أذان وإقامة؟ قال: لا. قلت: فهل (¬5) في العيدين أذان وإقامة (¬6)؟ قال: ليس في العيدين أذان ولا إقامة. قلت: فالجمعة؟ قال: الجمعة فريضة، وفيها أذان وإقامة. قلت: فمتى الأذان والإقامة يوم الجمعة؟ قال: إذا صعد الإمام المنبر أذن المؤذن، وإذا نزل الإمام أقام (¬7) المؤذن. قلت: أرأيت المؤذن إذا أذن وأقام هل يتكلم في شيء من أذانه وإقامته (¬8)؟ قال: لا. قلت: فإن تكلم في أذانه أو في (¬9) إقامته وصلى القوم بذلك؟ قال: صلاتهم تامة، وأَحَبُّ ذلك (¬10) إليَّ أن لا يتكلم في أذانه ولا في إقامته. قلت: أرأيت المؤذن يؤذن للفجر قبل أن يَنْشَقَّ الفجر أتأمره أن يعيد الأذان إذا انْشَقَّ الفجر؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه أذن قبل الوقت. ألا ترى أنه (¬11) لو أذن لها في (¬12) عشاء كان يجب عليه أن يعيد الأذان (¬13). فكذلك (¬14) إذا أذن قبل دخول الوقت. قلت: فإن لم يُعِدِ الأذان فصلى (¬15) بهم في الوقت؟ قال: صلاتهم تامة. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وهو (¬16) ¬

_ (¬1) ح ي: هل تجب. (¬2) م: في الصلوة؛ ح: في صلوة؛ ي: في صلوات. (¬3) ح ي: الفريضة. (¬4) ح ي: للوتر. (¬5) ح ي - فهل. (¬6) م - وإقامة. (¬7) ح: قال. (¬8) م: أو إقامته. (¬9) ح - في. (¬10) ح ي - ذلك. (¬11) م - أنه. (¬12) ح ي - لها في. (¬13) ح + إذا انشق الفجر قال نعم قلت لم قال لأنه أذن؛ ي + إذا انشق الفجر قال نعم قلت لم قال لأنه أذن قبل الوقت ألا ترى أنه لو أذن لها في عشاء كان يجب عليه أن يعيد الأذان. (¬14) م: وكذلك. (¬15) ح ي: وصلى. (¬16) ح ي - وهو.

قول (¬1) أبي يوسف الأول. ثم رجع فقال (¬2): لا (¬3) بأس أن يؤذن في الفجر (¬4) خاصة قبل أن يطلع (¬5) الفجر. قلت: أرأيت قوماً فاتتهم الصلاة في جماعة فدخلوا (¬6) المسجد وقد أُقِيم في (¬7) ذلك المسجد وصُلِّيَ فيه، فأراد القوم أن يصلوا فيه (¬8) جماعة بأذان وإقامة؟ قال: أكره لهم ذلك، ولكن عليهم أن يصلوا وحداناً (¬9) بغير أذان ولا إقامة؛ لأن أذان أهل المسجد وإقامتهمِ تجزيهم. قلت: فإن أذنوا وأقاموا وصلوا جماعة؟ قال: صلاتهم تامة، وأحَبُّ إليَّ أن لا يفعلوا (¬10). قلت: أرأيت إن كان ذلك المسجد في طريق (¬11) من طرق (¬12) المسلمين وصلى (¬13) فيه (¬14) قوم مسافرون بأذان وإقامة، ثم جاء قوم (¬15) مسافرون سوى أولئك فأرادوا أن يؤذنوا فيه ويقيموا ويصلوا جماعة؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: لم؟ قال: لأن هذا المسجد (¬16) لم يصل فيه أهله، إنما صلى فيه أهل الطريق، وإنما أكره ذلك إذا كان أهله قد صلوا فيه. قلت: فإن صلى في هذا المسجد قوم مسافرون ثم جاء أهل المسجد فأذن مؤذنهم وأقام فصَلَّوْا فيه، ثم جاء قوم مسافرون فأرادوا أن يصلوا فيه جماعة بأذان وإقامة؟ قال: أكره لهم ذلك؛ لأن أهل المسجد قد صلوا فيه. ... ¬

_ (¬1) ح ي: وقول. (¬2) ح ي: قال. (¬3) ح ي: فلا. (¬4) ح ي: للفجر. (¬5) م: أن تطلع. (¬6) ح: فدخلها. (¬7) ح ي - في. (¬8) ح ي: في. (¬9) يقال الرجل واحد من القوم، أي: فرد من أفرادهم، والجمع وُحدان بالضم. انظر: المصباح المنير، "وحد". (¬10) ح ي: لا يفعلوه. (¬11) ح + طريق. (¬12) م - من طرق؛ ح: من طريق. (¬13) ح ي: فصلى. (¬14) م + فيه. (¬15) م - قوم. (¬16) ح ي: مسجد.

باب من نسي صلاة [ثم] ذكرها من الغد

باب من نسي صلاة [ثم] ذكرها من الغد (¬1) قلت: أرأيت قوماً فاتتهم صلاة (¬2) الظهر فنَسُوها (¬3) حتى الغد ثم ذَكَرُوها فأرادوا أن يَقْضُوها (¬4) جماعة بأذان وإقامة؟ قال: لا بأس بأن يؤذنوا ويقيموا ويؤمهم (¬5) بعضهم. قلت: فإن كان رجل واحد نسي هذه الصلاة فأراد أن يقضيها من الغد أيؤذن (¬6) لها ويقيم؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يفعل وصلى؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت قوماً نَسُوا صلاتين حتى الغد، بعضُهم نسي (¬7) الظهر، وبعضُهم نسي العصر، فذكروا ذلك من الغد، ألهم أن يصلوا في جماعة (¬8)؟ قال: أمّا من (¬9) نسي الظهر فلا بأس بأن يصلي جماعة، ولا يصلي من نسي العصر معهم (¬10). ويصلي الذين (¬11) نسوا العصر في (¬12) جماعة أيضاً (¬13) إن شاؤوا. قلت: فإن كان القوم نَسُوا جميعاً الصلاتين فذكروا ذلك من الغد، فأذن مؤذنهم وأقام (¬14) فصَلَّوُا (¬15) الظهر في جماعة، ثم إن مؤذنهم أذن أيضاً وأقام (¬16) وصلَّوُا (¬17) العصر في جماعة (¬18)؟ قال: يجزيهم (¬19). قلت: أرأيت رجلين نَسِيَا صلاتين أحدهما نسي الظهر والآخر نسي العصر فذكرا (¬20) ذلك من الغد، فأَمَّ أحدُهما صاحبه والإمام الذي نسي العصر فصلى به؟ قال: أمّا الإمام (¬21) فصلاته تامة، ¬

_ (¬1) ح ي - باب من نسي صلاة ذكرها من الغد. (¬2) ك م ح ي - صلاة. والزيادة من ح. (¬3) ك م: نسوها. (¬4) م: فإن أرادوا يقضوها. (¬5) ح ي: أو يقيموا أو يؤمهم. (¬6) ح ي: أو يؤذن. (¬7) ح: فنسي. (¬8) ح ي: في الجماعة. (¬9) م - من. (¬10) ك م: نسي معهم العصر. (¬11) ح: وصلى الذي. (¬12) ح ي - في. (¬13) ح ي - أيضاً. (¬14) ح ي: فأقام. (¬15) ح: وصلى؛ ي: وصلوا. (¬16) ح: فأقام. (¬17) ي: فصلوا. (¬18) ك + أيجوز ذلك أو نحوه. (¬19) ك م: قال نعم. (¬20) م ح: فذكروا. (¬21) ح ي + الذي نسي العصر.

وأمّا (¬1) الذي نسي الظهر فهو (¬2) إنما (¬3) دخل مع الإمام (¬4) في التطوع، فهو (¬5) يجزيه من التطوع (¬6). قلت: فإن نَسِيَا صلاتين من يومين وهما جميعاً العصر فأَمَّ أحدُهما صاحبَه والإمام الذي نسي أولاً؟ قال: صلاته تامة، وهذا الذي نسي آخِراً (¬7) إنما (¬8) دخل معه في التطوع، فهو يجزيه من التطوع، وعليه أن يعيد العصر (¬9). قلت: وكذلك لو كان الإمام (¬10) الذي نسي آخِراً (¬11)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يؤذن لهم العبد أو الأعرابي أو ولد الزنى أو الأعمى؟ قال: يجزيهم. قلت: أتحب (¬12) أن يكون المؤذن عالماً بالسنة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يؤذن لهم الغلام الذي لم يحتلم بعد (¬13) وقد راهق الحُلُم؟ قال: أَحَبّ إليَّ أن (¬14) يؤذن لهم رجل. قلت: فإن صَلَّوْا بأذانه وإقامته؟ قال: يجزيهم. قلت: أرأيت القوم تؤذن (¬15) لهم المرأة فصلوا بأذانها وإقامتها؟ قال: أكره لهم (¬16) ذلك؟ قلت (¬17): فإن (¬18) فعلوا ذلك؟ قال (¬19): أجزأهم. قلت: فالبصير أَحَبُّ إليك أن يؤذن من الأعمى؟ قال: نعم، هو أحبّ إليّ؛ لأن البصير أعرف بمواقيت الصلاة. قلت: فأيهما أحب إليك أن يؤذن المؤذن، على المنارة (¬20) أو في صحن (¬21) المسجد؟ قال: أَحَبّ ذلك (¬22) إليَّ أن يكون (¬23) أَسْمَعَه للقوم ¬

_ (¬1) ح + الإمام. (¬2) ح: وهو. (¬3) ح: لهما؛ ي: لما. (¬4) ح ي: معه. (¬5) ك م: فهل؛ ح: وهو. (¬6) ك + قال قلت نعم، م + قال نعم. (¬7) ح ي: أخيراً. (¬8) ح: أيهما. (¬9) ح ي - وعليه أن يعيد العصر. (¬10) ك م - الإمام. (¬11) ح ي: أخيراً. (¬12) م ح: أيجب. (¬13) م ح ي - بعد. (¬14) ح ي - أن. (¬15) ي: يؤذن. (¬16) ك م - لهم. (¬17) ك م - قلت. (¬18) ك م: وإن. (¬19) ك م - ذلك قال. (¬20) ح ي + ويقيم على المنارة. (¬21) ح ي - صحن. (¬22) ح ي - ذلك. (¬23) ح - يكون؛ ي - أن يكون.

والجيران، وكل ذلك حسن. قلت: أفتحب للمؤذن (¬1) أن يرفع صوته بالأذان والإقامة؟ قال: نعم (¬2)، يُسْمِعُ ولا يجهد (¬3) نفسه. قلت: أفتَكره (¬4) للمؤذن إذا أذّن أن يتطوع في صَوْمَعَته (¬5)؟ قال: لا أكره له (¬6) ذلك. قلت: أرأيت إذا قال المؤذن (¬7): الله أكبر الله أكبر، أيطوّل ذلك (¬8)؟ قال: لا (¬9)، أَحَبُّ ذلك إليَّ أن يَحْذِفَه حَذْفاً. قلت: فإن فعل ذلك (¬10)؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً أذن فظن أنها الإقامة وأقام (¬11) في آخرها فصلى القوم بذلك؟ قال: يجزيهم. قلت: فإن أقام ثم استيقن (¬12) قبل أن يدخلوا في الصلاة؟ قال: أَحَبُّ ذلك إليَّ أن يُتم (¬13) الأذان ثم يقيم (¬14)، وإن (¬15) لم يفعل أجزأه. قلت: أرأيت مؤذناً أذن ثم مكث بعد أذانه ساعة (¬16) فأخذ في إقامته (¬17) فظن أنها الأذان فصنع فيها ما يصنع في الأذان، فقال (¬18) له بعض القوم: هذه الإقامة، كيف يصنع (¬19)؟ أيبتدئ (¬20) الإقامة من أولها (¬21) أو يقول: قد قامت الصلاة؟ قال: بل يبتدئ الإقامة من أولها (¬22). قلت: فإن لم يفعل وقال: قد قامت الصلاة؟ قال: يجزيهم. قلت: أرأيت لو أنه حين فعل في الإقامة ما فعل ثم ظن أن ذلك لا يجزيه فاستقبل الأذان من ¬

_ (¬1) م: المؤذن. (¬2) ح ي - نعم. (¬3) ي: يجهر. (¬4) م: أفيكره. (¬5) م: في صومعة. (¬6) ح ي - له. (¬7) ح ي - المؤذن. (¬8) ح ي - ذلك. (¬9) ك م ح ي - لا. والزيادة من ج. (¬10) ك ح ي - ذلك. (¬11) ح ي: فأقام. (¬12) أي: استيقن أنه أخطأ في ذلك. (¬13) ح ي: أن يتمم. (¬14) ي - الأذان ثم يقيم؛ صح هـ. (¬15) ح: فإن. (¬16) صح ي: قليلاً. (¬17) ح ي: في الإقامة. (¬18) ي: قال. (¬19) ح: تصنع. (¬20) ح: ابتدئ. (¬21) ي + قال نعم. (¬22) م ح ي - أو يقول قد قامت الصلاة قال بل يبتديء الإقامة من أولها.

أوله ثم أقام فصلى؟ قال: يجزيهم (¬1). قلت: أرأيت مؤذناً يثوّب في الفجر فظن أن (¬2) تثويبه ذلك إقامة فأقام فيها (¬3) الصلاة ثم عَلِمَ بَعْدُ أنه التثويب قبل أن يدخل القوم في الصلاة؟ قال: يَكُفُّ القوم حتى يبتدئ المؤذن الإقامة من أولها ثم يقومون (¬4) إلى الصلاة. قلت: أرأيت مؤذناً أخذ في الإقامة فغُشِيَ عليه قبل أن يَفرُغ من إقامته ثم أفاق، أيبتدئ بالإقامة (¬5) من أولها أو من المكان الذي غُشِيَ عليه فيه؟ قال: أَحَبُّ ذلك (¬6) إليَّ أن يبتدئ بها (¬7) من أولها، وإن (¬8) لم يفعل أجزأه ذلك. قلت: أرأيت مؤذناً أقام ثم رَعَفَ أو أحدث قبل أن يَفرُغ من إقامته فذهب فتوضأ ثم جاء أيبتدئ الإقامة من أولها أو من الموضع الذي انتهى إليه؟ قال: أَحَبُّ إليَّ أن يبتدئها من أولها، وأن لم يفعل فابتدأها من ذلك الموضع أجزأه (¬9). قلت: أرأيت مؤذناً أذن وقدّم (¬10) شيئاً قبل شيء فقال: أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: فإذا (¬11) قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فإن عليه أن يقول: أشهد أن محمداً رسول الله، حتى يكون بعدها. قلت: فإن لم يفعل ومضى على ذلك؟ قال: يجزيهم. قلت: وكذلك كل شئ قدّمه (¬12) من الأذان أو أخّره؟ قال: نعم (¬13). قلت: ¬

_ (¬1) ك م: يجزيه. (¬2) م - أن. (¬3) ح ي: فيه. (¬4) ح ي: ثم يقوم. (¬5) ح ي: الإقامة. (¬6) ح ي - ذلك. (¬7) ك: لها. (¬8) ح ي: فإن. (¬9) ح ي - قلت أرأيت مؤذناً أقام ثم رعف أو أحدث قبل أن يفرغ من إقامته فذهب فتوضأ ثم جاء أيبتدئ الإقامة من أولها أو من الموضع الذي انتهى إليه قال أحب إلي أن يبتدئها من أولها وإن لم يفعل فابتدأها من ذلك الموضع أجزأه. (¬10) ح ي: فقدم. (¬11) ك م: إذا. (¬12) ح: قدمت. (¬13) م - قلت وكذلك كل شيء قدمه من الأذان أو أخره قال نعم.

وكذلك لو فعل (¬1) هذا في الإقامة؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت مؤذناً أخذ في الإقامة فلم يَفرُغ من الإقامة حتى أحدث كيف يصنع، أيُتم الإقامة ثم يذهب فيتوضأ أو يبتدئ (¬3) فيتوضأ (¬4) ثم يُتم الإقامة؟ قال: يُتم الإقامة ثم يذهب فيتوضأ ويصلي، وأي ذلك فعل أجزأه. قلت: أرأيت (¬5) مؤذناً أخذ في الإقامة فوقع فمات، فقام رجل من القوم مكانه (¬6)، أيبتدئ الإقامة من أولها أو يأخذ من المكان الذي انتهى (¬7) إليه الميت؟ قال: أَحَبُّ إليَّ أن يبتدئ بها من أولها، وإن (¬8) أخذ (¬9) من المكان الذي انتهى إليه الميت أجزأه. قلت: وكذلك لو أن الأول أصابه لَمَمٌ أو جُنَّ أو أغْمِيَ عليه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مؤذناً أذن ثم ارتد عن الإسلام وخرج من المسجد، أترى للقوم أن يعتدّوا بأذانه ويأمروا (¬10) بعض القوم فيقيم بهم الصلاة أو يعيدوا الأذان؟ قال: أي ذلك ما (¬11) فعلوا أجزأهم. قلت: أرأيت المؤذن إذا أذن في المغرب وفرغ من أذانه (¬12) أتحب (¬13) له أن يقعد ثم يقوم فيقيم بهم (¬14) الصلاة أو يكون قائماً كما هو حتى يقيم، ¬

_ (¬1) ح ي - لو فعل. (¬2) ح ي + أو يقول قد قامت الصلاة قال بل يبتدئ الإقامة من أولها. (¬3) ح ي: أو يبدأ. (¬4) ح - أو يبدأ فيتوضأ؛ صح هـ. (¬5) ح ي + رجلاً. (¬6) ح ي - مكانه. (¬7) ح - انتهى؛ صح هـ. (¬8) ح: فإن. (¬9) ح ي: أخذها. (¬10) ك م ج ر ط: أو يأمروا؛ ح: أو تأمر؛ ي: أو يأمر. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 7 ظ؛ والمبسوط، 1/ 139. (¬11) ح ي - ما. (¬12) ح: من أدائه. (¬13) ح: أيجب. (¬14) ح - بهم.

أيّ ذلك أحب إليك؟ قال: أَحَبُّ إليَّ أن يقوم قائماً كما هو حتى يقيم (¬1) بهم الصلاة. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أَحَبّ إليَّ أن يجلس جلسة خفيفة ثم يقوم فيقيم بهم الصلاة. وهو قول محمد. قلت: فإن كان (¬2) ذلك في الفجر والظهر والعصر والعشاء؟ قال: أَحَبُّ ذلك إليَّ أن يقعد فيها فيما بين الأذان والإقامة. قلت: فإن لم يفعل ولم يقعد في شيء من ذلك غير أنه أقام الصلاة؟ قال: يجزيهم (¬3). قلت: أرأيت إن وَصَلَ الأذانَ والإقامةَ ولم يجعل بينهما (¬4) شيئاً أو لم (¬5) يمكث (¬6) بينهما؟ قال: أكره له (¬7) ذلك، ويجزيهم. قلت: أرأيت مؤذناً (¬8) أذن وهو في إزار واحد وأقام كذلك؟ قال: يجزيهم (¬9). قلت: أرأيت المؤذن (¬10) هل تكره له أن يؤذن للقوم ويقيم (¬11) ويصلي معهم ثم يأتي قوماً آخرين (¬12) فيؤذن لهم ويقيم ولا يصلي معهم؟ قال: نعم (¬13)، أكره له ذلك. قلت: فإن فعل؟ قال: يجِزيهم. قلت: أرأيت المؤذن إذا لم يكن له منارة والمسجد (¬14) صغير أين أحَبُّ إليك أن يؤذن، أيخرج من المسجد فيؤذن حتى يسمع الناس أو يؤذن في المسجد؟ قال: أَحَبُّ (¬15) اليَّ أن يؤذن خارجاً من المسجد، وإذا (¬16) أذن في المسجد أجزأه. ¬

_ (¬1) ي - أي ذلك أحب إليك قال أحب إلي أن يقوم قائماً كما هو حتى يقيم؛ صح هـ. (¬2) ي: فعل. (¬3) ح ي: يجزيه. (¬4) ي: بينها. (¬5) ح ي: ولم. (¬6) م: لم يمكن. (¬7) ح ي - له. (¬8) ح ي: المؤذن. (¬9) ح: يجزيه. (¬10) ي - أذن وهو في إزار واحد وأقام كذلك قال يجزيهم قلت أرأيت المؤذن؛ صح هـ. (¬11) ك م: ولا يقيم. (¬12) ح ي. قوم آخرون. (¬13) ح ي - نعم. (¬14) ح ي: ومسجد. (¬15) ح ي + ذلك. (¬16) م ح ي: وإن.

قلت: أرأيت المؤذن والإمام هل تَكره (¬1) لهما أن يؤذنا ويؤما بأجر (¬2) معلوم؟ قال: نعم، أكره لهما ذلك (¬3)، ولا ينبغي للقوم أن يعطوهما على ذلك أجراً (¬4). قلت: فإن أخذ على ذلك أجراً (¬5) معلوماً فأذن لهم وأمّ (¬6)؟ قال: يجزيهم. قلت: أرأيت إن لم يُشَارِطْهم على شيء معلوم ولكنهم عرفوا حاجته، فكانوا (¬7) يجمعون له (¬8) في السنة شيئاً فيعطونه ذلك (¬9)؟ قال: هذا حسن. قلت: أرأيت المؤذن (¬10) إذا كان رجلَ (¬11) سُوءٍ (¬12) والقوم (¬13) يجدون خيراً منه من يؤذن لهم؟ قال: ليؤذنْ (¬14) لهم من (¬15) هو خير من هذا. قلت: فإن لم يفعلوا وأذن (¬16) لهم هذا؟ قال: يجزيهم. قلت: أرأيت الرجل السُّوقِيّ يؤذن للقوم الفجر والمغرب والعشاء ويكون الظهر والعصر في سوقه ويؤذن لهم الظهر والعصر غيره أتَكره (¬17) لهم ذلك (¬18)؟ قال: لا. قلت: فإن (¬19) كان رجل يواظب عليها كلها؟ قال: هو أَحَبّ إلي. قلت: أرأيت رجلاً أذن وأقام وهو سكران لا يعقل (¬20) أو مجنون (¬21) مغلوب لا يعقل، فصلى (¬22) القوم بذلك الأذان؟ قال: يجزيهم. قلت: أفتَكره (¬23) للسكران والمجنون الذي لا يعقل أن يؤذن للقوم ويقيم؟ قال: نعم، أكره لهم (¬24) ذلك. قلت: وكذلك المعتوه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أذن ¬

_ (¬1) ك م: هل يكره. (¬2) م: بأخر. (¬3) ح ي - ذلك. (¬4): أجره. (¬5) ح: أجره. (¬6) ح ي: وأقام. (¬7) م ح: وكانوا. (¬8) م: لهم. (¬9) ح ي - ذلك. (¬10) ح: مؤذناً. (¬11) ح: رجلاً. (¬12) ي: سوقى. (¬13) ح: وفي القوم. (¬14) م ح ي: يؤذن. (¬15) ح ي: الذي. (¬16) ح ي: لم يفعلوه فأذن. (¬17) م: أيكره. (¬18) ح ي - ذلك. (¬19) ح ي: وإن. (¬20) ح ي - لا يعقل. (¬21) ي + أو. (¬22) ح: وصلى. (¬23) م: أفيكره. (¬24) ح ي: له.

باب مواقيت الصلاة

وِأقام (¬1) للقوم (¬2) أترى للقوم أن يعيدوا الأذان والإقامة؟ قال: نعم، هو أحَبّ إليّ أن يفعلوا. قلت: أرأيت القوم يكون بينهم المسجد ومؤذنهم واحد فاقتسموا المسجد بينهم فضربوا حائطاً وسطه (¬3) ولكل طائفة (¬4) إمام على حدة هل يجزيهم (¬5) أن يكون مؤذنهم واحداً (¬6)؟ قال: نعم، ولكن لا ينبغي لهم أن يقتسموا (¬7) المسجد، ولا تجوز القسمة فيه. قلت (¬8): فإن اقتسموا ذلك؟ قال (¬9): القسمة (¬10) مردودة. قلت (¬11): فإن (¬12) لم يردّوا القسمة ورَضُوا به جميعاً؟ قال: أَحْسَنُ ذلك أن يكون لكل طائفة (¬13) مؤذن، لأنهما مسجدان (¬14). ... باب مواقيت الصلاة قلت: أرأيت وقت الفجر متى هو؟ قال: من حين يطلع (¬15) الفجر إلى طلوع الشمس. قلت: أرأيت الفجر الذي يطلع فلا (¬16) يعترض في الأفق أتَعُدُّه (¬17) من الوقت؟ قال: لا (¬18)، ليس ذلك (¬19) بوقت (¬20). قلت: فهل ¬

_ (¬1) م: فأقام. (¬2) ح ي - للقوم. (¬3) ح ي: وخطة. (¬4) م: طابقه. (¬5) ح ي: هل يجزيه. (¬6) ي: واحد. (¬7) ح: أن يقسم؛ ي: أن يقتسم. (¬8) م ح ي - قلت. (¬9) م: فإن؛ ح ي - قال. (¬10) ح ي: فالقسمة. (¬11) ك م - قلت. (¬12) ك م: وإن. (¬13) م: طابقه. (¬14) ي: مسجد. (¬15) م: تطلع. (¬16) ح ي: ولا. (¬17) ك: أتعتده، م: أتعيده. "أتَعْتَدّه" أيضاً صحيحة، من باب قوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [سورة الأحزاب، 33/ 49]. وانظر: لسان العرب، "عدد". (¬18) ح ي - لا. (¬19) ح: بذلك. (¬20) م: توقت.

يحرم الطعام على الصائم إذا طلع ذلك الفجر الذي يستطيل (¬1) في السماء؟ قال: لا، ولكن الفجر الذي يحرم به الطعام على الصائم وتحل (¬2) به (¬3) الصلاة هو الفجر الذي يعترض في الأفق. قلت: أرأيت وقت الظهر متى هو؟ قال: من (¬4) حين تزول الشمس إلى أن يكون الظل قامة في قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة (¬5): لا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل قامتين، فإذا صار الظل قامتين (¬6) دخل وقت العصر. قلت: أرأيت وقت العصر متى هو؟ قال: من حين يكون (¬7) الظل قامة (¬8) فيزيد (¬9) على القامة (¬10) إلى أن تتغير (¬11) الشمس في قول أبي يوسف ومحمد (¬12). وقال أبو حنيفة: لا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل قامتين. وآخِرُ وقتِها غروب الشمس (¬13). قلت: فمن صلى العصر حين (¬14) تغيرت (¬15) الشمس قبل أن تغيب (¬16) أترى ذلك يجزيه؟ قال: نعم، يجزيه، ولكن أكره له (¬17) أن يؤخرها إلى أن تتغير (¬18) الشمس. ¬

_ (¬1) ك م: يسطع. (¬2) ح: ويحل. (¬3) ح ي: له. (¬4) ح ي - من. (¬5) ح ي + وقت الظهر حين تزول الشمس إلى أن يصير الظل قامتين فإذا كان الظل قامتين دخل وقت العصر وقال أبو حنيفة. (¬6) ح ي - فإذا صار الظل قامتين. (¬7) ح ي: يزيد. (¬8) م: قامتين. (¬9) ح ي - قامة فيزيد. (¬10) م: على القامتين. (¬11) ح ي: أن تغير. (¬12) لا يخرج وقت العصر حين تتغير الشمس عند الإمامين أبي يوسف ومحمد، وإنما يكره تأخير الصلاة إلى ذلك الوقت كما يأتي في السؤال التالي. لكن ذكر عن الحسن بن زياد أن آخر وقت العصر هو تغير الشمس. انظر: المبسوط، 1/ 144. (¬13) ح ي - ومحمد وقال أبو حنيفة لا يدخل وقت العصر حتى يصير الظل قامتين وآخر وقتها غروب الشمس. (¬14) ح: حتى. (¬15) م: تغرب؛ ح ي: تغير. (¬16) ح: أن يغيب. (¬17) ح ي - له. (¬18) ح: أن تغير.

قلت: أرأيت (¬1) المغرب متى هو؟ قال: من حين تغرب (¬2) الشمس (¬3) إلى أن يغيب (¬4) الشفق. قلت: وتَكره (¬5) أن يؤخرها إذا غابت الشمس (¬6)؟ قال: نعم. والشفق (¬7) البياض المعترض في الأفق في قول أبي حنيفة (¬8). وفي قول أبي يوسف ومحمد: الحمرة (¬9). قلت: أرأيت وقت العشاء متى هو؟ قال: من حين يغيب (¬10) الشفق إلى نصف الليل. قلت: أرأيت من صلاها قبل أن يطلع الفجر بعدما مضى (¬11) نصف الليل؟ قال: يجزيه، ولكن أكره (¬12) له (¬13) أن يؤخّرها إلى تلك الساعة. قلت: أرأيت الفجر أيُنَوِّرُ (¬14) بها في الشتاء والصيف أم يُغَلِّسُ (¬15) بها؟ قال: أَحَبُّ إليَّ أن يُنَوِّرَ بها. قلت: أرأيت الظهر أيصليها حين تزول الشمس أو يؤخرها؟ قال: أمّا في الصيف فأَحبّ إلي أن يؤخرها ويُبْرِدَ بها، وأمّا في الشتاء فأَحبّ ذلك إلي (¬16) أن يصليها حين تزول الشمس. قلت: أرأيت العصر أيصليها (¬17) في أول وقتها أو يصليها (¬18) في آخر وقتها؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي + وقت. (¬2) ح + تغرب. (¬3) ك - الشمس. (¬4) ح: أن تغيب. (¬5) م: ويكره؛ ح ي: أفتكره؛ ح ي + له. (¬6) ك م ح ي: إذا غاب الشفق. وقد قال الحاكم في هذا الموضع: ويكره له تأخيرها إذا غابت الشمس. انظر: الكافي، 1/ 7 ظ؛ والمبسوط، 1/ 144. وما في النسخ فيه ركاكة كما أنه لا يظهر معنى للسؤال عن تأخير المغرب إذا غاب الشفق. (¬7) صح ي + في قول أبي حنيفة. (¬8) صح ي - في قول أبي حنيفة. (¬9) ك م + وروي أيضاً عن أبي حنيفة أنه قال الشفق هو الحمرة. وهذا من زيادة بعض الرواة. قال الحاكم: وروى أسد بن عمرو عن أبي حنيفة قال الشفق الحمرة. انظر: الكافي، 1/ 7 ظ؛ والمبسوط، 1/ 145. (¬10) م - يغيب؛ ح: تغيب. (¬11) ح - مضى. (¬12) م: اجره. (¬13) ح ي - له. (¬14) ح ي: أتنور. (¬15) ح ي - أو تغلس. (¬16) ك م - إلي. (¬17) ح: يصليها. (¬18) ح ي: أم يصليها.

أَحَبُّ ذلك إليّ أن يصليها في آخر وقتها والشمس بيضاء لم تتغير. قلت: والشتاء والصيف عندك سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المغرب أيؤخرها (¬1) بعد غروب الشمس شيئاً (¬2)؟ قال: أكره له (¬3) أن يؤخرها إذا غربت الشمس، والشتاء والصيف سواء. قلت: أرأيت وقت العشاء أيصليها حين يغيب الشفق أو يؤخرها (¬4)؟ قال: أَحَبُّ (¬5) إليّ (¬6) أن يؤخرها إلى ما بينه وبين ثلث (¬7) الليل (¬8). قلت: أرأيت إذا كان يومٌ فيه غَيْمٌ كيف يصنع (¬9) في مواقيت الصلوات (¬10) كلها؟ قال: أما الفجر فيُنَوِّرُ (¬11) بها، وأما الظهر فيؤخرها، وأما العصر فيعجّلها (¬12)، وأما المغرب فيؤخّرها، وأما العشاء فيعجّلها. قلت: أرأيت هل يجمع بين الصلاتين إلا في عرفة وجَمْع (¬13)؟ قال: لا يجمع بين صلاتين (¬14) في وقت واحد (¬15) في حضر ولا سفر (¬16) ما خلا عرفة والمزدلفة. قلت: أرأيت المسافر إذا صلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المغرب والعشاء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الوتر متى وقته؟ قال: من حين يصلي العشاء إلى طلوع الفجر. قلت: فأي ذلك أفضل عندك؟ قال: أفضل ذلك عندي أن يوتر في (¬17) آخر الليل قبل طلوع الفجر. قلت: أرأيت رجلاً أوتر قبل العشاء ¬

_ (¬1) ي: أو يؤخرها. (¬2) ح - شيئاً. (¬3) ح: لك؛ ح ي + ذلك. (¬4) ح ي: أم يؤخرها. (¬5) ح ي + ذلك. (¬6) ح - إلي. (¬7) ح ي: الثلث. (¬8) ح ي - الليل. (¬9) ح: تصنع. (¬10) م ح ي: الصلاة. (¬11) ك م: فيتنور. وقد تقدم استعمال المؤلف "دينور" آنفاً. (¬12) ح + قلت. (¬13) جَمْع، أي: مزدلفة. انظر: المغرب، "جمع". (¬14) ح ي: الصلاتين. (¬15) ح ي: إحداهما. (¬16) ح ي: في سفر ولا حضر. (¬17) ح - في.

متعمداً لذلك؟ قال: لا يجزيه. قلت: وكذلك لو أوتر بعدما غاب الشفق؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه لا ينبغي له أن يوتر إلا من (¬1) بعدما يصلي (¬2) العشاء. قلت: أرأيت رجلاً صلى العشاء وهو على غير وضوء فنام (¬3)، ثم استيقظ سَحَراً (¬4) فأوتر وهو لا يعلم أنه حيث (¬5) صلى العشاء كان على غير وضوء، فقام (¬6) وأوتر (¬7)، فلما فرغ من الوتر وسلم ذكر أنه (¬8) صلى العشاء وهو على غير وضوء، فقام وصلى العشاء، أيجزيه وتره ذلك أم يعيد؟ قال: يجزيه، ولا يعيد في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يعيد الوتر وإن كان بعد أيام. قلت: أرأيت إن (¬9) لم يعلم أنه صلى العشاء وهو على غير وضوء (¬10) أياماً وليالي (¬11) ثم ذكر بعد ذلك، أيقضي (¬12) الوتر في كل ليلة وقد صلى هكذا (¬13)؟ قال: لا، لو أوجبت (¬14) عليه أن يقضي الوتر فى كل ليلة لأوجبتُ (¬15) عليه أن يقضيها في (¬16) أكثر من ذلك. وهذا قول أبي حنيفة (¬17). وقال أبو يوسف ومحمد: يقضي (¬18) الوتر الأول. قلت: أرأيت الرجل إذا أراد أن يصلي تطوعاً أيصلي في أي ساعة شاء من الليل والنهار؟ قال: نعم، ما خلا ثلاث (¬19) ساعات: إذا طلعت ¬

_ (¬1) ح ي - من. (¬2) ح: صلى. (¬3) ح ي - فنام. (¬4) ح ي: بسحر. (¬5) ح م؛ جنب. (¬6) ح ي - فقام. (¬7) ح ي: فأوتر. (¬8) ح ي + كان. (¬9) م - إن. (¬10) ح ي - فقام وصلى العشاء أيجزيه وتره ذلك أم يعيد قال يجزيه ولا يعيد في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يعيد الوتر وإن كان بعد أيام قلت أرأيت إن لم يعلم أنه صلى العشاء وهو على غير وضوء. (¬11) ي: ولياليا. (¬12) ح: يقض. (¬13) ح ي: وقد صلاها. (¬14) ح ي: لو وجب. (¬15) ح ي: لوجب. (¬16) ح ي - أن يقضيها في. (¬17) ح ي - وهذا قول أبي حنيفة. (¬18) ح ي: يعيد. (¬19) ح: ثلثة.

الشمس إلى أن ترتفع (¬1)، وإذا انتصف النهار إلى أن تزول الشمس، وإذا احمرّت (¬2) الشمس (¬3) إلى أن تغيب. ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغرب (¬4) الشمس (¬5). قلت: أرأيت رجلاً نسي صلاة مكتوبة فذكرها بعدما صلى الفجر قبل أن تطلع الشمس أو ذكرها بعدما صلى العصر قبل أن تتغير (¬6) الشمس؟ قال: عليه أن يقضيها ساعة ذكرها. قلت: لم وقد زعمتَ أنك تكره الصلاة في (¬7) هذين الوقتين (¬8)؟ قال: إنما أكره النافلة (¬9)، فأما الصلاة المكتوبة (¬10) عليه فإنه (¬11) يقضيها (¬12) في هاتين الساعتين. قلت: وكذلك لو ذكر الوتر في هاتين الساعتين؟ قال: نعم (¬13). قلت: وكذلك (¬14) لو سمع (¬15) في هاتين الساعتين (¬16) سجدة (¬17) أو قرأها هو أيسجدها (¬18)؟ قال: نعم. قلت: وكذلك يصلي فيهما على الجنازة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ أليس السجدة والصلاة على الجنازة (¬19) بمنزلة التطوع (¬20)؟ قال: لا. ألا ترى أن السجدة قد وجبت عليه حين يسمعها (¬21) وهو في وقت الصلاة (¬22). أولا ترى أنه (¬23) لو نسي الصلاة (¬24) ¬

_ (¬1) ي: أن ترفع. (¬2) ي: احمر. (¬3) ح ي - الشمس. (¬4) ح ي: حتى تغيب. (¬5) ك م - الشمس. (¬6) ح: أن تغيب؛ ي: أن تغير. (¬7) م - في. (¬8) ح ي: في هاتين الساعتين. (¬9) ح ي: نافلة. (¬10) ح ي: صلاة مكتوبة. (¬11) ح ي + أن. (¬12) ح: تقضيها. (¬13) ك م - قلت وكذلك لو ذكر الوتر في هاتين الساعتين قال نعم. وسيأتي في آخر الباب في المتن قوله: وقال أبو حنيفة: إذا صلى الرجل الفجر ولم يوتر ثم ذكر الوتر فعليه قضد الوتر. انظر: 1/ 29 و. وانظر: المبسوط، 1/ 155. (¬14) ي + السجدة. (¬15) ح ي - لو سمع. (¬16) م - قلت وكذلك لو سمع في هاتين الساعتين؛ ح هـ + إذا سمع سجدة. (¬17) ح ي: سجدها. (¬18) ح ي: سجدها. (¬19) م: على الجنائز. (¬20) م: المتطوع. (¬21) ح ي: سمعها. (¬22) ي: صلاة. (¬23) ك م - أنه. (¬24) ح ي: صلاة.

فذكرها (¬1) في هاتين الساعتين صلاها وكان قد (¬2) صلى في وقت (¬3). وإنما أكره الصلاة في هاتين الساعتين إذا كان قد صلى الفجر والعصر (¬4) وهو يريد أن يتطوع به (¬5) بعد ذلك. فأما (¬6) صلاةً ذَكَرَها تلك الساعة فلست أكره أن يصليها. قلت: أرأيت رجلاً نسي صلاة مكتوبة فذكرها (¬7) حين طلعت الشمس أو حين انتصف النهار أو ذكرها حين تغيب (¬8) الشمس؟ قال: لا يصليها في هذه الساعات الثلاث (¬9). قلت: وكذلك لو كانت الصلاة هي (¬10) الوتر (¬11) أو المكتوبة (¬12) أو غيرها؟ قال: نعم، لا يصلي في هذه الثلاث ساعات (¬13) ما خلا العصر، فإنه إذا ذكر العصر من يومه ذلك قبل غروب الشمس (¬14) صلاها؛ (¬15) لأنه بلغنا في ذلك أثر (¬16). وإن كانت (¬17) العصر قد نسيها قبل ذلك بيوم أو بأيام لم يصلها (¬18) في تلك الساعة. قلت: فإن ذكر العصر عند طلوع الشمس أو نصف النهار؟ قال: لا يصليها، ¬

_ (¬1) ح: قد ذكرها. (¬2) ك م: وقد كان؛ ك م + يكون قد. (¬3) ح ي: في وقته. أي: لو أخر فرض وقته إلى هذين الوقتين جاز، ويكون مصلياً في الوقت. انظر: المبسوط، 1/ 153. (¬4) ح ي: صلى العصر أو الفجر. (¬5) ح ي - به. (¬6) ح: وأما. (¬7) ح: فذكر. (¬8) ح ي: تغرب. (¬9) ح ي: هذه الثلاث الساعات. (¬10) ح ي - الصلاة هي. (¬11) ح ي + أو غيرها. (¬12) م: والمكتوبة. (¬13) ح: الساعات. (¬14) ح - الشمس. (¬15) ح: صلى بها. (¬16) عن عقبة بن عامر الجهني قال ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تَضَيَّفُ الشمس للغروب حتى تغرب. انظر: صحيح مسلم، صلاة المسافرين، 293؛ وسنن أبي داود، الجنائز، 50. 51؛ وسنن الترمذي، الجنائز، 41. أما عصر يومه فقد روي عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "مَن أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر". انظر: صحيح البخاري، مواقيت الصلاة، 28؛ وصحيح مسلم، المساجد، 163. (¬17) ح: كان. (¬18) ح ي: لم يصليها.

والعصر وغيرها في هذا سواء. قلت: أرأيت رجلاً سمع السجدة حين طلعت الشمس أو حين انتصف النهار أو حين تغيب (¬1) الشمس؟ قال: لا يسجدها (¬2) في هذه الساعات الثلاث (¬3)، ولكن يسجدها (¬4) بعد ذلك. قلت: وكذلك لو قرأها هو؟ قال: نعم. قلت (¬5): فإن (¬6) أراد أن يصلي على جنازة في هذه الثلاث ساعات (¬7)؟ قال: لا يصلي على جنازة (¬8) في هذه الثلاث ساعات (¬9). قلت: فإذا ارتفعت الشمس وابيضت (¬10) وإذا زالت الشمس وإذا غربت الشمس (¬11) صلى على (¬12) الجنازة إن شاء أو صلى صلاةً (¬13) ذَكَرَها أو سجدةً كانت عليه أو وتراً (¬14) قد نسيه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً نسي صلاة الفجر فذكرها حين زالت الشمس أيبدأ (¬15) بها أو بالظهر؟ قال: بل (¬16) يبدأ بها (¬17)، فيصلي الفجر ثم يصلي الظهر. قلت: فإن بدأ فصلى الظهر متعمداً (¬18) لذلك (¬19)؟ قال: لا يجزي (¬20)، وعليه أن يصلي الفجر ثم يصلي الظهر. قلت: أرأيت إن نسي الفجر والظهر (¬21) جميعاً ثم ذكر ذلك في آخر وقت الظهر؟ قال: يبدأ فيصلي الظهر ثم يصلي الفجر (¬22). قلت: لم؟ قال: لأن الفجر قد فاتته (¬23) وهو في آخر (¬24) وقتٍ من الظهر، فعليه أن يصلي الظهر ولا ¬

_ (¬1) ح: تغرب؛ ي: تغيرت. (¬2) ح: لا تسجدها. (¬3) م - الثلاث؛ ح ي: هذه الثلاث الساعات. (¬4) ح ي: يقضيها. (¬5) ح ي + أرأيت. (¬6) ح ي: إذا. (¬7) ح ي: الساعات. (¬8) ح ي: على الجنازة. (¬9) ح ي: الساعات. (¬10) م: وانتصبت؛ ح: وانتصب؛ ح + وانتصب النهار. (¬11) ح ي - وإذا غربت الشمس. (¬12) ح - على. (¬13) ح ي: فائتة. (¬14) ح: أو تر. (¬15) م ح ي: ابتدأ. (¬16) ح ي - بل. (¬17) ح ي - بها. (¬18) ح: معتمداً. (¬19) ك م. كذلك. (¬20) ح ي: لا يجزيه. (¬21) ح ي: نسي الظهر والفجر. (¬22) ح ي - ثم يصلي الفجر. (¬23) ح: قد فايته. (¬24) ي - آخر.

يدع (¬1) أن تفوته (¬2) فيكون (¬3) قد فاتته صلاتان. قلت: أرأيت إن كان في أول وقت الظهر وقد نسي الفجر (¬4) فلم يذكرها حتى صلى الظهر، فلما فرغ من الظهر ذكر الفجر؟ قال: يصلي الفجر، وقد تمت الظهر (¬5). قلت: فإن ذكر ذلك (¬6) وقد بقيت (¬7) عليه ركعة من الظهر؟ قال: الظهر فاسدة، وعليه أن يصلي الفجر، ثم يعيد الظهر. قلت: فإن ذكر (¬8) بعدما قعد في الرابعة وتشهد (¬9) إلا أنه لم يسلم؟ قال: هذا والأول سواء. والظهر فاسدة، وعليه أن يصلي الفجر ثم يعيد الظهر في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه إذا ذكرها بعدما تشهد إن (¬10) صلاته تامة. قلت: أرأيت إن كان سلم (¬11) وعليه (¬12) سجدتا السهو فسجدهما (¬13) ثم ذكر الفجر وهو في سجوده؟ قال: الظهر فاسدة، وعليه أن يصلي الفجر ثم يعيد (¬14) الظهر في قول أبي حنيفة. قلت: لم؟ قال: لأنه بَعْدُ في صلاة (¬15) لم يفرغ منها. ألا ترى لو أن رجلاً دخل معه في الصلاة على تلك الحال كان قد أدرك الصلاة معه. ألا (¬16) ترى لو كان الذي دخل معه مسافراً والأول مقيماً كان على المسافر أن يصلي أربعاً لأنه قد أدرك الصلاة معه (¬17). قلت: أرأيت رجلاً نام عن صلاة الفجر فاستيقظ وقد كادت الشمس أن تطلع ولم يوتر (¬18) أيبدأ (¬19) بالوتر أو بالفجر (¬20)؟ قال: إن كان لا يخاف ¬

_ (¬1) خ: يدعه. (¬2) ح ي: أن يفوته. (¬3) ك م: فتكون. (¬4) م - الفجر. (¬5) م - وقد تمت الظهر. (¬6) م - ذلك. (¬7) م: تقضت، ح ي: بقي. (¬8) ح ي + ذلك. (¬9) ح ي: فتشهد. (¬10) ح ي: إذا ذكر بعد التشهد فإن. (¬11) ي + وكان. (¬12) ي: عليه. (¬13) ك م: فسجدها. (¬14) ح ي: ثم يصلي. (¬15) ح ي: في صلاته. (¬16) ح ي: أولاً. (¬17) ح ي: أدرك معه الصلاة. (¬18) ح: توتر. (¬19) م ح ي: ابتدأ. (¬20) ح ي: أم بالفجر.

أن يفوته (¬1) الفجر وأن تطلع الشمس بدأ فأوتر، ثم صلى ركعتين قبل الفجر، ثم (¬2) صلى (¬3) الفجر. وأن كان يخاف أن يفوته (¬4) الفجر ترك الوتر وصلى الفجر. قلت: فإن فرغ من الفجر وسلم ثم طلعت الشمس متى يوتر؟ قال: إذا ابيضّت (¬5) الشمس أوتر. قلت: فإن طلعت الشمس وقد بقي عليه من الفجر ركعة؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الفجر إذا ارتفعت الشمس وابيضّت (¬6). قلت: أرأيت إن فرغ من الصلاة وقد قعد قدر التشهد ثم طلعت الشمس قبل أن يسلم؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يعيد (¬7) إذا ارتفعت الشمس في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قعد قدر التشهد ثم طلعت الشمس فإن صلاته تامة. قلت: فإن كان سها (¬8) في صلاته وفرغ وسلم ثم سجد للسهو سجدة واحدة ثم طلعت الشمس؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يعيد إذا ارتفعت الشمس في قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت رجلاً نسي العصر فذكرها حين احمرّت الشمس فصلى ركعة أو ركعتين ثم غربت الشمس؟ قال: يبني على صلاته فيصلي ما بقي. قلت: من أين اختلف (¬9) هذا والأول؟ قال: لأن الذي صلى الفجر فطلعت (¬10) الشمس وهو في الصلاة فقد فسدت عليه صلاته لأنها ليست بساعةٍ يُصَلَّى (¬11) فيها، والذي غربت (¬12) الشمس وقد صلى ركعة أو ركعتين فقد دخل في وقت صلاة (¬13)، والصلاة لا تكره في (¬14) تلك الساعة، فعليه أن يُتم ما بقي منها. قلت: أرأيت رجلاً صلى تطوعاً ركعة ثم ذكر أن عليه صلاة مكتوبة هل يفسد التطوع وينصرف؟ قال: لا، ولكنه يمضي على صلاته، فإذا فرغ ¬

_ (¬1) ك م: أن تفوته. (¬2) م - ثم. (¬3) ح ي: وصلى. (¬4) ك خ م: أن تفوته. (¬5) م: إذا انتصب. (¬6) م: وانتصب؛ ح ي - وابيضت. (¬7) ح ي: أن يستقبل؛ ح ي + الفجر. (¬8) م: نسي. (¬9) ح ي: اختلفا. (¬10) ك م + له؛ ح ي: وطلعت. (¬11) ح: ساعة تصلي. (¬12) ح ي + له. (¬13) ح ي: الصلاة. (¬14) ح ي - في.

منها صلى المكتوبة. قلت: فما له (¬1) إن ذكرها في المكتوبة (¬2) فسدت عليه؟ قال: لأنه لا ينبغي له أن يصلي المكتوبة إلا كما فرضت عليه الأُولى فالأُولى (¬3)، فإن بدأ بالأخرى قبل الأولى فسدت عليه صلاته (¬4)، وقد (¬5) خالف حين صلى العصر قبل الظهر. والتطوع ليس مثل المكتوبة؛ لأنه لو ذكر مكتوبة عليه ثم قام فصلى قبلها تطوعاً لم يضره ذلك شيئاً (¬6). بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نام هو وأصحابه عن الفجر فاستيقظوا (¬7) بعدما طلعت الشمس. فلمّا ارتفعت الشمس تحوّل (¬8) عن ذلك الوادي، ثم أوتر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأوتر الناس. ثم أمر بلالاً فأذن فصلى ركعتي (¬9) الفجر قبل الفجر. ثم أمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الفجر (¬10). فمن ذكر صلاة مكتوبة عليه فاتته (¬11) فبدأ قبلها بالتطوع لم يضره ذلك شيئاً؛ لأن هذا أثر (¬12) قد جاء؛ ولأنه (¬13) لم يقدم مؤخراً ولم يؤخر (¬14) مقدماً. قلت: أرأيت التطوع قبل الظهر كم هو؟ قال (¬15): أربع ركعات لا ¬

_ (¬1) ح ي: فما الذي. (¬2) ح ي: في مكتوبة. (¬3) ي - فالأولى؛ صح هـ. (¬4) ح ي + وكان. (¬5) ح ي: قد. (¬6) ح ي + قال. (¬7) ح ي: فاستيقظ. (¬8) ح ي: ارتفع النهار تنحوا. (¬9) ح ي: ركعتين. (¬10) وصل هذا البلاغ الإمام محمد في الآثار عن الإمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم مرسلاً بدون قضاء الوتر. انظر: الآثار لمحمد، 36. ورواه الإمام أبو يوسف مع قضاء الوتر. انظر: الآثار لأبي يوسف، 25. وورد الحديث بدون ذكر الوتر في صحيح مسلم، المساجد، 309 - 312؛ وسنن أبي داود، الصلاة، 11. وروي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه سئل: هل بعد الأذان وتر؟ قال نعم، وبعد الإقامة. وحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم صلى. انظر: سنن النسائي، المواقيت، 51. وروي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا ذكر وإذا استيقظ". انظر: سنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، 122؛ وسنن أبي داود، الصلاة، 341؛ وسنن الترمذي، الوتر، 11. (¬11) ح: فايته. (¬12) ح ي: الأثر. (¬13) ك م: لأنه. (¬14) م: أو لم يؤخر. (¬15) ح ي + هو.

يفصل بينهن إلا بالتشهد. قلت: فكم التطوع بعدها؟ قال: ركعتان (¬1). قلت: فهل قبل (¬2) العصر (¬3) تطوع؟ قال: إن فعلت فحسن. قلت: فكم التطوع قبلها؟ قال: أربع ركعات (¬4). قلت: فكم التطوع بعد المغرب؟ قال: ركعتان (¬5). قلت: فهل بعد العشاء تطوع؟ قال: إن تطوعت (¬6) فحسن (¬7). بلغنا عن عبد الله بن عمر أنه قال: من صلى أربع ركعات بعد العشاء قبل أن يخرج من المسجد كُنَّ مِثلهن من ليلة القدر (¬8). قلت: فهل بعد طلوع (¬9) الفجر تطوع؟ قال: نعم، ركعتان (¬10) قبل صلاة الفجر. قلمت: ويكره الصلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر؟ قال: نعم (¬11). قلت: وتَكْرَه (¬12) الكلام ¬

_ (¬1) ح ي: ركعتين. (¬2) ح ي - قبل. (¬3) ح ي: للعصر. (¬4) ح - قلت فكم التطوع قبلها قال أربع ركعات. (¬5) ح ي: ركعتين. (¬6) ك م ح: إن تطوع. (¬7) ح ي + قال. (¬8) قال الإمام محمد في الآثار: أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا الحارث بن زياد أو محارب بن دثار- الشك من محمد - عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما- قال من صلى أربع ركعات بعد العشاء الآخرة قبل أن يخرج من المسجد فإنهن يَعْدِلْنَ أربع ركعات من ليلة القدر. انظر: الآثار لمحمد، 27. ورواه الإمام أبو يوسف بنفس الإسناد من طريق محارب بدون شك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 83. وقد روي مرفوعاً وموقوفاً عن ابن عمر وغيره نحو ذلك. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 127؛ والمعجم الكبير للطبراني، 11/ 437، والمعجم الأوسط للطبراني، 6/ 254؛ وسنن الدارقطني، 2/ 86؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 2/ 477؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 393؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 139؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 2/ 231؛ والدراية لابن حجر، 1/ 198. وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء قط فدخل علي إلا صلى أربع ركعات أو ست ركعات. انظر: سنن أبي داود، التطوع، 16. (¬9) م - طلوع. (¬10) ح ي: ركعتين. (¬11) ك م - قلت ويكره الصلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر قال نعم. وقال الحاكم: ولا يتطوع بعد طلوع الفجر بغير ركعتي الفجر إلى أن تطلع الشمس وترتفع. انظر: الكافي، 1/ 8 و؛ والمبسوط، 1/ 150. (¬12) م ي: ويكره؛ ح: فيكره.

بعد انشقاق الفجر إلى أن يصلي الفجر إلا بخير (¬1)؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت التطوع يوم الجمعة كم هو؟ قال: قبلها أربع ركعات، وبعدها أربع (¬3) لا يفصل بينهن إلا بالتشهد. قلت: أرأيت صلاة العيد هل قبلها صلاة؟ قال: لا. قلت: فبعدها (¬4)؟ قال: إن فعلت (¬5) فحسن. قلت: فكم أصلي بعدها؟ قال: أربع ركعات (¬6) لا تَفصل (¬7) بينهن إلا بالتشهد. قلت: فكم الصلاة تطوعاً بالليل؟ قال: بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬8) كان يصلي (¬9) بالليل ثمان (¬10) ركعات، ثم يوتر بثلاث، ثم يصلي ركعتين قبل الفجر (¬11). قلت: فإن تطوع (¬12) بالليل؟ قال (¬13): لا (¬14) بأس بأن يصلي (¬15) ركعتين ركعتين (¬16) أو أربعاً أربعاً (¬17) أو ستاً ستاً أو ثمانياً ثمانياً (¬18). لا بأس بأن تفعل (¬19) أي ذلك شئت. قلت: فأي ذلك أحب إليك؟ قال: أربع أربع. ¬

_ (¬1) ح ي - إلا بخير. (¬2) ح ي + إلا بخير. (¬3) ح + ركعات. (¬4) ح ي: قلت فهل بعدها. (¬5) ح ي: إن صليت. (¬6) ح ي - ركعات. (¬7) م ح ي: لا يفصل. (¬8) م - أنه. (¬9) ح + ثمانياً. (¬10) ح: ثماناً. (¬11) أخرجه الإمام محمد في الآثار، 26، عن أبي حنيفة عن أبي جعفر مرسلاً. وأخرجه الإمام أبو يوسف من نفس الطريق. انظر: الآثار لأبي يوسف، 34. وأخرج الإمام محمد والبخاري ومسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة - رضي الله عنها - كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان. قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً. انظر: الحجة على أهل المدينة للإمام محمد، 1/ 192؛ وصحيح البخاري، التهجد، 16؛ وصحيح مسلم، صلاة المسافرين، 125. وانظر لأحاديث في هذا الباب: صحيح البخاري، التهجد، 10؛ وصحيح مسلم، صلاة المسافرين، 121 - 138؛ وسنن النسائي، قيام الليل، 53. (¬12) ح ي: تطوعت. (¬13) ح ي - قال. (¬14) ح ي: فلا. (¬15) ح: أصلي. (¬16) ك م - ركعتين. (¬17) ك حم - أربعاً. (¬18) ي: ثماناً ثماناً؛ ح ي + قال نعم. (¬19) ح: يفعل.

قلت: وكذلك التطوع بالنهار؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة. وقال يعقوب (¬1) ومحمد: صلاة الليل مثنى مثنى. قلت: أرأيت الأثر الذي جاء لا يصلَّى (¬2) بعد صلاة مثلُها (¬3)؟ قال: ذلك عندي في ترك القراءة في الركعتين الأخريين (¬4)؛ لأنك لا تقرأ (¬5) فيهما إن شئت في الصلاة المكتوبة (¬6). قلت: فطول القنوت والقيامِ في التطوع أحبّ إليك أم كثرة (¬7) السجود؟ قال: طول القيام أحبّ إليّ، وأي ذلك (¬8) فعلت (¬9) فهو (¬10) حسن (¬11). قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة (¬12) ينوي أربع (¬13) ركعات (¬14) ثم تكلم؟ قال: عليه أن يقضي ركعتين. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يكون داخلاً في الأربع حتى يتشهد في الركعتين ويقوم في الثالثة. قلت: فإن (¬15) صلى أربع ركعات بغير قراءة كم يقضي؟ قال: يقضي ركعتين. قلت: لم؟ قال: لأن الركعتين الأوليين فاسدتان (¬16)، فإنما عليه أن يقضي ¬

_ (¬1) ح ي: وقال أبو يوسف. (¬2) م: لا يصل. (¬3) روي عن عمر وابن مسعود - رضي الله عنه -ما موقوفاً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 21 - 22؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 148. (¬4) م: الأخيرتين. (¬5) ك م: لم تقرأ. (¬6) قال السرخسي: وتأويل الأثر الذي جاء "لا يصلي بعد صلاة مثلها" في ترك القراءة في الأخريين. وهذا الأثر مروي عن عمر وعلي وابن مسعود - رضي الله تعالى عنهم -. وبظاهره أخذ الشافعي، فقال الأربع قبل الظهر بتسليمتين، لكيلا يكون مصلياً بعد صلاة مثلها، وكذلك بعد العشاء يتطوع بركعتين لهذا. ونحن نقول: المراد صفة القراءة، لا عدد الركعات؛ فإن في الفرض القراءة في ركعتين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي النفل في كل ركعة. ألا ترى أن التطوع قبل الفجر ركعتان، والمخالفة في صفة القراءة بالتطويل في الفرض دون السنة، لا في عدد الركعات. انظر: المبسوط، 1/ 159. (¬7) م: أو كثرة؛ ح ي: أو أكثر. (¬8) ح + ما. (¬9) ك م: فعل. (¬10) ك م - فهو. (¬11) ك م: فحسن. (¬12) ح ي: التطوع. (¬13) ح: أربعاً. (¬14) ح - ركعات. (¬15) ح ي. وإن. (¬16) ي: فاسدتين.

الركعتين الأوليين. قلت: فإن قرأ في الركعة الأولى وقرأ في الرابعة أو قرأ في الأولى وقرأ (¬1) في الثالثة؟ قال: عليه أن يقضي أربع ركعات. قلت: من أين اختلف هذا والأول؟ قال: هما (¬2) في القياس سواء. وهذا (¬3) قول أبي حنيفة. وقال يعقوب (¬4): أما أنا فأرى عليه في الوجهين جميعاً أربع ركعات قرأ أو لم يقرأ. وقال محمد: أرى في الوجهين جميعاً ركعتين؛ لأنه إذا (¬5) أفسد (¬6) الأوليين (¬7) لم يقدر على أن يدخل في الأخريين (¬8). وهو قول زُفَر. قلت: أرأيت إن صلى ركعتين بغير قراءة ثم إنه صلى ركعتين بقراءة ولم يسلم ونوى (¬9) في الأخريين (¬10) قضاء الأوليين؟ قال: لا يكون هذا (¬11) قضاء، وعليه قضاء ركعتين؛ لأن هذه (¬12) صلاة واحدة، فلا (¬13) يكون بعضها قضاء بعض. قلت: فإن دخل معه رجل في الأخريين (¬14) فصلاهما معه؟ قال: عليه أن يقضي الأوليين كما يقضيهما (¬15) الإمام. قلت: فإن دخل معه في الأوليين رجل (¬16) فلما فرغ منهما تكلم الرجل فمضى (¬17) الإمام في صلاته حتى صلى أربع ركعات؟ قال: على الرجل الذي كان خلفه أن يقضي ركعتين. قلت: أرأيت إن كانت الصلاة كلها مستقيمة صحيحة كم (¬18) يكون على الرجل الذي تكلم؟ قال: ليس عليه أن يقضي إلا ركعتين؛ لأنه قد خرج من أن يكون هذا إمامه قبل أن يدخل في الركعتين الأخريين (¬19)، وإنما كان إمامه في الركعتين الأوليين. ¬

_ (¬1) ح ي - في الأولى وقرأ. (¬2) ك م: هذا. (¬3) ح ي: وهو. (¬4) ح ي: وقال أبو يوسف. (¬5) ح + قعد. (¬6) م ي: إذا فسد. (¬7) ي: الأولين. (¬8) م: في الآخرتين. (¬9) ثم سلم وتوى. (¬10) م: في الأخيرتين. (¬11) ح ي - هذا. (¬12) ح ي: هذا. (¬13) ح ي: ولا. (¬14) م: في الآخرتين. (¬15) ك م: يقضيها. (¬16) ح ي: فإن كان دخل معه رجل في الأولين. (¬17) ح ي: ومضى. (¬18) ح ي + كان. (¬19) م: الأخيرتين.

باب ما جاء في القيام في الفريضة

قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعتين من آخر الليل وهو ينوي بهما ركعتي (¬1) الفجر أتجزيه (¬2)؟ قال: لا. قلت: فإن صلى ركعتي (¬3) الفجر (¬4) ولم (¬5) يستيقن بطلوع (¬6) الفجر هل يجزيه؟ قال: لا (¬7). قلت: وكذلك لو شك في ركعة منهما (¬8) قبل طلوع (¬9) الفجر أن (¬10) لم يكن طلع؟ قال: نعم. وقال أبو حنيفة: إذا صلى الرجل الفجر ولم يوتر ثم ذكر الوتر فعليه قضاء الوتر. وإن صلى الفجر ولم يصل (¬11) ركعتي الفجر ثم ذكرهما فلا قضاء عليه. وليس ركعتا (¬12) الفجر بمنزلة الوتر. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: يقضيها إذا طلعت الشمس (¬13). ... باب ما جاء في (¬14) القيام في الفريضة (¬15) بلغنا (¬16) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬17) قال: "من أم قوماً فليصل (¬18) بهم صلاة أضعفهم، فإن فيهم المريض (¬19) والصغير (¬20) والكبير ¬

_ (¬1) ح ي: ركعتين. (¬2) ح ي: هل يجزيه. (¬3) ي: ركعتين. (¬4) ي - الفجر. (¬5) ي: ولا. (¬6) م: تطوع. (¬7) ح - قلت فإن صلى ركعتي الفجر ولم يستيقن بطلوع الفجر هل يجزيه قال لا. (¬8) ح ي + أن. (¬9) ح ي - قبل طلوع. (¬10) ي - أن. (¬11) ح ي: يصلي. (¬12) ي: ركعتي. (¬13) ح ي: وقال محمد أحب إلي أن يصلي ركعتي الفجر إذا ارتفعت الشمس فإن لم يفعل فلا شيء عليه لأنه تطوع. (¬14) ح ي - ما جاء في. (¬15) ح ي + في جماعة. (¬16) ح ي: قال وبلغنا. (¬17) ح ي - أنه. (¬18) م: فليصلي. (¬19) ح ي + والضعيف. (¬20) ح - والصغير.

وذا الحاجة" (¬1). قلت: أرأيت الإمام كم يقرأ في صلاة الفجر؟ قال: يقرأ بأربعين (¬2) آية مع فاتحة الكتاب في الركعتين جميعاً. قلت: فكم يقرأ في الركعتين من الظهر؟ قال: يقرأ بنحو من ذلك أو دونه. قلت: فكم (¬3) يقرأ في الركعتين من العصر؟ قال (¬4): بعشرين آية مع فاتحة الكتاب. قلت: فكم يقرأ في المغرب؟ قال: يقرأ في الركعتين في كل ركعة (¬5) بسورة قصيرة خمس آيات أو ست آيات مع فاتحة الكتاب (¬6). قلت: فكم يقرأ في العشاء؟ قال: يقرأ في الركعتين جميعاً بعشرين آية مع فاتحة الكتاب. قلت: وكل ما ذكرت فهو (¬7) بعد فاتحة الكتاب (¬8)؟ قال: نعم. قلت: فكيف (¬9) يقرأ في السفر في هؤلاء الصلوات (¬10) التي (¬11) ذكرتُ لك؟ قال: يقرأ بفاتحة الكتاب (¬12) وبما (¬13) شاء، ولا يشبه الحضر السفر (¬14). ¬

_ (¬1) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمّ قوما فأطال بهم، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال "ما بال أقوام يُنفّرون عن هذا الدين، من أمّ قوماً فليخفّف، فإن فيهم المريض والكبير وذا الحاجة". انظر: الآثار لمحمد، 38. وروي نحو ذلك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 27؛ وصحيح البخاري، الأذان، 62؛ وصحيح مسلم، الصلاة، 182 - 186؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 434 - 435. وروي عن عثمان بن أبي العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "يا عثمان، تجاوز في الصلاة، واقدُرِ الناس بأضعفهم، فإن فيهم الكبير والصغير والسقيم والبعيد وذا الحاجة". انظر: سنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، 48. وفي رواية:، "واقْتَدِ بأضعفهم". انظر: سنن أبي داود، الصلاة، 39؛ وسنن النسائي، الأذان، 32. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 2/ 29، 4/ 139. (¬2) ح ي: أربعين. (¬3) ك: كم. (¬4) ح + يقرأ في الركعتين؛ ي + في الركعتين. (¬5) ح: يقرأ في الركعتين. (¬6) ح ي: القرآن. (¬7) ك م - فهو. (¬8) م ح ي: القرآن. (¬9) م - فكيف؛ ح ي: وكيف. (¬10) ح ي - في هؤلاء الصلوات. (¬11) ح ي: الذي. (¬12) ح ي: القرآن. (¬13) ح: وما. (¬14) ح ي: ولا يشبه السفر الحضر.

قلت: ويقرأ فى الركعتين الأخريين (¬1) من المكتوبة بفاتحة الكتاب (¬2) في كل ركعة؟ قال: نعم، إن شاء قرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب (¬3)، وإن شاء سبّح (¬4)، وإن شاء سكت. قلت: وكيف (¬5) يقرأ في الوتر، وماذا يقرأ؟ قال: ما قرأ من شيء فهو حسن. وقد (¬6) بلغنا عن رسول الله (¬7) - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ في الوتر في الركعة الأولى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} (¬8)، وفي الثانية بـ (¬9) {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} (¬10)، وفي (¬11) الثالثة بِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} (¬12). قال (¬13): وبلغنا أنه قنت فيها بعدما فرغ من القراءة قبل أن يركع الثالثة (¬14). قلت: فهل في شيء من الصلوات قنوت؟ قال: لا إلا في الوتر. قلت: فما مقدار القيام في ¬

_ (¬1) م: الآخرتين. (¬2) ح ي: القرآن. (¬3) ك ي: القرآن. (¬4) ح ي+ فيهما. (¬5) ح ي: فكيف. (¬6) م - وقد. (¬7) ح ي: عن النبي. (¬8) سورة الأعلى، 87/ 1. (¬9) الباء ساقطة من م. (¬10) سورة الكافرون، 109/ 1. (¬11) خ ي + الركعة. (¬12) سورة الإخلاص، 11112. وقد وصله الإمام محمد في الآثار، 28، فقال أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا زبيد اليامي عن ذر الهمداني عن سعيد عن عبدالرحمن بن أبزى، فذكره ... ورواه الإمام أبو يوسف من نفس الطريق. انظر: الآثار لأبي يوسف، 70. وانظر للحديث: سنن أبي داود، الوتر، 4؛ وسنن الترمذي، الوتر، 9؛ وسنن النسائي، قيام الليل، 47. وانظر لتفصيل الطرق: نصب الراية للزيلعي، 2/ 118. (¬13) ك م - قال. (¬14) قال الإمام محمد: أخبرنا الثقة من أصحابنا قال أخبرنا عطاء بن مسلم الخفاف قال حدثنا العلاء بن المسيب عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس قال بِتُّ عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام من الليل فصلى ركعتين، ثم قام فأوتر، فقرأ بفاتحة الكتاب و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)}، ثم ركع وسجد، ثم قام فقرأ بفاتحة الكتاب و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)}، ثم ركع وسجد، وقام فقرأ بفاتحة الكتاب و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}، ثم قنت ودعا ثم ركع. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 201. وانظر: سنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، 120؛ وسنن النسائي، قيام الليل، 37؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 123.

القنوت؟ قال: كان (¬1) يقال: مقدار {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} (¬2)، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)} (¬3)، قلت: فهل فيه دعاء موقَّت؟ قال: لا. قلت: فهل يرفع يديه حين (¬4) يفتتح بالقنوت (¬5)؟ قال: نعم، ثم يكفّها (¬6). قلت: وفي كم مَوْطِنٍ (¬7) تُرْفَعُ (¬8) الأيدي؟ قال: في سبع مواطن: في افتتاح الصلاة، وفي القنوت في (¬9) الوتر، وفي العيدين، وعند استلام الحَجَر، وعلى الصفا والمروة، وبعرفات وبجَمْع (¬10)، وعند المقامين (¬11) عند (¬12) الجمرتين (¬13). قلت: أرأيت الرجل يؤم النساء وليس (¬14) معهن رجل (¬15) غيره؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي: بأن. (¬2) سورة الانشقاق، 84/ 1. (¬3) سورة البروج، 85/ 1. أما القول بذلك فقد روي عن إبراهيم النخعي. انظر: المصنف لعبدالرزاق، 3/ 122؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 101. (¬4) ح: حتى. (¬5) ح ي: القنوت. (¬6) ح: ثم يكفهما؛ ي: ثم يكفيهما. (¬7) ح: موضع؛ ي: مواطن. (¬8) م: يرفع. (¬9) م ح: وفي. (¬10) جَمْع هي مزدلفة. انظر: المغرب، "جمع". (¬11) ك م: المقام. (¬12) ك م: وعند. وانظر: فتح القدير لابن الهمام، 1/ 309؛ وحاشية ابن عابدين، 1/ 506. وانظر الحاشية التالية لتعداد المواطن. (¬13) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن طلحة بن مُصَرِّف عن إبراهيم أنه قال ترفع الأيدي في سبع مواطن، فذكر في ذلك العيدين. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 300. وعدّ المواطن الإمام أبو يوسف. انظر: الآثار لأبي يوسف، 21. وروي هذا بألفاظ مختلفة مرفوعًا من حديث ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهما -. انظر: صحيح ابن خزيمة، 4/ 209؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 2/ 176، 178؛ والمعجم الكبير للطبراني، 11/ 385. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 1/ 390؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 3/ 238؛ والدراية لابن حجر، 1/ 148. وروي عن ابن عباس موقوفاً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 1/ 214، 3/ 436. وتعداد السبع مواطن هكذا: تكبيرة الافتتاح، وتكبيرة القنوت، وتكبيرات العيدين، واستلام الحَجَر الأسود، وعند الصفا والمروة، وعند الموقفين عرفات والمزدلفة، وعند الجمرتين الأولى والوسطى. انظر: حاشية ابن عابدين، 1/ 506. (¬14) ح ي: ليس. (¬15) ح + إمام؛ ي: + أقام.

أما إذا كان (¬1) مسجد (¬2) جماعة تقام (¬3) فيه الصلاة (¬4) وهو إمام (¬5) فتقدّم (¬6) يصلي (¬7) وليس معه رجل فدخلن (¬8) نِسْوَةٌ في الصلاة (¬9) فلا بأس بذلك. وأما (¬10) أن يخلو بهن في بيت أو في مكان (¬11) غير المسجد فإني أكره له ذلك إلا أن يكون معهن ذات محرم منهن. قلت: أرأيت الرجل تفوته صلاة الجماعة في مسجدِ حَيِّهِ أترى له أن يأتي مسجداً آخر يرجو أن يدرك الصلاة؟ قال: إن فعل فحسن (¬12)، وإن صلى في مسجدِ حَيّهِ فحسن. قلت: فإن صلى في مسجدِ حَيِّهِ (¬13) أيتطوع قبل المكتوبة؟ قال: إن كان في وقت سعة (¬14) فلا بأس بذلك، وإن (¬15) خاف ذهاب الوقت بدأ بالمكتوبة. قلت: أرأيت إذا أخذ المؤذن في الإقامة أتكره (¬16) للرجل (¬17) أن يفتتح التطوع فيصلي؟ قال: نعم، أكره (¬18) له ذلك. قلت: فإن كانت (¬19) ركعتي الفجر؟ قال: أما ركعتي الفجر فإني (¬20) لا (¬21) أكرههما. قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى المسجد والقوم في الصلاة أيصلي تطوعاً أو يدخل مع القوم (¬22) في الفريضة؟ قال: لا، ولكنه (¬23) يدخل مع القوم في صلاتهم، ولا يصلي من التطوع شيئاً، إلا أن ينتهي إلى الإمام ولم يكن صلى ركعتي ¬

_ (¬1) ح ي + في. (¬2) ح: المسجد. (¬3) ح ي: أقام. (¬4) ح: للصلاة. (¬5) ح - وهو إمام؛ ي: الإمام. (¬6) ح ي + فيه. (¬7) ح ي - يصلي. (¬8) ح: قد خلف. (¬9) ح + قلت. (¬10) ح: أما. (¬11) ح ي + في. (¬12) ح ي: فهو حسن. (¬13) ح - فحسن قلت فإن صلى في مسجد حيه؛ صح هـ. (¬14) ك م ح - سعة. (¬15) ح: فإن. (¬16) م: أيكره. (¬17) ي: الرجل. (¬18) ي: كره. (¬19) ح ي: كان. (¬20) ح ي - فإني. (¬21) ح ي: فلا. (¬22) ح ي: ثم يدخل مع الإمام. (¬23) ح ي: لكنه.

الفجر، فإنه يصليها (¬1) ثم يدخل في صلاة القوم. قلت (¬2): فإن كان يخاف أن تفوته (¬3) ركعة من (¬4) الفجر في جماعة (¬5)؟ قال (¬6): وإن (¬7) كان يخاف. قلت (¬8): فإن خاف أن يفوته الفجر في جماعة (¬9)؟ قال: أَحَبُّ ذلك إليَّ أن يدخل مع القوم في صلاتهم ويدع الركعتين. قلت: أرأيت رجلاً نسي الوتر فذكر ذلك وهو يخاف أن يفوت وقت (¬10) الفجر إن (¬11) أوتر كيف يصنع؟ قال: يصلي الفجر، فإذا ارتفعت الشمس قضى الوتر. قلت: أرأيت إن لم يخف أن تفوته (¬12) الفجر؟ قال: يبدأ (¬13) فيوتر (¬14)، ثم يصلي الفجر. قلت: فإن كان لم يصل (¬15) ركعتي الفجر وهو يخاف إن صلاها فاتته الفجر؟ قال: يصلي الفجر، ولا يصليهما. قلت: فإن صلى الفجر ولم يصلهما (¬16) أيصليهما (¬17) إذا ارتفع النهار؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهما ¬

_ (¬1) ح: يصليهما. (¬2) ح ي - قلت. (¬3) ك م: أن يفوته. (¬4) ك ح م - ركعة من؛ صح ح هـ. وقال الحاكم: وإذا أخذ المؤذن في الإقامة كرهت للرجل أن أن يفتتح التطوع إلا ركعتي الفجر، فإنه يصليها إن رجا أن يدرك ركعة في الجماعة، فإن خاف فوت الجماعة دخل مع القوم. انظر: الكافي، 1/ 8 ظ. وبعد أن ذكر السرخسي هذا قال ولم يذكر إذا كان يرجو إدراك التشهد، وقيل: على قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله- إدراك التشهد كإدراك ركعة كما في صلاة الجمعة، فيبدأ بركعتي الفجر، وعند محمد -رحمه الله تعالى- لا يعتبر إدراك التشهد كإدراك ركعة، فيدخل مع الإمام. انظر: المبسوط، 1/ 167. (¬5) ح ي - في جماعة. (¬6) ي: قلت. (¬7): فإن. (¬8) ي: قال. (¬9) ك م - قال وإن كان يخاف قلت فإن خاف أن يفوته الفجر في جماعة؛ ح ي: في الجماعة. (¬10) ح ي: أن يفوته صلاة. (¬11) ح ي - إن. (¬12) ي: أن يفوته. (¬13) ح ي - يبدأ. (¬14) ح: فيؤدي؛ ي: يوتر. (¬15) ي: لم يصلى. (¬16) ح ي: يصليهما. (¬17) ح: أيصليها؛ م - أيصليهما.

ليستا (¬1) مثل صلاة (¬2) الوتر التي يقضيها (¬3) إذا ارتفع النهار (¬4). قلت: أرأيت رجلاً صلى وسلم على تمامٍ في نفسه ثم دخل معه رجل في الصلاة والإمام قاعد بَعْدُ، فكبر الرجل ودخل يأتمّ به، ثم ذكر الإمام الذي سلم أنه قد بقيت عليه سجدة من التلاوة، أو ذَكَرَ (¬5) أنه لم يتشهد في الرابعة وقد قعد قدر التشهد، ثم إن الإمام تكلم؟ قال: صلاة الإمام تامة، وصلاة الذي دخل معه تامة يبني عليها؛ لأن (¬6) الإمام كان في صلاة تامة (¬7)، وكان (¬8) تسليمه (¬9) ليس يقطع (¬10) الصلاة. ألا ترى أن عليه أن يسجد وأن يتشهد وأن يسلم. فكل شيء كان يكون على الإمام قبل التسليم فهو على هذا. وليس على الرجل الداخل (¬11) مع الإمام سجدة التلاوة؛ لأن الإمام لم يسجدها. قلت: فإن كان دخل معه (¬12) الرجل والمسألة على حالها بعدما سلم الإمام إلا أن (¬13) الإمام ذكر أن عليه سهوًا (¬14) في صلاته، فلم يسجد لسهوه (¬15) حتى تكلم وقام فذهب؟ قال: صلاة الإمام تامة، وأما الرجل الداخل مع القوم فإن عليه أن يستقبل الصلاة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال زُفَر ومحمد: يقوم الرجل فيصلي بصلاة الإمام؛ لأن السهو شيء ترك من الصلاة. ... ¬

_ (¬1) ك م: ليسا. (¬2) ح ي - صلاة. (¬3) ح ي: الذي يقضيه. (¬4) مرّ قريباً في المتن في آخر مسألة في الباب السابق أن هذا قول الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال الإمام محمد: إنه يقضي ركعتي الفجر إذا طلعت الشمس. انظر: 1/ 21 و. وانظر: المبسوط، 1/ 162. (¬5) ح ي: وذكر. (¬6) ح: أن. (¬7) ح ي - تامة. (¬8) ح: وكل. (¬9) ح ي + ذلك. (¬10) ح ي: لا يقطع. (¬11) ح ي: الرجل الذي دخل. (¬12) م: مع. (¬13) ح ي: لأن. (¬14) ح ي: السهو. (¬15) ي: بسهوه.

باب الحدث في الصلاة وما يقطعها

باب الحدث في الصلاة وما يقطعها قلت: أرأيت رجلاً دخل (¬1) في الصلاة (¬2) ثم (¬3) أحدث حدثًا من بول أو غائط أو قيء (¬4) أو رُعَاف (¬5) أو شيء يَسبِقُه (¬6) ولا (¬7) يتعمّد لشيء (¬8) من ذلك كيف يصنع إن كان إماماً أو لم يكن إماماً؟ قال: إن كان إمامًا تأخر وقدّم رجلاً ممن خلفه (¬9) يصلي (¬10) بالقوم، ويذهب هو (¬11) فيتوضأ. فإن لم يكن تكلم اعتدّ بما مضى من صلاته، وصلى ما بقي. فإن (¬12) تكلم استقبل الصلاة ولم يعتدّ (¬13) بشيء مما مضى (¬14). قلت: فإن لم يتكلم ولكنه لمّا رجع إلى أهله بال أو أتى غائطاً هل يتوضأ ويبني على صلاته؟ قال: لا، ولكنه إذا تعمد شيئاً (¬15) من هذا انتقضت صلاته، وكان عليه أن يستقبل الصلاة إذا توضأ. قلت: ولم يكون (¬16) عليه في العمد أن يستقبل، ولا يكون (¬17) فيما سبقه ولم يملكه؟ قال: لأن الأثر والسنة جاء فيما سَبَقَه أن يتوضأ ويبني على ما مضى (¬18) من صلاته ويعتدّ (¬19) بما مضى (¬20). قلت: ¬

_ (¬1) ك م + مع الإمام. (¬2) ك م - في الصلاة. (¬3) ك - ثم. (¬4) ح ي + أو ريح. (¬5) م: أو غائط أو في رعاف. (¬6) ح ي: سبقه. (¬7) ح ي: لا. (¬8) ح ي: بشيء. (¬9) ح - ممن خلفه. (¬10) ح ي: فصلى. (¬11) ح ي - هو. (¬12) ح ي: وإن. (¬13) م: ولم يعيد. (¬14) ي: مضاه. (¬15) ك م: بشيء. (¬16) م: ولم يكن. (¬17) ح ي + عليه. (¬18) ح ي: ما بقى. (¬19) م: ويعيد. (¬20) ي: مضاه. قال الإمام محمد: أخبرنا إسماعيل بن عياش قال حدثني ابن جريج عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن أبي مليكة عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "إذا قاء أحدكم في صلاته أو قَلَس أو رَعَف فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم". انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 69. وقال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا عبدالملك بن عمير عن معبد بن صُبَيْح أن رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، فأحدث الرجل فانصرف =

أرأيت إن جامع أو دخل المَخْرَج (¬1) أو استَقَى (¬2) هل يبني على (¬3) صلاته (¬4)؟ قال: هذا (¬5) والأول سواء، وعليه أن يستقبل. قلت: وكذلك إن تقيّأ (¬6)؟ ¬

_ = ولم يتكلم حتى توضأ ثم أقبل وهو يقول: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [سورة آل عمران، 135]، فاحتَسَبَ بما مضى وصلّى ما بقي. وقال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال يجزيه، والاستئناف أحب إلي. وقال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجل يَرْعُفُ في الصلاة أو يحدث قال يخرج ولا يتكلم إلا أن يذكر الله ثم يتوضأ ثم يرجع إلى مكانه فيقضي ما بقي عليه من صلاته ويعتد بما صلى، فإن كان تكلم استقبل. انظر: الآثار لمحمد، 32. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 37 - 38. وروي نحو ذلك مرفوعًا وموقوفاً من طرق مختلفة. انظر: الموطأ، الطهارة، 46، 47؛ وسنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، 137؛ وسنن الدارقطني، 1/ 154 - 157، 2/ 43؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 2/ 255 - 256. وانظر للتفصيل والنقد: نصب الراية للزيلعي، 1/ 38، 2/ 60؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 1/ 274؛ والدراية لابن حجر، 1/ 30، 174. (¬1) ح ي: أرأيت الرجل إن دخل المخرج أو جامع. (¬2) ك ط: أو استقاء؛ ج ر م: أو استقا؛ ح: أو استمنا؛ ي: أو استمنى. ويظهر أن "استقاء" خطأ، لأن السؤال الآتي يكون تكرارًا له. وفي المبسوط: استمشى. انظر: 1/ 170. قال المطرزي: وقوله: "وكذلك إذا دخل المخرجِ أو جامع أو استمشى" قالوا: الاستمشاء كناية عن التغوّط، وهو وإن كان متوجهاً إلا أن رواية من روى: "استمنى" أوجه. انظر: المغرب، "مشى". وكثيراً ما نرى في النسخ التي اعتمدنا عليها أن الألف المقصورة (ى) تكتب في صورة الألف (ا). فلذلك رجحنا "استقى". واستقى الرجلُ الرجلَ: طلب منه السقي، واستقى من النهر والبئر استِقَاءً: أخذ من مائها. انظر: لسان العرب، "سقى". فقد يكون المقصود أنه إذا شرب من الماء فعليه أن يستقبل، أو أنه إذا استقى من البئر ماء وهو غير محتاج إليه ليتوضأ فعليه أن يستقبل. قال الكاساني: إذا سبقه الحدث ثم تكلم ... أو أكل أو شرب أو نحو ذلك لا يجوز له البناء ... وكذا لو استَقَى من البئر وهو لا يحتاج إليه. ولو مشى إلى الوضوء فاغترف الماء من الإناء أو استَقَى من البئر وهو محتاج إليه فتوضأ جاز له البناء، لأن الوضوء أمر لا بد للبناء منه، والمشي والاغتراف والاستقاء عند الحاجة من ضرورات الوضوء. انظر: بدائع الصنائع للكاساني، 1/ 222؛ والبحر الرائق لابن نجيم، 1/ 390. (¬3) ح ي + ما مضى من. (¬4) ح + قلت لا؛ ي + قال لا. (¬5) ح ي: فهذا. (¬6) ح ي: لو تقيأ. أي: متعمداً.

قال: نعم. قلت: أرأيت إن قاء ماءً كثيراً لا يخالطه شيء أو قاء مِرّة لا يخالطها شيء أو قاء طعامًا أو تقيّأ (¬1) متعمدًا لذلك أو ذَرَعَه القيءُ ولم يتعمد؟ قال: أما إذا كان ذلك (¬2) عمدًا استقبل الصلاة والوضوء، وإن (¬3) كان غير متعمد للقيء توضأ وبنى على صلاته. قلت: فإن قاء بَلْغَماً لا يخالطه شيء هل ينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن البلغم (¬4) بُزاق ولا (¬5) وضوء فيه. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال يعقوب (¬6): أما أنا فأرى عليه الوضوء في البلغم إذا كان مِلْءَ فيه أو أكثر (¬7). قلت: أرأيت رجلاً دخل في الصلاة فصلى (¬8) ركعة أو ركعتين ثم تكلم في الصلاة وهو ناس (¬9) أو متعمدٌ لذلك (¬10)؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبلها (¬11). قلت: فإن ضحك؟ قال: إن كان الضحك دون القهقهة مضى على صلاته، وإن كان قهقهة استقبل الوضوء والصلاة ناسيًا كان أو متعمدًا. قلمت: لم كان الضحك عندك (¬12) هكذا، والضحك والكلام في القياس سواء؟ قال: أجل، ولكني أخذت (¬13) في الضحك بالأثر الذي جاء عن رسول الله (¬14) - صلى الله عليه وسلم - (¬15). قلت: أرأيت رجلاً دخل في الصلاة فصلى ركعة أو ركعتين ثم غُشِيَ عليه أو أصابه لَمَمٌ (¬16) أو وَجَعٌ فذهب عقلُه وهو إمام؟ قال: صلاته وصلاة مَن خلفه فاسدة، وعلى الإمام أن يستقبل (¬17) الوضوء والصلاة. وأما القوم ¬

_ (¬1) ح ي - أو تقيأ. (¬2) ح ي - ذلك. (¬3) ح ي: فإن. (¬4) ح ي + هو. (¬5) ح ي: البزاق فلا. (¬6) ح ي: أبو يوسف. (¬7) ك م: أو أكثره. وانظر: 1/ 8 ظ، 10 و. (¬8) ح: وصلى. (¬9) ح ي: ناسي. (¬10) ح: كذلك. (¬11) م: أن يستقبلهما. (¬12) ح ي - عندك. (¬13) م: أحدث؛ ح ي: ولكن آخذ. (¬14) ح ي: عن النبي. (¬15) تقدم تخريجه. (¬16) لمم، أي: جنون خفيف. انظر: المغرب، "لمم". (¬17) ح: أن يستقبلوا.

فإن عليهم أن يستقبلوا الصلاة، ولا وضوء عليهم. قلت: وكذلك لو ضحك الإمام حتى قهقه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أمّ قوماً فصلى ركعة أو ركعتين ثم نام قائماً؟ قال: يمضي في صلاته، ولا وضوء عليه ولا إعادة. قلت: فإن نام مضطجعاً تَعَمُّداً لذلك (¬1)؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء ويستقبل الصلاة، وعلى القوم أن يستقبلوا الصلاة ولا وضوء عليهم. قلت: أرأيت رجلاً صلى بقوم فقعد في الرابعة قدر التشهد ثم ضحك حتى (¬2) قهقه؟ قال: صلاته وصلاة من خلفه تامة، وعلى الإمام أن يعيد الوضوء لصلاة أخرى، ولا وضوء على القوم. قلت: فإن ضحك القوم مع الإمام (¬3) جميعاً معاً (¬4)؟ قال: عليهم أيضاً أن يعيدوا الوضوء لصلاة أخرى. قلت: فإن (¬5) ضحك القوم حتى قهقهوا بعدما قهقه الإمام؟ قال: ليس عليهم (¬6) وضوء لصلاة أخرى، وأما الإمام فعليه الوضوء. قلت: لم؟ قال: لأن الإمام حين قهقه فقد قطع الصلاة، وهؤلاء (¬7) ضحكوا وليسوا في الصلاة. قلت: وكذلك لو أن الإمام أحدث متعمدًا بعدما قعد قدر التشهد؟ قال: نعم، عليه الوضوء لصلاة أخرى، ولا وضوء على القوم. قلت: وكذلك لو غُشِيَ عليه أو أصابه لَمَمٌ أو جُنَّ؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أحدث الإمام غير متعمد؟ قال: صلاته تامة؛ لأنه قد قعد قدر التشهد. قلت: أرأيت (¬8) إن (¬9) كان الإمام قد (¬10) سها فسجد (¬11) سجدتي السهو ثم ضحك فيهما حتى قهقه؟ قال: يعيد الوضوء لصلاة أخرى، وصلاته وصلاة القوم تامة، ولا وضوء على القوم. قلت: ولم (¬12) لا يكون على من خلفه ¬

_ (¬1) ح ي: تعمد ذلك. (¬2) ص ح: حين. (¬3) ح ي: ضحك الإمام مع القوم. (¬4) ح - معاً؛ صح هـ. (¬5) ح ي: وإن. (¬6) ح ي: على القوم. (¬7) ح ي: ولا. (¬8) ح ي - أرأيت. (¬9) ح ي: فإن. (¬10) ح ي - قد. (¬11) م: قد سها في. (¬12) ح ي: لم.

الوضوء (¬1)؟ قال: لأنهم لم يضحكوا ولم يحدثوا. قلت: أرأيت إمامًا أحدث فتأخر وقدّم رجلاً ممن خلفه وقد (¬2) فاتته ركعة كيف يصنع؟ قال: يصلي بالقوم، فإذا تشهد تأخر وقدّم (¬3) رجلاً من غير أن يسلم بهم، فيسلم (¬4) بهم الرجل الآخر (¬5)، ثم يقوم هو فيقضي ما بقي من صلاته (¬6) ويسلم (¬7). قلت: أرأيت إن لم يفرغ من صلاته حتى ضحك قهقهة (¬8) وقد بقيت (¬9) عليه ركعة أو ركعتان؟ قال: صلاته وصلاة من خلفه وصلاة الإمام الأول فاسدة، وعلى هذا الذي ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة (¬10)، وعليهم جميعاً (¬11) أن يستقبلوا الصلاة. قلت: لم أفسدت صلاة الإمام الأول؟ قال: لأن الإمام الثاني هو إمام (¬12) الأول. ألا ترى أن الإمام (¬13) ينبغي له أن يتوضأ ثم يجيء فيدخل مع الثاني في صلاته. قلت: أرأيت إن توضأ الأول وصلى في بيته واعتدّ بما مضى من صلاته هل يجزيه ذلك؟ قال: إن كان صلى في بيته بعدما سلم الإمام الثاني وفرغ (¬14) من صلاته (¬15) فإن صلاته تامة، وإن كان الإمام الثاني لم يفرغ من صلاته فإن صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت الإمام الثاني إن قعد في الرابعة وهي له (¬16) الثالثة ثم ضحك بعدما تشهد حتى قهقه؟ قال: عليه أن يعيد الوضوء والصلاة، وأما من خلفه فصلاتهم تامة. قلت: لم كان هذا هكذا: أن تكون (¬17) صلاة الإمام فاسدة وصلاة من خلفه تامة؟ قال: لأن الإمام قد بقيت عليه ركعة، وأما الذين خلفه فقد استكملوا الصلاة. ¬

_ (¬1) ح ي: وضوء. (¬2) ح ي - وقد. (¬3) ح ي: فقدم. (¬4) ح ي: فسلم. (¬5) ح ي - الآخر. (¬6) م: من صلاة. (¬7) ح ي - ويسلم. (¬8) ي: قهقه. (¬9) ي: بقي. (¬10) ح ي: أن يعيد الصلاة والوضوء. (¬11) ح - جميعاً. (¬12) ح: الإمام. (¬13) ح ي + الأول. (¬14) ي: أو فرغ. (¬15) م: من صلاة. (¬16) م + في. (¬17) ك: أن يكون.

قلت: فما حال الإمام الأول؟ قال: إن كان خلف الثاني وقد فرغ من صلاته معه (¬1) فإن صلاته تامة (¬2)، وإن كان في بيته لم يدخل مع الإمام الثاني في المحلاة فإن صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة (¬3)؛ لأن الإمام الثاني حين فسدت صلاته قبل أن (¬4) يُتم (¬5) الأول فسدت (¬6) صلاة الأول (¬7). ولو كان في القوم من (¬8) لم يتم (¬9) صلاته كان عليه أيضاً أن يستقبل الصلاة. ولا يشبه هذا الإمام الأول. ألا ترى أن الإمام الأول يقضي بغير قراءة، فكأنه خلف الإمام الثاني، وهذا الذي لم يدرك الصلاة يقضي بقراءة (¬10). ¬

_ (¬1) م - معه. (¬2) م - تامة. (¬3) ك م: فإن صلاته تامة أيضاً وليس عليه أن يستقبل. وقال الحاكم: فصلاته فاسدة. قال وفي رواية أبي حفص أن صلاته تامة. والأول أشبه بالصواب. انظر: الكافي، 1/ 9 و. وقال السرخسي: وفي رواية أبي حفص قال صلاته تامة. وجه هذه الرواية أنه مدرك لأول صلاته فيكون كالفارغ بقعدة الإمام قدر التشهد. والرواية الأولى أصح وأشبه بالصواب لأنه قد بقي عليه البناء. وضحك الإمام في حقه في المنع من البناء كضحكه. ولو ضحك هو في هذه الحالة فسدت صلاته. فكذلك ضحك الإمام في حقه. ورواية أبي حفص كأنه غلط وقع من الكاتب. لأنه اشتغل بتقسيم ثم أجاب في الفصلين بأن صلاته تامة. وظاهر هذا التقسيم يستدعي المخالفة في الجواب. انظر: المبسوط، 1/ 173. لكن الجالب للنظر هنا أن كتاب الصلاة في النسخ التي اعتمدنا عليها من رواية أبي سليمان ما عدا نسخة يوزغات التي لم يذكر في بدايتها اسم الراوي، فيمكن أن يكون هذا من اختلاط النسخ على الناسخين. كما يجدر بالذكر أن برهان الدين البخاري بيَّن أن أبا نصر الصفار ومشايخ العراق صححوا رواية أبي حفص. انظر: المحيط البرهاني، 1/ 461. وقد أشرنا إلى عدم اتفاق اسم الراوي المذكور في بداية كل كتاب مع المسائل المذكورة فيه أحياناً. وهذا الموضع يمثل إحدى تلك المسائل. (¬4) ح - أن. (¬5) ح: تتم؛ ح ي+ صلاة. (¬6) ك م: لم تفسد. وانظر الحاشية قبل السابقة. (¬7) ح ي: الثاني. لكن فوق السطر: الأول خ. أي في نسخة: الأول. (¬8) ح ي: ممن. (¬9) ح: لم يتمم. (¬10) ح ي - ولا يشبه هذا الإمام الأول ألا ترى أن الإمام الأول يقضي بغير قراءة فكأنه خلف الإمام الثاني وهذا الذي لم يدرك الصلاة يقضي بقراءة.

قلت: أرأيت رجلاً صلى من الظهر ركعتين ثم تشهد فسلم (¬1) ناسياً، ثم ذكر فظن أن ذلك يقطع الصلاة، فاستقبل التكبير ينوي (¬2) به الدخول في الظهر ثانية وهو إمامُ قومٍ، فكبر معه (¬3) القوم يَنوون (¬4) ما صنع؟ قال (¬5): هو على صلاته (¬6) الأولى، ويصلي (¬7) ما بقي منها، وعليه سجدتا السهو. وتكبيره لا يكون قطعاً للصلاة؛ لأنه (¬8) فيها بَعْدُ. ألا ترى لو أنهم أحدثوا كانت صلاتهم تامة. قلت: وكذلك إن رَعَفُوا (¬9)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى وحده ركعة أو هو (¬10) إمام ثم جاء قوم فدخلوا في صلاته فأتمّ لهم (¬11) الصلاة، فلما قعد قدر التشهد ضحك الإمام حتى قهقه؟ قال: صلاة الإمام تامة، وعليه أن يعيد الوضوء لصلاة أخرى. وأما صلاة القوم فهي فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: لم؟ قال: ألا ترى (¬12) أن الذين خلفه لو تكلموا أو أحدثوا (¬13) أو ضحكوا أفسدت عليهم صلاتهم؛ لأنه قد بقيت (¬14) عليهم ركعة. فكذلك الإمام يُفسد على من خلفه، ولا يُفسد على نفسه ث لأنه قد أتم الصلاة (¬15). قلت: وكذلك لو أن الإمام أحدث متعمداً (¬16)؟ قال: نعم. قلت: فإن تكلم متعمداً؟ قال: لا يشبه الكلام الضحك والحدث؛ لأن الكلام بمنزلة التسليم. وعلى القوم أن يقضوا تلك الركعة التي بقيت، وصلاتهم تامة (¬17). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: صلاة من خلفه تامة، يقومون (¬18) في ذلك ¬

_ (¬1) ح ي: وتشهد وسلم. (¬2) ي: فنوى. (¬3) ح ي: مع. (¬4) ح: يترك. (¬5) ي - قال. (¬6) ح ي: على صلاة. (¬7) ح ي: يصلي. (¬8) ح ي: لأن. (¬9) ح ي: لو رعفوا. (¬10) ح ي: وهو. (¬11) ح ي: بهم. (¬12) ح: يرى. (¬13) ح ي: وأحدثوا. (¬14) ح: قد تقدمت. (¬15) ح ي: صلاته. (¬16) ح ي + أو قاء متعمدًا. (¬17) ح ي - قلت فإن تكلم متعمداً قال لا يشبه الكلام الضحك والحدث لأن الكلام بمنزلة التسليم وعلى القوم أن يقضوا تلك الركعة التي بقيت وصلاتهم تامة. (¬18) ح ي - يقومون.

كله (¬1) فيقضون (¬2) وإن ضحك الإمام (¬3) قهقهة (¬4). قلت: أرأيت رجلاً افتتح الظهر في المسجد فصلى ركعة أو ركعتين ثم أقيصت الصلاة كيف يصنع؟ قال: إن كان صلى ركعة أضاف إليها أخرى ثم يقطع ويسلم (¬5) ويدخل مع الإمام في صلاته، وتكون له الركعتان تطوعاً. قلت: فإن كان (¬6) صلى ركعتين وقام في الثالثة فقرأ وركع ولم يسجد حتى (¬7) أقيمت الصلاة؟ قال: يقطعها فيدخل (¬8) مع الإمام في صلاة (¬9) الإمام، ولا يحتسب بما صلى (¬10) وحده (¬11)، فيجعل صلاة الإمام فريضة (¬12)، وما صلى تطوعاً. قلت: أرأيت إن كان سجد في الثالثة سجدة واحدة أو سجدتين؟ قال: يمضي على صلاته حتى يتمها، وهي الفريضة، ثم يسلم، فإذا سلم دخل مع الإمام في صلاته، فجعلها (¬13) تطوعاً. قلت: ¬

_ (¬1) ح + وقال أبو يوسف ومحمد لا تفسد صلاتهم لأن الإمام إذا تمت صلاته تمت صلاة من خلفه قلت فإن تكلم متعمداً قال لا يشبه الكلام الضحك والحدث لأن الكلام بمنزلة التسليم وعلى القوم أن نقض تلك الركعة التي بقيت عليهم فصلاتهم تامة وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يقومون؛ ي + وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- لا تفسد صلاتهم لأن الإمام إذا تمت صلاته تمت صلاة من خلفه قلت فإن تكلم متعمداً قال لا يشبهه الكلام والضحك والحدث لأن الكلام بمنزلة التسليم على القوم أن يقضي تلك الركعة التي بقيت عليهم وصلاتهم تامة وهذا قول أبي حنيفة -رحمه الله- وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- يقومون. (¬2) ح: فينقضون. (¬3) ح ي + حتى. (¬4) ح ي: قهقه؛ ك + وبهذا الأخير نأخذ؛ م + وبهذا الأخير يأخذ. قوله: "وبهذا الأخير نأخذ" إما أن يكون من كلام الإمام محمد، فحينئذٍ قوله: "ومحمد" في أول الجملة زيادة من الراوي للإيضاح، وقد يكون من كلام الإمام محمد نفسه، فإن هذا الأسلوب، أي: تعبير المتكلم عن نفسه كالغائب مستعمل عند المتقدمين؛ وإما أن يكون من كلام أبي سليمان الجوزجاني، راوي الكتاب عن محمد بن الحسن. (¬5) ح ي: ثم يسلم ويقطع. (¬6) ح ي - كان. (¬7) ك م: حين. (¬8) ح ي: ويدخل. (¬9) ح ي: في صلاته. (¬10) ك: صلاه. (¬11) ح ي - الإمام ولا يحتسب بما صلى وحده. (¬12) ح ي: الفريضة. (¬13) ح ي: فيجعلها.

وكذلك لو كان (¬1) في صلاة العصر؟ قال: نعم، إلا أنه لا ينبغي (¬2) أن يصلي مع القوم بعد العصر تطوعاً، ولكنه إذا فرغ من صلاته خرج ولم يدخل مع الإمام في صلاته. قلت: فإن كان في الفجر وقد كان (¬3) صلى ركعة وسجد سجدتين أو هو (¬4) راكع في الثانية ثم أقيصت الصلاة؟ قال: يقطعها ويدخل مع الإمام في صلاته؛ لأن (¬5) صلاة الإمام فريضة (¬6). ولا يحتسب بما كان صلى وحده. قلت: فإن كان قد (¬7) سجد في الثانية سجدة أو سجدتين ثم أقيمت الصلاة؟ قال: يمضي على صلاته ويسلم، ثم يخرج من المسجد ولا (¬8) يدخل مع الإمام في صلاته. قلت: أرأيت إن كان (¬9) في (¬10) المغرب وقد صلى منها ركعة، ثم قام (¬11) في الثانية فقرأ فركع (¬12)، ثم أقيمت الصلاة وهو راكع؟ قال: يقطعها ويدخل مع الإمام في صلاته، ويجعلها فريضة (¬13). قلت: فإن كان قد سجد في الثانية سجدة أو سجدتين ثم أقيمت الصلاة؟، قال: يمضي في صلاته حتى يفرغ ويسلم، ولا يدخل مع القوم في صلاتهم (¬14). قلت: لم؟ قال: لأنها ثلاث ركعات، وأكره أن يصلي ثلاثًا نافلة يقعد فيها. قلت: أرأيت رجلاً صلى المغرب وفرغ منها ثم دخل مسجداً فأقيمت الصلاة أيصلي معهم أو يخرج؟ قال: بل يخرج من المسجد ولا يصلي معهم. قلت: لم؟ قال: لأنها ثلاث ركعات، فأكره (¬15) له أن يقعد في الثالثة من النافلة. قلت: فإن دخل وصلى معهم؟ قال: إذا فرغ الإمام وسلم (¬16) قام (¬17) هذا، فيَشْفَع (¬18) بركعة. قلت: أرأيت ¬

_ (¬1) ح ي + هذا. (¬2) ح ي + له. (¬3) ك م + قد. (¬4) ح ي: وهو. (¬5) ح ي: فيجعل. (¬6) ح ي: الفريضة. (¬7) ك م - قد. (¬8) ح ي: ولم. (¬9) ي: إن كانت. (¬10) ح ي - في. (¬11) ح ي: وقام. (¬12) ح ي: وركع. (¬13) ح ي: الفريضة. (¬14) ح ي: مع الإمام في صلاته. (¬15) ح ي: وأكره. (¬16) ح ي: فسلم. (¬17) ح - قام. (¬18) م: فيشتفع. يقال كان وتراً فشَفَعْته بآخر، أي: زوجاً له. انظر: المغرب، "شفع".

باب الإمام يحدث ولا يقدم أحدا

رجلاً صلى الظهر أو العشاء (¬1) ثم أتى (¬2) المسجد فأقيمت (¬3) الصلاة أيصلي معهم ويجعل (¬4) الذي صلى تطوعاً (¬5)؟ قال: لا (¬6). قلت: أرأيت رجلاً صلى (¬7) الظهر يوم الجمعة ثم أتى (¬8) المسجد فأقيمت الصلاة أيصلي معهم الجمعة ويجعل التي صلى تطوعاً؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف هذا والباب الأول؟ قال: لأن هذا يجب عليه أن يصلي الجمعة مع الناس، ولا ينبغي له أن يصلي الظهر في بيته يوم الجمعة (¬9) من غير عذر. والباب الأول إذا صلى الظهر في بيته فهي (¬10) الفريضة، ولا ينبغي له أن يجعل الفريضة نافلة. والفريضة هاهنا هي الجمعة. ... باب الإمام يحدث ولا يقدّم أحداً (¬11) قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم ركعة أو ركعتين ثم أحدث فلم يقدّم أحداً حتى خرج من المسجد؟ قال: صلاة القوم فاسدة، وعليهم (¬12) أن يستقبلوا الصلاة. قلت: لم؟ قال: أستحسن ذلك، وأراه (¬13) قبيحاً أن يكون قوم (¬14) في الصلاة في المسجد وإمامهم في أهله. قلت: أرأيت إن قدّم القوم رجلاً بعد خروج الإمام من المسجد؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت (¬15): فإن قدّموا رجلاً قبل خروج الإمام من المسجد؟ قال: صلاته وصلاتهم تامة. قلت (¬16): ويكون هذا بمنزلة ما لو (¬17) قدّمه ¬

_ (¬1) م ح ي: والعشاء. (¬2) ح ي: ثم دخل. (¬3) ح ي + فيه. (¬4) ح ي + ويجعلها؛ ح ي + نافلة. (¬5) ح ي - الذي صلى تطوعاً. (¬6) ح ي: نعم. (¬7) ح ي: أرأيت إن صلى. (¬8) ح: ثم يأتي. (¬9) ح ي - يوم الجمعة. (¬10) ح: هي. (¬11) ح ي - باب الإمام يحدث ولا يقدّم أحداً. (¬12) ح ي: وعلى القوم. (¬13) ك: وأرا به؛ م: وأرى به. (¬14) ح ي: قومه. (¬15) ي - قلت. (¬16) ح - تامة قلت؛ ي - قلت. (¬17) ك م: بمنزلة الذي لو.

الإمام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قدّم القوم رجلين أَمَّ هذا طائفة وأَمَّ هذا طائفة؟ قال: صلاتهم جميعاً فاسدة. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يكون إمامان (¬1) يصلي كل واحد منهما بطائفة وقد كان إمامهم واحداً (¬2). ألا ترى أنه (¬3) لو نوى (¬4) كل واحد منهم (¬5) أن يؤم نفسه ويصلي وحده أن (¬6) هذا (¬7) لا يجزيهم، فكذلك الإمامان (¬8)، إذا لم يجتمع القوم على إمام واحد فصلاتهم فاسدة. قلت: أرأيت إن كان (¬9) الإمام الذي أحدث ليس خلفه إلا رجل واحد فأحدث الإمام فانفتل ونوى هذا الذي كان خلفه أن يؤم نفسه قبل خروج الإمام من المسجد؟ قال: صلاته تامة، وهذا بمنزلة القوم لو اجتمعوا فقدّموا (¬10) رجلاً فصلى بهم. قلت: فإن لم ينو (¬11) الرجل (¬12) الذي كان خلف (¬13) الإمام أن يؤم نفسه حتى خرج الإمام من المسجد؟ قال: صلاته تامة، وليس عليه أن يستقبل. قلت: أرأيت إن قدّمه الإمام حين أحدث وجعله إماماً فذهب الإمام الأول فتوضأ ورجع؟ قال: يدخل مع هذا في صلاته فيأتم به؛ لأن الإمام هاهنا هو (¬14) الثاني. قلت: فإن كان الإمام الأول حين قدّم الإمام (¬15) الثاني وخرج من المسجد ليتوضأ أحدث الإمام الثاني فذهب يتوضأ (¬16)؟ قال: صلاة الأول فاسدة، وصلاة هذا تامة. قلت: فإن لم يحدث هذا الثاني ولكن (¬17) كان على صلاته (¬18) حتى (¬19) جاء الأول ¬

_ (¬1) ك م ي: إمامين. ووجّه أبو الوفا الأفغاني "إمامين" بأن المعنى: لا يكون الإمام إمامين. ولعل الأولى ما أثبتناه، ومعناه: لا يجوز إمامان. (¬2) ي: واحد. (¬3) ح ي - أنه. (¬4) م: لو كانوا. (¬5) ح ي: منهما. (¬6) ح ي + كان. (¬7) ح ي: ذلك. (¬8) ك م ي: الإمامين. (¬9) ح - إن كان. (¬10) ح: وقدموا. (¬11) ح ي: لم ينوي. (¬12) ك م - الرجل. (¬13) ح م: خلفه. (¬14) ح ي - هو. (¬15) ح ي - الإمام. (¬16) ح ي: ليتوضأ. (¬17) ح ي: ولكنه. (¬18) م: على صلواته. (¬19) ح: حين.

فدخل معه في الصلاة ثم أحدث الثاني وخرج (¬1) من المسجد ولم يقدّم هذا ولم ينو هذا الأول أن يكون إمام نفسه؟ قال: صلاة الأول والثاني تامة، وليس عليهم أن يستقبلوا الصلاة، وهذا الثاني إمام إن نوى أو لم ينو (¬2). قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم ركعة أو ركعتين ثم أحدث فانفتل ولم يقدّم أحدًا فأجمع (¬3) القوم على أن يقدّموا رجلاً يصلي (¬4) بهم قبل خروج الإمام (¬5) من المسجد فقدّموه (¬6)، وقد اجتمع (¬7) عليه القوم كلهم (¬8) إلا رجلاً واحداً (¬9) أو اثنين، ونوى (¬10) هذا الذي لم يجمع معهم أن يصلي على حدة لنفسه؟ قال: إذا كان جماعة القوم قدّموا رجلاً قبل خروج الإمام (¬11) من المسجد فصلاة الذين ائتمّوا به تامة (¬12)، وصلاة الذين تفرّدوا (¬13) فاسدة إن (¬14) كان [المتفرّد] واحداً أو اثنين. قلت: أرأيت إمامًا أحدث فانفتل فقدّم (¬15) رجلاً جاء ساعتئذٍ، فلمّا قدّمه كبّر الرجل ودخل في الصلاة ونوى أن يؤم القوم بصلاة (¬16) الإمام، أيجزيهم (¬17) ذلك؟ قال: نعم، يجزيهم (¬18). قلت: فإن لم ينو الذي قدّم أن يصلي بهم صلاة الإمام، ولكن نوى أن يصلي بهم صلاةً مستقبَلةً، فصلى بهم فأتمّ الصلاة، ونوى القوم صلاة الإمام الأول؟ قال: أمّا الإمام الثاني فصلاته (¬19) تامة، وأمّا القوم فإن صلاتهم فاسدة، ¬

_ (¬1) ح ي: فخرج. (¬2) ح ي - وهذا الثاني إمام إن نوى أو لم ينو. (¬3) ي: فاجتمع. (¬4) ح: فصلى. (¬5) ح ي + الأول. (¬6) ك م: فقدموا. (¬7) ح ي: أجمع. (¬8) م - كلهم. (¬9) ح ي: رجل واحد. (¬10) ح ي: نوى. (¬11) ح + الأول. (¬12) ح + أي اقتداو به؛ ي + أي ابتدؤوا به. (¬13) ح ي: انفردوا. (¬14) ح: وإن. (¬15) ح ي: وقدم. (¬16) ح ي: في صلاة. (¬17) ح ي: هل يجزيهم. (¬18) ح ي - يجزيهم. (¬19) ح ي: فإن صلاته.

باب المسافر يحدث فيقدم مقيما

وعليهم أن يستقبلوا الصلاة (¬1). ... باب المسافر يحدث فيقدّم مقيماً (¬2) قلت: أرأيت إمامًا أحدث وهو مسافر وخلفه قوم (¬3) مقيمون ومسافرون فقدّم رجلاً (¬4) من المقيمين كيف يصنع هذا المقيم؟ قال: يصلي بهم تمام (¬5) صلاة المسافر (¬6)، فإذا تشهد تأخر من غير أن يسلم بهم (¬7)، وقدّم رجلاً من المسافرين فيسلم بهم تمام صلاة المسافر (¬8)، وقام (¬9) المقيمون فقَضَوْا ما بقي (¬10) من صلاتهم عليهم (¬11) وحداناً بغير إمام. قلت: أرأيت (¬12) إن (¬13) قدم الإمام الأول رجلاً من المقيمين فصلى بهم وقعد (¬14) في الثانية وتشهد، ثم قام فأتم (¬15) بالقوم الصلاة وصلى القوم (¬16) معه؟ قال: أما المسافرون فصلاتهم جميعاً تامة، وأما المقيمون فإن صلاتهم فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة، إلا (¬17) الإمام فإن صلاته تامة (¬18). قلت: فإن لم يقعد الإمام في الركعتين قدر التشهد؟ قال: صلاته ¬

_ (¬1) ي - الصلاة. (¬2) ح ي - باب المسافر يحدث فيقدم مقيمًا. (¬3) ح ي - قوم. (¬4) ي: رجل. (¬5) ح ي - تمام. (¬6) ح ي: المسافرين. (¬7) ح ي - بهم. (¬8) ح ي - تمام صلاة المسافر. (¬9) ح ي: ثم قام. (¬10) ح ي + عليهم. (¬11) ح ي - عليهم. (¬12) ح ي - أرأيت. (¬13) ح ي: فإن. (¬14) ح ي: فقعد. (¬15) م: قايم. (¬16) ح: الذين. (¬17) م - إلا. (¬18) إنما فسدت صلاة المقيمين لأن عليهم الانفراد في الأخريين، فإذا اقتدوا به فسدت صلاتهم، لأن الإمام الثاني هو خليفة الأول المسافر، فيكون الثاني في حكم المسافر، والمقيم الذي يقتدي بمسافر عليه أن يتم صلاته منفرداً. انظر: المبسوط، 1/ 179.

فاسدة (¬1)، وصلاة من خلفه من المسافرين والمقيمين جميعاً فاسدة. قلت: فما حال الإمام الأول المسافر الذي (¬2) أحدث؟ قال: صلاته أيضاً فاسدة، وعليه أن يستقبل (¬3) الصلاة. قلت: لم أَفسدتَ (¬4) صلاة المسافرين؟ قال: لأن صلاتهم أربع ركعات، ولم يقعد في الركعتين قدر التشهد، فما زاد على الركعتين فهو تطوع؛ لأنهم قد خلطوا المكتوبة بالتطوع، فلما (¬5) خلطوا المكتوبة بالتطوع فسدت (¬6) صلاتهم. وأما المقيمون فإنه أمَّهم فيما لا ينبغي له أن يؤمّهم فيه، فلذلك أَفسدت عليهم صلاتهم (¬7). قلت: أرأيت رجلاً (¬8) صلى ركعة بغير قراءة ولا سجود ورَكَعَ، فلما رَكَعَ (¬9) رفع رأسه فقرأ وركع وسجد، وأتاه (¬10) رجل فدخل معه في صلاته (¬11) وأدرك معه الركعة، هل يجزيه؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه هكذا ينبغي له أن يصنع. قلت: أرأيت إن كان الإمام قد (¬12) قرأ (¬13) في الركعة الأودى وركع على فراغ من القراءة؟ قال: ركوعه في (¬14) الثاني باطل ولا (¬15) يحتسب به (¬16)؛ لأنه حين (¬17) قرأ أولاً ثم ركع فقد تمت الركعة. قلت: فإن دخل معه رجل في الركعة الثانية هل يجزيه من ركعته؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان الإمام حين قرأ وركع (¬18) أولاً (¬19) أحدث وخلفه قوم فقدّم رجلاً آخر، فاستقبل هذا الرجل القراءة والركوع والسجود، فجاء رجل ¬

_ (¬1) ح ي - فاسدة. (¬2) ح: والذي. (¬3) ح ي: وعليهم أن يستقبلوا. (¬4) ح: فسدت. (¬5) ح ي: فإذا. (¬6) ح + عليهم. (¬7) ح - صلاتهم وأما المقيمون فإنه أمهم فيما لا ينبغي له أن يؤمهم فيه فلذلك أفسدت عليهم صلاتهم. (¬8) م + إذا. (¬9) ح ي - ركع. (¬10) ح ي: أتاه. (¬11) ح ي: في الصلاة. (¬12) ح ي - قد. (¬13) م: قد اقرأ. (¬14) ح ي - في. (¬15) ح ي: لا. (¬16) ح: يحتسبه. (¬17) ح ي: حيث. (¬18) ح ي: أو ركع. (¬19) م: ولا.

باب الإمام يحدث فيقدم جنبا أو صبيا

فدخل مع (¬1) هذا؟ قال: إن كان الإمام الأول قد (¬2) قرأ في الركعة الأولى فهي الركعة، وهذه الركعة الثانية لا تجزيه (¬3)، وسجود الثانية هو (¬4) السجود للأولى (¬5)، ولا يجزي (¬6) الذي دخل مع هذا في الثانية ركوعه (¬7) وسجوده (¬8). وإن كان الإمام الأول (¬9) لم يقرأ حتى ركع ثم أحدث، فقدّم هذا، فقرأ هذا الإمام الثاني وركع، ثم دخل معه رجل وهو راكع، فإنه يجزيه والقومَ والداخلَ معه سواء (¬10)؛ لأن الأول كأنه افتتح الصلاة ثم أحدث، فقدّم هذا، فقرأ هذا (¬11) الإمام الثاني (¬12)؛ وهكذا ينبغي له أن يصنع (¬13). ... باب الإمام يحدث فيقدم جنباً أو صبياً (¬14) قلت: أرأيت رجلاً (¬15) أحدث وهو إمام (¬16) فتأخر (¬17) فقدّم (¬18) رجلاً وهو على غير (¬19) وضوء أو هو جنب أو هو صبي لم يحتلم؟ قال: صلاته وصلاة القوم كلهم (¬20) فاسدة (¬21). قلت: لم؟ قال: لأن صلاة إمامهم الذي ¬

_ (¬1) ح: معه. (¬2) ح ي - قد. (¬3) م: ولا تجزيه؛ ح: لا تجوز. (¬4) ك م: من. (¬5) م: الأولى؛ ح ي: سجود الأولى. (¬6) ح ي: يجز. (¬7) ك م: وركوعه. (¬8) أي: لا يكون مدركًا للركعة الأولى، فعليه أن يقضيها بركوعها وسجودها. (¬9) ك م - الإمام الأول. (¬10) ك م - سواء. (¬11) ح ي - فقرأ هذا. (¬12) ح ي + وقرأ وركع. (¬13) انظر لشرح المسألة: المبسوط، 1/ 179 - 180. (¬14) ح ي - باب الإمام يحدث فيقدم جنباً أو صبياً. (¬15) ي: رجل. (¬16) ك م - وهو إمام. (¬17) ك م + وهو إمام. (¬18) ح ي: وقدم. (¬19) ح - غير؛ صح هـ. (¬20) ح ي - كلهم. (¬21) ح ي + كلهم.

باب صلاة الأمي

قدّم فاسدة وليست (¬1) بصلاة، فإذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاة من خلفه. ألا ترى لو أنه حين أحدث قدّم امرأة أن صلاتهم كانت فاسدة (¬2)، فكذلك كل (¬3) من ذكرت. ... باب صلاة الأمي (¬4) قلت: أرأيت رجلاً أمياً (¬5) صلى بقوم أميين (¬6) وفيهم من يقرأ (¬7) وفيهم من لا يقرأ؟ قال: صلاتهم فاسدة، وهو (¬8) قول أبي حنيفة. وقال محمد: صلاة من يقرأ فاسدة، وصلاة من لا يقرأ تامة. وهو قول أبي يوسف (¬9). قلت: أرأيت إن افتتح بهم الصلاة وهو أمي فصلى (¬10) بهم ركعة أو ركعتين ثم علم (¬11) سورة فقرأها في الثالثة والرابعة أيجزيه ويجزي من خلفه؟ قال: لا يجزيهم، وصلاتهم فاسدة. قلت: وكذلك لو صلى بهم ثلاث ركعات ثم علم سورة؟ قال: نعم (¬12). قلت: أرأيت إن افتتح بهم الصلاة (¬13) وهو أمي ¬

_ (¬1) ك م: ليست. (¬2) ح ي: تفسد. (¬3) ح ي - كل. (¬4) ح ي - باب صلاة الأمي. (¬5) م: أمنا. (¬6) م: أمنين؛ ح ي - أميين. (¬7) أي: وفيهم من ليس بأمي. (¬8) ح ي: وهذا. (¬9) ك م - وقال محمد صلاة من يقرأ فاسدة وصلاة من لا يقرأ تامة وهو قول أبي يوسف. والعبارة بمعناها في الكافي حيث يقول الحاكم: وقال أبو يوسف ومحمد: صلاة الإمام ومن لا يقرأ تامة. انظر: الكافي، 1/ 9 ظ؛ والمبسوط، 1/ 181. (¬10) ح: وصلى. (¬11) وفي الكافي، 1/ 9 ظ: ثم تعلم. (¬12) ك م ج ر ط + وفي الإملاء عن أبي يوسف أن أبا حنيفة كان يقول أولاً في الأمي يتعلم سورة في خلال صلاته إنه يقرأ ويبني ثم رجع عن ذلك. وهذه العبارة من كلام بعض الرواة كما سبق أمثالها. والقول الذي رجع عنه الإمام أبو حنيفة هو قول زفر. انظر: المبسوط، 1/ 182. (¬13) ح ي - الصلاة.

فصلى بهم تمام الصلاة، فلما قعد قدر التشهد ولم يسلم علم سورة؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: فإن كان خلفه قوم لا يقرؤون فافتتح بهم وهو أمي، فلما صلى ركعة أو ركعتين علم سورة فقرأها (¬1) فيما بقي؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا الملاة. قلت: لم؟ قال: لأنه بنى صلاةً (¬2) على غير قراءة، ثم علم سورة (¬3)، فعليه أن يستقبل. وهو (¬4) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد (¬5): أما نحن فنرى إذا صلى الأمي بقوم أميين وبقوم يقرؤون فصلى بهم تمام الصلاة وقد قعد قدر التشهد، ثم علم سورة أنه يجزيه صلاته وصلاة (¬6) من (¬7) خلفه ممن لا يقرأ، وأما من كان يقرأ فصلاته فاسدة. قلت: فإن كان الإمام ممن لا يقرأ فافتتح الصلاة ثم أحدث قبل أن يصلي شيئاً، فقدّم رجلاً ممن كان (¬8) يقرأ؟ قال: صلاة الإمام وصلاة من خلفه فاسدة في قول أبي حنيفة. قلت: لم؟ قال: لأنه قد (¬9) وجب عليه ما وجب على الإمام الأول؛ لأن الإمام الأول كان لا يقرأ. قلت (¬10): أرأيت إن كان الإمام الأول قد صلى ركعة ثم أحدث فقدّم هذا؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: فإن كان الإمام الأول (¬11) حين افتتح بهم (¬12) الصلاة (¬13) علم سورة فصلى ركعتين وقرأ فيهما تلك السورة، ثم أحدث فقدّم رجلاً ممن لا يقرأ؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: فإن قدّم رجلاً ممن يقرأ؟ قال: هذا وما قبله سواء. قلت (¬14): إذا افتتح أمي بقوم أميين الصلاة فصلى (¬15) بهم ركعة أو ركعتين أو ثلاثاً (¬16) ثم علم سورة (¬17)؟ ¬

_ (¬1) ح ي: فقرأ. (¬2) ح ي: صلاته. (¬3) ح ي: القراءة. (¬4) ح ي: وهذا. (¬5) ك م - ومحمد. وانظر: 1/ 35 و. (¬6) ح: ويجزيه؛ ي: ويجزي. (¬7) ح ي + كان. (¬8) ح ي - كان. (¬9) ح ي - قد. (¬10) م: قال. (¬11) ي - الأول. (¬12) ح ي - بهم. (¬13) ح ي + بهم. (¬14) ك م ح - قلت. (¬15) ح: وصلى. (¬16) ي: أو ثلاث. (¬17) ح ي: السورة.

باب فيمن صلى تطوعا أو فريضة ولم يقعد في الثانية

قال (¬1): صلاتهم فاسدة. قلت (¬2): وكذلك لو كان فيهم قوم يقرؤون؟ قال: نعم (¬3). قلت: أرأيت رجلاً دخل مع الإمام في الصلاة وقد سبقه بركعة والرجل أمي، فلما فرغ الإمام من صلاته قام الرجل ليقضي أتحب له (¬4) أن يقرأ فيما بقي؟ قال: نعم. قلت: فإذا لم يحسن أن يقرأ؟ قال: أما في القياس فإن صلاته فاسدة، ولكن أدع القياس وأستحسن أن يجزيه. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو كان أخرس فسبقه الإمام بركعة (¬5) فقام يقضي أما (¬6) كان (¬7) يجزيه صلاته؟ قلت: بلى. قال: فهذا (¬8) وذاك سواء. قلت: أرأيت رجلاً صلى في المسجد وحده تطوعاً فأحدث (¬9) فانفتل فذهب يتوضأ (¬10) أيجزيه أن يصلي في بيته؟ قال: أي ذلك فعل فحسن (¬11). فإن كان لم يتكلم بنى (¬12) على صلاته، وإن (¬13) كان (¬14) تكلم استقبل الصلاة. ... باب فيمن صلى تطوعاً أو فريضة ولم يقعد في الثانية (¬15) قلت: أرأيت رجلاً افتتح التطوع فصلى أربع ركعات ولم يقعد في الثانية؟ قال: يجزيه، وعليه سجدتا السهو إن كان فعل ذلك ناسياً (¬16). ¬

_ (¬1) ك م: فإن. (¬2) ك م - قلت. (¬3) ك م - قال نعم. (¬4) ح ي: أيجب عليه. (¬5) ح ي - بركعة. (¬6) ح ي - أما. (¬7) ح ي: أكان. (¬8) ك م: هذا. (¬9) م: فأخذت. (¬10) ح ي: فتوضأ. (¬11) ح: فهو حسن. (¬12) ك - بنى. (¬13) ح ي: فإن. (¬14) ح ي - كان. (¬15) ح ي - باب فيمن صلى تطوعاً أو فريضة ولم يقعد في الثانية. (¬16) ي: ساهياً.

باب صلاة النساء مع الرجال

قلت: لم (¬1)؟ أليس قد أَفسدتَ (¬2) الأوليين حين لم يقعد فيهما؟ قال: أما في (¬3) القياس فقد أفسدتُهما (¬4)، ولكن (¬5) أدع القياس وأستحسن، فأجعلهما بمنزلة الفريضة. ألا ترى لو أن رجلاً صلى الظهر ولم يقعد في الثانية وقعد في الرابعة وتشهد أن صلاته تامة وعليه سجدتا (¬6) السهو، فكذلك هذا. قلت: أرأيت رجلاً أمياً افتتح الظهر وصلى ففرغ (¬7) من صلاته وسلم، ثم ذكر (¬8) أن عليه سهواً (¬9) من صلاته فسجد سجدة واحدة للسهو، ثم علم سورة قبل أن يسجد الأخرى؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: فإن لم يَسْهُ (¬10) في صلاته ولكنه صلى أربع ركعات فقعد في الرابعة قدر التشهد ثم علم سورة قبل أن يسلم؟ قال: هذا والأول سواء. وهذا (¬11) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى (¬12) إذا قعد قدر التشهد ثم علم سورة أن صلاته تامة (¬13). ... باب صلاة النساء مع الرجال (¬14) قلت: أرأيت امرأة صلت مع القوم في الصف وهي تصلي بصلاة الإمام ما حالها وحال من كان بجنبها من الرجال؟ قال: أما صلاتها (¬15) فتامة (¬16)، وصلاة القوم كلهم (¬17) جميعاً تامة ما خلا الرجل الذي (¬18) عن ¬

_ (¬1) ح ي - لم. (¬2) ح ي: أفسد. (¬3) ح - في. (¬4) م: أفسد بهما؛ ح ي: أفسدهما. (¬5) ح ي: ولكني. (¬6) ح: سجدة. (¬7) ح ي: وفرغ. (¬8) ح: ثم فكر. (¬9) ح ي: السهو. (¬10) ح ي: لم يسهو. (¬11) ح ي: وهو. (¬12) ح ي - أما نحن فنرى. (¬13) ك م + وهو قول محمد. وانظر: 1/ 34 و. (¬14) ح ي - باب صلاة النساء مع الرجال. (¬15) م: صلاته؛ ي: فصلاتها. (¬16) ح: تامة. (¬17) ح ي - كلهم. (¬18) ح ي + كان.

يمينها والذي كان (¬1) عن يسارها والذي خلفها بحِيَالها، فإن هؤلاء الثلاثة يعيدون الصلاة. قلت: لم؟ قال: لأن هؤلاء الثلاثة قد ستروا من (¬2) خلفهم من الرجال وصار (¬3) كل واحد (¬4) منهم بمنزلة الحائط بين المرأة (¬5) وأصحابه (¬6). قلت: أرأيت رجلاً صلى بقوم رجال ونساء فكان (¬7) صف (¬8) تام (¬9) نساء وهن خلف الإمام وخلف ذلك صفان من الرجال؟ قال: صلاة الصفين فاسدة، وصلاة القوم ممن (¬10) هو أمام النساء والنساء (¬11) كلهن (¬12) تامة. قلت: لم (¬13) إذا (¬14) كانت امرأة (¬15) واحدة أفسدتَ صلاة الذي (¬16) خلفها ولم تُفسد صلاة الذي (¬17) خلف أولئك، كما أنه لو كان صف (¬18) من النساء أفسدتَ صلاة الذي (¬19) خلفهن والذي خلف ذلك أيضاً؟ قال: هما (¬20) في القياس سواء، ولكن (¬21) أستحسن. إذا كان صف من النساء تام (¬22) أفسدتُ صلاة من خلفهن من الرجال وإن كانوا عشرين (¬23) صفًا. وإذا كانت امرأة واحدة أو اثنتان (¬24) أفسدتُ (¬25) صلاة من كان عن يمينها وعن يسارها والذي خلفها، وبقية القوم صلاتهم تامة. قلت: أرأيت امرأة ¬

_ (¬1) ح ي - كان. (¬2) ح: ما. (¬3) ك م ج رط: وهما. وعبارة الحاكم: وهم. انظر: الكافي، 1/ 9 ظ. (¬4) ك م ج ر ط: لكل رجل. (¬5) ح ي: الصلاة. (¬6) ح ي: وبين أصحابه. (¬7) ح: وكان. (¬8) ك: صفًا؛ م: ضعيفاً. (¬9) ك م: تاماً. (¬10) م: فيمن. (¬11) ح ي - ممن هو أمام النساء والنساء. (¬12) ح ي: كلهم. (¬13) ك م - لم. (¬14) ح ي: وإذا. (¬15) ك م: المرأة. (¬16) ح + من. (¬17) ح ي + من. (¬18) ك م: صفا. (¬19) ي: الذين. (¬20) ك م: هذا. (¬21) صح ي: ولكني. (¬22) ح ي + ان. (¬23) ك م - صف من النساء تام أفسدت صلاة من خلفهن من الرجال وإن كانوا عشرين. (¬24) ح ي: واثنتان. (¬25) ك م ح ي: أن أفسد. والتصحيح من ج ر.

صلت (¬1) بحذاء الإمام تأتم به وهو يؤم القوم (¬2) ويؤمها؟ قال: صلاة الإمام (¬3) والقوم والمرأة (¬4) جميعاً فاسدة. قلت: أرأيت إن صلت (¬5) أمام (¬6) الإمام وهي تأتم به (¬7)؟ قال: صلاتها فاسدة، وصلاة الإمام ومن خلفه تامة. قلت: لم؟ قال: لأنه من كان أمام الإمام فلا يكون في صلاة الإمام. قلت: أرأيت امرأة صلت بحذاء رجل وهما جميعاً (¬8) في صلاة واحدة غير أن كل واحد منهما يصلي لنفسه (¬9)؟ قال: صلاتهما جميعاً تامة. ولا تفسد على الرجل صلاته إذا كان كل واحد منهما يصلي لنفسه (¬10). قلت: أرأيت امرأة صلت إلى جنب (¬11) رجل وهي تريد أن تأتم به والرجل (¬12) يصلي وحده لا (¬13) ينوي أن يكون إمامها؟ قال: صلاة الرجل (¬14) تامة، وصلاة المرأة فاسدة. قلت: لم لا تفسد صلاة (¬15) الرجل (¬16)؟ قال (¬17): إذا لم ينو الرجل أن يكون إماماً للمرأة فلا تُفسِد (¬18) عليه شيئاً؛ لأنه إنما صلى وحده (¬19). ولو جعلته إمامها كانت المرأة إن شاءت (¬20) أن تُفسِد على الرجل صلاته جاءت فكبرت وقامت (¬21) بحذائه فتنتقض (¬22) صلاته. فهذا قبيح (¬23). لا (¬24) يكون إمامها، ولا تُفسِد عليه صلاته إلا أن ينوي أن يؤمها (¬25). ¬

_ (¬1) ي - صلت؛ صح هـ. (¬2) ي: بالقوم. (¬3) ح ي + والمرأة. (¬4) ح ي - والمرأة. (¬5) ح: إن صلى. (¬6) ح - أمام. (¬7) م: وهي نايمه. (¬8) ح - جميعاً. (¬9) ح هـ + قال تجزيه. (¬10) ح - قال صلاتهما جميعاً تامة ولا تفسد على الرجل صلاته إذا كان كل واحد منهما يصلي لنفسه. (¬11) ح: إلى جانب. (¬12) ح + يريد أن، ي + يريد. (¬13) ح ي: ولا. (¬14) ح ي: الإمام. (¬15) ح ي: على. (¬16) ح ي + صلاته. (¬17) ح ي - قال. (¬18) م: فلا يفسد؛ ح ي: لم تفسد. (¬19) ح ي: لأنها إنما صلت وحدها. (¬20) ح ي: إذا شاءت. (¬21) ح: فكبر وتامت. (¬22) ح ي: فتنقض. (¬23) ح: أقبح. (¬24) ح ي: ولا. (¬25) ح ي - أن يؤمها.

قلت: فإن (¬1) كان يؤمها ويؤم غيرها وائتمت (¬2) به وقامت بحذائه أَفسدتْ عليه وعلى من خلفه وعلى نفسها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وامرأة سبقهما الإمام بركعة، فلما فرغ الإمام قاما يقضيان، وقام كل واحد منهما بحذاء صاحبه (¬3)، فهل (¬4) تُفسِد المرأة صلاة الرجل؟ قال: لا. قلت: لم (¬5) وهما في صلاة واحدة؟ قال: لأن كل واحد منهما يصلي لنفسه. ألا ترى لو أن أحدهما سها فيما يقضي فسجد (¬6) لسهوه لم يجب على صاحبه أن يسجد معه. قلت: فإن لم يسبقهما الإمام بشيء (¬7) مما ذكرنا (¬8) من صلاته ولكنهما أدركا أول الصلاة، فلما صليا (¬9) ركعة أو ركعتين أحدثا (¬10) فذهبا فتوضآ (¬11) فجاءا وقد فرغ الإمام من صلاته، فقاما يقضيان ما سبقهما الإمام به (¬12)، فقامت المرأة بحذاء الرجل فصلت (¬13)؟ قال (¬14): أما المرأة فصلاتها تامة، وأما الرجل فإن صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة (¬15)؛ لأنهما في صلاة الإمام بَعْدُ (¬16). ألا ترى أنهما يقضيان بغير قراءة. قلت: أرأيت إماماً صلى الظهر فائتمّت به امرأة فقامت بحذائه تنوي (¬17) صلاته تريد (¬18) بذلك التطوع والإمام ينوي أن يؤمها؟ قال: صلاة الإمام والمرأة والقوم جميعاً (¬19) فاسدة. قلت: لم أفسدت على الإمام صلاته وهي لا تنوي صلاته؟ قال: لأنه إمام لها وقد ائتصت به وقامت بحذائه. قلت: فهل ¬

_ (¬1) ح ي: فإذا. (¬2) ح: وائتممت. (¬3) ح + فقضا؛ ي + فقضيا. (¬4) ح ي: هل. (¬5) م - لم. (¬6) ح ي: وسجد. (¬7) م: نسي. (¬8) ح ي - مما ذكرنا (¬9) م: فلما صلتا. (¬10) م: اخذتا. (¬11) ح ي: وتوضآ. (¬12) ك م - به. (¬13) ح ي: وصلت. (¬14) ح: فقال. (¬15) خ ي - الصلاة. (¬16) م: قعد. (¬17) م: ينوي. (¬18) م: يريد؛ ح ي: وتريد. (¬19) ح ي - جميعاً.

باب صلاة العريان

على المرأة (¬1) أن تقضي التطوع الذي (¬2) دخلت فيه مع الإمام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الإمام ينوي الظهر والمرأة تنوي العصر؟ قال: صلاة الإمام والقوم تامة، وصلاتها فاسدة. قلت: فهل عليها أن تقضي العصر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت (¬3) امرأة (¬4) دخلت مع الإمام [بحذائه] في صلاته وهو (¬5) على غير وضوء؟ قال: صلاة الإمام والقوم (¬6) فاسدة (¬7)، وصلاتها تامة (¬8). ... باب صلاة العريان (¬9) قلت: أرأيت رجلاً عرياناً لا يقدر على ثوب يصلي فيه كيف يصنع؟ قال: يصلي قاعدًا يومئ (¬10) إيماء. قلت: وكذلك لو كانوا رهطاً (¬11) صلوا (¬12) وحداناً؟ قال: نعم. قلت: فإن صلوا جماعة يومئون إيماء ويجعلون السجود أخفض من الركوع؟ قال: يجزيهم. قلت: وكذلك لو صلوا قيامًا وحدانًا يومئون إيماءً؟ قال: نعم، إلا أن أفضل ذلك أن يصلوا قعوداً وحداناً يومئون إيماء (¬13). قلت: وكذلك لو تقدم بعضهم فصلى (¬14) بهم يومئ إيماء؟ قال: نعم، يجزيهم. قلت: أرأيت رجلاً عرياناً ¬

_ (¬1) ك م: فهل للمرأة. وانظر أيضاً: الكافي، 1/ 9 ظ؛ والمبسوط، 1/ 186. (¬2) ك م: التي. (¬3) ح ي + إن كانت. (¬4) ح ي - امرأة. (¬5) ح ي: وهي. (¬6) م: والقوه. (¬7) ح ي: تامة. (¬8) ح ي: فاسدة. (¬9) ح ي - باب صلاة العريان. (¬10) م - يومئ، صح هـ. (¬11) ح: رهط. (¬12) ي: أيصلوا. (¬13) م - قال نعم إلا أن أفضل ذلك أن يصلوا قعوداً وحداناً يومئون إيماء، صح هـ؛ ح ي - قلت وكذلك لو صلوا قياماً وحدانًا يومئون إيماءً قال نعم إلا أن أفضل ذلك أن يصلوا قعوداً وحداناً يومئون إيماء. (¬14) ح: وصلى.

باب الرجل يحدث وهو راكع أو ساجد

لا يقدر على ثوب نظيف يصلي فيه (¬1) ومعه ثوب فيه دم أكثر من قدر الدرهم كيف يصنع؟ قال: يصلي في ذلك الثوب. قلت: فإن كان في توبه (¬2) قدر (¬3) نصفه (¬4)؟ قال (¬5): يصلي فيه (¬6). قلت: فإن كان مملوء كله دماً (¬7)؟ قال: إن صلى عرياناً قاعداً أجزأه ذلك، وإن صلى في الثوب أجزأه ذلك (¬8). وهذا قول أبي حنيفة وأبى يوسف. وقال محمد: لا يجزيه إن صلى عرياناً وإن كان ثوبه (¬9) مملوء دماً إلا أن يصلي فيه. ... باب الرجل يحدث وهو راكع أو ساجد (¬10) قلت: أرأيت رجلاً صلى فأحدث وهو راكع أو ساجد فذهب فتوضأ (¬11) وجاء (¬12) أترى له أن يعيد تلك الركعة أو تلك السجدة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن الحدث قد نقضه. قلت: فإن كان إمام (¬13) قوم (¬14) فأحدث وهو راكع فتأخر وقدم رجلاً، أيمكث (¬15) الرجل كما هو راكعاً (¬16) حتى يكون قدر (¬17) ركعته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى ¬

_ (¬1) ح ي - يصلي فيه. (¬2) ح ي: في الثوب. (¬3) ح ي - قدر. (¬4) ح ي + دم يصلي فيه. (¬5) ي + نعم. (¬6) ي - يصلي فيه. (¬7) ح ي: دم. (¬8) ك م - وان صلى في الثوب أجزأه ذلك. (¬9) ح ي: الثوب؛ ح ي + كله. وقال الحاكم: فإن كان مع العاري ثوب مملوء دماً فإن صلى فيه أو عرياناً أجزأه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا تجزيه الصلاة إلا في الثوب النجس. انظر: الكافي، 1/ 9 ظ؛ والمبسوط، 1/ 187. (¬10) ح ي - باب الرجل يحدث وهو راكع أو ساجد. (¬11) ح ي: وتوضأ. (¬12) ك م - وجاء. (¬13) ح: إمامًا (¬14) ح ي - قوم. (¬15) ي + ذلك. (¬16) م - راكعاً؛ ح ي: راكع. (¬17) م: قد.

ركعة أو ركعتين ثم ذكر (¬1) أن (¬2) عليه سجدة (¬3) من الركعة الأولى أو (¬4) من التلاوة (¬5)، فذكر ذلك وهو راكع، فخَرَّ (¬6) ساجدًا، ثم رفع رأسه، أيعود في تلك الركعة؟ قال: نعم. قلت: ولا يجزيه ما كان مضى منها؟ قال: إن احتسب (¬7) بتلك الركعة أجزأه، وإن (¬8) عاد في ذلك فهو (¬9) أحبّ إليّ. قلت: وكذلك إن ذكرها (¬10) وهو ساجد (¬11)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أدرك الإمام في المغرب وقد بقيت عليه ركعة فصلى معه (¬12) تلك الركعة، فلما سلم (¬13) الإمام قام (¬14) يقضي كيف يصنع؟ قال: يقرأ فاتحهّ الكتاب وسورة، ثم يركع ويسجد ويجلس، ثم يقوم فيقرأ ثم يركع (¬15) ويسجد ويجلس (¬16) فيتشهد (¬17) ويدعو بحاجته (¬18)، ثم يسلم. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما يقضي أول صلاة الإمام. قلت: فلم يقعد في الآخرة (¬19) منهما وفي الأولى وهما عندك أول الصلاة؟ قال: أما الأولى منهما فهي الثانية له فيما يصلي، فلا بد له من أن يقعد فيها، وأما الثالثة فلا بدله من أن يقعد (¬20) حتى يسلم. قلت: أرأيت رجلاً أدرك مع الإمام ركعة من الوتر في رمضان فقنت (¬21) فيها مع الإمام، ثم قام يقضي ما سُبِقَ به (¬22)، هل يَقنُت ¬

_ (¬1) ح ي + سجدة. (¬2) ح ي - أن. (¬3) ح ي - سجدة. (¬4) ح ي + سجدة. (¬5) ح ي: من تلاوة. (¬6) م: خر. (¬7) م: إن أحسنت. (¬8) ح ي: فإن. (¬9) ك م - فهو. (¬10) ح ي: لو ذكرها. (¬11) ح: ساجداً. (¬12) ح ي - معه. (¬13) ح + سلم. (¬14) ح - قام. (¬15) ح ي: ويركع. (¬16) م - ثم يقوم فيقرأ ثم يركع ويسجد ويجلس. (¬17) ح ي: ويتشهد. (¬18) ح: لحاجته. (¬19) ح: في الآخر. (¬20) ك م - وأما الثالثة فلا بد له من أن يقعدة ح + فيها. (¬21) م: فيقنت. (¬22) م - به؛ ح ي - ما سبق به؛ ح + قال.

فيما يقضي؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما يقضي أول صلاة الإمام، وقد أدرك آخرها وقَنَتَ. ألا ترى لو (¬1) أن الإمام (¬2) سها فسجد معه سجدتي السهو لم يكن عليه أن يقضيها بعدُ (¬3). قلت: أرأيت رجلاً صلى فمرّ بين يديه رجل أو امرأة أو حمار أو كلب (¬4) هل يقطع شيء من ذلك صلاته؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا لا يقطع الصلاة (¬5)، وقد جاء فيه (¬6) الأثر (¬7). قلت: فهل تُحِبّ للرجل (¬8) إذا صلى أن يدفع عن نفسه من يمر بين يديه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الذي يمر بين يديه بينة وبينه (¬9) شيء كثير (¬10) إذا أراد أن يدرأه (¬11) عن نفسه مشى إليه ساعة؟ قال: لا يمشي إليه، ولكن يصلي مكانه ويدعه؟ لأن الذي يَدخل عليه من المشي أشدّ من مَمَرِّ (¬12) هذا بين يديه. قلت (¬13): ¬

_ (¬1) م ح ي - لو. (¬2) ح ي + لو. (¬3) م - بعد؛ ح ي: بعده. (¬4) م: أو كلت. (¬5) ك م - الصلاة. (¬6) ح ي - فيه. (¬7) ح ي: أثر. محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد أنه سأل عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها- عما يقطع الصلاة. فقالت: أما إنكم يا أهل العراق تزعمون أن الحمار والكلب والمرأة والسِّنَّوْر يقطعون الصلاة، فقرنتمونا بهم. فادرأ ما استطعت؛ فإنه لا يقطع صلاتك شيء. انظر: الآثار لمحمد، 31. ورواه أبو يوسف كذلك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 47. وعن أبي سعيد قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقطع الصلاة شيء، وادرؤوا ما استطعتم، فإنما هو شيطان". انظر: سنن أبي داود، الصلاة، 114؛ وسنن الدارقطني، 1/ 366 - 368. وروي عن علىِ وابن عمر - رضي الله عنهما-. انظر: الموطأ، قصر الصلاة، 39. 40. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 76؛ والدراية لابن حجر، 1/ 178. (¬8) م: يجب للرجل؛ ح ي: يجب على الرجل. وقال الحاكم: ويدفع المار عن نفسه ما (لعله: بما) ليس فيه مشي ولا علاج. انظر: الكافي، 1/ 10 و. وقال السرخسي: وينبغي أن يدفع المار عن نفسه. انظر: المبسوط، 1/ 191. (¬9) ك م - بينه وبينه. (¬10) ك: كبير. (¬11) ح ي: أن يدرأ. (¬12) ح ي: من مر. (¬13) ح ي + أرأيت.

إن مر (¬1) بين يديه إنسان (¬2) فمنعه فأبى (¬3) أترى له أن يدفعه ويعالجه (¬4) ويمنعه من ذلك؟ قال: لا. قلت: فإن فعل؟ قال: إذن انقطعت (¬5) صلاته. قلت: وإنما يدرأ عن نفسه بما (¬6) ليس فيه (¬7) مشي ولا علاج (¬8)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى في صحراء ليس بين يديه شيء؟ قال: أَحَبُّ إليّ أن يكون بين يديه شيء، فإن لم يكن أجزأته (¬9) صلاته. قلت: وما أدنى ما يكفيه؟ قال: طول ذراع (¬10). قلت: أرأيت رجلاً صلى بقوم وبين يديه رمح قد ركزه أو قصبة (¬11)، وليس بين يدي أصحابه الذين (¬12) خلفه شيء؟ قال: تجزيهم صلاتهم. قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى الإمام وقد سبقه بركعة، فقام الرجل خلف الصف فصلى (¬13) وحده بصلاة الإمام؟ قال: يجزيه (¬14). قلت: لم؟ قال: أرأيت لو كان معه رجل (¬15) على غير وضوء أو كان معه صبي أو كان (¬16) رجلان (¬17) في صف فكبر أحدهما قبل (¬18) الآخر أما يجزيه (¬19)؟ قلت: بلى. قال (¬20): فهذا وذاك (¬21) سواء. قلت: أرأيت رجلاً صلى مع الإمام وبينه وبين الإمام حائط (¬22)؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي + إنسان. (¬2) ح ي - إنسان. (¬3) ك م - فأبى. (¬4) ح ي: أو أن يعالجه. (¬5) ح ي: يقطع. (¬6) ك م ح ي: ما. (¬7) ح ي + علاج ولا. (¬8) ح ي - ولا علاج. (¬9) ح ي: أجزأه. (¬10) ك م - قلت وما أدنى ما يكفيه قال طول ذراع. وقال الحاكم: وأدناه طول ذراع. انظر: الكافي، 1/ 10 و؛ والمبسوط، 1/ 190. (¬11) ح ي: أو نصبه. (¬12) ك م: الذي. (¬13) ح ي: صلى. (¬14) ح: يجزيهم. (¬15) ح ي - رجل. (¬16) ح ي + معه. (¬17) م: رجلاً. (¬18) ح ي: دون. (¬19) ح - أما يجزيه. (¬20) م - قال. (¬21) ح: وذلك. (¬22) في هامش نسخة ك: معناه حائط لا يستر. وقد تقدم في مسألة محاذاة المرأة التعليل لعدم فساد صلاة من حول الرجال الذين هم حول المرأة أنهم بمنزلة الحائط بينها وبين=

يجزيه. قلت: فإن كان بينه وبين الإمام طريق يمر فيه الناس وهو عظيم؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يستقبل الصلاة؛ لأن هذا ليس مع الإمام. قلت: أرأيت (¬1) إن كان في الطريق الذي بينه وبين الإمام مصلون (¬2) يصلون بصلاة الإمام صفوفاً متصلة؟ قال: صلاته وصلاة القوم تامة. قلت: من أين اختلف هذا والأول؟ قال: إذا كان الطريق ليس فيه من يصلي لم تجزه الصلاة، لأنه قد جاء الأثر (¬3) في ذلك أن من (¬4) كان بينه وبين الإمام نهر أو طريق فليس معه (¬5). وإذا كان في الطريق (¬6) مصلون (¬7) فليس بينهم وبين الإمام طريق. قلت: أرأيت إن كان بينهم وبين الإمام صف من نساء قُدَّامَهم (¬8) يُصلينَ (¬9) بصلاة الإمام؟ قال: لا يجزيهم. قلت: أرأيت رجلاً صلى وخلفه رجل يتعلم القرآن فاستفتح ففتح عليه (¬10) الرجل الذي يصلي غير مرة؟ قال: هذا يقطع صلاته، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً صلى مع الإمام فقرأ الإمام ففتح عليه (¬11) هل يكون هذا قد (¬12) قطع صلاته؟ قال: لا. قلت: من أين اختلف (¬13) هذا والأول (¬14)؟ قال: لأن هذا يريد التلاوة (¬15)، والأول يريد ¬

_ = من سواهم من المصلين. انظر: 1/ 35 و. وعلى رواية الحسن عن الإمام أبي حنيفة الحائط مانع من الائتمام بالإمام. وانظر: المبسو، ط 1/ 193. (¬1) ح ي - أرأيت. (¬2) ح ي: قوم. (¬3) ح + ألا ترى. (¬4) ح - من. (¬5) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم في الرجل يكون بينه وبين الإمام حائط قال حسن ما لم يكن بينه وبين الإمام طريق أو نساء. انظر: الآثار لمحمد، 28؛ والحجة على أهل المدينة لمحمد، 1/ 291. وورد ذكر النهر عند الإمام أبي يوسف. انظر: الآثار لأبي يوسف، 65. وروي عن عمر - رضي الله عنه - والشعبي نحو ذلك. انظر: المصنف لعبدالرزاق، 3/ 81؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 35. (¬6) ح ي + قوم. (¬7) ح ي: يصلون. (¬8) ك م: قدامه. (¬9) ح ي: يصلون. (¬10) ك م: له. (¬11) ح ي + الرجل. (¬12) ح ي + قد. (¬13) ح: اختلفا. (¬14) ك م - والأول. (¬15) ح: الصلاة.

التعليم (¬1). قلت: أرأيت إن أراد الأول التلاوة ولم يرد التعليم (¬2)؟ قال: لا يقطع ذلك صلاته. قلت: أفينبغي (¬3) لمن خلف الإمام أن يفتح على الإمام؟ قال: لا، ولكن ينبغي للإمام إذا أخطأ أن يركع عند ذلك أو يأخذ في آية غيرها أو يأخذ في سورة أخرى. قلت: فإن لم يفعل ذلك وفتح عليه بحض القوم الذين (¬4) خلفه؟ قال: أجزأهم، ولكن قد (¬5) أساء الإمام حين (¬6) ألجأهم إلى ذلك. قلت: أرأيت الرجل يصلي فيقتل الحية أو العقرب في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: لا. قلت: فهل يقطع (¬7) في الالتفات؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً صلى فرمى على طير الحجر (¬8) وهو في الصلاة؟ قال: أكره له (¬9) ذلك، وصلاته تامة. قلت: فإن أكل ناسياً أو شرب ناسياً؟ قال: هذا يقطع الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً صلى فأخذ في صلاته قوساً فرمى بها؟ قال: قد قطع (¬10) صلاته. قلت: وكذلك لو عالج رجلاً أو قاتله (¬11)؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو خاط ثوباً أو ادّهن أو سرّح رأسه أو قطع ثوباً (¬12)؟ قال: نعم. قلت: فإن كان بين أسنانه شيء من طعام فابتلعه؟ قال: لا يضره (¬13) ذلك (¬14)، وصلاته تامة (¬15). قلت: فإن قَلَسَ أقلَّ مِن مِلْءِ فِيهِ ثم رجع فدخل جوفَه وهو (¬16) لا (¬17) يملك ذلك؟ قال: لا يضره ذلك، وصلاته تامة. قلت: من أين اختلف هذا والأكل (¬18) والشرب (¬19)؟ قال: لأن ¬

_ (¬1) ح: يعلم؛ ي: التعلم. (¬2) ح ي: التعلم. (¬3) ح ي: فينبغي. (¬4) ح ي: الذي. (¬5) ح - قد. (¬6) ح ي: حيث. (¬7) ك م: يقطعه. (¬8) ح ي: فرمى طيراً بحجر. (¬9) ح ي - له. (¬10) ح ي: هذا يقطع. (¬11) م: أو قابله. (¬12) ح ي: ثوبه. (¬13) ح: لا يضر. (¬14) ح ي + شيئاً. (¬15) ح ي - وصلاته تامة. (¬16) ح ي - وهو. (¬17) ح ي: ولا. (¬18) ح ي: والأول (¬19) ح ي - والشرب.

باب الرجل يصلي فيصيب ثوبه أو بدنه بول أو دم أكثر من قدر الدرهم

الأكل والشرب عمل، فهو (¬1) يقطع الصلاة، وليس هذا بعمل. ... باب الرجل يصلي فيصيب ثوبه أو بدنه بول أو دم أكثر من قدر الدرهم (¬2) قلت: أرأيت الرجل (¬3) يصلي فينتضح (¬4) عليه البول فيصيبه منه أكثر من قدر الدرهم؟ قال: ينفتل فيغسل (¬5) ما أصاب جسده منه، ولا يبني على صلاته. وإن كان في ثوبه (¬6) ألقاه وصلى في غيره. قلت: فإن سال من دُمَّلٍ فيه (¬7) دمٌ كثيرٌ أو قيحٌ أو أصابه بُنْدُقَة (¬8) أو حجر فشَجَّه، فغسل ذلك، أيبني على ما مضى من صلاته؟ قال: نعم إن كان لم يتكلم. وهذا قول أبي يوسف. وأما (¬9) أبو حنيفة ومحمد فقالا (¬10): يعيد في الضربة والشَّجَّة والبُنْدُقَة ولا يبني. قلت: أرأيت رجلاً صلى (¬11) فنام (¬12) في الصلاة فاحتلم؟ قال: أما في القياس فعليه (¬13) أن يغتسل ويبني (¬14) على ما مضى من صلاته. ولكن أدع القياس وآمره أن يغتسل ويسقبل الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعة فوقع عنه ثوبه فقام عرياناً وهو لا يعلم به (¬15) ثم ذكر من ساعته فتناول ثوبه فلبسه؟ قال: يمضي على صلاته ولا ¬

_ (¬1) ح ي: وهو. (¬2) ح ي - باب الرجل يصلي فيصيب ثوبه أو بدنه بول أو دم أكثر من قدر الدرهم. (¬3) ح ي: رجلاً. (¬4) ح: فينضح. (¬5) م - فيغسل. (¬6) م: في بدنه. (¬7) ح ي - فيه. (¬8) البُنْدُقَة طِينة مدوّرة يُرمى بها. انظر: المغرب، "بندق". (¬9) ح ي: وقال. (¬10) ح ي - فقالا. (¬11) ح - صلى. (¬12) ح: نام. (¬13) ح ي: فإن عليه. (¬14) ي: أو يبني. (¬15) ح ي - به.

يقطعها، وهي تامة. قلت: أرأيت رجلاً صلى (¬1) وفرجه أو دبره مكشوف وهو (¬2) يعلم بذلك أو لا يعلم (¬3) حتى فرغ من صلاته؟ قال: صلاته فاسدة. قلت: أرأيت رجلاً صلى في إزار أو سراويل أو قميص قصير (¬4) أو (¬5) ثوب متوشّح به وهو إمام أو غير إمام؟ قال: إن كان صفيقاً فصلاته تامة. قلت: أرأيت امرأة صلت ورأسها أو عورتها (¬6) مكشوفة وهي تعلم أو لا تعلم؟ قال: صلاتها فاسدة. قلت: فإن صلت وبطنها مكشوف (¬7) أو فخذاها مكشوفتان (¬8) أو صلت في درع رقيق يَشِفّ عنها أو ليس (¬9) عليها إزار أو صلت (¬10) في خمار رقيق يُرَى رأسُها وكلُّ شيء منها؟ قال: صلاتها فاسدة. قلت: فإن صلت وقد انكشف بعض رأسها أو بعض فخذها (¬11) أو بعض بطنها تعمدت (¬12) لذلك أو لم تتعمد؟ قال: إن كان ذلك يسيراً فصلاتها تامة، وقد أساءت في ذلك. وإن كان كثيراً فعليها أن تعيد (¬13) الصلاة. وقال (¬14) أبو حنيفة: إن صلت وربع رأسها أو ثلثه (¬15) مكشوف أعادت الصلاة. وإن كان أقل من ذلك لم تعد. وهو قول محمد. وقال أبو يوسف: لا تعيد (¬16) حتى يكون (¬17) النصف مكشوفاً (¬18). وكذلك الفخذ والبطن (¬19) والشعر في قوله وقولهما (¬20). قلت: أرأيت المرأة إذا قعدت في ¬

_ (¬1) ح - صلى؛ صح هـ. (¬2) ح ي + لا. (¬3) ي - أو لا يعلم. (¬4) ي - قصير. (¬5) ح ي + في. (¬6) ح ي: وعورتها. (¬7) ح ي - مكشوف. (¬8) ك م: مكشوفان؛ ح: وفخذيها مكشوفين؛ ي: أو فخذيها مكشوفين. والتصحيح من ج. (¬9) ح ي: وليس. (¬10) ح ي: وصلت. (¬11) ح ي: فخذيها. (¬12) ك م: تعمداً. (¬13) ح: أن يعيد. (¬14) ح ي: قال. (¬15) ح ي: أو ثلثها. (¬16) ح: لا يعيد. (¬17) ح ي + أكثر من. (¬18) ح ي: مكشوف. (¬19) ح ي: وكذلك البطن والفخذ. (¬20) ي: وفي قولهما.

باب الدعاء في الصلاة

الصلاة كيف تقعد (¬1)؟ قال: كأستر ما يكون لها. قلت: أرأيت امرأة (¬2) صلت فأرضعت (¬3) ولدها في الصلاة؟ قال: هذا يقطع الصلاة. ... باب الدعاء في الصلاة (¬4) قلت: أرأيت رجلاً قد (¬5) صلى فدعا الله (¬6) فسأله (¬7) الرزق وسأله العافية هل يقطع ذلك الصلاة؟ قال: لا. قلت: وكذلك كل دعاء (¬8) من القرآن وشبه (¬9) القرآن فإنه لا يقطع الصلاة؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: اللَّهم اكسني ثوباً، اللَّهم زوجني فلانة؟ قال: هذا يقطع الصلاة. وما كان من الدعاء مما يشبه (¬10) هذا فهو كلام وهو يقطع الصلاة (¬11). قلت: فإن قال: اللَّهم أكرمني، اللَّهم أنعم علي، اللَّهم أدخلني الجنة وعافني من النار، اللَّهم أصلح لي أمري، اللَّهم اغفر لي ولوالدي، اللَّهم وفقني وسددني، اللَّهم اصرف عني شر كل ذي شر، أعوذ بالله من شر الجن والإنس، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من جَهْدِ البلاء ومن دَرَكِ الشقاء ومن شَمَاتَةِ الأعداء، اللَّهم ارزقني حج بيتك وجهاداً في سبيلك، اللَّهم استعملني في طاعتك وطاعة رسولك، اللَّهم اجعلنا صادقين، اللَّهم اجعلنا حامدين عابدين شاكرين، اللَّهم ارزقنا وأنت خير الرازقين؟ قال: هذا كله حسن، وليس شيء (¬12) من هذا (¬13) يقطع الصلاة. وهذا من القرآن وما ¬

_ (¬1) ح: يقعد. (¬2) ح: المرأة. (¬3) ح: فإن وضعت. (¬4) ح ي - باب الدعاء في الصلاة. (¬5) ح ي - قد. (¬6) ح: لله. (¬7) ح ي: وسأله. (¬8) ح ي: وكذلك الدعاء. (¬9) ح ي: أو شبه. (¬10) ح: يشبهه. (¬11) ك م - وما كان من الدعاء مما يشبه هذا فهو كلام وهو يقطع الصلاة. ويأتي كلام في معناه بعد قليل. (¬12) ح ي - شيء. (¬13) ح ي + شيء.

يشبه (¬1) القرآن. وإنما يقطع الصلاة ما (¬2) يشبه حديث الناس (¬3). قلت: أرأيت الرجل يمر بالآية (¬4) فيها ذكر النار (¬5) فيقف عندها ويتعوذ (¬6) بالله (¬7) ويستغفر (¬8) الله وذلك في التطوع وهو وحده؟ قال: هذا حسن. قلت: فإن كان إماماً (¬9)؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن فعل؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت الرجل يكون خلف الإمام فيقرأ (¬10) الإمام بسورة (¬11) فيها ذكر الجنة وذكر (¬12) النار أو ذكر الموت أينبغي لمن خلفه أن يتعوذ (¬13) بالله من النار ويسأل (¬14) الله الجنة؟ قال (¬15): يَسمعون ويُنصِتون (¬16) أَحَبُّ إليّ. قلت: أرأيت الرجل يكون خلف الإمام (¬17) فيفرغ الإمام من السورة أتكره (¬18) للرجل أن يقول: صدَقَ اللهُ وبَلَّغَتْ رُسُلُه؟ قال: أَحَبُّ إليّ أن يُنصت ويَستمع (¬19). قلت: فإن فعل هل يقطع (¬20) ذلك صلاته (¬21)؟ قال: لا (¬22)، صلاته تامة، ولكن أفضل ذلك أن يُنصِت. قلت: أرأيت الإمام يقرأ الآية فيها ذِكْرُ (¬23) قولِ الكفار أينبغي لمن خلفه أن يقولوا: لا إله إلا الله؟ قال: أَحَبُّ ذلك إلي (¬24) أن يستمعوا ويُنصِتوا. قلت: فإن فعلوا؟ قال: صلاتهم ¬

_ (¬1) ح: ويشبه؛ ي: وشبه. (¬2) م: وما. (¬3) م + في الأنين والتعوذ من النار في الصلاة. وهو عنوان فَصْل، لكن لم يتنبه لذلك الناسخ للنسخة المذكورة وجعله مدرجًا في الجملة التي قبلها. (¬4) ح: رجلاً قرأ بالآية؛ ي: رجلاً قرأ بآية. (¬5) ح ي: الموت. (¬6) ح ي + عندها من الشيطان الرجيم. (¬7) ي - بالله. (¬8) ح: واستغفر. (¬9) ك: الإمام؛ ح ي: إمام قوم. (¬10) ح: يقرأ. (¬11) ح: سورة. (¬12) ح ي: أو ذكر. (¬13) ح ي: أن يتعوذوا. (¬14) ي: ويسألوا. (¬15) ح: فلا؛ صح هـ. (¬16) م: وينصبون؛ ح ي: يستمعوا وينصتوا. (¬17) ح - الإمام؛ صح هـ. (¬18) ك م: أيكره. (¬19) ح ي: أن يستمع وينصت. (¬20) ح ي: أيقطع. (¬21) ح: الصلاة. (¬22) ح ي - لا. (¬23) ح ي - ذكر. (¬24) ك م - إلي.

تامة. قلت: أرأيت رجلاً صلى فمرت خادمته (¬1) بين يديه وهو يصلي أو قريباً منه فقال: سبحان الله، وأومأ (¬2) بيده ليصرفها (¬3) عن نفسه، هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: لا، وأَحَبُّ إليّ أن لا يفعل. قلت: أرأيت رجلاً صلى فاستأذن عليه رجل فسبّح وأراد (¬4) بذلك إعلامه أنه في الصلاة هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: لا (¬5). قلت: أرأيت رجلاً صلى فأُخبِر بخبرٍ يَسُوؤُه (¬6) فاسترجع (¬7) فأراد (¬8) به (¬9) جوابه؟ قال: هذا كلام، وهو يقطع الصلاة. قلت: فإن أراد بذلك تلاوة القرآن؟ قال: صلاته تامة. قلت: فإن أُخبِر بخبرٍ يَسُوؤُه (¬10) أو يُفرِحُه فقال: سبحان الله، أو قال: الحمد لله (¬11)، أو قال: اللَّهم لك الحمد، أو قال: اللَّهم لك الشكر، وأراد بذلك جوابه؟ قال: هذا كلام يقطع (¬12) الصلاة. قلت: فإن لم يرد بذلك جوابه ولكنه حمد الله وكبر وسبح (¬13)؟ قال: هذا لا يكون كلاماً، وصلاته تامة. قلت: وكيف يكون التسبيح والتحميد والتكبير والشكر (¬14) كلاماً؟ قال: أو ليس قد (¬15) يكون الشعر تسبيحاً وتمجيداً (¬16)، فلو أن شاعراً أنشد شعراً في صلاته أما كان يكون كلاماً ويقطع صلاته؟ قلت (¬17): بلى. قال: فهذا وذاك سواء. وهذا (¬18) قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فلا ¬

_ (¬1) ح ي: فمر خادمه. (¬2) ك: أومأ. (¬3) ح: ليصبر ويمهل؛ ي: ليصرف فيمهل. والملاحظ أن الخط قد غيَّر في الكتاب، فلعلها كانت كما في المتن، ثم غيَّرها الناسخ أو غيره. (¬4) ح ي: أراد. (¬5) ك + قلت أرأيت رجلاً صلى فاستأذن عليه رجل فسبح وأراد بذلك إعلامه أنه في الصلاة هل يقطع ذلك صلاته قال لا. (¬6) ي: سو. (¬7) ح ي + لذلك. (¬8) ح ي: وأراد. (¬9) ح ي - به. (¬10) ح ي: يسره. (¬11) ح ي: فقال الحمد لله أو قال سبحان الله. (¬12) ح ي + به. (¬13) ح ي: وسبح وكبر. (¬14) م: والتذكير. (¬15) ك م - قد. (¬16) ح ي: وتحميداً. (¬17) ك م: قال. (¬18) ح ي: وهو.

أرى (¬1) التسبيح والتحميد والتهليل (¬2) كلاماً، ولا يقطع الصلاة وإن أراد بذلك الجواب. قلت: أرأيت الإمام يؤم القوم في (¬3) رمضان أو في (¬4) غير رمضان وهو يقرأ في المصحف؟ قال: أكره (¬5) ذلك. قلت: وكذلك لو كان يصلي (¬6) وحده؟ قال: نعم. قلت: فهل تفسد (¬7) صلاته؟ قال: نعم. وهذا (¬8) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى (¬9) أن صلاته تامة، ولكنا نكره (¬10) له ذلك؛ لأنه يشبه (¬11) فعل أهل الكتاب. قلت: أرأيت الرجل يصلي ومعه جلد ميتة (¬12) مدبوغ (¬13)؟ قال: لا بأس بذلك، دباغه (¬14) طهوره. قلت: فإن كان الجلد غير مدبوغ؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: وكذلك لو صلى ومعه من (¬15) لحومها شيء كثير؟ قال: نعم. قلت (¬16): أرأيت (¬17) إن صلى (¬18) ومعه عظم من عظامها أو (¬19) صوف (¬20)؟ قال: صلاته تامة. قلت: لم؟ قال: لأن العظم (¬21) ليس من اللحم (¬22)، والصوف كذلك (¬23)، وليس عليه (¬24) دباغ، ولا بأس بالانتفاع (¬25) به. ¬

_ (¬1) ح ي: فأرى. (¬2) ح ي + والتكبير. (¬3) ح ي + شهر. (¬4) ح ي - في. (¬5) ح ي + له. (¬6) م: صلى. (¬7) ح ي: يفسد؛ ح ي + ذلك عليه. (¬8) ح ي: وهو. (¬9) ك م: نرى. (¬10) ح: ولكن أكره؛ ي: ولكن يكره. (¬11) ح: يشبهه. (¬12) ح - ميتة؛ صح هـ. (¬13) ح ي: مدبوغاً. (¬14) ي: دباغته. (¬15) ح - من. (¬16) ي - قلت. (¬17) ح ي: وكذلك. (¬18) م + ومعه من لحومها شيء كثير قال نعم قلت أرأيت إن صلى؛ ح ي: لو صلى. (¬19) ح: ومعه؛ ي + معه. (¬20) ح ي: صوفها. (¬21) ح ي + والصوف. (¬22) ح ي: بلحم. (¬23) ح ي - والصوف كذلك. (¬24) ح ي: له. (¬25) ح: الانتفاع.

قلت: أرأيت الرجل يصلي وقدّامه العَذِرَة أو البول (¬1) أو (¬2) ناحيةً منه هل يُفسد (¬3) ذلك (¬4) صلاته؟ قال: لا. قلت: فإن كان حيث يسجد (¬5) أو حيث يقوم؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: فإن كان ناحيةً مِن مقامه وعن موضع سجوده (¬6)؟ قال: لا يضره ذلك، ولكن أَحَبُّ إليّ أن يتنحّى عن ذلك المكان. قلت: وكذلك الخمر (¬7) والميتة والدم والقيء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى في مكان من الأرض قد كان فيه بول أو (¬8) عَذِرَة (¬9) أو دم أو قيء أو خمر (¬10) وقد جَفَّ ذلك (¬11) وذهب أثره؟ قال: صلاته تامة. قلت: فإن كان لم يذهب أثره؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً صلى على بساط (¬12) قد (¬13) أصابه بول أو عَذِرَة أو دم (¬14) أو خمر أو قيء قد جَفَّ وذهب أثره؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يعيد الصلاة، ولا يشبه البساط الأرض في هذا. قلت: أرأيت الرجل يصلي على الطِّنْفِسَة (¬15) أو على الحصير أو على البُورِي (¬16) أو على المِسْح (¬17) أو على المصلي يسجد على (¬18) ثوبه أو لِبْدِه ¬

_ (¬1) ح ي: عذرة أو بول. (¬2) ح ي - أو. (¬3) ح ي + عليه. (¬4) ح - ذلك. (¬5) ك: سجد. (¬6) ح - سجوده. (¬7) ك م: اللحم. وانظر السؤال التالي. (¬8) ح ي - بول أو. (¬9) ح ي + أو خمر. (¬10) ح ي - أو خمر. (¬11) ح ي - ذلك. (¬12) ح + كان. (¬13) ي + كان. (¬14) ح ي: أو دم أو عذرة. (¬15) الطِّنْفِسَة والطِّنْفُسَة: النُّمْرُقَة فوق الرَّحْل، وجمعها طَنَافِس. وقيل: هي البساط الذي له خَمْل رقيق. انظر: لسان العرب، "طنفس". (¬16) م: على البواري؛ ح: على البوريا. البُورِيّ هو الحصير المنسوج. انظر: القاموس المحيط، "بور". (¬17) المِسْح هو الكساء من الشعر. انظر: لسان العرب، "مسح". (¬18) ح ي: ويسجد عليه؛ ح ي + أو يضع.

فيسجد عليه يتّقي بذلك حر الأرض وبردها (¬1)؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت الرجل (¬2) يصلي في جلود (¬3) السباع وقد (¬4) دُبغت؟ قال: نعم، لا بأس بذلك (¬5). قلت: وكذلك الميتة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت (¬6) الرجل (¬7) يصلي على الثلج؟ قال: إن كان متمكّناً (¬8) يستطيع أن يسجد عليه فلا بأس بذلك. قلت: أرأيت المسجد (¬9) هل تَكره أن تكون (¬10) قبلته إلى الحمّام أو إلى مَخْرَج أو إلى قبر؟ قال: نعم، أكره (¬11) ذلك. قلت: فإن (¬12) صلى فيه (¬13) أحد (¬14) يجزيه صلاته (¬15)؟ قال: نعم (¬16). قلت: أرأيت القوم المسافرين (¬17) تَكره (¬18) لهم أن يصلوا على الطريق؟ قال: نعم، أكره لهم ذلك (¬19)، وينبغي لهم أن يتنحّوا عن الطريق إذا صلوا. قلت: فإن لم يتنحّوا وصلوا على ظهر الطريق (¬20)؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: أرأيت رجلاً صلى مع الناس (¬21) فزَحَمَه الناس فلم يجد موضعاً ¬

_ (¬1) وعبارة الحاكم: وتجوز الصلاة على الطنفسة والحصير والمسح، وكذلك إن وضع ثوبه فسجد عليه يتقي بذلك حر الأرض وبردها. انظر: الكافي، 1/ 10 ظ. (¬2) ح - الرجل؛ ي: رجلاً. (¬3) م: في سحود. (¬4) ح ي: قد. (¬5) ح ي: به. (¬6) ح - أرأيت؛ صح هـ. (¬7) ي + هل. (¬8) ح ي: ممكناً. (¬9) ح - المسجد؛ صح هـ. (¬10) م: هل يكره أن يكون. (¬11) ك م + له. (¬12) ي: إن. (¬13) ح ي: إليه. (¬14) ح ي + قال. (¬15) ك م - صلاته. (¬16) ح ي - قال نعم. (¬17) ي: المسافرون. (¬18) م: يكره؛ ح ي: هل تكره. (¬19) ح ي: أكره ذلك لهم. (¬20) ح ي: فإن صلوا على الطريق ولم يتنحوا عنه. (¬21) ح ي: مع الإمام.

لسجوده (¬1) فسجد على ظهر رجل (¬2)؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت الرجل إذا صلى هل تكره (¬3) له أن يخفف ركوعه وسجوده ولا يقيم ظهره؟ قال: نعم، أكره له (¬4) ذلك أشد الكراهية (¬5). قلت: أرأيت رجلاً فى خل في صلاة الإمام ولم يَدْرِ الظُّهْرُ (¬6) هي أم الجمعة، فصلى معه ركعتين، فإذا هي الجمعة أو إذا (¬7) هي الظهر؟ قال: يجزيه ذلك (¬8)، أيهما كانت فقد (¬9) نواها؛ لأنه قد (¬10) نوى صلاة الإمام. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: فإن (¬11) دخل معه (¬12) في الصلاة ولم ينو صلاة الإمام ولكنه نوى الجمعة وصلى معه، فإذا هي الظهر؟ قال: صلاته فاسدة. قلت: أرأيت (¬13) إن دخل معه ونوى الظهر ولم ينو صلاة الإمام (¬14) فصلى معه، فإذا هي الجمعة؟ قال: صلاته فاسدة؛ لأنه لم ينو ما نوى إمامه. وإنما (¬15) أوجب (¬16) هذا على نفسه غير ما أوجب (¬17) إمامُه على نفسه (¬18). ¬

_ (¬1) ح ي: للسجود. (¬2) ك م: الرجل. (¬3) م: هل يكره. (¬4) ك ح ي - له. (¬5) ح ي: الكراهة. (¬6) ي: أظهر. (¬7) ح: وإذا. (¬8) ك م - ذلك. (¬9) ي: قد. (¬10) ح ي - قد. (¬11) ح ي + كان. (¬12) ح ي - معه. (¬13) م - أرأيت. (¬14) ح ي - ولكنه نوى الجمعة وصلى معه فإذا هي الظهر قال صلاته فاسدة قلت أرأيت إن دخل معه ونوى الظهر ولم ينو صلاة الإمام. (¬15) ك م: إنما. (¬16) ح: وجب. (¬17) ح: ما أوجبه. (¬18) قال الحاكم: وإذا دخل معه في الصلاة ولم ينو صلاة الإمام فصلى معه فإذا هي الجمعة فصلاته فاسدة، وفي غير رواية أبي سليمان أنه إذا نوى الظهر فإذا هي الجمعة أو نوى الجمعة فإذا هي الظهر [فصلاته فاسدة]، وهذا هو الصحيح. انظر: الكافي، 1/ 10 ظ. فظهر بهذا أن المسألة المذكورة في المتن ليست من رواية أبي سليمان، وهذا يدل على أن النسخ التي بأيدينا قد اختلطت فيها الروايات. وقال السرخسي: وفي غير رواية أبي سليمان قال إذا نوى صلاة الإمام والجمعة فإذا هي الظهر جازت صلاته، =

قلت: أرأيت رجلاً صلى فوضع أنفه على الأرض في سجوده ولم يضع جبهته أو وضع جبهته ولم يضع أنفه؟ قال: تجزيه صلاته، وقد أساء حين لم يضعهما جميعاً. وهذا (¬1) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف (¬2) ومحمد (¬3): إذا سجد الرجل على أنفه ولم يسجد على جبهته وهو يقدر على ذلك أعاد الصلاة. وإن سجد على جبهته ولم يسجد على أنفه وهو يقدر على ذلك أجزأه. فإن سجد على أنفه ولم يسجد على جبهته (¬4) مِن علةٍ به (¬5) أجزأه ذلك (¬6). قلت: أرأيت الرجل يصلي المكتوبة وهو إمام أو وحده أتَكره (¬7) له أن يعتمد على شيء؟ قال: نعم، أكره له (¬8) ذلك إلا من عذر. قلت: فإن فعل؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت رجلاً دخل في الصلاة فقرأ وركع ثم ذكر وهو راكع أنه لم يكبر تكبيرة الافتتاح للصلاة، فكبرها وهو راكع (¬9)؟ قال: لا يجزيه، ¬

_ = وهذا صحيح، فقد تحقق البناء بنية صلاة الإمام، ولا يعتبر بما زاد بعد ذلك، وهو كمن نوى الاقتداء بهذا الإمام وعنده أنه زيد فإذا هو عمرو، وكان الاقتداء صحيحاً، بخلاف ما إذا نوى الاقتداء بزيد فإذا هو عمرو. انظر: المبسوط، 1/ 208. وهذا غير المسألة المذكورة عند الحاكم. (¬1) ح ي: في. (¬2) ك م: وقول أبي يوسف. (¬3) ح ي - ومحمد. (¬4) ك م - وهو يقدر على ذلك أعاد الصلاة وإن سجد على جبهته ولم يسجد على أنفه وهو يقدر على ذلك أجزأه فإن سجد على أنفه ولم يسجد على جبهته. (¬5) ح ي - به. (¬6) ك + ومن غير علة وهو يقدر على ذلك أعاد الصلاة إن سجد على جبهته ولم يسجد على أنفه؛ م + ومن غير علة وهو يقدر على ذلك أعاد الصلاة وإن سجد على أنفه. وانظر: 1/ 3 و. (¬7) م: أيكره. (¬8) ح ي - له. (¬9) ح ي - للصلاة فكبرها وهو راكع.

وعليه أن يرفع رأسه من الركوع ويكبر، ثم يقرأ ثم يركع فيكبر (¬1). قلت: أرأيت إن لم يكبر تكبيرة الافتتاح ولكن (¬2) لمّا ذَكَرَ كبر (¬3) لركوعه ولسجوده (¬4)؟ قال: لا يجزيه شيء من ذلك، وعليه أن يستقبل الصلاة فريضة كانت أو تطوعاً. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة تطوعاً وهو قائم ثم بَدَا له أن يقعد ويصلي (¬5) قاعداً من غير عذر هل يجزيه؟ قال: نعم في (¬6) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجزيه. قلت (¬7): فإن (¬8) افتتح الصلاة وهو قاعد ثم بَدَا له أن يقوم فيصلي (¬9) قائماً أو يصلي بعضها قائماً وبعضها قاعداً؟ قال: يجزيه. قلت: فإن افتتح وهو قاعد فقرأ حتى إذا أراد أن يركع قام فركع، ففعل ذلك في صلاته كلها؟ قال: لا بأس بذلك (¬10). بلغنا (¬11) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يفعل ذلك (¬12). قلت: أرأيت الرجل إذا افتتح الصلاة وهو قائم لِمَ رَخّصتَ له أن يقعد؟ ولم لا يكون هذا بمنزلة رجل قال: لله علي ركعتان قائماً (¬13)؟ قال: هما في القياس سواء، غير أني أستحسن في هذا. وهذا (¬14) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجزيه. قلت: أرأيت إن افتتح (¬15) الصلاة تطوعاً وهو على غير وضوء أو كان متوضئاً وعليه ثوب فيه دم أو بول أو عَذِرَة (¬16) أكثر من قدر الدرهم ولم ¬

_ (¬1) ك م - فيكبر. (¬2) ح ي: ولكنه. (¬3) ح ي - كبر. (¬4) ح ي: سجد. (¬5) ح ي: وأن يصلي. (¬6) ح ي: وهو. (¬7) ح ي + أرأيت الرجل. (¬8) م ح ي - فإن. (¬9) م: فصلى؛ ح ي: فيصليها. (¬10) ح ي + قال. (¬11) ح ي: وبلغنا. (¬12) صحيح البخاري، تقصير الصلاة، 20؛ وصحيح مسلم، صلاة المسافرين، 111 - 114؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 338. (¬13) م: فانما. (¬14) ك: وهو. (¬15) ح ي: أرأيت رجلاً افتتح. (¬16) ح ي: فيه من الدم أو البول أو العذرة.

يعلم بذلك هل ترى هذا دخولاً في الصلاة؟ قال: لا (¬1)، ليس هذا فى خولاً (¬2) في الصلاة، وليس عليه قضاء. قلت: لم؟ قال: لأن هذا لو تَمَّ على صلاته لم يجزه ذلك. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة تطوعاً نصف النهار أو حين احمرّت (¬3) الشمس أو بعد الفجر أو (¬4) قبل طلوع الشمس فصلى ركعتين؟ قال: قد أساء، ولا شيء عليه. قلت: أرأيت لو قطعها (¬5) وأفسدها (¬6)؟ قال: عليه أن يقضيها بعد ذلك في ساعةٍ تحلّ فيها (¬7) الصلاة. قلت: لم جعلت عليه القضاء وقد افتتحها في ساعة (¬8) لا تحل فيها الصلاة؟ قال: لأنه دخل في صلاة (¬9) فافتتحها (¬10) وأوجبها على نفسه. قلت: أرأيت المرأة (¬11) تصلي ومعها صبيها تحمله؟ قال: قد أساءت في حمل الصبي، وينبغي لها أن تضع صبيها ثم تصلي. قلت: فإن لم تضع (¬12) صبيها (¬13) وصلت؟ قال: صلاتها تامة. قلت: أرأيت رجلاً صلى وفي فِيهِ درهم أو دينار أو لؤلؤة هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو كان في (¬14) فِيهِ (¬15) عشرة دنانير؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان في يده (¬16) متاع أو ثياب أو دراهم أو جوهر (¬17) أو دنانير؟ قال: نعم، صلاته في هذا كله تامة، إلا أني أكره له ذلك. قلت: أرأيت إن ¬

_ (¬1) ك م - لا. (¬2) ح ي: بدخول. (¬3) ح ي: حين تحمر. (¬4) ح ي - أو. (¬5) ح ي: إن قطعها. (¬6) م: أو أفسدها. (¬7) ح ي: فيه. (¬8) م - تحل فيها الصلاة قلت لم جعلت عليه القضاء وقد افتتحها في ساعة. (¬9) ح ي - قلت لم جعلت عليه القضاء وقد افتتحها في ساعة لا تحل فيها الصلاة قال لأنه دخل في صلاة. (¬10) ح ي: وافتتحها. (¬11) ح: امرأة. (¬12) ح: لم تصنع. (¬13) ح ي - صبيها. (¬14) م ح ي - في. (¬15) ح ي + عشرة دراهم أو. (¬16) ح ي: في يديه؛ ح ي + شيء يمسكه من. (¬17) ح ي: أو جواهر.

كان في يده دراهم أو دنانير أو متاع (¬1) ولم (¬2) يضع يديه على ركبتيه في الركوع ولم (¬3) يضعهما (¬4) على الأرض في السجود؟ قال: أكره له ذلك، وصلاته تامة. قلت: أرأيت رجلاً صلى فأَقْعَى (¬5) أو تربّع في صلاته (¬6) من غير عذر؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة. قلت: أرأيت الرجل إذا صلى تطوعاً (¬7) قاعداً أيتربّع (¬8) ويقعد كيف يشاء (¬9)، وإن شاء يصلي (¬10) محتبياً (¬11)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى فوق المسجد بصلاة الإمام هل يجزيه ذلك؟ قال: إن كان خلف الإمام (¬12) فصلاته تامة، وإن (¬13) كان أمام الإمام فصلاته فاسدة، وعليه أن يعيد الصلاة. قلت: أرأيت إن كان السطح إلى جنب المسجد وليس بينه وبين المسجد طريق فيصلي (¬14) في ذلك السطح بصلاة الإمام؟ قال: صلاته تامة (¬15). قلت: أرأيت رجلاً صلى في بيمت (¬16) وفي القبلة تماثيل مصوَّرة وقد قطع رؤوسها؟ قال: لا يضره ذلك شيئاً؛ لأن هذا ليس (¬17) بتماثيل. قلت: أرأيت السِّتْرَ الذي يكون فيه التماثيل أتَكره (¬18) أن يكون في قبلة المسجد؟ ¬

_ (¬1) ح ي - قال نعم صلاته في هذا كله تامة إلا أني أكره له ذلك قلت أرأيت إن كان في يده دراهم أو دنانير أو متاع. (¬2) ح ي: فلم. (¬3) ح ي: أو لم. (¬4) ح: يضعها. (¬5) تقدم تفسير الإقعاء. (¬6) ح: فأقعى في صلاته أو يتربع؛ ي: فأقعى في صلاته أن يتربع. (¬7) ح - تطوعاً. (¬8) ك ح: يتربع؛ م: أيربع. (¬9) ح ي: شاء. (¬10) ح ي: صلى. (¬11) الاحتباء هو أن يجمع ظهره وساقيه بثوب أو غيره. انظر: المغرب، "حبو". (¬12) ح ي: إن لم يكن أمام الإمام. (¬13) ح ي: فإن. (¬14) ح ي: فصلى. (¬15) لكنه يكره. انظر: 1/ 3 ظ. (¬16) ح ي: في البيت. (¬17) ح ي: ليست. (¬18) م: أيكره له؛ ح ي: هل يكره.

قال: نعم. قلت: فإن كان على باب البيت في مُؤَخَّرِ القبلة؟ قال (¬1): ليس بمنزلة (¬2) أن يكون في القبلة. قلت: أرأيت رجلاً صلى وعليه ثوب فيه تماثيل (¬3)؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن صلى فيه؟ قال: صلاته تامة. قلت: وكذلك لو صلى في بيت وفي قبلة المسجد (¬4) تماثيل؟ قال: نعم، صلاته تامة. قلت: أرأيت (¬5) رجلاً صلى على بساط فيه تماثيل؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن فعل؟ قال: صلاته تامة (¬6). والبساط أهون إذا كان فيه تماثيل (¬7) من أن يكون في القبلة؛ لأنه قد رُخِّصَ في البساط. قلت: أرأيت رجلاً يقرأ دخل في صلاة (¬8) أمي تطوعاً ثم أفسدها؟ قال: ليس عليه قضاؤها. قلت: وكذلك لو دخل في صلاة امرأة؟ قال: نعم (¬9). قلت: وكذلك لو دخل في صلاة جنب أو [مَن هو] على (¬10) غير وضوء؟ قال: نعم، لسِى عليه قضاء (¬11) في شيء مما ذكرت. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يدخل في صلاة تامة. قلت: أرأيت رجلاً دخل مع الإمام في الصلاة (¬12) وإلى جنبه جارية لم تحض وهي (¬13) تصلي (¬14) بصلاة الإمام، هل يُفسِد ذلك عليه صلاته؟ قال: إذا كانت الجارية تَعقِل الصلاة فإني أستحسن أن أفسد (¬15) صلاته، وآمُرُه أن يعيد. ألا ترى لو أن الجارية (¬16) صلت بغير وضوء أو صلت عريانة أمرتها (¬17) أن تعيد الصلاة (¬18). قلت: وكذلك الصبي الذي قد (¬19) ¬

_ (¬1) ح ي: هذا. (¬2) ح ي: من. (¬3) ح ي: التماثيل. (¬4) أي: المكان الذي اتخذ مسجداً داخل البيت. (¬5) ح - أرأيت. (¬6) ك م + قلت. (¬7) ح ي: التماثيل. (¬8) ح ي + رجل. (¬9) ح - قلت وكذلك لو دخل في صلاة امرأة قال نعم؛ صح هـ. (¬10) ك م - على. (¬11) ي: القضاء. (¬12) ح: في صلاة. (¬13) ح - وهي. (¬14) ح: يصلي. (¬15) ي: أن أفسدت. (¬16) ح ي: ألا ترى أن الجارية لو. (¬17) ح ي: آمرها. (¬18) ح ي: صلاتها. (¬19) ح ي - قد.

كاد (¬1) أن يبلغ ولم (¬2) يبلغ إذا صلى بغير وضوء أو صلى (¬3) عرياناً أمرته أن يعيد الصلاة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت جارية قد (¬4) راهقت ولم تبلغ الحيض فصلت بغير قناع؟ قال: أستحسن في هذا وأرى أن يجزيها (¬5)، ولا يشبه هذا (¬6) إذا كانت عريانة أو على غير وضوء. قلت: أرأيت أمة صلت بغير قناع؟ قال: صلاتها تامة. قلت: وكذلك المكاتَبة والمدبَّرة وأم الولد (¬7)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أمة (¬8) مكاتَبة أو أم ولد (¬9) صلت بغير قناع ركعة (¬10) ثم أُعتقت؟ قال: عليها أن تأخذ قناعها، وتبني على ما مضى من صلاتها. قلت: لم؟ قال: لأنها قد صلت والصلاة لها حلال جائزة تامة، ثم أعتقت فصلت وهي حرة بقناع. فتَمَّتْ (¬11) صلاتُها أمةً وحرةً في الوجهين جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً توضأ فبقي عضو من أعضائه لم يصبه الماء (¬12)، ثم فى خل الصلاة فصلى ركعة (¬13) ثم أحدث فخرجت (¬14) منه (¬15) ريح أو رُعاف أو قيء، فتوضأ، أيبني على وضوئه أم يستأنف (¬16)؟ قال: بل (¬17) يستأنف الوضوء والصلاة (¬18)، ولو تَمَّ على صلاته (¬19) كان (¬20) عليه أن ¬

_ (¬1) ك م: قد يكاد. (¬2) ح: وأما إذا لم؛ ي: وأما لم. (¬3) ك: وصلى؛ م - أو صلى. (¬4) ح ي - قد. (¬5) ك: أن تجزيها. (¬6) ك م - هذا. (¬7) ح ي: وأم الولد والمدبرة. (¬8) ح ي + أو. (¬9) ك: وأم ولد. (¬10) ح (¬11) ك م: تمت. (¬12) ح (¬13) م: ركعتين. (¬14) ح (¬15) م: معه. (¬16) ح (¬17) ح: بلى. (¬18) ك م ح ي ط + قلت لم. ولعل الصواب هو أن يكون قوله: "قلت لم" بعد قوله: "ولو تم على صلاته كان عليه أن يعيد"، كما أثبتناه. (¬19) ح: على صلاة. (¬20) ح: بأن.

باب صلاة المريض في الفريضة

يعيد (¬1). قلت: لم (¬2)؟ قال: لأنه لو كان قد توضأ (¬3) فأتم الصلاة (¬4) ثم أحدث كان عليه أن يستأنف وضوءه، فإذا كان لم يتم وضوءه فذلك أحرى (¬5) أن يستأنف الوضوء (¬6) والصلاة (¬7). ... باب صلاة المريض في الفريضة (¬8) قلت: أرأيت المريض الذي لا يستطيع أن يقوم ولا يقدر على السجود كيف يصنع؟ قال: يومئ على فراشه إيماء، ويجعل السجود أخفض من الركوع. قلت: فإن صلى (¬9) وكان (¬10) يستطيع أن يقوم ولا يستطيع أن يسجد؟ قال: يصلي قاعداً يومئ إيماء. قلت: فإن صلى قائماً يومئ إيماء؟ قال: يجزيه. قلت: فإن كان لا يستطيع أن يصلي إلا مضطجعاً كيف يصنع؟ قال: يستقبل القبلة ثم يصلي مضطجعاً، يومئ إيماء (¬11)، ويجعل السجود أخفض من الركوع. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً صلى بإيماء (¬12) فائتمّ به مريض آخر معه يومئ إيماء؟ قال: يجزيهما جميعاً. قلت: وكذلك لو كانوا جماعة؟ قال: نعم (¬13). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً صلى (¬14) قاعداً يسجد ويركع (¬15) ¬

_ (¬1) أي: لو بنى على صلاته بعد الوضوء فإنه يعيد الصلاة. (¬2) ح ي - قلت لم. (¬3) ح: متوضئًا. (¬4) م - فأتم الصلاة. (¬5) م: أجزي. (¬6) ك م - الوضوء. (¬7) ك م: الصلاة؛ ح ي - والصلاة. (¬8) ح ي - في الفريضة. (¬9) ح ي - صلى. (¬10) ح ي: كان. (¬11) ي + ويجعل إيماً. (¬12) ك: نايماً؛ ط: نائماً. (¬13) ح ي - قلت أرأيت رجلاً مريضاً صلى بإيماء فائتم به مريض آخر معه يومئ إيماءً قال يجزيهما جميعاً قلت وكذلك لو كانوا جماعة قال نعم. (¬14) ح ي - صلى. (¬15) ح: يركع ويسجد.

فائتم به قوم فصلوا خلفه (¬1)؟ قال: يجزيهم، وهذا قول أبي حنيفة (¬2). قلت: أرأيت (¬3) إن كان الإمام صحيحاً وهو يصلي قائماً وخلفه مريض يصلي قاعداً؟ قال: يجزيه (¬4). قلت: فإن (¬5) كان (¬6) المريض (¬7) الذي (¬8) خلف الإمام يومئ إيماء؟ قال: يجزيه (¬9)، وصلاته (¬10) تامة. قلت: أرأيت إن كان الإمام المريض لا يستطيع السجود فأومأ إيماء وهو جالس فائتم به قوم يصلون قياماً؟ قال: يجزيه (¬11)، ولا يجزيهم. قلت: أرأيت رجلاً يَنْزِع (¬12) الماءُ من عينيه وأُمِرَ أن يَستلقي (¬13) على ظهره ونُهِيَ عن القعود والسجود هل يجزيه أن يصلي مستلقيًا يومئ إيماء؟ قال: نعم، يجزيه (¬14). قلت (¬15): أرأيت مريضاً صلى لغير القبلة أومأ إيماءً متعمداً لذلك؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد. قلت: وكذلك الصحيح؟ ¬

_ (¬1) ح ي + قياماً. (¬2) ح ي - وهذا قول أبي حنيفة. وقال الحاكم: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا يجزيهم. انظر: الكافي، 1/ 11 و. وانظر: المبسوط، 1/ 213 - 214؛ وبدائع الصنائع للكاساني، 1/ 142. (¬3) م + أرأيت. (¬4) ح ي + قلت أرأيت رجلاً مريضاً صلى فأومأ فائتم به مريض آخر يومئ معه إيماءً قال يجزيهما جميعاً قلت وكذلك لو كانوا جماعة قال نعم. (¬5) ح ي: وإن. (¬6) ح ي + رجل. (¬7) ح ي: مريض. (¬8) ح ي: صلى. (¬9) ح ي - يجزيه. (¬10) ح ي: صلاته. (¬11) ك: لا يجزيه. (¬12) ح ي: نزع. نزع الماءَ من البئر، أي: استخرجها قليلاً قليلاً. انظر: لسان العرب، "نزع". ولعله مأخوذ من هذا، أي: يسيل الماء من عينه. وقد استعمل الفعل لازماً في المتن، وهو في لسان العرب متعدي. وقد ورد نفس اللفظ في الكافي، 1/ 11 و؛ والمبسوط، 1/ 215؛ وبدائع الصنائع، 1/ 106؛ وفتح القدير، 2/ 8. (¬13) ي + نائماً. (¬14) ك م - يجزيه. ويكون المصلي مستلقياً على ظهره ومتوجهاً بوجهه نحو القبلة. انظر: المبسوط، 1/ 213. (¬15) ك: قال.

قال: نعم. قلت: فإن كان ذلك منه (¬1) خطأ لم يتعمد له (¬2)؟ قال: يجزيه (¬3). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً (¬4) صلى صلاة قبل وقتها متعمداً لذلك مخافة أن يشغله المرض عنها، أو ظن (¬5) أنه في الوقت ثم علم بعد ذلك أنه صلى قبل الوقت؟ قال: لا يجزيه في الوجهين جميعاً، وعليه أن يعيد الصلاة. قلت: أرأيت قوماً (¬6) مرضى يكونون في بيت فيؤمهم بعضهم يأتمون به وهم يصلون قعوداً؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: أرأيت إن كان الإمام مريضاً وخلفه قوم أصِحّاء يأتمون به والإمام قاعد يومئ إيماء، أو مضطجعٌ (¬7) على فراشه يومئ إيماءً، والقوم يصلون قياماً؟ قال: يجزيه، ولا يجزي (¬8) القوم في الوجهين جميعاً. قلت: أرأيت قوماً (¬9) مرضى يكونون في بيت فيؤمهم بعضهم بالليل وهم يصلون لغير القبلة والإمام يصلي للقبلة، أو صلى (¬10) الإمام لغير القبلة وصلى من خلفه للقبلة أو غير (¬11) القبلة، وهم غير متعمدين لذلك وهم يرون أنهم قد أصابوا القبلة؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: أرأيت قوماً مسافرين صلوا في السفر فأمهم رجل منهم وتعمدوا (¬12) القبلة فأخطأوا وصلوا (¬13) ركعة ثم علموا بالقبلة؟ قال: يصرفون وجوههم فيما بقي من صلاتهم للقبلة (¬14)، وصلاتهم تامة. قلت: لم جعلت صلاتهم (¬15) تامة (¬16) وقد صلوا لغير القبلة ثم علموا بذلك قبل أن يفرغوا من صلاتهم؟ قال: لأنهم لو تَمُّوا عليها أجزأهم. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً صلى وهو يومئ إيماء قاعداً أو مضطجعاً ¬

_ (¬1) ح ي - منه. (¬2) ح ي: به. (¬3) ح ي + صلاته. (¬4) ي - مريضاً؛ صح هـ. (¬5) ح ي: فظن. (¬6) ي: قوم. (¬7) ك م: أو مضطجعاً؛ ح ي: وهو مضطجع. (¬8) ي: يجز. (¬9) ي: قوم. (¬10) ح ي: أو يصلي. (¬11) ح ي: أو لغير. (¬12) ك م: وتعمد. (¬13) ح ي: فصلوا. (¬14) ح ي - للقبلة. (¬15) ي - تامة قلت لم جعلت صلاتهم. (¬16) ح - تامة.

فسها في صلاته؟ قال: عليه أن يسجد سجدتي السهو يومئ (¬1) إيماء. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً لا يستطيع أن يتكلم أيجزيه أن يومئ إيماء بغير قراءة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً أُغْمِيَ (¬2) عليه يوماً وليلة ثم أفاق؟ قال: عليه أن يقضي ما فاته من الصلاة (¬3). قلت: فإن أُغْمِيَ عليه أياماً (¬4)؟ قال: لا يقضي شيئاً مما ترك. قلت: من أين اختلفا؟ قال: للأثر (¬5) الذي جاء عن ابن عمر (¬6). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً افتتح الصلاة فصلى ركعة يومئ إيماء، ثم أحدث فتوضأ، أيبني على ما مضى من صلاته؟ قال: نعم (¬7)، المريض والصحيح في هذا سواء (¬8). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً (¬9) به جرح في جسده أو في رأسه أو به وجع لا يستطيع القيام (¬10) ولا الركوع ولا السجود أيومئ إيماءً قاعداً ويجعل ¬

_ (¬1) ي - يومئ. (¬2) ح ي: فأغمي. (¬3) ح ي: من صلاته. (¬4) ي: أيام. (¬5) ح: ألا ترى. (¬6) ح ي: من عبد الله بن عمر. محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في المغمى عليه يوماً وليلة قال يقضي. انظر: الآثار لمحمد، 36. وقال الإمام محمد: أخبرنا أبو معشر المديني قال حدثنا سعيد المقبري ومحمد بن قيس أن عمار بن ياسر أغمي عليه الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأفاق من جوف الليل فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء. وقال أخبرنا أبو معشر عن نافع قال أغمي على ابن عمر ثلاثة أيام فلم يقض الصلاة. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 159. وقد اختلفت ألفاظ الرواية عن ابن عمر في ذلك. انظر: الموطأ، وقوت الصلاة، 24؛ والحجة على أهل المدينة للإمام محمد، 1/ 158؛ والمصنف لعبدالرزاق، 2/ 479؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 71. (¬7) ح - قال نعم. (¬8) ح هـ + قال نعم. (¬9) ي: رجل مريض. (¬10) م + ولا القعود.

السجود أخفض من الركوع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أصابه فزع أو خوف من شيء فلم يستطع القيام لِمَا به (¬1) هل يجزيه أن يصلي قاعداً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً في جبهته جرح ولا (¬2) يستطيع أن يسجد عليه (¬3) هل يجزيه أن يومئ إيماء؟ قال: لا، ولكن (¬4) يسجد على أنفه. قلت: فإن أومأ ايماء؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد الصلاة. قلت: وكذلك لو كان الجرح بأنفه (¬5) وهو يستطيع أن يسجد على جبهته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المريض الذي لا يستطيع أن يركع ولا يسجد أيسجد (¬6) على عُود أو قَصَبَة أو وِسَادة تُرفَع إليه؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن رُفِعَ إليه فسجد (¬7) عليه من غير أن يومئ إيماء؟ قال: لا تجزيه (¬8) صلاته. قلت: فإن كان يخفض رأسه (¬9) بالسجود (¬10) ثم يُقَربُ العُودَ منه (¬11) فيُلْزِقُه (¬12) بأنفه (¬13) وجبهته (¬14) حتى فرغ من صلاته؟ قال: صلاته تامة. قلت: لم؟ قال: لأن خفضَ رأسِه إيماء (¬15). قلت: وكذلك لو وُضع للمريض (¬16) وسادة أو مِرْفَقَة (¬17) يسجد (¬18) عليها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المريض هل يسعه أن (¬19) يصلي بغير قراءة (¬20) وهو يستطيع القراءة؟ قال: لا. قلت (¬21): فإن صلى؟ قال: لا (¬22) يجزيه، وعليه ¬

_ (¬1) ح ي: القيام بما أصابه. (¬2) ح ي: وهو لا. (¬3) ح - عليه. (¬4) ح ي: ولكنه. (¬5) ح ي: في أنفه. (¬6) ح: إلا. (¬7) ح ي: فصلى. (¬8) ك م: لا يجزيه. (¬9) ح ي + بالركوع شيئاً ثم يخفض رأسه. (¬10) ح ي: للسجود. (¬11) ح ي: يقرب منه العود. (¬12) ح: وليزقه. (¬13) ح ي: أنفه. (¬14) ح ي + للسجود. (¬15) م: انما. (¬16) ح ي: المريض. (¬17) م: أو مرفغة. المِرْفَقَة هي وسادة الاتكاء. انظر: المغرب، "رفق". (¬18) ح ي: فسجد. (¬19) ك م: يسجد أو. (¬20) ح: القراءة. (¬21) ح - قلت. (¬22) م - لا.

أن يعيد. قلت: فهل يقصر (¬1) المريض الصلاة كما يقصر (¬2) المسافر؟ قال: لا (¬3). قلت: فهل يصلي بغير وضوء وهو يقدر على الوضوء؟ قال: لا. قلت: فإن فعل في هذا كله وصلى؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد (¬4). قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة وهو صحيح قائم (¬5) ثم أصابه وجع فلم يستطع أن يصلي إلا قاعداً يومئ (¬6) إيماء أو مضطجعاً يومى إيماء، أيصلي بقية صلاته بالإيماء وقد صلى بعضها قائماً؟ قال: نعم. قلت: فإن صلى قاعداً يسجد ويركع (¬7) وصلى (¬8) ركعتين ثم بَرَأ وصحّ (¬9)؟ قال (¬10): يصلي (¬11) بقية صلاته قائماً (¬12) في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يستقبل الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً لا يستطيع الركوع ولا السجود فصلى (¬13) ركعة يومئ إيماء ثم صحّ (¬14) فقام أيصلي بقية صلاته قائماً؟ قال: أما هذا فيستقبل الصلاة كلها قائماً. وهذا لا يشبه الأول؛ لأن هذا كله (¬15) يومئ، والأول كان (¬16) يسجد. قلت: أرأيت الرجل المريض الذي لا يستطيع أن يركع ولا يسجد ولا يستطيع الجلوس فأراد أن يصلي مضطجعاً يومئ إيماء كيف يومئ؟ قال: يتوجه (¬17) نحو القبلة، فيومئ على قَفَاه (¬18)، ويجعل السجود أخفض من الركوع حتى يفرغ من صلاته. ¬

_ (¬1) ح: يقضي؛ ي: يقض. (¬2) ح: يقضي؛ ي: يقض. (¬3) ح ي: نعم. (¬4) ح ي: أن يعيده. (¬5) م + به؛ ح ي - قائم. (¬6) ي: أيومئ. (¬7) ح ي: قاعداً يركع ويسجد. (¬8) ح ي: فصلى. (¬9) م: ثم أوتر أو صح. (¬10) ح ي: فقام. (¬11) ح ي: أيصلي. (¬12) ح ي + قال نعم. (¬13) ح: وصلى. (¬14) ح - ثم صح. (¬15) ح ي: كان. (¬16) ح - كان. (¬17) ي: يوجه. (¬18) أي يكون مستلقياً على ظهره، ويتوجه بوجهه نحو القبلة. انظر: المبسوط، 1/ 213.

باب السهو في الصلاة وما يقطعها

قلت: أرأيت الرجل المريض إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين (¬1)؟ قال: فليدع الظهر حتى يأتي آخر وقتها، ويقدّم العصر في أول وقتها، ولا يجمع بينهما في وقت واحد (¬2). ويوتر (¬3) ويقنت على كل حال (¬4). ... باب السهو في الصلاة وما يقطعها (¬5) قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته فلم (¬6) يدر أثلاثاً صلى أو أربعًا (¬7) وذلك أول ما سها؟ قال: عليه أن يستقبل الصلاة. قلت: فإن لقي (¬8) ذلك غير مرة كيف يصنع؟ قال: يتحرّى (¬9) الصواب (¬10). فإن كان أكثر (¬11) رأيه أنه قد أتم مضى على صلاته. وإن كان أكثر (¬12) رأيه أنه (¬13) صلى ثلاثاً أتم الرابعة ثم يتشهد ويسلم، ويسجد سجدتي السهو ويسلم عن يمينه وعن شماله في آخرها. قلت: أرأيت رجلاً صلى فقام فيما يقعد فيه أو قعد فيما يقام فيه؟ قال: يمضي على صلاته، وعليه سجدتا (¬14) السهو. قلت: وكل من وجب عليه سجدتا السهو فإنما (¬15) يسجدهما (¬16) بعد التسليم ويتشهد (¬17) فيهما ويسلم؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ي: صلاتين. (¬2) ح ي: إحداهما. (¬3) ك - ويوتر. (¬4) ي + والله أعلم. (¬5) ص ي + وما يفسدها. (¬6) ح: ولم؛ ي: لم. (¬7) ح ي: أم أربعاً. (¬8) ي: بقي. (¬9) ي: يتحر. (¬10) م: الصلوات. (¬11) ح ي: أكبر. (¬12) ح ي: أكبر. (¬13) ح + قد؛ ي: قد. (¬14) ي: سجدة. (¬15) ك: قائماً؛ ي: فإيماء. (¬16) ك م: يسجدها. (¬17) ح: يتشهد.

[قلت:] فإن شك في سجود السهو عمل بالتحري ولم يسجد لسهو السهو؟ قال: نعم (¬1). قلت: أرأيت رجلاً سها في تكبير العيدين هل عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم (¬2). قلت: أرأيت رجلاً سها في تكبير الركوع والسجود؟ قال: ليس عليه سجدتا السهو. قلت: من أين اختلفا؟ قال: تكبير الركوع والسجود بمنزلة التسبيح في الركوع والسجود، ولا سهو عليه (¬3) في هذا (¬4). وتكبير العيدين بمنزلة القنوت في الوتر والتشهد، وعليه (¬5) في ذلك السهو. قلت: أرأيت رجلاً سها في تكبير (¬6) الصلاة كلها إلا التكبيرة (¬7) التي يفتتح بها الصلاة هل عليه في ذلك سهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن التكبير ليس بالصلاة بعينها. قلت: وكذلك لو سها عن التسبيح في الركوع أو في السجود لم يكن عليه سهو؟ قال: نعم (¬8). قلت: لم؟ قال: أرأيت لو سها فترك (¬9) التعوذ وترك "سبحانك اللَّهم وبحمدك" أو ترك "آمين" هل (¬10) عليه سهو؟ قلت (¬11): لا. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: فإن ترك التشهد ساهياً؟ قال: أستحسن أن يكون عليه سجدتا السهو. قلت: أرأيت إن نسي فاتحة القرآن (¬12) في الركعة الأولى أو في الثانية ¬

_ (¬1) ك - قال نعم. (¬2) ح ي - قلت فإن شك في سجود السهو عمل بالتحري ولم يسجد لسهو السهو قال نعم قلت أرأيت رجلاً سها في تكبير العيدين هل عليه سجدتا السهو قال نعم. (¬3) ح ي - عليه. (¬4) ح ي: في ذلك. (¬5) ح ي: فعليه. (¬6) م: في تكبيرة. (¬7) ي: إلا تكبيرة. (¬8) ك م - قلت لم قال لأن التكبير ليس بالصلاة بعينها قلت وكذلك لو سها عن التسبيح في الركوع أو في السجود لم يكن عليه سهو قال نعم. (¬9) م: وترك. (¬10) ح ي + كان. (¬11) م: قال. (¬12) م ح ي: الكتاب.

أو بدأ بغيرها، فلما قرأ من السورة شيئاً ذكر أنه لم يقرأ فاتحة القرآن (¬1)؟ قال: يبدأ فيقرأ فاتحة القرآن ثم السورة، وعليه سجدتا السهو. قلت: أرأيت إن نسي (¬2) فاتحة القرآن في الركعتين الأوليين (¬3) وقد قرأ غيرها هل يقرؤها (¬4) في الأخريين (¬5)؟ قال: إن شاء قرأها، وإن شاء لم يقرأها. قلت: فإن قرأها هل يكون ذلك قضاء لما ترك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها لو كانت قضاء لوجب عليه أن يقرأها في الأخريين (¬6). وكان عليه سجدتا السهو قرأ في الأخريين (¬7) أو لم يقرأ. قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر فقرأ في الركعتين الأوليين في كل واحدة (¬8) بفاتحة القرآن ولم يقرأ معها شيئاً ففعل (¬9) ذلك ساهياً أعليه (¬10) أن يقرأ في الأخريين (¬11) مع فاتحة القرآن سورة؟ قال: أحب إلي أن يقرأ. قلت: فإن لم يفعل؟ قال: يجزيه، وعليه سجدتا السهو قرأ أو لم يقرأ. قلت: فإن لم يقرأ (¬12) في الأوليين بشيء (¬13) من القرآن ساهياً أترى عليه أن يقرأ بفاتحة (¬14) القرآن وبسورة (¬15) في كل ركعة من الأخريين (¬16)؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يقرأ فيهما أو قرأ في إحداهما؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن كان إماماً وكانت العشاء فقرأ (¬17) في الأخريين (¬18) وجهر (¬19) بالقراءة أو كانت (¬20) الظهر والعصر (¬21) فقرأ (¬22) ¬

_ (¬1) ح ي: الكتاب. (¬2) ح ي: إن لم يقرأ. (¬3) ح ي + ساهياً. (¬4) ك م: هل يقرأ. (¬5) م: في الآخرتين. (¬6) م: في الآخرتين. (¬7) م: في الآخرتين. (¬8) ي: واحد. (¬9) ح ي: فعل. (¬10) ح ي: هل عليه. (¬11) م: في الآخرتين. (¬12) م - قلت فإن لم يفعل قال يجزيه وعليه سجدتا السهو قرأ أو لم يقرأ قلت فإن لم يقرأ. (¬13) ي: شي. (¬14) ي: فاتحة. (¬15) ي: وسورة. (¬16) م: من الآخرتين؛ ي: في الاخرين. (¬17) ح ي: قرأ. (¬18) م: في الآخرتين. (¬19) ك م: وأخفى. (¬20) م: وكانت؛ ح ي: وإن كانت. (¬21) ح ي: أو العصر. (¬22) ح ي: قرأ.

فيهما وجهر بالقراءة كان (¬1) عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يقرأ في الأوليين شيئاً (¬2) وقرأ في الأخريين (¬3) بآيةٍ آيةٍ وهو ساهٍ (¬4) في الأوليين متعمدٌ (¬5) في الأخريين (¬6)؟ قال: تجزيه إن لم تكن آية (¬7) قصيرة جداً. وقال أبو حنيفة [آخِراً]: صلاته جائزة وإن كانت آية قصيرة، ورجع (¬8) عن قوله الأول (¬9). قلت: أرأيت (¬10) هل (¬11) عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فجهر بالقراءة (¬12) في صلاة يخافت فيها (¬13) أو خافت في صلاة يجهر فيها بالقرآن (¬14)؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة. قلت: فإن فعل ذلك ساهياً؟ قال: عليه سجدتا السهو. قلت: فإن لم يكن إماماً ولكنه صلى وحده فخافت فيما يجهر (¬15) فيه أو جهر فيما يخافت (¬16) فيه؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: من أين اختلفا؟ قال: إذا كان الرجل وحده وأسمع (¬17) أذنيه القرآن (¬18) أو رفع ذلك أو خفض (¬19) في نفسه أجزأه ذلك، وليس عليه سهو؛ لأنه وحده. وإذا كان الإمام فلا بد له من أن يضع ¬

_ (¬1) ح: فأخفى القراءة أكان؛ ي: وأخفى القراءة أكان. (¬2) ح: بشيء؛ ي: شيء. (¬3) م: في الآخرتين. (¬4) ح ي: ساهي. (¬5) ح ي: متعمداً. (¬6) م: في الآخرتين. (¬7) ح ي: لا يجزيه إن كان قرأ آية. (¬8) ك م: ثم إنه رجع. ولا توجد هذه العبارة في نسخة ي. والمعروف أن الإمام أبا حنيفة كان يقول أولاً بعدم إجزاء الآية القصيرة ثم قال بإجزائها. انظر: الكافي، 1/ 11 ظ؛ والمبسوط، 1/ 221؛ وبدائع الصنائع للكاساني، 1/ 112. (¬9) ح ي - وقال أبو حنيفة صلاته جائزة وإن كانت آية قصيرة ورجع عن قوله الأول. (¬10) ح ي - أرأيت. (¬11) ح ي: فهل. (¬12) ح ي: بالقرآن. (¬13) ح: بها. (¬14) ك م - في صلاة يخافت فيها أو خافت في صلاة يجهر فيها بالقرآن. وانظر: الكافي، 1/ 11 ظ؛ والمبسوط، 1/ 222. (¬15) م: فيما جهر. (¬16) م: فيما نخافت. (¬17) ح ي: فأسمع. (¬18) ح + فإن أخفض؛ ي + قال فإن أخفض. (¬19) ح ي - أو رفع ذلك أو خفض؛ ح + فإن أخفض؛ ي + قال فإن أخفض.

ذلك موضعه. فإن كان ساهياً فيما صنع وجب عليه (¬1) سجدتا السهو. وإن تعمد لذلك (¬2) فقد أساء، وصلاته تامة. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم وسها (¬3) في صلاته ولم يَسْهُ (¬4) مَن خلفه؟ قال: إذا وجب على الإمام سجدتا السهو وجب ذلك على من خلفه وإن لم يَسْهُ (¬5) منهم (¬6) أحد غيره. قلت: أرأيت إن سها من خلفه ولم يَسْهُ (¬7) الإمام؟ قال: ليس عليهم ولا عليه سهو. قلت: أرأيت رجلاً سلم في الرابعة قبل التشهد ساهياً؟ قال: عليه أن يتشهد ثم يسلم (¬8) ثم يسجد (¬9) سجدتي (¬10) السهو ثم يتشهد ثم يسلم (¬11). قلت: لم؟ قال: أرأيت لو كان عليه سجدة من تلاوة أو ركعةٌ قد ترك منها سجدة فذكر (¬12) ذلك أليس عليه أن يسجدهما (¬13) ويتشهد ويسلم ثم يسجد للسهو ويتشهد ثم يسلم (¬14) إذا كان سلم ساهياً، وإن كان سلم وهو ذاكر (¬15) لذلك فصلاته فاسدة إن (¬16) كانت السجدة من الصلاة (¬17)؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء. إذا كانت السجدة من ركعة (¬18) فسلم وهو ذاكر (¬19) فإن صلاته فاسدة (¬20). وإن كانت السجدة من تلاوة فصلاته تامة، ¬

_ (¬1) ك م - سهو لأنه وحده وإذا كان الإمام فلا بد له من أن يضع ذلك موضعه فإن كان ساهياً فيما صنع وجب عليه. (¬2) ح ي: ذلك. (¬3) ح ي: فسها. (¬4) ي: يسهو. (¬5) ي: يسهو. (¬6) ح ي: معه. (¬7) ي: يسهو. (¬8) ح ي: ويسلم. (¬9) ح: ويسجد. (¬10) ح ي: سجدتا. (¬11) ح ي: ويسلم. (¬12) ح ي: ففعل. (¬13) ح ي: أن يسجدها. (¬14) ح ي - ثم يسجد للسهو ويتشهد ثم يسلم. (¬15) ح: ذاكراً. (¬16) ك م ط: وإن؛ ج ر: فإن. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 11 ظ؛ والمبسوط، 1/ 223. (¬17) ح ي - إن كانت السجدة من الصلاة. (¬18) ك: من الركعة. (¬19) م: ذاكراً. (¬20) ح ي - فإن صلاته فاسدة.

وليس عليه أن يسجد سجدتي (¬1) السهو. قلت: فإن سلم متعمداً وعليه التشهد وقد قعد (¬2) قدر (¬3) التشهد أجزأه ذلك وليس عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته فلم يدر كم صلى، ثم استيقن أنه صلى ثلاث ركعات، أيجب عليه سجدتا السهو؟ قال (¬4): إن (¬5) كان حين سها لم يدر كم صلى (¬6) حتى تفكّر (¬7) ونظر في ذلك، فإن كان تفكُّرُه ونظرُه في ذلك يشغله عن شيء من صلاته وجب عليه سجدتا السهو. وإن كان تفكُّرُه ونظرُه في ذلك (¬8) لم يَطُلْ (¬9) ولم يشغله ذلك (¬10) عن شيء من صلاته، فصلى (¬11)، فلا سهو عليه. والإمام والذي صلى (¬12) وحده في ذلك سواء. قلت: أرأيت رجلاً صلى من الظهر ركعتين فقام في الثالثة ولم يجلس ولم يستو قائماً حتى ذكر فقعد هل (¬13) عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه قد تغير عن حاله (¬14). فإذا تغير عن حاله (¬15) وجب (¬16) عليه سجدتا (¬17) السهو. قلت: وكذلك لو فعل هذا في الرابعة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً (¬18) ¬

_ (¬1) ح ي: سجدتا. (¬2) م: التشهد وقعد. (¬3) ح ي: مقدار. (¬4) ح ي - أيجب عليه سجدتا السهو قال. (¬5) ح ي: وإن. (¬6) ح ي - حين سها لم يدر كم صلى. (¬7) م: حتى يفكر؛ ح ي: قد تفكرها. (¬8) ح ي - فإن كان تفكره ونظره في ذلك يشغله عن شيء من صلاته وجب عليه سجدتا السهو وإن كان تفكره ونظره في ذلك. (¬9) ح: لم يبطل. (¬10) ح - ذلك. (¬11) ح ي - فصلى. (¬12) ح ي: يصلي. (¬13) م - هل. (¬14) ح ي: لأنه تغيرت حاله. (¬15) ح ي - فإذا تغير عن حاله. (¬16) ح ي: أوجبت. (¬17) ح: سجدتي. (¬18) ح: أو ثلثة أو أربعة؛ ي: أو أربعة.

كم يجب عليه لسهوه (¬1) ذلك؟ قال: يجب عليه سجدتا السهو، ولا يجب عليه غير ذلك. والإمام والذي يصلي وحده في ذلك سواء. قلت: أرأيت رجلاً صلى فأراد أن يقرأ في صلاته (¬2) بسورة (¬3) فأخطأ فقرأ غيرها أو قرأ تلك السورة فأخطأ (¬4) فيها هل (¬5) عليه سجدتا السهو؟ قال: لا، والإمام وغيره في ذلك سواء. قلت: أرأيت رجلاً صلى خلف الإمام وكان يقوم قبل الإمام أو كان (¬6) يقعد قبل قعود الإمام (¬7) أو كان يسجد (¬8) قبله وهو ساهٍ (¬9) في ذلك هل عليه سجدتا السهو؟ قال: ليس على من خلف الإمام سهو إلا أن يسهو الإمام. قلت: فإن كان يركع قبل الإمام ويسجد قبله؟ قال: إن أدرك الإمام بركعة وهو راكع أو يسجد وهو ساجد أجزأه. قلت: إن أدرك الإمام وهو راكع فكبر معه ولم يركع حتى رفع الإمام رأسه فلا يستطيع أن يركع قبل أن يرفع الإمام رأسه ثم ركع؟ قال: لا يجزيه، وعليه قضاء تلك الركعة. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يركع مع الإمام ولم يدرك مع الإمام (¬10). ¬

_ (¬1) ح: لسهو. (¬2) ح - صلاته؛ صح هـ. (¬3) ح: سورة. (¬4) ك م - فقرأ غيرها أو قرأ تلك السورة فأخطأ. وعبارة الحاكم: فأخطأ فقرأ غيرها. انظر: الكافي، 1/ 11 ظ. وانظر: المبسوط، 1/ 224. (¬5) ح ي + يجب. (¬6) ح - يقوم قبل الإمام أو كان. (¬7) ح: قعوده. (¬8) ك م: سجد. (¬9) ح ي: ساهي. (¬10) ك م - قلت فإن كان يركع قبل الإمام ويسجد قبله قال إن أدرك الإمام بركعة وهو راكع أو يسجد وهو ساجد أجزأه قلت إن أدرك الإمام وهو راكع فكبر معه ولم يركع حتى رفع الامام رأسه فلا يستطيع أن يركع قبل أن يرفع الإمام رأسه ثم ركع قال لا يجزيه وعليه قضاء تلك الركعة قلت لم قال لأنه لم يركع مع الإمام ولم يدرك مع الامام.

قلت: أرأيت رجلاً صلى بقوم (¬1) فسها في صلاته، فلما قعد في الرابعة تشهد ثم سجدهما قبل التسليم هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: فهل يعيدهما بعد التسليم؟ قال: لا. قلت: والإمام والذي يصلي وحده في ذلك سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته، فلما فرغ من صلاته سجد لسهوه فشَكَّ فلم يَدْرِ أسجد (¬2) لسهوه واحدة أو اثنتين (¬3)؟ قال: يتحرّى (¬4) الصواب (¬5). فإن كان أكثر (¬6) رأيه أنه سجد سجدة (¬7) واحدة سجد (¬8) أخرى. وإن كان أكثر (¬9) رأيه أنه سجد سجدتين لسهوه (¬10) تشهد (¬11) وسلم. قلت: أرأيت إماماً (¬12) صلى بقوم فسها في صلاته، فلما فرغ من صلاته سلم وهو لا يريد أن يسجد للسهو، ثم بدا له أن يسجد للسهو (¬13) وهو في مجلسه (¬14) قبل أن يقوم وقبل أن يتكلم؟ قال: عليه أن يسجد سجدتي السهو، ويسجد معه (¬15) أصحابه. قلت: فإن قام ولم يسجد؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: وكذلك لو تكلم قبل أن يسجد؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يتكلم ولم يقم ولكنه أراد السجود في (¬16) أصحابه، ومنهم (¬17) من قد تكلم، ومنهم (¬18) من (¬19) قد قام فذهب؟ قال: من تكلم منهم أو خرج من المسجد لم يكن عليه سجدتا (¬20) السهو. ومن كان مع الإمام ولم (¬21) ¬

_ (¬1) ح ي - بقوم. (¬2) م: أيسجد. (¬3) ي: أو اثنين. (¬4) ح + إلى. (¬5) ي: الصلوة. (¬6) ك ح ي: أكبر. (¬7) ك م - سجدة. (¬8) ح ي: يسجد. (¬9) ك ي: أكبر. (¬10) ح ي - لسهوه. (¬11) ي - تشهد؛ صح هـ. (¬12) ي: إمام. (¬13) ح ي - للسهو. (¬14) ح ي + ذلك. (¬15) ح ي + أيضاً. (¬16) ح ي: وفي. (¬17) ح ي - ومنهم. (¬18) ح ي - ومنهم. (¬19) ح ي: أو من. (¬20) ح: سجدتي. (¬21) ح ي: لم.

يتكلم ولم يخرج فعليه أن يسجد مع الإمام. قلت: أرأيت إن كان حين سلم كان مِن نيتِه أن يسجد للسهو (¬1)، فنسي أن يسجد حتى تكلم أو خرج من المسجد؟ قال: هذا قَطْعٌ للصلاة، ولا شيء عليه. قلت: فإن لم يتكلم ولم يخرج (¬2) وكان في مجلسه، وقد نوى (¬3) حين سلم أن يسجد أو لم يَنْوِ، ثم ذكرهما (¬4) وهو في مجلسه؟ قال: عليه أن يسجدهما، والنية هاهنا وغير النية سواء. قلت: أرأيت إن نوى (¬5) لم (¬6) لا تكون (¬7) عليه سجدتا السهو واجبة (¬8)؟ قال: أرأيت لو سها فأجمع (¬9) رأيَه أنْ (¬10) لا سجود عليه في ذلك فسلم على نيته (¬11) تلك، ثم بدا له من ساعته أن يسجد، أليس يجب (¬12) عليه أن يسجد؟ قلت: بلى. قال: أفلا (¬13) ترى أن النية هاهنا ليست (¬14) بشيء. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم (¬15) فسها في صلاته، فلما فرغ وسلم (¬16) جاء رجل فدخل (¬17) معه على تلك الحال قبل أن يسجد الإمام للسهو، ثم إن الإمام سجد للسهو، أيسجد هذا الرجل معه؟ قال: نعم. قلت: وتراه (¬18) قد أدرك الصلاة معه؟ قال: نعم. قلت: فإن سجد مع الإمام ثم قام يقضي (¬19) أترى عليه أن يعيد السهو إذا فرغ من صلاته؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد سجد الذي وجب عليه مع الإمام، وليس (¬20) عليه أن يعيد (¬21). قلت: أرأيت لو سها في صلاته بعدما قام يقضي؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي: لسهوه. (¬2) ح ي + من المسجد. (¬3) ح: وهو ينوي. (¬4) ك م ح: ثم ذكرها. (¬5) ح ي: إذا نوى. (¬6) ح - لم. (¬7) ك ي: لا يكون. (¬8) ح: واجبتين؛ ي: واجبتان. (¬9) ح ي: وأجمع. (¬10) ح ي: أنه. (¬11) م: على بيته؛ ح ي: عن نيته. (¬12) ح ي - يجب. (¬13) ك: ألا؛ ح ي: أولا. (¬14) م: ليس. (¬15) ح ي: برجل. (¬16) م: وصلى. (¬17) ح ي - جاء رجل فدخل. (¬18) ح ي - وتراه. (¬19) ح: مع الإمام لم يقض. (¬20) ح: فليس. (¬21) ح ي: أن يعيده.

يجب عليه سجدتا السهو. قلمت: لم؟ قال: لأن سجوده (¬1) الأول مع الإمام لا (¬2) يجزيه من سهوه هذا الأخير (¬3)، ولا يكون سجوده قبل هذا السهو وقبل أن يجب عليه سجوده (¬4) لهذا (¬5) السهو (¬6) الآخر (¬7). قلت: أرأيت إن لم يسجد (¬8) مع الإمام فقام يقضي بعدما فرغ الإمام فسها (¬9) في صلاته (¬10) كم عليه أن يسجد للسهو (¬11)؟ قال: عليه سجدتان، وليس عليه غيرهما. قلت: أرأيت إن لم يَسْهُ (¬12) حتى فرغ من صلاته هل (¬13) عليه أن يسجد لسهو الإمام (¬14)؟ قال: نعم. قلت: لم (¬15) وقد تركهما في موضعهما؟ قال: أدع القياس وأستحسن. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم ركعة فسها فيها ثم قام (¬16) في الثانية فجاء (¬17) رجل فدخل معه في الصلاة، أيجب عليه أن يسجد مع الإمام سجدتي السهو؟ قال: نعم. قلت: لم (¬18) وإنما دخل معه (¬19) بعدما سها؟ قال: لأنه يجب عليه ما يجب (¬20) على الإمام. ألا ترى أن الإمام يسجدهما (¬21) وهو خلفه، فينبغي له أن يسجدهما معه. قلت: فإن لم يسجدهما معه؟ قال: عليه أن يسجدهما (¬22) بعدما يفرغ من صلاته. قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته، فلما فرغ وسلم أحدث ¬

_ (¬1) ح ي: سجود. (¬2) ك م: ولا. (¬3) ك ح ي: الآخر. (¬4) ح ي: سجود. (¬5) ك م: فهذا. (¬6) ح ي - السهو. (¬7) ك: للآخر؛ م: للأخير. (¬8) ك م: لم يسه. (¬9) ح ي - فسها. (¬10) ح ي: من صلاته. (¬11) ك م ح ي - للسهو. والتصحيح من ج ر. (¬12) ح ي: لم يسجد؛ ح ي + سهواً. (¬13) ح ي + يجب. (¬14) يعني: أنه إن لم يسجد سجدتي السهو مع الإمام وقام يقضي ما سُبِقَ به هل يسجد في آخر صلاته لسهو الإمام. انظر: المبسوط، 1/ 225. (¬15) م - لم. (¬16) ح - ثم قام؛ ي: فلما قام. (¬17) ح ي: جاء. (¬18) ح ي - لم. (¬19) ك م - معه. (¬20) ح ي: ما وجب. (¬21) ح ي: سجدهما. (¬22) م ح ي - معه قلت فإن لم يسجدهما معه قال عليه أن يسجدهما، صح م هـ.

وهو غير متعمد لذلك، هل ينبغي له أن يتوضأ ثم يعود إلى مكانه فيسجد سجدتي (¬1) السهو ويتشهد ويسلم؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يفعل (¬2)؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فسها في صلاته (¬3)، ثم أحدث (¬4) فتأخر وقدّم رجلاً (¬5)، هل يجب على الثاني سجدتا السهو اللتان كانتا (¬6) على الإمام (¬7) الأول؟ قال: نعم. قلت: فإن (¬8) سها الثاني أيضاً (¬9) كم عليه للسهو (¬10)؟ قال: كفته (¬11) سجدتا السهو الأول (¬12) لسهوه (¬13) الآخر. قلت: أرأيت إن لم يكن الأول سها حتى أحدث فقدّم الثاني (¬14) هل يجب على الأول الذي أحدث سجدتا السهو؟ قال: نعم، إن بنى على صلاته. قلت: لم؟ قال: لأن الثاني إمام الأول، فما وجب عليه وجب على الأول (¬15). ألا ترى أن الثاني لو ضحك أو تكلم أَفسد (¬16) صلاتَه وصلاةَ من خلفه، وكان قد أَفسد صلاةَ الأول. أَوَلاَ ترى أن ما (¬17) دخل على الثاني دخل على الأول مثله. قلت: أرأيت لو أحدث (¬18) الإمام الأول أو تكلم أو ضحك هل يُفسِد على الإمام الثاني أو من (¬19) خلفه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد خرج (¬20) من أن يكون إمامهم وصار (¬21) الإمام غيره. قلت: أرأيت رجلاً صلى فسها في صلاته، فلما سلم سجد سجدة ¬

_ (¬1) ح: سجدة. (¬2) ح - ذلك. (¬3) ح ي - فسها في صلاته. (¬4) ح ي: فأحدث. (¬5) ح ي + وقد سها الأول في صلاته. (¬6) ك م: التي كانت. (¬7) ح ي - الإمام. (¬8) ح ي: وإن. (¬9) ح ي - أيضاً. (¬10) ي - للسهو. (¬11) ك م ج رط: عليه؛ ح ي - كفته. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 11 ظ؛ والمبسوط، 1/ 225. وعبارة الحاكم: ... كفاه سجدتان لسهوه وسهو الأول. انظر: الكافي، 1/ 11 ظ. وعبارة السرخسي: كفته سجدتان. انظر: المبسوط، 1/ 225. (¬12) ح ي + وليس عليه. (¬13) ح: للسهو؛ ي: لسهو. (¬14) ح ي + فسهى. (¬15) ح ي: على الآخر. (¬16) ح ي: فسد. (¬17) ح ي: أنما. (¬18) ح ي: إن أحدث. (¬19) ح ي: وعلى من. (¬20) ح ي: لو خرج. (¬21) ح ي: وكان.

واحدة للسهو ثم أحدث، هل ينبغي له (¬1) أن يتوضأ ثم يرجع (¬2) إلى مكانه فيسجد الأخرى (¬3) ثم يتشهد ويسلم؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يفعل أو تكلم؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فسها في صلاته، فلما فرغ من صلاته (¬4) وسلم سجد (¬5) سجدة واحدة للسهو (¬6) ثم أحدث، أينبغي له أن يتأخر ويقدّم رجلاً غيره (¬7) فيسجد بهم الثانية؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الإمام الأول حين سلم قبل أن يسجد لسهوه دخل معه رجل في الصلاة، فسجد الإمام (¬8) سجدة واحدة ثم أحدث، فقدّم هذا الذي أدرك معه السجدة الواحدة، كيف يصنع؟ قال: يسجد بهم (¬9) أخرى ثم يتشهد (¬10)، ثم يتأخر فيقدّم رجلاً قد أدرك مع الإمام الصلاة، فيسلم بهم، ثم يقوم هو فيقضي ما بقي (¬11) من صلاته (¬12). قلت: أرأيت رجلاً أدرك مع الإمام ركعة (¬13) في أيام التشريق (¬14) من صلاته وقد سبقه الإمام (¬15) بثلاث ركعات وعلى الإمام سهو، أليس (¬16) يسجدهما (¬17) هذا الرجل مع الإمام قبل أن يقضي ما سبقه به الإمام (¬18)؟ قال: نعم. قلت: فكيف يصنع إذا كبر الإمام أيكبر أو يقوم (¬19) فيقضي؟ قال: بل يقوم فيقضي ما سبقه به (¬20) الإمام، فإذا فرغ وسلم كبر بعد ذلك. قلت: وكذلك التلبية؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف (¬21) التكبير ¬

_ (¬1) ي - له. (¬2) ي: ثم رجع. (¬3) ح ي: أخرى. (¬4) ح ي - من صلاته. (¬5) ح ي: فسجد. (¬6) م - للسهو؛ ح ي: لسهوه. (¬7) ح ي - غيره. (¬8) ح - الإمام. (¬9) م: لهم. (¬10) ح ي: ويتشهد. (¬11) ح ي - رجلاً قد أدرك مع الإمام الصلاة فيسلم بهم ثم يقوم هو فيقضي ما بقي. (¬12) ح: من صلى به؛ ي: من صلا به. (¬13) ح ي - ركعة. (¬14) ح ي + ركعة. (¬15) ح ي + الإمام. (¬16) م: ليس. (¬17) ح ي: يسجد. (¬18) ح ي - به الإمام. (¬19) ح ي: أم يقوم. (¬20) ح ي - به. (¬21) ح: اختلفا.

والسجود (¬1)؟ قال: لأن السجود من الصلاة. ألا ترى لو أن رجلاً دخل معه (¬2) في سجدتي (¬3) السهو أو في إحداهما كان (¬4) قد أدرك الصلاة معه (¬5)، ولو انتهى إلى الإمام (¬6) وهو يكبر فكبر معه لم يكن داخلاً في صلاته؛ لأن التكبير ليس من الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى الإمام وقد فرغ من صلاته وعليه السهو (¬7)، فسجد سجدة واحدة ثم سجد الأخرى، فدخل معه الرجل في الأخرى، هل يجب عليه (¬8) أن يقضي (¬9) تلك السجدة؟ قال: لا. قلت: ما (¬10) شأنه يقضي بقية صلاته ولا يقضي تلك (¬11) السجدة؟ قال: لأنها ليست من صُلْبِ (¬12) الصلاة، إنما هي بمنزلة سجدة (¬13) قرأها الإمام وسجدها (¬14) قبل أن يدخل معه (¬15) الرجل (¬16). فإنما يقضي الرجل ما بقي من صلاته (¬17) ولا يقضي السجدة. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم ركعةً (¬18) فقرأ سجدةً فنسي أن يسجد بها (¬19)، فذكر (¬20) ذلك وهو قاعد أو راكع (¬21) أو ساجد (¬22)، كيف يصنع؟ ¬

_ (¬1) ح ي: السجود والتكبير. (¬2) ح ي: ألا ترى أنه لو دخل معه رجل. (¬3) ح: في سجدة. (¬4) ك م: لكان. (¬5) ح ي: معه الصلاة. (¬6) ح ي: إليه. (¬7) ح ي: سهو. (¬8) ح + أن يسجد معه قال نعم قلت فهل يسجد الأخرى التي سبقه بها قال لا قلت فإذا قام يقضي ما سبقه به قال يقضي قلت هل يجب عليه؛ ي + أن يسجد معه قال نعم قلت فهل يسجد الأخرى التي سبقه بها قال لا قلت فإذا قام يقضي ما سبق به فقضى هل يجب عليه. (¬9) ي: أن يسجد. (¬10) ح ي: فما. (¬11) ح ي - تلك. (¬12) م: من صلت. (¬13) ح ي: السجدة. (¬14) ح ي: فسجدها. (¬15) ح: معها. (¬16) ح ي - الرجل. (¬17) ح ي: من الصلاة. (¬18) ي: ركعة بقوم. (¬19) ح ي: لها. (¬20) ي: وذكر. (¬21) ح ي: راكع أو قاعد. (¬22) ح ي - أو ساجد.

قال: إذا ذكرها وهو راكع خَرَّ ساجداً لها (¬1) ثم قام فعاد في ركعته ثم مضى في صلاته، وعليه سجدتا السهو. وإن (¬2) ذكر ذلك وهو قاعد خَرَّ ساجداً ثم رفع رأسه وكان عليه سجدتا السهو (¬3). وإن (¬4) ذكر ذلك وهو ساجد رفع رأسه فسجد (¬5)، ثم سجد (¬6) للسهو (¬7) بعد التسليم. قلت: فإن أخرها إلى آخر صلاته؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم ركعةً فترك سجدة منها (¬8)، ثم قام في الثانية فقرأ وركع وسجد، ثم ذكر تلك السجدة، كيف يصنع؟ قال: يرفع رأسه من السجود، ويسجد (¬9) تلك السجدة التي كان (¬10) نسيها (¬11)، ثم يسجد (¬12) ما كان فيه، ثم يمضي في صلاته، وعليه سجدتا السهو. قلت: فإن ذكر ذلك وهو راكع؟ قال: عليه أن يَخِرَّ لها (¬13) ساجداً، ثم يقوم فيعود إلى ركوعه، ويمضي في صلاته، وعليه سجدتا السهو (¬14) بعد التسليم. قلت: فإن لم يَعُدْ إلى ركوعه؟ قال: صلاته تامة (¬15). قلت: أرأيت رجلاً صلى فنسي (¬16) سجدة من الركعة الأولى ثم صلى الثانية فنسي (¬17) منها سجدة، ثم ذكر ذلك بعدما قام في الثالثة (¬18)، بأيهما ¬

_ (¬1) ح ي: خر لها ساجداً. (¬2) ح: فإن. (¬3) ي - وإن ذكر ذلك وهو قاعد خر ساجداً ثم رفع رأسه وكان عليه سجدتا السهو. (¬4) ح ي: فإن. (¬5) ح ي: فسجدها؛ ح ي + ثم أعاد سجدة. (¬6) ح ي + سجدة. (¬7) ح ي: السهو. (¬8) ح ي: منها سجدة. (¬9) ح ي: فيسجد. (¬10) ح - كان. (¬11) ي: نسي. (¬12) ك م: ثم سجد. (¬13) ح ي - لها. (¬14) ح ي + قلت فإن ذكر ذلك وهو قاعد أو قائم قال يسجدها ويمضي في صلاته وعليه سجدتا السهو. (¬15) ح ي - قلت فإن لم يعد إلى ركوعه قال صلاته تامة. (¬16) م: فسهي. (¬17) ك م - سجدة من الركعة الأولى ثم صلى الثانية فنسي. (¬18) ك م: في الثانية.

يبدأ؟ قال: بالأولى فالأولى (¬1). قلت: وكذلك لو نسي (¬2) ثلاث سجدات من ثلاث ركعات؟ قال: نعم. قلت: فإن نسي سجدة التلاوة من الركعة (¬3) الأولى ونسي من الركعة الثانية سجدة من صُلْبِ (¬4) الصلاة فذكر (¬5) ذلك، بأيهما يبدأ؟ قال: يبدأ (¬6) بالأولى منهما تلاوةً كانت أو من صُلْبِ (¬7) الصلاة. قلت: أرأيت إن نسي سجدةً من ركعةٍ أو سجدة (¬8) من تلاوةٍ، فلم يَذكُر ذلك حتى فرغ من ضلاته وسلم وخرج من المسجد، ثم ذكر بعد (¬9) ذلك؟ قال: إن كانت السجدة من صُلْبِ الصلاة فعليه أن يستقبل الصلاة. وإن (¬10) كانت السجدة من تلاوة (¬11) فصَلاته تامة. قلت: من أين اختلفا؟ قال: لأن السجدة إذا كانت من (¬12) ركعة فهي من صُلْبِ (¬13) الصلاة. وإذا كانت من تلاوةِ فليست من صُلْبِ (¬14) الصلاة. فإذا ذكر ذلك من غير (¬15) أن يتكلم أو يخرج من المسجد سجدها (¬16) وتمت صلاته، وعليه سجدتا السهو. وإن كان تكلم أو خرج من المسجد فلا يبني (¬17) عليه. قلت: أرأيت لو خرج (¬18) من المسجد لِمَ جعلتَه قطعاً للصلاة؟ قال: إن لم (¬19) أفعل ذلك لم يكن لي (¬20) بُدٌّ من أنْ (¬21) أجعلَه (¬22) قطعاً (¬23) للصلاة (¬24) ¬

_ (¬1) ك م - فالأولى. (¬2) ح: إن نسي. (¬3) ح ي: في الركعة. (¬4) م: من صلت. (¬5) ح ي: ثم ذكر. (¬6) ح ي - يبدأ. (¬7) م: من صلت. (¬8) ح: وسجدة. (¬9) ح ي - بعد. (¬10) ي: فإن. (¬11) ح ي: سجدة تلاوة. (¬12) ح - من؛ صح هـ. (¬13) م: من صلت. (¬14) م: من صلت. (¬15) ح ي: ذلك قبل. (¬16) ك م: سجدهما. (¬17) م ح ي: فلا شي. (¬18) ح ي: أرأيت الخروج. (¬19) م - لم. (¬20) ي: إلي. (¬21) ح - أن؛ صح هـ. (¬22) ك: بد أن أجعلها؛ م: بد وأن أجعلها (¬23) ح ي: قاطعاً. (¬24) ح ي - للصلاة.

إذا (¬1) خطا خطوة، أو لا (¬2) أجعله (¬3) قطعاً (¬4) وإن مشى فرسخاً (¬5)، فاستحسنتُ أن أجعلَ وقت ذلك الخروج من المسجد. قلت: فإن كان في صحراء فما وقت ذلك عندك؟ قال: وقت ذلك (¬6) أن يجاوز أصحابه (¬7). قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر خمس ركعات ساهياً هل (¬8) عليه سجدتا السهو؟ قال: إن كان لم يقعد في الرابعة قدر التشهد فصلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل الصلاة (¬9). قلت: أرأيت (¬10) إن ذكر حين تمت الخامسة أنه قد (¬11) صلى خمساً أيضيف (¬12) إليها ركعة (¬13) حتى تكون ستاً (¬14) أو يقطعها، أي ذلك أحب إليك؟ قال: أحب إلي أن يشفعها بركعة (¬15) ثم يسلم. وعليه أن يستقبل الصلاة (¬16). وإن لم يفعل (¬17) لم يكن عليه شيء إلا الظهر. قلت (¬18): فإن كان (¬19) قعد في الرابعة (¬20) قدر التشهد؟ قال (¬21): قد (¬22) تمت الظهر، والخامسة تطوع، وعليه أن يضيف إليها ركعة، ثم يتشهد (¬23) ويسلم، ويسجد سجدتي السهو، وقد تمت صلاته. قلت: فإن لم يضف (¬24) إليها ركعة (¬25) أخرى وتكلم (¬26)؟ قال: يجزيه، ولا شيء عليه. ¬

_ (¬1) ح ي: إذا ما. (¬2) ك م ط: ولا. (¬3) ح: أو لأجعله. (¬4) ح ي: قاطعاً. (¬5) ي + في فرسخ. (¬6) ح ي - وقت ذلك. (¬7) ح ي + قلت فإن تقدم إمامه متى وقته قال وقته أن يجاوز موضع سجوده. وذكر السرخسي أن هذه المسألة لم تذكر في الكتاب. انظر: المبسوط، 1/ 227. (¬8) ح ي + يجب. (¬9) ح ي: الظهر. (¬10) ح ي + رجلاً. (¬11) ك - قد. (¬12) ح: ليضيف. (¬13) ح ي + أخرى. (¬14) م: حتى يكون شياً. (¬15) ح ي: يشفع من ركعة. (¬16) ح ي: الظهر. (¬17) ح ي: فإن لم يقعد. (¬18) ح ي: قلت. (¬19) ح ي + قد. (¬20) ط: في الركعة. (¬21) ح ي: قال. (¬22) ح ي: فقد. (¬23) ح: ثم يثبت هذه. (¬24) م ح: لم يضيف. (¬25) ي - ركعة. (¬26) ح ي + حين صلى الخامسة.

قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعة ولم يسجد لها، ثم قام في الثانية فقرأ وسجد ولم يركع، فذكر ذلك قبل أن يصلي (¬1) الثالثة (¬2)؟ قال: هذا إنما صلى (¬3) ركعة واحدة، وعليه أن يمضي في صلاته، ويسجد (¬4) سجدتي السهو بعد التسليم. وإنما صارت (¬5) السجدتان للركعة الأولى، فصارت ركعة تامة، وعليه سجدتا (¬6) السهو فيما (¬7) سها. قلت: فإن ركع في الأولى ولم يسجد، ثم ركع في الثانية وسجد، ثم قام في الثالثة ولم يركع وسجد سجدتين؟ قال: هذا إنما صلى ركعة واحدة. قلت: لم؟ قال: لأنه ركع أولاً، ثم قام في الثانية فركع (¬8) وسجد، فصارت ركعة تامة، وبطلت الركعة الأولى، ثم قام في الثالثة ولم يركع (¬9) وسجد (¬10) سجدتين من غير ركوع، فلا يجزيه. قلت: فإن سجد في الأولى سجدتين ولم يركع، ثم قام في الثانية فقرأ وركع ولم يسجد (¬11)، ثم قام في الثالثة فقرأ وركع ثم سجد (¬12)؟ قال: هذا إنما صلى ركعة واحدة؛ لأنه حين (¬13) سجد أولاً ثم ركع في الثانية فإنها لا (¬14) تكون ركعة تامة. لأنه سجد قبل الركوع، وإنما السجود بعد الركوع. ثم قام في الثالثة فقرأ وركع ثم سجد (¬15)، فصارت ركعة تامة، وبطل ما كان قبل ذلك. قلت: فإن ركع أولاً ولم يسجد، ثم قام في الثانية فقرأ وركع ولم يسجد، ثم قام في الثالثة (¬16) فقرأ وسجد ولم يركع (¬17)؟ قال: هذا إنما صلى ركعة واحدة؛ لأنه حيث ركع أولاً ولم ¬

_ (¬1) ح ي: ذلك ولم يصل. (¬2) ح ي + ثم وقام في الثالثة. (¬3) م: يصلي. (¬4) ح ي: وعليه أن يسجد. (¬5) ح ي: وصارت. (¬6) ح ي: سجدتي. (¬7) ح ي: لما. (¬8) ح ي - فركع. (¬9) ح ي - ولم يركع. (¬10) ح ي: فسجد. (¬11) ح ي + فجلس. (¬12) ح ي: وسجد؛ ح ي + سجدتين. (¬13) ح ي: حيث. (¬14) ح ي: فلا. (¬15) ح ي: وسجد. (¬16) ح - فقرأ وركع ولم يسجد ثم قام في الثالثة؛ صح هـ. (¬17) ح ي: فقرأ ولم يركع وسجد؛ ح ي + سجدتين.

يسجد حتى قام في الثانية فقرأ وركع ولم يسجد ثم قام (¬1) في الثالثة وسجد سجدتين (¬2)، فهاتان السجدتان للركعة الأولى، وبطلت (¬3) الوسطى. قلت (¬4): وعليه في جميع ما صنع سجدتا (¬5) السهو بعد التسليم؟ قال: نعم (¬6). قلت: أرأيت إذا صلى الرجل أربع ركعات وقعد (¬7) قدر التشهد في (¬8) الرابعة، ثم صلى (¬9) الخامسة، لم جَعلتَ صلاتَه تامة؟ قال: لأنه قد (¬10) قعد قدر التشهد (¬11) فقد تمت صلاته. فلا (¬12) يُفسِد (¬13) صلاتَه ما حدث (¬14) بعد ذلك من (¬15) كلام أو ضحك أو صلاة. قلت: أرأيت إن كان عليه سجدتا السهو، ثم فعل شيئاً من ذلك بعدما تشهد قبل أن يسجدهما أو بعدما سجد إحداهما؟ قال: صلاته في هذا (¬16) تامة، غير أن عليه الوضوء لصلاة أخرى إذا قهقه أو أحدث. قلت: لم جَعلتَ عليه الوضوء وهو في غير الصلاة، وقد زعمتَ أن صلاته تامة؟ قال: أجل، إن صلاته تامة، غير أنه قد (¬17) بقي عليه شيء يجب عليه (¬18) فيه الوضوء إذا قهقه (¬19) أو أحدث، ولا تفسد (¬20) صلاته. ألا ترى لو أن رجلاً دخل معه في الصلاة على تلك الحال (¬21) كان قد أدرك معه الصلاة. أَوَلاَ ترى لو أن رجلاً أدرك الإمام يوم الجمعة على تلك الحال (¬22) كان (¬23) قد أدرك معه الجمعة. أَوَلاَ ترى لو أن ¬

_ (¬1) ك م - في الثانية فقرأ وركع ولم يسجد ثم قام. (¬2) ح - سجدتين. (¬3) ح ي: وأبطلت. (¬4) ح ي - قلت. (¬5) ك م - سجدتا. (¬6) ح ي - بعد التسليم قال نعم. (¬7) ك ح ي: وقد قعد. (¬8) ح + الركعة. (¬9) ح ي: ثم قام فصلى. (¬10) ح ي - قد. (¬11) ح ي + في الرابعة. (¬12) ح ي: ولا. (¬13) ح: تفسد. (¬14) ح ي: ما أحدث. (¬15) ح ي + حدث أو. (¬16) ح ي: في هذين. (¬17) ح - قد. (¬18) م + يجب عليه. (¬19) ح ي: إن قهقه. (¬20) ح م: يفسد. (¬21) ح: الحالة. (¬22) ح: لحالة. (¬23) ح ي - كان.

باب الزيادة في السجود

مسافراً دخل في صلاة المقيم (¬1) على تلك الحال وجب عليه صلاة المقيم (¬2). قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر فقعد (¬3) في الثانية وسلم (¬4) في الركعتين ساهياً؟ قال: يمضي في صلاته، وعليه سجدتا السهو. قلت: أَوَلاَ (¬5) ترى (¬6) التسليم قطعاً (¬7) للصلاة كما يقطعها الكلام؟ قال: أما إذا كان ساهياً فلا، وإن كان متعمداً لذلك فصلاته فاسدة. ... باب الزيادة في السجود (¬8) قلت: أرأيت رجلاً صلى فسجد في ركعةٍ ثلاث سجدات أو أربعاً (¬9)، هل يُفسِد ذلك صلاتَه؟ قال: لا، إلا أن (¬10) عليه سجدتي (¬11) السهو. قلت: وكذلك لو ركع ثم رفع رأسه ثم ركع (¬12) ساهياً؟ قال: نعم. قلت: أَوَلاَ (¬13) ترى السجدة أو السجدتين أو الركعة إذا لم يكن معها سجود (¬14) ولم (¬15) يكن مع السجود ركعة تُفسِد (¬16) الصلاة؟ قال: لا، إنما يُفسِد الصلاةَ (¬17) ركعةٌ وسجدة أو سجدتان (¬18). ¬

_ (¬1) ح ي: مقيم. (¬2) ي: مقيم. (¬3) ح ي: وقعد. (¬4) ح ي: فسلم. (¬5) ح - أولاً؛ ي: ولا. (¬6) ح: ويرى. (¬7) ح: مطلقاً. (¬8) ح ي - باب الزيادة في السجود. (¬9) ح ي: أو أربع؛ ح ي + سجدات ساهياً. (¬10) ح: قال الآن. (¬11) ح: سجدتا. (¬12) ي + ثم رفع رأسه ثم ركع. (¬13) ح ي: ولا. (¬14) ح ي: سجدة. (¬15) ح ي: أو لم. (¬16) ح: يفسد. (¬17) ح - الصلاة. (¬18) أي: إذا زاد في الصلاة ذلك فإنها تفسد كما يفهم من المسألة التالية. وانظر: المبسوط، 1/ 228.

قلت: أرأيت إن زاد في الظهر ركعة وسجدة أو سجدتين ولم يقعد في الرابعة قدر التشهد؟ قال: هذه الصلاة قد صارت خمس ركعات، ففَسَدَتْ، فعليه أن يعيدها. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فسها في صلاته، ثم أحدث فقدّم رجلاً قد (¬1) فاتته ركعة، كيف يصنع؟ قال: يصلي بالقوم، فإذا انتهى إلى تمام صلاة الإمام تشهد، ثم تأخر (¬2) من غير أن يسلم ويقدّم (¬3) رجلاً ممن أدرك أول الصلاة، فيسلم بهم (¬4) ويسجد سجدتي السهو، ثم يقوم هذا الإمام الثاني فيقضي ما سبقه (¬5). قلت: وينبغي له أن يسجد سجدتي السهو مع الذي قدّم قبل (¬6) أن يقضي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يكن في القوم رجل قد أدرك الصلاة من أولها كيف يصنع الإمام الثاني؟ قال: إذا انتهى إلى رابعة (¬7) الإمام الأول (¬8) تشهد، ثم تأخر من غير أن يسلم، فقام يقضي وحده (¬9) ما سبق به، وقام القوم يقضون (¬10) وحداناً. قلت: فإذا (¬11) قضوا وحداناً هل عليهم سجدتا السهو اللتان وجبتا (¬12) على الإمام الأول؟ قال: نعم. قلت: فمتى (¬13) يسجدونهما (¬14)؟ قال: كلما فرغ رجل (¬15) منهم من صلاته وسلم سجد (¬16) سجدتي السهو. قلت: لم أوجبتَ (¬17) على كل رجل منهم أن يسجد للسهو (¬18) ولم يسجد الإمام، وزعمتَ (¬19) أنه (¬20) إذا لم يكن (¬21) سجد (¬22) الإمام فلا سجود على أصحابه؟ قال: ليس هذا كذلك. ¬

_ (¬1) م: فقد. (¬2) ح ي: وتأخر. (¬3) ح ي: وقدم. (¬4) ح ي: بالقوم. (¬5) ح ي: سبق به. (¬6) م - قبل. (¬7) ح: إلى الرابعة. (¬8) ك م - الأول. (¬9) ح ي: وحده يقضي. (¬10) ح ي: فقضوا. (¬11) ح ي: وإن. (¬12) ي: وجبتان. (¬13) ح ي: وإن. (¬14) ك م ي: يسجدهما. (¬15) ح ي: إذا فرغ كل رجل. (¬16) ي: ويسلم يسجد. (¬17) م: لم وجبت. (¬18) ي: لسهوه. (¬19) ح ي: قد زعمت. (¬20) ح ي - أنه. (¬21) ح ي - يكن. (¬22) ح ي: يسجد.

هذا قد (¬1) وجب على إمام هؤلاء أن يسجد، ولكنه لم (¬2) يدرك (¬3) أول الصلاة فلم يستطع (¬4) أن يسجد، ولم يكن لهم إمام يسجد بهم، فاستحسنتُ (¬5) أن يسجدوا بها (¬6) وحداناً كما يقضون وحداناً. قلت: أرأيت مسافراً أمّ (¬7) قوماً مقيمين، فسها في صلاته فسجد سجدتي السهو بعدما سلم في الركعتين، أيسجد المقيمون معه أم يقضون قبل ذلك ثم يسجدون؟ قال: بل (¬8) يسجدون معه، ثم يقومون (¬9) فيقضون (¬10) صلاتهم. قلت: فإن سجدوا معه ثم قاموا يقضون، فسها رجل (¬11) فيما يقضي، أيجب عليه أن يسجد سجدتي السهو بعدما يسلم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً نام خلف الإمام ثم استيقظ وقد فرغ الإمام (¬12) من صلاته وسلم وعليه سهو، فأراد أن يسجد (¬13)، أيسجد هذا الرجل معه أم يقضي؟ قال: بل (¬14) يبدأ (¬15) فيقضي (¬16) الأول فالأول (¬17) من صلاته، فإذا فرغ وسلم (¬18) سجد (¬19) سجدتي السهو. قلت: فإن سجد مع الإمام ثم قام يقضي؟ قال: لا يجزيه ما سجد مع الإمام، وعليه أن يسجد إذا فرغ من صلاته. قلت: من أين اختلف (¬20) هذا والذي سبقه الإمام بركعة؟ قال: هذا قد (¬21) أدرك أول الصلاة، والذي سبقه الإمام لم (¬22) يدرك ¬

_ (¬1) ح ي - قد. (¬2) ح ي + يكن. (¬3) ح ي: أدرك. (¬4) ح ي: يقدر. (¬5) ك م: واستحسنت. (¬6) ح ي: أن يسجدوها. (¬7) ك م: يؤم. (¬8) ح: بلا. (¬9) ح ي: ثم يتمون. (¬10) ح ي - فيقضون. (¬11) ح ي + منهم. (¬12) ي - الإمام؛ صح هـ. (¬13) ح + سهوه؛ ي + بسهوه. (¬14) ح: بلى. (¬15) ح ي - يبدأ. (¬16) ح ي: يقضي. (¬17) ك م: الأولى فالأولى. (¬18) ح: يسلم. (¬19) ح: ويسجد؛ ي: وسجد. (¬20) ح: اختلفا. (¬21) ك م: هذا إذا. (¬22) ي: ولم.

أولها (¬1). ألا ترى أن الذي لم يدرك أول الصلاة خلفه (¬2) عليه (¬3) أن يقرأ فيما يقضي، وهذا الذي أدرك أول الصلاة إنما يتبع الإمام بغير قراءة حتى يفرغ من صلاته (¬4). قلت: فهل يقوم هذا الرجل (¬5) الذي أدرك أول الصلاة في كل ركعة مقدار قراءة الإمام؟ قال: نعم. قلت: فإن نقص أو زاد؟ قال: لا يضره. قلت: وكذلك لو أن رجلاً أدرك أول الصلاة مع الإمام ثم أحدث، فذهب (¬6) فتوضأ فجاء (¬7) وقد فرغ الإمام من صلاته؟ قال: نعم. قلت: فإن استيقظ النائم وقد بقيت على الإمام ركعة أو جاء (¬8) الذي أحدث (¬9)، كيف يصنعان، أيصليان (¬10) مع الإمام ما بقي عليه، أم يبتدئان (¬11) فيقضيان ما سُبِقَا به ثم يصليان هذه الركعة؟ قال: يبتدئان (¬12) فيقضيان ما سُبقَا به من الصلاة، ثم يصليان هذه الركعة، ثم يسجدان سجدتي (¬13) السهو. فإن (¬14) أدركا (¬15) الإمام بعدما فرغا مما (¬16) سُبِقَا به قعدا مع الإمام حتى يفرغ. قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى الإمام في الظهر أو العصر (¬17) وقد سبقه الإمام (¬18) بركعتين، فدخل معه في الصلاة (¬19) فصلى معه الركعتين الأخريين (¬20)، فلما سلم الإمام قام يقضي، أيقضي بقراءة أم بغير قراءة؟ قال: بل (¬21) يقضي بقراءة، في كل ركعة بفاتحة الكتاب ¬

_ (¬1) ك م: أوله. (¬2) ح ي - خلفه. (¬3) ك م - عليه. (¬4) ح - من صلاته. (¬5) ح ي - الرجل. (¬6) ح ي: ثم ذهب. (¬7) ح ي: وجاء. (¬8) ح ي: وجاء. (¬9) ي: أحدثا. (¬10) ح ي: يقضيان ويصليان. (¬11) م ي: أم يبديان؛ ح: أم يبدآن. (¬12) م: يبديان؛ ح: بل يبدآن؛ ي: بل يبديان. (¬13) ح: سجدة. (¬14) ح ي: وإن. (¬15) ي: أدرك. (¬16) ك م: ما. (¬17) ح ي: والعصر. (¬18) ح ي - الإمام. (¬19) ح ي - في الصلاة. (¬20) م: الأخيرتين. (¬21) ح - هل.

وسورة (¬1). قلت: وكذلك لو سبقه الإمام بركعة؟ قال: نعم. قلت: فإن سبقه بثلاث ركعات؟ قال: يقرأ في الركعتين الأوليين فيما يقضي بفاتحة الكتاب وسورة (¬2) في كل ركعة، ويقرأ في (¬3) الأخيرة (¬4) بفاتحة الكتاب (¬5)، وإن شاء سبّح، وإن شاء سكت (¬6). قلت: فإن كان الإمام سها في صلاته وقد أدرك هذا معه ركعة أو لم يدرك معه إلا أنه أدركه جالساً، أيسجد (¬7) معه إذا سجد الإمام للسهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يقرأ فيما يقضي؟ قال: صلاته فاسدة. قلت: لم؟ قال: لأنه يقضي أول صلاته، فعليه أن يقرأ. قلت: أرأيت رجلاً انتهى إلى الإمام في الظهر وقد صلى الإمام ركعتين ولم يقرأ فيهما، فدخل الرجل معه في (¬8) الصلاة فصلى معه الركعتين الأخريين (¬9)، وقرأ الإمام فيهما، فلما سلم قام هذا يقضي، أيقرأ (¬10) فيما يقضي من صلاته؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يقرأ؟ قال: لا يجزيه (¬11)، وعليه أن يعيد الصلاة (¬12). قلت: ولم قد (¬13) أجْزَت صلاة (¬14) الإمام وقد صارت (¬15) صلاة (¬16) هذا فاسدة وقد أدرك معه الركعتين اللتين قرأ فيهما الإمام؟ قال: لأن الإمام أخر القراءة عن موضعها ثم قرأ في آخر صلاته في الركعتين (¬17) فهو يجزيه. وأما هذا فإنه (¬18) يقضي أول صلاته، فلا ¬

_ (¬1) ح ي: وبسورة؛ ك م + وهو قول محمد. ولم يذكر الحاكم ولا السرخسي في ذلك خلافاً بين الإمام محمد والإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف. انظر: الكافي، 1/ 12 و؛ والمبسوط، 1/ 230. (¬2) ح ي: القرآن وبسورة. (¬3) ح ي + الركعة. (¬4) ك: في الآخرة؛ ي: الآخرة. (¬5) ح ي: القرآن. (¬6) ح ي - وإن شاء سكت. (¬7) ك: يسجد. (¬8) ح - في. (¬9) م: الآخرتين. (¬10) ي: أما يقرأ. (¬11) ي: لا تجزيه؛ ح ي + صلاته. (¬12) ح ي - الصلاة. (¬13) ح ي - قد. (¬14) ك م - صلاة. (¬15) ح ي - وقد صارت. (¬16) ح ي: وصلاة. (¬17) ح ي: في ركعتين. (¬18) ح ي: فهو.

بد له من أن يقرأ فيهما. قلت: أرأيت إن كان (¬1) هذا حين أدرك الركعتين مع الإمام (¬2) قرأ فيهما (¬3)؟ قال: لا يجزيه حتى يقرأ فيما يقضي. قلت: أرأيت إن قرأ فيما يقضي بفاتحة الكتاب وحدها (¬4) أو بسورة (¬5) وليس (¬6) معها فاتحة الكتاب (¬7)؟ قال: إن كان ساهياً فعليه سجدتا (¬8) السهو (¬9). وإن تعمد لذلك فصلاته تامة، ولا شيء عليه إلا أنه قد أساء. قلت: أرأيت إن قرأ آية ساهياً أو متعمداً؟ قال: إن كان ساهياً فعليه سجدتا السهو، وصلاته تامة. وإن تعمد ذلك فصلاته تامة، ولا شيء عليه، إلا أنه قد أساء (¬10). قلت: أرأيت إن قام يقضي قبل أن يتشهد مع (¬11) الإمام وقبل (¬12) أن يقعد قدر التشهد، فقضى وفرغ مما عليه؟ قال: لا يجزيه ذلك. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو قام يقضي وقد بقي على الإمام ركعة أكان يجزيه؟ قلت (¬13): لا. قال (¬14): فهذا وذاك سواء. قلت: فإن قام يقضي بعدما قعد الإمام قدر التشهد وفرغ من صلاته؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت إن كان على (¬15) الإمام سجدتا السهو فسجدهما والرجل (¬16) قائم يصلي ولم يركع، أو قد (¬17) ركع ولم يسجد، كيف يصنع؟ قال: يرفض ذلك، ويخر ساجداً مع الإمام فيسجد (¬18) معه، فإذا سلم الإمام قام فقضى ما عليه. قلت: فإن سجد الإمام سجدتي السهو وقد صلى الرجل ركعة وسجدة أو سجدتين أيرفض (¬19) ذلك ¬

_ (¬1) ح ي - إن كان. (¬2) ح ي + إن كان. (¬3) ح: منها. (¬4) ح ي: القرآن وحده. (¬5) ح: وبسورة. (¬6) ح ي: ليس. (¬7) ح ي: القرآن. (¬8) ح: السجدة. (¬9) ح ي + وإن كان متعمداً فلا شيء عليه وصلاته في الوجهين جميعاً تامة. (¬10) ح ي - وإن تعمد لذلك فصلاته تامة ولا شيء عليه إلا أنه قد أساء قلت أرأيت إن قرأ آية ساهياً أو متعمداً قال إن كان ساهياً فعليه سجدتا السهو وصلاته تامة وإن تعمد ذلك فصلاته تامة ولا شيء عليه إلا أنه قد أساء. (¬11) ح ي - مع. (¬12) ي: أو قبل. (¬13) ح: قال. (¬14) ح - قال. (¬15) ح - على؛ صح هـ؛ ي: يصلى. (¬16) ح: والإمام. (¬17) م: وقد. (¬18) ي: فسجد. (¬19) ح ي: أو يرفض.

ويدخل مع الإمام؟ قال: لا. قلت: أرأيت لو لم (¬1) يكن سجد ولكنه كان ركع (¬2) بها (¬3)، فلما سجد الإمام سجد معه، ثم قام يقضي ما سبقه (¬4) الإمام، أتُحْتَسَبُ تلك القراءة التي قرأ قبل (¬5) أن يسجد مع الإمام؟ قال: لا، وقد (¬6) انتقض (¬7) سجوده مع الإمام وقراءته (¬8)، فعليه أن يعيد القراءة. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فأتم بهم الصلاة وسلم ومعه رجلان أو ثلاثة ممن (¬9) لم يدرك أول الصلاة، فقاموا يقضون، فسها أحدهم فيما يقضي، هل يجب (¬10) على صاحبه (¬11) السهو؟ قال: لا. قلت: ولم (¬12) صلاتهم (¬13) واحدة (¬14) فيما أدركوا، وليست (¬15) بواحدة فيما يقضون؟ قال (¬16): ألا ترى لو أن (¬17) أحدهم ضحك (¬18) أو أحدث أو تقيّأ أو تكلم لم يفسد على صاحبه. قلت: أرأيت إن قاما يقضيان (¬19) فائتم أحدهما (¬20) بصاحبه؟ قال: صلاة الإمام تامة، وصلاة الآخر فاسدة. قلت: لم أَفسدتَ عليه صلاتَه (¬21)؟ قال: لأنه صلى (¬22) صلاة واحدة بإمامين. قلت: أرأيت مسافراً أَمَّ قوماً مقيمين، فصلى بهم ركعتين وسلم، فقام (¬23) المقيمون فائتموا (¬24) برجل منهم، هل تجزيهم (¬25) صلاتهم (¬26)؟ ¬

_ (¬1) ح ي: إن لم. (¬2) ح ي: راكعاً. (¬3) ح ي - بها. (¬4) ح ي: يقضي بعدما فرغ. (¬5) ح ي: أيحتسب بتلك الركعة التي قد ركع قبل. (¬6) ح - وقد. (¬7) ح: ويقضي؛ ي: يقضي. (¬8) ح ي: قراته. (¬9) ح: من. (¬10) ح ي: أيجب. (¬11) ي: على صاحب. (¬12) ح ي: لم. (¬13) م ح ي: وصلاتهم. (¬14) ح ي + قال صلاتهم واحدة. (¬15) ح: وهي ليست؛ ي: هي ليست. (¬16) ح ي - قال. (¬17) ح - لو أن؛ ي: ألا ترون. (¬18) ح ي: لو ضحك. (¬19) ح ي: إن قاموا يقضون. (¬20) ح ي: أحدهم. (¬21) ح ي - أفسدت عليه صلاته. (¬22) ح - صلى. (¬23) ح ي: وقام. (¬24) ي: فأتموا. (¬25) ي: هل يجزيهم. (¬26) ح ي - صلاتهم.

قال: لا، صلاتهم (¬1) فاسدة غير الإمام، فإن صلاته تامة (¬2). قلت: أرأيت إماماً صلى بقومٍ الظهرَ، وصلى إمامٌ آخَرُ بقومٍ آخَرِين الظهرَ، فلما سلم الإمامان معاً (¬3) جميعًا قام رجل من هؤلاء يقضي ورجل من هؤلاء يقضي (¬4)، وقد بقي (¬5) على كل واحد منهما ركعة (¬6)، فائتم أحد الرجلين بصاحبه؟ قال: صلاة الإمام منهما (¬7) تامة، وصلاة المؤتم (¬8) فاسدة. قلت: وسواء إن كانت صلاة واحدة أو صلاتين أو ثلاث (¬9) صلوات (¬10)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة إذا صلت وحدها (¬11) هل يجب عليها من السهو ما يجب على الرجل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا صلى تطوعاً أيجب عليه في ذلك من السهو ما يجب عليه في المكتوبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم الغَدَاةَ وتشهّد، ثم طلعت الشمس قبل أن يسلم (¬12)، وعليه سجدتا السهو؟ قال: صلاته وصلاة من خلفه فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة (¬13) إذا ارتفعت (¬14) الشمس. وهذا (¬15) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى (¬16) صلاته وصلاة من خلفه تامة. قلت: أرأيت إماماً صلى بقومٍ الجمعةَ فقعد في الثانية قدر (¬17) التشهد (¬18) ثم دخل وقت العصر؟ قال: عليهم أن يستقبلوا الظهر (¬19) أربع ¬

_ (¬1) ح ي: وصلاتهم. (¬2) ح ي - فإن صلاته تامة. (¬3) ح ي - معاً. (¬4) ح - ورجل من هؤلاء يقضي. (¬5) ح ي: بقيت. (¬6) ح - ركعة. (¬7) ح ي: فيهما. (¬8) ح ي: وصلاة الذي ائتم. (¬9) ح: أو اثنتين أو ثلاثة؛ ي: أو اثنين أو ثلاثة. (¬10) ح ي - صلوات. (¬11) ك م - وحدها. (¬12) ك م: أن يسجد. (¬13) ح + وأما. (¬14) ح ي: إذا طلعت. (¬15) ح ي: في. (¬16) ح ي: أما أنا فأرى. (¬17) ح ي - قدر. (¬18) ح ي: وتشهد. (¬19) ح: الصلاة.

ركعات. وهذا (¬1) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى (¬2) صلاته وصلاة من خلفه تامة. قلت: أرأيت رجلاً (¬3) مسافراً عرياناً لا يجد ثوبًا فصلى ركعتين فقعد فيهما (¬4) قدر التشهد وتشهد (¬5) ثم وجد ثوباً؟ قال: صلاته فاسدة، وعليه أن يستقبل. وهذا (¬6) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد (¬7): نرى (¬8) صلاته تامة. قلت: أرأيتَ رجلاً قرأ بالفارسية في الصلاة (¬9) وهو يحسن (¬10) العربية (¬11)؟ قال: تجزيه صلاته. قلت: وكذلك الدعاء؟ قال: نعم. وهذا (¬12) قول أبي حنيفة (¬13). وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قرأ الرجل في الصلاة بشيء (¬14) من التوراة أو الإنجيل أو الزبور (¬15) وهو يحسن القرآن (¬16) أو لا يحسن إن هذا (¬17) لا يجزيه؛ لأن هذا كلام ليس (¬18) بقرآن ولا تسبيح (¬19). قلت: أرأيت عَرَق الحمار أو البغل (¬20) أو لعابهما (¬21) يصيب الثوب؟ قال: لا ينجسه. قلت: وكذلك (¬22) لو (¬23) كان كثيراً فاحشاً؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ح ي: في. (¬2) ح ي: أما أنا فأرى. (¬3) ح ي - رجلاً. (¬4) ح ي - فيهما. (¬5) ح ي: فتشهد. (¬6) ح ي: في. (¬7) ح ي + أما أنا. (¬8) ح ي: فأرى؛ ح ي + أن. (¬9) ح ي: في الصلاة بالفارسية. (¬10) ح ي: لا يحسن. (¬11) ح ي + أو يحسن القراءة بالعربية. (¬12) ح ي: وهو. (¬13) ي + وقال أبو يوسف ومحمد إن كان يحسن لم يجزيه وإن كان لا يحسن العربية أجزأه. وقد تقدمت المسألة. انظر: 1/ 3 و (¬14) ح: شيئاً. (¬15) م ح ي: والإنجيل والزبور. (¬16) ح ي: القراءة. (¬17) ح ي: إنه. (¬18) ح ي: وليس. (¬19) ح ي: بتسبيح؛ ح ي + فلا يجزيه. (¬20) ح: البغل أو الحمار؛ ي: والبغل. (¬21) ح ي: ولعابهما. (¬22) ح - وكذلك؛ ي - قلت وكذلك. (¬23) ح ي: وإن.

وقال أبو يوسف (¬1): إذا سقط من لعاب الحمار أو البغل وعرقه (¬2) شيء في وَضوء الرجل (¬3) قليلاً كان أو كثيراً فإن ذلك يُفسد الماء، ولا يجزي (¬4) من توضأ به. فإن توضأ به رجل وصلى أعاد الوضوء والصلاة. وقال أبو حنيفة: إذا توضأ الرجل بسؤر الحمار أو البغل وهو يجد (¬5) غيره لم يجزه (¬6). وقال أبو حنيفة في لعاب الكلب والسباع كلها: إذا كان أكثر من قدر الدرهم أفسد (¬7) الصلاة. وقال (¬8): لا (¬9) يتوضأ بسؤر شيء من السباع إلا بسؤر السِّنَّوْر، فإنه يتوضأ بسؤرها ولا بأس بلعابها. وقال أبو حنيفة (¬10): وغير (¬11) سؤرها أحب إلي أن يتوضأ به (¬12). وقال أبو حنيفة: لا بأس (¬13) بسؤر الحائض والمشرك وإن أدخلا (¬14) أيديهما (¬15) أو شربا (¬16) بعد أن لا يُعلَم في أيديهما قَذَرٌ. قلت: أرأيت رجلاً نسي التكبير في دبر الصلاة في أيام التشريق هل عليه سهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا ليس من الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً نسي القنوت في الوتر وذكر ذلك بعدما (¬17) رفع (¬18) رأسه من الركوع (¬19) هل يقنت؟ قال: لا (¬20)، ليس عليه قنوت بعد الركوع. قلت: فهل عليه سجدتا (¬21) السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن قنت بعدما رفع رأسه من الركوع هل يسقط عنه سجدتا (¬22) السهو؟ قال: لا. قلت: لم جعلت ¬

_ (¬1) ح ي + ومحمد. (¬2) ح ي: إذا سقط من عرق الحمار أو البول ولعابه. (¬3) ح ي: رجل. (¬4) ح ي: يجزيه. (¬5) ح ي + ماء. (¬6) ي: لم يجزيه. (¬7) ح ي + هذا. (¬8) ح ي - وقال. (¬9) ح ي: ولا. (¬10) ح ي - أبو حنيفة. (¬11) ح ي: غير. (¬12) ح ي - أبو حنيفة. (¬13) ي + بالوضوء. (¬14) ح ي: أدخل. (¬15) ح ي + فيه. (¬16) ح ي + منه. (¬17) ح ي - وذكر ذلك بعدما. (¬18) ح ي: فرفع. (¬19) ح ي + ثم ذكر. (¬20) ح ي - لا. (¬21) ح: سجدة. (¬22) ح: سجدة.

عليه سجدتي السهو في ترك القنوت ولا تجعلهما (¬1) عليه في ترك التكبير (¬2) في (¬3) أيام التشريق؟ قال (¬4): لأن القنوت عندي بمنزلة التشهد. قلت: فما لك لم تجعل عليه أن يقنت بعد الركوع؟ قال: لأن موضع القنوت قبل الركوع، فإذا لم يقنت في موضعه لم تكن (¬5) عليه إعادة (¬6)، وكان عليه سجدتا (¬7) السهو إذا فعل ذلك ناسياً (¬8). قلت: فإن (¬9) فعل ذلك متعمداً؟ قال: قد أساء، ولا شيء عليه. قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعتين تطوعاً فسها فيها (¬10) وتشهد وسلم هل عليه (¬11) سجدتا (¬12) السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يسلم ولكنه قام يصلي (¬13) أخريين (¬14) فجعل (¬15) صلاته أربعاً ثم سلم (¬16) هل (¬17) عليه سجدتا (¬18) السهو وإنما سها في الأوليين؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنها (¬19) صلاة واحدة (¬20). قلت: أرأيت رجلاً افتتح التطوع وهو ينوي أن يصلي ركعتين، فلما صلى ركعة سها فيها، ثم بدا له أن يجعل صلاته أربعاً فزاد أخريين (¬21)، هل عليه سجدتا (¬22) السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يَسْهُ (¬23) في الأوليين ولكنه سها فيما زاد، أيجب عليه سجدتا (¬24) السهو؟ ¬

_ (¬1) م: ولا يجعلهما؛ ح ي: ولم تجعلها. (¬2) ح ي: تكبير. (¬3) ح ي - في. (¬4) ي قلت. (¬5) م ح ي: لم يكن. (¬6) ي: الإعادة. (¬7) ي: سجدتي. (¬8) ح ي: ساهياً. (¬9) ح: إن. (¬10) ح ي: فيهما. وقوله: فيها، أي: في الصلاة. (¬11) ح ي + أن يسجد. (¬12) ح ي: سجدتي. (¬13) ح ي: فصلى؛ ح ي + ركعتين. (¬14) ح: أخراوين. (¬15) ي: فيجعل. (¬16) م: ثم يسلم. (¬17) ح + يجب. (¬18) ي سجدتي. (¬19) ح ي: لأنهما. (¬20) ح صلى بواحدة. (¬21) م: أخرين؛ ح ي: أخراوين؛ ح ي + وفرغ. (¬22) ح: سجدة. (¬23) ي: لم يسهو. (¬24) ح ي: سجدتي.

قال: نعم، لأنها صلاة واحدة. قلت: أرأيت رجلاً دخل مع الإمام في الصلاة والإمام يصلي الظهر، ونوى الرجل بدخوله (¬1) معه التطوع، ثم تكلم الإمام كيف يصنع الرجل الداخل (¬2)؟ قال: يستقبل أربع ركعات. قلت: أرأيت إن كان الإمام لم يتكلم وتم على صلاته إلا أن الرجل الداخل معه إنما أدرك الركعتين (¬3)؟ قال: إذا فرغ الإمام فإن عليه أن يقوم (¬4) فيقضي (¬5) الأخريين (¬6) حتى تكون (¬7) أربع (¬8) ركعات (¬9) مثل صلاة الإمام. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة (¬10) للتطوع (¬11) وهو ينوي أن يصلي أربعاً، فلما صلى ركعة أو ركعتين بدا له أن لا (¬12) يتمها أربعاً فسلم في الركعتين، هل عليه أن يصلي أخراوين؟ قال: لا. قلت: من أين اختلف هذا والذي خلف الإمام؟ قال: لأن الذي خلف الإمام قد دخل في صلاته، فلا بد له من أن يتمها؛ لأنه قد دخل فيها وائتم به. وأما هذا فلا يجب عليه أربع ركعات حتى يقوم في الثالثة، فإذا قام في الثالثة وجب عليه أن يتمها أربع ركعات. قلت: أرأيت رجلاً دخل في الظهر وهو ينوي أن يصلي (¬13) ست ركعات ثم بدا له فصلى أربع ركعات (¬14)؟ قال: صلاته تامة. وهذا والأول سواء. ولا ¬

_ (¬1) ح: لدخوله. (¬2) ح ي - الرجل الداخل. (¬3) ح ي: ركعتين. (¬4) ح ي - يقوم. (¬5) ح ي: يقضي. (¬6) م: الاخرتين؛ ح ي: أخراوين. (¬7) م: حتى يكونه (¬8) ح ي: أربعاً. (¬9) ح ي - ركعات. (¬10) ح ي - الصلاة. (¬11) ح ي: التطوع. (¬12) ح - لا. (¬13) ك م - أن يصلي أربعاً فلما صلى ركعة أو ركعتين بدا له أن لا يتمها أربعاً فسلم في الركعتين هل عليه أن يصلي أخراوين قال لا قلت من أين اختلف هذا والذي خلف الإمام قال لأن الذي خلف الإمام قد دخل في صلاته فلا بد له من أن يتمها لأنه قد دخل فيها وائتم به وأما هذا فلا يجب عليه أربع ركعات حتى يقوم في الثالثة فإذا قام في الثالثة وجب عليه أن يتمها أربع ركعات قلت أرأيت رجلاً دخل في الظهر وهو ينوي أن يصلي. والمسألة لم يذكرها الحاكم، ولا السرخسي. انظر: الكافي، 1/ 11 ظ - 12 ظ؛ والمبسوط، 1/ 231. (¬14) ك م - ثم بدا له فصلى أربع ركعات.

تُفسِد (¬1) عليه صلاتَه (¬2) الركعتان (¬3) اللتان نوى أن يصليهما؛ لأنه (¬4) لم يدخل فيهما، وليس عليه قضاؤهما (¬5). قلت: أرأيت مسافراً نوى أن يصلي الظهر (¬6) أربع ركعات، ثم بدا له (¬7) فصلى ركعتين؟ قال: لا تفسد (¬8) صلاته (¬9). ألا ترى أنه (¬10) لو دخل في الظهر وهو ينوي أن يقطعها (¬11) بكلام أو حدث فصلى ركعة، ثم بدا له فأتمها ولم يقطعها، أن صلاته تامة. فإذا (¬12) نوى شيئاَ فلم يفعل (¬13) أو أراد (¬14) أن يزيد شيئاً ثم بدا له فلم يزد فصلاته تامة، ولا شيء عليه فيما نوى. قلمت: أرأيت رجلاً افتتح التطوع ونوى (¬15) أن (¬16) يصلي ركعتين، فصلى ركعة (¬17) فقرأ فيها (¬18)، ثم صلى ركعة أخرى (¬19) فلم يقرأ فيها، أو قرأ (¬20) في (¬21) الثانية ولم يقرأ في الأولى، ثم سلم؟ قال: عليه أن يستقبل ركعتين. قلت (¬22): إن لم يسلم حتى صلى أربع ركعات وقرأ في الأخريين (¬23) أو (¬24) في الأوليين كما وصفت لك، وقد نوى بالأخريين (¬25) قضاء الأوليين، هل يجزيه ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد أفسد الأوليين، فلا يستطيع أن يدخل في صلاة أخرى (¬26) صحيحة حتى يقطع الأوليين. قلت: وكذلك لو أتمها ست ركعات؟ قال: نعم. قلت: لم أفسدت الأوليين؟ قال: لأنه لم يقرأ في إحداهما، فلا (¬27) تكون صلاةٌ ¬

_ (¬1) م ح ي: يفسد. (¬2) ح ي - صلاته. (¬3) ي: الركعتين. (¬4) ك م - لأنه. (¬5) ح: قضاؤها. (¬6) ح ي - الظهر. (¬7) ح ي + أن يصلي ركعتين. (¬8) ح ي - لاتفسد. (¬9) ح ي + تامة. (¬10) ك م - أنه. (¬11) م: أن يقطعهما. (¬12) ح ي: وإن. (¬13) ك م - فلم يفعل. (¬14) ك: وأراد. (¬15) ح ي - ونوى. (¬16) ح ي: وأن. (¬17) ح ي - فصلى ركعة. (¬18) ح ي: فيهما. (¬19) ك م - أخرى. (¬20) م - قرأ. (¬21) ح ي + الركعة. (¬22) ح ي + أرأيت. (¬23) م: في الاخرتين؛ ح ي + ولم يقرأ. (¬24) ح ي - أو. (¬25) م: بالاخرتين؛ ح ي: الأخريين. (¬26) ك م ح ي - أخرى. والزيادة من ج. (¬27) ح ي: ولا.

بغير قراءة. قلت: فإن أضاف إليها ركعة بقراءة ينوي قضاء التي (¬1) أفسدها؟ قال: لا يجزيه. قلت: لم؟ قال (¬2): لأنه (¬3) قد (¬4) أفسدهما حين لم يقرأ في إحداهما، فلا يستطيع أن يضيف إليها ركعة (¬5) أخرى، فتكون (¬6) إذًا ثلاثاً، وقد أفسد إحداهن، فعليه ركعتان يقضيهما (¬7). قلت: أرأيت رجلاً صلى الغداة (¬8) فقرأ في الركعة الأولى ولم يقرأ في الثانية، هل يجزيه أن يضيف إليها (¬9) أخرى؟ قال: لا، [لأنها] تكون (¬10) ثلاثاً (¬11)، فعليه (¬12) أن يستقبل (¬13) الغداة. قلت: أرأيت رجلاً (¬14) افتتح الصلاة (¬15) وهو ينوي أربع ركعات، فقرأ في الركعة (¬16) الأولى والرابعة ولم يقرأ في الثانية والثالثة؟ قال: عليه أن يستقبل أربع ركعات. قلت: لم؟ قال: لأنه حيث (¬17) قرأ في الأولى ولم يقرأ في الثانية (¬18) أفسد الركعتين، ثم قرأ في الرابعة ولم يقرأ في الثالثة فقد أفسد الركعتين (¬19) أيضاً، فعليه أن يستقبل أربعاً. وقال محمد: عليه قضاء ركعتين (¬20). قلت: أرأيت إن كان سها فيما صلى وأوجب (¬21) على نفسه سجدتي السهو، ثم أمرتَه (¬22) أن يعيد الصلاة، أترى (¬23) عليه أن يسجد للسهو فيما يعيد؟ قال: لا يسجد فيما يعيد إلا أن يسهو (¬24)، فإن سها سجد (¬25). ¬

_ (¬1) ح ي: الذي. (¬2) ك م - قلت لم قال. (¬3) م - لأنه. (¬4) ح ي - قد. (¬5) ح ي - ركعة. (¬6) م: فيكون. (¬7) ح: يقضيها. (¬8) ح ي + ركعتين. (¬9) ح ي - إليها. (¬10) ك م: وعليه. (¬11) ح ي - تكون ثلاثاً. (¬12) ح ي: وعليه. (¬13) ح ي: الصلاة. (¬14) ي: رجل. (¬15) ح ي: التطوع. (¬16) ح ي - الركعة. (¬17) م: جنب. (¬18) ح ي + فقد. (¬19) ح ي - ثم قرأ في الرابعة ولم يقرأ في الثالثة فقد أفسد الركعتين. (¬20) ح ي: الركعتين. (¬21) ي: صلاه أوجب. (¬22) ح ي: لم أمرته. (¬23) ح ي: هل. (¬24) ح ي: أن يسهوا. (¬25) ح + سجدة؛ ي: سجده.

قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر أو العصر (¬1) فلما صلى ركعتين ظن أنه قد فرغ من صلاته وسلم (¬2)، ثم ذكر مكانه أنه (¬3) إنما صلى ركعتين؟ قال: يتم صلاته، وعليه سجدتا (¬4) السهو. قلت: أرأيت إن لم يسلم ولكنه لما صلى ركعتين ظن أنه قد فرغ من صلاته فنوى (¬5) القطع لصلاته والدخول في التطوع وهو ساهٍ (¬6)، ثم ذكر ذلك بعدما دخل في التطوع أنه (¬7) إنما صلى من (¬8) الظهر ركعتين؟ قال: يمضي في التطوع، فإذا فرغ استقبل الظهر أربع ركعات، وليس عليه سجدتا (¬9) السهو فيما صنع؛ لأن (¬10) صلاته (¬11) قد انتقضت (¬12). قلت: أرأيت الإمام إذا سها يوم (¬13) الجمعة أو سها في العيدين أو سها في صلاة الخوف أليس عليه في ذلك ما (¬14) عليه فيما ذكرت من الصلوات (¬15)؟ قال: نعم (¬16). قلت: ومن دخل معه في سجدتي السهو فقد (¬17) دخل معه في صلاته (¬18) ووجب (¬19) عليه ما وجب على الإمام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الإمام إذا سها في صلاة الخوف فسجد أيسجد الطائفة (¬20) الذين (¬21) معه؟ قال: نعم. قلت (¬22): ولا يسجد الطائفة الذين (¬23) هم (¬24) بإزاء العدو؟ قال: نعم، لا يسجدون. قلت: فإن جاءت ¬

_ (¬1) ح: والعصر. (¬2) ح ي: فسلم. (¬3) ي - أنه؛ صح هـ. (¬4) ي: سجدتي. (¬5) ك: ونوى. (¬6) ح ي: ساهي. (¬7) ح ي - أنه. (¬8) ح ي - من. (¬9) ي: سجدتي. (¬10) ك م: لأنه. (¬11) ك م - صلاته. (¬12) ح ي: قد انقضت. (¬13) ح ي: في. (¬14) ح: مما. (¬15) م: من الصلوة. (¬16) كذا في النسخ. ولعل الأولى أن يقال بلى (¬17) ح ي: قال. (¬18) ح + قلت. (¬19) ي: قد وجب. (¬20) ك: للطائفة. (¬21) ك م: الذي. (¬22) ح - قلت. (¬23) ي: الذي. (¬24) ح ي - هم.

الطائفة الذين (¬1) هم (¬2) بإزاء العدو وقضوا متى يسجدون للسهو؟ قال: إذا فرغوا من صلاتهم. قلت: فإن سهوا (¬3) فيما يقضون وجب على من سها منهم سجدتا السهو؟ قال: لا (¬4)، إنما عليهم السهو (¬5) فيما سها إمامهم. قلت: أرأيت الرجل الذي لا يستطيع أن يسجد (¬6) ويومئُ (¬7) إيماء، أو رجل يسجد (¬8) على دابته لا يستطيع (¬9) أن ينزل من الخوف، فسها أحد (¬10) من هؤلاء في صلاته هل يجب عليه سجدتا (¬11) السهو (¬12)؟ قال: نعم. قلت: ويجب عليه أن يومئ بسجدتي (¬13) السهو إيماء بعد التسليم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة فقرأ ثم شك فلم يدر (¬14) أكبر التكبيرة (¬15) التي يفتتح (¬16) بها الصلاة أم لا، فأعاد التكبير والقراءة، ثم علم أنه كان كبر؟ قال: يمضي في صلاته، وعليه سجدتا (¬17) السهو. قلت (¬18): إن ذكر ذلك وهو راكع أو ساجد أو بعدما (¬19) صلى ركعة ثم استيقن أنه قد كان كبر؟ قال: يمضي في صلاته، وعليه سجدتا (¬20) السهو. قلت: فإن لم يكن صلى شيئاً إلا أنه ركع (¬21) في الأولى فذكر أنه لم يكبر، فرفع رأسه وكبر وقرأ (¬22)، ثم ذكر أنه قد كان (¬23) كبر؟ قال: يمضي في صلاته ¬

_ (¬1) ي: الذي. (¬2) ك ح ي - هم. (¬3) ي: يسهوا. (¬4) ح ي - لا. (¬5) ح: للسهو. (¬6) ح ي: أن يصلي. (¬7) ح ي: وهو يومئ. (¬8) ح ي: يسير. (¬9) ح ي: لا يقدر. (¬10) ح ي: أحدهم. (¬11) ي: سجدتي. (¬12) ي + إيماء. (¬13) ي: سجدتي. (¬14) ح ي: يدري. (¬15) ح ي: تكبيرة. (¬16) ح ي: افتتح. (¬17) ي: سجدتي. (¬18) ح ي + أرأيت. (¬19) ي: وبعدما. (¬20) ي: سجدتي. (¬21) ح ي: راكع. (¬22) ح ي - وقرأ. (¬23) م: كان قد.

ويعتدّ (¬1) بركعته تلك (¬2)، ويسجد سجدتي السهو. قلت: ولا يكون تكبيره هذا قطعاً للصلاة (¬3)؟ قال: لا؛ (¬4) ألا ترى أنه إنما (¬5) ينويها (¬6)، ولا (¬7) ينوي غيرها. قلت: فإن ذكر (¬8) وهو ساجد أنه لم يكبر، فرفع رأسه فقام فكبر، ثم علم أنه قد كان كبر؟ قال (¬9): يمضي في صلاته (¬10)، ويعتدّ (¬11) بركعته تلك (¬12) وسجدتيه (¬13)، ويتم ما بقي من صلاته، وعليه سجدتا (¬14) السهو. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الظهر ثم نسي فظن أنه في (¬15) العصر، فصلى هكذا (¬16)، هل عليه (¬17) سجدتا (¬18) السهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لا (¬19) يعلم ما صلى. قلت: وكذلك لو افتتح الظهر فصلى ركعة ثم ظن (¬20) أنها العصر، فصلى ركعتين ثم استيقن أنها الظهر، ثم صلى الرابعة؟ قال: نعم. قلت: ولا يُفسِد هذا صلاتَه؟ قال: لا. قلت: فإن مكث وهو يتفكّر حتى شَغَلَه (¬21) ذلك عن ركعة أو سجدة، أو كان راكعاً أو ساجداً (¬22) فأطال الركوع أو السجود (¬23) يتفكّر (¬24)، ثم ظن (¬25) أنها الظهر، هل يجب (¬26) في ذلك عليه (¬27) سجدتا السهو؟ قال: إذا تغير عن حاله ¬

_ (¬1) م: ويعيد. (¬2) ح ي: بتلك الركعة. (¬3) ح ي: لصلاته. (¬4) ح ي - قال لا. (¬5) ك م - إنما. (¬6) ح ي: ينوي بها. (¬7) ك م: لا. (¬8) ح ي: ظن. (¬9) ح - قال. (¬10) ح ي - في صلاته. (¬11) م: ويعيد. (¬12) ح ي: بتلك الركعة. (¬13) ح ي: وسجدته. (¬14) ح ي: سجدتي. (¬15) ح ي - في. (¬16) ح + ركعة أو ركعتين ثم ذكر أنه في الظهر؛ ي+ وركعة أو ركعتين ثم ذكر أنه في الظهر. (¬17) ح ي: أعليه؛ ح ي + في ذلك. (¬18) ي: سجدتي. (¬19) ح ي - لا. (¬20) ي: ثم ذكر. (¬21) ح ي: حتى يشغله. (¬22) ح ي: ساجداً أو راكعاً. (¬23) ح ي: والسجود. (¬24) ح ي: بتفكره. (¬25) ح ي: ثم ذكر. (¬26) ح ي - يجب. (¬27) ح ي: عليه في ذلك.

فتفكّر (¬1) استحسنتُ أن (¬2) أجعل عليه (¬3) سجدتي السهو. قلت: أرأيت الرجل الذي نام (¬4) خلف الإمام وقد (¬5) أدرك أول الصلاة / [1/ 50 ظ] مع الإمام فاستيقظ وقد فرغ الإمام من صلاته، والرجلَ الذي (¬6) أدرك مع الإمام أول الصلاة فأحدث فذهب يتوضأ (¬7) ويجيء وقد فرغ الإمام من صلاته، أهما عندك سواء؟ قال: نعم. قلت (¬8): وعليهما (¬9) أن يبنيا على صلاتهما؟ قال: نعم. قلت: ولا يقرأ واحد (¬10) منهما؟ قال: لا (¬11). قلت: فإن سَهَوا (¬12) في صلاتهما أو سها أحدهما فهل (¬13) على الذي سها سجدتا (¬14) السهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه بمنزلة من خلف الإمام، ولا سهو على من خلف الإمام (¬15) إذا لم يَسْهُ (¬16) الإمام. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم فلما قعد في الرابعة تشهد (¬17) ثم (¬18) شك في شيء من صلاته فتفكّر فيه ساعةً حتى شَغَلَه (¬19) تفكُّرُه عن التسليم، ثم استيقن أنه قد أتم الصلاة، هل عليه (¬20) سجدتا (¬21) السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يشك حتى سلم (¬22) تسليمة واحدة، ثم شك فلم يدر (¬23) أصلى ثلاثاً (¬24) أم أربعاً، ثم استيقن أنه قد أتم (¬25)، هل ¬

_ (¬1) ح ي: بتفكره. (¬2) ح: أني. (¬3) ح ي - عليه. (¬4) ح ي: ينام. (¬5) ك م: قد. (¬6) ح ي - الذي. (¬7) ح ي: فيحدث فيذهب فيتوضأ. (¬8) ح ي - قلت. (¬9) ح: عليهما. (¬10) ح ي: الواحد. (¬11) أي: لا يقرأ واحد منهما. والأولى من حيث الدلالة على المقصود أن يستعمل في الجواب هنا: "نعم"؛ لأن نفي النفي إثبات. (¬12) ك م ح: سهيا؛ ي: سهي. (¬13) ح ي: هل. (¬14) ح: سجدتي. (¬15) م - ولا سهو على من خلف الإمام. (¬16) ح: لم يسهه؛ ي: لم يسهو. (¬17) ح ي: وتشهد. (¬18) ح ي - ثم. (¬19) ح ي: ثم أشغله. (¬20) ي + في ذلك. (¬21) ي: سجدتي. (¬22) ي: حتى يسلم. (¬23) ح ي: يدري. (¬24) ح ي: أثلاثاً صلى. (¬25) ح ي + الصلاة.

عليه (¬1) سجدتا (¬2) السهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا إنما سها بعد خروجه من الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً صلى وحده فأحدث، فانفتل ليتوضأ، فشك في صلاته وهو يتوضأ فلم يدر أثلاثاً صلى أم ركعتين، فشَغَلَه ذلك عن وضوئه (¬3)، ثم استيقن أنه (¬4) صلى ركعتين، ففرغ من وضوئه فجاء فبنى (¬5) على صلاته حتى فرغ من صلاته (¬6)، هل عليه سجدتا (¬7) السهو بعد الفراغ؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه في الصلاة. ألا ترى أنه يعتدّ (¬8) بما مضى من صلاته ويصلي ما بقي. قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر أربع ركعات ثم قام في الخامسة ساهياً، فذكر قبل أن يقرأ أو بعدما قرأ أو بعدما ركع ولم يسجد، كيف يصنع وقد قعد في الرابعة قدر التشهد أو لم يقعد؟ قال: إذا ذكر فليقعد وليتشهد ويسلم (¬9)، وعليه سجدتا (¬10) السهو. ولا يُفسِد عليه ما ذكرت شيئاً من صلاته؛ لأنها ليست بركعة تامة. قلت: فإن سجد في الخامسة ثم ذكرها وقد قعد قدر التشهد؟ قال: يضيف إليها ركعة أخرى ثم يسجد سجدتي السهو (¬11). قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة تطوعاً فسها في صلاته فأتم ركعتين وسلم، ثم قام فدخل في صلاة مكتوبة أو في صلاة تطوع (¬12) غير تلك (¬13)، هل عليه في ذلك سجدتا (¬14) السهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي + في ذلك. (¬2) ي: سجدتي. (¬3) ح ي + ساعة. (¬4) ح ي + قد. (¬5) ح ي: وبنى. (¬6) ح ي - من صلاته. (¬7) ي: سجدتي. (¬8) م: يعيد. (¬9) ح ي: وليسلم. (¬10) ي: سجدتي. (¬11) ح ي - قلت فإن سجد في الخامسة ثم ذكرها وقد قعد قدر التشهد قال يضيف إليها ركعة أخرى ثم يسجد سجدتي السهو. (¬12) ك م: تطوعاً. (¬13) ك م: تلك. (¬14) ي: سجدتي.

لأنه قد قطع صلاته (¬1) التي (¬2) سها فيها (¬3) ودخل في غيرها، فلما دخل في غيرها (¬4) سقط عنه سجدتا (¬5) السهو. قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر وحده وقد فرغ (¬6) من صلاته وسلم، ثم دخل مع الإمام (¬7) في صلاة غيرها، ثم شك في الأولى وهو في الصلاة مع الإمام، فتفكّر (¬8) حتى شَغَلَه تفكُّرُه، هل (¬9) عليه في هذه الصلاة سهو؟ قال: لا (¬10). قلت: لم؟ قال: لأنه لم يشك في شيء منها. قلت: وكذلك لو كان يصلي وحده حتى فرغ من الأولى ففكّر (¬11) فيها؟ قال: نعم إن لم يشغله عنها شيء (¬12). قلت: أرأيت رجلاً صلى ركعتين (¬13) فسها فيهما (¬14) فسجد لسهوه (¬15) بعد التسليم والتشهد (¬16)، ثم أراد أن يضيف إليها ركعتين أخريين (¬17)؟ قال: ليس له (¬18) ذلك إلا أن يستقبل التكبير. ألا ترى (¬19) أنه إن بنى على التكبير الأول كانت (¬20) عليه سجدتا السهو وسط (¬21) صلاته. ¬

_ (¬1) ك م - صلاته. (¬2) ك م: الذي. (¬3) ح ي: فيه. (¬4) ح ي - فلما دخل في غيرها. (¬5) ي: سجدتي. (¬6) ح ي: وفرغ. (¬7) ي: مع إمام. (¬8) ح ي + فيها. (¬9) ك م - هل. (¬10) م - لا. (¬11) ح: فتفكر. (¬12) ك م - قلت لم قال لأنه لم يشك في شيء منها قلت وكذلك لو كان يصلي وحده حتى فرغ من الأولى ففكر فيها قال نعم إن لم يشغله عنها شيء. وقال الحاكم: وإن شك في صلاة قد صلاها قبل هذه الصلاة فتفكر في ذلك وهو في هذه الصلاة لم يكن عليه سجود السهو وإن شغله تفكره، لأنه لم يشك في هذه. انظر: الكافي، 1/ 12 ظ؛ والمبسوط، 1/ 232 - 233. (¬13) ح + فسلم. (¬14) ي: فيها. (¬15) ح ي: ثم سجد للسهو. (¬16) ح ي: بعد التشهد والتسليم. (¬17) ح ي: أخراوين. (¬18) م - له؛ ح: عليه. (¬19) ح: يرى. (¬20) ح ي: كان. (¬21) ك م ج ر ط: وسقطت؛ ح ي: وتسقط. والتصحيح مستفاد من السرخسي حيث يقول: وإذا صلى ركعتين تطوعاً وسها فيهما فسجد لسهوه بعد التسليم ثم أراد أن يبني=

باب صلاة المسافر

ولا تكون سجدة (¬1) السهو إلا في آخر الصلاة. وإن (¬2) استقبل التكبير ودخل في الركعتين أجزأه. ... باب صلاة المسافر قلت: أرأيت المسافر هل يقصر الصلاة في أقل من ثلاثة أيام؟ قال: لا. قلت: فإن سافر مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً؟ قال: يقصر الصلاة حين يخرج من مصره (¬3). قلت: ولم وقّت له (¬4) ثلاثة أيام؟ قال: لأنه جاء أثر (¬5) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (¬6): "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو (¬7) محرم" (¬8)، فقِسْتُ على ذلك، وبلغني (¬9) عن إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ¬

_ = عليهما ركعتين لم يكن له ذلك، لأنه لو فعل كان سجوده للسهو في وسط الصلاة، وذلك غير مشروع. انظر: المبسوط، 1/ 233. (¬1) ي: سجدتي. (¬2) ح ي: فإن. (¬3) ح ي - قلت فإن سافر مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً قال يقصر الصلاة حين يخرج من مصره. (¬4) ح: لم تمت؛ ي: لم قلت. (¬5) ح ي: الأثر. (¬6) ح ي - أنه قال. (¬7) ح ي + رحم. (¬8) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو معاوية المكفوف عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفراً يكون ثلائة أيام فصاعداً إلا ومعها أبوها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها". انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 167. وانظر: صحيح البخاري، تقصير الصلاة، 4؛ وصحيح مسلم، الحج، 413. (¬9) ح ي: وبلغنا.

أنهما قالا (¬1): إلى (¬2) المدائن ونحوها (¬3). قلت: أرأيت (¬4) إذا سافر مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً فقدم المصر الذي خرج إليه أيتم الصلاة؟ قال: إن كان يريد أن يقيم فيه (¬5) خمسة عشر يوماً (¬6) أتم الصلاة، وإن كان (¬7) لا يدري متى يخرج قصر الصلاة. قلت (¬8): ولم وقّت (¬9) خمسة عشر يوماً (¬10)؟ قال: للأثر الذي جاء عن عبد الله بن عمر (¬11). قلت: أرأيت إذا خرج (¬12) من مصره وهو يريد السفر فحضرت الصلاة وأمامه من مصره ذلك دار أو داران؟ قال: يصلي صلاة المقيم ما لم يخرج من مصره ذلك حتى يخلّف ذلك المصر. قلت: فإن كان بينه وبين ¬

_ (¬1) ح: مالا. (¬2) ك م - إلى. (¬3) قال الإمام محمد: أخبرنا محمد بن أبان بن صالح عن حماد عن إبراهيم النخعي قلت فيما تقصر الصلاة قال في المدائن وواسط ونحوهما. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 167. وعن حماد قال سألت ابراهيم: في كم يقصر المسافر الصلاة؟ فقال إذا خرجت من الكوفة إلى المدائن فاقصر حين تخرج من البيوت. قال حماد: فسألت سعيد بن جبير، فوَقَّتَ نحو ذلك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 75؛ والمصنف لعبد الرزاق، 2/ 528. (¬4) ح ي - أرأيت. (¬5) ح ي: فيها. (¬6) ح ي + أو أكثر من ذلك. (¬7) ح ي + لا يريد أن يقيم خمسة عشر يوماً أو كان. (¬8) ح - قلت. (¬9) ح ي: قلت. (¬10) ح - يوماً. (¬11) رواه الإمام محمد بإسناده إلى ابن عمر. انظر: الآثار للإمام محمد، 39؛ والحجة على أهل المدينة للإمام محمد، 1/ 170؛ والمصنف لعبدالرزاق، 2/ 534؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 208؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 183. (¬12) ح ي: إن خرج.

المصر (¬1) الذي خرج إليه (¬2) فرسخ أو أقل من (¬3) ذلك وهو يريد المقام فيه أيصلي صلاة مسافر (¬4) أو صلاة مقيم (¬5)؟ قال: بل صلاة (¬6) مسافر (¬7) حتى يدخلها. قلت: أرأيت الرجل إذا خرج من الكوفة إلى مكة ومنى وهو يريد أن يقيم بمكة ومنى خمسة عشر يوماً أيكمل الصلاة حين يدخل مكة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يريد أن يقيم بمكة وحدها خمسة عشر يوماً. قلت: ولا تعد (¬8) مكة ومنى مصراً واحداً؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً (¬9) أقبل من الجَبَل يريد الحِيرَة وأهله بها فمر (¬10) بالكوفة (¬11) فحضرت الصلاة أيصلي صلاة مسافر أو صلاة مقيم؟ قال: بل يصلي (¬12) صلاةَ مسافر ما لم يدخل الحيرة أو يوطّن نفسه على إقامة خمسة عشر يوماً بالكوفة. قلت: أرأيت إن لم يكن أهله بالحيرة ولكنه أقبل من الجبل (¬13) يريد أن يقيم بالحيرة والكوفة خمسة عشر يوماً فقدم الكوفة أيقصر الصلاة أم يتم؟ قال: بل يقصر الصلاة. قلت: ولم (¬14) يقصر الصلاة ولا يتم حين يدخل الكوفة؟ قال: لأنه لم يوطّن نفسه على إقامة خمسة عشر يوماً في مصر واحد. ألا ترى لو أن رجلاً أقبل من الجبل (¬15) وهو يريد أن يقيم بالكوفة والبصرة خمسة عشر يوماً فقدم الكوفة أو البصرة أنه لم يجب (¬16) عليه أن يتم الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً خرج من مصره مسافراً بعد زوال الشمس أيصلي ¬

_ (¬1) ح ي: المكان. (¬2) ح ي: منه. (¬3) ح: قل أليس. (¬4) ح ي: المسافر. (¬5) ح ي: المقيم. (¬6) ح: بصلاة. (¬7) ح ي: المسافر. (¬8) م: ولا بعد. (¬9) ح ي: الرجل. (¬10) ح: وهو؛ ي: فهو. (¬11) تقدم أن الحيرة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة. (¬12) ك م - بل يصلي؛ ح - يصلي. (¬13) م: من الحل. (¬14) ح ي: لم. (¬15) م: من الحل. (¬16) ح ي: لا يجب.

صلاة المسافر أم صلاة المقيم (¬1)؟ قال: بل (¬2) صلاة مسافر. قلت: ولم وقد (¬3) خرج من مصره في وقت صلاة قد (¬4) وجبت عليه؟ قال: أرأيت لو زالت الشمس وهو مسافر ثم قدم أهلَه أكان يصلي الظهر صلاة (¬5) مسافر (¬6) أو صلاة مقيم؟ قلت (¬7): بل (¬8) صلاة مقيم. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت رجلاً خرج من مصره بعد ذهاب (¬9) وقت (¬10) الصلاة (¬11) ولم يصلها (¬12) أيصلي تلك الصلاة صلاة مسافر أو صلاة مقيم؟ قال: بل (¬13) صلاة مقيم. قلت: لم؟ قال (¬14): لأنها (¬15) وجبت عليه قبل أن يخرج من مصره. قلت: وكذلك لو أن مسافراً دخل في (¬16) وقت الظهر ولم (¬17) يصلها (¬18) حتى ذهب الوقت ثم قدم المصر (¬19)؟ قال: نعم، عليه أن يصلي صلاة مسافر. قلت: وإنما ينظر إلى ذهاب الوقت ولا ينظر إلى دخوله؟ قال: نعم (¬20). قلت: أرأيت رجلاً خرج مسافراً فحضرت الصلاة وهي الظهر، فافتتح الصلاة ليصلي وقد خرج من مصره وهو يريد أن يصلي ركعتين، فأحدث حين دخل في الصلاة، فانفتل فأتى المصر فتوضأ (¬21) ثم عاد إلى مكانه، كم يصلي؟ قال (¬22): أربع ركعات. قلت: لم؟ قال: لأنه قد دخل (¬23) المصر فصار مقيماً وهو في الصلاة بَعْدُ، فعليه أن يصلي صلاة مقيم (¬24). قلت: فإن (¬25) انفتل حين أحدث وهو يريد أن يدخل ¬

_ (¬1) ح ي: مسافر أو صلاة مقيم. (¬2) ح ي + يصلي. (¬3) ح ي: قد. (¬4) ح - قد. (¬5) ك م - صلاة. (¬6) ك م: مسافراً. (¬7) م: قال. (¬8) ح ي: يصلي. (¬9) ح + قومه وعليه. (¬10) ح - وقت. (¬11) ح ي: صلاة. (¬12) ي: يصليها. (¬13) ح ي + يصلي. (¬14) م + قال. (¬15) ح ي + قد. (¬16) ح ي - في. (¬17) ح ي: فلم. (¬18) ي: يصليها. (¬19) م: البصره. (¬20) ك م - قال نعم. (¬21) ح: ليتوضأ. (¬22) ح ي + يصلي. (¬23) ك ح ي + في. (¬24) ك م: المقيم. (¬25) ح ي + كان.

المصر ليتوضأ (¬1) ثم ذكر أن عنده (¬2) ماء لم يعلم به؟ قال: يتوضأ ويصلي أربع ركعاتٍ صلاةَ مقيم. قلت: لم (¬3) ولم يدخل المصر؟ قال: لأنه حين أجمع رأيه على دخوله (¬4) المصر قد (¬5) وجب عليه أن يصلي أربع ركعات. قلت: لم كان (¬6) هكذا عندك؟ قال: أرأيت لو بدا له أن يقيم ويرجع إلى أهله ألم (¬7) يكن عليه أن يصلي أربع ركعات. قلت (¬8): بلى، ولا يشبه (¬9) هذا عندي ذاك (¬10)، لأن هذا قد أراد الإقامة، والأول لم يرد (¬11) أن يقيم. قال (¬12): أرأيت لو أجمع رأيَه على أن يدخل أهلَه (¬13) فيمكث يوماً ثم يخرج (¬14) كم كان (¬15) يصلي؟ قلت (¬16): أربعاً. قال (¬17): فهذا (¬18) وذاك سواء. قلت: أرأيت إن أراد المقام وهو في الصلاة ثم بدا له أن يتم على سفره ولا (¬19) يرجع؟ قال: إذا أجمع رأيَه على الإقامة فهو مقيم، ولا يكون مسافراً بالنية (¬20) كما يكون مقيماً بالنية (¬21)، لأنه لا يكون مسافراً حتى يسير، والإقامة إنما تكون بالنية، لأن الإقامة ليس (¬22) بعمل، والسفر عمل. قلت: أرأيت مسافراً صلى في سفره أربعاً أربعاً (¬23) حتى رجع (¬24) إلى أهله ما القول (¬25) في ذلك؟ قال: إن كان قعد في كل ركعتين قدر التشهد فصلاته تامة، وإن كان لم يقعد في الركعتين الأوليين قدر التشهد (¬26) فصلاته ¬

_ (¬1) ح ي: ويتوضأ. (¬2) ح ي: أن معه. (¬3) م - لم. (¬4) ح ي: على دخول. (¬5) ح ي: فقد. (¬6) م - كان؛ ح ي: صار؛ ح ي + هذا. (¬7) ح ي: لم. (¬8) م: قال. (¬9) ح ي: ولكن يشبه. (¬10) ح ي: ذلك. (¬11) م: ولم يرد؛ ح ي: لم يريد. (¬12) ك م ح ي: قلت. (¬13) من باب دخل بيتَه انظر: لسان العرب، "دخل". (¬14) م: ثم خرج. (¬15) ح ي - كان. (¬16) ك م ح ي: قال. (¬17) ك - قال؛ م + قلت. (¬18) ح ي: هذا. (¬19) ح ي + يريد أن. (¬20) م: يا ليته. (¬21) م: يا ليته. (¬22) ح ي: ليست. (¬23) ح ي - أربعاً. (¬24) ي: حتى يرجع. (¬25) ح ي: ما قولك. (¬26) ح ي + في الصلاة.

فاسدة، وعليه أن يعيد. قلت: لم كان (¬1) هذا عندك هكذا؟ قال: لأن (¬2) صلاة المسافر الفريضة ركعتان، فما زاد عليها (¬3) فهو تطوع، فإن (¬4) خلط المكتوبة بالتطوع فسدت صلاته إلا أن يقعد في الركعتين الأوليين (¬5) قدر التشهد، لأن (¬6) التشهد فصل (¬7) لما (¬8) بينهما. ألا ترى لو أنه (¬9) تكلم وقد قعد (¬10) قدر التشهد كانت صلاته تامة (¬11). فإن (¬12) كانت الصلاة لم يفسدها (¬13) الكلام لم يفسدها (¬14) صلاة أخرى، لأن الصلاة لا تكون أشد من الكلام. قلت: أرأيت مسافراً افتتح الظهر وهو ينوي أن يصلي أربع ركعات ثم بدا له فصلى ركعتين وسلم؟ قال: صلاته تامة. قلت: أرأيت مسافراً افتتح الظهر فصلى (¬15) ركعتين وتشهد وقد سها في صلاته فسلم (¬16)، وهو يريد أن يسجد سجدتي السهو، ثم بدا له أن يقيم (¬17)؟ قال: صلاته تامة، وليس (¬18) عليه سجدتا (¬19) السهو، ونيته هذه (¬20) قطع (¬21) للصلاة. ألا ترى لو أنه (¬22) ضحك في هذه الحال (¬23) حتى قهقه لم يكن عليه وضوء (¬24)، ولو كان في صلاة لكان عليه الوضوء. وإنما بدا له المقام حين فرغ من صلاته، فلذلك لم يكن عليه أن يتم الصلاة. قلت: أرأيت إن سجد (¬25) للسهو (¬26) سجدة واحدة أو سجدتين ثم ¬

_ (¬1) ح: ما كان. (¬2) ك م: إن. (¬3) ح ي: عليهما. (¬4) ح ي: فإذا. (¬5) ح ي - الأوليين. (¬6) ح ي: فيكون. (¬7) ح: فصلاً. (¬8) ح ي - لما. (¬9) ح ي: أنه لو. (¬10) ح ي: قبل أن يقعد. (¬11) ي: فاسدة؛ ك م + قلت. (¬12) ح ي: فإذا. (¬13) ح ي: لا يفسدها. (¬14) ح ي: لا يفسدها. (¬15) ح ي - فصلى. (¬16) ح - فسلم. (¬17) ح ي: الإقامة. (¬18) ح: وليست. (¬19) ي: سجدتي. (¬20) ح ي: هذا. (¬21) ي: قطعًا. (¬22) ح ي: أنه لو. (¬23) ح: الحالة. (¬24) ي: وضوه. (¬25) م: إن يسجد. (¬26) ك م: لسهو.

بدا له المقام (¬1) قبل أن يسلم؟ قال: عليه أن يكمل أربع ركعات، وعليه أن (¬2) يسجد (¬3) سجدتي (¬4) السهو بعد التسليم، ويتشهد فيها ويسلم. ألا ترى أنه لو ضحك في هذه الحال حتى قهقه كان (¬5) عليه الوضوء لصلاة أخرى. أولا ترى لو أن رجلاً أدرك معه الصلاة في هذه الحال كان قد أدرك معه (¬6) الصلاة. ولا يشبه هذا الأول (¬7)، لأن هذا بدا له المقام وهو في الصلاة (¬8)، والأول (¬9) بدا له وقد فرغ من صلاته. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد وزفر: هذا كله سواء، وهو في صلاته بَعْدُ ما لم يسلم قبل أن يدخل في سجدتي السهو (¬10)، إن بدا له المقام كان مقيماً، وعليه أن يتم الصلاة، وإن دخل معه رجل في تلك الحال كان داخلاً في صلاته وإن لم يسجد الإمام سجدتي (¬11) السهو، وإن قهقه الإمام في تلك الحالة كان عليه الوضوء لصلاة أخرى (¬12). قلت: أرأيت مسافراً افتتح الظهر وصلى (¬13) ركعة (¬14)، ثم أحدث فانصرف ليتوضأ، فلم يجد الماء فتيمم بالصعيد، ثم وجد الماء قبل أن يعود إلى مقامه وبدا (¬15) له المقام؟ قال: يتوضأ ويبني على صلاته، ويكمل أربع ¬

_ (¬1) ح ي: الإقامة. (¬2) ح ي - وعليه أن. (¬3) ح ي: ويسجد. (¬4) ح: سجدة. (¬5) ي: لكان. (¬6) ح ي - معه. (¬7) م: والأول؛ ح ي: وهذا لا يشبه الأول. (¬8) ح ي + والباب. (¬9) ح ي: الأول. (¬10) ح - السهو؛ صح هـ. (¬11) ح: سجدة. (¬12) ك م - وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد وزفر هذا كله سواء وهو في صلاته بعد ما لم يسلم قبل أن يدخل في سجدتي السهو إن بدا له المقام كان مقيماً وعليه أن يتم الصلاة وإن دخل معه رجل في تلك الحال كان داخلاً في صلاته وإن لم يسجد الإمام سجدتي السهو دان قهقه الإمام في تلك الحالة كان عليه الوضوء لصلاة أخرى. وانظر: المبسوط، 1/ 240؛ وبدائع الصنائع للكاساني، 1/ 100. (¬13) ح ي: الصلاة فصلى. (¬14) ح: ركعتين. (¬15) ح ي: ثم بدا.

ركعات. قلت: فإن قام (¬1) في مقامه ثم رأى الماء ثم بدا له المقام؟ قال: يتوضأ ويستقبل الصلاة أربع ركعات (¬2)، ورؤيته الماء (¬3) في مقامه وقبل أن يقوم في مقامه (¬4) سواء في القياس (¬5)، غير أني أستحسن ذلك (¬6) وآمره (¬7) أن يتوضأ ويبني على صلاته (¬8) ما لم يَرَ (¬9) الماء (¬10) بعدما يقوم في مقامه (¬11) أو يقوم (¬12) في غير (¬13) مقامه (¬14) يريد (¬15) الصلاة، فإذا فعل ذلك ثم رأى الماء استقبل الوضوء والصلاة. قلت: أرأيت مسافراً أم قومًا مقيمين ومسافرين فصلى بهم ركعة وسجدة، ثم أحدث (¬16) فقدم (¬17) رجلاً دخل معه في الصلاة ساعتئذٍ وهو (¬18) مسافر مثله؟ قال: لا ينبغي لذلك الرجل أن يتقدم، ولكن ينبغي للإمام أن يقدم من قد (¬19) أدرك أول الصلاة. قلت: أرأيت إن تقدم (¬20) الرجل (¬21) المسافر كيف يصنع؟ قال: ينبغي له أن يسجد تلك السجدة التي تركها (¬22) الإمام الأول، ثم يصلي بهم. قلت: فإن سها عن تلك السجدة فصلى (¬23) بهم ركعة وسجد فيها سجدة، ثم أحدث فقدم رجلاً آخر دخل معه في الصلاة (¬24) ساعتئذ، فذهب (¬25) فتوضأ وجاء فدخل معه في الصلاة، ¬

_ (¬1) ح ي: كان. (¬2) ح - ركعات؛ صح هـ. (¬3) م - الماء. (¬4) ك: من مقامه. (¬5) ح ي - في القياس. (¬6) ح ي - ذلك. (¬7) ح ي: فآمره. (¬8) ك ي - على صلاته. (¬9) ي: لم يرى. (¬10) ك م - الماء. (¬11) ك م: من مقامه. (¬12) ي: ويقوم. (¬13) ح ي: في غيره. (¬14) ح ي - مقامه. (¬15) ح ي: ثم يريد. (¬16) ح ي + فتأخر. (¬17) ح ي: وقدم. (¬18) ي: هو. (¬19) م - قد. (¬20) ح ي - أرأيت إن تقدم. (¬21) ح ي: فالرجل. (¬22) ك م: ترك. (¬23) ح ي: وصلى. (¬24) ح ي - آخر دخل معه في الصلاة؛ ح + في. (¬25) ك م - فذهب.

باب الإمام يحدث فيقدم رجلا ويحدث الثاني فيقدم آخر

وجاء الإمام الأول فدخل معه، كيف ينبغي لهذا الإمام الثالث أن يصنع (¬1)؟ قال: ينبغي له أن يسجد تلك السجدة الأولى، ويسجدها معه الإمام الأول والقوم، ولا يسجدها (¬2) معه (¬3) الإمام الثاني (¬4)، ثم يسجد السجدة الأخيرة (¬5)، ويسجدها معه الإمام الثاني والقوم، ولا يسجدها معه الإمام الأول (¬6)، ويصلي الإمام الأول الركعة (¬7) الثانية (¬8) بغير قراءة. فإن أدرك مع الإمام الثالث السجدة الأخيرة (¬9) يسجدها (¬10) معه، وإن لم يدركها (¬11) سجدها وحده، ويتشهد الإمام الثالث، ثم يتأخر فيقدم رجلاً قد أدرك أول الصلاة، فيسلم (¬12) بهم، ويسجد بهم سجدتي السهو ويسجدون معه جميعاً (¬13)، ثم يقوم الإمام الثاني فيقضي الركعة التي سبق بها فيقرأ (¬14) فيها، ويقوم المقيمون فيقضون وحداناً بغير إمام حتى يكملوا الصلاة (¬15). ... باب الإمام يحدث فيقدم رجلاً ويحدث الثاني فيقدم آخر (¬16) قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم الظهر وهو مقيم والقوم جميعاً، فصلى ¬

_ (¬1) م: أو يصنع. (¬2) م: لا يسجدها؛ ح: لا يسجدوها. (¬3) ي - معه. (¬4) ي: الأول؛ ي هـ: لعله للثاني. (¬5) ك: الآخرة. (¬6) ح - معه الإمام الثاني ثم يسجد السجدة الأخيرة ويسجدها معه الإمام الثاني والقوم ولا يسجدها معه الإمام الأول؛ ي - ثم يسجد السجدة الأخيرة ويسجدها معه الإمام الثاني والقوم ولا يسجدها معه الإمام الأول. (¬7) ح ي: ركعة. (¬8) ح: ثانية. (¬9) ك ي: الآخرة. (¬10) ح ي: سجدها. (¬11) ح ي: يدرك. (¬12) ح ي: ويسلم. (¬13) ح ي: جميعاً معه. (¬14) ح ي: ويقرأ. (¬15) ك + والله أعلم بالصواب؛ ح ي - حتى يكملوا الصلاة. (¬16) ح ي - باب الإمام يحدث فيقدم رجلاً ويحدث الثاني فيقدم آخر.

بهم ركعة وسجدة ثم أحدث، فانفتل (¬1) وقدم (¬2) رجلاً ممن أدرك أول (¬3) الصلاة، فسها عن هذه السجدة وصلى (¬4) بالقوم ركعة وسجدة ثم رعف، فانفتل وقدم (¬5) رجلاً قد أدرك أول الصلاة، فسها عن السجدتين جميعاً وصلى (¬6) بهم ركعة وسجدة ثم رعف، فتأخر وقدم رجلاً قد أدرك أول (¬7) الصلاة، فسها عن الثلاث (¬8) سجدات وصلى (¬9) بهم ركعة وسجدة ثم رعف (¬10)، وقدم رجلاً قد أدرك أول الصلاة، وتوضأ (¬11) الأئمة الأربعة وجاؤوا (¬12) جميعاً ولم يتكلموا؟ قال: ينبغي للإمام الخامس (¬13) أن يسجد بهم السجدة الأولى ويسجد معه الأئمة الأربعة والقوم جميعاً، ثم يسجد (¬14) السجدة الثانية ويسجدونها معه جميعاً (¬15) غير الإمام (¬16) الأول (¬17)، ثم يسجد السجدة الثالثة ويسجد معه (¬18) القوم جميعاً (¬19) إلا الإمام الأول والثاني، ثم يسجد السجدة (¬20) الرابعة ويسجدها معه القوم جميعاً (¬21) إلا الإمام الأول والثاني (¬22) والثالث، ويقضي الإمام الأول الركعة الثانية وسجدتيها (¬23) ثم يقضي الثالثة والرابعة وسجودهما، ويقضي الإمام الثاني الركعة الثالثة (¬24) والرابعة بسجودهما (¬25)، ويقضي الإمام الثالث الركعة (¬26) ¬

_ (¬1) ح ي - فانفتل. (¬2) ح ي: فقدم. (¬3) ح - أول. (¬4) ح ي: فصلى. (¬5) ح ي: فقدم. (¬6) ح ي: فصلى. (¬7) م - أول. (¬8) ح: ثلاث. (¬9) ح: فصلى. (¬10) ح ي + فتأخر. (¬11) ح ي: ثم توضأ. (¬12) ح ي: فجاؤوا. (¬13) ح ي: ينبغي لهذا الإمام. (¬14) ح ي: ويسجد. (¬15) ك م - جميعاً. (¬16) ح ي: إلا الإمام. (¬17) ك م ط + والثاني. وانظر: الكافي، 1/ 13 ظ؛ والمبسوط، 1/ 241. (¬18) ح ي: فيتابعه. (¬19) ك م - جميعاً. (¬20) م - السجدة. (¬21) ح: ويسلم القوم معه جميعاً. (¬22) ي - ثم يسجد السجدة الرابعة ويسجدها معه القوم جميعاً إلا الإمام الأول والثاني. (¬23) م: وسجدتها. (¬24) ح ي + وسجدتيها. (¬25) ح ي: ثم الرابعة وسجدتيها. (¬26) ح ي - الركعة.

الرابعة بسجدتيها (¬1)، وأيما إمام منهم أدرك الإمام الآخِر في سجدة من ركعته (¬2) التي يقضي سَجَدَ معه فيها (¬3)، ثم يسلم (¬4) الإمام ويسجد (¬5) سجدتي السهو ويسجدون معه جميعاً إن كان الأئمة الأربعة قد فرغوا من صلاتهم، وإن كان قد بقي على أحد منهم شيء من صلاته لم يسجد مع الإمام حتى يفرغ من صلاته، فإذا فرغ من صلاته (¬6) سجد سجدتي السهو بعدما يسلم (¬7) الإمام (¬8). قلت: أرأيت (¬9) مقيماً صلى بقوم مقيمين ركعة من الظهر ونسي سجدة، ثم أحدث فقدم رجلاً جاء ساعتئذٍ، فلم يسجد بهم تلك السجدة ¬

_ (¬1) ح ي: وسجدتيها. (¬2) ح: من الركعة؛ ي: من ركعة. (¬3) ك: يقضي سجدتها معها لم يتابعه فيها؛ م: يقضي سجدتها معها فيها. وانظر: الكافي، 1/ 13 ظ؛ والمبسوط، 1/ 241. (¬4) ح: ثم سلم. (¬5) ك م ح: وسجد. (¬6) ح ي - فإذا فرغ من صلاته. (¬7) ح ي: سلم. (¬8) قال السرخسي: إذا صلى الأئمة الأربعة كل واحد منهم ركعة وسجدة ثم أحدث الرابع وقذم خامساً وجاء الأئمة الأربعة فإنه ينبغي للخامس أن يبدأ بالسجدة الأولى، ويسجدها معه الأئمة والقوم، لأنهم صلوا تلك الركعة، ثم يسجد السجدة الثانية، ويسجدونها معه غير الإمام الأول، فإنه لم يؤد تلك الركعة بعد، إلا أن يكون عجّل فصلى الركعة الثانية وأدرك الإمام في السجدة الثانية فحينئذ سجد الثالثة ويسجدها معه، ثم يسجد الثالثة، ويسجدونها معه غير الإمام الأول والثاني، لأنهما لم يصليا الركعة الثانية، ثم يسجد الرابعة ويسجدونها معه غير الإمام الأول والثاني والثالث، لأنهم ما صلوا هذه الركعة بعد، ثم يقوم الإمام الأول فيقضي ثلاث ركعات، والإمام الثاني ركعتين، والإمام الثالث الركعة الرابعة بغير قراءة، لأنهم مدركون لأول الصلاة، ثم يسلم الخامس ويسجد للسهو والقوم معه، وكل إمام فرغ من إتمام صلاته وأدركه تابعه في سجود السهو، ومن لم يفرغ أخر سجود السهو إلى آخر صلاته. انظر: المبسوط، 1/ 241 - 242. (¬9) ح ي + إماماً.

ولكنه صلى بهم ركعة وسجدة، ثم أحدث وقدم (¬1) رجلاً جاء ساعتئذٍ (¬2)، فصلى بهم ركعة وسجدة، ثم أحدث فقدم رجلاً جاء ساعتئذٍ (¬3)، فصلى بهم ركعة وسجدة، ثم أحدث وقدم (¬4) رجلاً جاء ساعتئذٍ (¬5)، ثم توضأ الأئمة الأربعة وجاؤوا (¬6) جميعاً؟ قال: ينبغي لهذا الإمام الخامس أن يسجد بهم أربع سجدات، يبدأ بالأولى فالأولى (¬7)، ويسجد معه الإمام (¬8) الأول السجدة الأولى والقوم، ولا يسجد معه (¬9) الإمام الثاني والثالث والرابع تلك السجدة، ثم يسجد (¬10) الثانية، فيسجدها معه (¬11) الإمام الثاني والقوم، ولا يسجد (¬12) معه الإمام الأول والثالث والرابع، ثم يسجد السجدة الثالثة، فيسجدها معه الإمام الثالث والقوم جميعاً (¬13)، ولا يسجدها معه (¬14) الإمام (¬15) الأول ولا الثاني ولا الرابع (¬16)، ثم يسجد السجدة (¬17) الرابعة، فيسجدها معه القوم والإمام الرابع (¬18)، ولا يسجدها معه (¬19) الإمام الأول والثاني والثالث، إلا أن يقضي الإمام الأول ما سبق به من الصلاة (¬20)، فإن أدركه في شيء من هذا (¬21) السجود والسجدة التي سجدها الإمام من الركعة التي يقضيها الإمام الأول فإنه يسجدها معه، وإن لم يدركها معه سجدها وحده حين (¬22) يفرغ من صلاته، فإذا فرغ قعد مع الإمام الخامس إن أدركه قاعداً. وأما الإمام الثاني والثالث والرابع فإنه ليس على أحد (¬23) منهم أن ¬

_ (¬1) ح ي: فقدم. (¬2) ح: ساعته. (¬3) ح: ساعته. (¬4) ح ي: فقدم. (¬5) م - فصلى بهم ركعة وسجدة ثم أحدث وقدم رجلاً جاء ساعتئذٍ؛ ح: ساعته. (¬6) ح ي: فجاؤوا. (¬7) ح ي: بالأول فالأول. (¬8) ح - الإمام؛ صح هـ. (¬9) ح ي: معهم. (¬10) ح ي + السجدة. (¬11) ي: مع. (¬12) ح ي: يسجدها. (¬13) ح ي - جميعاً. (¬14) ح ي: لا يسجدونها مع. (¬15) ح - الإمام؛ صح هـ. (¬16) ح ي: والثاني والرابع. (¬17) ح - السجدة. (¬18) ح ي: الإمام الرابع والقوم. (¬19) ح: لا يسجدونها مع. (¬20) ح ي: من الصلوات؛ ح ي+ قلت. (¬21) ح ي: من هذه. (¬22) ح ي: حتى. (¬23) ح ي: لأحد.

يقضي ما سبقه (¬1) به الإمام قبل أن يدخل في صلاته إلا بعدما يسلم (¬2) الإمام ويفرغ من صلاته، فإذا فرغ الإمام (¬3) قاموا فقضوا بقراءة. وأما الإمام الأول فإنه يقضي بغير قراءة. والإمام (¬4) الخامس ينبغي (¬5) له أن يتشهد بالقوم (¬6)، ثم يتأخر فيقدم رجلاً قد أدرك أول الصلاة، فيسلم (¬7) بهم ويسجد (¬8) بهم سجدتي السهو ويسجد معه القوم جميعاً غير الإمام الأول، إلا أن يكون الإمام الأول قد فرغ مما سبق (¬9) به، فإن كان قد فرغ مما سبق به (¬10) سجد معه السجدتين (¬11) والأئمة الآخرون إن (¬12) كانوا أيضاً قضوا ما أدركوا مع الإمام الأول (¬13) ما لم يصلوا معه، ويسجدون (¬14) معه سجدتي السهو، ثم يقوم هؤلاء الأئمة فيقضون (¬15) صلاتهم بقراءة (¬16). ¬

_ (¬1) ك م ح: ما سبق. (¬2) ح ي: سلم. (¬3) ح ي + من صلاته. (¬4) ك م: وأما الإمام. (¬5) ك م: فينبغي. (¬6) ي: القوم. (¬7) ح: فيتم؛ ي: فسلم. (¬8) ح ي: ثم يسجد. (¬9) ك: يسبق. (¬10) ك م - فإن كان قد فرغ مما سبق به. (¬11) ح ي: سجدتين. (¬12) ك ح ي: وإن. (¬13) ح ي - الأول. (¬14) ك م: فيسجدوا؛ ي: ويسجد. (¬15) ح ي: يقضون. (¬16) قال السرخسي: الأئمة الأربعة إذا كانوا مسبوقين وقد صلى كل واحد منهم ركعة وسجدة، ثم أحدث الرابع وقدّم رجلاً خامساً، وتوضأ الأئمة الأربعة وجاؤوا، فينبغي للخامس أن يسجد السجدة الأولى ويسجدها معه القوم والإمام الأول، ولا يسجدها معه الإمام الثاني والثالث والرابع، لأنهم مسبوقون في تلك الركعة، وفي رواية النوادر يسجدونها معه للمتابعة، ثم يسجد السجدة الثانية ويسجدها معه القوم والإمام الثاني، لأنه صلى تلك الركعة، ولا يسجدها معه الإمام الأول، لأنه ما صلى تلك الركعة بعد، ولا الثالث ولا الرابع، لأنهما مسبوقان في هذه الركعة إلا على رواية النوادر، ثم يسجد الثالثة ويسجدها معه القوم والإمام الثالث لأنهم صلوا هذه الركعة ولم يسجدوا هذه السجدة، ثم يسجد الرابعة ويسجدها معه القوم والإمام الرابع، ثم يتشهد ويتأخر ويقدم سادسًا ليسلم بهم ويسجد سجدتي السهو، ثم يقوم الخامس فيصلي أربع ركعات لأنه مسبوق فيها فيقرأ في الأوليين وفي الأخريين هو بالخيار. وأما الإمام الأول يقضي ثلاث ركعات بغير قراءة، لأنه أدرك أول الصلاة ولا قراءة على اللاحق فيما يقضي، والإمام الثاني يقضي ركعتين بغير قراءة، لأنه لاحق فيهما، ثم ركعة=

قلت: أرأيت مسافراً صلى بقوم مسافرين المغرب، فصلى بهم ركعتين، فلما قام في الثالثة دخل معه رجل مقيم، ونوى (¬1) بدخوله معه التطوع، فصلى (¬2) معه الركعة الثالثة، ثم سلم الإمام (¬3)؟ قال: يقوم هذا المقيم فيصلي (¬4) ثلاث ركعات يقرأ (¬5) فيهن جميعاً ويقعد (¬6) في الأولى منهن (¬7) لأنها الثانية، ولا يقعد في الثانية (¬8) لأنها الثالثة، ويقعد في الرابعة ويتشهد (¬9) ويسلم. ولو أن امرأة صلت (¬10) مكتوبة في حضر أو في سفر فهي (¬11) في ذلك بمنزلة الرجل؛ فإن ائتم بها رجل ونوى التطوع فقد أساء (¬12)، ودخل (¬13) في غير صلاة (¬14)، فإن تم عليها لم تجزه (¬15)، وإن أفسدها لم يكن عليه قضاء (¬16)، ولا يشبه هذا (¬17) الذي (¬18) دخل في المغرب. وقال (¬19): أكره للرجل أن يدخل مع الإمام في المغرب ينوي به التطوع. ولو دخل معه وأفسدها (¬20) كان عليه أن يقضي أربع ركعات. والذي ائتم بالمرأة لا يشبه هذا. ألا ترى لو أن رجلاً ائتم بصبي أو برجل كافر لم يكن داخلاً في الصلاة، فكذلك المرأة (¬21)، لا ينبغي للمرأة أن تؤم الرجل. قلت: أرأيت مسافراً أم قوماً مقيمين ومسافرين (¬22)، فصلى بهم ركعة، ¬

_ = بقراءة، والإمام الثالث يقضي الرابعة أولاً بغير قراءة ثم يقضي ركعتين بقراءة، لأنه مسبوق فيهما، والإمام الرابع يقضي ثلاث ركعات، يقرأ في ركعتين منها، وفي الثالثة هو بالخيار، لأنه مسبوق فيها. انظر: المبسوط، 1/ 242. (¬1) ح ي: وهو ينوي. (¬2) ح ي: وصلى. (¬3) ح - ثم سلم الإمام. (¬4) م + بهم. (¬5) ح ي: فيقرأ. (¬6) ح ي: يقعد. (¬7) م: منها. (¬8) ح: في الثالثة. (¬9) ي: فيتشهد. (¬10) ح ي + صلاة. (¬11) ح ي: في سفر أو حضر كانت. (¬12) ح ي + في ذلك. (¬13) ح ي: وقد دخل. (¬14) ح: صلاته. (¬15) ي: لم يجزيه. (¬16) ح ي: قضاؤها. (¬17) ك م - هذا. (¬18) ح ي: بالذي. (¬19) ح ي: وقد. (¬20) ح ي: ثم أفسدها. (¬21) ح ي + لأنه. (¬22) ح ي: مسافرين ومقيمين.

ثم بدا له أن يقيم (¬1)؟ قال: عليه أن يكمل (¬2) الصلاة. قلت: فإن أحدث الإمام بعدما نوى الإقامة، فقدم رجلاً؟ قال (¬3): يتم بهم (¬4) أربع ركعات (¬5). قلت: أرأيت إن كان الإمام الثاني قد (¬6) أدرك مع الإمام أول الصلاة (¬7)، ولم يصلها (¬8) معه بأن (¬9) نام خلفه عنها، ثم أحدث فذهب فتوضأ (¬10) فجاء، فأحدث الإمام الأول، فقدم هذا؟ [قال:] فإن أبا حنيفة قال في هذا: إن تأخر وقدم غيره (¬11) ممن قد صلى (¬12) تلك الركعة فهو أفضل وأحب إلي، وإن (¬13) لم يفعل فبدأ بها فصلاها وهو قدامهم أومى (¬14) إليهم فقاموا أجزأه ذلك وأجزأهم. وإن لم يفعلوا (¬15) وصلى بهم الثلاث ركعات وتشهد وقدم (¬16) رجلاً ممن قد (¬17) أدرك أول (¬18) الصلاة، فسلم (¬19) وقام (¬20) هو يقضي أجزأهم ذلك. وإن صلى بهم ركعة ثم ذكر ركعته (¬21) تلك فإن أفضل ذلك أن يومي إلى القوم، فيقومون حتى يقضي هو تلك الركعة، ثم يصلي بهم بقية صلاتهم (¬22). وإن (¬23) لم يفعل ولكنه تأخر حين ذكر فقدم رجلاً فصلى بهم فهو (¬24) أفضل. وإن لم يفعل ذلك ولكنه صلى بهم وهو ذاكر لركعته تلك أجزأه وأجزأهم (¬25)؛ غير أنه ينبغي له إذا تشهد أن يتأخر ويقدم ¬

_ (¬1) ح ي: الإقامة. (¬2) ح ي + بهم. (¬3) ي: فقال. (¬4) ح ي + الصلاة. (¬5) ح ي - أربع ركعات؛ صح ي هـ. (¬6) ح ي - قد. (¬7) ح ي: أول الصلاة مع الإمام الأول. (¬8) ي: يصليها. (¬9) م - بأن؛ ح ي: ثم. (¬10) ح ي: وتوضأ. (¬11) ح ي: رجلاً. (¬12) ح - صلى؛ صح هـ. (¬13) م ح ي: فإن. (¬14) ح ي: وأومأ. أومى يومي لغة في أومأ يومئ. انظر: لسان العرب، "ومى". (¬15) ح ي: فإن لم يفعل. (¬16) ح ي: ثم قدم. (¬17) ح ي - قد. (¬18) ح ي - أول. (¬19) ح ي + بهم. (¬20) ي: وأقام. (¬21) ي: ركعة. (¬22) ح ي: صلاته. (¬23) ح ي: فإن. (¬24) ح ي: فهذا. (¬25) ي: وأجزأ لهم.

رجلاً قد أدرك أول الصلاة، فيسلم (¬1) بهم، ويقوم هو (¬2) فيقضي تلك الركعة. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم أربع ركعات فنسي سجدتين، سجدة من أول ركعة (¬3)، وسجدة من الثانية (¬4)، فلم يذكر ذلك حتى قعد في الرابعة ثم ذكر ذلك (¬5)، وخلفه رجل قد أدرك معه أول (¬6) الصلاة ونام خلفه ولم يصل (¬7) معه (¬8) شيئاً ثم انتبه حتى قعد مع الإمام (¬9) في الرابعة؟ قال (¬10): ينبغي لهذا الرجل (¬11) أن يقوم فيصلي الركعة الأولى (¬12) والثانية والثالثة (¬13) بغير قراءة. قلت: فإن سجد الإمام السجدة الأولى فأدركه الرجل فيها أيسجد معه (¬14)؟ قال: نعم (¬15). قلت: وكذلك لو أدركه في السجدة (¬16) الثانية؟ قال: نعم (¬17). قلت: أرأيت مسافراً نسي الظهر، فدخل أهلَه (¬18) وقد ذهب وقتها، ثم ذكر ذلك (¬19) فقام يصلي، فجاء (¬20) رجل مقيم فدخل معه (¬21) في الصلاة وقد فاتته (¬22) تلك الصلاة (¬23)؟ قال: ينبغي للمسافر أن يصلي ركعتين ويقعد ¬

_ (¬1) ي: فسلم. (¬2) ك م - هو؛ ح + هو. (¬3) ح ي: الركعة. (¬4) ح ي: من الثاني. (¬5) ح ي - ذلك. (¬6) م ح ي - أول. (¬7) ح: يصلي. (¬8) ح ي: معهم. (¬9) ح ي: حين قعد الإمام. (¬10) ك م: فإنه. (¬11) ح ي: ينبغي للرجل. (¬12) ي: ركعة من الأولى. (¬13) ح ي: ثم الثانية ثم الرابعة. (¬14) ح ي: قلت فإن أدرك الرجل الإمام في السجدة الأولى. (¬15) ح ي: قال يسجد معه. (¬16) ح ي - السجدة. (¬17) ك م + قلت وكذلك لو أدركه في السجدة الثالثة قال نعم. والمسألة غير واضحة. ولم أجدها في الكافي ولا في المبسوط. وأظن أن في النسخ سقطًا. والله أعلم. (¬18) من باب دخل بيتَه انظر: لسان العرب، "دخل". (¬19) ح ي - ذلك. (¬20) ح ي: وقام يصليها وجاء. (¬21) ح - معه. (¬22) ح ي: فاتت. (¬23) ح ي: الركعة؛ صح ح هـ.

ويتشهد ويسلم، ثم يقوم (¬1) هذا المقيم فيتم صلاته أربع ركعات. قلت: أرأيت إن كان (¬2) الإمام هو المقيم فائتم (¬3) به المسافر؟ قال (¬4): صلاته تامة (¬5)، وأما (¬6) المسافر فصلاته (¬7) فاسدة، لأنه لا يستطيع أن يكمل أربع ركعات، لأنها صلاة قد ذهب وقتها، وقد وجبت عليه ركعتين (¬8)، فلا (¬9) يستطيع أن يتمها أربعاً (¬10). قلت: أرأيت مسافراً أم قوماً مسافرين في مصر (¬11) أيصلي بهم أربع ركعات أو ركعتين؟ قال: يصلي بهم (¬12) ركعتين، والمصر في هذا وغيره سواء. قلت: فإن قامت معهم في الصلاة (¬13) جارية (¬14) لم تحض فصلت بصلاة الإمام؟ قال: أستحسن أن تفسد (¬15) على الرجل الذي خلفها صلاته وعن يمينها وعن شمالها، وبقيتُهم صلاتهُم تامة (¬16). ألا ترى أني آمرها أن تتوضأ وتصلي، ولو صلت بغير وضوء أمرتها أن تعيد، وكذلك لو صلت عريانة وهي تجد ثوبًا أمرتها بالإعادة (¬17). ولو (¬18) كان غلاماً قد راهق ولم يحتلم فقام (¬19) مع القوم في الصف أجزأه وأجزأهم، ولم يكن الغلام بمنزلة الجارية. وكذلك الغلام لو قام (¬20) مع رجل واحد في الصف أجزأ الرجل والغلام ذلك. ¬

_ (¬1) ح ي: ويقوم. (¬2) ح ي - إن كان. (¬3) ي: فاتم. (¬4) ي + أما المقيم فإن. (¬5) ح - صلاته تامة. (¬6) ح: أما. (¬7) ح ي: فإن صلاته. (¬8) ح: ركعتان. (¬9) ح ي: لا. (¬10) انظر للشرح: المبسوط، 1/ 243. (¬11) ح ي: في المصر. (¬12) ح ي - بهم. (¬13) ح ي - في الصلاة. (¬14) ح ي + في الصف. (¬15) م: أن يفسد. (¬16) ح ي: أستحسن أن تفسد على من خلفها وعلى من كان يمينها وشمالها وبقية القوم فصلاتهم تامة. (¬17) ح: أن تعيد. (¬18) ح ي: وإن. (¬19) ح ي: وقام. (¬20) ح ي: لو قام الغلام.

قلت: أرأيت رجلاً ترك الصلاة في السفر أياماً أيكون بمنزلة المغمى عليه؟ قال: لا، وعلى هذا أن يقضي ما ترك. قلت: وكذلك لو صلى أربعاً ولم يقعد في الركعتين الأوليين قدر التشهد؟ قال: نعم، عليه أن يقضي ما صلى هكذا. قلت: أرأيت إن ترك صلاة واحدة ثم صلى شهراً وهو ذاكر لتلك (¬1) الصلاة؟ قال: عليه أن يعيد تلك الصلاة وحدها، ولا يعيد ما بعدها. قلت (¬2): فإن (¬3) صلى يوماً أو أقل من ذلك وهو ذاكر لها؟ قال: فإن (¬4) أبا حنيفة كان يقول (¬5): إذا صلى يوماً وليلة (¬6) أو أقل من ذلك وهو ذاكر لها إن (¬7) عليه أن يقضي (¬8) تلك الصلاة، ويعيد ما (¬9) صلى (¬10) وهو ذاكر لها، وإن كان (¬11) أكثر من صلاة (¬12) يوم وليلة (¬13) أعاد (¬14) تلك الصلاة وحدها، ولا يعيد (¬15) ما صلى، وهو (¬16) استحسان وليس بقياس. وأما (¬17) قول أبي يوسف ومحمد فعلى ما قال أبو حنيفة حتى يصلي أكثر من (¬18) يوم وليلة وهو ذاكر لتلك الصلاة (¬19)، فإذا فعل ذلك أعاد تلك الصلاة وصلاة (¬20) يوم (¬21) وليلة من أول ما صلى، ولم يعد ما بقي (¬22). ¬

_ (¬1) ح ي: تلك. (¬2) ي + أرأيت. (¬3) ح ي: إن. (¬4) م - فإن. (¬5) ح ي: قال كان أبو حنيفة يقول. (¬6) ح ي - وليلة. (¬7) ح ي - إن. (¬8) ح ي: أن يصلي. (¬9) ح ي + بعدها وإذا. (¬10) ح ي + بعدها. (¬11) ي - وهو ذاكر لها وإن كان. (¬12) ح ي - صلاة. (¬13) ح ي + وهو ذاكر لها فإنه. (¬14) ح ي: يعيد. (¬15) ح ي: ولم يعد. (¬16) ح ي: وهذا. (¬17) ح ي + في. (¬18) ح ي + صلاة. (¬19) ك م - وهو ذاكر لتلك الصلاة. (¬20) م ح: وصلى. (¬21) ح: يوماً. (¬22) انظر للشرح: المبسوط، 1/ 244.

قلت: أرأيت مسافراً صلى صلاة (¬1) الظهر وهو (¬2) على غير وضوء، وصلى (¬3) العصر وهو ذاكر أنه صلى الظهر على غير وضوء، وهو يحسب أنه (¬4) يجزيه؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد (¬5) الظهر، ثم يصلي (¬6) العصر. قلت: فإن (¬7) لم يصل الظهر والعصر (¬8) حتى صلى المغرب وهو ذاكر لما صنع في الظهر؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد الظهر ثم العصر ثم المغرب. قلت: فإن لم يصل المغرب حتى أعاد الظهر وظن أن العصر تامة ثم صلى المغرب؟ قال (¬9): يعيد العصر، ولا يعيد المغرب، لأنه صلى المغرب بعد صلاةٍ يَرى (¬10) أنها تامة (¬11). قلت: أرأيت رجلاً صلى الظهر بغير وضوء تام، وهو يرى أنه تام، ثم أحدث (¬12) فتوضأ (¬13) وصلى العصر، ثم ذكر أن الظهر (¬14) كانت بغير (¬15) وضوء تام (¬16)؟ قال: يعيد (¬17) الأول (¬18)، ولا يعيد الآخر (¬19). قلت: أرأيت مسافراً صلى بقوم مسافرين ركعة، فقرأ سجدة التلاوة (¬20)، فلم يسجدها ناسياً، ثم قام (¬21) في الثانية، فدخل معه مسافر في صلاته (¬22)، فصلى الإمام ركعة أخرى تمام صلاته، وصلى الرجل معه (¬23)، ¬

_ (¬1) ح ي - صلاة. (¬2) ح ي - وهو. (¬3) ح ي: ثم صلى. (¬4) ح ي: أن ذلك. (¬5) ح ي: أن يصلي. (¬6) ح: ويصلي. (¬7) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬8) ح ي: ولا العصر. (¬9) ح ي + عليه أن. (¬10) م: ترى. (¬11) انظر للشرح: المبسوط، 1/ 244 - 245. (¬12) ح ي + فذهب. (¬13) ح: وتوضأ. (¬14) ح ي: أن الأول. (¬15) ح ي: على غير. (¬16) ح: تامة. (¬17) م: لا يعيد. (¬18) ح ي: الأولى. (¬19) ح ي: العصر. (¬20) ح ي: تلاوة. (¬21) م: ثم قرأ. (¬22) ح: وصلى به؛ ي: وصلا به. (¬23) ح ي + الظهر.

وتشهد الإمام [وتشهد الرجل] (¬1) معه (¬2)، ثم قام الرجل يقضي (¬3) قبل (¬4) أن يسلم الإمام، فقرأ وركع وسجد سجدة، ثم سلم الإمام، ثم ذكر (¬5) الإمام سجدة التلاوة فسجدها (¬6)، وسجد (¬7) الرجل معه بعدما صلى ركعة وسجدة أو سجدتين؟ قال: صلاة الإمام والقوم تامة، وصلاة الرجل فاسدة، وعليه أن يستقبل (¬8). قلت: لم؟ قال: لأنه حين قام قبل أن يسلم الإمام فقرأ وركع وسجد سجدة فقد (¬9) خرج من صلاة الإمام، فلما سجد معه فى خل في صلاة (¬10) غيرها، فصارت فاسدة. قلت: أرأيت (¬11) إن (¬12) قرأ وركع ولم يسجد حتى سجد الإمام سجدة التلاوة فسجد الرجل معه؟ قال (¬13): قد (¬14) أحسن، وصلاته (¬15) تامة، ويقوم بعدما يفرغ (¬16) الإمام فيقضي ما سبقه الإمام به. قلت: فإن كان حين (¬17) دخل مع الإمام، وصلى (¬18) معه تلك الركعة، وتشهد (¬19) الإمام، وتشهد الرجل معه، ثم قام يقضي قبل أن يسلم الإمام، فقرأ وركع (¬20) ولم يلتفت إلى الإمام، ثم سلم الإمام، فسجد سجدة التلاوة وسجد معه أصحابه، وأعاد الإمام التشهد وأعادوا (¬21) معه، ولم يتشهد الرجل معه ولم يلتفت إلى صلاته (¬22)؟ قال: صلاة الرجل أيضاً فاسدة. قلت: لم؟ قال: لأنه قد (¬23) تشهد مع الإمام، ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من كلام المؤلف الآتي في المسألة التي بعد التالية. (¬2) ح ي - معه. (¬3) ح ي: فقضى. (¬4) ح - قبل؛ صح هـ. (¬5) ح ي: فذكر. (¬6) ح ي: فسجد لها. (¬7) ح ي: ثم سجد. (¬8) ح ي + الصلاة. (¬9) ح ي - فقد. (¬10) م: فلما سجد الإمام دخل معه في صلاة. (¬11) ح ي - أرأيت. (¬12) ح ي: فإن. (¬13) ح ي + هذا. (¬14) م - قد. (¬15) ح فصلاته. (¬16) ح ي: بعد فراغ. (¬17) ح ي - حين. (¬18) ي: صلى. (¬19) ح ي: فتشهد. (¬20) ح ي + وسجد. (¬21) ح: وأعادوه. (¬22) ح ي: إلى صاحبه. (¬23) ك م - قد.

والإمام لم يجزه (¬1) تشهده ذلك، وهذا الرجل (¬2) قام يقضي ما سبق به (¬3) قبل فراغ الإمام من صلاته وقبل أن يتشهد، فصلاته فاسدة. قلت: أرأيت مسافراً صلى بقوم مسافرين ركعة، فلما قام في الثانية دخل معه رجل (¬4) مسافر في الصلاة، فصلى معه ركعة، فلما قعد الإمام في الثانية تمام صلاته لم يقعد الرجل معه (¬5) ولكن (¬6) قام (¬7) يقضي ما سبق به (¬8)، فقرأ وركع وسجد (¬9)، وتشهد الإمام ثم سلم (¬10)؟ قال: إن كان الرجل حين قام يقضي قرأ بعد فراغ الإمام من تشهده آية أو آيتين (¬11) فصلاته تامة (¬12). قلت: فإن (¬13) كان فراغ (¬14) الإمام من التشهد (¬15) مع فرك (¬16) الرجل من القراءة جميعاً معاً ولم يقرأ بعده شيئاً؟ قال: صلاته فاسدة، ولا يجزيه حتى يقرأ بعد فراغ الإمام من التشهد آية أو آيتين. قلت: أرأيت إن (¬17) قام يقضي فقرأ وركع ولم يسجد (¬18) حتى سلم الإمام (¬19) وعليه السهو (¬20) لصلاته فسجد (¬21) الرجل معه (¬22)؟ قال: قد أحسن، وصلاته تامة، فإذا فرغ الإمام من صلاته فليقض ما سبقه به. ¬

_ (¬1) ي: لم يجزيه. (¬2) ح ي: رجل. (¬3) ي - به. (¬4) ح ي - رجل. (¬5) ح ي - معه. (¬6) ح ي: ولكنه. (¬7) ح ي - قام. (¬8) ح ي + فقام. (¬9) ح + مع الإمام؛ ي + الإمام. (¬10) ح ي: وسلم. (¬11) ك م - من تشهده آية أو آيتين. وانظر جواب السؤال التالي. (¬12) ح ي: فقد تمت صلاته؛ ح ي + فإن كان لم يقرأ بعد فراغ الإمام من تشهده فصلاته فاسدة. وعبارة الحاكم الشهيد: فإن كان قرأ بعد قعود الإمام ما تجوز به الركعة من القرآن جازت صلاته. انظر: الكافي، 1/ 14 و. (¬13) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬14) ح: فرغ. (¬15) ح ي: من تشهده. (¬16) ح: وفرغ؛ ي: وفراغ. (¬17) ح ي: قلت فإن. (¬18) ي: يسجدها. (¬19) ح - الإمام. (¬20) ح ي: سهو. (¬21) ح ي + وسجد. (¬22) ح ي - معه.

قلت: أرأيت رجلاً أسلم (¬1) في دار الحرب، فمكث بها (¬2) شهراً أو شهرين ولا (¬3) يعلم أن عليه الصلاة (¬4)، ولم يأمره (¬5) بذلك أحد (¬6)، ولم ير أحدًا يصلي؟ قال: ليس عليه قضاء. قلت: فإن كان هذا في دار الإسلام؟ قال: عليه القضاء. وقال أبو يوسف ومحمد: هما في القياس سواء، وليس عليهما (¬7) جميعاً القضاء حتى تقوم عليهما (¬8) الحجة ويعلم (¬9) أن ذلك عليه، ولكن ندع (¬10) القياس، والقول قول أبي حنيفة (¬11). قلت: أرأيت (¬12) مسافراً ترك الظهر والعصر من يومين (¬13) مختلفين، ولا يدري لعل العصر الذي (¬14) ترك أولاً؟ قال: يتحرى الصواب (¬15)، فيقضي الأولى منهما في نفسه (¬16)، ثم يقضي الأخرى. قلت: فإن لم يدر (¬17)؟ قال: يصلي الظهر ثم يصلي العصر ثم يصلي (¬18) الظهر، فإن كان العصر أولاً (¬19) أجزأه (¬20)، وأجزأه (¬21) الظهر (¬22) بعد ذلك، وإن كان الظهر أولاً فقد (¬23) أجزأه الظهر (¬24) وأجزأه (¬25) العصر بعد ذلك، ¬

_ (¬1) م: سلم. (¬2) ح ي: فيها. (¬3) ح ي: لا. (¬4) ح ي: صلاة. (¬5) م: ولم يأمر. (¬6) ح: أحد بذلك. (¬7) ح ي: على واحد منهما. (¬8) ك م: عليه؛ ح: عليهم. (¬9) ح: فيعلموا؛ ي: فيعلم. (¬10) م: يدع؛ ح ي: أدع. (¬11) ح ي: وأقول ما قال أبو حنيفة؛ ح ي + وهو قول محمد. (¬12) ح ي + رجلاً. (¬13) م: من قومين. (¬14) ح - الذي؛ ي: التي. (¬15) ح + في نفسه. (¬16) ح - منهما في نفسه. (¬17) ح ي: قلت فإن أراد أن يأخذ بالثقة واليقين. (¬18) ح - يصلي. (¬19) ح ي + فقد. (¬20) ح ي + الظهر. (¬21) ك: وأجزأته؛ م: أو أجزأته. (¬22) ح ي: العصر. (¬23) ح ي - فقد. (¬24) ح ي - الظهر. (¬25) ح ي + ذلك.

والظهر تطوع منه، وهذا في الثقة (¬1) والتنزه (¬2). وقال أبو يوسف ومحمد: لسنا (¬3) نأمره بذلك، وليس عليه إلا أن يتحرى. قلت: أرأيت مسافراً صلى بمسافر (¬4) في مسجد، فأحدث (¬5) الإمام (¬6)، فخرج وتركه، ونوى هذا الثاني (¬7) أن يصلي لنفسه، فجاء مسافر فدخل معه (¬8) في الصلاة وهو يريد أن يأتم به، ثم أحدث (¬9) الإمام الثاني فخرج من المسجد ليتوضأ، ونوى (¬10) هذا الثالث أن يؤم نفسه، ثم أحدث الثالث فخرج ليتوضأ وترك الموضع بغير إمام؟ قال: صلاة الأول والثاني فاسدة، وصلاة هذا الثالث تامة، إن لم يتكلم توضأ (¬11) وبنى على صلاته. وإنما فسدت (¬12) صلاة الأول والثاني لأنهما لا إمام لهما في المسجد. قلت: فإن (¬13) لم ينو الثالث أن يكون إماماً حين (¬14) أحدث الثاني؟ قال: هو إمام وإن لم ينو. قلت: فإن أحدث الثالث ولم يخرج من المسجد حتى جاء (¬15) الأول والثاني؟ قال (¬16): إن (¬17) تقدم (¬18) أحدهما قبل أن يخرج هذا الثالث من المسجد، فهو إمام، وتجزيهم صلاتهم، وإن لم يتقدم (¬19) أحدهما حتى خرج هذا الثالث من المسجد (¬20) فصلاة الأول والثاني فاسدة، وصلاة الثالث تامة. ¬

_ (¬1) ح ي: بالثقة. (¬2) ح - والتنزه؛ ي: واليقين. (¬3) ي: ولسنا. (¬4) ك م - بمسافر. (¬5) ح: وأحدث. (¬6) ح - الإمام. (¬7) ي: الباقي. (¬8) ح ي - معه. (¬9) ح ي + هذا. (¬10) ح ي: يتوضأ فنوى. (¬11) ك - توضأ. (¬12) ي: أفسدت. (¬13) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬14) ح: ص. (¬15) ح ي + الإمام. (¬16) ك م: قبل. (¬17) ح ي - إن. (¬18) ح: يؤم؛ ي: يقدم. (¬19) م: لم ينو. (¬20) ح ي - فهو إمام وتجزيهم صلاتهم وإن لم يتقدم أحدهما حتى خرج هذا الثالث من المسجد.

قلت: أرأيت المسافر يؤم النساء في السفر؟ قال: أكره للرجل أن يؤمهن (¬1) في بيت ليس معهن ذات محرم منه. قلت (¬2): فإن أمهن فأحدث الإمام (¬3) فتأخر ليتوضأ (¬4)؟ قال (¬5): فصلاة (¬6) الإمام تامة، وصلاة النسوة (¬7) فاسدة. قلت: فإن أمهن في مسجد جماعة أو في بيت ومعه (¬8) امرأة ذات محرم منه؟ قال: لا بأس بذلك. قلت: فإن أحدث الرجل فتأخر (¬9) وقدم امرأة منهن؟ قال: صلاة النسوة كلهن فاسدة، وصلاة الرجل فاسدة. قلت: فإن تقدمت امرأة منهن (¬10) من غير أن يقدمها قبل أن يخرج من المسجد؟ قال: هذا والأول سواء. قلت: لم صارت صلاة (¬11) النسوة فاسدة؟ قال: لأن الإمام (¬12) الأول (¬13) رجل (¬14). قلت: فإن كان الإمام الأول امرأة؟ قال: صلاتهن (¬15) جميعاً تامة. قلت: أرأيت المرأة (¬16) المسافرة تؤم النساء؟ قال: أكره ذلك. قلت: فإن فعلت ذلك؟ قال: يجزيهن (¬17)، وتقوم وسطًا من الصف (¬18). قلت: أرأيت رجلاً (¬19) افتتح الظهر وهو (¬20) مسافر (¬21)، فصلى ركعتين بغير قراءة، ثم بدا له المقام؟ قال: عليه أن يصلي ركعتين بقراءة (¬22)، والمسافر والمقيم في هذا سواء. وقال محمد (¬23): لا يجزيه، ¬

_ (¬1) ح ي: أن يؤم النساء. (¬2) ك م - قلت. (¬3) ح ي - الإمام. (¬4) ح: وتوضأ؛ ي: فتوضأ. (¬5) ك م - قال. (¬6) ح ي: صلاة. (¬7) ح ي: النساء. (¬8) ح ي: ومعهن. (¬9) ح ي: وتأخر. (¬10) ح ي - امرأة منهن. (¬11) ح - صلاة؛ صح هـ. (¬12) ح ي: إمامهن. (¬13) ح ي + كان. (¬14) ح ي: رجلاً. (¬15) ك م: صلاتهم. (¬16) م - المرأة. (¬17) ك م: يجزيهم. (¬18) ح ي - قلت أرأيت المرأة المسافرة تؤم النساء قال أكره ذلك قلت فإن فعلت ذلك قال يجزيهن وتقوم وسطًا من الصف. (¬19) ح ي: مسافراً. (¬20) ح ي + ينوي أن يصلي ركعتين. (¬21) ح ي - مسافر. (¬22) ك م - بقراءة. (¬23) ح ي + صلاته فاسدة.

وعليه أن يستقبل الصلاة (¬1)؛ لأنه أفسدها (¬2) قبل أن ينوي المقام (¬3). قلت: أرأيت مسافراً دخل في صلاة مقيم في الظهر، فذهب وقت الظهر قبل أن يفرغ الإمام من الصلاة، ثم إن الإمام أفسد صلاته بكلام، ما على (¬4) المسافر (¬5)؟ قال (¬6): على المسافر أن يصلي ركعتين (¬7). قلت: لم؟ قال: لأن المقيم قد أفسد صلاته، وإنما كان يجب على المسافر أربع لو أتم (¬8) المقيم (¬9) صلاته، فلما أفسدها عاد المسافر إلى حاله (¬10)، فعليه ركعتان. ألا ترى لو أن مسافراً دخل في صلاة الجمعة مع الإمام كان عليه الجمعة، فإن أفسدها وجبت (¬11) عليه الظهر ركعتان إذا أفسدها في الوقت، فإن ذهب الوقت قبل أن يفرغ منها فقد فسدت، وعلى المسافر ركعتان. قلت: أرأيت المسافر أي الصلاة (¬12) يقصر (¬13)؟ قال: يصلي الفجر ركعتين مثل صلاة المقيم، ويقصر الظهر فيصلي ركعتين، ويقصر العصمر فيصلي ركعتين، ويصلي المغرب صلاة المقيم، ويقصر العشاء فيصلي ركعتين، ويصلي الوتر ثلاث ركعات مثل (¬14) صلاة المقيم، إلا أنه يقصر القراءة في كل ما ذكرت، ولا يشبه الحضر السفر (¬15) في القراءة. قلت: وكذلك (¬16) صلاة التطوع في السفر ركعتين، وهما (¬17) في الحضر ¬

_ (¬1) ح ي - لا يجزيه وعليه أن يستقبل الصلاة. (¬2) ك م + هذا. (¬3) ح ي + قلت أرأيت المرأة تؤم النساء قال أكره ذلك قلت فإن فعلت قال يجزيهم وتقوم وسطاً من الصف. (¬4) ك: ما صلاة؛ م: ما حلا؛ ح ي: هل على. (¬5) ح ي + أن يصلي ركعتين. (¬6) ح ي + نعم. (¬7) ح ي - على المسافر أن يصلي ركعتين. (¬8) ح ي: أربعاً لو تم. (¬9) ح ي + على. (¬10) ح ي: على حاله. (¬11) ح: وجب. (¬12) ح ي: أي الصلوات. (¬13) ح: يقضي. (¬14) ح ي - مثل. (¬15) ح ي: السفر الحضر. (¬16) ح + صلاته. (¬17) ي: أو هما.

والسفر (¬1) سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مسافراً دخل في صلاة مقيم كم يصلي؟ قال: يصلي صلاة مقيم (¬2). قلت: وكذلك لو أدركه بعدما تشهد (¬3) قبل أن يسلم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أدركه في سجدتي السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المسافر إذا أم أصحابه في الصلوات كلها ما مقدار قيامه وقراءته؟ قال: يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مع أي سورة تيسرت عليه. قلت: فإن قرأ في الفجر بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} (¬4)؟ قال: يجزيه. قلت: فأي ذلك أحب إليك أَن يقرأ في الفجر؟ قال: أحب ذلك (¬5) إلي أن يقرأ: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1)} (¬6) {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1)} (¬7)، ونحوهما (¬8) مع فاتحة الكتاب (¬9). قلت: وكذلك الظهر؟ قال: نعم. قلت: والعصر والمغرب والعشاء؟ قال (¬10): بِـ (¬11) {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} و {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} (¬12)، مع فاتحة الكتاب ونحوهما. قلت: ويسبح في الركوع والسجود (¬13) بثلاث ثلاث؟ قال: نعم إن شاء، وإن شاء أكثر من ذلك، ولكن لا أحب له (¬14) أن يكون أقل من ثلاث ثلاث. قلت: فهل في شيء من الصلوات قنوت؟ قال: لا قنوت في شيء من (¬15) الصلوات كلها في سفر ولا حضر إلا في (¬16) الوتر. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يقنت قط إلا شهراً واحداً، حارب (¬17) حياً من ¬

_ (¬1) ح ي: في السفر الحضر. (¬2) ح ي - قلت أرأيت مسافراً دخل في صلاة مقيم كم يصلي قال يصلي صلاة مقيم. (¬3) ح: يسجد. (¬4) سورة الإخلاص، 112/ 1. (¬5) م + أحب؛ ح ي - ذلك. (¬6) سورة الطارق، 86/ 1. (¬7) سورة الشمس، 91/ 1. (¬8) ك م: مع نحوهما. (¬9) ح ي: القرآن. (¬10) ح ي + يقرأ. (¬11) الباء ساقطة من ي. (¬12) سورة النصر، 110/ 1. (¬13) ح ي - والسجود. (¬14) ح ي - له. (¬15) ح ي - شيء من. (¬16) ح ي - في (¬17) ي: جارت؛ ح ي + فيه.

المشركين، فقنت يدعو عليهم (¬1). وبلغنا عن أبي بكر الصديق أنه لم يقنت (¬2). وبلغنا عن الأسود بن يزيد أنه قال: صحبت عمر بن الخطاب (¬3) سنتين (¬4)، فلم أره (¬5) قنت في سفر ولا حضر (¬6). قلت: أرأيت القوم يخرجون في الغزو فيدخلون أرض الحرب فيحاصرون مدينة وقد وطّنوا أنفسهم على إقامة شهر أو أكثر من ذلك هل يتمون الصلاة (¬7)؟ قال: لا، ولكنهم يصلون صلاة المسافر (¬8). قلت: لم (¬9) وقد وطنوا أنفسهم على إقامة شهر؟ قال: لأنهم (¬10) في عسكر (¬11)، وليس العسكر كالأمصار (¬12) والمدائن، إنما هم قوم في ¬

_ (¬1) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُرَ قانتاً في الفجر حتى فارق الدنيا، إلا شهراً واحداً قَنَتَ فيه يدعو على حي من المشركين، لم يُرَ قانتًا قبله ولا بعده، وأن أبا بكر - رضي الله عنه - لم يُرَ قانتًا بعده حتى فارق الدنيا. انظر: الآثار لمحمد، 43؛ والحجة على أهل المدينة لمحمد، 1/ 101. وقال الإمام محمد: أخبرنا هشام بن أبي عبد الله الدستوائي عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قنت شهراً بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب ثم تركه. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 105. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 70؛ وصحيح البخاري، المغازي، 28؛ وصحيح مسلم، المساجد، 297. 304؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 324، 330، 342، 346. (¬2) الآثار لمحمد، الموضع السابق؛ والآثار لأبي يوسف، 71؛ والمصنف لعبدالرزاق، 3/ 105؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 102؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 330. (¬3) ح ي: صحبت عمر عشر. (¬4) م ح ي: سنين. (¬5) ي: فلم أراه. (¬6) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود بن يزيد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه صحبه سنتين في السفر والحضر فلم يره قانتاً في الفجر حتى فارقه. انظر: الآثار لمحمد، 43؛ والحجة على أهل المدينة لمحمد، 1/ 101. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 71؛ والمصنف لعبدالرزاق، 3/ 105 - 106؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 101؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 311، 329. (¬7) ك م - الصلاة. (¬8) ح ي: مسافر. (¬9) ي: ولم. (¬10) ح: لأنه. (¬11) ح ي: في العسكر. (¬12) ح ي: كالمصر.

غزو وفي (¬1) حرب (¬2)، وأي سفر أشد من هذا. قلت: وكذلك لو كانوا في سفر (¬3) وقد حاصروا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن نزلوا مدينة من المدائن فنزلوا بعضها وحاصروا (¬4) أهلها وقاتلوهم وقد وطّنوا أنفسهم على الإقامة؟ قال: هؤلاء مسافرون وإن وطّنوا أنفسهم. قلت: أرأيت مسافراً (¬5) صلى بقوم مسافرين ونوى الجمعة ونوى القوم ذلك؟ قال: لا تجزيهم (¬6)، وعليهم أن يصلوا الظهر. قلت: لم؟ قال: لأنهم لم ينووا (¬7) الظهر، وإنما نووا الجمعة، فلا تجزيهم (¬8) من (¬9) الجمعة (¬10)، لأنهم مع غير إمام (¬11) في (¬12) غير مصر (¬13). قلت: أرأيت إن كانوا دخلوا المصر فصلوا (¬14) الجمعة (¬15) مع أهله (¬16)؟ قال: تجزيهم. قلت: لم وهم مسافرون وليس عليهم جمعة؟ قال: إذا دخلوا مع الإمام وجب عليهم ما وجب على الإمام. ألا ترى أن المرأة والعبد (¬17) لا جمعة عليهما، ولو صليا (¬18) الجمعة (¬19) مع الإمام أجزأهما. أَوَلاَ ترى أن المسافر عليه أن يصلي ركعتين، فإذا دخل في صلاة (¬20) مقيم (¬21) وجب عليه ما وجب على المقيم، فكذلك الجمعة. قلت: أرأيت الإمام إذا سافر فمر بمدينة أو مصر (¬22) من الأمصار فصلى بأهلها الجمعة وهو مسافر؟ قال: يجزيه ¬

_ (¬1) م ح ي - وفي. (¬2) ح ي: وحرب. (¬3) ح ي: في السفر. (¬4) ح: وحصروا. (¬5) ح ي: إماماً. (¬6) ي: لا يجزيهم. (¬7) م: لم ينوا. (¬8) ي: يجزيهم. (¬9) ح - من. (¬10) ي: عن الجمعة. (¬11) ي: غير الإمام. (¬12) ح ي: وفي. (¬13) ح ي: مصره. (¬14) ح ي: فنووا. (¬15) م + لأنهم مع غير إمام في غير مصر قلت أرأيت إن كانوا دخلوا المصر فصلوا الجمعة. (¬16) ح ي: مع أهلها. (¬17) ح ي: أن العبد والمرأة. (¬18) م: ولو صلتا. (¬19) ح ي - الجمعة. (¬20) ي: في الصلاة. (¬21) ح ي: المقيم. (¬22) ح ي: أو بمصر.

ويجزي (¬1) أهلها. قلت: لم وهو مسافر؟ قال: لأن الإمام ليس كغيره. قلت: وكذلك الأمير (¬2) إذا مر بمدينة أو بمصرِ مِن عَمَلِه (¬3)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أمير (¬4) الموسم (¬5) إذا كان من غير أهل مكة وقد استُعمِل عليها، وقد وطّن نفسه على الإقامة، أيتم الصلاة (¬6) أيام الموسم ويجمّع بأهل (¬7) منى يوم الجمعة؟ قال: نعم (¬8). قلت: وكذلك لو كان من أهل مكة؟ قال: نعم. قلت: فإن كان من غير أهل مكة (¬9) وإنما استُعمِل على الموسم ولم يُستعمَل على مكة (¬10) ولم يوطّن نفسه على إقامة خمسة عشر يوماً (¬11)؟ قال: يصلي ركعتين. قلت (¬12): فهل (¬13) يجمّع بأهل منى يوم الجمعة؟ قال: لا. قلت: أرأيت المسافر إذا أراد أن يصلي تطوعاً وهو على دابته (¬14) يسير (¬15)، كيف يصنع؟ قال: يصلي على دابته حيث توجهت به تطوعاً يومئ إيماءً، ويجعل السجود أخفض من الركوع. قلت: فعلى أي الدواب كان أجزأه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان على سرجه (¬16) قذر هل تفسد (¬17) صلاته؟ قال: لا، والدابة أشد من ذلك ثم (¬18) لا تفسد (¬19) عليه (¬20). قلت: وكذلك المرأة (¬21) على الدابة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو سمع سجدة ¬

_ (¬1) ي: ويجزيه. (¬2) م: الأمر. (¬3) أي: تحت إدارته. (¬4) ح ي: الأمير. (¬5) أي: موسم الحج. (¬6) ي + الصلاة. (¬7) ك م: أهل. (¬8) ح: قال لا. (¬9) ح - قال نعم قلت فإن كان من غير أهل مكة؛ صح هـ. (¬10) ي - قال نعم قلت فإن كان من غير أهل مكة وإنما استعمل على الموسم ولم يستعمل على مكة؛ صح هـ. (¬11) ك م - يوماً. (¬12) ح: قال. (¬13) ح ي: ولا. (¬14) ح: على دابة. (¬15) م: يشير؛ ح: تسير. (¬16) ح ي: بسرجه. (¬17) ح ي + عليه. (¬18) ح - ثم؛ ي: لم. (¬19) م: لا يفسد. (¬20) ح - عليه. (¬21) ح ي + تصلي.

تلاوة (¬1) أو تلاها (¬2) على دابته (¬3)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن صلى المكتوبة على دابته (¬4)؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يعيد. قلت: فإن كان مريضاً لا يستطيع النزول أو كان يتخوف على نفسه من السباع وغيرها (¬5)؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت الرجل المقيم هل يصلي على دابته تطوعاً؟ قال: لا. قلت: فإن خرج من المصر فرسخين أو ثلاثة (¬6) هل (¬7) يصلي على دابته تطوعاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مسافراً صلى على دابته ركعة تطوعاً ثم قدم أهله؟ قال: يصلي ركعة أخرى. قلت: أرأيت رجلاً مقيماً أو مسافراً صلى على الأرض ركعة تطوعاً ثم ركب دابته فأضاف إليها أخرى وهو راكب؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يستقبل ركعتين. قلت: أرأيت رجلاً قال: لله علي أن أصلي ركعتين تطوعاً، فصلاهما على دابته (¬8) من غير عذر؟ قال: لا يجزيه. قلت: وكذلك لو قال: لله علي أن أصلي أربع ركعات تطوعاً، فصلى ركعتين ولم يتشهد (¬9) ولم يسلم حتى ركب دابته فصلى أخريين (¬10) على الدابة (¬11) ثم سلم (¬12)؟ قال: نعم (¬13)، لا يجزيه، وعليه أن يستقبل أربع ركعات. قلت: أرأيت رجلاً سمع سجدة أو قرأها وهو على غير وضوء، ثم توضأ وركب (¬14) دابته، أيجزيه (¬15) أن يقضيها على الدابة يومئ (¬16) إيماء؟ قال: لا. قلت: فإن سمعها وهو على دابة (¬17) ثم نزل فسجدها (¬18) على الأرض (¬19)؟ قال: يجزيه. قلت (¬20): وكل صلاة أو سجدة ¬

_ (¬1) ح ي: التلاوة. (¬2) ح + أومأ وهو؛ ي + أومأ هو. (¬3) ح ي + إيماء. (¬4) ح ي + إيماء. (¬5) ح ي: أو غيرها. (¬6) ي: أو ثلاثاً. (¬7) م - هل. (¬8) ح: على دابة. (¬9) ح ي - ولم يتشهد. (¬10) م: آخرتين؛ ح ي: أخراوين. (¬11) ح ي - على الدابة. (¬12) ي: ثم يسلم. (¬13) ح ي - نعم. (¬14) ح ي + على. (¬15) ي: أيجزي. (¬16) ح ي: ويومئ. (¬17) خ ي: على الدابة. (¬18) م: سجدها. (¬19) ي: في الأرض. (¬20) ح ي - قلت.

وجبت عليه وهو نازل فلا يجزيه (¬1) أن يقضيها على دابة (¬2)، وكل صلاة أو سجدة (¬3) وجبت عليه وهو راكب ثم نزل فإنه يجزيه أن يقضيها وهو نازل؟ قال: نعم (¬4). قلت: أرأيت رجلين (¬5) في مَحْمِلٍ (¬6) واحد افتتح (¬7) أحدهما (¬8) الصلاة تطوعاً وافتتح الآخر الذي معه وهو ينوي أن يأتم به؟ قال: يجزيهما جميعاً. قلت: فإن كان عن يسار (¬9) الإمام؟ قال: لا أحب له أن يأتم به (¬10). قلت: فإن فعل؟ قال: يجزيه. قلت: فإن كان كل واحد منهما على دابة (¬11)، فصلى أحدهما فائتم (¬12) به صاحبه؟ قال: أما الإمام فيجزيه، وأما الذي ائتم به فلا يجزيه. قلت: من أين اختلف هذا والأول؟ قال: ليسا سواء (¬13). ألا ترى أن بين الدابتين طريقاً (¬14)، فهو الذي أفسد (¬15) عليه صلاته. قلت: أرأيت مسافراً أم قوماً مسافرين، فنام رجل خلفه، فصلى الإمام وفرغ (¬16) من صلاته، ثم استيقظ الرجل بعد فراغ الإمام، فأحدث فخرج (¬17) فتوضأ، ثم بدا له الإقامة، كم يصلي؟ قال: يصلي ركعتين. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما يقضي ما صلى الإمام (¬18). ألا ترى أنه (¬19) إنما يقضي بغير قراءة، لأن قراءة الإمام له قراءة. أَوَلاَ (¬20) ترى أنه (¬21) لو دخل في الصلاة ¬

_ (¬1) م: فلا تجزيه (¬2) ح ي: على دابته. (¬3) ح ي: وكل سجدة أو صلاة. (¬4) ح ي - وهو نازل قال نعم. (¬5) ي: رجلاَن. (¬6) ح: في محل. المَحْمِل والمِحْمَل هو الهَوْدَج الكبير الذي يوضع على البعير. انظر: المغرب، "حمل". (¬7) ح ي: فافتتح. (¬8) م - أحدهما، صح هـ. (¬9) ح ي: على يسار. (¬10) ح: قال أحب أن لا يأتم به؛ ي: قال أحب أن يأتم به. (¬11) ح ي: على دابته. (¬12) ح ي: وائتم. (¬13) ك م: ليستا بسواء. (¬14) ح ي: طريق. (¬15) ح ي: يفسد. (¬16) ي: وقد فرغ. (¬17) ح ي: فدخل؛ ح ي + مصراً. (¬18) ح ي - الإمام. (¬19) ح ي - أنه. (¬20) م: ولا. (¬21) ح ي - أنه.

وحده فصلى ركعة ثم نام، فاستيقظ (¬1) وقد ذهب الوقت، فأحدث، فدخل المصر فتوضأ وأقام، يقضي ركعتين. قلت: فإن كان حين دخل المصر أحدث (¬2) متعمداً (¬3) أو تكلم وقد نوى الإقامة وهو في الوقت (¬4)؟ قال: عليه أن يصلي صلاة مقيم (¬5)، لأنه قد أفسد الصلاة التي كان فيها. أَوَلاَ ترى أنه لو دخل في الصلاة وحده فصلى ركعة، ثم أحدث متعمداً أو تكلم وقد نوى الإقامة وهو في الوقت كان (¬6) عليه أن يصلي صلاة مقيم؛ لأنه قد أفسد الصلاة التي كان فيها (¬7). قلت: أرأيت رجلاً مسافراً صلى (¬8) مع إمام مسافر ركعة (¬9)، وقد سبقه الإمام بركعة، فلما فرغ الإمام قام (¬10) الرجل يقضي، ثم بدا له الإقامة، كم يصلي؟ قال: يصلي أربع ركعات. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما يقضي بقراءة، ولا يشبه هذا الأول (¬11). قلت: أرأيت رجلاً من أهل الكوفة مسافراً (¬12) افتتح (¬13) الصلاة مع إمام مسافر بطريق الحِيرَة، ثم نام خلفه فاستيقظ وقد فرغ الإمام من صلاته، ثم أحدث الرجل ورجع إلى أهله فتوضأ قبل ذهاب الوقت، ثم نوى الإقامة؟ قال: إن تكلم صلى أربع ركعات، وإن لم يتكلم صلى ركعتين. قلت: فإن أحدث ودخل (¬14) المصر بعد ذهاب الوقت وقد (¬15) تكلم فتوضأ، كم يصلي؟ قال: ركعتين. قلت: لم؟ قال: لأنه قد وجبت (¬16) عليه ¬

_ (¬1) ح ي: ثم استيقظ. (¬2) ك م: فأحدث. (¬3) ك ح ي - متعمداً. (¬4) ح ي: وهو في الوقت وقد نوى الإقامة. (¬5) م: المقيم. (¬6) ك: قال. (¬7) م ح ي - أو لا ترى أنه لو دخل في الصلاة وحده فصلى ركعة ثم أحدث متعمداً أو تكلم وقد نوى الإقامة وهو في الوقت قال عليه أن يصلي صلاة مقيم لأنه قد أفسد الصلاة التي كان فيها. (¬8) م + هو؛ ح ي + بمسافر. (¬9) ح ي - مع إمام مسافر ركعة. (¬10) ك: قال. (¬11) م: والأول. (¬12) ح ي - مسافراً. (¬13) ي: وافتتح. (¬14) ح ي: فدخل. (¬15) ح ي: ثم. (¬16) ح ي: لأنه وجب.

ركعتان، فلا يستطيع أن يجعلها أربعاً. قلت: فإذا دخل (¬1) المصر (¬2) قبل ذهاب الوقت وقد نوى الإقامة قبل أن يذهب وقت تلك (¬3) الصلاة كم (¬4) يصلي؟ قال (¬5): ركعتين؟ قلت: لم (¬6)؟ قال (¬7): لأنه نوى الإقامة بعد فراغ الإمام من الصلاة، فوجبت (¬8) عليه ركعتان، فعليه أن يتبع الإمام ويبني على صلاته ما لم يتكلم، فإن تكلم صلى أربعاً. قلت: أرأيت رجلاً من أهل خراسان قدم الكوفة وأراد المقام هناك (¬9) شهراً فأتم الصلاة، ثم خرج منها إلى الحِيرَة (¬10) فوطّن نفسه بها (¬11) على إقامة خمسة عشر يوماً فأتم الصلاة، ثم خرج من الحِيرَة يريد خراسان فمر بالكوفة فأدركته الصلاة (¬12)، كم يصلي؟ قال: يصلي ركعتين. قلت: فإن كان (¬13) خرج من الكوفة إلى الحِيرَة ولم (¬14) يوطّن نفسه على إقامة (¬15) خمسة عشر يوماً، فأقام بالحِيرَة أيامًا على تلك النية وهو يتم الصلاة، ثم خرج من الحِيرَة يريد خراسان فمر بالكوفة فأدركته الصلاة (¬16)، كم يصلي؟ قال (¬17): أربع ركعات صلاة مقيم، لأنه مقيم (¬18) بعد، لا يقطع ذلك إلا أن يخرج مسافراً أو يوطّن (¬19) نفسه على المقام (¬20) في بلدة أخرى خمسة عشر يوماً. ¬

_ (¬1) ح ي: فإن فعل. (¬2) ح ي - المصر. (¬3) ح: تلك وقت. (¬4) ك م: لم. (¬5) ك م - قال. (¬6) ك م ح - قلت لم. (¬7) ح - قال. (¬8) ح: وجب؛ ي: ووجب. (¬9) ح ي: بها. (¬10) تقدم أن الحيرة مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة. (¬11) ح ي - بها. (¬12) ح ي - فأدركته الصلاة. (¬13) ح ي + حين. (¬14) ح ي: لم. (¬15) م: على الإقامة. (¬16) ح ي - ثم خرج من الحيرة يريد خراسان فمر بالكوفة فأدركته الصلاة. (¬17) ح ي + يصلي. (¬18) ح ي - مقيم. (¬19) ح ي: ويوطن. (¬20) ح ي: على الإقامة.

قلت: أرأيت رجلاً من أهل خراسان قدم الكوفة فوطّن نفسه على الإقامة بها خمسة عشر يوماً، أيتم الصلاة حين يدخلها؟ قال: نعم. قلت: فإن أقام (¬1) بها (¬2) أياماً ثم خرج (¬3) وهو يريد مكة، فلما انتهى إلى القادسية (¬4) ذكر حاجة له (¬5) بالكوفة، فانصرف حتى دخل الكوفة وهو لا يريد الإقامة بها، فحضرت (¬6) الصلاة وهو بالكوفة، كم يصلي؟ قال: يصلي (¬7) ركعتين. قلت: لم؟ قال: لأنه قد قطع إقامته الأولى ورجع إلى حال السفر. قلت: فإن كان هذا (¬8) الرجل من أهل الكوفة والمسألة على حالها؟ قال: يصلي أربع ركعات، ولا يشبه هذا الأول. قلت: أرأيت رجلاً من أهل الكوفة خرج يريد القادسية في حاجة له، كم يصلي؟ قال: يصلي (¬9) أربع ركعات. قلت: فإن خرج من القادسية إلى الحِيرَة وهو يريد أن لا يجاوزها (¬10)؟ قال: يصلي أربع ركعات. قلت: فإن فعل هكذا مسيرة يوم (¬11) أو يومين حتى أتى (¬12) مكة، كلما سافر يوماً أو يومين كان من نيته أن لا يجاوز (¬13)؟ قال: عليه أن يصلي (¬14) في هذا كله صلاة المقيم (¬15). قلت: فإن خرج إلى ¬

_ (¬1) ي: قام. (¬2) ح ي - بها. (¬3) ح ي: حتى خرج؛ ح ي + منها. (¬4) القادسية بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخاً. انظر: معجم البلدان لياقوت، "القادسية". والفرسخ ثلاثة أميال، وهي 5544 متراً. انظر: معجم لغة الفقهاء، "الفرسخ". (¬5) ح: ذكر له حاجته. (¬6) ي: فحضرة. (¬7) ح ي - يصلي. (¬8) ح ي - هذا. (¬9) ح ي - يصلي. (¬10) ح ي: وهو لا يريد أن يجاوزها. (¬11) ح ي: يوماً. (¬12) ح - أتى؛ صح هـ. (¬13) ح: وكانت نيته لا يجاوزها؛ ي: وكانت نيته لا يجاوز. (¬14) ح ي + أربع ركعات قلت فإن فعل هكذا مسيرة يوماً أو يومين حتى أتى مكة كلما سافر يوماً أو يومين كانت نيته لا يجاوزها (ي: يجاوز) قال عليه أن يصلي. (¬15) ح ي: مقيم.

القادسية وهو لا يريد أن يجاوزها، ثم خرج منها إلى الحُفَيرة (¬1)، ثم خرج (¬2) وهو يريد الشام ومر (¬3) بالقادسية ولا يمر بالكوفة؟ قال: عليه أن يصلي ركعتين حين (¬4) يخرج من الحُفَيرة (¬5) مقبلاً فيما بينه وبين القادسية حتى يأتي الشام. قلت: فإن كان له بالقادسية ثَقَلٌ (¬6) قد خَلَّفَه فخرج من الحُفَيرة (¬7) إلى أهله (¬8) فحمله منها إلى الشام ولم يمر بالكوفة؟ قال: يصلي ركعتين. قلت: فإن لم يأت الحُفَيرة (¬9) ولكنه خرج (¬10) من القادسية لحاجة له (¬11)، حتى إذا كان قريباً من الحُفَيرة (¬12) بدا له أن يرجع إلى القادسية فيحمل ثَقَلَه منها ويرتحل إلى الشام ولا يمر بالكوفة؟ قال: عليه أن يصلي أربعاً (¬13) حتى (¬14) يرتحل منها. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو خرج من القادسية (¬15) في جنازة (¬16) أو لغائط أو بول، ثم بدا له أن يرتحل (¬17) إلى الشام، أليس كان يصلي أربعاً حتى يرتحل منها (¬18)؟ قلت: نعم. قال: فهذا وذاك سواء. ¬

_ (¬1) ك م ح ي: إلى الحيرة. والتصحيح من جواب المسألة في نسخة ي؛ ومن الكافي، 1/ 14 ظ؛ والمبسوط، 1/ 253. وقال المطرزي: وعن شيخنا: الحُفَيْرة بالضم موضع بالعراق في قولهم: "خرج من القادسية إلى الحفيرة". انظر: المغرب، "حفر". ويتبيَّن من مسائل الكتاب أن الحفيرة المذكورة هنا بلدة قريبة من القادسية ليس بينهما مسافة سفر، حيث سيقول المؤلف قريباً: ألا ترى لو أن رجلاً خرج من الكوفة يريد القادسية أتم الصلاة، فإن خرج من القادسية يريد الحفيرة أتم الصلاة. انظر: 1/ 59 و. (¬2) ح ي - ثم خرج. (¬3) ح: وهو؛ ي: ويمر. (¬4) ك م ح ي: حتى. (¬5) ك م: من الحيرة. (¬6) ي: ثقلاً. (¬7) ك م: من الحيرة. (¬8) ح ي: إلى ثقله. (¬9) ك م: من الحيرة. (¬10) ك م: يخرج. (¬11) ح: لحاجته؛ ي - له. (¬12) ك م: من الحيرة. (¬13) ح ي: أربع؛ ح + ركعات. (¬14) ك م: حين. (¬15) ح: إلى القادسية. (¬16): في حاله؛ ي: في جنابة. (¬17) ح ي + منها. (¬18) ح ي - منها.

قلت: أرأيت رجلاً أقبل من النِّيل (¬1) يريد الكوفة كم يصلي؟ قال: أربعاً. قلت: فإن صلى أربعاً وقدم الكوفة ووضع بها (¬2) ثَقَلَه وكان يصلي أربعاً، ثم خرج في حاجة له (¬3) إلى الجَبّانة (¬4)، ثم بدا له الشخوص إلى مكة من وجهه ذلك، غير أنه يريد الممر على الكوفة فيحمل ثَقَله، فأتى الكوفة، كم يصلي؟ قال: يصلي (¬5) أربع ركعات حتى يشخص منها، لأن (¬6) ثَقَله بالكوفة (¬7) وهو غير مسافر، فلا يجب عليه أن يقصر الصلاة حتى يحمل ثَقَله من الكوفة (¬8) وهو يريد السفر. قلت: أرأيت إن كان (¬9) حين أقام بالكوفة (¬10) خرج من الكوفة إلى القادسية في طلب (¬11) غريم (¬12) له (¬13) بماله (¬14) [وقد] خلّف (¬15) ثَقَلَه بالكوفة، كم يصلي ما بينه وبين القادسية وفي (¬16) مقامه بالقادسية (¬17)؟ قال: يصلي أربع ركعات. قلت: فإن أقبل من القادسية وهو يريد الشام ويريد أن يمر بالكوفة (¬18) فيحمل (¬19) ثَقَلَه ويمضي إلى الشام على حاله (¬20)؟ قال: يصلي فيما بينه وبين الكوفة حتى يشخص ¬

_ (¬1) ج ي: من الجبل. والنِّيل بُلَيْدَة في سواد الكوفة قرب حِلّة بني مزيد، يخترقها خليج كبير يتخلّج من الفرات الكبير، حفره الحجاج بن يوسف، وسماه بنِيل مصر. انظر: معجم البلدان لياقوت، "النيل". (¬2) ح ي - بها. (¬3) ك م - له. (¬4) ح: إلى الحابه؛ ي: إلى الجناية. الأصل في الجَبّانة عند أهل الكوفة أنه اسم للمقبرة، وفي الكوفة عدة مواضع تعرف بالجَبّانة، كل واحدة منها منسوبة إلى قبيلة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "عرزم". (¬5) ح ي - يصلي. (¬6) ح ي: يحمل. (¬7) ح: إلى الكوفة. (¬8) ح: إلى الكوفة. (¬9) ح ي - إن كان. (¬10) ح ي: حين قدم الكوفة. (¬11) ك: وطالب؛ م: وطلب. (¬12) ك م: غريماً. (¬13) م - له. (¬14) ح ي - بماله. (¬15) ح ي: فخلف. (¬16) ك م: في. (¬17) ح - وفي مقامه بالقادسية. (¬18) ي: الكوفة. (¬19) ح: ويحمل. (¬20) ح ي: إلى حاله.

منها وحتى يأتي الشام (¬1) ركعتين، إلا أن يوطّن نفسه على إقامة خمسة عشر يوماً (¬2) بالكوفة، لأن القادسية قرية قد أتاها، وقد (¬3) انقطع سكناه بالكوفة وصار مسافراً من القادسية. قلت: فإن (¬4) خرج من الكوفة أول ما خرج وهو يريد الرجوع إليها، ثم أراد السفر إلى الشام وأن يمر بالكوفة فيحمل (¬5) ثقله؟ قال: هذا والباب الأول سواء، وخروجه إلى القادسية وخروجه إلى الجبانة (¬6) سواء (¬7) في القياس، ولكن أستحسن في الجَبّانة (¬8)، وآخذ في القادسية بالقياس (¬9). ألا ترى لو أن رجلاً خرج من الكوفة يريد القادسية أتم الصلاة، فإن خرج من القادسية يريد الحُفَيرة (¬10) أتم الصلاة (¬11)؛ فإن خرج كذلك بثقله (¬12) حتى أتى بستان بني عامر (¬13)، ثم ترك ثقله في البستان وخرج إلى مكة فحج، ثم أقبل من مكة يريد الكوفة ومر (¬14) على البستان فحمل (¬15) ثقله، أنه مسافر حين خرج من مكة، وعليه (¬16) أن يصلي صلاة مسافر. قلت: أرأيت رجلاً من أهل خراسان أقبل يريد مكة، فدخل الكوفة فوطن نفسه على إقامة شهر؟ قال: عليه أن يصلي أربع ركعات. قلت (¬17): ¬

_ (¬1) ح ي: بالشام. (¬2) ي: ليلة. (¬3) ح ي: فقد. (¬4) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬5) ح: ويحمل. (¬6) ي: إلى الجناية. (¬7) ك م - وخروجه إلى القادسية وخروجه إلى الجبانة سواء. (¬8) م: بالجبانة. (¬9) م: بالقادسية في القياس. (¬10) ك م: الحيرة. (¬11) ح - أتم الصلاة. (¬12) ح: منقلة؛ ح ي + منقلة. (¬13) م: بني عام. وبستان بني عامر موضع قريب من مكة. انظر: المغرب، "بست". ويقال بستان بني عامر أو ابن عامر، وقيل: اسمه الصحيح هو بستان ابن مَعْمَر. وقيل: هما موضعان مختلفان، فبستان ابن معمر هو الذي يعرف ببطن نخلة، وأما بستان بني عامر أو ابن عامر فهو موضع آخر قريب من الجُحْفَة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "بستان ابن معمر". (¬14) ح ي: فمر. (¬15) ي: فيحمل. (¬16) ح: فعليه. (¬17) م - قلت.

باب المسافر في السفينة

فإن خرج من الكوفة في جنازة ثم أراد الخروج إلى مكة من وجهه ذلك وأن يمر بالكوفة (¬1) فيحمل ثقله؟ قال: يصلي أربع ركعات حتى يحمل ثقله ويخرج من الكوفة، فإذا خرج صلى ركعتين. قلت: فإن خرج من الكوفة إلى مكة فنزل القادسية، ثم بدا له أن يرجع إلى خراسان، فمر بالكوفة؟ قال: يصلي ركعتين حتى (¬2) يخرج من القادسية، لأنه مسافر، والكوفة ليست بوطن له (¬3)، لأن وطنه قد انتقض حين خرج يريد مكة. قلت: وإن كان هذا رجلاً (¬4) من أهل الكوفة والمسألة بحالها (¬5)؟ قال: عليه أن يصلي أربع ركعات حتى يدخل الكوفة، وما دام بالكوفة، فإذا (¬6) خرج منها متوجهاً إلى خراسان صلى ركعتين (¬7). ... باب (¬8) المسافر في السفينة قلت: أرأيت مسافراً صلى الفريضة في السفينة وهو يستطيع الخروج منها؟ قال: أحب إلي أن يخرج منها. قلت: فإن لم يفعل؟ قال: يجزيه. قلت: فإن كانوا جماعة فصلوا فيها جماعة (¬9)؟ قال: يجزيهم. قلت: فإن صلوا فيها قعوداً وهم يستطيعون (¬10) القيام ويستطيعون الخروج من السفينة؟ ¬

_ (¬1) ح ي: وأن يرجع ماراً إلى الكوفة. (¬2) ك: حين. (¬3) م ح ي - له. (¬4) ح ي: الرجل. (¬5) ح ي: على حالها. (¬6) ح: وأما الكوفة إذا. (¬7) ح + وسئل أبو يوسف أيضاً على الدابة في السفر حيث توجهت به قال لا يصلي الفريضة ويصلي النافلة والله أعلم؛ ي + وسئل أبو يوسف -رحمه الله- أيصلي على الدابة في السفر حيث توجهت به قال لا يصلي الفريضة ويصلي النافلة والله أعلم. وقد تقدمت هذه المسألة قريباً. انظر: 1/ 57 ظ. (¬8) ح ي + صلاة. (¬9) ح - جماعة. (¬10) ك م: لا يستطيعون. ويؤيد المتن عبارة الحاكم والسرخسي. انظر: الكافي، 1/ 14 ظ؛ والمبسوط، 2/ 2.

قال: يجزيهم. قلت: وكذلك لو كان إمام (¬1) وخلفه قوم قعود وهو يصلي بهم؟ قال: نعم (¬2)، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجزيهم إذا كانوا يستطيعون القيام أن يصلوا قعوداً. قلت: أرأيت الرجل (¬3) إذا صلى بالقوم (¬4) في سفينة (¬5) وهي تدور في الماء؟ قال (¬6): عليهم أن يتوجهوا إلى القبلة (¬7) كلما دارت بهم (¬8) السفينة. قلت: أرأيت الرجل إذا صلى في السفينة (¬9) أين يسجد (¬10)؟ قال: يسجد في المكان الذي يصلي فيه. قلت: أرأيت مسافراً صلى في السفينة تطوعاً يومئ إيماء حيث توجهت به السفينة (¬11)؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يقضيها. قلت: لم؟ قال: لأنه دخل فيها وأوجبها على نفسه، ثم أفسدها بعد ذلك حين أومأ وصلى (¬12) لغير القبلة، فعليه أن يعيد الصلاة (¬13). قلت: أرأيت قوماً (¬14) مسافرين سافروا في السفن وأقاموا (¬15) فيها زماناً، هل يكملون الصلاة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهم قوم مسافرون (¬16) ما (¬17) كانوا في السفن (¬18). قلت: أرأيت صاحب السفينة نفسه (¬19) إذا كان مع هؤلاء هل (¬20) يتم الصلاة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه بمنزلتهم (¬21). قلت: أوليس السفينة بمنزلة بيته الذي يقيم فيه؟ قال: لا. قلت: فإن أقام في قريته التي هو منها ووطنه (¬22) فيها إلا أن (¬23) ¬

_ (¬1) ح ي: إماماً. (¬2) م - قال نعم. (¬3) ح ي - الرجل. (¬4) ح: القوم. (¬5) ح ي: في السفينة. (¬6) ي: قلت. (¬7) ح + قلت. (¬8) ح ي - بهم. (¬9) ح ي - قلت أرأيت الرجل إذا صلى في السفينة. (¬10) ي: أن يسجد. (¬11) ح - السفينة. (¬12) ح ي - وصلى. (¬13) ح ي - الصلاة. (¬14) ح - قوماً. (¬15) ح ي: في السفينة فأقاموا. (¬16) ي: مسافرين. (¬17) ح - ما. (¬18) ح ي: في السفر. (¬19) ح ي - نفسه. (¬20) ي - هل. (¬21) ي: بمنزلهم. (¬22) م: ووطيه. (¬23) ي - إلا أنه؛ صح هـ.

منزله (¬1) السفينة (¬2)؟ قال: هذا يتم الصلاة. قلت: أرأيت مسافراً صلى بقوم مسافرين في سفينة، فائتُمّ به في سفينة أخرى، هل يجزي أهل (¬3) السفينة الأخرى (¬4) الذين (¬5) يأتمون به؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا. قلت: فإن كانوا في سفينتين مقرونتين؟ قال: يجزيهم صلاتهم، وهذا (¬6) بمنزلة سفينة واحدة (¬7). قلت: أرأيت رجلاً صلى بقوم في سفينة وهي (¬8) واقفة (¬9) وإلى (¬10) جنب الجُدّ (¬11) قوم يأتمون به؟ قال: إن لم يكن بينهم طريق أو لم (¬12) يكن بينهم (¬13) من النهر شيء فصلاتهم تامة، وإن كان بينهم وبين السفينة طريق أو طائفة (¬14) من النهر فصلاتهم فاسدة. قلت: وكذلك لو كان الإمام يصلي على الجُدّ وبعض أصحابه في السفينة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم في السفينة (¬15) وبعض أصحابه على الأطلال (¬16)؟ قال: إن لم يكونوا قدام الإمام فصلاتهم تامة، وإن كانوا قدام الإمام فصلاتهم فاسدة. قلت: وكذلك لو كان (¬17) الإمام فوق الأطلال والقوم تحته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً صلى على الجُدّ فانقلبت سفينته (¬18)، فخاف إن أقبل على صلاته وتركها أن تغرق (¬19) سفينته (¬20)؟ قال: يقطع صلاته، ويأتي ¬

_ (¬1) ي: بمنزلة. (¬2) ح - إلا أن منزله السفينة. (¬3) م - أهل. (¬4) ك ط: الأولى. (¬5) ح: الذي. (¬6) ي: هذا. (¬7) ح ي: السفينة الواحدة. (¬8) م - وهي، صح هـ. (¬9) ح ي - وهي واقفة. (¬10) ح: إلى. (¬11) ح ي + وعلى الجد. الجُدّ هو شاطئ النهر. انظر: المغرب، "جدد". (¬12) ح: ولم. (¬13) خ ي - بينهم. (¬14) ح: أو شيء. (¬15) ح ي: من السفينة. (¬16) الأطلال، جمع طَلَل: وهو هنا بمعنى الغطاء الذي تُغشى به السفينة كالسقف للبيت. انظر: المغرب، "طلل". (¬17) ح ي - لو كان. (¬18) ح: السفينة؛ ي: سفينة. (¬19) ك ي: أن يغرق. (¬20) ح: السفينة؛ ي: سفينه.

باب السجدة

سفينته (¬1) فيستوثق منها، ثم يعود فيستقبل الصلاة. قلت: وكذلك لو كانت دابة (¬2) أو شيء من متاعه فخاف أن يذهب؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان راعٍ (¬3) فتخوّف على غنمه (¬4) السبع؟ قال: نعم (¬5). ... باب السجدة (¬6) قلت: أرأيت الرجل يقرأ السورة كلها فيها السجدة، أتكره (¬7) له أن يكف عن قراءة السجدة من بين السورة؟ قال: نعم، أكره له ذلك. قلت: فإن فعل ذلك (¬8)؟ قال: ليس عليه شيء. قلت: أرأيت رجلاً قرأ السجدة (¬9) من بين السورة (¬10) هل تَكره له ذلك؟ قال: أحب إليّ أن يقرأها وآيات معها، وإن (¬11) لم يقرأ معها شيئاً (¬12) لم يضره ذلك (¬13). قلت: فهل عليه (¬14) أن يسجدها (¬15) إذا قرأها وحدها أو مع آيات؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قرأها (¬16) وهو على غير وضوء، أيتيمم (¬17) ويسجد؟ قال: لا، ولكن يتوضأ ويسجد (¬18). قلت: ولم لا يجزيه (¬19) التيمم؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي: بسفينة. (¬2) ح ي: الدابة. (¬3) ح ي: الراعي. (¬4) ح ي + من. (¬5) ي + والله أعلم. (¬6) أي: سجدة التلاوة. (¬7) م: أيكره. (¬8) ح ي - ذلك. (¬9) ح ي: سجدة. (¬10) ح: السور. (¬11) ي: فإن. (¬12) ح ي: آيات. (¬13) ح ي + شيئاً. (¬14) ح ي + شيء. (¬15) ح ي: أن يسجد. (¬16) ح ي - وحدها أو مع آيات قال نعم قلت أرأيت إن قرأها. (¬17) ك: يتيمم؛ م: بينهم. (¬18) ي + قلت فإن تيمم وسجد قال لا يجزيه وعليه أن يتوضأ ويعيد. (¬19) م: ولم يجزيه.

إذا كان يقدر على الماء فلا يجزيه، لأنه لا يتخوف (¬1) فوت السجدة. قلت: وكذلك لو سمعها من غيره؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً (¬2) سمع السجدة (¬3) من صبي أو من (¬4) امرأة حائض أو من رجل جنب؟ قال: عليه أن يسجد (¬5). قلت: فإن سمعها من رجل كافر (¬6)؟ قال: عليه أن يسجدها، لأنها قد وجبت عليه، ولا يبطلها عنه ما ذكرت. قلت: أرأيت (¬7) جنباً سمع السجدة؟ قال: عليه أن يسجد (¬8) إذا اغتسل. قلت: أرأيت امرأة حائضاً (¬9) سمعت (¬10) السجدة؟ قال: ليس عليها أن تسجد، وليس عليها القضاء. قلت: لم؟ قال: لأنها تدع ما هو أعظم من السجدة، الصلاة المكتوبة، فلا يجب عليها أن تقضيها. قلت: أرأيت رجلاً (¬11) قرأ السجدة ومعه قوم قد سمعوها منه (¬12)، أيسجدون معه (¬13)؟ قال: نعم. قلت: فهل لهم (¬14) أن يرفعوا رؤوسهم قبل الإمام (¬15)؟ قال: لا. قلت: فإن رفعوا رؤوسهم قبله؟ قال: يجزيهم. قلت: أرأيت إن لم يرفعوا رؤوسهم قبله ولكن سجدوها معه وفرغوا (¬16)، ثم ذهب بعض القوم وبقي بعض (¬17)، ثم جاء بعض (¬18) من ذهب فقرأ تلك السجدة ¬

_ (¬1) ح ي: لا يخاف. (¬2) ي + لو. (¬3) ح ي: سجدة. (¬4) م - من. (¬5) ي: أن يسجدها. (¬6) ك م - كافر. وستأتي المسألة في المتن قريباً مرة أخرى. انظر: 1/ 62 ظ. وقد وردت المسألة في الكافي، 1/ 15 و؛ وفي المبسوط، 2/ 4. (¬7) ح ي + رجلاً. (¬8) ح ي: أن يسجدها. (¬9) ح ي: حائض. (¬10) ح: تسمع؛ ي: سمع. (¬11) ح - رجلاً. (¬12) ح ي - منه. (¬13) ح ي - معه. (¬14) ك م: عليهم. (¬15) ح ي: قبله. (¬16) ح: ولكنهم سجدوها وفرغوا منها؛ ي: ولكنهم سجدوا لها وفرغوا منها. (¬17) ح: البعض. (¬18) م - بعض.

أو قرأ بعضُ من بقي (¬1)؟ قال: ليس على أحد منهم أن يسجد (¬2) إلا الذي ذهب ثم جاء، فإن عليه أن يسجد لها (¬3). قلت: لم؟ قال: إذا سمعها الرجل (¬4) فسجد لها (¬5) أو قرأها (¬6) فسجد لها (¬7) ثم سمعها بعد ذلك أو قرأها وهو في مجلسه لم يكن عليه أن يسجد، إلا أن يكون قد قام من مجلسه ثم ذهب (¬8) ثم رجع فعليه أن يسجدها. قلت: أرأيت إن كان القوم في مجلسهم (¬9) ذلك، فسمعوا سجدة غيرها؟ قال: عليهم أن يسجدوها. قلت: وكذلك لو سمعوا سجدة بعد سجدة حتى يمر بكل سجدة في القرآن؟ قال: نعم. قلت: ولا يسجدون (¬10) لها وقد سجدوا لها مرة (¬11)؟ قال: نعم (¬12)، إلا أن يكونوا (¬13) قاموا من مجلسهم ذلك، أو قام بعضهم فذهب، فعلى من قام إذا سمعها أن يسجدها (¬14). قلت: وكم (¬15) تعد في القرآن من سجدة؟ قال: التي (¬16) في (¬17) آخر (¬18) الأعراف، والتي في الرعد، والتي في النحل (¬19)، والتي في بني إسرائيل، والتي في مريم، والتي في الحج، والتي في الفرقان، والتي في النمل، والتي في تنزيل (¬20) السجدة (¬21)، والتي في ص، والتي في حم ¬

_ (¬1) ك م - أو قرأ بعض من بقي؛ ح ي: ما بقي. وصححناها إلى "من بقي". ويفهم ذلك من الجواب وقال الحاكم: ... إلا أن يذهب ثم يرجع فيقرأها أو يسمعها بعد رجوعه فيلزمه مرة أخرى. انظر: الكافي، 1/ 15 و. أي إذا قرأ بعض من بقي هناك آية السجدة نفسها فليس عليهم سجود إلا الذي ذهب ثم جاء. (¬2) ح ي: أن يسجدها. (¬3) ح ي: أن يسجدها. (¬4) ح ي: إذا سمع الرجل السجدة. (¬5) ح: بها. (¬6) ي: أو قرأ لها. (¬7) ح ي: فسجدها. (¬8) ح ي: فذهب. (¬9) ح: في مجلسه. (¬10) م ح ي: ولا يسجدوا؛ ح + ولا يسجدون. (¬11) ح ي: لما قد سجدوا مرة لها. (¬12) ي + ولا يسجدون. (¬13) ح + قد. (¬14) ح ي: أن يسجد. (¬15) ح ي: فكم. (¬16) ك م - التي. (¬17) م - في. (¬18) ح ي - آخر. (¬19) ح - والتي في النحل؛ صح هـ. (¬20) ح ي - تنزيل. (¬21) م - السجدة.

السجدة، والتي في النجم، والتي في: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} (¬1)، والتي في: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (¬2). قلت: أرأيت التي (¬3) في آخر الحج سجدة هي أم لا؟ قال: ليست بسجدة. قلت: أرأيت كل شيء مما ذكرت إذا تلاه (¬4) هو (¬5) أو سمعه من غيره أعليه أن يسجد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان راكباً فسمعها أو تلاها؟ قال: نعم، يومئ إيماء. قلت: فإن سمعها وهو ماش (¬6) أو تلاها يجزيه (¬7) أن يومئ إيماء؟ قال: لا. قلت: من أين اختلف الراكب والماشي؟ قال: الماشي بمنزلة القائم والقاعد. ألا ترى لو أن رجلاً قرأ السجدة في صلاته وهو قائم أن عليه أن يسجد لها، فكذلك (¬8) الماشي، وأما الراكب فقد جاء فيه أثر أنه (¬9) يومئ إيماء (¬10). قلت: أرأيت الرجل يقرأ السجدة وهو في صلاة (¬11)، والسجدة في آخر السورة، إلا آية بقيت (¬12) من السورة بعد آية السجدة؟ قال: هو بالخيار، إن شاء ركع بها (¬13)، وإن شاء سجد بها. قلت: فإن أراد أن يركع بها، خَتَمَ السورةَ ثم ركع بها، أيجزيه (¬14)؟ قال: نعم. قلت: فإن أراد أن ¬

_ (¬1) سورة الانشقاق، 84/ 1. (¬2) سورة العلق، 96/ 1. (¬3) ك م: الذي. (¬4) م: أو تلاوة؛ ي: إذا تلا. (¬5) ح ي: الرجل. (¬6) ي: ماشي. (¬7) ح ي: أيجزيه. (¬8) ح ي: أن يسجدها وكذلك. (¬9) ح - أنه. (¬10) قال الإمام محمد: أخبرنا خالد بن عبد الله عن المغيرة الضبي عن إبراهيم النخعي أن ابن عمر كان يصلي على راحلته حيث كان وجهه تطوعاً يؤمي إيماء، ويقرأ السجدة فيومي، وينزل للمكتوبة والوتر. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 189. ورواه الإمام أبو يوسف عن علقمة. انظر: الآثار لأبي يوسف، 40. وروي ذلك عن ابن عمر وسعيد بن زيد وابن الزبير وعلقمة وإبراهيم النخعي وغيرهم. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 1/ 367. (¬11) ح ي: في الصلاة. (¬12) م: إلا أنه يقنت؛ ح ي: إلا آيات بقي. (¬13) ح ي - بها. (¬14) ح ي - أيجزيه.

يسجد بها (¬1)، سجد (¬2) عند الفراغ من السجدة، ثم يقوم فيتلو ما بعدها من السورة وهو (¬3) آيتان (¬4) أو ثلاث، ثم يركع (¬5)؟ قال: نعم إن شاء (¬6)، وإن (¬7) وصل (¬8) بسورة (¬9) أخرى فهو أحب إلي. قلت: فإن كانت السجدة (¬10) في آخر السورة (¬11) ليس معها شيء فسجد بها (¬12) ثم قام؟ قال: لا بد (¬13) له أن يقرأ سورة، أو آيات من سورة أخرى، فيركع بها. قلت: فإن كانت السجدة في وسط السورة كيف يصنع بها (¬14)؟ قال: يسجد لها (¬15) ثم يقوم فيقرأ ما بقي، أو ما (¬16) بدا له منها (¬17)، ثم يركع. قلت: فإن أراد أن يركع بالسجدة بعينها هل يجزيه ذلك؟ قال: أما في (¬18) القياس فالركعة في ذلك والسجدة (¬19) سواء، لأن كل ذلك صلاة. ألا ترى (¬20) إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَخَرَّ رَاكِعًا} (¬21) وتفسيرها: خر (¬22) ساجداً (¬23). والركعة (¬24) والسجدة سواء في القياس. وأما في الاستحسان فإنه ينبغي له أن يسجدها، وبالقياس (¬25) نأخذ (¬26). ¬

_ (¬1) ح: يسجدها. (¬2) ح ي - سجد. (¬3) ح ي: وهي. (¬4) ي: اثنان. (¬5) ي: ثم ركع. (¬6) ح ي + ركع. (¬7) ح ي+ شاء. (¬8) ح ي+ إليها. (¬9) ح ي: سورة. (¬10) ك م: سجدة. (¬11) م: سورة. (¬12) ح ي: لها. (¬13) م: لا بدأ. (¬14) ك م: لها. (¬15) ح: يسجدها. (¬16) م: وما؛ ح ي - ما. (¬17) م: فيها. (¬18) ح ي - في. (¬19) ي: والسجدة في ذلك. (¬20) م - ألا ترى. (¬21) يقول تعالى: {... وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [سورة ص، 24]. (¬22) ح ي - خر. (¬23) روي هذا التفسير عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما. انظر: تفسير الطبري، 23/ 146 - 150؛ والدر المنثور للسيوطي، 7/ 156 - 164. (¬24) ح ي: فالركعة. (¬25) ح ي: أن يسجد بالقياس. (¬26) ح ي - نأخذ.

قلت: فإن (¬1) أراد أن (¬2) يسجد وهو راكع كيف ينبغي له أن (¬3) يصنع؟ قال: يرفع رأسه من الركوع فيخر ساجداً، ثم يرفع رأسه فيقوم فيعود إلى حال ركوعه. قلت: وكذلك لو نسي سجدة من الركعة الأولى فذكرها وهو راكع في الثانية؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو ذكرها وهو ساجد، فرفع رأسه أيسجد (¬4) التي (¬5) ذكر، ثم يعود في هذه السجدة التي كان فيها؟ قال: نعم. قلت: فهل يكتفي بما كان منها؟ قال: إن شاء اكتفى بها. قلت: فهل عليه سجدتا (¬6) السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن ذكرها (¬7) بعدما تشهد وسلم وهو في مجلسه لم يقم ولم يتكلم؟ قال: عليه أن يسجدها (¬8) ثم يتشهد ويسلم ويسجد سجدتي (¬9) السهو. قلت: فإن كان قد تكلم أو خرج من المسجد والسجدة من صلب (¬10) الصلاة؟ قال: عليه أن يستقبل الصلاة. قلت: فإن كانت السجدة من تلاوة؟ قال: صلاته تامة. قلت: لم؟ قال: لأنها (¬11) ليست من صلب (¬12) الصلاة، فإذا تركها صاحبها لم يكن عليه شيء. قلت: فإن (¬13) ذكرها قبل أن يتكلم وقبل أن يقوم من مجلسه وهو إمام، أيسجدها ويسجد معه (¬14) من خلفه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن دخل (¬15) معه رجل في الصلاة على تلك الحال (¬16) هل يكون داخلاً في صلاته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان مسافراً والإمام مقيم فدخل معه في هذه (¬17) الحال وجبت (¬18) عليه صلاة مقيم؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ح ي: قلت أرأيت إن. (¬2) ح - أن؛ صح هـ. (¬3) ح - ينبغي له أن؛ صح هـ. (¬4) ك م: فسجد. (¬5) ح: الذي. (¬6) ح ي: سجدتي. (¬7) ح ي: ذكر. (¬8) ح ي: أن يسجد. (¬9) ي: سجدة. (¬10) م: من صلت. (¬11) ي: لأنه. (¬12) م: من صلت. (¬13) ح ي: فإذا. (¬14) ح ي - معه. (¬15) ح ي: أرأيت رجلاً. (¬16) ح: الحالة. (¬17) ح ي: على هذه. (¬18) ح ي: وجب.

قلت: أرأيت (¬1) مريضاً سمع سجدة (¬2) التلاوة (¬3) وهو لا يستطيع أن يسجد أيومئ إيماء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان لا يستطيع أن يقعد أومأ (¬4) إيماء وهو مضطجع؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: ألا ترى أنه يصلي المكتوبة هكذا وهي (¬5) أوجب (¬6) من السجدة. قلت: أرأيت الرجل سمع السجدة وهو على غير وضوء، ولا يجد الماء، فيتيمم ويسجد، يجزيه (¬7)؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: ألا ترى أنه (¬8) لو صلى المكتوبة هكذا أجزأه. قلت: أرأيت رجلاً سمع السجدة (¬9) أو (¬10) تلاها ونسي (¬11) أن يسجد، ثم افتتح الصلاة فذكر تلك السجدة، أيقضيها وهو في الصلاة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن السجدة ليست من هذه الصلاة، فلا ينبغي له أن يُدخِل في (¬12) هذه الصلاة شيئاً (¬13) من غيرها. قلت: فإن سمع السجدة وهو في الصلاة أيسجد لها (¬14) وهو في الصلاة (¬15)؟ قال: لا. قلت: لم (¬16)؟ قال: لأنه (¬17) إنما (¬18) تلاها غيره، وليست من صلاته. قلت: فإن سجد لها (¬19) وهو في الصلاة؟ قال: قد أساء، وصلاته تامة. قلت: فهل يجزي (¬20) عنه؟ قال: لا يجزي (¬21) عنه، وعليه أن يقضيها بعدما يسلم (¬22). قلت: أرأيت رجلاً تلا السجدة أو سمعها من غيره فسجدها لغير ¬

_ (¬1) ح ي + رجلاً. (¬2) ح ي: السجدة. (¬3) ح ي - التلاوة. (¬4) ي: أو يومئ. (¬5) ح ي: وهو. (¬6) ح: أجب. (¬7) ح ي: فتيمم وسجد أيجزيه. (¬8) ح ي - أنه. (¬9) ح ي: سجدة. (¬10) ح - أو. (¬11) ح ي: فنسي. (¬12) ك م + شيء من. (¬13) ح ي: بشيء. (¬14) ي: أيسجدها. (¬15) ح - أيسجد لها وهو في الصلاة. (¬16) م - لم. (¬17) م: إنه؛ ح ي: لأنها. (¬18) ح ي - إنما. (¬19) ح ي: سجدها. (¬20) ح ي: يجزيه. (¬21) ح: يجزيه. (¬22) م ي: سلم.

القبلة متعمداً لذلك أو جاهلاً؟ قال: إن كان متعمداً (¬1) لذلك لم يجزه (¬2)، وإن كان جاهلاً أجزأه. قلت: أرأيت إن كان (¬3) سجدها للقبلة فضحك فيها حتى قهقه أو أحدث فيها؟ قال: إذا أحدث أو ضحك (¬4) فقد أفسدها، وعليه في الحدث أن يعيد الوضوء ويعيد السجدة، وأما في الضحك فعليه أن يعيد السجدة ولا يعيد الوضوء. قلت: لم لا يعيد الوضوء إذا قهقه في السجدة؟ قال: لأنها ليست بصلاة. ألا ترى أنه لا قراءة فيها ولا تشهد (¬5). قلت: أفيكبر (¬6) إذا سجد وإذا رفع رأسه؟ قال: نعم. قلت: فإن ترك ذلك؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت إماماً قرأ السجدة يوم الجمعة؟ قال: عليه أن يسجدها، ويسجد معه من خلفه (¬7). قلت: أرأيت إماماً قرأ السجدة في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة (¬8)؟ قال: ليس ينبغي للإمام (¬9) أن يقرأ بسورة (¬10) فيها سجدة في صلاة (¬11) لا يجهر فيها بالقرآن، فإن فعل ذلك (¬12) كان عليه أن يسجدها، ويسجد معه أصحابه. قلت: لم ولم يسمعها أصحابه؟ قال: لأنه إمامهم، وهو معهم (¬13) في الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً قرأ السجدة خلف الإمام وهو يسر بالقراءة (¬14) ¬

_ (¬1) ك م: تعمد. (¬2) ي: لم يجزيه. (¬3) ك م - كان. (¬4) ح ي: إذا ضحك أو أحدث فيها. (¬5) ح: يتشهد؛ ي + فيها. (¬6) ح ي: فيكبر. (¬7) م - قلت أرأيت إماماً قرأ السجدة يوم الجمعة قال عليه أن يسجدها ويسجد معه من خلفه. (¬8) ح ي: بالقرآن. (¬9) ح ي - للإمام. (¬10) ح ي: سورة. (¬11) ك م: من صلاة. (¬12) ح ي - ذلك. (¬13) ح ي: وهم معه. (¬14) ح ي: القراءة.

أيسجدها؟ قال: لا. قلت: لم وقد قرأها في الصلاة؟ قال: لأنه لا ينبغي له أن يخالف إمامه، ولا (¬1) يصنع شيئاً لم يجب على إمامه. قلت: فهل عليه أن يقضيها بعدما يفرغ؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قرأها (¬2) خلف الإمام. وهذا (¬3) قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يقضيها إذا فرغ من صلاته، لأنها ليست من الصلاة، فكأنه قد سمعها (¬4) من غيره. قلت: فإن سمع سجدة (¬5) من غيره وهو في الصلاة خلف الإمام؟ قاك: ليس عليه أن يسجدها حتى يفرغ الإمام (¬6) من صلاته، فإذا فرغ الإمام من صلاته سجدها. قلت: أرأيت رجلاً سمع الإمام يقرأ السجدة وليس الرجل معه في الصلاة، هل عليه أن يسجدها؟ قال: نعم. قلت: فإن دخل الرجل مع الإمام في الصلاة قبل أن يسجدها فسجدها معه أجزأه ولم يجب عليه أن يسجدها إذا فرغ؛ وإن دخل معه بعدما سجدها (¬7) فصلى مع الإمام (¬8) الصلاة كلها، هل عليه أن يسجدها بعدما يفرغ من صلاته، وقد كان الإمام سجدها قبل أن يدخل معه هذا الرجل (¬9) في صلاته؟ قال: لا. قلت: لم؟ أليس قد وجبت عليه قبل أن يدخل في الصلاة؟ قال: بلى، قد وجبت عليه (¬10) كما وجبت على الإمام، فإذا صلى تلك الصلاة وفرغ (¬11) منها فقد صلى ما كان على الإمام، فليس عليه قضاؤها. ألا ترى أنه لو دخل مع الإمام في تلك الصلاة وهو ينوي التطوع ثم أفسدها، ثم دخل معه أيضاً في تلك ¬

_ (¬1) ح ي: فلا. (¬2) ح + وهو. (¬3) ح ي: وهو. (¬4) ح ي: فكأنه يسمعها. (¬5) ح ي: السجدة. (¬6) ح ي - الإمام. (¬7) ح ي - فسجدها معه أجزأه ولم يجب عليه أن يسجدها إذا فرغ وإن دخل معه بعدما سجدها. (¬8) ح ي + قبل أن يسجدها. (¬9) ك. الداخل؛ ح ي: هذا الرجل معه. (¬10) ح ي - قبل أن يدخل في الصلاة قال بلى قد وجبت عليه. (¬11) ح: وقد فرغ.

الصلاة وهو ينوي (¬1) تطوعاً (¬2) آخر (¬3)، لم يكن عليه قضاء الأولى إذا فرغ من هذه الأخرى. قلت: أرأيت السجدة هل فيها تسليم؟ قال: لا. قلت: أرأيت امرأة حائضاً (¬4) قرأت السجدة فسمعها منها (¬5) رجل (¬6) هل عليه أن يسجدها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قرأها صبي أو رجل (¬7) كافر أو رجل جنب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً (¬8) سمع السجدة وهو يصلي والذي قرأها ليس في الصلاة؟ قال: على الرجل الذي يصلي إذا فرغ من صلاته أن يسجدها (¬9). وقال أبو يوسف ومحمد: إن قرأ الرجل الذي يصلي تلك السجدة (¬10) بعينها في الصلاة بعدما سمعها فإنه يسجدها، وتجزيه (¬11) من سماعه الأولى، وليس عليه أن يقضيها. وقال أبو يوسف ومحمد: لو كان الرجل الذي ¬

_ (¬1) ك م ح - التطوع ثم أفسدها ثم دخل معه أيضاً في تلك الصلاة وهو ينوي؛ صح ح هـ. وقال السرخسي: وفي الأصل بعد ذكر هذه المسألة قال ألا ترى لو أن رجلاً افتتح الصلاة مع الإمام وهو ينوي التطوع والإمام في الظهر ثم قطعها فعليه قضاؤها، فإن دخل معه فيها ينوي صلاة أخرى تطوعاً فصلاها معه لم يكن عليه قضاء شيء. وهذه المسألة مبتدأة، وهي على ثلاثة أوجه: إما أن ينوي قضاء الأولى أو لم يكن له نية أو نوى صلاة أخرى. ففي الوجهين الأولين عندنا سقط عنه ما لزمه بالإفساد ... فإن كان قد نوى تطوعاً آخر فقد قال هاهنا: ينوب عما لزمه بالإفساد، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رضي الله تعالى عنهما -، وفي زيادات الزيادات قال لا ينوب، وهو قول محمد - رضي الله تعالى عنه -. انظر: المبسوط، 2/ 11. (¬2) ي: تطوع. (¬3) ح: أخرى. (¬4) ح ي: حائض. (¬5) ح ي - منها. (¬6) ي + منها. (¬7) ح ي - رجل. (¬8) ي: رجل. (¬9) ح ي + وهذا قول أبي حنيفة. والأولى حذف ذلك، لأن هذا هو قول الإمام وصاحبيه جميعاً، وإذا زيدت الزيادة المذكورة يفهم منها أن قول الصاحبين مخالف لقول الإمام، وليس كذلك. وانظر: المبسوط، 2/ 10. (¬10) ح: الصلاة. (¬11) ح ي: ويجزيه.

يصلي هو الذي قرأها أول مرة ثم سمعها من ذلك الرجل أجزأه أن يسجدها في الصلاة منهما (¬1) جميعاً. قلت: لم؟ قال: لأن السنة جاءت أنه إذا سمع سجدة واحدة مراراً في مقعد واحد (¬2) أجزأه من ذلك سجدة واحدة. أبو سليمان (¬3) قال: حدثنا محمد عن جعفر بن عمر (¬4) بن يعلى بن مرة (¬5) الثقفي عن أبي عبدالرحمن السلمي أنه كان يعلمهم القرآن، فيقرؤون السجدة عليه مراراً، فلا يسجد (¬6) لها (¬7) إلا مرة واحدة (¬8). قلت: أرأيت رجلاً (¬9) افتتح الصلاة وسمع (¬10) السجدة من رجل ليس في الصلاة، وسمع تلك السجدة بعينها من رجل آخر، ثم قرأ هو (¬11) تلك السجدة؟ قال: يجزيه إذا سجد لها من الثلاث سجدات. قلت: فإن سمع من (¬12) رجل سجدة ثم سمع من آخر سجدة غير تلك السجدة ثم قرأ هو سجدة فسجد لها؟ قال: عليه إذا فرغ من صلاته أن (¬13) يسجد سجدتين لما ¬

_ (¬1) ح: منها. (¬2) ح ي + ومقام واحد. (¬3) ح ي: حدثنا أبو سليمان. (¬4) م: محمد بن جعفر عن عمر؛ ي: عن محمد بن الحسن قال حدثنا جعفر بن عمرو. وجعفر بن عمر أو ابن عمرو بن يعلى بن مرة ليس له ذكر في كتب الرجال. ويحتمل أن يكون الصواب ما في نسخة م. فإن عمر بن يعلى بن مرة هو عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة، نسب إلى جده، وهو معروف ومترجم. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 7/ 470. ومحمد بن جعفر من المحتمل أن يكون غُنْدَر. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 9/ 96. ويكون الأثر حينئذٍ من زيادة أبي سليمان الجوزجاني على الأصل وليست من رواية الإمام محمد، والله أعلم. (¬5) ح: ابن معلى عن مرة. (¬6) ح: يسجدون. (¬7) م: فلا يسجدها. (¬8) وروي كذلك من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبدالرحمن السلمي. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 1/ 366. (¬9) ح ي: الرجل. (¬10) ح ي: فسمع. (¬11) ك م - هو. (¬12) ك م - من. (¬13) ح: بأن.

كان (¬1) سمع. قلت: فإن سمع سجدة وهو يصلي ثم قرأها هو بنفسه فسجد لها، ثم قام فأحدث فذهب فتوضأ، ثم عاد إلى مكانه فبنى على صلاته، ثم قرأ ذلك الرجل تلك السجدة بعينها؟ قال: على الرجل الذي يصلي (¬2) إذا فرغ من صلاته أن يسجد هذه السجدة التي سمعها؛ لأنه حين أحدث فذهب فتوضأ (¬3) ثم عاد إلى مكانه فسمع السجدة فعليه أن يسجدها، لأن هذين مقامان (¬4). وقال أبو يوسف ومحمد: لو أن (¬5) رجلاً قرأ سجدة (¬6) فسجد ثم افتتح الصلاة مكانه (¬7) فقرأ تلك السورة التي فيها تلك السجدة كان عليه أن يسجدها أيضاً، ولو لم يكن سجد (¬8) في الأولى حتى دخل في الصلاة ثم قرأها فسجدها (¬9) أجزأته (¬10) من (¬11) هذه التي في الصلاة ومن (¬12) الأولى؛ لأن الأولى (¬13) قد وجبت عليه في ذلك المقام، فإذا قضاها فيه أجزأته (¬14) منهما (¬15) جميعاً. ألا ترى لو أن إماماً قرأ السجدة في الصلاة فسمعها منه رجل (¬16) ليس معه في الصلاة كان عليه أن يسجدها، فإن سجدها ثم دخل مع الإمام (¬17) في الصلاة فسجدها الإمام (¬18) كان عليه أن يسجدها (¬19) معه، ولو لم يكن سجدها (¬20) حتى دخل مع الإمام فسجد معه أجزأه. ¬

_ (¬1) ي - كان. (¬2) ك م - الذي يصلي. (¬3) ح ي: وتوضأ. (¬4) ح ي: هذا مقامين. (¬5) م: لو كان. (¬6) ح ي: السجدة. (¬7) ك م - مكانه. (¬8) م: يسجد. (¬9) ح ي: فسجد بها. (¬10) ح: أجزأه. (¬11) ك م - من. (¬12) ك م: من. (¬13) ح ي: الأول لأن الأول. (¬14) ح: أجزأه. (¬15) ح ي: منها. (¬16) ح ي: رجل منه. (¬17) ي: معه. (¬18) ي - فسجدها الإمام. (¬19) ك ح - فإن سجدها ثم دخل مع الإمام في الصلاة فسجدها الإمام كان عليه أن يسجدها. (¬20) ك: يسجدها.

قلت: أرأيت رجلاً قرأ السجدة فسجدها وأطال (¬1) القعود ثم قرأها (¬2) ثانية (¬3)؟ قال: تجزيه الأولى (¬4). قلت: فإن أكل أو نام مضطجعاً أو أخذ في بيع أو شراء (¬5) أو في (¬6) عمل آخر يعرف أنه قطع (¬7) لما كان فيه قبل ذلك حتى طال ذلك ثم عاد فقرأها؟ قال: عليه أن يسجدها، وإن نام قاعداً أو أكل لقمة أو شرب شربة أو عمل عملاً يسيراً ثم قرأها فإنه ليس عليه أن يسجدها بعد قراءته (¬8) الأولى، إنما أستحسن إذا طال العمل أن أوجبها عليه. وإذا قرأ الرجل السجدة وهو في الصلاة فسجدها ثم قرأها في الركعة الثانية (¬9) فليس عليه أن يسجدها، لأنها (¬10) قد وجبت (¬11) عليه في هذه الصلاة مرة، فلا تجب عليه فيها ثانية. وإن طالت صلاته فقرأها في أولها وآخرها (¬12) فإنما عليه أن يسجدها مرة واحدة. وإذا قرأ الإمام سجدة في ركعة فسجد لها وفرغ منها، ثم أحدث فقدم رجلاً دخل معه في الركعة الثانية، فقرأ الإمام الثاني (¬13) تلك السورة وتلك السجدة التي قرأها الإمام الأول فإن (¬14) عليه أن يسجدها، ويسجدها (¬15) معه القوم. وإنما وجبت هذه السجدة على هذا الإمام الثاني لأنه لم يسمع (¬16) تلك السجدة الأولى ولم تجب عليه، فلما قرأها هو وجبت (¬17) عليه وعلى أصحابه. وإذا قرأ الإمام السجدة وهو قاعد في الصلاة فسجدها (¬18) ثم سلم ¬

_ (¬1) ح ي: ثم أطال. (¬2) ح: ثم قرأ. (¬3) ح ي: الثانية. (¬4) ح ي: يجزيه الأول. (¬5) م - أو شراء. (¬6) ح ي - في. (¬7) ح ي: قطعا. (¬8) ح: المرة؛ ي: مرة. (¬9) ح ي + والثالثة. (¬10) ح ي: لأنه. (¬11) ح: قد وجب. (¬12) ح ي: أو آخرها. (¬13) ح ي - الثاني. (¬14) ك ح ي: قال. (¬15) ح ي: ويسجد. (¬16) ح: لا يسمع. (¬17): قرأ هذا وجيت؛ ي: قرأها وجب. (¬18) ح - فسجدها.

وتكلم، ثم قرأها ثانية، فعليه أن يسجدها، لأن الثانية قد وجبت عليه في غير الصلاة، والأولى (¬1) إنما وجبت عليه في الصلاة، فإذا سجدها وسلم ثم تكلم (¬2) ثم قرأها (¬3) فلا بد له (¬4) من أن يسجدها. فإن (¬5) كان لم يسجدها حتى سلم وتكلم، ثم قرأها فسجدها، فإنه يجزيه منهما (¬6) جميعاً (¬7). وإذا قرأ الرجل السجدة (¬8) فسجدها، ثم قام فقرأها قبل أن يتحول، أو اضطجع (¬9) فقرأها، لم يكن عليه أن يسجدها ثانية. وإن تحول أو مشى ثم قرأها عليه (¬10) أن يسجدها إذا تحول من (¬11) ذلك المكان الذي وجبت عليه فيه. وإذا قرأ الرجل سجدة فسجدها (¬12) ثم قرأ سورة طويلة أو قصيرة ثم عاد (¬13) فقرأ تلك السجدة لم يكن عليه أن يسجدها (¬14)، لأن قراءة القرآن من السجود. ولو قرأها (¬15) وهو راكب ثم نزل فقرأها، فإن كان لم ينزل حتى سار فهذا عمل، وعليه سجدتان، وإن (¬16) كان واقفاً حين قرأها ثم نزل مكانه فقرأها فإني أستحسن أن يكون عليه سجدة واحدة. وكذلك لو قرأها وهو قاعد ثم قام فركب ثم قرأها بعدما ركب، فإن كان سار من ذلك المكان ¬

_ (¬1) ي: والأول. (¬2) ح ي: ثم سلم وتكلم. (¬3) ح: وقرأها. (¬4) ح ي - له. (¬5) ح ي: وإن. (¬6) ح - منهما. (¬7) يقول السرخسي: قال في الأصل: وإن لم يسجدها في الصلاة حتى سجدها الآن أجزأه عنهما. وهو سهو وإن كان مراده أعادها بعد الكلام، لأن الصلاتية قد سقطت عنه بالكلام، إلا أن يكون مراده أعادها بعد السلام قبل الكلام، فحينئذٍ يستقيم، لأنه لم يخرج عن حرمة الصلاة، وإنما كررها في الصلاة وسجد. انظر: المبسوط، 2/ 13. (¬8) ح ي: سجدة. (¬9) ح ي: أو يضطجع. (¬10) ح ي: فعليه. (¬11) ي - من. (¬12) ح ي: ثم سجدها. (¬13) ك م: ثم أعاد. (¬14) ح - لم يكن عليه أن يسجدها؛ صح هـ. (¬15) ح ي: أو قرأها. (¬16) م ح ي: فإن.

فعليه سجدتان، وإن (¬1) لم يكن سار من ذلك المكان لم تجب (¬2) عليه إلا سجدة واحدة. فإن سجدها على الدابة (¬3) إيماء فإن ذلك لا يجزيه، لأن السجدة (¬4) وجبت عليه وهو نازل. ولو قرأها ثم نزل (¬5) ثم ركب تلك الدابة ثم قرأها أيضاً (¬6) فإنما عليه أن يسجد سجدة (¬7) ما لم يكن سار أو عمل عملاً يطول ذلك (¬8). وقال أبو حنيفة: إذا قرأ الرجل السجدة (¬9) وهو في الصلاة خلف الإمام فليس عليه أن يسجدها في الصلاة، لأنه إن سجدها كان مخالفاً للامام، وليس (¬10) عديه أن يقضيها بعد فراغ الإمام، لأنه قرأها وهو في الصلاة. وكذلك لو سمعها منه الإمام والقوم فلا شيء عليهم. ولا يشبه هذا الذي يقرأ (¬11) السجدة وهو في غير الصلاة (¬12) فسمعها القوم، فعلى من سمعها أن يسجد لها (¬13) بعد الفراغ. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: يسجدها من سمعها (¬14) إذا فرغوا من الصلاة، ويسجدها الذي قرأها. قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة تطوعاً وهو راكب فقرأ سجدة، ثم سار ساعة ثم ركع (¬15) وسجد للصلاة (¬16)، ثم قرأها في الركعة الثانية بعد مسيرة ساعة؟ قال: ليس عليه أن يسجدها إلا مرة واحدة لهما جميعاً، لأنها صلاة واحدة (¬17)، لا يسجد (¬18) فيها سجدة واحدة مرتين، وهذا بمنزلة سجدتي (¬19) السهو. ألا ترى لو أن رجلاً سها في صلاة (¬20) مراراً لم يكن ¬

_ (¬1) ح ي: فإن. (¬2) ح ي: لم يكن. (¬3) ي + فأومأها. (¬4) ي: سجدة. (¬5) ح: فنزل. (¬6) ح - أيضاً. (¬7) ح ي + واحدة. (¬8) ح ي: فيه. (¬9) ك م - السجدة. (¬10) ي: فليس. (¬11) ح: فقرأ. (¬12) ح ي: صلاة. (¬13) ح ي: أن يسجدها. (¬14) ي: من يسمعها. (¬15) ح: ثم رجع؛ ي: ورجع. (¬16) ح ي: في الصلاة. (¬17) ح ي - واحدة. (¬18) ح: لا تجب. (¬19) ح: سجدة. (¬20) ح ي: في صلاته.

باب المستحاضة

عليه إلا سجدتان. قلت: أرأيت إن كان هذا الراكب الذي يصلي سمع السجدة من رجل في الركعة الأولى، ثم سار ساعة ثم (¬1) سمعها من ذلك الرجل في الركعة الثانية؟ قال: عليه إذا فرغ من صلاته أن يسجد لهما سجدة واحدة (¬2). قلت: لم وقد سمعها من موطنين (¬3) بينهما مسير (¬4) وعمل؟ قال: لأن (¬5) هذا (¬6) المسير (¬7) والعمل لا يفرق بين الركعتين، لأنها (¬8) صلاة واحدة (¬9). ... باب المستحاضة قلت: أرأيت امرأة حاضت حين زالت الشمس، هل (¬10) عليها قضاء تلك الصلاة إذا طهرت من حيضها (¬11)؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الصلاة لم تجب (¬12) عليها. ألا ترى أنها (¬13) لو لم تحض وسافرت (¬14) في تلك الساعة كان عليها أن تصلي ركعتين، ولو كانت الصلاة (¬15) وجبت عليها لم تجزها (¬16) إلا أربع ركعات. ألا ترى أنها لو (¬17) كانت مسافرة فزالت الشمس وهي مسافرة ثم قدمت فأقامت أن عليها (¬18) أربع ركعات، ولو كانت الصلاة قد وجبت عليها قبل أن تقيم كان عليها أن تصلي ركعتين. ¬

_ (¬1) ك م - ثم. (¬2) ي: سجدتين. (¬3) م: من موطيين. (¬4) ح ي: قلت لم قال لأنه سمعها في موطنين فبينهما مسيرة. (¬5) ح ي - قال لأن. (¬6) ح: وهذه؛ ي: وهذا. (¬7) ح: المسيرة. (¬8) ح ي: لأنهما. (¬9) ي + والله أعلم. (¬10) ح + إن. (¬11) ح: من حيضتها. (¬12) ك م: لا تجب. (¬13) ح ي - أنها. (¬14) ح ي: وقد سافرت. (¬15) ح ي + قد. (¬16) ي: لم يجزيها. (¬17) ك: ألا ترى لو أنها. (¬18) ح: فأقامت صلت.

قلت: أرأيت إن حاضت بعد ذهاب وقت الظهر ولم تكن صلت؟ قال: عليها إذا طهرت أن تقضيها، لأن الصلاة قد وجبت عليها قبل أن تحيض، وإنما وجبت الصلاة (¬1) عليها (¬2) لأن الوقت ذهب وهي طاهرة. قلت: أرأيت امرأة افتتحت الظهر (¬3) في أول وقتها فصلت (¬4) ركعة ثم حاضت، هل يجب عليها أن تقضي هذه الصلاة إذا طهرت؟ قال: لا. قلت: لم وقد دخلت فيها وصارت الصلاة (¬5) واجبة عليها (¬6)؟ قال: الدخول في هذا وغيره سواء، لا تجب عليها الصلاة حتى يذهب (¬7) الوقت وهي طاهرة ولم تصل (¬8)، فإذا كان هكذا وجب (¬9) عليها أن تقضيها إذا طهرت. قلت: أرأيت امرأة طهرت حين زالت الشمس هل عليها أن تصلي الظهر؟ قال: نعم، عليها أن تغتسل وتصلي الظهر. قلت: أرأيت امرأة (¬10) إن طهرت (¬11) في آخر وقت الظهر وعليها من الوقت ما (¬12) لو (¬13) اغتسلت لفرغت (¬14) من غسلها قبل خروج الوقت، فأخرت الغسل حتى ذهب الوقت؟ قال: عليها أن تغتسل وتصلي الظهر. قلت: فإن طهرت في آخر وقت الظهر وعليها من الوقت ما (¬15) لا تستطيع (¬16) أن تغتسل فيه حتى يذهب (¬17) الوقت؟ قال: ليس عليها قضاء (¬18) الظهر (¬19)، وعليها أن تغتسل وتصلي العصر. قلت: من أين اختلفا؟ قال: إذا طهرت وهي تستطيع أن تغتسل قبل ذهاب الوقت فأخرت ذلك فعليها القضاء، لأنها قد طهرت قبل ¬

_ (¬1) ك م: الظهر. (¬2) ي - عليها؛ صح هـ. (¬3) ح ي: الصلاة. (¬4) م + ثم. (¬5) ح ي - الصلاة. (¬6) ك م - عليها. (¬7) ح: ذهب. (¬8) م: يصلي؛ ح ي: تصلي. (¬9) م: وجبت. (¬10) ح ي - امرأة. (¬11) ح: إن تطهرت. (¬12) م - ما؛ ح ي + أن. (¬13) ح ي + قد. (¬14) ح ي: فرغت. (¬15) ك م - ما. (¬16) ح ي: لم تستطع. (¬17) ح ي: حتى ذهب. (¬18) ح ي: أيضاً. (¬19) ك: للظهر.

ذهاب الوقت، وإنما جاء الترك (¬1) من قبلها، وإذا (¬2) كانت لا تستطيع أن تغتسل حتى يذهب (¬3) الوقت لقلة ما بقي من الوقت فهي غير طاهرة، لأنها لم تطهر حتى ذهب الوقت، لأن الطهر (¬4) ها هنا هو الغسل. ألا ترى أن زوجها (¬5) لو طلقها كان يملك رجعتها ما لم تغتسل أو يذهب (¬6) وقت تلك الصلاة. أَوَلَا ترى لو أن امرأة حاضت وطهرت (¬7) فلم تغتسل لم يكن لزوجها أن يجامعها حتى تغتسل أو يذهب وقت تلك الصلاة التي طهرت فيها، فإذا ذهب وقت تلك الصلاة (¬8) أو اغتسلت (¬9) كان لزوجها أن يجامعها. قلت: أرأيت امرأة حاضت يوماً أو يومين ثم انقطع عنها الدم (¬10)؟ قال: ليس هذا بحيض، ولا يكون الحيض أقل من ثلاثة أيام. قلت: فإن كانت (¬11) تركت الصلاة في ذلك اليوم أو اليومين؟ قال: عليها أن تقضي ما تركت. قلت: فهل عليها غسل في انقطاع (¬12) الدم عنها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا ليس بحيض. ألا ترى أنها لو (¬13) رأت الدم (¬14) ساعة ثم انقطع عنها الدم (¬15) لم يكن هذا بحيض (¬16) ولم يكن عليها غسل، فكذلك (¬17) الأول. قلت: أرأيت امرأة كان حيضها خمسة أيام في كل شهر ثم زاد يوماً أتصلي ذلك اليوم؟ قال: لا (¬18)، وهي فيه حائض (¬19). قلت: وكذلك لو ¬

_ (¬1) م: النزول: ي: ترك. (¬2) ح ي: وإن. (¬3) ح ي: حتى ذهب. (¬4) ح ي: الوقت. (¬5) ح ي + ذلك. (¬6) م: ويذهب. (¬7) ح ي: فطهرت. (¬8) ح ي: التي طهرت فيها فإذا ذهب وقت تلك الصلاة. (¬9) ح: ولو اغتسلت؛ ي: لو اغتسلت. (¬10) ح ي: الدم عنها. (¬11) ح ي - كانت. (¬12) ح ي: لانقطاع. (¬13) ي: لو أنها. (¬14) ح ي: دماً. (¬15) ح ي - الدم. (¬16) ح: حيضاً؛ ي: حيض. (¬17) ح: وكذلك. (¬18) ح - قال لا. (¬19) ح + قال لا.

زادت (¬1) خمسة أيام؟ قال: نعم. قلت: فإن زادت على العشرة الأيام يوماً أو يومين؟ قال: هذه مستحاضة فيما زادت (¬2) على عشرة أيام، فتكون مستحاضة (¬3) فيما (¬4) زاد (¬5) على أيام أقرائها (¬6). قلت: فهل عليها قضاء ما زادت (¬7) على أيام أقرائها (¬8)؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن الحيض لا يكون أكثر من عشرة أيام، فإن (¬9) زادت على عشرة أيام عرفنا (¬10) أنها مستحاضة فيما زادت على أيام أقرائها (¬11). قلت (¬12): فإن (¬13) لم تزد (¬14) على عشرة أيام؟ قال (¬15): هي (¬16) حائض، وليس عليها أن تقضي شيئاً من الصلاة. بلغنا (¬17) عن أنس بن مالك أنه قال: الحيض ثلاثة أيام وأربعة أيام إلى عشرة أيام (¬18). قلت: أرأيت امرأة كان حيضها خمسة أيام في أول كل شهر (¬19)، فتقدم حيضها قبل ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة أيام (¬20) أو أربعة أو خمسة؟ قال: هي حائض. ألا ترى أنها إذا زادت على حيضها خمسة أيام كانت فيها حائضاً (¬21)، فكذلك إذا تقدمت حيضتها (¬22) خمسة أيام كانت ¬

_ (¬1) ح ي: لو رأت. (¬2) ك: يزاد؛ م: زاد. (¬3) م ح ي - فتكون مستحاضة. (¬4) م: أو فيما؛ ح ي: وفيما. (¬5) ح ي: زادت. (¬6) م: أقرانها. (¬7) ح ي: قضاؤها إذا زادت. (¬8) م: أقرانها. (¬9) ح ي: فإذا. (¬10) ح ي: علمنا. (¬11) م: اْقرانها. (¬12) ك م - قلت. (¬13) ك م: وإن. (¬14) م: لم يزد. (¬15) ك م - قال. (¬16) ك م: فهي. (¬17) ح ي: وبلغنا؛ ح ي + عن ابن عباس. (¬18) روي عن أنس - رضي الله عنه - وعن غيره مرفوعاً وموقوفًا. انظر: سنن الدارمي، الطهارة، 89؛ وسنن الدارقطني، 9/ 201 - 210؛ والكامل لابن عدي، 2/ 302؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 1/ 322؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 192؛ وإعلاء السنن لظفر العثماني، 1/ 247. (¬19) ح ي: في أول الشهر. (¬20) ح ي - أيام. (¬21) ح ي: فيه حائض. (¬22) م: حيضها؛ ح ي: إذا تقدم من حيضها.

فيها (¬1) حائضاً (¬2). قلت: أرأيت امرأة حاضت أول ما حاضت فاستمر بها الدم، كم تدع الصلاة؟ قال: عشرة أيام. قلت: فإذا مضى (¬3) عشرة أيام كيف تصنع؟ قال: تغتسل وتحتشي وتتوضأ لوقت كل (¬4) صلاة بعد ذلك (¬5)، ولا تقعد أقل من عشرة أيام ولا أكثر من ذلك. قلت: أرأيت إن كان وقت نسائها خمسة أيام؟ قال: لا تنظر إلى ذلك، لأن هذا ليس بشيء. قلت: أرأيت إن كانت حاضت قبل ذلك سنين فكانت تحيض خمسة أيام مرة، وسبعة أيام (¬6) مرة أخرى، فكان (¬7) حيضها يختلف، ثم استحيضت (¬8) كم تدع الصلاة؟ قال (¬9): أقل ما كانت (¬10) تقعد (¬11) خمسة أيام، وتغتسل (¬12) وتصلي. قلت: فإن (¬13) كان زوجها قد طلقها فحاضت الحيضة الثالثة ومضت خمسة أيام؟ قال (¬14): لا يملك زوجها رجعتها. قلت: فهل لها أن (¬15) تتزوج ساعتئذ؟ قال: ليس لها أن تتزوج حتى تمضي سبعة أيام، فإن تزوجت لم يجز النكاح، آخذ (¬16) في الصلاة بالثقة، فتصلي وهي حائض أحب إلي من أن تدع الصلاة وهي طاهرة، وآخذ (¬17) في التزويج أيضاً بالثقة، فلا تتزوج حتى يمضي أكثر أيامها. قلت: أرأيت المستحاضة أتتوضأ لكل صلاة وتحتشي؟ قال: نعم. قلت: وتصلي المكتوبة؟ قال: نعم (¬18). قلت (¬19): وما (¬20) شاءت من التطوع ¬

_ (¬1) ح: فيه. (¬2) ح ي: حائض. (¬3) ح: انقضت؛ ي: انقضا. (¬4) ح ي: وتتوضأ لكل. (¬5) ح ي - بعد ذلك. (¬6) ي - أيام. (¬7) ح ي: وكان. (¬8) ك م: ثم استحاضت. (¬9) ح هـ + تدع الصلاة. (¬10) ح ي: ما كان. (¬11) م: تفقد؛ ح ي - تقعد. (¬12) ح ي: ثم تغتسل. (¬13) ك: إن. (¬14) ح - قال؛ صح هـ. (¬15) ح ي - لها أن. (¬16) ح ي + لها. (¬17) ح ي: فآخذ. (¬18) ي - قال نعم. (¬19) ح ي - قلت. (¬20) م: ما.

ما دامت في (¬1) وقت تلك الصلاة؟ قال: نعم. قلت: فإن ذهب (¬2) وقت تلك الصلاة انتقض وضوءها وكان عليها أن تستقبل الوضوء لصلاة أخرى؟ قال: نعم. قلت: فإن كان عليها صلوات قد نسيتها أو جعلت لله على نفسها أن تصلي أربع ركعات، أتصليها بوضوء واحد ما لم يذهب الوقت؟ قال: نعم، تصلي ما شاءت من فريضة أو تطوع ما دامت في وقت تلك الصلاة، فإذا ذهب الوقت فإن عليها أن تعيد الوضوء لصلاة أخرى. قلت: أرأيت إن كان (¬3) بها جرح أو قرحة فسال منها دم (¬4) أو قيح (¬5)؟ قال: هذا ينقض وضوءها. قلت: فإن سال الدم من حيضها أو من الجرح بعدما توضأت؟ قال: الدم الذي سال من جرحها ينقض (¬6) وضوءها، وأما ما سال من حيضها فإنه لا ينقض (¬7) وضوءها. قلت: وكذلك الرجل الذي به جرح سائل لا ينقطع؟ قال: نعم. قلت: وكذلك المبطون (¬8) الذي لا ينقطع استطلاق بطنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت امرأة حاضت في أيام حيضها خمسة أيام، ثم طهرت يوماً أو يومين، ثم رأت الدم يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام (¬9)؟ قال: هي حائض، وعليها أن تدع الصلاة، فإذا انقطع عنها الدم اغتسلت. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو رأت الطهر ساعة ثم عاودها الدم ألم تكن حائضاً؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: فإن رأت الدم يوماً أو يومين، ثم انقطع الدم (¬10) عنها يومين (¬11)، ثم رأت الدم يومين، ثم انقطع عنها (¬12)، ثم رأت الدم (¬13) ثلاثة أيام، ¬

_ (¬1) ح - في. (¬2) م: فإن ذهبت. (¬3) ي: إن كانت. (¬4) ح ي: الدم. (¬5) ح: أو القيح. (¬6) ح ي: نقض. (¬7) ي: فإنها لا تنقض. (¬8) المبطون هو الذي يشتكي بطنه. انظر: المغرب، "بطن". (¬9) ح - أيام. (¬10) ح ي - الدم. (¬11) ح: يومان. (¬12) ح ي - عنها. (¬13) ح + يوماً أو يومين ثم انقطع عنها يومان ثم رأت الدم يومين ثم انقطع ثم رأت الدم.

وهذا كله في عشرة أيام (¬1)؟ قال: هذا حيض كله، وعليها أن تدع الصلاة. قلت: فإن رأت الدم ثلاثة أيام، ثم انقطع عنها (¬2) أربعة أيام، ثم عاودها الدم (¬3) ثلاثة أيام؟ قال: هذا حيض. قلت: فإن رأت الدم (¬4) سبعة أيام (¬5)، ثم انقطع عنها يومين (¬6)، ثم رأت الدم في اليوم العاشر بعض النهار، ثم انقطع الدم عنها (¬7)؟ قال: هذا كله حيض، وعليها أن تدع الصلاة، فإذا طهرت اغتسلت ولم يكن عليها القضاء في شيء من ذلك. قلت: أرأيت (¬8) امرأة كان حيضها خمسة أيام فحاضت ستة أيام، ثم حاضت حيضة أخرى سبعة أيام، ثم حاضت حيضة أخرى ستة أيام، كم حيضها؟ قال: ستة أيام. قلت: فإن كان حيضها خمسة أيام فحاضت ستة أيام (¬9)، ثم حاضت ثمانية أيام، ثم حاضت حيضة أخرى سبعة (¬10) أيام، كم حيضها؟ قال (¬11): سبعة (¬12) أيام. قلت: فإن حاضت ستة أيام ثم حاضت حيضة أخرى عشرة أيام (¬13)، ثم حاضت (¬14) حيضة أخرى ثمانية أيام؟ قال: حيضها ثمانية أيام، كلما (¬15) عاودها الدم مرتين في يوم واحد (¬16) فحيضها ذلك. قلت: أرأيت امرأة (¬17) ترى في أيام حيضها الصفرة أو الكدرة (¬18)؟ ¬

_ (¬1) ح ي - أيام. (¬2) ح ي - عنها. (¬3) ح ي - الدم. (¬4) ح ي - الدم. (¬5) ح - سبعة أيام. (¬6) ح: يومان. (¬7) ح ي - الدم عنها. (¬8) ك - أرأيت. (¬9) ح - فحاضت ستة أيام؛ صح هـ. (¬10) ح ي: تسعة. (¬11) ح ي + حيضها. (¬12) ح ي: تسعة (¬13) م - ثم حاضت حيضة أخرى عشرة أيام. (¬14) ح: ثم حاضة. (¬15) ح ي: وكلما. (¬16) أي: رأت الدم مرتين بنفس المدة، يعني: أن العادة تنتقل بالمرتين. انظر: المبسوط، 2/ 18. (¬17) ح ي: المرأة. (¬18) ح ي: والكدرة.

قال: هذا حيض كله، وهو (¬1) بمنزلة الدم. قلت: فإن رأت الدم ثم رأت الطهر (¬2) في نفاسها فرأت حمرة أو صفرة (¬3) أو كدرة، هل يكون هذا طهراً. (¬4)؟ قال: لا يكون هذا طهراً (¬5) حتى ترى البياض خالصاً. قلت: أرأيت امرأة كان حيضها خمسًا فحاضت (¬6) خمسة أيام في أيام أقرائها (¬7)، ثم طهرت واغتسلت (¬8)، ثم صامت ثلاثة أيام وصلت، ثم عاودها الدم (¬9) يومين في العشر، هل يجزيها ما صامت وصلت؟ قال: لا، وعليها أن تعيد الصوم. قلت: فإن حاضت خمسة أيام ثم طهرت، فصامت أربعة أيام، ثم عاودها الدم (¬10) في اليوم العاشر يوماً تاماً؟ قال: عليها أن تعيد الصوم، ولا يجزيها. قلت: فإن حاضت خمسة أيام ثم طهرت، فصامت يومين أو ثلاثة (¬11)، ثم عاودها الدم فاستمر بها شهراً؟ قال: هذه مستحاضة، ويجزيها (¬12) صومها وصلاتها. قلت: فإن حاضت خمسة أيام ثم طهرت، ثم صامت وصلت عشرة أيام، ثم عاودها الدم؟ قال: هي مستحاضة، ويجزيها ما صامت وصلت في العشر وبعد ذلك. قلت: وكل شيء جعلتها فيه حائضاً فليس عليها فيه صلاة، ولا ينبغي لزوجها أن يقربها حتى تطهر وتغتسل، وإن كانت رأت الطهر بين تلك الأيام فصامت فيها لم يجزها (¬13) صومها؟ قال: نعم. قلت: وكل شيء جعلتها فيه مستحاضة فإنها (¬14) تصوم فيه وتصلي ويأتيها زوجها؟ قال: نعم. قلت: فإن تركت فيه (¬15) الصلاة والصوم كان عليها أن تقضي (¬16)؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ح ي: وهذا. (¬2) ح - ثم رأت الطهر. (¬3) ح ي: صفرة أو حمرهـ (¬4) ح: طاهراً. (¬5) ح: طاهراً. (¬6) ك م - خمساً فحاضت. (¬7) م: أقرانها. (¬8) ك ح ي: فاغتسلت. (¬9) ح ي + في. (¬10) ح ي - الدم. (¬11) ي: أو ثلاثاً. (¬12) ح: ويجز. (¬13) م: فلم يجزها. (¬14) ح: فإنه؛ صح هـ. (¬15) ك م: فيها؛ ح ي - فيها. والتصحيح من ج. (¬16) ح ي: أن تقضيهما.

قلت: ولا يكون الحيض أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من عشرة أيام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت امرأة كان حيضها ستة أيام فحاضت (¬1) خمسة أيام، فرأت الطهر فاغتسلت في اليوم الخامس، هل ترى لزوجها أن يقربها قبل تمام الست؟ قال: أحب ذلك إلي (¬2) أن يكف عنها حتى تمضي أيامها التي كانت تحيض فيها (¬3)، فإن فعل لم يضره. قلت: فهل (¬4) على المرأة أن تدع الصلاة والصوم في ذلك اليوم السادس (¬5)؟ قال: لا تدع الصلاة والصوم، ولكنها تصوم وتصلي (¬6)، فإن كانت طاهرة (¬7) أجزأها، وإن عاودها الدم فعليها أن تعيد الصوم، وينبغي لها أن تأخذ بالثقة، فتصوم وتصلي. قلت: أرأيت امرأة نفساء ولدت أول ما ولدت فاستمر بها الدم أشهرًا (¬8)، كم تدع الصلاة؟ قال: أربعين يوماً، فإذا مضى (¬9) أربعون (¬10) يوماً (¬11) اغتسلت، وهي بمنزلة المستحاضة فيما بعد ذلك، تصوم وتصلي وتقرأ القرآن، ويأتيها زوجها. قلت (¬12): فهل (¬13) تنظر إلى وقت نسائها؟ قال: لا. قلت: فإن طهرت في ثلاثين يوماً؟ قال: تغتسل، وتصلي وتصوم (¬14)، وتكون طاهرة (¬15). قلت: فإن اغتسلت وصلت وصامت (¬16) خمسة أيام ثم عاودها الدم خمسة أيام في الأربعين؟ قال: لا يجزيها صومها وصلاتها، وعليها أن تقضي الصوم. قلت: أرأيت إن (¬17) كان وقتها ثلاثين (¬18) يوماً، ثم طهرت في عشرين يوماً، فمكثت خمسة أيام ¬

_ (¬1) ح ي + حيضة. (¬2) ح ي: أحب إلي ذلك. (¬3) ح ي: فيه. (¬4) ح: هل. (¬5) ح ي - اليوم السادس. (¬6) ح ي + قلت. (¬7) ي: طاهراً. (¬8) ي: أشهر. (¬9) ك ح ي: مضت. (¬10) ح ي: الأربعين. (¬11) ح ي - يوماً. (¬12) ح - قلت. (¬13) ك م - فهل. (¬14) ح ي - وتصوم. (¬15) ي: طاهراً. (¬16) ح ي: وصامت وصلت. (¬17) ح ي: قلت فإن. (¬18) ي: ثلثين.

طاهرة (¬1)، وصلت وصامت فيها (¬2)، ثم عاودها الدم حتى استكملت أربعين (¬3)؟ قال: هي (¬4) بمنزلة الحائض، وعليها أن تقضي الصوم. قلت: فإن طهرت في عشرين يوماً فصامت وصلت عشرة أيام، ثم عاودها الدم فاستمر بها شهرين؟ قال: هذه مستحاضة (¬5) فيما زاد على ثلاثين (¬6) يوماً. قلت: فهل تقضي الصلاة والصوم (¬7) فيما تركت من الأيام بعد (¬8) الثلاثين (¬9)؟ قال: نعم. قلت: فهل يجزيها صومها العشرة من الأيام (¬10) التي صامت قبل الثلاثين (¬11)؟ قال: لا (¬12). قلت: أرأيت النفساء ترى الصفرة أو الكدرة أو الحمرة (¬13)؟ قال: هذا كله بمنزلة الدم. قلت: أرأيت امرأة (¬14) حاملًا حاضت كل شهر وهي حامل؟ قال: ليس ذلك بحيض ولا نفاس. قلت: أرأيت امرأة ولدت ولدًا وفي بطنها آخر، هل تصوم وتصلي حتى تضع الآخر؟ قال: لا، إنما النفاس (¬15) من الولد (¬16) الأول حتى تتم (¬17) الأربعين (¬18). قلت: فإن صامت وصلت بعدما ولدت الأول قبل أن تلد الآخر؟ قال: لا يجزيها لأنها نفساء، في قول أبي يوسف وأبي ¬

_ (¬1) ي: طاهراً. (¬2) ح ي: وصامت فيها وصلت. (¬3) ح ي + يوماً. (¬4) ح: هذا. (¬5) ي: استحاضة (¬6) ح ي: على الثلاثين. (¬7) ح ي: الصوم والصلاة. (¬8) ح ي - بعد. (¬9) ح ي: الثلثين؛ ح ي + يوماً. (¬10) ح ي: العشرة أيام. (¬11) ي: الثلثين. (¬12) وتعقب السرخسي هذا بأنه مستقيم على مذهب أبي يوسف، وعلى مذهب محمد ففيه نظر. انظر: المبسوط، 2/ 19 - 20. (¬13) ح ي: الحمرة والصفرة والكدرة. (¬14) ح ي - امرأة. (¬15) م: إنما القياس. (¬16) ح: من ولد. (¬17) ك: حتى يتم. (¬18) ح ي: أربعين؛ ح ي + يوماً.

حنيفة (¬1). وقال محمد: النفاس من الولد الآخر (¬2)، ولا تكون نفساء (¬3) وفي بطنها ولد، كما لا تكون حائضاً وهي حامل. وهو قول زفر. قلت: أرأيت السَّقْط (¬4) إذا استبان خَلْقُه هل يكون بمنزلة الولد، وتكون المرأة فيه بمنزلة النفساء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة كم أقل ما يكون (¬5) بين حيضها؟ قال: أكثر ما يكون الحيض عشرة أيام، وأقل ما يكون ثلاثة أيام، والطهر أقل ما يكون خمسة عشر يوماً، فإذا رأت الدم في أقل من ذلك فهي مستحاضة. قلت: أرأيت إن كانت تحيض في (¬6) كل شهر حيضتين؟ قال: هذه مستحاضة. قلت: أرأيت إن حاضت خمسة أيام، ثم طهرت خمسة عشر يوماً، ثم حاضت خمسة أيام، هل يكون هذا حيضاً (¬7) وتدع فيه الصلاة والصوم؟ قال: نعم. قلت: فقد حاضت الآن (¬8) في الشهر حيضتين، وقد زعمت أنه لا يكون الطهر أقل من خمسة عشر يوماً (¬9)؟ قال: إذا احتُسِب (¬10) بأيام (¬11) طهرها وأيام حيضها كان أربعين يوماً. قلت: أرأيت إن قعدت بين كل حيضتين ثلاثة عشر يوماً أو أربعة عشر يوماً؟ قال: هذه (¬12) مستحاضة، لأنه (¬13) لا يكون بين حيضتين (¬14) أقل من خمسة عشر يوماً. قلت: أرأيت امرأة أسقطت سَقْطًا (¬15) لم يستبن شيء (¬16) من خلقه، ¬

_ (¬1) ح ي: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. (¬2) ح: الأخير. (¬3) ح: ولا يكون النفاس؛ ي: فلا يكون النفاس. (¬4) السقط بالحركات الثلاث: (سَقْط، سِقْط، سُقْط)، الولد يسقط من بطن أمه ميتًا وهو مستبين الخلق، وإلا فليس بسقْط. انظر: المغرب، "سقط". (¬5) ك: ما تكون. (¬6) ي - في. (¬7) ي: حيض. (¬8) ي: لأن. (¬9) ح - يوماً. (¬10) م: إذا احتسبت؛ ح: إذا حسبت. (¬11) ح ي: أيام. (¬12) ي: هذا. (¬13) ك م ح ي: لأنها. والتصحيح من ج. (¬14) ح ي: الحيضتين. (¬15) ويجوز كسر السين وضمها كما تقدم. (¬16) ح ي - شيء.

أتعدّها نفساء؟ قال: لا. قلت: فكم تدع الصلاة؟ قال: أيام حيضها حتى تستكمل ما بينها وبين العشرة الأيام (¬1). قلت: فإن استمر بها الدم أكثر من ذلك؟ قال: هي مستحاضة فيما زاد (¬2) على أيام أقرائها (¬3)، وعليها أن تقضي ما تركت من الصلاة. قلت: فإن (¬4) كانت صامت فيما زاد (¬5) على أيام أقرائها (¬6) في العشرة (¬7)؟ قال: يجزيها. قلت: وكذلك الصلاة؟ قال: نعم. وإذا توضأت المستحاضة في وقت العصر والدم منقطع، فغربت الشمس وهي طاهرة (¬8)، ثم رأت الدم، فإنها تتوضأ، والدم ينقض طهرها في وقت المغرب (¬9)، فإن سأل الدم في صلاة المغرب (¬10) انصرفت فتوضأت ثم بنت (¬11) على صلاتها. قلت (¬12): أرأيت لو لم تر (¬13) الدم حتى الغد وهي على وضوئها، ثم رأت الدم من الغد حين (¬14) زالت الشمس، أتصلي (¬15) بذلك الوضوء وقت الظهر (¬16) كله؟ قال: لا (¬17)، وقد (¬18) نقض الدم طهرها، وعليها الوضوء. ولو كانت لبست الخفين قبل المغرب، ثم لم تر (¬19) الدم حتى صلت ركعتين من المغرب، ثم رأت الدم كان عليها أن ¬

_ (¬1) م: العشرة أيام. (¬2) ح ي: زادت. (¬3) م: أقرانها. (¬4) ح ي: وإن. (¬5) ح: زادت. (¬6) ك - وعليها أن تقضي ما تركت من الصلاة قلت فإن كانت صامت فيما زاد على أيام أقرائها؛ م: أقرانها. (¬7) ح ي+ أيام. (¬8) ي: طاهر. (¬9) ح ي+ كما كان ينقض الوضوء في وقت العصر ولو رأت الدم وهي في المغرب. (¬10) م ح ي - فإن سال الدم في صلاة المغرب. (¬11) ح: ثم تمت. (¬12) ح - قلت. (¬13) ح: لم ترا؛ ي: لم ترى. (¬14) ح ي: حتى. (¬15) م: أيصلي. (¬16) ك: الطهر. (¬17) ح ي - لا. (¬18) ح ي: قد. (¬19) ي: لم ترى.

تنصرف وتتوضأ، وتمسح وتبني على صلاتها. ولو لم تر (¬1) الدم ولم تدخل في المغرب حتى توضأت من غير حدث، ثم دخلت في المغرب فرأت الدم، كان عليها أن تنصرف وتتوضأ، وتبني على صلاتها. ولو أحدثت قبل المغرب فتوضأت، ثم دخلت في المغرب فرأت الدم، فإنها تنصرف وتتوضأ، وتبني على صلاتها. ولو أحدثت بعد هذا الدم كان عليها الوضوء أيضاً. ولكنه لو سال منها (¬2) الدم أجزأها في ذلك الوقت الوضوء الذي كان بعد الدم. إذا توضات للدم أجزأها من الدم الحادث، ولا يجزيها من الحدث. وإذا توضأت من الحدث ولم (¬3) تر (¬4) الدم ثم رأت الدم لم يجزها (¬5) وضوء الحدث من الدم. ألا ترى لو أن رجلاً رعف من أحد الأنفين رعافاً لا ينقطع فتوضأ أنه (¬6) يجزيه لوقت الصلاة كله، ولو سال من الأنف الآخر دم نقض وضوءه، فهذا يبين لك أن الحدث ينقض وضوء المستحاضة، واْن دم المستحاضة ينقض وضوء الحدث. ولو توضأت المستحاضة قبل المغرب ولم تر (¬7) الدم بعد الوضوء حتى صلت المغرب (¬8)، ثم رأت الدم، فإنها تعيد الوضوء، والمغرب تامة. ولو كانت لبست الخفين قبل أن ترى الدم أجزأها أن تمسح عليهما (¬9) يوماً وليلة. وإذا توضأت المستحاضة والدم سائل ولبست خفيها، ثم صلت ركعة من العصر، ثم غابت (¬10) الشمس، استقبلت الوضوء والصلاة، ونزعت خفيها. ولو كانت لبستهما (¬11) والدم منقطع ثم صلت ركعة، ثم رأت الدم (¬12)، ثم غربت الشمس، توضأت ومسحت على الخفين واستقبلت الصلاة. ولو (¬13) سال من منخريها دم (¬14) فانقطع أحدهما وسال الآخر ¬

_ (¬1) ي: لم ترى. (¬2) ك م: منه. (¬3) ح ي: فلم. (¬4) ي: ترى. (¬5) ي: لم يجزيها. (¬6) ح: فإنه. (¬7) ح: ولم ترا؛ ي: ولم ترى. (¬8) ح ي - المغرب. (¬9) م ح ي: عليها. (¬10) ح ي: ثم غربت. (¬11) ح: لبستها. (¬12) ح ي - ثم رأت الدم. (¬13) ي: فلو. (¬14) ي: دماً.

باب صلاة الجمعة

كان هذا بمنزلة منخر واحد يسيل، لأن هذا شيء واحد، ولا يشبه هذا إذا سال من منخر واحد فتوضأت ثم سال من المنخر (¬1) الآخر (¬2). * * * باب صلاة الجمعة قلت: أرأيت الجمعة هل تجب على أهل السواد وأهل الجبال؟ قال: لا تجب الجمعة إلا على أهل الأمصار والمدائن. قلت: أرأيت قوماً من أهل السواد اجتمعوا في مسجدهم فخطب لهم بعضهم ثم صلى بهم الجمعة؟ قال: لا تجزيهم صلاتهم، وعليهم أن يعيدوا الظهر. قلت: وكذلك لو كانوا مسافرين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس يوم الجمعة ركعتين ولم يخطب؟ قال: لا تجزيه (¬3) صلاته ولا من خلفه، وعليهم أن يعيدوا. قلت (¬4): فإن صلى بهم الظهر أربعاً وترك الجمعة؟ قال: تجزيه وتجزيهم (¬5)، وقد أساء الإمام في ترك (¬6) الجمعة. قلت: أرأيت الإمام (¬7) إذا أراد أن يخطب يوم الجمعة (¬8) كيف يخطب؟ قال: يخطب قائماً، ثم يجلس جلسة خفيفة، ثم يقوم أيضاً ويخطب. قلت: أرأيت إماماً خطب بالناس (¬9) يوم الجمعة وهو جنب أو (¬10) على غير وضوء ثم اغتسل أو توضأ وصلى (¬11) بالناس هل تجزيه صلاته (¬12)؟ قال: نعم، ولكنه قد (¬13) أساء حين دخل المسجد ¬

_ (¬1) ح ي - المنخر. (¬2) انظر للشرح: المبسوط، 2/ 21. (¬3) ي: لا يجزيه. (¬4) ح + قلت. (¬5) ح ي + من الظهر. (¬6) ح ي: في تركه. (¬7) ح ي - الإمام. (¬8) ح ي - يوم الجمعة. (¬9) ي: الناس. (¬10) ح ي + هو. (¬11) ح ي: وتوضأ ثم صلى. (¬12) ح ي: هل تجزيهم صلاتهم. (¬13) ح ي - قد.

وخطب وهو جنب. قلت: فهل ينبغي للإمام أن يقرأ سورة (¬1) يوم الجمعة في خطبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً خطب بالناس (¬2) يوم الجمعة فأحدث (¬3) فنزل فتوضأ هل يعيد الخطبة؟ قال: أي ذلك فعل أجزأهـ قلت: أرأيت إماماً خطب بالناس (¬4) يوم الجمعة فأحدث (¬5) فأمر رجلاً أن يصلي بالناس، والرجل لم يشهد الخطبة، كم يصلي بهم (¬6)؟ قال: يصلي بهم (¬7) أربع ركعات. قلت: فإن كان شهد الخطبة (¬8)؟ قال: يصلي بهم ركعتين. قلت: أرأيت إماماً خطب بالناس (¬9) يوم الجمعة ثم أحدث فأمر رجلاً أن يصلي بالناس، وقد (¬10) شهد الرجل الخطبة، فتقدم فافتتح (¬11) الصلاة، ثم أحدث، فتأخر وقدم رجلاً، كم يصلي بهم هذا الرجل؟ قال: يصلي بهم ركعتين يبني على صلاة الإمام. قلت: فإن (¬12) أحدث الثاني فتأخر فقدم (¬13) رجلاً، كم يصلي بهم هذا الرجل (¬14) الثالث؟ قال: ركعتين يبني على صلاة الإمام. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة ثم أحدث، فأمر رجلاً أن يصلي بالناس، والرجل جنب أو على غير وضوء، فأمر الرجل رجلاً غيره ممن قد (¬15) شهد الخطبة، كم يصلي بهم؟ قال: ركعتين. قلت: فإن كان (¬16) لم يشهد الخطبة؟ قال: يصلي بهم أربع ركعات. قلت: فإن كان الإمام لما أحدث أمر رجلاً أن يصلي بالناس، والرجل جنب أو على غير وضوء، فأمر عبداً أو مكاتباً أن (¬17) يصلي بالناس وقد (¬18) شهد ¬

_ (¬1) ح + في. (¬2) ح ي: الناس. (¬3) ح ي: ثم أحدث. (¬4) ح ي: الناس. (¬5) ح ي: ثم أحدث. (¬6) ح ي - بهم. (¬7) ي - بهم؛ صح هـ. (¬8) ح ي: قلت أرأيت إن كان قد شهد الجمعة. (¬9) ح ي: الناس. (¬10) ح ي: قد. (¬11) ح ي: وافتتح. (¬12) ح: قلت أرأيت إن. (¬13) ح ي: وقدم. (¬14) ح ي - الرجل. (¬15) ح ي - قد. (¬16) ح ي - كان. (¬17) ح ي - أن. (¬18) م: قد.

الخطبة، كم يصلي بهم؟ قال: ركعتين. قلت: فإن تقدم العبد أو المكاتب فأحدث فتأخر (¬1) وقدم (¬2) عبداً مثله قد شهد الخطبة؟ قال: يصلي بهم ركعتين يبني على صلاة الإمام. قلت: وكذلك لو أحدث الثاني فقدم (¬3) ثالثاً (¬4)؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الأول الذي أمره الإمام أن يصلي بالناس فأمر (¬5) هو (¬6) عبداً أو مكاتباً لم يشهد الخطبة كم يصلي بهم (¬7)؟ قال: أربع ركعات. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة فأحدث، فأمر صبياً أن (¬8) يصلي بالناس، فصلى بهم الصبي؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يعيدوا. قلت: فإن لم يصل (¬9) بهم الصبي، ولكنه أمر رجلاً أن يصلي بالناس، فصلى بهم الرجل (¬10)، كم يصلي بهم؟ قال: أربع ركعات. قلت: لم؟ قال: ألا ترى أن الصبي لو صلى بهم لم يجزهم، فكذلك أمره لا يجوز. قلت: وكذلك لو أن الإمام حين أحدث أمر امرأة (¬11) أن تصلي بالناس، فصلت بالناس (¬12)، أو أمرت رجلاً يصلي بالناس (¬13)؟ قال: نعم، لا يجزيهم. قلت: وكذلك لو أمر الإمام رجلاً (¬14) معتوهاً لا يعقل أن (¬15) يصلي بالناس، فأمر رجلاً غيره يصلي بهم (¬16)؟ قال: نعم، لا يجزيهم. قلت: أرأيت إن كان الإمام حين أحدث لم يأمر أحداً أن (¬17) يصلي بالناس، فتقدم (¬18) صاحب شرطة (¬19)، كم يصلي بهم؟ قال: ركعتين. قلت: وكذلك لو تقدم القاضي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن (¬20) لم يتقدم صاحب ¬

_ (¬1) ح ي - فتأخر. (¬2) ح: ويقدم. (¬3) ك م: قدم. (¬4) ح ي: الثالث. (¬5) ح: أمر. (¬6) ح ي - هو. (¬7) ك م - بهم. (¬8) ك م - أن. (¬9) ي: لم يصلي. (¬10) ح ي - فصلى بهم الرجل. (¬11) ح: أمرة. (¬12) ح ي: بهم. (¬13) ح ي: بهم. (¬14) ح ي: وكذلك لو أن الإمام حين أحدث أمر رجلاً. (¬15) ح ي - أن. (¬16) ح ي: بالناس. (¬17) ح ي - أن. (¬18) ك م: فقدم. وانظر المسألة التالية. (¬19) ح ي: الشرطة. (¬20) ح - إن.

شرطة (¬1)، ولكنه أمر رجلاً أن (¬2) يصلي بالناس، كم يصلي بهم (¬3)؟ قال: ركعتين إن كان الرجل قد شهد الخطبة، وإن كان لم يشهد الخطبة صلى (¬4) بهم أربع ركعات. قلت: فإن (¬5) كان الرجل قد (¬6) شهد الخطبة فتقدم فافتتح (¬7) الصلاة، ثم أحدث، فتأخر وقدم رجلاً ممن لم يشهد (¬8) الخطبة، كم يصلي بهم (¬9)؟ قال: يصلي بهم (¬10) ركعتين يبني على صلاة الإمام. قلت: وكذلك لو أن الرجل الذي أمره صاحب الشرطة أن يصلي بالناس تقدم (¬11) فأحدث فتأخر وقدم عبداً أو مكاتباً؟ قال: نعم، إن (¬12) كان أدرك الخطبة صلى ركعتين. قلت: وكذلك لو أن القاضي أمر رجلاً أو مكاتباً أو عبداً (¬13) فهو على ما وصفت (¬14) لك (¬15)؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن صاحب الشرطة (¬16) أو القاضي أمر رجلاً (¬17) جنباً أو على غير وضوء، فأمر هذا الرجل غيره، كان (¬18) على ما وصفت لك من أمر الإمام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة فدخل في الصلاة فأحدث بعد دخوله، فتأخر وقدم رجلاً ممن شهد الخطبة أو ممن لم يشهد الخطبة، كم يصلي بهم (¬19)؟ قال (¬20): ركعتين. قلت: لم والداخل (¬21) لم يشهد الخطبة؟ قال: لأن الناس قد دخلوا في الصلاة، وهذا إنما يبني على صلاة الإمام. قلت: فإن أحدث هذا الرجل الذي قدمه الإمام، فتأخر وقدم رجلاً ممن لم يشهد الخطبة؟ قال: يصلي بهم ركعتين يبني على صلاة ¬

_ (¬1) ح ي: الشرطة. (¬2) ح ي - أن. (¬3) ي - بهم. (¬4) ح ي: يصلي. (¬5) ح ي: وإن. (¬6) ح ي - قد. (¬7) ي: فافتح. (¬8) ح ي: ممن شهد. (¬9) ح ي - كم يصلي بهم. (¬10) ك م - يصلي بهم. (¬11) ك م ح ي: فتقدم. (¬12) ح ي: وإن. (¬13) ح ي: أو عبداً أو مكاتباً. (¬14) ك: ما وصفته؛ م: ما وصفه. (¬15) ك م - لك. (¬16) م: الشرط. (¬17) ح ي + أو. (¬18) ح ي - كان. (¬19) ي - بهم. (¬20) ح ي + يصلي بهم. (¬21) ح ي: والرجل.

الإمام. قلت: وكذلك لو أمر عبداً أو مكاتباً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الإمام إذا خطب يوم الجمعة هل ينبغي له أن يتكلم بشيء من كلام الناس أو من حديثهم؟ قال: لا. قلت: فإن فعل هذا هل يقطع ذلك خطبته؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن خطب (¬1) الإمام يوم الجمعة هل ينبغي لمن مع الإمام أن يتكلموا؟ قال: لا. قلت: أفتكره (¬2) أن (¬3) يذكروا (¬4) الله تعالى إذا ذكره (¬5) الإمام، ويصلوا على النبي إذا صلى عليه الإمام (¬6)؟ قال: أحب إلي أن يستمعوا وينصتوا. قلت: فهل يشمتون العاطس (¬7) ويردون السلام (¬8)؟ قال: أحب إلي أن يستمعوا وينصتوا (¬9). قلت: أرأيت الإمام إذا خطب (¬10) الناس يوم الجمعة فقال (¬11): الحمد لله، أو قال: سبحان الله، أو قال: لا إله إلا الله، أو ذكر الله، أيجزيه من الخطبة ولم يزد على هذا شيئاً؟ قال: نعم، يجزيه (¬12). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجزيه حتى يكون كلاماً (¬13) يسمَّى خطبة (¬14). قلت: أرأيت الإمام إذا خرج هل يقطع خروجه الصلاة (¬15)؟ قال: نعم. قلت: وينبغي لمن كان (¬16) في الصلاة أن يفرغ منها ويسلم إذا خرج الإمام؟ قال: نعم. قلت: فإذا خطب الإمام كرهت الكلام والحديث؟ قال: ¬

_ (¬1) ح ي: إذا خطب. (¬2) م: أفيكره. (¬3) ح ي - أفتكره أن. (¬4) ح ي: فيذكروا. (¬5) ح ي: إذا ذكر. (¬6) ح - عليه الإمام؛ ي - الإمام. (¬7) م: القاطنين. (¬8) ح ي: قلت أرأيت الإمام هل يشمت العاطس أو يرد السلام. (¬9) ك - قلت فهل يشمتون العاطس ويردون السلام قال أحب إلي أن يستمعوا وينصتوا، صح هـ. (¬10) ح ي: أرأيت إماماً خطب. (¬11) ح ي: قال. (¬12) م - يجزيه. (¬13) ح ي: حتى يأتي بكلام. (¬14) ك م: الخطبة؛ ك م+ وقال أبو يوسف ومحمد لا بأس بالكلام قبل أن يخطب الإمام ولا بأس بالكلام إذا نزل الإمام قبل أن يفتتح الصلاة. (¬15) ح ي: من الصلاة. (¬16) ح ي: إن كان.

نعم. قلت: فهل تكره (¬1) ذلك قبل أن يخطب حين (¬2) يخرج؟ قال: نعم. قلت: أفتكره (¬3) الكلام ما بين نزوله إلى دخوله في الصلاة؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس بالكلام قبل أن يخطب الإمام ولا بأس بالكلام إذا نزل الإمام قبل أن يفتتح الصلاة (¬4). قلت: وتحب (¬5) للرجل أن يستقبل الإمام إذا خطب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الأذان والإقامة متى هو يوم الجمعة؟ قال: إذا صعد الإمام المنبر أذن المؤذن، فإذا نزل أقام الصلاة بعد فراغه من الخطبة (¬6). قلت: أرأيت الرجل يقرأ القرآن والإمام يخطب أتكره (¬7) له ذلك؟ قال: أحب إلي أن يستمع وينصت (¬8). قلت: أرأيت رجلاً افتتح الصلاة يوم الجمعة مع الإمام (¬9) ثم ذكر أن عليه صلاة الفجر؟ قال: عليه أن يقطع الجمعة وينصرف، فيبدأ فيصلي الغداة، فإذا فرغ منها دخل مع الإمام في الجمعة إن أدركه في الصلاة، وإن ¬

_ (¬1) م: يكره. (¬2) ح ي - يخطب حين. (¬3) م: أيكره؛ ح ي: وتكره. (¬4) ك م - وقال أبو يوسف ومحمد لا بأس بالكلام قبل أن يخطب الإمام ولا بأس بالكلام إذا نزل الإمام قبل أن يفتتح الصلاة. (¬5) م: ويجب. (¬6) ح ي - قلت وتحب للرجل أن يستقبل الإمام إذا خطب قال نعم قلت أرأيت الأذان والإقامة متى هو يوم الجمعة قال إذا صعد الإمام المنبر أذن المؤذن فإذا نزل أقام الصلاة بعد فراغه من الخطبة. (¬7) م: أيكره. (¬8) ح + قلت أرأيت الأذان والإقامة متى هو يوم الجمعة قال إذا صعد الإمام المنبر أذن المؤذن فكذا نزل الإمام الصلاة بعد فراغه من الخطبة أقام الصلاة؛ ي+ قلت أرأيت الأذان والإقامة متى هو يوم الجمعة قال إذا صعد الإمام المنبر أذن المؤذن فإذا نزل أقام الصلاة بعد فراغه من الخطبة. (¬9) ح ي: مع الإمام يوم الجمعة.

لم يدركه صلى (¬1) الظهر أربع (¬2) ركعات. والجمعة وغيرها (¬3) في هذا سواء. ألا ترى أنه إذا فاتته الجمعة كان (¬4) عليه الظهر، والظهر فريضة فليس يفوته (¬5). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: إذا خاف الرجل (¬6) أن تفوته (¬7) الجمعة مع الإمام صلى الجمعة، ثم قضى الصلوات التي ذكر (¬8) بعد ذلك؛ لأن الجمعة فريضة، ولا تجزئ (¬9) إلا مع الإمام، فتفوته (¬10) إذا فاتته (¬11) مع الإمام (¬12). وهو (¬13) قول زفر (¬14). قلت: أرأيت إن لم يقطع الجمعة ولم ينصرف، ولكنه مضى عليها مع الإمام حتى فرغ منها؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يصلي الفجر ثم (¬15) الظهر. قلت: أرأيت رجلاً زحمه الناس يوم الجمعة فلم يستطع أن يركع ويسجد (¬16) حتى سلم الإمام، كيف يصنع؟ قال: يركع ركعة، ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم فيمكث ساعة، ثم يركع ركعة أخرى، ثم يسجد (¬17) سجدتين، ثم يتشهد (¬18)، ثم يسلم (¬19). قلت: أرأيت إن كان قد ركع مع الإمام ركعة؟ قال (¬20): يسجد لها سجدتين، ثم يقوم فيركع الثانية ويسجد لها سجدتين، ثم يتشهد ويسلم. قلت: فهل يقرأ فيما يقضي؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال (¬21): لأنه قد أدرك أول الصلاة، وقراءة (¬22) الإمام له قراءة. ¬

_ (¬1) ح ي: فصلى. (¬2) ي: أربعة. (¬3) م: وغيره. (¬4) ك م: كانت. (¬5) ك م: تفوته؛ ح ي + شيء. (¬6) ح ي - الرجل. (¬7) ي: أن يفوته. (¬8) ح ي: ثم قام فقضى الصلاة التي ذكرها. (¬9) ح ي: تكون. (¬10) م ح ي - فتفوته. (¬11) م ح ي: فإذا فاتته. (¬12) ح ي + لم يجزه أن يصليها وحده فوقتها مع الإمام. (¬13) ح ي: وهذا. (¬14) ح ي + بن هذيل. (¬15) ح ي + يصلي. (¬16) ح ي: أن يسجد ويركع. (¬17) ح ي: ويسجد. (¬18) م - ثم يتشهد. (¬19) ح ي: ويسلم. (¬20) ح - قال؛ صح هـ. (¬21) ك م - قلت لم قال. (¬22) م: وقرا؛ ح ي: فقراءة.

قلت: فإن قام يقضي الركعة الثانية فلم يقم فيها (¬1) مقدار قراءة (¬2) الإمام أو لم (¬3) يقم فيها (¬4)؟ قال: يجزيه إذا استتم قائماً، ثم يركع (¬5) الركعة الثانية. قلت: أرأيت الرجل (¬6) أحدث يوم الجمعة، فخاف إن ذهب يتوضأ أن تفوته (¬7) الجمعة، هل يجزيه أن يتيمم ويصلي؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يتوضأ، فإن لم يتكلم اعتد بما مضى من الجمعة وصلى ما بقي، وإن (¬8) تكلم استقبل الصلاة، فصلى الظهر أربع ركعات. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً لا يستطيع أن يشهد الجمعة، فصلى الظهر (¬9) في بيته، أيصليها بأذان وإقامة (¬10)؟ قال (¬11): إن فعل فحسن، وإن لم يفعل أجزأه (¬12). قلت: أرأيت (¬13) رجلاً مريضاً لا يستطيع أن يشهد الجمعة (¬14)، فصلى (¬15) في بيته الظهر (¬16)، ثم وجد خفة فأتى الجمعة فصلى (¬17) مع الإمام، أيتها (¬18) الفريضة؟ قال: الجمعة هي (¬19) الفريضة. قلت (¬20): فإن وجد خفة حين (¬21) صلى الظهر في بيته، فخرج وهو يريد أن يشهد الجمعة، فجاء (¬22) وقد فرغ الإمام من الجمعة؟ قال: ¬

_ (¬1) ك ح ي + قدر. (¬2) ح ي - قراءة. (¬3) ح ي: ولم. (¬4) ح ي + رأساً. (¬5) ي: ثم ركع. (¬6) ح ي: رجلاً. (¬7) ح ي: يتوضأ فاتته. (¬8) ح: فإن. (¬9) ح ي - الظهر. (¬10) ح ي: في بيته هل يؤذن ويقيم. (¬11) ح ي + نعم. (¬12) ح ي - إن فعل فحسن وإن لم يفعل أجزأه. (¬13) ح ي + إن صلى الظهر. (¬14) م - فصلى الظهر في بيته أيصليها بأذان و (قامة قال إن فعل فحسن وإن لم يفعل أجزأه قلت أرأيت رجلاً مريضاً لا يستطيع أن يشهد الجمعة. (¬15) ك: فيصلي. (¬16) ح ي - رجلاً مريضاً لا يستطيع أن يشهد الجمعة فصلى في بيته الظهر. (¬17) ح ي: وصلى. (¬18) ح ي: أيهما. (¬19) ح ي - هي. (¬20) ح - قلت. (¬21) ح ي: حتى. (¬22) ح ي - فجاء.

عليه أن يصلي الظهر أربع (¬1) ركعات (¬2). قلت: لم وقد صلى في بيته؟ قال: لأنه حين خرج ونوى (¬3) أن يشهد الجمعة فقد بطل ما صلى، فإذا لم يدرك مع الإمام الجمعة كان عليه أن يصلي الظهر (¬4) أربع ركعات. وهذا (¬5) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا تنتقض (¬6) صلاته إلا أن يدخل في الجمعة. قلت: أرأيت إن جاء فدخل (¬7) مع الإمام في الصلاة (¬8)، ثم أحدث، فذهب فتوضأ، فجاء وقد فرغ الإمام؟ قال: إن لم يتكلم صلى ركعتين وبنى على صلاته، وإن (¬9) تكلم استقبل (¬10) الظهر أربع ركعات. قلت: أرأيت مسافراً صلى الظهر (¬11) في السفر ركعتين (¬12)، ثم قدم المصر، فأتى الجمعة فصلى مع الإمام الجمعة، أيتها (¬13) الفريضة؟ قال: الجمعة هي الفريضة، أستحسن ذلك وأدع القياس. قلت: فإن كان حين قدم خرج (¬14) وهو يريد الجمعة، فانتهى إلى المسجد وقد صلى الإمام؟ قال: عليه أن يصلي الظهر أربع ركعات إن كان من أهلها، وإن كان مسافراً صلى ركعتين. قلت: فإن انتهى إلى الإمام فدخل (¬15) معه في الصلاة، فصلى معه (¬16) ركعة، ثم أحدث، فذهب فتوضأ (¬17)، فجاء وقد فرغ الإمام من صلاته (¬18)؟ قال: إن لم يتكلم بنى على صلاة الإمام (¬19)، وإن تكلم استقبل الظهر. قلت: أرأيت رجلاً صحيحاً صلى الظهر في أهله ولم يشهد الجمعة، ¬

_ (¬1) صح ي: أربعاً. (¬2) ح ي - ركعات. (¬3) م: نوى. (¬4) ح ي - الظهر. (¬5) ح ي: وهو. (¬6) م ح ي: لا ينقض. (¬7) ح ي: وقد دخل. (¬8) ح ي - في الصلاة. (¬9) ح ي: فإن. (¬10) ح ي: صلى. (¬11) ح + أربع ركعات. (¬12) ح - ركعتين. (¬13) ح ي: أيهما. (¬14) ح ي - خرج. (¬15) ح ي: وقد دخل. (¬16) ح ي - معه. (¬17) ح ي: وتوضأ. (¬18) ح ي - من صلاته. (¬19) ح ي: على صلاته.

فلما فرغ من صلاته بدا له أن يشهد الجمعة، فجاء فدخل مع الإمام فصلى معه، أيتها (¬1) الفريضة؟ قال: التي (¬2) أدرك مع الإمام هي الفريضة. قلت: فإن جاء وقد فرغ الإمام من صلاته؟ قال: عليه أن يصلي الظهر أربع ركعات. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: صلاته الأولى تامة ما لم يدخل في الجمعة، فإذا دخل في الجمعة بطلت الظهر التي صلى. قلت: أرأيت إن انتهى إلى الإمام حين خرج من بيته فأدرك معه الصلاة فأحدث، فذهب وتوضأ وجاء (¬3) وقد فرغ الإمام؟ قال: إن لم يتكلم بنى على صلاة الإمام، وإن كان قد (¬4) تكلم استقبل الظهر أربع ركعات. قلت: فإن كان حين دخل مع الإمام في الصلاة صلى ركعة ثم ذكر أنه لم يصل الفجر؟ قال: يقطع الصلاة ويصلي (¬5) الفجر ثم يدخل مع الإمام في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. قلت: فإن فرغ من الفجر وقد صلى الإمام؟ قال: عليه أن يستقبل (¬6) الظهر أربع ركعات. قلت: فإن تَمَّ عليها مع الإمام ولم يقطعها حتى فرغ من صلاته؟ قال: لا يجزيه، وعليه أن يبدأ فيصلي الفجر، ثم يستقبل الظهر أربع ركعات. قلت: أرأيت عبداً أو مكاتباً (¬7) صلى في أهله يوم الجمعة الظهر، ثم أعتق، فنوى حين أعتق أن يشهد الجمعة، فجاء إلى الإمام فدخل معه في الصلاة فصلى معه ركعتين (¬8)؟ قال: تجزيه (¬9)، وهي الفريضة. قلت: فإن جاء وقد صلى الإمام؟ قال: عليه أن يستقبل الظهر أربع ركعات (¬10). قلت: أرأيت إن جاء فأدرك (¬11) مع الإمام الصلاة ثم أحدث، فذهب فتوضأ، فجاء ¬

_ (¬1) ح ي: أيهما. (¬2) ح ي: الذي. (¬3) ك م - وجاء. (¬4) ك م - قد. (¬5) ح ي: فيصلي. (¬6) ح ي: أن يصلي. (¬7) ح ي: مكاتباً أو عبداً. (¬8) ح ي - ركعتين. (¬9) ي: يجزيه. (¬10) ح ي + قلت فإن كان حين دخل مع الإمام في الصلاة صلى ركعة ... قلت فإن جاء وقد صلى الإمام قال عليه أن يستقبل الظهر أربع ركعات. (¬11) ح ي: وأدرك.

وقد فرغ الإمام؟ قال: إن لم يتكلم بنى على صلاته، وإن تكلم استقبل الظهر (¬1). قلت: أرأيت امرأة صلت الظهر في بيتها، ثم بدا لها أن تشهد الجمعة، فجاءت فدخلت (¬2) مع الإمام في الصلاة فصلت (¬3) معه، أيتهما (¬4) الفريضة؟ قال: الجمعة هي الفريضة. قلت: فإن جاءت وقد فرغ الإمام من صلاته؟ قال: عليها أن تستقبل الظهر أربع (¬5) ركعات (¬6) في قياس قول أبي حنيفة. قلت: وهي في جميع ما ذكرت (¬7) لك بمنزلة الرجل؟ قال: نعم. قلت: وكذلك أم الولد والمدبرة والمكاتبة إذا أعتقت فهي في جميع ما وصفت (¬8) لك سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً دخل مع الإمام في الصلاة يوم الجمعة، فصلى (¬9) بهم الإمام، فلم يفرغ من صلاته حتى دخل وقت العصر؟ قال: فسدت صلاتهم، وعليه أن يستقبل بهم الظهر أربع ركعات. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى صلاتهم تامة إذا كان قد (¬10) قعد قدر التشهد قبل أن يدخل وقت العصر، وإن ضحك في هذه الحال كان عليه الوضوء لصلاة أخرى. قلت: فإن كان الإمام ضحك في هذه الحال (¬11) حتى قهقه وهو يتشهد (¬12)، هل عليه الوضوء بعد خروج الوقت (¬13) لصلاة أخرى؟ قال: لا (¬14). قلت: فإن دخل معه ¬

_ (¬1) ح ي + أربعاً. (¬2) ح ي: ودخلت. (¬3) ح: وصلت. (¬4) ح ي: أيهما. (¬5) ح ي: أربعاً. (¬6) ح ي - ركعات. (¬7) ح ي: ما وصفت. (¬8) ك: ذكرت. (¬9) ح: وصلى. (¬10) ح ي - قد. (¬11) ح: الحالة. (¬12) ح: قهقه ويتشهد؛ ي: قهقه وتشهد. (¬13) ح ي - بعد خروج الوقت. (¬14) ح ي: قال نعم. قال الحاكم: فإن قهقه الإمام لم يلزمه الوضوء. انظر: الكافي، 1/ 16 ظ. وقال السرخسي: فإن قهقه لم يلزمه وضوء، وهذا قول محمد - رضي الله عنه -، وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة -رحمه الله-، لأن التحريمة انحلت بفساد الجمعة، فأما عند أبي يوسف وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة -رحمه الله- فلم تحل=

رجل (¬1) في الصلاة على هذه الحال لم يكن داخلاً معه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل الذي لا يريد أن يشهد الجمعة، وليس له (¬2) عذر من مرض (¬3) ولا غيره، متى يصلي الظهر؟ قال (¬4): يصليها حين ينصرف الإمام من الجمعة. قلت (¬5): فإن صلى قبل ذلك؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت الإمام يمر بمصر من الأمصار أو بمدينة (¬6) من المدائن فيجمّع (¬7) يوم الجمعة بأهلها وهو مسافر هل يجزيهم؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن الإمام في هذا لا يشبه (¬8) غيره؛ ألا ترى أنه لا يكون جمعة إلا بإمام (¬9). قلت: أرأيت رجلاً صلى بالناس يوم الجمعة ركعتين (¬10) من غير أن يأمره الأمير؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا الظهر. قلت: فإن كان الأمير أمره بذلك أو كان (¬11) خليفة الأمير أو صاحب شرطة (¬12) أو القاضي؟ قال: تجزيهم صلاتهم. قلت: أرأيت مسافراً دخل مصراً من الأمصار فشهد مع أهلها الجمعة هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: لم (¬13) وهو مسافر؟ قال: إذا دخل مع قوم ¬

_ = التحريمة بفساد الفريضة، فكذا قهقه فعليه الوضوء لمصادفة القهقهة حرمة الصلاة انظر: المبسوط، 2/ 33. لكن صرح المؤلف في المتن بأن أبا يوسف ومحمداً يقولان بأن الصلاة تامة إذا فرغ الإمام من التشهد قبل خروج الوقت، وأنه إذا ضحك في هذه الحال فعليه الوضوء لصلاة أخرى. وهذا لأن الصلاة صحيحة عندهما. والسؤال في هذه المسألة عن ضحك الإمام قبل فراغه من التشهد. ففي هذه الحالة تفسد الصلاة باتفاق الأئمة الثلاثة لخروج الوقت، فينبغي أن لا يجب الوضوء بالاتفاق. (¬1) ح ي - رجل. (¬2) ح ي: عليه. (¬3) ح: من مرضه. (¬4) ي: قلت. (¬5) ي - قلت. (¬6) ح ي: أو مدينة. (¬7) ح ي: فجمع. (¬8) ح ي: لا يشبه في هذا. (¬9) م: بأيام. (¬10) ح ي - ركعتين. (¬11) ح: وكان. (¬12) ح ي: الشرطة. (¬13) ح - لم.

في الصلاة (¬1) صلى بصلاتهم؛ ألا ترى أنه لو دخل مع مقيم في الظهر كان عليه أن يصلي أربع ركعات؛ أو لا (¬2) ترى لو أن امرأة أو عبداً شهد الجمعة كان عليه أن (¬3) يصلي ركعتين، وليس على واحد منهما أن يشهد الجمعة. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة ففزع (¬4) الناس (¬5) فذهبوا كلهم إلا رجلاً واحداً (¬6) بقي معه، كم يصلي (¬7) الإمام؟ قال: يصلي (¬8) أربع ركعات، إلا أن يبقى معه ثلاثة (¬9) رجال سواه فيصلي بهم الجمعة، وذلك أدنى ما يكون. قلت: فإن كان (¬10) معه عبيد أو رجال أحرار (¬11)؟ قال: يصلي بهم الجمعة ركعتين. قلت: فإن بقي معه نساء ليس معهن رجل؟ قال: يصلي بهن (¬12) الظهر أربع ركعات. قلت: من أين اختلف العبيد والنساء وليس على واحد منهم (¬13) الجمعة؟ قال: لأن العبيد رجال، وليس النساء كالرجال. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة فصلى بهم ركعة، ثم فزع (¬14) الناس فذهبوا كلهم وبقي وحده، كم يصلي؟ قال: يصلي الجمعة ركعتين. قلت: فإن فزع (¬15) الناس فذهبوا بعدما افتتح الصلاة قبل أن يصلي ركعة؟ قال: عليه أن يستقبل الظهر أربع ركعات، ولا يبني على شيء من صلاته. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يمضي على الجمعة (¬16) في الوجهين جميعاً؛ لأنه افتتح الجمعة، فلا يفسدها ذهاب الناس (¬17) عنه (¬18)، ولو ذهب الناس عنه قبل أن يفتتح الجمعة كان عليه أن يصلي الظهر أربع ركعات. ¬

_ (¬1) ح ي: في صلاة. (¬2) ح ي: ألا. (¬3) م - عليه أن، صح هـ. (¬4) ك م: وفرغ. (¬5) ك م + كلهم. (¬6) ح ي: إلا رجل واحد. (¬7) ك م + مع. (¬8) ح ي - يصلي. (¬9) م ي: ثلاث. (¬10) ح - فإن كان؛ صح هـ. (¬11) ح: معه عبد ورجلان حران؛ ي: معه عبد ورجلان آخران. (¬12) ك م ح ي: بهم. (¬13) ك م: منهما. (¬14) ك: ثم فرغ. (¬15) ك: فرغ. (¬16) ح ي - على الجمعة. (¬17) م: الوقت. (¬18) ح - عنه.

قلت: أرأيت رجلاً صلى مع الإمام يوم الجمعة فلم يقدر على السجود، فسجد على ظهر رجل (¬1)، هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم، يجزيه إذا كان لا يقدر على السجود. قلت: أرأيت من صلى (¬2) الجمعة في الطاقات (¬3) أو في السُّدَّة (¬4) هل يجزيه (¬5) ذلك؟ قال: نعم (¬6). قلت: أرأيت من صلى الجمعة في دار (¬7) الصيارفة (¬8) هل يجزيهم (¬9)؟ قال: إن كان في الطاقات (¬10) قوم يصلون (¬11) وكانت الصفوف متصلة أجزأهم ذلك (¬12)، وإن لم يكن فيها أحد يصلي فلا تجزيهم صلاتهم؛ لأن بينهم وبين الإمام طريقاً. قلت: أرأيت إذا صف (¬13) القوم يوم الجمعة بين الأَسَاطِين (¬14) في الجمعة وغيرها هل تَكره (¬15) ذلك (¬16)؟ قال: لا أكره، وليس به بأس (¬17). قلت: أرأيت رجلاً أدرك مع الإمام يوم الجمعة ركعة، أو أدرك (¬18) الإمام (¬19) في التشهد قبل أن يسلم، أو بعدما تشهد قبل أن يسلم (¬20)، أو ¬

_ (¬1) ح ي: الرجل. (¬2) ح ي: إن صلى. (¬3) الطاقات جمع طاقة وهي ما عُطف من الأبنية. انظر: لسان العرب، "طوق". (¬4) ح: في السدد. السُّدّة هي الباب أو الظُّلّة التي تكون فوق الباب. انظر: المغرب، "سدد". (¬5) ي: في الطرقات أو في السيرة هل يجزيهم. (¬6) م - قلت أرأيت من صلى الجمعة في الطاقات أو في السدة هل يجزيه ذلك قال نعم. (¬7) ي: في ديار. (¬8) الصيارفة جمع صَرَّاف. انظر: القاموس المحيط، "صرف". (¬9) ح ي + ذلك. (¬10) ي: في الطرقات. (¬11) ح: متصلون. (¬12) ح ي - ذلك. (¬13) ح ي: إذا صلى. (¬14) الأساطين جمع الأسطوانة. (¬15) م: هل يكره. (¬16) ح - هل تكره ذلك. (¬17) ح ي: لا أكرهه ولا بأس بذلك. (¬18) ح - مع الإمام يوم الجمعة ركعة أو أدرك. (¬19) ي - يوم الجمعة ركعة أو أدرك الإمام. (¬20) ح - أو بعدما تشهد قبل أن يسلم، صح هـ.

أدركه بعدما سلم وهو في سجدتي السهو؟ قال (¬1): أدرك هذا معه الصلاة، وعليه أن يصلي ركعتين. قلت: أرأيت رجلاً (¬2) أحدث وهو خلف الإمام (¬3) يوم الجمعة، فانفتل فذهب فتوضأ (¬4)، وقد فرغ الإمام من صلاته، كيف يصنع؟ قال: إن كان قد (¬5) تكلم استقبل الظهر أربع ركعات، وإن لم يتكلم بنى على صلاته حتى يتم ركعتين. قلت: أرأيت رجلاً أدرك الإمام يوم الجمعة وهو يتشهد (¬6) أيصلي الجمعة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: أرأيت مسافراً دخل في صلاة مقيم كم يصلي؟ قلت: يصلي صلاة مقيم أربع ركعات. قال: فهذا (¬7) وذاك سواء؛ ألا ترى أنه لو (¬8) أدرك مع الإمام الصلاة وجبت عليه (¬9) صلاته، فكيف يصلي غير صلاته وقد دخل في صلاته ونواها. وقال محمد: يصلي الجمعة (¬10) أربعاً إن لم يدرك الركعة (¬11) الأخيرة (¬12). وهو (¬13) قول زفر. قلت: أرأيت إماماً خطب الناس يوم الجمعة في وقت الظهر وصلى (¬14) الجمعة في وقت العصر، وكان ذلك في يوم غيم، هل تجزيهم (¬15) صلاتهم؟ قال: لا. قلت: فإن لم يخطب حتى ذهب وقت الظهر، ثم خطب في وقت العصر وصلى الجمعة؟ قال: لا تجزيهم (¬16) في الوجهين جميعاً، وعليهم أن يستقبلوا الظهر أربع ركعات. قلت: أرأيت أمير (¬17) عسكر (¬18) نزل بالناس في بلدة وهو لا يريد (¬19) ¬

_ (¬1) ح ي + قد. (¬2) ح ي + الرجل. (¬3) ح ي + في. (¬4) ح ي + ثم جاء. (¬5) ك م - قد. (¬6) ح: تشهد؛ صح هـ. (¬7) ح ي: هذا. (¬8) ح: لو أنه. (¬9) ح ي - عليه. (¬10) ح ي: الظهر. (¬11) ح ي: الجمعة. (¬12) ك: الآخرة؛ ح: الآخر؛ ي: الأخرى. (¬13) ح ي: وهذا؛ ح ي + أيضاً. (¬14) ح: ويصلي. (¬15) ي: هل يجزيهم. (¬16) ي: لا يجزيهم؛ ح ي + صلاتهم. (¬17) ح ي - أمير؛ ي هـ: لعل صوابه هكذا إمام. (¬18) ح ي: عسكراً. (¬19) ح ي: بلدة ولا يريد.

بَرَاحاً (¬1) غير أنه يسرّح (¬2) الجنود، هل عليه أن يقصر الصلاة؟ قال: لا. قلت: فهل عليه أن يخطب الناس يوم الجمعة ويصلي ركعتين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً (¬3) خطب الناس يوم الجمعة، فلما فرغ من خطبته قدم عليه أمير آخر، أيصلي (¬4) القادم بخطبة الأول أم يعيد (¬5) الخطبة؟ قال: إن صلى (¬6) بخطبة الأمير الأول صلى (¬7) أربع ركعات، وإن هو خطب الناس صلى (¬8) بهم ركعتين. قلت: أرأيت القوم أتَكره (¬9) لهم أن يصلوا الظهر في جماعة يوم الجمعة؟ قال: نعم (¬10)، أكره لهم ذلك إذا كانوا في مصر. قلت: وكذلك إذا كانوا (¬11) في سجن أو محبس (¬12)؟ قال: نعم، وإن صلوا (¬13) أجزأهم. قلت: أرأيت الإمام (¬14) هل يجهر بالقراءة يوم الجمعة؟ قال: نعم. قلت: فمن يجب عليه أن يأتي الجمعة؟ قال: على أهل الأمصار. قلت: أفيجب (¬15) على من كان بزُرَارَة (¬16) أو نحوها أن يأتي الجمعة بالكوفة؟ قال: لا. قلت: وكذلك أهل الحِيرَة (¬17)؟ قال: نعم، ليس ¬

_ (¬1) م: اخا. والبَرَاح، أي: الزوال عن المكان. انظر: المغرب، "برح". (¬2) ح ي + يريح. (¬3) أي: وهو الأمير كما يفهم من تتمة العبارة. (¬4) ح ي: يصلي. (¬5) م: ثم يعيد. (¬6) م: أن يصلي. (¬7) ح ي: يصلي. (¬8) م: فصلى. (¬9) م: أيكره. (¬10) ح - نعم. (¬11) ح ي: لو كانوا. (¬12) م: أو مجبس؛ ح ي: أو حبس. (¬13) ح ي: فعلوا. (¬14) ح ي - الإمام. (¬15) ك ي: أفتحب. (¬16) ح ي: زرارة. زُرَارَة محلة بالكوفة، ويظهر أنه كان يفصل بينها وبين الكوفة نهر الفرات. انظر: معجم البلدان لياقوت، "زرارة". (¬17) ك م + والمدينة؛ ح: الجيزة. وقال أبو الوفا الأفغاني: ليس في أطراف الكوفة مقام يسمى المدينة، فلعله تصحيف "السدير" وهو من أطراف الكوفة عند الحيرة، والله أعلم. انظر: الأصل (الأفغاني)، 1/ 331.

يجب (¬1) على هؤلاء الجمعة. قلت: أرأيت الخطبة يوم الجمعة أهي قبل الصلاة أو بعدها؟ قال: بل (¬2) قبلها. قلت: فإن خطب بعدها هل تجزيهم؟ قال: لا. قلت: فإن صلى بهم الجمعة وخطب (¬3) بعد ذلك؟ قال: عليهم (¬4) أن يعيدوا الجمعة بعد الخطبة. قلت: أرأيت رجلاً أدرك الإمام يوم الجمعة وقد ركع (¬5) ورفع رأسه من الركوع، فأحدث الإمام، فقدم هذا الرجل، فسجد بهم (¬6)؟ قال: يجزيهم (¬7). قلت: فهل يجزي هذا المقدَّم؟ قال: يجزيه (¬8) من سجدتين، ولا يحتسب بهما (¬9) من صلاته؛ لأنه لم يدرك الركوع، ولكن يجعل السجدتين تطوعاً، ويصلي الركعة التي سبقه الإمام بها. قلت: فكيف أجزأ (¬10) من خلفه ولا يجزيه (¬11)؟ قال: لأنه لو كان خلف الإمام كان عليه أن يسجدهما. قلت: أرأيت مسافراً شهد الجمعة مع الإمام، فأدرك الخطبة، فلما فرغ الإمام (¬12) من خطبته أحدث، فقدمه (¬13) قبل (¬14) أن يدخل في الصلاة، فصلى المسافر بالناس الجمعة، أتجزيهم صلاتهم؟ قال: نعم (¬15). قلت: أرأيت إن كان المسافر لم يشهد الخطبة مع الإمام يوم الجمعة، إلا أنه حين ¬

_ (¬1) ح ي - يجب. (¬2) ح ي: هي. (¬3) ح ي: ثم خطب. (¬4) ح ي: قال عليه وعليهم. (¬5) م: وركع. (¬6) م: لهم؛ ح ي + هل يجزيهم. (¬7) ح ي: قال نعم. (¬8) ح ي: يجزيهم. (¬9) ك م: ولا يحتسبها. (¬10) ح ي: أجزتا. (¬11) ح ي: ولم تجزيانه. (¬12) ك م - الإمام. (¬13) ح ي: فقدم المسافر. (¬14) ح - قبل؛ صح هـ. (¬15) ي+ قلت وكذلك العبد قال نعم. وقد تقدم في المتن جواز إقامة العبد للجمعة بإذن الإمام. وقال الحاكم: وإن أمر الأمام مسافراً أو عبداً أن يقيم الجمعة بالناس جاز ذلك. انظر: الكافي، 1/ 17 و؛ والمبسوط، 2/ 36.

دخل المسجد (¬1) أحدث الإمام قبل أن يدخل في الصلاة، فقدمه، كيف يصنع؟ قال: يصلي بهم (¬2) الظهر ركعتين، ثم يتشهد ويسلم، ثم يقوم الناس فيقضون ركعتين وحداناً بغير إمام. قلت: أرأيت الإمام ما يجب عليه أن يقرأ في الجمعة؟ قال: ما قرأ فحسن، ويكره (¬3) أن يوقّت في ذلك وقتاً. قلت: فأي سورة يقرؤها على المنبر؟ قال: ما قرأ فحسن. قلت: فإن قرأ على المنبر سورة فيها سجدة، أيسجدها ويسجد معه (¬4) من سمعها (¬5)؟ قال: نعم. قلت: فإن قرأها في الصلاة؟ قال: يسجدها ويسجد من معه. قلت: فإن لم يسجدها (¬6) وفرغ من صلاته وسلم، هل يسجد الناس (¬7) بعد ذلك؟ قال: إذا لم يسجد الإمام فلا يسجد من خلفه. قلت: أرأيت الإمام إن كان (¬8) حين قرأ السجدة أحدث (¬9) قبل أن يسجدها، فقدم (¬10) رجلاً، أينبغي لذلك الرجل المقدم أن يسجدها ويسجد (¬11) معه الناس (¬12)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الجيش يغزون (¬13) أرض الحرب فيحاصرون (¬14) مدينة، ويوطّنون أنفسهم على إقامة شهر، هل يُجَمِّع بهم (¬15) إمامهم؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهم مسافرون. قلت: فإن صلى بهم إمامهم الجمعة؟ قال: لا تجزيهم، وعليهم أن يعيدوا الظهر ركعتين؛ لأنهم مسافرون، فلا يجزيهم أن يصلوا الجمعة إلا في مصر من الأمصار مع الإمام. قلت: أرأيت إماماً صلى الجمعة بالناس، فلما فرغ (¬16) من الركعة ¬

_ (¬1) م - دخل المسجد، صح هـ. (¬2) ح ي - بهم. (¬3) ح ي + له. (¬4) ح ي - معه. (¬5) ح ي: من يسمعها. (¬6) ك م: لم يسجد. (¬7) ح + من. (¬8) ح ي - إن كان. (¬9) م: هل حدث. (¬10) ح ي: وقدم. (¬11) ح ي + من. (¬12) ح ي - الناس. (¬13) م: يعرفون. (¬14) ح: ويحاصرون. (¬15) م: هل يجمعهم. (¬16) ح ي: فرغوا.

الثانية قام حتى (¬1) استوى قائماً؟ قال: عليه أن يقعد (¬2)، ويتشهد (¬3) ويسلم، ويسجد سجدتي السهو. قلت: فإن قام في الظهر في الرابعة (¬4) حتى استوى قائماً، هل عليه أن يقعد فيتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتي السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن قام في الظهر في الثانية حتى استوى قائماً (¬5)؟ قال: لا يقعد، ولكنه (¬6) يمضي (¬7) على صلاته، فإذا (¬8) سلم سجد سجدتي السهو. قلت: من أين اختلفا (¬9)؟ قال: لأن الجمعة إنما هي ركعتان، وقد تمت، والظهر (¬10) أربع ركعات لم تتم بعد، فإذا استوى في الثانية قائماً (¬11) أمرته أن يمضي في صلاته، ويسجد سجدتي السهو إذا (¬12) فرغ من صلاته (¬13). قلت: فإن لم يستو (¬14) قائماً ولكنه نهض (¬15) وحين (¬16) نهض (¬17) ذكر (¬18)؟ قال: يقعد فيتشهد ويسلم، فإذا فرغ من صلاته سجد (¬19) سجدتي السهو بعد ذلك إن كان (¬20) فعل ذلك ناسياً (¬21)، و (ن تعمد ذلك فقد أساء ولا شيء عليه. قلت: أرأيت رجلاً (¬22) افتتح الصلاة تطوعاً، وهو ينوي أن يصلي أربع ركعات، فلما صلى الثانية قام فذكر قبل أن يستتم قائماً؟ قال: يقعد فيفرغ من بقية (¬23) صلاته، وعليه سجدتا السهو. قلت: فإن استتم قائماً ومضى على صلاته، هل عليه سجدتا السهو؟ قال: نعم. قلت: فإن كان لا يريد أن ¬

_ (¬1) ي: حين. (¬2) ح ي + فيتشهد. (¬3) ح ي + من معه. (¬4) ح ي - في الرابعة. (¬5) ح ي - هل عليه أن يقعد فيتشهد ويسلم ثم يسجد سجدتي السهو قال نعم قلت فإن قام في الظهر في الثانية حتى اسثوى قائماً. (¬6) ح ي - ولكنه. (¬7) ح ي: ويمضي. (¬8) ك: وإذا. (¬9) ح: اختلف. (¬10) ح: وفي الظهر. (¬11) ي: فإنما. (¬12) ح: فإذا؛ صح هـ. (¬13) ح - من صلاته. (¬14) ي: لم يستوي. (¬15) ح ي + إلى الصلاة. (¬16) م: حين. (¬17) ح ي - وحين نهض. (¬18) ح ي: فذكر. (¬19) ح ي: يسجد. (¬20) م: وإن كان. (¬21) ح ي: ساهياً. (¬22) ح ي: الرجل. (¬23) ح ي - بقية.

باب صلاة العيدين

يصلي أربع ركعات، فلما كان (¬1) في الثانية نهض (¬2) حتى استوى قائماً، ثم ذكر؟ قال: يقعد فيتشهد (¬3) ويسلم، ويسجد سجدتي السهو. قلت: وكذلك لو نهض في الركعتين من الوتر (¬4) أو المغرب (¬5) فهو مثل ما وصفت لك في الظهر والعصر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل أيحتبي (¬6) يوم الجمعة في المسجد؟ قال: إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل. * * * باب صلاة العيدين قلت: أرأيت العيدين هل يجب فيهما الخروج (¬7) على أهل القرى والجبال والسواد؟ قال: لا، إنما يجب على أهل الأمصار والمدائن. قلت: أرأيت الإمام يوم العيد، أيبدأ بالخطبة أو بالصلاة؟ قال: بل يبدأ بالصلاة، فإذا فرغ (¬8) خطب (¬9)، ثم جلس جلسة خفيفة، ثم يقوم فيخطب، ويقرأ في خطبته بسورة (¬10) من القرآن. قلت: أفتحب (¬11) للقوم (¬12) أن يستمعوا ¬

_ (¬1) ك م: قعد. (¬2) ك م + في الركعتين. (¬3) ح ي: ويتشهد. (¬4) ح ي: في الوتر. (¬5) م ح: والمغرب. (¬6) ح ي: الرجل الذي يحتبي. الاحتباء هو اْن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشدّه عليها، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب. منه قيل: الاحتباء حيطان العرب، أي ليس في البراري حيطان، فإذا أرادوا أن يستندوا احتبَوْا، لأن الاحتباء يمنعهم من السقوط ويصير لهم كالجدار، وقيل بكراهة الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب لأن الاحتباء يجلب النوم ولا يسمع الخطبة ويعرّض طهارته للانتقاض. انظر: لسان العرب، "حبو". (¬7) ح ي: الخروج فيهما. (¬8) ح ي + قام. (¬9) ح ي: فخطب. (¬10) ح ي: سورة. (¬11) م ي: أفيجب. (¬12) ح: القوم.

وينصتوا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال (¬1): ليس فيهما أذان ولا إقامة (¬2). قلت: أرأيت الإمام إن بدأ (¬3) بالخطبة فخطب ثم صلى بهم هل تجزيهم صلاتهم (¬4)؟ قال: نعم. قال (¬5): ولا يخرج المنبر في العيدين (¬6). قلت: أرأيت التكبير في صلاة العيدين كيف هو؟ قال: يقوم الإمام فيكبر واحدة يفتتح بها الصلاة، ثم يكبر (¬7) بعدها ثلاثاً، فإذا كبر قرأ (¬8) بفاتحة القرآن وبسورة (¬9)، فإذا فرغ من القراءة كبر الخامسة فركع بها، فإذا فرغ من ركوعه وسجوده قام في الثانية فبدأ فقرأ (¬10) بفاتحة القرآن وبسورة (¬11)، فإذا فرغ من القراءة كبر (¬12) ثلاث تكبيرات، ثم يكبر الرابعة فيركع بها، ثم يسجد، فإذا فرغ تشهد وسلم. قلت: فهل يرفع يديه في (¬13) تكبيرة من هذه (¬14) التسع (¬15) تكبيرات؟ قال: نعم. قلت: ولا يرفع يديه في تكبيرتين من هذه التسع (¬16) وإنما يرفع في السبع منها (¬17)؟ قال: نعم. قلت: فأيها (¬18) التي (¬19) يرفع فيها يديه (¬20)؟ قال: إذا افتتح الصلاة رفع (¬21) يديه، ¬

_ (¬1) ح ي + لا. (¬2) ح ي - ليس فيهما أذان ولا إقامة. (¬3) ح ي: إن بدأ الإمام. (¬4) ح ي - صلاتهم. (¬5) ك م - قال. (¬6) ح ي - قال ولا يخرج المنبر في العيدين. وستأتي المسألة مرة أخرى. انظر: 1/ 73 ظ. (¬7) ح: ثم تكبير. (¬8) ح ي: يقرأ. (¬9) ح ي: الكتاب وسورة. (¬10) ي - فقرأ. (¬11) ي: وسورة. (¬12) ح - الخامسة فركع بها فإذا فرغ من ركوعه وسجوده قام في الثانية فبدأ فقرأ بفاتحة القرآن وبسورة فكذا فرغ من القراءة كبر؛ صح هـ. (¬13) ك ح ي + كل. (¬14) م - هذه. (¬15) ح ي: السبع. (¬16) م - التسع. (¬17) ح: في التكبيرتين من غير هذه السبع وانما يرفع من السبع فيها؛ ي: في التكبير من غير هذه السبع وإنما يرفع من السبع فيها. (¬18) م ح ي: فأيهم. (¬19) ح: الذي. (¬20) ي: يده. (¬21) ك م: ورفع؛ ح + فيها.

ثم يكبر ثلاثاً فيرفع يديه، ثم يكبر الخامسة ولا يرفع يديه، فإذا قام في الثانية وقرأ كبر ثلاث تكبيرات ويرفع يديه، ثم يكبر الرابعة للركوع ولا يرفع يديه (¬1). قلت: والتكبير في الفطر والأضحى والخطبة والصلاة سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يفوته العيد هل عليه أن يصلي شيئاً؟ قال: إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل. قلت: فكم يصلي إن أراد أن يصلي (¬2)؟ قال (¬3): إن شاء (¬4) أربع ركعات، صان شاء ركعتين. قلت: أرأيت الإمام إذا خرج إلى الجَبَّانَة (¬5) أينبغي له أن يخلف رجلاً يصلي بالناس في المسجد؟ قال: إن فعل فحسن، وإن لم يفعل فلا شيء عليه. قلت: فإن فعل كيف يصلي بهم الرجل؟ قال: يصلي بهم (¬6) كما يصلي الإمام في الجبانة. قلت: أرأيت رجلاً (¬7) أحدث في الجبانة يوم العيد وهو مع الإمام، فخاف إن رجع إلى الكوفة أن تفوته (¬8) الصلاة، وهو (¬9) لا (¬10) يجد الماء، كيف يصنع؟ قال: يتيمم ويصلي مع الناس. قلت: لم؟ قال: لأن العيد إن فاته (¬11) لم تكن (¬12) عليه صلاة، وصلاة العيد (¬13) بمنزلة الصلاة على الجنازة؛ ألا ترى أنه إذا صلى على الجنازة فأحدث أنه يتيمم ¬

_ (¬1) ك م - فكذا قام في الثانية وقرأ كبر ثلاث تكبيرات ويرفع يديه ثم يكبر الرابعة للركوع ولا يرفع يديه. (¬2) ح ي - إن أراد أن يصلي. (¬3) ح ي + إن أراد أن يصلي. (¬4) ح - إن شاء. (¬5) ح ي: من الجبانة. أي: مصلى العيد خارج المدينة. وقد تقدم. (¬6) ح ي - بهم. (¬7) ي: رجل. (¬8) ي: أن يفوته. (¬9) ك م - وهو. (¬10) ك م: ولا. (¬11) ك: العيدين إن فاتته؛ ي: إذا فاته. (¬12) م ح: لم يكن. (¬13) ك م: العيدين.

ويصلي (¬1) عليها، فكذلك (¬2) العيد. قلت: فإن أحدث بعدما صلى ركعة أيتيمم مكانه ويمضي على صلاته؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يتمم ولكنه انصرف إلى الكوفة فتوضأ، ثم عاد إلى المصلى فوجد الإمام قد صلى، كيف يصنع؟ قال: يصلي ركعتين كصلاة الإمام، ويكبر (¬3) كما يكبر الإمام. قلت: فهل يقرأ فيهما؟ قال: لا. قلت: فما شأنه يكبر ولا يقرأ؟ قال: لأن قراءة الإمام له قراءة، ولا يكون تكبير الإمام له تكبيرات ألا ترى أن (¬4) من خلف الإمام يكبرون معه ولا يقرؤون، فهذا والذي خلفه سواء، ولأنه (¬5) قد أدرك أول الصلاة مع الإمام. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا دخل مع الإمام في الصلاة متوضئاً (¬6) لم يجزه (¬7) التيمم؛ لأن هذا لا يفوته الصلاة (¬8). وهذا قول زفر. قلت: أرأيت الإمام هل يقرأ في العيدين بشيء معلوم (¬9)؟ قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان (¬10) يقرأ فيهما (¬11) بِـ (¬12) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} (¬13) و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)} (¬14). وأيما (¬15) سورة من ¬

_ (¬1) ك م: فيصلي. (¬2) ح ي: وكذلك. (¬3) ح ي: يكبر. (¬4) م: إلا أن ترى. (¬5) ك م: لأنه. (¬6) ح ي - متوضئاً. (¬7) ي: لم يجزيه. (¬8) ك م - الصلاة. وقد مرت نفس المسألة في باب التيمم مع زيادة: "الصلاة"؟ انظر: 1/ 20 ظ. (¬9) ح: شيئاً معلوماً. (¬10) ح ي - كان. (¬11) ك م - فيهما؛ ي: فيها. (¬12) الباء ساقطة من م. (¬13) سورة الأعلى، 87/ 1. (¬14) سورة الغاشية، 88/ 1. وروي هذا الحديث عن الإمام أبي حنيفة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في العيدين والجمعة بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)}. انظر: مسند أبي حنيفة لأبي نعيم، 52 - 54؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 374، 376. وانظر: صحيح مسلم، الجمعة، 62؛ وسنن أبي داود، الصلاة، 234، 236، وسنن الترمذي، الجمعة، 33. (¬15) م: وانما.

القرآن قرأها أجزأه، وقد يكره (¬1) أن يتخذ الرجل شيئاً (¬2) من القرآن حتماً (¬3) حتى لا يقرأ في تلك الصلاة (¬4) غيرها. قلت: فهل قبل العيدين (¬5) صلاة؟ قال: لا. قلت: فهل بعدها صلاة؟ قال: إن شاء صلى أربعاً، وان شاء لم يصل. قلت: أرأيت رجلاً أدرك الإمام في صلاة العيد بعدما تشهد ولم يسلم، أو أدركه بعدما سلم وسجد سجدتي السهو فدخل معه (¬6)، ثم سلم الإمام، أيقوم الرجل فيصلي صلاة العيد؟ قال: نعم. قلت: ويقرأ ويكبر؟ قال: نعم (¬7). قلت (¬8): فكيف يكبر إذا قام يصلي إذا أدركه؟ قال: يكبر ثلاث (¬9) تكبيرات، ثم يقرأ بفاتحة (¬10) القرآن وبسورة (¬11)، ثم يكبر الرابعة فيركع بها، ويسجد، ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ بفاتحة القرآن وسورة (¬12)، ثم يكبر أربع تكبيرات (¬13)، ويركع (¬14) في التكبيرة (¬15) الرابعة. قلت: لم جعلت على هذا ثمان تكبيرات؟ قال: لأنه (¬16) كبر تكبيرة واحدة حين افتتح بها الصلاة مع الإمام، فألقيت (¬17) عنه تلك التكبيرة (¬18). قلت: أرأيت رجلاً أدرك مع الإمام ركعة من العيد، فلما سلم الإمام قام يقضي، كيف يكبر (¬19)؟ قال: يقرأ بفاتحة (¬20) القرآن وبسورة (¬21)، ثم يكبر أربع (¬22) ¬

_ (¬1) صح: أكره. (¬2) ي: شي. (¬3) ح - حتماً؛ ي: قبل. (¬4) ح ي: الساعة. (¬5) ح ي + من. (¬6) م + رجل. (¬7) ح ي - قلت ويقرأ ويكبر قال نعم. (¬8) م - قلت. (¬9) ي: ثلث. (¬10) ح ي: فاتحة. (¬11) م - ثم يقرأ بفاتحة القرآن وبسورة؛ ح ي: وسورة. (¬12) ك م - ثم يكبر الرابعة فيركع بها ويسجد ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ بفاتحة القرآن وسورة. (¬13) م - ثم يكبر أربع تكبيرات. (¬14) ح ي: فيركع؛ ح ي + بها. (¬15) ي: في التكبير. (¬16) ح ي + قد. (¬17) م: فالتقيت. (¬18) ح ي: التكبير. (¬19) صح: يقضي. (¬20) ح ي: فاتحة. (¬21) صح ي: وسورة. (¬22) م: بأربع.

تكبيرات (¬1) يركع بآخرهن. قلت: أرأيت الإمام هل ينبغي له أن يكبر في العيدين أكثر من تسع (¬2) تكبيرات؟ قال: ما أحب له ذلك. قلت: فإن فعل هل يضره ذلك شيئاً (¬3)؟ قال: لا. قلت: أرأيت إماماً قرأ السجدة يوم العيد (¬4)؟ قال: عليه (¬5) أن يسجد، ويسجد معه أصحابه (¬6). قلت: وكذلك لو قرأها وهو يخطب؟ قال: نعم، يسجدها ويسجد (¬7) معه من سمعها، وأما إذا قرأها في الصلاة فسجدها (¬8) سجدها (¬9) معه من سمعها ومن (¬10) لم يسمعها، جميع من معه في الصلاة. قلت: أرأيت النساء هل عليهن خروج في العيدين؟ قال: قد كان يرخَّص (¬11) لهن في ذلك، فأما اليوم (¬12) فإني أكره لهن (¬13) ذلك. قلت: أفتَكره (¬14) لهن أن (¬15) يشهدن (¬16) الجمعة والصلاة المكتوبة في جماعة؟ قال: نعم. قلت: فهل ترخص (¬17) لشيء (¬18) منهن؟ قال: أرخص للعجوز (¬19) الكبيرة (¬20) أن تشهد العشاء والفجر والعيدين، فأما (¬21) غير ذلك فلا. قلت: أرأيت العبد (¬22) هل يجب (¬23) عليه أن يشهد الجمعة ¬

_ (¬1) م + ثم. (¬2) ح ي: من سبع. (¬3) ك م: هل يضره من ذلك شيء. (¬4) ح ي - يوم العيد. (¬5) ح ي: هل عليه. (¬6) ح ي + قال نعم. (¬7) ح ي - ويسجد. (¬8) ح: سجدها. (¬9) ح ي: وسجدها. (¬10) م: أو من. (¬11) ي: إن كان ترخص. (¬12) ي+ فلا. (¬13) ح ي + في. (¬14) م: أفيكره؛ ح ي: فهل تكره. (¬15) ح - أن. (¬16) ي: أن تشهدن. (¬17) م: يرخص. (¬18) ح ي: بشيء. (¬19) ي: العجوز. (¬20) ح ي: الكبير. (¬21) ح: وأما. (¬22) م: العيد. (¬23) ح ي - يجب.

باب التكبير في أيام التشريق

والعيدين (¬1)؟ قال: إن فعل فحسن، وإن لم يفعل فلا شيء عليه. قلت: فهل ينبغي له أن يفعل دون أن يأذن له (¬2) مولاه؟ قال: لا. قلت: فهل ينبغي للمولى أن يمنعه من ذلك أو من الصلاة (¬3) في جماعة؟ قال: إن فعل لم يضره ذلك شيئاً. قلت: أرأيت السهو في العيدين والجمعة والصلاة المكتوبة والتطوع أهو سواء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك السهو في صلاة الخوف؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المنبر هل يُخْرَج في العيدين؟ قال: لا. قلت: أرأيت الإمام إذا كبر (¬4) في العيدين أكثر من تسع (¬5) تكبيرات أينبغي لمن خلفه أن يكبروا معه؟ قال: نعم، يتبعونه (¬6) إلا أن يكبر ما لا يكبر أحد من الفقهاء وما لم تجئ (¬7) به الآثار. * * * باب التكبير في أيام التشريق قلت: أرأيت التكبير في أيام التشريق متى هو، وكيف هو، ومتى يبدأ (¬8)، ومتى يقطع؟ قال: كان عبد الله بن مسعود يبتدئ به من صلاة الغداة (¬9) يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر (¬10)، وكان علي بن أبي ¬

_ (¬1) ي: والعيد. (¬2) ح ي - أن يأذن له. (¬3) ح: من صلاة. (¬4) ح ي: إذا كبر الإمام. (¬5) ح ي: من سبع. (¬6) ح ي: يتابعونه. (¬7) ح: لم يجئ. (¬8) ح ي: يبتدأ؛ ح ي + به. (¬9) ح: الغد. (¬10) قال الإمام محمد: أخبرنا سلام بن سليم الحنفي عن أبي إسحاق السبيعي عن الأسود بن يزيد قال كان عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 310؛ ورواه من وجه آخر. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 308. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 60؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 1/ 488؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 222.

طالب يكبر من صلاة (¬1) الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق (¬2)، فأي ذلك (¬3) ما فعلت فهو حسن (¬4)، وأما أبو حنيفة فإنه كان يأخذ بقول ابن مسعود، وكان (¬5) يكبر (¬6) من صلاة الغداة يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر، ولا (¬7) يكبر بعدها، وأما أبو يوسف ومحمد (¬8) فإنهما يأخذان بقول علي بن أبي طالب. قلت: فكيف التكبير؟ قال: إذا سلم الإمام قال: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود (¬9). قلت (¬10): فمن صلى المكتوبة في جماعة في مصر من الأمصار فعليهم أن يكبروا في هذه الأيام؟ قال: نعم. قلت: فإن كان معهم (¬11) نساء؟ قال: عليهن أن يكبرن. قلت: أرأيت من صلى وحده من المقيمين أو المسافرين (¬12) أو النساء هل عليهم (¬13) أن يكبروا؟ قال: لا. قلت: فهل على المسافرين أن يكبروا؟ قال: لا. قلت: أرأيت (¬14) من صلى (¬15) التطوع في جماعة (¬16) أو صلى الوتر هل يكبر (¬17) بعدها؟ قال: لا (¬18). قلت: فهل ¬

_ (¬1) ح: في صلاة. (¬2) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه كان يكبر من صلاة الفجر من يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق. انظر: الآثار لمحمد، 42. وانظر: الاثار لأبي يوسف، 60؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 1/ 488، ونصب الراية للزيلعي، 2/ 222. (¬3) ي: ذلك فأي. (¬4) ح ي: فعلت فحسن. (¬5) ح ي - وكان. (¬6) ك: مسعود ويكبر. (¬7) ح ي: ثم لا. (¬8) ح ي + بن الحسن. (¬9) ح ي: وابن مسعود. انظر: المصادر السابقة. (¬10) ح - قلت. (¬11) ح: معهن. (¬12) ك ح ي: والمسافرين. (¬13) ح - هل عليهم. (¬14) ح ي - أرأيت. (¬15) م: إن صلى. (¬16) ح ي: من التطوع في الجماعة. (¬17) ح ي: هل يكبروا. (¬18) م - قال لا.

على أهل السَّوَاد (¬1) أن يكبروا (¬2)؟ قال: لا. قلت: فإن صلوا في جماعة؟ قال (¬3): وإن صلوا في جماعة (¬4) فلا (¬5) تكبير عليهم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال (¬6) أبو يوسف ومحمد (¬7): نرى (¬8) التكبير على من صلى المكتوبة (¬9)، رجل أو امرأة أو (¬10) مسافر أو مقيم صلى وحده أو في جماعة. قلت: أرأيت المحرم يوم عرفة إذا صلى وسلم أيبدأ بالتكبير أو (¬11) بالتلبية؟ قال: بل (¬12) يبدأ بالتكبير ثم يلبي. قلت: لم؟ قال: لأن التكبير أوجبهما. قلت: أرأيت (¬13) الإمام إذا كان عليه سجدتا (¬14) السهو أيكبر (¬15) قبل أن يسجدهما؟ قال: لا، ولكنه يسجدهما ويسلم ثم يكبر. قلت: أرأيت رجلاً سبقه الإمام بركعة (¬16) في أيام التشريق أيكبر مع الإمام حين (¬17) يسلم أو يقوم (¬18) فيقضي؟ قال: بل يقوم فيقضي (¬19)، فإذا سلم كبر. قلت: لم؟ قال: لأن التكبير ليس من الصلاة؛ ألا ترى لو أن رجلاً دخل معهم في التكبير يريد الصلاة (¬20) لم يجزه (¬21) ذلك. قلت (¬22): وهذا لا يشبه سجدتي السهو؟ قال: لا؛ ألا ترى أن من دخل مع الإمام في سجدتي السهو فقد دخل معه في الصلاة؛ لأن سجدتي السهو من الصلاة، والتكبير ليس من الصلاة. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس يوم العيد، فلما صلى الركعة ¬

_ (¬1) أهل السَّواد هم أهل القرى في العراق كما تقدم. (¬2) ح: تكبيرة ي: تكبيراً. (¬3) م + فإن صلوا في جماعة قال. (¬4) ح ي - قال وإن صلوا في جماعة. (¬5) م: ولا. (¬6) ح ي + وأما. (¬7) ح ي + قالا. (¬8) ي - نرى. (¬9) ح ي + من. (¬10) ح ي - أو امرأة أو. (¬11) ح ي + يبدأ. (¬12) ح م - بل. (¬13) ي - أرأيت. (¬14) ح ي: سجدتي. (¬15) ح ي: يكبر. (¬16) ح - بركعة. (¬17) صح: حتى. (¬18) صح ي: أم يقوم. (¬19) صح: يقضي. (¬20) ح ي: في التكبير إن بدأ بالصلاة. (¬21) ي: إن بدأ بالصلاة لم يجزيه. (¬22) ح - قلت.

الثانية (¬1) قام حتى استوى قائماً (¬2) وهو ساهي، كيف يصنع؟ قال: يقعد، ويتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتي السهو، ويسجد من خلفه معه (¬3)، ثم يتشهد ويسلم (¬4). قلت: أرأيت إن لم ينهض الإمام ولكن (¬5) نهض رجل ممن (¬6) خلف الإمام ثم ذكر بعدما استتم قائماً (¬7)؟ قال: يقعد، ويتشهد (¬8) مع الإمام ويسلم معه، ولا سهو عليه. قلت: لم؟ قال: لأنه ليس على من خلف الإمام سهو إذا لم يَسْهُ (¬9) الإمام. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس في أيام التشريق، فنسي أن يكبر حتى قام من مجلسه ذلك، أو خرج من المسجد ثم ذكر؟ قال: ليس عليه أن يكبر، وعلى (¬10) من خلفه التكبير. قلت: فإن ذكر قبل أن يقوم من مجلسه أو قبل (¬11) أن يخرج من المسجد ولم يتكلم، أيكبر ويكبر من معه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس يوم العيد فأحدث؟ قال: يتيمم ويمضي على صلاته؛ لأن العيد ليس كغيره. ألا ترى أنه خارج من المصر وليس بحضرته ماء. قلت: فإن قدّم الإمام رجلاً يصلي بالناس بعدما أحدث الإمام وقد قرأ (¬12) السجدة، ولم يكن سجدها (¬13) حتى أحدث، هل يسجدها هذا الإمام الثاني؟ قال: نعم يسجدها، ويسجد معه الناس. قلت: أرأيت إن كان الإمام الثاني لم يكن داخلاً في صلاة القوم ولم يسمع ¬

_ (¬1) ح ي: صلى ركعتين. (¬2) ح ي - حتى استوى قائماً. (¬3) ح ي - معه. (¬4) ح ي: ثم يسلم. (¬5) ح ي: ولكنه. (¬6) صح: من. (¬7) م: فإنما. (¬8) ح ي: فيتشهد. (¬9) ي: لم يسهوا. (¬10) ك م: ولا على. وقال الحاكم: فإن نسي الإمام التكبير حتى انصرف من صلاته فإن ذكره قبل أن يخرج من المسجد عاد فكبر، وإن كان قد خرج سقط عنه، وعلى القوم أن يكبروا. انظر: الكافي، 1/ 17 ظ؛ والمبسوط، 2/ 45. (¬11) ك ح ي: وقبل. (¬12) ي + الإمام. (¬13) ي: يسجدها.

باب صلاة الخوف والفزع

السجدة، فلما قدمه الإمام (¬1) كبر ينوي (¬2) الدخول في صلاة القوم، أيسجدها (¬3) ويسجدها (¬4) من معه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الإمام الأول (¬5) لما (¬6) قرأ السجدة (¬7) نسي أن يسجدها، فلما أراد أن يركع أحدث، فقدم هذا، هل (¬8) على الإمام الأول وعلى من خلفه سجدتا (¬9) السهو؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصلاة قبل العيد هل تكرهها (¬10)؟ قال: نعم. قلت: أفتكرهها (¬11) بعد (¬12)؟ قال: لسمت أكره، إن شاء صلى، وإن شاء لم يصل. قلت: أرأيت الإمام (¬13) إذا خطب في العيدين (¬14) هل يجب على الناس أن ينصتوا ويستمعوا (¬15) كما يجب (¬16) عليهم في الجمعة؟ قال: نعم. * * * باب صلاة الخوف والفزع (¬17) قلت: أرأيت الإمام إذا كان مُوَاقِفَ العدو في أرض الحرب، فحضرت الصلاة، فأراد أن يصلي بالناس، كيف يصلي بهم؟ قال: تقف طائفة من الناس بإزاء العدو، ويفتتح الإمام الصلاة وطائفة معه، فيصلي بالطائفة الذين (¬18) معه ركعة وسجدتين، فإذا فرغ منها انفتلت (¬19) الطائفة ¬

_ (¬1) حي - الإمام. (¬2) ح: ونوى. (¬3) ح ي: أيسجد بهم. (¬4) ك ح ي: ويسجد. (¬5) ح ي - الأول. (¬6) ح ي: بهما. (¬7) ي + ثم. (¬8) ك م - هل. (¬9) ي: سجدتي. (¬10) م: هل يكرهها؛ ح ي: هل تضره. (¬11) م: أفيكرهها؛ ح ي: أفيصليهما. (¬12) ح: بعده. (¬13) م - الإمام. (¬14) ح ي: في العيد. (¬15) ح ي: أن يستمعوا وينصتوا. (¬16) ح: تجب. (¬17) ح ي - والفزع. (¬18) ح ي: التي. (¬19) م: انقلبت؛ ح ي: انفتل.

الذين (¬1) مع الإمام من غير أن يتكلموا ولا يسلموا، فيقفون (¬2) بإزاء العدو، وتأتي الطائفة الأخرى (¬3) الذين (¬4) كانوا بإزاء العدو، فيدخلون مع الإمام في الصلاة، فيصلي (¬5) بهم (¬6) الإمام ركعة أخرى وسجدتين، ثم يتشهد، ويسلم الإمام إذا (¬7) فرغ من الصلاة، ثم تقوم (¬8) الطائفة التي مع الإمام، فيأتون مقامهم من غير أن يتكلموا ولا يسلموا حتى يقفوا بإزاء العدو، وتأتي الطائفة التي (¬9) كانت بازاء العدو (¬10) - وهم الذين صلوا مع الإمام الركعة الأولى - فيأتون مكانهم الذي صلوا فيه (¬11)، فيقضون ركعة وسجدتين (¬12) بغير إمام ولا قراءة، ويقعدون ويسلمون، تنم يقومون فيأتون مقامهم، ثم يأتي (¬13) الطائفة الذين صلوا مع الإمام الركعة الثانية، فيقضون ركعة وسجدتين (¬14) بقراءة بغير إمام، ويتشهدون (¬15) ويسلمون (¬16)، ثم يقومون فيأتون أصحابهم فيقومون (¬17) معهم. قلت: ولم يصلي بهم الإمام ركعة ركعة (¬18)؟ قال (¬19): لقول (¬20) الله تعالى (¬21) في كتابه: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا ¬

_ (¬1) ح ي: التي. (¬2) ح ي: فيقفوا. (¬3) ح ي - الأخرى. (¬4) ك م: التي. (¬5) م: فصلى. (¬6) من هنا سقط مقدار كبير من نسخة ح فاستكمل الناسخ ذلك في الصفحة التالية. (¬7) ح ي: فإذا. (¬8) ح ي: قامت. (¬9) ك م: الذين. (¬10) ح ي - وتأتي الطائفة التي كانت بإزاء العدو. (¬11) ح ي - الذي صلوا فيه. (¬12) ح ي + وحداناً. (¬13) ك: ثم تأتي؛ ح ي: ثم يأتون. (¬14) ي - بغير إمام ولا قراءة ويقعدون ويسلمون ثم يقومون فيأتون مقامهم ثم يأتي الطائفة الذين صلوا مع الإمام الركعة الثانية فيقضون ركعة وسجدتين. (¬15) م: ويتشهد؛ ي: ويتشهدوا. (¬16) ي: ويسلموا. (¬17) ك ح: فيقفون؛ ي: فيقفوا. (¬18) ح ي - ركعة. (¬19) م - قال. (¬20) ح ي: يقول. (¬21) ح - الله تعالى.

حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (¬1) قلت: أرأيت لو كان هذا (¬2) العدو في القبلة، فاستطاع (¬3) الإمام أن يصلي بالناس (¬4) جميعاً ويستقبل العدو، أيفعل (¬5) ذلك؟ قال: إن شاء فعل، وإن شاء صلى كما وصفت لك. قلت: فإذا (¬6) كانت الصلاة صلاة المغرب كيف يصلي بهم؟ قال: يفتتح الصلاة ومعه طائفة، وطائفة بإزاء العدو، فيصلي بالطائفة التي (¬7) معه ركعتين، ثم تقوم الطائفة فيأتون (¬8) مقامهم (¬9)، فيقومون (¬10) بازاء العدو من غير أن يتكلموا ولا يسلموا، وتأتي (¬11) الطائفة الذين (¬12) كانوا بإزاء العدو، فيدخلون مع الإمام في الصلاة، فيصلي بهم ركعة (¬13)، ويتشهد ويسلم، ثم تقوم الطائفة التي (¬14) معه من غير أن يتكلموا ولا يسلموا (¬15)، فيأتون مقامهم (¬16) بإزاء العدو، وتجيء الطائفة التي (¬17) صلت مع الإمام الركعتين الأوليين، فيأتون مقامهم الذي (¬18) صلوا فيه، فيقضون ركعة وسجدتين وحداناً بغير إمام ولا قراءة، ويتشهدون ويسلمون (¬19)، ثم يقومون فيأتون مقامهم بإزاء العدو، وتجيء الطائفة التي صلت مع الإمام الركعة الثالثة، فيأتون مقامهم (¬20) الذي (¬21) صلوا فيه، فيقضون ركعتين بقراءة وحداناً، ويتشهدون ويسلمون، ثم يأتون مقامهم فيقفون (¬22) مع أصحابهم. قلت: أرأيت إذا كان الإمام مقيماً في مصر أو في (¬23) مدينة فأتاه ¬

_ (¬1) سورة النساء، 4/ 102. (¬2) ح ي - هذا. (¬3) ح ي: واستطاع. (¬4) ح ي: بهم. (¬5) ك: يفعل. (¬6) ح ي: فإن. (¬7) ك: الذين. (¬8) ك م: فتأتي. (¬9) ح: مصافهم. (¬10) ك ح ي: فيقفون. (¬11) ي: ويأت. (¬12) ك م: التي. (¬13) ينتهي هنا السقط والإكمال في نسخة ح. (¬14) ح ي: الذين. (¬15) ح - ولا يسلموا. (¬16) ح ي + فيقفون. (¬17) ح ي: الذين. (¬18) ح ي: الذين. (¬19) ح ي: ويتشهدوا ويسلموا. (¬20) ح: المقام. (¬21) ح ي: الذين. (¬22) م: فيقضون. (¬23) ح ي - في.

العدو، فحضرت الصلاة، فصلى صلاة الخوف، هل يقصر (¬1) الصلاة؟ قال: لا، ولكنه يصلي بهم صلاة مقيم. قلت: وكيف يصلي بهم (¬2)؟ قال: يفتتح الصلاة ومعه طائفة، وطائفة بإزاء العدو، فيصلي بهم ركعتين، ثم تقوم (¬3) الطائفة التي (¬4) معه فيذهبون، فيقفون (¬5) بإزاء العدو من غير أن يتكلموا ولا يسلموا، وتأتي (¬6) الطائفة التي كانت بإزاء العدو، فيدخلون مع الإمام في الصلاة، فيصلي بهم ركعتين تمام صلاته، ويتشهد ويسلم، ثم تقوم الطائفة الذين (¬7) صلوا معه الركعتين الأخريين (¬8)، فيأتون مقامهم من غير أن يتكلموا ولا يسلموا، وتأتي (¬9) الطائفة التي صلت مع الإمام الركعتين الأوليين، فيقضون ركعتين وحداناً بغير قراءة، ويتشهدون ويسلمون (¬10)، ثم يقومون (¬11) مقامهم، وتأتي (¬12) الطائفة الذين (¬13) صلوا مع الإمام الركعتين الأخريين (¬14)، فيقضون وحداناً ركعتين بالقراءة (¬15)، ويتشهدون ويسلمون، ثم يقومون فيقفون (¬16) بإزاء العدو (¬17). قلت: أرأيت الطائفة الذين (¬18) صلوا مع الإمام الركعتين الأوليين لم يقضون بغير قراءة؟ قال: لأنهم أدركوا أول الصلاة مع الإمام، فقراءة الإمام لهم قراءة، وأما الذين أدركوا مع الإمام الركعتين الأخريين (¬19) فلا بد لهم من القراءة فيما يقضون؛ لأنهم لم يدركوا مع الإمام أول الصلاة. قلت: ¬

_ (¬1) ي: هل تقصر. (¬2) ح ي - بهم. (¬3) ح ي: ثم هؤلاء. (¬4) ح ي: الذين. (¬5) م: فيقضون. (¬6) صح ي: ثم تأت. (¬7) ك م: التي. (¬8) م: الاخرتين. (¬9) ح ي: وتأت. (¬10) ي: ويتشهدوا ويسلموا. (¬11) م: ثم يقون؛ ح ي + فيأتون. (¬12) ي: ثم تأت. (¬13) ك م: التي. (¬14) م ح: الاخرتين. (¬15) ح ي: فيقضون ركعتين بقراءة وحداناً. (¬16) م: فيقفون. (¬17) ح ي: ثم يأتون مقامهم فيقفون مع أصحابهم. (¬18) ك م: التي. (¬19) م: الاخرتين.

أرأيت إن لم تقرأ الطائفة الذين (¬1) أدركوا مع الإمام الركعة الثانية (¬2)؟ قال: لا يجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: أرأيت إن ائتم أحد ممن ذكرت لك فيما يقضي بصاحبه (¬3)؟ قال: أما الإمام فصلاته تامة، وأما الذين ائتموا به فصلاتهم فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا (¬4) الصلاة. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس صلاة الخوف فسها في صلاته؟ قال: السهو في صلاة الخوف وفي غيرها سواء. قلت: فمتى يسجد للسهو (¬5)؟ قال: إذا فرغ من صلاته (¬6) وسلم سجد (¬7) سجدتي السهو، وتسجد (¬8) معه الطائفة التي خلفه، ثم يتشهد ويسلم، ثم تقوم الطائفة التي خلفه (¬9) فيأتون مقامهم فيقفون بإزاء العدو، وتأتي (¬10) الطائفة الأخرى فيقضون ركعة وحداناً، فإذا سلمو سجدوا سجدتي السهو، ثم يتشهدون ويسلمون، ثم يأتون مقامهم، وتأتي الطائفة التي بإزاء العدو فيقضون ركعة وحداناً، ولا يسجدون للسهو؛ لأنهم قد سجدوا مع الإمام (¬11). قلت: فإن سها رجل من الذين سجدوا مع الإمام فيما يقضي؟ قال: عليه سجدتا (¬12) السهو (¬13). قلت: فإن (¬14) سها رجل من الذين لم يسجدوا مع الإمام فيما يقضون (¬15) هل عليه سجدتا (¬16) السهو؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنهم ¬

_ (¬1) ك م: التي. (¬2) هذا إذا كانت الصلاة ركعتين. أما إذا كانت أربع ركعات فيكون السؤال عن الذين أدركوا مع الإمام الركعتين الأخريين. (¬3) ك: صاحبه؛ م: حاجه. (¬4) ح ي: وأما الذي يأتم به فصلاته فاسدة وعليه أن يستقبل. (¬5) ح: السهو. (¬6) ح ي: من الصلاة. (¬7) ك: يسجد. (¬8) م: ويسجد؛ ح ي: وسجد. (¬9) ح ي - ثم يتشهد ويسلم ثم تقوم الطائفة التي خلفه. (¬10) ي: ويأت. (¬11) ح ي: معه. (¬12) ح ي: سجدتي. (¬13) ك م - قلت فإن سها رجل من الذين سجدوا مع الإمام فيما يقضي قال عليه سجدتا السهو. (¬14) ح + كان. (¬15) ح ي - فيما يقضون. (¬16) ح ي: سجدتي.

خلف الإمام؛ ألا ترى أنهم يقضون الركعة بغير قراءة، ولا سهو على من خلف الإمام، ولكنهم يسجدون السجدتين اللتين كانتا على الإمام. قلت: أرأيت الإمام إذا قرأ في الركعة الثانية السجدة (¬1) فسجدها بالطائفة الذين (¬2) معه، ثم جاءت الطائفة الذين (¬3) صلوا مع الإمام أول ركعة (¬4)، أيسجدون تلك السجدة؟ قال: نعم. قلت: ولم (¬5) ولم يسمعوها (¬6)؟ قال: لأنهم قد أدركوا مع الإمام أول الصلاة، فعليهم ما على الإمام؛ ألا ترى لو أن رجلاً نام خلف الإمام في صلاة الغداة فقرأ الإمام السجدة (¬7) ثم استيقظ الرجل بعد ذلك أنه ينبغي (¬8) له أن يسجد ثم يرفع رأسه فيصنع كما يصنع (¬9) الإمام وهو لم يسمع السجدة، فكذلك هذا. قلت: أرأيت إماماً صلى بقوم صلاة الخوف، فلما كان في الركعة الثانية أحدث، ومعه الطائفة الذين (¬10) لم يدركوا معه (¬11) أول الصلاة، كيف يصنع؟ قال: يقدم رجلاً منهم، فيصلي بهم (¬12) تلك الركعة، فإذا تشهد تنحى من غير أن يسلم، ثم انفتل القوم جميعاً، فقاموا بإزاء العدو، ويأتي (¬13) الطائفة الذين أدركوا (¬14) أول الصلاة، فيقضون ركعة وحداناً، فإذا فرغوا أتوا مقامهم، ثم يأتي (¬15) الطائفة (¬16) الذين (¬17) أدركوا الركعة الثانية، فيقضون (¬18) ركعة وحداناً. قلت: أرأيت إن كان الإمام الثاني لما تقدم (¬19) سها في صلاته كيف يصنع؟ قال: إذا فرغ من تلك الركعة تشهد، وتنحى ¬

_ (¬1) ح ي - السجدة. (¬2) ك م: التي؛ ح: اللذين. (¬3) ك م: التي. (¬4) ح ي: الأول الركعة. (¬5) ك ح ي: لم. (¬6) ح ي - ولم يسمعوها. (¬7) ح + وسجد؛ ي + وسجده. (¬8) م ح: أينبغي. (¬9) ي: صنع. (¬10) ك م: التي. (¬11) ي - معه. (¬12) ح ي - بهم. (¬13) ك م: وتأتي. (¬14) ك م: التي أدركت. (¬15) ك م: ثم تأتي. (¬16) ح ي - الطائفة. (¬17) ك م: التي. (¬18) ح: فيصلون. (¬19) ح ي - تقدم.

من غير أن يسلم ولا يسجد، فيقومون فيأتون مقامهم بإزاء العدو، وتأتي الطائفة الذين (¬1) أدركوا أول الصلاة، فيقضون ركعة وحداناً، فإذا تشهدوا وسلموا سجدوا سجدتي السهو، فإذا فرغوا جاءت الطائفة الذين (¬2) أدركوا الركعة الثانية، فيقضون ركعة وحداناً (¬3)، فإذا فرغوا وسلموا سجدوا سجدتي السهو. قلت: أرأيت إن حمل (¬4) العدو على الطائفة الأولى بعدما صلوا الركعة الأولى وقاموا (¬5) بإزائهم فقاتلوهم؟ قال: صلاتهم فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: أرأيت إن كان العدو إنما (¬6) حملوا على الإمام وعلى من خلفه، والإمام ومن خلفه في الركعة الثانية، فقاتلوهم؟ قال: صلاة الإمام وصلاة من معه (¬7) وصلاة الذين صلوا (¬8) معه الركعة الأولى كلهم فاسدة. قلت: ولم (¬9)؟ قال: لأنه (¬10) إذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاة من خلفه والذين صلوا معه الركعة الأولى، وهم (¬11) خلف الإمام؛ ألا ترى أنهم يقضون الركعة بغير قراءة. قلت: لم أفسدت صلاة الإمام؟ قال: لأنه قَاتَلَ، والقتال عمل في الصلاة يفسدها. قلت: أرأيت رجلاً يخاف العدو فلا يستطيع النزول عن دابته، أيسعه أن يصلي على دابته وهي تسير (¬12) حيث توجهت (¬13)، يومئ إيماء ويجعل السجود أخفض من الركوع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً (¬14) لا يستطيع أن يقوم من خوف العدو، فهل (¬15) يسعه أن يصلي قاعداً يومئ إيماء؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ك م: التي. (¬2) ك م: التي. (¬3) ح + فإذا فرغوا جاءت الطائفة الذين أدركوا الركعة الثانية فيقضون ركعة وحداناً. (¬4) م + على. (¬5) ح ي: فقاموا. (¬6) ح ي: لما. (¬7) ح ي: خلفه. (¬8) ح - صلوا. (¬9) ك صح ي: لم. (¬10) صح: لأنهم. (¬11) م: وهو؛ ح - وهم؛ ي. هم. (¬12) م: وهو يشير؛ ح ي: وهو يسير. (¬13) ح ي + به. (¬14) ي: رجل. (¬15) م ي: وهل؛ صح: هل.

قلت: أرأيت القوم إذا كانوا يقاتلون العدو فحضرت الصلاة، هل يصلون وهم في تلك (¬1) الحال (¬2) يقتتلون (¬3)؟ قال: لا يصلون على تلك الحال (¬4)، ولكنهم يدعون الصلاة حتى ينصرف عنهم العدو. قلت: فإن قاتلهم العدو حتى ذهب وقت صلاة (¬5) أو صلاتين أو ثلاثة هل يكفون عن تلك (¬6) الصلاة؟ قال: نعم. قلت: فإذا انصرف عنهم العدو قضوا ما فاتهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان العدو لا يقاتلونهم (¬7) حتى إذا دخلوا في الصلاة أقبل العدو نحوهم، فرماهم المسلمون بالنَّبْل والنُّشَاب (¬8)، هل يقطع هذا صلاتهم؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن هذا عمل في الصلاة يفسدها، وهذا والمُسَايَفَة (¬9) سواء (¬10)، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: أرأيت الرجل يخاف السَّبُع (¬11) فلا يستطيع النزول عن دابته، هل يسعه (¬12) أن يصلي على دابته، يومئ إيماء، ويجعل السجود أخفض من الركوع حيث توجهت به دابته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الهقوم يكونون بإزاء العدو وهم يخافون هل يصلون على الدواب جماعة كما وصفت لك؟ قال: لا (¬13). قلت: أرأيت الإمام إن صلى بطائفة (¬14) منهم وهم (¬15) على الأرض، فلما صلى بهم الركعة الأولى ¬

_ (¬1) ح ي: على تلك. (¬2) ح ي: الحالة. (¬3) ح: يقاتلون. (¬4) ح ي: الحالة. (¬5) ح ي: الصلاة. (¬6) ح ي - تلك. (¬7) م: العدو يقاتلوهم. (¬8) النَّبْل: السهام العربية، اسم مفرد اللفظ مجموع المعنى، وجمعه نِبال. والنُّشّاب التركية، الواحدة نُشَّابَة. انظر: المغرب، "نبل". ولم يذكر هذا التفريق في لسان العرب، "نشب". (¬9) ك م ط: والمسابقة. والمسايفة أي: المضاربة بالسيف. انظر: المغرب، "سيف". (¬10) م - سواء، ح ي - وهذا والمسايفة سواء. (¬11) ح ي: السباع. (¬12) ح ي: أيسعه. (¬13) ح ي - قلت أرأيت القوم يكونون بإزاء العدو وهم يخافون هل يصلون على الدواب جماعة كما وصفت لك قال لا. (¬14) ح ي: بالطائفة. (¬15) ح ي: وهو.

قامت (¬1) الطائفة الذين (¬2) معه فركبوا الخيل، ثم ساروا حتى وقفوا بإزاء العدو، هل تفسد (¬3) صلاتهم؟ قال: نعم، وهذا (¬4) عمل في (¬5) الصلاة يفسدها. قلت: فإن لم يركبوا ولكنهم مشوا مشياً؟ قال: صلاتهم تامة، والمشي لا يفسد (¬6) الصلاة هاهنا. قلت: من أين اختلف المشي والركوب؟ قال: لأن (¬7) المشي لا بد منه؛ لأنهم لا يستطيعون أن يقوموا (¬8) بإزاء العدو حتى يمشوا (¬9)، والركوب منه بُدّ (¬10). قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس صلاة الخوف (¬11)، فأحدث في الركعة الأولى، فقدم رجلاً، كيف (¬12) يصلي بهم؟ قال: يصلي بهم كما يصلي الإمام الأول لو لم يحدث على ما وصفت لك. قلت: أرأيت إن تقدم (¬13) الإمام الثاني يصلي بالناس بعدما أحدث الإمام (¬14) الأول فقاتل (¬15) العدو هو والذين معه؟ قال: صلاته وصلاة القوم وصلاة الإمام الأول (¬16) فاسدة؛ لأن الثاني قد صار إماماً للأول (¬17). ألا ترى أن الأول يبني على صلاته وتجزيه قراءة هذا (¬18) الإمام الثاني، فإذا قاتل هذا الإمام الثاني فسدت (¬19) صلاتهم. قلت: أرأيت إماماً صلى بالناس صلاة الخوف والإمام مسافر، وطائفة من الناس مسافرون، وطائفة منهم مقيمون، كيف يصلي بهم؟ قال: يصلي ¬

_ (¬1) ح ي: قام. (¬2) ك م: التي. (¬3) ك: هل يفسد. (¬4) ح ي: هذا. (¬5) م: وهذا في عمل. (¬6) ح ي - قلت فإن لم يركبوا ولكنهم مشوا مشياً قال صلاتهم تامة والمشي لا يفسد. (¬7) ح ي - لأن. (¬8) ح ي: أن يقومون. (¬9) ح: يمشون. (¬10) ي - منه بد؛ صح هـ. البُدّ هنا بمعنى العوض. انظر: لسان العرب، "بدد". (¬11) ح ي - صلاة الخوف. (¬12) م - رجلاً كيف، صح هـ. (¬13) م: إن يقدم. (¬14) ح ي - الإمام. (¬15) صح ي: فقاتلوا. (¬16) ح ي - الأول. (¬17) ح ي: إمام الأول. (¬18) ح - هذا؛ صح هـ. (¬19) ح + الأول.

بالطائفة الأولى ركعة، ثم ينفتلون من غير أن يسلموا ولا يتكلموا، فيأتون حتى يقفوا بإزاء العدو، وتأتي (¬1) الطائفة الأخرى، فيصلي بهم ركعة أخرى، ويتشهد ويسلم، ثم ينفتلون من غير أن يسلموا ولا يتكلموا (¬2)، فيقفون (¬3) بإزاء العدو، ثم تأتي الطائفة الأولى، فمن كان منهم مسافراً قضى ركعة وتشهد وسلم (¬4)، ومن كان منهم مقيماً (¬5) قضى ثلاث (¬6) ركعات وتشهدوا وسلموا (¬7)، فإذا فرغوا من صلاتهم قاموا فوقفوا بإزاء العدو، وجاءت الطائفة الأخرى، فمن كان منهم مسافراً قضى ركعة وتشهد وسلم، ومن كان منهم مقيماً قضى ثلاث ركعات وتشهد وسلم (¬8). قلت: أرأيت إن كان الإمام نفسه مقيماً فصلى بهم؟ قال: يصلون أجمعون (¬9) صلاة المقيمين (¬10) كما وصفت لك (¬11) صلاة الخوف. قلت: أرأيت قوماً مُوَاقِفِي (¬12) العدو (¬13) لا يستطيعون أن ينزلوا عن دوابهم كيف يصنعون؟ قال: يصلون على دوابهم يومئون إيماء. قلت: فإن أمهم بعضهم فصلى بهم جماعة وهم على دوابهم (¬14) يومئون إيماء (¬15) هل تجزيهم صلاتهم (¬16)؟ قال: لا (¬17). قلت: فكيف يصلون؟ قال: يصلون ¬

_ (¬1) ي: وتأت. (¬2) م - فيأتون حتى يقفوا بازاء العدو وتأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعة أخرى ويتشهد ويسلم ثم ينفتلون من غير أن يسلموا ولا يتكلموا؛ ح ي: أن يتكلموا ولا يسلموا. (¬3) ح ي: فيقفوا. (¬4) ح ي: ويتشهد ويسلم. (¬5) ي: مقيم. (¬6) ي: ثلث. (¬7) ح: ويتشهد ويسلم؛ ي: ويتشهدوا ويسلموا. (¬8) ح ي - فإذا فرغوا من صلاتهم قاموا فوقفوا بإزاء العدو وجاءت الطائفة الأخرى فمن كان منهم مسافراً قضى ركعة وتشهد وسلم ومن كان منهم مقيمأ قضى ثلاث ركعات وتشهد وسلم. (¬9) ح ي: أجمعين. (¬10) ح ي: المقيم. (¬11) ح ي + في. (¬12) ح ي: مواقفين. (¬13) ح ي + ثم. (¬14) ح + كيف يصنعون. (¬15) ك م - يومئون إيماء. (¬16) ح ي - هل تجزيهم صلاتهم. (¬17) ح ي + لا تجزيهم صلاتهم وعليهم أن يستقبلوا.

باب غسل الشهيد وما يصنع به

وحداناً (¬1) بغير إمام (¬2)، ويجعلون السجود أخفض من الركوع. قلت: أرأيت القوم يكونون في السفن (¬3) في البحر يقاتلون العدو كيف يصلون؟ قال: يصلون كما يصلون في البر. قلت: أرأيت القوم يخافون العدو فصلوا صلاة الخوف على ما وصفت لك ولم يعاينوا العدو؟ قال: أما الإِمام فتجزيه صلاته، وأما القوم فلا تجزيهم صلاتهم (¬4). قلت: فإن رأوا سوادا فظنوا أنه العدو (¬5) فصلوا صلاة الخوف على ما وصفت لك، فإذا ذلك السواد إبل أو بقر أو شاة (¬6)؟ قال: أما الإِمام فتجزيه (¬7) صلاته، وأما القوم فلا تجزيهم (¬8)؛ لأن مشيهم (¬9) واختلافهم عمل يقطع الصلاة. قلت: فإن كان ذلك السواد عدواً (¬10)؟ قال: صلاتهم جميعاً تامة. ... باب غسل (¬11) الشهيد وما يصنع به قلت: أرأيت الشهيد هل يغسل؟ قال: إذا قتل في المعركة لم يغسل، وإذا حمل من المعركة (¬12) فمات في بيته أو في أيدي الرجال غُسل، وحُنّط، وصُنع به ما يصنع بالميت من الكفن وغيره. قلت: فإذا قتل في المعركة هل يكفن؟ قال: يكفن في ثيابه التي عليه، غير أنه ينزع عنه ما كان عليه من السلاح (¬13) أو فرو أو حشو أو جلد أو خفين أو مِنْطَقَة أو قلنسوة، ¬

_ (¬1) ح ي + يومئون إيماء. (¬2) ح ي - بغير إمام. (¬3) ح: في السفر. (¬4) ح ي - صلاتهم. (¬5) ص ي: عدو. (¬6) ك: أو شياه؛ ح: إبلًا أو بقراً أو شياً؛ ي: إبلاً أو بقراً أو شاءً. (¬7) ح: فإنه يجزيه؛ ي: فإنه تجزيه. (¬8) ح: يجزيهم. (¬9) م: مشيتهم. (¬10) ي: عدو. (¬11) ح ي - غسل. (¬12) ح ي: عن المعركة. (¬13) ح ي: من سلاح.

ويحنّط (¬1) إن شاؤوا (¬2). قلت: فهل يزاد في كفنه شيء أو ينزع منه شيء؟ قال: إن أحبوا فعلوا. قلت: أرأيت من قتل في المعركة (¬3) بسلاح أو بعصا أو بحجر (¬4) أو قصبة أو غير ذلك أهو والذي يقتل بالسلاح سواء ولا يغسل (¬5)؟ قال: نعم. وقال (¬6) محمد: إذا وجد الرجل في المعركة وبه أثر جراحة (¬7) فهو شهيد ولا يغسل، وان لم يكن به أثر جراحة فهو (¬8) ميت ويغسل (¬9). وقال (¬10): إذا (¬11) خرج الدم من أنفه أو دبره أو ذكره (¬12) فإنه يغسل، وإذا (¬13) خرج من أذنه أو عينه (¬14) فإنه لا يغسل. قلت: أرأيت رجلاً قُطع عليه الطريق فقُتل دون ماله؟ قال: يصنع به ما يصنع بالشهيد. قلت: أرأيت من قتل في المصر بسلاح هل يغسل؟ قال: إذا قتل مظلوماً فهو بمنزلة الشهيد ولا يغسل. قلت: فمن قتل مظلوماً في المصر (¬15) بغير سلاح؟ قال: هذا (¬16) يغسل، ولا يشبه هذا عندي الذي يقتل بالسلاح أو في الحرب؛ ألا ترى أنه لا قصاص فيه وأن (¬17) على عاقلة قاتله الدية. قلت: أرأيت رجلاً قتل في المصر بسلاح في قصاص أو قتل وهو ظالم، عَدَا على قوم وكابَرَهم (¬18) فقتلوه، هل يغسل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرجوم في الزنى، والمقتص (¬19) منه بالقتل، والمحدود (¬20) ¬

_ (¬1) م: ويخيط. (¬2) ح ي: إن شاء. (¬3) ح: بالمعركة. (¬4) ح ي: أو عصا أو حجر. (¬5) ح ي - ولا يغسل. (¬6) قال. (¬7) ك م - جراحة. (¬8) ح ي فهذا. (¬9) م - ويغسل. (¬10) وقال - وقال. (¬11) ح ي: وإذا. (¬12) ح ي - أو ذكره. (¬13) ك: فإذا. (¬14) من عينيه أو أذنيه. (¬15) ح: بالمصر مظلوماً؛ ي: في العصر مظلوماً. (¬16) في - هذا. (¬17) ح ي: فإن. (¬18) ح ي: فكابرهم. (¬19) ح: المقتص؛ ي: أو المقتص؛ ي: أو المقتصر. (¬20) ح ي: والحدود.

الذي يموت تحت السياط، والذي يضرب في التعزير، هل يغسلون (¬1)؟ قال: نعم (¬2)، هؤلاء كلهم يغسلون، ويكفنون، ويحنطون (¬3) , وليس هؤلاء بمنزلة (¬4) ما وصفت لك؛ ألا ترى (¬5) أنهم (¬6) ماتوا في حق واجب عليهم. قلت: أرأيت الذي يأكله السبع، أو يتردى (¬7) من الجبل، أو يوجد (¬8) قتيلًا في القبيلة (¬9) لا يُدرَى مظلوم (¬10) هو أو ظالم، قتل (¬11) بسلاح أو غيره (¬12)، أو الذي (¬13) يسقط عليه الحائط، أو الذي (¬14) يموت في البئر، هل يغسل هؤلاء؟ قال: نعم، يغسل هؤلاء كلهم، ويصنع بهم ما يصنع بالموتى. قلت: أرأيت المحرم والمحرمة تموت (¬15)، هل يصنع بهما (¬16) ما يصنع بالميت الحلال من الكفن والحنوط والغسل ويغطى وجهه ورأسه؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه إذا مات فقد ذهب عنه إحرامه. قال (¬17): بلغنا ذلك عن عائشة (¬18)؛ ألا ترى (¬19) أنه يدفن، والدفن أشد من تغطية ¬

_ (¬1) ح ي: والذي يغرب في التغريب هل يغسلوا. (¬2) ح ي - نعم. (¬3) ح ي: ويحنطون ويكفنون. (¬4) ح ي - بمنزلة. (¬5): يرى. (¬6) ي: أنه. (¬7) ح ي: أو تردا؛ ي: أو تردى. (¬8) م: أو يؤخذ. (¬9) ح: في محلة. (¬10) ح ي: مظلوماً. (¬11) م: قبل. (¬12) ح ي + والذي يغرق. (¬13) ح ي: والذي. (¬14) ح ي: حائط والذي. (¬15) ح: يموت. (¬16) ح ي: به. (¬17) ح ي - قال. (¬18) قال الإِمام محمد بن الحسن: أخبرنا إسرائيل بن يونس قال حدثنا منصور عن إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد قال سألت عائشة - رضي الله عنها- عن المحرم يموت، فقالت: إنما هو جسد، افعلوا به كما تفعلون بموتاكم. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 352 - 353. ورواه الإِمام أبو يوسف عن الإِمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عائشة. انظر: الآثار لأبي يوسف، 112. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 303. (¬19) ح: يرى.

الوجه (¬1). قلت: أرأيت الطائفتين (¬2) يقتتلون، إحداهما باغية، والأخرى عادلة، كيف يُصنَع بأهل العدل بقتلاهم (¬3)؟ قال: يصنع بهم (¬4) ما يصنع (¬5) بالشهداء (¬6). قلت: أرأيت أهل الحرب يغيرون على القرية (¬7) من قرى الإِسلام، فيقتلون الرجال (¬8) والنساء (¬9) والولدان، هل يغسل أحد منهم؟ قال: أما الرجال والنساء (¬10) فلا يغسلون (¬11)، ويصنع بهم ما يصنع بالشهيد؛ لأن القتل كفارة. وأما الولدان الذين (¬12) ليست لهم (¬13) ذنوب يكفرها القتل فإنهم يغسلون. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف (¬14): أما أنا فأرى أن يصنع بالولدان ما يصنع بالشهداء (¬15) فلا يغسلون؛ لأنه (¬16) إذا (¬17) لم يكن لهم ذنوب فذلك أطهر (¬18) لهم وأحرى أن يكونوا شهداء. وهذا (¬19) قول محمد (¬20). قلت: أرأيت القتيل (¬21) يوجد (¬22) منه يد أو رجل ولا يوجد (¬23) منه بقية جسده (¬24) هل يغسل ويكفن ويصلى عليه؟ قال: لا. قلت: وكذلك من ¬

_ (¬1) ي: الوجوه. (¬2) ح ي: الطائفة. (¬3) ح ي - بقتلاهم. (¬4) م - يصنع بهم. (¬5) م: كما يصنع. (¬6) ح ي: بالشهيد. (¬7) ح ي: على أهل قرية. (¬8) ح ي - الرجال. (¬9) ح ي: النساء. (¬10) م - والولدان هل يغسل أحد منهم قال أما الرجال والنساء. (¬11) ي: فلا تغسل. (¬12) م ح ي - الذين. (¬13) ح ي: بهم. (¬14) ك م + ومحمد. (¬15) ح ي: بالشهيد. (¬16) ح ي: لأنهم. (¬17) م - إذا. (¬18) ك: أظهر. (¬19) ي: وهو. (¬20) ك م - وهو قول محمد. (¬21) ح - القتيل. (¬22) م: الغسل يؤخذ. (¬23) م: ولا يؤخذ. (¬24) ح ي: نفسه.

وجد (¬1) منه يدان أو رجلان (¬2) أو رأسه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وجد يداه ورجلاه (¬3) ولم يوجد (¬4) البدن؟ قال: نعم. قلت: فإن وجد أقل من نصف بدنه وليس معه رأس هل يغسل ويكفن ويصلى عليه؟ قال: لا. قلت: فإن وجد أقل (¬5) من (¬6) نصف البدن وفيه (¬7) الرأس هل يغسل ويكفن ويصلى عليه؟ قال: نعم (¬8). قلت: أرأيت إن وجد مشقوقاً نصفين طولاً (¬9) ووجد أحد (¬10) النصفين ولم يوجد الآخر هل يصلى عليه ويصنع به (¬11) ما يصنع بالميت؟ قال: لا. قلت: فإن وجد نصف البدن سواء (¬12) ليس معه رأس (¬13)؟ قال؛ لا يغسل، ولا يصلى عليه. قلت: أرأيت ما كان من هذا مما لا يصلى عليه (¬14) أيدفن (¬15)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الشهيد الذي لا يغسل أيصلى عليه كما يصلى على الميت؟ قال: نعم، بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على قتلى أحد (¬16). قلت: أرأيت أهل بيت (¬17) يسقط عليهم البيت فيموتون جميعاً وهم مسلمون، إلا أن (¬18) إنساناً واحداً فيهم (¬19) كافر (¬20) لا يعرف، ¬

_ (¬1) ح ي: لو وجد. (¬2) ح ي: يدين أو رجلين. (¬3) ك م - قال نعم قلت وكذلك لو وجد يديه ورجليه؛ ح ي: يديه ورجليه. (¬4) م: ولم يؤخذ. (¬5) ح ي - أقل. (¬6) في: منه. (¬7) ح ي: وعليه. (¬8) م - قال نعم. (¬9) ح - طولا. (¬10) ح ي: إحدى. (¬11) ح ي: بها. (¬12) ح: سوى. (¬13) ح ي - في النصف. (¬14) ح - عليه؛ صح هـ. (¬15) ح: أو يدفن. (¬16) سنن ابن ماجه، الجنائز، 28؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 502 - 506؛ وسنن الدارقطني، 2/ 78، 4/ 118؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 308 - 313؛ والدراية لابن حجر، 1/ 243 - 244؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 117. (¬17) ح ي: أهل البيت. (¬18) ح ي - أن. (¬19) ح ي: منهم. (¬20) م - كافر، صح هـ.

فكيف (¬1) يصنع بهم؟ قال: يغسلون جميعاً ويحنطون ويكفنون (¬2) ويصلَّى عليهم، ويُنوَى الدعاءُ (¬3) للمسلمين، ولا يُنوَى الدعاء للكافرين (¬4). قلت: أرأيت الرجل المسلم يكون (¬5) في الموتى من الكفار لا يعرف أيهم المسلم، هل يصلى على أحد (¬6) منهم؟ قال: لا. قلت: من أين اختلفا؟ قال: إذا كانوا مسلمين فيهم (¬7) الكافر (¬8) أو الاثنان (¬9) استحسنت (¬10) الصلاة عليهم، وإذا (¬11) كانوا كفاراً (¬12) فيهم (¬13) مسلم واحد أو اثنان (¬14) لم أصل على واحد (¬15) منهم إلا أن أعرفه (¬16) بالإِسلام. قلت: أرأيت يد المسلم أو رجله (¬17) إذا وجدتها (¬18) لم لا تصلي (¬19) عليها؟ قال: لأنها ليست ببدن كامل، ولو صليتُ على يده ورجله (¬20) لصليتُ على سِنِّه (¬21) إذا وجدتها (¬22)، ولو وجدتُ (¬23) أيضاً يداً (¬24) مطروحة لم أدر (¬25) لعل صاحبها حي. قلت: فإن عَلمتَ أن صاحبها ميت هل تصلي (¬26) عليها (¬27)؟ قال: لا، لست أصلي (¬28) إلا على البدن. ¬

_ (¬1) ح ي: كيف. (¬2) ح ي: ويكفنون ويحنطون. (¬3) ك م: وينوي بالدعاء. (¬4) ك م: ولا ينوون الكافر بالدعاء. (¬5) م - يكون؛ ح: يكونون. (¬6) م: على واحد. (¬7) ح ي: منهم. (¬8) ح: الواحد؛ ي + واحد. (¬9) ح: والاثنين؛ ي: أو الاثنين؛ ح + كفار. (¬10) ح -: استحت. (¬11) ح ي: فإذا. (¬12) ح -: كفار. (¬13) ح ي: منهم. (¬14) ح - ي: أو اثنين. (¬15) ح ي: لم يصلي على أحد. (¬16) ح -: أن عرفه. (¬17) ح ي: ورجله. (¬18) ك م: إذا وجدناها؛ ح: إذا وجدها. (¬19) م: لانصلي، ي: لايصلي. (¬20) ح ي: على يديه ورجليه. (¬21) ح: على رأسه؛ ي: على رأسها. (¬22) ك م: إذا وجدتها. (¬23) ح ي - ولو وجدت. (¬24) ح - يدا. (¬25) ي: لم أدري. (¬26) ي: هل يصلى. (¬27) م: عليه. (¬28) ح ي + عليها.

قلت: أرأيت رجلاً (¬1) مات (¬2) فلم يُدْرَ (¬3) أمسلم هو (¬4) أم كافر (¬5) هل (¬6) يغسل ويصلى عليه؟ قال (¬7): إن كان في مصر من أمصار المسلمين (¬8) أو مدينة من مدائنهم أو قرية من قراهم وكان عليه سِيمَا (¬9) المسلمين غسل (¬10) وصلي (¬11) عليه، وإن كان في قرية من قرى (¬12) الكفار (¬13) وليس عليه سيما المسلمين لم يغسل (¬14) ولم يصل عليه. قلت: أرأيت رجلاً مسلماً (¬15) هل يَغسل أباه وهو كافر؟ قال: نعم. قلت (¬16): وكذلك كل ذي رحم محرم منه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل (¬17) المسلم هل يدفن أباه وهو كافر؟ قال: نعم (¬18). قلت: فإن كان الميت هو الابن وهو مسلم وأبوه كافر، هل يدخل أبوه مع المسلمين في (¬19) القبر (¬20)؟ قال: أكره له (¬21) ذلك. قلت: أرأيت حمل الجنازة والمشي بها كيف هو؟ قال: حملها من جوانبها الأربع، يبدأ بالأيمن (¬22) المقدم ثم الأيمن المؤخر ثم الأيسر المقدم ثم الأيسر المؤخر. قلت: فإذا حملت (¬23) جانب السرير الأيسر فذلك يمين (¬24) الميت؟ قال: نعم. قلت: فالمشي؟ قال: ليس في المشي شيء موقَّت، غير أن العجلة أحب إلى من الإبطاء بها. قلت: أرأيت المشي ¬

_ (¬1) ي: رجل. (¬2) ي - مات. (¬3) ح ي: يدرا. (¬4) في - هو. (¬5) ي + قال. (¬6) ح: قال، ي - هل. (¬7) ي - قال. (¬8) ح: من أمصارهم. (¬9) السِّيما والسِّيماء، أي: العلامة. انظر: لسان العرب, "سوم". (¬10) ح - غسل. (¬11) ح: صلي. (¬12) ك ح ي - أهل. (¬13) ح ي: الذمة. (¬14) م - لم يغسل، صح هـ. (¬15) ي: رجل مسلم. (¬16) م - قلت. (¬17) ح - أرأيت الرجل؛ ي - الرجل. (¬18) م - قلت أرأيت الرجل المسلم هل يدفن أباه وهو كافر قال نعم. (¬19) ح ي - في. (¬20) ح: للقبر. (¬21) ح ي - له. (¬22) ح ي: بيد الأيمن. (¬23) ح: حمل. (¬24) م: بمنزلة.

قدامها؟ قال: لا بأس بذلك، والمشي (¬1) خلفها أحب إلى. قلت: أرأيت رجلاً (¬2) سبق جنازة ثم قعد ينتظرها، أو يكون على دابة فيسبقها (¬3) ثم يقف فينتظرها (¬4)؟ قال: المشي والسير (¬5) معها أحب إلي. قلت: أرأيت الجنازة إذا انتهي بها إلى القبر (¬6) أتَكره (¬7) للقوم أن يجلسوا قبل أن يوضع (¬8) الميت (¬9) في اللحد؟ قال: إذا وضعت الجنازة على الأرض (¬10) فلا بأس بالجلوس. قلت: لم؟ قال: أرأيت لو انتهي بها إلى القبر ولم تُلحَد (¬11) بعد (¬12) ولم يفرغ منه أيقوم القوم حتى يفرغ من اللحد وغيره؟ قلت: لا (¬13). قال (¬14): فليس هذا بشيء، ولا (¬15) بأس بالجلوس إذا وضعت (¬16) بالأرض، وإنما أكره الجلوس قبل أن توضع عن مناكب (¬17) الرجال بالأرض. قلت: أرأيت الصلاة على الجنازة بالجَبّانة (¬18) وفي الدُّور أهو سواء؟ قال: أي (¬19) ذلك فعلوا فهو حسن (¬20). قلت: أرأيت الرجل يغسل الميت أيغتسل نفسُه (¬21)؟ قال: لا. قلت: فإن أصابه من ذلك الماء شيء؟ قال: يغسله. ¬

_ (¬1) ح ي: المشي. (¬2) ي: رجل. (¬3) ح ي: على دابته فسبقها. (¬4) ح ي: ينتظرها. (¬5) ح ي: والمسير. (¬6) ي - إلى القبر؛ صح هـ. (¬7) م: أيكره. (¬8) م: أن توضع. (¬9) م - الميت. (¬10) ح ي: بالأرض. (¬11) ي: يلحد. (¬12) ح ي - بعد. (¬13) ح ي - لا. (¬14) ح ي - قال. (¬15) ح ي: فلا. (¬16) ح ي + الجنازة. (¬17) ح ي: من على مناكب. (¬18) ح ي: في الجبانة. أي: في المصلى خارج المدينة. وقد تقدم. (¬19) م: بأي. (¬20) ك: فعلوا فحسن؛ ح ي: فعل فحسن. (¬21) ح ي - نفسه.

باب غسل الميت من الرجال والنساء

قلت: أرأيت جنازة الصبي هل تكره أن تُحمل على الدابة (¬1)؟ قال: تحملها الرجال أحب إلى. قلت: أرأيت المولود (¬2) الذي يولد ميتًا هل يغسل ويصلى عليه؟ قال: لا. قلت: فإن ولد حياً ثم مات؟ قال: يصنع به ما يصنع بالميت (¬3). قلت: وكذلك لو كان غير تام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل الجنب يقتل شهيداً هل يغسل؟ قال: نعم؛ لأن الأثر جاء بأن الملائكة غسلت حنظلة (¬4). ولم يغسل (¬5) أحد (¬6) ممن قتل يومئذ غير ذلك (¬7)؛ لأن حنظلة كان جنباً. وهو قول أبي حنيفة (¬8). وأما (¬9) قول أبي يوسف ومحمد (¬10) فإنه لا يغسل جنباً كان أو غير جنب؛ لأن بني آدم لم تغسل حنظلة. ... باب غسل الميت من الرجال والنساء قلت: أرأيت الميت (¬11) كيف يغسل (¬12)؟ قال: حدثنا أبو يوسف عن أبي (¬13) حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال (¬14): يجرد الميت، ويوضع ¬

_ (¬1) ح ي: على دابته. (¬2) ي: المولد. (¬3) ح: بالموتى. (¬4) السيرة النبوية لابن هشام، 14/ 22 - 23؛ وصحيح ابن حبان، 15/ 495؛ والمستدرك للحاكم، 3/ 225؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 4/ 15؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 315؛ والدراية لابن حجر، 1/ 244. (¬5) م: ولم تغسل. (¬6) ح ي: أحداً. (¬7) ح ي: غيره؛ ح + وذلك. (¬8) ح ي - وهو قول أبي حنيفة. (¬9) ح ي + في. (¬10) ح ي: وقولنا. (¬11) م: المرأة. (¬12) م: تغسل. (¬13) ح ي - يوسف عن أبي. (¬14) ح ي: أنه كان يقول.

على تَخْت (¬1)، ويطرح على عورته خرقة. ثم يوضأ وضوءه للصلاة، فيبدأ (¬2) بميامنه، ولا يُمَضْمَض، ولا يُنْشَق (¬3). ثم يغسل رأسه ولحيته بالخطمي، ولا يسرح. ثم يوضع (¬4) على شقه الأيسر، فيغسل بالماء القَرَاح (¬5) حتى ينقيه ويرى أن الماء قد خلص إلى ما يلي التَّخْت منه. وقد أَمَرْتَ قبل ذلك بالماء فأغلي بالسدْر، فإن لم يكن سِدْر فحُرُض (¬6)، فإن لم يكن واحد منهما أجزأك (¬7) الماء القَرَاح. ثم تضجعه (¬8) على شقة الأيمن (¬9)، فتغسله (¬10) بذلك الماء حتى تنقيه وترى (¬11) أن (¬12) الماء قد خلص إلى ما يلي التخت منه (¬13). ثم تقعده (¬14) فتسنده إليك (¬15)، فتمسح بطنه مسحاً رفيقاً، فإن سال منه شيء غسلته (¬16). ثم أضجعه (¬17) على شقه الأيسر، فاغسله (¬18) بالماء القَراح حتى تنقيه وترى (¬19) أن الماء قد خلص إلى ما يلي التخت منه. ثم تنشفه (¬20) في ثوب. وقد أَمَرْتَ قبل ذلك بأكفانه وسريره فأُجْمِرَتْ (¬21) وتراً. ثم تبسط اللِّفَافة بسطًا (¬22)، وهي الرداء طولاً. ثم تبسط (¬23) الإزار عليها ¬

_ (¬1) التَّخْت: وعاء تصان فيه الثياب. انظر: لسان العرب، "تخت". (¬2) ح ي: ويبدأ. (¬3) م ح ي: ولا يستنشق. أنشقته الدواء في أنفه، أي: صببته فيه. انظر: لسان العرب، "نشق". (¬4) ح ي: ثم يضجعه. (¬5) القَرَاح هو الخالص من الماء الذي لم يخالطه كافور ولا حنوط ولا غير ذلك. انظر: المصباح المنير، "قرح". (¬6) الحُرُض هو الأُشْنَان. انظر: القاموس المحيط، "حرض". (¬7) ح: أجزأه؟ ح ي - في. (¬8) م ي: ثم يضجعه. (¬9) ح الأيمن. (¬10) م: فيغسله. (¬11) ك م ي: ويري. والتصحيح من ج. (¬12) ح - ذلك. (¬13) ح - منه. (¬14) م: ثم يقعده. (¬15) ح: فيسنده إليه. (¬16) ح: مسحه؛ ي: مسحته. (¬17) ح: ثم يضجعه؛ ي: ثم أضجعته. (¬18) ح: فيغسله. (¬19) ي: ويري. (¬20) م: ثم ينشفه. (¬21) ح: فيجمر؛ ي: فأجمر. (¬22) م: بسيطا. (¬23) م ي: ثم يبسط.

طولاً (¬1)، فإن كان له قميص ألبسته (¬2) إياه، وإن (¬3) لم يكن له قميص لم يضره (¬4). ثم تضع (¬5) الحنوط في رأسه ولحيته (¬6)، وتضع (¬7) الكافور على مساجده (¬8)، وإن (¬9) لم يكن كافور لم يضره. ثم تعطف (¬10) الإزار (¬11) عليه من قبل (¬12) شقه الأيسر على رأسه وسائر جسده. ثم تعطفه (¬13) من قبل شقه الأيمن كذلك (¬14). ثم تعطف (¬15) اللفافة عليه (¬16) وهي الرداء كذلك، فإن (¬17) خفت أن تنتشر (¬18) عليه أكفانه (¬19) عقدته (¬20). ثم تجعله (¬21) على سريره. ولا يُتْبَع بنار إلى قبره، فإن ذلك يُكرَه، أن يكون آخرَ زاده (¬22) من الدنيا نارٌ (¬23) يُتْبَع بها إلى قبره (¬24). فإذا (¬25) انتهى به (¬26) إلى القبر فلا يضر (¬27) وتر دخله أو شفع. فإذا وضعه (¬28) في اللحد قال (¬29): بسم الله (¬30)، وعلى ملة رسول الله (¬31). قلت: فمن قبل القبلة يُدخَل أو يُسَلّ سَلًّا (¬32)؟ قال: بل يُدخَل مِن ¬

_ (¬1) ح - ثم تبسط الإزار عليها طولاً. (¬2) ح ي: ألبسه. (¬3) ك ح: فإن. (¬4) ح ي - ذلك. (¬5) م: ثم يضع؛ ح ي: ثم يوضع. (¬6) ك ح ي: في لحيته ورأسه. (¬7) م: ويضع؛ ح ي: ويوضع. (¬8) م: في مساجده. (¬9) ح: فإن. (¬10) م ح ي: ثم يعطف. (¬11) م: الإزرار. (¬12) ح ي - قبل. (¬13) م ي: ثم يعطفه. (¬14) ح ي - كذلك. (¬15) م ي: ثم يعطف. (¬16) ح ي - عليه. (¬17) ح: إن. (¬18) ح ي: أن ينتشر. (¬19) ح ي - أكفانه. (¬20) ح ي: عقده. (¬21) ح ي: ثم تحمله. (¬22) م: رداه. (¬23) ح ي: بنار. (¬24) ح - إلى قبره. (¬25) ح: فإن. (¬26) ح ي - به. (¬27) ح ي: يضره. (¬28) ح ي: وضع. (¬29) ح ي: قالوا. (¬30) ح ي + وبالله. (¬31) روى المؤلف بعضه في الآثار له، 44. ورواه الإِمام أبو يوسف قريباً مما هنا. انظر: الآثار لأبي يوسف، 76 - 77. (¬32) يقول السرخسي: والسنة عندنا أن يُدخَل مِن قِبَل القبلة، يعني: توضع الجنازة في=

قِبَل القبلة. قلت: ويلحد له ولا يشق؟ قال: نعم. قلت: فأي شيء يجعل (¬1) على لحده؟ قال: اللبن والقصب (¬2). قلت: فهل تَكره (¬3) الآجُرّ (¬4)؟ قال: نعم. قلت: فهل تَكره (¬5) أن يسجّى القبر بثوب حتى يفرغ من اللحد؟ قال: أما إذا كانت امرأة فلا بأس بذلك، وهكذا ينبغي لهم أن يصنعوا، وأما إذا كان رجلاً (¬6) فلا يضرهم أن لا يسجّى القبر، فإن فعلوا لم يضرهم. قلت: أرأيت القبر أيُرَبَّع (¬7) أم يُسَنَّم (¬8)؟ قال: بل يسنم ولا يربع. قلت: أرأيت القبر هل تَكره (¬9) أن يجصّص؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصلاة على الميت من أحق بها (¬10)؟ قال: إمام الحي أحق بالصلاة عليه (¬11). قلت: فإن لم يكن (¬12) إمام (¬13)؟ قال: الأب (¬14) أحق (¬15) من غيره. قلت: فالابن والأخ والأب؟ قال: الأب أحق من هؤلاء. قلت: فابن العم أحق بالصلاة على المرأة أم زوجها؟ قال (¬16): ابن العم أحق من الزوج إذا لم يكن لها منه (¬17) ابن. قلت: فكيف الصلاة على الميت؟ قال: إذا وضعت الجنازة تقدم الإِمام واصطف القوم خلفه، فكبر الإِمام تكبيرة ورفع (¬18) يديه، ويكبر القوم ¬

_ = جانب القبلة من القبر ويحمل منه الميت فيوضع في اللحد. وقال الشافعي - رضي الله عنه -: السُّنَّة أن يُسَلّ إلى قبره، وصفة ذلك أن الجنازة توضع على يمين القبلة ثم يؤخذ برجله فيُحمَل إلى القبر فيُسَلّ جسده سَلًّا. انظر: المبسوط، 2/ 61. (¬1) م: تجعل. (¬2) ح ي: أو القصب. (¬3) ك ي: يكره. (¬4) ك: للآجر. (¬5) ك: يكره. (¬6) ي: رجل. (¬7) ك م ح: يربع. تربيع الشيء هو جعله مُرَبَّعاً. انظر: القاموس المحيط، "ربع". (¬8) م ح ي: أو يسنم. وسَنّمت القبر تسنيماً إذا رفعته عن الأرض كسَنَام البعير. انظر: المصباح المنير للفيومي، "سنم". (¬9) م ي: هل يكره؛ ي - له. (¬10) ح ي: به. (¬11) ي - أحق بالصلاة عليه. (¬12) ح + للحي. (¬13) ي + الحي. (¬14) ح ي: فالأب. (¬15) ح ي + به. (¬16) ك+ بل. (¬17) ح ي - منه. (¬18) ح: ويرفع.

معه (¬1) ويرفعون (¬2) أيديهم، ثم يحمدون الله تعالى ويثنون (¬3) عليه. ثم يكبر الإِمام التكبيرة الثانية ويكبر القوم (¬4) ولا يرفعون أيديهم (¬5)، ويصلون (¬6) على النبي صلى الله عليه وسلم. ثم (¬7) يكبر الإِمام التكبيرة الثالثة (¬8) ويكبر القوم معه ولا يرفعون أيديهم، ثم يستغفرون (¬9) للميت ويشفعون له. ثم يكبر الإِمام التكبيرة الرابعة ويكبر القوم معه (¬10) ولا يرفعون أيديهم (¬11)، ثم يسلم الإِمام عن يمينه وشماله (¬12) ويسلم القوم كذلك. وكان ابن أبي ليلى يكبر على الجنائز خمساً (¬13). قلت: فهل يجهرون بشيء من التحميد والثناء والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والدعاء للميت؟ قال؛ لا يجهرون بشيء من ذلك، ولكنهم يخفونه في أنفسهم. قلت: فهل يقرأ الإِمام ومن خلفه بشيء من القرآن؟ قال: لا يقرأ الإِمام ولا من خلفه بشيء من القرآن. قلت: أرأيت إذا اجتمعت الجنائز فكانوا (¬14) رجالًا كلهم كيف (¬15) يوضعون (¬16)؟ قال: إن شاؤوا وضعوهم (¬17) صفاً واحداً، وإن شاؤوا وضعوهم (¬18) واحداً خلف (¬19) واحد أمام الإِمام (¬20). قلت (¬21): وكذلك لو كانت (¬22) الجنائز (¬23) نساء كلهن (¬24)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن ¬

_ (¬1) ي - معه. (¬2) ح: ولا يرفعون. (¬3) م: وتثنون. (¬4) ح ي + معه. (¬5) ح - ولا يرفعون أيديهم. (¬6) ح ي: ثم يصلون. (¬7) م - ثم. (¬8) م: الثانية. (¬9) م: ويستغفرون. (¬10) م - معه. (¬11) ح - ثم يستغفرون للميت ويشفعون له ثم يكبر الإِمام التكبيرة الرابعة ويكبر القوم معه ولا يرفعون أيديهم؛ صح هـ. (¬12) ي: وعن شماله. (¬13) ح ي - وكان ابن أبي ليلى يكبر على الجنائز خمساً. (¬14) ح: وكانوا. (¬15) ك م - كيف. (¬16) ح ي: يوضعوا. (¬17) ح: وضعو بهم. (¬18) ي: وضعوا. (¬19) ح: خلفه. (¬20) م: الأول؛ ح - واحد أمام الإِمام؛ ي - أمام الإِمام. (¬21) م - قلت. (¬22) ح: لو كانوا. (¬23) ح ي - الجنائز. (¬24) ك م ح ي: كلهم.

كانت (¬1) الجنائز رجالاً ونساءً؟ قال: يوضع (¬2) الرجال مما يلي الإِمام، رجل (¬3) خلف رجل، وتوضع (¬4) النساء خلف الرجال مما يلي القبلة، امرأة خلف امرأة. قلت: أرأيت إذا اجتمع غلام وامرأة؟ قال: يوضع الغلام مما يلي الإِمام، والمرأة خلفه مما يلي القبلة. قلت: فإذا أراد الإِمام أن يصلي على الجنازة أين يكون مقامه من الجنازة (¬5)؟ قال: أحسن ذلك أن يقوم بحذاء صدر الميت. قلت: فإن قام في غير (¬6) ذلك المكان؟ قال: يجزيه. قلت: أرأيت رجلاً شهد جنازة وهو على غير وضوء، أو كان (¬7) على وضوء ثم أحدث، كيف يصنع (¬8)؟ قال: يتيمم ويصلي مع القوم (¬9). قلت: فإن كان قريباً من الماء وهو يقدر على الماء، غير أنه يخاف إن ذهب يتوضأ سبقه (¬10) الإِمام بالصلاة عليها؟ قال: يتيمم ويصلي عليها معهم. قلت: فإن كان لا يخاف أن يسبقه الإِمام بالصلاة عليها (¬11)؟ قال: يذهب فيتوضأ ثم يصلي عليها. قلت: فإن كان في العصر وكان (¬12) على غير وضوء أو كان على وضوء (¬13) فلما كبر تكبيرة أو تكبيرتين أحدث كيف يصنع؟ قال: يتيمم مكانه ويصلي مع القوم (¬14) بقية صلاته. قلت: لم وهو في العصر؟ قال: لأنه إذا صلى (¬15) القوم على الجنازة وفرغوا لم يستطع (¬16) هو (¬17) أن يصلي عليها بعدهم، وليست هذه كالصلاة المكتوبة والتطوع. قلت: أرأيت إماماً صلى على جنازة فكبر تكبيرة أو تكبيرتين، ثم جاء ¬

_ (¬1) ح ي: قلت وكذلك لو كانت. (¬2) ك م: توضع. (¬3) ح ي: رجلاً. (¬4) ي: ويوضع. (¬5) ح ي: مع الجنازة (¬6) ح ي: من غير. (¬7) م: وكان. (¬8) م - كيف يصنع. (¬9) ح ي: مع الإِمام. (¬10) ك: يسبقه. (¬11) ح ي - عليها. (¬12) ح: وهو. (¬13) م - أو كان على وضوء. (¬14) ح ي: مع الإِمام. (¬15) ك م - مع. (¬16) ح ي: لم يستطيع. (¬17) ح ي - هو.

رجل فدخل معه في الصلاة (¬1)، أيكبر الرجل حين يدخل، أم ينتظر حتى يكبر الإِمام (¬2)؟ قال: بل ينتظر حتى يكبر الإِمام، فإذا كبر الإِمام كبر (¬3) معه (¬4)، فإذا سلم الإِمام قضى ما بقي عليه قبل أن ترفع (¬5) الجنازة. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى أن يكبر الرجل حين يدخل في الصلاة ولا ينتظر الإِمام؛ لأن الإِمام في الصلاة. قلت: أرأيت إماماً (¬6) صلى على جنازة وفرغ وسلم وسلم (¬7) القوم (¬8)، ثم جاء (¬9) آخرون بعد فراغ الإِمام من الصلاة (¬10)، أيصلون عليها جماعة أم وحداناً (¬11)؟ قال: لا يصلون (¬12) عليها (¬13) جماعة ولا (¬14) وحداناً. قلت: أرأيت إماماً (¬15) صلى على جنازة فكبر (¬16) تكبيرة واحدة وكبر معه القوم، ثم أتي بجنازة أخرى فوضعت معها، ودخل الذين جاؤوا بها مع القوم في صلاتهم، كيف يصنع الإِمام والقوم؟ قال: إذا فرغ الإِمام والذين كانوا معه من الصلاة على الجنازة الأولى قضى الذين جاؤوا بالجنازة الثانية ما بقي عليهم من تكبير الجنازة الأولى (¬17)، ثم يستقبل الإِمام والقوم جميعاً الصلاة على الجنازة الثانية، ولا يحتسبون بما كبروا على الجنازة الأولى. قلت: لم؟ قال: لأنهم افتتحوا الصلاة على الجنازة الأولى فلا (¬18) يستطيعون أن يدخلوا معها جنازة (¬19) أخرى (¬20) جاءت بعد ذلك. قلت: فإن افتتح ¬

_ (¬1) ح - في الصلاة. (¬2) ح ي - حتى يكبر الإِمام. (¬3) ح - كبر. (¬4) ح: تبعه. (¬5) م: أن يرفع. (¬6) ح ي: الإِمام. (¬7) ي - وسلم. (¬8) ح - وسلم القوم. (¬9) ح ي + قوم. (¬10) ح ي - من الصلاة. (¬11) ك ح ي: أو وحداناً. (¬12) ك: لا يصلوا. (¬13) ح ي - عليها. (¬14) ح ي + يصلون. (¬15) ي: إمام. (¬16) ح: وكبر. (¬17) ح ي - قضى الذين جاؤوا بالجنازة الثانية ما بقي عليهم من تكبير الجنازة الأولى. (¬18) ح ي: ولا. (¬19) ح ي - جنازة. (¬20) م + جنازة؛ ح - أخرى.

الإِمام والقوم الصلاة على الجنازة الثانية فكبروا تكبيرة أو تكبيرتين، ثم أتي بجنازة أخرى فوضعت مع الثانية (¬1) ودخل القوم مع الإِمام (¬2) في الصلاة؟ قال: يتم الإِمام الصلاة على الجنازة الثانية والقوم، فإذا سلم (¬3) قضى الذين جاؤوا بالجنازة الثالثة (¬4) ما بقي عليهم من التكبير على الجنازة الثانية، ثم يستقبل الإِمام والقوم جميعاً الصلاة (¬5) على الجنازة الثالثة. قلت: أرأيت الصلاة على الجنازة عند غروب الشمس أو عند طلوع الشمس أو نصف النهار هل تَكره (¬6) ذلك؟ قال: نعم، أكرهه (¬7). قلت: فإن فعلوا وصلوا عليها هل عليهم أن يعيدوا الصلاة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن صلوا عليها (¬8) بعد طلوع الفجر أو بعد العصر قبل أن تتغير (¬9) الشمس؟ قال: لا أكره ذلك، وصلاتهم (¬10) تامة. قلت: وكذلك لو صلوا (¬11) عليها بعد الفجر قبل طلوع الشمس؟ قال: نعم. قلت: أرأيت هاتين الساعتين أهما ساعتا (¬12) صلاة (¬13)؟ قال: ليستا بساعَتَيْ صلاة تطوع (¬14)، فأما صلاة مكتوبة أو صلاة على جنازة أو سجدة فلا بأس أن يقضيها الرجال (¬15) والنساء (¬16) في هاتين الساعتين. قلت: أرأيت القوم تغرب لهم الشمس وهم يريدون أن يصلوا على جنازة أيبدؤون (¬17) بالمغرب أم بالصلاة على الجنازة (¬18)؟ قال: بل يبدؤون (¬19) بالمغرب؛ لأنها أوجبهما (¬20) عليهم، ثم يصلون على الجنازة. ¬

_ (¬1) ح ي: في الثانية. (¬2) ح ي: معه. (¬3) م - سلم؛ ح ي: سلموا. (¬4) ح ي: الثانية. (¬5) ح - جميعاً الصلاة؛ ي - الصلاة. (¬6) م ي: هل يكره. (¬7) ح ي - أكرهه. (¬8) ح ي - هل عليهم أن يعيدوا الصلاة قال لا قلت أرأيت إن صلوا عليها. (¬9) ح: أن تغرب؛ ي: أن تغير. (¬10) ي: وصلاته. (¬11) ح ي: إن صلوا. (¬12) ك م ي: ساعتي. (¬13) ح ي: الصلاة. (¬14) ح ي: ساعتي الصلاة تطوعاً. (¬15) ح ي: الرجل. (¬16) ح ي - والنساء. (¬17) ح ي: أيبتدئون. (¬18) ح ي: أو يصلون على جنازة. (¬19) ح ي: بل يبتدئون. (¬20) ح ي: أوجبها.

قلت: أرأيت إماماً صلى على جنازة ومعه جماعة (¬1) والإمام على غير وضوء أو هو (¬2) جنب؟ قال: عليهم أن يعيدوا الصلاة. قلت: فإن كان إمامهم متوضئاً (¬3) وكان بعضهم على غير وضوء أو كان (¬4) من خلفه كلهم على غير وضوء (¬5)؟ قال: لا يعيدون الصلاة عليها. قلت: لم؟ قال: لأن إمامهم قد صلى عليها فلا يعيدون الصلاة عليها. قلت: أرأيت قوماً صلوا على جنازة فأخطأوا (¬6) بالرأس فجعلوه في موضع الرجلين (¬7) حتى فرغوا من الصلاة عليها؟ قال: يجزيهم. قلت: فإن فعلوا ذلك عمداً؟ قال: قد (¬8) أساؤوا، وصلاتهم تامة. قلت: أرأيت قوماً صلوا (¬9) على جنازة فأخطأوا (¬10) القبلة (¬11)، فصلوا عليها (¬12) لغير القبلة حتى فرغوا من صلاتهم؟ قال: صلاتهم تامة. قلت: فإن تعمدوا ذلك؟ قال: يستقبلون الصلاة عليها. قلت: أرأيت القوم يدفنون الميت ونسوا الصلاة عليه (¬13)؟ قال: يصلون عليه وهو في القبر (¬14) كما يصلون على الجنازة. وقال أبو يوسف: يصلى على القبر في ثلاث، فإذا مضت ثلاثة لم يصل عليه (¬15). قلت: أرأيت قوماً أرادوا الصلاة على الجنازة ومعهم نساء أين تصف (¬16) النساء؟ قال: من وراء (¬17) صفوف الرجال. قلت: أرأيت إن قامت ¬

_ (¬1) ك ح ي: ومعه قوم. (¬2) ح ي - هو. (¬3) ح ي: متوضي. (¬4) م: وكان. (¬5) ح ي - أو كان من خلفه كلهم على غير وضوء. (¬6) ح ي - القبلة. (¬7) ح ي: رجلين. (¬8) ح ي - قد. (¬9) ح ي - جماعة. (¬10) ح: وأخطأوا. (¬11) ح ي - القبلة. (¬12) ح ي: فيها. (¬13) ح ي - عليه. (¬14) ح ي + بإمام. (¬15) ح ي - وقال أبو يوسف يصلى على القبر في ثلاث فإذا مضت ثلاثة لم يصل عليه. (¬16) م: يصف؛ ح: يقفن؛ ي: يقف. (¬17) ح ي: قال خلف.

امرأة معهم (¬1) في الصف أو قامت بحذاء الإِمام فصلت معهم؟ قال: صلاتهم جميعاً (¬2) تامة. قلت: لم؟ قال: لأن هذه (¬3) الصلاة (¬4) ليست كالصلاة المكتوبة (¬5)؛ ألا ترى لو أن رجلاً قرأ السجدة فسجدتها (¬6) امرأة معه أنها لا تفسد (¬7) عليه، فكذلك هذا. قلت: أرأيت إماماً صلى على جنازة فلما (¬8) كبر تكبيرة أو تكبيرتين (¬9) ضحك الإِمام (¬10) حتى قهقه؟ قال: صلاتهم فاسدة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة (¬11). قلت: فهل يعيد (¬12) الوضوء من قهقه منهم؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو أن الإِمام تكلم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت قوماً صلوا على الجنازة (¬13) وهم ركوب أو هم (¬14) قعود؟ قال: أما في القياس فإنه يجزيهم، ولكني (¬15) أدع القياس وأستحسن فآمرهم (¬16) بالإعادة. قلت: أرأيت رجلاً (¬17) مات في سفره (¬18) ومعه نساء ليس معهن رجل هل تغسله إحداهن؟ قال: إن كانت فيهن امرأته غسلته، وإن لم تكن (¬19) فيهن امرأته لم يغسلنه (¬20). قلت: ولم تغسله امرأته؟ قال: لأنها في عدة منه؛ ألا ترى أنه لا يحل أن تتزوج ما دامت في عدة منه (¬21). ¬

_ (¬1) ح: معهن. (¬2) ي - جميعاً؛ صح هـ. (¬3) ك م - هذه. (¬4) لام التعريف للعهد، أي: صلاة الجنازة, (¬5) ك م: كصلاة مكتوبة. (¬6) ح ي: فسجدها؛ ح + وسجدت؛ ي + وسجد. (¬7) ك م: أنه لا يفسد. (¬8) ح: ثم. (¬9) ح ي - ثم. (¬10) ح ي - الإمام. (¬11) ح ي - الصلاة. (¬12) ي: يعيدوا. (¬13) ح ي: على جنازة. (¬14) م - هم. (¬15) ح ي: ولكن. (¬16) ح ي: وآمرهم. (¬17) ي: رجل. (¬18) ي: في سفر. (¬19) ك: لم يكن. (¬20) ح: لم تغسله. (¬21) ح ي - ألا ترى أنه لا يحل أن تتزوج ما دامت في عدة منه.

قلت (¬1): وكذلك لو كانت (¬2) المرأة لم يدخل بها؟ قال: نعم، دخل بها أو لم يدخل بها (¬3) فهو سواء. قلت: فإن لم يكن فيهن امرأته ولكن كانت فيهن (¬4) أخته أو أمه (¬5) أو خالته أو عمته؟ قال: لا تغسله واحدة (¬6) ممن (¬7) ذكرت، ولا تنظر (¬8) إلى عورته، ولكنها تيممه بالصعيد كما وصفت لك التيمم. قلت: فهل يصلين عليه؟ قال: نعم. قلت: فتقوم الإِمام (¬9) منهن وسط الصف؟ قال: نعم (¬10). قلت: فإن كانت (¬11) فيهن (¬12) أم ولد له هل تغسله؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها في غير عدة نكاح (¬13). قلت: أرأيت إن كان أعتقها قبل موته؟ قال: سواء، ولا تغسله؛ لأنها قد حرمت عليه قبل موته. قلت (¬14): أرأيت إن كانت (¬15) فيهن امرأة قد (¬16) طلقها ثلاثاً (¬17) في مرضه أو (¬18) صحته؟ قال: لا تغسله؛ لأنها قد (¬19) حرمت عليه قبل موته، فلا تغسله (¬20). قلت: أرأيت إن (¬21) كانت (¬22) فيهن (¬23) امرأته (¬24) وهي امرأته بنكاح فاسد فمات عنها على ذلك النكاح؟ قال: لا تغسله. ¬

_ (¬1) ح - قلت. (¬2) ح - لو كانت. (¬3) ح ي - بها. (¬4) ح ي - فيهن. (¬5) ح ي: وأمه. (¬6) ك + منهن. (¬7) ح: منهن؛ ي: من؛ ح ي + التي. (¬8) ك م: ولا ينظرون. (¬9) ك م: الإمامة. وانظر: الكافي، 191 أو. وقال المطرزي: والإمام من يؤتم به، أي: يقتدى به ذكرًا كان أو أنثى، ومنه: "قامت الإِمام وسطهن"، وفي بعض النسح: الإمامة، وترك الهاء هو الصواب؛ لأنه اسم لا وصف. انظر: المغرب، "أمم". (¬10) ح ي - قلت فتقوم الإِمام منهن وسط الصف قال نعم. (¬11) ح: كان. (¬12) ح ي - فيهن. (¬13) ح ي: النكاح. (¬14) ي - أرأيت إن كان أعتقها قبل موته قال سواء ولا تغسله لأنها قد حرمت عليه قبل موته قلت؛ صح هـ. (¬15) ك م ح: إن كان. (¬16) ح ي: وقد. (¬17) ح ي - ثلاثاً. (¬18) ح ي - في. (¬19) ح ي - قد. (¬20) ح ي - قبل موته فلا تغسله. (¬21) ح ي: قلت فإن. (¬22) ك م ح: إن كان. (¬23) ح ي - فيهن. (¬24) ي: امرأة.

قلت: فإن كانت معه أمة له (¬1) أو مدبرة وقد (¬2) كان يطؤها؟ قال: لا تغسله. قلت (¬3): فقد (¬4) كان فرجها حلالاً له (¬5)؟ قال: لأنه لا عدة على واحدة (¬6) منهما؛ ألا ترى أن الأمة تباع، والمدبرة (¬7) إن لم تكن (¬8) عليها (¬9) سعاية فتزوجت ساعة مات الرجل كان نكاحها جائزاً، وكان لزوجها (¬10) أن يطأها، فأستقبح أن يطأها زوجها وينظر إلى فرجها وهي تنظر إلى فرج آخر وتغسله. قلت: فإن كانت فيهن امرأته (¬11) وقد طلقها طلاقاً بائناً هل تغسله؟ قال: لا. قلت: أرأيت امرأة ماتت في السفر ومعها رجال وفيهم زوجها هل يغسلها؟ قال: لا. قلت: لم وهي تغسله وهو لا يغسلها؟ قال: لأنه لا عدة عليه (¬12)؛ ألا ترى أنه لو شاء (¬13) تزوج أختها, ولو شاء تزوج أربعاً (¬14)، ولو شاء تزوج ابنتها (¬15) إن لم يكن دخل بالميتة (¬16)، فأستقبح (¬17) أن ينظر الرجل (¬18) إلى فرج امرأة وابنتها امرأته، أو أختها (¬19)، أو له أربع نسوة. قلت: فإن كان أخوها معها أو أبوها (¬20)؟ قال: لا يغسلها (¬21) واحد منهما. قلت: أرأيت رجلاً (¬22) مات في سفر ومعه نساء، ومعهن رجل كافر، هل ينبغي (¬23) لهن أن يصفن له كيف يغسله، ثم يخلين (¬24) بينه وبين الميت (¬25)؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن امرأة ماتت في سفر ومعها ¬

_ (¬1) ك م - له. (¬2) ح ي: قد. (¬3) ح ي - لم. (¬4) ح ي: وقد. (¬5) ح: له حلالاً؛ ي: له حلال. (¬6) ح ي: على واحد. (¬7) ح ي: وأن المدبرة. (¬8) ك م: لم يكن. (¬9) ط: لها. (¬10) ح ي - وكان لزوجها. (¬11) ح ي: امرأة. (¬12) ح: عليها. (¬13) ح ي - شاء. (¬14) ي: أربعة. (¬15) ي: بابنتها. (¬16) م: بأمها؛ ح: بالميت. (¬17) ح + للرجل. (¬18) ح - الرجل. (¬19) ح: وأختها. (¬20) ح ي: فإن كان معها أبوها أو أخوها. (¬21) م: لا يغسله. (¬22) ي: رجل. (¬23) في: أينبغي. (¬24) ح ي: أيخلين. (¬25) في: وبينه.

رجال، ومعهم امرأة كافرة، كان ينبغي (¬1) لهم أن يصفوا لها كيف تغسلها، ثم يخلوا بينها وبينها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا ماتت المرأة (¬2) كيف تكفن؟ قال: تكفن في لِفافة، وهي الرداء، وفي إزار (¬3) ودرع (¬4) وخمار، وخرقة تربط (¬5) فوق الأكفان عند الصدر فوق الثديين (¬6) والبطن حتى لا ينتشر عنها الكفن. قلت: وموضع (¬7) الحنوط والكافور من المرأة موضعه من الرجل (¬8)؟ قال: نعم. قلت: ويُسدَل (¬9) شعرها من (¬10) خلف ظهرها إذا غسلت (¬11)؟ قال: لا, ولكنه (¬12) يُسدَل (¬13) ما بين ثدييها (¬14) من الجانبين جميعاً، ثم يسدل (¬15) الخمار عليها كهيئة المِقْنَعَة (¬16). قلت: أرأيت إذا ماتت المرأة فكفنت في ثوبين وخمار ولم تكفن في درع هل يجزيها ذلك؟ قال: نعم. قلت: فالخَلَق (¬17) والجديد (¬18) في ذلك سواء إذا غسلا (¬19)؟ قال: نعم (¬20). قلت: والبرود (¬21) أحب إليك أم البياض؟ قال: كل ذلك حسن. ¬

_ (¬1) ح ي: هل ينبغي. (¬2) ح ي: قلت أرأيت المرأة إذا ماتت. (¬3) ح: أو إزار؛ ي: وإزار. (¬4) ح: أو درع. (¬5) ح ي + بها. (¬6) م: اليدين. (¬7) ح ي: وتوضع. (¬8) ك م: من الرجال. (¬9) م: وتسدل. (¬10) ح ي - من. (¬11) م: إذا اغتسلت؛ ح ي - إذا غسلت. (¬12) ح ي: ولكن. (¬13) م: تسدل. (¬14) م: يديها؛ ح: من بدنها؛ ي: من بين يديها. (¬15) م: ثم تسدل. (¬16) المِقْنَعَة هي ما تغطي به المرأة رأسها. انظر: لسان العرب، "قنع". (¬17) ي: والخلق. خَلُق الثوب فهو خَلَق، أي: قديم وبالي. انظر: لسان العرب، "خلق". (¬18) ح: والجديد والخلق. (¬19) ك م - إذا غسلا؛ ح: إذا غسل. (¬20) ك م + في ذلك سواء إذا غسل. وعبارة الحاكم: والخلق إذا غسل والجديد سواء. انظر: الكافي، 1/ 19 و. (¬21) ح ي: فالبرد. جمع بُرْد وهو ثوب فيه خطوط أو وشي. انظر: لسان العرب، "برد".

بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كفن في حُلّة (¬1) وقميص (¬2). وبلغنا عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه أمر (¬3) وأوصى (¬4) أن يغسل ثوباه (¬5) ويكفن فيهما، وقال (¬6): الحي أحوج إلى الجديد من الميت (¬7). فأي ذلك (¬8) ما فعل فحسن. قلت: فإن كفن الرجل في ثوب واحد؟ قال: ما أحب له أن ينقص من ثوبين. قلت: فإن فعلوا فكفنوه في ثوب واحد (¬9)؟ قال: يجزئ وقد أساؤوا. قلت: والمرأة لا تنقص من ثوبين وخمار؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصبي إذا كان صغيراً لم يتكلم ولم يعقل في أي شيء يكفن؟ قال: إن (¬10) كفن في خرقتين إزار ورداء فحسن، وإن كان إزاراً واحداً (¬11) أجزأه. قلت: فإن كان غلاماً (¬12) قد راهق ولم يحتلم إلا أنه قد ¬

_ (¬1) ك م: في حلتين. (¬2) الحُلّة: إزار ورداء. انظر: المغرب، "حلل". والحديث روي عن إبراهيم النخعي مرسلاً. قال الإِمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كُفِّن في حُلَّة يمانية وقميص. انظر: الآثار لمحمد، 45. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 78. وروي عن ابن عباس - رضي الله عنه -. انظر: سنن ابن ماجه، الجنائز، 11؛ وسنن أبي داود، الجنائز، 30؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 260 - 261. (¬3) ح ي - أمر. (¬4) ح ي: أوصى. (¬5) ح: ثوبيه. (¬6) ي + الحسن. (¬7) ذكره الإِمام محمد أيضاً بلاغاً في الآثار له، 44. ورواه الإِمام أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار لأبي يوسف، 79. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 3/ 428؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 463؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 262 - 263. (¬8) في - ذلك. (¬9) ح ي - قال ما أحب له أن ينقص من ثوبين قلت فإن فعلوا فكفنوه في ثوب واحد. (¬10) ح ي: فإن. (¬11) ح ي: إزار واحد. (¬12) ح: غلام.

صلى وصام ولم يحتلم مثله؟ قال: هذا يكفن كما يكفن الرجل. قلت: أرأيت الرجلين هل يدفنان في قبر واحد؟ قال: إن احتاجوا إلى ذلك فعلوا (¬1)، وإن (¬2) فعلوا ذلك فليقدموا في اللحد أفضلهما, وليجعلوا بينهما حاجزاً من الصعيد (¬3). قلت: أرأيت الصبي الصغير الذي لم يتكلم هل تغسله المرأة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصبية الصغيرة التي لم تتكلم هل يغسلها الرجل، وهو غير ذي رحم (¬4) محرم منها ولا زوج لها؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت قد كبرت ومثلها يجامع؟ قال: لا يغسلها (¬5) الرجال (¬6). قلت: وكذلك الغلام إذا كان مثله يجامع لم يغسله أحد من النساء ما خلا امرأته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الميت إذا وُضِّئَ وضوءَه للصلاة هل تُغسَل رجلاه (¬7)؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة إذا أسدل (¬8) عليها خمارها أتحت (¬9) الكفن (¬10)؟ قال: فوق الدرع وتحت (¬11) الإزار واللفافة. قلت: أرأيت قوماً صلوا على ميت قبل أن يغسل (¬12) ثم ذكروا بعد ما صلوا عليه (¬13) كيف يصنعون؟ قال: يغسل الميت، ويعيدون الصلاة عليه. قلت: فإن لم يذكروا غسله حتى دفنوه هل ينبش (¬14) القبر ثم يغسل ويصلى عليه؟ قال: لا. قلت: فلم أمرتهم بغسله وقد صلوا عليه؟ قال: أمرتهم ¬

_ (¬1) م - فعلوا. (¬2) ح ي: فإن. (¬3) ح ي: وليجعلوا حاجزاً من الصعيد بينهما. (¬4) ح ي - ذي رحم. (¬5) م: لا تغسلها. (¬6) ح: الرجل. (¬7) ح ي: رجليه. (¬8) ح ي: إذا شد. (¬9) م: أيجب. (¬10) ح ي - أم فوق الكفن. (¬11) م: وتجب (¬12) ح: أن يغسلوه. (¬13) ح ي - عليه. (¬14) ك م ط: هل ينبشوا.

بغسله (¬1) ما دام في أيديهم، فإذا دفن (¬2) فلا آمرهم (¬3) أن ينبشوا القبر. قلت: أرأيت رجلاً (¬4) مات فدفن ووجهه (¬5) لغير القبلة، أو وضع على شقه الأيسر، أو جعل رأسه في موضع الرجلين، ثم ذكروا ذلك (¬6) بعد ما فرغوا من دفنه، هل ينبشون (¬7) قبره فيدفنونه (¬8) على ما (¬9) ينبغي له (¬10)؟ قال: لا, ولكنهم يدعونه كما هو. قلت: فإن كانوا قد وضعوا اللَّبِن ولم يُهَل (¬11) التراب عليه بعد (¬12)؟ قال: ينزع اللبن، ثم يهيئونه (¬13) على ما ينبغي له (¬14). قلت: فهل يغسلونه إن لم يكن (¬15) غسل (¬16)؟ قال: نعم. قلت: فإن كانوا قد أهالوا عليه التراب؟ قال: يتركونه كما هو على حاله. قلت: أرأيت القوم يسقط منهم الثوب (¬17) في القبر أو الشيء من متاعهم هل ترى بأساً بأن (¬18) يحفروا من التراب شيئاً (¬19) من غير أن ينبشوا الميت (¬20)؟ قال: لا بأس بأن (¬21) يحفروا من التراب شيئاً فيخرجوا متاعهم. قلت: أرأيت اللحد أتكره (¬22) أن يجعل عليه (¬23) رفوف (¬24) خشب؟، قال: نعم، أكره (¬25) ذلك. ¬

_ (¬1) ك م - وقد صلوا عليه قال أمرتهم بغسله. (¬2) ح: دفنوه؛ ي: دفنوا. (¬3) ك م: فلا تأمرهم. (¬4) ي: رجل. (¬5) ي: فوجهه. (¬6) ح ي - ذلك. (¬7) ك م ح: هل ينبشوا. (¬8) ك: فيدفنوه؛ ح ي: ويدفنوه. (¬9) ح: كما. (¬10) م - له؛ ي - أن يدفن. (¬11) ح ي: يهال. (¬12) ح م - بعد. (¬13) ي: ويهيئونه. (¬14) في - له. (¬15) م - يكن. (¬16) ح؛ إن كان لم يغسل. (¬17) ح؛ القوب. (¬18) م في: أن. (¬19) ي: شي. (¬20) ح ي: القبر. (¬21) ح: أن. (¬22) م: أيكره؛ ح ي: هل يكره. (¬23) ح - عليه. (¬24) ك ي: دفوف؛ م: دفوق؛ ح: وقوف. والتصحيح من الكافي، 1/ 19 ظ؛ والمبسوط، 2/ 74. والمقصود برفوف الخشب هنا ألواح اللحد. انظر: المغرب، "رفف". (¬25) ح ي + له.

باب صلاة الكسوف

قلت: أرأيت الميت إذا وضع في اللحد (¬1) ولم يغسل ولم يهل (¬2) عليه التراب؟ قال: ينبغي لهم أن يخرجوه فيغسلوه ويصلوا عليه. قلت: فإن كانوا قد نصبوا اللبن عليه وأهالوا (¬3) عليه التراب؟ قال: ليس ينبغي لهم أن ينبشوا الميت من قبره. قلت: وكذلك لو كانوا (¬4) وضعوا رأسه مكان رجليه أو وضعوه على شقه الأيسر كان لهم أن يخرجوه فيهيئوه كما ينبغي (¬5) له (¬6) ما لم يهيلوا عليه التراب، فإذا أهالوا عليه التراب لم ينبغ (¬7) لهم أن يخرجوه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة تموت مع الرجال أو الرجل (¬8) يموت (¬9) مع النساء ليس معهن من يغسله؟ قال: يُيَمَّم (¬10) كل واحد (¬11) منهما بالصعيد الوجهَ والذراعين (¬12) من وراء الثوب. ... باب صلاة الكسوف قال: أخبرنا (¬13) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى ركعتين في الكسوف، ثم كان الدعاء حتى انجلت (¬14) الشمس (¬15). ¬

_ (¬1) ح ي: في لحده. (¬2) ي: يهال. (¬3) ي: وهالوا. (¬4) م: لو كان. (¬5) م - كما ينبغي. (¬6) ح ي - كما ينبغي له. (¬7) ح ي: لم ينبغي. (¬8) ك ح: والرجل؛ ي: والرجال. (¬9) ي: تموت. (¬10) ك: ييم. (¬11) م: واحدة. (¬12) ك م: والذراعان؛ ح ي - واليدين. (¬13) ح ي - قال أخبرنا. (¬14) ح ي: يدعوا حتى تجلت. (¬15) محمد قال أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليهما وسلم، فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخطب الناس فقال "إن =

وإنما الصلاة ركعتان (¬1) كصلاة (¬2) التطوع، وإن شئت طولتهما، وإن شئت قصرتهما، ثم الدعاء حتى تجلي (¬3) الشمس. قلت: والذي ذكر من الصلاة فيها (¬4) أيركع (¬5) ركعتين قبل أن يسجد؟ قال: الصلاة (¬6) فيها (¬7) كما ذكرت لك كصلاة (¬8) الناس المعروفة. قلت: وترى في كسوف القمر صلاة؟ قال: نعم، الصلاة فيه حسنة. قلت: فهل يصلون جماعة كما يصلون في كسوف الشمس؟ قال: لا. قلت: فهل تكره (¬9) الصلاة في التطوع جماعة (¬10) ما خلا قيام رمضان وصلاة كسوف الشمس؟ قال: نعم، ولا ينبغي أن يصلي في كسوف الشمس جماعة إلا الإِمام الذي يصلي الجمعة (¬11)، فأما أن يصلي الناس في مساجدهم جماعة فإني لا أحب ذلك، وليصلوا وحداناً. قلت: أرأيت الصلاة في غير كسوف الشمس في الظلمة تكون أو في (¬12) الريح الشديدة (¬13)؟ قال: الصلاة حسنة (¬14) في ذلك كله وحداناً. محمد عن أبي يوسف عن (¬15) أبان بن أبي عياش (¬16) عن الحسن ¬

_ = الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ثم صلى ركعتين، ثم كان الدعاء حتى انجلت. انظر: الآثار لمحمد، 44؛ والحجة على أهل المدينة لمحمد، 1/ 324. وأخرجه أبو يوسف أيضاً. انظر: الآثار لأبي يوسف، 55. وانظر: صحيح البخاري، الكسوف، 1؛ وسنن النسائي، الكسوف، 15، 16؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 228. (¬1) ك م ي: ركعتين. (¬2) ح ي: كالصلاة. (¬3) ك: تجلا. (¬4) ك م: فيهما. (¬5) ح ي: أن يركع. (¬6) ح ي + عليها. (¬7) ك م: فيهما. (¬8) ح: للصلاة؛ ي: الصلاة. (¬9) م: يكره. (¬10) ح ي: الصلاة في جماعة في التطوع. (¬11) ي: الجماعة. (¬12) ح ي - في. (¬13) ح: الشديد. (¬14) م - حسنة. (¬15) ح ي - محمد عن أبي يوسف عن؛ ح ي + وحدث. (¬16) ي: عباس.

البصري عن (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬2) قال: "إذا رأيتم (¬3) من هذه الأفزاع شيئاً (¬4) فافزعوا إلى الصلاة" (¬5). قلت: فإن صلوا في كسوف الشمس وحداناً؟ قال: إن صلوا وحداناً أو في جماعة (¬6) كيف ما صلوا فحسن. قلت: فإن صلوا (¬7) جماعة هل (¬8) يجهر فيها بالقراءة؟ قال: لا, ولكنه (¬9) يخفي (¬10) فيها بالقراءة (¬11)، وليست هذه كصلاة (¬12) العيدين (¬13). بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى فيها ولم جهر فيها بالقراءة (¬14). وهو قول محمد. قال: بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب أنه صلى في كسوف الشمس، وأنه جهر بالقراءة فيها (¬15). وهو قول أبي يوسف (¬16). ¬

_ (¬1) م + النبي. (¬2) ح - أنه. (¬3) ح ي - فزعاً. (¬4) ح ي - شيئاً. (¬5) ح ي: إلى الله بالصلاة. روي نحو ذلك في حديث كسوف الشمس. انظر: صحيح البخاري، الكسوف، 4؛ وصحيح مسلم، الكسوف، 3؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 234 - 235. (¬6) ح: إن صلوا في جماعة أو وحداناً؛ ي: إن صلوا في جماعة وحداناً. (¬7) ح - في. (¬8) ك م: هل يجهرون. (¬9) ح ي: ولكن. (¬10) م: يخفا. (¬11) ح ي: القراءة. (¬12) ك: صلاة. (¬13) ح ي: العيد. (¬14) ط + ويجهر فيها في قول أبي يوسف. وقال الحاكم: ويجهر فيها في قول أبي يوسف ومحمد. انظر: الكافي، 1/ 19 ظ. لكن ذكر السرخسي أن قول محمد في المسألة مضطرب. أي: اختلفت الرواية عنه انظر: المبسوط، 2/ 76. (¬15) ذكر الإِمام محمد البلاغ نفسه عن علي - رضي الله عنه - في كتبه الأخرى مع ترجيح الإخفاء تارة والجهر تارةً أخرى. انظر: الآثار لمحمد، 44؛ والحجة على أهل المدينة لمحمد، 1/ 220. وقد وصل هذا الأثر غيره. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 220؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 334. (¬16) ك م - وهو قول محمد قال بلغنا ذلك عن علي بن أبي طالب أنه صلى في كسوف الشمس وأنه جهر بالقراءة فيها وهو قول أبي يوسف.

[باب صلاة الاستسقاء]

قلت: أرأيت النساء هل ترخص (¬1) لهن أن يحضرن ذلك (¬2)؟ قال: لا أرخص (¬3) للنساء في شيء من الخروج إلا العجوز الكبيرة (¬4)، فإني أرخص لها في الخروج (¬5) في العيدين وفي صلاة الفجر والعشاء. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرخص لهن في الخروج (¬6) في الصلوات كلها وفي (¬7) صلاة الكسوف وفي الاستسقاء (¬8) إذا كانت عجوزاً، ولا (¬9) بأس بأن (¬10) تخرج في ذلك كله، وأكره للشابة (¬11) ذلك. وهو قول محمد. ... [باب صلاة الاستسقاء] (¬12) قلت: فهل في الاستسقاء صلاة؟ قال: لا صلاة في الاستسقاء، إنما فيه الدعاء. قلت: ولا ترى بأن يجمع فيه للصلاة (¬13) ويجهر الإِمام بالقراءة؟ قال: لا أرى ذلك. إنما بلغنا عن رسول الله (¬14) - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج فدعا (¬15). ¬

_ (¬1) م: هل يرخص. (¬2) ح ي - ذلك. (¬3) ح ي: لا يرخص. (¬4) م ح: الكبير. (¬5) ح - في الخروج؛ صح هـ. (¬6) ح ي - في الخروج. (¬7) ح ي. في. (¬8) ح ي: والاستسقاء. (¬9) ح ي: فلا. (¬10) ح: أن. (¬11) ح ي + في. (¬12) الزيادة من الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 19 ظ. وزادها أبو الوفا الأفغاني في المطبوعة أيضاً. (¬13) ح ي: الصلاة. (¬14) ي: عن النبي. (¬15) ح - أنه خرج فدعا؛ صح هـ. عن أنس قال بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة إذ قام رجل، فقال يا رسول الله، هلك الكُرَاع، وهلك الشّاء، فادع الله أن يسقينا. فمَدَّ يديه ودعا. انظر: صحيح البخاري؛ الجمعة، 34؛ وصحيح مسلم، صلاة الاستسقاء، 8. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 2/ 238؛ وإعلاء السنن لظفر العثماني، 8/ 147.

وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه سعد المنبر فدعا واستسقى (¬1). ولم يبلغنا في ذلك صلاة (¬2) إلا حديثاً واحداً شاذاً (¬3) لا يؤخذ به. قلت: فهل يستحب أن يقلب الإِمام (¬4) أو أحد من القوم رداءه في ذلك؟ قال: لا. وهذا قول أبي حنيفة (¬5). وقال محمد بن الحسن (¬6): أرى أن يصلي الإِمام في الاستسقاء نحواً (¬7) من صلاة (¬8) العيد. يبدأ (¬9) بالصلاة (¬10) قبل الخطبة، ولا يكبر فيها كما يكبر في العيدين (¬11)؛ لأنه بلغنا عن رسول الله (¬12) - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى في الاستسقاء (¬13). وبلغنا عن ابن عباس أنه أمر بذلك (¬14). ¬

_ (¬1) ح - وبلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه صعد المنبر فدعا واستسقى. قال الإِمام محمد: أخبرنا سفيان الثوري قال حدثنا أبو رباح عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه قال خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - نستسقي، فلم يزد على أن قال استغفروا ربكم إنه كان غفاراً. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 335. وعن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، فاسقنا. قال فيُسْقَوْن. انظر: صحيح البخاري، الاستسقاء، 3. وانظر: السنن الكبرى للبيهقي، 3/ 351. (¬2) ح ي: الصلاة. (¬3) ح: شاذ. (¬4) ح ي - رداءه. (¬5) ح ي - وهذا قول أبي حنيفة. (¬6) ح ي - بن الحسن. (¬7) ح ي: نحو. (¬8) ي: من الصلاة (¬9) ح ي - يبدأ. (¬10) ي: والصلاة. (¬11) ح ي: في العيد. (¬12) ح ي: عن النبي. (¬13) قال الإِمام محمد: أخبرنا سفيان الثوري قال حدثنا أبو إسحاق عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال خرج يستسقي بالكوفة، وقد كان رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام قائماً على رجليه على غير منبر فاستسقى واستغفر فصلى ركعتين. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 338 - 339؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 323 - 326. ورويت صلاة الاستسقاء من حديث عائشة وعبد الله بن زيد وابن عباس - رضي الله عنهم -. انظر: سنن ابن ماجه، إقامة الصلاة، 153؛ وسنن أبي داود، صلاة الاستسقاء، 2؛ وسنن الترمذي، الجمعة، 43؛ وسنن النسائي، الاستسقاء، 11، 13. وانظر الحاشية التالية. (¬14) قال الإِمام محمد: أخبرنا سفيان الثوري قال حدثنا هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال حدثني أبي عن ابن عباس قال سألته عن الاستسقاء، قال ما شأنك أنت وما =

ويَقْلِب (¬1) رداءه في ذلك. وقَلْبُه (¬2) أن يجعل الجانب الأيسر على الأيمن والأيمن على الأيسر. وإنما (¬3) نتبع في (¬4) هذه السنة والآثار المعروفة (¬5). وليس يجب ذلك (¬6) على من خلف (¬7) الإِمام. قلت (¬8): أفتحب أن يخرج أهل الذمة مع أهل الإِسلام في ذلك؟ قال: ما أحب ذلك، ولا ينبغي لأهل الإِسلام أن يتقربوا إلى الله تعالى بأحد من أهل الذمة. وبلغنا (¬9) عن عمر بن الخطاب أنه نهى أن يحضر أحد من أهل الكفر عند المسلمين؛ لأن السَّخْطَة تنزل عليهم (¬10)، فكيف أحضرهم (¬11) دعاء المسلمين. قلت: أرأيت الإِمام إذا خطب في الاستسقاء هل يجب على القوم أن يستمعوا وينصتوا؟ قال: نعم (¬12)، أحب إلى (¬13) أن يستمعوا وينصتوا, وليس بواجب مثل العيدين والجمعة (¬14). قلت: فهل يُخْرَج المنبر في العيدين ¬

_ = شأن هذا قال له: أرسلني الأمير. قال فما شأنه لم يسألني؟ خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متواضعًا متبذّلاً فدعا ولم يخطب خطبتكم هذه، ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد. قال سفيان: فلا ندري أصلى قبل أم بعد. انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 337 - 338. وانظر: المصادر السابقة. (¬1) ي + الإمام. (¬2) ح ي: وتقليبه. (¬3) ي: فإنما. (¬4) ك م - في. (¬5) انظر المصادر السابقة. (¬6) ح ي - ذلك. (¬7) ح: خلفه. (¬8) ح - قلت. (¬9) في: بلغنا. (¬10) عن عمر بن الخطاب أنه قال لا تدخلوا عليهم في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السَّخْطَة تنزل عليهم. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 1/ 411؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 9/ 234. (¬11) ح ي: نحضرهم. (¬12) ك م - نعم. (¬13) ي: أحب لهم. (¬14) ح ي: مثل الجمعة والعيدين.

باب الصلاة بمكة وفي الكعبة

والاستسقاء؟ قال: لا. قلت: فهل في ذلك (¬1) أذان وإقامة؟ قال: لا. قلت: فهل تخرج (¬2) النساء في ذلك (¬3)؟ قال: لا. ... باب الصلاة بمكة وفي (¬4) الكعبة قلت: أرأيت الإِمام إذا صلى بمكة وصف الناس (¬5) حول الكعبة، فقامت امرأة بحذاء الإِمام؟ قال (¬6): إن كانت تأتم (¬7) من الكعبة بالجانب (¬8) الذي يأتم به الإِمام، ونوى الإِمام الذي تأتم به (¬9) أن يؤمها ويؤم الناس، فصلاة الإِمام وصلاة الناس كلهم فاسدة. قلت: فإن كانت تأتم (¬10) بالجانب (¬11) الآخر وكانت إلى الكعبة أقرب (¬12) من الإِمام؟ قال: صلاتها (¬13) وصلاة القوم وصلاة الإِمام (¬14) كلهم تامة. قلت: فإن قامت بحذاء الإِمام من الجانب الآخر وصف معها النساء (¬15) مقابل صف الإِمام؟ قال: صلاة الإِمام وصلاة الناس كلهم تامة إلا من كان مع النساء في ذلك الجانب (¬16). قلت: فمن كان (¬17) بحذائهن أو خلفهن؟ قال (¬18): صلاته فاسدة. قلت: فإن صلى ¬

_ (¬1) ك م: في العيدين. والمقصود صلاة العيدين والاستسقال انظر: الكافي،1/ 19 ظ. وقد ذكر المؤلف أنه لا أذان ولا إقامة في العيدين قبل هذا. انظر: 1/ 24 و. (¬2) م: يخرج. (¬3) أي: في الاستسقاء. وانظر: 1/ 83 و - 83 ظ. (¬4) ح: في. (¬5) ح ي - الناس. (¬6) ح - قال. (¬7) ح - تأتم. (¬8) ح: بجانب. (¬9) ك م - الذي تأتم به. (¬10) ك م: كان يأتم. (¬11) ي: في جانب. (¬12) ح: وكانت أقرب إلى الكعبة. (¬13) ح: صلاتهما. (¬14) ح - وصلاة الإِمام؛ ي: وصلاة الإمام وصلاة القوم. (¬15) ح ي: الناس. (¬16) ك + فمن كان. (¬17) ح ي - قلت فمن كان. (¬18) ي: فإن.

الناس فرادى تطوعاً النساء والرجال (¬1)؟ قال: هذا والأول سواء، وصلاة الرجال (¬2) تامة، من كان بحذاء النساء (¬3) أو خلفهن، غير أنه قد أساء في قيامه بحذاء النساء أو خلفهن. قلت: فإن كانت الكعبة تُبْنَى وقام الإِمام يصلي بالناس، وصف الناس (¬4) حول الكعبة، وليس بين يدي الإِمام ستر (¬5) يحجز بينه وبين الصف المستقبل (¬6)؟ قال: يجزئ الإِمام والقوم جميعاً، وصلاتهم (¬7) تامة (¬8)، إلا أن الإِمام قد أساء في تركه أن يجعل بينه وبينهم (¬9) سترة. قلت: وكذلك لو كان مكان الصف (¬10) الرجال (¬11) صف (¬12) من النساء (¬13) كانت صلاته وصلاة القوم كلهم تامة؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الإِمام صلى (¬14) في جوف الكعبة مستقبل حائط (¬15) من حيطانها (¬16) أيجوز أيضاً (¬17)؟ قال: نعم (¬18). قلت: فإن كان معه في جوف الكعبة قوم يصلون إلى الحائط الذي يصلي إليه (¬19) الإِمام وهم قدام الإِمام؟ قال: لا تجزيهم صلاتهم؛ لأنهم قدام الإِمام يصلون إلى الجانب (¬20) الذي يصلي إليه الإِمام. قلت: فإن كان مكانهم (¬21) نساء (¬22)؟ قال: صلاة ¬

_ (¬1) ح ي: الرجال والنساء. (¬2) ح ي: الرجل. (¬3) ح ي - منهن. (¬4) ح - وصف الناس. (¬5) ح ي: شيء. (¬6) ح: المستقبلة. (¬7) ح ي: صلاتهم. (¬8) ي - تامة. (¬9) ك م: بينهم وبينه. (¬10) ط: صف. وما في المتن صحيح أيضاً على البدلية، وليس بخطأ كما قال أبو الوفا الأفغاني. (¬11) ح ي + المستقبلة. (¬12) ح - صف. (¬13) ح ي: من نساء. (¬14) ح ي - صلى. (¬15) ي: حائطاً. (¬16) ح ي: من حيطانهن. (¬17) ح ي -أيجوز أيضاً. (¬18) ح ي: قال يجزيهم. (¬19) ح ي - إليه. (¬20) ح ي: إلى جانب. (¬21) ك: معهم. (¬22) ح - نساء.

الإِمام والقوم (¬1) تامة، وصلاة النساء فاسدة. قلت: فإن صف قوم مستقبل الإِمام بوجوههم (¬2) يأتمون بالإمام (¬3)؟ قال: يجزيهم ذلك، إلا أن الإِمام قد أساء في ترك السترة فيما بينهم (¬4). قلت: فإن صافّوا (¬5) حلقة واحدة في جوف الكعبة فصلوا بإمام؟ قال: تجزيهم صلاتهم؛ إذ كل واحد منهم صلى على القبلة (¬6)؛ لأن كلًّا على القبلة (¬7). قلت: فإن كانوا في غير الكعبة (¬8) فتحروا القبلة (¬9) فصلى كل إنسان منهم إلى ناحية (¬10) بالتحري وائتموا (¬11) بالإمام؟ قال: لا يجزئ من خالف (¬12) الإِمام؛ لأن الإِمام على غير قبلة (¬13)، فلا يجزيه أن يأتم به (¬14). ولا يشبه هذا الكعبة؛ لأن الكعبة (¬15) حيث ما وجَّهَ (¬16) وَجْهَه منها فهو قبلة، وهو حق. قلت: أرأيت قوماً صلوا فوق الكعبة بإمام؟ قال: يجزيهم. قلت: فإن كان وجه الإِمام إلى ناحية منها ووجه كل إنسان منهم (¬17) إلى ¬

_ (¬1) ح ي: وصلاة القوم. (¬2) ح: وجوههم؛ ي: ووجوههم. (¬3) ح ي: إلى وجه الإِمام. (¬4) ح ي - ذلك إلا أن الإمام قد أساء في ترك السترة فيما بينهم. (¬5) ح ي: تحلقوا. (¬6) ح ي - إذ كل واحد منهم صلى على القبلة. (¬7) ح: لأن السكل على قبلة؛ ي: لأن الكل على قبلة. (¬8) ح: القبلة. (¬9) ح: الكعبة. (¬10) ح: على ناحية. (¬11) ك: وأتموا. (¬12) ك م: من خلف. وانظر: الكافي، 1/ 20 و؛ والمبسوط، 2/ 79. (¬13) ح ي: القبلة. (¬14) ك م - فلا يجزيه أن يأتم به. (¬15) ح - لأن الكعبة. (¬16) ك م - وجه. (¬17) م - منهم.

ناحية أخرى؟ قال: يجزيهم كلهم، إلا أن يكون أحد منهم قدام الإِمام وظهره (¬1) إلى وجه الإِمام، من (¬2) كان هكذا فإنه (¬3) لا تجزيه صلاته. قلت: أرأيت إن صف قوم (¬4) منهم قدام الإِمام ووجوههم إلى وجه الإِمام؟ قال: يجزيهم ذلك. قلت: والنساء في هذا الباب مثل الرجال؟ قال: نعم، غير أنهم قد أساؤوا في ترك السِّتْر (¬5) بينهم وبين الإِمام. قلت: أرأيت إن صف قوم (¬6) منهم خلف الإِمام وجعلوا ظهورهم إلى ظهر الإِمام وائتموا (¬7) بالإمام؟ قال: تجزيهم صلاتهم؛ لأنهم خلف الإِمام، والإمام (¬8) على قبلة. قلت: أرأيت العبيد والأحرار والرجال والنساء (¬9) كلهم في هذا (¬10) سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الإِمام يصلي إلى الكعبة، بينه (¬11) وبين الكعبة مقام إبراهيم، والصف الذي مقابله (¬12) أقرب إلى الكعبة من الإِمام؟ قال: تجزيهم صلاتهم كلهم (¬13). قلت: وكذلك الصف الآخر (¬14) فيما بين الركن اليماني إلى الحِجْر، وهو أقرب إلى البيت من الإِمام (¬15)؟ قال: نعم، تجزيهم كلهم صلاتهم. قلت: فإن (¬16) كان الذي في جانب الإِمام أقرب إلى الكعبة من الإِمام؟ قال: لا تجزيهم، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة. قلت: أرأيت إن استقبلوا الإِمام بوجوههم والكعبة خلف ظهورهم؟ قال: لا تجزيهم صلاتهم؛ لأنهم على غير القبلة، وعليهم أن يستقبلوا الصلاة (¬17)، ¬

_ (¬1) ي: فظهره. (¬2) ح ي: فمن. (¬3) م: قال. (¬4) ح: قوماً. (¬5) ح: السترة. السِّتْر والسِّتْرَة بنفس المعنى. انظر: المغرب، "ستر". (¬6) ح ي: قوماً. (¬7) ك: واتموا. (¬8) ي - والإمام؛ صح هـ. (¬9) م - هم. (¬10) م: في ذلك. (¬11) ح ي: وبينه. (¬12) ح ي: يقابله. (¬13) م - كلهم؛ ح ي: كلهم صلاتهم. (¬14) م: الأخيرة ح ي: الصفين الأخريين. (¬15) ح: من البيت إلى الإمام. (¬16) ح ي: وإن. (¬17) ح ي - وعليهم أن يستقبلوا الصلاة.

وأما (¬1) الإِمام والقوم جميعاً غير هؤلاء فإن صلاتهم تامة (¬2). ¬

_ (¬1) ح: فأما. (¬2) ح - في المسألتين جميعاً فهذا آخر كتاب الصلاة والحمد لله رب العالمين وصلواته على نبيه محمد وآله أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ ي + في المسألتين جميعاً والله أعلم فهذا آخر كتاب الصلاة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ م + هذا آخر كتاب الصلاة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. وقد ورد بعد هذا في نسخة م هذه الزيادة: "كان ابن عباس يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم في كل ركعة. وكان ابن عمر يفتتح القرآن بـ: بسم الله الرحمن الرحيم. أبو حنيفة في قراءة: بسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وتجديدها قبل السورة الي بعد فاتحة الكتاب، قال أبو حنيفة: تجزيه قراءتها قبل الحمد. وقال أبو يوسف: يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم في كل ركعة قبل القراءة مرة واحدة. قال هشام: قلت لأبي يوسف: فيقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم في الركعتين الأخيرتين اللتين يقرأ بهما فاتحة الكتاب قال نعم. قال هشام: وأخبرني محمد عن أبي حنيفة أنه كان يقول: يجزيه أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في أول ركعة قبل فاتحة الكتاب، ولم ير بأسًا إن قرأها مرة أخرى بعد فاتحة الكتاب قبل قراءة السورة. قال محمد: يقرأها قبل فاتحة الكتاب وبعد فاتحة الكتاب إذا أراد أن يقرأ سورة. قلت لمحمد: فإن قرأ سورة كبيرة في ركعة قال إن كان قرأها فيما يخفي فيه القراءة قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم عند افتتاح كل سورة، وإن كان قراءة يجهر فيها فإنه لا يقرأها. هشام: والذي يُختار من هذا أنه يقرأ عند افتتاح السورة التي يقرأها بعد فاتحة الكتاب جهراً وإخفاء إلا أنه يخفي قراءة بسم الله الرحمن الرحيم". وقد وردت هذه الزيادة في نسخة ك في آخر المجلد بعد كتاب الإيمان والكفارات. ولم ترد هذه الزيادة في النسخ الأخرى. وهشام بن عبيد الله الرازي معروف من تلاميذ الإمامين أبي يوسف ومحمد. له نوادر. وهو من رواة الأصل. لكن روايته لم تلق القبول لما فيها من الاضطراب. انظر: الجواهر المضية للقرشي، 2/ 205؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي، 10/ 446. فلا نعلم هذه الزيادة هل هي من نوادره أم أنها من الأصل بروايته.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجُزْءُ الثاني إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (2)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الحيض

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الحيض باب من المستحاضة في أول ما يمتد بها الدم ما يكون حيضاً وما لا يكون (¬2) قال: سمعت محمد بن الحسن يقول: إذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض، فرأت الدم أول ما رأته يوماً، ثم انقطع عنها ثمانية أيام، ثم رأت الدم يوماً، وهو تمام العشرة، ثم انقطع، فهذا في قول أبي يوسف حيض كله. وقال محمد: لا يكون هذا حيضاً؛ لأن ما بين الدمين من الطهر أكثر (¬3) من الدمين جميعاً، فهذا ليس بحيض. ولو كان الدمان أكثر مما بينهما من الطهر أو مثله كان ذلك حيضاً كله؛ لأن المرأة الحائض لا ترى الدم سائلاً أبدًا، ينقطع الدم يوماً وتراه يوماً، وينقطع يومين وتراه يومين، وينقطع ثلاثة أيام وتراه بعد ذلك. فذلك دم واحد - وإن كان بين ذلك أيام لا ترى فيها دماً - إذا كان الدمان أكثر مما بينهما من الطهر أو مثله. وأقل ما ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ق - باب من المستحاضة في أول ما يمتد بها الدم ما يكون حيضاً وما لا يكون. (¬3) ق: أكثر من الطهر.

يكون الحيض ثلاثة أيام ولياليها, لا ينقص من ذلك شيئاً، وأكثر الحيض عشرة أيام ولياليها, لا يزيد على ذلك شيئاً. فإن (¬1) رأت المرأة الدم يومين وثلثي يوم ثم انقطع ذلك لم يكن ذلك حيضاً، حتى يكون ما بين أول الدم وآخره ثلاثة أيام ولياليها, لا ينقص من ذلك شيء. ألا ترى أن الدم لو زاد على عشرة أيام ولياليها ساعةً كانت تلك الساعة استحاضة، فكذلك (¬2) النقصان، إذا نقص الدم من ثلاثة أيام ولياليها شيئاً لم يكن ذلك حيضاً، لأن الأثر جاء أن أدنى الحيض ثلاثة وأكثره عشرة (¬3). فمن جعل أقل من ثلاثة (¬4) حيضاً فينبغي له أن يجعل أكثر من عشرة حيضاً، فهذا لا يستقيم، والأمر فيه كما وصفت لك. وإذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض فرأت الدم أول ما رأته فمد بها الدم ثلاثة أشهر فإن أبا حنيفة قال في ذلك: حيضها من أول ما رأت الدم عشرة أيام، فإذا مضت اغتسلت وتوضأت لكل وقت صلاة، وصلت عشرين يوماً، فإذا مضت عشرون يوماً تركت الصلاة عشرة أيام ثم اغتسلت، فكان هذا حالها حتى ينقطع الدم؛ لأنها تجعل حيضها أكثر الحيض؛ لأنه لم تكن (¬5) لها أيام معروفة فتجعل حيضها (¬6) أيامها المعروفة. إنما جعلنا طهرها عشرين يوماً وقد يكون الطهر أقل من ذلك لأنا أخذنا في ذلك بالأمر الظاهر المعروف من أمر النساء؛ لأن الغالب من أمر النساء في الحيض أن في (¬7) كل شهر حيضة (¬8). ألا ترى أن الله تبارك وتعالى جعل على التي (¬9) تحيض من العدة ثلاثة قروء، فإن لم تكن تحيض من كبر أو ¬

_ (¬1) م: فات. (¬2) م: وكذلك. (¬3) روي من وجوه كثيرة مرفوعاً وموقوفاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 1/ 299؛ وسنن الدارقطني، 1/ 209 - 210، 218 - 219. وانظر للتفصيل والنقد: نصب الراية للزيلعي، 1/ 191 - 192؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 1/ 280؛ والدراية لابن حجر، 1/ 84 - 85؛ وإعلاء السنن لظفر العثماني، 1/ 247. (¬4) م ق: من ثلاث. (¬5) م ق: لم يكن. (¬6) ق: حيضاً. (¬7) ق - في. (¬8) م: حيظه؛ ق: خيضة. (¬9) م: على الذي.

صغر جعل عليها ثلاثة أشهر (¬1)، فجُعل مكان كل حيضة شهر. وهذا الغالب من أمور النساء. وأدنى ما يكون بين الحيضتين من الطهر خمس عشرة (¬2) ليلة، لا ينقص شيئاً قليلاً ولا كثيراً. فإذا هي رأت دمين بينهما من الطهر أقل من خمس عشرة (¬3) ليلة فهذان الدمان ليسا بحيض جميعاً؛ لأن الحيضتين لا يكون بينهما من الطهر أقل من خمس عشرة (¬4) ليلة (¬5). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض (¬6)، فرأت الدم أول ما رأته يوماً، ثم انقطع عنها تسعة أيام، ورأته يوماً، ثم انقطع، فإن أبا يوسف قال: عشرة أيام من ذلك حيض، اليوم الأول الذي رأت فيه الدم والتسعة الأيام التي رأت فيها الطهر حيض كله، واليوم الآخر الذي رأت فيه الدم استحاضة، تغتسل وتقضي ما زاد على التسعة الأيام التي رأت فيها الطهر من الصلاة. وإن كانت صامت شيئاً من شهر رمضان في التسعة الأيام التي رأت فيها الطهر قضتها؛ لأنها كانت في ذلك حائضاً باليوم الحادي عشر الذي رأت فيه الدم. ولو لم تر الدم في اليوم الحادي عشر لم يكن شيء (¬7) من ذلك حيضاً. وقال محمد: لا يكون شيء من هذه الأيام كلها حيضاً؛ لأن اليوم الحادي عشر لم يكن حيضاً، فلا تكون (¬8) التسعة الأيام التي رأت (¬9) فيها الطهر حيضاً بالدم الذي رأت في اليوم الحادي عشر، وذلك الدم ليس بحيض. ولا يكون اليوم الأول أيضاً حيضها؛ لأنها إنما رأت الدم يوماً ¬

_ (¬1) يقول تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (سورة البقرة، 228). ويقول تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} (سورة الطلاق، 4). (¬2) م: خمسة عشر. (¬3) م: خمسة عشر. (¬4) م: خمسة عشر. (¬5) ك - فهذان الدمان ليسا بحيض جميعاً لأن الحيضتين لا يكون بينهما من الطهر أقل من خمس عشرة ليلة، صح هـ. (¬6) م: ولم تحيض. (¬7) م - شيء. (¬8) ق: يكون. (¬9) ك ق - رأت.

واحداً، ولا يكون الحيض أقل من ثلاثة أيام. أرأيتم التسعة الأيام التي رأت فيها الطهر أتكون (¬1) حيضاً إن لم تر الدم (¬2) في اليوم الحادي عشر؟ قالوا: لا تكون (¬3) تلك الأيام ولا اليوم الذي قبله حيضاً. قيل لهم: فإنما تكون (¬4) تلك التسعة الأيام التي رأت فيها الطهر حيضاً واليوم الذي قبلها بالدم الذي رأته في اليوم الحادي عشر؟ قالوا: نعم. قيل لهم: فذلك الدم أحيض هو؟ قالوا: لا. قيل (¬5) لهم: فكيف صَيَّرَ دمٌ ليس (¬6) بحيضٍ غيرَه من أيام الطهر حيضاً، وهو نفسه ليس بحيض، والحكم فيه عندكم أنه طهر، فكيف يَجعل الطهرُ غيرَه حيضاً (¬7). وقد بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن امرأة استحيضت، فسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: "ليس ذلك بحيض، وإنما هو دمُ عِرْق" (¬8). فقد جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دم الاستحاضة غير دم الحيض، وجعل ذلك بمنزلة العِرْق يسيل منه الدم، وإنما ذلك بمنزلة الرعاف وغيره من الدم يسيل من الجسد، إلا أن مخرجه ومخرج دم الحيض من موضع واحد، وحكمه مختلف. أما دم الحيض فيُترَك (¬9) له الصلاة، وإن صامت فيه أعادت صيامها، وأما دم الاستحاضة فحكمه كحكم دم الرعاف، تتوضأ منه لوقت كل صلاة (¬10)، وتصلي ويأتيها زوجها وتصوم، وهي فيه بمنزلة الطاهرة. فكل دم حُكِمَ على المرأة أنها فيه بمنزلة الطاهرة فليس يَجعل ذلك غيرَه من أيام الطهر حيضاً. أرأيتم امرأة أول ما رأت الدم رأته يوماً، ثم انقطع عنها تسعة أيام، ¬

_ (¬1) ك ق: أيكون. (¬2) م - الدم. (¬3) ق: لا يكون. (¬4) ق: يكون. (¬5) م: قلت. (¬6) م: لم. (¬7) م + وهو نفسه ليس بحيض والحكم فيه عندكم أنه طهر فكيف يجعل الطهر غيره حيضاً. (¬8) رواه الإِمام أبو حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها -. انظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 267. والحديث في صحيح البخاري، الحيض، 8؛ وصحيح مسلم، الحيض، 62. (¬9) ق: فينزل. (¬10) ك: تتوضأ منه لكل وقت صلاة.

أيكون (¬1) حيضاً؟ قالوا: لا. قيل لهم: فإن رعفت أو سال منها دم من غير الفرج أتكون (¬2) بذلك حائضاً في التسعة الأيام التي طهرت فيها؟ قالوا: لا. قيل لهم: فالدم الذي سال من الفرج في اليوم الحادي عشر أحيض هو؟ قالوا: لا. قيل لهم: فاستحاضة هو؟ قالوا: نعم. قيل لهم: فحكمه كحكم الرعاف في الصيام والصلاة وغير ذلك؟ قالوا: نعم. قيل لهم: فكيف جعل ذلك اليومُ الأيامَ التسعة التي كانت المرأة فيها طاهراً حيضاً (¬3)، وحكمه عليها غير حكم الحيض. هل رأيتم دماً ليس بحيض يجعل غيره حيضاً. ليس هذا بشيء. إنما الحيض إذا كان الدمان كلاهما حيضاً في أول ذلك وآخره. وإن كان بينهما طهر أيام مثلُها أو أقل جعلنا ذلك كله حيضاً وإن لم تر فيه الدم (¬4)؛ لأن المرأة الحائض لا ترى الدم سائلاً أبداً، يسيل مرة وينقطع مرة. فإذا كان أول دمها حيضاً وآخره حيضاً كانت الأيام كلها حيضاً. وإذا كان أول الدم حيضاً وآخره استحاضة أو أوله (¬5) ليس بحيض وآخره ليس بحيض لم يكن بينهما حيض أبداً. وكذلك إن كان أوله ليس بحيض وآخره حيضاً لم تكن (¬6) تلك الأيام التي لم تر فيها الدم حيضاً. وإذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض (¬7)، فرأت الدم يوماً واحداً، ثم انقطع ثمانية أيام، ثم رأته ثلاثة أيام، ثم انقطع، فإن قياس قول أبي يوسف في ذلك: إن اليوم الأول والثمانيةَ الطهرَ واليومَ العاشر الذي رأت فيه الدم حيض كله، واليومان الحادي عشر والثاني عشر الذي رأت فيهما (¬8) الدم فهي فيهما مستحاضة. وقال محمد: الأيام الثلاثة الأواخر حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وإن كانت أول ما (¬9) رأت الدم رأته يوماً، ثم انقطع الدم تسعة أيام كمال العشرة، ثم رأت الدم ¬

_ (¬1) م: تكون. (¬2) ق: أيكون. (¬3) م: حيظا. (¬4) م - من الأيام وغير ذلك. (¬5) م: وأوله. (¬6) ق: لم يكن. (¬7) م: ولم تحيض. (¬8) ك ق: فيها. (¬9) م: مات.

ثلاثة أيام مستقبلة، ثم انقطع، فإن قياس قول أبي يوسف في ذلك أن اليوم الأول الذي رأت فيه الدم والتسعة الأيام التي رأت فيها الطهر حيض كله، والثلاثة الأيام التي رأت فيها الدم استحاضة، تغتسل عند مضي العشرة، وتتوضأ لكل وقت صلاة وتصلي. وأما في قول محمد فإن الأيام الثلاثة التي رأت فيها الدم أخيراً هي الحيض، تدع فيها الصلاة والصيام، واليوم الأول الذي رأت فيه الدم استحاضة، تصوم فيه (¬1) وتصلي ويأتيها زوجها. وإذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض، فرأت الدم أول ما رأته ثلاثة أيام، ثم انقطع عنها سبعة أيام كمال العشرة، ثم رأته اليوم الحادي عشر، ثم انقطع، فإن أبا يوسف قال في هذا (¬2): الثلاثة الأولى (¬3) والسبعة التي رأت فيها الطهر حيض كله، واليوم الحادي عشر الذي رأت فيه الدم استحاضة. وأما في قول محمد فالثلاث الأُوَل التي رأت فيها الدم حيض، وما سوى ذلك استحاضة كله؛ لأن الدم (¬4) الذي رأته في اليوم الحادي عشر دم استحاضة، فلا تَجعل (¬5) تلك السبعةَ الأيام التي رأت فيها الطهر حيضاً. ولو كانت المرأة أول ما رأت الدم رأته أربعة أيام، ثم انقطع خمسة أيام، ثم رأته يومين، ثم انقطع، فإن قول أبي يوسف: إن الأيام الأول والخمسة الأيام التي رأت فيها الطهر واليوم العاشر الذي رأت فيه الدم حيض كله، واليوم الحادي عشر الذي رأت فيه الدم استحاضة، تصوم فيه وتصلي ويأتيها زوجها. فكذلك قول محمد في هذا أيضاً؛ لأن اليوم العاشر رأت فيه دماً، فكان ذلك الدم حيضاً، فيصير الطهر الذي قبله (¬6) حيضاً. ... ¬

_ (¬1) م - فيه. (¬2) م + في. (¬3) ك ق: الأول. (¬4) م - الدم. (¬5) ق: يجعل. (¬6) ق: قيله.

باب ما يختلف فيه الحيض والطهر من المرأة التي لم تكن لها أيام معروفة

باب ما يختلف فيه الحيض والطهر من المرأة التي لم تكن (¬1) لها أيام معروفة وقال محمد بن الحسن: إذا بلغت المرأة مبلغ النساء ولم تحض، ثم استمر بها الدم، فرأت يوماً دماً ويوماً طهراً، حتى أتى عليها ثلاثة أشهر، ثم انقطع عنها، فإن أبا يوسف قال: عشرة أيام من أول دمها حيض، وعشرون طهر (¬2). وقال محمد: تسعة أيام من أول ما رأت (¬3) الدم حيض، وواحد وعشرون طهر، وتسع حيض وواحد وعشرون طهر، ولا يكون اليوم العاشر حيضاً؛ لأنها رأت فيه الطهر، ولم يكن في اليوم الذي بعده حيض فَيُصَيِّرَهُ (¬4) حيضاً. ولو كانت رأت يومين حيضاً ويومين طهراً حتى أتت عليها ثلاثة أشهر، كانت عشرة من أول ما رأت الدم حيضاً، وعشرون طهراً، وعشرة حيضاً، وعشرون طهراً (¬5)، وعشرة حيضاً، وعشرون طهراً، في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فعشرة أيام من أول دمها حيض، واثنان وعشرون يوماً طهر، وستة أيام بعد ذلك حيض، واثنان وعشرون يوماً طهر، وعشرة أيام حيض، وما بقي طهر. ولو كانت رأت ثلاثة أيام دماً وثلاثة أيام طهراً حتى أتت عليها ثلاثة أشهر، كان في قول أبي يوسف عشرة أيام حيضاً وعشرون طهراً، وعشرة أيام حيضاً وعشرون طهراً، وعشرة أيام حيضاً وعشرون طهراً؛ وفي قول محمد تسعة حيض وواحد وعشرون طهر حتى يأتي على الثلاثة الأشهر. ولو رأت أربعة أيام دماً وأربعة أيام طهراً كان هذا في قول أبي يوسف عشرة حيضاً وعشرون طهراً حتى يأتي (¬6) على الثلاثة الأشهر، وفي قول محمد عشرة من أول ما رأت الدم حيض واثنان وعشرون يوماً طهر، وأربعة ¬

_ (¬1) ك: لم يكن. (¬2) م: حيض. (¬3) م: من أول مات. (¬4) ك ط: فنصيره؛ ج ر: فيصير. (¬5) ق - وعشرة حيضاً وعشرون طهراً. (¬6) ك: حتى تأتي.

حيض وثمانية وعشرون طهر، وأربعة حيض، وما بقي طهر. ولو كانت رأت خمسة دماً وخمسة طهراً، وخمسة دماً وخمسة طهراً، حتى أتت عليها ثلاثة أشهر، كانت عشرةٌ من أول ما رأت الدم في قول أبي يوسف خمسةً (¬1) حيضاً وعشرون طهراً، وعشرة حيضاً وعشرون طهراً، وعشرة حيضاً (¬2) وعشرون طهراً. وأما في قول محمد فخمسة حيض وخمسة وعشرون طهر، وخمسة حيض وخمسة وعشرون طهر، وخمسة حيض وخمسة وعشرون طهر (¬3)، حتى تأتي (¬4) عليها الثلاثة الأشهر. وكيف تكون الخمسة التي لم تر فيها الدم حيضاً وهي لم تر بعدها في اليوم الحادي عشر إلا دم الاستحاضة، ودم الاستحاضة طهر؟ فكيف يكون ما لم تر (¬5) فيه دماً حيضاً وهي لم تر (¬6) بعدُ حيضاً؟ فإن كانت أول ما رأت الدم رأت ستة أيام دماً وستة طهراً، وستة أيام دماً وستة طهراً، وستة دماً وستة طهراً، حتى أتى ذلك على ثلاثة أشهر، كان عشرة من أول ما رأت الدم فيه حيضاً وما لم تر (¬7) فيه الدم في قول أبي يوسف، وعشرون (¬8) طهر، وعشرة حيض، وعشرون طهر. وأما (¬9) في قول محمد فستة أيام من أول ما رأت الدم حيض، وثلاثون طهر، وستة حيض، وثمانية عشر يوماً طهر، وستة أيام حيض، وما بقي طهر؛ لأنها حين لم تر الدم في أيامها المعروفة الأُوَل في الحيضة الثانية ورأت الطهر أيامها كلها لم يكن ذلك حيضاً، فصارت الست التي رأت فيها الدم بعد أيامها التي طهرتها في الحيض، وما سوى ذلك استحاضة. ¬

_ (¬1) كذا في جميع النسخ. وهو صحيح. لكن غيره في ط إلى "عشرة" واحتج لذلك في الهامش بما لا يفيد. وهو خطأ. ومعنى العبارة: ... كانت عشرة أيام ابتداء من أول ما رأت الدم خمسة أيام حيضاً في قول أبي يوسف ... (¬2) ق: طهر. (¬3) م - وخمسة حيض وخمسة وعشرون طهر. (¬4) م ق: حتى يأتي. (¬5) م: لم ير. (¬6) م - تر. (¬7) م: لم ير. (¬8) جميع النسح: عشرون. والتصحيح مستفاد من ب، والكافي، 1/ 29 و. (¬9) م ق: فأما.

باب المرأة يكون حيضها معروفا فيزيد أو ينقص

باب المرأة يكون حيضها معروفاً فيزيد أو ينقص قال محمد بن الحسن: إذا كانت المرأة تحيض في أول كل شهر خمسة أيام حيضاً معروفاً، فحاضت مرة أربعة أيام في أول الشهر، ثم انقطع الدم خمسة أيام، ثم حاضت يوماً بعد ذلك تمام العشرة، فهذا حيض كله في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن رأت الدم ثلاثة أيام في أول الشهر، ثم انقطع تسعة أيام، ثم رأته يوماً واحداً أو يومين أو ثلاثة أيام، فإن الحيض الثلاثة الأيام الأول، وما سوى ذلك استحاضة في قول محمد. وقال أبو يوسف: خمسة أيام من أول الشهر حيض: الأيام الثلاثة الأول التي رأت فيها الدم، ويومين (¬1) من أيام طهرها، وما سوى ذلك استحاضة. وقال محمد: وكيف يكون اليومان اللذان رأت فيهما الطهر حيضاً وهي لم تر بعدهما دماً يكون حيضاً؟ إنما رأت دماً يكون استحاضة، فذلك الدم لا يجعل الطهر حيضاً. فإن كان (¬2) حيضها من أول الشهر خمسة أيام، فرأت الدم ثلاثة أيام، ثم انقطع خمسة أيام، ثم رأت الدم ثلاثة أيام، ثم انقطع، فإن الحيض الثلاثة الأيام الأول، ولا يكون شيء مما سوى ذلك حيضاً في قول محمد. وقال أبو يوسف: خمسة من أول الشهر: الثلاثة الأيام التي رأت فيها الدم، ويومان بعد ذلك حيض كله. فإن كانت صامت في ذينك اليومين من أمر واجب عليها فلتقضه؛ لأن الخمسة من أول الشهر كانت أيام حيضها، فهي حيض كلها. وقال محمد: لا يكون (¬3) اليومان اللذان (¬4) طهرت فيهما حيضاً؛ لأنها لم تر بعدهما (¬5) دماً يكون حيضاً (¬6). أرأيت لو لم تر الدم في هذه الأيام الثلاثة الأواخر أكان (¬7) يكون ذانك اليومان حيضاً؟ قال: لا، إنما ¬

_ (¬1) م: يومين. (¬2) م - كان. (¬3) م: لا تكون. (¬4) ق: الذان. (¬5) جميع النسح: بعدها. والتصحيح من ط. (¬6) م: حيضها. (¬7) ك م: كان.

ذانك اليومان حيض إذا رأت في هذه الأيام الثلاثة (¬1) الأواخر دماً. قال: أرأيت هذا اليوم في هذه الأيام الثلاثة أحيض هو؟ (¬2) قال: (¬3) لا. قال: وتصلي فيه وتصوم ويأتيها زوجها لأنها فيه بمنزلة الطاهر؟ قال (¬4): نعم. قال: فكيف يُصيِّر (¬5) هذا الدم وهو غير حيض يومين لم تر فيهما (¬6) دماً حيضاً؟ ليس هذا بشيء، وليس يكون اليومان حيضاً إلا أن ترى بعدهما دماً، فيكون حيضاً. ولو أن امرأة كان حيضها من أول الشهر خمسة أيام، فرأت في أول الشهر يوماً، أو يومين دماً، ثم رأت اليوم العاشر واليوم الحادي عشر دماً، ثم انقطع الدم بعد ذلك، قال محمد: لا يكون شيء من هذا الدم حيضاً؛ لأن الدم الثاني استحاضة، فكأنه طهر. ولم تر (¬7) الدم في أول الشهر في أيام حيضها إلا يوماً أو يومين، فلا يكون ذلك حيضاً؛ لأن الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيام. وقال أبو يوسف: خمس من أول الشهر حيض، ما رأت فيه الدم وما لم تر فيه. ولو كانت رأت اليوم العاشر واليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر دماً، ورأت في أول الشهر دماً يوماً أو يومين، فإن (¬8) محمداً قال في ذلك: ما رأت (¬9) فيه الدم في أول الشهر استحاضة، تقضي صلاتها، ويجزيها صومها إن كانت صامت، وهذه الأيام الثلاثة الأُخَر حيض (¬10) إن كان بينها وبين الدم الذي يحدث بعد هذا خمس عشرة ليلة طهر؛ لأن هذا حيض منتقل. وقال أبو يوسف: هذه الأيام الأخيرة (¬11) الثلاثة استحاضة، وخمسة أيام من أول الشهر حيض وإن لم تكن رأت الدم من ذلك في أول الشهر إلا ساعة من نهار. وقال محمد: ¬

_ (¬1) ق: الثلاثة الأيام. (¬2) ك - هو. (¬3) ك ق: قالوا. (¬4) جميع النسخ وط: قالوا. (¬5) ك: نصير؛ م: يصر؛ ق: تصير. (¬6) م: لم ير فيها. (¬7) م: ولم ير. (¬8) م: قال. (¬9) م - رأت. (¬10) ق + منتقل وقال أبو يوسف هذه الأيام الآخرة الثلاثة استحاضة حيض. (¬11) ك ق: الآخرة.

باب ما يختلف فيه الطهر والحيض من المرأة التي لها أيام معروفة

كيف يكون الطهر حيضاً بساعة من نهار رأت (¬1) فيه الدم، والدم المعروف الذي يشبه الحيض ليس بحيض؟ ينبغي لمن قال هذا أن يقول: لو أن هذه المرأة ثبتت (¬2) على هذا عشرين سنة من عمرها، ترى في أول الشهر الدم ساعة من نهار، ثم ينقطع، ثم تراه اليوم العاشر والحادي عشر والثاني عشر والرابع عشر حتى (¬3) تراه خمسة أيام، فكانت ترى الدم هكذا في كل شهر أول الشهر ساعة، وخمسة أيام على هذه الصفة، لكان الحيض في قوله الخمسة الأولى من الشهر التي رأت فيها الطهر (¬4) إلا ساعة حيض، وهذه الخمسة الأيام التي رأت فيها الدم طهراً كلها، تصوم فيها وتصلي (¬5) ويأتيها زوجها. ليس هذا بشيء، والأمر على ما وصفت. ... باب ما يختلف فيه الطهر والحيض من المرأة التي لها أيام معروفة وقال محمد بن الحسن: لو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول الشهر في كل شهر، معروف ذلك، فرأت في أول الشهر يوماً دماً ويوماً طهراً، حتى تراه على ذلك أكثر من عشرة أيام، كانت الخمسة الأولى حيضاً، وما سوى ذلك استحاضة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو رأت في أول يوم من الشهر طهراً، والثاني دماً، والثالث طهراً، والرابع دماً، حتى تراه أكثر من عشرة أيام، فإن قول محمد في ذلك: إن اليوم الأول من الشهر ليس بحيض، وثلاثة أيام بعد اليوم الأول حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وأما في قول أبي يوسف فاليوم الأول ليس بحيض، والأربعة الأيام (¬6) الباقية حيض كلها. ¬

_ (¬1) م: ورأت. (¬2) م ز: ثبت. (¬3) ك - حتى. (¬4) م: الظهر. (¬5) م - وتصلي. (¬6) م: أيام.

ولو كان حيضها خمسة أيام من أول الشهر، فرأت أول يوم حيضاً، والثاني طهراً، والثالث حيضاً، والرابع طهراً، والخامس حيضاً، والسادس طهراً، والسابع حيضاً، والثامن طهراً (¬1)، والتاسع حيضاً، والعاشر طهراً، ثم انقطع الدم، كان الحيض تسعة أيام من أول الشهر، وما سوى ذلك طهراً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو كانت رأت الطهر أول يوم (¬2) من الشهر، والثاني حيضاً، والثالث طهراً، والرابع حيضاً، والخامس طهراً، والسادس حيضاً، والسابع طهراً، والثامن حيضاً، والتاسع طهراً، والعاشر حيضاً، ثم انقطع الدم، فإن تسعة من ذلك حيض (¬3)، والطهرُ من ذلك اليومُ الأول؛ لأنها (¬4) لم تر فيه دماً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول الشهر، فرأت الدم قبل رأس الشهر يوماً، ويومًا طهراً، ويوماً حيضاً، حتى تمت لها عشرة أيام لم تزد (¬5) على ذلك شيئاً، فاليوم الذي تقدم (¬6) قبل أول الشهر استحاضة، وأما العشرة التي هي أول الشهر (¬7) فإن تسعة أيام منها حيض، وهو اليوم الأول والثمانية الأيام التي بعدها، واليوم العاشر الذي (¬8) لم تر (¬9) فيه دماً وما بعد ذلك طهر كله. ولو كانت رأت اليوم الحادي عشر أيضاً دماً ثم انقطع الدم عنها فإن قول محمد في ذلك: إن ثلاثة أيام من ذلك حيض، وهو اليوم الثالث الذي رأت فيه الدم واليوم الرابع الذي لم تر فيه دماً واليوم الخامس الذي رأت (¬10) فيه الدم، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأن اليوم الأول الذي ¬

_ (¬1) ق: طهر. (¬2) ق: ويوم. (¬3) ق + والحيض. (¬4) ق: لا. (¬5) م: لم يزد. (¬6) م: يقدم. (¬7) م ق - استحاضة وأما العشرة التي هي أول الشهر؛ صح ق هـ. (¬8) م - الذي. (¬9) م: لم يرد. (¬10) ق: تر.

رأت فيه الدم لم يكن دمه (¬1) حيضاً، وكان استحاضة (¬2). فلما كان ذلك الدم غير حيض كان اليوم (¬3) الذي بعده الذي لم تر فيه الدم طهراً أيضاً. وهو من أيام (¬4) أقرائها (¬5)، ثم رأت الدم اليوم الثالث، وهو اليوم الثاني من أيام أقرائها (¬6)، فهذا أول حيضها، ثم رأت اليوم الرابع طهراً، وهو اليوم الثالث من أيام أقرائها (¬7)، ثم رأت اليوم الخامس دماً، وهو (¬8) اليوم الرابع من أيام حيضها، فكان (¬9) اليوم الذي كانت فيه طاهراً فيما بين هذين اليومين حيضاً؛ لأن قبله حيض وبعده دم حيض، ورأت في اليوم السادس طهراً، وهو اليوم الخامس من أيام حيضها, ولم تر بعده دم حيض، فذلك اليوم لا يكون حيضاً، فكان حيضها اليوم الثاني من أيام حيضها، واليوم الثالث والرابع، وما سوى ذلك مما قبله وبعده استحاضة. وأما في قول أبي يوسف فالخمسة الأيام التي كانت تجلسها (¬10) فيما مضى من أول الشهر حيض كلها، والأيام التي قبلها التي رأت فيها الدم وما بعدها استحاضة كلها. وقال محمد: كيف يكون اليوم الأول الذي من أيام حيضها حيضاً ولم تر فيه دماً؟ وإنما رأت الدم في يوم كان قبله، ولم يكن ذلك الدم (¬11) حيضاً. فكيف يكون اليوم الأول من أيام حيضها الذي لم تر فيه الدم حيضاً (¬12) وهي لم تر قبله (¬13) حيضاً؟ ليس هذا بشيء، وليس الحيض إلا الدم الذي يكون حيضاً، والطهر الذي بين الدمين اللذين يكونان حيضاً، وما سوى ذلك استحاضة. ¬

_ (¬1) م: لم تكن فيه. (¬2) ق - لأن اليوم الأول الذي رأت فيه الدم لم يكن دمه حيضاً وكان استحاضة. (¬3) م: الدم. (¬4) م - أيام. (¬5) م: أقرانها. (¬6) ك - ثم رأت الدم اليوم الثالث وهو اليوم الثاني من أيام أقرائها، صح هـ؛ م: أقرانها. (¬7) م: أقرانها. (¬8) ق: هو. (¬9) ط - ذلك. (¬10) م ق: تحبسها. (¬11) ق: اليوم. (¬12) م - حيضاً. (¬13) م: فيه.

باب الحيض الذي يكون للمرأة فيه أيام معروفة فيتقدم الدم أو يتأخر

باب الحيض الذي يكون للمرأة فيه أيام معروفة فيتقدم الدم أو يتأخر قال محمد بن الحسن: ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام في أول (¬1) كل شهر من أول الشهر معروف ذلك، فرأت دماً خمسة أيام قبل هذه الخمسة الأيام، ورأت الطهر أيامها المعروفة، ورأت بعد ذلك الدم يوماً أو يومين أو ثلاثة، فإن محمداً قال: الخمسة الأيام الأول حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وفي قول أبي يوسف الحيض الخمس التي رأت فيها الطهر، والخمس الأول (¬2) التي رأت فيها الدم واليومان الآخران اللذان رأت فيهما (¬3) الدم استحاضة. قال محمد: وكيف تكون (¬4) الأيام التي لم (¬5) تر (¬6) فيها الدم حيضاً، والأيام التي رأت فيها الدم طهراً؟ أرأيتم لو ثبتت على هذا عشرين سنة أكان يكون طهرها حيضاً، ودمها طهراً؟ ليس هذا بشيء. إنما يكون الطهر حيضاً إذا كان قبله دم يكون حيضاً وبعده دم يكون حيضاً. فأما ما سوى ذلك من الأيام التي لم تر (¬7) فيها الدم فلا يكون حيضاً. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول كل شهر، فتقدم حيضها، فرأت الدم قبل أيام حيضها خمسة أيام، ثم رأت بعد ذلك يومين دماً من أيام حيضها، ثم رأت ثلاثة أيام من أيام (¬8) حيضها طهراً، ثم رأت بعد ذلك ثلاثة أيام دماً، ثم انقطع، فإن محمداً قال في ذلك: الخمس الأول حيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو كانت رأت الدم الخمس (¬9) الأول، ثم رأت ثلاثة أيام من أيام حيضها طهراً، ثم رأت يومين من أيام حيضها دماً، ثم رأت بعد ذلك ثلاثة أيام دماً، ثم انقطع الدم، فإن محمداً قال: الخمسة الأيام الأول التي رأت فيها الدم حيض ¬

_ (¬1) ق - أول. (¬2) ك ق: الأولى. (¬3) جميع النسح: فيها. (¬4) ق: يكون. (¬5) ق - لم. (¬6) م: لم ير. (¬7) م: لم ير. (¬8) م - أيام. (¬9) ق: الخمسة.

باب انتقال الحيض عن أيامها التي كانت تجلس فيما مضى

كلها، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأن الأيام الخمسة الأول لما كانت حيضاً كان ما بعدها من أيامها استحاضة، ولو لم أجعل الأيام الأول حيضاً لم تكن أيامها حيضاً، فلا بد من أن أجعل الأيام الأول حيضاً. فإذا جعلت الأول حيضاً كان ما بعدها من أيامها استحاضة (¬1)؛ لأنها لم تر فيها ثلاثة أيام دماً. فإذا لم (¬2) تر فيها ثلاثة أيام دماً فذلك حيض منتقل؛ لأن أقل من ثلاثة أيام من الدم لا يكون حيضاً. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول الشهر، فتقدم حيضها خمسة أيام، فرأت الدم خمسة أيام قبل أيام حيضها، ثم رأت من أيام حيضها ثلاثة أيام دماً، ثم رأت الطهر يومين، ثم رأت بعد ذلك ثلاثة أيام دماً، فصار ذلك كله ثلاثة عشر يوماً، فهي مستحاضة في ذلك في الأول وفي الآخر إلا الثلاثة الأيام التي رأت فيها الدم في أيام حيضها خاصة. وكذلك لو رأت الدم خمسة أيام قبل أيام حيضها، ثم رأت الطهر (¬3) يومين، ثم رأت الدم الثلاثة الباقية من أيام حيضها، ثم رأت دماً ثلاثة أيام أخرى، حتى كان ذلك كله ثلاثة عشر يوماً، فجميع ذلك استحاضة إلا الثلاثة الأيام التي رأت فيها الدم في أيام حيضها، فإن ذلك حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وهذا كله قول محمد. وفي قول أبي يوسف أيامها الخمسة التي كانت تجلس فيها فيما مضى هي الحيض، رأت فيها الدم أم لم تره في ذلك كله. ... باب انتقال الحيض عن أيامها التي كانت تجلس فيما مضى قال محمد: لو أن امرأة كان حيضها في أول الشهر ثلاثة أيام، معروف ¬

_ (¬1) م - ولو لم أجعل الأيام الأول حيضاً لم تكن أيامها حيضاً فلا بد من أن أجعل الأيام الأول حيضاً فإذا جعلت الأول حيضاً كان ما بعدها من أيامها استحاضة. (¬2) ق - لم. (¬3) م: الظهر.

ذلك لها، فتقدم حيضها قبل أول الشهر أحد عشر يوماً، وطهرت أيام حيضها، فلم تر (¬1) فيها (¬2) دماً ولا بعدها، فإن قياس قول أبي حنيفة في ذلك (¬3) أن الأحد عشر يوماً استحاضة كلها، إلا أن يعاودها الدم في مثل تلك الحال أحد عشر يوماً أخرى. فإن عاودها الدم كانت ثلاثة أيام من الأيام الأول أولها حيض، وثلاثة أيام من هذه الأحد عشر يوماً الآخرة من أولها حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وأما في قول محمد فثلاثة أيام (¬4) من الأحد عشر يوماً الأُوَل من أولها حيض، عاودها الدم أو لم يعاودها. فإن عاودها الدم أيضاً كذلك فثلاثة أيام (¬5) من أولها حيض؛ لأن أيامها لما طهرت فيها مرتين علمنا (¬6) أن حيضها قد انتقل، فصار حيضها ثلاثة أيام من هذه الأيام أولها، وما سوى ذلك استحاضة. ولا يكون حيضها أكثر من ثلاثة أيام؛ لأنه حيضها المعروف، إلا أن ذلك تحول (¬7) عن موضعه. ألا ترى أن امرأة لو كان حيضها (¬8) خمسة أيام في أول الشهر، فحملت، فوضعت لعشر بقين من الشهر، وذلك أول ما حبلت (¬9)، فمد (¬10) بها الدم سبعين يوماً، ثم انقطع، كانت أربعون يوماً من ذلك نفاساً، وخمسة وعشرون طهراً، وخمسة حيض، لا يَزيدها (¬11) في الحيض على خمسة أيام؛ لأن حيضها كان خمساً. فقد تغير عن موضعه، ولا يغيره (¬12) عن الخمس إلى العشر ولا إلى غيرها, ولا يغير طهرها أيضاً عن حاله، فكذلك الوجه الأول. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام في أول الشهر، فحاضتها، ثم مد بها الدم حتى أكملت (¬13) الشهر، ثم انقطع الدم أيام حيضها الأول التي كانت تجلس الخمسة الأيام، ثم مد بها الدم كذلك، فإن محمداً قال: ¬

_ (¬1) م: فإن لم ير. (¬2) ق: فيه. (¬3) ق + الا. (¬4) جميع النسخ: الأيام. (¬5) م: الأيام. (¬6) م: علمتا. (¬7) م ق: يحول. (¬8) م - حيضها. (¬9) ق: ما حلت. (¬10) م ق: فمر. (¬11) أي لا يَزيدها محمد بن الحسن. أي لا يحكم بزيادتها. (¬12) ك: ولا تغيره. (¬13) ق: أكلمت.

خمسة أيام من الأيام التي رأت فيها الدم بعد أيامها التي طهرتها (¬1) حيض، وما سوى ذلك استحاضة، حتى تجيء (¬2) كذلك مرة أخرى أيضاً، فلا تزال (¬3) خمسة أيام بعد أيامها المعروفة التي طهرتها حيض، وما سوى ذلك ليس بحيض من الأيام التي رأت فيها الدم والخمسة الأيام التي طهرت فيها. ولا تكون (¬4) الأيام التي طهرت فيها حيضاً وهي لم تر فيها دماً. وقال: في قياس قول أبي يوسف فكل شيء رأت الدم فهو استحاضة، والخمسة الأيام التي طهرت فيها هي الحيض. فإن كانت كذلك عشرين سنة أو ثلاثين سنة فما رأت فيه الدم فهو طهر في قياس قول أبي يوسف، تصوم فيه وتصلي ويأتيها زوجها، والخمسة الأيام التي لم تر فيها الدم هي فيها حائض لا تصوم (¬5) فيها ولا تصلي ولا يأتيها زوجها. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام في أول كل شهر، فتقدم حيضها خمسة أيام، وطهرت أيامها، فإن هذا في قول محمد حيض، وأيامها طهر. فإن رأت في الحيضة الثانية الدم الخمسة الأيام التي تقدمت وأيامها الأُوَل وزيادة يوم آخر كانت مستحاضة في (¬6) الأيام الخمسة المتقدمة وفي اليوم المتأخر عن أيام حيضها الأول، وكان أيام حيضها من ذلك هي الأيام الأول التي كانت تقعد. ولو كانت رأت الدم في الخمسة الأيام المتقدمة مرتين، وطهرت أيامها المعروفة وما بعدها، ثم إنها بعد ذلك رأت الدم الخمسة الأيام المتقدمة والخمسة الأيام التي كانت ترى فيها الدم فيما مضى وزيادة يوم آخر، فإن الحيض من ذلك الخمسة الأيام المتقدمة، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأن الدم عاودها في تلك الأيام مرتين، وكانت أيام حيضها طاهراً مرتين، فانتقل حيضها من أيامها الأول إلى هذه الخمسة الأيام المتقدمة. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول الشهر في كل شهر، فانقطع الدم عنها شهراً لم تر فيه دماً في أيام حيضها ولا في غيرها، فلما ¬

_ (¬1) ق: طهر بها. (¬2) ك: حتى يجيء. (¬3) م: فلا يزال. (¬4) ق: يكون. (¬5) م: ولا تصوم. (¬6) م: هي.

كان الشهر الثاني رأت الدم قبل أيام حيضها بخمسة أيام وأيام حيضها الخمسة وزيادة يوم، فرأت الدم أحد عشر يوماً، فإن أيامها الخمسة التي كانت تجلس فيما مضى هي الحيض، وما سوى ذلك مما تقدم أو تأخر استحاضة. ولو أنها طهرت أيام حيضها المعروفة مرتين، فلم تر فيها ولا في غيرها دماً، فانقطع الدم عنها شهرين، ثم رأت الدم قبل أيامها المعروفة بخمسة أيام، ورأته أيامها المعروفة الخمسة أيضاً، ورأته زيادة يوم، فرأته أحد عشر يوماً، كانت خمسة أيام من أول هذه الأيام حيضاً، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأنها إذا طهرت أيام حيضها مرتين فقد بطلت تلك الأيام من أن تكون حيضها، فأيام حيضها أول خمسة أيام ترى (¬1) فيها الدم، وما سوى ذلك استحاضة. ألا ترى أنها لو حبلت ثم وضعت فأرضعت فلم تر (¬2) حيضها في رضاعها كله حتى فطمت، ثم رأت الدم فمد بها أشهراً، أن خمسة أيام من أول ما رأت الدم حيض، وما سوى ذلك استحاضة، حتى يمر بها تمام شهر من (¬3) حين رأت الدم، ثم تكون (¬4) خمسة أيام حيضاً (¬5)، فيكون كذلك أبداً. وهو حيض منتقل عن الأول، فكما تنقله برؤية الدم في غيره مرتين فكذلك تنقله (¬6) برؤية الدم من أن يكون حيضاً (¬7) بالطهر (¬8) فيه مرتين، رأت الدم في غيره أو لم تر. ولكنه لا ينتقل أن يكون خمساً خمساً كما كان، ولكنه ينتقل من موضع إلى موضع؛ لأن الحيض يرفعه الحبل ويرفعه الرضاع ويرفعه الريح، ثم يذهب الذي رفعه فيعود، فإذا عاد كان حيضها من يوم يعود (¬9)، ولم تنتظر بها الأيام التي كانت تجلسها. وإنما عاد الحيض الذي كان، فهو على الخمسة أبداً حتى تزيد (¬10) على الخمسة مرتين بصحة، فيكون قد (¬11) تحول عن الخمسة أيضاً ¬

_ (¬1) ق: تر. (¬2) م: فلم ير. (¬3) م ز: شهرين. (¬4) ق: ثم يكون. (¬5) م: حيضها. (¬6) م: نقله. (¬7) ق: خيضا. (¬8) م: للطهر. (¬9) م: تعود. (¬10) م: حتى يزيد. (¬11) ك: هذا.

إلى غيرها. فإذا لم تزد على الخمسة فإنما عاد في غير الأيام التي كانت تجلسها؛ لأن الذي منعها من الحيض الحبل والرضاع والمرض والريح، ثم ذهب عنها في غير وقتها التي كانت تجلس، فعاد ذلك الحيض الذي كان ذهب في غير وقتها على ما كان عليه من عدد هذه الأيام والطهر. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام من كل شهر في أول الشهر، فطهرت أيامها الخمسة، ورأت الدم خمسة بعدها، ثم انقطع الدم، فإنها في هذه الخمسة حائض، ولم ينتقل حيضها إليها بعد. فإن عاد الشهر الثاني فطهرت الخمسة الأول التي كانت تحيض فيها وخمستها هذه التي حاضتها في الشهر الأول، ثم مد بها (¬1) الدم أشهراً، فإن خمسة أيام من أول ما رأت هذا الدم الآخر حيض، وما سوى ذلك استحاضة حتى يتم لها شهر منذ رأت الدم الآخر، ثم تكون حائضاً خمساً، فيكون (¬2) هذا دأبها؛ لأنها قد طهرت في أيامها الأول مرتين، فصارت ليست لها بأيام، ولم تر الدم في أيامها الثانية مرتين فيكون حيضاً (¬3) انتقل إليها، فأيامها خمسة أيام من أول يوم من دمها هذا الأخير (¬4). وكذلك لو أن امرأة كان حيضها المعروف خمسة أيام من أول الشهر، فطهرت تلك الخمسة الأيام مرة، فلم تر فيها دماً، ثم رأت بعدها أحد عشر يوماً حيضاً، جعلنا خمسة أيام من هذه الأيام حيضها، وما سوى ذلك استحاضة. فإذا طهرت أيامها الخمسة في الشهر الثاني أيضاً، ثم رأت أحد عشر يوماً دماً، كان حيضها خمسة أيام (¬5) من أول هذا الدم، وقد انتقل حيضها من الخمسة الأيام الأولى (¬6)، فصارت ليست لها بأيام حيض. فان مد بها الدم بعد ذلك شهراً، فرأت الدم تلك الخمسة الأيام التي كانت تجلس وفي غيرها، فخمسة أيام من أول الأحد عشر يوماً التي حاضتها في تلك المرتين حيض، وما سوى ذلك استحاضة. إذا طهرت في خَمْسِها (¬7) التي كانت تحيض فيما مضى مرتين فلا أبالي إلى ¬

_ (¬1) ق: مدها. (¬2) ق: فتكون. (¬3) م: حيضها. (¬4) ك ق: الآخر. (¬5) ك ق - أيام. (¬6) ك ق: الأول. (¬7) م: في خمستها.

دم فاسد انتقلت أو إلى دم جائز. خمسة أيام من الدم الفاسد الذي انتقلت إليه من أولها حيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو أن امرأة كان حيضها أربعة أيام من أول الشهر من أول كل شهر، فحاضت أربعة أيام من أول الشهر، ثم طهرت خمسة عشر يوماً، ثم رأت الدم أحد عشر يوماً، فصار ذلك كمال الشهر، ثم طهرت أيامها الأربعة، فإن أربعة أيام من أول الأحد عشر يوماً التي رأت فيها الدم حيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو كانت لم تطهر أيامها الأربعة، ولكنها رأت فيها الدم مع الأحد عشر يوماً الأول، أو رأت في ثلاثة أيام منها، فالأيام التي رأت فيها الدم في أيام حيضها هذه الأربعة الآخرة حيض، وما سوى ذلك مما رأت فيه الدم من الأحد عشر يوماً المتقدمة استحاضة. ولو كانت رأت الدم في اليومين الأولين من الأربعة الأيام أيام حيضها الآخرة أو في اليومين الآخرين لم يكن ذلك حيضاً، وكانت أربعة أيام من أول الأحد عشر الأول هي الحيض، وما سوى ذلك استحاضة. وهذا قول محمد. وأما في قول أبي يوسف فإذا رأت الدم في اليومين الآخرين من الأربعة الأيام الآخرة أيام حيضها، ورأت الطهر في اليومين الأولين منها، فالأربعة كلها حيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو أن امرأة كان حيضها أربعة أيام من أول كل شهر، فرأت الدم أربعة أيام من أول الشهر، ثم مد بها الدم حتى مر الشهر، ثم انقطع (¬1) أيامَ حيضها وبَعْدَ ذلك، فهذه مستحاضة فيما زاد على الأربعة الأيام الأول؛ لأن الدم كان موصولًا، ولم يكن بينه وبين أيام حيضها طهر خمسة عشر يوماً، فكان ذلك دماً فاسداً، وكانت استحاضة كلها. فإن طهرت أيامها هذه الأربعة الثانية، ثم رأت الدم بعد ذلك فمَد بها (¬2) أحد عشر يوماً، فإن أربعة أيام من هذه الأحد عشر يوماً حيض، وما سوى ذلك استحاضة في قول عمدة لأن أيامها المعروفة لما طهرت فيها كانت أربعة أيام منها من الدم الذي رأته بعدها حيضاً. وفي قول أبي يوسف أيامها الأربعة التي طهرت ¬

_ (¬1) أي الدم. (¬2) ق: فمدها؛ ط + الدم.

فيها فلم تر فيها دماً هي أيام (¬1) الحيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو أن امرأة كان حيضها أول الشهر ثلاثة أيام من كل شهر، فرأت الدم يومين، وانقطع يوماً (¬2)، فلم تزل (¬3) كذلك، فإن محمداً قال: خمسة أيام من كل شهر حيض، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأني لو لم أجعل اليومين الرابع والخامس حيضاً لم يكن ما قبلهما حيضاً. فأجعلهما وما قبلهما حيضاً؛ لأنها حين لم تر في أيامها من الدم ما يكون حيضاً ولم ينتقل إلى أيام مثلُها يكون (¬4) حيضاً فصار الدمان لا يكون أحدهما حيضاً إلا بصاحبه جعلناهما جميعاً حيضاً، وجعلنا ما سواهما من الدم غير حيض. فكان حيضها خمسة أيام في أول كل شهر: اليومين الأولين، واليوم الذي رأت فيه الطهر، واليومين اللذين رأت فيهما الدم الرابع والخامس. ولو رأت يومين من أول الشهر حيضاً، ويوماً طهراً، ثم مد بها (¬5) الدم شهراً، كانت ثلاثة أيام من أول الشهر غير حيض: الثلاثة الأيام التي كانت تقعد. وثلاثة أيام بعدها من الدم (¬6) الثاني حيض؛ لأنها حين لم تر في أيامها التي كانت تقعد (¬7) من الدم ما يكون حيضاً، ورأت بعدها دماً متصلاً مثله يكون حيضاً دون الدم الذي قبله، كان هذا حيضاً مكان الحيض الأول، فكان ثلاثة أيام من أول الدم الثاني حيضاً، وما سوى ذلك استحاضة. وهذا قول محمد. ولو أنها رأت في أول الشهر يوماً حيضاً ويوماً طهراً، ثم رأت ثلاثة أيام دماً، ثم ¬

_ (¬1) ق: يام. (¬2) ط + ثم رأت دماً. وقال المحقق الأفغاني: ساقط من الأصول ولا بد منه. لكن معنى الزيادة التي زادها مفهوم من قول المؤلف: فلم تزل كذلك، أي رأت الدم يومين والطهر يوماً ثم رأت الدم يومين والطهر يوماً وهكذا إلى آخر الشهرة ويفهم ذلك من قول المؤلف أيضاً في آخر المسألة: واليومين اللذين رأت فيهما الدم الرابع والخامس. وقال الحاكم: وإن كان حيضها ثلاثة أيام من أول كل شهر فرأت يومين دماً ويوماً طهراً ويومين دماً ويوماً طهراً شهرا فخمسة أيام من أول شهر حيض في قول محمد. انظر: الكافي، 1/ 30 و. (¬3) ق: يزل. (¬4) ك: تكون. (¬5) ق: مدها. (¬6) ط: من اليوم. ولعله خطأ مطبعي. (¬7) ق: يقعد.

باب المرأة يمد بها الدم فلا تدري أي أيامها كانت أيام حيضها

انقطع، كان ذلك كله حيضاً. فإن مد بها الدم كانت ثلاثة أيام من أول الدم الثاني واليوم الرابع والخامس (¬1). والذي وصفتُ لك في المسألة الأولى لَمَّا لم تكن (¬2) الثلاثة الأيام الأُوَل حيضاً إلا بهما لم يكونا حيضاً إلا بما قبلهما، فكانا هما والأيام الثلاثة الأول حيضاً كله. ولو كانت أيامها أربعة أيام من أول الشهر، فرأت ثلاثة أيام دماً، ثم طهرت يوماً أو يومين، ثم رأت دماً، فمد بها الدم أكثر من عشرة أيام، فثلاثة أيام من أول ذلك حيض، وما سوى ذلك استحاضة في قول محمد. ... باب المرأة يمد بها الدم فلا تدري أي أيامها كانت أيام حيضها وقال محمد بن الحسن في امرأة كانت تحيض في كل شهر حيضة، فاستحيضت (¬3)، فطبّقت (¬4) بين القرءين جميعاً، ونسيت أيام أقرائها (¬5) في عدد الأيام والموضع الذي كانت تحيض فيه، فإنها تمضي على أكبر (¬6) رأيها وظنها في ذلك؛ لأن أكبر (¬7) الرأي يجوز في الصلاة المفروضة إذا دخل فيها الشك وفي الوضوء، فكذلك هذا. فإذا لم يكن لها في ذلك رأي فإنها لا تمسك عن الصلاة ولا عن صوم، وتغتسل لكل صلاة، ولا يأتيها زوجها، لأنا نخشى أن يطأها وهي حائض. وهي تعيد بعد شهر رمضان من الصيام عشرين يوماً؛ لأنا لا ندري كم كانت أيامها. فآمرها بالثقة أن لا تدع شيئاً ¬

_ (¬1) أي كانت هذه الأيام حيضاً. (¬2) ق: يكن. (¬3) م: فاستحيطت؛ ق: فاستحضت. (¬4) طبّقت بين القرءين أي جمعت بينهما إما مِن تطبيق الراكع لما فيه من جمع الأصابع والكفين، أو مِن طابَقَ الفرسُ في جريه إذا وضع رجليه موضع يديه. انظر: المغرب للمطرزي، "طبق". (¬5) م: قراتها. (¬6) ك ق: على أكثر. (¬7) ك ق: أكثر.

من الصلاة؛ لأنها أن تصلي وهي لا تدري أحائض هي أم طاهر أحب إلينا من أن تترك الصلاة في شبهة. وأما الصيام فأمرناها بالثقة فيه وأن لا تفطر؛ لأنها لا تذكر أيام قروئها (¬1)، وقد علمنا أنه (¬2) ثلاثة أيام من شهر رمضان لا يجزيها فيها الصوم، ونشك (¬3) في السبعة أيضاً، فهي تعيد عشرة أيام؛ لأن الحائض تعيد الصوم، ولا تعيد الصلاة. فإذا أفطرت (¬4) فلتعد في شوال عشرين يوماً؛ لأنها إن صامت في شوال العشرة الأولى (¬5) سوى يوم الفطر أو الوسطى أو الأخرى (¬6) فلعلها فيه حائض، فإن ذهبت تصوم في الشهر الثاني عشرة أيام فلتصمه في غير الموضع الذي صامته في شوال، وأوثق (¬7) لها أن تصوم عشرين يوماً في شوال. وإذا علمت أن أيامها كانت ثلاثاً فنسيت أيامها فهي في الصلاة على ما وصفنا. وأما الصيام فتصوم ستة أيام بعد يوم الفطر. وكذلك لو كان قرؤها خمساً أو سبعاً أعادت من الصيام كما وصفتُ لك الضِّعْفَ على أيام أقرائها. فإن قال قائل: هذه امرأة قد شُدّد عليها حين أُمرت أن تغتسل لكل صلاة؛ قيل لهم: فقد جاء عن علي بن أبي طالب وابن عباس - رضي الله عنهما - أنهما كانا يأمران المستحاضة أن تغتسل لكل صلاة (¬8). وبلغنا عن إبراهيم النخعي أنه كان يأمرها أن تجمع بين الظهر والعصر، فتغتسل في آخر الظهر غسلًا فتصلي به الظهر والعصر، ثم تؤخر المغرب فتفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء، وتغتسل للفجر غسلاً (¬9). وتفسير هذا ¬

_ (¬1) ق: قرئها. (¬2) ق: أن. (¬3) ق: ويشك. (¬4) م: فإذا فطرت. (¬5) ك: الأول. (¬6) جميع النسح: أو الآخر. (¬7) م: وواثق. (¬8) الآثار لأبي يوسف، 35؛ والمصنف لعبد الرزاق، 1/ 308؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 1/ 119؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 99. (¬9) رواه الإمامان أبو يوسف ومحمد عن الإِمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم انظر: الآثار لأبي يوسف، 35؛ والآثار لمحمد، 18. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 1/ 305؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 1/ 119.

عندنا للتي (¬1) نسيت أيام أقرائها (¬2) ولم يكن لها في ذلك رأي؛ لأنا قد علمنا أن علي بن أبي طالب وابن عباس وإبراهيم النخعي قد علموا أن المرأة إذا طهرت أن الحيض لا يرجع إليها من الغد ولا من اليوم الثاني حتى تعود (¬3) عليها أيامها أو يجيء (¬4) من ذلك ما يعلم أنه حيض. فإن كان علي بن أبي طالب وابن عباس وإبراهيم (¬5) النخعي قالوا ذلك في المستحاضة التي علموا أنها ليست بحائض فذلك أحرى (¬6) أن يقال فيما أشكل فلم يُدْرَ (¬7) أحيض هو أو لا أن تغتسل (¬8) لكل صلاة. وإن (¬9) كان حيض المرأة ثلاثاً ثلاثاً فعلمت أنها كانت ترى الثلاث في العشر الأواخر من الشهر بعد العشرين، ولكنها لا تدري أي العشر كانت ترى، ولا رأي لها في ذلك، فإنها بعد العشرين تتوضأ لكل صلاة وتصلي، فإذا جاوزت ثلاثة أيام اغتسلت لكل صلاة حتى يتم (¬10) لها عشر من أول العشرين، فإذا تم الشهر اغتسلت، ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة حتى تأتي على العشرين. وكذلك هي في العشرة (¬11) الأولى والوسطى إذا كانت تذكر أنها كانت في شيء منها على ما ذكرنا. وإذا (¬12) كان قرؤها أربعاً من العشر الأواخر لا تدري (¬13) متى كانت فإنها تصلي أربعة أيام، تتوضأ لكل صلاة، ثم تغتسل لكل صلاة (¬14) إلى تمام العشرة. وكذلك الخمس. فأما إذا كان قرؤها ستة فإنها تتوضأ لكل صلاة أربعة أيام، وتمسك عن الصلاة يومين؛ لأنا قد استيقنا أن اليومين حيض؛ لأن اليومين مع الأربع ¬

_ (¬1) ق: للذي. (¬2) م: أقرانها. (¬3) م ق: حتى يعود. (¬4) ق: ويجيء. (¬5) ق: وإبرهيم. (¬6) م: أجزى. (¬7) م: فلم ندري. (¬8) ق: أن يغتسل. (¬9) ق: وإذا. (¬10) ق: تتم. (¬11) ق: في العشر. (¬12) ك: وإن. (¬13) ق: لا يدري. (¬14) م - ثم تغتسل لكل صلاة.

الأول ستة، ومع الأربع الأواخر ستة، فقد استيقنا أن اليومين حيض؛ ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة إلى تمام العشر. وإذا كانت تذكر أنها كانت تطهر في آخر الشهر ولا تدري كم كان أيام حيضها، فإذا جاوزت عشرين يوماً توضأت لكل صلاة حتى تأتي على سبعة وعشرين يوماً، فإذا تم سبعة وعشرون يوماً أمسكت عن الصلاة ثلاثة أيام؛ لأنا قد عرفنا أن هذه الأيام حيض. فإذا تم الثلاث اغتسلت غسلاً واحداً ثم توضأت حتى تنتهي إلى أيامها هذه الثلاثة (¬1) أيضاً. وعلى هذا ما وصفت لك في العشرة (¬2) الأولى والوسطى إذا كانت تذكر أنها كانت تغتسل في آخر العشرة (¬3) الأولى أو الوسطى (¬4). وإذا كانت تذكر أنها كانت ترى الدم إذا جاوزت عشرين يوماً، ولا تدري كم كان أيام أقرائها، أمرناها أن تمسك عن الصلاة ثلاثة أيام، ثم تغتسل لكل صلاة وتصلي. أخذنا لها بالثقة في الصلاة. فإنها أن تصلي في حال الشك خير لها من أن تدع الصلاة في حال (¬5) الشك، لعلها طاهر. وتعيد الصيام في هذه العشرة الأيام كلها. وإذا جاوزت هذه العشرة التي كانت ترى فيها صامت عشرة أيام، ليس عليها إلا عشرة أيام. وإذا كانت أيامها سبعة (¬6) ولا تدري في أي العشر الأواخر هي فإنها تصلي إذا جاوزت العشرين ثلاثة أيام، تتوضأ لكل صلاة، وتمسك أربعة أيام عن الصلاة، ولا تتوضأ ولا تغتسل، ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة. وإذا كان قرؤها ثمانية أيام صلت بعد العشرين يومين تتوضأ لكل وقت صلاة، وأمسكت عن الصلاة ستة أيام، واغتسلت يومين لكل صلاة (¬7). فإذا كان أيامها تسعة صلت يوماً بعد العشرين تتوضأ لكل صلاة (¬8)، ¬

_ (¬1) ق: الثلث. (¬2) م: في العشر. (¬3) ق: العشر. (¬4) ق: والوسطى. (¬5) ق + أيام. (¬6) م: تسعة. (¬7) ق - لكل صلاة. (¬8) م - فإذا كان أيامها تسعة صلت يوماً بعد العشرين تتوضأ لكل صلاة.

وأمسكت (¬1) ثمانية أيام، ثم اغتسلت يوماً لكل صلاة. وكذلك هي في العشرة (¬2) الأولى والوسطى إذا كانت تستيقن أنها كانت تحيض فيها. وإذا كانت (¬3) تستيقن أنها كانت ترى الدم بعد ما كانت تمضي سبعة عشر يوماً من الشهر، ولا تدري (¬4) كم كانت ترى، فكذلك تصنع. تصلي ثلاثة أيام تتوضأ لكل صلاة، وتغتسل سبعة أيام لكل صلاة (¬5). وإذا كان عليها صلوات فائتة ولا تدري متى كان حيضها وهي مستحاضة، فإنها تأخذ في قضائها. فإن كانت تستطيع أن تصلي ما عليها من الفوائت (¬6) في يوم وليلة فعلت. ثم تنتظر عشرة أيام، ثم (¬7) تعيد من يوم الأحد عشر؛ لأن الحيض لا يكون أكثر من عشرة. فيجزي عنها إما في اليوم الأول في العشرة الأولى أو في اليوم الحادي عشر. فإن لم تستطع (¬8) قضاءهن في يوم ففي يومين، ثم تعيد (¬9) بعد العشرة يومين، فكذلك (¬10) ما كان من نحو ذا. فإذا كانت تعلم أنها كانت ترى الدم يوم أحد وعشرين من الشهر، ولا تذكر (¬11) أوله وآخره (¬12)، فإنها لا تزال تصلي وتتوضأ لكل صلاة حتى تأتي على أحد وعشرين، ثم تمسك يومئذ، فإذا تم يومها اغتسلت وصلت، ثم اغتسلت بعد ذلك لكل صلاة تسعة أيام؛ لأنها لا تذكر أكان ذلك اليوم أول حيضها أو آخره أو التاسع أو الثامن. فأخذنا لها بالثقة؛ لأنها قبل ذلك إما أن تكون حائضاً أو طاهراً، فإن كانت طاهراً فلا غسل عليها، وإن (¬13) كانت حائضاً فلا صلاة عليها. وأما الصوم فإذا انسلخ شهر رمضان صامت عشرة أيام. ¬

_ (¬1) ق: أمسكت. (¬2) م: في العشر. (¬3) ك - تستيقن أنها كانت تحيض فيها وإذا كانت، صح هـ. (¬4) ق: يدري. (¬5) انظر للشرح: المبسوط للسرخسي، 3/ 203. (¬6) ق: من القوايت. (¬7) ق - ثم. (¬8) ق: يستطيع. (¬9) م ز: ثم يعيد. (¬10) ق: وكذلك. (¬11) م: ولا يذكر. (¬12) م ق: أو آخره. (¬13) م: فإن.

وإذا كانت تذكر أنها كانت ترى الدم في آخر العشرة (¬1) الأولى من الشهر، فهي في حال الصلاة والغسل على ما وصفت لك. وأما الصوم فإنها تعيد الصوم بعد ما يمضي (¬2) عشرون (¬3) من الشهر الداخل؛ لأنها إن صامت العشرة الأولى من الشهر لم تدر لعلها أن تكون فيها حائضاً، وإن صامت العشرة الوسطى فكذلك أيضاً. وإن كان عليها صوم شهرين متتابعين صامت شهرين متتابعين وشهراً أيضاً مع ذلك؛ لأنا أخذنا لها بالثقة، فقلنا: أيامها عشر عشر، فعليها عشرون يوماً، فإذا صامت الشهر الثالث فقد عرفنا أنه قد تم صومها؛ لأن الحيض لا يكون في الشهر (¬4) أكثر من عشرة أيام. وإذا كان قرؤها خمسة أيام فرأت الدم يومين في أول أيامها، ثم انقطع عنها فرأت الطهر (¬5) خمسة أيام، ثم رأت الدم، فإن انقطع الدم في تمام العشر فإنه حيض كله: اليومان إلى العشرة، وإن جاوزت العشرة (¬6) بيوم فالدم الأخير هو الحيض؛ لأنها لم تر (¬7) الدم في أيام حيضها ثلاثة أيام. فإن مد بها الدم الأخير بعد ما تجاوزت أربعة أيام إلى تمام العشرة، أو دون العشرة فوق خمسة أيام وزاد على العشرة، فخمسة أيام من ذلك من أوله حيض، وما سوى ذلك استحاضة. فإذا كانت تعلم أنها كانت تحيض في كل شهر مرة في أوله أو آخره، ولا تدري (¬8) كم كان حيضها ولا رأي لها في ذلك، ولا يدخل شهر في شهر، فإنها تؤمر (¬9) إذا رأت غرة الشهر أن تتوضأ ثلاثة أيام لكل صلاة، ثم تغتسل سبعة أيام لكل صلاة تمام العشرة، ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة حتى تتم العشرة (¬10)، ثم تغتسل لتمام الشهر مرة واحدة. فهذا دأبها؛ لأنا قد ¬

_ (¬1) م: العشر. (¬2) ك م ج: تمضي. (¬3) جميع النسخ: عشرة. وفي هامش ك: صوابه عشرون. وهو كذلك في ط. ويدل عليه تتمة العبارة. (¬4) ق: في شهر. (¬5) م: الظهر. (¬6) ق: العشر. (¬7) ق: لم تري. (¬8) م: ولا يدري. (¬9) م: يوم. (¬10) وعبارة الحاكم: ثم تتوضأ إلى آخر الشهر. انظر: الكافي، 1/ 30 ظ.

علمنا أن الحيض كان في كل شهر مرة، ولا (¬1) يكون الحيض أكثر من عشرة أيام ولا أقل من ثلاثة أيام، وقد استيقنا أن العشرة الوسطى لا تكون فيهن حائضاً؛ لأن حيضها في أول العشرة الأولى أو في آخر العشرة الآخرة. فإن جاءت بعد العشرة الأولى (¬2) من الشهر تستفتي فإن كانت قد اغتسلت يوم العاشر فذاك، وإلا أمرناها أن تغتسل وتعيد ما تركت من الصلاة وبعد (¬3) ثلاثة أيام من غرة الشهر. وإن كانت تعرف أنها كانت ترى الدم عشرة أيام من الشهر لا تدري (¬4) في أول الشهر أو آخره، فإنها تصلي من الغرة عشرة أيام كل صلاة تتوضأ، فإذا تم عشرة أيام اغتسلت، ثم تتوضأ وتصلي إلى تمام الشهر كل صلاة بوضوء، ثم تغتسل غسلاً عند تمام الشهر، فذلك دأبها؛ لأنها إن كانت في أول الشهر حائضاً فليس عليها صلاة ولا صوم، فأخذنا لها بالثقة في الصلاة. فلما تم عشرة أيام أمرناها أن تغتسل؛ لأنا خشينا أن تكون (¬5) حائضاً، وقد استيقنا أنها في العشرة الوسطى ليست بحائض. وفي العشرة الأواخر إن كانت تحيض فلا صلاة عليها ولا صوم، فأخذنا لها بالثقة. فلما تم عشرة أيام أمرناها أن تغتسل؛ لأن الغسل في آخر الشهر لا بد منه؛ لأنها لا بد (¬6) أن تكون (¬7) في العشرة الأولى حائضاً أو العشرة الأواخر. وإذا قضت صوم شهر رمضان فإنها تقضي العشرة الوسطى من الشهر الثاني. وإذا كانت أيامها خمسة من أول الشهر أو آخره فإنها تتوضأ لكل صلاة من أول الشهر، ثم تغتسل لتمام اليوم الخامس من العشرة، ثم تتوضأ لكل صلاة حتى يتم (¬8) الشهر، ثم تغتسل غسلاً، وتعيد صلاة خمسة أيام بعد ما تمضي خمسة أيام من أول العشرة (¬9) الأولى. ¬

_ (¬1) ك: فلا. (¬2) م + أو في آخر العشرة الآخرة فإن جاءت بعد العشرة الأولى. (¬3) م: وتعد. (¬4) ف: لا تري. (¬5) ق: حسبنا أن يكون. (¬6) م: لا قدر. (¬7) ف: أن يكون. (¬8) ق: تتم. (¬9) م: العشر.

وإذا كانت تعلم أنها كانت ترى الدم يوم عشرين من الشهر وأيامها خمسة، فإنها تتوضأ لكل صلاة وتصلي حتى تتم (¬1) تسعة عشر يوماً، ثم تمسك عن الصلاة ذلك اليوم، وتغتسل أربعة أيام لكل صلاة، وتتوضأ بعد ذلك. وإذا كان لها أيام معلومة من كل شهر، فانقطع عنها الدم زماناً، حتى مضت أيامها المعلومة مرتين أو أكثر من ذلك لا ترى فيها دماً، ثم عاودها وقد نسيت أيامها، فإنها تمسك عن الصلاة ثلاثة أيام أول ما ترى الدم، ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة سبعة أيام تمام العشرة، ثم تتوضأ لكل صلاة عشرين يوماً، فذلك دأبها. وإذا جاءت تستفتي بعد ما رأت الدم عشرة أيام أو عشرين يوماً أو شهراً (¬2)، فإن كانت اغتسلت بعد الثلاث فقد أصابت ولا شيء عليها، وإن لم تكن (¬3) اغتسلت فعليها أن تغتسل وتعيد الصلوات التي زادت على الثلاثة الأيام الأولى. فإن علمت أن عدة أيامها كانت ثلاثاً أو خمساً أو عشراً فهي في أول ما ترى الدم حائض بعدد تلك الأيام بعد أن يكون قد انقطع الدم عنها كما وصفت لك. وهو أول حيضها وأيامها. وإذا نسيت المستحاضة أيامها فلم تدر في أي الشهر كانت تحيض، ولا رأي لها في ذلك، ولكنها مستيقنة بالطهر ثلاثة أيام: اليوم العاشر واليوم العشرين واليوم الثلاثين، فإنها في أول العشرة الأولى تصلي ثلاثة أيام تتوضأ، ثم تغتسل بعد ذلك ستة أيام لكل صلاة، وتصلي اليوم العاشر كل صلاة بوضوء والحادي عشر والثاني (¬4) عشر والثالث (¬5) عشر، ثم تغتسل اليوم الرابع عشر إلى تمام تسعة عشر لكل صلاة وتصلي، ثم تصلي بوضوء لكل صلاة يوم عشرين واحد وعشرين واثنين وعشرين (¬6) وثلاث وعشرين، وتغتسل يوم رابع وعشرين إلى تمام تسع وعشرين لكل صلاة، ثم تصلي ¬

_ (¬1) م: حتى يتم. (¬2) م ق: أو شهر. (¬3) ق: يكن. (¬4) ك ق: ثاني. (¬5) ك ق: الثالث. (¬6) ق - واثنين وعشرين.

يوم الثلاثين كل صلاة بوضوء. فإن كانت صامت هذه الأيام فعليها إعادة صيام تسعة أيام، ولا تدري أي التسع من الشهر هي، فلتصم ثمانية عشر يوماً. وما صلت من الفوائت في التسع الأولى من العشرة (¬1) الأولى والثانية والثالثة (¬2) أعادته يوم العاشر أو يوم العشرين أو يوم الثلاثين. ولا يقربها زوجها إلا في الأيام الثلاثة التي أيقنت فيهن بالطهر. وإذا كانت مستيقنة أنها كانت تحيض ثلاثاً (¬3) في العشر الأواخر من الشهر، ولا تدري إذا مضى عشرون (¬4) من الشهر أو إذا بقي (¬5) ثلاث من الشهر، فإنها تصلي بوضوء حتى تأتي على العشرين من الشهر، وتصلي أيضاً ثلاثة أيام كل صلاة بوضوء، وتغتسل غسلاً واحداً، ثم تصلي بعد ذلك كل صلاة بوضوء (¬6) أربعة أيام، ثم تصلي أيضاً ثلاثة أيام كل صلاة بوضوء (¬7)، وتغتسل في آخر الشهر. وإذا كانت أيامها ثلاثاً من العشر الأواخر في وسط العشرين الثلاث الأول والثلاث الأواخر، فإنها بعد العشرين تصلي ثلاثة أيام كل صلاة بوضوء؛ لأنها مستيقنة بالطهر فيهن. وأما يوم رابع وعشرين فهي فيه شاكة تصلي بوضوء لكل صلاة، وتدع الصلاة يوم خامس وسادس وعشرين؛ لأنها مستيقنة بالحيض فيهما. ثم تغتسل يوم سابع وعشرين لكل صلاة؛ لأنها إذا كانت يوم رابع وعشرين حائضاً فقد تم لها ثلاثة أيام، فلا بد لها من الغسل، وإن كانت طاهراً فهذا اليوم من أيامها ولم يجزها ذلك الغسل، فأخذنا بالثقة في هذا اليوم كما أخذنا في الأربع وعشرين. فهي تصلي هذا اليوم السابع والعشرين وتغتسل فيه لكل صلاة، وتصلي بعد ذلك بوضوء حتى تأتي على أيامها هذه. ¬

_ (¬1) م ق: من العشر. (¬2) م: والثالث. (¬3) م: تحيض لما. (¬4) ق: عشرين. (¬5) ق + إذا. (¬6) ق + وتغتسل غسلا واحدا ثم تصلي بعد ذلك كل صلاة بوضوء. (¬7) ك - وتغتسل غسلا واحدا ثم تصلي بعد ذلك كل صلاة بوضوء أربعة أيام ثم تصلي أيضاً ثلاثة أيام كل صلاة بوضوء، صح هـ.

وإذا كان للمرأة أيام معروفة في كل شهر، فانقطع عنها الدم زماناً حتى طهرت أيامها (¬1) التي كانت تحيض (¬2) مرتين أو أكثر من ذلك، لا ترى فيها الدم ولا في غيرها، ثم رأت الدم بعد ذلك، فهذه الأيام التي رأت فيها الدم هي من أيام حيضها, ولا تبالي متى ما رأت الدم. فإن مد بها (¬3) الدم حتى تجاوز العشرة وقد كانت تعلم أن أيامها فيما مضى خمسة في كل شهر، فإن خمسة من أول ما رأت الدم حيض، وما سوى ذلك استحاضة، إلا أن تعود (¬4) تلك الخمسة من الشهر الداخل، فتجعل أيامها التي تجلس في هذا الدم بعدد الأيام التي كانت تجلس فيما مضى، وطهرها مثل ذلك الطهر الذي كان يكون، إلا أن ذلك إن كان تقدم عن أول الشهر أو آخره أو وسطه فلا نبالي. ولو علمنا أن طهرها بين الحيضتين عشرون ليلة، ثم انقطع الدم زماناً ثم عاودها، كان طهرها عشرين ليلة بين الحيضتين (¬5) كما كان (¬6) يكون، وكان حيضها مثل ما كان يكون وإن كان قد تقدم عن وقته أو تأخر. فإن هي نسيت أيامها التي كانت تجلس فيما مضى، وقد مد بها الدم، وكانت فيما مضى تحيض في كل شهر مرة، ولا تدري كم كان أيام حيضها، فإنها تدع الصلاة ثلاثة أيام من أول ما رأت الدم، ثم تغتسل بعد ذلك لكل صلاة وتصلي حتى كمال العشر (¬7)، ثم تتوضأ لكل صلاة وتصلي حتى ترجع الأيام الثلاثة التي كانت تركت فيها الصلاة، فتصنع (¬8) مثل ذلك. ... ¬

_ (¬1) ق - أيامها. (¬2) ق - تحيض. (¬3) ق: مدها. (¬4) ق: أن يعود. (¬5) ق - عشرون ليلة ثم انقطع الدم زمانا ثم عاودها كان طهرها عشرين ليلة بين الحيضتين. (¬6) ق - كان. (¬7) ق: العشرة. (¬8) م: فيصنع.

باب من الدم الذي يكون أكثر من الطهر والطهر الذي يكون أكثر من الدم في العشر أول ما ترى الدم وفي أيام أقرائها المعروفة

باب من الدم الذي يكون أكثر من الطهر والطهر الذي يكون أكثر من الدم في العشر (¬1) أول ما ترى الدم وفي أيام أقرائها المعروفة وقال محمد بن الحسن في امرأة أول ما رأت الدم رأته يوماً، ثم طهرت ثمانية أيام، ثم رأته يوماً، ثم طهرت، فإن في هذا قولين: أما أحدهما فإن هذا حيض، وهو الذي رَوَى من قول أبي حنيفة الأول، والقول الآخر: إن هذا ليس بحيض، وهو أحسن القولين عند محمد بن الحسن. ومن جعل هذا حيضاً دخل عليه قول قبيح: امرأة أول ما رأت الدم رأته يوماً ثم رأت الطهر ثمانية أيام، ثم رأت الدم خمسة أيام ثم طهرت، أن اليوم الأول والثمانية الأيام الطهر واليوم العاشر حيض كله، والأربعة الأيام التي رأت فيها الدم هو الطهر، فإن رأت الدم في (¬2) كل شهر هكذا حتى مد (¬3) بها (¬4) عشرين سنة كان حيضها اليوم الأول والثمانية الأيام الطهر واليوم العاشر، وكانت الأيام الأربعة التي رأت فيها الدم من كل شهر طهراً، فصارت أيام دمها أيام طهرها وأيام طهرها أيام دمها، فهذا قبيح لا يستقيم. ولكن اليوم الأول الذي رأت فيه الدم (¬5) ليس بحيض، والخمسة الأيام الآخرة التي رأت فيها الدم هي الحيض. امرأة أول ما رأت الدم [رأته] (¬6) يوماً ثم انقطع يومين، ثم رأته يوماً ثم انقطع يومين أو ثلاثة أو نحوه (¬7)، فقال بعضهم: هذا حيض؛ لأنها رأت الدم في العشر ثلاثة أيام. وهذا أدنى ما يكون من الحيض ثلاثة أيام. ولو رأت الدم يومين في العشر لم يكن (¬8) حيضاً. فإذا رأته في العشر ثلاثة أيام ¬

_ (¬1) ق - يكون أكثر من الدم في العشر. (¬2) م - في. (¬3) ك: حتى يمد. (¬4) ق: مدها. (¬5) ق - الدم. (¬6) انظر استعمال المؤلف لهذه الكلمة في المسألة السابقة. (¬7) م ق - يومين ثم رأته يوماً ثم انقطع يومين أو ثلاثة أو نحوه؛ صح ق هـ. (¬8) ك: لم يكون.

فهو حيض. وقالوا: لا يكون إذا رأته يومين متفرقين (¬1) حيضاً؛ لأن اليومين اللذين رأت فيهما الدم لو لم يكن غيرهما لم يكونا حيضاً، فكيف يكونان بالطهر الذي بينهما حيضاً؟ وقال محمد: لا يعجبني هذا القول أيضاً، ولا يكون هذا أيضاً حيضاً؛ لأن الطهر أكثر من الحيض. وقال بعضهم: إذا كان وإن في العشر بينهما ثلاثة أيام طهراً فليس ذلك بدم واحد، فإن كانت رأت أحد الدمين ثلاثة أيام فصاعداً فهو الحيض، وإن كانت رأته أقل من ثلاثة أيام فليس شيء من ذلك بحيض. وقالوا: لو أن امرأة رأت الدم أول ما رأته يوماً ثم انقطعِ ستة أيام، ثم رأته يوماً ثم انقطع، لم يكن ذلك حيضاً، وإن رأت يوماً دماً أول ما رأت الدم (¬2) ثم رأت ثلاثة أيام دماً لم يكن الحيض من ذلك إلا الثلاثة الأيام الآخرة، وكان ما سوى ذلك ليس بحيض، وهذا أحسن من القولين الأولين، ويدخل فيه بعض القبح (¬3). ولو أن امرأة رأت الدم يومين، ثم طهرت ثلاثة أيام، ثم رأت الدم يومين، لم يكن هذا في قوله حيضاً، ولو مكثت (¬4) على هذا عمرها كله ترى الدم في كل حيضة يومين ثم تطهر ثلاثة أيام ثم تراه (¬5) يومين، فهذا قبيح. وقال محمد بن الحسن: أحسن الأقاويل عندنا أن كل امرأة رأت الدم أول ما رأته فرأت دماً، ثم رأت طهراً، ثم رأت دماً، فإن كان بين الدمين من الطهر أقل من ثلاثة أيام فذلك حيض كله، وإن كانت رأت بين الدمين طهراً ثلاثة أيام فصاعداً انظر إلى الدم وإلى الطهر الذي في العشر، فإن كان الطهر أكثر لم يكن ذلك بحيض، وإن كان ما رأت فيه الدم أكثر فإن ذلك حيض كله. وإن كان الطهر الذي بين الدمين أكثر من الدمين جميعاً فهو أيضاً حيض كله (¬6). ومن ذلك امرأة أول ما رأت الدم [رأته] يوماً ثم انقطع ¬

_ (¬1) ق: مفرقين. (¬2) قال الأفغاني: كذا في الأصول؛ ويعلم من سياق المسألة أن قوله "ثم رأت ثلاثة أيام طهراً" أو نحوه ساقط منها، والله أعلم. انظر: ط، 1/ 445. لكن هذه الزيادة مفهومة من السياق؛ لأن المسائل التي قبلها تدل عليها، فليس هناك سقط فيما نرى. (¬3) م: الفتح. (¬4) م: ولو مكث. (¬5) ق: ثم راه. (¬6) هذا إذا كان الطهر الذي بين الدمين أقل من ثلاثة أيام كما سيتضح من الأمثلة.

الدم يومين، ثم رأته يوماً ثم طهرت، فهذا حيض كله؛ لأن الطهر بين الدمين إذا لم يكن ثلاثة أيام فليس يطهر، وكأنه دم كله إذا كان الدمان صحيحين ولم يكن واحد منهما بفاسد (1). ولو أن امرأة رأت الدم يوماً، ورأت الطهر ثلاثة أيام، ثم رأت الدم يوماً، ثم طهرت فلم تر دماً، لم يكن هذا بحيض؛ لأن ما رأت فيه الدم أقل من الطهر الذي بينهما، فليس ذلك بدم حيض. ولو كانت رأت الدم يومين، والطهر ثلاثة أيام، والدم يومين، ثم طهرت فلم تر دماً، كان هذا حيضاً كله؛ لأن الدمين أكثر مما بينهما من الطهر. وإنما يؤخذ في هذا بالاستحسان وبما عليه أمر النساء. وكذلك لو أن امرأة كان حيضها المعروف ستة أيام، فرأت يوماً دماً، وأربعة أيام طهراً، ويوماً دماً، فهذا في القول الأول حيض كله، وفي جميع الأقاويل ليس بحيض. فإن رأت يوماً دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويومين (¬2) دماً، فهذا (¬3) حيض كله في الأقاويل كلها، إلا في قول واحد، من قال: إذا كان بين (¬4) الدمين طهر ثلاثة أيام لم يكن (¬5) الدمان دماً واحداً، فإنه يقول: ليس شيء من هذا حيضاً. وقال محمد بن الحسن: هذا حسن؛ لأن الطهر والدم سواء، فهو حيض كله. وهذا أحسن الأقاويل كلها وأشبهها بأمر الحيض وما عليه النساء. وقال محمد في امرأة كان حيضها أربعة أيام، فرأت يومين دماً، وأربعة أيام طهراً، ويومين دماً، ثم طهرت: إن هذا ليس بحيض. ولو كانت رأت يومين دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويومين دماً، ثم طهرت، كان هذا حيضاً كله؛ لأنها رأت الدم أكثر من الطهر. ولو أنها رأت يوماً دماً، ثم رأت يومين طهراً، ثم رأت يوماً دماً، ثم رأت يومين طهراً، ثم رأت يوماً دماً، ثم طهرت فتم طهرها، كان هذا حيضاً كله وإن كان الطهر أكثر من ¬

_ (أ) ك م ق: بفاسده. والتصحيح من ج. (¬2) ق: أو يومين. (¬3) ق + كله. (¬4) ف: من. (¬5) م: لم تكن.

الدم؛ لأن كل دم من هذه الدماء لم يكن بينه وبين صاحبه طهر ثلاثة أيام، فهذا كأنه دم كله. ولو أن امرأة كان حيضها تسعة أيام، فرأت يوماً دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويوماً دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويوماً دماً، ثم طهرت فتم بها الطهر، فهذا (¬1) كله ليس بحيض؛ لأن الطهر كان أكثر من الدم، وكان بين كل دمين طهر ثلاثة أيام. ولو رأت يومين دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويومين دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويومين دماً، وثلاثة أيام طهراً، ويوماً دماً، ثم طهرت فمد بها الطهر، كان حيضها من ذلك سبعة أيام من أول ذلك؛ لأنها رأت الدم بعد السبعة الأيام بعد ما مضت العشرة، فليس ذلك بحيض، وإنما ذلك استحاضة. فدم الاستحاضة لا تجعل (¬2) الطهر حيضاً؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في المستحاضة: "ليس ذلك بحيض، إنما ذلك عِرْق" (¬3). فإذا جعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرقًا لم يكن دم العرق إلا بمنزلة الرعاف، ولم يجعل الرعاف ودم العرق الطهر الذي قبلهما حيضاً. إنما تكون (¬4) الأيام التي لا ترى فيها الدم حيضاً إذا كانت بين الدمين كلاهما حيض. وقال محمد في امرأة أول ما رأت الدم رأته يوماً، ثم انقطع أربعة أيام، ثم رأته يوماً، ثم انقطع أربعاً، ثم رأته يوماً، ثم انقطع أربعاً: فليس شيء من هذا بحيض؛ لأنها لم تر الدم في العشر إلا يومين، وطهرها أكثر من دمها، فليس شيء من ذلك بحيض. وإن كانت رأت الدم ثلاثاً، والطهر ثلاثاً، والدم ثلاثاً، والطهر ثلاثاً، فأيامها تسعة أيام من أول ذلك؛ لأنها رأت الدم في العشر أكثر من الطهر، فالدمان اللذان في العشر وما بينهما حيض، وما سوى ذلك ليس بحيض. وإذا رأت الدم يومين، والطهر ثلاثة أيام، والدم يومين، والطهر ثلاثاً، ¬

_ (¬1) ق: فإن هذا. (¬2) ك ق: لا يجعل. (¬3) والحديث تقدم قريباً. (¬4) ق: يكون.

ثم مد بها هكذا، فسبعة (¬1) أيام من أول ذلك حيض؛ لأن الدمين اللذين في السبع أكثر مما بينهما من الطهر (¬2). ولو رأت الدم يوماً، والطهر أربعاً، والدم يومين، والطهر أربعاً، ثم مد بها الطهر، لم يكن هذا بحيض؛ لأنها رأت الدم في العشر أقل من الطهر الذي بينهما. ولو رأت الدم أول ما رأته يومين، والطهر أربعاً، والدم يومين، والطهر أربعاً، ثم مد بها هكذا، فالحيض ثمان من أول ما رأت ذلك؛ لأن الدمين مثل الطهر الذي (¬3) بينهما، فذلك حيض كله. وقال محمد في امرأة كان حيضها خمساً في أول كل شهر، فرأت الدم يومين في أول أيام حيضها، ثم انقطع عنها الدم، فرأت الطهر خمسة أيام، ثم رأت الدم كمال العشر، ثم انقطع: فذلك حيض كله؛ لأنها رأت الدم في العشر مثل ما بين الدمين من الطهر، فذلك حيض كله. ولو كان الدم مد بها حتى جاوزت العشر، فرأته يوم الحادي عشر ويوم الثاني عشر، ثم انقطع، فحيضها هذه الخمسة الأيام الآخرة التي رأت فيها الدم، واليومان الأولان والخمسة الطهر التي بعدهما (¬4) ليس شيء من ذلك بحيض (¬5). فإن جاوز الدم بعد العشر ثلاثة أيام أو أربعة أو أكثر من ذلك، فخمسة (¬6) أيام من أول الدم الآخر حيض، وما سوى ذلك استحاضة من اليومين الأولين والأيام الآخرة؛ لأن أيامها خمسة أيام، فلا تتحول (¬7) عن الخمسة أيام وإن كانت قد تحولت عن موضعها الأول. وقال محمد (¬8) في امرأة أول ما رأت الدم رأت يوماً دماً ويومين ¬

_ (¬1) ق: تسعة. (¬2) م: من الدم. (¬3) م - الذي. (¬4) جميع النسخ: بعدها. والتصحيح من ط. ـ (¬5) جميع النسخ: ليس بشيء من ذلك حيض. وانظر: 1/ 98 و، 99 و. (¬6) م: بخمسة. (¬7) ق: يتحول. (¬8) ق - محمد.

طهراً، ويوماً دماً ويومين طهراً، ويوماً دماً ويومين طهراً (¬1)، حتى مد بها هكذا شهراً، ثم طهرت: فإن عشرة أيام من أول ذلك حيض، وما سوى ذلك استحاضة. ولو رأت يومين دماً ويوماً طهراً، ويومين دماً ويوماً طهراً، فمد بها هكذا شهراً ثم طهرت، فإن عشرة أيام من أول ذلك حيض، وما سوى ذلك استحاضة (¬2). وقال محمد في امرأة كان أيامها خمسة أيام في أول الشهر، فرأت يوماً دماً وثلاثة أيام طهراً، ويوماً دماً ثم مد بها الدم حتى بلغت العشر ولم تجاوزها: فإن هذا كله حيض؛ لأنها رأت الدم في العشر أكثر من الطهر. فإن جاز بها (¬3) الدم العشر فمد بها إلى آخر الشهر، فالأربعة الأيام (¬4) الأول ليس بحيض، وخمسة أيام بعد ذلك حيض، وما سوى ذلك استحاضة. وقال محمد في امرأة كان أيامها أربعة أيام، فرأت يوماً دماً، ويومين طهراً، ويوماً دماً، ثم انقطع الدم: إن ذلك حيض كله. فإن كانت أيامها سبعة أيام، فرأت الدم يومين، ثم انقطع سبعة أيام، ثم رأته يومين، ثم انقطع، فليس شيء من هذا بحيض؛ لأن ما بين الدمين من الطهر أكثر من الدمين جميعاً. وقال محمد بن الحسن في امرأة كان حيضها خمسة أيام من أول كل شهر، فرأت الحيض يوماً، ثم رأت الطهر ثلاثة أيام، ثم رأت الدم يوماً، ثم انقطع: فليس هذا بحيض؛ لأن الدم أقل من الطهر. فإن رأت الدم بعد ذلك أيضاً حتى بلغت العشر، ثم انقطع، فالعشر كله حيض من أوله إلى آخره. فإن زادت على العشر يوماً ثم انقطع، فخمسة أيام من أول دمها هذا الآخر حيض (¬5)، وهو اليوم الخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع، وما ¬

_ (¬1) م - ويومين طهراً. (¬2) م - ولو رأت يومين دماً ويوماً طهراً ويومين دماً ويوماً طهراً فمد بها هكذا شهرا ثم طهرت فإن عشرة أيام من أول ذلك حيض وما سوى ذلك استحاضة. (¬3) م: فإن حارها؛ ط: فإن جاوز بها. (¬4) م: أيام. (¬5) ك م: الحيض.

سوى ذلك مما قبله وبعده استحاضة. ولا يكون ما قبل هذه الخمسة الأيام حيضاً؛ لأنا إن جعلنا ذلك حيضاً جعلنا هذه استحاضة. وإنما مثل هذا مثل امرأة كان أيام حيضها خمسة أيام من أول كل شهر، فتقدم حيضها يومين، ثم رأت الدم أيام حيضها، فإن انقطع الدم فذلك كله حيض، فإن زادت على العشر يوماً كانت أيام أقرائها الخمس المعروفة حيضاً، وما سوى ذلك مما قبله وبعده استحاضة، فكذلك اليوم الأول الذي رأته في المسألة الأولى لما جاوز الدم العشر. فإن جعلنا اليوم حيضاً لم نجد بدًا (¬1) من أن نجعل الطهر الثلاثة الأيام التي بعده حيضاً، فإن جعلناها حيضاً واليوم الخامس صار ما بعد ذلك استحاضة، فإذا صار ما بعد ذلك استحاضة لم تكن (¬2) الخمسة الأيام الأولى حيضاً؛ لأنها رأت الدم فيها أقل مما رأت الطهر، فلا يكون ذلك حيضاً، فنجعل (¬3) خمسة أيام من أول ما رأت الدم الثاني حيضاً، ونجعل (¬4) ما سوى ذلك استحاضة. وقال أبو يوسف في هذا كله: الخمسة الأيام الأول التي كانت أيام حيضها هي الحيض وإن كانت لم تر فيها (¬5) الدم إلا ساعة من أولها، وما سوى ذلك استحاضة. وقال محمد في امرأة كان حيضها في أول كل شهر عشرة أيام فحاضتها، ثم طهرت عشرين يوماً، ثم طهرت عشرها التي كانت تجلس فيها، ثم مد بها الدم بعد ذلك أشهراً: فإن عشراً من أول ما رأت الدم حيض، تغتسل بعدها، وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي خمسة عشر يوماً، فيكون خمسة أيام من آخر هذه الأيام من أيامها الأولى التي كانت تجلس فيما مضى، ولا تحتسب بها من حيضها، وتكون خمسة أيام من أيام أقرائها الأول حيضاً، وما سوى ذلك استحاضة؛ لأنها رأت في أيامها الأول دماً خمسة أيام بعد خمسة عشر يوماً، فجعلناها استحاضة. ¬

_ (¬1) م: يدا. (¬2) ق: لم يكن. (¬3) ك: فتجعل. (¬4) ك: وتجعل. (¬5) ك - فيها، صح هـ.

باب المرأة ينقطع دمها قبل وقتها ولا يكون لها وقت معروف حتى يطأها زوجها

وكذلك لو رأت دماً (¬1) ثلاثة أيام (¬2) بعد تمام خمسة عشر يوماً من الوقت الذي جعلناه حيضاً لها. فإن رأته يومين في أيام حيضها الأول بعد تمام خمسة عشر يوماً لم تكن (¬3) أيامها الأولى أيام حيضها، وكانت أيامها الآخرة العشرة الثانية هي أيام حيضها. وهذه امرأة قد انتقل حيضها إلى العشرة الثانية، فإن مد بها الدم فأيامها التي تدع فيها الصلاة عشرها الثاني. ... باب المرأة ينقطع دمها قبل وقتها ولا يكون لها وقت معروف حتى يطأها زوجها قال محمد بن الحسن: لو أن امرأة كان حيضها في أول كل شهر سبعة أيام، فحاضت ستة أيام، ثم انقطع دمها، فإنها تنتظر حتى تخاف فوت الصلاة، فإذا خافت فوت الصلاة اغتسلت وصلت. ولا أحب لزوجها أن يقربها حتى يأتي عليها أيامها التي كانت تجلس (¬4). آخذ له في ذلك بالثقة. ولو أن امرأة كان حيضها خمسة أيام في أول كل شهر، فحاضت خمسة أيام، ثم انقطع دمها، فإنها تؤخر غسلها مخافة أن يعاودها الدم حتى تخاف (¬5) فوت الصلاة أدنى الصلوات منها. فإذا جاوز ذلك وبقي عليها مقدار ما تغتسل وتصلي فلتغتسل، وتصلي (¬6) ويأتيها زوجها, ولا بأس بذلك، ولا ينتظر زوجها تمام العشرة. ولو أن امرأة لم تكن تحيض فيما مضى فأول ما رأت الدم رأته خمسة أيام، ثم انقطع، فإنها تنتظر إلى آخر الوقت أدنى مواقيت الصلاة منها، ثم تغتسل وتصلي ويأتيها زوجها, ولا بأس بذلك، وليس عليه أن ينتظر ¬

_ (¬1) ك ق: رأت فيها. (¬2) ق: يام. (¬3) ق: لم يكن. (¬4) ط - فيها. (¬5) ق: يخاف. (¬6) م - فلتغتسل وتصلي.

إلى آخر العشرة لأن هذه لم يكن لها أيام معروفة فقصرت عنها. إنما أحب لزوجها أن لا يطأها إذا كانت لها أيام معروفة فقصرت عنها. فكذلك لا أحب لها أن تزوج إن كان هذا آخر عدتها (¬1) من طلاق زوج كان لها حتى يأتي عليها آخر أيامها التي كانت تجلس. وهي إن تزوجت فالنكاح جائز إن لم يعاودها الدم. وإن تزوجت فأحب لزوجها الذي تزوجها أن لا يقربها حتى يأتي عليها آخر أيامها التي كانت تجلس فيها. وكذلك الجارية التي تستبرئ (¬2) بحيضة لا أحب للذي (¬3) يشتريها (¬4) أن يقربها حتى تأتي على آخر أيامها التي كانت تجلس فيها. وكذلك النفساء إذا انقطع دمها وكانت تجلس فيما مضى ثلاثين يوماً في كل نفاس، فجلست خمسة وعشرين يوماً، ثم انقطع الدم، فإني آمرها أن تؤخر غسلها حتى يكون آخر وقت الصلاة التي طهرت فيها، ثم تغتسل وتصلي، ولا أحب لزوجها أن يقربها حتى تأتي (¬5) عليها أيامها التي كانت تجلس فيما مضى، وهي ثلاثون يوماً. وإن كانت تجلس فيما مضى خمسة وعشرين يوماً فجلستها ثم انقطع الدم، فلتؤخر (¬6) الغسل حتى آخر وقت صلاة تأتيها، ثم تغتسل وتصلي ويأتيها زوجها. وكذلك إن كانت أول ما ولدت فانقطع دمها في ثلاثين يوماً فإنها تؤخر الغسل إلى آخر وقت الصلاة، ثم تغتسل وتصلي ويأتيها زوجها, ولا تنتظر الأربعين. إنما أحب (¬7) للزوج (¬8) أن ينتظر إذا طهرت في أقل من أيامها التي كانت تجلس فيما مضى. ... ¬

_ (¬1) م: عهدتها. (¬2) كذا في جميع النسخ وط. ولعل الصواب: تستبرأ، بالبناء للمجهول. (¬3) ك م ق: الذي. والتصحيح من ج. (¬4) م: يستبريها. (¬5) ك: حتى يأتي. (¬6) م ق: فليؤخر. (¬7) م - أحب. (¬8) م: الزوج.

باب النفاس والوقت في ذلك

باب النفاس والوقت في ذلك قال محمد بن الحسن: إذا ولدت المرأة ثم انقطع دمها يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام، فلتنتظر حتى يكون آخر وقت الصلاة التي انقطع فيه دمها، ثم تغتسل وتصلي، ولا تدع الصلاة وهي طاهر، فإن هذا لا ينبغي. وتصدق إن طلقها زوجها حين ولدت في انقضاء العدة في أربعة وخمسين يوماً وزيادة ما قالت من شيء؛ لأنا نجعل النفاس ما قالت، وخمسة عشر يوماً طهراً وثلاثة حيضاً، وخمسة عشر يوماً (¬1) طهراً وثلاثة حيضاً، وخمسة عشر يوماً طهراً وثلاثة حيضاً (¬2)، فذلك أربعة وخمسون يوماً، وما قالت النفساء من شيء فهي فيه مصدقة. وأما في قياس قول أبي حنيفة فإنه لا يصدقها في العدة في أقل من خمسة وثمانين يوماً إذا طلقها حين ولدت؛ لأنه كان يقول: إذا عاودها الدم في الأربعين، فإن كان بين الدمين قليل أو كثير فهو نفاس كله. وكان يقول أيضاً: لا تصدق في انقضاء العدة في أقل من شهرين. فجعلنا ذلك على خمسة وثمانين (¬3) يوماً. وقال أبو يوسف: لا أصدق التي تطلق حين تضع في أقل من خمسة وستين يوماً؛ لأني أجعل نفاسها أكثر من الحيض. فأجعل النفاس أحد عشر يوماً، وأجعل العدة أربعة وخمسين؛ لأن النفاس لا يكون نفاسًا ولا تصدق عليه في أقل من أحد عشر يوماً أكثر من الحيض. وهو (¬4) يقول: إن انقطع الدم عن النفساء (¬5) في أقل من أحد عشر يوماً اغتسلت وصلت. وهذا ينقض القول الأول إن كانت تغتسل وتصلي في أقل من أحد عشر يوماً؛ لأنها تكون طاهراً (¬6) في أقل من أحد عشر يوماً، فينبغي أن تصدق في ذلك على العدة. فليس القول في هذا إلا قول واحد، وهي مصدقة فيما قالت من النفاس، وتكون العدة بعد ذلك ¬

_ (¬1) ق: يوم. (¬2) ك - وخمسة عشر يوماً طهراً وثلاثة حيضاً وخمسة عشر يوماً طهراً وثلاثة حيضاً، صح هـ. (¬3) م ق: وثلاثين. (¬4) ق: وهي. (¬5) ق: عن النفاس. (¬6) م ق: طاهر.

أربعة وخمسين يوماً؛ لأن أقل الطهر خمسة عشر يوماً، وأقل الحيض ثلاثة أيام. وقال محمد: كل دمين كانا في النفاس بينهما أقل من خمسة عشر يوماً فذلك دم واحد، وهو نفاس كله. وإن كان بينهما أكثر من خمسة عشر يوماً فالأول نفاس، والآخر حيض. ومن ذلك لو أن امرأة وضعت فرأت الدم يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام، ثم طهرت ثلاثة عشر يوماً أو أربعة عشر يوماً، ثم رأت الدم كان هذا نفاساً كله. ولو أنها رأت الدم أول ما ولدت يوماً أو يومين أو ثلاثة، ثم انقطع الدم خمسة عشر يوماً، ثم رأت الدم بعد ذلك يوماً أو يومين (¬1)، فإن الأول نفاس، والآخر ليس بنفاس ولا حيض، تتوضأ وتصلي؛ لأن ما بين الدمين أكثر من خمسة عشر يوماً طهراً، فهذا الدم الثاني دم غير الدم الأول. وليس الدم الثاني حيضاً؛ لأنه أقل من ثلاثة أيام. ولو كانت رأت الدم بعد طهر خمسة عشر يوماً ثلاثة أيام أو أكثر فهذا حيض. وقال أبو حنيفة: إذا عاودها الدم في الأربعين فهو نفاس وإن كان بين الدمين خمسة عشر يوماً طهر. فهذا قبيح. ينبغي في قوله إن رأت يوماً دماً وخمسة عشر يوماً طهراً ويوماً دماً وخمسة عشر (¬2) طهراً ويوماً دماً أن يكون هذا نفاسًا كله. وهذا قبيح. ولكنا نقول: اليوم الأول نفاس، وما سوى ذلك ليس بنفاس ولا حيض. فإن قال قائل: كيف صَيَّرْتَ (¬3) بين دمي النفاس الطهرَ خمسة عشر يوماً ولم تُصَيِّرْهُ (¬4) ثلاثة أيام كما صيرته في الحيض؟ قيل له (¬5): لا يشبه النفاس الحيض؛ لأن الحيض لأقله غاية ولأكثره غاية، وأقل الحيض ثلاثة أيام، فجعلنا أقل الطهر الذي يكون بين الدمين ثلاثة أيام. فإن كان الدمان (¬6) أقل من ثلاثة أيام لم (¬7) يكن ذلك حيضاً والطهر أكثر منه. ¬

_ (¬1) م - ثم انقطع الدم خمسة عشر يوماً ثم رأت الدم بعد ذلك يوماً أو يومين. (¬2) م - عشر. (¬3) م: ضرب. (¬4) م: ولم يضره. (¬5) ق - له. (¬6) ق - الدمان. (¬7) م ق: ولم.

فكيف (¬1) تكون (¬2) خمسة أيام حيضاً وأكثرها لم تر فيه دماً؟ هذا ما لا يكون. وأما النفاس فليس له غاية في قليله فنجعل (¬3) الطهر القليل مثل النفاس (¬4) القليل؛ لأن النفاس يكون ساعة: لو وضعت (¬5) المرأة ثم رأت الدم ساعة ثم انقطع (¬6) ثم رأت الطهر كانت تلك الساعة نفاساً. فلما رأينا النفاس لا وقت له في قليله (¬7) [وَ] كانت أيام النفاس أكثر من أيام الحيض، وقال أبو حنيفة: إذا عاودها الدم في الأربعين والذي (¬8) بين الدمين قليل أو كثير كان ذلك نفاساً كله، فاستحسنا أحسن ذلك كله، فقلنا (¬9): إن كان بين الدمين في الأربعين أقل من خمسة عشر يوماً فذلك نفاس كله، وإن كان الذي بينهما أكثر من خمسة عشر يوماً فالأول نفاس والثاني ليس بنفاس؛ لأن أبا حنيفة وجميع أصحابنا قد أجمعوا على أن الدمين في الحيض الذي بينهما طهر خمسة عشر يوماً دمان مختلفان وليسا بدم واحد. فلما قالوا ذلك في الحيض قلنا نحن في النفاس (¬10) أحسن ما عندنا فيه. وإنه ليدخل في قولنا أيضاً (¬11) شيء قبيح، وهو لو (¬12) أن امرأة نفست يوماً ثم طهرت أربعة عشر يوماً، ثم رأت الدم يوماً ثم انقطع، كان ذلك نفاساً كله، فهذا أيضاً قبيح، ولكن لا بد من هذا؛ لأن الدمين بينهما من الطهر أقل من خمسة عشر يوماً. فإن لم نقل بهذا القول فلا بد أن نقف (¬13) على شيء من ذلك معروف. فإن قال قائل (¬14): اثنا عشر يوماً، فما أقرب هذا من أربعة عشر ¬

_ (¬1) ك ق: وكيف. (¬2) ك: يكون. (¬3) م: فيحصل. (¬4) م - النفاس. (¬5) م: ولو وضعت. (¬6) م - ثم رأت الدم ساعة ثم انقطع. (¬7) ك ق: في قلته. (¬8) م: وليس. (¬9) م: قلنا. (¬10) ق + فهذا. (¬11) ق أيضاً في قولنا. (¬12) ك: هو ولو. (¬13) ق: أن تقف. (¬14) ق + يكون.

يوماً؛ أو يقول قائل (¬1): يكون بين الدمين طهر عشرة أيام فيكون دمين متفرقين، فلا بد من أن يأتي على هذا ببرهان. فأحسن ما ها هنا في هذا أن كل دمين من النفاس ليس بينهما من الطهر خمسة عشر يوماً فهو نفاس كله، وكل دمين بينهما من الطهر خمسة عشر يوماً فصاعداً فالأول نفاس، والثاني إن رأته يوماً أو يومين ثم انقطع فليس بحيض، وهو استحاضة تتوضأ وتصلي، وإن رأت المرأة بعد الطهر خمسة عشر يوماً دماً فرأته ثلاثة أيام فصاعداً فهو حيض، والأول الذي رأته حين ولدت نفاس. فهذا أحسن ما عندنا في هذا، وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. قال: أخبرنا محمد بن الحسن عن مالك بن أنس قال: أخبرني الثقة عندي عن سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار (¬2) أنهما سئلا عن الحائض هل يصيبها زوجها إذا رأت الطهر قبل أن تغتسل؟ فقالا: لا حتى تغتسل (¬3). محمد عن مالك بن أنس قال: أخبرني عبد الله بن أبي بكر عن عمته (¬4) عن ابنة (¬5) زيد بن ثابت أنه بلغها أن نساء يدعون بالمصابيح في جوف الليل، فينظرن (¬6) إلى (¬7) الطهر، فكانت تعيب (¬8) ذلك عليهن وتقول (¬9): ما كان النساء يصنعن (¬10) هذا (¬11). أخبرنا محمد عن أيوب بن عتبة اليمامي (¬12) قاضي اليمامة (¬13) قال: ¬

_ (¬1) ط - كيف. (¬2) م: بن سليمان بن بشار. (¬3) رواه الإِمام محمد أيضاً في الموطأ عن الإِمام مالك. انظر: الموطأ برواية محمد، 1/ 319. والرواية موجودة كذلك في رواية يحيى. انظر: الموطأ، الطهارة، 96. (¬4) م: عن عميه. (¬5) ك ق: عن أبيه. (¬6) ك م: فينظرون. (¬7) ك م ق - إلى. والتصحيح من ج ر والموطأ. انظر مصادر التخريج. (¬8) م: تعب. (¬9) ق: ويقول. (¬10) ق: يصعن. (¬11) رواه الإِمام محمد أيضاً في الموطأ عن الإِمام مالك. انظر: الموطأ برواية محمد، 1/ 340. والرواية موجودة كذلك في رواية يحيى. انظر: الموطأ، الطهارة، ما. وعلقه البخاري. انظر: صحيح البخاري، الحيض، 19. (¬12) م ق: اليتامي. (¬13) ك: التهامة؛ م: التامة.

باب حيض النصرانية

أخبرني يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: سألتُ أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المستحاضة، فقالت: تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي (¬1). قال: أخبرنا (¬2) محمد عن مالك بن أنس قال: أخبرني علقمة عن أمه مولاة عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها (¬3) قالت: كُنّ النساء يبعثن إلى عائشة الدرَجَة (¬4) فيها (¬5) الكُرْسُف (¬6) فيه (¬7) الصفرة من الحيضة، فتقول: لا تعجلن حتى تَرَيْنَ القَصَّةَ (¬8) البيضاء، تريد (¬9) بذلك الطهر من الحيض (¬10). ... باب حيض النصرانية قال محمد: امرأة نصرانية حاضت وانقطع عنها الدم، ثم أسلمت قبل أن تغتسل ولم يذهب (¬11) وقت الصلاة، وكان زوجها طلقها، هل له أن ¬

_ (¬1) رواه المؤلف بنفس إسناده في الآثار, 18. وروي قريباً من ذلك من طرق أخرى. انظر: صحيح البخاري، الوضوء، 63؛ وسنن أبي داود، الطهارة، 112؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 93. (¬2) ك ق: حدثنا. (¬3) م - أنها. (¬4) الدِّرَجَة جمع الدُّرْج وعاء صغير تدخر فيه المرأة طيبها وأداتها. انظر: لسان العرب لابن منظور، "درج". (¬5) جميع النسخ: وفيها. والتصحيح من مصادر التخريج. (¬6) الكُرْسُف هو القطن. انظر: المغرب للمطرزي، "كرسف". (¬7) جميع النسخ: فيها. والتصحيح من مصادر التخريج. (¬8) م ق: الفضة. (¬9) م: يريد. (¬10) رواه الإِمام محمد أيضاً في الموطأ عن الإِمام مالك. انظر: الموطأ برواية محمد، 1/ 337. والرواية موجودة كذلك في رواية يحيى. انظر: الموطأ، الطهارة، 97. وعلّقه البخاري. انظر: صحيح البخاري، الحيض، 19. وفي نسخة ك هذه الزيادة: هذا آخر كتاب الحيض يتلوه باب حيض النصرانية إن شاء الله تعالى ولله الحمد والمنة. وفي نسخة م: والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. (¬11) ق: تذهب.

يراجعها؛ فإن قلتم: لا؛ لأن طهرها كان انقطاع الدم، وانقطاع الدم من النصرانية طهر، فما تقول في نصرانية انقطع عنها الدم وزوجها مسلم ثم إنها أسلمت هل لزوجها أن يطأها قبل أن تغتسل؛ فإن قلتم: لا يطأها، فهي (¬1) قد صارت طاهراً بانقطاع الدم وقد ذهب الحيض؛ فإن (¬2) قلتم: يطأها، فهل تقرأ (¬3) القرآن هذه؟ وهل يستقيم أن تصير (¬4) هذه طاهراً بانقطاع الدم وهي نصرانية ويحل لزوجها أن يطأها، فإذا أسلمت عادت حائضاً لا يحل لزوجها أن يطأها حتى تغتسل وكان وطؤها (¬5) له حلالاً قبل أن تسلم؟ (¬6) فمن أين يحرمه الإِسلام؟ وهل تشبه هذه المرأة المسلمة إذا طهرت من الحيض ولم تجد الماء فتيممت وصلت وحل لزوجها أن يطأها، ثم إنها قدرت على الماء ووجب عليها أن تغتسل، وقد كان وطؤها (¬7) حلالاً قبل أن تجد الماء؟ فكيف يَحْرُمُ ذلك بعد ما وطئها؟ وهل تشبه هذه النصرانية التي قبلها؟ أرأيت النصرانية الأولى لو رأت طهرها ذلك في ليلة من رمضان، وعليها من الليل قدر ما تغسل بعض جسدها ثم تصبح وقد بقي عليها شيء، فأسلمت قبل الصبح، فقد حَفِظْتُ عندي في هذا أن صومها تام، فإن غسلت بعض جسدها نهارًا أتقضي صوم ذلك اليوم؛ لأنك زعمت أن طهرها كان انقطاع الدم، ولم يكن طهرها الغسل. فهل كان لزوجها أن يطأها لأنها طاهر حيث انقطع الدم (¬8) وهي نصرانية قبل أن تغتسل؛ فإن قلت: لا يطأها، فما فصل ما بين الصوم والوطء في هذا؟ قال: انقطاع دم النصرانية طهرها، يطأها زوجها بعد الإِسلام قبل أن تغتسل. وإن كانت طلقت فلا رجعة لزوجها (¬9) عليها بعد انقطاع الدم في الحيضة الثالثة. والمتيممة إذا صلت بتيممها حل لزوجها أن يطأها, ولكنها تقرأ القرآن ما لم تجد الماء، فإذا تيممت وصلت ووجدت الماء وجب عليها الغسل، فلا تقرأ القرآن حتى ¬

_ (¬1) جميع النسخ وط: وهي. (¬2) ق: وإن. (¬3) ق: يقرأ. (¬4) ق: أن يصير. (¬5) ق: وطها. (¬6) م: أن يسلم. (¬7) ق: وطها. (¬8) م - الدم. (¬9) ط + بعد الإِسلام قبل أن تغتسل وإن كانت طلقت فلا رجعة لزوجها.

تغتسل؛ لأنها لا تكون أحسن حالًا من المرأة الجنب والزوج يطأها. وكذلك النصرانية إذا انقطع عنها الدم ثم أسلمت لم تقرأ القرآن حتى تغتسل؛ لأن الحيض قد انقطع. ألا ترى أن الغسل عليها واجب، وكل امرأة كان الغسل عليها واجباً من الحيض أو جنابة لم تقرأ حتى تغتسل. امرأة طهرت في أول الليل في وقت العشاء فرأت البياض خالصاً، ولكنها تخاف معاودة الدم إلى متى تدع الصلاة أو تؤخر الغسل والصلاة فتكون (¬1) من ذلك في سعة؟ وما وقت العشاء في هذه الحال؟ وما حالها إذا طهرت في وقت كل صلاة ولكنها تخاف من معاودة [الدم]؟ (¬2) كيف يكون (¬3) هذا في التي طهرت في أول الليل، إلى أي حين يسعها أن تؤخر الغسل؟ أرأيت إن عجلت الغسل في وقت العشاء لأنه يشتد عليها الطهر في نصف الليل أو ثلثه فعجلت الغسل وصلت ونامت هل يستحب ذلك لها؟ أرأيت إن فعلت ذلك ونامت ثم انتبهت غدوة وهي طاهر كما نامت، غير أنها لا تدري لعل دمها قد عاودها في بعض الليل ثم انقطع، ولعل الحيض قد عاودها وهي نائمة، وذلك في أيام حيضها أو في العشرة، أتكتفي هذه بالغسل الذي اغتسلت قبل النوم (¬4)، أو ترى لها أن تعيد الغسل لهذا الشك الذي دخلها؟ قال: أَحَبَّ إلى لهذه أن تدع الصلاة والغسل حتى يبقى من نصف الليل الأول ما تقدر على أن تغتسل وتصلي قبل أن يمضي النصف الأول من الليل، وإن هي عجلت الغسل وصلت أجزأها، كان كانت نامت فاستيقظت وهي على طهر فهي على الأول حتى تعلم (¬5) أنها رأت دماً بعد الغسل (¬6). ¬

_ (¬1) م ق: فيكون. (¬2) الزيادة من ط. (¬3) ك: تكون. (¬4) ق: اليوم. (¬5) م: حتى يعلم. (¬6) ك + آخر باب الحيض والحمد لله رب العالمين ويتلوه كتاب الزكاة، م + آخر باب الحيض الحمد لله رب العالمين؛ ق + آخر باب الحيض والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.

كتاب الزكاة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الزكاة حدثنا زياد بن عبد الرحمن عن أبي سليمان عن محمد بن الحسن قال: قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: ليس في أربع من الإبل السائمة صدقة. فإذا كانت خمساً ففيها شاة إلى تسع. فإذا كانت عشراً ففيها شاتان إلى أربع عشرة. فإذا كانت خمسة عشر ففيها ثلاث شياه إلى تسع عشرة. فإذا كانت عشرين ففيها أربع شياه إلى أربع وعشرين. فإذا كانت خمساً وعشرين ففيها ابنة مَخَاض (¬2) إلى خمس وثلاثين. فإذا زادت (¬3) واحدة ففيها بنت لَبُون (¬4) إلى خمس وأربعين. فإذا زادت (¬5) واحدة ففيها حِقَّة (¬6) إلى ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) المخاض النُّوق الحوامل، ويقال لولدها إذا استكمل سنة ودخل في الثانية وكانت أنثى بنت مخاض، وإن كان ذكراً فهو ابن مخاض؛ لأن أمه لحقت بالمخاض من النوق. انظر: المغرب، "مخض". (¬3) م: رات. (¬4) بنت اللَّبون هي الأنثى من ولد الإبل التي استكملت سنتين ودخلت في الثالثة، والذكر ابن اللبون. انظر: المغرب، "لبن". (¬5) م: رات. (¬6) الحِقّة من الإبل هي الأنثى التي استكملت ثلاث سنين ودخلت في الرابعة. انظر: المغرب، "حقق".

ستين. فإذا زادت واحدة ففيها جَذَعَة (¬1) إلى خمس وسبعين. فإذا زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين. فإذا زادت واحدة ففيها حقتان إلى عشرين ومائة. فإذا زادت على عشرين ومائة واحدة أو اثنتين (¬2) أو ثلاثاً أو أربعاً فليس في الزيادة شيء. فإذا كانت خمساً وعشرين (¬3) ومائة ففي الخمس شاة (¬4)، وفي العشرين ومائة (¬5) حقتان إلى تسع وعشرين ومائة. فإذا كانت ثلاثين ومائة ففيها حقتان وشاتان إلى أربع وثلاثين ومائة. فإذا كانت خمساً وثلاثين ومائة ففيها حقتان وثلاث شياه إلى تسع وثلاثين ومائة. فإذا كانت أربعين ومائة ففيها حقتان وأربع شياه إلى أربع وأربعين ومائة. فإذا كانت خمساً وأربعين ومائة ففيها حقتان وابنة مخاض إلى تسع وأربعين ومائة. فإذا كانت مائة وخمسين ففيها ثلاث حِقاق. أبو سليمان قال: حدثنا محمد بن الحسن حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك (¬6). فإذا زادت على الخمسين ومائة شيئاً فاستقبل الفريضة كما استقبلتها حين زادت على المائة والعشرين (¬7). فإذا زادت أربعاً فليس في الأربع شيء حتى تبلغ خمساً، ففيها شاة وثلاث حقاق إلى تسع. فإذا كانت عشراً ففيها شاتان وثلاث حقاق إلى أربع عشرة. فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه وثلاث حقاق إلى تسع عشرة. فإذا بلغت عشرين ففيها أربع شياة مع ثلاث حقاق إلى أربع وعشرين. فإذا بلغت خمساً وعشرين ففيه ابنت مخاض مع الثلاث حقاق إلى أن تبلغ الزيادة خمساً وثلاثين. فإذا كانت ستًا وثلاثين (¬8) ففيها ابنة لبون مع ثلاث حقاق إلى (¬9) خمس وأربعين. فإذا زادت واحدة ¬

_ (¬1) الجذعة من الإبل ما دخلت السنة الخامسة. انظر: المغرب، "جذع". (¬2) ك ق: أو ثنتين. (¬3) ق: وعشرون. (¬4) م: سياه. (¬5) ق: والمائة. (¬6) رواه الإِمام محمد في الآثار عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود. انظر: الآثار له، 56. ورواه أبو يوسف عن إبراهيم. انظر: الآثار لأبي يوسف، 1/ 85. وقد روي بعضه مرفوعاً عن أنس - رضي الله عنه - انظر: صحيح البخاري، الزكاة، 38؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 5. وروي كذلك عن ابن عمر مرفوعاً. انظر: سنن الترمذي، الزكاة، 4. (¬7) ك: وعشرين. (¬8) ق - فإذا كانت ستا وثلاثين. (¬9) ق: وإلي.

ففيها حقة مع الثلاث حقاق إلى أن تبلغ الخمسين. فإذا زادت الإبل على المائتين شيئاً فاستقبل الفريضة كما استقبلتها حين زادت على الخمسين ومائة. قلت: أرأيت الإبل إذا وجبت فيها صدقة، فلم يوجد ذلك الواجب عليها، فوجدت ثنتين أفضل منه أو دونه؟ قال: تأخذ قيمة (¬1) الذي وجب عليها، وإن شئت أخذت أيضاً منها ورددت عليهم (¬2) ما يفضل قيمته دراهم، وإن شئت أخذت دونها وأخذت الفضل دراهم. قلت: أرأيت الفُصْلان (¬3) والبقر (¬4) العَجَاجِيل (¬5) والغنم الحُمْلان (¬6) كلها هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يؤخذ في صدقة الغنم إلا الثَّنِي (¬7) فصاعداً، ولا يؤخذ (¬8) في صدقة الإبل والبقر (¬9) إلا ما وصفت لك (¬10) من السنن أو قيمته، وليس هذا مثل ذلك في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما (¬11) أنا فأرى أن يؤخذ من الحُمْلان الصدقة قدر الواجب منها, لا يؤخذ منها مُسِنّة (¬12) إلا أن تكون (¬13) فيها مُسِنّة ¬

_ (¬1) ف: فيه. (¬2) ف: وردت عليه. (¬3) الفُصْلاَن جمع الفَصِيل، وهو من فَصَل الرضيع عن أمه فَصْلاً وفِصَالاً، وأكثر ما يستعمل في أولاد الإبل. انظر: المغرب، "فصل"؛ ولسان العرب، "فصل". (¬4) م ق: والبقره. (¬5) العَجَاجِيل جمع العِجْل بمعنى ولد البقرة، وهو العِجَّوْل والأنثى عِجْلة وعِجَّوْلَة. انظر: لسان العرب، "عجل". (¬6) الحُمْلاَن جمع الحَمَل، وهو ولد الضأن. انظر: المغرب، "حمل". (¬7) الثَّنِيّ من الغنم ما استكمل الثانية ودخل في الثالثة. انظر: المغرب، "ثني". (¬8) ق: يوجد. (¬9) ق: البقر والإبل. (¬10) لم يذكر صدقة البقر قبل هذا، وسيذكر ذلك في باب صدقة البقر قريباً. (¬11) م - أما. (¬12) المُسِنّة مأخوذة من السِّنّ، فالمقصود بها في الدواب أن تنبت السنن التي بها يصير صاحبها مُسِنًّا أي: كبيراً، وأول ذلك خروج الثَّنايا. انظر: المغرب، "ثني". (¬13) ق: أن يكون.

فيأخذها, ولا تؤخذ الحُمْلان، وكذلك العَجَاجِيل والفُصْلان. قلت: أرأيت الإبل تكون (¬1) بين الرجلين وهي خمس هل عليهما فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فإن كان تسعاً؟ قال: ليس فيها (¬2) شيء. قلت: فإن كان عشراً؟ قال: عليهما الصدقة. على كل واحد منهما شاة إلى أن تبلغ تسع عشر. فإذا زادت واحدة فعلى كل واحد منهما شاتان إلى أن تبلغ تسعاً وعشرين. فإذا بلغت ثلاثين فعلى كل واحد منهما ثلاث شياه إلى أن تبلغ تسعًا وثلاثين. فإذا بلغت أربعين فعلى كل واحد منهما أربع شياه إلى أن تبلغ تسعًا وأربعين. فإذا بلغت خمسين فعلى كل واحد منهم ابن ت مخاض إلى أن تبلغ سبعين. فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما بنت لبون إلى أن تبلغ تسعين. فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما (¬3) حقة إلى أن تبلغ مائة وعشرين. فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما جذعة إلى أن تبلغ مائة وخمسين. فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما (¬4) بنتا لبون إلى أن تبلغ مائة وثمانين. فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما حقتان إلى أن تبلغ مائتين وأربعين. ثم تستقبل (¬5) الفريضة. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) له الإبل وعليه دين يحيط بقيمتها هل عليه صدقة؟ قال: لا. قلت: فإذا جاء المُصَدِّق (¬7) فأخبره أن عليه ديناً وحلف له أيقبل منه ذلك ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: فإن قال للمُصَدِّق: إنما أصبت هذه الإبل منذ أشهر ولم يَتِمّ لها (¬8) عندي حول، وحلف له ¬

_ (¬1) ق: يكون. (¬2) م: فيهما. (¬3) م - بنت لبون إلى أن تبلغ تسعين فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما. (¬4) م - جذعة إلى أن تبلغ مائة وخمسين فإذا زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما. (¬5) م ق: ثم يستقبل. (¬6) ق: يكون. (¬7) أي عامل الصدقة. (¬8) ك ج رق: ولم يترلها؛ م: ولم يتركها؛ ط: ولم يزكها. وقال الأفغاني: لعل الصواب "ولم يحل عليها". ولعل الصواب ما أثبتناه. وقد استعمل المؤلف نفس العبارة فيما يأتي في باب صدقة الغنم، وباب صدقة البقر. انظر: 1/ 109 ظ، 113 و.

على ذلك، أيقبل منه (¬1) ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال للمُصَدّق (¬2): ليست هذه الإبل لي، وحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال للمُصَدِّق: قد أديت زكاة هذه الإبل إلى مصدق غيرك، وجاء ببراءة (¬3) وحلف له على ذلك، وقد كان عليهم مصدق غيره في تلك السنة، أيقبل منه ذلك ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن لم يكن عليهم مصدق غيره في تلك السنة وقال: قد أعطيت زكاتها المساكين، أيقبل ذلك منه ويكف عنه؟ قال: لا. قلت: فلم صدقته فيما ذكرت لك سوى هذا ولم تصدقه (¬4) في هذا؟ قال: لأن صدقة الإبل إنما تدفع إلى السُّعاة الذين عليهم، فلو قبل (¬5) السعاة من الناس قولهم هذا: قد أعطيتها المساكين، لم تؤخذ صدقة من أحد. قلت: أرأيت اليتيم الذي لم يحتلم والمجنون المغلوب أو العبد المأذون له في التجارة وعليه دين، هل يكون على أحد من هؤلاء صدقة إذا كانت له إبل؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الصلاة لا تجب على الصغير ولا على المعتوه المجنون، فكذلك لم تجب (¬6) عليهما الزكاة. وأما العبد المأذون له في التجارة الذي عليه دين فلا يملك شيئاً. قلت: وكذلك المكاتب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا لم يكن عليه دين؟ قال: هذا تصير (¬7) إبله لمولاه، وتكون (¬8) عليه فيها الزكاة. قلت: أرأيت الرجل يكون له الإبل التي تجب (¬9) في مثلها الزكاة، إذا كان قبل تمام (¬10) الحول بيوم ورث إبلاً أو اشتراها (¬11) أو وهبت له وهي سائمة، أيزكيها مع إبله؟ قال: نعم. قلت: فإن كان له إبل لا ¬

_ (¬1) ق - أيقبل منه؛ صح هـ. (¬2) م: المصدق. (¬3) م: براءة. (¬4) ق - ولم تصدقه. (¬5) م: قيل. (¬6) ق: لم يجب. (¬7) ك ق: يصير. (¬8) ك ق: ويكون. (¬9) ك: يجب. (¬10) م ق - تمام. (¬11) م: واشتراها.

تجب (¬1) في مثلها الزكاة وورث غنماً (¬2) أو اشتراها أو وهبت له، أو كانت له غنم فأصاب إبلاً على ما وصفت لك، أيزكيها معها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا مخالف للمال الذي عنده، فعلى هذا إذا حال عليها الحول من يوم استفادها الزكاة. قلت: أرأيت الرجل إذا حال الحول على إبله التي كانت عنده، ثم أصاب بعد ذلك إبلاً، أيزكيها مكانه؟ قال: لا، ولكن إذا وجبت الزكاة ثانية على إبله الأولى زكى التي أفاد معها. قلت: أرأيت الرجل تكون له الإبل بالكوفة أو بمصر من الأمصار أو بمدينة من المدائن يعلفها ويعمل (¬3) عليها أو يعلفها (¬4) ويشرب ألبانها ولا يعمل عليها، يعلفها (¬5) في بيته، إناثاً كانت أو ذكوراً، يعتمل (¬6) عليها، ويعلفها (¬7)، وكيف إن كان هذا كله في غير مصر، وكانت في البَرِّيّة (¬8)، أو في السواد، فكان يعمل عليها ويعلفها (¬9) ويستقي عليها؟ قال: ليس في شيء مما وصفت صدقة. محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن الهيثم عن من حدثه عن علي بن أبي طالب أنه قال: ليس في الإبل العوامل والحوامل صدقة (¬10). قلت: أرأيت الرجل تكون له الإبل السائمة (¬11) ذكور كلها هل فيها صدقة؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ق: لا يجب. (¬2) م: عنها؛ ق: عثما. (¬3) جميع النسخ وط: أو يعمل. (¬4) م: أو يعلقها. (¬5) م: يعلقها. (¬6) م: يعمل. واعتمل يعني عمل بنفسه. انظر: لسان العرب، "عمل". (¬7) م: ويعلقها. (¬8) البرية أي البادية والصحراء، انظر: المغرب، "برر"؛ والقاموس المحيط، "برر". (¬9) م: ويعلقها. (¬10) الآثار لأبي يوسف، 87، وسنن أبي داود، الزكاة، 5. وانظر: نصب الراية، 2/ 360؛ والدراية لابن حجر، 1/ 256. (¬11) السائمة هي البهائم التي تُرسَل تَرعى ولا تُعلف في الأهل. وعن الكرخي: هي الراعية إذا كانت تكتفي بالرعي أو كان الأغلب من شأنها الرعي. انظر: المغرب، "سوم".

قلت: أرأيت الرجل يكون له الإبل (¬1)، فإذا خاف أن تجب (¬2) عليها (¬3) الصدقة باعها قبل ذلك بيوم بغنم أو بقر أو دراهم، يريد بذلك الفرار من الصدقة؟ قال: ليس عليه صدقة حتى يحول عليها الحول وهي عنده. قلت: فإن باع الإبل بإبل قبل أن تجب (¬4) عليه فيها صدقة يريد بذلك (¬5) الفرار من الصدقة؟ قال: ليس (¬6) عليه صدقة حتى يحول الحول على ما بقي (¬7) في يديه، وهذا والباب الأول سواء. قلت: فإن باعها ولا ينوي الفرار من الصدقة؟ قال: ليس عليه صدقة حتى يحول (¬8) الحول على ما في يديه. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬9) له إبل ثم يصيب الدراهم قبل أن يحول الحول على إبله بيوم، ثم زكى الإبل، ثم يبيعها بالدراهم، فتجب الزكاة في الدراهم التي أصاب قبل أن يبيع (¬10) الإبل، أيزكي معها ثمن الإبل ولم يحل عليه منذ يوم باع الإبل؟ (¬11) قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد باع الإبل، فإن زكى (¬12) تلك السنة أثمانها (¬13) فقد زكى مالًا واحداً مرتين في سنة، فليس ينبغي له أن يزكي مالًا واحداً في سنة واحدة مرتين. وقال أبو حنيفة: لو أدى (¬14) عُشر طعامه (¬15) ثم باعه بدراهم فحال الحول على ماله وجبت عليه الزكاة وزكى ثمن الطعام معه؛ لأنه لو مكث الطعام عنده عشر سنين لم يزكه، ولو مكثت الإبل عنده زكاها، فلذلك اختلفا. وقال أبو يوسف: نرى أن يزكي ثمن الإبل (¬16) مع ماله كما يزكي ثمن الطعام (¬17)؛ لأنه قد صار دراهم كله، وصار مالاً واحداً. وهذا قول محمد. ¬

_ (¬1) م - السائمة ذكور كلها هل فيها صدقة قال نعم قلت أرأيت الرجل يكون له الإبل. (¬2) م: أن يجب. (¬3) ق: عليه. (¬4) م ق: أن يجب. (¬5) م: بها. (¬6) ك - ليس، صح هـ. (¬7) م - بقي. (¬8) م - صدقة حتى يحول، صح هـ. (¬9) ق: يكون. (¬10) ق: أن يتبع. (¬11) ك - الإبل. (¬12) ق: زكوه. (¬13) م: أيمانها. (¬14) م: لو ادعى. (¬15) ك: طعام. (¬16) م: من الإبل. (¬17) م: من الطعام.

قلت: أرأيت رجلاً يُقتَل أبوه فيُقضَى على قاتله بالدية مائة من الإبل، أو كاتَبَ عبدَه (¬1) على مائة من الإبل، ثم يأخذ الإبل التي من دية أبيه (¬2) أو الإبل التي أخذ من مكاتبة عبده (¬3) وقد حال عليه الحول قبل أن يأخذها، أيزكيها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها لم تكن سائمة. قلت: فإذا مكثت عنده حولاً منذ يوم قبضها وهي سائمة أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: فإن لم تكن سائمة وكان يعمل عليها ويعلفها؟ قال: ليس (¬4) عليه فيها زكاة (¬5). قلت: أرأيت المرأة تزوج على عشرة من الإبل بغير أعيانها فلا تقبضها (¬6) إلا بعد حول أتزكيها؟ (¬7) قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها ليست بسائمة. قلت: فإن كانت تزوجت عليها بأعيانها وهي سائمة ثم قبضتها (¬8) بعد حول أتزكيها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كانت إبلًا أو بقرًا أو غنمًا؟ قال: نعم. رجع أبو حنيفة عن هذا وقال بعد ذلك: لا زكاة عليها. وأبو يوسف ومحمد يأخذان بالقول الأول. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬9) له الإبل السائمة فأراد أن يستعملها ويعلفها (¬10) فلم يفعل ذلك حتى حال عليها (¬11) الحول؟ قال: عليه الزكاة. قلت: وكذلك إن أراد أن يبيعها فلم يفعل ذلك حتى حال عليها الحول؟ قال: نعم، عليه الزكاة. قلت: أرأيت الرجل يكون له عشر من الإبل لا يزكيها سنتين (¬12) ما عليه؟ قال: عليه (¬13) في السنة الأولى شاتان، وفي السنة الثانية شاة. قلت: لم؟ قال: لأنها قد نقصت من العشر. قلت: أرأيت الرجل يكون له خمس ¬

_ (¬1) م ق: أو كانت عنده. (¬2) م: ابنه. (¬3) ق: عنده. (¬4) ط - ليس. (¬5) م - قلت فإن لم تكن سائمة وكان يعمل عليها ويعلفها قال ليس عليه فيها زكاة. (¬6) م: فلا يقبضها. (¬7) ق: أيزكيها. (¬8) م: ثم قبضها. (¬9) م ق: يكون. (¬10) م: ويعلقها. (¬11) م: عليه. (¬12) م ق: سنين. (¬13) ق - عليه.

وعشرون من الإبل فلم يزكها (¬1) سنتين (¬2) ما عليه؟ قال: عليه في السنة الأولى بنت مخاض، وعليه في السنة الثانية أربع من الغنم. قلت: لم؟ قال: لأنها نقصت من الخمس والعشرين. قلت: أرأيت الرجل يكون له (¬3) أربع وعشرون فَصِيلًا وناقة (¬4) ثَنِيَّة (¬5) هل عليه فيها صدقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون له الإبل السائمة اشتراها للتجارة أعليه زكاة السائمة أو زكاة التجارة؟ قال: عليه زكاة التجارة، يقومها ثم يزكي قيمة كل مائتي درهم خمسة دراهم. قلت: أرأيت الرجل تكون له الإبل وشريكه فيها صبي وهي خمسون من الإبل؟ قال: على الرجل في حصته بنت مخاض، وليس على الصبي شيء. قلت: وكذلك لو كان شريكه فيها مجنوناً أو معتوهاً أو رجلاً عليه دين أو مكاتباً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) له الإبل فيغلب عليها العدو أو يغصبها (¬7) إياه رجل فيمسكها سنين، ثم يأخذها صاحبها من الغاصب أو يصيبها (¬8) المسلمون فيردونها عليه، أيزكيها لما مضى من ذلك وقد أخذها بأعيانها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: أما ما كان في يد (¬9) العدو فلم يكن (¬10) له؛ لأن العدو لو أسلموا عليها كانت لهم، ولو باعوها لم يأخذوها إلا بالثمن، وكان بيعه جائزاً. وأما الغاصب فإنه لم يقدر عليها أن (¬11) يأخذها من الغاصب، وليس الغصب بمنزلة الدين الذي يقر له به، فيأخذه به إذا شاء، فيزكي لما مضى. ¬

_ (¬1) ق: يزكيها. (¬2) ك م: سنين. (¬3) ق - له. (¬4) م: ومايه. (¬5) الثَّنِيّ من الإبل الذي أَثْنَى أي ألقى ثنيْته، وهو ما استكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة. انظر: المغرب، "ثني". (¬6) ق: يكون. (¬7) م: أو بعضها؛ ق: أو يغصها. (¬8) ق: أو يصيبونها. (¬9) ق: في يدي. (¬10) م: فلم تكن. (¬11) ق + يأخذوها إلا بالثمن وكان بيعه جائزا وأما الغاصب فإنه لم يقدر عليها أن.

قلت: أرأيت الرجل يكون له خمس من الإبل فإذا كان قبل الحول بشهر هلكت منها واحدة، ثم تحول (¬1) الحول عليها بعد هلاك الواحدة، هل عليه صدقة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أصاب واحدة مثلها قبل أن يحول عليها الحول أو نُتِجَ (¬2) بعضهن واحدة قبل أن يحول عليها الحول، فحال عليها الحول (¬3) وعدتها كاملة، فهل عليه الزكاة؟ قال: نعم، عليه الزكاة فيها؛ لأن الحول حال عليها وهي خمسة كما كانت وعدتها تامة. قلت: أرأيت إن مكثت عنده يوماً ثم هلك منها واحدة، فمكثت أحد عشر شهراً أو عشرة أشهر إلا يوماً ناقصة، ثم أصاب واحدة فحال الحول عليها وهي تامة، أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: لم وإنما ملك ما تجب (¬4) فيه الزكاة أيامًا من السنة، وما بين ذلك لم يكن يملك ما تجب (¬5) فيه الزكاة؟ قال: إذا ملك ذلك في أول الحول وآخره لم أنظر إلى ما نقص فيما بين ذلك. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) في إبله العمياء أو العجفاء (¬7) أو العرجاء هل يحسب ذلك عليه في العد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل (¬8) تجب في إبله الصدقة فيبيعها والمصدق ينظر ثم يقول: ليس عندي شيء، هل للمصدق (¬9) أن يأخذ صدقتها من المشتري وهي في يديه بأعيانها؟ قال: هو بالخيار، إن شاء أخذ البائع حتى يؤدي صدقتها، وإن شاء أخذ مما في يدي المشتري. قلت: أرأيت ¬

_ (¬1) ق: ثم يحول. (¬2) نَتَجَ الناقة إذا وَلِيَ نِتَاجَها حتى وضعت فهو ناتج، وهو للبهائم كالقابلة للنساء، ونُتِجَت ولداً بالبناء للمفعول أي وَلَدت. انظر: المغرب، "نتج". (¬3) م - أو نتج بعضهن واحدة قبل أن يحول عليها الحول فحال عليها الحول، صح هـ (¬4) ق: ما يجب. (¬5) ق: ما يجب. (¬6) ق: يكون. (¬7) العَجَف هو ذهاب السِّمَن والهُزال، وقد عَجِف بالكسر وعَجُف بالضم، فهو أَعْجَف وعَجِف، والأنثى عجفاء. انظر: لسان العرب، "عجف". (¬8) ق + يكون. (¬9) ق + عليه.

إن كان المشتري قد ذهب وتفرقا ثم جاء المصدق بَعْدُ أيأخذ مما في يدي المشتري؟ قال: ما أستحسن ذلك. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬1) في إبله الصدقة فتَنْفُقُ (¬2) كلها بعد الحول هل عليه فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن استهلكها رجل فذهب بها؟ قال: نعم. قلت: فإن نَفَقَ بعضها وبقي بعض وهي أربعون من الإبل، وكان الذي هلك منها عشرون، وبقي عشرون؟ قال: عليه الصدقة في هذه العشرين أربع من الغنم، وليس عليه فيما مات وهلك شيء؛ لأنه لم يستهلكها (¬3) هو. قلت: أرأيت إن كان حبسها بعد ما وجب فيها الزكاة حتى ماتت (¬4) أَمَا تراه ضامنًا (¬5) لما مات بحبسه إياها؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) له الإبل فيعجل زكاتها أو يعطي منها زكاة سنين (¬7) ويعجل ذلك، هل يسعه فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم، يسعه هذا كله. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬8) له الإبل والجواميس والبقر والغنم والخيل قد اشتراها للتجارة، أيزكيها زكاة السائمة أو زكاة التجارة وهي سائمة في البَرِّيّة ترعى وقد اشتراها للتجارة؟ قال (¬9): يزكيها زكاة التجارة. قلت: فإن كانت أربعين شاة وهي لا تساوي مائتي درهم وليس له مال غيرها، أو خمس من الإبل وليس له مال غيرها وهي لا تساوي مائتي درهم (¬10)، أو ثلاثين (¬11) من البقر وليس له مال غيرها؟ قال: ليس عليه فيها زكاة؛ لأنها للتجارة. قلت: فإن كانت ثلاثين من الغنم أو عشرين من البقر أو أربعاً (¬12) من الإبل وليس من هذا شيء إلا يساوي (¬13) مائتي درهم، وهو ¬

_ (¬1) ق: يجب. (¬2) نَفَقت الدابة نُفُوقاً أي: ماتت. انظر: القاموس المحيط، "نفق". (¬3) ق: لم تستهلكها. (¬4) م ق: حتى مات. (¬5) ق: ضامتا. (¬6) ق: يكون. (¬7) ق: ستين. (¬8) ق: يكون. (¬9) م: وقال. (¬10) م: د رهما. (¬11) ق: وثلاثين. (¬12) جميع النسخ: أو أربع. (¬13) م: لا يساوي.

للتجارة، فحال عليها الحول وهي كذلك؟ قال: يزكيها. قلت: أرأيت الرجل يشتري الإبل للتجارة ثم يبدو له فيجعلها (¬1) سائمة، فيحول عليها الحول منذ يوم اشتراها, وليس له مال غيرها، وإنما له منذ جعلها سائمة ستة أشهر؟ قال: عليه زكاة السائمة إذا مضت تمام سنة منذ يوم جعلها سائمة. قلت: فإن كان إنما فر بها من الزكاة، فإذا حال الحول منذ يوم جعلها سائمة زكاها زكاة السائمة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت نصارى بني تَغْلِب (¬2) هل يؤخذ من أحد منهم من إبله صدقة؟ قال: نعم. قلت: وكيف يؤخذ منهم؟ قال: من كانت له منهم أربع من الإبل فليس عليه شيء. فإذا كانت (¬3) خمساً فعليه شاتان، تضاعف عليهم الصدقة. قلت: أفتأخذ من أغنامهم وبقرهم وجواميسهم أيضاً كذلك؟ قال: نعم، بلغنا أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ضاعف عليهم الصدقة (¬4). قلت: فكيف تضاعف (¬5) عليهم الصدقة؟ قال: ينظر إلى إبل أحدهم، فإذا كان مما تجب (¬6) فيها الزكاة إذا كانت لمسلم فيؤخذ منها الزكاة مضاعفة. قلت: وكذلك الغنم والبقر (¬7) والجواميس؟ قال: نعم. قلت: فلو كان لأحدهم من الإبل ما لا تجب (¬8) فيه الزكاة لو كانت لمسلم فليس عليه شيء؟ قال: نعم، لا شيء فيه. قلت: وكذلك البقر والغنم والجواميس؟ قال: نعم. قلت: فمن لم يكن له منهم مال أيأخذ (¬9) منهم شيئاً؟ قال: لا. قلت: فمن كان منهم صغيراً أو كبيراً له ¬

_ (¬1) ق: فيعجلها. (¬2) بنو تَغْلِب قوم من العرب نصارى طالبهم عمر - رضي الله عنه - بالجزية، فأبوا، فصولحوا على أن يعطوا الصدقة مضاعفة، فرَضُوا. انظر: المغرب، "غلب". (¬3) م: نت. (¬4) الآثار لأبي يوسف، 91؛ والمصنف لعبد الرزاق، 6/ 95؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 416؛ ونصب الراية، 2/ 362؛ والدراية لابن حجر، 1/ 256. (¬5) ق: يضاعف. (¬6) ق: يجب. (¬7) ق: البقر والغنم. (¬8) ق: يجب. (¬9) ق: أنأخذ.

إبل وعليه دين كثير يحيط مسألة أتأخذ (¬1) منه شيئاً؟ قال: لا آخذ منه شيئاً. قلت: والإبل تكون (¬2) للمرأة منهم عليها من الصدقة مثل ما على الرجل؟ قال: نعم. قلت: والعبد يعتقونه وتكون (¬3) له الإبل تضاعف (¬4) عليه الصدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن بني تَغْلِب صالحهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على هذا، فمواليهم (¬5) لا يكونون أعظم عندي حرمة من موالي المسلم. فالمسلم يعتق عبده (¬6) النصراني نأخذ (¬7) منه الخراج، وليس (¬8) نترك (¬9) موالي بني تغلب أن يوضع (¬10) على رؤوسهم الخراج (¬11) وعلى أرضهم وأُهمِلُ أموالهم فلا يؤخذ منها شيء تكون (¬12) بمنزلة أموال أهل الذمة. قلت: أرأيت ما أخذ من أموال بني تغلب أتقسمها في فقرائهم؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها ليست صدقة، إنما هي بمنزلة الخراج (¬13)، فهي للمسلمين ترفع إلى بيت مالهم. قلت: أرأيت المسلم يمر على العاشر بإبل وهي ثمن مال كثير فيقول: ليس شيء من هذا للتجارة، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: فالحربي؟ قال: أما الحربي فإنه إذا مر بشيء مما ذكرت قُوِّمَ وأُخذ منه العشر. قلت: أرأيت قوماً من الخوارج (¬14) ظهروا على قوم من المسلمين من أهل العدل فأخذوا زكاة الإبل، ثم ظهر عليهم الإِمام وأهل العدل، أيحسبون لهم تلك الصدقة؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنهم لم يمنعوهم منهم. قلت: وكيف ينبغي أن يصنع بصدقة الإبل؟ قال: ينبغي أن يقسم ¬

_ (¬1) م: أيأخذ؛ ق: أنأخذ. (¬2) ق: يكون (¬3) ق: ويكون. (¬4) ق: يضاعف. (¬5) م: هواليهم. (¬6) م ق: عنده. (¬7) م: يأخذ. (¬8) م ق: فليس. (¬9) ق: يترك. (¬10) ك: أن نوضع. (¬11) م: الجراح. (¬12) ق: يكون. (¬13) م: الجراح. (¬14) م: من الجوارح.

صدقة كل بلاد في فقرائهم ولا يخرجها من تلك البلاد إلى غيرها. قلت: أرأيت النصراني من بني تغلب يمر على العاشر ومعه الغنم للتجارة فيقول: علي دين يحيط بقيمتها، ويحلف على ذلك، أيكف عنه ويصدقه؟ قال: نعم، يصدقه ويكف عنه. قلت: أرأيت المصدق إذا جاء إلى الرجل يأخذ من صدقة غنمه فقال: علي دين يحيط بقيمتها، هل عليه شيء؟ قال: لا، إذا حلف على ذلك صدقه. قلت: أرأيت الصبي من بني تغلب له إبل أو غنم أو بقر وهو نصراني هل عليه صدقة مضاعفة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه صغير، وإنما (¬1) يضاعف على الكبير. قلت: أرأيت الرجل يكون في عسكر الخوارج (¬2) ولا يؤدي (¬3) زكاة إبله أو بقره أو غنمه سنة أو سنتين، ثم يتوب أهل البغي وهو مقيم معهم، هل يؤخذ هو وأصحابه بزكاة ما مضى من السنين؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنهم لم تكن (¬4) أحكامنا تجري عليهم في عسكرهم. قلت: فهل عليهم فيما بينهم وبين الله تعالى أن يؤدوا زكاة لما مضى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يبعثونه رسولاً من أهل البغي إلى أهل العدل فيمر على العاشر بالمال أيأخذ منه الصدقة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو مر بالإبل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يسلمون في أرض الحرب فيمكثون سنين، وقد علموا أن الزكاة تجري عليهم كما تجري عليهم الصلاة، فصدقوا بذلك وعرفوه في أموالهم وإبلهم وبقرهم وأغنامهم فلم يؤدوها سنين، ثم خرجوا إلى دار الإِسلام بإبلهم وبقرهم وغنمهم وأموالهم، هل يؤخذون لما مضى (¬5) ¬

_ (¬1) ق: ونما. (¬2) م: الجوارح. (¬3) ق: يؤدي. (¬4) م ق: لم يكن. (¬5) ك: هل يؤخذوا لماضي؛ م: هل يؤخذوا لما مضى؛ ج ر ق: هل يؤخذ الماضي؛ ط: هل يؤخذوا الماضي. وقال الأفغاني في الحاشية: كذا، والصواب "يؤخذون". ولعل الصواب ما أثبتناه.

باب صدقة الغنم

من السنين بشيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الحكم لم يكن يجري عليهم. قلت: فعليهم أن يؤدوها فيما بينهم وبين الله تعالى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً له إبل فأتاه المصدق وأخذ صدقة إبله (¬1)، فقال للمصدق: قد أديت صدقة هذه الإبل إلى مصدق غيرك، وجاءه ببراءة وحلف له على ذلك، وقد كان عليهم مصدق غيره في تلك السنة، فقبل منه وكف عنه، وأتى على ذلك سنين، ثم اطلع (¬2) المصدق على ذلك أنه باطل، فأخبره الرجل بذلك، هل يأخذ المصدق منه صدقة تلك السنين؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يعلم المصدق (¬3) بذلك أيؤديها هو إلى المساكين؟ قال: نعم. ... باب صدقة الغنم قال محمد: قال أبو حنيفة: ليس في أقل من أربعين من الغنم السائمة صدقة. فإذا كانت (¬4) أربعين شاة سائمة ففيها شاة - بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عشرين ومائة. فإذا زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين. فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة. فإذا زادت على ثلاثمائة شاة فليس في الزيادة شيء حتى تبلغ مائة. فإذا بلغت الزيادة مائة كان فيها شاة مع الثلاث؛ لأن الغنم إذا كثرت كان في كل مائة شاة (¬5) شاة (¬6). قلت: أرأيت الغنم أيحسب عليهم في العدد الصغيرة؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: إبل. (¬2) ق: ثم طلع. (¬3) م: المتصدق. (¬4) م: فهذا كان. (¬5) م: في كل شاة مائة. (¬6) م - شاة. ورد نحوه مرفوعاً. انظر: الخراج لأبي يوسف، 82 - 83؛ وصحيح البخاري، الزكاة، 38، وسنن أبي داود، الزكاة، 5؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 4.

قلت: أرأيت الغنم ما [الذي] لا يؤخذ في الصدقة منها؟ قال: لا تؤخذ الزبَّى ولا الأَكِيلَة ولا الماخِض (¬1) ولا فحل الغنم. قال محمد: حدثنا بذلك أبو حنيفة عن عمر بن الخطاب (¬2). قلت: وما الرُّبَّى؟ قال: التي تربي ولدها. قلت: وما الأَكِيلة؟ قال: التي تُسَمَّن للأكل. قلت: فما الماخض؟ قال: التي في بطنها ولد. قلت: فهل يؤخذ في الصدقة الجذعة (¬3) من الغنم؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لا يؤخذ في الصدقة إلا الثَّنِيّ (¬4) فصاعدأ، ولا تؤخذ هَرِمَة ولا ذات عَوَار. قلت: أرأيت الغنم الحُمْلاَن كلها هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لا يؤخذ في صدقة الغنم إلا الثَّنِيّ فصاعداً. وكذلك بلغنا عن عامر الشعبي في الحُمْلاَن (¬5). ولا يؤخذ في صدقة الإبل والبقر إلا ما وصفت لك من السن أو قيمته، وليس هذا مثل ذلك. قلت: أرأيت الرجلين يكون بينهما أربعون شاة هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فإن كان بينهما تسع وسبعون شاة هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فثمانون؟ قال: نعم، على كل واحد منهما شاة إلى أن تبلغ أغنامهما مائتين وأربعين شاة. فإذا زادت شاتين فعلى كل واحد منهما شاتان إلى أن ¬

_ (¬1) فسر هذه الألفاظ المؤلف. (¬2) محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا عطاء بن السائب عن الحسن عن عمر بن الخطاب ... انظر: الآثار له، 57. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 86؛ والموطأ، الزكاة، 26؛ والمصنف لعبد الرزاق، 4/ 12؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 368؛ ونصب الراية، 2/ 355. (¬3) الجذع من البهائم قبل الثني، إلا أن ذلك من الإبل في السنة الخامسة، ومن البقر والشاء في السنة الثانية، ومن الخيل في الرابعة. وعن الأزهري: الجذع من المعز لسنة، ومن الضأن لثمانية أشهر. وعن ابن الأعرابي: الإجذاع وقت وليس بسن، فالعَنَاق تُجذِع لسنة، وربما أجذعت قبل تمامها للخِصْب، فتسمن فيسرع إجذاعها، والضأن إذا كان ابن شاتين أجذع لستة أشهر إلى سبعة وإذا كان ابن هَرِمَين أجذع لثمانية إلى عشرة. انظر: المغرب، "جذع". (¬4) تقدم قريباً. (¬5) لم أجد من أسنده.

تبلغ أغنامهما أربعمائة شاة. فإذا (¬1) زادت اثنتين فعلى كل واحد منهما ثلاث شياه إلى أن تبلغ أغنامهما ستمائة. فما زادت على الستمائة فليس في الزيادة شيء حتى تبلغ الغنم ثمانمائة. فإذا بلغتها الغنم فعلى كل واحد منهما أربع شياه. قلت: فإذا زادت؟ قال: ليس في الزيادة شيء حتى تبلغ ألفاً. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬2) له (¬3) الغنم وعليه دين يحيط بقيمتها هل عليه فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فإذا جاءه المصدق فأخبره أن عليه دينًا وحلف له أيقبل ذلك (¬4) منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: إنما أصبت هذه الغنم منذ قريب ولم يتم لها عندي حول منذ أصبتها، وحلف له على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال للمصدق: قد أديت زكاة هذه الغنم إلى مصدق غيرك، وجاءه ببراءة وحلف له على ذلك، وقد كان عليهم مصدق غيره في تلك السنة، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال للمصدق: قد أعطيت زكاتها للمساكين، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: لا. قلت: فلم صدقته فيما سوى هذا مما ذكرت لك ولم تصدقه في هذا؟ قال: لأن صدقة الغنم إنما تدفع إلى السعاة الذين عليهم، فلو قبل (¬5) السعاة من الناس قولهم: قد أعطيناها المساكين، لم تؤخذ صدقة أبداً. قلت: أرأيت اليتيم الذي لم يحتلم والمجنون المغلوب والعبد المأذون له في التجارة وعليه دين، هل يكون على أحد من هؤلاء صدقة إذا كانت له غنم؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الصلاة لا تجب على الصغير ولا على المعتوه ولا على المجنون، فكذلك لا تجب الزكاة عليهم، فأما العبد الذي عليه دين والمكاتب فهما لا يملكان شيئاً. قلت: فالعبد الذي لا دين عليه؟ قال: هذا يصير ماله لمولاه، وتكون فيه الزكاة. ¬

_ (¬1) م: فإن. (¬2) ق: يكون. (¬3) م - له. (¬4) ك - ذلك، صح هـ. (¬5) م: قيل.

قلت: أرأيت الرجل يكون له الغنم التي تجب في مثلها الزكاة، إذا كان قبل الحول بيوم ورث إبلاً، أو اشتراها أو وهبت له وهي سائمة، أيزكيها مع غنمه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان له غنم لا تجب في مثلها الزكاة، وورث إبلاً، أو اشتراها أو وهبت له، أو كانت له إبل فأصاب غنماً على ما وصفت لك، أيزكيها معها؟ قال: لا. قلت: لم؟ (¬1) قال: لأن هذا مخالف للمال الذي عنده، وعلى هذا - إذا حال عليه الحول من يوم قبضها أو ملكها- الزكاة إذا كان يجب في مثله الزكاة. قلت: أرأيت الرجل يكون له الغنم بالكوفة، أو بمصر من الأمصار، أو بمدينة من المدائن، يعلفها (¬2) ويشرب ألبانها، أو يعلفها (¬3) في بيته ويصيب من ألبانها، فكيف إن كان هذا كله في غير مصر، أو كان (¬4) هذا كله في البَرِّيّة أو في السواد وكان يعلفها؟ قال: ليس في شيء مما وصفت صدقة. قلت: أرأيت (¬5) الرجل تكون له الغنم السائمة ذُكُورَة (¬6) كلها هل فيها صدقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون له الغنم فإذا خاف أن تجب فيها صدقة باعها قبل ذلك بيوم بإبل أو ببقر أو بدراهم يريد بذلك الفرار من الصدقة؟ قال: ليس عليه شيء حتى يحول عليه الحول (¬7) وهي عنده. قلت: فإن باع ذلك بغنم قبل أن تجب عليه صدقة بيوم يريد بذلك الفرار من الصدقة؟ قال: ليس (¬8) عليه شيء، وهذا والباب الأول سواء. قلت: أرأيت المرأة تزوج على غنم تجب (¬9) في مثلها الزكاة، فلا ¬

_ (¬1) ك ق: ولم. (¬2) م: يعلقها. (¬3) م: ويعلقها. (¬4) م + أو بان كان. (¬5) ق - أرأيت. (¬6) ك ق: ذكور. ذُكُورَة جمع ذَكَر. انظر: القاموس المحيط، "ذكر". (¬7) ق: حول. (¬8) م - ليس. (¬9) ق: يجب.

تقبضها (¬1) إلا بعد حول (¬2)، أتزكيها؟ (¬3) قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنها ليست بسائمة. قلت: أرأيت المرأة تزوج على غنم بعينها وهي سائمة تجب في مثلها الزكاة، فلا تقبضها (¬4) إلا بعد حول، أتزكيها؟ (¬5) قال: نعم. وقال أبو حنيفة بعد ذلك: لا تزكيها (¬6). قلت: فإن دفعها إلى امرأته وحال الحول عليها (¬7) ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ (¬8) قال: تزكي المرأة نصف ذلك كله. قلت: ولم؟ قال: لأنه في ملكها ووجبت (¬9) عليها فيها (¬10) الزكاة. قلت: وكذلك لو تزوجها على بقر أو إبل سائمة، ثم دفعها إليها، وحال الحول عليها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو تزوجها على عبد ودفعه إليها، فجاء يوم الفطر وهو عندها (¬11)، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فعليها الزكاة؟ قال: نعم. قلت: فإن كان العبد عند (¬12) الزوج، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فليس عليها الفطر ولا عليه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت الغنم والإبل والبقر عند الزوج وهي سائمة، فتزوجها عليها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، ثم دفع إليها نصفها، فإنها تزكيها وقد حال عليها الحول؟ قال: إن كان في مثل ما أخذت تجب فيها (¬13) الزكاة زكتها، وإلا فلا زكاة عليها. وأما الزوج فلا زكاة عليه. وهذا قول أبي حنيفة الأول. وقال أبو حنيفة بعد ذلك: لا زكاة عليها فيما قبضت. قلت: فما ترى في رجل له مائتا درهم، وعليه مثلها دين (¬14)، وله أربعون شاة سائمة، أو خمس من الإبل، أو ثلاثون من البقر، هل عليه زكاة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن عنده دراهم وفاء بدينه. قلت: فإن كان عليه مائتا درهم وعشرة دراهم؟ قال: ليس عليه زكاة في شيء من ¬

_ (¬1) ق: تقضيها. (¬2) ق: حوا. (¬3) م: أيزكيها. (¬4) ق: تقضيها. (¬5) م: أيزكيها. (¬6) م: لا يزكيها. (¬7) ق: عليها الحول. (¬8) ق - بها. (¬9) ق: ووجب. (¬10) ك ق: فيه. (¬11) م: عبدها. (¬12) م: عبد. (¬13) ك م: فيه. (¬14) م ق - دين.

ذلك. قلت: ولم؟ قال: لأن عليه فضل دين وليس عنده به وفاء من الدراهم. قلت: أرأيت رجلاً له أربعون شاة سائمة ومائتا درهم وعليه مائتا درهم دين هل عليه زكاة؟ قال: نعم عليه زكاة الغنم، وتبطل عنه زكاة الدراهم. قلت: فإن لم يأته المصدق وكان ذلك إليه، والغنم تساوي مائتي درهم، يزكي أيهما شاء، ويترك الأخرى، وترى ذلك يجزيه؟ (¬1) قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت له خمس من الإبل مكان الدراهم، وهي تساوي مائتي درهم، يزكي أيهما شاء؟ قال: نعم. قلت: فإذا جاء المصدق فأخبره بما عليه من الدين وبما (¬2) له؟ قال: يصدق المصدق الإبل. قلت: أرأيت الرجل يكون عنده عشرون ومائة شاة سائمة يأتي عليها سنتان لا يزكيها؟ قال: عليه زكاة سنتين، في كل سنة شاة. قلت: أرأيت إن كانت إحدى وعشرين ومائة شاة فلم يزكها (¬3) سنتين؟ قال: عليه في السنة الأولى شاتان، وعليه في السنة الثانية شاة. قلت: فإن كانت أربعين شاة؟ قال: عليه في السنة الأولى شاة، وليس عليه في السنة الأخرى شيء؛ لأنها قد نقصت. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬4) له الغنم السائمة اشتراها للتجارة أعليه زكاة السائمة أو زكاة التجارة؟ قال: عليه زكاة التجارة، يُقَوِّمُها ثم يزكي (¬5) قيمة كل مائتي درهم خمسة دراهم. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) له الغنم وشريكه فيها صبي هل عليه فيها صدقة؟ قال: نعم، عليه الزكاة في حصته، وليس على الصبي شيء. قلت: وكذلك إن كان شريكه فيها معتوهاً أو رجلاً عليه دين أو مكاتبه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان بينهما إبل أو بقر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون له الغنم فيغلب (¬7) عليها العدو، أو يغصبها ¬

_ (¬1) م: يحويه. (¬2) ق: وما. (¬3) م ق: يزكيها. (¬4) ق: يكون. (¬5) ق: ثم تزكي. (¬6) ق: يكون. (¬7) ك: فتغلب.

إياه رجل (¬1) فتمكث (¬2) سنين، ثم يأخذها صاحبها من الغاصب، أو يصيبها المسلمون فيردونها عليه، أيزكيها لما مضى وقد أخذها بأعيانها؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن ما كان في أيدي العدو لم يكن (¬3) له؛ لأن العدو لو أسلم عليها كانت له، ولو باعها لم يأخذها (¬4) إلا بالثمن وكان بيعهم (¬5) جائزاً. وأما الغاصب فإنه لم يكن يقدر عليه، وليس هذا بمنزلة الدين (¬6) الذي يقر (¬7) له به (¬8) فيزكيه لما مضى بعد ما يأخذه. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬9) له الغنم وهي أربعون شاة، فإذا كان قبل الحول هلكت منها واحدة (¬10)، فحال الحول بعد هلاك الواحدة، هل عليه (¬11) صدقة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أصاب واحدة مثلها قبل أن يحول الحول عليها، أو ولد بعضهن واحدة قبل أن يحول (¬12) الحول، فحال الحول عليها وعدتها كاملة، أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: ولم وإنما ملك ما تجب فيه الزكاة أيامًا من السنة، وما بين ذلك لم يكن يملك ما تجب فيه الزكاة؟ قال: أما ما (¬13) ملك في أول الحول أو آخره لم ينظر إلى ما نقص من ذلك. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬14) في غنمه العمياء أو العرجاء أو العَجْفَاء أتحسب (¬15) عليه (¬16) في العدد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت قولك: لا يفرّق (¬17) بين مجتمع، ما هو؟ قال: يكون ¬

_ (¬1) م - رجل. (¬2) ق: فيمكث. (¬3) م: ولم يكن. (¬4) م: فلم يأخذها. (¬5) ق - بيعهم. (¬6) م - الدين. (¬7) م: يقرر. (¬8) م - به. (¬9) ق: يكون. (¬10) م: واحد. (¬11) ق + شيء. (¬12) م: أن يتحول. (¬13) ق - ما. (¬14) ق: يكون. (¬15) ك: أيحسب. (¬16) ق - عليه. (¬17) ك: لا نفرق.

للرجل مائة وعشرون (¬1) شاة ففيها شاة (¬2) واحدة، فإن فرقها المصدق فجعلها أربعين أربعين ففيها ثلاث شياه. قلت: أرأيت قولك: لا يجمع بين متفرق، ما هو؟ قال: الرجلان يكون بينهما أربعون (¬3) شاة، فإن جمعها كانت فيها شاة، ولو فرقها عشرين عشرين لم يكن فيها شيء. قلت: فلو كانا شريكين متفاوضين لم يجمع (¬4) بين أغنامهما؟ قال: نعم، لا يجمع (¬5) بينهما. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬6) في غنمه الصدقة، فيبيعها صاحبها والمصدق ينظر إليه، ثم يقول: ليس عندي شيء، هل يأخذ صدقتها من المشتري وهي في يديه بأعيانها؟ قال: هو بالخيار، إن شاء أخذ البائع حتى يؤدي صدقتها، وإن شاء أخذ مما في يدي (¬7) المشتري. قلت: فإن كان المشتري قد ذهب وتفرقا وجاء المصدق بَعْدُ أيأخذ مما في يدي المشتري؟ (¬8) قال: ما أستحسن ذلك. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬9) في غنمه الصدقة، ثم تَنْفُقُ كلها بعد الحول، هل عليه فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: ولم وقد حال عليها الحول ووجبت فيها الصدقة؟ قال: لأنها (¬10) هلكت ومَوَّتَت (¬11). قلت: وكذلك إن استهلكها رجل فذهب بها؟ قال: نعم. قلت: فإن نَفَقَ بعضها وبقي بعضها وهي أربعون من الغنم، فكان الذي هلك منها عشرون (¬12) وبقي عشرون؟ قال: فعليه الصدقة في هذه العشرين، عليه فيها نصف شاة، ¬

_ (¬1) ق: وعشرين. (¬2) ق - شاة. (¬3) ق: أربعين. (¬4) م: لم نجمع. (¬5) م: لا نجمع. (¬6) ق: يجب. (¬7) ك: في يد. (¬8) ك - قلت فإن كان المشتري قد ذهب وتفرقا وجاء المصدق بعد أيأخذ مما في يدي المشتري. (¬9) ق: يجب. (¬10) ق: لارها. (¬11) مَوَّتَت الدواب أي أكثر فيها الموت. انظر: لسان العرب، "موت". (¬12) م ق: عشرين.

وليس عليه فيما مات وهلك شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يستهلكها (¬1) هو. قلت: أرأيت إن كان حبسها بعد ما وجب فيها الزكاة حتى ماتت، أما تراه ضامناً لها لما ماتت (¬2) منها بحبسه إياها؟ قال: لا. قلت: أرأيت (¬3) الرجل يكون له أربعون من الغنم، فيعجل زكاتها قبل الحول، أو يعطي منها زكاة سنين ويعجل ذلك، هل يسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم، يسعه هذا كله. بلغنا نحو من (¬4) ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5). قلت: أرأيت الرجل تكون (¬6) له الغنم اشتراها للتجارة، أيزكيها زكاة السائمة أو زكاة التجارة، وهي سائمة في البَرِّيَّة ترعى (¬7) وقد اشتراها للتجارة؟ (¬8) قال: يزكيها زكاة التجارة. قلت: فإن كانت أربعين شاة ولا تساوي مائتي درهم وليس له مال غيرها؟ قال: ليس عليه فيها زكاة؛ لأنها للتجارة. قلت: فإن كانت ثلاثين (¬9) من الغنم أو عشرين من البقر أو أربعة من الإبل، وليس (¬10) شيء من هذه إلا تساوي (¬11) مائتي درهم، وهي للتجارة، فحال عليها الحول وهي كذلك؟ قال: يزكيها زكاة التجارة. قلت: أرأيت الرجل يشتري الغنم للتجارة، فيبدو له فيجعلها سائمة، فيحول عليها (¬12) الحول وليس له مال غيرها، وإنما جعلها منذ ستة أشهر، أعليه ¬

_ (¬1) م: لا يستهلكها. (¬2) ك ق: لما مات. (¬3) ق - أرأيت. (¬4) ق + من. (¬5) عن علي - رضي الله عنه - أن العباس سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته قبل أن تَحِلّ، فرخّص له في ذلك. انظر: سنن أبي داود، الزكاة، 22؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 37. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 377؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 4/ 111؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 3/ 79؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 162. (¬6) ق: يكون. (¬7) م: يرعى. (¬8) م - أيزكيها زكاة السائمة أو زكاة التجارة وهي سائمة في البرية ترعى وقد اشتراها للتجارة. (¬9) ق: مائتين. (¬10) ك + عليه. (¬11) ك: إلا يساوي. (¬12) ك ق: عليه.

زكاة التجارة إذا مضى سنة منذ يوم اشتراها؟ قال: لا. قلت: فإن كان إنما فر بها من الزكاة؟ قال: فإذا حال عليها الحول منذ يوم جعلها سائمة زكاها زكاة السائمة ولا يزكيها للتجارة. قلت: أرأيت نصارى (¬1) بني تَغْلِب هل يؤخذ من أحد منهم من غنمهم شيء؟ قال: نعم. قلت: وكيف يؤخذ منهم؟ قال: يضاعف عليهم الصدقة إذا كانت مما تجب (¬2) فيها الزكاة لو كانت لمسلم، فتؤخذ (¬3) منه (¬4) منها الزكاة مضاعفة. قلت: وكذلك الإبل والبقر والجواميس؟ قال: نعم. قلت: فإذا كان لأحد منهم من الغنم ما لا تجب (¬5) فيه الزكاة لو كانت (¬6) لمسلم فليس فيه شيء؟ قال: نعم، ليس فيه شيء. قلت: فمن لم يكن منهم له مال أتأخذ منه شيئاً؟ قال: لا. قلت: فمن كان منهم له غنم وعليه دين يحيط مسألة أتأخذ منه شيئاً؟ قال: لا آخذ منه (¬7) شيئاً (¬8). قلت: فالغنم تكون للمرأة منهم عليها مثل ما على الرجل؟ قال: نعم. قلت: فالعبد يكون لهم فيعتقونه يكون له الغنم يضاعف عليها الصدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن بني تَغْلِب صالحهم عمر بن الخطاب، فصالحهم على هذا، فمواليهم لا يكونون (¬9) أعظم حرمة عندي من موالي المسلمين. قال (¬10): المسلم يعتق عبده النصراني فنأخذ (¬11) منه الخراج (¬12)، فليس نترك موالي ¬

_ (¬1) ق: نصرابي. (¬2) ق: يجب. (¬3) ق: فيؤخذ. (¬4) ق - فيها الزكاة لو كانت لمسلم فتؤخذ. (¬5) ق: يجب. (¬6) ك م: ولو كانت. والتصحيح من ج ر ط. (¬7) ق - فمن كان منهم له غنم وعليه دين يحيط مسألة أتأخذ منه شيئاً قال لا آخذ منه؛ صح هـ. (¬8) ك ق - شيئاً. (¬9) م: لا تكون. (¬10) ط: فإن. ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف النسخ. (¬11) م ق: فيأخذ. (¬12) م: الجراح.

بني تَغْلِب أن يوضع على رؤوسهم الخراج (¬1) وعلى أرضهم (¬2) وأُهمِلُ أموالهم فلا يؤخذ منها شيء بمنزلة موالي أهل الذمة. قلت: أرأيت الرجل المسلم يمر على العاشر بغنم وهي ثمن (¬3) مال كثير، فيقول له (¬4): ليس شيء من هذا للتجارة، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ذلك ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي [والتَّغْلَبِي]؟ (¬5) قال: نعم. قلت: وكذلك الحربي؟ قال: لا، أما الحربي إذا مر بشيء مما ذكرت قوّم وأخذ منه العشر. قلت: أرأيت قوماً من الخوارج (¬6) ظهروا على قوم من المسلمين فأخذوا زكاة أغنامهم، ثم ظهر عليهم الإِمام بعد ذلك وأهل العدل، أيحسبون لهم تلك الصدقة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنهم لم يمنعوهم. قلت: وكيف ينبغي للإمام أن يصنع بصدقة الغنم؟ قال: ينبغي للإمام أن يقسم صدقة كل بلاد في فقرائهم، ولا يخرجها (¬7) من تلك البلاد إلى غيرها. قلت: أرأيت النصراني من بني تَغْلِب يمر على العاشر ومعه غنم للتجارة، فيقول: علي دين يحيط بقيمتها، ويحلف على ذلك، أيكف (¬8) عنه ويقبل منه ذلك ويصدق؟ قال: نعم، يكف عنه. قلت: أرأيت إذا جاء المصدق يأخذ صدقة غنمه، فقال: علي دين يحيط بقيمتها، وحلف على ذلك؟ قال: لا يأخذ منه شيئاً. قلت: أرأيت الصبي النصراني من بني تَغْلِب هل يؤخذ من غنمه الصدقة مضاعفاً (¬9)؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه صغير، وإنما يضاعف على الكبير من بني تغلب. ¬

_ (¬1) م: الجراح. (¬2) ك ق: أرضيهم. (¬3) ك ق - ثمن. (¬4) ك ق - له. (¬5) الزيادة من ط اعتماداً على الكافي. وعبارة الكافي: والتغلبي والذمي سواء في المرور على العاشر. انظر: 1/ 22 ظ. (¬6) ق: الجوارج. (¬7) ق: غيرها. (¬8) ك: أتكف. (¬9) ق: مضاعف.

باب صدقة البقر

قلت: أرأيت الرجل يموت وقد وجبت في غنمه وإبله وبقره وجواميسه الصدقة، فيجيء المصدق وهي في أيدي الورثة، فيأخذ صدقتها منهم؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها خرجت من ملك الذي كانت له وصارت لغيره. ... باب صدقة البقر قال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: ليس فيما دون ثلاثين بقرة صدقة. فإذا كانت ثلاثين سائمة ففيها تَبِيع (¬1) أو تَبِيعة إلى تسع وثلاثين. فإذا بلغت أربعين ففيها مُسِنّة (¬2). بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو ذلك (¬3). فما زاد على الأربعين فإن الزيادة بحساب ذلك في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنرى أن لا يؤخذ مما زاد على الأربعين شيء حتى تبلغ (¬4) البقر ستين. فإذا كانت ستين ففيها تبيعان إلى تسع وستين. فإذا كانت سبعين ففيها مسنة وتبيع إلى أن تبلغ تسعاً وسبعين. فإذا بلغت ثمانين ففيها مسنتان إلى أن تبلغ تسعاً وثمانين. فإذا بلغت تسعين ففيها ثلاثة ¬

_ (¬1) التبيع هو الذي له سنة من أولاد البقر، سمي تبيعاً لأنه يتبع أمه بَعْدُ. انظر: المغرب، "تبيع". (¬2) المسنة هي التي لها سنتان من أولاد البقر، سميت بذلك لخروج سنها. انظر: المغرب، "ثني، سنن". (¬3) وصله الإِمام في الموطأ بروايته فقال: أخبرنا مالك أخبرنا حميد بن قيس عن طاوس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذ بن جبل إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعًا ومن كل أربعين مسنة. انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 158. وانظر: الموطأ، الزكاة، 24؛ والخراج لأبي يوسف، 83؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 5؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 5؛ ونصب الراية، 2/ 346. (¬4) م: حتى بلغ.

أتبعة إلى أن تبلغ تسعاً وتسعين. فإذا بلغت مائة ففيها مسنة وتبيعان. قلت: أرأيت الجواميس هي بمنزلة البقر صدقتها وصدقة البقر سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت البقر إذا وجب فيها شيء فلم يوجد ذلك الشيء الذي وجب عليها فيها يؤخذ (¬1) أفضل منه أو دونه؟ قال: يأخذ (¬2) قيمة (¬3) ذلك الشيء الذي وجب عليه، وإن شئت أخذت أفضل منها ورددت عليه قيمة الفضل دراهم (¬4)، وإن شئت أخذت دونها وأخذت بالفضل قيمته (¬5) دراهم. قلت: أرأيت البقر العجاجيل كلها والحُمْلان والفُصْلان (¬6) هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت (¬7): لم؟ قال: لأنه لا يؤخذ في صدقة البقر والإبل والغنم إلا ما وصفت لك من السنن أو قيمته، وليس هذا مثل ذلك، ولا يؤخذ في صدقة الغنم إلا الثّنِيّ (¬8) فصاعداً. قلت: أرأيت الرجلين بينهما تسع وخمسون من البقر أو جواميس هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فإن كانت ستين؟ قال: على كل واحد منهما تبيع أو تبيعة إلى أن تبلغ تسعاً وسبعين. فإذا كانت ثمانين فعلى كل واحد منهما مسنة. فما زاد فبحساب ذلك. وهذا قول أبي (¬9) حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فليس في الزيادة شيء حتى تبلغ مائة وعشرين. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬10) له الخيل السائمة الذكُورَة (¬11) كلها هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: فإن كانت إناثاً وذُكُورَة (¬12) يطلب نسلها؟ قال: ففي كل فرس دينار، وإن شئت قومتها ¬

_ (¬1) ق: فيؤخذ. (¬2) م: نأخذ. (¬3) ق: فيه. (¬4) م: ورددت عليه الفضل قيمته دراهم. (¬5) م: قيمته. (¬6) تقدم تفسير هذه الألفاظ. (¬7) ق - قلت. (¬8) تقدم تفسيره. (¬9) ق: أبو. (¬10) ق: يكون. (¬11) الذكورة جمع الذَّكَر. انظر: القاموس المحيط، "ذكر". (¬12) م: إناث أو ذكورة.

دراهم فجعلت في كل مائتي درهم خمسة دراهم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا نرى في الخيل صدقة؛ لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "عفوت لأمتي عن صدقة الخيل والرقيق" (¬1). إلا أن في الرقيق صدقة الفطر، وهو قول محمد. قلت: أرأيت الحمر والبغال السائمة هل فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬2) له البقر تجب في مثلها الصدقة وعليه دين يحيط بقيمتها هل عليه فيها (¬3) صدقة؟ قال: لا. قلت: فإذا جاء المصدق فأخبره أن عليه ديناً وحلف على ذلك له (¬4) أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: إنما أصبت هذه البقر منذ شهر ولم يتم لها عندي حول، وحلف على ذلك، هل يقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال للمصدق: قد أديت زكاة هذه البقر إلى مصدق غيرك، وجاءه ببراءة وحلف له على ذلك، وقد كان عليهم مصدق غيره في تلك السنة، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال: قد أعطيت زكاتها المساكين (¬5)، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: لا. قلت: لم صدقته فيما سوى هذا مما ذكرت لك ولم تصدقه في هذا؟ قال: لأن الصدقة إنما تدفع إلى السُّعاة عليهم، فإن قبل (¬6) السُّعاة من الناس قولهم هذا "أعطيناها المساكين" (¬7)، لم تؤخذ (¬8) صدقة أبداً. ¬

_ (¬1) الموطأ، الزكاة، 37؛ والخراج لأبي يوسف، 83 - 84؛ وسنن ابن ماجة، الزكاة، 4، 15؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 5، 11؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 3؛ وسنن النسائي، الزكاة، 18. وقال الإِمام محمد: أخبرنا خثيم بن عراك بن مالك قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله يقول: "ليس على المرء المسلم في فرسه ولا في عبده صدقة. انظر: الآثار له، 55؛ والموطأ برواية محمد، 2/ 150. وانظر للتفصيل: نصب الراية، 2/ 356؛ والدراية لابن حجر، 1/ 254؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 149. (¬2) ق: يكون. (¬3) ق - فيها. (¬4) م - له. (¬5) ك: المسلمين؛ ق: للمساكين. (¬6) م ق: فإن قيل. (¬7) م: للمساكين. (¬8) ق: لم يؤخذ.

قلت: أرأيت اليتيم الذي لم يحتلم والمجنون المغلوب والعبد المأذون له في التجارة عليه دين، هل على (¬1) أحد من هؤلاء صدقة إذا كانت بقر يجب في مثلها صدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن الصغير والمعتوه لا يجب عليهما الصلاة، فكذلك لا يجب عليهما الزكاة. وأما العبد المأذون له في التجارة (¬2) الذي عليه دين والمكاتب فهما لا يملكان شيئاً. قلت: أرأيت العبد المأذون له إذا لم يكن (¬3) عليه دين؟ قال: هذا ماله لمولاه، ويكون عليه فيه الزكاة. قلت: أرأيت الرجل يكون (¬4) له البقر التي تجب في مثلها الزكاة، فإذا كان قبل الحول بيوم ورث بقراً، أو اشتراها، أو وهبت له وهي سائمة، أيزكيها مع بقره؟ قال: نعم. قلت: فإن كان له بقر لا تجب في مثلها الزكاة أو تجب، وورث إبلًا وغنمًا، أو اشتراها، أو وهبت له، أو أصاب على ما وصفت لك، أيزكيها معها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن هذا مخالف للمال الذي عنده، وعلى هذا - إذا حال عليها الحول من يوم قبضها - الزكاة. قلت: أرأيت الرجل إذا حال الحول على بقره التي كانت عنده، ثم أصاب بقراً بعد ذلك (¬5)، أيزكيها مكانه؟ قال: لا, ولكن إذا وجبت الزكاة ثانية على (¬6) بقره الأولى زكى بقره التي أفاد معها. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬7) عنده البقر السائمة ذُكُورَةٌ كلها هل فيها (¬8) صدقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر التي تجب في مثلها الزكاة، فإذا خاف أن تجب عليها صدقة باعها قبل ذلك بيوم بإبل أو غنم أو دراهم، يريد بذلك الفرار من الصدقة؟ قال: ليس عليه شيء حتى يحول الحول ¬

_ (¬1) ق - على. (¬2) ق + عليه دين هل على أحد من هؤلاء صدقة. (¬3) م - يكن. (¬4) ق: تكون. (¬5) ق: بعد ذلك بقرا. (¬6) ق - على. (¬7) ك: يكون. (¬8) م: فيه.

عليها وهي عنده. قلت: أرأيت إن باع ببقر قبل أن تجب عليه الصدقة بيوم، يريد بذلك الفرار من الصدقة؟ قال: ليس عليه فيها شيء، وهذا والباب الأول سواء. قلت: أرأيت (¬1) المرأة تزوج على أربعين من البقر بغير أعيانها، فلا تقبضها (¬2) إلا بعد حول، أتزكيها؟ (¬3) قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها ليست بسائمة. قلت: فإن كانت تزوجت عليها بأعيانها وهي سائمة ثم قبضتها (¬4) بعد حول أتزكيها؟ (¬5) قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت إبلاً أو غنماً؟ قال: نعم. رجع أبو حنيفة بعد ذلك وقال: لا زكاة عليها. قلت: أرأيت المرأة تزوج على مائة من البقر بعينها، فيحول عليها الحول وهي في يد (¬6) الزوج، ثم يطلقها قبل الدخول بها (¬7)، على من زكاة هذه البقر؟ قال: يدفع النصف إلى المرأة، وعليها (¬8) فيها الزكاة في قوله الأول (¬9). وأما في قوله الآخر فلا زكاة عليها. وليس على الزوج زكاة في النصف الآخر. قلت: لم؟ قال: لأن المرأة قد حال عليها الحول، وهي تملك الذي أخذت ووجبت (¬10) عليها فيه الزكاة، والزوج إنما وجب له نصف ذلك بعد ما طلقها، فلا تجب (¬11) عليه فيها الزكاة؛ لأنه لم يحل عليها الحول (¬12) منذ ملكها. قلت: وكذلك لو كانت بغير أعيانها؟ قال: نعم. قلت: فإن كان دفعها إلى امرأته وحال الحول عليها ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: على المرأة زكاة نصفها. قلت: لم؟ قال: لأنها كانت في ملكها ووجبت (¬13) عليها فيها الزكاة. قلت: وكذلك لو تزوجها على إبل أو غنم سائمة ثم دفعها إليها، وحال عليها (¬14) الحول، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: نعم، عليها ¬

_ (¬1) ق - أرأيت. (¬2) ك: فلا يقبضها. (¬3) ق: أيزكيها. (¬4) م: ثم قبضها. (¬5) م: أيزكيها. (¬6) ك: في يدي. (¬7) ك ق: قبل أن يدخل بها. (¬8) م: عليها. (¬9) م: الأولى. (¬10) ق: ووجب. (¬11) ق: يجب. (¬12) م - الحول. (¬13) ق: ووجب. (¬14) م -عليها.

زكاة نصف ذلك. قلت: أرأيت لو تزوجها على عبد، ودفعه (¬1) إليها، فجاء يوم الفطر وهو عندها (¬2)، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: عليها زكاة الفطر. قلت: فإن كان العبد عند (¬3) الزوج، ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: ليس على الرجل ولا على المرأة زكاة الفطر. قلت: وكذلك إن كانت الغنم والإبل والبقر عند الزوج وهي سائمة، فتزوجها عليها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، ثم دفع إليها نصفها وقد حال عليها الحول؟ قال: نعم، لا زكاة عليها في قوله الآخر، وأما في قوله الأول فإن كانت (¬4) أخذت مثل ما تجب (¬5) فيه الزكاة زكتها (¬6)، وأما الزوج فلا زكاة عليه. قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر السائمة (¬7)، فأراد أن يستعملها (¬8) ويعلفها (¬9)، ولم يفعل ذلك حتى حال عليها الحول؟ قال: عليه الزكاة. قلت: أرأيت الرجل يكون له أربعون بقرة فمكث سنتين (¬10) لا يزكيها؟ قال: عليه في السنة الأولى مسنة، وعليه في السنة الثانية تبيع أو تبيعة. قلت: لم؟ قال: لأنها قد نقصت من الأربعين. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬11) له ثلاثون بقرة فتمكث (¬12) سنتين (¬13) لا يزكيها؟ قال: عليه في السنة الأولى تبيع أو تبيعة، وليس عليه في الثانية شيء لأنها قد نقصت من الثلاثين. قلت: أرأيت الرجل يكون (¬14) له تسع وعشرون عجلاً وبقرة مسنة أو جاموس هل عليه صدقة؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: دفعه. (¬2) م: عبدها. (¬3) م: عبد. (¬4) م: كان كانت. (¬5) ق: يجب. (¬6) م: زكيها. (¬7) ق - السائمة. (¬8) ق: أن تستعملها. (¬9) م: ويعلقها. (¬10) جميع المسخ وط: سنين. (¬11) ق: يكون. (¬12) م: فتملث. (¬13) جميع النسخ وط: سنين. (¬14) ك ق - يكون.

قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر (¬1) السائمة أو الجواميس اشتراها للتجارة أعليه زكاة السائمة أو زكاة التجارة؟ قال: عليه زكاة التجارة، يقوّمها ثم يزكي قيمة كل مائتي درهم خمسة دراهم. قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر يجب في مثلها الصدقة وشريكه فيها صبي، وهي ثمانون بقرة؟ قال: على الرجل في حصته مسنة، وليس على الصبي في حصته شيء. قلت: وكذلك إن كان شريكه فيها معتوهاً أو رجلاً عليه دين؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان شريكه فيها مكاتباً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كانت (¬2) بينهما إبل أو غنم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر فيغلبه العدو، أو يغصبه إياها رجل فيمكث سنين، ثم يأخذها صاحبها من الغاصب، أو يصيبها المسلمون فيردونها عليه، أيزكيها لما مضى من السنين وقد أخذها بأعيانها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: أما ما (¬3) كان في يد (¬4) العدو فلم تكن (¬5) له؛ لأن العدو لو أسلموا عليها كانت لهم (¬6)، ولو باعوها جاز بيعهم ولم يأخذها هذا إلا بالثمن (¬7). وأما الغاصب فإنه لم يقدر عليه، وليس هذا بمنزلة الذي يقر له به فيزكيه لما مضى بعد ما أخذه. قلت: أرأيت الرجل تكون له (¬8) ثلاثون بقرة، فإذا كان قبل الحول بشهر هلكت منها واحدة، ثم يحول عليها بعد الواحدة الحول، هل عليها صدقة فيما بقي؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أصاب واحدة مثلها قبل أن يحول عليها الحول، أو نُتِجَتْ بعضهن واحدة قبل أن يحول الحول، فحال الحول (¬9) عليها وهي تامة كما كانت، أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: وإنما ملك ¬

_ (¬1) م: البقرة. (¬2) ك: إن كان. (¬3) م ق - ما. (¬4) ك ق: في يدي. (¬5) ك م: فلم يكن. (¬6) م: له. (¬7) م - وكان بيعهم جائزا. (¬8) ق - له. (¬9) م - الحول.

ما تجب (¬1) فيه الزكاة أياماً من السنة، وما بين ذلك لم يكن يملك ما تجب (¬2) فيه الزكاة؟ قال: إذا ملك ذلك في أول الحول وآخره (¬3) لم انظر إلى ما نقص فيما بين ذلك. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬4) في بقره العمياء أو العَجْفَاء أو العرجاء أيحسب ذلك في العدد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت قولك: لا يجمع (¬5) بين متفرق، كيف هو؟ قال: هو الرجلان يكون بينهما أربعون بقرة، فإن جمعها المصدق كان عليها مسنة، فإن (¬6) فرقها لم يكن عليها شيء. قلت: أرأيت قولك: لا يفرق (¬7) بين مجتمع؟ قال: الرجل تكون (¬8) له أربعون بقرة، ففيها مسنة، فإن فرقها لم يكن فيها شيء. قلت: فإن كانا متفاوضين (¬9) لم يجمع (¬10) بينهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬11) في بقره الصدقة، فيبيعها والمصدق ينظر إليها تباع، ثم يقول: ليس عندي شيء، أيكون للمصدق أن يأخذ صدقتها من المشتري وهي في يديه بأعيانها؟ قال: هو بالخيار، إن شاء أخذ البائع حتى يؤدي صدقتها، وإن شاء أخذ مما في يدي المشتري. قلت: فإن كان المشتري قد ذهب وتفرقا ثم جاء المصدق بَعْدُ أله أن يأخذ مما في يدي المشتري؟ قال: لا أستحسن (¬12) ذلك (¬13)، ولكن يضمن البائع زكاتها. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬14) في بقره صدقة ثم ¬

_ (¬1) ق: ما يجب. (¬2) ق: ما يجب. (¬3) م: أو آخره. (¬4) ق: يكون. (¬5) م: لا نجمع. (¬6) ك ق: وإن. (¬7) م: لا نفرق. (¬8) م ق: يكون. (¬9) أي شريكين شركة مفاوضة. (¬10) م: لم نجمع. (¬11) ق: يجب. (¬12) ك ق: ما أستحسن. (¬13) ك - ذلك. (¬14) ق: يجب.

تموت (¬1) كلها بعد الحول هل عليه فيها صدقة؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو استهلكها رجل فذهب بها؟ قال: نعم. قلت: فإن مَوَّتَت (¬2) بعضُها وبقي بعض وهي أربعون من البقر، وكان الذي هلك منها عشرون (¬3) وبقي عشرون؟ قال: عليه الصدقة في هذه العشرين نصف قيمة مسنة، وليس عليه فيما مات وهلك شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يستهلكها هو. قلت: فإن كان حبسها هو بعد ما وجب فيها الزكاه حتى مَوَّتَتْ وهلكت، أما تراه ضامناً لما مات منها وهلك (¬4) بالحساب؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل تكون له أربعون بقرة، فيعجل زكاتها قبل الحول، فيعطي منها زكاة سنتين (¬5)، هل يسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم، يسعه هذا كله. وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تعجل (¬6) من العباس بن عبد المطلب زكاة سنتين (¬7). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة قال: أُتي (¬8) عمر بن الخطاب بمال فقسمه بين المسلمين، فبقي منه بقية، فشاور القوم فيه، فقال بعضهم: قد أعطيت كل ذي حق حقه، فأمسك هذه الباقية لنائبة (¬9) إن كانت. قال: وعلي في القوم ساكت (¬10). فقال عمر: ما تقول يا أبا الحسن؟ (¬11) فقال علي: قد قال القوم. قال: فقال عمر: لتقولن (¬12). قال: فقال له علي: لم تجعل يقينك شكاً، وتجعل علمك جهلًا؟ فقال له عمر: لتخرجن مما قلت. قال: فقال له علي: أما تذكر حين (¬13) بعثك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعياً، فأتيت العباس فلم ¬

_ (¬1) ق: ثم يموت. (¬2) م: فإن موت. (¬3) ق: عشرين. (¬4) م: وهلكت. (¬5) ك م ق ط: سنين. والتصحيح من ج. (¬6) ق: يعجل. (¬7) ك م ق ط: سنين. والتصحيح من ج ر؛ وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 377. (¬8) م: أوتي. (¬9) م: لثانية؛ ق: النايبة. (¬10) ك - قال. (¬11) ك ق + قال. (¬12) م: ليقولن. (¬13) ق: حيث.

يعطك، وكان بينك وبينه كلام. فوجد عليك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فاستعنت (¬1) بي عليه. فصلينا معه الظهر، فدخل. ثم صلينا معه العصر، فدخل. ثم استأذنا عليه، فأذن لنا. فاعتذرتَ إليه فعَذَرَك، ثم قال: "أما علمت أن عم الرجل صِنْو أبيه، إنا كنا احتجنا إلى مال، فتَسَلَّفْنا من العباس صدقة سنتين" (¬2). فقلنا: قد صلينا معك الظهر والعصر. فقال: "مال أتاني فقسمته، فبقيت منه فضلة، فكنت (¬3) في ذلك حتى وجدت لها موضعاً". فقال عمر: صدقت، والله لأشكرن لك الأولى والآخرة (¬4). قال: فقسم ذلك المال، فأصاب طلحة ثمانمائة درهم (¬5). ¬

_ (¬1) م: فاستغثت. (¬2) ك م رق: سنين. والتصحيح من نسخة ج؛ وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 377. (¬3) ط: فمكثت. (¬4) م ط: فقال عمر وبذلك وأنا بي لم أحاربك بها؛ ج ر: فقال عمر وبذلك وأتاني لم أجازيك بها. وفي ك وق الكلمات مهملة. ولم أهتد إلى قراءته ومعناه. وكذلك قال الأفغاني. وقد صححنا ذلك من مسند أحمد، ومسند أبي يعلى. انظر الحاشية التالية. (¬5) روي نحو ذلك. فعن علي - رضي الله عنه - قال: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - للناس: ما ترون في فَضْل عندنا من هذا المال؟ فقال الناس: يا أمير المؤمنين، قد شغلناك عن أهلك وضيعتك وتجارتك، فهو لك. فقال لي: ما تقول أنت؟ فقلت: قد أشاروا عليك. فقال لي: قل. فقلت: لم تجعل يقينك ظنا؟ فقال: لتخرجن مما قلت. فقلت: أجل والله لأخرجن منه. أتذكر حين بعثك نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ساعياً، فأتيت العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - فمنعك صدقته، فكان بينكما شيء، فقلت لي: انطلق معي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوجدناه خاثرا، فرجعنا، ثم غدونا عليه، فوجدناه طيب النفس، فأخبرته بالذي صنع. فقال لك: "أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه". وذكرنا له الذي رأيناه من خثوره في اليوم الأول والذي رأيناه من طيب نفسه في اليوم الثاني، فقال: "إنكما أتيتماني في اليوم الأول وقد بقى عندي من الصدقة ديناران، فكان الذي رأيتماه من خثوري له، وأتيتماني اليوم وقد وجّهتهما، فذاك الذي رأيتما من طيب نفسي". فقال عمر - رضي الله عنه -: صدقت، والله لأشكرن لك الأولى والآخرة. انظر: مسند أحمد، 1/ 94؛ ومسند أبي يعلى، 1/ 414. وعن علي - رضي الله عنه - أن العباس سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته قبل أن تَحِل، فرخّص له في ذلك. انظر: سنن أبي داود، الزكاة، 22؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 37. وانظر: مجمع الزوائد للهيثمي، 3/ 79؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 162.

قلت: أرأيت الرجل تكون له البقر والجواميس أو الخيل قد اشتراها للتجارة، وهي سائمة ترعى في البَرِّيّة، أيزكيها زكاة السائمة أو زكاة التجارة؟ قال: بل يزكيها زكاة التجارة. قلت: فإن كانت له عشرون بقرة أو عشرة (¬1) من الخيل، وليس شيء من هذا إلا (¬2) يساوي مائتي درهم، وهي للتجارة، فحال عليها الحول وهي كذلك؟ قال: يزكيها زكاة التجارة. قلت: أرأيت (¬3) الرجل يشتري البقرة للتجارة، ثم يبدو له فيجعلها سائمة، ثم يحول عليه (¬4) الحول وليس له مال غيرها، وإنما له منذ جعلها سائمة ستة أشهر؟ قال: عليه زكاة (¬5) السائمة إذا مضت سنة منذ جعلها سائمة. قلت: فإن كان إنما فر بها من الزكاة فإذا حال عليها الحول منذ يوم (¬6) جعلها سائمة زكاها؟ قال: نعم. قلت (¬7): أرأيت نصارى بني تغلب هل يؤخذ من أحد منهم من بقره شيء؟ قال: نعم. قلت: ومن جواميسهم؟ قال: نعم. قلت: وكيف تؤخذ (¬8) منهم صدقاتهم؟ قال: تضاعف (¬9) عليهم الصدقة، ينظر إلى بقر أحدهم وجواميسه، فإذا كانت مما تجب فيه الصدقة لو كانت لمسلم فتؤخذ (¬10) منها الصدقة مضاعفة. قلت: وكذلك الإبل والغنم؟ قال: نعم. قلت: فالخيل تكون (¬11) سائمة للرجل منهم يأخذ (¬12) منها الصدقة كما يأخذ (¬13) من المسلم إذا وجب فيها الصدقة مضاعفة؟ قال: نعم. قلت: فإن كان لأحدهم بقر مما لا تجب فيه الزكاة لو كانت لمسلم أفليس عليه فيها شيء؟ قال: نعم، لا شيء فيه. قلت: فمن لم يكن له منهم مال أيأخذ منه شيئاً؟ قال: لا. قلت: فمن كان منهم له بقر وعليه دين كثير يحيط مسألة أيأخذ (¬14) منه ¬

_ (¬1) ط: أو عشرون. (¬2) ق: لا. (¬3) ق + أرأيت. (¬4) ق: عليها. (¬5) ق: ذكوة. (¬6) ك - يوم، صح هـ. (¬7) ق + وكيف يؤخذ منهم. (¬8) م ق: يؤخذ. (¬9) ق: يضاعف. (¬10) ق: فيؤخذ. (¬11) ق: يكون. (¬12) ك: فيؤخذ. (¬13) ك: تأخذ؛ ق: نأخذ. (¬14) ك: أتأخذ.

شيئاً؟ قال: لا يأخذ (¬1) منه شيئاً. قلت: فالبقر تكون للمرأة منهم أعليها مثل ما على الرجل منهم؟ قال: نعم. قلت: والعبد يعتقونه منهم فتكون (¬2) له البقر أو الجواميس تضاعف (¬3) عليها الصدقة؟ قال: لا. قلت: لم؟ (¬4) قال: لأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - صالحهم على هذا، فمواليهم لا يكونون أعظم حرمة عندي من موالي المسلمين، فإن المسلم يعتق عبده النصراني وآخذ منه الخراج (¬5)، أو ليس نترك موالي بني تغلب حتى يوضع (¬6) على رؤوسهم الخراج (¬7) وعلى أَرَضِيهم وأُهملُ أموالهم فلا نأخذ منهم (¬8) شيئاً بمنزلة موالي (¬9) أهل الذمة؟ قلت: أرأيت الرجل المسلم يمر على العاشر بالبقر والجواميس وهي ثمن مال كثير، فيقول: ليس شيء من هذا للتجارة، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الإبل والغنم والطعام؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: فالحربي؟ قال: لا، أما الحربي إذا مر بشيء مما ذكرت قوّم فأخذ منه العشر. قلت: أرأيت قوماً من الخوارج ظهروا على قوم من المسلمين فأخذوا زكاة بقرهم، ثم ظهر عليهم الإِمام وأهل العدل، أيحسبون لهم تلك الصدقة؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنهم لم يمنعوهم من الخوارج. قلت: فكيف ينبغي أن يصنع بصدقة البقر؟ قال: ينبغي أن تقسم (¬10) صدقة كل بلاد في فقرائهم، ولا تخرج (¬11) من تلك البلاد إلى غيرها. قلت: أرأيت رجلاً يموت وقد وجبت عليه الزكاة في بقره وجواميسه، فيجيء (¬12) المصدق وهي في أيدي الورثة، أيأخذ صدقتها منهم؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) ك: لا نأخذ. (¬2) ك: فيكون. (¬3) ك ق: يضاعف. (¬4) ك ق: ولم. (¬5) م: الجراح. (¬6) ك: حتى نوضع. (¬7) م: الجراح. (¬8) ق: يأخذ منها. (¬9) م: موال. (¬10) ق: أن يقسم. (¬11) م ق: يخرج. (¬12) ك: فنجي.

باب زكاة المال

قلت: ولم؟ قال: لأنها قد خرجت من ملك الذي كانت له فصارت لغيره. قلت: أرأيت النصراني من بني تغلب يمر على العاشر ومعه البقر للتجارة، فيقول: علي دين يحيط بقيمتها، ويحلف على ذلك، أيكف عنه ويصدقه؟ (¬1) قال: نعم، يصدق ويكف عنه. قلت: أرأيت إذا جاء المصدق يأخذ صدقة بقره أو جواميسه، فقال: علي دين يحيط بقيمتها، هل عليه فيها شيء؟ قال: لا يأخذ صدقتها منه. قلت: أرأيت الصبي من بني تغلب له الإبل والبقر والغنم وهو نصراني، هل عليه الصدقة مضاعفة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه صغير، وإنما يضاعف على الكبير من بني تغلب. ... باب زكاة المال قلت: أرأيت الرجل التاجر يكون له المال تجب (¬2) في مثله الزكاة، فإذا كان قبل الحول بيوم أو بشهر (¬3) استفاد مالاً آخر، فحال الحول عليهما (¬4) جميعاً، أيزكيهما جميعاً؟ قال: نعم. قلت: فإن كان المال الذي استفاد ميراثاً ورثه، أو هبة (¬5) وهبت له، أو صدقة تصدق بها عليه، أو ربحاً ربحه، أو وصية أوصي بها له، أيزكيها معه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت التاجر تصيبه (¬6) في ماله الآفات، ثم يحول عليه الحول، وقد زادها له في سعرٍ غلاءٌ أو غير ذلك فارتفع في يديه، فيزكيه، فهل يُحَطُّ عنه من الزكاة شيء لما أصابته من الآفات؟ قال: يقوم ماله كله يوم حال عليه الحول، فيزكيه بقيمته يومئذ، لا ينظر إلى ما كان من نقصان فيه من قبل تلك الآفات ولا من زيادة. ¬

_ (¬1) ق: وتصدقه. (¬2) ق: يجب. (¬3) ق - أو. (¬4) ق: عليهما الحول. (¬5) م: أو وهبه. (¬6) ق: التاخر يصيبه.

قلت: أرأيت التاجر يكون له المال، ويكون عليه المال، كيف يصنع إذا حال عليه الحول؟ قال: يقوم كل مال للتجارة وكل مال عليه، فإن كان المالان سواء أو كان الذي عليه من الدين أكثر فليس عليه زكاة، وإن كان ماله أكثر مما عليه من الدين بمائتي درهم فصاعداً، أو بعشرين مثقالاً من ذهب فصاعداً، زكى هذا الفضل الذي فضل عما عليه من الدين. قلت: فإذا كان له ألف درهم دين لا يقدر عليها، وما في يديه فهو كفاف بما عليه؟ قال: ليس عليه في الفضل زكاة حتى يأخذ تلك الألف. قلت: فإذا أخذها بعد سنين؟ قال: يزكيها للسنة الأولى خمساً وعشرين درهماً، فهذه زكاة الألف، ويزكي السنة الثانية ألفا غير خمسة وعشرين. قلت: فإن توالت عليه (¬1) سنون زكى لأول سنة ألفاً كاملاً، ثم ينقص في كل سنة تلك الزكاة التي زكى أبداً كذلك حتى تنقص من مائتي درهم؟ قال: نعم. وليس في أقل من مائتي درهم زكاة ولا صدقة. فإذا بلغت مائتي درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم. وما زاد على المائتين فليس في الزيادة شيء حتى تبلغ أربعين درهماً. فإذا بلغت مائتي درهم وأربعين درهماً ففي المائتين (¬2) خمسة دراهم، وفي الأربعين درهم. وكذلك (¬3) بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (¬4). وبه كان يأخذ أبو حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ما زاد على المائتين شيء فبحساب ذلك. وكذلك (¬5) بلغنا عن علي بن أبي طالب (¬6). ¬

_ (¬1) م - في. (¬2) ك م: ففي المائتي. والتصحيح من ج ر. (¬3) ك ق: كذلك. (¬4) أما النصاب ومقدار الزكاة فقد روي مرفوعاً. انظر: صحيح البخاري، الزكاة، 32، 38؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 1. وانظر: الدراية لابن حجر، 1/ 257. وروي عن الحسن قال: كتب عمر إلى أبي موسى: فما زاد على المائتين ففي كل أربعين درهم. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 356. وانظر: نصب الراية، 2/ 367؛ والدراية لابن حجر، 1/ 258. (¬5) ك ق: كذلك. (¬6) روي في آخر حديث علي: فما زاد فبحساب ذلك. انظر: سنن أبي داود، الزكاة،. وعن علي وابن عمر موقوفاً مثله. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 88، 90؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 356 - 357.

قلت: أرأيت الرجل التاجر يكون في يديه الرقيق قد اشتراه بدنانير أو بدراهم، وفي يديه المتاع قد اشتراه بغير ما اشترى به الرقيق، كيف يزكيه عند رأس الحول، أيقوم ذلك كله دراهم أو دنانير ثم يزكيه؟ قال: أي ذلك ما فعل أجزأ عنه. قلت: أرأيت الرجل تكون له مثاقيل ذهب أربعة أو خمسة تساوي مائة درهم، وله مائة درهم أخرى، ثم يحول عليه الحول، أيزكيهما جميعاً؟ قال: نعم، يزكيهما جميعاً. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أما أنا فلست أرى عليه في شيء من هذا زكاة حتى تبلغ الدراهم مائة درهم، والذهب عشرة مثاقيل. وهو قول محمد. قلت: أرأيت الرجل تكون له مائتا درهم، فيمكث أشهراً، ثم يُنْفِقُ منها مائة درهم، أو تَهْلِكُ (¬1) مائة درهم، فإذا كان قبل الحول بيوم أصاب مائة درهم، فحال عليها الحول وهي مائتا درهم؟ قال: يزكيها. قلت: ولم؟ قال: لأن (¬2) هذا مثل رجل اشترى جارية للتجارة بمائتي درهم قبل الحول، وذلك قيمتها، ثم إنها اعورّت فصارت قيمتها مائة درهم، وغلا (¬3) الرقيق، فصارت قيمتها عوراء مائتي درهم، أو ولدت ولداً يساوي مائة درهم، أو زادت في جسمها حتى صارت تساوي مائتي درهم، فحال عليها الحول وهي تساوي مائتي درهم، فعليه أن يزكيها. قلت: أرأيت الرجل تكون له مائة درهم، فإذا كان قبل الحول أصاب مائة درهم أخرى أو ألفاً، أعليه أن يزكي؟ قال: لا، حتى يحول عليه الحول من يوم كانت مائتي درهم فصاعداً. وليس في أقل من عشرين مثقالاً ذهباً صدقة. فإذا كانت عشرين مثقالاً ذهباً وحال عليها الحول ففيه (¬4) نصف مثقال ذهب. بلغنا ذلك عن ¬

_ (¬1) م ق: أو يهلك. (¬2) ق - لأن. (¬3) ك ق: أو غلا. (¬4) ك ق: ففيها.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). فما زاد على العشرين مثقالاً ذهباً فليس في الزيادة شيء حتى تبلغ الزيادة أربعة (¬2) مثاقيل. فإذا بلغت أربعة مثاقيل ففيها عُشر مثقال مع نصف المثقال الذي في العشرين. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ما زاد على العشرين مثقالاً وعلى المائتين من الفضة فبحساب ذلك. وما كان من الدنانير والدراهم والفضة تِبْراً مكسوراً أو حُلِيًّا مَصُوغاً أو حِلْيَة [سيف] (¬3) أو شيئاً مَصُوغاً (¬4) من ذلك في إناء أو مِنْطَقة أو دراهم مضروبة أو دنانير ففي هذا كله الزكاة إذا كان الذهب يبلغ عشرين مثقالاً، والفضة تبلغ مائتي درهم، وحال عليه الحول منذ يوم ملكه. قلت: أرأيت الرجل يكون له عشر (¬5) مثاقيل تِبْر ذهب أو دنانير (¬6) مضروبة، ومائة درهم أو وزنها تِبْر فضة، هل عليه فيها زكاة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان له خمسة عشر مثقالا ذهب وخمسون درهماً، أو كان (¬7) له مائة وخمسون درهماً وخمس مثاقيل ذهباً؟ قال: نعم. قلت: فهل في شيء من هذا زكاة إذا لم يمكث عند صاحبه حولًا، فإذا مكث عند صاحبه حولًا وجب عليه (¬8) فيه الزكاة؟ [قال: نعم]، ولا زكاة في المال حتى يحول عليه الحول وهو عند صاحبه من يوم أصابه. محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن محمد عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "لا زكاة في المال حتى يبلغ مائتي درهم، فإذا بلغ مائتي درهم وحال عليه الحول ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجة، الزكاة، 4؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 5. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 366. (¬2) ك م: أربع. (¬3) الزيادة من ط؛ والكافي، 1/ 22 و. (¬4) ك: مصنوعاً. (¬5) م ق: عشرة. (¬6) جميع النسخ: وذهب ودنانير؛ ط: وذهب أو دنانير. (¬7) ك م: وكان. والتصحيح من ج ر. (¬8) م - عليه.

ففيه خمسة دراهم. وليس في الذهب زكاة حتى يبلغ (¬1) عشرين مثقالاً، فإذا بلغ عشرين مثقالاً وحال عليه الحول ففيه نصف دينار" (¬2). وبهذا يأخذ (¬3) أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. قلت: أرأيت الرجل يقرض الرجل مائتي درهم وليس له مال غيرها، فيحول عليه الحول، ثم يقبض منه بعد الحول عشرين درهماً منها، هل عليه في هذه العشرين (¬4) زكاة؟ قال: لا. قلت: فإن أنفقها وقبض منها عشرين أخرى هل عليه فيها زكاة؟ قال: نعم، عليه في العشرين الأولى وفي هذه العشرين الأخرى درهم. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد قبض منها أربعين درهماً. قلت (¬5): فإن قبض منها عشرين أخرى هل عليه فيها شيء؟ قال: لا، ليس في شيء يقبض منها بعد هذه الأربعين شيء حتى يتم أربعين أخرى. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى عليه في كل شيء يقبضه - درهماً فما فوقه - أن يزكيه. وهو قول محمد. قلت: أرأيت الرجل يرث مائتي درهم، وهي دين على رجل، ولا مال له غيرها، فيحول عليها الحول، ثم يقبض منها أربعين درهماً، هل عليه فيها زكاة؟ قال: لا، حتى يقبضها كلها. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يقع في يده المائتا (¬6) درهم. قلت: أرأيت الرجل يؤاجر (¬7) عبده (¬8) بمائتي درهم ولا مال له غيرها، فيمكث حولاً، ثم يأخذ منها أربعين درهماً، هل عليه فيها زكاة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: حتى يأخذ المائتين كلها إذا لم يكن له مال غيرها. قلت: أرأيت الرجل يستهلك الدابة أو العبد أو المتاع فيُقضَى عليه بقيمته، وقد كان لغير التجارة، وهي مائتا درهم، وليس لصاحبها مال غيرها، فيحول عليها الحول، ثم يأخذ منها أربعين درهماً، أيزكيها؟ قال: ¬

_ (¬1) ق: تبلغ. (¬2) سنن أبي داود، الزكاة، 5. وفي معناه أحاديث أخرى. انظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 328، 341، 352. (¬3) م: نأخذ. (¬4) ق - العشرين. (¬5) ق - قلت. (¬6) م ق: المائتي. (¬7) ك: أيؤاجر. (¬8) م ق: عنده.

لا. قلت: ولم؟ قال: حتى يأخذها كلها. قلت: أرأيت الرجل إن باع شيئاً (¬1) مما ذكرت لك وقد كان أصله للتجارة، فباعه بمائتي درهم وليس له مال غيرها، ثم أخذ منها أربعين درهماً، وقد حال عليها الحول، أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: من أين افترقا؟ قال: لأن هذا كان في يديه للتجارة، فإن رجع إليه منها أربعون درهماً زكاه (¬2)، والأشياء التي ذكرت لغير التجارة، ومنها ما لم يكن في يده قط. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى ذلك كله سواء، إذا أخذ من ذلك شيئاً درهماً أو أكثر زكاه. وهو قول محمد. قلت: أرأيت رجلاً كانت له ألف درهم، فلما حال عليها (¬3) الحول اشترى بها متاعاً للتجارة، فهلك المتاع؟ قال: لا زكاة عليه. قلت: فإن كان اشترى بها خادماً للخدمة وغنماً سائمة فهلكت؟ قال: يزكي الألف كلها. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد صرفها في غير ما كانت فيه. قلت: أرأيت المرأة تزوج على ألف درهم، فيحول عليها الحول، ثم تأخذ (¬4) منها أربعين درهماً، أتزكيها؟ (¬5) قال: لا تزكيها (¬6) حتى تقبض (¬7) مائتين ويحول الحول عليها وهي عندها في قول أبي حنيفة الأخير. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنها تزكيها (¬8). قلت: أرأيت الرجل يكاتب عبده على ألف درهم، أو يعتق نصف عبده فيسعى في نصف قيمته، وهي ألف درهم ليس له مال غيرها، فيأخذ منها مائتي درهم بعد حول، أيزكيها؟ قال: لا، حتى تمكث (¬9) المائتان عنده حولاً. قلت: ولم؟ قال: لأنه مال مكاتبه، ودين (¬10) عبده (¬11) ليس بدين ¬

_ (¬1) م: شيء. (¬2) ك ق: زكاها. (¬3) ك م: عليه. (¬4) ك م ق: ثم يأخذ. (¬5) ك م ق: أيزكيها. (¬6) م: لا يزكيها. (¬7) ق: يقبض. (¬8) ق: يزكيها. (¬9) ق: يمكث. (¬10) ك م - ودين. (¬11) ك: وعبده؛ م: وعنده؛ ق: عنده. والتصحيح من ج ر.

كما يكون على غيره، ولا مال له غيره، ولا مال في يديه. قلت: وكذلك عبد بينه وبين رجل، فأعتق شريكه نصفه، فقوّم العبد فسعى (¬1) له؟ قال: نعم. قلت: فإن كان شريكه موسراً فضمنه القاضي نصف القيمة، فأخذ منها مائتي درهم بعد حول، أيزكيها؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا دين ليس على عبده منه شيء. قلت: فإن أخذ منها أربعين درهماً أيزكيها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يكن في يده للتجارة، ولأنه لم يكن أصل الوَرِق عنده. قلت: أرأيت الرجل التاجر له ألف درهم، وعليه ألف درهم، وله دار وخادم ولا يطلب بهما التجارة، وداره تساوي عشرة آلاف أو أكثر، أيزكي ما عنده؟ قال: لا. قلت: ولم وعنده وفاء لدينه وفضل؟ قال: لأن الدار والخادم ليسا للتجارة. قلت (¬2): أرأيت لو تصدق (¬3) عليه في هذه الحال ألم يكن موضعاً للصدقة؟ قال: بلى. قلت: فكيف تجب الزكاة على رجل والصدقة له حلال؟ (¬4) قال: لأنه مُعْدِم، ولأنه ليس في يديه فضل. قلت: أرأيت رجلاً له مسكن وخادم يساويان عشرة آلاف درهم، وعليه دين خمسة آلاف درهم (¬5)، وله ألف درهم، أيحل له أن يقبض الصدقة؟ قال: نعم. محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا غالب بن عبيد الله (¬6) عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه قال: إن الصدقة كانت تحل للرجل وهو صاحب عشرة آلاف. قيل: يا أبا سعيد (¬7)، وكيف ذلك؟ قال: يكون له الدار والخادم والكراع والسلاح، وكانوا ينهون عن بيع ذلك (¬8). ¬

_ (¬1) م: يسعى. (¬2) ق - قلت. (¬3) ك: إن تصدق. (¬4) ك ق + قلت ولم قلت إن الصدقة له حلال؛ ق + تصدق عليه في هذه الحال ألم يكن موضعا للصدقة قال بلى قلت فكيف تجب الزكاة على رجل والصدقة له حلال. (¬5) م ق - درهم. (¬6) ك م ق: بن عبد الله. (¬7) م ق: يا با سعيد. (¬8) نحو ذلك في المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402.

محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: إن الصدقة تحل للرجل إذا لم يكن له إلا دار وخادم، وكذلك (¬1) لا تجب عليه الزكاة إذا كان بهذه المنزلة (¬2). قلت: أرأيت الرجل تكون (¬3) له عشرة آلاف درهم، وعليه مثلها، وهو يتقلب فيها ثم لا يزكي ما عنده، وهو ماله يشتري به ويبيع وهو يملكه، ولو أعتق عبداً قد اشتراه بذلك المال جاز عتقه، ولو تزوج به امرأة جاز ذلك له؟ قال: نعم، هو جائز له (¬4)، ولا زكاة عليه. قلت: ولم؟ قال: لأن عليه ديناً مثله، ولأنه تحل (¬5) له الصدقة أن يأخذها, ولا يجوز أن تحل له الصدقة وتجب (¬6) عليه الزكاة. ولو كان تجب الزكاة على الذي عليه الدين لزكى المال الواحد في اليوم الواحد ثلاث مرات. وذلك أن العبد يشتري العبد بألف - وقيمته ذلك - نسيئة، فتجب (¬7) الزكاة في ماله، فيزكيه مع ماله. ثم يبيعه من آخر بنسيئة، فتجب (¬8) الزكاة في ماله بعد ما اشتراه، فيزكيه معٍ ماله. ثم يبيعه بعد ما اشتراه (¬9)، أيزكيه مع ماله، فيزكي عبداً واحداً ومالاً واحداً في يوم واحد ثلاث مرات. يقبح (¬10) هذا ويفحش إذا كان هكذا. وإنما الزكاة على صاحب الدين الذي هو له، وعليه أن يزكيه إذا خرج. كذلك جاء الأثر عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. وقال محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم عن ابن سيرين عن علي - رضي الله عنه - أنه قال في الرجل يكون له الدين فيقبضه: إنه يزكيه لما مضى (¬11). ¬

_ (¬1) م ق: ولذلك. (¬2) نحو ذلك في المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402. (¬3) ق: يكون. (¬4) م ق - له. (¬5) م ق: يحل. (¬6) ق: ويجب. (¬7) ق: فيجب. (¬8) ق: فيجب. (¬9) م - فيزكيه مع ماله ثم يبيعه بعد ما اشتراه. (¬10) م: يفتح. (¬11) الآثار لمحمد، 54؛ والحجة له، 1/ 471؛ والآثار لأبي يوسف، 88؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 390.

قلت: أرأيت الرجل التاجر يكون له المال الكثير ديناً متفرقاً على الناس، منهم المَلِيء الذي يعلم أن ماله في ثقة وأنه سيقضيه (¬1) إياه، ومنهم المفلس، ما القول في ذلك؟ قال: إذا خرج ماله أو شيء منه يبلغ أربعين درهماً زكاه. قلت: فإن زكاه وهو دين كله أيجزيه ذلك؟ قال: نعم، وقد أحسن هذا وأخذ بالفضل. قلت: فإن زكى لسنتين (¬2) أيجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن كان نظر إلى من كان مليئاً فزكى ما عليه، ومن كان مفلسًا وقف عليه حتى يخرج، فيزكيه؟ قال: هذا حسن، كل شيء عجل زكاته من ذلك فإنما هو فضل أخذ به، وكل شيء آخره حتى يخرج فيزكيه فهو يجزيه، وليس عليه إلا ذلك. قلت: أرأيت الرجل التاجر يشتري الدار ليسكنها، أو العبد أو الخادم ليخدمه أو يسلّمه (¬3) في الغلة، أو الدابة ليركبها (¬4)، أو الطعام رزقاً لأهله، أو الثياب كسوة لأهله، أو المتاع ليتجمل به في بيته، أو الآنية يتجمل بها الرجل في بيته، وقيمة كل واحد مما ذكرت لك ألف أو أكثر، فحال عليه الحول، أيزكيه مع ماله؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا مال ليس للتجارة شيء منه. قلت: فإن اشترى لؤلؤاً يتجمل به أهله أو جوهراً يتجمل به أهله ولا يريد به التجارة، وهو يساوي مالاً عظيماً، فحال الحول على ماله، أيزكيه مع ماله؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس للتجارة. قال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: ليس في شيء من العروض والجوهر واللؤلؤ زكاة إلا ما كان للتجارة، فإن كان للتجارة قوّم فزكي (¬5) من كل مائتي درهم خمسة دراهم (¬6). ¬

_ (¬1) م: سيقبضه. (¬2) م: لسنين. (¬3) أي يسلمه إلى غيره حتى يعمل عنده ويكتسب. وقد تكون الكلمة "يستعمله" أو "يستغله". (¬4) م: ليزكيها. (¬5) م: فيزكي. (¬6) الآثار لمحمد، 54؛ والآثار لأبي يوسف، 89؛ والمصنف لعبد الرزاق، 4/ 85؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 375.

قلت: أرأيت الرجل يشتري الفلوس للنفقة، والآنية من النحاس ليتجمل (¬1) بها في بيته ويستعملها، هل عليه في شيء من هذا زكاة؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يشتري شيئاً مما وصفت لك من هذا للتجارة، ويبدو له فيجعله لشيء مما وصفت لك من التجمل والسكنى أو النفقة أو الخدمة أو الكسوة، فيحول الحول على ماله، أيزكيه مع ماله؟ قال: لا. قلت: ولم وقد كان أصله للتجارة؟ قال: لأنه قد أخرجه من ذلك الصنف فجعله لما ذكرت. قلت: أرأيت إن كان اشتراه لغير التجارة أو اشتراه لشيء مما وصفت لك من التجمل، ثم بدا له بعد أشهر أن يجعله للتجارة، فوجبت الزكاة في ماله وقد جعله للتجارة، أيزكيه مع ماله؟ قال: لا يزكيه مع ماله؛ لأنه على ما جعله عليه، فلا يكون للتجارة حتى يبيعه. قلت: وما باله إذا نوى به التجمل جعلته (¬2) على ذلك، أو السكنى أو الخدمة أو اللَّبُوس (¬3) أبطلت (¬4) عنه الزكاة لهذه النية (¬5)، فإذا (¬6) أراد أن يجعله بعد ذلك للتجارة لم تجب عليه الزكاة فيه بالنية (¬7)؟ قال (¬8): لأنه حين اشتراه وجعله مما وصفت لك ولم يرده للتجارة فهو على ذلك أبداً حتى يبيعه، وليست النية التي نواها للتجارة بشيء؛ لأن أصله كان لغير التجارة. قلت: وكذلك المتاع والرقيق والجوهر والآنية يرثها الرجل أو توهب له وهو يساوي (¬9) مالاً عظيماً؟ قال: نعم، وإن كان يساوي مالاً عظيماً. قلت: وكذلك الحنطة والشعير أو شيء من الحبوب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يشتري العبد للتجارة، فيحول عليه الحول وهو لا يساوي مائتي درهم، وليس له مال غيره، هل عليه فيه زكاة؟ قال: لا. قلت: فهل عليه ¬

_ (¬1) م ق: فيتجمل. (¬2) ق: حعليه. (¬3) اللَّبُوس هو ما يُلْبَس. انظر: لسان العرب، "لبس". (¬4) م: أيطلب. (¬5) جميع النسخ وط: لهذا الدين. وظن المحقق الأفغاني أن في العبارة سقطاً، لكن يظهر أن الواقع هو التحريف فقط، وقد صححناه بما يفهم من السياق. (¬6) ك ق: وإذا. (¬7) ق: النية (مهملة). (¬8) ك ق - قال. (¬9) ق: وهي تساوي.

[باب العاشر]

فيه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: لم؟ (¬1) قال: لأنه للتجارة، فلا تجب (¬2) فيه صدقة غيرها. ... [باب العاشر] (¬3) قلت: أرأيت الرجل يمر على العاشر بالمال بدراهم أو دنانير أقل من مائتي درهم أو أقل من عشرين مثقالاً ذهب، فيقول: ليس لي مال غيرها، ويحلف على ذلك، هل يقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم، يقبل منه، ولا يأخذ منه شيئاً. قلت: وكذلك إن مر بها ذمي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن مر بها رجل من أهل الحرب؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت مائتي درهم فصاعداً أو عشرين مثقالاً فصاعداً فمر بها رجل مسلم على العاشر، فقال: إنما أصبت هذه منذ أشهر ولم يحل عليها الحول بعد، وحلف على ذلك، أيقبل منه ذلك (¬4) ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الحربي؟ قال: لا، أما الحربي فإذا مر على العاشر ومعه مائتا درهم أو عشرون (¬5) مثقالاً ذهب فإنه يأخذ منها العشر. قلت: أرأيت الذمي إذا مر بها وقد حال عليها الحول كم يأخذ منه؟ قال: نصف العشر. قلت: فالمسلم إذا مر بها كم يأخذ منه؟ قال: ربع العشر. قلت: أرأيت الرجل المسلم يمر على العاشر بالمتاع أو الطعام أو الرقيق أو الإبل أو البقر أو الغنم وهي ثمن مال كثير، فيقول: ليس شيء من هذا للتجارة، ويحلف على ذلك أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الحربي؟ قال: لا، أما ¬

_ (¬1) م ق: ولم. (¬2) ق: يجب. (¬3) من ط أخذاً من الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 22 ظ. (¬4) ق - ذلك. (¬5) م + درهما؛ ق: أو عشرين.

الحربي فإذا مر بشيء مما ذكرت أخذ منه العشر. قلت: أرأيت الرجل المسلم يمر بالمتاع يساوي مالاً عظيماً، فيقول: علي من الدين كذا (¬1) وكذا، وهو يحيط بهذا المال الذي معي وهذا المتاع، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الحربي؟ قال: لا، أما الحربي فإنه إذا مر بشيء مما ذكرت فإنه يعشر، ولا يقبل قوله: إن عليه ديناً يحيط بما معه. قلت: أرأيت المكاتب يمر بالمال الكثير على العاشر أيأخذ منه عُشُورَه؟ (¬2) قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يمر بالمال الكثير على العاشر (¬3)، فيقول: هذه بضاعة لفلان، أيقبل قوله على ذلك ويكف (¬4) عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مال اليتيم يمر به وصيه (¬5) على العاشر ويتّجر (¬6) فيه، فيقول: إنه ليتيم في حجري، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف (¬7) عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل التاجر يمر على العاشر بالمتاع فيخبره أنه مَرْوِي (¬8) أو هَرَوِي (¬9) ليكون أقل لقيمته (¬10)، فيتهمه العاشر ويظن أنه ¬

_ (¬1) ق: كذ. (¬2) العُشُور جمع العُشْر. وجمع العُشُور لأنه أراد عُشْر أنواع مختلفة من المال، والله أعلم. (¬3) م - الرجل يمر بالمال الكثير على العاشر، صح هـ. (¬4) ك: وتكف. (¬5) ق: وصته. (¬6) ك ق: يتجر. (¬7) ك: وتكف. (¬8) ك ق: بريق؛ ج م: بريو، ر: ربو. والتصحيح من الكافي. انظر: 1/ 22 ظ. وهي كذلك في ط. ومروي منسوب إلى مرو، وهناك مدينتان في خراسان تسميان مرو، وقيل: الثياب المَرْوِيّة، منسوبة إلى بلد بالعراق على شط الفرات. انظر: المغرب، "مرو". (¬9) وقال المطرزي: ثوب هَرَوِي بالتحريك، ومَرْوِي بالسكون، منسوب إلى هَرَاة ومَرْو، قريتان معروفتان بخراسان. وعن خُوَاهَرْ زاده: هما على شط الفرات، ولم نسمع ذلك لغيره. وفي الأشكال: سِوى هَرَاةِ خراسان هراةٌ أخرى وهي بنواحي اصْطَخْر من بلاد فارس. انظر: المغرب، "هرو". (¬10) م: القيمة.

قُوهِي (¬1)، فإن فتحه أضر بمتاعه وكسره، أيقبل قوله على ذلك، ويحلفه (¬2)، ويأخذ منه الصدقة (¬3) على ما يقول؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل التاجر يمر على العاشر فيريد أن يأخذ منه الصدقة، فيقول: قد أخذها مني عاشر غيرك كذا، ويحلف على ذلك، أيقبل منه قوله ويطلب منه البراءة من ذلك العاشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي؟ قال: نعم. قلت: ولا يأخذ من هؤلاء صدقة تلك السنة، وكل عاشر يمر به وحلف له على ذلك وجاء (¬4) بالبراءة أينبغي له أن يقبل قوله ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل النصراني من بني تغلب يمر على العاشر بالمال للتجارة، أو غنم أو إبل أو بقر أو غير ذلك، أهو بمنزلة الذمي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الحربي يمر على العاشر بمال فيأخذ منه العاشر العشر، ثم يعود الحربي فيدخل دار الحرب، ثم يخرج في ذلك الشهر ومعه ذلك المال، أيعشره أيضاً ثانية؟ قال: نعم. قلت: أفيعشره في السنة إذا كان هكذا مرتين أو ثلاثاً أو أكثر من ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: إذا دخل أرض الحرب سقط ما كان أدى، فدخل حيث لا تجري (¬5) عليه أحكام المسلمين. قلت: أرأيت إن لم يدخل أرض الحرب ومر عليه الحربي الثانية بعد ما عشره تلك السنة أيعشره الثانية؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه في دار الإِسلام بعد، وتجري عليه أحكام (¬6) المسلمين. قلت: وكذلك إن مر. على عاشر غيره فجاءه بالبراءة التي كتب بها العاشر الأول؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب يمر على العاشر برقيق أو متاع، فيقول: ليس هذا للتجارة، أو يقول: (¬7) علي دين، أو يقول: إنما أصبت ¬

_ (¬1) ثوب قُوهِي، منسوب إلى قوهستان، مدينة من مدن فارس. انظر: المغرب، "قوه". (¬2) ك: وتحلفه. (¬3) م + قال. (¬4) ق: وجاه. (¬5) ق: لا يجري. (¬6) ك: ويجري عليه حكم. (¬7) ق: ويقول.

هذا منذ أشهر؟ قال: لا يلتفت إلى قوله، ويأخذ منه العشر. قلت: أرأيت إن كان أهل الحرب يأخذون من تجار المسلمين الخمس؟ قال: إذن يؤخذ من تجارهم الخمس. قلت: فإن كان أهل الحرب يأخذون من تجار المسلمين ربع العشر؟ قال: إذن يؤخذ من الحربي ربع العشر. قلت: فإنما يأخذ ما يأخذ أصحابه من تجار المسلمين؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يكن (¬1) يعلم كم يأخذ أصحابه من المسلمين؟ (¬2) قال: إذن يؤخذ منه العشر، بلغنا نحو ذلك عن عمر بن الخطاب (¬3). قلت: إن كان مع الحربي رقيق فقال: هم أولادي وأمهات أولادي، أيؤخذ عشرهم؟ قال: لا, ولكن يكف عنه إذا قال ذلك. قلت: أرأيت الرجل النصراني يمر ببضاعة فيقول: هذه بضاعة لرجل مسلم أو لنصراني، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت العبد يمر بمال مولاه يتجر فيه أتؤخذ منه الصدقة؟ قال: لا. قلت: فإن كان مولاه حاضراً أخذت منه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان العبد نصرانيًا ومولاه مسلم أو كان العبد مسلماً ومولاه نصراني فإنما ننظر إلى المولى، فإن كان مسلماً شاهداً أخذ منه زكاة المسلمين، وان كان نصرانياً شاهداً أخذ منه مثل ما يؤخذ من الذمي؟ قال: نعم. قلت: وإن كان المولى غائبًا لم يؤخذ منه شيء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يمر ومعه مال مضاربة أتؤخذ (¬4) منه الصدقة؟ قال: لا يؤخذ منه شيء. قلت: وكذلك الأجير يمر بمال أستاذه؟ قال: نعم. قلت: ويكون هذا مثل صاحب البضاعة؟ قال: نعم. قلت: وتزكيه (¬5) بربع العشر إن كان مسلماً، وإن كان ¬

_ (¬1) ك - يكن، صح هـ. (¬2) ك: يأخذ من أصحابه المسلمين؛ م ق: يأخذ من أصحاب المسلمين. (¬3) وصله الإِمام محمد في الحجة، 1/ 552 - 560. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 90؛ والمصنف لعبد الرزاق، 10/ 370؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 417. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 379/ 2؛ والدراية لابن حجر، 1/ 261. (¬4) ق: أيؤخذ. (¬5) ك ق: أفيزكيه.

نصرانياً فنصف العشر؟ قال: نعم، إذا كان حاضراً. قلت: أرأيت الرجل التاجر يمر على العاشر بألف درهم أو بمائتي مثقال ذهب وقد حال عليها الحول، فقال: لست أريد بها التجارة؟ قال: يأخذ منه الزكاة، ولا يلتفت إلى قوله. قلت: والذهب والفضة تبراً كان أو مصوغاً أيأخذ منه الزكاة؟ قال: نعم. قلت (¬1): ولا يشبه هذا المتاع والعروض؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يمر على العاشر ويجيء معه ببراءة بغير اسمه، فيقول: هذه براءة لي من عاشر كذا وكذا، مر بها رجل كان هذا المال معه مضاربة، أترى له أن يقبل ذلك منه ويكف عنه؟ قال: نعم. قلت: فإن قال له: احلف، فأبى أن يحلف وادعى هذا؟ قال: هذا (¬2) تؤخذ منه الزكاة، ولا يلتفت إلى ادعائه (¬3) إذا لم يحلف. قلت: أرأيت الرجل إذا مر على عسكر الخوارج ولهم عاشر فعشر، أيحسب من زكاته؟ قال: لا. قلت: فإن مر على عاشر المسلمين وأهل العدل فأتى بالبراءة التي اكتتبها من عاشر الخوارج أيحسبها له؟ (¬4) قال: لا. قلت: فإن حلف عليها؟ قال: وإن حلف عليها. قلت: لم؟ قال: لأن هذا لا يجزئ عنه من زكاة ماله. قلت: أرأيت الرجل يشتري النسمة من زكاة ماله فيعتقها أيجزيه ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يحج عن الرجل من زكاة ماله أو يكفنه أو يبني مسجداً من زكاة ماله هل يجزيه ذلك؟ قال: لا. محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة (¬5) عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: لا يعطى من زكاة في حج ولا في غيره (¬6)، ولا يقضى ¬

_ (¬1) م - قلت. (¬2) ك ق: إذا. (¬3) ق: إلى دعايه. (¬4) ق - له. (¬5) ك م: بن عبادة. (¬6) ك ق: ولا غيره. ولعلها تحريف "ولا في عمرة".

منه دين الميت، ولا يعتق منه رقبة تامة، ولا يعطى في رقبة، ولا في كفن ميت، ولا في بناء مسجد، ولا يعطى منها يهودي ولا نصراني ولا مجوسي، ولا بأس بأن يعين حاجاً منقطعاً مقيماً، وغازياً منقطعاً به، ولا بأس بأن يعين مكاتباً (¬1). وبهذا يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد، بهذا الحديث. قلت: أرأيت رجلاً قضى دين رجل حي مُغْرَم (¬2) من زكاته بأمره أيجزيه ذلك من زكاة ماله؟ قال: نعم، قلت: أرأيت الرجل تجب عليه الزكاة الدراهم في زكاة ماله، فيعطي قيمتها حنطة أو تمراً أو شعيراً أو شيئاً مما يكال أو يوزن أو ثياباً (¬3) أو غير ذلك، أيجزيه ذلك من زكاة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يعطي المكاتب من زكاته أيجزيه؟ قال: نعم. قلت: فإن عجز المكاتب؟ قال: يجزيه ما كان أعطاه من زكاة ماله. قلت: أرأيت الرجل يدخل أرض الحرب فيؤخذ منه العشر ثم يخرج فيمر على عاشر المسلمين أيحسب (¬4) له ذلك؟ قال: لا. قلت: أرأيت قوماً من الخوارج ظهروا على قوم من المسلمين فأخذوا زكاة أموالهم وزكاة إبلهم وبقرهم وغنمهم (¬5)، ثم ظهر عليهم الإِمام وأهل العدل، أيحسبون لهم تلك الصدقة؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنهم لم يمنعوهم منهم. قلت: وكذلك إن أخذوا صدقات إبلهم وبقرهم وغنمهم؟ قال: نعم. قلت: فهل يجزئ ما أخذ الخوارج منه من الصدقة فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: لا. قلت: أرأيت الإِمام كيف ينبغي له أن يصنع بصدقاتهم؟ قال: يقسم صدقة كل بلاد في فقرائهم، ولا يخرجها من تلك البلاد إلى غيرها. ¬

_ (¬1) بعضه في المصنف لعبد الرزاق، 4/ 112؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402، 403. (¬2) أي مُثْقَل بالدين. انظر: لسان العرب، "غرم". (¬3) م: أو نباتا. (¬4) ك م: أتحسب. (¬5) ك ق: وغنمهم وبقرهم؛ م + وبقرهم.

قلت: أرأيت الرجل يكون له الدين فيتصدق به على الذي هو عليه وينوي أن يكون من زكاة ماله، هل يجزيه ذلك؟ قال: لا. قلت: فعليه أن يزكي ذلك الدين مع ماله؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يقبضه. قلت: أرأيت إن قبضه ثم تصدق به عليه هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يعطي الرجل (¬1) مالاً مضاربة فربح (¬2) فيه المضارب، على من يكون (¬3) زكاة المال وزكاة الربح؟ قال: على رب المال زكاة المال وحصته من الربح، وعلى المضارب زكاة حصته من الربح إذا وصل إليه إن كان يجب في مثله الزكاة، وإن كان لا يجب في مثله (¬4) الزكاة وليس له مال غيره فليس عليه فيه شيء. قلت: فإن كان له مال غير ذلك؟ قال: يضمه إلى ماله فيزكيه معه. قلت: أرأيت الرجل يكون (¬5) له المال فإذا حال عليه الحول هلك بعضه بعد ما وجب عليه فيه الزكاة، أعليه (¬6) أن يزكيه كله، أو يزكي ما بقي عنده من المال؟ قال: ليس عليه أن يزكي ما هلك، وعليه أن يزكي ما في يده، ولا يزكي ما هلك منه. قلت: وكذلك إن سرق (¬7) بعضه أو غصبه منه إنسان فذهب به؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة من أهل الحرب تمر على العاشر بمال للتجارة أيعشرها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الصبي من أهل الحرب (¬8) يمر مع (¬9) عمه ومعه مال (¬10) للتجارة ويقيم البينة أنه مال هذا الصبي؟ قال: نعم، ¬

_ (¬1) م - يعطي الرجل. (¬2) ق: فيربح. (¬3) م - يكون. (¬4) ك: في مثل. (¬5) ق: تكون. (¬6) ق: أغليه. (¬7) ق: إن شرق. (¬8) م - تمر على العاشر بمال للتجارة أيعشرها قال نعم قلت وكذلك الصبي من أهل الحرب. (¬9) م + العاشر. (¬10) ك - للتجارة أيعشرها قال نعم قلت وكذلك الصبي من أهل الحرب يمر مع عمه ومعه مال، صح هـ.

يؤخذ (¬1) منه الزكاة. قلت: فإن كان أهل الحرب لا يأخذون من الصبيان إذا دخلوا إليهم من المسلمين؟ قال: إذن (¬2) لا يؤخذ من الصبي الحربي شيء. قلت: أرأيت المكاتب من أهل الحرب يمر على العاشر بمال له ويعرف أنه مكاتب أيعشره؟ قال: نعم. قلت: فإن كان أهل الحرب (¬3) لا يعشرون مكاتب المسلم إذا دخل عليهم؟ قال: إذن لا يؤخذ من مكاتب الحربي شيء. قلت: أرأيت المرأة من أهل الذمة تمر (¬4) على العاشر بالمال؟ قال: يأخذ منها نصف العشر. قلت: أرأيت المرأة المسلمة تمر على العاشر بالمال؟ قال: يؤخذ منها ربع العشر كما يؤخذ من الرجل المسلم ربع العشر، وهي في الزكاة بمنزلة الرجل. قلت: أرأيت الرجل التاجر يمر على العاشر بالرمان والبطيخ والقثاء والخيار والسفرجل والعنب والتين قد اشتراه للتجارة، وهو يساوي مائتي درهم أيعشره؟ قال: لا. قلت: ولم وهو للتجارة؟ قال: لأنه لا يبقى. قلت: وكذلك الذمي إذا مر بشيء من ذلك على العاشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الحربي إذا مر بشيء (¬5) مما ذكرت لك لم يؤخذ منه شيء؟ قال: نعم. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: وأما (¬6) أنا فأرى أن يؤخذ من ذلك كله. وهو قول محمد. قلت: أرأيت النصراني أو الرجل من أهل الذمة يمر على العاشر بخنازير أو بخمر قد اشتراه للتجارة، وهي تساوي مائتي درهم أو أكثر، أيعشرها العاشر؟ قال: أما الخنازير فلا يعشرها، وأما الخمر فيأخذ نصف عشر قيمتها. ¬

_ (¬1) ق: تؤخذ. (¬2) م - إذن. (¬3) م - الحرب. (¬4) م ق: يمر. (¬5) م - من ذلك على العاشر قال نعم قلت وكذلك الحربي إذا مر بشيء. (¬6) ك ق: أما.

محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم النخعي أنه قال في الخمر يمر بها الذمي على العاشر: يأخذ نصف عشر قيمتها (¬1). قلت: وإذا (¬2) مر الرجل من أهل الحرب بالخمر والخنزير للتجارة لم يعشر الخنازير وأخذ عشر (¬3) قيمة الخمر منه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل المسلم يمر بها وهي له أيعشرها؟ (¬4) قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً كانت عنده (¬5) مائتا درهم (¬6) فمكث أشهراً ووهبها لرجل ودفعها إليه، ثم رجع فيها الواهب بعد (¬7) ذلك بيوم، فحال الحول عليها من يوم ملكها، هل عليه فيها زكاة؟ قال: لا، حتى يحول عليها الحول من يوم (¬8) رجع فيها. قلت: ولم لا يزكيها إذا حال عليها الحول من يوم ملكها؟ قال: لأنها قد خرجت من ملكه. قلت: أرأيت إن ردها عليه الموهوب له قبل أن يحول الحول عليها، ثم حال الحول عليها عنده أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مكثت (¬9) عند الموهوب له سنة فلم يزكها (¬10) حتى رجع فيها الواهب وقبضها على من زكاتها؟ قال: ليس على واحد (¬11) منهما (¬12) زكاة. قلت: ولم؟ قال: لأن الزكاة كانت وجبت على الموهوب له (¬13) في الدراهم (¬14)، فلما أخذها منه الواهب لم يكن عليه فيها زكاة؛ لأن الواهب أخذها. ولا يكون على الواهب فيها شيء؛ لأنها لم تكن (¬15) له بمال حين رجع فيها. ¬

_ (¬1) الآثار لأبي يوسف، 91؛ والخراج لأبي يوسف، 148. (¬2) ق: فإذا. (¬3) م - عشر. (¬4) ك ق + له. (¬5) ق: كاتب عبده. (¬6) م ق: على مائتي درهم. (¬7) ق - بعد. (¬8) ق - ملكها هل عليه فيها زكاة قال لا حتى يحول عليها الحول من يوم. (¬9) م: إن مكث. (¬10) ق: يزكيها. (¬11) ق: على أحد. (¬12) م: منها. (¬13) م - له. (¬14) ك م: في الدرهم. (¬15) ق: لم يكن.

قلت: أرأيت الرجل تخرج أرضه حنطة كثيرة وهي من أرض العشر، فيبيعها قبل أن يؤدي (¬1) عشرها، فيجيء صاحب العشر والطعام عند المشتري وليس عند البائع منه شيء، هل للمصدق أن يأخذ من المشتري عشر الطعام؟ قال: نعم، إن شاء أخذ منه. قلت: ويرجع المشتري على البائع بعشر الثمن؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يبيع أرضاً وفيها زرع قد أدرك وهي من أرض العشر، على من عشرها، على المشتري أو على البائع؟ قال: عشر الزرع على البائع. قلت: أرأيت إن باعها والزرع بَقْلٌ (¬2)، على من عشر الزرع إذا حصد؟ قال: على المشتري. قلت: أرأيت إن باع الزرع وهو قَصِيل (¬3) فقصله (¬4) المشتري أيكون على البائع العشر في الثمن؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن باع الزرع وهو بَقْلٌ بعد، ثم أذن البائع للمشتري أن يتركه (¬5) في أرضه، فتركه (¬6) حتى استحصد، على من العشر؟ قال: على المشتري. قلت: ولم؟ قال: لأنه هو الذي حصده (¬7). قلت: وكذلك كل شيء من الثمار أو غيره مما فيه العشر يبيعه صاحبه قبل (¬8) أن يبلغ في أول ما أَطْلَع (¬9)، ثم تركه (¬10) المشتري حتى يبلغ بإذن البائع، أتكون (¬11) زكاته على المشتري؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يشتري الأرض من أرض العشر للتجارة ليزرعها، ¬

_ (¬1) م - يؤدي، صح هـ. (¬2) المقصود بالبقل هنا أنه أخضر لما يدرك. انظر: المغرب، "بقل". (¬3) القَصْل قَطْع الشيء، ومنه القَصِيل، وهو الشعير يُجَزّ أخضر لعلف الدواب، والفقهاء يسمون الزرع قبل إدراكه قَصِيلاً، وهو مجاز. انظر: المغرب، "قصل". (¬4) م: يقصله. (¬5) م: أن يزكه. (¬6) م: فيزكه. (¬7) م: حصد. (¬8) ق: قيل. (¬9) م: ما طلع. وأطْلَعَ نبت الأرض أي خرج، وأطْلَعَ النخل أي خرج طَلْعُه. انظر: المغرب، "طلع". (¬10) م: ثم يزكه. (¬11) ك ق: أيكون.

أعليه زكاتها للتجارة أو عشر الأرض؟ قال (¬1): ليس عليه زكاتها للتجارة (¬2)، وإنما عليه عشر الأرض. قلت: ولم؟ قال: لأنه حين اشترى أرضاً يجب فيها العشر سقطت عنه الزكاة. قلت: وكذلك إن اشترى أرضاً من أرض الخراج؟ قال: نعم، ولا تكون (¬3) عليه الزكاة، ولا يجتمع عليه خراج وزكاة، ولا خراج وعشر، ولا زكاة وعشر. قلت: أرأيت الرجل يشتري الدور للتجارة فحلت فيها الزكاة كيف يصنع؟ قال: يقوّمها فيزكي قيمتها. قلت: أرأيت الرجل يموت وله أرض من أرض العشر وقد أدرك زرعها فوجب فيها العشر، أيؤخذ منها العشر؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنها قد صارت لغيره كما كانت له. قلت: أرأيت الرجل يكون له أرض من أرض العشر فيها رَطْبَة (¬4) وهي تقطع في كل أربعين ليلة مرة، أيؤخذ العشر منها كما قطعت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يشتري الأرض من أرض العشر فيزرعها بطيخاً ويقلعه (¬5) أيؤخذ منه العشر؟ قال: نعم. قلت: فإن زرع فيها بطيخاً أو خيارًا (¬6) أو قِثاء أو شبه ذلك؟ قال: يؤخذ منها العشر أيضاً. وقال أبو يوسف ومحمد: لا عشر في بطيخ ولا خيار ولا قثاء ولا بقل ولا رطبة ولا نحو ذلك مما ليس له ثمرة (¬7) باقية. قلت: أرأيت العنب (¬8) يبيعه صاحب الأرض عنباً، وربما باعه عصيراً، وربما باعه بأكثر من قيمته، وربما باعه بأقل من ذلك؟ قال: يؤخذ من الثمن عشره إن باعه عصيراً أو باعه عنباً، بأقل من قيمته كان أو أكثر، إذا ¬

_ (¬1) ك - قال، صح هـ. (¬2) م - للتجارة. (¬3) ك ق: يكون. (¬4) الرطبة نوع من علف الدواب. وتطلق أيضاً على الخضر مثل البطيخ والخيار والباذنجان. والجمع رِطاب. انظر: المغرب، "رطب". (¬5) م: أو يقطعه؛ م ق + سنة. (¬6) ق: أو خيار. (¬7) م: ثمر. (¬8) م: العشر.

لم يكن شيئاً (¬1) حابى (¬2) فيه فاحشاً حتى يعرف (¬3) ذلك. قلت: أرأيت الرجل يكون له المال فإذا حال عليه الحول هلك نصفه بعد ما وجب فيه الزكاة، أعليه أن يزكيه كله أو يزكي ما بقي؟ قال: بل (¬4) يزكي ما بقي، وليس عليه أن يزكي ما هلك. قلت: وكذلك إن سرق منه بعضه أو غصبه منه إنسان فذهب به؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يكون له على الرجل دين فيُكَافِره (¬5)، فيمكث سنة يُكَافِره (¬6) به (¬7)، وليست له عليه بينة، ثم يقضيه إياه بعد ذلك، هل عليه زكاة ما مضى؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد كان يجحده، وليس هذا بمنزلة الدين الذي يقر له به. قلت: أرأيت المرأة تزوج الرجل على ألفي درهم بعينها، فيحول الحول عليها وهي في يد (¬8) الزوج، ثم يطلقها (¬9) قبل أن يدخل بها، على من زكاة هذه الألفين؟ قال: يدفع النصف إلى المرأة، وعليها فيه الزكاة، وليس على الزوج زكاة في النصف الآخر. قلت: ولم؟ قال: لأن المرأة قد حال عليها الحول وهي تملك الذي أخذت، ووجبت عليها فيه الزكاة، والزوج إنما وجب له نصف ذلك حين يطلقها، فلا يجب عليه فيه زكاة؛ لأنه لم يحل عليه الحول منذ يوم ملكه. وهذا قول أبي حنيفة الأول. وقال أبو حنيفة بعد ذلك: ليس على واحد منهما زكاة قلت: وكذلك إن كانت بغير أعيانها؟ قال: نعم. قلت: فإن دفعها إلى امرأته وحال عليها الحول ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: تزكي المرأة المال كله. ¬

_ (¬1) م: شيء. (¬2) م: جانا. (¬3) م: يغرف. (¬4) م: بلى. (¬5) م: فيكابره. (¬6) م: يكانره؛ ق - فيمكث سنة يكافره. (¬7) قال المطرزي: كَافَرَني حقي: جحده، ومنه قول عامر: إذا أقر عند القاضي بشيء ثم كافر. وأما قول محمد -رحمه الله-: "رجل له على آخر دين فكافره به سنين"، فكأنه ضمّنه معنى المماطلة فعتاه تعديته. انظر: المغرب، "كفر". (¬8) ق: في يدي. (¬9) م: ثم طلقها.

قلت: ولم؟ قال: لأنه كان في ملكها وحلت (¬1) عليها فيه الزكاة. قلت: وكذلك لو تزوجها على إبل أو غنم أو بقر سائمة ثم دفعها إليها وحال عليها الحول ثم طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال: لا، أما هذا فليس عليها إلا زكاة ما بقي. قلت: ولو تزوجها على عبد ودفعه إليها فجاء يوم الفطر وهو عندها (¬2)، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فعليها زكاة الفطر؟ قال: نعم. قلت: فإن كان العبد عند (¬3) الزوج ثم طلقها قبل أن يدخل بها (¬4) فليس عليه زكاة الفطر ولا عليها؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كانت الإبل والغنم والبقر عند الزوج والإبل سائمة فتزوجها عليها، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، ثم دفع إليها نصفها، أتزكيها (¬5) وقد حال عليها الحول؟ قال: إن كان في مثل ما أخذت (¬6) تجب فيه (¬7) الزكاة زكتها (¬8)، وإلا فلا زكاة عليها، وأما الزوج فلا زكاة عليه. وقال أبو حنيفة بعد ذلك: لا زكاة على واحد (¬9) منهما. قلت: أرأيت الرجل تكون له مائتا درهم وعليه مثلها, وله أربعون شاة سائمة أو خمس من الإبل أو ثلاثون من البقر، هل عليه زكاة فيها؟ قال: نعم؛ لأن عنده دراهم وفاء بدينه. قلت: فإن كان عليه دين مائتا درهم وعشرة دراهم؟ قال: ليس عليه زكاة في شيء من ذلك؛ لأن عليه فضل دين ليس به عنده وفاء من الدراهم. قلت: أرأيت الرجل تكون (¬10) له أربعون شاة سائمة ومائتا درهم، وعليه مائتا درهم (¬11) دين، هل عليه زكاة؟ قال: نعم، يزكي الغنم، وتبطل عنه زكاة الدراهم. قلت: فإن لم يأته المصدق وكان ذلك إليه، والغنم تساوي مائتي درهم، يزكي أيهما شاء، ¬

_ (¬1) م: وحل. (¬2) م: عبدها. (¬3) م: عبد. (¬4) ق - ثم دفع إليها نصفها أيزكيها وقد حال عليها الحول. (¬5) م ق: أيزكيها. (¬6) م: ما أحدث. (¬7) ق: فيها. (¬8) م: زكيها. (¬9) ق: على أحد. (¬10) ق: يكون. (¬11) ق - وعليه مائتا درهم.

ويترك الآخر ويجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت خمس من الإبل مكان الدراهم (¬1) وهي تساوي مائتي درهم زكى أيهما شاء؟ قال: نعم. قلت: فإذا جاء المصدق فأخبره بما عليه من الدين وبما له؟ قال: يزكي المصدق الإبل. قلت: أرأيت الرجل يكون في عسكر الخوارج، فلا يؤدي زكاة ماله سنة أو سنتين، ثم يتوب أهل البغي وهو معهم، هل يؤخذ بزكاة (¬2) ماله لما مضى أو أحد (¬3) من أصحابه؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم تكن أحكامنا (¬4) تجري عليهم فيه. قلت: فهل عليهم فيما بينهم وبين الله تعالى أن يؤدوا الزكاة لما مضى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل من أهل البغي يبعثونه رسولاً إلى أهل العدل فيمر على العاشر بالمال أيأخذ منه الزكاة؟ قال: نعم. قلت: كما يأخذ (¬5) من المسلم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت القوم يسلمون في أرض الحرب فيمكثون بها سنين وقد علموا أن الزكاة عليهم وصدقوا بذلك وعرفوا كيف هي، فلم يؤدوها سنين، ثم خرجوا إلى دار الإِسلام بأموالهم وإبلهم وغنمهم وبقرهم (¬6)، هل يؤخذ منهم لما مضى (¬7) شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الحكم لم يكن يجري عليهم، ولكن عليهم فيما بينهم وبين الله تعالى أن يؤدوه. قلت: أرأيت رجلاً من المسلمين مر على عاشر بمال فكتمه إياه، حتى اختلف عليه كذلك سنين يتّجر به لا يؤدي زكاته، ولا يعلم به العاشر، ثم إن العاشر اطلع عليه وأخبره الرجل أنه اختلف به عليه منذ سنين يتجر به، أيؤخذ منه لما مضى تلك السنين؟ قال: نعم. قلت: وكذلك صاحب الإبل والبقر والغنم (¬8) إذا أتاه المصدق وكانت قصته على ما وصفت لك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك صاحب الأرض لها عشر؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن الحكم يجري على هؤلاء. ¬

_ (¬1) م: الدرهم. (¬2) م: زكاة. (¬3) م: أو أخذ. (¬4) م: احكاميا. (¬5) م: نأخذ. (¬6) ق - وبقرهم. (¬7) م - مضى. (¬8) ق: والغنم والبقر.

قلت: أرأيت شريكين متفاوضين لهما مال، فلما حال عليه الحول أدى كل واحد منهما زكاة المال بغير أمر صاحبه؟ قال: يضمن كل واحد منهما ما أدى عن صاحبه لصاحبه. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يأمره بذلك. قلت: فإن كان كل واحد منهما قد أمر صاحبه إذا حال الحول أن يؤدي ذلك، فأديا جميعاً معا؟ قال: يضمن كل واحد منهما حصة صاحبه مما أدى. قلت: فإن أدى أحدهما قبل صاحبه؟ قال: يضمن الآخر ما أدى عن صاحبه، ولا يضمن الأول ما أدى. قلت: ويجزئ عنهما صدقتهما (¬1) الأول؟ قال: نعم. قلت: فهل يجزئ عنهما في المسألة الأولى؟ قال: يجزئ كل واحد منهما ما أدى عن نفسه، ويضمن ما أدى عن صاحبه لصاحبه. قلت: ولم ضمنت الآخر ما أدى وقد أدى بأمر صاحبه ولم يعلم أنه قد أدى الصدقة؟ قال: لأنه أمره أن يؤدي الزكاة، وإنما أدى غير الزكاة. هذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: وأما أنا فلا أرى عليه ضماناً. وهو قول محمد. قلت: أرأيت رجلاً أودع رجلاً مالاً فجحده سنين، ثم رده عليه، هل عليه زكاة ما مضى؟ قال: ليس عليه زكاة فيما مضى. قلت: أرأيت رجلاً دفن مالاً في أرض له أو في بعض بيوته فخفي عليه موضعه حتى مضى كذلك سنين، ثم وجده بَعْدُ، هل عليه زكاة ما مضى؟ قال: ليس عليه فيما دفن في الأرض فخفي عليه زكاة، ولكن عليه زكاة فيما دفن في بيوته. قلت: فما الفرق بين ما في أرضه وما في بيوته؟ قال: لأن ما في الأرض لا يشبه ما في بيوته؛ لأن ما (¬2) في بيته كأنه (¬3) صندوقه، فإذا علم أنه قد دفنه فهو في يده. قلت: أرأيت رجلاً سقط منه مال في مفازة ثم وجده بعد سنين، أو وقع في طريق من طرق المسلمين ثم أصابه بعد سنين، هل عليه في شيء من ذلك زكاة لما مضى من السنين؟ قال: لا، ليس عليه زكاة لما مضى. ¬

_ (¬1) ك: صدقة؛ ق: صدقته. (¬2) ك ق: بما. (¬3) م: كان.

باب الذهب والفضة والركاز والمعدن والرصاص والنحاس والحديد والجوهر وغيره

باب الذهب والفضة والركاز والمعدن والرصاص والنحاس والحديد والجوهر وغيره (¬1) قلت: أرأيت معدن الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد إذا عمل فيه المسلم والذمي والعبد والمكاتب والمدبر وأم الولد والمرأة فأصابوا ركازاً؟ قال: يؤخذ منهم خمس ما أصابوا ولهم أربعة أخماس. قال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العَجْمَاء جُبَار، والقليب جُبَار، والمعدن جُبَار (¬2)، وفي الركاز الخمس" (¬3). محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: في المعدن الخمس (¬4). قلت: فإن كان المعدن في أرض العشر وأرض الجبل أهو سواء؟ قال: نعم، هو سواء. قلت: أرأيت الرجل يعمل في المكان من المعدن يوماً، فيجيء آخر من الغد فيعمل في ذلك المكان فيصيب منه المال، فيقول الأول: أنا أحق ¬

_ (¬1) ق: وغير ذلك. وقد ذكر المؤلف آثارا عديدة متعلقة بأخذ الخمس من الركاز والمعدن في كتاب الصرف، باب الصرف في المعدن والكنز وتراب الصواغين. انظر: 1/ 297 و - 298 و. (¬2) جُبَار أي هدر، يقال: ذهب دمه جُبَارا، ومعنى الأحاديث أن تنفلت البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إنسانا أو شيئاً فجرحها هدر، وكذلك البئر القديمة التي ليست ملك أحد يسقط فيها إنسان فيهلك فدمه هدر، والمعدن إذا انهار على حافره فقتله فدمه هدر. انظر: لسان العرب، "جبر". والقليب هو البئر، وقيل: البئر القديمة. انظر: لسان العرب، "قلب". (¬3) الآثار لمحمد، 100؛ والحجة له، 1/ 437. وانظر: الموطأ، العقول، 12؛ والآثار لأبي يوسف، 88؛ وصحيح البخاري، الزكاة، 66؛ وسنن النسائي، الزكاة، 28؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 183. (¬4) الآثار لأبي يوسف، 89.

به، لمن يكون ذلك المال؟ قال: يخمس، وما بقى بعد الخمس فهو للذي عمل فيه بعد ذلك أخيراً (¬1). قلت: أرأيت اللؤلؤ يستخرج من البحر أو العنبر ما فيه؟ قال: ليس فيه شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه بمنزلة السمك. قلت: وما بال السمك لا يكون فيه شيء؟ قال: لأنه صيد، وهو بمنزلة الماء؛ ولأن الأثر لم يأت في السمك. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك: أرى في العنبر (¬2) الخمس. قلت: أرأيت الياقوت والزُّمُرُّد والفيروزج (¬3) يوجد في المعدن أو في الجبال هل في شيء منه خمس أو عشر؟ قال: لا، ليس فيه خمس ولا عشر. قلت: ولم؟ قال: لأنه حجارة. قلت: ولو كان في شيء من هذا لكان في الكُحْل والزِّرْنِيخ والمَغْرَة (¬4) والتُّورَة والحصى، وهذا كله حجارة، وليس في الحجارة شيء. قلت: أرأيت الزئبق إذا أصيب (¬5) في معدنه هل فيه شيء؟ قال: نعم، عليه الخمس. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: ما أرى فيه شيئاً. قلت: أرأيت الرجل يصيب الركاز من الذهب أو الفضة أو الجوهر مما يعرف أنه قديم فيحفره (¬6) فيخرجه من أرض الفلاة؟ قال: فيه الخمس، وما بقي فهو له؛ لأنه جاء الأثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في الركاز الخمس" (¬7)، والركاز هو الكنز. قلت: فإن كان الذي استخرجه مكاتباً أو ¬

_ (¬1) م: آخرا. (¬2) م: في العشر. (¬3) الفيروزج ضَرْب من الأصباغ. انظر: لسان العرب، "فيروزج". (¬4) المغيرة طين أحمر يستعمل في الصبغ. انظر: القاموس المحيط، "مغر". (¬5) ك: إذا أصاب؛ ق: إذا أصبت. (¬6) م: فيحقره. (¬7) تقدم قريباً. وانظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 462.

ذمياً أو عبداً أو امرأة أو صبياً؟ قال: هو كذلك أيضاً، يؤخذ منه الخمس، وما بقي فهو له. قلت: أرأيت الرجل يجد الركاز في دار الرجل فيتصادقان جميعاً أنه ركاز؟ قال: هو للذي يملك رقبة الدار، وفيه الخمس. قلت: أرأيت إن كان الذي وجده قد استأجر الدار من صاحبها أو استعارها؟ قال: وإن كان فهو لصاحب الدار. قلت: فإن (¬1) اشتراها منه رجل فوجد فيها ركازاً فأقرا جميعاً أنه ركاز؟ قال: هو لرب الدار الأول منهما. قلت: فإن كان الذي باعها إنما اشتراها من رجل آخر؟ قال: فالركاز للذي كان له الأصل، يخمس، وما بقي فهو له. قلت: وكذلك الركاز يوجد في أرض رجل؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وهو قياس الأثر عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (¬2). وقال أبو يوسف: أما أنا فأراه للذي أخذه، أستحسن ذلك. قلت: أرأيت الرجل يدخل أرض الحرب بأمان فيجد ركازاً في دار رجل منهم؟ قال: يرده عليه. قلت: فإن وجده في الصحراء؟ قال: فهو له، وليس فيه خمس. قلت: ولم لا تجعل فيما وجد في أرض الحرب من الركاز خمساً كما جعلته في دار الإسلام؟ قال: لأن أرض الحرب لم يُوجِف عليها (¬3) المسلمون ولم يفتحوها، وأرض الإسلام قد أَوْجَفَ عليها ¬

_ (¬1) ك+ كان. (¬2) وصل هذا الأثر الإمام محمد في كتاب الصرف، فقال: وحدثنا [أبو يوسف] عن عبد الله بن بشر عن جبلة بن حُمَمَة الخثعمي عن رجل منهم قال: خرج في يوم مطر إلى دير جرير فوقعت منه ثُلْمَة، فإذا بُسْتُوقَة أو جرة فيها أربعة آلاف مثقال. فأتيت بها عليًا - رضي الله عنه -، فقال: أربعة أخماسها لك، والخمس الباقي اقسمه بين فقراء أهلك. ووصله الإمام محمد أيضاً في الحجة، 1/ 444، فقال: أخبرنا قيس بن الربيع الأسدي عن عبد الله بن بشر ... وانظر: السنن الكبرى للبيهقي، 4/ 156؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 261 - 262. (¬3) وَجَفَ البعير أو الفرس عَدَا وَجِيفاً، وهو ضرب سريع من السير، وأوجفه صاحبه إيجافًا، وقوله: "وما أوجف المسلمون عليه" أي أعملوا خيلهم أو رِكابهم في تحصيله. انظر: المغرب، "وجف"؛ ولسان العرب، "وجف".

المسلمون (¬1) وفتحوها، فمن ها هنا اختلفتا. قلت: أرأيت الرجل المسلم أو الذمي يكون في داره المعدن أو في أرضه؟ قال: هو له، وليس فيه خمس. وهذا قول أبي حنيفة. وقول (¬2) أبي (¬3) يوسف ومحمد: فيه الخمس. قلت: أرأيت الرجل من أهل الحرب يدخل دار الإسلام بأمان فيصيب كنزاً أو شيئاً من المعدن؟ قال: يؤخذ منه كله. قلت: ولم؟ قال: لأنهم ليس لهم مما في أرضنا شيء. قلت: فإن عمل في المعدن بإذن الإمام؟ قال: يخمس ما أصاب، وما بقي فهو له. قلت: أرأيت الرجل يكون له النحل (¬4) في أرضه عَسَّالة (¬5) فيصيب من عسلها غلة عظيمة ما فيه؟ قال: إن كان في أرض (¬6) الخراج فليس فيه شيء، وإن كان في أرض العشر ففيه العشر. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو ذلك (¬7). قلت: أرأيت الرجل يكون في أرضه العين يخرج منها القِير (¬8) والنِّفْط (¬9) والملح وأرضه (¬10) أرض خراج ما عليه؟ قال: عليه خراج أرضه، ¬

_ (¬1) م - ولم يفتحوها وأرض الإسلام قد أوجف عليها المسلمون. (¬2) ق - وقول. (¬3) ق: وأبي. (¬4) ق: النخل. (¬5) العَسَّالة أي شُورَة النحل، وهو موضع العسل. انظر: القاموس المحيط، "شور، عسل". (¬6) ق: في الأرض. (¬7) وصله الإمام محمد فيما يأتي قريباً في باب العشر في الخلايا، حيث قال: محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن محرز عن الزهري قال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النحل العشر. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 373؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 13؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 9؛ وسنن النسائي، الزكاة، 29؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 390؛ والدراية لابن حجر، 1/ 264. (¬8) القِير بالكسر والقار: شيء أسود يُطلَى به السفن والإبل، أو هما الزِّفْت. انظر: القاموس المحيط، "قير". (¬9) النِّفْط والنَّفْط معروف يستعمل للإيقاد. انظر: العين، "نفط"؛ ولسان العرب، "نفط". (¬10) م: أو أرضه.

وليس عليه في هذا شيء. قلت: فإن كان هذا في أرض عشر؟ قال: فليس عليه أيضاً فيها (¬1) شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنها ليست من الثمار. قلت: أرأيت الرجل يجد الركاز في الصحراء (¬2) أو يعمل (¬3) في المعدن فيصيب (¬4) فيه المال، وعليه دين نحو مما أصاب، هل يخمس ما أصاب من الركاز والمعدن؟ قال: نعم (¬5). قلت: ولا تعد (¬6) هذا مانعاً (¬7) مثل الزكاة؟ قال: لا، إنما هو مغنم. قلت: أرأيت الرجل يتقبّل (¬8) المكان من المعدن من السلطان فيستأجر فيه أجراء، فيخرجون منه أموالأ، لمن تكون تلك الأموال؟ قال: للمستأجر الذي استأجرهم، ويخمس كله، وما بقي فهو له. قلت: فإن جاء قوم بغير أمره لم يستأجرهم فعملوا في ذلك المكان فأصابوا مالاً؟ قال: يخمس ما أصابوا، وأما ما (¬9) بقي فهو لهم، وليس للذي (¬10) تقبّل من ذلك شيء. قلت: أرأيت الرجل يكون (¬11) له الأرض من أرض العشر، فينبت فيها الطَّرْفَاء (¬12) والقصب الفارسي (¬13) أو غيره هل فيه عشر؟ قال: لا، ليس فيه ¬

_ (¬1) ق: فيها أيضا. (¬2) ق: في الصخرا. (¬3) م: ويعمل. (¬4) م: فقبضت. (¬5) م + قال نعم. (¬6) ق: بعد. (¬7) م ق - مانعا، صح ق فوق السطر. (¬8) قال المطرزي: وقَبَالة الأرض: أن يتقبّلها إنسان فيُقَبِّلها الإمام، أي يعطيها إياه مزارعة أو مساقاة، وذلك في الأرض الموات أو أرض الصلح، كما كان رسول الله يُقَبِّل خيبر من أهلها. وسميت شركة التقبُّل من تقبّل العمل. انظر: المغرب، "قبل". وقال الفيومي: وتقبّلت العمل من صاحبه إذا التزمته بعقد، والقَبالة بالفتح اسم المكتوب من ذلك لما يلتزمه الإنسان من عمل ودين وغير ذلك. قال الزمخشري: كل من تقبّل بشيء مقاطعة وكتب عليه بذلك كتاباً فالكتاب الذي يكتب هو القَبالة بالفتح، والعمل قِبالة بالكسر لأنه صناعة. انظر: المصباح المنير، "قبل". (¬9) م - ما. (¬10) م - للذي، صح هـ. (¬11) ق: تكون. (¬12) الطرفاء شجرة من أشجار الصحراء، وقد يأكلها الإبل. انظر: لسان العرب، "طرف". (¬13) القَصَب الفارسي هو نوع من القصب يُتَّخَذ منه الأقلام. انظر: المغرب، "قصب".

عشر، إنما هو حطب. قلت: وكذلك الحشيش والشجر الذي ليس له ثمر مثل السَّمُر (¬1) وشبهه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرياحين (¬2) والبُقُول كلها والرِّطَاب (¬3) القليل من ذلك والكثير هل فيه العشر؟ قال: نعم، كل شيء من ذلك تسقيه (¬4) السماء (¬5) أو سُقِيَ سَيْحًا (¬6) ففيه العشر، وكل شيء (¬7) يُسْقَى بغَرْبٍ (¬8) أو دَالِيَةٍ (¬9) أو سَانِيَةٍ (¬10) ففيه نصف العشر. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو من ذلك (¬11). قلت: أرأيت الوَسِمَة (¬12) فيها عشر إذا كانت في أرض العشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الزعفران والورد والوَرْس؟ (¬13) قال: نعم. قلت: وكذلك ¬

_ (¬1) السَّمُر من أشجار الصحراء، الواحدة: سَمُرَة. انظر: المغرب، "سمر". (¬2) الرياحين جمع ريحان، وهو نبات معروف، أو كل ما طاب ريحه من النبات، وعند الفقهاء الريحان ما لساقه رائحة طيبة كما لورقه كالآس، وهى شجرة ورقها عطر. انظر: المغرب، "أوس، روح". (¬3) ذكر المطرزي عن بعض الفقهاء أن البقول غير الرِّطَاب، فالبقول مثل الكُرّاث ونحو ذلك، والرِّطَاب هو القِثّاء والبطيخ والباذنجان. أما عند أهل اللغة فالرطاب هي نوع من العلف. انظر: المغرب، "رطب". والبقول قد تقدم تفسيرها. (¬4) ق: يسقيه. (¬5) ك: الماء. (¬6) ساح الماء سَيْحاً أي: جرى على وجه الأرض، ومنه "ما سُقِيَ سَيْحا"، يعني ماء الأنهار والأودية. انظر: المغرب، "سيح". (¬7) ق + وكل شيء. (¬8) م: بغرف. الغَرْب الدلو العظيم المصنوع من جلد ثور. انظر: المغرب، "غرب". (¬9) الدالية جِذْع طويل في رأسه مِغْرَفة كبيرة يُستقَى بها. انظر: المغرب، "دلب". (¬10) السانية البعير يُسْنَى عليه، أي يُستقَى من البئر، ويقال للغَرْب مع أدواته سانية أيضاً. انظر: المغرب، "سنو". (¬11) الخراج لأبي يوسف، 59؛ وصحيح البخاري، الزكاة، 55؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 7؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 12؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 464. (¬12) الوَسْمَة بكسر السين وسكونه، شجرة ورقها خِضَاب. انظر: المغرب، "وسم". (¬13) قال المطرزي: الورس هو صبغ أصفر، وقيل: نَبْت طيب الرائحة، وفي القانون: الوَرْس شيء أحمر يشبه سحيق الزعفران، وهو مجلوب من اليمن، ويقال: إنه ينحت من أشجاره. انظر: المغرب، "ورس".

قصب السُّكَّر؟ قال: نعم. قلت: لم وإنما هو قصب؟ قال: لأنه ثمر وليس بحطب. قلت: والحنطة والشعير والزبيب والذرة والسمسم والأرز وجميع الحبوب ففيه العشر (¬1). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يكون في شيء من هذا عشر حتى يبلغ خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، مما يكون له ثمرة باقية، فأما الخضر فلا عشر فيها. قلت: أرأيت الرجل يكون عليه الدين يحيط بقيمة أرضه هل عليه، عشر؟ قال: نعم. قلت: فإذا قال: علي دين، وحلف على ذلك، أيقبل منه قوله ويكف عنه؟ قال: لا يقبل قوله، وعليه العشر، وإن كان عليه دين. قلت: أرأيت المكاتب هل في أرضه العشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الصبي والمجنون المغلوب؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن العشر بمنزلة الخراج في هذه المنزلة. قلت: أرأيت رجلاً له أرض يؤدي خراجها هل عليه فيها عشر؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يستأجر الأرض من أرض العشر فيزرعها على من عشرها؟ قال: على رب الأرض، وليس على المستأجر شيء. محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم نحواً من هذا (¬2). قلت: فلو آجرها بمائة درهم وأخرجت الأرض أربعين كُرَّا (¬3) كان عليه أربعة أكرار؟ قال: نعم. قلت: فإن منحها إياه مِنْحَة على من عشرها؟ قال: على الذي زرعها. قلت: ولم؟ قال: لأن صاحبها لم يأخذ لها أجراً. ¬

_ (¬1) ط + قال نعم. (¬2) ك + أو ذلك؛ ق - نحوا من هذا. (¬3) الكُرّ مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر".

قلت: أرأيت الرجل المسلم يشتري من الكافر أرضاً من أرض الخراج أيكون عليه العشر؟ قال: لا، ولكن عليه الخراج. قلت: أرأيت الكافر اشترى من المسلم أرضاً من أرض العشر أيكون عليه فيه العشر أو الخراج؟ قال: يكون عليه الخراج. قلت: فإن أخذها مسلم بالشفعة؟ قال: فهو جائز، وعلى المسلم العشر. قلت: فإذا باع المسلم أرضاً من أرض العشر من كافر وهو بالخيار أو الكافر بالخيار فيها، أو يبيعها (¬1) بيعاً فاسداً فيردها الكافر عليه، ما عليه (¬2) في هذا كله؟ قال: عليه العشر. قلت: فلم جعلت على الكافر الخراج إذا اشتراها؟ قال: لأنه لا يكون على الكافر عشر، إنما هي بمنزلة دار كانت (¬3) لكافر فليس عليه فيها شيء، فإذا جعلها (¬4) بستاناً كان عليه فيها الخراج. قلت: والعشر لا يجب على أرض يؤدي صاحبها الخراج ولا على رجل يؤدي في أرضه أجراً؟ قال: نعم، وهذا قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت رجلاً نصرانياً من بني تغلب له أرض من أرض العشر اشتراها من رجل مسلم ما عليه فيها؟ قال: يضاعف عليه فيها العشر، فإن كانت سَيْحاً أو تُسقَى (¬5) من السماء فعليه فيها الخمس، وإن كانت تشرب بغَرْب (¬6) أو دَالِيَة أو سَانِيَة فعليه فيها العشر. قلت: وضاعفت عليه كما ضاعفت في أموالهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن باعها من مسلم أو أسلم عليها؟ قال: عليها العشر مضاعفًا. قلت: أرأيت العبد النصراني يعتقه النصراني من بني تغلب فيشتري أرضاً من أرض العشر؟ قال: عليه فيها الخراج، ولا يُنَزَّل منزلة مولاه. قلت: لم؟ قال: لأن مولاه لا يكون في هذا أعظم حرمة من مولى المسلم (¬7) إذا أعتقه وهو نصراني، ولو أن رجلاً أعتق عبداً له نصرانياً كان على (¬8) عبده الخراج (¬9)، وإن اشترى أرضاً من أرض العشر كان عليه الخراج، وإن كان له إبل أو غنم أو بقر فليس ¬

_ (¬1) ق: ويبيعها. (¬2) م ق - ما عليه. (¬3) ق: كاتب. (¬4) ك م ق: جعلتها. والتصحيح من ج. (¬5) ك: أو يسقى. (¬6) م: بغرف. (¬7) م: من موالي المسلمين. (¬8) ق - على. (¬9) م - الخراج.

عليه فيها شيء، وكذلك العبد النصراني إذا أعتقه النصراني من بني تغلب. قلت: أرأيت ما كان في أرض العشر من قَصَب الذَّرِيرَة (¬1) هل عليه فيها عشر؟ قال: نعم. قلت: لم وإنما هو قصب؟ قال: لأنه بمنزلة الريحان. قلت: أرأيت أرض العشر ما هي وأين تكون؟ قال: ما كان في (¬2) أيدي العرب بالبادية وأرض الحجاز من أرض العرب بالبَرِّيّة فهي من أرض العشر، وما كان من أرض السواد مما لا يبلغه الماء فاستحياه رجل واستخرجه بأمر السلطان فهي من أرض العشر، وما كان من ذلك يبلغه الماء فهو أرض الخراج. قلت: أرأيت قوماً من أهل الحرب أسلموا في دارهم (¬3) أيكون أرضهم من أرض العشر؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنهم أسلموا عليها، ولم يفتح المسلمون بلادهم فيكون فيئاً، فأرضهم من أرض العشر. قلت: فكل أرض تكون في اليمن (¬4) والحجاز وتِهَامة والبَرِّيّة أتجعلها (¬5) أرض عشر؟ قال: نعم. قلت: وأيما (¬6) أرض (¬7) تجعلها (¬8) من أرض العشر إذا جاء العاشر (¬9) يأخذ عشر الأرض فقال صاحبها: قد أديته، وحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: لا، ولكن يأخذ منه العشر. قلت: لم؟ قال: لأن هذا مما يأخذ السلطان، وهو بمنزلة الصدقة صدقة الإبل والبقر والغنم. ¬

_ (¬1) قَصَب الذَّرِيرَة ضَرْب من القَصَب متقارب العُقَد يتكسّر شظايا كثيرة، وأنبوبه مملوء مِن مِثل نسج العنكبوت، وفي مَضغه حَرَافة، ومسحوقه عِطْر إلى الصفرة والبياض. انظر: المغرب، "قصب". (¬2) ك م ق ط: قال أما في. والتصحيح من ج ر. (¬3) ق: في دراهم. (¬4) ق: يكون في التمن. (¬5) ق: أيجعلها. (¬6) م ق: وانما. (¬7) م ق - أرض. (¬8) ق: جعلها. (¬9) م - العاشر.

قلت:. أرأيت رجلاً أعطى عشر أرضه وزكاته وزكاة إبله وبقره وغنمه صنفاً واحداً من المساكين والفقراء، أيسعه (¬1) ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم. محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن المنهال عن شقيق عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أُتي بصدقة، فبعث بها إلى أهل بيت واحد (¬2). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مثله (¬3). محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنهما - مثله (¬4). قلت: أرأيت إن وضع ذلك في الفقراء ولم يأت به السلطان أيسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن عجل زكاة ماله لسنتين أيسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم، ولا يجزيه إن أعطى عشر أرضه لسنتين مستقبلة وإن كان نخل وشجر، كما لا يجزيه زكاة ماله قبل أن يكتسب. قلت: أرأيت إن لم يخرج (¬5) من أرضه شيء وقد أعطى زكاتها، أو إن أعطى زكاتها عن صنف (¬6) وزرع غير الذي أعطى زكاته؟ قال: لا يجزيه، وإن كان زرع الأرض فلا بأس أن يعجل (¬7) عشره قبل أن يدرك بعد أن (¬8) يخرج لسنته تلك، ولا يجزى أن يعجل لسنين؛ لأنه لا يدري هل يزرع ذلك من قابل أم ¬

_ (¬1) ك: يسعه. (¬2) م: واحده. وانظر: الخراج لأبي يوسف، 88. وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: إذا أعطيتم فأغنوا، يعني من الصدقة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 403. (¬3) الخراج لأبي يوسف، 88. (¬4) الخراج لأبي يوسف، 88. (¬5) ق: لم يجرج. (¬6) م: عن صيف. (¬7) ك: ان تعجل. (¬8) ق: وان.

لا، فأما إذا أعطاها (¬1) وقد زرع فإنه يجزيه لزرعه ذلك، ولا يجزيه للنخل والشجر إلا أن يكون قد خرج الثمر وإن لم يبلغ. قلت: أفيعطي منها ذوي قرابة له وهم فقراء؟ قال: نعم. قلت: فإن أعطى منها أخاه أو أخته أو ذا رحم (¬2) محرم من رضاع أو نسب أجزاه ذلك؟ قال: نعم (¬3) ما خلا الوالد والولد (¬4) والأم، فإنه لا يعطيهم من زكاة ماله ولا من عشر أرضه. قلت: أرأيت إن أعطى زكاة ماله أمه أو أباه أو ولده أو ولد ولده أو امرأته هل يجزيه ذلك من زكاة ماله ومن عشر أرضه؟ قال: لا. قلت: فإن أعطى منها جدته من قبل أمه أو من قبل أبيه (¬5) أو ابنته أو ابنة ابنته أو ابن ابنته أو عبده أو مدبره أو أم ولده؟ قال: لا يعطي أحداً من هؤلاء من زكاة ماله. قلت: فإن أعطاهم؟ قال: لا يجزيه من زكاته ولا من عشر أرضه. قلت: فهل يجزي من أعطى سوى هؤلاء من ذوي الرحم المحرم إذا كانوا محتاجين؟ قال: نعم. بلغنا عن إبراهيم أنه قال: لا يعطي من الزكاة يهودياً ولا نصرانياً ولا مجوسياً، ولا يعطي الرجل امرأته، ولا تعطي (¬6) المرأة زوجها من زكاتها؛ لأنه يجبر على أن ينفق عليها (¬7). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس بأن تعطي (¬8) المرأة زوجها من زكاتها. لأنها لا تجبر على أن تنفق عليه. قال: وكذلك بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬9). قلت: فإن أعطى منها غنياً (¬10) وهو لا ¬

_ (¬1) م: إذا ما أعطاها. (¬2) ك: أو ذوي رحم. (¬3) ك - قلت فإن أعطى منها أخاه أو أخته أو ذوي رحم محرم من رضاع أو نسب أجزاه ذلك قال نعم، صح هـ. (¬4) ك ق: الولد والوالد. (¬5) م - أو من قبل أبيه. (¬6) ق: يعطي. (¬7) تقدم قريباً بسنده. وبعضه في المصنف لعبد الرزاق، 4/ 112؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402. (¬8) ق: يعطي. (¬9) صحيح البخاري، الزكاة، 48؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 45؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 402. (¬10) ق: عنبا.

يعلم؟ قال: يجزيه. وهو قول أبي حنيفة ومحمد إذا سأله فأعطاه. وقال أبو يوسف: لا يجزيه إذا علم بعد ذلك. قلت: فإن أعطى أحداً (¬1) من جميع هؤلاء الذين (¬2) ذكرت لك وهو لا يعرفه وإنما سأله فأعطاه؟ قال: يجزيه في ذلك كله إلا في عبده أو أمته أو مدبره أو مكاتبه (¬3) أو أم ولده، فإن هؤلاء ماله، فلا يجزيه. قلت: ولم لا يجزيه إن أعطى أحداً من هؤلاء وهو لا يعلم؟ قال: لأن هؤلاء كلهم ماله، فلذلك (¬4) لا يجزي. قلت: أرأيت الرجل يعطي الرجل من الزكاة وله دار أو مسكن وخادم هل يجزيه في قول أبي حنيفة ومحمد ذلك؟ قال: نعم. بلغنا عن إبراهيم أنه قال: يعطى من الزكاة من له دار وخادم (¬5). قلت: وهل يعطي الرجل من زكاته رجلاً واحداً مائتي درهم وليس له عيال؟ قال: أكره له ذلك. قلت: فإن أعطاه مائتي درهم وهو محتاج أيجزيه ذلك من زكاته؟ قال: نعم، يجزيه، وأكره له أن يبلغ به مائتين إذا لم يكن له عيال أو لم يكن عليه دين. قلت: أرأيت الرجل يسأله (¬6) الرجل الغني وهو لا يعلم ما هو فيعطيه من الزكاة، أو يسأله الرجل من أهل الحرب فيعطيه وهو لا يعلم، ثم علم (¬7) به بعد ذلك، هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. وهو قول محمد. قلت: أرأيت الرجل من أهل الكوفة له مال يتّجر فيه فتحل (¬8) فيه الزكاة أيعطيها بالكوفة أو ببلد غيرها؟ قال: بل يعطيها بالكوفة، وأكره له أن يعطيها بغير الكوفة. قلت: وكذلك كل رجل من أهل بلاد حلت (¬9) عليه ¬

_ (¬1) م - أحدا، صح هـ. (¬2) م: الذي. (¬3) ك م ق: أو مدبرته أو مكاتبته. وسقطت العبارة من نسختي ج ر. والتصحيح من ط، ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف النسخ. (¬4) ق: فكذلك. (¬5) تقدم تخريجه. (¬6) ق: يسله. (¬7) م: فعلم. (¬8) ق: فيحل. (¬9) م: حلب.

الزكاة في بلد يعطيها أهل بلاده؟ قال: نعم. قلت: فإن أعطاها غيرهم (¬1) متعمداً لذلك خرج بها حتى أعطاها أو بعث بها؟ قال: يجزيه، وأكره له ذلك. قلت: أرأيت الرجل يكون له المال غائباً عنه فيحتاج أيحل له أن يقبل الصدقة؟ قال: نعم. قلت: ولا يجب عليه في ماله ذلك الغائب الصدقة؟ قال: لا، حتى يرجع إليه. قلت: أرأيت الرجل يكون له على الرجل الدين فيتصدق به عليه ويحسب ذلك من زكاته أيجزيه ذلك من زكاته؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه لم يقبضه منه بعد. قلت: فإن تصدق به على آخر وأمره أن يقبضه منه فقبضه، أيجزيه من زكاته ويحسب له؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يتصدق عن الرجل (¬2) بدراهم من زكاة ماله ولم يأمره ثم علم بعد ذلك فرضي به؟ قال: لا يجزيه من زكاته. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يأمره بذلك. قلت: فإن أمره بذلك فتصدق به بعدما أمره أيجزيه من زكاته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يكون له عند الرجل طعام فيحول عليه الحول، وهو للتجارة وليس له مال غيره، وهو يساوي مائتي درهم، فمكث بعد ذلك أشهراً، فأخذه صاحبه وهو يساوي مائة درهم، وهو مائتا قَفِيز (¬3) حنطة؟ قال: يعطي منه خمسة أَقْفِزَة زكاته. قلت: فإن كان إنما يساوي خمسة أَقْفِزَة اليوم درهمين ونصفاً؟ قال: وإن كان؛ لأنه ربع عشره. قلت: أرأيت الرجل إن أكل الطعام ولم يزكه، ثم جاءك يستفتيك، وإنما قيمته يوم أخذه وأكله مائة درهم، ماذا عليه؟ قال: عليه خمسة دراهم. قلت: ولم؟ قال: لأنه حال عليه الحول وهو يساوي مائتي درهم. وهذا قول أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) ك م ق: غيرهما؛ ط: غيرها. وسقطت العبارة من ج ر. (¬2) ق: على الرجل. (¬3) القفيز ثمانية مكاكيك، والمَكُّوك صاع ونصف. انظر: المغرب، "قفز، كرر". فالقفيز إذن اثنا عشر صاعاً.

باب العشر في الخلايا

وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى عليه درهمين ونصفاً. وهذا قول محمد. قلت: أرأيت الرجل التاجر يمر على العاشر بالطعام فيقول: هذا الطعام من زرعي (¬1)، ويحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: نعم. ... باب العشر في الخلايا (¬2) محمد عن أبي يوسف عن عبد الله بن محرز عن الزهري قال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النحل (¬3) العشر (¬4). قال: وبلغنا عن عمر بن الخطاب أن أقواماً كانت لهم خلايا في الجاهلية، فطلبوها إلى أميرهم في زمن عمر، فقالوا (¬5): احمه (¬6) لنا (¬7)، فكتب إلى عمر، فكتب (¬8) إليه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن احمه لهم، وخذ منهم العشر (¬9). قلت: وما الخلايا؟ قال: النحل (¬10). قلت: أرأيت إذا كان لرجل نحل (¬11) في أرض من (¬12) أرض العرب ¬

_ (¬1) أي: أنه أدى الواجب عند حصاد الزرع. (¬2) الخلايا جمع الخَلِيّة، وهي بيت النحل التي تُعَسِّل فيه. انظر: المغرب، "خلو". (¬3) ق: في النخل. (¬4) تقدم تخريجه. (¬5) ك م ط: فقال. والسياق يقتضي الجمع. ويمكن أن يقال "فقال" أي الأمير، لكنه بعيد. وقد سقطت العبارة من ج ر. (¬6) ق: احميه. (¬7) م: انا؛ ق: النا. (¬8) ق - فكتب. (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 62؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 13؛ وسنن الترمذي، الزكاة، 9؛ وسنن النسائي، الزكاة، 29. (¬10) م ق: النخل. وهذا مجاز عن بيوت النحل. (¬11) م: نخل. (¬12) ق - أرض من.

مما يكون فيه العشر هل يكون فيما استخرج من عسلها العشر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان العسل قليلاً أو كثيراً (¬1) أيجب فيه العشر فيما كان من ذلك؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. وقال محمد: ليس فيما دون خمسة أوسق من العسل عشر. قلت: أرأيت النحل إذا كان في أرض رجل مسلم والأرض أرض خراج هل يكون فيه عشر؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن كان في أرض ذمي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان في أرض رجل من بني تغلب كم يؤخذ من ذلك؟ قال: عُشْران. قلت: أرأيت إن كان ذلك (¬2) في أرض لمكاتب قد اشتراها وهي من أرض العشر هل يكون في ذلك عشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كانت أرض صبي أو معتوه مغلوب؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان هذا في أرض رجل من المسلمين وهي من أرض العشر وعليه دين كثير هل يؤخذ منه العشر من ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا ليس بمنزلة الزكاة؛ ألا ترى أن الرجل إذا كانت له أرض من أرض العشر وعليه دين كثير (¬3) كان عليه العشر فيما أخرجت الأرض، فكذلك (¬4) هذا. قلت: أفرأيت (¬5) إن كان ذلك العسل في أرض من أرض العشر فكان يكون ذلك في السنة مرتين أو ثلاثاً، هل يؤخذ (¬6) عشر ذلك كله؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت النحل إذ كانت في الجبال أو في أرض ليست لأحد أرض فلاة، فأصاب رجل من المسلمين شيئاً من عسلها، هل يكون فيه ¬

_ (¬1) ق: قليل أو كثير. (¬2) م: ذلك إن كان. (¬3) م - هل يؤخذ منه العشر من ذلك قال نعم قلت ولم قال لأن هذا ليس بمنزلة الزكاة ألا ترى أن الرجل إذا كانت له أرض من أرض العشر وعليه دين كثير. (¬4) م: وكذلك. (¬5) م: أرأيت. (¬6) م + عليه.

باب عشر الأرض

عشر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً في أرضه نحل والأرض من أرض العشر، وصاحب الأرض لا يعلم، فجاء رجل فأصاب ذلك، ما القول في ذلك كله؟ قال: ذلك كله لصاحب الأرض، وفيه العشر، ولا يكون للذي أصابه منه شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه في أرضه، فما كان فيها من شيء فهو لصاحبها. قلت: وإن كان صاحبها لم يتخذ ذلك؟ قال: وإن. قلت: أرأيت رجلاً دخل أرض الحرب بأمان فأصاب (¬1) شيئاً من ذلك في جبالها فأخرجه إلى دار الإسلام، هل يجب عليه في ذلك عشر؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه أصابه في أرض الحرب. قلت: أرأيت جيشاً من المسلمين دخلوا أرض الحرب فأصاب رجل منهم شيئاً من ذلك، هل يحل له أكله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أخرج شيئاً منه (¬2) من المغنم هل يقسم كما يقسم سائر المغانم؟ (¬3) قال: نعم. ... باب عشر الأرض قال: بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العشر فيما سقت السماء أو سُقِيَ سَيْحاً، ونصف العشر فيما سقي بسَوَاني" (¬4). قلت: أرأيت ما سقي بدَالِيَة أو نحوها أهو بمنزلة السَّانِية؟ (¬5) قال: نعم، وفيه نصف العشر. وكل أرض من أرض العشر سقته السماء أو سُقِيَ سَيْحًا ففيه العشر، وكل شيء سقي من ذلك بدالية أو سانية أو نحوها ففيه نصف العشر. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن في كل شيء أخرجت ¬

_ (¬1) ق: فأضاب. (¬2) م: منه شيئاً. (¬3) م: الغنم؛ ق: المغنم. (¬4) تقدم تخريجه قريباً. (¬5) تقدم تفسيرها.

الأرض العشر ونصف العشر (¬1). قلت: أرأيت الأرض (¬2) التي يجب فيها العشر ما هي؟ قال: كل أرض من أرض العرب (¬3) ما لم يُوجِف المسلمون عليها، وكل أرض من أرض الجبال مما استخرجه الرجل مما لا يبلغه الماء من الأنهار العظام من نحو الفرات ونحوها من الأنهار (¬4)، فأما ما استخرج (¬5) من ذلك مما لا يبلغه الماء ففيها العشر، وأما ما سوى ذلك من أرض الجبل والسواد مما أَوْجَفَ المسلمون عليها ففيها الخراج. قلت: أرأيت أرضاً من أرض العشر خرج منها طعام كثير فباعه قبل أن يؤدي عشره، فجاء صاحب العشر والطعام عند المشتري، هل للمصدق أن يأخذ من المشتري عشر الطعام وهو قائم بعينه في يده؟ قال: نعم إن شاء. قلت: فهل يرجع المشتري على البائع بعشر الثمن؟ قال: نعم. قلت: وإن شاء المصدق أخذ من البائع وترك المشتري؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً باع أرضاً من أرض العشر وفيها زرع قد أدرك، على من عشرها وقد باع الزرع مع الأرض، أعلى المشتري أو على البائع؟ قال: عشر الزرع على البائع. قلت: لم؟ قال: لأن البائع باعه بعدما وجب فيها العشر. قلت: أرأيت إن باعها والزرع بَقْل على من العشر، عشر الزرع إذا ما حصد؟ قال: على المشتري. قلت: ولم؟ قال: لأنه باعه قبل أن يبلغ. قلت: أرأيت إن باع الزرع وهو قَصِيل (¬6) فقصله المشتري أيكون على البائع العشر في الثمن؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن البائع قد أخذ له ثمناً وقصله (¬7) قبل أن يبلغ. قلت: أرأيت إن باع الزرع وهو بَقْل ثم أذن البائع للمشتري أن يترك ذلك في أرضه، فتركه حتى استحصد ¬

_ (¬1) الآثار لمحمد، 55؛ والحجة له، 1/ 498. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 90؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 371، 372؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 2/ 37. (¬2) ق - الأرض. (¬3) ك: الغرب. (¬4) م + العظام. (¬5) ق: ما استخرجه. (¬6) تقدم تفسيره. (¬7) م: وقصيله.

فحصده، على من العشر؟ قال: على (¬1) المشتري؛ لأنه هو الذي حصد. قلت: وكذلك كل شيء من الثمار وغيرها فيما فيه العشر باعه صاحبه قبل أن يبلغ في أول ما يطلع، ثم تركه المشتري حتى يبلغ بإذن البائع، ثم يكون عشر ذلك على المشتري؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً اشترى أرضاً من أرض العشر للتجارة فزرعها أعليه الزكاة للتجارة (¬2) أو عشر الأرض؟ قال: ليس (¬3) عليه زكاة للتجارة، وإنما عليه عشر ما أخرجت الأرض. قلت: ولم؟ قال: لأنه إذا اشترى أرضاً من أرض العشر سقطت عنه الزكاة، ولا تجتمع الزكاة والعشر في أرض واحدة. قلت: وكذلك لو اشترى أرضاً من أرض الخراج للتجارة؟ قال: نعم يكون عليه الخراج ولا يكون عليه الزكاة فيها، ولا يجتمع خراج وزكاة ولا زكاة وعشر في أرض واحدة. قلت: أرأيت الرجل يموت وله أرض من أرض العشر، وقد أدركت غلتها (¬4) ووجب فيها العشر، أيؤخذ منها العشر؟ قال: نعم. قلت: ولم وصاحبها قد مات وصارت لغيره؟ قال: وإن. قلت: أرأيت الرجل تكون له الأرض من أرض العشر وفيها رَطْبَة (¬5)، وهي تُقْطَع كل أربعين ليلة، أيؤخذ منها العشر كلما قطعت؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. قلت: ولم؟ قال: لأن العشر في كل ما خرج منها. هذا قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت الرجل له أرض من أرض العشر فيزرعها ويحصد زرعها قبل أن تمضي (¬6) ستة أشهر أيؤخذ منه العشر؟ قال: نعم. قلت: فإن زرع فيها بقلاً أو بطيخاً أو خياراً أو قثاءً أو حبوباً أو نحو ذلك أو قرعًا هل يجب في شيء من هذا العشر؟ قال: نعم، يؤخذ العشر من ¬

_ (¬1) م - العشر قال على، صح هـ. (¬2) ق: للتجاه. (¬3) ك - ليس، صح هـ. (¬4) م: عليها. (¬5) نوع من العلف. انظر: المغرب، "رطب". (¬6) ق: أن يمضي.

هذا كله (¬1). وهذا كله قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ليس في الخُضَر (¬2) التي ليست لها ثمرة باقية عشر، نحو الرَّطْبَة والبقول كلها والبطيخ والقثاء وما أشبه ذلك. قلت: أرأيت العنب يبيعه عنباً، وربما باعه (¬3) بأكثر من قيمته وربما باعه بأقل، والأرض من أرض العشر، هل يؤخذ منه عشر الثمن إن باعه / [1/ 130 ظ] عصيراً أو عنباً بأقل من قيمته أو أكثر إذا لم يكن شيئاً حابى فيه وعرف ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يكون له النخل (¬4) فيصيب من غلته (¬5) غلة عظيمة ما يجب فيه؟ قال: إن كانت أرض خراج فليس فيه شيء، وإن كان ذلك في أرض العشر ففيه العشر. قلت: ولم لا يكون فيه إذا كان في أرض الخراج؟ قال: لأنه بلغنا عن عمر أنه لم يضع في النخل (¬6) شيئاً نخل (¬7) السواد، قال: لا تأخذوا (¬8) من النخل (¬9) شيئاً ولا من الشجر (¬10). قلت: فكيف تقول في الأرض؟ قال: يمسح (¬11) أرضاً بيضاء فيوضع (¬12) عليها الخراج كما يوضع على المزارع، قفيز ودرهم على كل جَرِيب. ¬

_ (¬1) م - كله. (¬2) الخُضَر جمع خضرة، وهي في الأصل لون الأخضر فسُمِّيَ به، ولذا جُمِع. وهي بمعنى الخَضْرَوات، بفتح الخاء لا غير. وهي الفواكه كالتفاح والكمثرى وغيرهما أو البقول كالكراث ونحوها. انظر: المغرب، "خضر". (¬3) م: اباعه. (¬4) م ط: النحل. (¬5) م: من عليه. (¬6) م ق ط: في النحل. (¬7) م ق ط: نحل. (¬8) م: لا يأخذوا. (¬9) م ق ط: من النحل. (¬10) أي: جعله تبعاً للأرض ولم يأخذ من نفس النخل شيئاً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 430؛ 6/ 435. (¬11) أي تقاس مساحة الأرض. (¬12) ق: فوضع.

قلت: أرأيت الرجل الذي تكون له الأرض وفيها عين يخرج منها القِير والنِّفْط (¬1) والملح وأرضه من أرض الخراج ما عليه؟ قال: عليه خراج أرضه، وليس عليه في هذا شيء. قلت: أرأيت لو كان هذا (¬2) في أرض عشر هل فيه شيء؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا ليس بثمر (¬3). قلت: أرأيت الرجل تكون له أرض من أرض العشر فتنبت (¬4) فيها الطَّرْفَاء أو القَصَب الفارسي (¬5) أو غيره هل فيه شيء؟ قال: لا. قلت: ولى؟ قال: لأن هذا حطب. قلت: وكذلك (¬6) الحشيش والشجر الذي ليس له ثمرة مثل السَّممُر (¬7) وشبهه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرياحين كلها والبقول والرِّطاب القليل من ذلك والكثير فيه العشر ونصف العشر؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. قلت: أرأيت الوَسِمَة هل فيها عشر إذا كانت في أرض العشر؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. [قلت]: وكذلك الزعفران والورد؟ قال: نعم. قلت: وكذلك قصب السكر؟ قال: نعم. قلت: ولم وهو قصب؟ قال: لأنه بمنزلة الثمرة (¬8). وهذا كله قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: ليس في شيء من هذا زكاة إلا فيما كان له ثمرة باقية، وحتى يكون الثمر الباقي خمسة أوسق فصاعداً، والوسق ستون صاعاً. فأما الزعفران ونحوه مما يوزن (¬9) فإنه إذا خرج منه ما يساوي خمسة أوسق أدنى ما يكون من قيمته الأوسق ففيه العشر. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: القصب الذي يكون منه السُّكَّر إذا كان في أرض العشر فهو بمنزلة الزعفران. وقال محمد: ليس في الزعفران حتى يكون (¬10) خمسة أَمْنَاء (¬11). ¬

_ (¬1) تقدم تفسيرهما. (¬2) ك - هذا. (¬3) ق: بتمر. (¬4) ك ق: فينبت. (¬5) ق: الفاري. (¬6) ق: وكذا. (¬7) م: الثمر. (¬8) ق: التمره؛ ق + كلها. (¬9) ق: يوذن. (¬10) ق: تكون. (¬11) أمناء جمع مَنَا ومَنَاة، وهو كيل مقداره رطلان. انظر: لسان العرب، "منن، منو".

قلت: أرأيت الحنطة والحُلْبَة (¬1) والشعير والتين والزيتون والزبيب والذرة والسمسم والأرز وجميع الحبوب فعليه العشر (¬2) إذا كان في أرض العشر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يكون عليه الدين يحيط بقيمة أرضه هل عليه عشر فيما خرج من أرضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المكاتب إذا كانت له أرض العشر هل يجب (¬3) عليه فيها العشر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الصبي والمرأة والمجنون والمعتوه الذي (¬4) لا يفيق؟ قال: نعم، كل هذا سواء، وفي أرضهم العشر. قلت: أرأيت إن كانت أرض في يدي عبد مأذون له في التجارة وقد اشتراها هل يؤخذ منه عشر ما خرج منها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل له أرض يؤدي فيها الخراج هل عليه فيها شيء؟ قال: لا، ولا يجتمع (¬5) العشر والخراج جميعاً في أرض. قلت: أرأيت الرجل يستأجر أرضاً من أرض العشر فيزرعها على من عشر ما يخرج منها؟ قال: على رب الأرض، وليس على المستأجر (¬6) شيء. قلت: أرأيت إن كان آجرها (¬7) بخمسين درهماً وأخرجت الأرض مائتي كُرّ كان عليه عشر ذلك كله؟ قال: نعم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: العشر على ما أخرجت الأرض، وليس على المؤاجر (¬8) شيء. قلت: أرأيت إن كان منحها إياه مِنْحَة أو أطعمها إياه طُعْمَة (¬9) على من ¬

_ (¬1) م: والحلية. الحلبة نَبْتَة لها حب أصفر يُتعالَج به وُيبَيَّت فيؤكل. انظر: لسان العرب، "حلب". وذكر في كتاب العشر أن الحلبة لا عشر فيها، لأنها من الأدوية. ولعل المقصود أنه إذا أشغل أرضه بزراعة الحلبة فإن فيها العشر كما ذكره الحصكفي، وإلا فلا. انظر: الدر المختار، 2/ 327. (¬2) ق: العشير. (¬3) م - يجب. (¬4) م: والذي. (¬5) م: ولا يجمع. (¬6) ق: على المستاخر. (¬7) ق: احرها. (¬8) ق: على المواخر. (¬9) الطعمة هي الرزق. انظر: المغرب، "طعم".

عشرها؟ قال: على الذي زرعها، وليس على رب الأرض شيء. قلت: ولم؟ قال: لأنه لم يأخذ لها أجراً. قلت: أرأيت المسلم يشتري من الذمي أرضاً من أرض الخراج أيجب عليه فيها العشر؟ قال: لا، ولكن عليه (¬1) الخراج. وبلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (¬2). قلت: أرأيت ذمياً اشْترى أرضاً من أرض العشر أيجب عليه فيها العشر؟ قال: لا، ولكن عليه الخراج في قول أبي حنيفة. قلت: ولم؟ قال: لأنه لا يكون على الكافر عشر. قلت: أرأيت إن جاء رجل مسلم بعد ذلك فأخذها بالشفعة ما عليه فيها؟ قال: عليه العشر. قلت: ولم وقد جعلت عليه الخراج؟ قال: لأن المسلم قد أخذها بحق قد كان وجب له فيها قبل ذلك. وقال أبو يوسف: إذا اشترى الذمي أرضاً من أرض العشر جعلت عليه العشر مضاعفاً كما أجعل عليه في ماله (¬3). وقال محمد بن الحسن: يكون على الكافر عشر واحد على حاله لا يزاد عليه. قلت: أرأيت المسلم إذا باع أرضاً من أرض العشر من ذمي وهو فيها بالخيار، أو الذمي بالخيار، أو باعها بيعًا فاسداً فيردها الذمي عليه، ما على البائع فيها؟ قال: العشر. قلت: أرأيت ذمياً جعل داراً له بستاناً أيجب عليه فيها شيء؟ قال: نعم، عليه (¬4) فيها الخراج، وليس في هذا العشر. قلت: أرأيت نصرانياً من بني تغلب له أرض من أرض العشر اشتراها من المسلم ما عليه فيها؟ قال: عليه (¬5) فيها عُشران، فإذا كانت تَشرب سَيْحاً أو تسقيها (¬6) السماء فعليه فيها الخمس، وإن كانت تشرب بغَرْب أو دَالِيَة أو سَانِيَة فعليه فيها العشر. قلت: وتضاعفها (¬7) عليهم كما تضاعف (¬8) في أموالهم؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال (¬9): لأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ¬

_ (¬1) ك ق: قال لا وعليه. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 6/ 102. (¬3) ك: على حاله. (¬4) ك - عليه. (¬5) ق + عليه. (¬6) ق: أو يسقيها. (¬7) ق: ويضاعفها. (¬8) ق: يضاعف. (¬9) ق - قال.

ضاعف عليهم في أموالهم (¬1). قلت: أرأيت إن باعها بعد ذلك من مسلم أو أسلم هو ما عليه؟ قال: عُشران. وهذا كله قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى عليه عشرًا واحداً (¬2)؛ لأني أضاعف عليهم ما داموا ذمة، فإذا أسلموا أسقطت ذلك عنهم وكان عليه ما على المسلمين. وهو قول محمد. قلت: أرأيت العبد النصراني أعتقه رجل من نصارى بني تغلب فيشتري أرضاً من أرض العشر ما عليه فيها؟ قال: عليه فيها الخراج، ولا ينزل فيها بمنزلة مولاه. قلت: ولم؟ قال: لا (¬3) يكون أعظم حرمة من مولى (¬4) المسلم لو أعتق المسلم (¬5) عبداً نصرانيأ، ولو أن مسلماً فعل ذلك بعبد له (¬6) نصراني كان عليه الخراج وكان في أرضه الخراج، وإن كان له إبل أو غنم أو بقر (¬7) لم يكن عليه فيها شيء، فكذلك عبد التغلَبي إذا أعتقه. قلت: أرأيت ما كان في أرض العشر من قَصَب الذَّرِيرَة (¬8) هل عليه فيه عشر؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. قلت: ولم؟ قال (¬9): لأنه بمنزلة الرياحين. قلت: أرأيت أرض (¬10) العشر ما هي وأين تكون؟ قال: ما كان في يدي العرب بالحجاز أو البَرِّيّة من أرض العرب فهو من أرض العشر، وما كان من أرض السواد والجَبَل ما لا يبلغه الماء فجاء رجل فأحياه فاستخرجه (¬11) فهو من أرض العشر، وما كان من ذلك مما يبلغه الماء فهو من أرض الخراج. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) م ق: عشر واحد. (¬3) ق - لا. (¬4) ك: من موالي. (¬5) ك - المسلم. (¬6) م - له. (¬7) ق: أو بقر أو غنم. (¬8) تقدم تفسيرهـ. (¬9) م - قال. (¬10) م - أرض. (¬11) ق: فاستخرخه.

وقد بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحيا أرضاً مواتاً فهي له" (¬1). قلت: وتكون (¬2) له رقبتها؟ قال: نعم إن أقطعها إياه الإمام في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أحياها فهي له، أقطعه إياها الإمام أو لم يقطعه. قلت: أرأيت قوماً من أهل الحرب (¬3) أسلموا على دارهم أتكون (¬4) أرضهم من أرض العشر؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنهم أسلموا عليها، فصارت في ذلك بمنزلة أرض العرب، وإنما يجب الخراج فيما أَوْجَفَ عليه (¬5) المسلمون وافتتحوه. قلت: وكل أرض من أرض الحجاز واليمن وتِهامة وما كان في البَرِّيّة في أيدي العرب تجعلها (¬6) أرض العشر لأن أهلها أسلموا عليها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المصدق إذا جاء يأخذ عشر الأرض فقال صاحبها: قد أديته، وحلف على ذلك، أيقبل منه ويكف عنه؟ قال: لا، ولكنه يأخذ منه العشر. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا إنما يأخذه السلطان. قلت: فإن أعطاه دون السلطان أيسعه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن عجل عشر ما يخرج من أرضه لسنتين أيجزيه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يعطي عشر أرضه وزكاة إبله أو بقره أو غنمه لصنف واحد من الفقراء أو المساكين (¬7) أيجزيه ذلك؟ قال: نعم، وكذلك بلغنا عن عمر بن الخطاب وعبدالله بن عباس وحذيفة بن اليمان - رضي الله ¬

_ (¬1) وصله الإمام محمد في الموطأ عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلاً. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 312. وانظر: الموطأ، الأقضية، 26؛ والخراج لأبي يوسف، 70؛ وصحيح البخاري، الحرث والمزارعة، 15؛ وسنن أبي داود، الخراج، 35 - 37؛ وسنن الترمذي، الأحكام، 38. (¬2) ق: ويكون. (¬3) م - من أهل الحرب؛ صح هـ. (¬4) ق: على دراهم أيكون. (¬5) ك - عليه، صح هـ (¬6) ق: يجعلها. (¬7) ك ق: والمساكين.

عنهم أنهم (¬1) قالوا: يجزيه (¬2). قلت: أرأيت الرجل إذا كانت له أرض من أرض العشر فأعطى عشر ما خرج من أرضه أباه أو أمه أو ابنه أيجزيه ذلك فيما بينه وبين الله تعالى؟ قال: لا. قلت: فإن أعطاه أخاه أو أخته أو ذا رحم محرم غير ولد أو والد أو جد أو جدة أو ولد وولد ولد هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم، وهو في ذلك بمنزلة الزكاة. ¬

_ (¬1) ق: أيهم. (¬2) تقدمت هذه الروايات بأسانيد المؤلف.

كتاب ما يوضع فيه الخمس والعشر ولمن يجب

كتاب ما يوضع فيه الخمس والعشر ولمن يجب (¬1) قلت: أرأيت رجلاً أصاب ركازاً هل يسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يتصدق بخمسه على المساكين؟ قال: نعم. قلت: أرأيتا إن اطلع عليه الإمام وعلم ذلك منه أينبغي للإمام أن يمضي له ما صنع؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان صاحب الركاز محتاجاً إلى جميع ذلك هل يسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن لا يرفعه إلى الإمام ولا يؤدي خمسه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أصاب الرجل ركازاً فأعطى الخمس منه أباه أو أمه أو جده أو جدته وهم محتاجون أيجزيه؟ قال: نعم. قلت: ولم وهذا لا يجزي في الزكاة ولا في عشر الأرض؟ قال: ليس هذا بمنزلة الزكاة ولا عشر الأرض. قلت: أرأيت ما جُبي من الخراج إلى بيت المال لمن يجب من المسلمين؟ قال: يجب ذلك لجميع المسلمين، فيعطي الإمام منه أعطيات المقاتلة (¬2) والذرية والنائبة (¬3) إن نابت المسلمين. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا مما أوجف عليه المسلمون، وهو لجميعهم. قلت: ولا يضع (¬4) الخراج فيما ¬

_ (¬1) ق + ولمن يجب. (¬2) ق: المقابلة. (¬3) م: والثانية. (¬4) ق: يوضع.

يوضع فيه الزكاة من الفقراء والمساكين؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن الخراج ليس بمنزلة الزكاة، وإنما يوضع الخراج فيمن ذكرت لك. قلت: أرأيت إن احتاج بعض المسلمين وليس في بيت مال المسلمين من الزكاة شيء ولا من الخمس ولا من العشر، أيعطي الإمام ذلك الفقراء والمساكين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما كان في بيت المال من الزكاة ومن الخمس ما أوجف المسلمون عليه (¬1) من العدو أو من أرض العشر فسبيل ذلك كله واحد للفقراء والمساكين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت ما ذكرت مما يؤخذ من أهل الذمة وأهل الحرب إذا مروا بأموالهم على العاشر ما سبيل ذلك المال وفيما يوضع؟ قال: يوضع موضع الخراج. قلت: أرأيت ما أخذ من أهل البادية من إبلهم وبقرهم وغنمهم في أي شيء يوضع؟ قال: يرد على فقرائهم، على كل قوم ما أخذ من أغنيائهم (¬2) من ذلك، وقد بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: يؤخذ من حواشي أموالهم فيوضع في فقرائهم (¬3). قلت: وكذلك جميع الزكاة يضع الإمام زكاة كل قوم على فقرائهم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الفطرة سبيلها سبيل الزكاة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن احتاج غيرهم من المسلمين فوضع (¬4) الإمام زكاة غيرهم فيهم أيسعهم ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان كلا الفريقين فيهم فقراء أيهم أحق أن يوضع فيه ذلك؟ قال: فقراء الذين أخذ ذلك منهم. قلت: أرأيت ما يؤخذ من بني تغلب مما ذكرت أنه يضاعف عليهم ما سبيل ذلك الذي يؤخذ منهم؟ قال: سبيله سبيل الخراج؛ لأن عمر بن الخطاب بلغنا عنه أنه ضاعف عليهم في أموالهم مكان الخراج. قلت: أرأيت قول الله تعالى في كتابه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ ¬

_ (¬1) ق: عليه المسلمون. (¬2) ك ق: من أغنامهم. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 7/ 436. وهناك حديث مرفوع بمعناه. انظر: صحيح البخاري، الزكاة، 1؛ وصحيح مسلم، الإيمان، 29. (¬4) م: لوضع.

لِلَّهِ خُمُسَهُ} (¬1)، ما بلغك في هذا؟ قال: هذا ما غنم المسلمون من العدو، وفيما غنم العسكر من كل شيء كان خمسه لبيت المال، وما بقي قسم بين الذين أصابوه خاصة دون المسلمين، فيكون للراجل (¬2) منهم سهم، وللفارس سهمان. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل (¬3) سهم. قلت: أرأيت قوله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} (¬4)، ما تفسير ذلك؟ قال: بلغنا عن عطاء بن أبي رباح أنه كان يقول (¬5): خمس الله والرسول واحد، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضعه حيث يشاء في الفقراء والمساكين. فصار ذلك على خمسة أسهم: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ}، فهذا واحد، {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} (¬6). قلت: أرأيت من يجب له في بيت مال المسلمين حق من هو؟ قال: كل من غزا أخذ عطاءه (¬7) من بيت المال، فأعطاه ذريته من بيت المال، والموالي والعرب في هذا سواء، والأغنياء والفقراء في هذا سواء. قلت: أرأيت من كان غنياً من المسلمين ولا يغزو (¬8) وليس في الديوان، ولا يلي المسلمين (¬9) شيئاً، هل يعطيه الإمام من بيت المال شيئاً؟ قال: لا. قلت: أرأيت المساكين والفقراء، من المسلمين جميعاً عربهم ومواليهم وغير ذلك منهم أيجب له حق في بيت المال؟ قال: نعم، يجب لهم مما في بيت المال من الزكاة، ومن الخمس والعشر، وينبغي للإمام أن يتقي الله في المسلمين فلا (¬10) يدع فقيراً إلا أعطاه حقه من ذلك. قلت: ويعطي الإمام الفقراء من ذلك ما يغنيهم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل إذا كان ¬

_ (¬1) سورة الأنفال، 8/ 41. (¬2) م: للرجل. (¬3) ق: وللرجل. (¬4) دوام الآية السابقة. (¬5) ك + كان. (¬6) الآية هي دوام الآية السابقة. وللأثر انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 501؛ وتفسير الطبري، 10/ 3؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 3/ 281. (¬7) ك م ق: عطاوه. (¬8) ك ق: ثم لا يغزو. (¬9) م ق: للمسلمين. (¬10) ك: لا؛ ق: ولا.

محتاجاً وله عيال أيعطيه الإمام ما يغنيه وعياله؟ قال: نعم. قلت: أرأيت قول الله في كتابه: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} (¬1)، ما يجب لهم في بيت المال؟ قال: يفرض لهم الإمام رزقاً مما يَلِي ويَلُون، ويعطيهم من ذلك (¬2) قدر ما يرى. قلت: أرأيت قوله: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} (¬3)، هل يجب لهم في الزكاة شيء؟ قال: لا، وإنما كان ذلك على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - حين كان يتألف الناس على الإسلام ويعطيهم من ذلك، وأما اليوم فلا. قلت: أرأيت الإمام ما الذي يجب له في بيت المال؟ قال: يجب له من ذلك قدر ما يغنيه (¬4) من العطاء، ويفرض له عطاء من بيت المال، فأما ما سوى ذلك فلا حق له فيه. بلغنا عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه حين (¬5) ولي انطلق بشيء يبيعه، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين يا خليفة رسول الله؟ فقال: معي شيء (¬6) أبيعه (¬7) أستعين به في نفقتي. فمنعوه وفرضوا له رزقاً من بيت المال (¬8). قلت: أرأيت الأمير إذا استعمل على الجيش فأصابوا غنائم ما يجب لأميرهم من ذلك؟ قال: هو كرجل من الجند. قلت: أرأيت أهل الذمة هل يجب لهم في بيت المال شيء؟ قال: لا. قلت: أرأيت ما أخذ منهم مما يمرون به على العاشر ومن بني تغلب (¬9) هل يرد على فقرائهم؟ قال: لا، ولا يكون لأهل الذمة في بيت المال شيء. قلت: وإن كانوا فقراء؟ قال: لا. قلت: فإن كان أهل الذمة من بني تغلب أو من غيرهم ليس لهم حرفة ولا مال ولا يقدرون على شيء فلا ¬

_ (¬1) سورة التوبة، 9/ 60. (¬2) ق + وأما اليوم فلا. (¬3) انظر الآية السابقة. (¬4) م: ما يعينه. (¬5) ق: حيث. (¬6) م ق + أريد. (¬7) ق: بيعه. (¬8) الطبقات الكبرى لابن سعد، 3/ 184؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 287. (¬9) ق + أو من غير.

يجب لهم شيء ولا شيء عليهم؟ قال: نعم، وإنما يوضع الخراج على رؤوس من أهل الذمة بقدرهم، على المحترف اثنا عشر درهماً، وعلى الرجل الحسن الحال (¬1) منهم الوسط أربعة وعشرون درهماً، وعلى الغني (¬2) منهم المكثر (¬3) ثمانية وأربعون، لا يزاد (¬4) عليهم على ذلك شيء. بلغنا فيه غير حديث (¬5). ¬

_ (¬1) م: الجمال. (¬2) ق: المعنى (مهملة). (¬3) م: المكبر. (¬4) ق: لا يرد. (¬5) ك + كمل كتاب الزكاة يتلوه كتاب الصوم؛ م + كمل كتاب الزكاة والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم؛ ق + كمل كتاب الزكاة الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. والحديث الذي أشار إليه المؤلف موقوف من فعل عمر - رضي الله عنه - في السواد. وقد روي من عدة طرق. انظر: الخراج لأبي يوسف، 38، 39، 41، 138؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 429؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 447؛ والاستخراج لأحكام الخراج لابن رجب، 16 - 17.

كتاب الصوم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرّحَيمِ (¬1) كتاب الصوم أبو الحسن محمد بن الحسن قال: قرأت نسخة هذا الكتاب على أبي بكر محمد بن عثمان فقلت له: حدثك أبو جعفر محمد بن سعدان قال: أخبرنا أبو سليمان موسى بن سليمان (¬2) الجوزجاني قال: أخبرنا محمد بن الحسن إلى آخر هذا الكتاب، ثم قلت له: أَرْوِي هذا عنك؟ قال: نعم، وعارضت به أبا سليمان موسى بن سليمان. قال: أخبرنا محمد بن الحسن عن طلحة بن عمرو الموصلي عن مجاهد أنه كان يكره أن يقول الرجل: جاء رمضان، وذهب رمضان، ولكن ليقل: جاء (¬3) شهر رمضان، وذهب شهر رمضان، قال: لا أدري لعل رمضان اسم من أسماء الله تعالى (¬4). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ك - موسى بن سليمان. (¬3) ف - جاء. (¬4) تفسير الطبري، 2/ 144. وروى أبو معشر نجيح المدني عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً: "لا تقولوا رمضان، فإن رمضان اسم من أسماء الله، ولكن قولوا شهر رمضان". أخرجه ابن عدي في الكامل، وضعفه بأبي معشر. قال البيهقي: قد روي=

قلت: أرأيت رجلاً تسحر (¬1) وهو لا يعلم بطلوع الفجر وقد طلع الفجر، ثم علم بعد ذلك أنه كان أكل والفجر طالع، وذلك في رمضان؟ قال: يتم صوم يومه ذلك، وعليه قضاؤه، ولا كفارة عليه. قلت: فلم ألقيت عنه (¬2) الكفارة؟ قال: لأنه أكل وهو لا يعلم بطلوع الفجر. قلت: فإن أفطر وهو يرى أن الشمس قد غابت ثم تبين له بعد ذلك أنها لم تغب؟ قال: عليه أن يمكث حتى تغيب الشمس ثم يفطر، وعليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه؛ لأنه ظن أن الشمس قد غابت. أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب بنحو ذلك (¬3). قلت: أرأيت رجلاً أجنب في شهر رمضان ليلًا فترك الغسل حتى طلع الفجر؟ قال: يتم صومه ذلك، وليس عليه شيء. قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصبح جنباً من غير احتلامٍ، ثم يصوم يومه ذلك، وذلك في شهر رمضان (¬4). قلت: فإن احتلم نهاراً في شهر رمضان؟ قال: فكذلك أيضاً. ¬

_ = عن أبي معشر عن محمد بن كعب، وهو أشبه. وروي عن مجاهد والحسن من طريقين ضعيفين. انظر: الكامل لابن عدي، 7/ 53؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 4/ 101 - 102؛ وفتح الباري لابن حجر، 4/ 113. وقد اختار بعض مشايخ المذهب الكراهة لذلك، لكن الذي عليه عامة المشايخ عدم الكراهة. انظر: المبسوط، 3/ 55. (¬1) ق: يسحر. (¬2) ق: عليه. (¬3) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: أفطر عمر بن الخطاب وأصحابه في يوم غيم ظنّوا أن الشمس قد غابت، قال: فطلعت الشمس، فقال عمر: ما تعرّضنا لِجَنَف، نُتِمّ هذا اليوم ثم نقضي يوماً مكانه. انظر: الآثار لمحمد، 52. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 180؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 286، 287؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 469. (¬4) وصله الإمام محمد في موطئه، انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 175. وانظر: الموطأ، الصيام، 9 - 12؛ والآثار لأبي يوسف، 181؛ وصحيح البخاري، الصوم، 25؛ وصحيح مسلم، الصيام، 75 - 76؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 480، 490؛ وعقود الجواهر للزبيدي، 1/ 192.

قلت: أرأيت رجلاً ذرعه القيء وهو صائم؟ قال: لا يضره ذلك شيئاً. قلت: فإن كان هو الذي استقاء عمداً؟ قال: فعليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه. قلت: لم (¬1) وقد تقيأ عمداً؟ قال: إنما الكفارة في الأكل والشرب والجماع. أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي - رضي الله عنه - بذلك (¬2). قلت: أرأيت رجلاً احتجم وهو صائم؟ قال: إن فعل ذلك لم يضره شيئاً (¬3). قلت: أفتكره (¬4) له أن يحتجم؟ قال: إن خاف أن يضعفه فأحب إلي أن لا يفعل. محمد عن أبي يوسف عن أبان بن (¬5) أبي (¬6) عياش عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفطر الحاجم والمحجوم"، قال: فشكا إليه الناس الدم، فرخص للصائم أن يحتجم (¬7). ¬

_ (¬1) ق: ولم. (¬2) روي عن علي قال: من تقيأ فعليه القضاء، وإن ذرعه القيء فلا قضاء عليه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 216؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 298. ورواه الإمام محمد عن مالك عن نافع ابن عمر. انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 194. وانظر: الموطأ، الصيام، 47. كما رواه الإمامان أبو يوسف ومحمد عن إبراهيم النخعي. انظر: الآثار لأبي يوسف، 179 ث والآثار لمحمد، 52 - 53. (¬3) م ق: شيء. (¬4) م: أفيكره. (¬5) ك: عن؛ م - بن. (¬6) ك: ابن. (¬7) عن ثابت البناني قال: سئلِ أنس لن مالك - رضي الله عنه -: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا، إلا مِن أجْل الضَّعْف. وزاد في رواية: على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: صحيح البخاري، الصوم، 32؛ وسنن أبي داود، الصوم، 30. وروي عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم بعدما قال: "أفطر الحاجم والمحجوم". انظر: المعجم الأوسط للطبراني، 8/ 38. ولقوله: "أفطر الحاجم والمحجوم" طرق كثيرة جداً. انظر: سنن ابن ماجة، الصيام، 18؛ وسنن أبي داود، الصوم، 29؛ وسنن الترمذي، الصوم، 60. وانظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 480؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 474؛ والدراية لابن حجر، 1/ 286؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 193 - 194.

محمد عن أبي حنيفة عن أبي السوار عن أبي حاضر عن عبد الله بن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم محرم بالقَاحَة (¬1). محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن أبي العطوف عن الزهري أن سعد بن مالك وزيد بن ثابت كانا يحتجمان وهما صائمان (¬2). قلت: أرأيت المرأة تطهر من حيضها في بعض النهار؟ قال: فلتدع الأكل والشرب بقية (¬3) يومها، وعليها قضاء ذلك اليوم والأيام التي كانت فيها حائضاً؛ لأنه لا يحسن بها أن تأكل وتشرب وهي طاهرة والناس صيام. قلت: فإن (¬4) أكلت؟ قال: لا شيء عليها في ذلك. قلت: ولم يكون عليها قضاء ذلك اليوم ولا يكون عليها كفارة؟ قال: لأنها قد كانت في أول النهار مفطرة، الأكل والشرب لها حلال. قلت: أرأيت الصائم هل يقبل أو يباشر؟ قال: نعم إذا كان يأمن على نفسه على ما سوى ذلك. أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن زياد بن علاقة عن عمرو (¬5) ميمون عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل وهو صائم (¬6). ¬

_ (¬1) الآثار لمحمد، 62؛ والآثار لأبي يوسف، 115، 178؛ وصحيح البخاري، الصوم، 32؛ وسنن ابن ماجة، الصيام، 18، وسنن أبي داود، الصوم، 30، وسنن الترمذي، الصوم، 61؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 483. والقاحة موضع بين مكة والمدينة. انظر: المغرب، "قوح". (¬2) الموطأ، الصيام، 31؛ والموطأ برواية محمد، 2/ 192؛ والآثار لأبي يوسف، 178؛ والمصنف لعبد الرزاق، 4/ 213؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 481. (¬3) ق: تقيه. (¬4) ق - فإن. (¬5) ق: عن عمر. (¬6) الآثار لمحمد، 52؛ والآثار لأبي يوسف، 177؛ وصحيح البخاري، الصوم، 24؛ وصحيح مسلم، الصيام، 62؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 488.

محمد عن أبي حنيفة عن الهيثم عن عامر عن مسروق عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصيب من وجهها وهو صائم (¬1). قلت: أرأيت رجلاً أسره العدو فالتبست عليه الشهور فلم يدر (¬2) أي شهير رمضان، فتحرى شهراً فصامه، فإذا هو شهر رمضان؟ قال (¬3): تام جائز عنه، وهو بمنزلة من قد علم. قلت: أرأيت إن كان قد مضى شهر رمضان وهو لا يعلم بمضيه ولم يصمه (¬4)، فصام شهراً بعد شهر رمضان ينوي به شهر رمضان، ثم علم بعدُ أن شهر رمضان قد كان مضى؟ قال: يجزي عنه (¬5) صومه من شهر رمضان. قلت: فإن تحرى شهراً فصام قبل شهر رمضان وقبل أن يدخل وقبل أن يجب عليه صيامه؟ قال: لا يجزيه. قلت: فإن مضى شهر رمضان فكل شهر صامه ينوي به صيام شهر رمضان أجزأ عنه؟ قال: نعم. قلت: فإن صام شهر رمضان ينوي به تطوعاً بصيامه وهو لا يعلم أنه شهر رمضان، هل يجزي عنه من شهر رمضان؟ قال: نعم؛ لأنه صام شهر رمضان، ولا يكون شهر رمضان تطوعاً. قلت: فلو أن رجلاً أصبح صائماً في أول يوم من شهر رمضان ولا ينوي أنه من شهر رمضان، ولا يعلم أن ذلك اليوم من شهر رمضان، ونوى بصيامه تطوعاً، ثم علم بعد ذلك أن يومه ذلك كان من رمضان، هل يجزي عنه؟ قال: نعم، وليس عليه قضاء (¬6) ذلك اليوم. قلت: فإن أصبح ينوي الإفطار في أول يوم من شهر رمضان وهو لا يعلم أنه من شهر رمضان، وهو يظن أنه من شعبان، فاستبان (¬7) له قبل انتصاف النهار أنه من شهر رمضان، فصامه، هل يجزي عنه؟ قال: نعم إن لم يكن أكل أو شرب قبل أن يستبين له، فإن كان أكل أو شرب فعليه قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليه. ¬

_ (¬1) الآثار لمحمد، 52؛ والآثار لأبي يوسف، 177؛ والمعجم الصغير للطبراني، 1/ 117؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 493. (¬2) م: فلم يدري. (¬3) م: فصيامه. (¬4) ق: يضمه. (¬5) ك م: عن. (¬6) ق - قضاء. (¬7) ك: فبان.

وإنما سقطت عنه الكفارة لأنه لم ينو أن يكون مفطراً في شهر رمضان، إنما نوى أن يكون مفطراً في شعبان. قلت: فإن علم أن ذلك اليوم من شهر رمضان بعد انتصاف (¬1) النهار؟ قال: فليصم بقية يومه ذلك، وعليه قضاء ذلك اليوم. قلت: فان أصبح في أول يوم من شهر رمضان مفطراً، وهو يرى أنه من شعبان، فأكل وشرب، ثم استبان له بعد ذلك أن يومه ذلك من شهر رمضان، أيدع الطعام بقية يومه؟ قال: نعم، وعليه قضاء ذلك اليوم. قلت: أرأيت إن كان مسافراً في شهر رمضان، فطلع له (¬2) الفجر وهو ينوي أنه مفطر (¬3)، ثم دخل مصره من يومه ذلك بعد الزوال ولم يأكل ولم يشرب، هل يجزيه صيام يومه ذلك؟ قال: لا، لأنه أصبح مفطراً ينوي الإفطار. قلت: فإن أكل أو شرب هل عليه كفارة؟ قال: لا؛ لأنه مفطر (¬4)، غير أني أستقبح له أن يأكل أو يشرب في شهر رمضان والناس صيام وهو مقيم في مصره. قلت: أرأيت رجلاً أصبح صائماً في أول يوم من شهر رمضان، والناس مفطرون لا يعلمون أن ذلك اليوم من شهر رمضان، هل يجزي عنه صوم ذلك اليوم من شهر رمضان؟ (¬5) قال: نعم، وقد أساء حين تقدم جماعة الناس بالصيام. قلت: أرأيت رجلاً أبصر هلال شهر رمضان وحده، ولم يبصره أحد غيره، فرد عليه الإمام شهادته؟ قال: عليه أن يصوم ذلك اليوم ولا يفطر، ولا ينبغي له أن يفطر وقد أبصر الهلال. قلت: فإن أفطر هل عليه الكفارة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه إذا أفطر على شبهة لم يكن عليه كفارة. قلت: أفيصوم والناس مفطرون؟ قال: نعم؛ لأنه لا يسعه أن يصبح مفطراً وقد استيقن أن يومه ذلك من شهر رمضان. ¬

_ (¬1) م: بعد انتصاب. (¬2) ط: عليه. (¬3) م ق: مفطرا. (¬4) م: مفطرا. (¬5) م - والناس مفطرون لا يعلمون أن ذلك اليوم من شهر رمضان هل يجزي عنه صوم ذلك اليوم من شهر رمضان.

قلت: أرأيت رجلاً قبل امرأته وهو صائم فأنزل؟ قال: عليه أن يتم صومه (¬1) ذلك اليوم، وعليه قضاؤه، ولا كفارة عليه، ولا يكون على المرأة قضاء ولا كفارة إلا أن يكون منها مثل ما كان من الرجل. قلت: وكذلك المرأة إذا رأت في منامها مثل ما يرى الرجل من الحلم (¬2) كان عليها مثل ما على الرجل من الغسل. قال: نعم. محمد قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن أم سُلَيْم سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأمرها بالغسل (¬3). محمد عن أبي حنيفة عن سعيد بن المرزبان عن أنس بن مالك قال: سألت أم سُلَيْم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة ترى في منامها مثل ما يرى الرجل، فقال لها: "إذا كان منها مثل ما يكون منه فلتغتسل" (¬4). قلت: أرأيت الرجل يأكل أو يشرب أو يجامع ناسياً لصومه في شهر رمضان؟ قال: عليه أن يتم صوم ذلك اليوم، ولا قضاء عليه. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو من ذلك في الأكل والشرب خاصة (¬5). قلت: فإن تمضمض رجل في شهر رمضان فسبقه الماء فدخل حلقه؟ قال: عليه قضاء ذلك اليوم إذا كان ذاكراً لصومه، فإن كان ناسياً لصومه فلا شيء عليه. ¬

_ (¬1) ك ق: صوم. (¬2) م: من الحكم. (¬3) الآثار لمحمد، 19 ث والآثار لأبي يوسف، 14؛ وصحيح البخاري، الغسل، 22؛ وصحيح مسلم، الحيض، 29. (¬4) المصادر السابقة. (¬5) قال الإمام محمد: أخبرنا الربيع بين صبيح قال: حدثنا الحسن البصري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كل أحدكم أو شرب ناسيا وهو صائم في شهر رمضان أو غير رمضان فإن الله أطعمه وسقاه، فليمض في صومه". انظر: الحجة على أهل المدينة، 1/ 395. وانظر: صحيح البخاري، الصوم، 26؛ وصحيح مسلم، الصيام، 171؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 445.

محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك (¬1). قلت: أرأيت رجلاً اسْتَعَطَ (¬2) في شهر رمضان وهو صائم؟ قال: عليه قضاء ذلك اليوم. قلت: فإن اكتحل وهو صائم فوجد طعم الكُحْل في حلقه؟ قال: ليس عليه قضاء ولا كفارة. قلت: من أين اختلفا؟ قال: لأن السَّعُوط يدخل رأسه والكُحْل لا يدخل رأسه، وإنما الذي يوجد منه ريحه، مثل الغبار والدخان يدخل حلقه. قلت: أرأيت رجلاً احْتَقَنَ (¬3) في شهر رمضان أصابه حُصْر؟ (¬4) قال: عليه قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليه. قلت: أرأيت رجلاً طلع له الفجر في شهر رمضان وهو في أهله ثم بدا له أن يسافر هل له أن يفطر؟ قال: لا يفطر ذلك اليوم؛ لأنه خرج من مصره مسافراً وقد طلع له الفجر. قلت: أرأيت رجلاً أصبح صائماً تطوعاً ثم بدا له فأفطر؟ قال: عليه يوم مكان يومه ذلك. قلت: أرأيت رجلاً أُغمي عليه في شهر رمضان (¬5) يوماً فلم يُفِقْ حتى الغد بعد الظهر؟ قال: أما اليوم الذي أُغمي عليه فيه فصيامه تام، وأما اليوم الذي أفاق فيه فعليه قضاؤه. قلت: فإن أُغمي عليه ليلاً في شهر رمضان فلم ¬

_ (¬1) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الرجل يمضمض أو يستنشق وهو صائم فيسبقه الماء فيدخل حلقه، قال: يتم صومه ثم يقضي يوماً مكانه. قال محمد: وبه نأخذ إذ كان ذاكراً لصومه، فإذا كان ناسياً لصومه فلا قضاء عليه، وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار لمحمد، 52. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 180؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 322. وعن إبراهيم في الرجل يتمضمض وهو صائم فيدخل الماء حلقه قال: إن كان للمكتوبة فليس عليه قضاء، وإن كان تطوعاً فعليه القضاء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 175. (¬2) السَّعُوط الدواء الذي يُصَبّ في الأنف، وأَسْعَطْتُه إياه، واسْتَعَطَ هو بنفسه، ولا يقال: اسْتُعِط مبنياً للمفعول. انظر: المغرب، "سعط". (¬3) احتقن أي تداوى بالحُقْنَة، وهي أن يعطى المريض الدواء من أسفله، وهي معروفة عند الأطباء. انظر: لسان العرب، "حقن". (¬4) الحُصْر بالضم الاحتباس عن الغائط. انظر: المغرب، "حصر". (¬5) ق + وهو في أهله.

يُفِقْ حتى غابت الشمس من بعد الغد؟ (¬1) قال: أما اليوم الأول فليس عليه قضاؤه، وأما اليوم الآخر فعليه قضاؤه. قلت: وكذلك الصلاة؟ قال: أما الصلاة فعليه أن يقضيها إذا أُغمي عليه يوماً وليلة، فإن كان أكثر من يوم وليلة فلا قضاء عليه في الصلاة. قلت: أرأيت رجلاً نظر إلى امرأة في شهر رمضان فأنزل؟ قال: صومه تام جائز، ولا (¬2) قضاء عليه إلا أن يكون مسّ المرأة فأنزل. قلت: أرأيت رجلاً جامع امرأته في شهر رمضان نهاراً متعمداً لذلك؟ قال: عليه أن يتم صوم ذلك اليوم، ويقضي يوماً مكانه، وعليه أن يعتق رقبة، فإن لم يجد رقبة فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا. وكذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. محمد عن أبي يوسف [عن أبي حنيفة] (¬3) عن عطاء بن أبي رباح عن سعيد بن المسيب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك (¬4). قلت: فكل صيام لم يذكره الله تعالى في كتابه متتابعاً فله أن يفرقه إذا أراد أن يقضيه؟ قال: نعم. [قلت:] (¬5) وما كان في القرآن (¬6) متتابعاً فليس له أن يفرق (¬7) إذا كان يقضيه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن أكل وشرب في شهر رمضان متعمداً فعليه ما على من جامع من القضاء والكفارة؟ قال: نعم. قلت: وعلى المرأة مثل ذلك إذا هي طاوعته؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: بعد الزوال. (¬2) ق - لا. (¬3) جميع النسح - عن أبي حنيفة. والزيادة من الآثار للإمام أبي يوسف، 175، كما قال الأفغاني -رحمه الله-. (¬4) رواه الإمام أبو يوسف بهذا الإسناد. انظر: الآثار له، 175. وانظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 499. ورواه الإمام محمد عن مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. انظر: الموطأ، الصيام، 28، 29؛ والموطأ برواية محمد، 2/ 172. وانظر: صحيح البخاري، الصوم، 30؛ وصحيح مسلم، الصيام، 81. (¬5) من ط، ولا بد منه. (¬6) م: من القرآن. (¬7) م: أن يفرقه.

قلت: فإن كان غلبها (¬1) على نفسها فعليها قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليها؟ قال: نعم. قلت: فإن جامعها أياماً في شهر رمضان فإنما عليه كفارة واحدة ما لم يكفر تلك الكفارة؟ قال: نعم. قلت: فإن هو كفر تلك الكفارة ثم عاد؟ قال: فعليه كفارة أخرى أيضاً. قلت: وكذلك الأكل والشرب هو بمنزلة الجماع في كل وجه من ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً جامع امرأته في شهر رمضان نهاراً ثم حاضت في ذلك اليوم؟ قال: فعليها قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليها، وعلى زوجها قضاء ذلك اليوم والكفارة. قلت: فلم وضعت عن المرأة الكفارة؟ قال: لأنها حاضت في ذلك اليوم. قلت: أرأيت رجلاً أصبح صائماً في غير شهر رمضان يريد قضاء رمضان، ثم أكل وشرب متعمداً؟ قال: قد أساء، وعليه القضاء، ولا كفارة عليه. قلت: أرأيت رجلاً مسافراً أصبح صائماً في شهر رمضان ثم أفطر؟ قال: عليه القضاء ولا كفارة عليه. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن مسلم الأعور عن أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان، فشكا إليه الناس في بعض الطريق الجهد، فأفطر حتى أتى مكة (¬2). محمد عن أبي حنيفة عن الهيثم عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة إلى مكة في شهر رمضان لليلتين (¬3) خلتا (¬4) من شهر رمضان، فصام حتى إذا أتى قُدَيْداً (¬5) شكا (¬6) إليه الناس الجهد، فأفطر ¬

_ (¬1) م ق: عليها. (¬2) رواه الإمام أبو يوسف عن الإمام أبي حنيفة بهذا الإسناد انظر: الآثار له، 174. وانظر: مسند أحمد، 3/ 126، 232، 250؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 494. وروى الإمام محمد عن مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس نحوه. انظر: الموطأ، الصيام، 21؛ والموطأ برواية محمد، 2/ 196. وانظر: صحيح البخاري، الصوم، 34؛ وصحيح مسلم، الصيام، 88. (¬3) م: ليلتين؛ ق: للثلتين. (¬4) م: خليا. (¬5) قُدَيْد ويقال: الكُدَيْد، من منازل طريق مكة إلى المدينة. انظر: المغرب، "قدد". (¬6) ك: فشكا.

بقُدَيْد، ثم لم (¬1) يزل مفطراً حتى أتى مكة (¬2). فأي ذلك فعلت فحسن، إن صمت فقد صام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن أفطرت فقد أفطر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن سافرت في شهر رمضان. قلت: أرأيت رجلاً كان عليه صيام أيام من شهر رمضان (¬3) فلم يقضها حتى دخل شهر رمضان آخر، فصام تلك الأيام التي كانت عليه من شهر رمضان الماضي في هذا الشهر الآخر؟ قال (¬4): فصيامه ذلك جائز من رمضانه هذا الداخل، ولا يكون قضاء لذلك الماضي. قلت: أرأيت رجلاً تسحر (¬5) في شهر رمضان فشك في الفجر طلع أم لم يطلع؟ قال: أحب إلي إذا شك أن يدع (¬6) الأكل والشرب. قلت: فإذا أكل وهو شاكّ في الفجر؟ قال: صومه تام. قلت: فإذا مضى شهر رمضان وعليه منه صيام أيام فصامه في الرمضان الآخر؟ قال: يجزيه من هذا الثاني، ولا يجزيه من الأول. قلت: أرأيت (¬7) أهل مصر صاموا شهر رمضان لغير رؤيته، وفيهم رجل لم يصم معهم، حتى رأى الهلال من الغد، فصام أهل ذلك المصر ثلاثين يوماً، وصام الرجل تسعة وعشرين يوماً، ثم أفطروا جميعاً لرؤيته؟ (¬8) قال: ليس على الرجل قضاء ذلك اليوم الذي صامه أهل مصره؛ لأنهم لم يصوموا لرؤية الهلال، ولأنهم لا يعلمون أصابوا الصيام أم لا. وقد أخطأوا حين صاموا لغير رؤية الهلال، إلا أن يكونوا رأوا هلال شعبان ثم عدوا ثلاثين يوماً ثم صاموا شهر رمضان لغير رؤية فقد أصابوا وأحسنوا، وعلى من لم يصم معهم القضاء. ¬

_ (¬1) م - لم. (¬2) رواه الإمام أبو يوسف عن الإمام أبي حنيفة بهذا الإسناد. انظر: الآثار له، 174. وانظر: مسند أبي حنيفة لأبي نعيم، 250؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 491. (¬3) ق + الماضي في هذا الشهر الآخر قال فصيامه ذلك جائز من رمضانه هذا الداخل. (¬4) ق - قال. (¬5) ق: يسحر. (¬6) ق: أن تدع. (¬7) ق - أرأيت. (¬8) ق: لريته.

قلت: أرأيت رجلاً أتى امرأته نهاراً فيما دون الفرج فأنزل؟ قال: عليه قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليه (¬1)؛ لأنه لم يخالطها، وإنما الكفارة بالمخالطة ليست بالماء. ألا ترى أنه لو خالطها ثم لم ينزل كانت عليه الكفارة والقضاء. وأما المرأة فلا كفارة عليها ولا قضاء ولا غسل إلا أن يكون خالطها، فإن خالطها فعليها الكفارة. إذا التقى الختانان وغابت الحشفة فقد وجب الغسل عليهما جميعاً والقضاء والكفارة أنزل أو لم ينزل. محمد عن أبي حنيفة رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغسل على المرأة ترى في منامها مثل ما يرى (¬2) الرجل (¬3). قلت: أرأيت رجلاً أكل في شهر رمضان أو شرب أو جامع ناسياً فظن أن ذلك يفسد عليه صومه، فأكل وشرب وجامع متعمداً لذلك، ما عليه؟ قال: عليه أن يقضي ذلك اليوم ولا كفارة عليه. قلت: وكذلك لو تسحر بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم بطلوعه، أو أفطر قبل غروب الشمس وهو يرى أن الشمس قد غابت، فأكل بعد ذلك أو شرب متعمداً لذلك؟ قال: نعم، لا كفارة عليه؛ لأن صيامه كان فاسداً، ولأنه قد وجب عليه قضاء ذلك اليوم حين أكل قبل غروب الشمس أو تسحر بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم بطلوعه. قلت: وكذلك لو أنه أكره على طعام أو شراب في رمضان فأكل وشرب ثم تعمد الأكل والشرب والجماع بعد ذلك؟ قال: نعم، لا كفارة عليه، وعليه قضاء ذلك اليوم. قلت: لم وضعت عنه الكفارة؟ قال: لأن صومه قد كان فسد قبل أن يتعمد (¬4) لشيء من ذلك. قلت: وكذلك لو أن امرأة استكرهها رجل في شهر رمضان وهي صائمة، ثم طاوعته بعد ذلك أيضاً، لم يكن عليها (¬5) كفارة لأن صومها قد كان فسد حين استكرهها، وعلى الرجل القضاء والكفارة؟ قال: نعم. وقال أبو حنيفة: السَّعُوط والحُقْنَة (¬6) في شهر رمضان يوجبان القضاء ¬

_ (¬1) م - ولا كفارة عليه، صح هـ. (¬2) م: ما ترى. (¬3) تقدم تخريجه. (¬4) ق: أن يتمعمد. (¬5) ق: عليه. (¬6) م: والحفية.

ولا كفارة عليه. وكذلك ما أقطر في أذنه. وكذلك كل جائفة أو آمّة داواها صاحبها بزيت أو سمن فخلص إلى الجوف والدماغ في قوله. وإن داواها بدواء يابس فلا شيء عليه. وقال أبو يوسف: لا نرى عليه القضاء في الآمّة والجائفة. وقال أبو حنيفة ومحمد: إن أقطر في إحليله فلا قضاء عليه. وقال أبو يوسف: عليه القضاء. ثم إن محمداً شك في ذلك ووقف فيه. قلت: أرأيت (¬1) الرجل يسلم في النصف من شهر رمضان ما عليه؟ قال: عليه أن يصوم بقية ذلك الشهر، وليس عليه قضاء ما مضى من الشهر وهو كافر. محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن البصري أنه قال في الذمي يسلم في النصف من رمضان: إنه يصوم بقيته، ولا قضاء عليه فيما مضى (¬2). قال: وبلغنا عن إبراهيم النخعي مثله. فإن أسلم غدوة في يوم من (¬3) شهر رمضان قبل أن يطعم فإنه يتم صوم يومه ذلك ولا قضاء عليه. قلت: أرأيت المرأة تكون أيام حيضها ثلاثة أيام فتحيض ثلاثة أيام ثم تطهر (¬4)، فتمكث طاهراً ثلاثة أيام، ثم ترى الدم في اليوم الرابع يومها ذلك كله والغد، وقد صامت الأيام الثلاثة التي طهرت فيها من شهر رمضان، هل يجزي عنها؟ قال: لا، لأنه قد كانت فيها حائضاً، وقد استبان لها ذلك حين رأت الدم في اليوم الرابع. قلت: فإن تمادى بها (¬5) الدم ما بينها وبين عشرة أيام فهي حائض؟ قال: نعم. قلت: فتلك الأيام التي رأت الدم والطهر فيها لا تصوم (¬6) فيها ولا تصلي؟ (¬7) قال: نعم. قلت: أرأيت لو كان ¬

_ (¬1) م - أرأيت، صح هـ. (¬2) روي أيضاً عن الحسن أنه يقضي ما مضى. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 171. وروي عن قتادة أنه يصوم بقيته، ولا يقضي ما مضى. انظر للأقوال في ذلك: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 170 - 171. (¬3) م - من. (¬4) م: ثم تظهر. (¬5) م ق: لها. (¬6) م ق: لا يصوم. (¬7) م: ولا يصلي.

حيضها ثلاثة أيام فحاضتها فطهرت (¬1) يوماً فرأت الدم من الغد فرأته يومها ومن الغد؟ قال: هي حائض. قلت: فإن كانت صامت ذلك اليوم الذي طهرت فيه من رمضان أتعيد صومها؟ قال: نعم؛ لأنها حائض بعد، ولا يكون الطهر يوماً واحداً. قلت: فإذا طهرت ثلاثة أيام ثم رأت الدم في اليوم الرابع؟ قال: هي حائض. قلت: فإن كانت صامت في هذه الأيام الثلاثة قضاء (¬2) من رمضان أيجزيها ذلك؟ قال: لا؛ لأنها حائض بعد. قلت: فهذه بمنزلة الأولى التي لم تستكمل أيام حيضها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة يكون (¬3) أيام حيضها ستة أيام، فتحيض سبعة أيام زيادة يوم على وقت أيام حيضها، أترى ذلك حيضاً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو رأت يومين أو ثلاثة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت أن تمادى بها الدم (¬4) حتى تراه (¬5) خمسة أيام بعد الستة؟ قال: ما زاد على أيام حيضها الستة فهي مستحاضة. قلت: لم؟ قال: لأنه إذا زادت على العشرة الأيام يوماً أو أكثر من ذلك فهي فيه مستحاضة عندنا. قلت: فكل شيء زاد على أيام حيضها ما لم يزد (¬6) على العشرة فهي فيه حائض؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت صامت بعد ما مضى أيام حيضها وهذه الأيام من شهر رمضان ثم جاوز الدم العشرة أجزاها لأنها فيه مستحاضة؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يجاوز الدم العشرة الأيام لم يجزها؟ قال: نعم. لأنها حائض فعليها أن تعيد الصيام. قلت: أرأيت المرأة النفساء أول ما تلد ينقطع عنها الدم في تمام ثلاثين يوماً ثلاثة أيام، ثم يعاودها الدم سبعة أيام أخر (¬7)، أتراها (¬8) نفساء بعد؟ (¬9) قال: نعم. قلت: فإن كانت صامت تلك الثلاثة الأيام من شهر رمضان أجزاها؟ قال: نعم. قلت: من أين أخذت في الحيض العشرة وفي النفاس الأربعين؟ قال: ¬

_ (¬1) ق: فطرت. (¬2) م: فصار. (¬3) ق: تكون. (¬4) ك: الحيض. (¬5) ق: يراه. (¬6) ق: لم تزد. (¬7) ق: أخرى. (¬8) ق: أترابها. (¬9) ق - بعد.

للأثر الذي بلغنا عن عثمان (¬1) بن أبي العاص الثقفي صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: تقعد (¬2) النفساء ما بينها (¬3) وبين أربعين يوماً (¬4). وبلغنا نحو من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "تقعد (¬5) النفساء ما بينها (¬6) وبين أربعين يوماً، (¬7). وبلغنا عن أنس بن مالك أنه قال في الحيض (¬8): ثلاثة أيام أو أربعة أيام أو خمسة أو ستة تقعد ما بينها (¬9) وبين العشرة (¬10). قلت: أرأيت رجلاً كان عليه صيام شهرين متتابعين من ظهار أو قتل فمرض فأفطر يوماً؟ قال: يستقبل الصيام. قلت: أرأيت إن وافق صيامه ذلك يوم النحر وأيام التشريق ويوم الفطر فأفطر - وهذه الأيام لا بد من (¬11) أن يفطر فيها - كيف يصنع؟ قال: يستقبل الصيام؛ لأنه مفطر في هذه الأيام، وهذه الأيام ليست بأيام صوم. قلت: فكل صوم كان عليه من رمضان أو كفارة يمين أو جزاء صيد أو نذر جعل لله (¬12) عليه فصامه (¬13) في هذه الأيام لم يجز (¬14) عنه؟ قال: نعم، لا يجزي ذلك عنه. قلت: أرأيت إن صام شهرين متتابعين كانا عليه (¬15) من ظهار أو قتل فوافق أحدهما شهر ¬

_ (¬1) ك: عن عمر؛ م: عن عمرو. وكلاهما خطأ. والتصحيح من ج ر. وقال في هامش ك: لا يعرف في الصحابة - رضي الله عنهم - عمر بن أبي العاص، وصوابه عثمان بن أبي العاص الثقفي. وهو كذلك. (¬2) ق: يقعد. (¬3) ك: ما بينهما. (¬4) سنن الدارقطني، 1/ 220؛ والسنن الكبرى للبيهقى، 1/ 341. (¬5) ق: يقعد. (¬6) ك: ما بينهما. (¬7) سنن الدارمي، الطهارة، لما. وروي نحو ذلك مرفوعاً أيضاً. انظر: سنن ابن ماجة، الطهارة، 128؛ وسنن أبي داود، الطهارة، 119؛ وسنن الترمذي، الطهارة، 105؛ والمستدرك للحاكم، 1/ 283؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 204؛ والدراية لابن حجر، 1/ 89 - 90. (¬8) م ق + أنه قال. (¬9) ك: يقعد ما بينهما. (¬10) تقدم تخريجه في كتاب الحيض. (¬11) ق - من. (¬12) م: جعل الله. (¬13) م: فصيامه. (¬14) م: لم يجزي. (¬15) ق: علنه.

رمضان، فصام شهر رمضان ينوي به أحد الشهرين المتتابعين، وقال: أقضي شهر رمضان بعد الفطر؟ قال: لا يجزي ذلك عنه، وشهر رمضان (¬1) الذي صامه هو شهر رمضان نفسه، ولا يجزي عنه من الشهرين المتتابعين، وعليه أن يستقبل الشهرين (¬2) المتتابعين (¬3). قلت: أرأيت من كان عليه صوم ثلاثة أيام من كفارة يمين أيتابع (¬4) بينهن؟ قال: نعم، بلغنا أنه (¬5) في قراءة ابن مسعود: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} (¬6). قلت: أرأيت الصوم (¬7) في جزاء الصيد وفي المتعة أمتتابع أو متفرق؟ قال: إن تابع أجزاه، وإن فرّق أجزاه. قلت: وكذلك قضاء شهر رمضان؟ قال: نعم. قلت: فكل شيء متتابع أفطر فيه يوماً فعليه أن يستقبل الصيام؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يصوم شهرين متتابعين من ظهار عليه فيجامع امرأته التي ظاهر منها بالليل؟ قال: عليه أن يستقبل الصوم؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (¬8). قلت: أرأيت إن جامعها نهاراً ناسياً لصومه؟ قال: عليه أن يستقبل الصيام في أوله. قلت: لم ولم يفطر؟ (¬9) قال: لأن الله تعالى يقول: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، وهذا لا يكون أهون من جماعه بالليل مفطراً، ولكن عليه أن يستقبل الصيام في ¬

_ (¬1) ك + ينوي به أحد الشهرين المتتابعين وقال أقضي شهر رمضان بعد الفطر قال لا يجزي ذلك عنه وشهر رمضان. (¬2) م - الشهرين. (¬3) ق - وعليه أن يستقبل الشهرين المتتابعين. (¬4) ق - أيتابع؛ صح هـ. (¬5) م - أنه. (¬6) رويت هذه القراءة عن ابن مسعود وأبي بن كعب وإبراهيم النخعي. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 514؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 88؛ وتفسير الطبري، 7/ 30؛ والمستدرك للحاكم، 2/ 303؛ والدراية لابن حجر، 2/ 91. (¬7) ك: الصيام. (¬8) سورة المجادلة، 58/ 4. (¬9) ق: ولم لم يفطر.

هذين الوجهين جميعاً؛ لأنه قد جامع وقد قال الله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يجزيه صومه ذلك ولا يستقبل. ولو جامع غيرها من نسائه بالنهار ناسياً أو بالليل ذاكراً أو ناسياً فليس عليه شيء. قلت: فلو كان عليه صيام شهرين من قتل (¬1) أو صيام من كفارة يمين أو قضاء رمضان، فجامع ليلاً أو نهاراً (¬2) ناسياً لصومه، لم يضره وأتم ما بقي من صومه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة يجب عليها شهران متتابعان، فتحيض فيهما، أتستقبل الصيام أم كيف تصنع؟ قال: إن كان (¬3) الحيض يصيبها في كل شهر لا بد لها منه فعليها أن تقضي أيام حيضها، ولا تستقبل الصيام، وتصل ذلك بالشهرين (¬4). أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن الشعبي أنه قال في المرأة يكون عليها صيام شهرين متتابعين فتحيض فيهما: إنها تصله بالشهرين ولا تستقبل (¬5). أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: تستقبل (¬6). فقلت لأبي حنيفة: بم تأخذ؟ قال: آخذ بحديث الشعبي. قلت: أرأيت لو كانت فرغت من الشهرين وقد كانت حاضت في كل شهر خمسة أيام، أتصوم هذه العشرة الأيام وتصلها بالشهرين؟ قال: نعم. قلت: فإن أفطرت فيها ما بينها وبين الشهرين يوماً من غير حيض أتستقبل الصيام؟ قال: نعم؛ لأنها إذا أفطرت من غير حيض فعليها أن تستقبل الصيام. قلت: وهي بمنزلة الرجل في كل ما ذكرت لك إلا في الحيض؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يجب عليه صيام شهرين متتابعين من ظهار ¬

_ (¬1) م: من قبل. (¬2) م + أو. (¬3) ق - كان. (¬4) م: الشهرين. (¬5) الآثار لأبي يوسف، 176. (¬6) الآثار لأبي يوسف، 176

فيمرض منهما (¬1) فيفطر لأنه لا يستطيع أن يصوم لمرضه، أيجزيه أن يطعم ستين مسكينًا؟ قال: نعم. قلت: فإن كان إنما مرض ثلاثة أيام أو أربعة أيام لم يكمل الشهرين في مرضه؟ قال: نعم، يجزيه أن يطعم. قلت: لم؟ قال: إذا كان في حال لا يستطيع فيه الصيام أجزاه الطعام. قلت: أرأيت إذا صام من ظهار أو من قتل أو من صيام واجب عليه غير ذلك فأكل ناسياً هل يكون مفطراً؟ قال: لا؛ لأنه لو فعل هذا في شهر رمضان ناسياً لم يضره. قلت: أرأيت الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين من ظهار فصام عن كفارة ظهاره، فجامع امرأة له أخرى غير التي (¬2) ظاهر منها ليلاً أو نهاراً ناسياً لصومه، هل عليه شيء؟ قال: لا، وصومه تام. قلت: أرأيت الرجل يظاهر من أربع نسوة له فيعتق أربع رقاب عن ظهاره (¬3) منهن هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يجد ما يعتق فصام ثمانية (¬4) أشهر متتابعات؟ قال: يجزيه من كل ظهاره. قلت: فإن كان لا يستطيع الصوم فأطعم مائتين وأربعين مسكيناً هل يجزيه إذا ما أطعم كل مسكين نصف صاع من حنطة؟ قال: نعم، يجزيه. قلت: لم يجزيه وهذا لم يجعل لكل امرأة منهن شيئاً معلوماً؟ قال: أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. قلت: أرأيت إن صام شهرين متتابعين ثم أفطر يوماً، ثم صام شهرين متتابعين ثم أفطر يوماً (¬5)، حتى صام ثمانية أشهر كلما تَمَّ شهران (¬6) أفطر يوماً، يريد بصوم (¬7) كل شهرين كفارة عن امرأة منهن؟ قال: ذلك يجزيه. قلت: فإن أعتق رقبة عن إحداهن ولم ينوها بعينها هل له أن يجامع أيتهن شاء ويجعل العتق عنها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن صام شهرين متتابعين ينوي عن واحدة منهن بعينها، ثم جامع (¬8) أخرى غير التي ¬

_ (¬1) أي: مرض بسبب صومه للشهرين. (¬2) م: عن التي. (¬3) ق: عن طهارة. (¬4) م: فصيام ثلثة. (¬5) م - ثم صام شهرين متتابعين ثم أفطر يوماً. (¬6) م ق: شهرين. (¬7) ق: يصوم. (¬8) م: ثم يجامع.

صام عنها ليلاً، هل يفسد عليه الصيام الذي صام عنها؟ قال: لا (¬1)؛ لأنه لم يجامع التي صام عنها، إنما جامع غيرها. قلت: فإن صام شهرين متتابعين عن واحدة منهن لم يسمها (¬2) بعينها، ثم جامع ثلاثاً منهن بالليل، أله أن يجعل تلك (¬3) الشهرين عن التي لم يجامع؟ قال: نعم. قلت: فإن كان ذلك الجماع (¬4) قبل مضي الشهرين؟ قال: وإن كان. قلت: فإن صام شهرين متتابعين عن واحدة منهن ثم مرض بعد شهرين، فأطعم ستين مسكيناً عن أخرى، فلما فرغ من الطعام أيسر واشترى رقيقين فأعتقهما عن الباقيتين، أيجزيه ذلك؟ قال: نعم. أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم عن سليمان الأحول عن طاوس قال: ظاهر رجل من امرأته، فأبصرها في القمر وعليها خلخال فضة، فأعجبته فوقع عليها قبل أن يكفر، فسأل عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمره أن يستغفر الله ولا يعود حتى يكفر (¬5). قلت: أرأيت الرجل يظاهر من امرأته أله أن يجامعها قبل أن يكفر؟ قال: لا، ليس له أن يجامعها حتى يكفر، وأكره (¬6) للمرأة أن تدعه يقربها حتى يكفر. قلت: فإن قربها قبل أن يكفر هل ترى عليه شيئاً فيما صنع؟ قال: لا، إلا أنه يستغفر الله تعالى ولا يعود، وكذلك جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر الذي واقع امرأته قبل أن يكفر أن يستغفر الله تعالى. قلت: أرأيت الرجل إذا تسحر في صوم واجب عليه من ¬

_ (¬1) جميع النسخ - لا. وصحح في هامش ك وفي ط. (¬2) ق: لم يسميها. (¬3) م ق: تيك. (¬4) ك ق: الجمع. (¬5) سنن ابن ماجة، الطلاق، 26؛ وسنن أبي داود، الطلاق، 17؛ وسنن الترمذي، الطلاق، 19؛ وسنن النسائي، الطلاق، 33. وقد صححه الترمذي. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 3/ 246؛ والدراية لابن حجر، 2/ 75؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 221. (¬6) م: واكر.

رمضان أو غيره فشك وكان أكبر (¬1) رأيه أنه (¬2) تسحر والفجر طالع؟ قال: أحب إلي أن يقضي ذلك اليوم أَخْذاً له في ذلك بالثقة. قلت: فعليه أن يدع السحور (¬3) وهو يعلم أن عليه (¬4) ليلاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أصبح صائماً ينوي بها قضاء رمضان، ثم علم أنه ليس عليه شيء من شهر رمضان، أله أن يفطر؟ قال: نعم إن شاء، ولا يكون عليه قضاء ذلك اليوم. قلت: فإن صامه أتراه أحسن من أن يفطر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يصوم ثلاثة أيام في الحج وهو متمتع ثم يجد من الهدي في اليوم الثالث أيكون صومه منتقضاً؟ (¬5) قال: نعم. أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك. وكذلك بلغنا عن حماد (¬6) عن إبراهيم (¬7). قلت: فإذا أفطر ذلك اليوم هل عليه قضاؤه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن صومه ذلك قد انتقض. قلت: وكذلك لو صام ثلاثة أيام من كفارة يمين ثم وجد في اليوم الثالث ما يطعم وأيسر؟ قال: نعم. قلت: وكذلك كل صوم من ظهار أو قتل إذا وجد ما يعتق بطل صومه، وإن أفطر لم يكن عليه قضاؤه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت المرأة تصبح صائمة تطوعاً، ثم تفطر متعمدة لذلك، ثم تحيض في آخر (¬8) يومها ذلك؟ قال: عليها قضاء يومها ذلك. قلت: لم (¬9) وقد حاضت؟ قال: لأنها بمنزلة امرأة قالت: لله علي أن أصوم هذا اليوم، ثم تحيض فيه، فعليها قضاؤه. ¬

_ (¬1) م: أكثر. (¬2) م - أنه. (¬3) جميع النسخ وط: السحر. (¬4) ق - عليه. (¬5) م: منقصا. (¬6) م + عن حماد. (¬7) الآثار لأبي يوسف، 102؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 237. (¬8) ق: وآخر. (¬9) ق: ولم.

قلت: أرأيت الرجل يصبح مفطراً، ثم يبدو له أن يصوم قبل أن ينتصف (¬1) النهار ولم يطعم شيئاً، أو يبدو له أن يصوم بعد زوال الشمس؟ قال: إذا كان قبل زوال الشمس وعزم على الصوم أجزاه، وإذا صام بعدما تزول الشمس لم يجزه ولم يكن صائماً. قلت: فإن كان هذا الصيام قضاء من رمضان أو قضاء من صيام كان عليه؟ قال: لا يجزيه؛ لأنه أصبح مفطراً. قلت: فيجزيه أن يتطوع به، ولا يجزيه من شيء كان عليه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أصبح في شهر رمضان ينوي الإفطار غير أنه لم يأكل ولم يشرب؟ قال: عليه قضاء ذلك اليوم. قلت: فإن نوى الصوم قبل أن ينتصف (¬2) النهار؟ قال: يجزيه. قلت: لم جعلت عليه قضاء ذلك اليوم؟ قال: أرأيت مريضاً لا يستطيع الصيام أصبح ينوي الإفطار، وكان على (¬3) ذلك إلى الليل، غير أنه لم يأكل ولم يشرب لأنه لم يشتهِ (¬4) الطعام ولا الشراب، أيكون هذا صائماً؟ قلت: لا. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت رجلاً في أرض الحرب مر به شهر رمضان وهو لا يعلم به ولا ينوي (¬5) صومه، ونوى (¬6) الفطر فيه، غير أنه لا يجد طعاماً ولا شراباً، أيجزيه هذا من صيام شهر رمضان؟ (¬7) قال: لا، وهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت هذا الذي أصبح مفطراً إن ظن أن نيته (¬8) قد أفسدت عليه صومه وأُفتي بذلك، فأكل قبل أن ينتصف (¬9) النهار أو شرب أو جامع؟ قال: عليه القضاء، ولا كفارة عليه. قلت: لم ألقيت عنه الكفارة؟ قال: للشبهة التي دخلت. قلت: أرأيت رجلاً جُنّ قبل شهر رمضان، فلم يزل مجنوناً حتى ¬

_ (¬1) ق: أن يتنصف. (¬2) ق: أن يتنصف. (¬3) ق - على. (¬4) م ق: لم يشتهي. (¬5) م: أنه لا ينوي. (¬6) م: ويري. (¬7) ق - وهو لا يعلم به ولا ينوي صومه ونوى الفطر فيه غير أنه لا يجد طعاما ولا شرابا أيجزيه هذا من صيام شهر رمضان. (¬8) م: أن بينه. (¬9) ق: أن يتنصف.

ذهب شهر رمضان كله، ثم أفاق، هل عليه قضاؤه؟ قال: لا؛ لأنه كان مجنوناً ولم يفق فيه. قلت: فإن أُغمي عليه فكان كذلك حتى ذهب شهر رمضان؟ قال: عليه قضاؤه. قلت: من أين اختلفا؟ قال: المغمى عليه ليس عندنا بمنزلة المجنون المغلوب، إنما المغمى عليه بمنزلة المريض، فعليه قضاء شهر رمضان. قال: أرأيت إن كان مريضاً ليس بمغمى عليه ألم يكن عليه قضاء رمضان إذا لم يصمه؟ قلت: بلى. قال: فهذا وذاك سواء. قلت: أرأيت المريض يمرض قبل دخول شهر رمضان، فلا يزال مريضاً حتى ينسلخ شهر رمضان ثم يموت؟ قال: ليس عليه من قضاء شهر رمضان شيء؛ لأنه لم يصح ولم يبرأ حتى مات. قلت: فإن صح شهراً فلم يقض شهر رمضان حتى مات؟ قال: هذا عليه القضاء؛ لأنه مات وعليه قضاء شهر رمضان. قلت: فإن صام (¬1) عنه ابنه (¬2) أيجزيه ذلك؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: للأثر الذي جاء عن عبد الله بن عمر وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا: لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد (¬3). قلت: فإن أوصى أبوه حين مات أن يقضي عنه كيف تأمر (¬4) أن يصنع؟ قال: يطعم عنه مكان كل يوم نصف صاع من حنطة. قلت: فكم الصاع؟ قال: قفيز بالحَجّاجِي (¬5)، وهو ربع الهاشمي، وهو ثمانية أرطال. قلت: أرأيت إن صح بعد شهر رمضان عشرة أيام ثم مات ما عليه، أترى عليه قضاء شهر رمضان؟ قال: لا، وإنما عليه قضاء العشرة الأيام التي صح فيها. قلت: ¬

_ (¬1) ق: ضام. (¬2) م - ابنه. (¬3) لقول ابن عمر انظر: الموطأ، الصيام، 43؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 61؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 463؛ والدراية لابن حجر، 1/ 283. ورواه الإمام أبو يوسف عن الإمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار له، 28. وذكر الخوارزمي أن الإمام محمداً رواه عن الإمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم، لكن لم نجد ذلك في النسخة المطبوعة. انظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 418. وفي المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 380 عن إبراهيم النخعي: لا يحج أحد عن أحد. (¬4) م: يأمر. (¬5) ينسب إلى الحجاج بن يوسف، لأنه اتخذه على صاع عمر - رضي الله عنه -. انظر: المغرب، "حجج".

فالمريض والمسافر في ذلك سواء؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يبرأ حتى مات فليس عليه القضاء؟ قال: نعم، ليس عليه في ذلك قضاء. قلت: فالمسافر إذا أقام أياماً بعد شهر رمضان ثم مات فعليه بقدر ما أقام؟ قال: نعم، وهو بمنزلة المريض في ذلك. قلت: أرأيت الرجل يدخل شهر رمضان وهو صحيح ثم يجن ثم يفيق قبل رمضان عام مُقبِل؟ قال: يصوم هذا الرمضان (¬1) الذي دخل فيه، ثم يقضي ما بقي عليه من الأول. قلت: أرأيت الذي يجن في شهر رمضان فلا (¬2) يفيق حتى يمضي هذا الرمضان الذي جن فيه ورمضان (¬3) آخر؟ قال: عليه قضاء الأول. قلت: فمن أين اختلفا؟ قال: أستحسن إذا أوجبت (¬4) عليه شيئاً منه أن يقضي كله (¬5)، والثاني ليس عليه فيه شيء. قلت: فإن مكث عشرين سنة ثم أفاق في رمضان؟ قال: عليه أن يصوم ما بقي من هذا (¬6) الشهر الذي أفاق فيه، وعليه قضاء ما مضى منه (¬7) وقضاء الأول الذي كان مفيقاً فيه فجن. قلت: أرأيت الرجل يسلم في النصف من شهر رمضان أو بعدما يمضي منه أيام؟ قال: يصوم ما بقي منه، ولا قضاء عليه فيما مضى. محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن البصري أنه قال في الرجل يسلم في النصف من شهر رمضان: إنه يصوم بقيته (¬8)، ولا قضاء عليه لما مضى منه. وكذلك بلغنا عن إبراهيم النخعي (¬9). قلت: فإن أسلم غدوة في يوم من شهر رمضان قبل أن يطعم؟ قال: يتم صوم ذلك اليوم، ولا قضاء عليه. قلت: أرأيت إن أسلم في بعض النهار أترى له أن يأكل بقية يومه ويشرب؟ قال: لا. قلت: فإن فعل فعليه قضاء ذلك اليوم؟ قال: لا. ¬

_ (¬1) م: هذا الزمان. (¬2) م ق: ولا. (¬3) م: رمضان. (¬4) م: إذا أوجب. (¬5) م ق + وهذا. (¬6) ك - هذا، صح هـ. (¬7) ق: فيه. (¬8) م: نفسه. (¬9) تقدم الأثران أول الكتاب.

قلت: أرأيت الرجل يفطر في شهر رمضان متعمداً، ثم يمرض في ذلك اليوم مرضًا لا يستطيع معه الصوم؟ قال: عليه قضاء ذلك اليوم، ولا كفارة عليه. قلت: لم؟ قال: للمرض الذي أصابه. قلت: أرأيت إن سافر ولم يمرض ولم يكن من نيته السفر؟ قال: عليه القضاء والكفارة؛ لأن السفر من فعله، فلا تبطل (¬1) به الكفارة. قلت: أرأيت الرجل يصبح في شهر رمضان صائماً ثم يسافر وقد عزم على الصوم، ثم يفطر في سفره ذلك، هل عليه مع القضاء كفارة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: للشبهة التي دخلت؛ لأنه إنما أفطر وهو مسافر. قلت: فإن كان مسافراً وقد عزم على الإفطار فقدم قبل نصف النهار أو بعده، فأكل أو شرب متعمداً لذلك، هل عليه كفارة؟ قال: لا، ولكن عليه القضاء. قلت: فإن كان عزم على الصوم فلما قدم استفتى فأُفتي أن صومه (¬2) لا يجزيه وأنه عاصي، فلما رأى ذلك أفطر؟ قال: عليه القضاء، ولا كفارة عليه. قلت: لم؟ قال: للشبهة التي دخلت. قلت: فإن كان صام في السفر أيجزيه؟ قال: نعم، وهو أفضل من أن يفطر، وإنما (¬3) الإفطار رخصة. قلت: أرأيت رجلاً أكل ناسياً في شهر (¬4) رمضان، ثم أكل بعد ذلك متعمداً وظن أن ذلك قد أفسد عليه صومه؟ قال: عليه القضاء، وليست عليه كفارة. قلت: أفتكره (¬5) للرجل أن يقضي شهر رمضان في أيام العشر؟ (¬6) قال: لا. قلت: أرأيت الغلام يحتلم في النصف من شهر رمضان ثم يفطر بعد ذلك متعمداً؟ قال: عليه القضاء والكفارة فيما أفطر بعد احتلامه في غير اليوم الذي احتلم فيه. قلت: وكذلك الجارية إذا أفطرت بعدما حاضت؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ق: يبطل. (¬2) ق: أن يصومه. (¬3) م: وأما. (¬4) ق - شهر. (¬5) م: أفيكره. (¬6) أيام العشر أي العشر الأولى من ذي الحجة.

قلت: أرأيت الصائم أتكره (¬1) له أن يقبل وهو صائم؟ قال: إن كان يملك نفسه فلا بأس بذلك. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬2) كان يقبل وهو صائم (¬3). قال محمد: أخبرنا بذلك أبو حنيفة. قلت: أرأيت الرجل يتمضمض في شهر رمضان، فيسبقه الماء، فيدخل الماء حلقه، وهو ناس لصومه؟ قال: يمضي في صومه ذلك ولا يفطر، ولا قضاء عليه. قلت: فإن كان ذاكراً لصومه؟ قال: عليه القضاء، ولا كفارة عليه. قال: أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك (¬4). قلت: فلم ألقيت عنه الكفارة؟ قال: لأنه لم يدخله جوفه على وجه الإفطار، فلذلك ألقيت عنه الكفارة. قلت: أرأيت الصائم يذوق الشيء بلسانه ولا يدخله حلقه؟ قال: لا يفطره (¬5) ذلك، وصومه تام. قلت: أفتكره (¬6) له أن يعرض نفسه لشيء من هذا؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصائم ينظر إلى امرأة حتى يمني أترى عليه القضاء؟ قال: لا، لأنه لم يصنع شيئاً. قلت: فإن لمس أو قبل حتى يمني؟ قال: يتم صومه ذلك اليوم، وعليه القضاء، وليست عليه كفارة، ولا يكون على المرأة قضاء إلا أن يكون منها مثل ما كان من الرجل. قلت: فإن لمس حتى يمذي؟ قال: لا قضاء عليه ولا كفارة، لأن المذي ليس بشيء. قلت: أرأيت الصائم يحتجم؟ قال: نعم، لا يضره ذلك. قلت: أفتكره (¬7) له أن يحتجم؟ قال: إن خاف أن يضعفه فأحب إلي أن لا يفعل. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يحتجم الصائم، ثم أنه رخص فيه ¬

_ (¬1) م: أيكره. (¬2) م: أن. (¬3) تقدم تخريجه. (¬4) تقدم تخريجه. (¬5) ك: لا يفطر. (¬6) م: أفيكره. (¬7) م: أفيكره.

بعد ذلك، واحتجم وهو صائم محرم (¬1). قلت: أرأيت الصائم يدخل الذباب جوفه، أو الشيء من الطعام يكون بين أسنانه فيدخل جوفه، هل يفطره ذلك وقد دخل جوفه وهو ذاكر لصومه وهو كاره؟ قال: لا يفطره ذلك وهو على صومه، لأنه ليس بطعام، ولأنه مغلوب. قلت: أرأيت الرجل يجعل على نفسه أن يصوم شهراً أيصومه متتابعاً أو متفرقًا؟ قال: إن كان نوى شهراً بغير عينه (¬2) فرق ذلك إن شاء. قلت: أرأيت إن قال: لله علي أن أصوم شعبان، فلم يفعل، أترى عليه قضاءه؟ (¬3) قال: نعم. قلت: فهل ترى عليه كفارة يمين؟ قال: إن كان أراد يميناً فعليه كفارة يمين مع القضاء، ويقضيه متفرقاً إن شاء، فإن (¬4) كان لم يرد يميناً فليس عليه كفارة. قلت: أرأيت إن قال: لله علي أن أصوم شعبان، فأفطر يوماً، أيقضي شعبان كله لأنه لم يتابع بين صومه؟ قال: لا، ولكنه يقضي يوماً مكان يومه؛ لأنه لا يستطيع أن يصوم شعبان بعدما (¬5) مضى. قلت: فعليه القضاء لذلك اليوم وكفارة يمين إن كان أراد يميناً؟ قال: نعم. قلت: فإن كان قال: لله علي أن أصوم شهراً متتابعاً، بغير عينه (¬6)، فأفطر يوماً منه؟ قال: عليه أن يستقبل صوم الشهر من أوله إذا لم يكن نوى شهراً بعينه (¬7)؛ لأنه جعل دئه عليه صوم شهر متتابعاً ولم ينو شهراً بعينه، فإذا أفطر يوماَ ولم يتابع استقبل الصوم. فإن (¬8) نوى شهراً بعينه فجعل لله عليه أن يصومه (¬9) متتابعاً، فأفطر فيه يوماً صام يوماً مكان يومه، وعليه أن يكفر يمينه إن كان أراد اليمين أو نواها، فإن (¬10) لم يكن أراد اليمين فلا كفارة عليه، وعليه أن يقضي ما أفطر. ¬

_ (¬1) تقدم. (¬2) م: عنه. (¬3) م ق: قضاوه. (¬4) ق: وإن. (¬5) ك + قد. (¬6) م: عنه. (¬7) م - بعينه، صح هـ. (¬8) ك ق: وإن. (¬9) م: أن صومه. (¬10) ك ق: وإن.

قلت: أرأيت الرجل يجعل لله عليه أن يصوم سنة بعينها، وهو يفطر يوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق، فصام السنة إلا هذه الأيام لأنها ليست بأيام صوم؟ قال: عليه قضاء هذه الأيام وكفارة يمين إن كان أراد اليمين. قلت: أرأيت المرأة إذا جعلت لله عليها صوم تلك السنة وهي ممن (¬1) تحيض، أتقضي مكان أيام (¬2) حيضها التي حاضت فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يجعل لله (¬3) عليه أن يصوم كل خميس يأتي عليه فيفطر خميسًا واحداً؟ قال: عليه قضاؤه وكفارة يمين إن كان أراد يميناً. قلت: فإن أفطر خميسًا آخر هل عليه في هذه اليمين الأخرى حنث؟ قال: لاة لأنه قد حنث فيها مرة وكفر فيها يمينه، فلا يحنث فيها ثانية. قلت: أرأيت الرجل يجعل لله عليه إن قدم فلان أن يصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه أَبَداً، فقدم فلان ليلاً؟ قال: ليس عليه شيء، لأن فلاناً لم يقدم نهاراً كما قال. قلت: فإن قدم فلان في يوم قد أكل فيه الرجل؟ (¬4) قال: عليه أن يصوم ذلك اليوم فيما يستقبل كما جعل لله على نفسه، وأما اليوم الذي أكل فيه فليس عليه شيء؛ لأنه أفطر قبل قدوم فلان. قلت: وكذلك لو قدم فلان بعد الظهر ولم يطعم الرجل شيئاً في ذلك اليوم وهو ينوي الإفطار؟ قال: نعم. قلت: فلو قدم فلان قبل أن ينتصف (¬5) النهار ولم يأكل الرجل شيئاً وهو ينوي الإفطار؟ قال: أما هذا فيصوم هذا اليوم، ويصومه فيما يستقبل أبداً. قلت: أرأيت الرجل يقول: لله علي أن أصوم غداً، فيكون غداً (¬6) الأضحى، فلم يصمه، أيكون عليه قضاء ذلك اليوم؟ قال: نعم، وعليه كفارة يمين إن كان أراد يميناً. قلت: لم أوجبت عليه قضاءه؟ قال: لأن هذا يوم جعله لله عليه. قلت: أرأيت الرجل يصبح صائماً يوم النحر متعمداً لذلك؟ قال: ليس عليه قضاؤه إن أفطره. [قال أبو يوسف: عليه القضاء، ¬

_ (¬1) م - ممن. (¬2) م - أيام؛ صح هـ. (¬3) م - لله. (¬4) م + كما. (¬5) ق: أن يتنصف. (¬6) ك - غدا، صح هـ.

وهو مثل قوله: لله علي. وقال أبو حنيفة: هو مختلف. وهذا في الجامع الصغير الكتاب (¬1) الذي يسمى الهاروني] (¬2). قلت: أرأيت المرأة تقول: لله علي أن أصوم يوم حيضي، أتجعل (¬3) عليها مكانه يوماً؟ (¬4) قال: لا، ولا يكون عليها شيء. وهذا مثل الرجل يصبح في يوم قد أكل فيه ثم قال: لله علي أن أصوم هذا اليوم، فليس عليه قضاؤه. وهذا مثل امرأة حائض قالت: لله علي أن أصوم هذا اليوم، وهي حائض، وليس عليها قضاؤه، وهذا وذاك سواء في القياس. قلت: أرأيت الصائم يكتحل بالإثْمِد والذَّرُور (¬5) والصَّبِر (¬6) وغيره؟ قال: نعم، لا يضره ذلك شيئاً. قلت: فَإن وجد طعمه في حلقه؟ قال: وإن ¬

_ (¬1) ط: والكتاب. والصواب هو حذف الواو كما هو في جميع النسخ التي لدينا. والمقصود بالجامع الصغير هنا هو الكتاب الذي يسمى الهاروني. وانظر الحاشية التالية. (¬2) يظهر أن ما بين المعقوفتين مزيد من قبل أحد رواة الكتاب، الجوزجاني أو ممن دونه. والهاروني من كتب النوادر التي رويت عن الإمام محمد. ويسمونه تارة بالهاروني وتارة بالهارونيات. انظر: المبسوط، 1/ 250، 8/ 142؛ وفتح القدير لابن الهمام، 4/ 447؛ وكشف الظنون، 2/ 1282. وليس المقصود به هنا الجامع الصغير المعروف، لأن المؤلف ذكر هذه المسألة في الجامع الصغير فقال: رجل أصبح يوم النحر صائماً ثم أفطر فلا شيء عليه. انظر: الجامع الصغير، 143. ولم يذكر في ذلك خلافاً. وقال الحاكم: وإن أصبح صائماً يوم الفطر ثم أفطره قال: لا قضاء عليمى انظر: الكافي، 1/ 26 ظ. ولم يذكر في ذلك خلافاً. ومع أن السرخسي فكر الخلاف بين الإمام أبي حنيفة وصاحبيه فنقل عن الإمام القول بعدم وجوب القضاء، وعن الصاحبين القول بوجوبه، إلا أن المرغيناني بين أن القول بوجوب القضاء مروي عن الصاحبين في النوادر. انظر: المبسوط، 3/ 97؛ والهداية، 1/ 131. (¬3) ق: أيجعل. (¬4) ق: يوماً مكانه. (¬5) الذَّرِيرَة ويقال أيضاً: الذَّرُور، نوع من الطيب، قال الزمخشري: هي فُتَات قصب الطيب، وهو قصب يؤتى به من الهند كقصب النُّشّاب، وزاد الصغاني: وأنبوبه محشوّ من شيء أبيض مثل نسج العنكبوت، ومسحوقه عطر إلى الصفرة والبياض. انظر: المصباح المنير، "ذرر". (¬6) الصَّبِر دواء مُرّ معروف. انظر: المغرب، "صبر".

وجد طعمه في حلقه (¬1)، فإنما طعمه مثل الدواء يذوقه فيدخل جوفه طعمه، ومثل الدهن يدهن به شاربه، ومثل الدخان ومثل الغبار يدخل طعمه في حلقه. ولو طُعن الصائم برمح حتى يصل الرمح إلى جوفه لم يكن عليه القضاء ولا الكفارة. وإذا أُكره الصائم حتى صُب الماء في حلقه والشراب فعليه القضاء، ولا كفارة عليه. وإذا كانت بالرجل جراحة جائفة فداواها (¬2) بزيت أو بسمن فخلص ذلك إلى جوفه فعليه القضاء، ولا كفارة عليه (¬3). ولو داواها (¬4) بدواء يابس لم يكن عليه القضاء في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا قضاء عليه ولا كفارة في الدواء الرطب واليابس جميعاً. فإذا صُب في جوف النائم ماء أو شراب وهو صائم فعليه القضاء ولا كفارة عليه. وكذلك المرأة بمنزلة الرجل في ذلك. قلت: أرأيت الرجل يستاك بالسواك الرطب أو يبلّه بالماء وهو صائم؟ قال (¬5): لا بأس (¬6) بذلك أن يستاك أول النهار أو آخره. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يستاك وهو صائم (¬7). قلت: أرأيت المرأة الحامل والمرضع التي تخاف على الصبي أو (¬8) الحامل تخاف على نفسها؟ قال: تفطران وتقضيان (¬9) يوماً مكان كل يوم (¬10)، ولا كفارة عليهما. قلت: فالشيخ الكبير (¬11) الذي لا يطيق الصوم؟ ¬

_ (¬1) ق: في خلقه. (¬2) ق: فذواها. (¬3) ق - عليه. (¬4) ق: دواها. (¬5) م - قال. (¬6) م: فلا بأس. (¬7) سنن أبي داود، الصوم، 27؛ وسنن الترمذي، الصوم، 29؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 459. (¬8) م + أو. (¬9) ك م: يفطران ويقضيان. (¬10) م + يوم. (¬11) م - الكبير.

باب صدقة الفطر

قال: يفطر ويطعم لكل يوم نصف صاع من حنطة، ولا شيء عليه غير ذلك. قلت: أرأيت الصائم يأكل الطين أو الجص (¬1) أو دخل جوفه حصاة؟ قال: ليس عليه شيء، وصومه تام، ولا يفطره ذلك إذا كان ناسياً، وإن كان ذاكراً فعليه القضاء، ولا كفارة عليه؛ لأنه ليس بطعام. قلت: فالصائم يمضغ العلك؟ قال: أكره له ذلك ولا يفطره. قلت: فالمرأة تمضغ لصبيها خبزًا أو طعاماً؟ قال: إن لم تجد من ذلك بداً فلا بأس به. أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم بذلك (¬2). ... باب صدقة الفطر أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير (¬3) العُذْرِي (¬4) قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير نصف صاع من بر، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير" (¬5). محمد بن الحسن عن أبي معشر عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأمرهم أن يؤدوا صدقة الفطر قبل أن يخرجوا إلى ¬

_ (¬1) ق: والجص. (¬2) المصنف لعبدالرزاق، 4/ 207؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 306. (¬3) ق: صغير. (¬4) جميع النسخ وط: العدوي. وهو تحريف. والتصحيح من تقريب التهذيب لابن حجر، "عبد الله بن ثعلبة، وثعلبة بن صعير". (¬5) سنن أبي داود، الزكاة، 21. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 406؛ والدراية لابن حجر، 1/ 269.

المصلى، وقال: "أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم" (¬1). قلت: أرأيت المملوك من يؤدي عنه صدقة الفطر؟ قال: مولاه. قلت: فهل يسعه أن لا يؤدي عنه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يكون له المملوكون أيؤدي عن كل إنسان منهم نصف صاع من حنطة؟ قال: نعم. قلت: وإن كانوا صغاراً أو كباراً؟ قال: نعم. قلت: فهل يؤدي الرجل عن أم ولده صدقة الفطر؟ قال: نعم، وكذلك المدبر. قلت: فهل عليه أن يؤدي عن مكاتبه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: فهل يؤدي المكاتب عن نفسه؟ قال: لا. قلت: أرأيت عبداً قد أعتق نصفه وهو يسعى في نصف قيمته هل يجب على مولاه أن يؤدي عنه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: فهل يجب على العبد أن يؤدي عن نفسه؟ قال: لا في قول أبي حنيفة، وهو عنده (¬2) بمنزلة المكاتب. وقال أبو يوسف ومحمد: على العبد أن يؤدي عن نفسه، وهو بمنزلة الحر، إذا أعتق بعضه فقد عتق كله. قلت: أفرأيت الرجل يكون له المملوكون يهود (¬3) أو نصارى أو مجوس أو إماء هل يجب عليه فيهم صدقة الفطر؟ قال: نعم. قلت: لم وهم كفار؟ قال: لأن ذلك إنما يجب على المولى أن يؤدي عنهم، وليس عليهم شيء. أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن عبيدة عن إبراهيم أنه قال: إذا كان للرجل عبد نصراني إنه (¬4) يؤدي عنه صدقة الفطر (¬5). قلت: أرأيت الرجل يكون له العبد وهو مجنون مغلوب لا يفيق ولا يعقل أيجب على مولاه فيه صدقة الفطر؟ قال: نعم، وكذلك الأمة. قلت: أرأيت الرجل يدخل أرض الحرب فيشتري رقيقاً من رقيقهم فيخرجهم إلى ¬

_ (¬1) روي نحو هذا. انظر: سنن الدارقطني، 2/ 152؛ ومعرفة علوم الحديث للحاكم، 131؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 314 - 432. والقسم الأول منه في صحيح البخاري، الزكاة، 76؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 22. (¬2) م: عبده. (¬3) م ق: يهودا. (¬4) ق: ان. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 3/ 324؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 399.

دار الإسلام هل يجب عليه فيهم صدقة الفطر وهم كفار؟ قال: نعم. قلت: فأولادهم بمنزلتهم؟ قال: نعم (¬1). قلت: فالرجل تكون (¬2) له أم ولد نصرانية أو يهودية أو مدبرة يهودية أو نصرانية هل يجب عليه فيهم صدقة الفطر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً له أولاد كبار رجال هل يجب عليه فيهم صدقة الفطر؟ قال: لا، ولكن يجب عليهم أن يؤدوا عن أنفسهم. قلت: فإن كان ولده محتاجاً وهو في عياله هل يجب عليه أن يؤدي عنه؟ قال: لا. قلت: فإن كان ولده صغيرًا هل يجب عليه أن يؤدي عنه؟ (¬3) قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان لولده الصغير مال فأدى أبوه عنه من ذلك المال أيضمن له شيئاً؟ قال: لا في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يؤدي عنه من ماله شيئاً، فإن أدى فهو ضامن، وإنما عليه أن يؤدي عنه من مال الأب. قلت: أفتكره (¬4) أن يؤدي الرجل صدقة الفطر عن ولده من مال ولده وهو صغير في عياله ولا يؤدي من ماله؟ قال: لا أكره له (¬5) ذلك في قول (¬6) أبي حنيفة وأبي يوسف. قلت: فإن لم يكن للابن مال أيؤدي الأب عنه من ماله؟ قال: نعم. قلت: فهل يجب على الرجل أن يؤدي عن امرأته أو أخيه أو أخته (¬7) أو عن ابنة ابنه أو ابن عمه أو ابن عمته أو عن خاله أو عن خالته أو عن ذي رحم محرم منه وهم صغار أو كبار في عياله؟ قال: لا. قلت: وكذلك لا يؤدي عن أبويه وجده وجدته؟ (¬8) قال: نعم. ¬

_ (¬1) م - قلت فأولادهم بمنزلتهم قال نعم. (¬2) ق: يكون. (¬3) م - قال لا قلت فإن كان ولده صغيرا هل يجب عليه أن يؤدي عنه. (¬4) م: أفيكره. (¬5) ق - له. (¬6) م - قول. (¬7) ك: وأخيه وأخته؛ ق: وأخته وأخيه. (¬8) ق: وجدته وجده.

قلت: أرأيت الرجل يكون محتاجاً تحل له الصدقة هل يجب عليه صدقة الفطر وعلى عياله؟ قال: لا (¬1). قلت: أرأيت الرجل يكون له الولد الصغير ولولده مملوك أيجب على أبيه أن يؤدي عن مماليك ابنه؟ قال: لا. قلت: فيعطي عن ولده ولا يعطي عن رقيق ولده؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان لابنه (¬2) مال أله أن يؤدي عنه وعن ولده وعن رقيق ولده من مال ابنه؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. قلت: فإن كان له أخ صغير في عياله وله مال أيجب أن يؤدي عنه صدقة الفطر؟ قال: لا يجب (¬3). قلت: أرأيت الوصي هل يجب عليه أن يؤدي عن اليتيم صدقة الفطر من مال اليتيم؟ قال: نعم. قلت: فهل يعطي عن مملوكه صدقة الفطر؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يؤدي عنهم شيئاً. قلت: أرأيت رجلين بينهما عبيد وإماء هل يجب عليهما فيهم صدقة الفطر؟ قال: لا؛ لأنه ليس لواحد منهما عبد تام، فلا يجب على الرجل في نصف عبد صدقة الفطر. قلت: أرأيت صدقة الفطر دفعها قبل الصلاة أحب إليك أم بعدها؟ قال: أن يدفعها قبل الصلاة أحب إلي. قلت: أرأيت الرجل أتستحب (¬4) له أن يأكل شيئاً قبل الخروج إلى المصلى (¬5) يوم الفطر؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ك - قلت أرأيت الرجل يكون محتاجا تحل له الصدقة هل يجب عليه صدقة الفطر وعلى عياله قال لا، صح هـ (¬2) ق: لأبيه. (¬3) ق - يجب. (¬4) ك ق: أيستحب. (¬5) م: إلى الغسل.

قلت: أرأيت الرجل تجب عليه صدقة الفطر وهو من أهل خراسان وهو بالكوفة يبعث بها إلى خراسان هل تجزي (¬1) عنه؟ قال: نعم، وقد أساء حيث بعث بها إلى خراسان وهو مقيم بالكوفة، وإنما ينبغي له أن يدفعها حيث تجب عليه. قلت: فإن ضاعت حيث (¬2) بعث بها ولم تصل إلى من بعث بها إليه هل يجزيه ذلك؟ قال: لا، وعليه صدقة الفطر ثانية (¬3) يؤديها حيث وجبت عليه (¬4)؛ لأنها بمنزلة الدين. وكل رقيق للتجارة فليس عليه صدقة الفطر، وإنما صدقة الفطر على ما كان لغير التجارة منهم وفيما كان للغلة والخدمة. قلت: أرأيت الرجل تجب (¬5) عليه صدقة الفطر (¬6) في نفسه وعياله فيعطيها مسكيناً واحداً أيجزيه ذلك؟ قال: نعم؛ لأن هذا بمنزلة الزكاة أعطى مثل قيمته من الزكاة مسكيناً واحداً، أجزاه ذلك. قلت: أرأيت الرجل يكون عنده (¬7) ولد ابنه (¬8) وهو صغير في عياله وأبوهم حي أو ميت، هل على جده أن يؤدي عنهم صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت المرأة لها زوج وولد وزوجها محتاج وهي تعول زوجها وولدها هل عليها أن تعطي عنهم صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يموت مماليكه (¬9) يوم الفطر أيؤدي عنهم صدقة الفطر؟ قال: نعم، إذا انشق الفجر يوم الفطر فإنه يؤدي عنهم، ماتوا أو عاشوا سواء في القياس، وبه نأخذ. قلت: أرأيت الرجل يمر يوم الفطر وأولاده صغار ثم يموت بعضهم قبل أن يؤدي عنهم؟ قال: يؤدي عنه أبوه. قلت: أرأيت الرجل يموت عبده ليلة الفطر هل عليه (¬10) صدقة الفطر؟ قال: لا؛ لأنه لم يصبح يوم الفطر حياً. قلت: أرأيت الرجل يشتري العبد وهو ¬

_ (¬1) ق: هل يجزي. (¬2) ق: حين. (¬3) م: تامة. (¬4) م - عليه. (¬5) ق: يجب. (¬6) ق - الفطر. (¬7) م: عبده. (¬8) م: أبيه. (¬9) ك: مملوكوه؛ ق: مملوكه. (¬10) ق + فيه.

فيه بالخيار ثلاثة أيام، أو البائع فيه بالخيار، فيمر يوم الفطر وهو عنده (¬1) ثم يرده أو يأخذه، على من صدقة الفطر، وكيف إن كان اشتراه للتجارة؟ قال: إن (¬2) أمضى البيع للمشتري فعلى المشتري صدقة الفطر وزكاة التجارة إن كان اشتراه (¬3) للتجارة، وإن كان رده كان صدقته على البائع. قلت: وكذلك إن كان البائع بالخيار فأمضى البيع فهو على المشتري، وإن اختار نقض البيع فهو على البائع؟ قال: نعم. قلت: من تحل (¬4) له الصدقة أتجب (¬5) عليه صدقة الفطر؟ قال: لا. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: إذا حلت الصدقة للرجل لم تجب (¬6) عليه صدقة الفطر (¬7). قلت: أرأيت الإمام كيف يصنع بما يأخذ من صدقة المسلمين وصدقة الإبل والبقر والغنم والمال وغيره مما أشبه ذلك؟ قال: يقسم صدقة كل بلاد في فقرائهم، ولا يخرجها من تلك البلاد إلى غيرها. قلت: أرأيت الإمام ما أخذ من أموال بني تغلب وصدقاتهم أيقسمها في فقرائهم؟ قال (¬8): لا؛ لأنها ليست بصدقة، إنما هي بمنزلة الخراج، فهي للمسلمين تدفع إلى بيت مالهم. قلت: أرأيت الرجل يكون له مكاتب، فيمكث سنين مكاتباً (¬9) ثم يعجز، هل على مولاه صدقة الفطر فيه لما مضى؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يشتري عبداً للتجارة فكاتبه، فمكث سنين ثم عجز بعد ذلك، ثم حال عليه الحول بعدما عجز، أيزكيه زكاة الفطر أم زكاة التجارة؟ قال: عليه زكاة الفطر؛ لأنه قد خرج من حال التجارة حين كاتبه. قلت: أرأيت رجلاً له عبدان أحدهما للتجارة والآخر للخدمة أَبَقَا جميعاً، فمكثا سنة ثم ¬

_ (¬1) م: عبده. (¬2) م - إن. (¬3) ق: اشتراها. (¬4) ق: من يحل. (¬5) ق: أيجب. (¬6) ق: لم يجب. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 3/ 326؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 431. (¬8) م: فقال. (¬9) ق: مكاتب.

وجدهما، هل عليه زكاتهما فيما مضى؟ قال: لا؛ لأنهما كانا آبقين ولا يدري ما حالهما. قلت: وكذلك لو كانا مدبرين أو أم ولد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يتزوج المرأة على العبد فيدفعه إليها، فجاء يوم الفطر وهو عندها (¬1)، ثم طلقها قبل أن يدخل بها، أعليها (¬2) زكاة الفطر؟ قال: نعم. قلت: فإن كان العبد عند (¬3) الزوج ثم طلقها قبل أن يدخل بها فعليها زكاة الفطر؟ (¬4) قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يعول ذوي قرابته من ذوي رحم محرم منه وليس فيهم ولد، أعليه أن يؤدي عنه صدقة الفطر؟ قال: لا، ألا ترى أنه لا يؤدي عن امرأته، فكيف يؤدي عن هؤلاء. قلت: أرأيت الرجل يشتري العبد للتجارة فيحول عليه الحول وهو لا يساوي مائتي درهم، وليس له مال غيره، هل عليه زكاة؟ قال: لا. قلت: فهل عليه صدقة الفطر؟ قال: لا؛ لأنه للتجارة، فلا تجب (¬5) فيه صدقة الفطر. قلت: أرأيت الرجل إن أخر صدقة الفطر حتى مضى يوم الفطر هل يجب عليه أن يؤديها (¬6) بعد ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن كان شهراً أو أكثر من ذلك؟ قال: وإن كان سنتين. قلت: أرأيت صدقة الفطر هل يعطي منها اليهودي أو النصراني أو المجوسي؟ قال: لا يعطيها إلا المسلمين. قلت: فإن أعطى أهل الذمة هل يجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً أسلم بعد طلوع الفجر يوم الفطر أتجب عليه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: فإن أسلم ليلة الفطر هل عليه صدقة الفطر؟ (¬7) قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: عبدها. (¬2) ق: فعليها. (¬3) م: عبد. (¬4) ق - قال نعم قلت فإن كان العبد عند الزوج ثم طلقها قبل أن يدخل بها فعليها زكاة الفطر. (¬5) ق: يجب. (¬6) م: أن يؤدي؛ م + به ذلك. (¬7) ق - الفطر.

قلت: فإن كان له خمسة دراهم ليس له غيرها هل تجب (¬1) عليه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: فإن (¬2) كان له مائتا درهم وهي لا تغنيه ولا تغني عياله وعليه مائتا درهم دين أتجب (¬3) عليه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يكون له الخادم والدار ليس له مال غيرها هل تجب (¬4) عليه صدقة الفطر؟ قال: لا (¬5). قلت: أرأيت الرجل ليس له طعام حنطة ولا شعير ولكن له ذرة أو سمسم أو نحو ذلك من الحبوب، كم يؤدي من ذلك صدقة الفطر؟ قال: يؤدي من ذلك قيمة نصف صاع من حنطة أو قيمة صاع من شعير أو صاع من تمر. قلت: أرأيت المضارب يشتري عبداً للتجارة على من تكون (¬6) صدقة الفطر؟ قال: ليس على رب المال ولا على المضارب شيء؛ لأن هذا تجب فيه الزكاة زكاة التجارة. قلت: أرأيت رجلاً وجبت عليه صدقة الفطر فلم يؤدها حتى مضى الفطر واحتاج، هل تجب (¬7) عليه صدقة الفطر في حال حاجته (¬8) أو بعدما يصيب مالاً؟ قال: نعم، يجب عليه إذا أصاب مالاً أن يؤدي. قلت: أرأيت رجلاً ارتد عن الإسلام قبل الفطر ثم أسلم يوم الفطر، هل تجب (¬9) عليه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت العبد الآبق هل تجب على مولاه فيه صدقة الفطر؟ قال: لا (¬10). قلت: وكذلك العبد الغصب يغصبه الرجل؟ قال: نعم. قلت: وكذلك العبد المبيع بيعاً (¬11) فاسداً قبل الفطر إذا قبضه المشتري فأعتقه بعد ¬

_ (¬1) ق: هل يجب. (¬2) م - فإن. (¬3) ق: أيجب. (¬4) ق: هل يجب. (¬5) م + قلت فإن أسلم ليلة الفطر هل عليه صدقة الفطر قال لا. (¬6) ق: يكون. (¬7) ق: هل يجب. (¬8) م: حياته. (¬9) ق: هل يجب. (¬10) م - لا. (¬11) ق: سعا.

الفطر، فليس على البائع فيه صدقة الفطر؟ قال: نعم. قلت: فعلى من يكون؟ قال: على المشتري. قلت: أرأيت العبد يأسره (¬1) العدو هل على مولاه صدقة الفطر؟ قال: لا. قلت: أرأيت العبد إذا اشتراه مولاه للخدمة ثم أذن له في التجارة واستدان فأَغْلَقَ (¬2) رقبتَه في الدين ولمولاه مال كثير هل عليه فيه صدقة الفطر؟ قال: نعم. قلت: فهل على المولى في رقيق العبد صدقة الفطر؟ قال: لا (¬3). قلت: من أين افترق العبد وعبيده؟ قال: عبيده للتجارة، وعليه دين، ولو لم يكن عليه دين لم يكن عليه (¬4) فيهم صدقة الفطر وكان عليه صدقة التجارة. قلت: أرأيت عبداً للتجارة لا يساوي مائتي درهم وليس لمولاه مال غيره، هل يجب (¬5) على مولاه زكاة التجارة؟ قال: لا. قلت: فهل عليه زكاة الفطر؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: من وجهين: من قبل التجارة، ومن قبل أنه لا يجب على مولاه صدقة. قلت: أرأيت الرجل يبيع العبد بيعاً فاسداً فلا يقبضه المشتري حتى يمضي الفطر، ثم يقبضه فيعتقه، على من زكاة الفطر وقد كان لغير التجارة؟ قال: زكاة الفطر على البائع. قلت: فلو كان المشتري قد قبضه قبل الفطر ثم رده بعد الفطر وهو لغير التجارة؟ قال: يكون على البائع؛ لأنه (¬6) قد رد عليه. قلت: فلو أعتقه المشتري أو باعه؟ قال: زكاة الفطر على المشتري. قلت: أرأيت الرجل المعتوه له رقيق وهو غني هل عليه في نفسه ورقيقه زكاة الفطر؟ قال: نعم، هو في ذلك بمنزلة اليتيم في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا شيء عليه في نفسه ولا في رقيقه. قلت: أرأيت الرجل الكافر له عبد مسلم هل يجب على عبده زكاة ¬

_ (¬1) ق: يأمره. (¬2) غَلِقَ الرهن من باب لَبِس، إذا استحقه المرتهن، ومنه "أذن لعبده في التجارة وغَلِقَتْ رقبته بالدين"، أي استُحقت به فلم يقدر على تخليصها. انظر: المغرب، "غلق". وأَغْلَقْتُ الرهنَ، أي أوجبته، فغَلِقَ للمرتهن، أي وجب له. انظر: لسان العرب، "غلق". (¬3) م - قال لا، صح هـ. (¬4) م - عليه. (¬5) ك ق - يجب. (¬6) م + يكون.

باب الاعتكاف

الفطر أو على مولاه؟ قال: لا؛ لأن مولاه كافر لا صلاة عليه ولا زكاة، وإنما أنظر إلى المولى في هذا. قلت: المكاتب له رقيق هل عليه فيهم زكاة الفطر؟ قال: لا. قلت: فالعبد الوديعة أو العارية أو الإجارة؟ قال: على رب العبد. قلت: أرأيت العبد الموصى بخدمته لرجل وبرقبته لآخر على من زكاة الفطر فيه؟ قال: على صاحب الرقبة. قلت: العبد الذي يجني الجناية عمداً أو خطأ فيها قصاص أو ليس فيها قصاص على من زكاة الفطر؟ قال: على رب العبد. قلت: أرأيت رجلاً رهن عبداً له أو أمة من يؤدي عنه زكاة الفطر؟ قال: على الراهن إذا كان عنده (¬1) وفاء بذلك الدين وفضل مائتي درهم، فإن لم يكن عنده ذلك فليس عليه صدقة الفطر. قلت: وكم زكاة الفطر؟ قال: نصف صاع من حنطة عن كل حر أو عبد صغير أو كبير. قلت: أرأيت الرجل يكون بينه وبين رجل رقيق لغير التجارة أيؤدي عنهم صدقة الفطر هو وصاحبه؟ قال: لا في قول أبي حنيفة. وقال محمد: على كل واحد منهما صدقة الفطر، وهذا بمنزلة الغنم السائمة تكون (¬2) بين الرجلين؛ لأنا نرى قسمة الرقيق جائزاً (¬3)، ويقسم الرقيق إذا كانوا بين رجلين (¬4). ... باب الاعتكاف أبو الحسن محمد بن الحسن (¬5) قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عثمان قال: حدثنا محمد بن سعدان عن الجوزجاني قال: أخبرنا محمد عن أبي ¬

_ (¬1) م: عبده. (¬2) م - تكون. (¬3) م ق: جائز. (¬4) م: الرجلين؛ ك م ق + كتاب أبو بكر إلى هذا الموضع. (¬5) جميع النسخ: بن الحسين. وقد ورد أول كتاب الصوم "بن الحسن".

يوسف عن ليث بن أبي سليم عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس وعن عائشة - رضي الله عنهم - أنهما قالا: لا اعتكاف إلا بصوم (¬1). أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم قال: مر عبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان على قوم يعتكفون (¬2) في مسجد، فقال عبد الله: هل يكون اعتكاف إلا في المسجد الحرام؟ قال حذيفة (¬3): نعم، كل مسجد له إمام ومؤذن فإنه يعتكف فيه (¬4). أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن ليث بن أبي سليم عن الحكم عن مقسم عن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه أنه قال: ليس على المعتكف صوم إلا أن يوجبه على نفسه (¬5). وبلغنا عن حذيفة أنه قال: لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة (¬6). وليس ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد لحاجة ما خلا (¬7) الجمعة والغائط والبول، فأما عيادة المريض وشهادة الجنازة فليس ينبغي له أن يخرج لذلك، وكذلك ما سوى ذلك من الحوائج. فإن خرج لجمعة أو غائط أو ¬

_ (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 354؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 333؛ وسنن أبي داود، الصوم، 80. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 486؛ والدراية لابن حجر، 1/ 287. (¬2) ك: معتكفون؛ ق: معتكفين. (¬3) ق - حذيفة؛ صح هـ. (¬4) روي بمعناه لكن بجعل ابن مسعود مكان حذيفة وحذيفة مكان ابن مسعود - رضي الله عنهما -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 348؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 337؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 4/ 316؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 490؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 3/ 174. وروى الدارقطني من طريق إسحاق الأزرق عن جويبر عن الضحاك عن حذيفة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كل مسجد له مؤذن وإمام فالاعتكاف فيه يصلح"، وقال: الضحاك لم يسمع من حذيفة. انظر: سنن الدارقطني، 2/ 200. وانظر الحاشية الآتية قريباً. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 333. (¬6) المعجم الكبير للطبراني، 9/ 301. وروي عن علي - رضي الله عنه -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 4/ 346. (¬7) ق + إلى.

بول فدخل بيتاً أو مر فيه فلا بأس بذلك، ولا يفسد ذلك اعتكافه. وليس ينبغي له أن يمكث في منزله بعد فراغه من الوضوء. وليس ينبغي له أن يمكث (¬1) بعد الجمعة. وينبغي له أن يأتي الجمعة حين تزول الشمس، فيصلي قبلها أربعاً وبعدها أربعاً أو ستاً (¬2). وما كان من أكل أو شراب فإنه يكون في معتكفه. واذا مرض المعتكف فخرج من المسجد يوماً أو أكثر من نصف يوم فعليه أن يستقبل الاعتكاف إن كان اعتكافاً واجباً. وهذا قول أبي يوسف. وقال أبو حنيفة: إذا خرج ساعة من المسجد من غير عذر استقبل الاعتكاف. وكذلك إذا خرج من المسجد لغير حاجة يوماً أو أكثر من نصف يوم فعليه أن يستقبل اعتكافه في قول أبي يوسف. وكذلك لو أفطر يوماً كان عليه أن يستقبل اعتكافه. وكذلك لو واقع امرأته كان عليه أن يستقبل اعتكافه. ولا تعتكف المرأة إلا في مسجد بيتها، ولا تعتكف (¬3) في مسجد جماعة. وإذا جعل الرجل على نفسه لله أن يعتكف شهراً أو ثلاثين يوماً ولم ينو شهراً بعينه فإن ذلك سواء، وهو متتابع عليه في ذلك الليل والنهار، ويفتتح ذلك متى شاء. وإذا قال الرجل: لله علي أن أعتكف شهراً بالنهار، فله أن يعتكف بالنهار دون الليل، وهو بمنزلة قوله: لله علي أن لا أكلم فلاناً شهراً بالنهار (¬4)، فهو كما قال. وإذا جعل الرجل لله (¬5) على نفسه اعتكاف ثلاثين يوماً ولم يقل: متتابعاً، فهو متتابع (¬6). وإذا افتتح الرجل ذلك واعتكف فعليه الليل والنهار، ¬

_ (¬1) م + في منزله بعد فراغه من الوضوء وليس ينبغي له أن يمكث. (¬2) م: أو شيا. (¬3) ق: يعتكف. (¬4) م - بالنهار. (¬5) م - لله. (¬6) ق - فهو متتابع.

فإن ترك شيئاً من ذلك أفسد عليه اعتكافه وكان عليه أن يستقبل، وليس هذا كالصوم؛ ألا ترى أنه لو جعل لله على نفسه أن يصوم ثلاثين يوماً ولم ينو متتابعاً كان له (¬1) أن يفرق إن شاء. أولا ترى أنه يفطر بالليل. وإذا جعل الرجل لله عليه أن يعتكف شهراً بعينه قد سماه، فذهب ذلك الشهر قبل أن يفعل، فعليه أن يعتكف شهراً سواه، وعليه كفارة يمين إن كان أراد يميناً، فإن لم يكن أراد يميناً فليس عليه كفارة. وإذا جعل الرجل لله على نفسه أن يعتكف شعبان، فاعتكفه إلا يوماً واحداً، فعليه أن يقضي يوماً مكانه. وإذا جعلت المرأة لله عليها أن تعتكف شهراً، فحاضت فيه، فعليها أن تقضي أيام حيضها وتصل بالشهر؛ لأن أيام حيضها كأنها ليل، فإن لم تصل الأيام التي تقضي بالشهر أفسدت على نفسها اعتكافها، وكان عليها أن تستقبل الاعتكاف. وليس الحيض كغيره؛ لأن الحيض عذر يصيبها في كل شهر، فإذا لم تصل الاعتكاف بالأيام التي تقضي أمرتها فأعادت. هو بمنزلة الشهرين المتتابعين (¬2). وإذا اعتكف الرجل من غير أن يوجب على نفسه شيئاً فهو معتكف، فإن خرج من المسجد فقطع (¬3) الاعتكاف فليس عليه شيء من قبل أنه لم يوجب على نفسه شيئاً، وهو معتكف ما أقام في المسجد، تارك لذلك حين يخرج منه. وإذا اعتكف الرجل وهو في المسجد ثم انهدم فهذا عذر، ولا بأس بأن يخرج إلى مسجد آخر. ولا بأس بأن يشتري المعتكف ويبيع في المسجد وأن يتحدث (¬4) بما بدا له من الحديث بعد أن لا يكون بمأثم. وليس في الاعتكاف صمت؛ لأنه ¬

_ (¬1) ق - له. (¬2) أي: بمنزلة صوم المرأة لشهرين متتابعين إذا حاضت خلال ذلك. وقد تقدمت هذه المسألة قريباً. (¬3) م: يقطع. (¬4) م: نتحدت.

بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الصمت (¬1). وإذا اعتكف الرجل اعتكافاً واجباً فأخرجه السلطان مكرهاً أو غير سلطان، فإن دخل مسجداً غير ذلك المسجد مكانه استحسنت أن يكون على اعتكافه، وأدع القياس في ذلك، وإن أخذ (¬2) في عمل غير ذلك أو حبسه حابس عن المسجد يوماً أو أكثر من نصف يوم انتقض اعتكافه وكان عليه أن يستقبل اعتكافه. وإن خرج المعتكف لغائط أو بول من المسجد فلقي غريماً له فلزمه يوماً أو أكثر من نصف يوم انتقض اعتكافه إذا كان واجباً، ولو حبسه (¬3) ساعة أو نحو ذلك لم ينتقض اعتكافه، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وأما في قول أبي حنيفة فإن اعتكافه فاسد. وقال أبو يوسف: قال أبو حنيفة: إذا خرج من المسجد ساعة أو أكثر لغير غائط ولا بول ولا جمعة فقد أفسد اعتكافه، وعليه أن يستقبل الاعتكاف، وكذلك إذا جامع امرأته فقد أفسد اعتكافه (¬4). وقال أبو يوسف ومحمد: إذا خرج أكثر من نصف يوم أفسد اعتكافه، وإذا خرج أقل من ذلك لم يفسد اعتكافه. والاعتكاف الواجب أن يقول الرجل: لله علي اعتكاف كذا وكذا، أو يجعل عليه ذلك إن كلم فلاناً فكلمه (¬5)، أو إن قدم فلان فقدم (¬6) فلان (¬7)، ¬

_ (¬1) روي من طريق الإمام أبي حنيفة عن أبي هريرة وغيره مرفوعاً. انظر: مسند أبي حنيفة لأبي نعيم، 192؛ وجامعِ المسانيد للخوارزمي، 1/ 472, 474 , 476. وروي عن علي - رضي الله عنه - موقوفاً ومرفوعاً، وكذلك روي عن جابر - رضي الله عنه - مرفوعاً. ولفظه: "ولا صَمْتَ يوم إلى الليل". انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 416, 464، 8/ 465؛ وكتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 291؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 319, 461. (¬2) م: اجد. (¬3) ق: حابسه. (¬4) م - وعليه أن يستقبل الاعتكاف وكذلك إذا جامع امرأته فقد أفسد اعتكافه. (¬5) م: وكلمه. (¬6) م: يقدم. (¬7) ق - فلان.

أو إن برئ فلان من مرض كذا وكذا فبرئ فلان من ذلك المرض. والاعتكاف الذي ليس بواجب: الذي يعتكفه (¬1) وهو ينوي شيئاً ولا يتكلم به. واذا جعل الرجل لله عليه أن يعتكف يوماً اعتكف ذلك اليوم متى شاء، وإذا أراد أن يفعل ذلك (¬2) دخل المسجد قبل طلوع الفجر، فإذا غربت الشمس فقد قضى اعتكافه، وإذا دخل بعدما طلع (¬3) الفجر فلا يجزيه من اعتكافه؛ لأن هذا أقل من يوم، وليس عليه أن يعتكف من الليل شيئاً. ولو جعل لله عليه أن يعتكف يومين، فإنه ينبغي له أن يدخل (¬4) قبل غروب الشمس، فيعتكف ليلة يومه والليلة المستقبلة والغد إلى أن تغيب الشمس. وكذلك لو جعل لله على نفسه أن يعتكف أياماً كثيرة أو قليلة دخل المسجد قبل غروب الشمس، ثم اعتكف ليلته ويومه ذلك وما استقبل من الأيام والليالي حتى يستكمل العدد. يَدخل الليل في الاعتكاف ولا يَدخل في الصوم؛ لأنه معتكف بالليل ولا يصومه. وإذا جعل الرجل لله على نفسه اعتكاف شهر بعينه، فإنه ينبغي له أن يدخل المسجد قبل أن تغيب الشمس، فتغيب الشمس وهو في المسجد، فيستقبل الشهر بأيامه ولياليه؛ لأن الليلة من الشهر وليست من اليوم. وإذا جامع الرجل امرأته وهو في اعتكاف واجب فقد أساء، وقد أفسد اعتكافه، وعليه أن يستقبل اعتكافه. وكذلك المرأة إذا جامعها زوجها. ولو كانت مباشرة دون الجماع أنزل فيها فأوجب عليه فيه الغسل كان ذلك بمنزلة الجماع. وكذلك المرأة يكون منها ما يكون من الرجل من الدفق. وإن لم يكن أنزل ولا أنزلت فقد أساءا جميعاً في ذلك، ولا يفسد ذلك عليهما اعتكافهما في قول أبي يوسف. وأما في قول أبي حنيفة فإن كانا خرجا من المسجد فقد فسد اعتكافهما. ¬

_ (¬1) ق: تعتكفه. (¬2) ك ق - ذلك. (¬3) م: فإذا دخل ما طلع؛ ق: بعد طلوع. (¬4) م: أن يعتكف، صح هـ.

وإذا أوجب الرجل على نفسه اعتكافاً، ثم مات قبل أن يقضيه، فلا يقضيه أحد عن أحد؛ لأنه لا يكون اعتكافاً إلا بصوم، ولا يصوم أحد عن أحد (¬1). وكذلك بلغنا عن عبد الله بن عمر وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا ذلك (¬2)، ولكنه يطعم عنه لكل يوم نصف صاع من حنطة لكل مسكين. وإذا مرض الرجل حين قال هذه المقالة فلم يزل مريضاً حتى مات فلا شيء عليه، ولا يكون عليهم أن يقضوا عنه شيئاً مِن قِبَل أنه لم يصح. ولو جعل رجل عليه أن يعتكف ليلة أو يوماً قد أكل فيه فليس عليه شيء. وإذا قالت المرأة: لله علي (¬3) أن أعتكف أيام حيضي، فلا اعتكاف عليها. وكذلك لو قال الرجل: لله علي أن أعتكف اليوم الذي يقدم فيه فلان أبداً، فقدم فلان ليلاً، فلا اعتكاف عليه. وإن قدم نهاراً في يوم قد أكل فيه الحالف فليس عليه أن يعتكف في ذلك اليوم، وعليه أن يعتكف في كل يوم يأتي عليه مثل ذلك اليوم. ولو قدم فلان في يوم بعد الظهر كان مثل ذلك أيضاً. وإذا جعل الرجل على نفسه أن يعتكف شهراً قد سماه، فإذا ذلك الشهر الذي سماه (¬4) وعناه قد مضى، ولا يعلم حين حلف بمضيه، فلا شيء عليه، ولا اعتكاف عليه، وهو بمنزلة قوله: لله علي أن أعتكف أمس. ولو أن معتكفاً في اعتكاف واجب أحرم بالحج أو بالعمرة أو بهما جميعاً لزمه الإحرام مع الاعتكاف، ويقيم في اعتكافه حتى يفرغ. فإن خاف أن يفوته الحج خرج فقضى حجته أو عمرته التي جعل لله على نفسه، وكان عليه أن يستقبل الاعتكاف. ¬

_ (¬1) م - لأنه لا يكون اعتكافا إلا بصوم ولا يصوم أحد عن أحد. (¬2) تقدم تخريجه. (¬3) م - علي، صح هـ. (¬4) ق: الذي قد سماه.

ولو اعتكف الرجل في المسجد الحرام في اعتكاف واجب فذلك أفضل من اعتكافه في غيره. وكذلك مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو أفضل من الاعتكاف فيما سواه إلا المسجد الحرام. وكل ما عظم من المساجد وكثر أهله فهو أفضل. ومسجد الجامع أفضل مما سواه من المساجد بعد المسجد الحرام ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا ما كان مثله من (¬1) مساجد الجماعة، ما خلا هذين المسجدين. وإذا جعل الرجل لله على نفسه الاعتكاف (¬2) ثم رجع عن الإسلام ثم أسلم فليس عليه اعتكاف، هدم الشرك الاعتكاف. وإذا جعل العبد على نفسه الاعتكاف أو الأمة فلمولاه أن يمنعه ذلك، فإذا أعتقا كان عليهما أن يقضيا الاعتكاف الذي كانا أوجبا على أنفسهما. وكذلك المرأة إذا جعلت على نفسها الاعتكاف فلزوجها أن يمنعها. وأما أم الولد والمدبرة فهما بمنزلة العبد في ذلك. فأما المكاتب فإذا جعل على نفسه اعتكافاً معلوماً كان عليه أن يعتكفه؛ لأن المولى لا يستطيع أن يحول بينه وبين ذلك. وكذلك العبد الذي قد أعتق بعضه وهو يسعى في نصف قيمته. وإذا أكل المعتكف ناسياً بالنهار فصومه تام، ويمضي على اعتكافه. وإذا جامع (¬3) ناسياً بالنهار فقد أفسد اعتكافه، ولا يشبه الجماع في هذا الموضع الأكل والشرب؛ لأن الجماع يحرم عليه بالليل كما يحرم عليه بالنهار، ولم يحرم مِن قِبَل الصوم. وصار الجماع بمنزلة الخروج من المسجد؛ ألا ترى أنه لو خرج ناسياً كان خروجه كخروجه متعمداً، فكذلك (¬4) الجماع. وأما الصوم في غير الاعتكاف إذا جامع فيه ناسياً فإن الجماع لا يفسد الصوم كما يفسد الاعتكاف. ¬

_ (¬1) ق - من. (¬2) ق: للاعتكاف. (¬3) ك - ناسيا بالنهار فصومه تام ويمضي على اعتكافه وإذا جامع، صح هـ؛ م: فإذا جامع. (¬4) م: وكذلك.

وإذ جعل الرجل على نفسه اعتكاف أيام معلومة إن كلم فلاناً أو إذا فى خل دار فلان أو فعل كذا وكذا، ففعل ذلك، فعليه أن يعتكف، وليس عليه كفارة دون الاعتكاف. وإذا قال في يمينه: إن شاء الله، ووصلها بكلامه، فليس عليه شيء. وإذا قال: إن كنت دخلت دار فلان فعلي اعتكاف شهر، وقد كان دخلها وهو لا يعلم يومئذ، فعليه الاعتكاف الذي أوجبه (¬1) على نفسه. وإذا أُغمي على المعتكف أياماً أو أصابه لَمَم في اعتكاف واجب عليه فعليه إذا برأ (¬2) وصح أن يستقبل الاعتكاف. ولو تطاول به اللمم وصار معتوهاً لا يفيق فمكث ذلك سنين كان هذا والفرائض التي افترض (¬3) الله تعالى عليه سواء في القياس، لا يقضي ولا يكون عليه شيء، ولكنا ندع القياس ونوجب عليه القضاء؛ لأنه إذا أحرم بالحج ثم أصابه (¬4) ذلك ثم أفاق أوجبت عليه القضاء. وإذا جعل الأعمى أو المقعد على نفسه الاعتكاف لزمه كما يلزم الصحيح. وإذا جعل المريض على نفسه الاعتكاف وهو مريض لا يطيق ذلك ثم مات قبل أن يبرأ فلا شيء عليه. وإذا جعل الصحيح على نفسه اعتكاف شهر فمرت عليه عشرة أيام ثم مات، فإنه ينبغي لورثته أن يقضوا عنه شهراً، يُطْعَمُ لذلك ثلاثين مسكيناً، لكل مسكين نصف صاع من حنطة، فإن أبوا أن يفعلوا ذلك لم يجبروا على شيء منه. ولا بأس بأن يلبس المعتكف والمعتكفة ما بدا لهما من الثياب. ويأكلان ما بدا لهما من الطعام، ويتطيبان بما (¬5). بدا لهما من الطيب (¬6)، ¬

_ (¬1) م: اوجبته. (¬2) م ق: إذا بري. (¬3) م: افرض. (¬4) ق: ثم أصانه. (¬5) ق: ما. (¬6) ق: من طيب

ويدهنان بما شاءا من الدهن، وليسا في ذلك كالمُحْرِم. ولا بأس بأن يعتكف العبد إذا أذن له مولاه أو الأمة أو أم الولد والمدبرة والمدبر. وكذلك المرأة إذا أذن لها زوجها، وليس له أن يمنعها (¬1). وللمولى أن يمنع رقيقه الاعتكاف، ولا مأثم عليه في ذلك، إلا أن يكون قد أذن لهم، فإن كان قد أذن لهم فإني أكره له أن يمنعهم بعدما قد كان أذن لهم، فإن منعهم بعد الإذن فليس عليه شيء غير أنه قد أساء (¬2) وأثم حين منعهم بعد الإذن. ولا بأس بأن ينام المعتكف في المسجد. ولا يفسد الاعتكاف كلام ولا سباب ولا جدال، غير أنه لا ينبغي له أن يتعمد لشيء من ذلك فيه مأثم. ولو نظر المعتكف إلى امرأته وأنزل لم يفسد ذلك عليه اعتكافه، ووجب عليه الغسل. وإذا أخرج المعتكفَ سلطانٌ في حدّ عليه أو له، يوماً أو أكثر من نصف يوم، أفسد عليه اعتكافه. ولو سكر المعتكف ليلاً لم يفسد عليه اعتكافه. ولو كان رجل معتكف في مسجد وهو مؤذن فصعد إلى المنارة لم يفسد ذلك عليه اعتكافه. ولو كان باب المئذنة (¬3) خارجاً من المسجد لم يفسد ذلك عليه اعتكافه. ولو نسي المعتكف فخرج من المسجد ثم ذكر بعد ذلك فدخل المسجد لم يفسد ذلك عليه اعتكافه في قول أبي يوسف (¬4). ¬

_ (¬1) وقد قال في المتن قبل قليل: وكذلك المرأة إذا جعلت على نفسها الاعتكاف فلزوجها أن يمنعها. فلعل المقصود هو أنه ليس له أن يرجع عن الإذن ويمنعها بعدما أذن لها كما قال ذلك في حق الرقيق في المسألة التالية. انظر: المبسوط، 1/ 125. (¬2) ق: قد اشا. (¬3) م: المبدية (الباء مهملة). (¬4) وفي ط: أبي حنيفة، ولم يشر إلى اختلاف النسخ. وهو خطأ. وقد ذكر المؤلف في هذا الباب أن خروج المعتكف ساعة مفسد للاعتكاف عند الإمام أبي حنيفة. وذكر أيضا أن الخروج ناسيا وعامدا سواء.

وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس للمعتكف أن يخرج رأسه من المسجد إلى بعض أزواجه وأهله فيغسله. وإن غسله في المسجد في إناء (¬1) فلا بأس به. أخبرنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أن عائشة زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تغسل رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي حائض وهو معتكف، يخرج رأسه من المسجد فتغسله (¬2). أخبرنا محمد عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه (¬3) كان إذا أراد أن يعتكف أصبح في المكان الذي يريد أن يعتكف فيه (¬4). قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بقُبّة (¬5) أو خيمة فضربت له حيث أراد أن يعتكف، فإذا قِبَاب وخيام مضروبة، فقال: "ما هذا؟ "، قالوا: لعائشة ولحفصة ولزينب. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "آلبرَّ يُرِدْنَ (¬6) بهن؟ "، ثم أمر بخيمته فنقضت، فلم يعتكف تلك العشر، فلما دخل شوال اعتكف مكانها عشراً (¬7). قال (¬8): وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه اعتكف في العشر الوسطى من رمضان، فلما فرغ من اعتكافه أتاه جبريل - عليه السلام - فقال له: إن ما تطلب (¬9) وراءك. قال: فخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صبيحة ¬

_ (¬1) ق: في إبا. (¬2) م: فيغسله. ورواه الإمام محمد بنفس الإسناد في الآثار، 14. وكذلك الإمام أبو يوسف في الآثار، 26. وانظر: جامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 474. والحديث صحيح مشهور. انظر: صحيح البخاري، الحيض، 2؛ وصحيح مسلم، الحيض، 8. (¬3) ق - أنه. (¬4) صحيح البخاري، الاعتكاف، 7؛ وصحيح مسلم، الاعتكاف، 6. (¬5) القبة من الخيام بيت صغير مستدير، وهو من بيوت العرب. انظر: لسان العرب، "قبب". (¬6) ك ق: تردن. (¬7) هذا دوام الحديث السابق، وهو حديث واحد. (¬8) ق - قال. (¬9) ق: يطلب.

العشرين، ثم قال: "إني أرى أني (¬1) أسجد في ماء وطين، فمن كان اعتكف معنا فليَعُدْ إلى معتكفه". فقال أبو سعيد الخدري: فهاجت السماء عشيته، وكان عَرِيش (¬2) المسجد من جَرِيد (¬3)، فوَكَفَ (¬4). فقال أبو سعيد الخدري (¬5): فوالذي بعثه بالحق ص لقد صلى بنا المغرب ليلة إحدى وعشرين، وإني لأنظر إلى جبهته وأرنبة أنفه في الماء والطين. قال محمد: حدثنا بهذا الحديث أبو يوسف عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري (¬6). وإذا قال الرجل: لله علي أن أعتكف شهراً بالنهار دون الليل، فله أن يعتكف بالنهار دون الليل إن شاء. وإذا قال: شهراً، ونوى النهار دون الليل فعليه النهار والليل في ذلك، وليست نيته هاهنا بشيء، وهو بمنزلة رجل قال: لله علي أن لا أكلم فلاناً شهراً، ينوي النهار دون الليل، فعليه الليل والنهار. وإذا جعل الرجل لله (¬7) عليه أن يعتكف (¬8) يوم النحر ويوم الفطر وأيام (¬9) التشريق، فعليه أن يفطر ويعتكف أياماً مكانها، ويكفر يمينه إذا مضت تلك الأيام إن كان أراد بذلك يميناً. ولو اعتكف يوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق كما جعل لله على نفسه وصام أجزاه ذلك، وقد أساء؛ لأنه لا ينبغي له أن يكون صائماً في تلك الأيام، وتلك الأيام ليست بأيام ¬

_ (¬1) م: أرى أن. (¬2) العَرِيش هو السقف. انظر: لسان العرب، "عرش". (¬3) الجريد أغصان النخل. انظر: لسان العرب، "جرد". (¬4) وَكَفَ البيت وَكِيفاً أي قَطَرَ سقفُه. انظر: المغرب، "وكف". (¬5) ق + ابيد (مهملة). (¬6) صحيح البخاري، الاعتكاف، 1؛ وصحيح مسلم، الصيام، 213 - 217. (¬7) ق - لله. (¬8) ق + لله. (¬9) ق: ويام.

صوم. ألا ترى أنه نهي عن صوم هذه الخمسة الأيام (¬1) لأن صومها صوم (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، الصوم، 66، 68؛ وصحيح مسلم، الصيام، 138 - 145. (¬2) لم يتنبه الأفغاني -رحمه الله- إلى معنى العبارة هنا، فقال: كذا في الأصول. والمؤلف -رحمه الله- يعني أن صوم هذه الأيام يطلق عليه شرعأ اسم الصوم. وقد كرر المؤلف -رحمه الله- ذكر هذه المسألة في أول كتاب الطلاق عند بحث مسألة وقوع الطلاق البدعي. انظر: 3/ 25 ظ. وقال السرخسي: إن الصوم مشروع في هذه الأيام، فإن النبي نهى عن صوم هذه الأيام، وموجب النهي الانتهاء. والانتهاء عما ليس بمشروع لا يتحقق، ولأن موجب النهي الانتهاء على وجه يكون للعبد فيه اختيار بين أن ينتهي فيثاب عليه وبين أن يُقْدِم على الارتكاب فيعاقب عليه، وذلك لا يتحقق إذا لم يبق الصوم مشروعاً فيه. انظر: المبسوط، 3/ 96. ويوجد في نسخة ك هنا هذه الزيادة: آخر كتاب الصيام والاعتكاف وصلى الله على محمد نبيه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً؛ وفي نسخة م: آخر كتاب الصيام والاعتكاف الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم حسبنا الله ونعم الوكيل؛ وفي نسخة ق: آخر كتاب الصيام والاعتكاف الحمد لله رب العالمين اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

باب في الاعتكاف والصيام من الجامع الكبير

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) باب في الاعتكاف والصيام (¬2) من الجامع الكبير (¬3) وإذا قال الرجل: لله علي أن أعتكف شهراً، ولم ينو شهراً بعينه، فله أن يعتكف أي شهر شاء، ولكن لا بد من أن (¬4) يتابع (¬5) بين اعتكافه ولا يفرق. فإن قال: نويت أن أعتكف بالنهار دون الليل، لم تكن (¬6) نيته تلك شيئاً؛ لأن الشهر يدخل فيه الليل والنهار، والاعتكاف يجب بالليل والنهار، فلذلك كان عليه الشهر متتابعاً. ¬

_ (¬1) م + وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم؛ ق + اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً. (¬2) ق: في الصيام والاعتكاف. (¬3) هذا الباب ثابت في جميع النسخ وط. فيظهر أنه أضاف بعض الرواة هذا الباب من الجامع الكبير للإمام محمد تكثيرًا للمسائل وتوسيعًا للكتاب. انظر: الجامع الكبير للإمام محمد، 14 - 15. وهناك تغيير قليل في الألفاظ بين النصين. ويوجد في هامش نسخة كوبريلي: نوادر الصوم رواية أبي سليمان. لكن الجامع الكبير لير من النوادر وإنما هو من كتب ظاهر الرواية. وقد جعلنا هذا الباب كله بين معقوفتين لأنه ليس من كتاب الأصل. وقد شرح السرخسي مسائل هذا الباب وما بعده في كتاب نوادر الصوم من المبسوط، 3/ 128 - 146. (¬4) ق - أن. (¬5) ق: تتابع. (¬6) ق: لم يكن.

وإن قال: لله علي أن أصوم شهراً، ولم ينو شهراً بعينه ولا متتابعاً، ولا نية له، فإن شاء فرق بين صومه، وإن شاء وصل؛ لأن الصوم يكون بالنهار دون الليل، فلذلك كان له أن يفرق إن شاء. واذا قال: لله علي اعتكاف شهر، فعليه اعتكاف بصومه (¬1) لا بد منه؛ لأن الاعتكاف لا يكون إلا بصوم، والليل لا يكون فيه صوم. وإذا قال: لله علي أن أعتكف يوماً، وجب عليه أن يعتكف يوماً يصوم (¬2) فيه، يدخل المسجد قبل طلوع الفجر، فيقيم فيه صائماً إلى أن تغيب الشمس، ولا يخرج منه إلا لغائط أو بول أو جمعة. وإذا قال: لله علي أن أعتكف ليلتين، فعليه أن يعتكف ليلتين (¬3) بيوميهما، يدخل المسجد قبل أن تغيب الشمس، فيقيم فيه تلك الليلة ويصبح صائماً، ويقيم فيه الليلة الأخرى ويصبح صائماً معتكفاً إلى الليل. ولا يشبه قوله: لله علي اعتكاف ليلة، قوله: لله علي اعتكاف ليلتين؛ لأن الليلتين (¬4) تكونان (¬5) بيوميهما، والليلة لا تكون بيوميها (¬6). ألا ترى أنه لو قال: لله علي أن أعتكف ثلاثين ليلة، دخل (¬7) في ذلك الليل والنهار، وكان بمنزلة قوله: لله علي أن اعتكف شهراً. ولو قال: لله علي أن أعتكف يومين، كان عليه أن يعتكف (¬8) يومين بليلتيهما، فينبغي له إذا أراد ذلك أن يدخل المسجد قبل غروب الشمس، فيمكث فيه يومه وليلته (¬9) والليلة الأخرى ويومها. وإذا قال: لله علي أن أعتكف ثلاثين (¬10) ليلة، وقال: نويت الليل دون النهار، فليس عليه شيء؛ لأن الصيام لا يكون بالليل، ولا يكون اعتكاف إلا بصوم. وإن قال: لله علي أن أعتكف ثلاثين يوماً، وقال: ¬

_ (¬1) ك: يصومه. (¬2) ق: يوم. (¬3) م - فعليه أن يعتكف ليلتين. (¬4) ق: لا اللتين. (¬5) ق: يكونان. (¬6) ك ق: بيومها؛ م: بيوميهما. (¬7) ق: ذخل. (¬8) ك ق: كان عليه اعتكاف. (¬9) ك ق: ليلته ويومه. (¬10) ك: ليلتين.

نويت النهار دون الليل، فهو كما قال، وإن شاء فرق اعتكافه، وإن شاء (¬1) جمع؛ لأن هذا بمنزلة الصوم. وإذا قال: لله علي أن أعتكف شهر رمضان، فعليه أن يعتكف بالليل (¬2) والنهار. فإن صامه ولم يعتكفه كان عليه قضاء اعتكافه، فيعتكف (¬3) شهراً مكانه متتابعاً (¬4) ويصوم فيه؛ لأن الاعتكاف لا يكون إلا بصوم، فلما لم يعتكف (¬5) في شهر رمضان وجب عليه قضاء الاعتكاف، فلما وجب عليه ذلك وجب عليه مع ذلك الصوم. فإن كان لم يعتكف حتى دخل شهر رمضان من قابل فصامه واعتكفه قضاء من اعتكاف الشهر الأول لم يجزه ذلك الشهر، وعليه أن يعتكف شهراً يصوم فيه مكان الشهر الأول؛ لأن الشهر الأول حين مضى وجب عليه قضاء اعتكافه بصوم، فلا يجزيه من ذلك صوم وجب عليه من غير (¬6) ذلك. ولو أنه أفطر شهر رمضان الأول (¬7) من عذر وجب عليه قضاؤه باعتكاف متتابع فإن قضاه باعتكاف متتابعاً أجزاه ذلك؛ لأن الشهر وجب عليه صومه واعتكافه، فقضى ذلك. ألا ترى أن رجلاً لو قال: لله علي أن اعتكف رجب، وجب عليه صومه واعتكافه، فإن أفطره كله ثم قضاه باعتكاف أجزاه، فإن اعتكف مكانه (¬8) شهر رمضان لم يجزه من الاعتكاف الذي وجب عليه. ولو قال: لله علي أن أعتكف رجب، فاعتكف مكانه شهر ربيع وذلك قبل أن يدخل شهر (¬9) رجب أجزاه إن كان صامه مع اعتكافه؛ لأنه شيء أوجبه على نفسه لله، فإذا عجل قبل (¬10) وقته أجزاه. ألا ترى أن رجلاً لو قال: لله علي صوم يوم الخميس، فصام يوم الأربعاء قضاء من يوم الخميس أجزاه ذلك. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: أما في قولي فلست أرى ذلك يجزيه حتى يصومه بعد دخوله؛ ألا ¬

_ (¬1) ق - شاء. (¬2) ق: الليل. (¬3) ق: اعتكفه فيعكف. (¬4) ق: متتابعا مكانه. (¬5) ق: لم يصم. (¬6) م - غير. (¬7) ك ق: للأول. (¬8) ق: وراه. (¬9) ك ق - شهر. (¬10) م - قبل.

ترى أن رجلاً لو صام شهر رمضان قبل أن يدخل لم يجزه، فكذلك (¬1) هذا. وقال أبو يوسف: لو أن رجلاً قال: لله علي أن أتصدق بدرهم غداً، فتصدق به اليوم أجزاه ذلك، فكذلك (¬2) الصوم الذي أوجبه على نفسه، يجزيه إذا عجله. قال محمد: وأما أنا فأرى الصدقة يجزيه تعجيلها، ولا أرى تعجيل الصوم يجزيه، وإنما أقيس ما أوجب على نفسه من ذلك بما أوجب الله تعالى عليه، فكما أن الزكاة يجزيه (¬3) تعجيلها قبل وقتها فكذلك (¬4) إذا أوجب على نفسه صدقة فعجلها قبل وقتها أجزاه. وأما الصوم فلا يجزيه تعجيله (¬5) كما لا يجزيه تعجيل ما أوجب الله عليه من الصوم. وقال أبو يوسف: إذا قال: لله علي أن أصلي ركعتين غداً، فصلاهما اليوم أجزاه. وقال محمد: وأما أنا فلا أرى ذلك يجزيه، أقيسه بما افترض (¬6) الله عليه من الصلاة. وقال أبو يوسف: ولو أن رجلاً قال: إذا جاء فلان فللَّه علي أن أصوم يوماً، فعجل صيام ذلك اليوم قبل أن يقدم فلان، ثم قدم فلان بعدُ، فعليه أن يصوم يوماً، ولا يجزيه صيام ذلك اليوم. ولا يشبه هذا الوجه الأول؛ لأن الأول أوجبه على نفسه بغير يمين، وهذا إنما أوجبه على نفسه إذا قدم فلان، وإنما يجب عليه بعد قدومه، فلا يجزيه تعجيله. وكذلك إذا قال: إذا قدم فلان فللَّه (¬7) علي أن أصلي ركعتين، فعجل صلاتهما قبل قدوم فلان، ثم قدم فلان، فعليه قضاؤهما، ولا يجزيه الأوليان. وكذلك إذا قال: إذا قدم فلان فللَّه (¬8) علي أن أتصدق بدرهم، فعجل صدقة الدرهم، ثم قدم فلان، إن ذلك لا يجزيه، وعليه أن يتصدق بدرهم آخر. وإذا قال: لله علي صوم شهر متتابع، ولا ينوي شهراً بعينه، فعليه أن يصوم شهراً متتابعاً. فإن أفطر منه يوماً استقبل الشهر من أوله. ¬

_ (¬1) ق: لم يجزيه كذلك. (¬2) م: فلذلك. (¬3) ق: تجزيه. (¬4) م: فلذلك. (¬5) م - تعجيله. (¬6) م: بما افرض. (¬7) م: لله. (¬8) م - فللَّه.

فإن كان قال: لله علي أن أصوم (¬1) شهراً متتالعاً، يعني رجب بعينه، أو شهراً من الشهور بعينه، فعليه صوم ذلك الشهر. وإن أفطر يوماً قضى ذلك اليوم وحده، وليس عليه أن يستقبل صوم شهر. ولكن إذا أراد (¬2) بقوله: لله علي، يميناً كفر [عن] يمينه مع قضاء ذلك اليوم. وإذا قال: لله علي صوم يوم، فأصبح من الغد لا ينوي صوماً، فلم تزل الشمس حتى نوى (¬3) أن يصومه من قضاء ذلك اليوم الذي أوجبه على نفسه، فإن ذلك لا يجزيه من قضاء ذلك اليوم حتى يعزم عليه من الليل، ولكن أحب (¬4) إلي أن يتم صومه فيجعله (¬5) تطوعاً ولا يفطر. وإن أفطر فلا قضاء عليه. وإذا قال: لله علي صوم غد، فأصبح من الغد وهو لا ينوي صومه، ثم نوى صومه من قضاء ما عليه قبل الزوال، أجزاه ذلك؛ لأنه أوجب هذا اليوم بعينه عليه. ألا ترى أن رجلاً لو أصبح في يوم من شهر رمضان لا ينوي صومه، ثم نوى (¬6) صومه قبل الزوال، أجزاه ذلك. ولو أفطر يوماً من شهر رمضان فوجب عليه قضاؤه، فأصبح في يوم لا ينوي صومه، ثم نوى أن يصومه قضاء من الذي وجب عليه لم يجزه ذلك، فكذلك هذا. وإذا قال: لله علي أن أصوم غداً، ثم أصبح ينوي أن يصومه تطوعاً ولا يصومه مما أوجبه على نفسه، فصومه ذلك مما أوجبه على نفسه، ولا يكون تطوعاً. ولو أن رجلاً قال: لله علي أن أصوم رجب بعينه، ثم إنه ظاهر من امرأته فصام شهرين متتابعين أحدهما رجب أجزاه من الظهار، وعليه أن يقضي رجب كما أوجب على نفسه. وإن أراد يميناً لم تكن (¬7) عليه ¬

_ (¬1) ك - شهرا متتابعا فإن أفطر منه يوماً استقبل الشهر من أوله فإن كان قال لله علي أن أصوم، صح هـ (¬2) ق: وإن أراد. (¬3) م - نوى. (¬4) ق: اجب. (¬5) ق: فيعجله. (¬6) م - نوى. (¬7) ك ق: لم يكن.

كفارة يمين؛ لأنه صام رجب كما حلف. ولو أن رجلاً وجب عليه صوم شهرين متتابعين من ظهار، فصام شهرين متتابعين (¬1) أحدهما رمضان، لم يجزه (¬2) ذلك، وكان صومه من رمضان خاصة (¬3)، وعليه أن يستقبل صوم شهرين متتابعين. ولا يشبه شهر رمضان في هذا الوجه ما أوجب على نفسه؛ لأن الرجل إذا أوجب على نفسه أن يصوم فكان الإيجاب مِن قِبَلِه كان ذلك والصوم الذي وجب بالظهار سواء، ولم يكن أحدهما أوجب (¬4) من صاحبه، فمن أيهما صام ذلك الشهر أجزاه، فأما شهر رمضان فإنه لا يكون أبداً إلا من شهر رمضان. ألا ترى لو أن رجلاً صامه تطوعاً كان من شهر رمضان. وما أوجبه على نفسه مما لم يجب (¬5) عليه إلا بإيجابه على نفسه فذلك (¬6) بمنزلة الشهرين المتتابعين اللذين (¬7) وجبا بالظهار. ألا ترى أن رجلاً لو قال: لله علي صوم الأبد، كان ذلك واجباَ عليه، فان ظاهر من امرأته ولم يجد ما يعتق أجزاه أن يصوم شهرين متتابعين. ألا ترى لو أن رجلاً وجب عليه قضاء أيام من شهر رمضان فقضاها في شهر أوجبه على نفسه أجزاه ذلك، وكان عليه أن يقضي مكان تلك الأيام من ذلك الشهر، فكذلك (¬8) هذا. أولا (¬9) ترى أن شهر رمضان لا يشبه ما أوجبه على نفسه من هذا؛ لأنه (¬10) لو صام ذلك في شهر رمضان لم يجزه] (¬11). ... ¬

_ (¬1) م - من ظهار فصام شهرين متتابعين. (¬2) ق: لم يجزيه. (¬3) ق: خاضة. (¬4) ق: اجب. (¬5) م: لم يوجب. (¬6) ك ط: فكذلك. (¬7) م: الذى. (¬8) م: فلذلك. (¬9) ق: ألا. (¬10) ق: الأنه. (¬11) انتهى هنا الباب الذي نقل في جميع النسخ من الجامع الكبير.

مسألة من كتاب الاستحسان

مسألة من كتاب الاستحسان (¬1) محمد بن الحسن قال: حدثنا حازم بن إبراهيم البجلي عن سماك بن حرب عن عكرمة مولى ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل شهادة أعرابي وحده على رؤية هلال شهر رمضان، قدم المدينة فأخبرهم أنه رآه، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصوموا بشهادته (¬2). قال محمد: فهذا مما يدل على أن شهادة الواحد في أمر الدين جائزة. ولا يقبل على هلال الفطر أقل من شاهدين رجلين حرين أو رجل وامرأتين؛ لأن هلال الفطر وإن كان من أمر الدين ففيه بعض المنفعة لفطر الناس وتركهم الصوم، فذلك يجري مجرى الحكم، فلا يقبل فيه من الشهادة إلا ما يقبل في الأحكام. ولا يقبل في هلال شهر (¬3) رمضان قول مسلم ولا مسلمين إذا كانوا ممن لا تجوز (¬4) شهادتهم وهم ممن يتهم. فأما عبد ثقة أو امرأة مسلمة ثقة حرة أو أمة أو (¬5) رجل مسلم ثقة إلا أنه محدود في قذف فشهادته في ذلك جائزة. وإن كان الذي شهد بذلك في المصر ولا علة في السماء لم تقبل (¬6) شهادته؛ لأن الذي يقع في القلب من ذلك (¬7) أنه باطل. فإن كان في السماء علة من سحاب فأخبر أنه رآه من خلال السحاب، أو جاء من مكان آخر ¬

_ (¬1) ك م ق ط: كتاب التحري؛ ج هـ: كتاب التحرد؛ ر: كتاب التجرد. وكل ذلك خطأ، لأن المسألة ليست في كتاب التحري وإنما في كتاب الاستحسان في باب الشهادة في أمر الدين. انظر: 1/ 169 و. فيظهر أن بعض الرواة أخذ المسألة من كتاب الاستحسان الآتي بعد كتاب التحري وظن أنها من كتاب التحري، وأدرجها هاهنا. ولم يتنبه الأفغاني -رحمه الله- إلى ذلك. (¬2) سنن أبي داود، الصوم، 15؛ وسنن الترمذي، الصوم، 7؛ وسنن النسائي، الصيام، 8؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 443. (¬3) م - شهر. (¬4) ق: لا يجوز. (¬5) م - أو. (¬6) ق: لم يقبل. (¬7) ك - من ذلك.

[مسألة في القيء من كتاب المجرد]

فأخبر بذلك، وهو ثقة، فينبغي للمسلمين أن يصوموا بشهادته. ... [مسألة في القيء من كتاب المجرد] (¬1) الحسن بن زياد عن آبي حنيفة في صائم ذرعه القيء فخرج منه قليل أو كثير، أو استقاء فقاء أقل من ملء الفم، وهو في ذلك ذاكر أو ناس لصومه (¬2)، لم يفسد صومه، وكان (¬3) على صيامه. وإن تقيأ ملء فيه أو أكثر وهو ذاكر لصومه فعليه القضاء. قال أبو عبد الله (¬4): يعني إذا تكلف للقيء فإن (¬5) كان ناسياً فلا شيء عليه. وإن خرج من جوفه إلى حلقه ثم رده وهو يقدر على رميه وهو ذاكر لصومه فعليه القضاء. وقال الحسن بن أبي مالك (¬6) عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال: إذا ذرعه القيء أو استقاء فخرج ملء الفم أو أكثر ثم رجع إلى حلقه وهو ذاكر ¬

_ (¬1) كتاب المجرد للإمام الحسن بن زياد اللؤلؤي (ت - 204 هـ) صاحب الإمام أبي حنيفة، وقد روى فيه فقه الإمام أبي حنيفة، ومسائلها تعد من مسائل النوادر. انظر: الفهرست لابن النديم، 288؛ وسير أعلام النبلاء، 9/ 543؛ والجواهر المضية للقرشي، 1/ 193؛ وكشف الظنون، 2/ 1282. فوضعنا المسائل المنقولة من المجرد بين معقوفتين، لأنها ليست من أصل الكتاب. لكنها مذكورة فىِ جميع النسخ، فيظهر أن أحد رواة الكتاب أدخلها في الأصل قديماً، وقد يكون ذلك من صنع الجوزجاني أو من بعده. (¬2) ك ق: لصيامه. (¬3) ق: وإن كان. (¬4) أبو عبد الله هي كنية الإمام محمد بن شجاع الثلجي تلميذ الإمام الحسن بن زياد. انظر: سير أعلام النبلاء، 12/ 379. أما كنية الحسن بن زياد فهي أبو علي. انظر: سير أعلام النبلاء، 9/ 543. (¬5) جميع النسخ وط: وإن (¬6) من أصحاب أبي يوسف، توفي عام 204 هـ انظر: الجواهر المضية للقرشي، 1/ 204.

من المجرد

لصيامه مثل الحمصة، وهو القدر الذي يفطر من الأكل، فَطَّرَه ذلك. وسواء ارتجع ذلك أو غلبه (¬1). وإن كان الذي خرج من جوفه إلى فمه أقل من ملء الفم لم يفطره (¬2) ما ارتجع منه. وكذلك رواه عن أبي يوسف. قال: وسمعته يقول غير هذا القول، يقول: إذا كان القيء أقل من ملء الفم فارتجعه متعمداً فطّره، وإن غلبه (¬3) لم يفطره. الحسن بن زياد عن أبي حنيفة: وإذا كان بين أسنانه لحم فتَلَمَّظَه (¬4) فدخل حلقه، أو اجتمع من ريقه على لسانه فدخل حلقه (¬5)، فهو على صيامه. ... من المجرد (¬6) قال أبو حنيفة: إذا أفطر الرجل في شهر رمضان نهاراً وهو حاضر متعمداً، فأكل طعاماً أو شرب شراباً أو جامع امرأة في الفرج، أو بُعث له وَجُور فاتَّجَر (¬7) به، أو دواء فأخذه، وهو ذاكر لصومه، فعليه القضاء والكفارة. وإن جامع امرأته فيما دون الفرج فأنزل ثم جامع في الفرج بعد ذلك، أو أصبح ينوي الإفطار ثم نوى الصوم بعد ارتفاع النهار- فظن أن ذلك قد ¬

_ (¬1) م: أو غليه؛ ق: أو عليه. (¬2) ق: لم يفره. (¬3) ق: عليه. (¬4) م: فتلمضه. تَلَمَّظَ الرجل أي تتبّع بلسانه بقية الطعام بين أسنانه بعد الأكل، وقيل: التلمُّظ أن يخرج لسانه فيمسح به شفتيه. انظر: المغرب، "لمظ". (¬5) ك: خلقه؛ م - حلقه. (¬6) انظر ما علقناه على العنوان السابق. (¬7) الوَجُور الدواء يُوجَر في وسط الفم. واتَّجَر أي تداوى بالوَجُور، وأصله اوْتَجَر. انظر: لسان العرب، "وجر".

أفسد عليه صومه أو لم يظن ذلك - فأكل أو شرب أو جامع، فعليه القضاء بلا كفارة. وإن أكل (¬1) ناسياً أو شرب ناسياً أو جامع ناسياً أو ذرعه القيء أو قاء ناسياً، فظن أن ذلك يفطره، فأكل بعد ذلك، فعليه القضاء بلا كفارة. وإن اكتحل بذَرُورٍ (¬2) أو احتجم أو قبل امرأته لشهوة أو لامسها لشهوة أو جامعها فيما دون الفرج فلم ينزل (¬3)، فظن أن ذلك يفطره، فأفطر متعمداً، فعليه القضاء والكفارة. فإن (¬4) استفتى فيه فقيهًا أو تأول فيه حديثاً أنه قد فطره فعليه القضاء بلا كفارة. وإن هو اغتاب إنسانًا أو قذف محصنة، فظن أن ذلك قد فطّره، أو استفتى فيه فقيهاً أو تأول فيه حديثاً، ثم أفطر بعد ذلك، فعليه القضاء والكفارة؛ لأن الحديث فيه محتمل للتأويل، إذ قيل (¬5): قد أفطر على ما حرم الله، وإذ قيل (¬6): إن الغيبة تفطّر (¬7). فجعل بتأويل ذلك على إفطار البر، لا إفطار من الصيام. يراد أنه (¬8) قد حُرِمَ (¬9) بِزَّه؛ لأنه خرج من البر إلى الإثم، والدليل اجتماع الناس أنه لا يكاد يسلم أحد من صيامه من أن يغتاب أو يكذب ولا سيما من العامة (¬10). ¬

_ (¬1) ق: كان. (¬2) تقدم تفسيره. (¬3) م: فلم يزل. (¬4) ق: وإن. (¬5) ر ط: إذا قيل. (¬6) ر ط: وإذا قيل. (¬7) روي في ذلك أحاديث ضعيفة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة،2/ 272؛ والضعفاء للعقيلي، 4/ 184؛ والجامع لشعب الإيمان للبيهقي، 5/ 301، 307؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 482 - 483. (¬8) م: به. (¬9) جميع النسخ وط: قد حرف. (¬10) انتهى هنا ما نقله الراوي لكتاب الأصل من كتاب المجرد للحسن بن زياد.

[كتاب نوادر الصوم]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) [كتاب نوادر الصوم] (¬2) محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يستحب للرجل أن يخرج يوم النحر قبل أن يطعم شيئاً، وأن يطعم يوم الفطر قبل أن يخرج (¬3). قال: وكتب شيخ من أهل البصرة يذكر عن عبد الله بن بريدة يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك (¬4). ومما يستحب يوم الفطر قبل الخروج أن يستاك ويطعم ويمس طيباً إن ¬

_ (¬1) ق + اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. (¬2) العنوان زيادة من ط، لأنه قد ذُكِرَ في آخر الكتاب في قوله "تمت النوادر". وهذا الكتاب ليس من كتاب الأصل، لكنه من رواية الجوزجاني عن الإمام محمد، وقد أدخله بعض الرواة في الكتاب للفائدة، ولذلك وضعنا جميعه بين معقوفتين. (¬3) الآثار لمحمد، 42؛ والآثار لأبي يوسف، 59. وذكر يوم الفطر فقط في المصنف لعبد الرزاق، 3/ 306. (¬4) عن بريدة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي. انظر: سنن ابن ماجة، الصيام، 49؛ وسنن الترمذي، الجمعة، 38؛ وصحيح ابن حبان، 7/ 52. وروي من حديث أنس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات. انظر: صحيح البخاري، العيدين، 4؛ وسنن ابن ماجة، الصيام، 49؛ وسنن الترمذي، الجمعة، 38. وفي الباب أحاديث أخرى. انظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 208؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 84.

وجده (¬1) ويخرج الصدقة ثم يخرج. وصدقته نصف صاع من حنطة أو سويق أو دقيق أو صاع من تمر أو صاع من شعير. فإن أعطى قيمة ذلك دراهم أو فلوسًا أجزاه. وإن جمع لمسكين واحد عن نفر (¬2) أجزاه. وإن فرق طعاماً عن واحد في مساكين أجزاه. ويطعم الرجل عن ولده الصغار وعن نفسه وعن عبيده (¬3) وإمائه الذين لغير التجارة الذين تلزمه (¬4) نفقتهم. وإن أطعم عن امرأته وعن ولده الكبار بأمرهم أجزأ عنهم، وليس عليه أن يفعل، إنما عليهم أن يُطعِموا. ولا يجب الطعام على محتاج له مَسْكَن وخادم وثيابُ (¬5) كَفَاف ومتاعُ بيتٍ كَفاف. هذا محتاج، إن أُعطي من ذلك قَبِل، وليس عليه أن يتصدق عن نفسه. فإن كان له سوى ما وصفت لك مائتا درهم أو عشرون مثقالاً من ذهب أو قيمة ذلك من عَرَض فَضْل عن الكَفاف الذي وصفت لك فعلى هذا زكاة الفطر، ولا يسعه أن يقبلها من غيره. ولو كان مملوك بين اثنين لم يكن على واحد منهما فيه (¬6) زكاة الفطر؛ لأنه لا يملك مملوكًا تامًا. وليس على الرجل أن يؤدي عن مكاتبه، وعليه أن يؤدي عن أم ولده ومدبره. وليس على رقيق التجارة زكاة الفطر. وليس على الحَبَل (¬7) زكاة الفطر وإن ولدته يوم الفطر. فإن ولدته قبل طلوع الفجر من يوم الفطر فعليه. وإن مات مملوك من رقيقه يوم الفطر فعليه أن يطعم. إذا انشق (¬8) الفجر من يوم الفطر وهو يملكه وجب عليه أن يطعم عنه، وليس يبطل ذلك موته. وعلى المسلم زكاة الفطر في رقيقه وإن كانوا على غير دين الإسلام. وعلى مملوك (¬9) الغلة زكاة الفطر على مولاه. وكذلك عبد تاجر لا يريد مولاه التجارة فيه. وعلى المولى زكاة رقيق رقيقه إذا كانوا لغير التجارة. فإن كانوا (¬10) للتجارة فليس عليه فيهم زكاة الفطر؛ لأن فيهم ¬

_ (¬1) ق: إن وجد. (¬2) م: عن بقر. (¬3) م: وعن عبده. (¬4) ق: يلزمه. (¬5) م. وثيات. (¬6) ك - فيه، صح هـ (¬7) م: على الخيل. (¬8) ك: وإذا انشق. (¬9) جميع النسخ: وعلى المملوك. والتصحيح من ط. (¬10) ق - لغير التجارة فإن كانوا.

زكاة الأموال إذا لم يكن على العبد دين يحيط (¬1) بقيمتهم. ولو أن رجلاً مضت عليه سنون لا يتصدق بصدقة الفطر [الواجبة] عليه أو جَهِلَه نِسياناً فعليه أن يقضي ذلك ويتصدق به. ومن كان عليه دين حل له الصدقة، وليس عليه زكاة الفطر. وليس على المكاتب أن يؤدي عن نفسه زكاة الفطر، ولا على مولاه فيه شيء. وليس على رقيق المكاتب زكاة الفطر ولا على مولاه فيهم. وليس على الرجل زكاة الفطر فيمن يعول من قرابته إخوة كانوا أو عمومة أو محرماً من نسب أو محرماً من رضاع. وعلى اليتيم زكاة الفطر في نفسه إذا كان غنياً، يؤديها عنه وصيه، وكذلك يلزمه الزكاة في رقيقه. وفي هذا حجة على من قال: لا زكاة على الصغير في ماله. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: ليس على الصغير زكاة. وليس على أهل الذمة زكاة الفطر (¬2) في رقيقهم، وإن كان أحد من رقيقهم على الإسلام أجبروا على بيعه. وليس على نصارى بني تغلب زكاة الفطر في رقيقهم. وليس يبعث على زكاة الفطر ساعياً يجبيها. من أداها فمن نفسه، ومن تركها فلازم إثمه (¬3) عليه. ولو كان رقيق بين رجلين لم يكن على واحد منهما زكاة الفطر في رقيقه ة لأنه لا يملك مملوكاً تاماً. ألا ترى أنه لو أعتق كل مملوك له لم يعتق منهم أحد. ولو كانا متفاوضين بينهما رقيق فهو كذلك. ولو مر يوم الفطر على رجل وعنده عبد قد اشتراه قبل الفطر بالخيار، فاستوجب بعد الفطر، كان عليه زكاة الفطر فيه، ولو فسخ البيع فيه كانت زكاته على البائع إذا كان الشرى والأصل لغير التجارة. وكذلك إن كان الخيار للبائع فتم البيع فعلى المشتري، وإن انتقض البيع فعلى البائع. وإن كان عقدة البيع وقع يوم ¬

_ (¬1) ك: محيط. (¬2) ق - الفطر. (¬3) جميع النسخ وط: أنه. ولعل الصواب ما أثبتناه.

الفطر فعلى البائع في الوجهين جميعاً: إن تم البيع أو انتقض، والخيار للبائع أو للمشتري. وليس على الرجل في مملوك آبق زكاة الفطر، ولا في عبد غصب والغاصب يجحده. وإن رجع إليه لم يزك لما مضى. وإن كان العبد غائباً عنه في حاجة له أو في عمل بأجر أو في صنعة فعليه زكاة الفطر عنه. فإن كان رجل في مصر وله رقيق في مصر آخر أو في ضيعة فإنه يؤدي زكاة الفطر عن رقيقه في المصر الذي هو فيه. ولا يشبه المال إذا وجب عليه الزكاة في مصر حيث لا يحمل (¬1) إلى غيره، ومن حملها وأداها في غيره أجزت عنه. وليس في شيء من الحيوان زكاة الفطر ما خلا رقيق الخدمة. وما كان من الرقيق للتجارة فليس فيهم زكاة الفطر (¬2)؛ لأن فيهم زكاة الأموال، ولا تجتمع الزكاة من وجهين متفرقين في مال واحد. وليس في العقارات ولا في الضِّياع ولا في شيء من الأموال والعروض زكاة الفطر ما خلا رقيق الخدمة ورقيق التجمل ورقيق القنية. وإن كان الرهن مملوكاً (¬3) لغير التجارة وكان أصله للخدمة فعلى الراهن زكاة الفطر فيه، إذا كان له فضل عن دينه وعن قُوتِه الذي وصفت لك مائتي درهم أو أكثر أو عروض بمثلها. وليس على المرتهن زكاة العبد الرهن. وليس على الرجل زكاة الفطر في رقيق ابنه الصغير. ولو أن رجلاً اشترى عبداً قبل الفطر فلم يقبض ولم ينقد حتى مضى يوم الفطر، والشرى للخدمة، فإن زكاة هذا العبد على المشتري. وإن مات قبل أن يقبضه انتقض البيع فيه، ولا زكاة على واحد منهما. ولو أن مملوكاً وجد به المشتري عيباً فرده يوم الفطر بعد القبض، وكان الشرى قبل الفطر، فزكاة الفطر على المشتري إن رده (¬4) بقضاء قاض أو بغير قضاء قاض (¬5). ¬

_ (¬1) ك: لا تحمل. (¬2) ق + ما خلا رقيق الخدمة وما كان من الرقيق للتجارة فليس فيهم زكاة الفطر. (¬3) م: وإن كان مملوك رهن. (¬4) م: إن رد. (¬5) ك - أو بغير قضاء قاض، صح هـ

وكذلك لو رده بخيار الرؤية. ولو لم يقبضه حتى رده بعيب أو بخيار رؤية فزكاة الفطر في هذا على البائع الذي رجع إليه العبد. ولو أن رجلاً في يده عبد للتجارة قيمته خمسمائة درهم، فباعه (¬1) بأمة قبل الفطر بيوم للتجارة، فلم يقبض ولم يدفع حتى وجبت الزكاة في ماله يوم الفطر، وكان ذلك وقت زكاته، فلم يفسخ البيع ولم يقبض حتى مضى يوم الفطر، ثم فسخ البيع بخيار الرؤية أو بعيب، فإن زكاة العبد بالقيمة على البائع. وأما بائع الجارية فإن كانت لغير تجارة فعليه زكاة الفطر فيها إذا انفسخ البيع قبل القبض بخيار الرؤية أو بعيب. والزكاة على الذي يرجع إليه ذلك المملوك. فإن كان للتجارة زكاه للتجارة (¬2)، وإن كان للخدمة زكاه (¬3) للخدمة (¬4). وكذلك (¬5) إذا انفسخ البيع بخيار الشرط. والقبض (¬6) وغير القبض فيه سواء. وأما خيار الرؤية والعيب فيختلف قبل القبض وبعده. إذا كان قبل القبض فعلى ما وصفت لك (¬7). وإن كان بعده فعلى الذي في ملكه قبل الفسخ. ألا ترى أنه في ضمانه ما خلا خصلة واحدة: إذا كان رده (¬8) عليه (¬9) بعيب وهو كاره فإن هذا يكون عليه زكاة الأَوْكَس (¬10) كوضيعةٍ لَحِقَتْه. ولو كان هو الذي فسخ البيع ورده بعيب وهو يعرف الفضل فيما رد فحابى كان عليه ذلك. فإن لم يعرف ذلك ولم يحاب (¬11) فعليه زكاة الأَوْكَس (¬12) كوضيعةٍ لَحِقَت التاجر (¬13) في هذا الوجه. وصاحب الخدمة عليه زكاة الذي رد إذا كان (¬14) بعد القبض. وإذا كان قبله فعليه زكاة الذي يرجع إليه. ولو أن عبداً (¬15) وقعت عقدة البيع فيه قبل الفطر ثم مات يوم الفطر ¬

_ (¬1) ق: فساعه. (¬2) م: زكاة التجارة. (¬3) م: زكاة؛ ق: زكوه. (¬4) م: الخدمة. (¬5) م + وكذلك. (¬6) م + فيه. (¬7) ق - لك. (¬8) ق: رد. (¬9) ك: فعليه. (¬10) م: الاولين. (¬11) م: ولم يحف. (¬12) م: الاولين. (¬13) ق: التاخر. (¬14) ق - كان. (¬15) م: ولو اعتدا.

في كتاب المجرد

قبل القبض والنقد انفسخ (¬1) البيع. وكلاهما صاحب خدمة: البائع والمشتري، ليس الواحد (¬2) منهما تاجرًا، فليس على واحد منهما زكاة. ألا ترى (¬3) أن المشتري يزكي الثمن مع ماله، والبائع (¬4) لا يزكي (¬5) الثمن ولزكي العبد. وقال أبو حنيفة: الصاع الأول ثمانية أرطال، فيجزي نصف صاع من الحنطة والدقيق والسويق أو صاع من تمر (¬6) أو شعير. وكذلك قال محمد. فإن كان المختوم خمسين رطلاً فهو عن (¬7) اثني عشر إنسانًا ونصف. وإذا كان أربعين رطلاً فهو على عشر أناسي إذا كان حنطة. فإن كان شعيراً فهو عن خمسة. وكذلك إن كان تمراً. والزبيب صاع في قول أبي يوسف ومحمد. وفي قول أبي حنيفة نصف صاع. قلت: أرأيت الرجل يبيع العبد بيعاً فاسداً، فلا يقبضه المشتري حتى يمضي يوم الفطر، ثم (¬8) يقبضه فيعتقه، على من زكاة الفطر وقد كان لغير التجارة؟ قال: زكاة الفطر على البائع. قلت: فلو كان المشتري قد قبضه قبل الفطر ثم رده بعد الفطر وهو لغير التجارة؟ قال: تكون (¬9) على البائع؛ لأنه قد رد عليه. قلت: فلو أعتقه المشتري أو باعه؟ قال: زكاة الفطر على المشتري] (¬10). [في كتاب المجرد (¬11): قال أبو حنيفة: وإن عجل زكاة الفطر عنه وعمن تجب عليه من ولده ورقيقه لسنة أو سنتين أجزاه ذلك. وإن لم يؤد ¬

_ (¬1) م: ايفسخ. (¬2) ق: للواحد. (¬3) م - ترى، صح هـ. (¬4) م - والبائع. (¬5) م: فلا يزكي. (¬6) ق: من ثمر. (¬7) ق: على. (¬8) م - ثم. (¬9) ك ق: يكون. (¬10) م + الحمد لله وحده؛ ق + والحمد لله رب العالمين. لم ينته كتاب نوادر الصيام هنا، لكن أقحم الراوي هنا مسائل من كتاب المجرد للحسن بن زياد، ومختصر الطحاوي. وهي كلها ليست من كتاب الأصل. (¬11) تقدم التعريف به قريباً.

تتمة نوادر الصوم

ذلك عنهم حين وجبت عليهم حتى مضت سنتان أو ثلاث وجب عليه أن يعطي عنهم مِن حينِ مضى زكاة الفطر]. [وقال أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي في كتابه (¬1): من أصبح في يوم من شهر رمضان ولم ينو في الليلة التي قبله صوماً، ثم أكل أو شرب أو جامع متعمداً، فإن أبا حنيفة كان يقول: عليه القضاء بلا كفارة، وكان أبو يوسف ومحمد يقولان: إذا كان ذلك منه قبل الزوال فعليه القضاء (¬2) والكفارة، وإذا كان بعد الزوال فعليه القضاء بلا كفارة، وهو كما قال أبو حنيفة] (¬3). وقال أبو يوسف (¬4): الصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي، وفي قول أبي حنيفة [ومحمد] (¬5) ثمانية أرطال. [تتمة نوادر الصوم (¬6) ... ¬

_ (¬1) مختصر الطحاوي، 57. (¬2) ك - القضاء، صح هـ. (¬3) ينتهي كلام الطحاوي هنا. (¬4) ك ج ر ق + ومحمد؛ م: وقال أبو محمد ويوسف. لكن قول محمد موافق لقول أبي حنيفة في هذه المسألة كما مر ذكره صريحا في كتاب نوادر الصوم. انظر: 1/ 155 ظ. والمسألة مذكورة في الأصل بلا خلاف بين الأئمة الثلاثة. انظر: 1/ 141 و. وكذلك ذكرها الحاكم بلا خلاف. انظر: الكافي، 1/ 26 ظ. وذكر السرخسي أن أبا يوسف كان يقول أولا بقول أبي حنيفة ثم رجع عن ذلك. انظر: المبسوط، 3/ 90. وذكر الطحاوي المسألة على الخلاف بين الإمام أبي حنيفة ومحمد وبين أبي يوسف. انظر: مختصر الطحاوي، 19. (¬5) من ط. وانظر الحاشية السابقة. (¬6) ج ر م ق - تتمة نوادر الصوم. هنا ينتهي الراوي لكتاب الأصل من المسائل التي نقلها من كتاب المجرد ومختصر الطحاوي، ويعود إلى كتاب نوادر الصوم.

باب ما يجب منه إفطار الصوم وما يجب فيه القضاء والكفارة وما يجب القضاء ولا تجب الكفارة وما يجوز من الشهادة على هلال رمضان وما لا يجوز

باب ما يجب منه إفطار الصوم وما يجب فيه القضاء والكفارة وما يجب القضاء ولا تجب الكفارة وما يجوز من الشهادة على هلال رمضان وما لا يجوز قال: وسئل محمد بن الحسن عمن ابتلع جوزة رطبة وهو صائم؟ قال: عليه القضاء، ولا كفارة عليه. قيل: فإن (¬1) ابتلع لوزة رطبة أو حنطة صغيرة؟ قال: عليه القضاء والكفارة. فقيل له: فإن ابتلع هَلِيلَجَة؟ (¬2) قال: عليه القضاء والكفارة، أراد به الدواء أو لم يرد به. وكذلك إن أكل مِسْكاً أو غَالِيَة أو زعفراناً فعليه القضاء والكفارة. محمد في رجل أفطر في شهر رمضان من عذر والشهر ثلاثون يوماً، فقضى شهر رمضان آخر وهو تسعة وعشرون يوماً، قال: عليه أن يقضي بعدد ما كان شهر رمضان، إن كان ثلاثين يوماً فثلاثين، وإن كان تسعة وعشرين يوماً فتسعة وعشرين يوماً، لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (¬3). محمد قال: إذا شهد رجل واحد وبالسماء علة قبلت (¬4) شهادته وحده إذا كان عدلاً. وأما على الفطر فلا يقبل إلا شهادة رجلين إذا كان بالسماء علة. وإن لم تكن (¬5) بالسماء علة لم أقبل شهادة رجل حتى يكون أمراً ظاهراً. وكذلك لو شهدت امرأة وهي عدلة (¬6) فشهادتها جائزة. وكذلك لو شهد رجل على شهادة رجل فهو جائز. ويجوز في ذلك شهادة المحدود في ¬

_ (¬1) م - فإن. (¬2) من الأدوية. انظر: لسان العرب، "هلج". (¬3) سورة البقرة، 2/ 184، 185. (¬4) جميع النسخ: فقبلت. والتصحيح من ط. (¬5) ك: لم يكن؛ ق: وإذا كان. (¬6) ق: عدل.

القذف إذا كان عدلاً. ولا تجوز (¬1) شهادة الفاسق. وتجوز (¬2) شهادة العبد إذا كان عدلاً. محمد في رجل جامع امرأته نهاراً ناسياً في شهر رمضان ثم ذكر وهو مُخَالِطُها فقام عنها، أو جامعها ليلاً فانفجر الصبح وهو مخالطها فقام عنها من ساعته، قال: هما سواء، ولا قضاء عليه. وذكر عن أبي يوسف أنه قال: يقضي الذي كان وطئه بالليل، ولا يقضي الذي كان وطئه (¬3) بالنهار. قلت: أرأيت لو أن (¬4) صائماً ابتلع شيئاً كان بين أسنانه؟ قال: ليس عليه القضاء. قلت: وإن (¬5) كان سمسمًا بين أسنانه فابتلعها؟ قال: لا قضاء عليه؛ لأن ذلك مغلوب لا حكم له كالذباب (¬6). وإن تناول سمسمًا ابتداء أفطر. وقال (¬7) أبو حنيفة: الصوم في رمضان لرمضان، ولا يكون لغيره إذا كان مقيماً. وإن كان مسافراً فإن صامه من صوم واجب عليه أجزاه من الواجب، وكان عليه قضاء رمضان. وقال أبو يوسف ومحمد: هما سواء، وهو من رمضان (¬8)، ولا يجزيه من غيره مريضاً كان أو مسافراً. وقال أبو يوسف في رجل قال: لله علي أن أصوم هذا اليوم شهراً، فعليه أن يصوم ذلك اليوم كلما دار حتى يُتم شهراً، أربعة أيام أو خمسة، حتى يستكمل ثلاثين يوماً منذ قال هذا القول. ولو قال: لله علي أن أصوم ¬

_ (¬1) ق: يجوز. (¬2) ق: ويجوز. (¬3) م - بالليل ولا يقضي الذي كان وطئه، صح هـ. (¬4) ق: لو كان. (¬5) ق: فإن. (¬6) أي كالذباب يدخل حلق الصائم. انظر: المبسوط، 3/ 142. (¬7) ق: قال. (¬8) م: في رمضان.

هذا الشهر يوماً، كان عليه أن يصوم ذلك الشهر بعينه متى شاء، فهو في سعة ما بينه وبين أن يموت. ولو قال: لله علي أن أصوم هذا اليوم غداً، فإن كان نوى (¬1) قبل الزوال ولم يأكل ولم يشرب فعليه صوم ذلك اليوم. وان قال هذا القول بعد الزوال أو أكل أو شرب فلا شيء عليه. ولو قال: لئه علي أن أصوم أمس، فلا شيء عليه. ولو قال: لله علي أن أصوم غداً اليوم، كان عليه أن يصوم غداً، وإنما عليه الأول من اللفظ ليس الآخر. ولو قال: لله علي صوم الأيام، ولا نية له، كان عليه سبعة أيام؛ لأنه كلما مضت الجمعة عادت. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: عليه عشرة أيام؛ لأن أكثر ما يستحق اسم الأيام في اللغة إنما هو عشرة أيام. ألا ترى أنك تقول: ثلاثة أيام وعشرة أيام، ولا تقول: أحد عشر أيام. وإذا قال: لله علي أن أصوم أياماً، ولا نية له، فعليه صيام ثلاثة أيام. ولو قال: لله علي صيام الشهور، كان عليه صيام (¬2) اثني عشر (¬3) شهراً. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: يقع ذلك (¬4) على صيام عشرة أشهر. ولو قال: لله علي صيام الجُمَع على مدى (¬5) الشهور، ولا نية له، فعليه أن يصوم كل جمعة تأتي (¬6) عليه في ذلك الشهر. ولو قال: لله علي أن أصوم أيام الجمعة، فإن عليه سبعة أيام. ولو قال: لله علي صوم الجمعة، فهذا يقع على وجهين: على أيام الجمعة السبعة، وقد يقع على الجمعة بعينها، فأي ذلك نوى لزمه. فإن لم تكن (¬7) له نية فهذا [على] (¬8) أيام الجمعة السبعة. ¬

_ (¬1) أسقط في ط "نوى" اعتماداً على نسخة عنده، وخطّأ النسخ الأخرى. ولم يصب في ذلك، لأن المعنى صحيح لا غبار عليه. (¬2) ك ق - صيام. (¬3) ك م: اثنا عشر. (¬4) ك - ذلك، صح هـ (¬5) ك ق: على مد. (¬6) ق: يأتي. (¬7) ك ق: لم يكن. (¬8) من ط اعتمادا على المبسوط، 3/ 145.

ولو قال: لله علي أن أصوم كذا كذا يوماً، فهو على (¬1) أحد عشر يومأ، وإن كان (¬2) له نية صرف الأمر إلى نيته. ولو قال: لله علي أن أصوم كذا وكذا، فهو على أحد وعشرين يوماً، إلا أن (¬3) ينوي غير ذلك فيكون كما نوى. ولو قال: لله علي أن أصوم بضعة عشر يومأ، لزمه صيام ثلاثة عشر يوماً؛ لأن (¬4) البضع من ثلاثة إلى سبعة، فوضعناه على الأقل من اسم البضع. ولو قال: لله علي صوم السنين، كان هذا صوم الدهر. والسنون مخالف للشهور؛ لأنه لا غاية للسنين تنتهيها. وأما الشهور فلها غاية في كتاب الله تعالى، وهو قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ} (¬5). على هذا يصرف (¬6) يمينه (¬7) إن لم تكن (¬8) له نية. فإن كانت له نية يصرف إلى نيته. وهو على (¬9) قياس قول أبي يوسف (¬10) ومحمد. وأما (¬11) قياس قول أبي حنيفة يرى على ما وصفنا قبل هذا (¬12). ولو قال: لله علي صوم الزمان، فهو ستة أشهر إن (¬13) لم تكن (¬14) له نية. وكذلك الحين] (¬15). ¬

_ (¬1) ق - على. (¬2) ق: وإن لم يكن. (¬3) ق - أن. (¬4) ك - كما نوى ولو قال لله علي أن أصوم بضعة عشر يوماً لزمه صيام ثلاثة عشر يوماً لأن، صح هـ. (¬5) سورة التوبة، 9/ 36. (¬6) م: انصرف؛ ق: تصرف. (¬7) م: نيته. (¬8) ق: لم يكن. (¬9) ق - على. (¬10) م: أبي حنيفة. (¬11) ك + في؛ ق + على. (¬12) أي: يصرف إلى عشر سنين في قياس قول أبي حنيفة، كما مر قريباً في الشهور أنها تصرف إلى عشرة شهور في قوله. وانظر: المبسوط، 3/ 146. (¬13) م: وإن. (¬14) ق: لم يكن. (¬15) ك + تمت النوادر والحمد لله وحده؛ م + تمت النوادر والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ ق + تمت النوادر والحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآله وصحبه وسلم.

كتاب التحري

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب التحري حدثنا أبو عصمة قال: أخبرنا أبو سليمان قال: سمعت محمداً يقول: إذا خرج الرجل بزكاة ماله يريد أن يتصدق بها، فأعطاها قوماً، ولم يحضره عند إعطائها أن الذين أعطاهم فقراء ولا أغنياء ذَهَلَ عن ذلك، ولم يسألوه، فلما أعطاهم تفكر في ذلك فلم يدر أغنياء هم أم لا، فإن ذلك يجزيه. فإن علم على أي هيئة كانوا حين أعطاهم فوقع في قلبه أن بعضهم كان محتاجاً عليه هيئة المحتاج، وأن بعضهم كان غنياً عليه هيئة الأغنياء، وكان على ذلك أكبر رأيه، وذلك بعد الإعطاء، أجزته عطيته لمن كان أكبر (¬2) رأيه أنه فقير، ولم تجزه عطيته لمن (¬3) كان أكبر (¬4) رأيه أنه غني؛ لأن من خرج بزكاة ماله يريد أن يتصدق بها فهو عندنا يريد أن يعطيها الفقراء، فمن أعطى من الناس فهو فقير يجزيه عطيته إياه، إلا أن يكون أعطى من أكبر (¬5) رأيه أنه غني، فإذا كان على ذلك لم تجزه (¬6) عطيته إلا أن يعلم أنه فقير فتجزيه ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م: أكثر. (¬3) م: من. (¬4) م: أكثر. (¬5) م: أكثر. (¬6) ق: لم يجزيه.

عطيته. فأما إذا أعطى رجلاً يرى أنه فقير ولم يسأله ولم يأت مِن أَمْرِه أَمْرٌ يدل على أنه فقير فظن أنه فقير فأعطاه، أو أعطاه على غير ظنٍ حَضَرَه، ثم ظن بعد العطية أنه فقير، ثم علم بعد ذلك أنه غني، لم يجزه ما أعطاه؛ لأنه أعطاه على غير مسألة ولا دلالة. وإن كان الرجل سأله وأخبره أنه محتاج فأعطاه، ثم علم بعد ذلك أنه غني، فإن أبا حنيفة قال في ذلك: تجزيه (¬1) زكاته. وكذلك قول محمد. وأما في قول أبي يوسف فلا تجزيه (¬2) إذا علم أنه غني، وقال: هو بمنزلة رجل توضأ بماء غير طاهر ثم صلى وهو لا يعلم، فهو يجزيه ما لم يعلم، فإذا علم أعاد الوضوء وأعاد الصلاة. وقال محمد: لا تشبه (¬3) الصلاة الصدقة؛ لأن هذا لا تعد صلاته صلاة؛ لأنه صلى على غير وضوء، والمتصدق صدقته جائزة عليه. ألا ترى أنه لو أراد أن يأخذها من الذي أعطاها إياه لم يكن له ذلك في الحكم؛ لأنها صدقة نافذة جائزة لا رجوع (¬4) فيها. ولو كان له أن يأخذها من المتصدق عليه لأنها ليست بصدقة كان هذا قياس الصلاة بغير وضوء؛ لأن الصلاة بغير وضوء ليست بصلاة، فينبغي أن تكون (¬5) هذه ليست بصدقة، وينبغي لصاحبها أن يأخذها من المتصدق عليه. فإذا كان لا يقدر على أخذها منه كانت صدقة تامة، فكيف يغرمها صاحبها مرتين. ولم يكن على صاحبها أكثر من الذي صنع. وقد وافقنا أبو يوسف أن الصدقة لا ترد (¬6) على صاحبها، ولكنها نافذة للمتصدق عليه. ولذلك (¬7) افترقت الصدقة والصلاة على غير وضوء. إنما مثل الصدقة على الغني إذا تصدق (¬8) عليه وهو لا يعلم ثم علم بعد ذلك رَجُلٌ صلى وتحرى القبلة أو أخبره (¬9) مخبر أن القبلة كذا فصلى بقوله أو تحريه (¬10)، ¬

_ (¬1) ق: يجزيه. (¬2) ق: يجزيه. (¬3) ق: لا يشبه. (¬4) جميع النسخ: لا مرجوع. وصححها في ط دون الإشارة إلى ما في النسخ. (¬5) ق: أن يكون. (¬6) ق: لا يرد. (¬7) ر م: وكذلك. (¬8) ق: بصدق. (¬9) م: فأخبره. (¬10) ك: أو تجزيه.

حتى إذا فرغ علم أنه صلى لغير القبلة، فصلاته تامة، ولا إعادة عليه فيها؛ لأنه صلى ولم يكن عليه أكثر من الذي صنع. فكذلك الصدقة على الغني إذا لم يعلم وسأله وأخبره أنه فقير فليس عليه أكثر مما صنع (¬1). ولو لم يخبره أنه فقير ولم يسأله عن ذلك ولكنه صادفه (¬2) في مجلس الفقراء قد صَنَعَ صُنْعَ أصحاب المسألة فأعطاه كان هذا بمنزلة من سأله وأخبره أنه فقير؛ لأن هذا دلالة (¬3) على الفقر (¬4) بمنزلة المسألة. وقد يجيء من هذا ما هو أدل من المسألة أو (¬5) قريب منها أو مثلها. وكذلك في قول أبي حنيفة ومحمد إن أعطى ذمياً من زكاته وقد أخبره أنه مسلم أو عليه سيما المسلمين فأعطاه من زكاته، ثم علم أنه ذمي أجزاه ذلك. وكذلك إن أعطاها ولداً أو والداً وهو لا يعلم ثم علم أجزاه ذلك. وإن أعطاه عبداً له أو مكاتباً له وهو لا يعلم به أو أخبره أنه حر فأعطاه ثم علم بعد ذلك أنه عبد له عليه دين أو مكاتب لم يجزه ذلك؛ لأن هذا ماله أعطاه ماله فصار ماله (¬6) بعضه في بعض، فلا يجزي شيء من ذلك (¬7). فأما ما أعطى ولداً أو والداً (¬8) وهو لا يعلم ثم علم بعد ذلك أجزاه في قول أبي حنيفة ومحمد. أبو سليمان قال: أخبرنا محمد قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي الجويرية (¬9) الجَرْمي عن معن بن يزيد السُّلَمي قال: خاصمت أبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقضى لي عليه. وذلك أن أبي أعطى صدقته رجلاً في المسجد، وأمره أن يتصدق بها. فأتيته (¬10) فأعطانيها. ثم أتيت أبي فعلم بها. ¬

_ (¬1) م: صيع. (¬2) م: صادقه. (¬3) م: دلالا. (¬4) م: على الفقرا. (¬5) ق: أ. (¬6) ق - فصار ماله. (¬7) ك: فلا يجزي ذلك من شيء. (¬8) م: ووالدا؛ ق - أو والدا. (¬9) ك ج: أبي الحويرة؛ ر: أبي الحويزة؛ م: ابن الجويرية؛ ق: أبي الجويرة. والتصحيح من صحيح البخاري وغيره. انظر الحاشية التالية. (¬10) ق - فأتيته.

فقال: والله يا بني، ما إياك أردت بها. فاختصمنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "يا يزيد لك ما نويت، ويا معن لك ما أخذت" (¬1). قال محمد: قد جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك مجزياً عن يزيد، وجعله لمعن، فكذلك نقول (¬2). ولو أن رجلاً توضأ في ليلة مظلمة في سفر، ثم قام عامداً إلى الصلاة فصلى ولم تحضره (¬3) نية حتى ضَلَّ (¬4) في تحري القبلة، فلما قضى صلاته علم أنه صلى لغير القبلة، فإنه يعيد صلاته. وإن كان حين فرغ لم يدر (¬5) أصلى إلى القبلة أم إلى غيرها، فإن كان أكبر (¬6) رأيه أنه صلى إلى القبلة فصلاته تامة، وإن كان أكبر (¬7) رأيه أنه صلى إلى غير القبلة أعاد صلاته. وإن لم يكن له في ذلك رأي، أو كان قد ركب فمضى عن ذلك الموضع، فلم يَجْرِ (¬8) له رأي في تحري قبلة ولا غيرها، فصلاته تامة؛ لأنه حين قام عامداً إلى الصلاة حتى دخل فيها فصلى فهو عندنا على تحري القبلة حتى يعلم غير ذلك. ولو كان حين انتهى إلى موضع الصلاة شك فلم يدر أين القبلة، فلم يتحرّ أكبر رأيه حتى مضى فصلى إلى بعض تلك الوجوه بغير تحرِّ ولا أكبر رأي حتى فرغ من صلاته، فعليه أن يعيد صلانه، إلا أن يعلم أنه صلى للقبلة. فإن كان أكبر (¬9) رأيه أنه صلى للقبلة إلا أن ذلك إنما كان منه بعد دخوله في صلاته لم تجزه تلك الصلاة حتى يستقبلها بتكبير مستقبل؛ لأنه ¬

_ (¬1) صحيح البخاري، الزكاة، 15؛ وسنن الدارمي، الزكاة، 14؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 34. (¬2) م: يقول. (¬3) جميع النسخ: ولم تحضرة؛ ط: ولم يحضره. والتصحيح من الكافي، 1/ 127 ظ. (¬4) ج ر م ق ط: حتى صلى. وعبارة الحاكم: ولم تحضره نية في تحري القبلة حتى صلى. انظر: الكافي، 1/ 127 ظ. (¬5) م: لم يدري. (¬6) م: أكثر. (¬7) م: أكثر. (¬8) ج ر م ط: فلم يجز. ولفظ الحاكم: وإن لم يتوجه له رأي. انظر: الكافي، 1/ 127 ظ. (¬9) م: أكثر.

افتتحها على غير التحري، وكان الواجب عليه حين شك فلم يدر أين القبلة أن يتحرى فيمضي على أكبر (¬1) ظنه ورأيه. فلما افتتح على غير تحرٍّ لم يجزه التحري بعد الافتتاح إلا بتكبير مستقبل. ولو تحرى فكان أكبر (¬2) رأيه وجهاً من تلك (¬3) الوجوه أنه القبلة، فتركه وصلى إلى غيره فقد أساء وأثم، وصلاته فاسدة وإن علم بعدما فرغ منها أنه صلى إلى القبلة، لأن قبلته [هي] التي ظن أنها القبلة، فقد صلى إلى غير القبلة التي وجبت عليه، فعليه أن يعيد الصلاة. ولو علم أنها القبلة بعدما افتتح الصلاة لم يجزه ذلك الافتتاح حتى يفتتح افتتاحاً مستقبلاً، ويعيد صلاته. ولو أن رجلاً دخل مسجداً لا محراب فيه، وقبلته مشكلة، وفيه قوم من أهله، فتحرى الداخل القبلة فصلى، فلما فرغ علم أنه قد أخطأ القبلة، فعليه أن يعيد صلاته؛ لأنه قد كان يقدر على أن يسأل عن ذلك فيعلمه بغير تحرِّ. وإنما يجوز التحري إذا أعجزه من يُعلِمه بذلك، فأما إذا كان له من يُعلِمه بذلك لم يجزه التحري. ألا ترى لو أن رجلاً أتى ماء من المياه فطلب الماء فلم يجده حتى صلى بتيمم، ثم سألهم فأخبروه، لم تجزه صلاته حتى يتوضأ ويعيد الصلاة. ولو سألهم فلم يخبروه أو لم يكن بحضرته من يسأله فطلب فلم يجد فتيمم وصلى ثم وجد الماء أجزته صلاته، ولم يكن عليه غير ما صنع (¬4). وكذلك القبلة فيما وصفت لك. ولو أن رجلاً كانت له غنم مَسَالِيخ (¬5) ذَكِيّة، فاختلطت بها شاة مسلوخة ذبيحة مجوسي أو ذبيحة مسلم ترك التسمية (¬6) عمداً أو ميتة، فلم ¬

_ (¬1) م: أكثر. (¬2) م: أكثر. (¬3) م: من ذلك. (¬4) م: ما ضيع. (¬5) المساليخ جمع المسلوخة، وهي المسلوخ جلدها بلا رأس ولا قوائم ولا بطن. انظر: المغرب، "سلخ". (¬6) م: القسمية.

يدر صاحب الغنم أيتهن هي، فإنه لا ينبغي له أن يأكل منه شيئاً حتى يتحرى، فيُلقِي من ذلك الذي يظن أنه ميتة، ويأكل البقية. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كان الذكي شاتين والميتة واحدة. فأما إذا كانت الميتة اثنتين والذكية واحدة فلا تجزي (¬1) هاهنا؛ لأن الغالب هو الحرام، ولا ينبغي أن ينتفع بشيء من ذلك. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كانت واحدة ميتة وواحدة ذكية لم يأكل من ذلك شيئاً بتحرِّ ولا غيره إلا في خصلة واحدة: إن كان له في الذكي عَلَم ودلالة تدل عليه حتى يعرف بذلك من الميتة فلا بأس بأكل ذلك بالدلالة والعَلَم الذي يعلم به. وإنما افترق الغالب من ذلك وغيره؛ لأن الغالب يقع عليه التحري إذا كان غالباً، وهو حلال، وفي ذلك وجوه كثيرة من الفقه. مِنها أن رجلاً لو كان له زيت فاختلط به بعض وَدَك (¬2) ميتة (¬3) أو شحم خنزير إلا أن الزيت هو الغالب على ذلك لم نر (¬4) بأساً (¬5) بأن يستصبح به، وأن يدبغ (¬6) به الجلود ثم يغسله، وأن يبيعه ويبين عيبه. ولو كان وَدَك الميتة أو شحم الخنزير هو الغالب على الزيت أو كانا سواء لا يغلب واحد منهما على صاحبه لم ينبغ أن يُنتفَع بشيء منه، ولا يباع ولا يُستصبَح به ولا يُدهَن به جلد ولا غير ذلك؛ لأن وَدَك الميتة وشحم الخنزير إذا كانا الغالبين على الزيت فكأنه لا زيت معهما، وكان ذلك كله ميتة وشحم الخنزير، ولا ينبغي الانتفاع بذلك على حال. أبو سليمان قال: أخبرنا محمد (¬7) قال: أخبرنا زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: جاء نفر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن لنا ¬

_ (¬1) ق: يجزي. (¬2) الوَدَك هو دَسَم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه انظر: لسان العرب، "ودك". (¬3) م: دهن. (¬4) م ق: لم ير. (¬5) م: ناسيا. (¬6) م: وان لم يدبغ. (¬7) م + قال أخبرنا محمد.

سفينة في البحر وقد احتاجت إلى الدهن، ووجدنا ناقة كثيرة الشحم ميتة، أفندهنها (¬1) بشحمها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تنتفعوا من الميتة بشيء" (¬2). وكذلك نقول، إذا كانت الميتة هي الغالبة فكأنها ميتة كلها. وقال أبو حنيفة: لو أن قوماً من المسلمين وُجِدُوا موتى فيهم كافر أو كافران (¬3) لا يُعرَف الكافر من المسلم غُسلوا وكُفنوا وصُلي عليهم، ونوى المصلون بالصلاة والدعاء المسلمين (¬4) منهم دون الكافرين (¬5)، وصُلي عليهم جماعة. وإن كانوا كفاراً فيهم المسلم والمسلمان لم يُصَلَّ على أحد منهم، ويُغسَلون ويُكَفَّنون ويُدفَنون، ولا يُصَلَّى على أحد منهم. وكذلك قول أبي يوسف وقول محمد. ويدفنون في قول محمد في مقابر المشركين. فأما الأولون الذين أكثرهم المسلمون فإنهم يدفنون في مقابر المسلمين (¬6). وإن كانوا نصفين من الكافرين والمسلمين لم يُصَلَّ على أحد منهم حتى يكون الأكثر (¬7) من المسلمين، وهذا أيضاً يدلك (¬8) على الوجه الأول. فإن كان بأحدهما (¬9) علامة من علامات المسلمين أو كان (¬10) بأحدهما (¬11) علامة من ¬

_ (¬1) ق: أفيدهنها. (¬2) شرح معاني الآثار للطحاوي، 1/ 468؛ ونصب الراية للزيلعي، 1/ 122. وروى البخاري عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عام الفتح وهو بمكة: "إن الله ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام"، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنها يُطْلَى بها السفن ويُدهَن بها الجلود ويَستصبح بها الناس؟ فقال: "لا، هو حرام"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: "قاتل الله اليهود، إن الله لما حرّم شحومها جَمَلُوه [أي أذابوه] ثم باعوه فأكلوا ثمنه". انظر: صحيح البخاري، البيوع، 112؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 71. وفي الباب أحاديث أخرى. انظر: نصب الراية للزيلعي، الموضع السابق. (¬3) ق: وكافران. (¬4) م: للمسلمين. (¬5) م: الكافر. (¬6) م - فأما الأولون الذين أكثرهم المسلمون فانهم يدفنون في مقابر المسلمين. (¬7) م: أكثر. (¬8) م: بذلك. (¬9) ق: ياخدهما. (¬10) م + أو كان. (¬11) ق: ياخذهما.

علامات المشركين فهذه دلالة، فيُصَلَّى على الذي به علامة المسلمين، ويُتْرَك الذي به علامة المشركين. ومن علامات المسلمين الختان والخضاب ولبس (¬1) السواد مما يعرف به المسلم من الكافر. واذا كان الرجل في سفر ومعه ثوبان لا ثوب معه غيرهما، في أحدهما نجاسة خفية والآخر طاهر، وليس معه ماء يغسلهما (¬2)، فإنه يتحرى الذي يظن أنه لا نجاسة فيه، ثم يصلي فيه ويدع الآخر. وكذلك إن كان معه ثلاثة أثواب: ثوبان نجسان وثوب طاهر. وكذلك ما كثر من ذلك أو قل فإنه يتحرى فيصلي في الثوب الذي يظن أنه طاهر منها. ولا يشبه هذا (¬3) ما وصفت لك قبله (¬4) من الغنم بعضها ميتة إذا كان الغالب عليها الميت (¬5)؛ لأن هذه الثياب لو كانت كلها نجسة لكان عليه أن يصلي في بعضها ثم لا يعيد صلاته؛ لأنه مضطر إلى الصلاة فيها. والذي وصفت لك من الغنم ليس بمضطر إليها. فإن كان في موضع لا يجد من الطعام غير تلك الغنم استوت حالها وحال الثياب فتحرى وأكل. فإن تحرى ثوباً من الثوبين فكان أكبر (¬6) ظنه أنه هو الطاهر فصلى فيه الظهر، ثم تحول رأيه فكان أكبر رأيه أن الآخر هو (¬7) الطاهر فصلى فيه العصر، فإن العصر لا يجزيه؛ لأن الظهر قد أجزته. ولا يجزيه غيرها؛ لأنه قد فرغ منها على تمام، فلا تفسد (¬8) بعد التمام إلا باليقين. فإذا استيقن أن الثوب الذي صلى فيه الظهر هو النجس أعاد صلاة الظهر، وأجزته (¬9) صلاة العصر. فإن لم يحضره تحرٍّ حتى صلى، أو لم يعلم أن في واحد منهما نجاسة حتى صلى وهو ساهٍ، فصلى في أحدهما الظهر وصلى في الاَخر العصر، وصلى في الأول المغرب وصلى في الآخر العشاء، ثم نظر فإذا في أحدهما قذر، ولا ¬

_ (¬1) ق: وليس. (¬2) ج ر م ق: ما يغسلهما؛ ط: ما يغسلهما به، وزيادة "به" من المبسوط، 10/ 200. (¬3) م - هذا. (¬4) م - قبله. (¬5) م: ميت. (¬6) م: أكثر. (¬7) ق - هو. (¬8) م ق: يفسد. (¬9) م: فأجزته؛ ق: وأجزأته.

يدري هو الأول أو الآخر، فإن صلاة الظهر والمغرب جائزتان، وصلاة العصر والعشاء (¬1) فاسدتان؛ لأنه صلى الظهر في أحدهما، فتمت صلاته، فلا تفسد بعد تمامها إلا بيقين. وكذلك كل صلاة صلاها في ذلك الثوب فهي بمنزلتها. وأما ما صلى في الثوب الثاني فإن ذلك لا يجزيه؛ لأنه إن أجزاه لم يجزه الأول؛ لأنا قد علمنا أن أحدهما نجس، فلا يستقيم أن يجزيا جميعاً. ولو أن رجلاً كان في سفر ومعه آنية ثلاثة، في كل إناء ماء، أحدها نجس والآخران طاهران، ولم يعرف الطاهر من غيره، فإنه يتحرى ويتوضأ ويصلي؛ لأن الأكثر منها الطاهر، فالتحري يجزيه. وإن كان اثنان منها (¬2) نجسين وواحد طاهر أهراقها كلها وتيمم وصلى. فإن تيمم وصلى ولم يهرقها أجزاه ذلك؛ لأنه لا تحري عليه في ذلك. ولكن الأفضل له أن يهرقها (¬3) حتى يعلم أنه لا ماء معه ثم يتيمم. وكذلك إن كانا إناءين أحدهما طاهر والآخر نجس أهراقهما وتيمم، وكان (¬4) هذا بمنزلة ما وصفت لك من الغنم قبله. إذا كان أكثر الآنية نجساً تيمم ولم يتحر. وإن كان أكثرها طاهراً فتحرى (¬5) وتوضأ وصلى أجزاه ذلك ما لم يعلم أنه توضأ بماء نجس. ولو أن رجلاً له جوارٍ أعتق واحدة منهن بعينها، ثم نسيها فلم يدر أيتهن أعتق، لم يسعه أن يتحرى في هذا فيطأهن على التحري حتى يعلم أيتهن الحرة من غيرها. وكذلك لا يسعه أن يبيع منهن شيئاً. وكذلك لا يسع الحاكم أن يخلي بينه وبينهن حتى يبين المعتقة من غيرها (¬6). وكذلك رجل له أربع نسوة طلق منهن واحدة ثلاثاً بعينها، ثم نسيها فلم يعرفها، فليس له أن يقرب (¬7) منهن شيئاً بتحرٍّ حتى يعلم المطلقة بعينها من غيرها. وكذلك إن متن كلهن إلا واحدة لم يسعه أن يقربها حتى يعلم ¬

_ (¬1) م ق: وصلاة العشاء. (¬2) جميع النسخ: منهما. والتصحيح من ط. (¬3) م ق: أن يهريقها. (¬4) ك: وصلى. (¬5) م: يتحرى. (¬6) م: حتى يتبين المعتقة وغيرها. (¬7) م: أن يفرق.

أنها غير المطلقة. وكذلك ينبغي للقاضي إذا رفعت إليه أن يمنعه (¬1) منها حتى يُبَيِّن (¬2) فيخبر أنها غير المطلقة. فإذا أخبر بذلك استحلفه البتّة ما طلق هذه بعينها ثلاثاً، ثم خلى (¬3) بينه وبينها. فإن كان حلف وهو جاهل بما (¬4) حلف عليه فليس ينبغي له أن يقربها. ولو (¬5) كان له جَوَارِ فأعتق واحدة منهن بعينها، ثم نسيها فباع منهن ثلاثاً، فحكم عليه القاضي بأن أجاز بيعهن، وجعل الباقية هي المعتقة فأعتقها وحكم بذلك وكان ذلك من رأيه، ثم رجع بعض اللاتي (¬6) باع إليه بشراء أو هبة أو ميراث أو غير ذلك، فليس ينبغي له أن يطأها؛ لأن القاضي قضى في ذلك بغير علم، فليس ينبغي له أن يطأشيئًا منهن بالملك، إلا أن يتزوجها. فإن فعل فلا بأس بأن يطأها؛ لأنها على إحدى خصلتين: إما حرة فتحل بالنكاح، وإما أمة فتحل بالملك. ولا يجوز التحري في الفروج كما يجوز التحري فيما وصفت لك قبله من جميع هذه الوجوه من الميتة وغيرها؛ لأن التحري يجوز في كل ما جازت (¬7) الضرورة. ألا ترى (¬8) أن الميتة يجوز أكلها في الضرورة. وكل (¬9) ما جاز أكله في الضرورة والعمل به في الضرورة وصاحبه يعلم أنه حرام فإذا كان مشكلاً وكان الغالب عليه الحلال أجزاه في ذلك التحري. فأما الفروج فإنه لا يجوز التحري فيها؛ لأنها (¬10) لا تحل بضرورة أبداً ولا بغيرها، فكذلك لا يجوز التحري فيها. ولو أن قوماً عشرة أو أقل كانت لكل رجل منهم جارية، فأعتق أحدهم جاريته، ولم يعرفوا الجارية المعتقة، فلكل رجل منهم أن يطأ جاريته حتى يعلم أنها المعتقة بعينها. فإن كان أكبر رأي أحدهم أنه هو الذي أعتق ¬

_ (¬1) ك: أن يمنعها. (¬2) ك: حين يبين؛ ج ر: حتى يتبين؛ م: حين يتبين. (¬3) م: ثم صلي. (¬4) م: انما. (¬5) ق: وله. (¬6) ق: التي. (¬7) ق: ... ت. (¬8) م + ألا ترى. (¬9) ق: فكل. (¬10) ق: فإنها.

فأحب إلي أن لا يقربها حتى يستيقن ذلك. وإن قرب (¬1) لم يكن ذلك عليه حرامأة لأن كل واحد منهم على حدته لم يعلم أنه أعتق، فجاريته له حلال حتى يعلم أنه قد أعتقها. ولكن لو اشتراهن جميعاً رجل واحد قد علم ما قال أحدهم من العتق لم يحل له أن يقرب واحدة منهن (¬2) حتى يعرف المعتقة. ولو اشتراهن كلهن إلا واحدة حل له أن يطأهن جميعاً. فإن فعل ثم اشترى الباقية اجتمعن جميعاً في ملكه لم يحل له أن يطأ منهن شيئاً ولا يبيع شيئاً منهن حتى يستبين له المعتقة منهن. وكذلك لو اشترى كلهن بعض أصحاب الجواري إلا جارية منهن حل له أن يطأهن كلهن التي كانت عنده وغيرها. فإن اشترى الباقية فاجتمعن في ملكه جميعاً لم ينبغ له أن يقرب (¬3) منهن شيئاً، لأنه قد استيقن حين اجتمعن في ملكه أن إحداهن حرة، فهو إن وطئ إحداهن وطئها بغير علم ولا يدري أحرة هي أم لا، وإحداهن حرام عليه لا شك فيه. فإذا بقيت واحدة لم يشترها لم يعلم أن فيما اشترى حرامأ عليه ولا شك فيه. فإذا لم يعلم ذلك لم يحرم شيء من ذلك إلا باليقين. ولا يكون اليقين إلا باجتماعهن جميعاً في ملكه. ومما يدلك أيضاً أن التحري لا يجوز في الفروج أن المُعْتِقَ لجاريةٍ (¬4) من رقيقه إذا نسيها (¬5) ثم مات أن القاضي لا يوجب في ذلك تحرياً فيقول للورثة: أعتقوا أيتهن شئتم أو أعتقوا التي أكبر (¬6) ظنكم أنها حرة، ولكنه يسألهم عن ذلك، فإن استيقنوا منه شيئاً أمضاه على ما استيقنوا، فأعتقوا الذي زعموا أز الميت أعتقها بعينها، واستُحْلِفُوا على ما بقي منهن على علمهم (¬7)، فإن لم يعرفوا من ذلك شيئاً أعتقهن (¬8) جميعاً، فأبطل من قيمتهن قيمة واحدة، وسعين فيما بقي. فإن كن عشراً أبطل من ¬

_ (¬1) م: وإن فرق. (¬2) ط + جميعاً. ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف النسخ. (¬3) م: أن يفرق. (¬4) ق: الجارية. (¬5) م: وإذا نسيها. (¬6) م: أكثر. (¬7) جميع النسخ: على علمهن. والتصحيح من ب، والكافي، 1/ 128 و. (¬8) ك ق: أعتقن.

قيمة كل واحدة منهن عُشرها، وسعت كل واحدة في تسعة أعشار قيمتها. أبو سليمان قال: سمعت محمداً يقول في رجل له عبد فآجره من رجل سنة بمائة درهم للخدمة، فخدمه العبد ستة أشهر، ثم إن المولى أعتقه، فالعبد بالخيار، إن شاء مضى على إجارته، وإن شاء فسخها فيما بقي. فإن فسخها فيما بقي بطل نصف الأجر (¬1)، وأخذ المولى من المستأجر نصف الأجر (¬2)، وكان له دون العبد. وإن مضى العبد على إجارته أَجَازَ (¬3) ذلك فليس له بعد ذلك أن ينقضها (¬4). فإن مضى عليها (¬5) حتى تتم (¬6) السنة فالأجر (¬7) كله واجب على المستأجر، نصفه للسيد حصة الشهور التي مضت وهو عبد قبل أن يعتق العبد، والنصف الباقي للعبد حصة الشهور التي بقيت بعد العتق. وليس للعبد أن يقبض شيئاً من الأجر إلا بوكالة المولى. إنما الذي يقبض الأجر المولى؛ لأنه هو الذي ولي الإجارة، فيقبض الأجر كله، فيكون له نصفه وللعبد نصفه. فإن كان المولى حين (¬8) آجر العبد سنة (¬9) بمائة درهم عجل له المستأجر المائة قبل أن يعمل العبد شيئاً، ثم إن العبد خدم المستأجر ستة أشهر، ثم أعتقه المولى، فالعبد أيضاً بالخيار، إن شاء مضى على الإجارة، وإن شاء فسخها. فإن فسخها فالقول في ذلك كالقول في المسألة الأولى. وإن مضى على الإجارة حتى يخدم السنة كلها فالأجر (¬10) كله للمولى، ولا شيء للعبد منه؛ لأن المولى قد كان ملك الأجر (¬11) كله قبل أن يعتق العبد، فلا يتحول شيء من ملك الآجر (¬12) إلى العبد بعد عتقه. فإذا لم يقبض الأجر (¬13) فإنما يجب الأجر (¬14) بالعمل يوماً ¬

_ (¬1) م: الاخر. (¬2) م ق: الاخر. (¬3) ك: أجز؛ ط: أجزاه. "أجاز ذلك" بيان لقوله: وإن مضى العبد على إجارته. (¬4) ك - وإن مضى العبد على إجارته أجاز ذلك فليس له بعد ذلك أن ينقضها، صح هـ. (¬5) م - عليها. (¬6) ق: تيمم. (¬7) م: فالاخر. (¬8) م - حين. (¬9) م - سنة. (¬10) م: فالاخر. (¬11) م: الاخر. (¬12) م: الاخر. (¬13) م: الاخر. (¬14) م: الاخر.

بيوم وشهراً بشهر. فإذا أعتق العبد في بعض السنة فعمل ما بقي منها كان له أجر ما بقي؛ لأن ذلك لم يملكه المولى حين عتق العبد. وكذلك لو كان الأجر (¬1) دنانير أو شيئاً بما يكال أو يوزن أو عرضاً (¬2) من العروض (¬3) جارية أو ثوبًا بعينه أو غير ذلك. إذا قبضه المولى بإذن المستأجر قبل أن يعتق العبد (¬4) فقد ملكه المولى. فإذا مضى العبد على الإجارة كان (¬5) الذي قبض المولى له دون العبد. وإن كان المولى لم يقبض ذلك والأجر جارية بعينها فعمل العبد وهو مملوك نصف السنة، ثم عتق فعمل نصف السنة الأخرى، ولم يكن المولى قبض الجارية، فنصفها للمولى ونصفها للعبد. والذي يلي قبضها من المستأجر المولى؛ لأنه هو الذي ولي الإجارة. فيدفع نصفها إلى العبد، ويكون له نصفها. ولو كان المولى قبض الجارية قبل العتق والمسألة على حالها سلمت الجارية كلها للمولى، ولم يكن للعبد منها قليل ولا كثير. ألا ترى أن رجلاً لو زوج جارية له من رجل بصداق وقبضه المولى أو لم يقبضه حتى أعتقها المولى فهي بالخيار، إن شاءت أقامت مع زوجها، وإن شاءت فارقته. فإن اختارت نفسها ولم يكن الزوج دخل بها بطل صداقها، وكانت فرقة بغير طلاق. وإن اختارت زوجها كان الصداق لمولاها إن كان قبض الصداق أو لم يقبض. وهذا الوجه إذا لم يقبض الصداق يخالف الإجارة إذا لم يقبض الأجر؛ لأن الصداق (¬6) يجب بالنكاح حين يقع، لا يجب منه شيء دون شيء، وأن الإجارة إنما تجب بالعمل، كلما عمل يوماً وجب له أجره، فلهذا اختلفا إذا لم يقبض (¬7) الصداق والأجر. أما إذا قبضهما المولى جميعاً فهو سواء في جميع ما وصفت. ولو أن رجلاً قال لعبده: آجر نفسك بمائة درهم ممن شئت، فآجر نفسه من رجل سنة بمائة درهم كما أمره مولاه، فخدم المستأجر ستة أشهر ¬

_ (¬1) م: الاخر. (¬2) م: أو غرضا. (¬3) ق + أو. (¬4) ق - العبد. (¬5) ق: وكان. (¬6) ق: الصدان. (¬7) ك: لم تقبض.

ثم أعتقه المولى، فالعبد أيضاً بالخيار، إن شاء فسخ الإجارة فأخذ العبد نصف الأجر حصة ما مضى من الشهور فدفع ذلك إلى مولاه، وإن شاء مضى على الإجارة حتى يتم وأخذ العبد الأجر كله وأعطى مولاه نصفه وأخذ نصفه. وليس للمولى على المستأجر سبيل في قبض شيء من الأجر إلا بوكالة من العبد؛ لأن العبد هو الذي ولي الإجارة. وإن كان العبد قبض الأجر قبل العمل ثم أعتقه المولى بعدما عمل نصف السنة فالعبد أيضاً بالخيار، إن شاء نقض (¬1) الإجارة ورد على المستأجر نصف ما أخذ منه من الأجر (¬2). وإن كان المولى أخذ ذلك من عبده (¬3) فاستهلكه كان للمستأجر أن يأخذ العبد بذلك حتى يؤديه هو إليه، ولا سبيل له على المولى. وللعبد أن يرجع على المولى فيأخذ منه نصف ما أخذ إن كان قائماً بعينه عرضاً أو غيره. وإن كان المولى استهلكه كان له أيضاً أن يرجع على المولى (¬4) بنصف ما قبض؛ لأن هذا المال لم يجب على المولى للعبد في حال رقه، إنما وجب له بعد العتق وبعد فسخ الإجارة. ألا ترى أن المستأجر لا سبيل له على المولى وإن كان العبد مُعْدِماً؛ لأن المولى قبض ذلك من العبد يوم قبض ولا دين على العبد. ولو كان على العبد يومئذ دين لكان للغريم أن يأخذ المولى بما أخذ من مال عبده حتى يدفعه إليه قضاء من دينه. فلذلك كان للعبد أن يرجع على المولى بما أخذ منه حتى يوفيه المستأجر. وإن اختار العبد المضي على الإجارة فمضى حتى أتم الخدمة فإن كان لم يقبض الأجر في حال رقه فالأجر بين المولى وعبده نصفان: نصف للمولى حصة ما مضى من الشهور، ونصفه للعبد. فإن كان العبد قبض الأجر في حال رقه ثم مضى على الإجارة حتى انتهى فالأجر كله للمولى دراهم كانت أو دنانير أو كيلاً أو وزناً أو عرضاً من العروض (¬5) كائناً ما كان. ¬

_ (¬1) ق + على. (¬2) ق: من الآخر. (¬3) ق: من عنده. (¬4) م + كان له أن يرجع على المولى. (¬5) م - أو عرضا من العروض.

فإن قال قائل: وكيف يكون للعبد أن يفسخ الإجارة وهو الذي وليها؟ قيل له: لأنها تمت في حال رقه بإذن المولى له فى ذلك. ألا ترى لو أن أمة زوجت نفسها بإذن مولاها ثم أعتقت كان لها الخيار، إن شاءت أقامت مع زوجها، وإن شاءت فارقته وهي التي وليت النكاح. وكذلك العبد إذا ولي الإجارة. فإن قال قائل: وكيف يكون للعبد أن يفسخ الإجارة في وجه من هذه الوجوه وقد كانت جائزة؟ قيل له: لأن الإجارة تفسخ بعذر، فالعتق من أفضل العذر؛ لأن الأمر رجع إلى العبد وصار أحق بنفسه من المولى. ألا ترى أن رجلاً لو توفي فأوصى إلى رجل وترك ابناَ صغيرًا فآجره الوصي في عمل من الأعمال فلم يتم العمل حتى بلغ الغلام مبلغ الرجال (¬1) فهو بالخيار، إن شاء مضى على العمل حتى يتمه وأخذ الأجر كله، وإن شاء فسخ الإجارة فيما بقي وكان له أجر ما مضى. وهذا (¬2) قول أبي حنيفة. فإذا كان للغلام أن ينقض الإجارة والأجر له فالعبد أحرى أن ينقض الإجارة إذا أعتق. والأجر يكون لمولاه إن كان قد قبضه في حال الرق (¬3). وكذلك لو أن الأب (¬4) آجر ابنه وهو صغير (¬5) في عمل من الأعمال سنين معلومة بأجر معلوم فبلغ الغلام قبل أن تتم (¬6) السنون فهو بالخيار، إن شاء فسخ الإجارة، وإن شاء مضى عليها، وكانت حاله كحال الذي آجره الوصي. ولو كان الوصي أو الوالد (¬7) آجر داراً للصغير سنين معلومة، فبلغ الغلام فأراد أن يبطل الإجارة لم يكن له ذلك. ولا يشبه (¬8) هذا في هذا ¬

_ (¬1) ق: الراجال. (¬2) م: فهذا. (¬3) ك - الإجارة إذا أعتق والأجر يكون لمولاه إن كان قد قبضه في حال الرق. (¬4) ك ق + نفسه. (¬5) ك: ابنه وصغير. (¬6) ك ق: أن يتمم. (¬7) ك: أو الولد. (¬8) م: ولا نسبه.

الوجه إجارة نفسه؛ لأن الوالد والوصي (¬1) في مال الصغير (¬2) بمنزلة الوكيلين اللذين يوكلهما الكبير (¬3). ألا ترى أن الكبير لو وكل رجلاً يؤاجر داره فآجرها كما وكله لم يكن له أن ينقض إجارة وكيله، فكذلك (¬4) هذا. ولو آجر العبد نفسه وهو محجور عليه رجلاً سنة بمائة درهم ليخدمه، فخدمه ستة أشهر ثم أعتق العبد، فالقياس في هذا أنه لا أجر للعبد فيما مضى؛ لأن المستأجر كان (¬5) ضامناً له (¬6)، ولا يجتمع الأجر والضمان، ولكنا (¬7) نستحسن إذا سلم العبد أن يجعل له الأجر فيما مضى، فيأخذه العبد فيدفعه إلى مولاه، فيكون ذلك لمولاه دونه. وتجوز (¬8) الإجارة فيما بقي من السنة، وليس للعبد (¬9) أن ينقض (¬10) ذلك؛ لأن الإجارة فيما بقي إنما جازت (¬11) بعدما عَتَقَ (¬12) العبد. وليس (¬13) للعبد أن ينقض (¬14) ما جاز بعد عتقه؛ لأنه إنما جاز بغير إجازة المولى. ألا ترى أن أمة لو تزوجت رجلاً بغير أمر مولاها فأعتقها المولى جاز نكاحها عليها، ولم يكن لها خيار في إبطاله؛ لأنه إنما جاز بعد العتق. وكذلك الإجارة لما (¬15) جاز ما بقي منها بعد العتق لم يكن للعبد إبطال ذلك، ولكن الإجارة تلزم العبد، ويكون للمولى أجر ما مضى من الشهور قبل العتق، ويكون أجر ما بقي من الشهور بعد العتق للعبد. فإن كان العبد قبض الأجر في حال الرق وهو دراهم أو دنانير أو (¬16) شيء مما يكال أو يوزن أو عرض من العروض أو لم يقبض ذلك فهو ¬

_ (¬1) ك: الوصي. (¬2) م - في مال الصغير. (¬3) ق: الكثير. (¬4) م: فلذلك. (¬5) ق: كانه. (¬6) ك - له. (¬7) ق: ولكنها. (¬8) ق: وبجوز. (¬9) ق: ببعيد. (¬10) م ط: أن يقبض. والتصحيح من ك ج. وسقطت الجملة من ر. (¬11) ق: جازه. (¬12) ق: أعتق. (¬13) ك ق: فليس. (¬14) م: أن يقبض. (¬15) ك م: بما. (¬16) م: وهو.

سواء، يكون للمولى من (¬1) ذلك حصة ما مضى من الشهور، وللعبد (¬2) حصة ما بقي من الشهور بعدما عتق. ولا يشبه هذا الوجه فيما قبض العبد من الأجر ما مضى قبله من الإجارات بإذن المولى وإجازة المولى؛ لأن العبد لما قبض الأجر في هذا الوجه فقد قبض شيئاً ليس بجائز، ولا يجب به الأجر حتى يجوز بعد العمل. فلما أعتق العبد وقد قبض الأجر فإن كان لم يعمل شيئاً ولم يمض من السنة شيء فإنما جازت الإجارة بعد العتق، ووجب الأجر بعد العتق، وصار الأجر كله للعبد. فإن كان قد مضى من الشهور شيء قبل العتق وجب أجر ذلك للمولى بالعمل فى ون القبض، فصار ذلك بمنزلة من لم يقبض. فأما أجر ما لم يمض من العمل فإنه لا يجب بالقبض حتى تجوز الإجارة. وإنما جازت الإجارة بعد العتق، فصار ذلك للعبد دون المولى، فلذلك افترق (¬3) جواز الإجارة (¬4) قبل العتق وجوازها بعد العتق فيما قبض العبد من الأجر (¬5). ¬

_ (¬1) م + بعد. (¬2) ك: والعبد. (¬3) ك: اقترن. (¬4) م: الاجازة. (¬5) ك + آخر كتاب التحري والحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله وصحبه وسلامه؛ م + آخر كتاب التحري والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين؛ ق + آخر كتاب التحري الحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.

كتاب الاستحسان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الاستحسان قال محمد بن الحسن: لا بأس بأن ينظر الرجل من أمه أو من ابنته (¬2) البالغة أو من أخته (¬3) أو من كل (¬4) ذات محرم منه من رحم أو رضاع إلى شعرها أو إلى صدرها أو إلى ثديها أو عضدها أو ساقها أو قدمها. ولا ينبغي له أن ينظر إلى بطنها أو إلى ظهرها أو إلى ما بين سرتها حتى يتجاوز الركبة. وكذلك كل ذات محرم من نكاح نحو امرأة الأب وامرأة الابن وأم الزوجة وابنة الزوجة إذا كان قد دخل بأمها. فإن كان ينظر إلى شيء من ذلك منها أو من ذات محرم ممن وصفت لك لشهوة فليس ينبغي له أن ينظر إلى ذلك. وكذلك إذا كان أكبر ظنه أنه إن نظر اشتهاها فينبغي له أن يغض بصره. وإن أمن على نفسه فلا بأس بأن (¬5) يسافر بها ويكون محرماً لها وتسافر (¬6) معه لا محرم معها غيره. فإن كان يخاف على نفسه فلا يسافرن ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ق: من أمته. (¬3) ق - أو من أخته. (¬4) م: من كان. (¬5) م: أن. (¬6) م: أو تسافر.

معها، ولا يخلون معها، ولا ينبغي لها إن خافت ذلك منه أن تخلو معه في بيت ولا تسافر معه. فأما إذا أمنا ذلك أو كان عليه أكبر رأيهما فلا بأس بالخلوة معها والسفر بها. وكل شيء من هذا الذي وصفت لك لا بأس بأن ما ينظر إليه من أمه أو ذات رحم محرم منه فلا بأس بأن يمسه منها. لا بأس بأن يمس شعر أمه ويغسله ويدهنه أو يمس ساقها ورجلها ويغمز ذلك لها ويمس صدرها وثديها وعضدها ووجهها (¬1) وذراعيها وكفيها. ويكره له أن يمس منها ما كرهنا له النظر إليه إذا كانت مجردة له. فإن كانت غير مجردة له واحتاج إلى حملها أو النزول (¬2) بها فلا بأس بأن يحملها وينزلها مُتَوَاخِذاً (¬3) بظهرها أو ببطنها (¬4). وكذلك كل ذوات المحرم منه من جميع ما وصفت. فإن كان يخاف على نفسه أن يشتهي إنْ يَمَسّ شيئاً من ذلك وكان عليه أكبر ظنه فليجتنب ذلك بجهده. وقال أبو حنيفة: إذا بلغت الأمة لم ينبغ أن تُعْرَض (¬5) في إزارها. وقال محمد: وكذلك قولنا. وإن بلغت أيضاً أن تُشتهَى ويُجامَع مثلُها لم ينبغ أن تُعرَض في إزارها. ولا ينبغي للرجل أن ينظر من أمة غيره إذا كانت بالغة أو تُشتهَى مثلُها أو تُوطَأ إلا ما ينظر إليه من ذوات المحرم، ولا بأس بأن ينظر إلى شعرها وإلى صدرها وإلى ثديها (¬6) وعضدها وقدمها وساقها ولا ينظر إلى بطنها ولا إلى ظهرها ولا إلى ما بين السرة منها حتى يجاوز الركبة. وكل ما لم (¬7) ينظر إليه منها فلا ينبغي له أن يمسه مكشوفاً وإن لم يره، ولا غير مكشوف إلا أن يضطر إلى حملها أو إلى (¬8) النزول ¬

_ (¬1) ق: ووجهاها. (¬2) م: أو المنزول. (¬3) كذا في جميع النسخ وط. ولم أجد هذا الاستعمال في لسان العرب والقاموس المحيط والكلمة من "أخذ" كما هو ظاهر. والمقصود "آخذاً". وقد ذكر اللغويون أن "وَاخَذَ" مكان "آخَذَ" خطأ. انظر: لسان العرب، "أخذ"؛ والقاموس المحيط، "أخذ". (¬4) م: أو ببكنها. (¬5) ك: أن يعرض. (¬6) م: وإلى بدنها. (¬7) م - لم. (¬8) م ق - إلى.

بها. ولا بأس بأن يمس منها ما (¬1) يحل له النظر إليه، لا بأس بأن يمس ساقها وصدرها وشعرها وعضديها (¬2). بلغنا أن ابن (¬3) عمر مر بجارية تباع، فضرب في صدرها ومس ذراعيها، وقال: اشتروا، ثم مضى وتركها (¬4). فهذا ونحوه لا بأس به ممن أراد الشراء أو ممن لم يرد. فإن كان يخاف على نفسه أن يشتهي إن مس ذلك منها أو كان عليه أكبر رأيه فليجتنب أن يمسها. وكذلك إن كانت الجارية هي التي تمسه فلا بأس بأن تمس (¬5) كل شيء منه (¬6) إلا ما بين السرة إلى الركبة. ولا بأس بأن تدهن (¬7) رأسه وتسرحه وتدهن شعره وصدره وظهره وساقه وقدمه وتغمز (¬8) ذلك إلا أن يشتهي، أو يكون أكبر رأيه على أنها إن فعلت ذلك اشتهاها أو اشتهت، فينبغي له أن ينهاها أن تعرض لذلك منه. ألا ترى أن أمة امرأة الرجل تخدمه وتدهنه وتغمز رجله وتخضبه، فلا يكون بذلك بأس ما لم يشته (¬9) أو يكون أكبر رأيه على أنه يشتهي إن فعلت أو على أنها تشتهي إن فعل. فإن كان أكبر رأيه على ذلك فليجتنبه (¬10). وكذلك لا بأس بأن تنظر منه إلى كل شيء ما خلا ما بين السرة والركبة. ولا بأس بأن تنظر (¬11) إلى السرة. إنما يكره أن تنظر (¬12) إلى ما تحت السرة. ولا ينبغي أن تنظر (¬13) إلى الركبة؛ لأن الركبة من العورة. وأما المرأة الحرة التي لا نكاح بينه وبينها ولا حرمة ممن يحل له نكاحها فليس ينبغي له أن ينظر إلى شئ منها مكشوفاً إلا الوجه والكف. ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وإلى كفها. ولا ينظر إلى شيء غير ذلك منها. وهذا قول أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) م + لم. (¬2) ق: وعضدها. (¬3) م - ابن. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 286. (¬5) م: بأن يمس. (¬6) ك ق: منه كل شيء. (¬7) م: بأن يدهن. (¬8) م: ويغمز. (¬9) م: لم يشبه. (¬10) ك: فلتجتنبه. (¬11) ق: ينظر. (¬12) ق: أن ينظر. (¬13) ق: أن ينظر.

وقال الله تبارك وتعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (¬1). ففسر المفسرون أن ما ظهر منها الكحل والخاتم (¬2). والكحل زينة الوجه، والخاتم زينة الكف، فرخص في هاتين الزينتين. ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وكفها إلا أن يكون إنما ينظر إلى ذلك اشتهاء منه لها. فإن كان (¬3) ذلك فليس ينبغي له أن ينظر إليه. وإن دعي إلى شهادة عليها أو أراد تزويجها أو كان حاكماَ فأراد أن ينظر إلى وجهها (¬4) ليجيز إقرارها عليها وليشهد الشهود على معرفتها - وإن كان إن نظر إليها اشتهاها أو كان عليه أكبر رأيه - فلا بأس بالنظر إلى وجهها وإن كان على ذلك؛ لأنه لم ينظر إليها هاهنا ليشتهيها، إنما نظر (¬5) إليها لغير ذلك. فلا بأس بالنظر إليها وإن كان في ذلك شهوة إذا كان على ما وصفت لك. ولا ينبغي له أن يمس يدها ولا وجهها (¬6) إذا كانت شابة ممن تُشتهَى. فأما إذا كانت عجوزاً ممن لا تُشتهَى فلا بأس بمصافحتها ومس يدها. وإن كان (¬7) عليها ثياب فلا بأس بأن يتأملها أو يتأمل (¬8) جسدها ما لم تكن ثياب تصفها. فإن كانت ثيابها تلزق بجسدها حتى يستبين له جسدها فينبغي له أن يغض بصره عن ذلك. وإن كانت ثيابها لا تصف شيئاً من جسدها فلا بأس بالنظر إليها؛ لأنه إنما ينظر إلى الثياب وإلى القامة فلا بأس بذلك. ¬

_ (¬1) سورة النور، 24/ 31. (¬2) روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - بلفظه. وروي معناه عن عائشة وأنس - رضي الله عنهما -. انظر: تفسير الطري، 18/ 118؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 332؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 2/ 225. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 239؛ والدراية لابن حجر، 2/ 225. (¬3) ق - كان؛ صح هـ. (¬4) ط + وكفها. (¬5) ك م ق: انظر؛ ط: النظر. والتصحيح من ج ر. (¬6) ق: وجهها ولا يدها. (¬7) ف: كانت. (¬8) م: فلا بأس بتأملها أو بتأمل.

ولا بأس بأن تنظر (¬1) المرأة التي لا نكاح بينها وبين الرجل منه إلى جميع جسده ووجهه ورأسه إلا ما بين سرته إلى ركبته؛ فإن ذلك عورة، ولا ينبغي لها أن تنظر إليه. ولا بأس بأن تنظر إلى السرة أيضاً، إنما يكره أن تنظر إلى ما تحتها، فأما السرة خاصة فلا بأس بالنظر إليها. ولا ينبغي لها أن تنظر إلى الركبة؛ لأن الركبة من العورة. ولا ينبغي لها أن تمس (¬2) منه قليلاً ولا كثيراً إذا كانت شابة يُشتهَى مثلُها أو كان شاباً (¬3) يجامع مثله. فإن كانا كبيرين لا يجامع مثله ولا يجامع مثلها فلا بأس بالمصافحة، ويكره غير ذلك. وإذا كانت المرأة إذا نظرت إلى بعض ما وصفت لك من الرجل وقعت في قلبها له شهوة أو كان على ذلك أكبر رأيها فأحب إلي أن تغض بصرها عنه. والرجل من الرجل لا ينبغي له أن ينظر منه إلا (¬4) ما تنظر (¬5) منه المرأة. ولا ينبغي له أن ينظر من الرجل إلى ما بين (¬6) سرته إلى ركبته (¬7). ولا بأس بالنظر إلى سرته. ويكره النظر منه إلى ركبته. وكذلك المرأة من المرأة. محمد قال: أخبرنا قدامة بن موسى بن عمر بن قدامة بن مظعون (¬8) عن أبيه (¬9) قال: صليت إلى جانب ابن عمر وكنت فتى من الفتيان أتّزر على صدري كما يتزر (¬10) الفتيان، فأدخل ابن عمر إصبعه فحط إزاري حتى أبدى السرة، ثم قال: هكذا فاتزر يا ابن أخي (¬11). وبلغنا عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا اتزر أبدى عن سرته. ¬

_ (¬1) ق: ينظر. (¬2) ق: أن يمس. (¬3) ق: شايا. (¬4) ق + إلى. (¬5) ق: ما ينظر. (¬6) م - بين. (¬7) ق: وركبته. (¬8) ق: معطوف. (¬9) م - بن مظعون عن أبيه. (¬10) ق: تأتزر. (¬11) المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 169.

والسرة ليست من العورة، ولكن ما تحتها من العورة. فلا ينبغي أن ينظر إليه الرجل من الرجل والمرأة من المرأة حتى يأتي العذر. فإذا جاء العذر فلا بأس بالنظر إلى ذلك. ولا بأس إذا أرادت المرأة الولادة أن تنظر المرأة منها إلى موضع الفرج وغيره. وكذلك الرجل يريد أن يحتقن (¬1) أو يختتن وهو كبير. ولا بأس بأن يحقنه أو يختنه رجل؛ لأن هذا موضع عذر. فإن أصاب امرأة جرح (¬2) أو قرحة في موضع لا يحل للرجال أن ينظروا إليه فلا بأس بأن يعلّم (¬3) امرأة دواء ذلك الجرح أو تلك القرحة فتكون (¬4) هي التي تداوي به. ألا ترى أن الجارية البكر الحرة (¬5) إذا تزوجها الرجل فمكثت عنده لا يصيبها فرافعته إلى القاضي أجّله سنة، فإن وصل إليها وإلا فرق بينهما، فإن مضت السنة فقال: قد وصلت إليها، وقالت: لم يصل إلي، نظر إليها النساء، فإن قلن: هي بكر على حالها، خيرت، وان قلن: هي ثيب، كان القول قول الزوج مع يمينه. أفلا ترى أنه لا بأس بنظر النساء في هذه الحال؛ لأنها حال عذر. وكذلك رجل اشترى جارية على أنها بكر فقبضها فقال: وجدتها ثيباً، وأراد ردها على البائع أو يمينَه (¬6) بالله لقد باعها وقبضها وإنها لبكر، فإن النساء ينظرن (¬7) إليها، فإن قلن: هي بكر، فلا يمين (¬8) على البائع، وإن قلن: هي ثيب، استحلف البائع بالله البتة لقد باعها وقبضها المشتري وإنها لبكر، فإن حلف على ذلك لم ترد عليه، وإن نكل عن اليمين ردت عليه. أفلا ترى أنه لا بأس بأن (¬9) ينظر النساء في هذه الحال في أشياء كثيرة نحو ذلك. فإن لم يجدوا امرأة تداوي الجرح الذي بها أو القرحة ولم يقدروا على امرأة تعلم ذلك، وخافوا على المرأة التي بها الجرح أو ¬

_ (¬1) ق: أيحتقن. (¬2) ق + أو حرح. (¬3) ك: بأن تعلم. (¬4) ق: فيكون. (¬5) م - الحرة. (¬6) أي أراد يمين البائع. (¬7) م: ينظرون. (¬8) م: فلا بأس. (¬9) م: أن.

القرحة (¬1) أن تهلك أو يصيبها بلاء أو دخلها من ذلك وجع لا يحتمل، أو لم يكن يداوي الموضع إلا رجل، فلا بأس بأن يستتر منها كل شيء إلا موضع الجرح أو القرحة ثم يداويه الرجل ويغض بصره بما استطاع عن عورةٍ، وذات محرم وغيرها في ذلك سواء. والعبد فيما ينظر إليه من مولاته، والحرُّ الذي لا قرابة بينه وبينها ولا حرمة سواء، خَصِيًّا كان أو فحلاً، إذا كان قد بلغ مبلغ الرجال. فلا ينبغي أن ينظر منها إلى شيء إلا إلى وجهها وكفها. ولا يحل للخَصِيّ شيء يحرم على الفحل. ولا تُحِلُّ المُثْلَةُ التي مُثِّلَتْ به شيئاً يحرم على غيره من العبيد (¬2) والأحرار. فأما الزوجة والأمة (¬3) تكون للرجل فلا بأس بأن ينظر منها إلى كل شيء فرج أو غيره أو يمسه. ولا بأس بأن يصيبها وهي حائض فيما دون الفرج، ولا بأس بمباشرتها وإن لم يكن عليها إزار. محمد قال: أخبرنا الصلت بن دينار عن معاوية بن قرة المزني قال: سألت عائشة أم المؤمنين: ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض؟ قالت: يجتنب شعار الدم، وله ما سوى ذلك (¬4). قال محمد: وبهذا نأخذ. وشعار الدم موضع الفرج. فأما أبو حنيفة قال: للرجل من امرأته وجاريته إذا كانت حائضاً ما فوق الإزار، وكره ما تحت الإزار. ... ¬

_ (¬1) م - ولم يقدروا على امرأة تعلم ذلك وخافوا على المرأة التي بها الجرح أو القرحة. (¬2) م: من العبد؛ ق: من العميد. (¬3) م: والابنة. (¬4) روي نحوه. انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي، 383؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 1/ 314. وفي معنى ذلك حديث مرفوع. انظر: سنن أبي داود، الطهارة، 106؛ والسنن الكبرى للبيهقي، الموضع السابق.

باب النظر واللمس من الأمة إذا أراد أن يشتريها

باب النظر واللمس من الأمة إذا أراد أن يشتريها وإذا أراد الرجل أن يشتري جارية فلا بأس بأن ينظر إلى شعرها وصدرها وساقها وقدمها وثديها وإن اشتهى ذلك. وإنما (¬1) يكره أن ينظر إلى ذلك منها إذا كان إنما ينظر إليه ليشتهي (¬2) بغير شراء. ومَسُّ هذه المواضع منها إذا كان يشتهي إذا مسها أو كان أكبر رأيه على ذلك فإني أكره له مس شيء من هذه المواضع وإن كان يريد الشراء. ولا يشبه النظر في هذا الوجه اللمس. ألا ترى أن النظر لا يُحَرِّم عليه أمَّها ولا ابنتَها (¬3) حتى ينظر إلى الفرج مكشوفاً لشهوة، وأنه لو مس شيئاً من هذه المواضع لشهوة حرمت عليه أمها وابنتها، وحرمت هي على أبيه وابنه (¬4). فصار اللمس في هذه المواضع أشد من النظر. فلذلك رخصنا في النظر وإن اشتهى، وكرهنا في اللمس إن خاف الشهوة أو كان (¬5) عليه أكبر (¬6) رأيه. ... باب المرأة إذا ماتت مع الرجال ولو أن امرأة ماتت مع الرجال لا امرأة معهم غيرها لم ينبغ لهم أن يغسلوها وإن كانوا ذوي رحم محرم (¬7) منها أبوها أو غيره، ولكنهم يُيَمِّمُونها الصعيد. فإن كان (¬8) أبوها أو ابنها أو أخوها أو ذو رحم محرم منها يمّمها (¬9) بالصعيد (¬10)، يضرب بيديه (¬11) الأرض ثم ينفض بهما ويمسح بهما وجهها، ¬

_ (¬1) ق: إنما. (¬2) ك ق: يشتهي. (¬3) ق: بنتها. (¬4) ق: على ابنه وأبيه. (¬5) م - كان. (¬6) م: غلبه أكثر. (¬7) م - محرم. (¬8) م - كان. (¬9) ط: يتيممها. (¬10) م: الصعيد. (¬11) ك م ق: بيده. والتصحيح من ج ر ط.

باب الرجل يموت مع النساء ليس معهن رجل

ثم يضرب بيديه الأرض الثانية ثم ينفضهما كذلك ويمسح يديها إلى المرفقين، ظاهر كفيه وباطنهما في ظاهر الذراعين وباطنهما ليس بين يديه وبين وجهها وذراعيها ويديها شيء. فإن كان الرجال الذين (¬1) معها لا محرم بينهم وبينها فإن أحدهم يضع الثوب على يديه، فيضرب به الأرض ثم ينفضه ويمسح بذلك وجهها، ثم يعود فيضرب بالثوب وهو على يديه (¬2) الأرض، ثم ينفضه ويمسح يديها إلى المرفقين، ويُعْرِض (¬3) بوجهه عن ذراعيها. وكذلك يفعل بها زوجها إن كان معهم؛ لأنها حين ماتت صارت غير زوجته (¬4)، وحل له نكاح أختها، ونكاح ابنتها إن كان لم يدخل بها، ونكاح أربع سواها. قال: بلغنا أن عمر بن الخطاب قال في امرأة له هلكت: نحن كنا أحق بها إذا كانت حية، فأما إذا ماتت فأولياؤها أحق بها (¬5). أفلا ترى أنه لم ير لنفسه فيها حقاً بعد موتها، فكذلك نقول في غسلها والصلاة عليها. ... باب الرجل يموت (¬6) مع النساء ليس معهن رجل (¬7) وإذا مات الرجل مع النساء ذوات (¬8) المحرم منه صنعن به كما وصفت لك من التيمم في ذوات المحرم من الرجل في المرأة. ولو كن لَسْنَ بذوات محرم منه فيُيَمِّمْنَه (¬9) الصعيد كما وصفت لك من وراء الثوب. إلا امرأته خاصة، فإنها تغسله. ثم يصلين عليه. وتقوم المرأة الإمام منهن وسط الصف لا تتقدم الصف كما يتقدم الرجال. ولا تشبه امرأة الرجل في هذا الزوج في غسل امرأته؛ لأن المرأة عليها عدة من زوجها، ¬

_ (¬1) م: الرجل الذي. (¬2) م: على بدنه. (¬3) م: ويعترض. (¬4) م: غير زوجه. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 456، 3/ 43. (¬6) م: إذا مات. (¬7) ق: غيره. (¬8) م: دون. (¬9) م: فيممته.

فهي بمنزلة امرأته حتى تنقضي عدتها، والرجل لا عدة عليه. وقد بلغنا أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أمر أسماء ابنة عميس - رضي الله عنها - أن تغسله فغسلته (¬1). وأمر أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - امرأته (¬2) أن تغسله، فغسلته (¬3). فهذا لا بأس به. فأما أمته أو مدبرته أو مكاتبته أو أم ولده فإنهن لا يغسلنه، ولكنهن ييممنه كما ييممنه النساء (¬4) اللاتي لسن (¬5) بذوات محرم منه (¬6). إلا الأمة خاصة فإنه لا بأس بأن تيممه وإن لم تجعل (¬7) على يديها ثوبًا. فأما أم الولد فإنها تيممه من وراء الثوب وإن كانت عليها عدة؛ لأن عدتها ليست من موته (¬8)، وإنما وجبت عدتها لأنها عتقت بموته فوجبت عليها العدة للعتق. ألا ترى أنه لو أعتقها في مرضه حرمت عليه (¬9) بالعتق، وإن مات وهي في العدة لم تغسله، فكذلك (¬10) هذا إذا مات (¬11) فعتقت حرمت عليه بالعتق (¬12) كما تحرم في الحياة، فليس ينبغي لها بعدما صارت حرة أن تغسله. فكذلك (¬13) امرأته لو فجر بها ابنه من بعد موته أو ارتدت عن الإسلام لم تغسله. وإن رجعت إلى الإسلام بعد ردتها لم تغسله؛ لأنها لو ارتدت في حياته ثم مات وهي في العدة لم تغسله. فكذلك إذا ارتدت بعد موته فصارت في حال لا تغسله لم يحل لها أن تغسله (¬14) بعد إسلامها. وإن ماتت امرأة مع رجال ومعهم غلمان لا يشتهون النساء لصغرهم ولا يجامِع (¬15) مثلهم فلا بأس بأن يعلّموهم الغسل إن ضَبَطُوا، ثم ¬

_ (¬1) رواه الإمام محمد عن الإمام مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أسماء بنت عميس. انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 98. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 455؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 3/ 397. (¬2) م - امرأته. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 456. (¬4) ق: اللا نساء. (¬5) م: ليس. (¬6) م - منه. (¬7) ق: لم يجعل. (¬8) ق: بموته. (¬9) ق: عليهه. (¬10) م: فلذلك. (¬11) ك: إذا ماتت. (¬12) ق: بالتق. (¬13) م: فلذلك. (¬14) ق: يغسله. (¬15) ق: جامع.

باب الشهادة في أمر الدين

يأمروهم (¬1) أن يغسلوا المرأة. وكذلك الجارية الصغيرة التي تموت مع الرجال وهي لا تُشْتَهَى (¬2) مثلها ولم تبلغ أن تجامَع لصغرها فلا بأس أن يغسلها الرجال وإن كانوا غير ذوي محرم منها. وإذا ماتت المرأة مع الرجال ومعهم امرأة من أهل الذمة فلا بأس بأن يعلموها الغسل ثم يخلوا (¬3) بينها وبينها حتى تغسلها (¬4). وكذلك الرجل يموت مع النساء ومعهن رجل من أهل الذمة فلا بأس بأن يعلمنه الغسل ثم يخلين بينه وبينه حتى يغسله (¬5). وكذلك إذا مات رجل مع النساء ومعهن صبيان صغائر (¬6) من الجواري لم يبلغن أن يشتهين ولا يجامع مثلهن فلا (¬7) بأس بأن تصف (¬8) النساء لهن الغسل إن ضبطنه (¬9)، ثم يخلين بينهن بينه حتى يغسلنه (¬10). والخَصيّ والمعتوه في ذلك سواء كله بمنزلة الرجل الكبير الصحيح الفحل في جميع (¬11) ما وصفت لك. وكذلك الرتقاء والمعتوهة (¬12) هي بمنزلة غيرها من النساء في جميع ما وصفت لك. ... باب الشهادة في أمر الدين وقال محمد بن الحسن: إذا حضر رجل مسافر يريد الصلاة فلم يجد ¬

_ (¬1) م: ثم يأمرهم. (¬2) م ق: لا يشتهى. (¬3) ق: يحلو. (¬4) ق: يغسلها. (¬5) ق: تغسله. (¬6) م: صغار. وصغائر جمع صغيرة. ويقال للأنثى صبي وصبية. انظر: لسان العرب، "صبي". فيجوز الجمع على صبيان للذكور والإناث. (¬7) م: ولا. (¬8) ق: يصف. (¬9) ق: ان ضبطته. (¬10) ق: تغسلنه. (¬11) م: وجميع. (¬12) ق: والمعتوه.

ماء إلا ماء في إناء أخبره رجل أنه قذر أو قال (¬1): بال (¬2) فيه صبي، أو وقع فيه دم أو عذرة أو غير ذلك مما ينجسه، فإنه ينبغي للرجل أن ينظر في حال الرجل الذي أخبره: فإن كان يعرفه وكان عنده عدلاً مسلماً رضًا لم يتوضأ بذلك الماء وتيمم وصلى. وكذلك إن كان الرجل عبداً أو كانت امرأة حرة مسلمة أو أمة بعد أن تكون عدلاً ثقة فيما قالت. فإن كانت (¬3) غير ثقة أو كان لا يدري الذي أخبره (¬4) ثقة أو غير ثقة فإنه ينظر في ذلك: فإن كان أكبر رأيه وظنه أنه صادق فيما قال تيمم أيضاً ولم يتوضأ به. فإن أهراق الماء ثم تيمم بعد ذلك وأخذ (¬5) في ذلك بالثقة فهو أفضل. وإن كان أكبر رأيه أن الذي أخبره بذلك كاذب توضأ ولم يلتفت إلى قوله، وصلى وأجزاه ذلك، ولا تيمم عليه. ألا ترى أن عمر - رضي الله عنه - حين ورد (¬6) حياضَ ماءِ حَيِّ (¬7) فقال عمرو بن العاص لرجل من أهل الماء: أخبرنا عن السباع أترد ماءكم هذا؟ فقال عمر: لا تخبرنا عن شيء (¬8). ألا ترى أن عمر قد كره (¬9) أن يخبره. ولو أنه لم يعد خبره خبراً ما نهاه عن ذلك. فإن كان (¬10) ذلك الذي أخبره بنجاسة الماء في الإناء رجلاً من أهل الذمة لم يصدق بقوله. وإن وقع في قلب الذي قيل له أنه صادق فإنه أحب إلي أن يهرق الماء ثم يتيمم ويصلي. وإن توضأ ولم يهرق أجزاه. وأحب إلي إذا وقع في قلبه أنه صادق أن يتيمم مع ذلك ويصلي. وإن كان أكبر رأيه أنه ¬

_ (¬1) ق - قال. (¬2) ك - بال، صح هـ. (¬3) ك: فإن كان. (¬4) جميع النسخ وط: أو كان الذي لا يدري أخبره. ولعل الناسخ سها فقدم وأخر في العبارة. وعبارة الحاكم: أو كان لا يدري أنه ثقة أو غير ثقة. انظر: الكافي، 1/ 124 ظ. (¬5) م: أخذ. (¬6) ق + ما. (¬7) جميع النسخ وط: حيا. (¬8) رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 1/ 265. وانظر: الموطأ، الطهارة، 14؛ والمصنف لعبد الرزاق، 1/ 76. (¬9) م ق: فذكره. (¬10) م - كان.

كاذب توضأ به ولم يلتفت إلى قوله. وإن توضأ وصلى في الوجهين جميعاً ولم يتيمم أجزاه ذلك؛ لأن هذا شيء من أمر الدين، ولا تقوم الحجة فيه إلا بمسلم. ولكن ليفعل الذي ذكرت لك، فإنه أفضل. وكذلك (¬1) الصبي الذي لم يبلغ إذا عقل ما يقول، والمعتوه إذا عقل ما يقول (¬2). ولو أن رجلاً دخل على قوم من المسلمين يأكلون طعاماً ويشربون شراباً لهم فدعوه إليه فقال له رجل مسلم ثقة قد عرفه بذلك: إن هذا اللحم الذي يأكلونه ذبيحة مجوسي أو خالطه لحم الخنزير، وهذا الشراب الذي يشربونه (¬3) قد خالطه الخمر، فقال الذين (¬4) دعوه إلى ذلك: ليس الأمر كما قال، وأخبروه أنه حلال وبينوا له الأمر على وجهه وأن الأمر كما ذكروا له، فإنه ينظر في حالهم: فإن كانوا عدولاً ثقات يعرفهم بذلك لم يلتفت إلى قول الرجل الواحد وأخذ بقولهم. وإن كانوا عنده غير عدول متهمين على ذلك أخذ بقوله ولم يسعه أن يقرب شيئاً من ذلك. والرجل المسلم إذا كان عدلاً ثقةٌ حجة في هذا، وكذا المرأة الحرة والأمة والعبد. فإن كان القوم غير ثقات إلا رجلين منهم فإنهما ثقتان، وهما فيمن أخبراه بخلاف ما قال الرجل الواحد، أخذ بقولهما وترك قوله. وان كان رجل واحد منهم ثقة نظر فيما أخبره به الرجلان مما اختلفا فيه: فإن كان أكبر ظنه أن الذي زعم أنه حرام صادق أخذ (¬5) بقوله. وإن كان لا رأي له في ذلك وقد استوت الحالان عنده فلا بأس بأن (¬6) يأكل ذلك ويشربه. والوضوء بمنزلته في جميع ما وصفت لك إذا اختلفا فيه. فإن كان الذي أخبره به أنه حلال رجلين ثقتين إلا (¬7) أنهما مملوكان وكان الذي زعم أنه حرام رجلاً واحداً حراً فلا بأس بأكله. وإن كان الذي زعم أنه حرام (¬8) رجلين مملوكين ثقتين والذي زعم أنه حلال رجلاً واحداً حراً ثقة لم ينبغ له ¬

_ (¬1) م: ولذلك. (¬2) ك - والمعتوه إذا عقل ما يقول، صح هـ. (¬3) ك: تشربونه. (¬4) م: الذي. (¬5) م: وأخذ. (¬6) م: أن. (¬7) ك - إلا، صح هـ. (¬8) ق - حرام.

أن يأكله. وكذلك لو أخبره بأحد (¬1) الأمرين عبد (¬2) ثقة والذي أخبره بالأمر الآخر رجل حر ثقة نظر إلى أكبر ظنه في ذلك فلزمه، ولم يلتفت إلى غير ذلك. فإن كان الذي أخبره بأحد الأمرين رجلين حرين ثقتين وكان الذي أخبره بالأمر الآخر رجلين مملوكين ثقتين أخذ بقول الرجلين الحرين وترك قول المملوكين؛ لأنهما في الحجة بمنزلة المملوكين، وشهادتهما تقطع في الحكم، فهما أولى أن تقبل شهادتهما إذا كانا حرين من غيرهما. ألا ترى أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - شهد عنده (¬3) المغيرة بن شعبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى الجدة أم الأم السدس، فقال: ائت بشاهد آخر، فجاء بمحمد (¬4) بن مسلمة، فشهد على مثل شهادته، فأعطى أبو بكر الجدة السدس (¬5). وهذا شيء من أمر الدين. وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شهد عنده أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (¬6): "إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع"، فقال: ائت معك بشاهد على ذلك (¬7). فهذا أفضل في الاحتياط، والواحد مجزي. ألا ترى أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما قال له ذلك إلا ليحتاط لغيره. ولو لم يأت بشاهد غيره لَقَبِلَ (¬8) شهادته؛ لأنه قد قبل شهادة عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه - في مثل ذلك، شهد (¬9) عنده وحده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذُكِرَ عنده (¬10) المجوس، فقال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" (¬11)، في أخذ الخراج. فأجاز عمر قوله وحده. وأجاز ¬

_ (¬1) ق + الا امر. (¬2) م: عند. (¬3) م: عند. (¬4) م: محمد. (¬5) الموطأ، الفرائض، 4؛ وسنن ابن ماجة، الفرائض، 4؛ وسنن أبي داود، الفرائض، 5؛ وسنن الترمذي، الفرائض، 10. ورواه الإمام محمد عن الإمام مالك. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 125. (¬6) م ق - قال. (¬7) صحيح البخاري، البيوع، 9؛ وصحيح مسلم، الآداب، 33. (¬8) ك: نقبل؛ ر ق: يقبل؛ م: فقبل؛ ط: تقبل. وفي ج مهملة الأول. (¬9) م: فشهد. (¬10) م: عبده. (¬11) الموطأ، الزكاة، 42؛ وصحيح البخاري، الجزية، 1؛ وسنن أبي داود، الخراج، 31؛ وسنن الترمذي، السير، 31.

قول عبدالرحمن بن عوف في الطاعون حين أراد أن يدخل إلى الشام وكان بها الطاعون، فاستشار عمر في الدخول، فأشار إليه بعض المهاجرين بالدخول، وقال له أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين، أنفر من قدر الله؟ فقال له قوم من أهل مكة: لا تدخل. فجاء عبدالرحمن بن عوف فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا وقع هذا الرجس بأرض فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً (¬1) منها" (¬2). وأخذ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بقوله. وحديث آخر، أراد عمر بن الخطاب أن لا يورّث المرأة من دية زوجها شيئصا حتى شهد له الضحاك بن سفيان أنه أتاه كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يورّث امرأة أَشْيَم الضِّبَابي (¬3) من دية زوجها أشيم (¬4)، فأخذ بقوله. وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دحية الكلبي وحده إلى قيصر ملك الروم بكتابه يدعوه (¬5) إلى الإسلام، فكان حجة عليه (¬6). وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: كنت إذا لم أسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحدثني (¬7) به غيره استحلفته على ذلك، وحدثني به أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، وصدق أبو بكر (¬8). فكل هذا قد قبل (¬9) فيه (¬10) ¬

_ (¬1) ك ق - فرارا. (¬2) رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 488. وانظر: صحيح البخاري، الطب، 30؛ وصحيح مسلم، السلام، 98. (¬3) ك ق: الضيابي. (¬4) الموطأ، العقول، 9؛ وسنن ابن ماجة، الديات، 12؛ وسنن أبي داود، الفرائض، 18؛ وسنن الترمذي، الديات، 18. وقد رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 19. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 352. (¬5) م: فدعوه. (¬6) صحيح البخاري، بدء الوحي، 6؛ وصحيح مسلم، الجهاد، 74. (¬7) م: يحدثني. (¬8) مسند أحمد، 1/ 2، 10؛ وسنن ابن ماجة، إقامة الصلاة، 193؛ وسنن أبي داود، الوتر، 26؛ وسنن الترمذي، الصلاة، 181؛ وصحيح ابن حبان، 2/ 390. (¬9) م: قد قيل. (¬10) جميع النسخ وط: منه.

شهادة رجل مسلم. وبلغنا أن نفراً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم (¬1) أبو طلحة كانوا يشربون شراباً لهم من الفَضِيخ (¬2)، فأتاهم آت فأخبرهم أن الخمر قد (¬3) حرمت، فقال أبو طلحة: يا أنس، قم إلى هذه الجِرَار فاكسرها، فقمت إليها فكسرتها حتى أُهْرِيقَ (¬4) ما فيها (¬5). والحجج في هذا كثير (¬6). محمد قال: أخبرنا حازم بن إبراهيم البجلي عن سماك بن حرب عن عكرمة مولى ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل شهادة أعرابي وحده على رؤية هلال شهر رمضان، قدم المدينة فأخبرهم أنه قد رآه، فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصوموا بشهادته (¬7). محمد قال: أخبرنا وكيع عن سفيان الثوري عن سماك بن حرب عن عكرمة أن أعرابياً شهد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في رؤية الهلال، فقال: "تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ " فقال: نعم، فأمر الناس فصاموا. فهذا مما يدلك على أن (¬8) شهادة الواحد في الدين جائزة. ولا يقبل على هلال الفطر أقل من شهادة رجلين حرين أو شهادة (¬9) رجل وامرأتين؛ لأن هلال الفطر وإن كان من أمر الدين ففيه ¬

_ (¬1) م: فمنهم. (¬2) الفضيخ شراب مسكر يتخذ من البسر. انظر: المغرب، "فضخ". (¬3) م - قد. (¬4) جميع النسخ وط: حتى اهراق. والصواب "حتى هُرِيق أو أُهْرِيق". انظر: المغرب، "هرق". (¬5) رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر الموطأ برواية محمد، 3/ 115. وانظر: صحيح البخاري، أخبار الآحاد، 1؛ وصحيح مسلم، الأشربة، 3 - 5. (¬6) ط: كثيرة. ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف النسخ. و"كثير" يستعمل للمذكر والمؤنث فيقال رجال كثير ونساء كثير. انظر: لسان العرب، "كثر". (¬7) سنن أبي داود، الصوم، 14؛ وسنن الترمذي، الصوم، 7؛ وسنن النسائي، الصيام، 8؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 443. (¬8) م - أن. (¬9) ك ق - شهادة.

باب الشهادة في الرضاع

بعض المنفعة بفطر الناس وتركهم الصوم، فذلك يجري مجرى الحكم، ولا يقبل فيه من الشهادة إلا ما يقبل في الأحكام. ولا يقبل في هلال شهر (¬1) رمضان قول مسلم ولا مسلمين إذا كانوا ممن لا تجوز (¬2) شهادته وممن يتهم. فأما عبد ثقة مسلم أو امرأة مسلمة ثقة حرة أو أمة أو رجل مسلم ثقة إلا أنه محدود في قذف فشهادته في ذلك جائزة. وإن كان الذي شهد بذلك في المصر ولا علة في السماء فشهد على ذلك لم تقبل (¬3) شهادته؛ لأن الذي يقع في القلب من ذلك أنه باطل. فإن كان في السماء علة من سحاب فأخبره أنه رآه من خلل السحاب، أو جاء من مكان آخر فأخبره بذلك وهو ثقة، فينبغي للمسلمين أن يصوموا بشهادته. ... باب الشهادة في الرضاع وإذا تزوج الرجل المرأة فجاءت امرأة مسلمة ثقة أو جاء رجل مسلم حر ثقة فأخبره أنهما أُرْضِعا من لبن امرأة واحدة فأَحَبُّ إليّ أن (¬4) يتنزه عنها ويطلقها. ويعطيها نصف الصداق إن لم يكن دخل بها، والصداقَ كلَّه إن كان دخل بها (¬5). وأَحَبُّ إليّ لها أن لا تأخذ منه صداقًا وأن تتنزه منه إن كان لم يدخل بها. وإن أقاما على نكاحهما لم يحرم ذلك عليهما (¬6)، ولكن الأفضل أن يتنزها عن ذلك. وكذلك الرجل يشتري الجارية فيخبره رجل عدل ثقة أنها حرة الأبوين أو أنها (¬7) أخته من الرضاعة فإن تنزه عن وطئها فهو أفضل، وإن لم يفعل فذلك له واسع. ¬

_ (¬1) م - شهر. (¬2) ق: لا يجوز. (¬3) ق: لم يقبل. (¬4) ق: أ. (¬5) ق - بها. (¬6) جميع النسخ وط: عليها. (¬7) م: وأنها.

محمد قال: أخبرنا عمر بن سعيد (¬1) بن أبي الحسين (¬2) عن ابن أبي مليكة أن عقبة بن الحارث تزوج ابنة أبي إهاب التميمي، فجاءت امرأة سوداء (¬3) فأخبرته أنها أرضعتهما جميعاً. فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بذلك. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف وقد قيل" (¬4). قال محمد: فلو كان هذا حراماً لفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما، ولكنه أحب أن يتنزه بقوله: "كيف وقد قيل". محمد قال: أخبرنا محمد (¬5) عن أبي كُدَيْنَة (¬6) البَجَلِي عن الحجاج بن أرطأة عن عكرمة بن خالد المخزومي قال: قال عمر بن الخطاب: لا يقبل على الرضاع أقل من شاهدين (¬7). قال محمد: فبهذا نأخذ. فإن قال قائل: فمن أين افترق هذا وما وصفت قبله من الوضوء والطعام والشراب؟ قيل له: لا يشبه هذا الوضوء والطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب ¬

_ (¬1) جميع النسخ: محمد بن أبي سعيد. والتصحيح من ط ومن مصادر الحديث. انظر: الحاشية التالية. (¬2) ك م: حسين. (¬3) ق: سود. (¬4) م ق + كيف وقد قيل. صحيح البخاري، العلم، 26؛ وسنن أبي داود، الأقضية، 18؛ وسنن الترمذي، الرضاع، 4؛ وسنن النسائي، النكاح، 57. (¬5) كذا في جميع النسخ وط "أخبرنا محمد". ولعله مزيد سهواً من الناسخين. وقد أشار إلى ذلك الأفغاني مبيناً أن الإمام محمداً يروي عن أبي كدينة بلا واسطة. وهو يحى بن المهلب أبو كُدَيْنَة الكوفي، ثقة. انظر: تهذيب التهذيب، 11/ 252. (¬6) م: أبي كدنة. (¬7) روي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أُتِيَ في امرأة شهدت على رجل وامرأته أنها أرضعتهما، فقال: لا، حتى يشهد رجلان أو رجل وامرأتان. انظر: كتاب السنن لسعيد بن منصور، 1/ 283؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 7/ 463. وروي أن عمر - رضي الله عنه - لم يأخذ بشهادة امرأة في رضاع. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 7/ 484؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 498. وروي عن علي - رضي الله عنه - مثله. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 498.

والوضوء يحل بغير ملك يملكه (¬1) صاحبه. ألا ترى أن رجلاً لو قال لرجل: كل طعامي هذا، أو توضأ بمائي هذا، أو اشرب شرابي هذا، وسعه أن يفعل ذلك بغير بيع ولا هبة ولا صدقة. ولو أن رجلاً قال لرجل: طَأْ جاريتي هذه، فقد أذنت لك في ذلك، أو قالت له امرأة حرة مسلمة: قد أذنت لك في وطئي، لم يحل له الوطء بإذنها حتى يتزوج الحرة أو يشتري الأمة أو توهب له أو يُتَصَدَّق (¬2) بها عليه. أفلا ترى أن الفرج لا يحل له إلا بتزوج أو بملك (¬3) المملوكة، فلا ينقض النكاح ولا الشراء ولا الهبة ولا الصدقة بقول رجل واحد ولا بقول امرأة واحدة. فإذا كان النكاح والملك لا يُنْقَضَان بذلك وإنما حَلّ الفرج بهما ولولاهما ما حَلّ الفرج والفرجُ على حاله حتى ينتقض الذي به حل الفرج ولا ينتقض إلا بشهادة رجلين عدلين أو بشهادة رجل وامرأتين فكذلك (¬4) لا يحرم الفرج إلا بما ينتقض به النكاح والملك. وكذلك كل أمر لا يحل إلا بملك أو نكاح فإنه لا يحرم بشيء حتى ينتقض النكاح والملك. ولا يكون الرجل الواحد المسلم ولا المرأة في ذلك حجة؛ لأنه إنما حل من وجه الحكم، ولا يحرم إلا من الوجه الذي حل به منه. ألا ترى أن عقدة النكاح وعقدة الملك لا ينقضهما في الحكم إلا رجلان أو رجل وامرأتان. فإن كان الذي يحل بذلك لا يحل إلا به لى يحرم حتى ينتقض الذي به حل (¬5). وكل أمر يحل بغير نكاح ولا ملك إنما يحل بالإذن فيه فأخبر رجل مسلم ثقة أنه حرام فهو عندنا حجة في ذلك، ولا ينبغي أن يؤكل ولا يشرب ولا يتوضأ منه. ولو أن رجلاً مسلماً اشترى لحماً فلما قبضه أخبره رجل مسلم ثقة أنه ذبيحة مجوسي لم ينبغ له أن يأكله ولا يطعمه غيره. ولا ينبغي له أن يرده على صاحبه، ولا يستحل منع البائع ثمنه؛ لأن نقض الملك فيه لا يجوز ¬

_ (¬1) م ق: يملك. (¬2) جميع النسخ وط: أو يصدق. (¬3) م: أو يملك. (¬4) م: فلذلك. "فكذلك" جواب قوله: "فإذا كان النكاح". (¬5) م: حل به.

بقول واحد، ومنع الثمن (¬1) لا يجوز بقول واحد. ولا ينبغي له أن ينقض (¬2) ملكاً ولا يمنع ثمناً بقول رجل واحد. فإن قال قائل: كيف كرهت له أكله أو بيعه وإنما حل بالملك كما حلت الجارية بالشراء؟ قيل له: إن حل ملك هذا بالإذن في أكله وشربه والوضوء به فليس (¬3) بالملك حل ذلك منه. ألا ترى أن صاحبه لو أذن في ذلك بغير بيع حل له ما لم يعلم أنه حرام، فلما ملكه كان كأنه أذن له فيه. ولا يشبه هذا ما لا يحل إلا بالنكاح والملك. ألا ترى أن الذي اشتراه لو قال له رجل مسلم ثقة قبل أن يشتريه: إنه ذبيحة مجوسي، وقد أذن له صاحبه في أكله لم يحل له أن يأكله. فإن اشتراه كان على الحال التي كان عليها قبل الشراء فلا ينبغي له أن يأكله ولا يطعمه، لأنه قد كان مكروهًا له أن يأكله قبل الشراء وقد أذن له فيه، فكذلك (¬4) يكره ذلك له بعد ملكه إياه. وكذلك الميراث والوصية في جميع ما وصفت لك بمنزلة الشراء والهبة والصدقة والوطء والأكل والشرب وغير ذلك. ولو أن رجلاً اشترى من رجل طعاماً أو اشترى جارية وقبض ذلك، أو ورث ذلك ميراثاً أو أوصى (¬5) له به أو وهب له أو تصدق به عليه، فأتاه رجل مسلم ثقة فشهد عنده أن هذا لفلان ابن فلان، غصبه منه البائع أو الميت أو المتصدق أو الواهب، فأَحَبُّ إلينا أن يتنزه عن أكله وشربه والوضوء منه ولباسه ووطء الجارية. وإن لم يتنزه عن شيء من ذلك كان في سعة، وكان التنزه أفضل. وكذلك لو أن طعاماً أو شراباً أو وَضوء في يد رجل أذن له فيه صاحبه وأخبره أنه له، فقال له رجل آخر مسلم ثقة: إن هذا ¬

_ (¬1) م: اليمين. (¬2) ك ن: أن. ينتقض. (¬3) ق: ليس. (¬4) م: فلذلك. (¬5) م: أو وصى.

الذي في يده هذا (¬1) الطعام والشراب والوَضوء غصبه من رجل وأخذه (¬2) منه ظلماً، وإن الذي في يده ذلك يكذبه ويزعم أنه له وهو متهم غير ثقة، فأَحَبُّ إلينا أن يتنزه عن ذلك الذي أذن له فيه. وان أكل أو شرب أو توضأ كان في سعة من ذلك. وإن لم يجد وضوء غيره فهو في سعة إن (¬3) توضأ ولم يتيمم. ولا يشبه هذا في الطعام والشراب والوَضوء الذي وصفت لك قبله من ذبيحة المجوسي ومن الشراب الذي خالطه الخمر ومن الوَضوء الذي خالطه القذر؛ لأن هذا إنما ذكر (¬4) الشاهد أنه مغصوب، ولم يذكر أنه حرام من قبل نفسه، إنما ذكر أنه حرام لأن الذي كان في يديه لا يملكه، وهو عندنا في الحكم (¬5) للذي هو في يده حتى يقوم (¬6) شاهدا عدل أنه لغيره. فإذا حكمنا بأنه للذي في يده حل أكله وشربه والوضوء منه. وإن الذي ذكرت لك من (¬7) ذبيحة المجوسي والشراب إنما أخبر عنه الرجل المسلم الثقة أنه حرم من قبل نفسه لما خالطه من الحرام. وهذا يبين لك أن ما كان من أمر الدين الواحد فيه حجة. وأَخْذُه الطعام والشراب والوَضوء من يدي الذي هو في يديه حتى يصير لغيره حُكْمٌ، ولا ينبغي أن يحكم بشهادة (¬8) واحد وإن كان عدلا. ولو أن رجلاً مسلماً شهد عند رجل بأن هذه الجارية التي في يد فلان المقرة بالرق أمة لفلان غصبها منه، والذي هي (¬9) في يده يجحد ذلك، وهو غير مأمون على ما ذكر منه، فأَحَبُّ إلي أن لا يشتريها، وإن اشتراها ووطئها فهو في سعة من ذلك. ولو أخبره بأنها حرة الأصل حرة الأبوين أو أنها كانت أمة لفلان الذي في يده فأعتقها، والذي أخبره بذلك رجل مسلم ثقة، فأَحَبُّ إلي له أن يتنزه عن ذلك، ولا يشتريها ولا يطأها. فإن اشتراها ووطئها فهو في سعة من ذلك، إلا أنه أحب إلي أن لا يفعل. ¬

_ (¬1) ق - الذي في يده هذا. (¬2) ق: واحد. (¬3) جميع النسخ وط: وإن. وانظر: المبسوط، 10/ 171 - 172. (¬4) ق: ذكرنا. (¬5) م: في الحلم. (¬6) ق: يقيم. (¬7) ق - من. (¬8) ق: بشادة. (¬9) م - هي.

باب الرجل يبيع جاريته ويعلم المشتري أنها لفلان

فإن قال قائل: كيف جاز هذا وقد وصف الشاهد أنها حرمت من قبل نفسها [و] قيل: فكيف لم يشبه هذا الطعام والشراب والوضوء الذي حرم من قبل نفسه؟ قيل له (¬1): إنما هذا بمنزلة النكاح الذي يشهد فيه بالرضاع؛ لأنه لا يحل الوطء إلا بملك، ولا يشبه هذا الطعام والشراب والوَضوء الذي يحل بالإذن فيه دون الملك الذي حرم من قبل نفسه. ... باب الرجل يبيع جاريته ويعلم المشتري أنها (¬2) لفلان قال محمد: إذا كانت الجارية لرجل فأخذها رجل آخر فأراد بيعها، فليس ينبغي لمن علم أنها كانت لذلك الرجل أن يشتريها حتى يعلم أنها قد خرجت من ملكه إلى الذي هي في يده (¬3) بشراء أو هبة أو صدقة، أو يعلم أنه قد وكله ببيعها. وإذا علم ذلك فلا بأس بأن يشتريها منه. فإن قال الذي هي في يده: إني قد اشتريتها (¬4) أو وُهِبتُها (¬5) أو تُصدق علي بها أو وكلني ببيعها، فإن كان الرجل القائل ذلك عدلاً مسلماً ثقة فلا بأس بأن يصدقه بذلك ويشتريها منه. وكذلك إن كان (¬6) أراد أن يهبها له أو يتصدق بها عليه فلا بأس بأن يقبلها منه. فإذا اشتراها حل (¬7) له وطؤها إن أحب. وكذلك إن كان الذي أتاه به طعاماً أو شراباً أو ثياباً قد علم أنها كانت لغيره فأخبره ببعض ما وصفت، فلا بأس بأخذ ذلك منه وأكله وشربه. فإن كان الذي أتاه به غير ثقة فإنه ينظر في ذلك: فإن كان أكبر رأيه أنه صادق ¬

_ (¬1) م - له. (¬2) ق + أمة. (¬3) ك ق: في يديه. (¬4) م: قد شريتها. (¬5) ق: أو هبتها. (¬6) ك - كان، صح هـ. (¬7) م: رجل.

فيما قال فلا بأس أيضاً بشراء ذلك ووطئ الجارية وأكل ذلك وشربه ولباسه وقبوله منه بالهبة والصدقة. وإن كان أكبر رأيه وظنه أنه كاذب فيما قال فليس ينبغي له أن يعرض (¬1) لشيء من ذلك. وكذلك لو لم يعلم أن ذلك الشيء لغير الذي هو في يده حتى أخبره الذي في يده بأنه لغيره وأنه قد (¬2) وكله ببيعه أو وهب له أو تصدق به عليه أو اشتراه منه. فإن كان عدلاً مسلماً ثقة صدقه بما قال، وإن كان عنده غير ثقة: فإن كان أكبر (¬3) رأيه وظنه (¬4) أنه صادق فيما قال فلا بأس بالقبول في ذلك منه وشراه، وإن كان أكبر رأيه (¬5) أنه كاذب فيما قال لم يقبل ذلك منه ولم يشتر (¬6) شيئاً من ذلك منه. وإن كان لم يخبره أن ذلك الشيء لغيره فلا بأس بشراء ذلك منه- وإن كان غير ثقة - وقبولِه منه ما لم يعلم الذي اشتراه وقيل (¬7) له: إنه لغيره (¬8)، إلا أن يكون مثله لا يملك مثل ذلك ولا يكون له، فأَحَبُّ إلي أن يتنزه عن ذلك ولا يَعْرِض له بالشراء ولا قبول صدقة ولا هبة. فإن اشترى وقبل وهو لا يعلم أنه لغيره وأخبره أنه له رجوت أن يكون في سعة من شراه وقبوله، والتنزه أفضل. وإن كان الذي أتاه بذلك رجلاً حراً أو امرأة حرة فهو بمنزلة ما ذكرت لك في جميع ما ذكرت لك. وإن كان الذي أتاه بذلك (¬9) عبداً أو أمة فليس ينبغي له أن يشتري منه (¬10) شيئاً، ولا يقبل منه هبة ولا صدقة حتى يسأله عن ذلك. وإن ذكر له أن مولاه قد أذن له في بيعه وفي صدقته وفي هبته، فإن كان ثقة مأمونًا فلا بأس بأن يشتري ذلك منه وقبوله. فإن كان غير ذلك فهو على ما وقع في قلبه من تصديقه وتكذيبه: إن كان أكبر ظنه أنه صادق ¬

_ (¬1) م - منه بالهبة والصدقة وإن كان أكبر رأيه وظنه أنه كاذب فيما قال فليس ينبغي له أن يعرض. (¬2) ك ق - قد. (¬3) م: أكثر. (¬4) ق: وطبه. (¬5) م: أكثر ظنه. (¬6) م: ولم يشتري. (¬7) ك ق: أو قيل. (¬8) ق + وإن كان غير ثقة. (¬9) ك ق - بذلك. (¬10) ك - منه.

فيما قال صدقه بقوله، وإن كان أكبر ظنه أنه كاذب بما قال لم يَنْبَغِ له أن يَعْرِضَ في شيء من ذلك. وكذلك الغلام الذي لم يبلغ والجارية التي لم تبلغ حراً كان أو مملوكاً، فإنه ينظر فيما أتاه من ذلك وفيما أخبره هل أذن له في بيعه وصدقته وهبته وشراه: فإن كان أكبر رأيه أنه صادق فيما قال صدقه وباعه واشترى منه وقبل هبته وصدقته، وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب فيما قال لم ينبغ له أن يقبل من ذلك شيئاً. وإنما يصدق الصغير والصغيرة من الأحرار إذا قالا: بعث بها (¬1) إليك فلان (¬2) وأمرنا أن نتصدق به عليك أو نهبه لك. فإن قالا: المال مالنا، قد أذن لنا أبونا أن نتصدق به عليك أو نهبه لك، لم ينبغ له أن يأخذه؛ لأن أمر (¬3) الوالد (¬4) عليهما في هذا لا يجوز. ألا ترى أن جارية لرجل أو غلاماً صغيراً أو كبيراً لو أتيا رجلاً بهدية فقالا (¬5) له: بعث بهذه إليك مولانا، نظر فيما أتيا به: فان كان أكبر رأيه أنهما قد صدقا صدقهما بما قالا، صان كان أكبر رأيه أنهما كذبا فيما قالا لم يقبل من ذلك شيئاً. وإنما هذا على ما يقع في القلب من التصديق والتكذيب. أولا ترى أن رجلاً محتاجاً لو أتاه عبد (¬6) أو أمة لرجل صغيرين أو كبيرين بدراهم فقالا له: إن مولانا بعث به إليك صدقة، نظر فيما أتيا به: فإن وقع في قلبه أنهما صادقان وكان على ذلك أكبر ظنه فلا بأس بقبول ذلك، وإن كان أكبر ظنه أنهما كاذبان لم يقبل من ذلك شيئاً. فإنما هذا ونحوه على ما يقع في القلوب من التصديق والتكذيب. ولو أن رجلاً علم أن جارية لرجل يدعيها، فرآها في يد رجل يبيعها، فقال: إني قد علمت أنها كانت لفلان يدعيها، وهي في يده (¬7)، فقال الذي في يده: قد كانت كما ذكرت في يديه يدعيها أنها له وكانت مقرة له بالرق، ¬

_ (¬1) ق - بها. (¬2) ق: فلا إليك. (¬3) م: أم. (¬4) ق: الولد. (¬5) ق: فقال. (¬6) م: عبدا. (¬7) ك ق: في يديه.

ولكنها كانت لي، وإنما أمرتها بذلك لأمرٍ خِفْتُه، وصدقته الجارية بما قال، والرجل ثقة مسلم، فلا بأس بشرائها منه. وإن كان عنده كاذباً فيما قال لم ينبغ له أن يشتريها منه ولا يقبضها صدقة ولا هبة (¬1). ولو لم يقل له هذا القول الذي وصفت لك ولكنه قال: ظلمني وغصبني فأخذتها منه، لم ينبغ (¬2) له أن يعرض لها بشِرًى ولا هبة ولا صدقة، إن كان (¬3) الذي أخبره بذلك ثقة أو غير ثقة. وإن قال له: إنه كان ظلمني وغصبني ثم إنه رجع عن ظلمه فأقر بها لي ودفعها إلي، فإن كان عنده ثقة مأموناً فلا بأس بأن يقبل قوله، ويشتريها إن أحب، ويقبلها هبة أو صدقة. صان قال: لم يقر بها لي ولكن خاصمتُه إلى القاضي فأقمتُ عليه بينة فقضى القاضي عليه بذلك لي، أو استحلفه (¬4) فأبى اليمين فقضى عليه بها، فهذا والأول سواء: إن كان عنده ثقة مأموناً صدقه بما قال، صان كان عنده غير ثقة وكان أكبر رأيه أنه صادق فلا بأس بشرائها منه، وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب لم ينبغ له أن يشتريها منه. وكذلك لو قال: قضى لي القاضي عليه وأمرني فأخذتها من منزله، أو قال: قضى بها القاضي عليه وأجبره (¬5) فأخذها منه ودفعها إلي، لم أر بأساً أن يصدقه إن كان ثقة مأموناً بها. وإن كان غير ثقة ووقع في قلبه أنه صادق فلا بأس أيضاً بشرائها منه. فإن قال: قضى لي القاضي فأخذتها من منزله بغير إذنه، فهذا والأول سواء. وإن قال: قضى لي بها القاضي فجحدني قضاءه فأخذتها منه، لم ينبغ له أن يشتريها منه، وإنما هذا بمنزلة قوله: اشتريتها منه ونقدته ثمنها (¬6) ثم أخذتها بغير أمره من منزله، فلا بأس بشرائها منه إذا كان عنده صادقاً في قوله. فإن قال: اشتريتها منه ونقدته الثمن فجحدني الشراء فأخذتها من منزله بغير أمره، فهذا لا ينبغي له (¬7) أن يشتريها (¬8) منه. فصار الشراء الذي ادعى في هذا الوجه بمنزلة ادعائه قضاء القاضي في جحوده القضاء وغير جحوده. ولو قال: اشتريتها من ¬

_ (¬1) م: أو هبة. (¬2) م: ولم ينبغ. (¬3) جميع النسخ وط: وإن كان. (¬4) ك ق: أو استحلفته. (¬5) م ق: وأخبره. (¬6) ق: يمنها. (¬7) م - له. (¬8) م: بأن يشتريها.

فلان وقبضتها بأمره ونقدته الثمن، وكان عنده الذي قال له ذلك ثقة مأموناً، فقال له رجل آخر: إن فلاناً قد جحد هذا الشراء وزعم أنه لم يبع (¬1) هذا شيئأ، والذي قال له أيضاً (¬2) ثقة مأمون، لم يَنْبَغِ له (¬3) أن يَعْرِضَ لشيء منها بشراء ولا صدقة ولا هبة ولا هدية. فإن كان الذي أخبره الخبر الثاني غير ثقة، قد وقع في قلبه أنه صادق، على ذلك أكبر ظنه (¬4)، لم ينبغ له أيضاً أن يقبلها منه بهبة ولا صدقة ولا شراء ولا غير ذلك. فإن كان الذي أخبره الخبر الثاني ليس بثقة وكان أكبر (¬5) رأيه أنه كاذب فيما قال فلا بأس بشرائها منه وقبوله منه الصدقة والهبة والهدية. فإن كانا جميعاً غير ثقة إلا أنه يصدق القائل الثاني بقوله وعلى ذلك أكبر رأيه لم يقبل من ذلك شيء (¬6)؛ لأن هذا شيء من أمر (¬7) الدين، وعليه أمور الناس. فإن قال قائل: لا نقبل هذا إلا بشاهدين عدلين سوى المشتري الذي في يده الجارية، ضاق ذلك على المسلمين. ألا ترى لو أن رجلاً كانت في يده جواري (¬8) وطعام وثياب وقال: أنا مضاربُ فلانٍ دَفَعَ إلي مالاً وأذن لي أن أشتري ما أردت، فاشتريت به هؤلاء الجواري وهذا الطعام وهذا المتاع، أنه لا بأس بشراء ذلك منه ووطء الجارية. أرأيت رجلاً أقر أنه مفاوض لفلان الغائب وأن جميع ما في يده من الرقيق بينه وبين فلان، أفما ينبغي للرجل من المسلمين أن يشتري منه جارية يطؤها أو غلاماً يستخدمه. هذا لا بأس به، وعلى هذا أمر الناس. أرأيت عبداً أتى أفقاً من هذه (¬9) الآفاق فذكر أن مولاه قد (¬10) أذن له في التجارة أما يحل لأحد أن ¬

_ (¬1) م: لم يبلغ. (¬2) ق: ذلك. (¬3) م + لم ينبغ له. (¬4) وعبارة الحاكم: وكذلك إن كان الذي أخبره الخبر الثاني غير ثقة إلا أن يكون أكبر ظنه أنه صادق. انظر: الكافي، 126 و. (¬5) م: أكثر. (¬6) ق: شيئاً. (¬7) م: من أمور. (¬8) ك ق: جوار. (¬9) ك - هذه، صح هـ. (¬10) ك ق - قد.

يشتري منه شيئاً (1) ولا يبيع منه شيئاً حتى يعلم أن مولاه قد أذن له في التجارة. فهذا ضيق لا ينبغي أن يعمل في هذا بما يعمل في الأحكام. قال محمد: وكذلك سمعت أبا حنيفة يقول في العبد المأذون له في التجارة. ولو أن الناس أخذوا في هذا وشبهه بما يؤخذ به في الأحكام فقالوا: لا نجيز من هذا شيئاً إلا ما يجوز في الأحكام بشاهدي عدل سوى ذلك الذي في يده، ضاق هذا على الناس، ولم يشتر رجل شيئاً من مضارب ولا من شريك ولا من وكيل حتى يشهد شاهدا عدل بالشركة والمضاربة والوكالة، ولم ينبغ له أن يقبل جائزة من ذي سلطان ولا هدية من أخ ولا من ولد ولا من ذي رحم محرم حتى يشهد عنده بذلك شاهدا عدل على مقالة الواهب والمجيز والمتصدق. وهذا قبيح ضيق ليس عليه أمر الناس. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم أن عاملاً لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أهدى إليه جارية، فسألها: أفارغة أنت أم مشغولة؟ فأخبرته أن لها زوجًا، فكتب إلى عامله: إنك بعثت إلي بها مشغولة (2). أفترى أن علي بن أبي طالب حين أتته الجارية كان مع الرسول شاهدان يشهدان أن فلاناً عاملك أهداها إليك. وقد سألها أيضاً: أفارغة أنت أم مشغولة، فلما أخبرته أن لها زوجًا صدقها بذلك وكف عنها، فلم يسألها غير ذلك. إلا أنها لو أخبرته أنها فارغة لم ير به بأساً بوطئها. فهذا الأمر عندنا في قوله لها. ولو لم تكن عنده مصدقة في ذلك أي القولين قالته لم يسألها عن شيء منه. وإن كان أكبر الرأي والظن لَيجوز فيما (3) هو أكبر من ذلك من الفروج وسفك الدماء (4). ... (1) سقطت ورقة من نسخة ك ابتداء من هنا إلى قوله "إمساكها بشهادة الشاهدين" بعد صفحتين تقريباً، وأشرنا إلى ذلك في الهامش. (2) الآثار للإمام محمد، 81؛ والمصنف لعبد الرزاق، 7/ 281؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 103. (3) ق: فيهما. (4) م + والله أعلم.

باب الرجل يدخل بيته إنسان بسلاح

باب الرجل يدخل بيته إنسان بسلاح ولو أن رجلاً دخل على رجل منزله ومعه السيف فلا يدري صاحب المنزل ما حاله: أهارب هو من اللصوص فألجأوه إلى منزله، أو لص دخل عليه ليقتله ويأخذ ماله (¬1) إن منعه، أو معتوه دخل عليه بسيفه، يظن في ذلك: فإن كان أكبر رأيه أنه لص دخل عليه يريد ماله ونفسه وخاف إن زجره أو صاح أن يبادره الضربة فيقتله فلا بأس أن يشد عليه صاحب البيت بالسيف فيقتله. وإن كان أكبر رأيه أنه هرب من قوم أرادوا قتله وعرف الرجل فإذا هو رجل من أهل الخير لا يتهم بسرقة ولا قتل لم ينبغ له أن يقتله، ولا يعجل على هذا بسفك دمه، بل يدعه على ما يقع عليه رأيه وظنه عرفه أو لم يعرفه. وإذا كانت الجارية في يد رجل يدعي أنه اشتراها وهو ثقة (¬2) مسلم وسع الرجل أن يشتريها منه (¬3) ويقبلها منه هدية وغير ذلك. وإن كان غير ثقة فوقع في قلبه أنه صادق فلا بأس بأن يصدقه. وكذلك لو لم تكن (¬4) الجارية في يده ولكنها كانت في منزل مولاها فقال له: إن مولاها أمرني ببيعها ودفعها إلى من اشتراها، فلا بأس بشرائها منه وقبضها من منزل مولاها، بأمر الذي باعها أو بغير أمره، إذا أوفى الثمن كله، إذا كان الذي باعه ثقة مسلماً، أو كان عنده على غير ذلك، وهو عنده صادق في رأيه وظنه. فإن وقع في قلبه أنه كاذب قبل أن يشتريها أو بعد ما اشتراها قبل أن يقبضها فليس ينبغي له أن يعرض لها حتى يستأمر مولاها في أمرها. وكذلك لو قبضها ووطئها ثم وقع في قلبه أن الذي باعها قد كذب فيما قال وكان عليه أكبر ظنه ورأيه فإنه ينبغي له (¬5) أن يعتزل وطأها حتى يسأل مولاها عن ذلك، أو يأتيه من يخبره مثل خبر الأول ممن يصدقه. فإن أتاه ذلك فلا ¬

_ (¬1) ق: يريد ماله ويقتله. (¬2) م: رجل. (¬3) م - منه. (¬4) ق: لم يكن. (¬5) ق - له.

باب

بأس بوطئها. وهكذا أمر الناس ما لم يجئ التجاحد والتشاجر من الذي كان (¬1) يملك الجارية. فإذا جاء ذلك لم يقربها وردّها عليه، واتبع البائع بالثمن فخاصمه فيه، وينبغي للمشتري أن يدفع إلى مولى الجارية عقرها. فإن كان البائع حين باعه شهد عند المشتري شاهدا عدل أن مولاها قد أمر ببيعها، فاشتراها بقولهما، ونقده الثمن وقبضها، وحضر مولاها فجحد أن يكون أمره، فإن المشتري في سعة من منعه (¬2) الجارية حتى يخاصمه إلى القاضي. فإذا قضى له بها فلا يسعه (¬3) إمساكها بشهادة الشاهدين؛ لأن قضاء القاضي أنفذ من الشهادة التي لم يقض بها. ... باب ولو أن رجلاً تزوج امرأة فلم يدخل بها حتى غاب عنها، فأخبر مخبر أنها قد ارتدت عن الإسلام وبانت منه، وأراد أن يتزوج أربع نسوة: فإن كان الذي أخبره بذلك (¬4) ثقةً مسلماً عبداً أو حراً أو محدوداً في قذف أو غير ذلك وسعه أن يصدقه ويتزوج أربعاً سواها. فإن كان الذي أخبره (¬5) غير ثقة إلا أنه وقع في قلبه أنه صادق وكان على ذلك أكبر رأيه فهذا والأول سواء. وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب فيما قال لم ينبغ له أن يتزوج معها إلا ثلاثاً. وكذلك لو أن رجلاً تزوج جارية صغيرة رضيعة ثم غاب عنها، فأتاه رجل فأخبره أن أمه أو ابنته أو أخته أو ظئره التي أرضعته أرضعت امرأته الصغيرة، وهو يريد أن يتزوج أربعاً سواها، كان هذا والأول الذي وصفت لك من الردة في جميع ما وصفت لك سواء. وإن لم يقل هذا ولكنه قال: ¬

_ (¬1) ق - كان. (¬2) م: من متعه. (¬3) ينتهي هنا السقط من نسخة ك. (¬4) ك: ذلك؛ ق - بذلك. (¬5) ق + ذلك.

كنت تزوجتها يوم تزوجتها وهي أختك من الرضاعة، أو تزوجتها يوم تزوجتها وهي مرتدة عن الإسلام، لم ينبغ له أن يتزوج أربعاً وإن (¬1) كان الذي أخبره بذلك ثقة مسلماً، حتى يشهد عنده شاهدا عدل. فإذا شهد بذلك شاهدا (¬2) عدل وسعه أن يتزوج أربعاً سواها. ولا يشبه هذان الوجهان إذا أخبره عنهما الرجل الواحد الثقة الوجهين الأولين؛ لأن الوجهين الأولين النكاح الذي كان فيهما جائز فيما يزعم الرجل ثم إنه حدث أمر يفسده من ردة (¬3) أو رضاع، فإن كان عنده ثقة فلا بأس بأن يصدقه والوجه الآخر زعم الرجل أن النكاح الذي كان بينهما (¬4) كان فاسداً، فهذا لا يفسده (¬5) شهادة واحد حتى يشهد عليه شاهدان. ألا ترى أن امرأة لو غاب عنها زوجها فأتاها (¬6) رجل مسلم عدل ثقة فأخبرها أن زوجها طلقها ثلاثاً أو مات عنها، أو كان غير ثقة فأتاها بكتاب من زوجها (¬7) أنه قد طلقها ثلاثاً، ولا تدري أكان زوجها هو أم لا، إلا أن أكبر (¬8) رأيها وظنها أنه حق، فلا بأس بأن تعتد ثم تتزوج (¬9) بعد انقضاء عدتها. وكذلك لو أن امرأة قالت لرجل: إن زوجي طلقني ثلاثاً واعتَدَدْتُ بعد ذلك وانقضت عدتي، فوقع في قلبه أنها صادقة، فلا بأس بأن يتزوجها بقولها. وكذلك رجل طلق امرأته ثلاثاً فغابت عنه حيناً ثم أتته فأخبرته أن عدتها قد انقضت منه، وأنها قد تزوجت زوجًا غيره فدخل بها ثم طلقها فانقضت عدتها منه، فلا بأس بأن يتزوجها ويصدقها إذا كانت عنده ثقة، أو ¬

_ (¬1) ق: فإن. (¬2) ك: شاهد. (¬3) م: من دونه. (¬4) ك: منهما. (¬5) م ق: لا يفسد. (¬6) ك: فاتا بها. (¬7) ك - أو مات عنها أو كان غير ثقة فأتاها بكتاب من زوجها. (¬8) م ق: أكثر. (¬9) م: ثم يتزوج.

وقع في قلبه أنها صادقة. وهكذا أمر الناس. ولو أن رجلاً أتاها فأخبرها أن أصل نكاحها كان فاسداً، أو أن زوجها كان أخاها من الرضاعة، أو كان مرتداً كافراً حين تزوجها، لم ينبغ لها أن تتزوج بقوله، ولا بعد انقضاء العدة ولا قبل ذلك إن كان لم يدخل بها؛ لأنه صَمَدَ (¬1) لأصل النكاح فزعم (¬2) أنه فاسد، فهذا مما لا يصدق عليه الرجل الواحد وإن كان ثقة. فإذا قال: كان أصل النكاح صحيحاً ولكنه بطل بطلاق أو موت أو غير ذلك، لم أر بأساً بأن يصدقه (¬3) على ذلك. وإنما (¬4) هذا بمنزلة رجل في يده جارية يدعي رقبتها وتقر له بالملك، وجدها رجل قد علم ذلك في يد رجل آخر، فأراد شراءها فسأله عنها، فقال: الجارية جاريتي وقد كان الذي كانت في يده كاذباً فيما ادعى من ملكها، لم ينبغ لهذا الرجل الذي علم ذلك أن يشتريها منه؛ لأنها قد كانت في ملك الأول، فإنما أراد هذا الثاني نقض (¬5) ملك الأول، فادعى أن ذلك الملك لم يكن ملكاً، فلا ينبغي للذي علم ذلك أن يصدقه فيما قال. فإن قال: قد (¬6) كان يملكها كما قال ولكنه وهبها لي أو تصدق بها علي أو اشتريتها منه، وسعه أن يشتريها منه ويطأها؛ لأنه لم يبطل الملك الأول. وكذلك الجارية نفسها لو كانت في يد رجل يدعي أنها جاريته وهي صغيرة في يده لا تعبر (¬7) عن نفسها بجحود ولا إقرار، ثم كبرت على ذلك، فلقيها رجل قد علم ذلك في بلد آخر، فأراد أن يتزوجها ويطأها، فقالت له: أنا حرة الأصل ولم أكن أمة للذي كنت في يده، لم يسعه أن يتزوجها ويطأها. ولو قالت: كنت أمته فأعتقني، وكانت عنده ثقة أو وقع في قلبه أنها صادقة، لم أر بأساً أن يتزوجها. وكذلك الحرة نفسها لو تزوجت رجلاً ثم أتت غيره فأخبرته أن ¬

_ (¬1) م: لانها صد. صمد أي قصد. انظر: المغرب، "صمد". (¬2) م: فيزعم. (¬3) م: بأن تصدقه. (¬4) م: فإنما. (¬5) م: يقبض. (¬6) م - قال قد، صح هـ. (¬7) م ق: لا يعبر.

باب الرجل يقر أنه قتل أخا فلان أو أباه

نكاحها الأول كان فاسداً، أو أن زوجها الذي كان تزوجها كان على غير دين الإسلام، لم ينبغ له أن يصدقها ولا يتزوجها. ولو قالت: إنه طلقني بعد ذلك، أو ارتد عن الإسلام فبِنْتُ منه، أو أقر بعد النكاح أنه كان مرتداً يوم تزوجني، أو أقر بعد النكاح أني كنت أخته من الرضاعة وبِنْتُ على ذلك، فإن كانت عنده ثقة مأمونة أو كانت على غير ذلك وكان أكبر رأيه وظنه أنها صادقة فلا بأس بأن يتزوجها. فكذلك هذا وما أشبهه إذا صَمَدَتْ لأصل النكاح أو صَمَدَتْ لذلك فزعمت أنه باطل لم يصدقها على ذلك إلا بشاهدين عدلين كما يصدق في الحكم. وإن أقرت بأصل النكاح والملك ثم ادعت أمراً يبطله (¬1) صُدِّقَتْ على ما وصفت لك. ولا تستقيم الأشياء إلا على هذا ونحوه. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عائشة أعتقت بريرة، فأتتها بشيء تهديه إليها، فأخبرتها أنه صدقة تُصُدِّقَ به عليها. فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كرهت عائشة أن تُطْعِمَه حتى تُعْلِمَه خبرَه، فأخبرته خبره. فقال: "هاتيه، فإنه لها صدقة، وهو لنا هدية" (¬2). وقد صدقت بريرة بقولها، وصدقت عائشة بقولها، وقد ادعت الهدية، فلو كان هذا غير طعام لكان بمنزلة الطعام، وما بينهما افتراق. ... باب الرجل يقر أنه قتل أخا (¬3) فلان (¬4) أو أباه قال محمد: وإذا رأى الرجل رجلاً يقتل أباه متعمداً فأنكر القاتل أن يكون قتله، أو قال لابنه فيما بينه وبينه: إني قتلت أباك، إنه (¬5) قتل وليي ¬

_ (¬1) جميع النسخ: بطله؛ ط: أبطله. (¬2) صحيح البخاري، الزكاة، 61؛ وصحيح مسلم، الزكاة، 171. (¬3) ق: أخاه. (¬4) م: أنه قتل فلان أخاه. (¬5) وعبارة الحاكم: لأنه. انظر: الكافي، 126 ظ.

فلاناً (¬1) عمداً، أو قال (¬2): إن أباك ارتد عن الإسلام فاستحللت قتله بذلك، ولا يعلم الابن شيئاً مما قال القاتل (¬3)، ولا وارث للمقتول غير ابنه هذا، فالابن في سعة من قتل القاتل إن أراد قتله. ومن رآه قتل أباه مع الابن فهو في سعة من إعانته عليه حتى يقتله (¬4). وكذلك لو لم يره قَتَلَه ولكنه أقر بذلك بين يديه ثم ادعى بعض ما (¬5) وصفت لك، فلما طلبه بقتله (¬6) جحد أن يكون أقر بما أقر به، فالابن في سعة من قتله. ومن سمعه يقر بذلك أيضاً في سعة من إعانة الابن. ولو لم يره الابن قتله ولم يقر بين يديه بذلك ولكن شهد عنده على معاينة القتل بالعمد أو على إقراره شاهدا عدل وهو يجحد ذلك، لم يسع ابن المقتول أن يقتل المشهود عليه بشهادتهما حتى يقضي عليه بذلك الإمام. ولا يسع من حضر شهادةَ الشاهدين ممن يعدّلهما ويعرفهما (¬7) بشهادتهما أن يعينه على قتله بشهادتهما حتى يُقْضَى له بشهادتهما. فإذا قضى له الإمام بذلك وسعه قتله بشهادتهما وإن لم يعلم ذلك يقينًا، ووسع من حضر قضاءَ الإمام بذلك أن يعينه على ذلك. ولا يشبه (¬8) شهادتهما قبل قضاء الإمام بها معاينته القتل أو إقرار (¬9) القاتل بذلك؛ لأن الشهادة قد تكون حقاً وباطلاً، وهو يقتله على وجوه بعضها يحل وبعضها لا يحل، فليس ينبغي له أن يقتله حتى يقضي له الإمام بشهادتهما. فإن عاين الرجل قتل أبيه عمداً أو كان الرجل أقر له بذلك سراً ثم أقام عنده شاهدين عدلين يعرفهما الابن بذلك أن أباه كان ¬

_ (¬1) جميع النسخ: فلان. والتصحيح من ط. (¬2) م: ولو قال. (¬3) ك ق: القايل. (¬4) أي ومن رأى رجلاً يقتل أبا رجل بمرأى ابن المقتول فهو في سعة من إعانة الابن على قتل القاتل. (¬5) ط: بعدما. ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف بين النسخ. (¬6) ك: يقتله. (¬7) ق: نعدلهما ونعرفهما. (¬8) ق: يشبهه. (¬9) ك: وإقرار.

ارتد حين قتله هذا القاتل، أو شهدا عنده بأن أباه كان قتل أبا هذا القاتل عمداً فقتله به، فإنه ينبغي للابن أن لا (¬1) يعجل بقتله حتى ينظر فيما شهدا به. وكذلك من حضر قتل أبيه أو أقر القاتل بذلك لم ينبغ له أن يعينه على شيء من ذلك إذا كان (¬2) قد شهد عنده (¬3) بما وصفت لك شاهدا عدل. وكذلك لو كان الإمام قضى له بالقَوَد على قاتل أبيه ثم شهد عنده شاهدا عدل أن أباه كان مرتداً حين قتله هذا القاتل (¬4)، أو كان قتل ولياً لهذا القاتل فقتله به، فليس ينبغي للابن فيما بينه وبين الله تعالى أن يعجل بقتل هذا القاتل حتى ينظر في ذلك ويتثبّت (¬5). ولا ينبغي لمن حضر قضاء القاضي وحضر شهادة الشاهدين بما شهدا به وهما عنده عدلان (¬6) أن يعينه على قتله. فإن كان الذي شهدا عنده محدودين في قذف وهما عدلان أو هما عبدان وهما عدلان في مقالتهما أو نسوة عدول لا رجل معهن فإنه في سعة من قتله؛ لأن شهادة هؤلاء مما (¬7) لا تبطل به الحقوق، ولكنه إن تثبّت (¬8) حتى ينظر ويسأل كان خيراً له. وإن شهد (¬9) بذلك شاهد واحد عدل ممن تجوز شهادته وقال القاتل (¬10): عندي شاهد مثله، فإني استحسنت له أن لا يعجل بقتله حتى ينظر أياتيه شاهد (¬11) آخر أم لا. وإن قتله قبل أن يتأنى كان عندي في سعة، ولكن التثبت أفضل؛ لأن القتل إذا كان لم يستطع الرجوع فيه. وللقاضي أن يأمره به. ألا ترى أن (¬12) القاضي لا يبطل ¬

_ (¬1) م - لا. (¬2) م: وإن كان. (¬3) م: عليه. (¬4) ق: القايل. (¬5) ك ج ق: ويلبث؛ م: ويثبت. والتصحيح من ر ط. (¬6) ك: عدلا. (¬7) ك م: ممن. (¬8) جميع النسخ: إن ثبت. والتصحيح من المبسوط، 10/ 181. وصححها في ط من المبسوط أيضاً. (¬9) م ق + عنده. (¬10) ق: القايل. (¬11) ط: بشاهد. (¬12) ك - أن.

باب الرجل يكون عنده متاع فيشهد أنه غصبه

حقه الذي حكم له به بقول هؤلاء، فكذلك (¬1) الولي لا يبطل حقه. ولا يأثم عندنا بأخذه إياه إذا كان القاضي لا يبطله بشهادة من شهد عنده. أرأيت إن شهد عند القاضي هؤلاء القوم الذين وصفت لك من المحدودين في القذف والعبيد والنساء وهم عند القاضي عدول مسلمون (¬2) غير متهمين في شهادتهم أينبغي للقاضي أن يمضي حكمه الأول، ويعين الولي (¬3) على قتله، وينبغي لمن حضر القاضي أن يعين الولي على قتل القاتل بعلمه (¬4)، وينبغي ذلك لهم ولا يسعهم إلا ذلك، فكما لا يسع القاضي ومن (¬5) حضره إلا أن يعين الولي على قتله فكذلك يسع الولي أن يقتله. ... باب الرجل يكون عنده متاع فيشهد أنه غصبه ولو أن عبداً أو ثوبًا أو مالاً كان في يدي رجل، فشهد شاهدان لرجل أن هذا الشيء كان لأبيه غصبه منه هذا الذي هو في يديه، والذي ذلك الشيء في يده يجحد ما قالا ويزعم أنه له، فليس ينبغي للوارث أن يأخذ الشيء من يدي الذي ذلك الشيء في يديه بشهادتهما وإن كانا عدلين حتى يقضي له (¬6) القاضي بشهادتهما. فإذا قضى له القاضي بذلك وسعه أخذه وإن لم يعلم يقيناً أن الأمر كما شهدا به. فأما ما لم يقض به القاضي فإنه لا ينبغي له أخذه؛ لأنه إنما شهدا أن ذلك الشيء لأبي الوارث لأنهما رأيا ذلك في يديه، وشهدا أن هذا أخذه منه. وقد يأخذ الرجل من الرجل الشيء يكون في يده وذلك الشيء للآخذ، فيكون الآخذ قد أخذ حقه، والشاهدان لا يعلمان، فيشهدان بالظاهر مما رأيا، فيسعهما (¬7) ذلك، ولا يكون الآخذ ¬

_ (¬1) م: فلذلك. (¬2) م: مسلمين. (¬3) م: الوالي. (¬4) ق: بعله. (¬5) ك ق: ولمن. (¬6) ق + به. (¬7) م: فيسمعهما.

المشهود عليه أخذ منه بشهادتهما شيئاً هو له. ولذلك (¬1) قلنا: لا ينبغي للمشهود له أن يأخذ ذلك الشيء بشهادتهما حتى يقضي له بذلك (¬2) القاضي. ولأنهما أيضاً قد يشهدان بالحق والباطل. فأما إذا قضى القاضي بذلك وسعه أخذه. ولو كان الوارث عاين الذي ذلك الشيء في يده وهو يأخذ من يدي أبيه وسعه أخذه منه وقتاله عليه، ووسع من عاين ذلك معه إعانته عليه، وإن أتى (¬3) ذلك على نفسه إذا امتنع وهو في موضع لا يقدر فيه على سلطان يأخذ لأحد بحقه. وكذلك لو أقر بما شهد به الشاهدان عليه فأقر بذلك عند (¬4) الوارث، وادعى أنه كان له وسع الوارث أخذ ذلك منه، ووسع من حضر إقراره إعانته عليه حتى يستنقذوا ذلك منه. وكذلك جميع الأموال والعروض والرقيق والدواب وغير ذلك. ولو شهد شاهدان عليه أنه أقر أن هذا الشيء بعينه كان لأبي هذا الوارث وأنه غصبه منه وهو (¬5) يجحد ذلك لم يسع الوارث أن يأخذ منه بشهادتهما حتى يقضي له بذلك القاضي عليه. فإذا قضى بذلك عليه وسعه أخذ ذلك منه وإن لم يعلم يقينًا؛ لأن الشاهدين إذا لم يقض القاضي بشهادتهما فليس يدري المشهود (¬6) له أصادقان أم كاذبان، وقد يقول الرجل أيضاً الحق والباطل. وقد يقر أيضاً ثم يشتري بعد ذلك أو يملكه بوجه من الوجوه غير الشراء من الوصية يوصي بها الميت وغير ذلك. فليس ينبغي للوارث أن يأخذ ذلك منه وإن قوي (¬7) عليه إلا بقضية قاض. ولا ينبغي لمن سمع شهادة الشاهدين أن يعينه على ذلك حتى يقضي به القاضي عليه. فإذا قضى بذلك القاضي وسع (¬8) لمن حضر قضاءه أن يعينه على أخذه ¬

_ (¬1) ك: فلذلك. (¬2) جميع النسخ: ذلك. والتصحيح من ط. وبقية العبارة تدل عليه. (¬3) م: وإن أبا. (¬4) ق: عبد. (¬5) ق - وهو. (¬6) م: الشهود. (¬7) م: وإن نوى. (¬8) ق: وسمع.

حتى يدفعه إلى الوارث. فإذا امتنع بدفعه (¬1) في موضع لا يقدر فيه على سلطان يأخذه فيدفعه إليه وسع الوارث ومن حضر قضاء القاضي إن امتنع عليهم بدفعه (¬2) قتاله (¬3) وقتله حتى يؤخذ منه فيدفع إلى الوارث. وكذلك (¬4) لو حضر الوارث إقرار الذي كان الشيء في يده بمثل ما شهد به الشاهدان وسعه أخذه منه وقتاله عليه، ووسع من حضر معه إعانته عليه حتى يستنقذوا (¬5) ذلك من يده. ولو أن رجلاً كانت له امرأة فشهد (¬6) عندها شاهدان عدلان أن زوجها طلقها ثلاثاً وهو يجحد ذلك، ثم غابا أو ماتا قبل أن يشهدا عند القاضي بذلك، لم يسع امرأته أن تقيم عنده، وكان هذا بمنزلة سماعها لو سمعته يطلقها. ولا يشبه شهادة الشاهدين في هذا الوجه ما وصفت لك قبله من القتل والأموال؛ لأن الطلاق لا ينتقض بوجه من الوجوه، ولا يكون أبداً إلا طلاقاً، ولا تكون المرأة به أبداً إلا بائناً. فإن قال قائل: قد يطلق الرجل غير امرأته فلا يكون ذلك طلاقاً؟ قيل له: فهي حرام عليه بأحد الوجهين: إما تكون غير زوجة فلا يسعه أن يقربها ولا يسعها (¬7) أن تدعه. أو تكون زوجة له قد أبانها (¬8) بالطلاق، فصارت بذلك (¬9) غير زوجة، فحرم بذلك فرجها. فلا ينبغي لها أن تدعه أن يقربها أي الوجهين كانت عليه. وإنما الذي يريد أن يبطل شهادة الشاهدين لا يبطلها إلا بخصلة واحدة: الطعن في شهادتهما (¬10)، يقول: لعلهما كاذبان. فإذا كانا عدلين فليس ينبغي له أن يطعن في شهادتهما، ولا يرد (¬11) بالتهمة، ولو وسع هذا لوسع (¬12) غيره. أرأيت رجلين عدلين أو أكثر من ذلك شهدا عند ¬

_ (¬1) ك: يدفعه. (¬2) ك: يدفعه. (¬3) م: ققاله (مهملة). (¬4) م: وكذا. (¬5) م: حتى يستبعدوا. (¬6) م ق: فيشهد. (¬7) ق: ويسعها. (¬8) م: قد أتاها. (¬9) م - بذلك. (¬10) ق: شهادتها. (¬11) ك ق: ترد. (¬12) ق: الوسع.

رجل وامرأته أنهما أُرْضِعَا وهما صغيران في الحولين من امرأة واحدة، وأثبتوا ذلك ووصفوه، أيسع الرجل وامرأته أن يقيما على نكاحهما ويكذبا الشهود حتى يقضي القاضي بالفرقة بينهما؟ أرأيت لو مات الشهود قبل أن يتقدموا إلى القاضي أو غابوا أكان يسع هذين أن يقيما على نكاحهما وهما يعرفان أن الشهود عدول مرضيون؟ فهذا لا ينبغي المقام عليه من واحد منهما من الزوج ولا من المرأة. أرأيت لو شهدت الشهود بذلك عند القاضي أو بالطلاق الذي وصفت لك فلم يعرف القاضي عدل الشهود وسأل عنهما القاضي فلم يعرفوا بتلك البلاد والرجل والمرأة أو أحدهما يعرف الشهود (¬1) بالعدل والرضا أينبغي لهما بعد المعرفة بذلك أن يقيما على النكاح؟ ليس ينبغي المقام على هذا النكاح بعد الذي وصفت لك إن قضى القاضي بشهادتهما أو لم يقض. ولكن المرأة التي شهد عندها الشهود بالطلاق أو شهدوا عندها بالرضاع إن جحد الزوج ذلك وأراد المقام عليها لم يسعها المقام معه. فإن هربت منه وامتنعت عليه وقهرته وكانت على ذلك قادرة بسلطان أو غير ذلك لم يسعها أن تعتد (¬2)؛ لأن الحاكم لم يحكم بالفرقة بينهما، فهي لا يسعها أن تتزوج، ولا يسعها أن تدعه أن يقربها. وكذلك إن سمعته طلقها ثلاثاً ثم جحد وحلف أنه لم يفعل فردها القاضي عليه لم يسعها المقام معه، ولا يسعها أن تعتد وتتزوج؛ لأن الحاكم حكم بأنها زوجه (¬3)، فلا ينبغي لها أن تتزوج غيره، فتركب (¬4) بذلك أمراً حراماً عند المسلمين تكون به عندهم فاجرة. ولا يشبه هذا فيما وصفت لك قضاء القاضي فيما قضى به فيما يختلف فيه مما (¬5) يرى الزوج فيه خلاف ما يرى القاضي. ولو أن رجلاً قال لامرأته: اختاري، فاختارت نفسها، وهو يرى أن ذلك تطليقة بائنة، والمرأة لا ترى ذلك طلاقاً، فقدمته إلى القاضي وطلبت ¬

_ (¬1) م: بالشهود. (¬2) م ق + ثم تتزوج. (¬3) ق: زوجته. (¬4) م: فتركت. (¬5) م: فيما.

نفقتها وكسوتها، فقال الرجل للقاضي (¬1): إني خيرتها فاختارت نفسها، فبانت بذلك، والقاضي يرى أنها تطليقة تملك الرجعة، وهي على (¬2) حالها، فقضى بأنها امرأته وأنه يملك الرجعة، جاز قضاء القاضي عليهما (¬3) بذلك، ووسع الرجل أن يراجعها ويمسكها. وكذلك لو كانت المرأة هي التي ترى ذلك (¬4) طلاقاً بائناً والرجل لا يرى ذلك فخاصمها إلى القاضي فقضى (¬5) القاضي أنه يملك الرجعة، فإن ذلك جائز من القاضي، ولا يسع المرأة أن تفارق زوجها إذا راجعها. وكذلك هذا في جميع ما يختلف فيه من الأقضية إذا رأى الرجل ذلك حراماً أو رأته المرأة، وقضى القاضي بأنه حلال، وسع الذي رأى ذلك حراماً أن يرجع إلى قضاء القاضي ويأخذ به، ويدع ما رأى من ذلك لا يسعه غيره في كل حق يلزمه. فأما أَمْرٌ لو علم به القاضي لأنفذه وحرّم الفرج (¬6) به ولكنه لم يمنعه (¬7) من أن يحرم الفرج إلا أنه لم يعلمه فرد القاضي المرأة على زوجها بذلك، والمرأة تعلم خلاف ما يعلم القاضي، فليس ينبغي لها أن تلتفت إلى شيء من إحلال القاضي ولا غير ذلك، ولكنها أيضاً لا تقدم على إحلال فرج قد حرمه القاضي، فتأخذ في ذلك بالثقة، فلا يسعها المقام مع زوجها الأول ولا يسعها أن تتزوج (¬8) غيره. وكذلك إذا شهد شاهدا عدل على رجل أنه أعتق جاريته هذه، أو شهدا عليه أنه أقر بعتقها، فليس يسعها أن تدعه يجامعها قضى بشهادتهما أو لم يقض، ولا يسعها أن تتزوج إذا كان يجحد العتق. وكذلك العبد إذا شهدا بعتقه والمولى يجحد ذلك وهما معدَّلان عند العبد لم يسع العبد أن يتزوج (¬9) بشهادتهما حتى يقضي له القاضي بالعتق. ولا يشبه (¬10) العتق والطلاق والرضاع ما وصفت (¬11) قبله من الأموال ¬

_ (¬1) ق - للقاضي. (¬2) ق - على. (¬3) م ق: عليها. (¬4) م: بذلك. (¬5) ق: قضى. (¬6) ق: الفجر. (¬7) م: لا يمنعه. (¬8) ق: أن يتزوج. (¬9) ق: أن تتزوج. (¬10) ق: يشتبه. (¬11) ط + لك.

وغيرها؛ لأن العتق والطلاق والرضاع لا يبطله شيء من الأشياء على وجه من الوجوه. فلذلك كانت الشهادة فيه بقضاء القاضي (¬1) أو بغير قضاء القاضي سواء. فأما ما سوى ذلك من العمد وغيره فقد يبطل بالعفو من ولي الدم ووالي القود وفيما (¬2) دون الدم بالحقوق وبأشياء كثيرة على وجوه مختلفة (¬3). فلذلك (¬4) افترقت هذه الأشياء في غير قضاء القاضي إذا شهد بها الشهود العدول. ولو أن رجلاً كان متوضئاً فوقع في قلبه أنه أحدث وكان على ذلك أكبر رأيه فأفضل ذلك أن يعيد الوضوء. وإن لم يفعل وصلى على وضوئه الأول كان عندنا في سعة؛ لأنه عندنا على وضوء حتى يستيقن بالحدث. وإن أخبره مسلم ثقة أو امرأة ثقة مسلمة حرة أو مملوكة: إنك أحدثت (¬5) أو نمت مضطجعاً أو رعفت، لم ينبغ له أن يصلي حتى يتوضأ. ولا يشبه هذا ما وصفت لك قبله من الحقوق؛ لأن هذا أمر الدين، فالواحد فيه حجة إذا كان عدلًا. والحقوق لا يجوز فيها إلا ما يجوز في الحكم. وإن أحدث رجل (¬6) فاستيقن بالحدث ثم كان أكبر رأيه أنه توضأ فإنه لا ينبغي له أن يصلي حتى يستيقن بالوضوء. فإن أخبره رجل مسلم ثقة أو امرأة حرة أو أمة أنه قد توضأ أو أخبره (¬7) من لا يعرف بالعدالة فوقع في قلبه أنهما صدقا فيما قالا وسعه أن يصلي وإن لم يحدث وضوء. فإن كان الرجل يبتلى بذلك كثيراً ويدخل عليه فيه الشيطان فاستيقن بالحدث واستيقن (¬8) أنه قعد للوضوء فكان أكبر رأيه أنه توضأ وسعه عندنا أن يمضي على أكبر رأيه. ألا ترى أن رجلاً لو كان يشك في الصلاة كثيراً فدخل في الصلاة ثم لم يدر (¬9) كم صلى مضى على أكبر (¬10) رأيه وظنه. وكذلك لو ¬

_ (¬1) ك: للقاضي. (¬2) م ق: فيما. (¬3) ق: مختلقة. (¬4) م ق: فكذلك. (¬5) م: أحد. (¬6) م: بالرجل. (¬7) ك: وأخبره. (¬8) م: أو استيقن. (¬9) م: لم يدري. (¬10) م: على أكثر.

شك في التكبير الأول فلم يدر أكبر أم لا إلا أنه في الصلاة مضى (¬1) على أكبر (¬2) رأيه وظنه (¬3)، [وَ] أجزأه ذلك. وإن كان قد فرغ من صلاته ثم عرض له شك في شيء مما وصفت لك لم يلتفت إليه، وأجزأته صلاته. وكذلك الوضوء إذا قام عنه عن تمام في نفسه ثم عرض له شك في مسح الرأس وغيره لم يلتفت إلى شيء من ذلك. وإذا أودع رجل مالاً عند رجل ثم أتاه يطلبه فأخبره أنه كان دفعه إليه فوقع في قلبه أنه صادق ولا يدري أكاذب هو أم لا إلا أنه عنده (¬4) ثقة مسلم، فإن صدقه وأخذ بقوله فذلك فضل أخذ (¬5) به وهو أحسن من غيره، وإن أبى إلا طلب حقه وأراد استحلافه عند القاضي على ذلك فهو من ذلك في سعة؛ لأن الرجل وإن كان عدلاً فهو غير مأمون فيما يَطلُب لنفسه وفيما يُطالَب به. فإن أبى اليمين وسع رب المال أن يأخذ منه المال. وإن أراده على اليمين فافتدى (¬6) يمينه بغرم المال أو بعضه أو صالحه على شيء منه أو من غيره وسع رب المال أخذ ذلك منه. وكذلك إن قال: ضاع المال مني، وهو عنده عدل ثقة فالأفضل أن يكف عنه. وإن طالبه باليمين فحلف له على ذلك عند غير قاض فأبى إلا أن يستحلفه عند القاضي وسعه أن يطالبه باليمين عند القاضي؛ لأنه حق له في عنقه (¬7) أن يحلف له عند الحاكم إذا لم يعلم أنه صادق فيما قال. فإن استحلفه عند الحاكم فنكل عن اليمين وسعه أن ياْخذ المال منه. وكذلك إن أراد استحلافه فافتدى يمينه بجميع المال أو بعضه فهو في سعة من ¬

_ (¬1) ط: ومضى. ولم يشر الأفغاني إلى اختلاف النسخ. (¬2) م: على أكثر. (¬3) ك - وكذلك لو شك في التكبير الأول فلم يدر أكبر أم لا إلا أنه في الصلاة مضى على أكبر رأيه وظنه، صح هـ .. (¬4) م: عبد. (¬5) ك م ق ط: أخذه. والتصحيح من ج ر. (¬6) ق: فاقتدا. (¬7) ق: في عتقه.

أخذ ذلك منه حتى يعلم أنه قد ضاع أو دفعه إليه. ولو لم يكن المال عنده وديعة ولكن كان ديناً عليه فأتاه يتقاضاه وقال: إني قد دفعته إليك، وكان عنده عدلا ثقة ووقع في قلبه أنه صادق وأن مثله لا يقول إلا حقاً إلا أنه لا يعلم ذلك يقيناً، فأفضل الأشياء له أن يصدقه. وإن أبى إلا أن يطالبه بحقه وسعه (¬1) أن يأخذ من ماله - إن قَدَرَ- مثل دينه. فإن أراد الغريم أن يستحلفه "ما قبض المال منه" وسعه أن يحلف على ذلك؛ لأن يمينه إنما هي على علمه، وهو لا يعلم ذلك يقيناً. وكذلك كل حق وجب (¬2) لرجل على رجل من دين أو غيره فقال الذي عليه الحق: قد أوفيتك حقك أو أبرأتني منه، أو ادعى أجلاً بعيداً، فوقع في قلب صاحب الحق أنه صادق وكان على ذلك أكبر ظنه وكان عنده عدلاً ثقة، فأفضل ذلك أن يصدقه ويأخذ بقوله. وإن لم يصدقه وطالب بحقه فأراد المطلوب أن يحلفه فالأفضل للمطلوب أن لا يحلف. وإن حلف كان في سعة من يمينه؛ لأن يمينه (¬3) على علمه، والرجل متهم على ما يدعي لنفسه وإن كان عدلاً. وكذلك إن أخبره مع المطلوب رجل عدل (¬4) أو امرأة ورجل. فإن أخبره سوى المطلوب رجلان عدلان لم يسعه أن يطالب بحقه أو يحلف له على ذلك؛ لأن هذا يقضي فيه الحاكم. وكل من كان له حق فهو على حاله حتى يأتي اليقين على خلاف ذلك. واليقين أن يعلمه أو يشهد عنده الشهود العدول (¬5). ¬

_ (¬1) ك - وسعه، صح هـ. (¬2) ق: واجب. (¬3) ك ق - لأن يمينه. (¬4) ق - عدل. (¬5) ك + آخر كتاب الاستحسان؛ م + والله تعالى أعلم آخر كتاب الاستحسان والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين؛ ق + آخر كتاب الاستحسان الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

كتاب الأيمان

بِسْمِ اللهِ اَلرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الأيمان أبو سليمان قال: سمعت محمد بن الحسن يقول: الأيمان ثلاثة: يمين تكفر (¬2)، ويمين لا تكفر (¬3)، ويمين نرجو (¬4) أن لا يؤاخذ بها صاحبها. فأما اليمين التي لا تكفر فالرجل يحلف على الكذب وهو يعلم أنه كاذب. فيقول: والله لقد كان كذا وكذا، ولم يكن من ذلك شيء. أو يقول: والله لقد فعلت كذا وكذا، وهو يعلم أنه لم يفعله. فهذه اليمين التي لا تكفر وعلى صاحبها فيها الاستغفار والتوبة. وأما اليمين التي (¬5) تكفر فالرجل يحلف ليفعلن كذا وكذا اليوم، فيمضي ذلك اليوم من قبل أن يفعله. فقد وقعت اليمين على هذا ووجبت عليه الكفارة. والكفارة ما قال الله عز وجل في كتابه: (¬6) {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} (¬7)، إلى آخر ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م: يكفر. (¬3) م ق: لا يكفر. (¬4) ك: يرجوا. (¬5) ك - التي، صح هـ. (¬6) م - في كتابه. (¬7) {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [سورة المائدة: 89].

الآية. وأما اليمين التي نرجو أن لا يؤاخذ الله بها صاحبها فالرجل يحلف في حديثه فيقول (¬1): لا والله، وبلى والله، وعلى ما يرى (¬2) أنه حق، وليس هو كما قال. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عائشة أنها قالت في قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ}: إنه نحو هذا (¬3). وإذا حلف الرجل ليفعلن كذا وكذا فيما يستقبل، ولم يوقت لذلك وقتاً، فهو على يمينه، لا تقع (¬4) عليه الكفارة حتى يهلك ذلك الشيء الذي حلف عليه. فإذا هلك (¬5) ذلك حنث (¬6) ووجبت عليه الكفارة. وكذلك بلغنا عن إبراهيم. وإذا حلف الرجل فقال: ورحمة الله لأفعلن كذا وكذا، أو قال: وغضب الله، أو قال: وسخط الله، أو قال: وعذاب الله، أو قال: وثواب الله، أو قال: ورضا الله، أو قال: وعلم الله لا أفعل كذا وكذا، ثم حنث في شيء من ذلك، فليس في شيء من هذا يمين ولا كفارة. وإذا حلف الرجل بالله أو باسم من أسماء الله، أو قال: والله أو بالله أو تالله، أو قال: علي عهد الله أو ذمة الله، أو قال: هو يهودي أو نصراني أو مجوسي أو هو بريء من الإسلام، أو قال: أشهد أو أشهد بالله، أو قال: أحلف أو أحلف بالله، أو علي نذر أو علي نذر لله أو أعزم أو أعزم بالله، أو قال: علي يمين أو يمين لله (¬7)، فهذه كلها أيمان. وإذا حلف بشيء منها ليفعلن كذا وكذا فحنث وجبت عليه الكفارة. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك، غير قوله: أعزم ¬

_ (¬1) م: ويقول. (¬2) م: ما نوى. (¬3) الآثار للإمام محمد، 125؛ والموطأ برواية محمد، 3/ 177؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 474؛ وتفسير الطبري، 2/ 404. (¬4) م ق: لا يقع. (¬5) م: فإذا فعل. (¬6) ق: حيث. (¬7) م: بالله.

أو أعزم بالله أو علي نذر أو نذر (¬1) لله أو علي يمين أو يمين لله، فإن هذا ليس (¬2) مما روي عن إبراهيم (¬3). وكذلك إذا قال: وعظمة الله، وعزة الله، وجلال الله، وكبرياء الله، وأمانة الله، فحنث وجبت عليه الكفارة. وإذا حلف الرجل بحد من حدود الله أو بشيء من شرائع الإسلام من الصلاة والزكاة أو الصيام فليس في شيء من هذا يمين ولا كفارة. ولا يكون اليمين إلا بالله ولا يكون بغيره. وكذلك لو حلف الرجل فقال: هو يأكل الميتة أو يستحل الخمر أو الدم أو لحم الخنزير أو يترك الصلاة أو الزكاة أو الصيام إن فعل كذا وكذا، فليس في شيء من هذا يمين، وليس عليه فيه كفارة إذا حنث (¬4). وكذلك لو حلف رجل فقال: عليه لعنة الله، أو قال: غضب الله (¬5)، أو قال: أمانة الله، أو دعا على نفسه بغير ذلك، فليس في شيء من هذا يمين ولا كفارة إذا حنث. وليس هذا بمنزلة قوله: هو يهودي أو نصراني أو مجوسي. وإذا قال الرجل: عذّبه الله أو أدخله الله النار أو حرمه الله الجنة، فليس في شيء منها كفارة ولا يمين، إنما هذا (¬6) دعاء على نفسه. ولو أن رجلاً حلف بالحج أو العمرة (¬7) أو جعل لله على نفسه صوماً أو صلاة أو صدقة أو اعتكافًا أو عتقاً أو هدياً أو شيئاً مما هو لله طاعة، فحلف بذلك فحنث لم يكن عليه كفارة يمين، ولكن عليه في ذلك أن يصنع الذي قال. واذا حلف الرجل بالمشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى المسجد ¬

_ (¬1) م - أو نذر؛ ق: أو انذر. (¬2) ق: فليس هذا. (¬3) الآثار لمحمد، 123؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 480. (¬4) م: إذا وجبت. (¬5) ق - الله. (¬6) م: هو. (¬7) ك ق: والعمرة.

الحرام أو إلى مكة أو إلى الحرم فحنث فعليه عمرة، وإن شاء حجة، وإن شاء حج راكباً، وإن شاء ماشياً ويذبح لركوبه شاة. بلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: من جعل عليه الحج ماشياً حج راكباً وذبح (¬1) لركوبه شاة (¬2). وقال أبو حنيفة: هذا كله واجب عليه غير قوله: المشي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام. وقال أبو يوسف ومحمد: هذا والأول سواء. وإذا حلف الرجل بالمشي إلى بيت الله وهو ينوي مسجداً من مساجد الله سوى (¬3) المسجد (¬4) الحرام (¬5) فليس عليه في ذلك شيء (¬6)؛ لأن المساجد كلها تدخل بغير إحرام، ولا يدخل المسجد (¬7) الحرام إلا بإحرام. وإذا حلف الرجل فقال: علي السفر إلى مكة أو الذهاب إليها أو الركوب إليها فليس عليه شيء، وهذا وحلفه (¬8) بالمشي سواء في القياس، غير أني أخذت في حلفه بالمشي بالاستحسان (¬9)، ولأنها أيمان الناس. وإذا حلف الرجل فقال: أنا محرم إن فعلت كذا وكذا، أو قال: أنا أهدي إن فعلت كذا وكذا، أو قال: أنا أمشي إلى البيت (¬10) إن فعلت كذا ¬

_ (¬1) م: ويذبح. (¬2) ذكره الإمام محمد أيضاً بدون إسناد في الآثار، 125. ووصله الإمام محمد عن شعبة بن الحجاج عن الحكم بن عتبة (لعله عتيبة) عن إبراهيم النخعي عن علي - رضي الله عنه -. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 165. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 450/ 8؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 93؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 81. وروي مرفوعاً من حديث عمران بن حصين وابن عباس. انظر: مسند أحمد، 4/ 429؛ وسنن أبي داود، الأيمان، 19؛ والمستدرك للحاكم، 4/ 340؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 188 - 189. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 305؛ والدراية لابن حجر، 2/ 93. (¬3) ك - الله سوى (خرم). (¬4) م - المسجد. (¬5) ق + وقال أبو يوسف. (¬6) ق - شيء. (¬7) ك - المسجد (خرم). (¬8) ق: وخلفه. (¬9) م: والاستحسان. (¬10) ك: إلى بيت الله.

وكذا، وهو يريد بذلك أن لا يوجب على نفسه شيئاً، إنما يَعِدُ من نفسه عِدَة، فليس عليه شيء. وإن كان يريد الإيجاب (¬1) على نفسه أو لم يكن له نية فعليه إذا حنث ما قال؛ لأن أيمان الناس هكذا هي. وإذا حلف الرجل أن يهدي ما لا يملك فليس عليه شيء. وإذا حلف الرجل أن ينحر ما لا يحل له من (¬2) ولد أو شيء غيره فليس عليه فيه شيء وإن كان (¬3) يريد الإيجاب على نفسه. وقال أبو حنيفة ومحمد: عليه في ولده (¬4) شاة يذبحها، وليس عليه في غير ولده (¬5) شيء. وقال أبو يوسف: لا شيء عليه في ذلك. وإذا حلف الرجل بهدي ثم حنث ولم يكن له نية فعليه أن يهدي ما تيسر من الهدي شاة، وإن شاء زاد على ذلك فجعلها بقرة أو جزوراً، فهو أفضل. وإذا حلف الرجل بِبَدَنَةٍ فحنث فعليه إن شاء بقرة وإن شاء جزوراً. وإذا حلف الرجل بالنذر (¬6) وهو ينوي بذلك حجاً أو عمرة أو عتقاً أو صلاة أو شيئاً من طاعة الله تعالى فحنث فعليه ذلك الذي حلف عليه ونواه، ولا يكون عليه غيره. وإن لم تكن (¬7) له (¬8) نية فعليه فيه كفارة يمين. وإن حلف على معصية بالنذر (¬9) فعليه فيه كفارة يمين. ألا ترى أن الله عز وجل قد فرض الكفارة في الظهار، وقد جعله الله منكراً من القول وزوراً (¬10). وقد بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من حلف على ¬

_ (¬1) م: مرتدا لا يخاف. (¬2) ق - من؛ صح هـ. (¬3) ك - كان. (¬4) م: في ولد. (¬5) م: غير ولد. (¬6) م: بالبدر. (¬7) م: لم يكن. (¬8) ك - له. (¬9) م: بالبدر. (¬10) يقول تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2)} [سورة المجادلة: 2]

يمين فرأى غيرها خيراً (¬1) منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" (¬2). واذا حلف الرجل بالنذر وهو ينوي صياماً ولا ينوي عددًا منه فعليه [صيام ثلاثة أيام إذا حنث. وإن نوى صدقة ولم ينو عدداً فعليه] (¬3) إطعام عشرة (¬4) مساكين، كل مسكين رُبْعَين (¬5) بالحَجَّاجِي من حنطة. ولا ينبغي للرجل أن يحلف فيقول: وأبيك وأبي؛ فإنه بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ذلك (¬6). ونهى عن الحلف بحد من حدود الله (¬7)، وعن الحلف بالطواغيت (¬8). ولو أن رجلاً قال: إن كلمت فلاناً فعلي يمين أو علي نذر، أو حلف بشيء مما ذكرت لك من الأيمان وقال في ذلك: إن شاء الله، فوصلها باليمين ثم كلمه لم يكن عليه كفارة ولا حنث. قال محمد: أخبرنا بذلك أبو حنيفة عن القاسم عن أبيه عن عبد الله بن مسعود. وذكر عبد الله عن نافع عن ابن عمر، وأبو حنيفة عن حماد عن ¬

_ (¬1) م: خيرها. (¬2) وصله الإمام محمد عن الإمام مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 173. وانظر: صحيح البخاري، الأيمان، 1؛ وصحيح مسلم، الأيمان، 11. (¬3) استكملنا هذا السقط من الكافي، 1/ 116 و، والمبسوط، 8/ 142. (¬4) تأخرت ورقة في نسخة ك ابتداء من هنا عن موضعها إلى ما بعد ورقة واحدة. (¬5) قال المطرزي: وأما قوله: "لكل مسكين رُبعان بالحَجَّاجِي" أي مُدَّان، وهما نصف صاع مُقَدَّران بالصاع الحَجَّاجِي، فإنما قال ذلك احترازاً عن قول أبي يوسف في الصاع. انظر: المغرب، "ربع". (¬6) وصله الإمام محمد عن الإمام مالك عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 175. وانظر: صحيح البخاري، الأيمان، 4؛ وصحيح مسلم، الأيمان، 1. (¬7) لم أجده. ويأتي أنه إذا حلف بحد من حدود الله أو بشيء من شرائع الإسلام لم يكن يميناً. (¬8) صحيح مسلم، الأيمان، 6؛ وسنن ابن ماجة، الكفارات، 2؛ وسنن النسائي، الأيمان، 10.

إبراهيم وغيرهم أنهم قالوا: من حلف على يمين وقال: إن شاء الله، فقد استثنى ولا حنث عليه ولا كفارة (¬1). وبلغنا عن عبد الله بن عباس أنه قال: من حلف على يمين فاستثنى ففعل الذي حلف عليه فلا حنث عليه ولا كفارة (¬2). قال: وكذلك قال العبد الصالح: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} (¬3). فلم يصبر ولم يؤمر بالكفارة. وكذلك (¬4) بلغنا عن عطاء وطاوس وإبراهيم أنهم قالوا: من حلف بعتق أو طلاق فقال: إن شاء الله، لم يقع الطلاق (¬5). وكذلك لو قال: إلا أن أرى غير ذلك، أو قال: إلا أن يبدو لي، أو إلا أن أرى خيراً من ذلك. وإذا حلف الرجل على يمين فحنث فيها فعليه أي الكفارات شاء: إن شاء أعتق، وإن شاء أطعم عشرة مساكين، وإن شاء كسا عشرة مساكين. وإن لم يجد شيئاً من ذلك فعليه الصيام ثلاثة أيام متتابعات. بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال: كل شيء في القرآن "أو، أو" (¬6) ¬

_ (¬1) رواه الإمام محمد أيضاً عن ابن مسعود وابن عمر وإبراهيم في الآثار له، 123؛ ورواه عن ابن عمر في الموطأ بروايته، 3/ 167. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 516 - 519. وقد روي مرفوعاً عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس. انظر: سنن ابن ماجة، الكفارات، 6؛ وسنن أبي داود، الأيمان، 9؛ وسنن الترمذي، النذور، 7؛ وسنن النسائي، الأيمان، 18. وروي معناه في حديث آخر. انظر: صحيح البخاري، النكاح، 119؛ وصحيح مسلم، الأيمان، 22 - 25. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3/ 301؛ والدراية لابن حجر، 2/ 92. (¬2) روي عن ابن عباس مرفوعاً بمعناه. انظر الحاشية السابقة. (¬3) سورة الكهف، 18/ 69. (¬4) م - وكذلك. (¬5) أخرجه في آثاره عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار لمحمد، 90، 124. وانظر: المصنف لعبد الرزاق، الموضع السابق. (¬6) كما في قوله تعالي: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [سورة المائدة: 89].

فهو بالخيار، إن شاء أعتق رقبة، وإن شاء كسا، وإن شاء أطعم (¬1). والعتق في كفارة اليمين تحرير رقبة، يجزي (¬2) فيها الصغير والكبير والكافر والمسلم (¬3)؛ لأن الله تعالى لم يسم في ذلك رقبة مؤمنة. ويجوز فيه الأعور والأقطع إذا كان أقطع إحدى اليدين، أو إحدى الرجلين. ولا يجزي في ذلك الأعمى، ولا المقطوع اليدين أو الرجلين (¬4)، ولا المعتوه المغلوب الذي لا يعقل، ولا الأخرس، ولا أَشَلّ اليدين يابستين لا ينتفع (¬5) بهما، ولا أشل الرجلين إذا كان كذلك، ولا المقعد. ولا تجزي فيه أم الولد ولا (¬6) المدبر. ولا يجزي المكاتب الذي قد أدى بعض مكاتبته، فإن كان لم يؤد شيئاً من مكاتبته ثم أعتق في ذلك أجزأ عنه. ولو أن عبداً بين اثنين أعتقه أحدهما في كفارة اليمين فضمن (¬7) لشريكه حصته (¬8) لم يجز (¬9) ذلك عنه؛ لأنه كان بينه وبين آخر. ألا ترى أن شريكه إن شاء أعتق حصته (¬10)، وإن شاء استسعى في نصف قيمته. ولو أن العبد كان له كله أجزأ (¬11) عنه. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا أعتق عن يمينه عبداً وهو بينه وبين آخر وهو معسر (¬12) فسعى العبد للآخر لم يجزه في الكفارة، وإن كان المعتق غنياً ضمن حصة شريكه وأجزاه في الكفارة. ولا يجزيه في قول أبي حنيفة في الوجهين في الكفارة. ولو أن رجلاً اشترى أباه أو أمه أو ذا رحم محرم منه ينوي بذلك أن يعتقه في كفارة يمين أو ظهارٍ عَتَقَ وأجزأ عنه. وكذلك إن قال: إن اشتريت ¬

_ (¬1) أخرجه الإمامان أبو يوسف ومحمد عن الإمام أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار لأبي يوسف، 168؛ والآثار لمحمد، 124. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 98/ 3؛ وتفسير الطبري، 7/ 53. (¬2) ك: تجزي. (¬3) م - والمسلم. (¬4) ك - أو الرجلين. (¬5) ك: ولا ينفع. (¬6) ك - أم الولد ولا (خرم). (¬7) م - فضمن. (¬8) م: حصة (¬9) م ق: لم يجزي. (¬10) ق: حته. (¬11) م: أجزاه. (¬12) ق: معشر.

فلاناً فهو حر عن يميني، ثم اشتراه عتق وأجزأ عنه. ولو أن رجلاً طلب إلى رجل أن يعتق عنه عبده في كفارة يمينه على شيء قد سماه له وجعله له ففعل ذلك أجزأ عنه. ولو قال: أعتقه (¬1) عني في كفارة يميني بغير شيء، فأعتقه عنه كان في هذا قولان: أحدهما قول أبي يوسف: إن العتق يجزي عن المعتق عنه، ويكون الولاء له. والقول الآخر قول أبي حنيفة ومحمد: إن العتق عن الذي أعتق والولاء له، ولا يجزي العتق عن المعتق عنه. والقول الأول (¬2) أحبهما إلى أبي يوسف. وقال محمد: قول أبي حنيفة أحب إلي. وقال أبو يوسف: إنما هذا بمنزلة طعام طلب إليه أن يطعم عنه، فكذلك العتق. ولو أن رجلاً أعتق نصف عبده (¬3) في كفارة يمينه وأطعم (¬4) خمسة مساكين لم يجز ذلك عنه؛ لأن هذا ليس بطعام تام ولا عتق تام. ولو أن رجلاً حنث وهو معسر فأخر الصوم حتى أصاب عبداً لم يجز عنه الصوم؛ لأنه يجد ما يعتق. ولو أن رجلاً اشترى عبداً بيعاً فاسداً فقبضه وأعتقه عن يمينه كان عتقه جائزاً، ويجزي (¬5) عنه في يمينه ذلك. ولو أن رجلاً أعتق ما في بطن خادمه عن يمينه ثم ولدت الخادم ولداً من الغد فإن العتق جائز في الولد، ولا يجزي عنه من اليمين. ولو أن رجلاً أعتق ما في بطن خادمه عن يمينه (¬6) ثم ولدت بعد ذلك لأكثر من ستة أشهر أو ولدت لأقل من ستة أشهر ولداً ميتاً لم يجز (¬7) عنه ذلك (¬8) في الوجهين جميعاً. ولو أن رجلاً وجبت (¬9) عليه كفارتان أو ثلاثة في أيمان (¬10) متفرقة ¬

_ (¬1) ق: أعتقته. (¬2) م: الآخر. (¬3) ق: عبد. (¬4) ك: أو أطعم. (¬5) ق: ومجزي. (¬6) م - عن يمينه (¬7) م: لم يجزي. (¬8) ق: ذلك عنه. (¬9) م: وجب. (¬10) ق: في أيام.

فأعتق عنهن رقاباً بعددهن ولم ينو لكل يمين رقبة بعينها أجزأ ذلك عنه. وكذلك لو أعتق رقبة عن إحداهن وأطعم عن (¬1) الأخرى عشرة مساكين وكسا عن الأخرى عشرة مساكين كان ذلك جائزاً عنه. وليس على المملوك إذا حلف في يمينٍ وحَنِثَ عِتْقٌ. ولا يجزي عنه ولو أعتق عنه مولاه؛ لأن الولاء لا يكون له، وليس يملك الرقبة. وكذلك لو أطعم عنه مولاه أو كسا. وكذلك المكاتب والمدبر وأم الولد. وكذلك العبد يعتق بعضه فيقوم فيسعى فيما بقي من رقبته في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد في العبد الذي (¬2) أعتق بعضه خاصة: هو بمنزلة الحر يجزي ذلك عنه إذا كان بأمره (¬3). والرجل والمرأة في اليمين إذا حنث وفي العتق سواء. ولو أن رجلاً حلف على يمين فحنث فصام يومين ثم وجد اليوم الثالث ما يعتق لم يجز (¬4) عنه الصوم. وكذلك إن وجد ما (¬5) يطعم أو يكسوة لأن (¬6) الله عز وجل يقول: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (¬7). فهذا قد وجد، فلا يجزي عنه الصوم. وكذلك إن وجد ما يطعم يفطر يومه ذلك، وليس عليه شيء، وعليه أي الكفارات شاء كفر بها يمينه (¬8)، وإن شاء تَمَّ (¬9) على صومه ذلك ولم يعتد به وكان عليه أي الكفارات شاء غير الصوم. وأحب إلي أن يتم. بلغنا عن عبد الله بن عباس وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا في الرجل يكون عليه الكفارة فيصوم يومين ثم يجد في اليوم الثالث ما يطعم أو يكسو ¬

_ (¬1) م - عن. (¬2) ك ق + قد. (¬3) ق: يأمره. (¬4) م ق: لم يجزي. (¬5) ق: اما. (¬6) م: أو يكسر الا ان. (¬7) سورة المائدة، 5/ 89. (¬8) م - يمينه. (¬9) تَمَّ على أمره أي أمضاه وأتمه. انظر: المغرب، "تمم".

أو يعتق: إنه يفطر ولا يعتد بصومه ذلك، ويكفر يمينه، إن شاء أعتق، وإن شاء أطعم، وإن شاء كسا (¬1). ولو أن رجلاً قال: إن اشتريت فلاناً فهو حر عن يميني، ثم اشتراه ينوي بذلك تلك اليمين عتق وأجزأ عنه من كفارته. ولو اشترى أمة قد ولدت منه فأعتقها عن كفارته أو قال: إن اشتريتها فهي حرة عن يمينه، كانت حرة كما قال، ولم تجز عنه في يمينه؛ لأنها أم ولده، وهي تعتق بالولد لو لم يقل فيها هذه المقالة. ولو أن رجلاً من أهل الذمة حلف على يمين ثم أسلم فحنث في يمينه تلك لم يكن عليه كفارة في عتق ولا غيره؛ لأن الحلف كان منه في حال الكفر، والذي كان فيه من الكفر أعظم من الحنث. ولو أن رجلاً أعتق عبداً عن كفارة يمين ينوي ذلك بقلبه (¬2) ولم يتكلم بلسانه وقد تكلم بالعتق أجزأ عنه في كفارة يمينه. ولو أن رجلاً حلف على يمين فأعتق عنها قبل أن يحنث كان العتق جائزاً ولا يجزي ذلك عن يمينه؛ لأنه لم يحنث بعد ولم تجب عليه كفارة. ولو أن رجلاً حنث في يمين فأعتق عبداً عند موته في يمينه وليس له مال غيره كان العتق جائزاً من ثلثه، ويسعى العبد في ثلثي قيمته، ولا يجزي عنه في يمينه لما وجب عليه من السعاية. ولو أن رجلاً أعتق عبداً على مال عن يمينه أو باعه نفسه عتق، ولم يجز (¬3) عنه في يمينه لما أخذ منه من الجعل. ولو أن رجلاً قال لعبده: أنت حر عن يميني على ألف درهم، وقبل ذلك العبد لم يجز ذلك عنه. ولو أن المولى أبرأ العبد من الألف بعد ذلك لم يجز عنه من يمينه للذي كان فيه من الجعل، ولا ينفعه إبراؤه إياه من المال بعد ذلك. ولو أن رجلاً أعتق عبداً على مال عن ¬

_ (¬1) روى الإمام أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في الذي يصوم لمتعته ثم يجد هدياً في اليوم الثالث أو يصوم في ظهاره أو في كفارة يمين ثم يجد ما يعتق في آخر صومه: إنه لا يجزئه الصوم. انظر: الآثار لأبي يوسف، 102. (¬2) م: بذلك نفليه. (¬3) م ق: يجزي.

باب الطعام في كفارة اليمين

يمينه عتق العبد، ولا يجزي عن في يمينه لما أخذ فيه من الجعل. ... باب الطعام في كفارة اليمين (¬1) بلغنا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال ليَرْفَأ (¬2) مولى له: إني أحلف على قوم لا أعطيهم، ثم يبدو لي فأعطيهم، فإذا أنا فعلت ذلك فأطعم عني عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من حنطة أو صاعاً من تمر (¬3). وبلغنا عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال: في كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من حنطة (¬4). وإذا حنث الرجل في يمين فأطعم عشرة مساكين كل مسكين نصف صاع من حنطة أو دقيق أو سويق أجزاه ذلك. وإن أطعم تمراً أو شعيراً أطعم كل مسكين مختوماً بالحَجَّاجِي. ولو دعا عشرة مساكين فغدّاهم وعشّاهم أجزاه ذلك. ولو غدّاهم خبزاً وعشّاهم مثله وليس معه أُدُمٌ (¬5) أجزاه ذلك. ولو غدّاهم سويقاً وتمراً وعشّاهم بمثل ذلك أجزاه ذلك. ولو أعطاهم قيمة الطعام فأعطى كل مسكين قيمة نصف صاع أجزاه ذلك. ولو غدّاهم (¬6) وأعطاهم قيمة العشاء أجزاه ذلك. ألا ترى أنه لو أعطى ¬

_ (¬1) ق: كتاب الصيام وكفارة اليمين. (¬2) م: ليرقا. (¬3) وصله الإمام محمد عن سلام بن سليم الحنفي عن أبي إسحاق السبيعي عن يرفأ مولى عمر - رضي الله عنه -، ومن طريق آخر. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 157، 159. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 70. (¬4) المصنف لابن أبى شيبة، 3/ 70. (¬5) جمع إدام، وهو ما يؤكل بجانب الخبز. انظر: المغرب، "أدم". (¬6) ق: عذاهم.

كل مسكين منهم درهماً والدرهم يبلغ أكثر من نصف صاع أجزاه ذلك، وكان ذلك أفضل. وإذا دعا عشرة مساكين أحدهم صبي فطيم أو فوق ذلك شيئاً (¬1) فغداهم وعشاهم فإنه لا يسعه، ولا يجزي عنه الصبي، وعليه الآن إطعام مسكين واحد، إن شاء أعطاه نصف صاع، وإن شاء غداه وعشاه. ولو أطعم عشرة مساكين كل مسكين مداً من حنطة لم يجزه ذلك، وعليه أن يعيد عليهم مداً (¬2) مداً على كل إنسان منهم، فإن لم يقدر عليهم استقبل الطعام. ولو أعطى مسكيناً واحداً خمسة آصُع لم يجزه ذلك. فإن أعطاه نصف صاع وأعطاه من الغد نصف صاع حتى يكمل (¬3) عشرة أيام أجزاه ذلك. ولو أنه أطعم عشرة مساكين من أهل الذمة كل مسكين نصف صاع من حنطة أجزاه ذلك، ومساكين أهل الإسلام أحب إلي. ولو أعطى عشرة مساكين ذوي رحم محرم منه أجزاه ذلك، ولكن لا يجزيه أن يطعم (¬4) منها ولده ولا والده ولا أمه حرة كانت أو أمة، ولا مملوكاً له ولا مدبره، ولا مكاتبه ولا أم ولد له، ولا زوجة له حرة كانت أو أمة. ولو أن رجلاً سأله منها وهو غني وهو لا يعلم بذلك فأعطاه أجزاه ذلك عنه في قول أبي حنيفة ومحمد، ولا يجزيه في قول أبي يوسف إذا علم. ولو أنه أطعم خمسة مساكين وكسا خمسة مساكين أجزاه ذلك من الطعام إن كان الطعام أرخص من الكسوة، وإن كانت الكسوة أرخص من الطعام أجزى عن الكسوة. ولو أنه أطعم عشرة مساكين قبل أن يحنث في يمينه لم يجزه ¬

_ (¬1) ك ق: سنا. (¬2) ق: مد. (¬3) ق: تكمل. (¬4) ق: أن يعطم.

ذلك (¬1)؛ لأن اليمين لم تجب بعد. ولو حنث في يمينه وهو معسر فأراد أن يكفر كان عليه الصوم. فإن أيسر ووجد ما يتصدق (¬2) به قبل أن يفرغ من الصوم لم يجزه الصوم، وكانت عليه الكفارة: إما عتق وإما كسوة وإما طعام. ولو كانت له دار يسكنها وليس له مال غيرها أجزى عنه الصوم؛ لأن هذا تحل له الصدقة. ولو أطعم عنه رجل عشرة مساكين بأمره أجزى عنه ذلك. ولو أنه أطعم عنه بغير إذنه (¬3) فرضي بذلك لم يجز (¬4) عنه. ولو أن رجلاً أطعم خمسة مساكين في كفارة يمينه ثم احتاج كان عليه أن يستقبل الصيام، ولا يجزي ذلك الطعام عنه. ولو أن رجلاً أطعم من كفارة اليمين أحداً من ولده وهو لا يعلم وهو موضع ذلك أجزاه ذلك عنه في قول أبي حنيفة ومحمد إذا علم بعد. وفي قول أبي يوسف إذا أطعم أحداً من ولده وهو لا يعلم ثم علم بعد ذلك فإنه لا يجزيه. وكذلك الغني في قول أبي يوسف لا يجزي. ولو أن رجلاً عليه يمينان فأطعم (¬5) عنهما (¬6) عشرين مسكيناً أجزى عنه (¬7). فإن أطعم لهما عشرة مساكين لكل مسكين صاع من حنطة لم يجزه ذلك إلا عن يمين واحدة. ويجزيه في قول محمد. ولو أطعم ستين مسكيناً من ظهار أو أطعمهم من كفارة غير الظهار أو أطعمهم من أيمان عليه شتى مختلفة فأطعم الطعام كله ضربة واحدة، لكل مسكين من ذلك نصف صاع لكل يمين على حدة، ولكل ظهار على حدة نصف صاع، ولكل كفارة من رمضان نصف صاع، أجزى عنه؛ لأنها أيمان شتى مختلفة وجبت عليه، وليس هذا كاليمين الواحدة. وفي قول محمد ذلك كله يجزي. ¬

_ (¬1) ك - ذلك (خرم). (¬2) م: ما يعتق. (¬3) ق: أمره. (¬4) م ق: لم يجزي. (¬5) ك م: فاعطعم. (¬6) جميع النسخ: عنها. (¬7) ك م: منه.

وإذا (¬1) أعطى الرجل ثوبًا لعشرة مساكين (¬2) من كفارة يمينه فإنه لا يجزي عنه من الكسوة. وإن كان يساوي الثوب ثمن الطعام فهو يجزي عنه من الطعام. وإذا وجبت على العبد أو المكاتب أو المدبر أو أم الولد كفارة يمين لم يجز (¬3) عنه الطعام وإن أذن له مولاه فيه، ولكن عليه الصيام؛ لأن العبد لا يملك الطعام. ولو أن العبد أعتق فأطعم عشرة مساكين بعد (¬4) عتقه أجزاه. ولو أن رجلاً حلف على يمين وهو كافر ثم حنث بعدما أسلم لم تكن (¬5) عليه الكفارة. وكذلك إذا حلف وهو مسلم ثم رجع عن الإسلام ثم أسلم بعد ثم حنث فلا كفارة عليه. وإذا استثنى الرجل في يمينه فلا كفارة عليه ولا حنث. وإذا جعل الرجل لله عليه طعام مساكين (¬6) ونوى عدداً من المساكين فهو ذلك العدد. فإن نوى كيلاً من الطعام معلوماً فهو ذلك الكيل. وإن لم ينو (¬7) شيئاً مسمى من الطعام ولا عدد مساكين فعليه طعام عشرة مساكين، كل مسكين نصف صاع من حنطة. وكذلك إن قال: إن كلمت فلاناً فعلي إطعام مساكين، أو قال: إطعام عشرة مساكين (¬8). وقد يعطى من المساكين من له الخادم والدار (¬9)، ويعطى من الصدقة ومن الزكاة من له الدار والخادم. ¬

_ (¬1) م: فإذا. (¬2) ق: مشاكين. (¬3) م ق: لم يجزي. (¬4) ك - بعد (خرم). (¬5) م ق: لم يكن. (¬6) جميع النسخ: مسكين. ودوام المسألة يدل عليه. (¬7) م: ولم ينو. (¬8) ق + كل مسكين نصف صاع من حنطة وكذلك إن قال إن كلمت فلانا فعلي إطعام مساكين. (¬9) م ق: أو الدار.

باب الكسوة في كفارة اليمين

وبلغنا عن أبي حزم وعن إبراهيم والحسن أنهم قالوا ذلك (¬1). ولو أن رجلاً أوصى أن يطعم عنه في كفارة أيمان عليه (¬2) عند موته كان ذلك الطعام من ثلثه. وكذلك لو أوصى بكسوة. وكذلك لو أوصى بعتق عبد. فإن لم يكن له مال غير العبد الذي أوصى بعتقه عتق العبد وسعى في ثلثي قيمته، ولا يجزي عنه في كفارة يمينه. وإن خرج من الثلث أجزى عنه. وقول أبي حنيفة ومحمد: الصاع الأول ثمانية أرطال، وهو مختوم (¬3) بالحَجّاجي (¬4) وهو ربع الهاشمي (¬5). قال محمد: وكذلك ذكر المغيرة عن إبراهيم أنه قال: وجدنا صاع عمر حَجّاجياً (¬6). ... باب الكسوة في كفارة اليمين محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال في قول الله -عَزَّ ¬

_ (¬1) تقدم في كتاب الزكاة، باب زكاة المال رواية المؤلف لذلك بإسناده عن إبراهيم والحسن. انظر: 1/ 118 ظ. لكن لم نجده عن أبي حزم. وأبو حزم روى عن جابر بن زيد وروى عنه محمد بن بكير. انظر: الكنى والأسماء لمسلم بن الحجاج، 1/ 276. ولم نقف على أكثر من ذلك. ولعله أبو حازم، لكن ذلك كنية قوم كثيرين، فيحتاج إلى التعيين. وقد روي قول إبراهيم والحسن عن سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان أيضاً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402. (¬2) م - عليه. (¬3) المختوم هو الصاع بعينه. انظر: المغرب، "ختم". (¬4) نسبة إلى إلى الحجاج بن يوسف. (¬5) ربع الهاشمي، على الإضافة مع حذف الموصوف، أي ربع القفيز الهاشمي هو الصاع؛ لأن القفيز اثنا عشر مَنًّا. انظر: المغرب، "ربع". (¬6) م + والله تعالى أعلم. وللأثر المذكور انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي، 2/ 52؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 429.

وَجَلَّ- في الكفارة: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} (¬1): إن ذلك لكل مسكين ثوب (¬2). فإذا أعطى كل مسكين ثوباً: إزاراً أو رداء أو قميصاً أو قَباءً أو كساءً فإن ذلك يجزيه من الكفارة إذا كسا عشرة مساكين. ولو أعطى كل مسكين نصف ثوب لم يجز (¬3) عنه ذلك من الكسوة، ولكن كان يجزي عنه من الطعام إذا كان كل نصف (¬4) ثوب يساوي نصف صاع من حنطة (¬5). ولو كسا كل مسكين قلنسوة أو خفين أو حمله على نعلين لم يجز (¬6) ذلك عنه من الكسوة، ولكنه يجزي عنه من الطعام إذا كان ذلك يساوي نصف صاع من حنطة. ولو أعطى مسكيناً واحداً عشرة أثواب لم يجز (¬7) ذلك عنه من عشرة مساكين، ولكنه يجزي عنه من مسكين واحد. ولو أعطى في كل يوم (¬8) ثوباً حتى يستكمل عشرة أثواب في عشرة أيام أجزى عنه. ولو كسا عشرة مساكين كل مسكين ثوباً وكلهم ذو رحم محرم منه أجزى عنه ما لم يكن فيهم ولد (¬9) ولا والد ولا زوجة. ولا يجزي عنه أن يكسو مكاتباً له ولا مدبراً ولا أم ولد. ولو كسا مكاتباً لغيره محتاجاً أو عبداً لغيره محتاجاً أو أم ولد لغيره ومولاها محتاج أو مدبراً لغيره محتاجاً أجزى عنه ذلك. ولو كسا عشرة مساكين من مساكين أهل الذمة أجزاه (¬10) ذلك، وفقراء المسلمين أحب إلي. ولو أعطى عشرة مساكين كل مسكين من الطعام قدر قيمة الثوب أجزاه ذلك من الكسوة. ولو أعطى عشرة مساكين ثوباً بينهم وهو ثوب كثير القيمة ¬

_ (¬1) سورة المائدة، 5/ 89. (¬2) بنفس الإسناد في الآثار لمحمد، 123. ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة كذلك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 168. (¬3) م: لم يجزي. (¬4) م - نصف. (¬5) ك - حنطة (خرم). (¬6) ق: لم يجزئ. (¬7) م: لم يجزي. (¬8) ق - يوم. (¬9) ك - ولد، صح هـ. (¬10) م: اجزا.

يصيب (¬1) كل مسكين منهم أكثر من قيمة ثوب كان ذلك في القياس يجزي عنه من الطعام، ولا يجزي (¬2) من الكسوة. ألا ترى أنه لو أعطى كل مسكين ربع صاع من حنطة وذلك يساوي صاعاً من تمر لم يجز عنه من الطعام، فكذلك هذا الثوب. ولو أن هذا المد من الحنطة كان يساوي ثوباً كان يجزي من الكسوة، ولا يجزي من الطعام. ولو أعطى عشرة مساكين دابةً أو شاةً أو عبداً أو أمة فإن كان قيمة ذلك يبلغ عشرة أثواب أجزاه من الكسوة. وإن كان لا يبلغ قيمته (¬3) عشرة أثواب وبلغ (¬4) قيمةَ الطعام أجزى عنه من الطعام. ولو أن رجلاً كسا عشرة مساكين أو أطعمهم ثم إن رجلاً أقام على تلك الكسوة والطعام بينة فقضي له به لم يجز (¬5) ذلك عن الذي أطعم، وكان عليه أن يستقبل الطعام (¬6). ولو أن رجلاً كسا عن رجل بأمره عشرة مساكين أجزاه ذلك وإن (¬7) لم يعطه لها ثمناً. ولو أعطى لها ثمناً أجزاه ذلك أيضاً. ولو كسا عشرة مساكين بغير أمره فرضي بذلك لم يجز عنه. ولو كسا عشرة مساكين قبل أن يحنث في يمينه ثم حنث فيها لم تجزه تلك الكسوة من كفارته، وكان عليه الكسوة بعد الحنث؛ لأنه لا يبدأ بالكفارة قبل الحنث. ولو كسا عشرة مساكين ثم وجد بعضهم غنياً ليس بموضع للصدقة ولم يكن يعلم ذلك حتى كساه أجزأ (¬8) ذلك عنه؛ لأنه ليس عليه أن يعلم أنهم فقراء إلا في الظاهر. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يجزيه في الغني. ¬

_ (¬1) م: نصيب. (¬2) ق + عنه. (¬3) م ق: قيمه. (¬4) جميع النسخ وط: وبلغت. (¬5) م: لم يجزي. (¬6) ك - الطعام (خرم). (¬7) م: فإن. (¬8) م: اجزاه.

ولو أنه أعطى من كفارة يمين في أكفان الموتى أو في بناء مسجد أو في قضاء دين ميت أو في عتق رقبة لم يجز ذلك عن يمينه. بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال ذلك (¬1). ولو كسا ابن السبيل منقطعٌ به أو غازياً أو حاجاً منقطعٌ به فكساه ثوباً (¬2) أو أطعمه طعام مسكين أجزى ذلك عنه من مسكين واحد. ولو أن رجلاً كانت عليه يمينان فكسا عشرة مساكين كل مسكين ثوبين أجزاه ذلك عن يمين واحدة، وكانت عليه كسوة عشرة مساكين لليمين الأخرى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول محمد فهو يجزي. ولو أن رجلاً كسا خمسة مساكين والطعام أرخص من الكسوة أجزأ (¬3) ذلك عنه من الطعام، ولم يجز ذلك عنه من الكسوة. وإذا كسا الرجل المساكين أو أطعمهم ثم مات بعضهم وهو وارثه فورث تلك الكسوة بعينها وذلك الطعام بعينه لم يفسد ذلك عليه كسوته ولا طعامه، وكان ذلك يجزي عنه. وكذلك لو اشترى منهم تلك الكسوة بعينها وذلك الطعام أجزى عنه في كفارة اليمين، ولم يفسد ذلك عليه شيئاً. ولو وهبه له أولئك المساكين كان قد أجزى عنه صدقته عليهم في كفارة يمينه، ولا تفسد هبتهم له صدقته عليهم (¬4). بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن بريرة كان يتصدق عليها بالشيء فتهديه (¬5) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقبله، ويقول: "هو لها صدقة ولنا هدية" (¬6). ... ¬

_ (¬1) روي عن إبراهيم أنه كان يكره أن يشتري من زكاة ماله رقبة يعتقها. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 402. وقد يقال: إن أمر الزكاة والكفارة واحد. انظر: الأصل (الأفغاني)، 3/ 187. (¬2) م: ثوبان. (¬3) ك ق: أجزاه. (¬4) ق: صدقتهم عليه. (¬5) ق: فيديه. (¬6) م + والله أعلم.- والحديث تقدم تخريجه قريبا.

باب الصيام في كفارة اليمين

باب الصيام في كفارة اليمين (¬1) وإذا حنث الرجل في يمينه وهو معسر لا يجد ما يعتق ولا ما يكسو ولا ما يطعم فعليه الصيام ثلاثة أيام متتابعة. فإن صامها متفرقة لم يجز (¬2) عنه. بلغنا أنه في قراءة ابن مسعود: [ثلاثة أيام متتابعات] (¬3). ولو صام ثلاثة أيام ثم أيسر في اليوم الثالث انتقض صومه ذلك وكانت عليه الكفارة؛ لأن الله تعالى يقول: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (¬4). فهذا قد وجد، فلا يجزيه الصوم. وكذلك بلغنا عن عبد الله بن عباس وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا ذلك (¬5). وإذا حنث الرجل في يمينه وهو معسر ثم أيسر قبل أن يكفر فعليه العتق أو الكسوة أو الطعام. ولو حنث وهو موسر ثم احتاج كان عليه الصيام. وعلى العبد إذا حنث في يمينه الصيام، ولا يجزيه شيء غير ذلك. وكذلك المكاتب والمدبر وأم الولد. ولو أعتق أحدهم (¬6) قبل أن يصوم وأيسر لم يجزه الصوم، وكان عليه أي الكفارات شاء. ولو أن رجلاً أصبح مفطراً ثم عزم على الصوم الضحى يريد بذلك كفارة يمين لم يجزه ذلك؛ لأنه قد أصبح مفطراً. ولو صام في كفارة اليمين ثم أكل في صومه ناسياً أو شرب ناسياً كان ¬

_ (¬1) سقط العنوان من ط كخطأ مطبعي، وهو يوجد في الفهرس. (¬2) ق: لم يجزي. (¬3) جميع النسخ وط: متتابعة. والتصحيح من كتاب الصوم حيث مر هذا البلاع هناك أيضا. انظر: 1/ 139 و. وقد رويت هذه القراءة عن ابن مسعود وأبي بن كعب وإبراهيم النخعي. انظر: الآثار لمحمد، 123؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 514؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 3/ 88؛ وتفسير الطبري، 7/ 30؛ والمستدرك للحاكم، 2/ 303؛ والدراية لابن حجر، 2/ 91. (¬4) سورة المائدة، 5/ 89. (¬5) تقدم قريباً. (¬6) ك ق: أحد منهم.

صومه ذلك تاماً وأجزى عنه. بلغنا ذلك عن رسول الله في صوم رمضان (¬1)، فهو أشد من ذلك. ولو أن رجلاً صام ثلاثة أيام ثم مرض في يوم منها فأفطر كان عليه أن يستقبل؛ لأنها ليست بمتتابعة. وكذلك المرأة لو صامت فحاضت (¬2) في الثلاثة أيام (¬3) كان عليها أن تستقبل (¬4) الصوم (¬5)؛ لأنها قد تقدر أن تصوم ثلاثة أيام لا تكون فيها حائضاً (¬6). ولو أن رجلاً صام هذه الثلاثة أيام في أيام (¬7) التشريق لم يجزه ذلك؛ لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر مناديه: "ألا لا تصوموا هذه الثلاثة الأيام، إنما هي أيام أكل وشرب" (¬8). فعلى هذا الذي صامها أن يستقبل الصيام. ولو أن رجلاً صامها في رمضان كان صومه ذلك من رمضان جائزاً، وكان عليه أن يستقبل صيام اليمين بعد أن يفرغ من رمضان. ولو أن رجلاً صام فيها (¬9) يوم النحر أو يوم الفطر وهو يعلم بذلك أو ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه في كتاب الصوم. انظر: 1/ 136 و. (¬2) م: وحاضت. (¬3) ك ق: الأيام، ط + الأولى. (¬4) م - لأنها ليست بمتتابعة وكذلك المرأة لو صامت وحاضت في الثلاثة أيام كان عليها أن تستقبل. (¬5) ك: الصيام. (¬6) م: حايظا. (¬7) م - أيام. (¬8) روي نحوه. انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 213؛ والحجة على أهل المدينة، 1/ 389 - 390؛ والآثار لمحمد، 32 - 33. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 19 - 20، ومسند أحمد، 1/ 76، 92، 169؛ 2/ 513؛ 3/ 494؛ وصحيح مسلم، الصيام، 144، 145؛ وسنن أبي داود، الصوم، 50؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 1/ 305، 470؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 484. (¬9) ق + في رمضان كان صومه.

لا يعلم ثم علم بعد ذلك لم يجزه ذلك من الصيام، وكان عليه أن يستقبل الصوم. ولو أن رجلاً صامهن قبل أن يحنث في يمينه لم يجزه ذلك، وكان عليه أن يستقبل الصوم (¬1) إذا حنث. ولو صامهن وهو يجد ما يطعم أو يكسو لم يجزه ذلك؛ لأن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يقول: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ}، فهو قد وجد، فلا يجزيه الصيام. ولو أن رجلاً كان ماله غائباً (¬2) عنه أو له دين (¬3) على الناس فكان لا يجد ما يطعم ولا ما يكسو ولا يجد (¬4) ما يعتق أجزاه أن يصوم ثلاثة أيام في كفارة يمينه. ولو أن رجلاً له مال وعليه دين مثله أو أكثر أجزاه الصوم بعدما يقضي (¬5) دينه من ذلك المال. ألا ترى أن الصدقة تحل لهذا. ولو أن عبداً صام في كفارة يمين ثم أعتق قبل أن يفرغ فأصاب مالاً لم يجزه الصوم، وكان عليه الطعام أو الكسوة أو العتق. ¬

_ (¬1) ق - ولو أن رجلاً صامهن قبل أن يحنث في يمينه لم يجزه ذلك وكان عليه أن يستقبل الصوم. (¬2) ق: غليبا. (¬3) جميع النسخ وط: أو دين له. (¬4) م: ولا يجزيه. (¬5) م ق: قبل أن يقضي. وقال السرخسي: ولو كان له مال وعليه دين مثله أجزأه الصوم بعدما يقضي دينه عن ذلك المال، وهذا غير مشكل، لأنه بعد قضاء الدين بالمال غير واجد لمال يكفر به، وإنما الشبهة فيما إذا كفر بالصوم قبل أن يقضي دينه بالمال، فمن مشايخنا من يقول بأنه لا يجوز، ويستدل بالتقييد الذي ذكره بقوله: بعدما يقضي دينه، وهذا لأن المعتبر هنا الوجود دون الغنى، وما لم يقض الدين بالمال فهو واجد، والأصح أنه يجزيه التكفير بالصوم، لما أشار إليه في الكتاب من قوله: ألا ترى أن الصدقة تحل لهذا، وفي هذا التعليل لا فرق بينما قبل قضاء الدين وبعده وهذا لأن المال الذي في يده مستحق بدينه، فيجعل كالمعدوم في حق التكفير بالصوم، كالمسافر إذا كان معه ماء وهو يخاف العطش يجوز له التيمم، لأن الماء مستحق لعطشه، فيجعل كالمعدوم في حق التيمم. انظر: المبسوط، 8/ 156.

باب اليمين في مجالس مختلفة

ولو أن رجلاً صام ستة أيام عن يمينين عليه أجزاه ذلك منهما إذا كان لا يجد ما يطعم. وإن لم ينو ثلاثة أيام لكل واحدة (¬1) منهما أجزى عنه. ولو أن رجلاً صام يومين ثم أفطر وأطعم (¬2) ثلاثة مساكين أو بدأ بالطعام ثم الصيام لم يجزه ذلك، وكان عليه (¬3) أن يستقبل الصوم إن كان لا يجد ما يطعم. ولو أن رجلاً كانت عليه يمينان وعنده (¬4) طعام لإحداهما (¬5) فأطعم لها (¬6) ثم صام للأخرى أجزاه ذلك. ولو صام لإحداهما (¬7) ثم أطعم بعد ذلك للأخرى لم يجزه الصوم؛ لأنه صام وهو يجد ما يطعم (¬8). وكان عليه أن يستقبل الصوم للتي (¬9) صام لها. ولو صام رجل عن رجل بأمره في كفارة يمينه أو في غير ذلك لم يجزه ذلك. وكذلك لو أن (¬10) ميتاً أوصى عند موته أن يصام عنه في كفارة يمين لم يجزه ذلك؛ لأنه لا يصوم (¬11) أحد عن أحد. بلغنا ذلك عن ابن عمر - رضي الله عنهما - (¬12). ... باب اليمين في مجالس مختلفة ولو أن رجلاً حلف على أمر لا يفعله أبداً، ثم حلف أيضاً في ذلك المجلس أو في مجلس آخر لا يفعله أيضاً أبداً، ثم فعل ذلك الذي حلف عليه كانت عليه (¬13) كفارة يمينين، إلا أن يكون نوى باليمين الأخرى اليمين ¬

_ (¬1) م: واحد. (¬2) م: أو أطعم؛ ق + ثلثه. (¬3) م: لم يجزه ذلك وعليه. (¬4) م: وعليه. (¬5) ق: لأحدهما. (¬6) م: لأحدهما. (¬7) ق: لأحدهما. (¬8) ق: ما يعطم. (¬9) م ق ط: التي. (¬10) م + لو أن. (¬11) ق: لا يضوم. (¬12) تقدم تخريجه في كتاب الصوم. انظر: 1/ 141 و. (¬13) ق - عليه.

الأولى، فتكون (¬1) عليه كفارة واحدة. وإن لم يكن عنى باليمين الآخرة الأولى فعليه يمينان، وعليه لهما كفارتان. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي (¬2). وكذلك لو أراد باليمين الآخرة التغليظ والتشديد على نفسه. ولو أن رجلاً حلف على حق امرئ مسلم على مال له عنده، فحلف ما له عنده شيء وهو كاذب، لم يكن عليه كفارة. وكذلك كل يمين تكون (¬3) على المدعى عليه إنما يحلف على شيء قد مضى. وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اليمين الغموس تدع الديار بَلاَقِع" (¬4). وهذا عندنا اليمين الغموس. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5) أنه قال: "من اقتطع بخصومته وجدله مال امرئ مسلم فليتبوأ مقعده من النار" (¬6). فحال هذه اليمين ¬

_ (¬1) م ق: فيكون. (¬2) رواه محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. انظر: الآثار لمحمد، 95. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 151. وروي عن إبراهيم أنه قال: إذا ردد الأيمان فهي يمين واحدة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 505. (¬3) ك: يكون. (¬4) رواه الإمام محمد بإسناده عن أبي هريرة. انظر: الآثار له، 147. وقد روي مرسلاً وموصولًا. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 11/ 171؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 35؛ وجامع المسانيد، 2/ 259؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 228. وسميت هذه اليمين غموسًا لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار. والبَلْقَعِ المكان الخالي. والمعنى أنه بسبب شؤمها تهلك الأموال وأصحابها، فتبقى الديار بَلاقِع، فكأنها هي التي صيّرتها كذلك. انظر: المغرب، "غمس". (¬5) ك - أنه قال اليمين الغموس تدع الديار بلاقع وهذا عندنا اليمين الغموس وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صح هـ. (¬6) عن الحارث بن البرصاء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحج بين الجمرتين وهو يقول: "من اقتطع مال أخيه المسلم بيمين فاجرة فليتبوأ مقعده من النار". انظر: الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم، 2/ 171؛ والمستدرك للحاكم، 4/ 328. صروي عن عمران بن حصين وأبي هريرة - رضي الله عنهما - بلفظ قريب. انظر: المعجم الكبير للطبراني، 8/ 148؛ والمستدرك للحاكم، 4/ 327؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 179، 181. وروي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه غضبان". انظر: صحيح البخاري، التوحيد، 24؛ وصحيح مسلم، الإيمان، 220.

شديدة، والمأثم فيها عظيم، ليس فيها (¬1) كفارة. ولو أن رجلاً حلف بالله لا يفعل كذا وكذا، ثم حلف على ذلك أيضاً بحج، ثم حلف (¬2) على ذلك أيضاً بالعمرة، ثم فعل ذلك الشيء، كانت عليه كفارة يمين وحج وعمرة. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي. ولو أن رجلاً حلف بالله ليفعلن كذا وكذا فوقت لذلك الشيء (¬3) وقتاً، وذلك الشيء معصية لله تعالى، كان الذي يحق عليه من ذلك أن لا يَتِمّ على ذلك، وأن يترك الذي حلف (¬4) عليه. فإذا ذهب الوقت ووجب عليه الحنث كفر يمينه. بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من حلف على يمين فرأى (¬5) خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر (¬6) يمينه" (¬7). ولو أن رجلاً حلف ليفعلن (¬8) كذا وكذا ولم يوقت لذلك وقتاً كان في سعة مما حلف عليه، فمتى ما فعل ذلك بر في (¬9) يمينه وخرج منها إلا أن يموت قبل أن يفعل ذلك. فإذا مات قبل أن يفعل ذلك وجبت (¬10) عليه الكفارة. وينبغي له أن يوصي بها عند موته. ولو أن رجلاً حلف على يمين واستثنى فيها وقال: إن شاء الله، ووصلها بيمينه خرج من يمينه. ولو أن رجلاً حلف على ذلك بأيمان كثيرة بعد أن تكون (¬11) متصلة فقال: علي كذا وكذا (¬12) حجة وكذا وكذا (¬13) عمرة ¬

_ (¬1) ق: فيه. (¬2) ك: وحلف. (¬3) ك ق - الشيء. (¬4) ك - الذي حلف (خرم). (¬5) ط + غيرها. وقد ورد الحديث بدون هذه الكلمة في بعض رواياته. انظر مثلا: صحيح مسلم، الأيمان، 17. (¬6) ط + عن. وقد ورد الحديث بدون حرف الجر في بعض رواياته. انظر مثلا: صحيح مسلم، الأيمان، 14. (¬7) تقدم تخريجه. (¬8) م - ليفعلن، صح هـ. (¬9) م: برقي. (¬10) ق: وجب. (¬11) ك: أن يكون. (¬12) ك م: كذا كذا. (¬13) جميع النسخ: وكذا كذا. وأثبتنا ما في ط.

ومشي إلى بيت الله، ومالي (¬1) في المساكين صدقة (¬2)، وعليّ (¬3) عهد الله وميثاقه إن كلمتُ فلاناً إن شاء الله، ثم كلمه لم يكن عليه حنث، ولم يجب عليه شيء في أيمانه. وكذلك لو كان فيها عتق وطلاق. بلغنا ذلك عن عطاء وطاوس وإبراهيم النخعي وغيرهم أنهم قالوا: من حلف بالطلاق أو بالعتاق فقال: إن شاء الله، فلا شيء عليه، لا يقع عتاق ولا طلاق إذا استثنى (¬4). وبلغنا عن عبد الله بن عباس وعن ابن مسعود وابن عمر وعن إبراهيم النخعي وغيرهم أنهم قالوا: من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه ولا كفارة (¬5). وكذلك لو قال: إلا أن يبدو لي، أو قال: إلا أن أرى خيراً من ذلك. فأما إذا قال: إلا أن لا أستطيع ذلك، فهو على وجهين: إن كان يعني ما سبق من القضاء فهو موسع عليه وله أن يكلمه ولا يقع عليه شيء. وإن كان يعني إلا أن لا أستطيع: لشيء يعرض عليه من البلايا أو الحاجة التي حلف عليها، فإن فعل ذلك قبل أن يعرض ذلك له حنث. وإن فعل بعدما يقع به ما قال لم يحنث. وإن لم يكن له نية في الاستطاعة فهو على أمر يحدث ولا يكون على القضاء ولا على القدر إلا أن ينوي ذلك. ولو أن رجلاّ (¬6) قال: والله لا أكلم فلاناً ولا فلاناً إن شاء الله، يعني بالاستثناء اليمينين (¬7) جميعاً ولم يكن بينهما سكوت كان الاستثناء عليهما جميعاً. وكذلك لو قال: علي حجة إن كلمت فلاناً وعلي عمرة إن كلمت فلاناً إن شاء الله، فكلمه (¬8) لم يحنث. فأما إذا قال: عبدي حر إن كلمت فلاناً، عبدي الآخر حر إن كلمت فلاناً إن شاء الله، ثم كلمه كان عبده الأول حراً في القضاء، ولا يدين في ذلك إلا فيما بينه وبين الله تعالى. ¬

_ (¬1) جميع النسخ وط: وماله. (¬2) ق + عليه. (¬3) جميع النسخ وط: وعليه. (¬4) تقدم تخريجه. (¬5) تقدم تخريجه. (¬6) م - أن رجلا، صح هـ. (¬7) ق: اليمين. (¬8) م: وكلمه.

وكذا لو قال لامرأته: إن كلمت فلاناً فأنت طالق، أنت طالق (¬1) إن كلمت فلاناً إن شاء الله، ثم كلمت فلاناً كان في القضاء يقع عليها التطليقة الأولى إذا كلمت فلاناً. وأما فيما بينه وبين الله تعالى إذا كان يعني في الاستثناء ذلك كله فإنه لا يقع عليها شيء فيما بينه وبين الله تعالى. ولو قال: إن كلمت فلاناً فأنت طالق أنت طالق إن شاء الله، كان هذا في القضاء يحنث، وفيما بينه وبين الله تعالى لا يقع عليها شيء (¬2) حتى تكلمه. وكذلك العتق (¬3) في هذا أيضاً. وكذلك لو قال لامرأته: إن حلفت بطلاقك فعبدي حر، وقال لعبده: إن حلفت بعتقك فامرأته طالق، فإن (¬4) عبده يعتق؛ لأنه قد حلف بطلاق امرأته. ألا ترى أنه لو قال: إن كلمت فلاناً فأنت طالق، فإنه قد حلف بطلاقها وكان عبده حراً. ولو قال لها: إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، إن حلفت بطلاقك فأنت طالق، وقعت (¬5) عليها التطليقة الأولى والثانية إن كان دخل بها، وكانت في عدة منه؛ لأنه قد حلف بطلاقها في المرة الثانية، فصارت طالقاً بالتطليقة الأولى، وحلف بطلاقها الثانية فصارت طالقاً بالثانية أخرى، وصارت الثالثة (¬6) يميناً أخرى، لم يحنث بَعْدُ، إن عاد في (¬7) الكلام وقعت عليها أيضاً تطليقة أخرى. وإن كان لم يدخل بها والمسألة (¬8) على حالها وقعت عليها تطليقة واحدة، وسقط ما سوى ذلك. ولو أن رجلاً قال لعبده: أنت حر إن حلفت بطلاق امرأتي، ثم قال لامرأته: أنت طالق إن شئت، ولم يقل غير ذلك، فإن عبده رقيق ولا يقع عليه العتق، وليس هذا بيمين. وكذلك لو قال لها: أمرك بيدك أو اختاري أو أنت طالق إذا حضت ¬

_ (¬1) م - أنت طالق. (¬2) م: حتي. (¬3) م: العبد؛ ق: التعق. (¬4) م: فانه. (¬5) م: وجب. (¬6) م: الثانية. (¬7) م - في؛ ق: إن أعاد. (¬8) ق: والمسلمة.

باب المساكنة في كفارة اليمين

حيضة، فليس هذا بيمين. ألا ترى أنها لو قامت من مجلسها ذلك بطل ما جعل إليها من ذلك مِن: أمرك بيدك أو اختاري. ولو قال لها: أنت طالق إن دخلت هذه الدار، لم يبطل ذلك أبداً، وكانت طالقاً متى ما (¬1) دخلت الدار، فهذه يمين يعتق بها العبد. وكذلك قوله: أنت طالق إن تكلمت، أو أنت طالق إن قمت، أو أنت طالق إن حضت، فهذه يمين أيضاً يقع بها عتق العبد وطلاق المرأة. ... باب المساكنة في كفارة اليمين ولو أن رجلاً حلف بالله أن لا يساكن فلاناً ولا نية له فساكنه في دار، وكل واحد منهما في مقصورة (¬2) وحدها لم يحنث. فإن كان نوى ذلك فقد ساكنه ووقع عليه الحنث والكفارة. وإن كان نوى حين حلف أن لا يساكنه في بيت أو في حجرة أو في منزل واحد يكونان جميعاً فيه لم يحنث حتى يساكنه فيما نوى. وكذلك لو سمى بيتاً أو لم يسم بيتاً. ولو لم ينوه ثم ساكنه في قرية أو في مدينة وكل واحد منهما في دار وحدها لم يحنث، ولم يقع عليه اليمين إلا أن ينوي ذلك. فإن نوى أن لا يساكنه في مدينة ولا في قرية ولا في مصر ولم يسم ذلك أو سمى ذلك فساكنه في شيء من ذلك حنث. ولا تكون المساكنة في ذلك إذا لم ينو إلا في دار واحدة أو بيت واحد. ولو حلف أن لا يساكنه في بيت فدخل عليه في بيته زائراً أو أضافه فأقام في بيته يوماً أو يومين لم يحنث؛ لأن هذا ليس بمساكنة إلا أن ينوي هذا. وإنما المساكنة النقلة إليه بمتاعه وأهله. ألا ترى أن الرجل قد يمر ¬

_ (¬1) ق - ما. (¬2) مقصورة الدار: حجرة من حُجَرها. انظر: المغرب، "قصر".

بالقرية فيدخلها فيبيت (¬1) فيها أو يقيل (¬2) فيها ثم يقول: ما سكنتها قط، فيكون صادقاً. ولو أن رجلاً كان ساكناً في دار فحلف أن لا يسكنها ولا نية له ثم أقام فيها بعد يمينه (¬3) يوماً أو أكثر من ذلك (¬4) وقع عليه الحنث، وكان قد سكنها. فينبغي له حين حلف أن يخرج منها من ساعته. ولو أن رجلاً حلف أن لا يساكن فلاناً في دار قد سماها بعينها فاقتسما الدار وضربا بينهما حائطًا، ثم فتح كل واحد باباً لنفسه، ثم سكن الحالف في طائفة (¬5) والآخر في طائفة (¬6) كان قد ساكنه ووقع عليه الحنث؛ لأنه قد ساكنه فيها بعينها. ولو حلف لا يساكنه في منزل ولم يكن له نية ولم يسم داراً (¬7) بعينها وكانت الدار قد قسمت قبل ذلك فضربا حائطاً بينهما، وفتح كل واحد منهما باباً لنفسه على حدة، ثم سكن الحالف في أحد القسمين والآخر في القسم الآخر لم يقع عليه الحنث، وكان على يمينه كما هو، ولم يكن عليه حنث ولا كفارة. ولو حلف رجل لا يساكن رجلاً ولم يكن له نية فساكنه في دار عظيمة فيها مَقَاصِير (¬8)، فكان الحالف في مقصورة يغلق عليها باب، ويسكن الآخر في مقصورة أخرى، لم يقع عليه الحنث. وإنما يقع اليمين في هذا على المنزل الواحد. ألا ترى لو كان ساكناً في ناحية من الدار مثل دار الوليد (¬9) وكان الآخر في منزل في أقصاها أنه لا يحنث. ¬

_ (¬1) ك ق: ويبيت. (¬2) ك: ويقيل. (¬3) ق: يميبه. (¬4) ك - ذلك (خرم). (¬5) م: في طابقه. (¬6) م: في طابقه. (¬7) ق: دار. (¬8) جمع مقصورة بمعنى الحجرة. (¬9) وذكر السرخسي أن دار الوليد دار كبيرة بالكوفة، ونظيره دار نوح ببخارى، وأن ذلك بمنزلة المحلة في كبرها. انظر: المبسوط، 8/ 161.

وإذا حلف رجل (¬1) لا يساكن رجلاً وهو يعني في بيت واحد فساكنه في منزل وكل واحد في بيت لم يحنث. ولو حلف أن لا يساكنه في دار فهو كما عنى، إن ساكنه في دار حنث (¬2). وإذا حلف الرجل أن (¬3) لا يسكن داراً بعينها فهدمت وبنيت بناء آخر فسكنها ولم يكن له نية فقد حنث؛ لأنها تلك الدار بعينها. وإذا حلف الرجل لا يسكن (¬4) دار فلان هذه فباع فلان داره تلك التي حلف عليها الرجل (¬5) فسكنها الحالف، فإن كان حين حلف نوى ما دامت لفلان فإنه لا يحنث، وإن لم يكن نوى ذلك فإنه (¬6) يحنث؛ لأنها تلك الدار بعينها في قول محمد. ولا يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وإذا حلف الرجل لا يسكن بيتاً فهَدَمَ ذلك البيت حتى تركه (¬7) صحراء ثم بنى بيتاً آخر في ذلك الموضع فسكنه لم يحنث؛ لأن هذا ليس بذلك البيت. وهذا والدار مختلف. قد تسمى الدار (¬8) داراً ولا بناء فيها، ولا يسمى البيت بيتاً وهو صحراء. وكل يمين حلف في هذه السكنى كلها بعتق أوطلاق أو غير ذلك فهو سواء. وإذا حلف الرجل لا يسكن داراً لفلان ولم يسم داراً بعينها ولم ينوها فسكن داراً له قد باعها لم يحنث. وإن سكن داراً له قد اشتراها حنث (¬9). إنما (¬10) يقع اليمين على ما يملك يوم يسكنها. ألا ترى أنه لو حلف لا يأكل من طعام لفلان فأكل من طعام قد ابتاعه فلان بعد تلك اليمين حنث. وقال ¬

_ (¬1) ك ق: الرجل. (¬2) م: جنب (¬3) م - أن. (¬4) ق: لا يساكن. (¬5) م - الرجل. (¬6) م - نوى ذلك فإنه. (¬7) جميع النسخ وط: حتى ترك. (¬8) ق: يسمى الدا. (¬9) ق: حيث. (¬10) ق: وإنما.

أبو يوسف: إذا حلف فالحلف على الدار التي يملك فلان يومئذ، وإن اشترى داراً (¬1) أخرى فسكنها أو دخلها لم يحنث، ولا يشبه الدار الطعام والشراب. وإذا حلف الرجل لا يسكن داراً لفلان فسكن داراً لفلان ولآخر لم يحنث؛ لأنها ليست لفلان كلها. ولو كانت لفلان كلها إلا سهماً منها من مائة سهم لم يحنث الحالف. وإذا حلف الرجل لا يسكن داراً اشتراها فلان، فاشترى (¬2) فلان داراً (¬3) لغيره فسكنها الحالف حنث، إلا أن يكون نوى لا يسكن داراً اشتراها فلان لنفسه. فإن نوى ذلك لم يحنث. وإن كان حلف بعتق أوطلاق لم يدين في القضاء ووقع عليه ذلك وحنث. وإذا حلف الرجل لا يسكن بيتاً ولا نية له فسكن بيتاً من شعر من بيوت أهل البادية أو فسطاطًا (¬4) أو خيمة لم يحنث الحالف إذا كان من أهل الأمصار. وإنما يقع هذا على معاني كلام الناس. ولو كان من أهل بادية فسكن بيت شعر حنث (¬5). وإذا حلف الرجل لا (¬6) يسكن بيتاً لفلان ولا نية له فسكن صُفَّةً (¬7) لفلان حنث؛ لأن الصفة بيت إلا أن يكون نوى البيوت دون الصُّفَات (¬8). فإن نوى ذلك لم يحنث. وكذلك لو حلف في هذا بعتق أوطلاق دُيِّنَ فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يدين في القضاء. وإذا حلف الرجل لا يسكن دار فلان هذه فسكن منزلاً منها فقد سكنها إلا أن يكون عنى لا يسكنها كلها. فإن كان عنى ذلك لم يحنث حتى ¬

_ (¬1) ق: درا. (¬2) م: فإن شرى. (¬3) ق: درا. (¬4) ق: أو فسطاط. (¬5) ق: حيث. (¬6) ق: الا. (¬7) الصفة من البنيان شبه البَهْو الواسع الطويل، والصفة أيضاً: الظُّلّة. انظر: لسان العرب، "صفف". (¬8) م: الصفاف.

باب الدخول في كفارة اليمين

يسكنها كلها. وإن لم يكن له نية فسكنها حنث؛ لأن كلام الناس على هذا يقع. وكذلك لو حلف على هذا بعتق أو طلاق. وإذا حلف الرجل لا يسكن داراً لفلان وهو يعني بأجر (¬1) ولم يقع قبل هذا كلام فسكنها بغير أجر فقد حنث. ولا تغني (¬2) عنه النية هاهنا شيئاً. لأنه لم يكن قبل هذا كلام يذكر فيه الأجر (¬3). وكذلك لو حلف لا يسكنها وهو يعني عارية فسكنها بأجر أو سكنها على وجه غير عارية فإنه يحنث. ... باب الدخول في كفارة اليمين وإذا حلف الرجل لا يدخل بيتاً لفلان ولم يسم بيتاً بعينه ولم ينوه (¬4) ولم يكن له نية في يمينه ثم دخل بيتاً لفلان هو فيه ساكن فإنه يحنث؛ لأن هذا بيت لفلان. ألا ترى أنك تقول: بيت فلان، ومنزل فلان، وهو ساكن فيه بإجارة أو سكنى. وإذا حلف الرجل أن لا يدخل على فلان ولم يسم شيئاً ولم يكن له نية فدخل عليه في بيته فإنه يحنث. وكذلك إن دخل عليه في (¬5) بيت لرجل آخر. وكذلك لو دخل عليه في صفة البيت، والبيت والصفة سواء؛ لأن الصفة بيت. ولو كان الحالف من أهل البادية فحلف لا يدخل عليه بيتاً فدخل عليه في بيت شَعر أو بيتاً مبنياً كان سواء، وكان يحنث في ذلك. ولو حلف رجل لا يدخل بيتاً أبداً ولم يكن له نية ولم ¬

_ (¬1) ك: باخر. (¬2) ق: يعنى. (¬3) ق: الاخر. (¬4) ق: يبوه. (¬5) ق - في.

يسم شيئاً فدخل المسجد لم يحنث. ولو دخل الكعبة لم يحنث؛ لأن الكعبة مصلى بمنزلة المسجد. وكل شيء من المساكن يقع عليه اسم بيت فهو بيت يحنث فيه إن دخله. وكل شيء لا يقع عليه اسم بيت فإنه لا يحنث. ألا ترى أنه لو دخل عليه في قُبّة (¬1) أو ظُلّة (¬2) لم يحنث. وإذا حلف الرجل لا يدخل (¬3) بيت فلان هذا فهدم ذلك البيت حتى صار صحراء ثم دخل ذلك المكان لم يحنث؛ لأنه لا يسمى بيتاً وقد صار صحراء. ولو بنى في موضعه بيتاً (¬4) آخر فدخله لم يحنث؛ لأن هذا ليس بذلك البيت، وليس الدار في هذا كالبيت. ولو حلف لا يدخل داراً بعينها فهدمت تلك الدار حتى صارت صحراء ثم دخلها حنث؛ لأنها ليست داراً أخرى. وكذلك لو بنيت دار (¬5) أخرى كانت تلك الدار بعينها. والبيت لا يكون بيتاً إلا بالبناء، والدار قد تكون (¬6) داراً بغير بناء. وإذا حلف الرجل أن (¬7) لا يدخل على (¬8) فلان ولم ينو شيئاً فدخل الدار وفلان فيها لم يحنث. ألا ترى أن فلاناً لو كان في بيت منها لا يراه الداخل لم يكن داخلاً عليه. أرأيت لو كانت داراً عظيمة فيها منازل فكان ¬

_ (¬1) القبة من الخيام بيت صغير مستدير، وهو من بيوت العرب. انظر: لسان العرب، "قبب". (¬2) قال المطرزي: الظُّلَّة كل ما أظلك من بناء أو جبل أو سحاب، أي سترك وألقى ظله عليك. وقول الفقهاء: ظُلَّة الدار يريدون بها السُّدَّة التي فوق الباب، وقيل: هي التي أحد طرفي جذوعها على هذه الدار وطرفها الآخر على حائط الجار المقابل. انظر: المغرب، "ظلل". (¬3) م - لا يدخل. (¬4) ك: شيئاً. (¬5) ك م ق ط: دارا. وفي نسختي ج ر: لو دخل دارا. (¬6) م: وقد تكون. (¬7) م - أن. (¬8) م - على.

فلان في منزل منها فدخل الحالف منزلًا آخر منها وهو يحسب أن فلاناً فيه لم يحنث، ولم يكن داخلاً على فلان. وإنما تقع (¬1) اليمين في هذا إذا دخل عليه بيتاً أو صُفَّة. وإذا حلف الرجل لا يدخل على فلان بيتاً فدخل بيتاً وفلان فيه لا ينوي بذلك (¬2) الدخول عليه لم يحنث. أرأيت لو نوى الدخول على غيره وهو في البيت معه أكان يحنث. إنما دخل على غير الذي حلف عليه. وإذا حلف الرجل أن لا يدخل على فلان داراً فدخل عليه في داره فإنه يحنث (¬3). وكذلك لو نوى داراً ولم يسم. وإذا حلف الرجل لا يدخل بيتاً وهو فيه داخل فأقام فيه بعد الحلف أياماً لم يحنث؛ لأنه لم يدخل. وليس الدخول في هذا كالسكنى. ألا ترى أنه لم يستقبل دخولاً مذ حلف. والسكنى ما أقام في البيت فهو له ساكن. ألا ترى أنه لو قال: والله لأسكنن هذا البيت غداً، وهو فيه يوم حلف ساكن فأقام فيه حتى مضى غد كان ساكناً فيه، وكان قد بر في يمينه، وكان ساكناً (¬4) كما قال. ولو قال: والله لأدخلنه (¬5) غداً، ثم أقام حتى مضى غد حنث؛ لأنه لم يدخل كما قال. قلت: فإن نوى لأدخلنه غداً، أن يقيم فيه كما هو ففعل ذلك؟ قال: هذا يبر ولا يحنث إذا نوى ذلك. واذا قال الرجل: والله لا أدخل هذه الدار إلا عابر سبيل، فدخلها ليقعد فيها أو دخلها ليعود مريضاً فيها أو دخلها ليطعم فيها ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث. ولكن إذا دخلها مجتازاً ثم بدا له فقعد فيها لم يحنث. وإنما أضع اليمين إذا حلف لا يدخلها إلا عابر سبيل مثل قوله: والله لا أدخلها إلا مار الطريق، والله لا أدخلها إلا مجتازاً (¬6)، إلا أن ينوي أن لا أدخلها يريد النزول فيها. فإن نوى ذلك فإنه يسعه. وإن دخلها يريد أن ¬

_ (¬1) ك ق: يقع. (¬2) م: ذلك. (¬3) م: لم يحنث. (¬4) ق: شاكنا. (¬5) ق: لادخله. (¬6) م: إلا مختارا.

يطعم فيها أو يقعد لحاجة لا يريد المقام فيها فإنه لا يحنث؛ [لأنه] (¬1) كذلك نوى. وإذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان هذه فباع فلان داره تلك من آخر فدخلها الحالف ولم يكن له نية حين حلف فإنه لا يحنث متى ما دخلها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد بن الحسن: يحنث إذا قال: هذه الدار. فإن كان نوى حين حلف أن لا يدخلها ما دامت لفلان فباعها فلان أو خرجت من ملكه بغير بيع فدخلها فإنه لا يحنث. وإن لم يكن له نية فإنه يحنث متى ما دخلها في قول محمد بن الحسن. ألا ترى أنه لو قال: والله لا أكلم صاحب هذه الدار، فكلمه بعدما باعها حنث. ألا ترى أنه لو قال: والله لا أكلم فلاناً زوج فلانة، فكلمه بعدما طلقها حنث، أو قال: والله لا أكلم فلانة امرأة فلان، فكلمها بعدما طلقها حنث. وكذلك لو قال: والله لا أكلم عبد فلان هذا، فكلمه بعدما باعه فلان أو بعدما أعتقه فإنه يحنث في قول محمد. وإذا قال: والله لا أدخل دار فلان هذه، فجعلها فلان بستاناً أو مسجداً أو جعلها غير ذلك فدخلها لم يحنث؛ لأنها (¬2) قد تغيرت عن حالها وصارت غير دار. وكذلك لو صُنعت بِيعَة (¬3) أو حماماً (¬4). وكذلك لو كانت داراً صغيرة فجعلها بيتاً واحداً وأشرع (¬5) بابه إلى الطريق أو إلى دار فدخلها لم يحنث؛ لأنها قد تغيرت وصارت بيتاً. وإذا حلف الرجل لا يدخل لفلان داراً ولم يسم شيئاً ولم يكن له نية فدخل داراً (¬6) قد باعها فلان لم يحنث؛ لأنه لم يدخل له داراً. ¬

_ (¬1) من الكافي، 1/ 118 ظ. (¬2) ك: لأنه. (¬3) البيعة: معبد النصارى، وقد يطلق على معبد اليهود. انظر: لسان العرب، "بيع". (¬4) م + لا يحنث لأنها تغيرت عن حالها وصارت غير دار وكذلك لو صنعت بيعة أو حماما. (¬5) م: وشرع. (¬6) ق: دار.

وإن دخل داراً (¬1) وفلان فيها بإجارة أو بغير إجارة فإنه يحنث؛ لأنه قد دخل دار فلان. ألا ترى أنك تقول: دخلت منزل فلان، وإنما هو فيه بأجرة. ويقول الرجل: هذا منزلي، وهذه داري، وهو معه بالأجرة. وهذا في كلام الناس جائز. وإذا حلف الرجل لا يدخل بيتاً بعينه فهدم سقف ذلك البيت وبقيت حيطانه ثم دخله حنث؛ لأنه ذلك البيت. ألا ترى أنك تقول: هذا بيت فلان، وقد هدم سقفه. وإذا حلف الرجل لا يدخل داراً اشتراها فلان ولم تكن (¬2) له نية فدخل داراً اشتراها فلان لغيره فإنه يحنث. ألا ترى أن فلاناً هو الذي (¬3) اشتراها. وإن كان حين حلف نوى لا يدخل داراً اشتراها فلان لنفسه فإن النية تسعه، ولا يحنث في دخوله هذه الدار. وإذا اشترى فلان داراً وآخر معه اشترياها (¬4) جميعاً لأنفسهما فدخلها لم يحنث؛ لأن فلاناً لم يشترها كلها. وإذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان فاحتمله إنسان فأدخله وهو كاره لم يحنث. ألا ترى أنه إنما أُدْخِلَها ولم يدخل هو. وإن أمر رجلاً فاحتمله فأدخله فقد دخل وحنث. وإن دخلها على دابة فقد دخل وحنث. وإذا حلف الرجل لا يضع قدمه في دار فلان فدخلها راكباً أو ماشياً عليه حذاء أو ليس (¬5) عليه حذاء فإنه يحنث؛ لأن معاني كلام الناس هاهنا إنما يقع على الدخول. وإن كان نوى حين (¬6) حلف أن لا أضع قدمي (¬7) فيها ماشياً فدخلها راكباً لم يحنث. واذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان فقام على حائط من حيطانها ¬

_ (¬1) ق: دار. (¬2) ق: يكن. (¬3) ك ق - الذي. (¬4) ق: اشتراياها. (¬5) ك م: وليس. (¬6) م: وإن كانوا حين. (¬7) م - قدمي.

باب الخروج في كفارة اليمين

حنث. ولو قام في طاق باب الدار غير أن الباب إذا أغلق كان الرجل دونه [لم يحنث] (¬1). وكذلك إن حلف لا يدخل بيتاً فقام في بابه والباب بينه وبين البيت إذا أغلق فإنه لا يحنث. وإن كان (¬2) داخلاً في البيت أو في الدار فحلف لا يخرج، فقام في موضع والباب إذا أغلق كان الرجل خارجًا من البيت والدار، فإنه يحنث؛ لأنه قد خرج. واذا حلف الرجل لا يدخل داراً فأدخل إحدى رجليه الدار ولم يدخل الأخرى فإنه لا يحنث؛ لأنه لم يدخل. وإذا حلف الرجل لا يدخل داراً لفلان بعينها فدخل من حائط لها ذليل حتى قام على سطح من سطوحها فقد دخل الدار. ولو أنه دخل بيتاً من تلك الدار قد أشرع إلى السِّكَّة (¬3) كان قد دخل الدار وحنث. وإذا حلف الرجل لا يدخل دار فلان ولا نية له فدخل بيتاً في علوها على الطريق الأعظم أو دخل كَنِيفاً (¬4) منها شارعاً إلى الطريق الأعظم حنث، وكان هذا دخولاً في الدار (¬5). ... باب الخروج في كفارة اليمين وإذا حلف الرجل على امرأته بالطلاق أو بالعتاق أو بيمين غير ذلك لا ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من الكافي، 1/ 118 ظ؛ ومن المبسوط، 8/ 172. وعبارة الحاكم هكذا: فلو قام في طاق أو باب الدار والباب بينه وبين باب الدار لم يحنث. انظر: الكافي، الموضع السابق. (¬2) ك ق: ولو كان. (¬3) السكة: الزقاق الواسع. انظر: لسان العرب، "سكك". (¬4) الكَنِيف الكُنّة تُشرَع فوق باب الدار، والكَنِيف: الخلاء، وأهل العراق يسمون ما أشرعوا من أعالي دورهم كَنِيفاً. انظر: لسان العرب، "كنف". (¬5) م + والله تعالى أعلم.

تخرج من الدار حتى يأذن لها ولم يكن له نية فأذن لها مرة واحدة ثم خرجت بعد ذلك بغير إذن لم يقع عليه شيء من تلك الأيمان. وكذلك لو حلف بذلك لا تخرج أبداً إلا أن يأذن (¬1) لها. فإن كان (¬2) نوى (¬3) حين حلف أن لا تخرج أبداً حتى يأذن لها في كل مرة فخرجت مرة بإذنه ومرة بغير إذنه فإن اليمين يقع عليها. وإذا حلف الرجل لا تخرج امرأته من منزله إلا بإذنه أبداً فحلف على ذلك بعتق أوطلاق فخرجت مرة بإذنه ومرة أخرى بغير إذنه فإنه يحنث، ويقع عليه اليمين. ولو لم (¬4) يسم في ذلك أبداً كان كذلك أيضاً. فإن نوى بذلك مرة واحدة فإنه إذا أذن لها مرة واحدة سقطت عنه الأيمان. وقوله: إلا أن آذن لك، مثل قوله: حتى آذن لك، ومثل قوله: حتى يقدم فلان. وقوله: إلا بإذني، مثل قوله: لا تخرجي أبداً إلا راكبة (¬5) أو على دابة أو إلا (¬6) بدابة، فلا بد من أن يكون ذلك معها في كل مرة، وإلا حنث. وإذا حلف الرجل على امرأته لا تخرج من بيته فخرجت إلى الدار فإنه يحنث؛ لأنه قد سمى البيت. وكذلك لو حلف رجل على رجل لا يدخل بيته فدخل داره لم يحنث؛ لأن الحلف (¬7) إنما كان على البيت. وإذا حلف الرجل على بعض أهله أن لا تخرج من باب هذه الدار فخرجت (¬8) من هذه الدار من غير الباب لم يحنث. وكذلك لو حلف لا يدخل من باب هذه الدار باباً بعينه فدخل من غير الباب لم يحنث. ولو أحدث للدار باباً آخر فخرج منه أو دخل منه حنث إلا أن يكون قال: من هذا الباب، فإنه لا يحنث؛ لأن اليمين وقعت على الباب الأول، وهذا باب آخر، والبيت في هذا والدار سواء. ¬

_ (¬1) ق: إلا بإذن. (¬2) ق: كانوا. (¬3) ق - نوى. (¬4) م - لم. (¬5) م: لا راكبا. (¬6) ق: وإلا. (¬7) م: لأن الحنث. (¬8) ق: فجرجت.

ولو حلف لا تخرج من الدار فاحتملها هو فأخرجها لم يحنث؛ لأنها لم تخرج، إنما أُخْرِجَت. وكذلك لو احتملها غيره فأخرجها إلا أن تكون هي أمرته (1) فتكون هي التي خرجت، ويقع عليها اليمين. وإذا حلف على أحد من أهله لا يخرج من المنزل إلا أن يأذن له فأذن له حيث (2) لا يسمع ولم يكن حاضراً لذلك فإن هذا لا يكون بإذن. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر قول أبي يوسف: إن هذا إذن حضر أو لم يحضر. وإذا حلف الرجل على بعض أهله لا يخرج من المنزل إلا في كذا وكذا فخرجت في ذلك الشيء مرة ثم خرجت في غيره فإنه يحنث. فإن كان عنى أن لا تخرج هذه المرة إلا في كذا وكذا فخرجت فيه تلك المرة ثم خرجت في غير ذلك لم يحنث. وإذا خرجت لذلك الشيء الذي حلف عليه ثم بدا لها فانطلقت في غيره ولم تنطلق في ذلك لم يحنث؛ لأن الخروج كان في الذي حلف عليه بعينه، ولا يفسد ذلك انطلاقها (3) في غيره. وإذا حلف الرجل على بعض أهله لا يخرج (4) مع فلان من المنزل ولا نية له فخرج معه غيره ثم خرج فلان فلحقه لم يحنث. وكذلك لو حلف لا يدخل فلان عليها بيتاً فدخل فلان البيت وليست المرأة فيه ثم دخلت المرأة بعد ذلك البيت وفلان فيه فاجتمعا جميعاً لم يحنث؛ لأن فلاناً لم يدخل عليها، إنما هي التي دخلت عليه. ولو حلف رجل على بعض أهله أن لا يخرج من الدار فدخل بيتاً في علوها أو كَنِيفاً شارعاً إلى الطريق الأعظم لم يكن هذا خروجاً من الدار ولم يحنث؛ لأنها فيها بَعْدُ؛ لأن الكَنِيف من الدار، والعلو من الدار. ... (1) ق: امرأته. (2) ق: حنث. (3) م: ان طلاقها. (4) ك: لا تخرج.

باب الكفارة في اليمين في أكل الطعام

باب الكفارة في اليمين في أكل الطعام (¬1) وإذا حلف الرجل لا يأكل طعاماً ولا يشرب (¬2) شراباً فذاق من ذلك شيئاً ولم يدخله جوفه ولا حلقه فإنه لا يحنث. فأما إذا قال: لا أذوق طعاماً ولا أذوق شراباً، فذاق شيئاً من ذلك لم يدخل جوفه فإنه يحنث. وإن عنى شربه وأكله (¬3) فإنه لا يحنث حتى يشربه ويأكله (¬4). فأما إذا قال: لا أذوق طعاماً ولا أذوق شراباً، ولا نية له فذاق شيئاً من ذلك ولم يدخل جوفه فإنه يحنث. ألا ترى أن الصائم يقول: قد ذقت كذا وكذا، ولا يفطره ذلك، ولو تمضمض في وضوء الصلاة لم حنث، ولم يكن هذا من الذوق. وإنما الذوق عندنا ما دخل فاه يريد أن يعلم ما طعمه. وإذا حلف الرجل لا يأكل شيئين من الطعام فسماهما (¬5) فقال: والله لا آكل كذا و [لا] (¬6) كذا، فأيهما أكل حنث. ألا ترى أنه لو قال: والله لا آكل ¬

_ (¬1) ق: باب اليمين على الطعام والشراب. (¬2) ق: وشرب. (¬3) ق: أكله وشربه. (¬4) ق: يأكله ويشربه. (¬5) م: قسماهما. (¬6) الزيادة مستفادة من الحاكم والسرخسي. فعبارة الحاكم: وكذلك لو قال: لا آكل كذا ولا كذا، فأكل أحدهما. أي حنث. انظر: الكافي، 1/ 119 و. وقال السرخسي: وكذلك لو قال: لا آكل كذا ولا كذا، أو لا أكلم فلاناً ولا فلاناً، وكذلك إن أدخل حرف أو بينهما، لأن في موضع النفي حرف أو بمعنى ولا، قال الله تعالى: {لَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24]، يعني ولا كفوراً، فصار كل واحد منهما كأنه عقد عليه اليمين بانفراده، بخلاف ما إذا ذكر حرف الواو بينهما ولم يُعد حرف النفي، لأن الواو للعطف، فيصير في المعنى جامعاً بينهما، ولا يتم الحنث إلا بوجودهما. انظر: المبسوط، 8/ 175. وقد أشار إلى هذا السقط الناسخ لنسخة ك، وهو خالد بن أيبك الشجاعي، في الهامش قائلًا: في هذه الصورة نظر، لأن من حلف لا يأكل شيئين بغير التأكيد بتكرار حرف النفي بأن قال: لا آكل كذا وكذا، فأكل أحدهما لم يحنث، أما إذا قال: لا آكل كذا ولا كذا، فإنه يحنث بأكل أحدهما، والظاهر أنه من غلط الناسخ الأول، ويدل على أن صورة المسألة مكرر فيها حرف النفي أنه جعل نظيرها لا آكل قليلاً ولا كثيراً، ولو كانت بغير تكريره لكان نظيرها لا آكل قليلاً وكثيرًا، والله تعالى أعلم.

قليلاً ولا كثيراً، حنث. ولو قال: والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً، فذاق أحدهما حنث. وكذلك لو قال: والله لا أكلم فلاناً أو فلاناً (¬1)، فأيهما كلم حنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل لحماً ولم يكن له نية فأكل سمكاً لم يحنث؛ لأن اللحم (¬2) هنا (¬3) واليمين (¬4) إنما يقع على معاني كلام الناس. ألا ترى أنه لو أكل رَبِيثًا (¬5) أو صِحْنَاءً (¬6) أو صِيراً (¬7) أو كَنْعَداً (¬8) لم يحنث، ولم يكن هذا من اللحم. وإن كان يوم حلف عنى السمك مع اللحم فأكله حنث. والطري والمالح في ذلك سواء. ألا ترى إلى قول الله تبارك وتعالى في كتابه: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} (¬9). وإذا حلف الرجل لا يأكل لحماً ولا نية له فأي لحم أكل فإنه (¬10) يحنث، إن أكل لحم غنم أو إبل أو بقر أوطير مشوي أو مطبوخ (¬11) أو صَفِيفاً (¬12) فإنه يحنث. وكذلك لو أكل شيئاً من البطون أو الرؤوس. وكذلك ¬

_ (¬1) م: وفلانا. (¬2) م + لا يطلق على السمك عرفا. ولكنه ساقط من جميع النسخ وط. (¬3) ج ر ق م - هنا. (¬4) ق: في اليمين. (¬5) م: زبيبا. قال المطرزي: في الأيمان برواية أبي حفص: "جِرِّيّا أو رَبيثا" قيل: الربيث والربيثة: الجِرِّيث، وفي جامع الغوري: الرِّبِّيثى بكسر الراء وتشديَد الباء: ضَرْب من السمك. انظر: المغرب، "ربث". والجري والجريث سو اء. انظر: المغرب، "جرث". وهو سمك أسود، وقيل: نوع من السمك مدور كالترس. انظر: حاشية ابن عابدين، 6/ 307. (¬6) الصِّحْناء أو الصِّحْناة إدام يتّخذ من السمك. انظر: لسان العرب، "صحن". (¬7) الصِّير شبه الصِّحْناة، وقيل: هو الصِّحْناة نفسه. وقيل: الصِّير السمكات المملوحة التي تعمل منها الصِّحْناة. انظر: لسان العرب، "صير". (¬8) م: أو كعندا. الكَنْعَد ضرب من السمك. انظر: لسان العرب، "كنعد". (¬9) سورة النحل، 16/ 14. (¬10) م - فإنه. (¬11) ك م: أو مطبوخا. (¬12) قال المطرزي: الصَّفِيف في كتاب الأيمان: اللحم القَدِيد المجفَّف في الشمس، وفي اللغة ما شُرِح وصُفَّ على الجمر لينشوي. انظر: المغرب، "صفف".

لو أكل شحماً مما يكون مع اللحم حنث. فأما إذا كان من شحم البطن لا يحنث إلا أن يكون نوى ذلك؛ لأن الشحم غير اللحم. وكذلك لو أكل من الألية شيئاً فإنه لا يحنث إلا أن يكون نوى ذلك؛ لأن الشحم والألية غير اللحم. وإذا حلف الرجل لا يأكل إداماً (¬1) ولا نية له فالإدام (¬2) عندنا اللبن والزيت والخل والزُّبْد (¬3) وأشباه ذلك. فإن أكل شيئاً من ذلك حنث. وإذا أكل جبناً أو بيضًا أو ما أشبه ذلك مما لا يؤتدم (¬4) به لم يحنث. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يحنث في كل شيء يؤكل مع الخبز مما الغالب عليه ذلك مثل اللحم المشوي (¬5) والجبن ونحو ذلك، فهو أُدْم كله يحنث (¬6). وإذا حلف الرجل لا يأكل من طعام فلان ولا نية له فاشترى فلان طعاماً بعد اليمين فأكل منه فإنه يحنث ما كان في ملكه يوم حلف الحالف. وما أصاب بعد ذلك فهو سواء. ألا ترى أنه طعامه. وكذلك لو حلف لا يدخل منزلاً فاشترى منزلاً فدخله. وإذا اشترى الحالف من طعام المحلوف عليه أو وهبه لغيره فاشتراه أو اشتراه غيره فأكل منه الحالف لم يحنث؛ لأنه ليس بطعام لفلان المحلوف عليه. وإذا حلف الرجل لا يأكل طعاماً ينوي طعاماً بعينه أو حلف لا يأكل لحماً ينوي لحماً بعينه فأكل غيره من اللحم أو غيره من الطعام فإنه لا يحنث. ولو حلف على ذلك بعتق أو طلاق لم يحنث فيما بينه وبين الله تعالى. فأما في القضاء فإنه لا يدين في ذلك، ويقع عليه العتق والطلاق. فإذا حلف الرجل لا يأكل شواء وهو ينوي كل شيء يُشوَى فأي ذلك ¬

_ (¬1) م: ادما. (¬2) م: فالادم. (¬3) لنا ج ق: والزيت؛ لنا ج ق + والثريد؛ ر: والثريد. والتصحيح من م ط؛ والمبسوط، 8/ 176. والزُّبْد ما يُستخرَج من اللبن بالمَخْض. انظر: المغرب، "زبد". (¬4) ق: لا يؤدم. (¬5) ق: المستوي. (¬6) م: فحنث.

أكل فإنه يحنث. فإن لم يكن له نية فلا يقع هذا إلا على اللحم. فإن أكل لحماً مشوياً حنث، وإن أكل غيره مما يُشوَى لم يحنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل رأساً وهو ينوي الرؤوس كلها من السمك والغنم وغيرها فأي ذلك ما أكل فإنه يحنث. وإن لم يكن (¬1) له نية فلا يقع هذا إلا على الغنم والبقر؛ لأنها هي التي تباع، فعليها يقع معاني كلام الناس. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما اليوم فإنما اليمين فيها على رؤوس الغنم خاصة. واذا حلف الرجل لا يأكل بيضاً وهو ينوي بيض كل شيء من الطير والسمك وغيره فأي ذلك ما أكل حنث. فإن لم يكن له نية فإنما يقع هذا على بيض الطير من الدجاج والإِوَزّ وغيره من الطير. فإن أكل غيره لم يحنث، وإن أكل شيئاً منه حنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل طَبِيخاً وهو ينوي كل شيء يُطبَخ من اللحم وغيره فأكل شيئاً من ذلك فإنه يحنث. وإن لم يكن له نية فإنما يقع هذا على اللحم. فإن (¬2) أكل شيئاً من ذلك مطبوخاً حنث. واللحم (¬3) في ذلك وغيره كله سواء. وإن أكل غير لحم لم يحنث في قول أبي يوسف. والقياس في هذا أنه يحنث في اللحم وغيره. فإذا حلف الرجل لا يأكل فاكهة ولا نية له فأكل عنباً أو رمانًا أو رُطَباً فإنه لا يحنث. ألا ترى إلى قول الله (¬4) تعالى في كتابه: {فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} (¬5)، وقال في موضع آخر: {[وَعِنَبًا] وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} (¬6)، فأخرج العنب من الفاكهة. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: نراه (¬7) حانثاً. واذا أكل من صنوف الفاكهة شيئاً فإنه يحنث. فإن كان (¬8) حين حلف نوى العنب والرمان والرُّطَب فأكل ¬

_ (¬1) م: ولم يكن. (¬2) ق + كان. (¬3) ق + كله. (¬4) م: إلى قوله. (¬5) سورة الرحمن، 55/ 68. (¬6) سورة عبس: 80/ 28 - 31. (¬7) ق: يراه. (¬8) ق: أكل.

من ذلك شيئاً فإنه يحنث. ولا يدخل في الفاكهة القِثّاء ولا الخيار ولا الجَزَر ولا أشباه ذلك. فأما المشمش والتين والخوخ والبطيخ وأشباه ذلك فإن هذا كله يدخل في الفاكهة. وكذلك الفاكهة اليابسة يدخل فيها اللوز والجوز وأشباه ذلك. وإذا حلف الرجل لا يأكل طعاماً يومه هذا فأكل خبزاً أو فاكهة أو غير ذلك حنث؛ لأن ذلك كله طعام. وإذا حلف الرجل ليأكلن هذا الطعام اليوم فأكله غيره في ذلك اليوم فإنه لا يقع عليه الحنث؛ لأنه وقّت وقتاً فذهب الطعام قبل ذهاب ذلك الوقت. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله-. وقال أبو يوسف: إذا حلف ليأكلن هذا الطعام اليوم فأكله غيره حنث إذا غربت الشمس. ألا ترى أن له مدة موقتة. ولو أكل فيه الطعام بر في (¬1) يمينه. ولا يقع عليه اليمين والحنث قبل أن تمضي المدة. وكذلك كل شيء حلف عليه ليفعلنه ووقت لذلك وقتاً وحلف على ذلك بطلاق أو عتاق أو غير ذلك فذهب ذلك الذي حلف عليه قبل أن يمضي الوقت لم يحنث ولم يقع عليه اليمين في قول أبي حنيفة ومحمد، ويحنث في قول أبي يوسف إذا كان ذلك الشيء الذي قد حلف عليه قد ذهب حتى لا يقدر عليه. أرأيت رجلاً حلف ليأكلن هذا الطعام غداً فأكله اليوم أو حلف ليقضين هذا الرجل غداً فقضاه اليوم أما كان هذا قد بر. ولا يقع عليه اليمين ولا حنث في قول أبي حنيفة ومحمد. وفي قول (¬2) أبي يوسف يحنث. وإذا حلف الرجل ليأكلن هذا الطعام ولم يوقّت لذلك وقتاً فأكله غيره فإن الحالف يقع عليه اليمين والحنث. ألا ترى أنه لا يستطيع أن يأكل ذلك الطعام وأنه ليس له فيه مدة وقتها (¬3) لنفسه في أكله. وكذلك لو مات ¬

_ (¬1) م: برقى. (¬2) ق - أبي حنيفة ومحمد وفي قول. (¬3) ق: وفيها.

الحالف قبل أن يأكله والطعام قائم بعينه فقد وجبت عليه اليمين. وكذلك كل شيء حلف عليه من طعام أو شراب بطلاق أو عتاق فمات قبل أن يفعله فإنه يحنث، ويقع عليه اليمين ما كان من طلاق أو عتاق أو غيره. ولو كانت له مدة قد وقتها في يمينه ثم مات قبل أن يفعل ذلك وقبل تلك المدة لم يحنث. ولو مضت المدة وهو حي والذي حلف عليه قائم بعينه فقد وقع عليه الحنث. وقال زفر: إذا خلت (¬1) المدة وقد هلك ذلك الشيء حنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل من طعام يشتريه فلان فأكل من طعام اشتراه فلان وآخر معه فإنه يحنث، إلا أن ينوي (¬2) أن يشتريه هو وحده. ألا ترى أن فلاناً قد اشترى بعضه وأن الذي اشترى فلان طعام. وكذلك لو حلف: لا آكل من طعام يملكه فلان. ولو قال: لا ألبس ثوباً يشتريه فلان أو يملكه فلان، فلبس ثوباً اشتراه فلان وآخر معه لم يحنث؛ لأن هذا لم يشتره فلان كله. وإذا اشترى بعضه أو ملك بعضه فليس ذلك البعض بثوب. ألا ترى أنه لو قال: هذا الثوب لفلان، كذب. ولو قال: هذا الطعام لفلان، يعني بعضه صدق. وقال أبو يوسف: إذا حلف ليأكلن هذا الطعام اليوم فأكله إنسان آخر ثم مضى اليوم فإنه يحنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل من هذا الدقيق شيئاً فأكل من خبزه ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث؛ لأن الدقيق هكذا يؤكل. وإن كان عنى حين حلف لا يأكل الدقيق بعينه لم يحنث. فأما إذا لم تكن (¬3) له نية فإنما يقع هذا على ما يضع (¬4) الناس. ولو حلف لا يأكل من هذه الحنطة شيئاً وهو يعني أن يأكلها حباً كما هي فأكل مما يخبز منها أو من سويقها لم يحنث. وإن لم تكن (¬5) له نية فأكل من خبزها فإن أبا حنيفة قال: إنه لا يحنث. وإنما يضع من يقول هذا القول اليمين على القياس، يقول: لا ¬

_ (¬1) ق: إذا حلف. (¬2) ق + به. (¬3) م ق: لم يكن. (¬4) ق: ما يصنع. (¬5) ق: لم يكن.

يحنث إلا أن يأكلها حباً والقول الآخر قول أبي يوسف ومحمد: إن اليمين إنما هي على (¬1) ما يضع الناس، فإذا أكل من خبزها حنث، إلا أن يعني الحب بعينه. وإذا أكل الرجل من سويقها لم يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. ألا ترى أنك تقول: هذا الخبز حنطة، ويقول الرجل: أكلنا أجود حنطة في الأرض، يعني الخبز. وإن حلف الرجل لا يأكل من هذا الطَّلْع (¬2) شيئاً فأكل منه بعدما صار بُسْرًا لم يحنث. وكذلك لو حلف لا يأكل من هذا البُسْر شيئاً فأكل منه (¬3) بعدما صار رُطَباً أو تمراً لم يحنث. ألا ترى أنه لو أكل من خل جُعِل من ذلك التمر (¬4) لم يحنث؛ لأنه قد تغير وخرج من ذلك الجنس. وكذلك لو حلف لا يأكل من هذا اللبن شيئاً فأكل منه حين صنع منه جبن أو أَقِط أو شِيرَاز (¬5) لم يحنث؛ لأنه قد تغير حاله. ألا ترى أنه لو حلف أنه لا يأكل طعاماً وقال: عنيت لوناً من الطعام، فأكل غيره فإنه لا يحنث. ولو كانت يمينه بعتق أوطلاق لم يقع عليه فيما بينه وبين الله تعالى في ذلك. وأما في القضاء فإنه يقع عليه في ذلك الطلاق والعتاق. وإذا حلف الرجل لا يأكل هذا السويق فشربه شرباً لم يحنث؛ لأن الشرب غير الأكل. ولو حلف ليأكلن هذا السويق فأكله كله إلا حبة أو شبهها كان قد بر ولم يكن عليه الحنث. ولو حلف ليأكلن هذه الرمانة فأكلها إلا حبة أو ¬

_ (¬1) م - على. (¬2) ك م: الطلح؛ ج ر ط: الطلع. وكلاهما صحيح، لأن الطَّلْح لغة في الطَّلْع. انظر: لسان العرب، "طلح". فتخطئة الأفغاني "الطلح" ليس في محله. والطَّلْع ما يطلع في شجر النخل ويكون أبيض، ثم يلقح ويصير تمرا. انظر: المغرب، "طلع". (¬3) ق + فأكل منه. (¬4) ق + التمر؛ صح هـ. (¬5) شيراز هو اللبن الخاثر إذا استُخرِج منه ماؤه. انظر: المغرب، "شرز".

نحوها كان قد بر (¬1) ولم يحنث؛ لأن هذا معاني كلام الناس، إلا أن يعني أن يأكلها كلها فلا يترك منه شيئاً. ولو حلف فقال لامرأتين له (¬2): أيتكما أكلت هذه الرمانة فهي طالق، فأكلتها المرأتان كلتاهما لم يقع على واحدة منهما شيء؛ لأن كل واحدة منهما (¬3) لم تأكلها كلها. وكذلك لو أكلت إحداهما (¬4) الثلثين والأخرى الثلث. وإذا حلف الرجل لا يأكل (¬5) سمناً فأكل سويقاً قد لُتّ (¬6) وأُوسِع بالسمن حتى يستبين فيه طعمه ويوجد فيه مكانه فإنه يحنث؛ لأنه قد أكل سمنًا. وكذلك كل شيء أكله وفيه سمن يوجد فيه طعمه ويستبين فيه فإنه يحنث. وإن كان لا يوجد طعمه ولا يرى مكانه لم يحنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل هذه التمرة (¬7) فاختلطت بتمر فأكل ذلك التمر كله فإنه يحنث؛ لأنه قد أكل التمرة التي حلف عليها. ولو حلف على مثل ذلك على بيضة أو جوزة كان ذلك كله سواء. وإذا حلف أن لا يأكل شيئاً من سمن نظر إليه (¬8) في إناء فخلط ذلك السمن بعسل حتى غلب عليه العسل ولم ير فيه من السمن شيئاً ولم يجد له طعمأ فأكل ذلك العسل لم يحنث؛ لأن السمن قد ذهب وتغير. وكذلك كل شيء خلط به ذلك السمن حتى يغلب عليه ذلك الشيء فلا يوجد للسمن طعم ولا يرى مكانه لم يحنث إذا أكله. وليس هذا كالجوزة والبيضة وأشباه ذلك؛ لأن هذا لم يختلط وإن كان لا يعرف؛ لأنه على حاله لم يخالطه شيء. ¬

_ (¬1) ق - ولم يكن عليه الحنث ولو حلف ليأكلن هذه الرمانة فأكلها إلا حبة أو نحوها كان قد بر. (¬2) م - له. (¬3) ق - منهما. (¬4) ق: احدهما. (¬5) ك: ألا يأكل. (¬6) لَتَّ السويق أي خلطه. انظر: المغرب، "لتت". (¬7) ق: الثمرة. (¬8) ك: نظر ذلك.

فإذا حلف الرجل أن (¬1) لا يأكل شعيراً فأكل حنطة فيها شعير حبة حبة ولم يكن (¬2) له نية فإنه يحنث؛ لأنه قد أكل شعيراً. ولو حلف أن لا يأكل شحماً (¬3) فأكل لحماً (¬4) يخالطه (¬5) شحم لم يحنث؛ لأن هذا لحم عند الناس وليس هو بالشحم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يحنث. ألا ترى أنه لو حلف لا يشتري (¬6) شعيرا فاشترى حنطة فيها شعير لم يحنث؛ لأن الشِّرَى على الحنطة. وكذلك لو حلف لا يشتري حنطة فاشترى شعيراً فيه حنطة. ولو حلف أن لا يأكل شعيراً حبًا فأكل حنطة فيها حب شعير حبة حبة فإنه يحنث؛ لأن الأكل مخالف للشراء (¬7)؛ لأن الأكل قد وقع هاهنا على الشعير، والشراء قد وقع على الحنطة. وإن حلف (¬8) الرجل لا (¬9) يأكل بُسْراً فأكل بُسْراً مُذَنِّباً (¬10) ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث. وإذا حلف أن لا يأكل رُطَباً فأكل ذلك البُسْر (¬11) المُذَنِّب ففي هذا قولان: قول إنه يحنث، وإن هذا (¬12) المُذَنِّب يقع عليه اسم البُسْر واسم الرُّطَب. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. والقول الآخر: إنه بُسْر وليس برُطَب حتى يُرْطِب منه ما يسمى رُطَباً، وهذا لا يحنث. وهو قول أبي يوسف. وقال زفر: إذا وقع عليه اسم الرُّطَب حنث، وإذا لم يقع لم يحنث. وبه نأخذ. ولو حلف الرجل أن لا يأكل بُسْراً فأكل رُطَباً وفي الرُّطَب شيء من البُسْر لم يحنث في قول أبي يوسف؛ لأن هذا الذي في الرطب لا يسمى بسراً. وأما في قول أبي حنيفة ومحمد فإنه يحنث. ¬

_ (¬1) ك - أن. (¬2) م: لم يكن. (¬3) ق: لحما. (¬4) ق: شحما. (¬5) ك ق: مخالطه. (¬6) ق: لا يشتر. (¬7) م: الشراء. (¬8) م: فإن حلف. (¬9) ق: إلا. (¬10) م: مدنيا. بسر مذنِّب بكسر النون، وقد ذَنَّبَ إذا بدا الإرطاب مِن قِبَل ذنبه. انظر: المغرب، "ذنب". (¬11) م - البسر. (¬12) م - هذا.

وإذا حلف الرجل أن لا يأكل من هذا العنب شيئاً فأكل منه بعدما صار زبيباً لم يحنث؛ لأنه ليس بعنب، قد خرج من ذلك الجنس ونسب إلى غيره. ولو حلف لا يأكل (¬1) جوزاً ولا نية له فأكل منه رَطْباً أو يابساً فإنه يحنث. وكذلك كل شيء من هذا الضرب مثل اللوز والجوز والفستق والتين وأشباه ذلك. وإذا حلف الرجل لا يأكل من الحُلو شيئاً ولا نية له فأي شيء ما أكل من الحلو فإنه يحنث من خَبِيص (¬2) أو سكر أو عسل (¬3) أو نَاطِف (¬4) أو أشباه ذلك. وإذا حلف الرجل لا يأكل خَبِيصاً فأكل منه رَطْباً أو يابساً حنث. وإذا حلف الرجل لا يأكل (¬5) شيئاً فأكره على ذلك الشيء حتى أكل منه فإنه يحنث، والمكره على هذا وغيره سواء. ولو استحلفه رجل وأكره حتى حلف لا يأكل شيئاً ثم أكل (¬6) بعد ذلك فإنه يحنث، والمكره على الأكل وغير المكره سواء. وإذا حلف الرجل لا يأكل شيئاً ثم أصابه مرض فأغمي عليه أو ذهب عقله فأكل منه فإنه يحنث. وكذلك لو أصابه لمم فأكل حنث، وعليه الكفارة؛ لأنه (¬7) حلف وهو صحيح. وإذا حلف الرجل وهو ذاهب العقل ثم أكل وهو صحيح (¬8) لم يحنث. وكذلك لو حلف وهو صغير ثم أكل بعدما ¬

_ (¬1) ك: ألا يأكل. (¬2) الخَبِيص نوع من الحلوى تعمل من التمر والسمن. انظر: لسان العرب، "خبص". (¬3) ك ق: أو عسل أو سكر. (¬4) الناطف نوع من الحلوى يسمى القُبَّيْطَى، سمي بذلك لأنه يَنْطِف أي يقطر قبل استغلاظه. انظر: المصباح المنير، "نطف". (¬5) ك: ألا يأكل. (¬6) ق - شيئاً ثم أكل. (¬7) م - لأنه. (¬8) م - وإذا حلف الرجل وهو ذاهب العقل ثم أكل وهو صحيح.

أدرك وكبر لم (¬1) يحنث، ولم يكن عليه الكفارة؛ لأن الحنث لم يجب عليه يوم حلف. ولو حلف وهو كافر ثم أسلم ثم حنث في يمينه لم يجب عليه شيء. وإذا حلف لا يأكل تمراً وليس له نية فأكل قَسْباً (¬2) لم يحنث. وكذلك لو أكل بُسْراً مطبوخاً. فإن كان نوى ذلك حين حلف فأكل منه فإنه يحنث. [قال أبو يعقوب: وقال محمد بن العنبر (¬3): قال عثمان: إن حلف بالفارسية لا يأكل تمراً فأكل قسباً فإنه يحنث؛ لأن القسب بالفارسية خشكيز] (¬4). وإذا حلف الرجل (¬5) لا يأكل تمراً فأكل رطباً لم يحنث، إلا أن يكون عنى ذلك فأكله حنث. وإن لم يكن له نية فإنما أضع اليمين في هذا على معاني كلام الناس. ¬

_ (¬1) م - لم. (¬2) القَسْب تمر يابس يتفتت في الفم، صلب النواة. انظر: المغرب، "قسب". (¬3) مهملة في ك م؛ ومهملة النون في ق. (¬4) م: خشكير؛ ق: حشكيز. وما بين المعقوفتين مذكور في النسخ كلها. ولم يذكر الحاكم ولا السرخسي هذه المسألة. وينبغي أن يكون الجواب في المسألة أنه لا يحنث. والتمر بالفارسية يسمى خُرْمَا. فالتسمية مختلفة أيضاً. ولم أجد كلمة خشكيز في المعاجم. لكن خُشْك بالفارسية بمعنى اليابس. والمقصود أن تسمية القسب مختلفة عن تسمية التمر في الفارسية أيضاً. ولم أهتد إلى معرفة الرجال المذكورين. أما أبو يعقوب فكنية أناس كثيرين. منهم القاضي يوسف بن الإمام أبي يوسف، وقد توفي سنة 192 هـ انظر: الجواهر المضية، 2/ 235. ولم أجد محمد بن العنبر. لكن الحسن بن محمد بن عنبر روى عن محمد بن سماعة عن محمد بن الحسن. انظر: تهذيب التهذيب، 9/ 181. فإن يكن هو ابن محمد بن العنبر المذكور في المتن فيكون محمد بن العنبر من طبقة تلاميذ الإمام محمد. وقد يكون محمد بن سواء بن عنبر السدوسي البصري الثقة المتوفى سنة 187 أو 189 هـ انظر: تهذيب التهذيب، 9/ 185. أما عثمان فقد يكون أحد تلامذة الإمام أبي حنيفة المغمورين، وقد ذكرهم الكردري. انظر: مناقب أبي حنيفة، 2/ 498 - 517. (¬5) ك - الرجل.

وإذا حلف الرجل لا يأكل طعاماً قد سماه بعينه فأدخله في فيه فمضغه ثم ألقاه من فيه ولم يدخل (¬1) في جوفه لم يحنث. ولو مضغه حتى يدخل في جوفه من مائه لم يحنث. ألا ترى أنه (¬2) لم يأكل، وأن الأكل ليس بالمضغ. ولو مصه فدخل (¬3) جوفه طعمه ولم يدخل منه غير ذلك لم يحنث؛ لأن هذا ليس بأكل. [قلت:] أرأيت لو غسله فشرب ماءه أكان أكل شيئاً، قال: لا. وإذا حلف الرجل لا يأكل حباً ولا نية له فأي الحب ما أكل من سمسم أو غيره فإنه يحنث؛ لأن كل شيء يقع عليه اسم الحب مما يأكل الناس فإنه يدخل في يمينه، ويقع عليه الحنث إذا أكله. فإن عنى شيئاً من ذلك بعينه أو سماه فإنه يحنث إن أكل ذلك، ولا يحنث إن أكل غيره. وإذا حلف الرجل أن لا يأكل عسلاً أو لبناً أو سويقًا فشرب شيئاً من ذلك شرباً فإنه لا يحنث. وكذلك كل شيء يؤكل ويشرب إذا حلف لا يأكله فشربه لم يحنث؛ لأن الشرب غير الأكل. وإذا حلف الرجل (¬4) لا يشرب فأكله لم يحنث؛ لأن الشرب غير الأكل. وإذا حلف الرجل لا يأكل خبزاً ولا نية له فأكل خبز الشعير فإنه يحنث؛ لأن خبز الشعير والحنطة في هذا سواء، وهو خبز كله. وإن أكل من سوى خبز الحنطة والشعير فإنه لا يحنث إلا أن يكون نوى ذلك، فإن نواه حنث. فإن (¬5) أكل جَوْزِينَج (¬6) أو أشباه ذلك لم يحنث إلا أن يكون نوى ذلك، فإن نواه حنث. وإن لم يكن له نية لم يحنث فيه؛ لأنه لا يسمى ¬

_ (¬1) م: ولم يدخله. (¬2) ق + لو. (¬3) ق: قد خل. (¬4) ق - الرجل. (¬5) ك ق: وإن. (¬6) أصله كَوْزِينَه بالفارسية. وهو ضرب من الحلاوة يصنع من الجوز. انظر: طلبة الطلبة للنسفي، 70؛ farsca-turkce lugat. " كوزينه"؛ والأصل (الأفغاني)، 3/ 255. ويظهر من المتن أن فيه شيئاً يشبه الخبز.

باب كفارة اليمين في الشرب في قول محمد

خبزاً. وإن حلف لا يأكل خبزاً فأكل خبز الأرز أو نحوه (¬1) من الذرة وغيرها فإن كان (¬2) من أهل بلدٍ ذلك (¬3) طعامُهم حنث. وإن كان من أهل الكوفة ونحوهم ممن لا يأكل ذلك عامتهم لم يحنث إلا أن ينوي ذلك. وإذا حلف الرجل لا يأكل تمراً فأكل حَيْساً (¬4) فإنه يحنث؛ لأن هذا هو التمر بعينه لم يغلب عليه شيء. وإن دخل (¬5) رجل على رجل فدعاه إلى الغداء فحلف أن لا يتغدى (¬6) بطلاق أو عتاق أو غيره ولا نية له ثم قام إلى أهله فتغدى هناك لم يحنث؛ لأن يمينه إنما وقعت جواباً لكلام الرجل. وكذلك لو قال: كل معي، فحلف لا يأكل معه. إنما يقع هذا جواب الكلام إلا أن ينوي غيره، فيكون ما نوى. ... باب كفارة اليمين (¬7) في الشرب في قول محمد وإذا حلف الرجل لا يشرب شراباً ولا نية له فأي شراب شرب من الماء وغيره فإنه يحنث. وإن كان سمى شراباً بعينه فشرب غيره لم يحنث. وكذلك لو نوى شراباً بعينه فحلف على ذلك بعتق أو طلاق ولم ¬

_ (¬1) م ق: ونحوه. (¬2) م: فإن أكل. (¬3) جميع النسخ: وذلك. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 120 و؛ والمبسوط، 8/ 186. (¬4) الحيس تمر يخلط بسمن وأقط ثم يُدلَك حتى يختلط. انظر: المغرب، "حيس". (¬5) جميع النسخ: وإن حلف. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 120 و؛ والمبسوط، 8/ 186. (¬6) ق: لا يتغذا. (¬7) م: باب الكفارة في اليمين.

يسم الشراب فشرب غير الذي نوى فإنه يُدَيَّن ويسعه فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يُدَّين في القضاء. وإذا حلف الرجل (¬1) لا يشرب نبيذاً ولا نية له فأي نبيذ شرب فإنه يحنث. والأنبذة في ذلك كلها سواء. وإذا حلف الرجل لا يشرب (¬2) لبناً (¬3) أبداً ولا نية له فأي لبن شرب من ألبان الإبل أو البقر أو الغنم (¬4) حنث. وإن صُبَّ لبن في ماء فشرب منه فإن كان اللبن غالباً على الماء يوجد طعمه ويُرَى فيه فهذا لبن، وهو يحنث إن شرب. وإن كان الماء هو الغالب حتى لا يرى (¬5) اللبن (¬6) فيه ولا يوجد طعمه فإنه لا يحنث. ألا ترى أن هذا ماء. ولو أن رجلاً حلف لا يشرب ماء فشرب نبيذاً لم يحنث وفي النبيذ ماء؛ لأن الماء هاهنا قد تغير. ولو حلف رجل لا يشرب لبناً أو عسلاً فأَوْجَرَ ذلك وجوراً (¬7) لم يحنث؛ لأنه لم يشرب. وكذلك لو صُبَّ في حلقه وهو كاره. فإذا حلف الرجل لا يشرب نبيذاً فشرب سَكَراً (¬8) لم يحنث؛ لأن هذا ليس بنبيذ. ولا ينبغي له أن يشرب السَّكَر، وإثمه أعظم من الحنث والكفارة. ولو شرب بُخْتُجاً (¬9) لم يحنث؛ لأنه ليس بنبيذ. ولو شرب عصيراً لم يحنث؛ لأن هذا ليس بنبيذ. وإنما يقع هذا على ما يسمى نبيذاً. وإذا حلف الرجل لا يشرب مع فلان شراباً فشربا في مجلس واحد من شراب واحد فإنه يحنث وإن كان الإناء الذي يشربان فيه مختلفاً؛ لأن ¬

_ (¬1) ك ق - الرجل. (¬2) ق: لا يشر. (¬3) ق - لبنا. (¬4) ق: والبقر والغنم. (¬5) ق: لا ير. (¬6) ك: اللين. (¬7) م: فأوجز ذلك وجوزا. (¬8) السَّكَر بفتحتين عصير الرطب إذا اشتد. انظر: المغرب، "سكر". (¬9) البختج هو العصير المطبوخ، وعن خُوَاهَرْ زاده: هو اسم لما حمل على النار وطبخ إلى الثلث. انظر: المغرب، "بختج"؛ ولسان العرب، "بختج".

الشراب (¬1) هكذا يكون وان اختلفت آنيتهم. ألا ترى أنه يقال: فلان يشرب مع فلان. فإن شرب الحالف من شراب وشرب الآخر من شراب غيره وقد ضمهما (¬2) مجلس واحد فإنه يحنث؛ لأنه قد شرب مع فلان إلا أن يكون نوى حين حلف من شراب واحد. ألا ترى أنه لو قال: لا آكل مع فلان طعاماً أبداً، فأكلا على مائدة واحدة من طعام مختلف حنث. وإذا حلف الرجل لا يذوق شراباً ولا نية له فذاقه بلسانه ولم يدخل جوفه منه شيئاً فإنه يحنث. والذوق ما أدخل فمه يريد أن يعلم ما طعمه إلا أن يكون عنى أن يدخله جوفه. وإذا حلف الرجل لا يشرب شراباً فمضغ رمانة أو شبهها فمص ماءه ثم ألقى ما بقي لم يحنث؛ لأن هذا ليس بشراب. وكذلك لو حلف أن لا يأكله لم يحنث؛ لأن هذا ليس بأكل. وإذا حلف الرجل لا يشرب الماء ولا نية له فشرب من الماء شيئاً قليلاً أو كثيراً حنث. وكذلك لو حلف أن لا يأكل الطعام فأكل منه شيئاً يسيراً حنث. وإنما معنى اليمين هاهنا أن يأكل منه شيئاً. وإن كان حين حلف إنما عنى الماء كله أو الطعام كله لم يحنث أبداً؛ لأنه لا يستطيع أن يشرب الماء كله ولا يأكل الطعام كله. وكذلك لو قال: لا أشرب شراب فلان ولا آكل طعام فلان. ألا ترى أنه لو قال: لا أذوق الماء، حنث إذا ذاق (¬3) بعضه، إلا أن يكون عنى أن لا يشربه كله فإنه لا يحنث. وإذا حلف الرجل لا يشرب شراباً فأكل عسلاً أو لبناً لم يحنث، وإن شرب واحداً منهما حنث؛ لأنه يسمي الشراب، فلا يقع ذلك إلا على ما يُشرَب (¬4). ولو حلف أن لا يذوق شراباً وهو يعني أن لا يشرب النبيذ خاصة ¬

_ (¬1) ك ق: الشرب. (¬2) ق: ضمها. (¬3) م: إذا ضاق. (¬4) م: ما شرب.

باب الكفارة في اليمين في الكسوة

فأكله أكلاً لم يحنث؛ لأنه قال: لا أذوق شراباً، إلا أن يكون عنى ذلك؛ لأنه قال: شراب. ولو حلف لا يذوق لبناً ولم يقل: أشرب، ولم يكن له نية فإن أكل منه حنث، وإن شرب منه حنث؛ لأنه قد ذاقه في الوجهين جميعاً. فإذا حلف الرجل لا يشرب الطَّلاء (¬1) ولا نية له فشرب شيئاً يقع عليه اسم الطَّلاء فإنه يحنث. فإذا حلف الرجل أن لا يشرب من دجلة ولا نية له فغرف منها بقدح ثم شرب من القدح فإن أبا حنيفة قال: لا يحنث إلا أن يضع فاه في دجلة بعينها (¬2) فيشرب منها. وقال أبو يوسف ومحمد: يحنث. وكذلك لو استقى من ماء دجلة فجعل في إناء ثم صب في قدح فشرب منه فإنه يحنث في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يحنث في قول أبي حنيفة. وقياس هذا في قول أبي يوسف ومحمد كل إناء لا يضعه الرجل على فيه (¬3) فيشرب منه، فإنما المعنى فيه أن يأخذ منه فيشرب منه كما يشرب الناس. ألا ترى أنه لو حلف لا يشرب من هذا الحُبّ (¬4) فاغترف منه بقدح فشرب أنه يحنث؛ لأن معنى الكلام هذا. ... باب الكفارة في اليمين في الكسوة وإذا حلف الرجل لا يشتري ثوباً ولا نية له (¬5) فاشترى كساء خَزّ (¬6) أو طيلساناً أو ثوباً من البياض أو الوشي أو غيره فإنه يحنث. وكذلك (¬7) لو ¬

_ (¬1) الطلاء ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه. انظر: لسان العرب، "طلى". (¬2) ك ق: نفسها. (¬3) م: في فيه. (¬4) م: الجب. (¬5) ك - له. (¬6) الخز ثوب من صوف وحرير، أو من حرير خالص. انظر: لسان العرب، "خزز". (¬7) م: وكذا.

اشترى فرواً أو قباءً أو قميصاً. ولو اشترى (¬1) مِسْحاً (¬2) أو بساطاً لم يحنث. إنما أضع هذا على ما يلبس الناس، ولا أضعه على البُسُط. ولو اشترى قلنسوة لم يحنث؛ لأن هذا ليس بثوب. ولو اشترى خرقة لا تكون (¬3) نصف ثوب لم يحنث. فإن اشترى أكثر من نصف ثوب حنث؛ لأنه يسمى ثوباً. ولو اشترى ثوباً صغيراً حنث. ولو حلف لا يلبس ثوباً ولا نية له كان مثل هذا سواء. ولو سمى ثوباً بعينه فلبس منه طائفة تكون أكثر من نصفه حنث. ولو حلف لا يلبس ثوباً بعينه فقطعه قباءً أو قميصاً أو جبة فحشاها فلبسها فإنه يحنث. ولو حلف لا يلبس ثوباً وهو يعني من المَرْوِيّ (¬4) فلبس من غيره ثوباً لم يحنث فيما بينه وبين الله تعالى. وأما (¬5) في القضاء فلا يدين، وهو له لازم عتقاً كان أو طلاقاً. ولو حلف على قميص لا يلبسه أبداً فجعله قباء فلبسه أو حلف على قباء لا يلبسه فجعله قميصاً أو جبة محشوّة فلبسها ولا نية له حين حلف لم يحنث؛ لأنه قد تغير وخرج من ذلك الجنس. ولو كان (¬6) نوى لا يلبسه على حال حنث. وإذا حلف الرجل أن (¬7) لا يلبس ثوباً مسمى وهو لابسه ولا نية له فتركه بعد الحلف عليه ساعة أو يوماً فإنه يحنث؛ لأنه قد لبسه. وإن كان نوى حين حلف لبساً مستقبلاً بعد أن ينزعه لم يحنث إلا أن يفعل ذلك. ولو حلف على ذلك بعتق أو طلاق ونوى ذلك لم يدين في القضاء، ولكن يدين فيما بينه وبين الله تعالى. ¬

_ (¬1) ق: اشتر. (¬2) المسح الكساء من الشعر. انظر: لسان العرب، "مسح". (¬3) م - لا تكون، صح هـ. (¬4) ق: من الروي. (¬5) ك ق: فأما. (¬6) ك - كان. (¬7) ك - أن.

وإذا حلف الرجل لا يلبس من غزل فلانة شيئاً وليست له نية فلبس ثوباً قد غزلته حنث؛ لأن لبس الغزل (¬1) [هكذا يكون] (¬2). وإن عنى لبس الغزل (¬3) بعينه قبل أن ينسج ثوباً فإنه لا يحنث إذا لبسه ثوباً. وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوباً من غزل فلانة فلبس ثوباً من غزلها وغزل أخرى فإنه لا يحنث؛ لأن الثوب كله ليس من غزلها إذا شركته الأخرى فيه. وكذلك لو حلف لا يلبس ثوباً من نسج فلان. وكذلك لو حلف لا يلبس ثوباً من شرى فلان فاشترى معه آخر لم يحنث. وكل شيء من هذا يشرك المحلوف عليه آخر فإن الحالف لا يحنث. وإذا حلف الرجل على ثوب أن لا يلبسه فقطعه قميصاً أو قباء فلبسه فإنه يحنث؛ لأنه قد لبس ذلك الثوب ولم يغيره هذا ويخرجه من أن يكون ثوباً، فهو ثوب بَعْدُ وإن كان مقطعاً. وإذا حلف الرجل لا يلبس خزاً ولا نية له فلبس ثوباً من هذه الثياب التي تسميها (¬4) الناس الخز فإنه يحنث؛ لأنه هو خز عند الناس وإن لم يكن خالصاً (¬5). واذا حلف الرجل (¬6) لا يلبس ثوباً حريراً ولا ثوب إبريسم ولا نية له فلبس ثوب خز سَدَاه إبريسم أو حرير لم يحنث. وإنما تقع (¬7) اليمين هاهنا إن لبس ثوب حرير كله أو إبريسم كله. ألا ترى أنه لو لبس ثوباً عَلَمُه إبريسم أو حرير لم يحنث، ولو لبس ثوباً مُلْحَماً لُحْمَتُه إبريسم أو حرير حنث. وإن كان حين حلف لا يلبس حريراً ولا إبريسماً ينوي سَدَى الثوب ولُحْمَتَه وعَلَمَه فلبس ثوباً سَدَاه أو عَلَمُه أو لُحْمَتُه إبريسم حنث. وإذا حلف الرجل لا يلبس قطناً ولا نية له فلبس ثوب قطن فإنه ¬

_ (¬1) ك - لأن لبس الغزل. (¬2) من الكافي، 1/ 120 ظ؛ والمشوط، 9/ 2. (¬3) م - وإن عنى لبس الغزل. (¬4) م: تسميه. (¬5) تقدم تفسير الخز قريباً. (¬6) م ق - الرجل. (¬7) ك ق: يقع.

يحنث. ولو لبس قباء ليس بقطن وهو محشو بقطن لم يحنث. إنما أضع اليمين هاهنا على ثوب من قطن إلا أن يعني الحشو. وكذلك لو حلف لا يلبس (¬1) ثوباً من كتان فلبس ثوباً (¬2) من قطن وكتان لم يحنث؛ لأنه لم يلبس ما حلف عليه. ألا ترى أنك تقول: هذا الثوب قطن وكتان، ولا تنسبه إلى أحدهما دون صاحبه، والخز قد تنسبه إلى الخز دون الإبريسم. وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوب كتان فلبس ثوباً (¬3) من قطن وكتان لم يحنث؛ لأن هذا ليس بكتان كما قال. ألا ترى أنه لا ينسب إلى كتان، وليس هذا كالخز. الخز ينسب إلى الخز، ولا ينسب إلى ما فيه من الإبريسم والحرير. فإذا حلف الرجل أن لا يلبس ذلك القطن لقطن بعينه فجعل ذلك القطن ثوباً ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث إن لبس الثوب؛ لأن القطن لا يلبس إلا هكذا. وإذا حلف لا يلبس ثوباً قد سماه بعينه فاتَّزَرَ به أو تَرَدَّى به أو اشتمل به فإنه يحنث في أي ذلك ما صنع؛ لأن هذا لبس. وإذا حلف أن لا يلبس هذا القميص وليست له نية فاتزر به أو تردى به حنث. وإن قال: لا ألبس قميصاً، وليست له نية فارتدى به أو اتزر به لم يحنث. وإنما أضع هذا على أن يلبسه كما يلبس القميص. وعلى هذا معاني كلام الناس عندنا، وأدع القياس فيه. ألا ترى أنه لو قال: ما لبست اليوم قميصاً، كان صادقاً. وكذلك القباء. أرأيت لو حلف لا يلبس درعاً (¬4) حريراً فوضعه على عنقه (¬5) كان هذا لابساً له. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا سمى ¬

_ (¬1) ك: ألا يلبس. (¬2) ق - من كتان فلبس ثوبا. (¬3) ق: ثوب. (¬4) دِرْع المرأة ما تلبسه فوق القميص، وعن الحلوائي: هو ما جيبه إلى الصدر. انظر: المغرب، "درع". (¬5) م: على عاتقه.

لا يلبس (¬1) هذا القميص بعينه أو هذا القباء فاتزر به أو تردى حنث؛ لأنه قد لبسه. وإذا حلف الرجل لا يلبس قميصاً فلبس قميصاً (¬2) ليس (¬3) له كُمَّان ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث. ألا ترى أنه قميص وإن لم يكن له كُمَّان. وكذلك الدرع (¬4). ألا ترى أن الرجل قد يشتري الكُمَّيْن للدرع (¬5) وليس للدرع (¬6) كُمَّان بَعْدُ، وإنما ينسب إلى البدن. وإذا حلف (¬7) لا يلبس ثوباً فوضعه على عنقه يريد بذلك الحمل لا يريد اللبس لم يحنث؛ لأنه إنما حمل ولم يلبس. وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوباً فألبسه إياه رجل وهو مكره لم يحنث؛ لأنه لم يلبس إنما أُلْبِسَ (¬8). وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوباً وهو ينوي ثوباً (¬9) من الثياب خاصة فلبس غير ذلك فإنه يسعه فيما بينه وبين الله تعالى. ولو حلف رجل بعتق أو طلاق لم يدين في القضاء. وإذا حلف الرجل لا يلبس ولم يقل: ثوباً، وهو ينوي نوعاً من الثياب خاصة فلبس غيره فإنه يحنث مِن قِبَلِ أنه لم يسم شيئاً. وكذلك لو حلف لا يأكل وهو ينوي نوعاً من الطعام أو حلف لا يشرب وهو ينوي نوعاً من الشراب وليس له في شيء من هذا تسمية (¬10) فإنه يحنث؛ لأنه لم يسم شيئاً. وإذا حلف الرجل لا يلبس ثوب فلان هذا الثوب بعينه وهو ينوي ما ¬

_ (¬1) ق - درعا حريرا فوضعه على عنقه كان هذا لابسا له وقال أبو يوسف ومحمد إذا سمى لا يلبس. (¬2) ق - فلبس قميصا. (¬3) م - ليس، صح هـ. (¬4) ق: الذرع. (¬5) ق: للذرع. (¬6) ق: للذرع. (¬7) م ق: ولو حلف. (¬8) م: اللبس. (¬9) ق - وهو ينوي ثوبا. (¬10) م: نية.

دام في ملكه فباعه فلبسه الذي حلف عليه بعد ذلك لم يحنث. وإن لم يكن له نية فلبسه بعدما باعه فإنه لا يحنث أيضاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ويحنث في قول محمد. وإذا حلف الرجل لا يلبس من ثياب فلان شيئاً وهو يعني (¬1) ما عنده فاشترى فلان ثياباً فلبس منها ثوباً فإنه لا يحنث. ولو اشترى منه ثوباً فلبسه لم يحنث؛ لأنه قد خرج من ملك فلان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وكذلك لو اشتراه غيره منه. وكذلك إن وهبه فلان لغيره وقبضه الموهوب له ثم لبسه الحالف لم يحنث. وكذلك لو لبس ثوباً لفلان ولآخر لم يحنث؛ لأنه ليس لفلان كله. وإذا حلف الرجل لا يكسو فلاناً شيئاً ولا نية له فكساه قلنسوة أو خفين أو جوربين أو نعلين حنث؛ لأنه مما يكسى. ولو حلف رجل لا يكسو فلاناً ثوباً فأعطاه دراهم ليشتري بها ثوباً لم يحنث؛ لأن هذا لم يكسه، إنما وهب له دراهم. ولو أرسل إليه بثوب كسوة حنث؛ لأنه قد كساه. ولو كان حين حلف أن لا يكسوه ثوباً نوى لا يعطيه بيده إلى يده لم يحنث. وإذا حلف الرجل لا يلبس سلاحاً أبداً ولا نية له فتقلّد سيفاً أو تنكب (¬2) قوساً أو تُرْساً لم يحنث؛ لأنه قال: لا ألبس سلاحًا، فلا يحنث حتى يلبس (¬3) كما قال. ولو لبس (¬4) درع حديد ولم يكن معه غيره حنث؛ لأن هذا قد لبس السلاح. ولو حلف لا يلبس درعاً ولا نية له فلبس درعاً من حديد أو درع امرأة فأي ذلك ما لبس فإنه يحنث. فإن كان نوى حين حلف لبس الحديد دون ما سواه لم يحنث إلا فيه. وإن كان نوى درع النساء دون درع (¬5) الحديد لم يحنث إلا فيها. ¬

_ (¬1) ق: ينوي. (¬2) تنكّب القوس: ألقاها على منكبه. انظر: المغرب، "نكب". (¬3) م - حتى يلبس، صح هـ. (¬4) م: ولبس. (¬5) ك ق - درع.

باب الكفارة في الوفاء في اليمين

وإذا حلف الرجل لا يلبس شيئاً ولا نية له فلبس درع حديد أو درع امرأة أو خفين أو نعلين أو قلنسوة فإنه يحنث في أي ذلك ما لبس؛ لأنه حلف لا يلبس شيئاً، فكل (¬1) شيء وقع عليه اسم الشيء واسم لبس (¬2) فإنه يحنث إذا لبسه وتجب عليه الكفارة. ... باب الكفارة في الوفاء في اليمين وإذا حلف الرجل ليقضين فلاناً ماله رأس الشهر ولا نية له فله الليلة التي يُهِلُّ فيها الهلال ويومها ذلك كله. ألا ترى أنك تقول: اليوم (¬3) رأس الشهر، وإنما أَهَلَّ البارحة. وإذا حلف الرجل للرجل ليعطينه حقه صلاة الظهر فله وقت الظهر كله. فإذا ذهب وقت الظهر قبل أن يعطيه وقع عليه الحنث. وكذلك إذا غابت الشمس من اليوم الذي سمى (¬4) رأس الشهر قبل أن يعطيه فإنه يحنث. وإذا حلف ليعطينه عند طلوع الشمس فله من (¬5) حين تطلع الشمس إلى أن تبيض. وإذا حلف ليعطينه يوم كذا وكذا (¬6) فله ذلك اليوم كله، فإذا غابت الشمس قبل أن يعطيه حنث. وإذا حلف ليعطينه ماله رأس الشهر فأعطاه قبل ذلك أو وهبه له الطالب أو أبرأه منه قبل الهلال وجاء الهلال وليس عليه شيء فإنه لا يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد، ويحنث في قول أبي يوسف. وكذلك لو مات المطلوب وبقي الطالب فإنه لا يحنث؛ لأنه قد مات قبل أن تمضي (¬7) المدة. ألا ترى أنه لو أعطاه فيما بقي من الشهر لم يحنث. وكذلك لو حلف على هذا بعتق أو طلاق. وكذلك لو أن المطلوب قضى ذلك إلى وكيل ¬

_ (¬1) م: وكل. (¬2) م: واسم الشي. (¬3) م - اليوم. (¬4) م: سماه. (¬5) ق - من. (¬6) ك ق: كذا أو كذا. (¬7) ق: قبل مضي.

الطالب بر ولم (¬1) يحنث. ولو حلف لا يعطيه حتى يأذن له فلان فمات فلان أو لا يكلمه حتى يأذن له فلان فمات فلان قبل أن يأذن له ثم كلمه أو أعطاه حقه لم يحنث؛ لأن فلاناً قد مات وانقطع إذنه في الإعطاء (¬2) والكلام. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر غير هذا: إنه يحنث. وهو قول أبي يوسف: إذا كلمه أو أعطاه وإن كان فلان (¬3) قد مات قبل أن يأذن له فإنه على يمينه. وإذا حلف الرجل ليأكلن طعاماً سماه غداً أو ليلبسن (¬4) ثوباً قد سماه غداً فاحترق ذلك الطعام أو ذلك (¬5) الثوب قبل أن يجيء غد لم يحنث؛ لأنه قد بقي من مدته ووقته شيء. وقال أبو يوسف وزفر: يحنث إذا مضى الغد. واذا حلف الرجل ليضربن فلاناً أو ليعطين فلاناً ما له عليه أو ليكلمن فلاناً في (¬6) كذا وكذا ولم يوقت لذلك وقتاً فمات المحلوف عليه قبل أن يفعل أو الحالف فإن الحنث قد وقع على الحالف؛ لأنه لم يفعل ذلك. واذا حلف ليعطين فلاناً ما له وفلان قد مات قبل ذلك وهو لا يعلم لم يكن عليه حنث. وكذلك لو حلف ليضربن فلاناً أو ليكلمن فلاناً أو ليقتلن (¬7) فلاناً. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وفيها قول آخر: إنه يحنث في ذلك علم أو لم يعلم. وهو قول أبي يوسف وزفر. وإذا حلف ليشربن هذا الماء الذي في هذا الكوز فنظر فإذا ليس في الكوز ماء لم يحنث (¬8). وكذلك لو حلف بالعتق أو بالطلاق على هذا الأمر؛ لأنه لم يحلف على شيء. ألا ترى أنه لو حلف ليكلمن هذا الرجل ¬

_ (¬1) ق + ولم. (¬2) م: بالاعطاء. (¬3) م: فلانا. (¬4) م: وليلبسن. (¬5) م ق - ذلك. (¬6) م - في، صح هـ. (¬7) ق: أو لتقتلن. (¬8) م - وإذا حلف ليشربن هذا الماء الذي في هذا الكوز فنظر فإذا ليس في الكوز ماء لم يحنث.

وأشار بيده إلى رجل فإذا هو لا شيء لم يحنث في قول أبي حنيفة (¬1) ومحمد. ويحنث في قول أبي يوسف وزفر في (¬2) هذا كله. وإذا حلف بطلاق امرأته ليأتين البصرة ولم يوقت لذلك وقتاً فمات قبل أن يأتيها كان الطلاق يقع على امرأته. فإن كان دخل بها فلها الميراث؛ لأن الطلاق قد وقع عليها قبل الوقت وهو فارّ، والعدة عليها أبعد الأجلين: أربعة أشهر وعشر تستكمل (¬3) فيها ثلاث حِيَض. وإن لم يكن دخل بها فلا عدة عليها ولا ميراث لها؛ لأنه قد حنث ووقع الطلاق عليها حيث مات ولم يأت البصرة. وقال أبو يوسف في المسألة الأولى: عليها العدة بالحيض وليس عليها الشهور. ولو بقي الرجل لم يمت فماتت امرأته كان له الميراث منها؛ لأن الحنث والطلاق لم يقع عليها بَعْدُ. ألا ترى أنه يقدر أن يأتي البصرة. وكذلك لو حلف بعتق عبده أو بيمين غير ذلك فمات قبل أن يقع وقع الحنث عليه. ولو حلف بطلاق امرأته ثلاثاً إن لم تأت امرأته البصرة ولم يوقت لذلك وقتاً فماتت قبل أن تأتيها (¬4) وقع عليها الطلاق قبل أن تموت ولا ميراث للزوج. ولو مات الزوج وبقيت المرأة لم يقع عليها الطلاق وكان لها الميراث؛ لأنها قد تقدر على أن تأتي (¬5) البصرة. وفي المسألة الأولى قد ماتت ولم تأت البصرة فوقع الحنث عليها. وكذلك كل شيء حلف عليه الرجل ليفعلنه ولم يوقت فيه وقتاً فمات قبل أن يفعله وجب عليه الحنث. ولو حلف رجل بعتق كل مملوك له أن لا يكلم فلاناً وليس له مملوك يومئذ ثم اشترى رقيقاً ثم كلم فلاناً لم يقع عليهم العتق؛ لأنه لم يحلف يوم حلف وهم عنده. وإن (¬6) كان له رقيق ثم حلف ثم باعهم ثم كلم فلاناً ¬

_ (¬1) م - حنيفة، صح هـ. (¬2) م - في. (¬3) ق: يستكمل. (¬4) ق: أن يأتيها. (¬5) ق: أن يأتي. (¬6) ق: ولو.

وهم ليسوا في ملكه لم يقع عليهم العتق، لأنه قد حنث وهم في غير ملكه. ولو قال: إذا كلمت فلاناً فكل مملوك لي يوم أكلمه حر، ثم اشترى رقيقاً ثم كلمه وهم عنده عتقوا. وكذلك لو قال: يوم أكلم فلاناً فكل مملوك لي (¬1) حر. ولو قال: إذا كلمت فلاناً فكل مملوك أملكه حر، ثم ملك رقيقاً ثم كلمه لم يعتقوا. ولو ملك رقيقاً بعدما كلمه لم يعتقوا؛ لأنه إنما ملكهم بعد كلامه. فليس يعتق إلا ما كان في ملكه يوم حلف. ولو قال: إذا كلمت فلاناً فكل مملوك لي حر، وله رقيق عبيد وإماء ومكاتبون ومدبرون وأمهات أولاد له ثم كلمه عتق هؤلاء كلهم غير المكاتبين، فإنهم لا يعتقون. وإن قال: عنيت الرجال دون النساء، فإنه يصدق فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يصدق في القضاء. ولو قال: لم أعن المدبر في ذلك، لم يدين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يصدق في القضاء. ولو لم يكن له نية لم يعتق مكاتبوه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو قال: كل مملوك أشتريه حر يوم أكلم فلاناً، ثم اشترى رقيقاً ثم كلم فلاناً ثم اشترى آخرين بعد أولئك عتق الأولون الذين اشتراهم قبل كلام فلان، ولم يعتق الذين اشتراهم بعد كلام فلان. ألا ترى أنه إنما وقع العتق على الأولين. وكذلك الطلاق في جميع ما ذكرت في هذه الأيمان فهو في وقوعه والعتق سواء. فإذا حلف الرجل بعتق عبده إن لم يكلم فلاناً فمات الحالف ولم يكلمه ولا مال له غير العبد فإن العبد يعتق ويسعى في ثلثي قيمته، لأن العتق وقع عند الموت. ولو مات المحلوف عليه وبقي الحالف عتق العبد ولم يسع في شيء. ¬

_ (¬1) م - يوم أكلمه حر ثم اشترى رقيقا ثم كلمه وهم عنده عتقوا وكذلك لو قال يوم أكلم فلانا فكل مملوك لي.

ولو قال رجل لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إن كلمت فلاناً، ثم طلقها واحدة بائنة ثم كلمت فلاناً فإن كلمته وهي في عدتها وقع عليها ثلاث تطليقات، وإن كلمته بعدما انقضت العدة لم يقع عليها شيء. وإذا قال الرجل لامرأته: إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق، إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق، فقد حلف بطلاقها في المرة الثانية، فيقع عليها التطليقة الأولى. وإن قال: إذا حلفت بطلاقك فعبدي حر، وقال لعبده: إذا حلفت بعتقك فامرأتي طالق، فقد حلف بطلاق امرأته وقد وقع العتق على عبده. وإذا حلف الرجل لا يطلق امرأته ولم يكن له نية فأمر رجلاً فطلقها (¬1) أو جعل أمرها في يديها فطلقت نفسها أو خلعها أو قال لها: أنت مني بائن، ينوي الطلاق فهذا طلاق كله يقع به الحنث. فإن كان حين حلف ينوي أن لا يتكلم بالطلاق بلسانه لا ينوي إلا ذلك فأمر رجلاً فطلقها أو جعل أمرها إليها فطلقت نفسها فإنه لا يقع عليه الحنث فيما بينه وبين الله تعالى. واذا حلف الرجل لا يعتق (¬2) عبده فأمر رجلاً فأعتقه أو قال: أنت حر إن فعلت كذا وكذا، ففعل ذلك فإن العبد يعتق، ويقع الحنث على مولاه؛ لأنه هو أعتقه حيث قال ما قال. وكذلك لو حلف أن لا يطلق امرأته ثم قال: أنت طالق إن دخلت الدار، فدخلت (¬3) الدار وقع الطلاق عليها، ووقع عليه الحنث. ولو قال: إن دخلت الدار فأنت طالق، ثم حلف بالله أن لا يطلقها ثم دخلت الدار وقع عليها الطلاق، ولا يقع على زوجها الحنث في القضاء؛ لأنه لم يجعلها طالقاً (¬4) بعدما حلف، إنما جعلها قبل أن يحلف. ولو حلف لا يبيع عبداً ولا متاعاً ولا نية له فأمر غيره فباعه لم ¬

_ (¬1) ق: فطقها. (¬2) ق: لا عتق. (¬3) م: فدخل. (¬4) م: طلاقا.

يحنث؛ لأن الذي باعه هو البائع. وكذلك لو حلف لا يشتري متاعاً أو عبداً فأمر غيره فاشترى له. ألا ترى أن الخصم في هذا إذا وجد عيباً المشتري (¬1)، وليس الآمر من الخصومة في شيء. وكذلك إذا أمره فباعه فالخصومة للبائع. ولو حلف لا يتزوج امرأة فأمر غيره فزوجه حنث؛ لأنه قد تزوج. ألا ترى أنك تقول: تزوج فلان، للزوج، ولا تستطيع أن تنسب (¬2) ذلك إلى الذي خاطب عنه وزوّجه (¬3)، وقد تقول (¬4): اشترى فلان لفلان متاعاً أو عبداً أو باع فلان لفلان عبداً أو متاعاً. وإذا حلف الرجل لا يشتري عبداً وهو ينوي أن لا يأمر غيره فيشتري له فأمر غيره فاشترى له حنث؛ لأنه قد نوى ذلك. وكذلك إذا حلف (¬5) لا يبيع وهو ينوي أن لا يأمر غيره فأمر غيره (¬6) فباع فإنه يحنث؛ لأنه قد نوى ذلك. وإذا قال الرجل: كل امرأة يتزوجها إلى ثلاثين سنة طالق ثلاثاً إن كلم فلاناً، فكلم فلاناً وقد تزوج امرأة قبل كلامه بعد الحلف وامرأة (¬7) بعد كلامه فإن الطلاق (¬8) يقع عليهما جميعاً، ويقع على كل شيء تزوج منذ حلف إلى أن تمضي هذه المدة. ولو كان قال: إن كلمت فلاناً فكل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق ثلاثاً، فتزوج امرأة بعد اليمين ثم كلمه لم يقع عليها الطلاق. وإن تزوج امرأة (¬9) بعد الكلام إلى ثلاثين سنة وقع عليها الطلاق. وهذا مخالف للباب الأول، إنما يقع يمينه بعد الكلام، والباب الأول يقع يمينه على ما تزوج منذ (¬10) حلف إلى ثلاثين سنة بعد ¬

_ (¬1) م: للمشتري. (¬2) ق: يستطيع أن ينسب. (¬3) م: خطب عليه زوجه؛ ق + عليه زوجه. (¬4) ق: يقول. (¬5) م: لو حلف. (¬6) ق - فأمر غيره. (¬7) م: وامره. (¬8) ق: الطلا. (¬9) م - امرأة. (¬10) م - تزوج منذ.

الكلام وقبل (¬1). ولو قال: إن كلمت فلاناً فكل امرأة أتزوجها طالق ثلاثاً، كان كما قال، ولا يقع على ما تزوج قبل كلامه. وإن كان قدم الحلف ثم كلم فلاناً وقع الطلاق. ولو تزوج قبل الكلام لم يقع الطلاق. وكذلك العتاق في هذا كله. وكل امرأة تزوجها قبل الحلف في جميع ذلك لم يقع عليها شيء، إنما يقع (¬2) على ما يتزوج (¬3) بعد كلامه إذا بدأ فقال: إن كلمت فلاناً. ولو قال: كل امرأة أتزوجها طالق ثلاثاً إن كلمت فلاناً، فتزوج بعد اليمين والكلام حنث، ولا يحنث فيما سوى ذلك. وكذلك العتق. وإذا وقع الحنث في امرأة فتزوجها زوج غيره ودخل بها ثم فارقها وانقضت عدتها ثم تزوجها الحالف لم يحنث فيها مرة أخرى، ولا يقع عليها الطلاق. وإذا حلف الرجل لا يبيع لرجل شيئاً قد سمى بعينه فباعه لآخر (¬4) طلب ذلك إليه لم يحنث. وكذلك لو حلف لا يشتري لفلان شيئاً فأمره آخر فاشترى له والآمر ينوي أنه لفلان المحلوف عليه فإن الحالف لا يحنث؛ لأنه (¬5) إنما اشتراه للذي أمره. وكذلك إن باع للذي أمره (¬6). وكذلك إن باع لنفسه أو اشترى لنفسه. وإذا حلف الرجل لا يشتري عبداً بعينه فاشتراه هو وآخر (¬7) ذلك العبد ¬

_ (¬1) م: وقيل. (¬2) جميع النسخ - عليها شيء إنما يقع، لنا صح هـ. وكذلك صح في ط. (¬3) ق: ما يزوج. (¬4) م: الاخر. (¬5) م - لأنه. (¬6) م + وكذلك إن باع للذي أمره؛ ق - وكذلك إن باع للذي أمره. (¬7) م: واجر.

فإنه لا يحنث، لأنه لم يشتره كله، إنما اشترى نصفه. وإذا حلف رجل لا يهب لفلان هبة فتصدق عليه بصدقة لم يحنث؛ لأن الصدقة غير الهبة. ألا ترى أنه لا يرجع في الصدقة. ولو حلف لا يهب له فوهب له هبة ولم يدفعها إليه ولم يقبض فإن الحالف يحنث، إلا أن يكون نوى حين حلف هبة مقبوضة فلا يحنث حتى تكون هبة (¬1) مقبوضة. ولو حلف لا يهب له هبة فوهب له هبة غير مقسومة وليست له نية حنث؛ لأنها هبة. وكذلك لو أَعْمَرَه عُمْرَى وقبضها أو نَحَلَه نُحْلَى وقبضه أو أعطاه عطية فقبضها حنث، وكان هذا كله هبة. ولو وهب له شيئاً فأرسل به مع غيره حنث. وإذا حلف الرجل ليضربن مملوكه فلاناً أو حلف لا يضربه فأمر غيره فضربه ولم يكن له نية أن يضربه بيده ولا يأمر به فإنه قد ضربه حيث (¬2) أمر به. ألا ترى أن رجلاً لو حلف ليخيطن هذا الثوب فأمر به فخِيطَ، أو ليبنين هذه (¬3) الدار فأمر بها فبُنِيَتْ، كان قد بر في (¬4) يمينه إلا أن يكون عنى ليفعلن ذلك بيده. ألا ترى أنه يقول: قد بنيتُ داري، ولم يبنها هو، إنما بناها غيره. وكذلك لو حلف على شيء ليفعلنه مما يَحْسُنُ فيه إذا أمر (¬5) به غيره ففعله (¬6) أن يقول: قد (¬7) فعلتُ كذا وكذا. فإذا كان عملاً لا يَحْسُنُ به أن يقول: قد فعلتُ كذا وكذا (¬8)، فذلك إنما فعله غيره، فهذا لا يقع اليمين إلا أن يفعله هو بنفسه. فإذا حلف ليضربن عبده فأمر به فضرب فقد بر. ولو حلف لا يضربه فأمر به فضرب حنث إذا لم يكن له نية في ذلك. ¬

_ (¬1) لنا ق - هبة. (¬2) م: حنث. (¬3) م: هذا. (¬4) م: بر في. (¬5) م: إذا أمره. (¬6) م: فعله. (¬7) م - قد. (¬8) م - فإذا كان عملا لا يحسن به أن يقول قد فعلت كذا وكذا.

باب الكفارة في اليمين في الخدمة

ولو حلف بذلك على رجل حر لا يملكه لم يحنث حتى يضربه بيده، ولا يشبه العبد في هذا الحر. وكذلك السلطان لو حلف لا يضرب رجلاً ولا نية له فأمر به فضرب حنث. ألا ترى أنك تقول: ضرب الأمير اليوم فلاناً، وضرب القاضي اليوم فلاناً حداً. ولو كان نوى حين حلف أن يضربه بيده لم يحنث حتى يضربه بيده، وهو يدين في القضاء (¬1). ... باب الكفارة في اليمين في الخدمة وإذا حلف الرجل لا يستخدم خادماً قد كانت تخدمه ولا نية له فجعلت الخادم تخدمه من غير أن يأمرها حنث؛ لأنه قد استخدمها إذا كانت تخدمه على حالها (¬2) التي كانت عليه حين حلف. ولو حلف على خادم لا يملكها أن لا يستخدمها فخدمته بغير أمره لم يحنث؛ لأن خادمه في هذا وخادم غيره مختلف؛ لأن خادمه إنما وضعه في بيته لخدمته، فإذا تركه على ذلك الأمر يخدمه فهو خادمه، وخادم غيره إذا لم (¬3) يأمره هو (¬4) بالخدمة لم يحنث. ولو حلف رجل (¬5) لا تخدمني فلانة فخدمته بأمره أو بغير أمره خادمه كانت أو خادم غيره فإنه يحنث. وكل شيء من عمل بيته فإنه خدمته. وإذا حلف الرجل لا أستخدم خادماً لفلان ولا نية له فسألها وَضوء أو شراباً كان قد استخدمها وحنث في يمينه. وكذلك لو أشار إليها أو أومى (¬6) إليها بخدمته فخدمته. ¬

_ (¬1) م + والله أعلم. (¬2) م + على حالها. (¬3) ق - لم. (¬4) م - هو. (¬5) م - رجل. (¬6) م: وأومى.

ولو حلف لا يستعين بخادم لفلان فأشار إليها بوَضوء أو بشراب أو أومأ (¬1) إليها أو سألها ذلك بكلام ولم يكن له نية حين حلف كان قد استعان بها ووجب عليه الحنث أعانته أو لم تعنه، إلا أن يكون نوى حين حلف أن يستعينها فتعينه، فلا يحنث حتى تعينه. ولو حلف لا تخدمني خادم لفلان ولا نية له فاشترى من فلان خادماً فخدمته (¬2) لم يحنث. ولو باع فلان الحالف من فلان المحلوف عليه خادماً فخدمت (¬3) الحالف بعد البيع حنث. إنما يقع اليمين في هذا على الحال التي تكون عليها الخادم يوم تخدم. فإن كانت لفلان المحلوف عليه يوم تخدم الحالف فإنه يحنث. وإن كانت (¬4) لغير المحلوف عليه يوم تخدم (¬5) الحالف فإنه لا يحنث. وإذا كان الحالف على مائدة مع قوم يطعمون وخادم المحلوف عليه تقوم عليهم في طعامهم وشرابهم كان الحالف قد حنث؛ لأنها حيث (¬6) خدمت القوم وهو فيهم فقد خدمته. ولو كان حين حلف لا يستخدم خادماً لفلان فقامت عليهم في هذه المنزلة ولم يستخدمها هو ولم يسألها شيئاً لم يحنث. وقوله: لا تخدمني، ولا أستخدمها، مختلف. ولو حلف أن لا تخدمني خادم فلان هذه بعينها وهو يعني ما دامت لفلان فباعها فخدمته لم يحنث. وإن لم تكن له نية حين حلف فخدمته بعدما باعها فإنه لا يحنث في قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف، ويحنث في قول محمد (¬7). ألا ترى أنه لو قال: لا يخدمني فلان مولى فلانة، فخدمه المولى بعدما باع الجارية أو حلف لا تخدمني فلانة امرأة فلان فخدمته بعدما طلقها ثلاثاً وقع عليه الحنث. ولو حلف لا تخدمني خادم لفلان فخدمته خادم بين فلان وبين آخر ¬

_ (¬1) م: أو اما. (¬2) ق: فخدمه. (¬3) م: فخدمته. (¬4) جميع النسخ: وإن كان. والتصحيح من ط. (¬5) م: تخد؛ ق: يخدم. (¬6) ق: حنث. (¬7) ق - محمد.

باب اليمين في الركوب

لم يحنث؛ لأن الخادم ليست لفلان كلها. وكذلك لو كان فيها شِقْص لغير فلان قليلاً كان أو كثيراً فإنه لا يحنث إذا خدمته. وكذلك لو قال: كل مملوك لي أستخدمه فهو حر، وليس له إلا رقيق بينه وبين آخر، فاستخدم واحداً منهم لم يحنث ولم يدخل عليه عتق. ولو قال: كل مملوك لي حر، لا يعتق أحد منهم؛ لأنه ليس له مملوك تام. وإذا حلف الرجل لا يخدمه خادم لفلان وليست له نية في غلام ولا جارية فإنه يحنث في أي ذلك خدمه؛ لأن كل واحد منهما خادم. والصغيرة التي تخدمهم والكبيرة سواء في ذلك كله (¬1). ... باب اليمين في الركوب وإذا حلف (¬2) الرجل لا يركب دابة وليست له نية فركب فرساً أو حمارأ أو بغلاً أو برذوناً فإنه يحنث. وكذلك إذا ركب غير ما سميت لك من الدواب في القياس، ولكني أدع القياس في ذلك. فإذا ركب غير ما سميت لك من الدواب لم يحنث. ولو ركب بعيراً أو بختية لم يحنث. إنما أضع هذا على معاني كلام الناس إلا أن يكون نوى ذلك. وإذا حلف الرجل لا يركب دابة وهو يعني الخيل فركب حماراً لم يحنث. وإذا حلف على ذلك بعتق أو طلاق دَيَّنْتُه فيما بينه وبين الله تعالى، ولا أدينه في القضاء. ولو حلف أن لا يركب فرساً فركب برذوناً أو حلف أن لا يركب برذونًا فركب فرساً لم يحنث. ولو حلف أن (¬3) لا يركب شيئاً من الخيل فركب برذونًا أو فرساً فإنه ¬

_ (¬1) م - كله. (¬2) م: فإذا حلف. (¬3) م - أن.

يحنث؛ لأن اسم الخيل يجمعها (¬1)، والبراذين لا يجمعها (¬2)، والفرس لا يجمعها (¬3). ولو حلف أن لا يركب وهو ينوي الحمر (¬4) ولم يسم دابة ولا غير ذلك لم تكن (¬5) نيته هذه بشيء. وإن ركب بغلاً حنث أو فرساً؛ لأنه لم يقل: لا أركب دابة، إنما قال: لا أركب، وهذا لا يكون فيه نية. ولو حلف أن لا يركب دابة وهو راكب فمكث على حاله ساعة واقفاً أو سائراً حنث؛ لأنه راكب بعد يمينه. فإن نزل حين حلف لم يحنث. ولو حلف لا يركب دابة فحمله إنسان على دابة وهو كاره لم يحنث، لأنه لم يركب، إنما حُمِلَ عليها. وإن كان هو أذن في نفسه أو أمر بذلك فقد حنث. ولو حلف أن لا يركب دابة فركب دابة بسَرْج أو بإِكَاف (¬6) أو عرياناً فإنه يحنث. ولو حلف (¬7) أن لا يركب دابة لفلان فركب دابة لعبده لم يحنث إذا لم يكن (¬8) له نية حين حلف. فإن كان نوى حنث. وكذلك (¬9) لو حلف (¬10) أن لا يدخل داراً لفلان فدخل داراً لعبده. وكذلك لو حلف أن لا يستخدم خادماً لفلان فاستخدم خادماً لعبده، وسواء إن (¬11) كان عبداً ليس عليه دين أو عليه دين. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وفيها (¬12) قول آخر: إنه يحنث إذا فعل شيئاً من هذا؛ لأن كل مال لعبده فهو للسيد. وهو قول (¬13) ¬

_ (¬1) ق: يجمعهما. (¬2) لنا- والبراذين لا يجمعها، صح هـ. (¬3) م - والفرس لا يجمعها. (¬4) م: الخمر. (¬5) ق: لم يكن. (¬6) الإكاف ما يوضع على الحمار للركوب عليه. انظر: المغرب، "أكف". (¬7) ق - حلف. (¬8) ق: لم تكن. (¬9) ق - وكذلك. (¬10) ق: ولو حلف. (¬11) م - إن. (¬12) م: ففيها. (¬13) ق - قول.

محمد. وإذا حلف الرجل لا يركب دابة لفلان فركب دابة لمكاتبه أو لعبد قد أعتق نصفه وهو يسعى في نصف قيمته لم يحنث. وكذلك لو حلف على خدمة عبد أو سكنى دار أو لبس (¬1) ثوب لفلان فلبس (¬2) ثوباً لمكاتبه. وإذا حلف الرجل لا يركب دابة لفلان فركب دابة (¬3) لأم ولده أو لمدبره فهذا والعبد سواء. القول في هذا مثل القول في العبد. وإذا حلف الرجل لا يركب مركباً ولا ينوي شيئاً فركب في سفينة أو في مَحْمِل (¬4) أو دابة بسَرْج أو بإِكَاف أو رِحَالَة (¬5) فإنه يحنث. وليس من هذا شيء إلا وهو (¬6) مركب. وإذا حلف الرجل أن لا يركب هذه الدابة بعينها فنُتِجَتْ بعد اليمين فركب ولدها لم يحنث؛ لأن ولدها غير ما حلف عليه. وإذا حلف (¬7) الرجل أن لا يركب بهذا السَّرْج فزاد فيه شيئاً أو نقص منه شيئاً فركب فإنه يحنث؛ لأنه (¬8) ذلك السَّرْج بعينه. ولو بدَّلَ السَّرْجَ بعينه وترك اللِّبْد والصُّفَّة (¬9) ثم ركب به لم يحنث. وإذا حلف الرجل أن لا يركب دابة لفلان فركب دابة بينه وبين آخر لم يحنث (¬10)؛ لأنها ليست له كلها. ¬

_ (¬1) ق: وليس. (¬2) ق: فليس. (¬3) ق - دابة. (¬4) م: في محل. والمحمل هو الهودج. وقد تقدم. (¬5) الرَّحَالَة أكبر من السَّرْج وتُغشى بالجلود وتكون للخيل والنجائب من الإبل. انظر: لسان العرب، "رحل". (¬6) ك: إلا هو. (¬7) ق + الرحلف. (¬8) م: لأن. (¬9) ك - والصفة؛ ق - مفلسا كان أو مليا. واللبد هو ما يوضع تحت السرج. وقد تقدم. أما صُفَّة السَّرْج فهو ما غُشي به بين مقدمه ومؤخره. انظر: المغرب، "صفف". (¬10) م - لم يحنث.

باب الأوقات في اليمين

وإذا حلف الرجل بالله ما له مال ولا نية له وليس له مال إلا دين على رجل مفلساً (¬1) كان أو مليئاً (¬2) فإنه لا يحنث. وكذلك لو كان رجلاً قد غصبه ماله فاستهلكه فأقر له به أو جحده وهو قائم بعينه فهو سواء. وإن كان له مال عند عبده فعرفه فإنه يحنث. وكذلك لو كان عنده فضة أو ذهب قليلاً كان أو كثيراً. وإن لم يكن عنده مال ولا نية له إلا الدين الذي ذكرت لك وحلف حين حلف وهو ينوي الدين فإنه يحنث. وإن لم يكن له دين ولا عين وله عروض من حيوان أو غير ذلك فحلف بالله ما له من مال ولا نية له فإنه لا (¬3) يحنث. وإنما اليمين في هذا على الدنانير والدراهم، ويقع على الذهب والفضة وعلى كل مال غير ذلك للتجارة، وما كان تجب فيه الزكاة من الإبل والغنم والبقر. ولو كان حنطة أو شبه ذلك للتجارة كان هذا كله مالاً، وكان يحنث في يمينه. وإن كان حين حلف نوى الذهب والفضة خاصة لم يحنث فيما بينه وبين الله تعالى، ولا يدين في القضاء. وإذا حلف الرجل بالله ما لي من مال وليس له مال وله عبد له مال وعلى عبده دين أو ليس عليه دين فإنه لا يحنث إلا أن ينوي ذلك. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وفيها قول آخر: إنه يحنث. وهو قول محمد. وكذلك المدبر وأم الولد. فأما المكاتب والعبد يسعى في نصف قيمته فلا (¬4) يكون ماله مال السيد. ... باب الأوقات في اليمين وإذا حلف الرجل ليعطين فلاناً إذا صلى الظهر حقه فله وقت الظهر ¬

_ (¬1) ق: مفلس. (¬2) ق: أو ملي. (¬3) ق - لا. (¬4) م ق: ولا.

كله (¬1) إلى آخر الوقت، ولكن (¬2) ليعطيه قبل أن يخرج الوقت، فإن خرج الوقت قبل أن يقضيه حنث. وكذلك إذا حلف ليعطينه رأس الشهر فله الليلة التي أهل فيها الهلال ويومه كله، فإن غابت الشمس قبل أن يعطيه حنث. وإذا حلف ليعطينه طلوع الشمس فله من حين تطلع الشمس إلى أن ترتفع وتبيض. وإذا حلف ليعطينه رأس الشهر أو عند رأس الشهر أو عند طلوع الشمس أو عند صلاة الظهر فهذا كله والأول سواء. وكذلك ليعطينه حين تطلع الشمس. وإذا حلف ليعطينه كل شهر درهماً ولا نية له وقد (¬3) حلف في أول الشهر فإن ذلك الشهر الذي حلف فيه في يمينه، فينبغي له أن يعطيه في كل شهر قبل أن يخرج درهماً. وكذلك إذا حلف ليعطينه في كل شهر أو في كل سنة (¬4). وكذلك لو كان في آخر السنة أو في آخر الشهر. ولو أن رجلاً كان عليه دين نجوماً يعطيها (¬5) في انسلاخ كل شهر فحلف ليعطينه النجوم في كل شهر كان له ذلك الشهر الذي جعل فيه النجم حتى آخره، يعطيه متى ما (¬6) شاء فيبر ولا يحنث. وإذا حلف ليعطينه عاجلاً ولا نية له (¬7) فالعاجل قبل أن يمضي الشهر، فإن مضى شهر حنث. وإذا حلف ليعطينه في أول الشهر الداخل ولا نية له فله أن يعطيه فيما بينه وبين أن يمضي أقل من النصف، فإذا أعطاه في ذلك بر، وإن مضى النصف قبل أن يعطيه حنث. فإذا حلف الرجل أن لا يعطي فلاناً ما له عليه حيناً ولا زماناً وليست ¬

_ (¬1) م - كله. (¬2) ق: لكن. (¬3) ك - وقد، صح هـ. (¬4) ك ق ط: ليعطينه كل شهر أو كل سنة. ولا بد من زيادة "في" مرتين حتى لا يكون تكرارا لا فائدة له. وانظر: المبسوط، 9/ 15. (¬5) ق: يعطها. (¬6) ك - ما. (¬7) ق - له.

له نية فأعطاه قبل ستة أشهر فإنه يحنث. الحين عندنا والزمان ستة أشهر. بلغنا عن ابن عباس (¬1) - رضي الله عنهما - أنه سئل عن الحين، فقال: يقول (¬2) الله تعالى في كتابه: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (¬3)، فجعله ستة أشهر (¬4). والدهر في قول يعقوب ومحمد ستة أشهر. ولم يوقت أبو حنيفة في الدهر شيئاً. وقال أبو حنيفة: لا أدري ما الدهر، ولم يوقت فيه شيئاً. وكذلك لو حلف أن لا يكلم فلاناً حيناً فهو ستة أشهر إن لم يكن له نية. كان نوى أكثر من ذلك أو أقل من ذلك فهو ما نوى. وكذلك لو حلف أن لا يكلمه دهراً. وكذلك لو حلف أن لا يكلمه الأيام ولا نية له فإنه يترك كلامه عشرة أيام؛ لأنها هي أيام، ولا يكون أكثر منها أياماً. ألا ترى أنك إذا نسبتها إلى أكثر من عشرة قلت كذا كذا يوماً. وقال أبو يوسف ومحمد: الأيام سبعة أيام. وإذا حلف أن لا يكلمه أياماً وهو ينوي ثلاثة أيام فهو كما نوى. وإن لم تكن (¬5) له نية فهو آخر ما يكون منه عشرة أيام. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إن لم يكن له نية فهو ثلاثة أيام، إلا أن ينوي أكثر من ذلك فهو كما نوى. وإذا حلف ليعطينه غداً في أول النهار ولا نية له كان موسعاً عليه أن يعطيه فيما بينه وبين نصف النهار، فإن انتصف النهار قبل أن يعطيه حنث. وإذا حلف الرجل ليعطينه مع حل المال أو حين يحل المال أو عند حل المال أو حيث يحل المال ولا نية له فهذا يعطيه ساعة يحل، فإن أخره أكثر من ذلك حنث. ¬

_ (¬1) م: عن بن عباس. (¬2) م - يقول، صح هـ. (¬3) سورة إبراهيم، 14/ 25. (¬4) عن ابن عباس أنه سئل عن رجل حلف أن لا يكلم أخاه حيناً، قال: الحين ستة أشهر، ثم ذكر النخلة ما بين حملها إلى صِرامها ستة أشهر. انظر: تفسير الطبري، 13/ 108. (¬5) ق: لم يكن.

واذا (¬1) حلف لا يعطيه حتى يأذن له فلان فمات فلان قبل أن يأذن له أن يعطيه فإنه لا يحنث (¬2) في قول أبي حنيفة ومحمد؛ لأن فلاناً إذنه قد انقطع. ويحنث في قول أبي يوسف. وإن (¬3) كان حياً فأذن له وهو لا يسمع بالإذن ولا يعلم فأعطاه حنث؛ لأن الإذن لا يكون إلا بمحضر (¬4) منه حيث يعلم بذلك. ألا ترى أنه لو قال: لا أعطيه حتى يأذن لي فلان، لم يكن له أن يعطيه حتى يأذن له معاينة أو يرسل إليه به، وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: إذا (¬5) أذن له حيث لا يعلم ولا يسمع فهو إذن؛ فأما إذا مات فلان قبل أن يأذن له فليس له أن يعطيه، فإن أعطاه حنث. وإذا حلف الرجل لا يضرب عبده أبداً ولا نية له فوَجَأَه (¬6) بيده أو قرصه أو خنقه أو مد شعره أو عضه فأي هذا ما صنع (¬7) فهو ضرب، وهو حانث؛ لأن ما وصل إلى القلب من وجع فهو ضرب. ولو حلف ليضربنه ففعل به من هذا شيئاً (¬8) كان قد بر وكان هذا ضرباً. وإذا حلف الرجل ليضربن عبده مائة سوط ولا نية له فضربه مائة سوط وخفف فإنه يبر؛ لأنه مائة سوط. ولو جمعها جماعة ثم ضربه بها (¬9) لم يبر؛ لأنه لم يضربه مائة سوط (¬10) لأنها لم تقع به جميعاً. ولو ضربه سوطًا واحداً له شعبتان خمسين سوطاً كل سوط منها تقع (¬11) الشعبتان به جميعاً كان قد بر. وكذلك لو جمع سوطين فضربه بهما جميعاً وهما يقعان به جميعاً بر. ولو ضربه (¬12) مائة سوط (¬13) فوق الثياب بر. ¬

_ (¬1) ق: ولو. (¬2) ق: لا يحيث. (¬3) ك ق: ولو. (¬4) م: لمحضر. (¬5) م - إذا. (¬6) وجأ أي ضرب بيده أو بالسكين. انظر: لسان العرب،"وجأ". (¬7) ق - به. (¬8) ق: شي. (¬9) م - بها. (¬10) ق: سرط. (¬11) ك: يقع به. (¬12) ق: ضرب. (¬13) ق + مائة سوط.

ولو حلف ليضربنه ولم يسم شيئاً فبأي شيء ضربه به من يد أو رجل أو سوط أو غير ذلك فإنه يبر. ولو حلف ليضربنه قبل الليل فمات الرجل قبل الليل لم يحنث؛ لأنه قد (¬1) بقي من الوقت شيء. ولو حلف ليضربنه غداً فمات العبد قبل غد لم يحنث؛ لأنه قد بقي من مدته التي وقت شيء (¬2) لم يأت بعد، فجاء ذلك الوقت ولا يقدر على أن يضربه. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: إذا وقت اليوم إلى الليل فمات العبد قبل الليل ولم يضربه فإنه يحنث إذا جاء الليل. ولو حلف أن يضربه فأمر به فضرب بر؛ لأن الرجل قد يقول: ضربت غلامي، وإنما أمر به فضرب. ويقول: قد ضرب اليوم الأمير رجلاً، وإنما أمر به فضرب. ويقول: قد ضرب القاضي اليوم رجلاً، وإنما أمر به فضرب. ولو حلف لا يضربه ولا نية له فأمر به فضرب كان قد حنث، وكانت عليه الكفارة، إلا أن يكون عنى حين حلف أن يضربه بيده، فلا يحنث إذا كان على ذلك. وكل شيء (¬3) فعل من خياطة أو صياغة (¬4) أو عمل شبه ذلك حلف عليه الرجل أن لا يفعله فأمر به ففعل فإنه يحنث؛ لأنه بمنزلة فعله إلا أن يكون نوى في يمينه أن يفعله بنفسه، فإن حلف على ذلك فأمر به غيره ففعله لم يحنث. ... ¬

_ (¬1) م - قد. (¬2) م + ولو حلف ليضربنه غدا فمات العبد قبل غد لم يحنث لأنه قد بقي من مدته التي وقت شيء. (¬3) ك - شيء، صح هـ. (¬4) ج ر م: أو صناعة. وفي ط: أو صباغة.

باب البشارة

باب البشارة وإذا حلف الرجل أي غلماني بشرني بكذا وكذا فهو حر، فبشره واحد بذلك ثم جاء آخر فبشره فالأول حر، ولا يعتق الثاني؛ لأن الأول هو البشير. ولو بشروه معاً جميعاً عتقوا. ولو بعث إليه غلام من غلمانه مع رجل بالبشارة فقال: إن غلامك يبشرك (¬1) بكذا وكذا، فإن العبد يعتق؛ لأنه قد بشره. ألا ترى إلى قوله (¬2) تعالى في كتابه: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (¬3)، وإنما أرسل إليه بذلك، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} (¬4)، فهذه بشارة. وكذلك لو كتب إليه كتاباً. وإن كان حين حلف نوى أن يشافهه مشافهة أو يكلمه به كلاماً لم يعتق. وإذا حلف الرجل فقال: أي غلام لي أخبرني بكذا وكذا أو أعلمني بكذا وكذا فهو حر، ولا نية له فأخبره غلام له بذلك بكتاب أو بكلام أو برسول قال: إن فلاناً يقول لك كذا وكذا، فإن الغلام يعتق؛ لأن هذا خبر. وإن أخبره بعد ذلك غلام آخر عتق؛ لأنه قال: أي غلام لي أخبرني فهو حر. فإن أخبروه جميعاً كلهم عتقوا جميعاً. وإن كان عنى حين حلف الخبر بكلام مشافهة لم يعتق أحد منهم إلا أن يخبروه بكلام مشافهة بذلك الخبر. وإذا قال: أي غلماني حدثني، فهذا على المشافهة لا يعتق أحد منهم. وإذا حلف الرجل للرجل لئن علم بمكان فلان ليخبرنه (¬5) به ثم علم ¬

_ (¬1) م: بشرك. (¬2) ق: قول الله. (¬3) سورة الصافات، 37/ 101. وكان في جميع النسخ وط: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}. وهي من سورة الذاريات، 51/ 28. ولكن المناسب للمسألة المذكورة في المتن هو الآية التي أثبتناها في المتن. ولعل التغيير حدث من الناسخين. وقد أورد الحاكم الآية التي أثبتناها في المتن. انظر: الكافي، 1/ 122 و. (¬4) سورة آل عمران، 3/ 45. (¬5) جميع النسخ وط: ليخبرنك. وعبارة الحاكم: وإذا حلف لإن علم بمكان فلان ليخبرنه ثم علما به جميعاً فلا بد من أن يخبره. انظر: الكافي، 1/ 122 و.

باب الرجل يحلف على الأيام هل يدخل في ذلك الليل وغيره

به الحالف والمحلوف له فلا بد من أن يخبره به وإن علما بأنه قد حلف له (¬1) على ذلك. وإذا حلف الرجل لآخر ليخبرنه بكذا وكذا ولا نية له فأخبره بذلك بكتاب أو أرسل إليه بذلك رسولاً فقال: إن فلاناً يخبرك بكذا وكذا، كان قد بر، وكان هذا خبراً. ... باب الرجل يحلف على الأيام هل يدخل في ذلك الليل وغيره ولو حلف الرجل فقال (¬2): يوم أفعل كذا وكذا فعبدي حر، ولا نية له ففعل ذلك ليلاً عتق غلامه. وإنما يقع هذا على إذا فعلت كذا وكذا. ألا ترى إلى قول الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} (¬3)، فمن ولاهم الدبر بالليل والنهار فهو سواء. وإذا قال: يوم أفعل كذا وكذا فعبدي حر، وهو ينوي النهار دون الليل ففعل ذلك ليلاً فإنه لا يحنث، ويدين في القضاء. وإذا قال: ليلة أفعل كذا وكذا فعبدي حر، ففعل ذلك نهاراً لم يعتق عبده. ولو حلف رجل لا يبيت (¬4) في مكان كذا وكذا فأقام في ذلك المكان ليلة حتى أصبح ولم ينم حنث؛ لأن البيتوتة هو المكث فيها، إلا أن يعني النوم (¬5). وإذا أقام في ذلك المكان حتى يذهب أكثر من نصف الليل ثم خرج منه حنث. ولو أقام إلى أقل من نصف الليل ثم خرج لم يحنث. ¬

_ (¬1) م - له. (¬2) ق - أي. (¬3) سورة الأنفال، 8/ 16. (¬4) ق: لا يثبت. (¬5) م: اليوم.

باب الكفارة في اليمين في الكفالة

وإذا حلف الرجل (¬1) لا يظله ظل بيت ولا نية له فدخل ظل بيت حنث. ولو قام في ظله خارجاً لم يحنث إلا أن ينوي ذلك. ولو حلف أن لا يأويه بيت فآواه بيت ساعة من الليل أو من (¬2) النهار ثم خرج لم يحنث حتى يكون فيه أكثر من نصف الليل أو أكثر من نصف النهار، إلا (¬3) أن يكون يعني لا يأوي: لا يدخل بيتاً، فدخل حنث. وهذا قول أبي يوسف الأول، ثم رجع فقال بعد ذلك: إذا دخل ساعة حنث. وهو قول محمد. ولو أدخل قدماً واحداً ولم يدخل الأخرى لم يحنث حتى يدخلهما جميعاً. ولو أدخل جسده وهو قائم ما خلا رجليه لم يحنث؛ لأن الجسد إنما هو تبع (¬4) للرجلين، فإذا لم يدخل الرجلين لم يحنث. وكذلك لو حلف أن لا يخرج من البيت فأخرج قدماً واحداً ولم يخرج الأخرى (¬5) لم يحنث. ... باب الكفارة في اليمين في الكفالة وإذا حلف (¬6) الرجل لا يكفل بكفالة فكفل بنفس رجل عبد أو حر فقد حنث. وكذلك لو كفل بثوب أو دابة. وكذلك لو كفل بمال أو بما أدركه من دَرَك في دار اشتراها حنث. وكل شيء من هذا كفل به فهو كفالة. ولو حلف أن لا يكفل عن إنسان بشيء فكفل بنفس رجل لم يحنث؛ لأنه لم يكفل عنه بشيء، والكفالة (¬7) عنه ليست كالكفالة به. وإذا حلف الرجل أن (¬8) لا يكفل عن فلان بشيء فأمره فلان فاشترى ¬

_ (¬1) ق: رجل. (¬2) م: ومن. (¬3) م: اولا. (¬4) ق: يقع. (¬5) ق: الاخر. (¬6) م: واحلف. (¬7) م: والكفارة. (¬8) م - أن.

له ثوباً لم يحنث؛ لأن هذا ليس بكفالة وإن كانت الدراهم على المشتري. وإذا حلف الرجل لا يكفل عن فلان بشيء ولا يضمن عن فلان شيئاً فهما (¬1) سواء: الكفالة (¬2) والضمان. ولو أمره فلان أن يكفل عن رجل آخر أو يضمن عن رجل آخر ففعل ذلك لم يحنث. ولو كانت الدراهم على فلان وبها كفيل فأمر فلان الحالف فكفل عن كفيله لم يحنث الحالف؛ لأنه لم يكفل عن فلان بعينه. ولو حلف لا يكفل عن فلان فكفل لغيره والدراهم التي كفل بها أصلها لفلان لم يحنث؛ لأنه لم يكفل له بشيء وإن كان أصلها (¬3) له. وكذلك لو كفل لعبده أو لأبيه (¬4) أو لبعض أهله فكفل بها له (¬5) لم يحنث. ولو كفل لفلان الذي حلف عليه بدراهم أصلها لغيره حنث. ولو حلف أن لا يكفل لفلان فضمن عنه حنث، إلا أن يكون عنى حين حلف اسم كفالة. فإن كان عنى أن لا أكفل ولكن أضمن فإنه يسعه فيما بينه وبين الله تعالى، وفي القضاء لا يسعه. وإن لم تكن (¬6) له نية فهما سواء. ولو حلف أن لا يكفل عن فلان فأحال فلان عليه بمال له عليه لم يحنث إذا لم يكن للمحتال دين له عليه؛ لأن هذا ليس بكفالة. ألا ترى إنما أحال عليه بشيء هو له عليه، وانما هو وكيل الذي أحاله عليه. ولو قال: أضمن ما عندك لفلان، فضمنه له لم يحنث؛ لأنه لم يكفل عن فلان، إنما ضمن ما (¬7) عنده هذا. ألا ترى أن هذا المحتال إنما هو وكيل لرب المال (¬8). ولو كان لهذا المحتال له مال على الذي أحاله فاحتال به على ¬

_ (¬1) م: فيما. (¬2) م: الكفارة. (¬3) ق: أصلهما. (¬4) م: أو لا نية له. (¬5) م - له. (¬6) ك ق: لم يكن. (¬7) م - ما. (¬8) م: وكيل له بالمال.

باب الكفارات في اليمين في الكلام

الحالف أو ضمنه الحالف له وعلى الحالف مال للذي أحال عليه حنث؛ لأن هذا كفيل. ... باب الكفارات في اليمين في الكلام وإذا حلف الرجل لا يتكلم اليوم ولا نية له ثم صلى لم يحنث؛ لأن هذا ليس بكلام. ولو قرأ القرآن في غير صلاة أو سبح أو هلل أو كبر أو حمد الله تعالى كان قد تكلم وحنث، ووجبت (¬1) عليه الكفارة. وكذلك لو أنه (¬2) أنشد شعراً حنث. ولو حلف لا يتكلم اليوم فتكلم بالفارسية أو بالنبطية أو بالسندية أو بالزنجية أو بأي لسان كان سوى منطقه العربية حنث؛ لأنه كلام. وكذلك لو حلف لا يكلم فلاناً فناداه (¬3) من بعيد من حيث يسمع مثله صوته أو كان نائماً فناداه أو أيقظه (¬4) حنث. ولو مر على قوم فسلم عليهم وهو فيهم حنث، إلا أن لا ينوي الرجل فيهم وهو ينوي غيره. وإن ناداه (¬5) وهو حيث لا يسمع الصوت لم يحنث، وليس هذا بكلام. ولو كتب إليه أو أرسل إليه رسولاً لم يحنث. ولو أشار إليه بإشارة أو أومأ إليه إيماء لم يحنث؛ لأن هذا ليس بكلام. وقال محمد في رجل قال: والله لا أكلم مولاك، وله موليان مولى أعلى ومولى أسفل ولا نية له، قال: أيهما كلم حنث. قال محمد: وإذا قال الرجل: لا أكلم جدك، وله جدان من قبل أمه ومن قبل أبيه ولا نية له، قال: أيهما كلم حنث. ¬

_ (¬1) م: ووجب. (¬2) ق + أنه. (¬3) م: فباداه. (¬4) م: أو يقظه. (¬5) م: وان باداه.

باب الكفارة في اليمين في لزوم الغريم

باب الكفارة في اليمين في لزوم الغريم وإذا حلف الرجل لا يفارق غريمه حتى يستوفي ما له عليه وله عليه شيء فلزمه ثم إن الغريم فر منه لم يحنث؛ لأن الحالف لم يفارقه، وإنما فارقه المطلوب. وكذلك لو أن المطلوب كابره مكابرة حتى انفلت (¬1) منه. ولو أن المطلوب أحاله على رجل بالمال أو أبرأه الطالب منه ثم فارقه لم يحنث؛ لأنه فارقه ولا شيء عليه. ولو أن المال تَوَى (¬2) عند المحتال عليه فرجع الطالب على المطلوب بالمال لم يحنث (¬3)، لأنه قد كان وقت يومئذ وقتاً. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يحنث إن فارقه قبل أن يستوفي منه. ولو لم يُحِلْه يومئذ بالمال ولكنه أعطاه إياه فوجد فيها درهماً زَيْفاً أو أكثر من ذلك بعدما فارقه لم يحنث؛ مِن قِبَلِ أن الدراهم الزيوف فضة. ولو كان في الدراهم دراهم سَتُّوقَة (¬4) وجدها بعدما فارقه فإن كانت فضة لم يحنث، وإن كان من نحاس أكثرها والفضة أقلها حنث؛ لأنه قد فارقه وليس له (¬5) عليه شيء. ولو أعطاه الدراهم وفارقه وجاء رجل فاستحقها فأخذها من الحالف فرجع الحالف على غريمه لم يحنث؛ لأنه (¬6) فارقه يوم فارقه على وفاء. وكذلك لو باعه بالمال عبداً وقبضه وفارقه ثم استحق العبد (¬7) لم (¬8) يحنث. ولو حلف المطلوب لأعطينك حقك عاجلاً، وهو يعني في نفسه وقتاً كان الأمر على ما نوى وإن كان سنة، لأن الدنيا كلها قليل عاجل. فإن لم يكن له نية فإني أستحسن في ذلك أن يكون أقل من شهر ¬

_ (¬1) م: حتى انقلب. (¬2) ق: ثوى. (¬3) م - لم يحنث، صح هـ. (¬4) السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: السَّتُوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر. انظر: المغرب، "ستق". (¬5) م ق: فارقه وله. (¬6) ك ق + قد. (¬7) ق - العبد. (¬8) ق: الم.

باب الرجل يحلف لا يقعد على الشيء أو يستعير أو هو لا يعرف فلانا

بيوم، فإن تم (¬1) شهر قبل أن يعطيه حنث. وإذا حلف لا يحبس عنه من حقه شيئاً وله نية أن لا يحبسه به فهو ما نوى. وإن لم يكن له نية فإنه ينبغي له أن يعطيه ساعة حلف ويأخذ في عمل ذلك حتى يوفيه. ولو حاسبه فأعطاه كل شيء له وأبرأه من ذلك الطالب ثم لقيه بعد أيام فقال: بقي لي عندك كذا كذا مِن قِبَلِ كذا كذا، فذكر المطلوب ذلك وعرفه وقد كانا جميعاً نسياه لم يحنث الحالف إذا أعطاه ذلك حين يذكره؛ لأنه لم يحبسه. ألا ترى أنه قد أوفاه حقه. وكذلك لو حلف أن لا يحبس عنه متاعه ثم قال له: خذه، فقال الطالب: قد أخذته، كان الحالف قد بر، ولا يكون حابساً؛ لأنه قد خلى بين الطالب وبينه. ... باب الرجل يحلف لا يقعد على الشيء أو يستعير أو هو (¬2) لا يعرف فلاناً (¬3) وإذا حلف الرجل أن لا يقعد على الأرض ولا نية له فقعد على البساط أو على فراش أو على وسادة لم يحنث. ألا ترى (¬4) أنه قد قعد على غير ما سمى. ولو قعد على بُورِيَاء (¬5) أو حصير لم يحنث. ولو قعد على الأرض أو على ثيابه التي يلبس وليس بينه وبين الأرض شيء حنث؛ لأن هذا قد قعد على الأرض إذا لم يقعد على البساط. ألا ترى أنه يقول: قد قعدت على الأرض، والآخر قد يقول: قد قعدت على بساط، وهذا على ثيابه وذا على ثيابه. ¬

_ (¬1) ق: ثم. (¬2) ك م: وهو. (¬3) ق: باب الرجل يحلف لا يفارقه غريمه. (¬4) م - ترى. (¬5) البورياء الحصير المنسوج. انظر: القاموس المحيط، "بور".

وإذا حلف الرجل لا يقعد على الأرض وهو ينوي أن لا يقعد عليها فإن كان تحته فراش أو بساط أو وسادة أو حصير أو بُورِيَاء (¬1) لم يحنث. وإذا حلف لا يمشي على الأرض ولا نية له فيها فمشى حافياً أو بنعلين أو خفين أو جوربين فإنه يحنث؛ لأنه قد مشى على الأرض. ولو مشى على بساط أو على فراش أو على وسادة لم يحنث؛ لأنه لم يمش على الأرض. ولو مشى على ظهر الأحجار حافياً أو بنعلين أو بخفين أو جوربين ولم يكن له نية فإنه يحنث؛ لأن ظهر الأحجار من الأرض. ولو حلف لا يدخل الفرات (¬2) ولا نية له فمر على الجسر (¬3) لم يحنث. وكذلك إن دخل سفينة. فإن دخل الماء حنث. وإذا حلف الرجل لا يكلم فلاناً إلى كذا كذا يعني بذلك أشهراً فهو كما نوى. وإن لم يكن له نية ولم يسم شيئاً فذلك إليه يكلمه بعد ذلك إلى متى ما شاء (¬4). ولو حلف لا يكلمه إلى قدوم الحاج أو إلى الحصاد أو إلى الدياس ولا نية له، فحصد أول الناس، أو داس أول الناس، أو قدم أول الحاج، فإنه ينبغي له أن يكلمه إن شاء ولا يحنث. ولو حلف أن لا يؤم الناس يعني لا يصلي بهم فأم (¬5) بعضهم ولم يكن (¬6) له نية حنث. ولو حلف أن لا يكلم فلاناً حتى الشتاء فجاء أول الشتاء فقد انقطعت (¬7) اليمين. وكذلك الصيف. ولو حلف لا يستعير من فلان شيئاً فاستعار منه حائطاً يضع عليه جذوعه ولم يكن له نية حين حلف فإنه يحنث؛ لأنه قد استعار. وكذلك لو استعار منه بيتاً أو داراً أو دابةً أو دلواً أو ثوباً. ولو دخل عليه فأضافه لم يحنث. ولو دخل فاستقى من بئره بإذنه لم يكن عليه شيء، ولم يكن (¬8) هذا عارية. ¬

_ (¬1) م: أو بورا. (¬2) ق: القرات. (¬3) م: على الحشر. (¬4) ق: بعد ذلك اليوم متى شاء. (¬5) م: قام. (¬6) ق: تكن. (¬7) ق: انقطت. (¬8) ق: يكره.

باب الكفارة في الأيمان في الأدهان والرياحين والخل

ولو حلف بالله ما يعرف فلاناً ثم ذكر أنه قد كان يعرفه لم يحنث؛ لأنه لم يكن يعرفه حين حلف. ولو حلف ما يعرف فلاناً ثم رآه بعد ذلك فقال: هذا الذي حلفت عليه، فقال الرجل بأني قد كنت أعرف وجه هذا الرجل، لم يحنث. ولو أن رجلاً عرف وجه رجل ولا يعرف اسمه فحلف ما يعرفه كان صادقاً إلا أن يعني معرفة وجهه. فإن عنى معرفة وجهه حنث. وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سأل رجلاً عن رجل فقال: "هل تعرفه؟ " فقال: نعم. فقال: "هل تدري ما اسمه؟ " قال: لا. قال: "أراك إذاً لا تعرفه" (¬1). فكل معرفة يعرفه الرجل ولا يعرف ما اسمه فليس بمعرفة. فإن حلف أنه لا يعرفه فقد بر، إلا أن يعني معرفة وجهه وسوقه وصنعته وقبيلته فإنه يحنث. ... باب الكفارة في الأيمان في الأدهان والرياحين والخل وإذا حلف الرجل لا يشتري بنفسجاً ولا نية له فاشترى دهن بنفسج فإنه يحنث. وإنما أضع اليمين على الدهن ولا أضعها على الورد. وكذلك لو حلف لا يشتري خِيرِيًّا (¬2). ولو حلف لا يشتري حِنّاءً (¬3) أو (¬4) ورداً (¬5) كان هذا وذاك سواء في القياس (¬6)، ولكني أستحسن أن أضع ¬

_ (¬1) السنن الكبرى للبيهقي، 10/ 125؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 8/ 186. (¬2) الخِيرِي هو المنثور، وهو نوع من الخشخاش، وغلب على الأصفر منه لأنه الذي يخرج دهنه ويدخل في الأدوية. انظر: المصباح المنير، "خير"؛ والقاموس المحيط، "خشش". (¬3) ك: عنا؛ م: عنابا (مهملة)؛ ج ر ق - حناء. والتصحيح من ط. وهو مستفاد من الكافي، والمبسوط، 9/ 28. (¬4) ق - أو. (¬5) م: أو ورودا. (¬6) ك ق: في القياس سواء.

هذا على الورق والورد إذا لم يكن له نية. ولو اشترى في هذا دهناً لم يحنث. ولو اشترى في الأول ورقاً لم يحنث. ولو حلف لا يشتري بَزْراً (¬1) فاشترى دهن بزر فإنه يحنث. وإن (¬2) اشترى حناء (¬3) فإنه لا يحنث إلا أن يكون نوى حين حلف. ولو حلف (¬4) لا يشتري بَزًّا (¬5) فأي البز اشترى فإنه يحنث. فإن اشترى فِرَاءً أو مُسُوحاً أو طيالسة أو أكسية فإنه لا يحنث؛ لأن هذا ليس ببز. وإن حلف لا يشتري طعاماً ولا نية له فاشترى حنطة أو دقيقاً أو تمراً أو شيئاً من الفواكه مما يؤكل فإنه يحنث في القياس، وأما في الاستحسان فينبغي أن لا يحنث إلا في الخبز والحنطة والدقيق. وإذا حلف الرجل (¬6) لا يشتري سلاحاً فاشترى شيئاً من الحديد غير مصنوع (¬7) فإنه لا يحنث. وكذلك لو اشترى سكيناً أو سَفُّوداً (¬8) لم يحنث. وأما إذا اشترى درعاً (¬9) أو سيفاً أو قوساً أو شبه ذلك حنث؛ لأن هذا هو من السلاح. ¬

_ (¬1) البَزْر من الحب ما كان للبَقْل. انظر: المغرب، "بزر". (¬2) ك: ولو. (¬3) م: حبا. (¬4) ك ق: فإذا حلف. (¬5) قال المطرزي: البَزّ عن ابن دريد: متاع البيت من الثياب خاصة. وعن الليث: ضرب من الثياب. وعن ابن الأنباري: رجل حسن البز أي الثياب. وقال محمد -رحمه الله- في السير: البز عند أهل الكوفة ثياب الكتان والقطن لا ثياب الصوف والخز. انظر: المغرب،"بزز". (¬6) ق - الرجل. (¬7) ق ط: غير مصوغ. وعبارة الحاكم: غير معمول. انظر: الكافي، 1/ 123 و؛ والمبسوط، 9/ 29. (¬8) السَّفُّود حديدة يُشوَى بها. انظر: القاموس المحيط، "سفد". (¬9) ق: ذرعا.

وإذا سأل رجل رجلاً عن الحديث فقال: أكان كذا وكذا؟ (¬1) فقال: نعم، فقال الحالف: قد والله حدثني بكذا وكذا، يعني بقوله: نعم، فهو صادق، فهذا حديث. ألا ترى (¬2) أنه يقرأ عليك الصك فيقول: أشهد عليك بكذا وكذا؛ فتقول أنت: نعم، فيقول (¬3): قد أشهدني فلان بكذا وكذا، فيصدق. فإذا حلف الرجل أن لا يشم طيباً فدهن به لحيته أو رأسه فوجد ريحه لم يحنث. فإن تشممه فقد حنث. وإن دخل ريحه في أنفه من غير أن يَشَّمَّمَه (¬4) فإنه لا يحنث. وليس شيء من الدهن - بعد أن لا يكون (¬5) فيه طيبٌ- بِطيب (¬6)، إنما الطيب ما جعل فيه العنبر والمسك وما أشبهه، وما يجعل منه في الدهن فهو طيب. ولو حلف لا يشم دهنًا ولا يدهن بدهن (¬7) فأي الدهن ما ادهن به أو شمه فإنه يحنث، الزيت وما سواه. ولو حلف لا يشم ريحاناً ولا نية له فشم آساً أو ما أشبه (¬8) من الرياحين حنث. ولو شم ياسميناً أو ورداً (¬9) أو شبه ذلك فإنه لا يحنث؛ لأن هذا ليس بريحان. ولو أن امرأة حلفت أن لا تلبس حلياً ولا نية لها فلبست خاتم فضة لم تحنث. ألا ترى أن الرجال يلبسونه، وليس يلبس الرجل الحلي. وإن لبست سواراً أو قُلْباً (¬10) أو خلخالاً حنثت (¬11). وكذلك لو لبست قِلاَدةً أو ¬

_ (¬1) ك م ق ط: كذا كذا. (¬2) ق: تر. (¬3) م: يقول. (¬4) وأصله: يتشمّمه ويجوز إدغام التاء في الشين. وعبارة الحاكم: أن يشمه. انظر: الكافي، 1/ 123 و. (¬5) ك: يعد إلا أن يكون؛ ج رم ط: بعد إلا أن يكون. وعبارة الحاكم: وليس الدهن بطيب إذا لم يجعل فيه طيبا. انظر: الكافي، 1/ 123 و. وعبارة السرخسي: وليس الدهن بطيب إذا لم يجعل فيه طيب. انظر: المبسوط، 9/ 29. (¬6) ق ط: يطيب. (¬7) م - بدهن. (¬8) ق: وما أشبهه. (¬9) م: أو ردا. (¬10) القلب هو السوار غير المَلْوِيّ. انظر: المغرب، "قلب". (¬11) ق: حنت.

قُرْطاً (¬1). ولو لبست عِقْدَ لؤلؤ لم تحنث؛ لأنه ليس بحلي في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد (¬2) فيها: هو حلي وتحنث فيه؛ ألا ترى إلى قول الله تعالى في كتابه: {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} (¬3)، وهو اللؤلؤ فيما بلغنا (¬4)، وقال في آية أخرى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} (¬5). ولو حلف رجل لا يقطع بهذه السكين (¬6) أو بهذا المقص أو بهذا الجَلَم (¬7) فكسره فجعل منه سكيناً أخرى أو جَلَماً آخر ثم عمل به وقطع لم يحنث. ولو حلف لا يتزوج اليوم ولا نية له فتزوج امرأة بغير شهود كان في القياس أن يحنث، ولكني أدع القياس فلا يحنث. ألا ترى أنه لو تزوج أمه أو أخته أو امرأة لها زوج لم يحنث، فكذلك إذا تزوج امرأة بغير شهود؛ لأنه "لا نكاح إلا بولي وشاهدين"، للأثر الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬8). ولو حلف لا يشتري عبداً فاشترى عبداً بيعاً فاسداً حنث. وهذا والنكاح سواء في القياس في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ولكني ¬

_ (¬1) ك م: أو قرطقا. والتصحيح من ج ر ط. والقُرْطُق قباء ذوطاق واحد. انظر: المغرب، "قرطق". لكن القُرْط أنسب هنا. (¬2) ك م - ومحمد. والزيادة من ج ر ط. وكذلك في الكافي، 1/ 123 و؛ والمبسوط، 9/ 30. (¬3) سورة النحل، 16/ 14. (¬4) روي عن قتادة. انظر: تفسير الطبري، 14/ 88؛ والدر المنثور للسيوطي، 5/ 116. (¬5) سورة فاطر، 35/ 33. (¬6) ق: بهذا السكن. (¬7) جَلَمَ الشيء: قطعه، والجَلَمان: المقراضان، واحدهما جَلَم للذي يُجَزّ به الشعر والصوف. انظر: لسان العرب، "جلم". (¬8) روي عن عائشة مرفوعاً: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل". انظر: صحيح ابن حبان، 9/ 386؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 167؛ والدراية لابن حجر، 2/ 55. وروي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة". انظر: سنن الترمذي، النكاح، 15؛ ورجح الترمذي وقفه.

باب الأيمان على الصلاة والصيام والزكاة

أستحسن في البيع. ألا ترى أنه لو أعتق هذا العبد جاز عتقه بعد أن يقبضه، ولو طلق المرأة والنكاح فاسد لم يقع ذلك موقع الطلاق. ... باب الأيمان على الصلاة والصيام والزكاة ولو حلف ليصلين اليوم (¬1) ركعتين تطوعاً فصلى ركعتين وهو على غير وضوء كان في القياس يحنث، ولكنا لا نأخذ في هذا بالقياس ونقول: لا يحنث، وإنما نضع هذا على صلاة صحيحة. ولو حلف لا يصلي فافتتح الصلاة فقرأ ثم تكلم لم تكن صلاة. وكذلك لو ركع ما لم يسجد؛ لأنك لا تستطيع أن تقول: قد صلى، حتى يصلي ركعة بسجدة أو بسجدتين (¬2). وهذا استحسان، وفي القياس يحنث. ولو حلف رجل لا يصوم فأصبح صائماً ثم أفطر حنث؛ لأنه قد صام. ولو حلف لا يصوم يوماً ثم صام ثم أفطر قبل (¬3) الليل لم يحنث. ولو حلف ليفطرن عند فلان ولا نية له فأفطر على ماء وتعشى عند فلان كان قد حنث. وإن كان قد نوى حين حلف العشاء لم يحنث. ولو حلف لا يتوضأ بكوز لفلان فوضأه فلان فصب عليه الماء من كوز لفلان فتوضأ وليست له نية حنث. وكوز الصُّفْر والأَدَم وغير ذلك في هذا سواء. ولو توضأ بإناء لفلان غير الكوز لم يحنث. وكذلك لو حلف لا يشرب بقدح لفلان. ولو كان فلان هو الذي وضأه وغسل يديه ووجهه ورجليه لم يحنث؛ لأنه لم يتوضأ. ... ¬

_ (¬1) م: لليوم. (¬2) ق: أو سجدتين. (¬3) م - قبل.

باب الحنث في اليمين والمشي إلى بيت الله تعالى

باب الحنث في اليمين والمشي إلى بيت الله تعالى ولو أن رجلاً تزوج أمة ثم قال لها (¬1): إذا مات فلان مولاك فأنت طالق ثنتين، فمات المولى والزوج وارثه لا يعلم له وارث غيره فإنه يقع عليها الطلاق كله، ولا تحل (¬2) له حتى تنكح زوجاً غيره. ألا ترى أنه لو قال: إذا مات مولاك فملكتك فأنت حرة، ثم قال: إذا مات مولاك فملكتك فأنت طالق، ثم مات المولى فورثها الزوج أن العتق يقع (¬3) ولا يبطل (¬4) الطلاق؛ لأنهما وقعا جميعاً بعد الملك بلا فصل (¬5). ووقعا (¬6) في الباب الأول مع الملك بلا فصل (¬7). وإذا كان للرجل أمة فقال لها: إذا مات فلان فأنت حرة، فباعها من فلان ثم تزوجها ثم قال لها: إذا مات مولاك فأنت طالق ثنتين، ثم مات المولى وهو وارثه فإنه لا يقع العتق، ويلزمه الطلاق؛ مِن قِبَل أن العتق لا يقع إلا بعد الملك وكان الملك بعد الموت بلا فصل (¬8). فقد حنث قبل أن يقع العتق؛ لأن العتق هاهنا لا يقع (¬9) إلا بعد الموت، والملك يقع بعد الموت بلا فصل (¬10)، والطلاق يقع بعد حال واحد (¬11)، والعتق لا يقع إلا من بعد حالين بلا فصل (¬12)، والطلاق أولى. ولا يقع العتاق؛ لأنه حنث وهي (¬13) في غير ملكه. أرأيت لو قال: إذا مات فلان وهو يملكك فأنت حرة، أو قال (¬14): إذا مات فلان وهو يملكك فأنت طالق ثنتين، فإنها مثل الأولى. أرأيت لو قال: إن مات فلان وأنا أملكك فأنت ¬

_ (¬1) ق - لها. (¬2) ق: يحل. (¬3) م - يقع، صح هـ. (¬4) م: ويبطل. (¬5) م: بلا فضل؛ ق + ووقع لأنه لا عتق في المسألة الأولى وليس إلا الطلاق. (¬6) ق - ووقعا. (¬7) م: بلا فضل. (¬8) م: بلا فضل. (¬9) م: لا يعتق. (¬10) م: بلا فضل. (¬11) ق - واحد. (¬12) م: بلا فضل. (¬13) ق: وهو. (¬14) ك: وقال.

حرة، هل يقع العتاق. ألا ترى أن العتاق لا يقع في هذا ولا في الباب الأول. وهذا قول أبي يوسف. وقال زفر (¬1): يقع العتاق ولا يقع (¬2) الطلاق. وقال محمد: لا يقع العتاق ولا الطلاق؛ لأن العتاق وقع هو (¬3) والملك جميعاً معاً، ولا يقع طلاق الرجل على ما يملك (¬4)، فيفسد النكاح بالملك دون الطلاق. وإذا قال الرجل لأمته: إذا باعك فلان (¬5) فأنت حرة، فباعها من فلان وقبضها (¬6) ثم اشتراها منه فإنها (¬7) لا تعتق؛ لأنه لم يحنث وهي في ملكه. أرأيت لو (¬8) قال: إن وهبك فلان فأنت حرة، فباعها من فلان وقبضها ثم استودعها البائع ثم قال البائع: هبها لي، فقال: هي لك، أنها له، وهذا قبول، ولا تعتق؛ لأن العتق والهبة وقعا وهي في ملك غيره. ألا ترى أن ملكه وقع فيها بعد خروجها من ملك الأول، فلذلك (¬9) لا تعتق إلا بعد ملكه. وإنما وقع الحنث قبل الملك لأن الحنث وقع مع خروجها من ملك الأول وملك الثاني معاً، فلا تكون (¬10) في حال واحدة حرة رقيقة. ولو قال: إذا وهبك فلان مني فأنت حرة، فوهبها له وهو قابض لها عتقت. وكذلك لو قال: إذا باعك فلان مني فأنت حرة، فاشتراها عتقت. ولو قال رجل: يا فلان، والله لا أكلمك عشرة أيام، والله لا أكلمك تسعة أيام، والله لا أكلمك ثمانية أيام، فقد حنث مرتين، وعليه اليمين الآخرة، إن كلمه الثالثة في الثمانية الأيام وجبت (¬11) عليه كفارة أخرى. فإن ¬

_ (¬1) م: وقال أبو يوسف. (¬2) م - العتاق ولا يقع، صح هـ. (¬3) م - هو. (¬4) وفي ط: ما لا يملك وهو خطأ ونقيض مراد المؤلف تماما. فمعنى كلام المؤلف -رحمه الله- هو أنه لا يقع طلاق الرجل على أمته التي هي في ملكه، لأن النكاح والطلاق لا يجتمعان مع الملك. انظر: المبسوط، 9/ 33. (¬5) ق - فلان. (¬6) ك: فقبضها. (¬7) ك م ق: فإنه. والتصحيح من ج ر ط. (¬8) ق: إن. (¬9) ق: فكذلك. (¬10) ك: فلا يكون. (¬11) ق: وحنث.

قال: والله لا أكلمك ثمانية أيام، والله (¬1) لا أكلمك (¬2) تسعة أيام، والله لا أكلمك عشرة أيام، فإن عليه كفارتين، وإن كلمه في الثمانية الأيام والتسعة الأيام وفي اليوم العاشر حنث. فإذا حلف الرجل فقال: عليه المشي إلى بيت الله تعالى وكل مملوك له حر وكل امرأة له طالق ثلاثاً إن دخل هذه الدار، ثم قال رجل آخر: وعلي (¬3) مثل جميع ما جعلت على نفسك من هذه الأيمان إن دخلت الدار، فدخل الثاني الدار فإنه يلزمه المشي إلى بيت الله تعالى ولا (¬4) يلزمه عتق ولا طلاق. ألا ترى أنه لو قال: علي طلاق امرأتي ولله (¬5) علي طلاق نسائي أن الطلاق لا يقع عليهن (¬6)، ولا يكون الطلاق قربة إلى الله تعالى، وليس عليه أن يتم ذلك. ولو قال: والله لأطلقهن، فهذا رجل حلف ليطلقن (¬7) نساءه، فلا يقع عليهن الطلاق حتى يفعل. وأما العتق فقد جعل عليه عتق رقبة، فإن وفى بذلك فهو أفضل، وان لم يف بذلك لم يؤخذ به في القضاء. ألا ترى أن رجلاً لو قال: لله علي أن أعتق عبدي، لم يعتق العبد بهذا القول، ولكن الأفضل أن يفي بذلك، فهذا أشد من الأولى، والأولى (¬8) أضعف. ألا ترى أن رجلاً لو قال: عبده سالم حر إن دخل الدار، فقال رجل آخر (¬9): علي مثل ما جعلت على نفسك إن دخلت الدار، فدخلها أنه لا شيء عليه؛ لأنه لا يكون عليه عتق سالم؛ لأنه لا يملكه. فإن كان عنى بذلك (¬10) عِتْقَ (¬11) عبد من عبيده الذي يملك فالأحسن أن يفي بذلك، وهو آثم إن لم يف بذلك (¬12). وأما المشي إلى بيت الله تعالى والحج والعمرة والنذر والصيام وكل ¬

_ (¬1) ق: الله. (¬2) م: أيام ولا أكلمك. (¬3) ق: علي. (¬4) ق - لا. (¬5) ق: والله. (¬6) جميع النسخ وط: عليهم. (¬7) م: ليطلق؛ ق - رجل حلف ليطلقن. (¬8) ك - والأولى. (¬9) م - آخر. (¬10) ك ق - بذلك. (¬11) م - عتق. (¬12) ق - بذلك.

شيء يتقرب به العبد إلى ربه (¬1) عز وجل حلف به رجل فقال رجل آخر: علي مثل ما حلفت به إن فعلت، ففعل الثاني فإنه عليه. وكذلك لو قال الأول: علي عتق نسمة إن فعلت كذا وكذا، ففعل إن عليه ذلك؛ لأنه قربة إلى الله تعالى، فعليه الوفاء بذلك: عتق نسمة (¬2). ¬

_ (¬1) ق: إلى الله. (¬2) ك + آخر كتاب الأيمان والكفارات ووافق الفراغ من نسخه يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وذلك على يد أقر عباد الله وأحوجهم إلى رحمته المعترف بالذنوب والتقصير خالد بن أيبك الشجاعي غفر الله له ولوالديه ولمالكه ولمن نظر فيه ولجميع المسلمين نفع الله به صاحبه يوم لا ينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم وهداه بمنه ولطفه وكرمه إلى صراطه المستقيم إنه على ما يشاء قدير والحمد لله وحده وصلواته على خير خلقه محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين؛ م + آخر كتاب الأيمان والكفارات كتبه أحمد بن حمدان الأذرعي وكان الفراغ من نسخ هذا المجلد المبارك يوم السبت ثامن شهر ربيع الأول سنة سبع وستين وسبعمائة الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين؛ ق + آخر كتاب الأيمان والكفارات والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً غفر الله لكاتبه ومالكه ومؤلفه والناظر فيه ولوالديهم وللمسلمين أجمعين اللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه وسدم تم الكتاب بعون الله وحسن توفيقه ووقع الفراغ منه يوم الجمعة قبل الصلوة ثالث عشر شهر الله المحرم سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة على يد العبد الضعيف الراجي التوبة والمغفرة من ربه القوي الكريم أحمد بن محمود بن يوسف بن عثمان بن فقيه بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علي بن عبدالعزيز بن علي بن الحسين بن محمد بن عبدالرحمن بن أبان بن عثمان وحسبنا الله ونعم الوكيل.

كتاب البيوع والسلم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب البيوع والسلم أحمد بن حفص قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو حنيفة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الذهب بالذهب مثل بمثل يد بيد (¬2)، والفضل ربا. والفضة بالفضة مثل بمثل يد بيد، والفضل ربا. والحنطة بالحنطة مثل بمثل يد بيد، والفضل ربا (¬3). والتمر بالتمر مثل بمثل يد بيد، والفضل ربا. والملح بالملح مثل بمثل (¬4) يد بيد، والفضل ربا" (¬5). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) وقد روي بالرفع هكذا في الآثار للإمام محمد أيضاً. انظر: الآثار للإمام محمد، 132. والرواية المشهورة بالنصب: "مثلاً بمثل يداً بيد". وانظر: الحاشية الآتية قريباً. (¬3) م - والفضة بالفضة مثل بمثل يد بيد والفضل ربا والحنطة بالحنطة مثل بمثل يد بيد والفضل ربا. (¬4) ف - مثل بمثل. (¬5) رواه الإمام محمد في أول كتاب الصرف أيضاً. انظر:. ورواه في الآثار نحوه. انظر: الآثار لمحمد، 131. وهو بهذا الإسناد في الآثار لأبي يوسف، 183. وانظر: صحيح البخاري، البيوع، 78؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 82 وورد في صحيح مسلم زيادة: "والشعير بالشعير". قال السرخسي: وقوله: "مثلٌ بمثل" رُوي=

محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: أسلم ما يكال فيما يوزن، وأسلم ما يوزن فيما يكال، ولا تسلم (¬1) ما يوزن [فيما يوزن] (¬2) ولا ما يكال (¬3) فيما يكال. وإذا اختلف النوعان فيما لا يكال ولا يوزن فلا بأس به اثنان بواحد يد بيد، ولا بأس به نسيئة. وإن كان من نوع واحد مما لا يكال ولا يوزن فلا بأس به اثنان بواحد يد بيد، ولا خير فيه نسيئة (¬4). وإذا أسلم الرجل في الطعام كيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً وضرباً من الطعام وسطاً أو جيداً (¬5) أو رديئًا واشترط المكان الذي يوفيه إياه فيه (¬6) فهذا جائز. وان ترك شيئاً من هذا لم يشترطه (¬7) فالسلم فاسد. وإن كان رأس المال دراهم غير معلومة فالسلم فاسد؛ لأنهما إن تتاركا (¬8) لم يدر ما يدين عليه أو وجد فيها درهماً (¬9) زائفاً لم يدر ما هو من الثمن في قول أبي حنيفة. وإذا اشترط (¬10) طعام قرية أو أرض خاصة ولا يبقى (¬11) طعامها في أيدي الناس فالسلم فاسد؛ لأنه أسلم فيما ينقطع من أيدي (¬12) الناس. ¬

_ = بالرفع والنصب، فمعنى الرواية بالرفع: بَيْعُ الذهب بالذهب مثلٌ بمثل، ومعنى الرواية بالنصب: بِيعُوا الذهب بالذهب مثلا بمثل. انظر: المبسوط، 2/ 110. ومثله يقال في قوله: "يدٌ بيد". والمشهور في الرواية: "مثلاً بمثل يداً بيد" كما هو في الصحيحين. (¬1) م: ولا يسلم. (¬2) الزيادة من ب، والآثار لأبي يوسف. انظر الحاشية التالية. (¬3) ع: وما لان يكال. (¬4) روي نحو ذلك. انظر: الآثار لأبي يوسف، 187؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 30؛ والمصنف لابن أبى شيبة، 4/ 512. (¬5) ع: أو جيد. (¬6) ف - فيه. (¬7) ف: لم يشرطه. (¬8) ف: إن ساركا. (¬9) م ع: دراهما. (¬10) م: وااشترط. (¬11) ع: يبعان. (¬12) ف: في أيدي.

ولا بأس بأن تأخذ (¬1) بعض رأس مالك وبعض ما أسلمت فيه إذا (¬2) حل الأجل. محمد عن أبي حنيفة عن أبي عمر عن ابن جبير (¬3) عن ابن عباس أنه قال: ذلك المعروف الحسن الجميل (¬4). فالسلم في جميع ما يكال وجميع ما يوزن مما لا ينقطع من أيدي الناس جائز. والشعير والحنطة والسمسم والزيت والزبيب والسمن وما أشبهه من الكيل والوزن فلا بأس به (¬5). ولا بأس بالسلم في الزعفران والمسك والعنبر وما أشبهه مما لا ينقطع من أيدي الناس. إذا (¬6) اشترط وزناً معلوماً وضرب له أجلاً معلوماً وسمى صنفاً معلوماً فذلك جائز. ولا بأس بالسلم في كل ما يكال من الحِنّاء والورد والوَسْمَة (¬7) والرياحين (¬8) اليابسة إذا اشترط (¬9) كيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً وصنفاً معلوماً. ولا بأس بالسلم في الحديد والرصاص والصُّفْر (¬10) وما أشبهه مما يوزن إذا اشترط أجلاً معلوماً ووزناً معلوماً وضرباً معلوماً. ¬

_ (¬1) ع: يأخذ. (¬2) ف ع: وإذا. (¬3) م: عن حنين؛ ع: عن بن حنين. (¬4) الآثار لأبي يوسف، 186؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 13؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 269. (¬5) ف م - به، والزيادة من ع. (¬6) م: وإذا. (¬7) الوسمة بكسر السين وسكونه شجرة ورقها خِضاب، وقيل: هي الخِطْر، وقيل: هي العِظْلِم يجفف ويطحن ثم يخلط بالحناء فيَقْنَأ لونه، وإلا كان أصفر. انظر: المغرب، "وسم". (¬8) الرياحين جمع ريحان، وهو كل ما طاب ريحه من النبات أو الشاهَسْفُرُم، وعند الفقهاء الريحان ما لساقه رائحة طيبة كما لورقه كالآس، والورد ما لورقه رائحة طيبة فحسب كالياسمين. انظر: المغرب، "روح". (¬9) م: وإذا اشترط؛ ع: إذا اشتر. (¬10) قال ابن منظور: الضُّفْر النحاس الجيد، وقيل: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صَفِرَ منه، الجوهري: والصُّفْر بالضم الذي تُعمَل منه الأواني. انظر: لسان العرب، "صفر".

ولا بأس بالسلم في القَتّ (¬1) وزناً معلوماً وأجلاً معلوماً. ولا خير في السلم في الرَّطْبَة (¬2) ولا في الحطب حُزَماً (¬3) أو جُرَزاً (¬4)؛ لأن هذا مجهول لا يعرف. ألا ترى أنه لا يعرف طوله ولا عرضه (¬5) ولا غلظه. فإن عرف فهو جائز. ولا خير في السلم في جلود الغنم والبقر والإبل ولا في الوَرَق ولا في الأُدُم (¬6)؛ لأنه مجهول فيه الصغير والكبير إلا أن يشترط من الوَرَق والصُّحُف والأُدُم ضرباً معلوماً والطول والجودة والعرض. ولا خير في السلم في شيء من الحيوان. بلغنا ذلك عن عبد الله بن مسعود (¬7). ألا ترى أنه مختلف مجهول لا يعرف وقته ولا قدره. ولو اشترط جَذَعاً (¬8) أو ثَنِيًّا (¬9) كان ذلك باطلاً لا خير فيه مِن قِبَل أن الجُذْعَان والثُّنْيَان مختلفة. ¬

_ (¬1) القَتّ: اليابس من الإسْفِسْت، ودهن مُقَتَّت: هو الذي يطبخ بالرياحين حتى يطيب، والفاء تصحيف. انظر: المغرب، "قتت". والإسْفِسْت نوع من العلف. (¬2) نوع من العلف. انظر: المغرب، "رطب". (¬3) جمع حُزْمة. (¬4) الجَرْز: القطع، والجُرْزَة: القبضة من القَتّ ونحوه، أو الحُزْمَة، لأنها قطعة، ومنها قوله: "باع القَتّ جُرَزاً"، وما سواه تصحيف. انظر: المغرب، "جرز". (¬5) ف: وعرضه. (¬6) الأَدَم بفتحتين اسم لجمع أديم، وهو الجلد المدبوغ المُصْلَع بالدباغ، من الإدام، وهو ما يؤتَدَم به، والجمع أُدُم بضمتين. انظر: المغرب، "أدم". (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 261؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 63؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 22. (¬8) الجذع من البهائم قبل الثني، إلا أن ذلك من الإبل في السنة الخامسة، ومن البقر والشاء في السنة الثانية، ومن الخيل في الرابعة. وعن الأزهري: الجذع من المعز لسنة، ومن الضأن لثمانية أشهر. وعن ابن الأعرابي: الإجذاع وقت وليس بسن، فالعَنَاق تُجذِع لسنة، وربما أجذعت قبل تمامها للخِصْب، فتسمن فيسرع إجذاعها، والضأن إذا كان ابن شابّين أجذع لستة أشهر إلى سبعة وإذا كان ابن هَرِمَين أجذع لثمانية إلى عشرة. انظر: المغرب، "جذع". (¬9) الثَّنِيّ من الإبل الذي أَثْنَى أي ألقى ثنيّته، وهو ما استكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة. والثَّنِيّ من الغنم ما استكمل الثانية ودخل في الثالثة. انظر: المغرب، "ثني".

ولا بأس بالسلم في الحرير (¬1) والزُّطِّي (¬2) واليهودي والسابِرِي (¬3) والقُوهِي والمروي والبُتُوت (¬4) والطيالسة والثياب كلها بعد أن يشترط ضرباً معلوماً وطولاً معلوماً وعرضاً معلوماً وأجلاً معلوماً وصفة معلومة. وكل شيء من السلم له حمل ومئونة فلا بد من أن يشترط المكان الذي يوفيه فيه، فإن لم يشترط ذلك فسد السلم في قول أبي حنيفة. ولا خير في السلم في كل شيء ينقطع من أيدي الناس. وكل شيء ليس (¬5) له حمل ولا مئونة فلا بأس بالسلم فيه ولا يشترط المكان الذي يوفيه (¬6). قال يعقوب ومحمد: ما كان له حمل ومئونة وما لم يكن له حمل ولا مؤنة سواء. فهو جائز وإن لم يشترط المكان الذي يوفيه فيه. قالا فعليه أن يوفيه في المكان الذي (¬7) أسلم إليه فيه. وهو قول أبي حنيفة الأول، ثم رجع عنه وقال: لا يجوز. ولا خير في السلم في الفاكهة كلها في (¬8) غير حينها. واذا كان حينها الذي تكون فيه فلا بأس بالسلم فيها ضرباً معلوماً وكيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً قبل أن تنقطع (¬9). فإن جعلت [أجلاً] (¬10) بعد انقطاعه فلا خير في السلم. فإذا جعلت أجلاً قبل انقطاعه ثم لم يأخذ منه ما (¬11) عليه حتى ينقطع فصاحب السلم بالخيار، إن شاء أخذ رأس ماله، وان شاء أخر السلم حتى يجيء حينه الذي يكون فيه، فيأخذ ما أسلم فيه. ¬

_ (¬1) ع: في الخنزير. (¬2) م: والنطي. (¬3) والسابري ضرب من الثياب يعمل بسابور موضع بفارس، وعن ابن دريد: ثوب سابري أي رقيق. انظر: المغرب، "سبر". (¬4) ع: والبيوت. البَتّ كساء غليظ من وبر أو صوف، وقيل: طيلسان من خز، وجمعه بُتُوت، والبَتّات بائعه. انظر: المغرب، "بتت". (¬5) ف م - ليس؛ والزيادة من ع ط. وفي ب: ولا يشترط ذلك فيما لا حمل له ولا مئونة. (¬6) ع + فيه. (¬7) ع - الذي. (¬8) ع: من. (¬9) ع: أن ينقطع. (¬10) من ط. (¬11) ف + ما.

ولا خير في السلم في الرمان ولا في السفرجل ولا في البطيخ ولا في القثاء ولا في البقل ولا في الخيار وما أشبه ذلك مما لا يكال ولا يوزن؛ لأنه مختلف (¬1) فيه (¬2) الصغير والكبير. ولا بأس بالسلم (¬3) في الجوز والبيض عدداً. ولا بأس بالجوز كيلاً معروفاً. ولا بأس بالسلم في الفلوس عدداً. ولا خير في السلم في اللحم؛ لأنه مختلف في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد إذا أسلم في موضع منه معلوم (¬4) وسمى صفة معلومة فهو جائز. ولا خير في السلم في السمك الطري في غير حينه، مِن قِبَل أنه ينقطع من أيدي الناس، ولأنه مختلف (¬5). وإن (¬6) أسلم فيه في حينه فهو جائز. وأما السمك المالح فلا بأس بالسلم فيه وزناً معلوماً وضرباً معلوماً وأجلاً معلوماً. وإن أسلمت فيه عدداً فلا خير فيه. وإذا أسلم الرجل في الجذوع ضربًا معلوماً وطولاً معلوماً وغلظاً معلوماً وأجلاً معلوماً فلا بأس به إن اشترط المكان الذي يوفيه فيه. وكذلك الساج والصنوف من العيدان والخشب والقصب (¬7)، إذا اشترط (¬8) طولاً معلوماً وغلظاً معلوماً ومكاناً معلوماً وأجلاً معلوماً فلا بأس بذلك. إذا استصنع (¬9) الرجل عند الرجل خفين أو قلنسوة أو ¬

_ (¬1) ف: مما يختلف. (¬2) ع + في. (¬3) ع - بالسلم. (¬4) ع: معلوما. (¬5) ع + فيه. (¬6) ع: وإذا. (¬7) ف + إذا اشترط طولا معلوما وغلظا معلوما وأجلا معلوما فلا بأس به. (¬8) ف: إن اشترط. (¬9) ع: استضيع.

تَوْراً (¬1) أو كُوزاً أو قُمْقُماً (¬2) أو آنية من آنية النحاس، واشترط من ذلك صناعة معروفة، ولم يضرب لذلك (¬3) أجلاً، فهو بالخيار إذا فرغ الرجل من ذلك؛ لأنه اشترى ما لم ير (¬4). فإن شاء الذي استصنعه أخذه، وإن شاء تركه. فإن ضرب له أجلاً وكانت تلك الصناعة معروفة واشترط منها وزناً معروفاً من النحاس فهو بمنزلة السلم، وهو جائز ليس له خيار في قول أبي حنيفة. وإن كانت مجهولة فهو فاسد لا يجوز. قال أبو يوسف ومحمد: هو جائز، وصاحبه بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، كان شاء تركه، ولا يكون بمنزلة السلم. ولا بأس بالسلم في اللَّبَن (¬5) في حينه الذي يكون فيه إذا اشترط وزناً معلوماً أو كيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً قبل انقطاعه. وكذلك ألبان البقر وغيرها. ولا بأس بالسلم في اللَّبِن (¬6) والآجُرّ (¬7) إذا اشترط من ذلك شيئاً معروفاً وجعل له أجلاً معلوماً ومكاناً معلوماً. وإن كان ذلك لا يعرف فلا خير فيه. ولا بأس بالسلم في الأليات إذا اشترط وزناً معلوماً وأجلاً معلوماً. ولا بأس بالسلم في شحم البطن إذا اشترط من ذلك وزناً معلوماً وأجلاً معلوماً. ¬

_ (¬1) التَّوْر إناء صغير يشرب فيه ويتوضأ منه، وتَوْر نحاس، أي وقِدْر. انظر: المغرب، "تور". (¬2) ع: اقمقما. القُمْقُم: آنية العطار، والقُمْقُم أيضا آنية من نحاس يسخن فيه الماء، والقُمْقُم رومي معرب، وقد يؤنث بالهاء، فيقال: قمقمة، والقمقمة بالهاء: وعاء من صُفْر له عُرْوَتان يستصحبه المسافر، والجمع القماقم. انظر: المصباح المنير، "قمم". (¬3) ع: كذلك. (¬4) ع: لم يرى. (¬5) ع - في اللبن. (¬6) اللَّبِن جمع اللبنة بوزن الكلمة، وهي التي تتخذ من طين ويبنى بها. انظر: المغرب، "لبن". (¬7) ع: والاخر. الآجُرّ: الطين المطبوخ، وهو معرَّب. انظر: المغرب، "أجر".

ولا بأس بالسلم في التبن (¬1) إذا كان كيل معلوم وأجل معلوم وقَبَّانٌ (¬2) معلوم (¬3). وإذا كان ذلك لا يعرف له قيمة (¬4) [فلا خير فيه] (¬5). ولا خير في السلم في رؤوس الغنم والأَكَارع (¬6)؛ لأنها (¬7) مختلفة فيها الصغيرة والكبيرة (¬8). ولا خير في السلم في كل شيء يوزن أو يكال إذا اشترط بمكيال غير معروف. ولو اشترط بإناء بعينه غير أن ذلك الإناء لا يعرف وزنه ولا يكون رطلاً فلا خير فيه. ألا ترى لو أن ذلك الإناء هلك (¬9) لم يعرف ما أسلم فيه. وكذلك الطعام وغيره إذا اشترط بإناء مجهول لا يعرف قدره. وإذا اشترى بذلك (¬10) الإناء يدًا (¬11) بيد فلا بأس ما كان (¬12) قائماً بعينه. ولا بأس بالسلم في العصير في حينه الذي يكون فيه، بعد أن يكون أجله قبل انقطاعه، واشترط (¬13) من ذلك وزناً وكيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً ومكاناً معلوماً وضرباً معلوماً في حينه. فإن ذهب حين العصير ¬

_ (¬1) ع - إذا اشترط من ذلك وزنا معلوما وأجلا معلوما ولا بأس بالسلم في التبن. (¬2) ف م: وفيما (مهملة)؛ ع: وقيما. وفي المبسوط، 12/ 141: وكيمانا. وفي ب جار: والقيمان. وفي ط: وفَيْمَانا. ولفظ الحاكم: وقَبّانا. انظر: الكافي، 1/ 163 ظ. والقَبْان هو الميزان. انظر: المصباح المنير، "قبن". وقال الكاساني: ولا يجوز السلم في التبن أحمالا أو أوقارا، لأن التفاوت بين الحمل والحمل والوقر والوقر مما يفحش، إلا إذا أسلم فيه بقَبَّان معلوم من قبابين التجار، فلا يختلف، فيجوز. انظر: بدائع الصنائع، 5/ 209. وَالفَيْمَان تعريب بَيْمَان، ومنه "اشترى كذا فَيْمَانا من صُبْرَة" (طعام). انظر: المغرب، "فيمن". (¬3) ف: معلوما. (¬4) م ع: لا يعرف قيمة له. (¬5) من ط؛ والمبسوط، 12/ 141. (¬6) الكُرَاع ما دون الكعب من الدواب، وما دون الركبة من الإنسان، وجمعه أَكْرُع وأَكَارع. انظر: المغرب، "كرع". (¬7) م ع: لأنه. (¬8) ع: الكبيرة والصغيرة. (¬9) ف - هلك، صح هـ. (¬10) ع: اشترط ذلك. (¬11) ع: يد. (¬12) ع: بأس وكان. (¬13) م: وإن اشترط.

كان (¬1) صاحبه (¬2) بالخيار، إن شاء أخذ رأس ماله، وإن شاء أخره حتى يجيء حينه، فيأخذ ما أسلم فيه. ولا بأس بالسلم في الخل إذ"شترط كيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً وضرباً معلوماً من الخل وصنفاً معلوماً (¬3). وإذا أسلم الرجل في تمر ولم يسم (¬4) فارسياً ولا دَقَلاً (¬5) فلا خير في السلم فيه؛ لأن الفارسي مخالف للدقل. وإن كان اشترط فارسياً فلا بد من أن يقال جيداً أو وسطاً أو رديئاً (¬6). ولا خير في السلم في شيء من الطير ولا في لحومها. ولا خير في السلم في شيء من الجواهر ولا اللؤلؤ؛ لأنه مختلف (¬7) مجهول. ولا بأس بالسلم في الجصّ والنُّورَة إذ"شترط من ذلك كيلاً معلوماً وأجلاً معلوماً وضرباً معلوماً ومكاناً معلوماً. وكذلك ما أشبهه مما يكال أو يوزن. ولا خير في السلم في الزجاج إلا (¬8) أن يكون مكسوراً، فليشترط من ذلك وزناً معلوماً وضرباً معلوماً. وإن كانت آنية (¬9) واشترط من ذلك شيئاً معروفاً لا يجهل فلا بأس به (¬10). وإن كان هذا مجهولاً (¬11) فاشترط من ذلك عدداً وفي ذلك الصغير والكبير فلا خير فيه. ¬

_ (¬1) ف: كما؛ م: فحا؛ ع - كان. والتصحيح من ط. (¬2) ع: وصاحبه. (¬3) ع: وصف معلوم. (¬4) ع: يسمي. (¬5) الدَّقَل نوع من أردأ التمر. انظر: المغرب، "دقل". (¬6) ف ع: أو وزنا. (¬7) م ف - مختلف؛ والزيادة من ع ط. (¬8) ع - إلا. (¬9) ع؛ ابنة. (¬10) ع - به. (¬11) م ع: مجهول.

وإذا أسلم الرجل ألف درهم إلى رجل في طعام، خمسمائة درهم [من] (¬1) ذلك كانت ديناً عليه، وخمسمائة نقدها إياه، فإنه يجزئ ذلك من (¬2) حصة النقد وهو النصف، ويبطل من ذلك حصة الدين وهو (¬3) النصف. قال: وبلغنا ذلك عن (¬4) أبي حنيفة عن ابن عباس. ألا ترى أنه أسلم ديناً في دين. وإذا أسلم الرجل إلى رجل (¬5) مائة درهم في كُرّ (¬6) حنطة وكُرّ شعير ولم يبين رأس مال كل واحد منهما فلا خير في ذلك، وهو مردود. وهذا قول أبي حنيفة. قال: وبلغنا ذلك عن عبد الله بن عمر (¬7). وقال أبو يوسف ومحمد: هو جائز. واذا أسلم الرجل الدراهم إلى رجل في طعام على أن أحدهما بالخيار فلا يجوز السلم في هذا، والسلم فاسد، وهو بمنزلة الصرف، إلا أن يبطل صاحب الخيار خياره قبل أن يتفرقا فيجوز ذلك. وكذلك لو أسلم إليه دراهم في طعام فافترقا قبل أن يقبض الدراهم. قلت: وكذلك لو أسلم إليه دراهم في طعام فأعطاه إياها فلما افترقا وجدها زيوفاً فإنه يردها وينتقض السلم. وإن أعلمه أنها زيوف (¬8) وقبضها ¬

_ (¬1) الزيادة من ط؛ والكافي؛ الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 142. (¬2) ع - من. (¬3) ع - ويبطل من ذلك حصة الدين وهو. (¬4) ع: من. (¬5) ع: الرجل. (¬6) الكُرّ مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر". وقد ذكر المؤلف في كتاب القسمة أنه يكون أربعين قفيزاً. انظر: 2/ 75 و. والقفيز اثنا عشر صاعاً. انظر: المغرب، "كرر". (¬7) ف: عن ابن عمر. (¬8) م ع: زيوفا. زَافَتْ عليه دراهمُه أي صارت مردودة عليه لِغِشٍّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في=

على ذلك فليس له أن يردها والسلم جائز. فإن (¬1) لم يعلم (¬2) ثم وجد فيها درهماً (¬3) زائفاً فإني (¬4) أستحسن أن يرده (¬5) عليه ويأخذ غيره لأنه قبضه. وإن كان سَتُّوقاً (¬6) رده وأحصى (¬7) وحط عنه بقدره في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان زيوفاً كلها فإنا نستحسن أن يبدلها له (¬8)، والسلم على حاله. وإذا أسلم الرجل إلى رجل في طعام وأعطاه دراهم (¬9) لا يعلم ما (¬10) وزنها أو فضة أو ذهباً (¬11) لا يعلم ما وزنه فإن السلم فاسد لا يجوز، مِن قِبَل أنه لا يعلم ما رأس ماله. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: هو جائز. ولو أسلم ثوباً في طعام فإن هذا جائز في قول أبي حنيفة وإن لم يعلم ما قيمة الثوب، من أجل أن الثياب تختلف (¬12) في الغلاء والرُّخْص في البلدان، وإنما تقوم (¬13) بالظن والحزر. وأما الفضة والذهب والدراهم فإنه يقدر على أن يزنه حتى يعلم ما هو، فهذا مخالف لذلك. وإذا أسلم الرجل إلى رجل في طعام وأخذ كفيلاً ثم صالح الكفيل ¬

_ =الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء, انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: ثم الزُّيُوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬1) ع: وإن. (¬2) ف: لم يسلم. (¬3) م ع: دراهما. (¬4) ف: فإن. (¬5) ع: ترده. (¬6) قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أوالنحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬7) ع: واحطى. (¬8) ع - له. (¬9) م ع: دراهما. (¬10) م - ما. (¬11) ع: ذهب. (¬12) ع: يختلف. (¬13) م ع: يقوم.

على رأس ماله فإن الذي عليه الطعام بالخيار، فإن شاء أجاز الصلح وأعطاه رأس المال، وإن شاء رد الصلح. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى الصلح جائزاً (¬1) على الكفيل، ولا يلزم الذي عليه الطعام من الصلح شيء، إنما يكون عليه (¬2) طعام مثل ذلك يرده على الكفيل. وهذا بمنزلة رجل (¬3) كفل لرجل (¬4) بألف درهم فصالحه على خادم أو ثياب فالصلح جائز، ويرجع الكفيل على المكفول عنه بألف درهم. واذا أسلم الرجلان إلى رجل في طعام، فصالحه أحدهما على رأس المال، وأبى الآخر أن يجيز ذلك، فإن الصلح لا يجوز، مِن قِبَل أنه لا يكون لأحدهما دراهم، وللآخر طعام. فإن رضي الشريك بذلك كان ما أخذ (¬5) الآخر من رأس المال، وما بقي من الطعام بينهما. وهذا قول أبي حنيفه ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى الصلح (¬6) جائزاً (¬7) على الذي صالح. وإن أبى شريكه كان للذي صالح رأس ماله، وكان لشريكه طعامه على حاله. فإن تَوَى (¬8) رجع على شريكه بنصف ما أخذ. وهو بمنزلة رجلين لهما على رجل مائة درهم فصالحه أحدهما من حصته على ثوب وأبى الآخر أن يرضى، فللمصالح الثوب وللآخر خمسون درهماً على المطلوب، فإن تَوِيَت فله أن يدخل مع صاحب الثوب في الثوب (¬9) فيكون له نصفه، إلا أن يرضى صاحب الثوب أن يرد عليه خمسة وعشرين (¬10) درهماً ولا يكون له من الثوب شيء. والخيار في ذلك إلى صاحب الثوب. وكذلك هذا في الكر السلم. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم (¬11) في طعام، فصالحه على رأس ¬

_ (¬1) م ع: جائز. (¬2) ع - عليه. (¬3) م ع: الرجل. (¬4) ع: الرجل. (¬5) م - كان ما أخذ. (¬6) ع + الصلح. (¬7) ع: جائز. (¬8) ع: نوى. (¬9) م - في الثوب. (¬10) م ع: وعشرون. (¬11) م ع: دراهما.

ماله، ثم أراد أن يشتري برأس ماله منه بَيْعاً (¬1) قبل أن يقبضه، فلا خير في ذلك، ولا ينبغي له أن يشتري شيئاً ولا يأخذ إلا سلمه بعينه أو رأس ماله. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي (¬2). وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم (¬3) في طعام ودنانير (¬4) في طعام، قد علم وزن الذهب، ولم يعلم وزن الدراهم، فلا خير في هذا حتى يعلم وزنهما (¬5) جميعاً. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: هو جائز. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل عشرة دراهم في ثوبين يهوديين إلى أجل معلوم، واشترط طولاً معلوماً وعرضًا معلوماً ورقعة (¬6) معلومةً، فهو جائز، ولا يضره أن لا يسمى (¬7) رأس مال كل واحد منهما على حدة. وأكره له أن يبيع واحداً منهما مرابحة على خمسة دراهم؛ لأنه إنما يقومها بالظن والحزر (¬8). ولا بأس أن يبيعهما (¬9) جميعاً مرابحة على عشرة دراهم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس بأن يبيع أحدهما مرابحة على خمسة دراهم. وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في ثوب يهودي وثوب سابِرِي (¬10) ولم يسم رأس مال كل واحد منهما فالسلم فاسد، وليس هذا كالثوبين اليهوديين؛ لأن هذين من صنفين مختلفين، وذلك من صنف واحد. وقال أبو يوسف: هو جائز. ¬

_ (¬1) يستعمل البيع بمعنى المبيع. انظر: المغرب، "بيع". (¬2) م ع - النخعي. وسيأتي قريبا عند المؤلف بإسناده عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 187. وانظر للروايات في ذلك: نصب الراية للزيلعي، 4/ 51. (¬3) م ع: دراهما. (¬4) م: ودنانيرا؛ ع: أو دنانيرا. (¬5) ع: وزنها. (¬6) يقال: رقعة هذا الثوب جيدة، يراد غلظه وثخانته. انظر: المغرب، "رقع". (¬7) م: أن يسمي. (¬8) ع: والحرز. (¬9) ع: يبيعها. (¬10) ف: سابوري.

وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم (¬1) في شيء يجوز فيه السلم ثم تفرقا قبل أن يقبض الذي أسلم إليه الدراهم فإن السلم فاسد. ولا بأس بالسلم في المُسُوح (¬2) والأَكْسِيَة والعباء والكَرَابيس (¬3) إذا اشترطت طولاً معلوماً وعرضاً معلوماً وأجلاً معلوماً ورقعةً معلومةً من صنف معروف. ولا بأس بالرهن والكفيل في السلم. بلغنا ذلك عن إبراهيم النخعي (¬4). وبلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اشترى من يهودي طعاماً بنسيئة ورهنه درعه (¬5). وإذا أسلم الرجل في شيء من الثياب فاشترط طولاً وعرضاً بذراع رجل معروف فلا خير في ذلك. ألا ترى أنه لو مات ذلك الرجل لم يدر (¬6) صاحب السلم ما حقه. وإذا اشترط كذا وكذا ذراعاً فهو جائز، وله ذراع وسط. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في حرير (¬7) واشترط وزناً معلوماً ولم يشترط الطول والعرض فلا خير فيه. ألا ترى أنه لا يدري ما أسلم فيه. وإذا اشترط طولاً وعرضاً بفَيْمَان (¬8) غير الذراع، فإن كان فَيْمَاناً (¬9) ¬

_ (¬1) م ع: دراهما. (¬2) المِسْح بَلاس الرهبان، والمِسح الكساء من الشعر، والجمع القليل أمساح والكثير مسوح. انظر: المغرب، "مسح"، ولسان العرب، "مسح". وقال ابن منظور: البَلاس المِسْح. . . وأهل المدينة يسمون المِسح بَلاسًا وهو فارسي معرب. انظر: لسان العرب، "بلس". (¬3) جمع الكِرْبَاس بالكسر ثوب من القطن الأبيض. انظر: القاموس المحيط، "كربس". (¬4) روي عن إبراهيم وغيره. انظر: الآثار لأبي يوسف، 188؛ والآثار لمحمد، 129؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 271 - 272؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 19. (¬5) رواه المؤلف بإسناده في أول كتاب الرهن. انظر: 2/ 1 ظ. وانظر: صحيح البخاري، الرهن، 2؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 124. (¬6) ع: ايدر. (¬7) ع: في خير. (¬8) ع: يقيمان. (¬9) ع: قيمانا.

معروفاً من فَيَامِين (¬1) التجار (¬2) فهو جائز، وإن كان مجهولاً فهو فاسد. وإذا اشترط الرجل في سلمه ثوباً جيداً، فأتاه الذي عليه الثوب بثوب ليعطيه إياه، فقال رب السلم: ليس هذا بجيد، وقال الآخر: هو جيد، فإنه ينظر إلى رجلين عدلين من أهل تلك الصناعة، فإن اجتمعا على أنه جيد مما يقع عليه اسم الجيد أجبره رب الثوب على أخذه، وإن كان ليس بجيد لا يجبر رب السلم (¬3) على أخذه. وإن كان اشترطا وسطاً فأتاه الآخر بجيد، فقال: خذ هذا وزدني درهماً، فلا بأس بذلك إن فعله. وكذلك لو أتاه بثوب أطول مما اشترط عليه أو أعرض فلا بأس بذلك إن فعله. وإن كان شيئاً مما يكال أو يوزن فأتاه بمثل ذلك الكيل الذي عليه غير أنه أجود مما اشترط، فقال: خذ هذا وزدني درهماً، لم يكن في هذا خير، ولا يجوز (¬4). ألا ترى أنه لا يصلح مختوم (¬5) حنطة بمختوم (¬6) حنطة وزيادة درهم. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. فأما الثياب فلا بأس أن يأخذ ثوباً ويعطي مثله وزيادة درهم. وإذا أسلم الرجل في ثوب قُوهِي فأتاه بثوب أطول منه على مثل (¬7) رقعته ومثل طوله غير أنه أجود منه، فقال: خذ هذا وزدني درهماً، فلا بأس بذلك؛ لأن فضل ما بينهما درهم. ولو أتاه بأنقص من ثوبه فقال: خذ هذا وأرد عليك درهماً من رأس مالك، لم يجز هذا مِن قِبَل أنه لا أدري (¬8) كم رأس مال ما أخذ وما ترك؛ لأن الثوب مختلف. وكذلك في الطعام. ولو أتاه بمثل طعامه في الكيل وهو ¬

_ (¬1) م ع: من قيامين. (¬2) م - التجار. (¬3) ع: الثوب. (¬4) ع: خيراً ولا تجوز. (¬5) قال المطرزي: والمختوم الصاع بعينه، عن أبي عبيد، ويشهد له حديث الخدري: الوسق ستون مختوماً. انظر: المغرب، "ختم". (¬6) م: مختوم. (¬7) ف + ما. (¬8) ط: لا يدري.

دونه، فقال: خذ هذا وأرد (¬1) عليك درهماً، كان ذلك باطلاً لا يجوز. وإذا اختلف الرجلان في السلم فقال الطالب: شرطت لي جيداً، وقال المطلوب: شرطته (¬2) لك وسطاً من صنف قد سميناه (¬3) جميعاً، فالقول في ذلك قول المطلوب مع يمينه، ويتحالفان، ويترادان (¬4) البيع، إلا أن تقوم (¬5) للطالب البينة فيؤخذ ببينته. وإذا اختلف الطالب والمطلوب، فقال الطالب: أسلمت إليك في كر حنطة، وقال المطلوب: أسلمت إلي في كر شعير، أو قال الطالب: في ثوب قُوهِي، وقال المطلوب: في ثوب يهودي، ولا بينة بينهما، فإنهما يترادان السلم، ويأخذ الطالب رأس ماله بعد أن يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه. فالذي (¬6) يبدأ به في الحلف المطلوب. وهذا قول أبي يوسف الأول، ثم قال بعد ذلك: [الذي] (¬7) يبدأ به باليمين الطالب. وهو قول محمد وزفر. فإن قامت لهما بينة جميعاً على ما ادعيا أخذت ببينة الطالب؛ لأنه هو المدعي. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: يأخذ بالبينتين جميعاً ويجعلهما سلمين، فإن كانا لم يفترقا قضى على رب السلم بثمنين (¬8)، وقضى على المسلم إليه بالحنطة والشعير جميعاً. فإن لم (¬9) يختلفا في السلم ولكنهما (¬10) اختلفا في المكان الذي يوفيه فيه، فقال الطالب: شرطت لي مكان كذا وكذا، وقال المطلوب: بل شرطت لك مكان كذا وكذا، لمكان آخر، وليست بينهما بينة، فالقول قول المطلوب مع يمينه، فإن قامت لهما بينة (¬11) على ما قالا أخذت ببينة ¬

_ (¬1) م. وأزد. (¬2) ع: شرطه. (¬3) ف: قد سمياه (¬4) ف: ويردان. (¬5) ع: أن يقوم. (¬6) ع: والذي. (¬7) من ط. (¬8) ف م: بيمين؛ ع: بيمينين. والتصحيح من ب جار ط. (¬9) ع - لم. (¬10) ف: ولكنما؛ ع: ولكنا. (¬11) م + فالقول قول المطلوب مع يمينه فإن قامت لهما بينة.

الطالب؛ لأنه مدعي (¬1). ولو أنهما لم يختلفا في المكان ولكنهما اختلفا في الأجل (¬2)، فقال الطالب: شرطت لي (¬3) كذا وكذا من الأجل (¬4) وقد حل الأجل، وقال المطلوب: بل شرطت لي كذا وكذا من الأجل - أبعد من ذلك - (¬5) ولم يحل ذلك بعد (¬6)، فالقول قول الطالب مع يمينه بالله على ذلك. ولو قامت لهما بينة أخذت (¬7) ببينة المطلوب؛ لأنه المدعي. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا اختلفا في المكان الذي يوفيه فيه السلم فإنهما يتحالفان ويترادان السلم. وإذا اختلفا في الأجل فقال الطالب: أجلتك شهراً وقد مضى، وقال المطلوب: لم يمض (¬8) بعد، إنما أخذت السلم منك الساعة، ولا بينة بينهما، فالقول في ذلك قول المطلوب مع يمينه، وعلى الطالب البينة. فإن قامت لهما بينة (¬9) أخذت ببينة المطلوب؛ لأن شهوده قد أكذبوا الطالب حيث ادعى أنه أجله شهراً وقد مضى، ولأن المطلوب (¬10) هو المدعي للفضل هاهنا، فالقول هاهنا قوله، والبينة بينته. وإذا اختلفا في الأجل فقال أحدهما: لم يكن له أجل، وقال الآخر: بلى (¬11) قد كان له أجل، فالقول قول الذي زعم أن له أجلاً أيهما (¬12) ما كان، ولا يصدق الآخر؛ لأنه يريد أن يفسد السلم، فلا يصدق على إفساده. وأما في القياس فإنه ينبغي أن يكون القول قول الذي قال ليس له أجل، وأن يكون السلم فاسداً (¬13)، وعلى الذي يدعي أجلاً البينة. وهو قول أبي ¬

_ (¬1) م ع: يدعي. (¬2) ف: في الأجر؛ ع: في الاخر. (¬3) ع: لك. (¬4) ف: من الأجر. (¬5) م - من ذلك. (¬6) ف - بعد. (¬7) ف - بينة أخذت. (¬8) ع: لم يمضي. (¬9) م - بينة. (¬10) ع: المدعي. (¬11) م: بل. (¬12) م: اتهما. (¬13) ع: فاسد.

يوسف ومحمد إذا كان الذي يقول ذلك الذي له السلم. وإذا قبض صاحب السلم رأس ماله وتتاركا، ثم اختلفا في رأس المال، فقال المطلوب: كان رأس مالك خمسة دراهم، وقال الطالب: بل كان رأس مالي (¬1) عشرة دراهم، فإن القول في ذلك (¬2) قول المطلوب مع يمينه. فإن قامت للطالب بينة على ما يدعي من الفضل أخذ له بذلك. وإذا تتاركا السلم فقال المطلوب: كان رأس مالك هذا الثوب، وقال الطالب: بل كان رأس مالي عشرة دراهم أو دينار أو ثوب هو (¬3) أجود من هذا، فإن القول في ذلك قول المطلوب مع يمينه، إلا أن تقوم (¬4) للطالب بينة على ما يدعي، فيؤخذ له بدعواه. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم (¬5) فوجد فيها درهماً زائفاً بعدما افترقا به، فإنه ينبغي في القياس أن يرد الدرهم، ويبطل من السلم بحساب ذلك. فإن أنكر رب السلم أن يكون ذلك من دراهمه فالقول قول المطلوب المسلم إليه مع يمينه، وعلى الطالب البينة أنه أعطاه (¬6) جيادًا في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يستبدله إذا كان زائفاً إذا أقر به صاحبه (¬7)، ولا ينتقض، وليس ينبغي أن يفترقا. فإذا أسلم إليه حتى يقبض رأس المال، فإن افترقا قبل أن يقبض رأس المال (¬8) فالسلم فاسد (¬9)، لا يكون ديناً في دين إن (¬10) أسلم إليه دراهم (¬11). ¬

_ (¬1) ع: المال. (¬2) م - في ذلك. (¬3) م: وهو. (¬4) ع: أن يقوم. (¬5) م ع: دراهما. (¬6) م ع: ان اعطاه. (¬7) ع: صاحبة. (¬8) م ف - فإن افترقا قبل أن يقبض رأس المال؛ والزيادة من ع ط. وفي ب وجار: ويفسده فرقتهما قبل قبض رأس المال الدراهم. وهو بمعناه. (¬9) ع: فاسدا. (¬10) ع: فإن. (¬11) م ع: دراهما؛ ع + في طعام فقبض بعضاً وأحال ببعض.

وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم (¬1) في شيء مما ذكرت لك إلى أجل معلوم وجعل للدراهم أجلاً يعطيها إياه ثم افترقا فالسلم فاسد، ولا يكون ديناً في دين. فإن أسلم إليه دراهم (¬2) في طعام فقَبَّضَ (¬3) بعضاً وأحال بعضاً (¬4) على آخر، وبقي عنده بعض، ثم تفرقا، فإنما له من (¬5) السلم بحساب ما قَبَّضَ (¬6) من المال، فأما (¬7) ما أحاله به أو بقي عنده لم يَنْقُده إياه فلا خير فيه، ويرجع رب السلم بالدراهم التي أحاله بها على المحتال عليه. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل جارية أو غلاماً أو إبلاً أو بقراً أو ثوباً (¬8) من صنوف الثياب في شيء مما يكال أو يوزن، واشترط ما ذكرت لك من ذلك من الكيل المعلوم والأجل (¬9) المعلوم وضربا من ذلك معلوماً (¬10)، فهو جائز. وكذلك (¬11) إذا أسلم ثوباً قُوهِياً في ثوب مَرْوِي، أو ثوباً هَرَوِياً في ثوب قوهي، أو ثوباً (¬12) يهودياً في ثوب زُطَّي، أو بَتًّا (¬13) في طيلسان أوطيلسانًا (¬14) في بَتّ، أو كساء من صوف في ثوب أو طيلسان، أو ثوب كتان في ثوب قطن، واشترط من ذلك ذرعاً معلوماً في العرض والطول والرقعة فهو جائز. وإن كان هذا قطناً كله أو كتاناً فلا بأس بالسلم فيه، لأنه مختلف. ¬

_ (¬1) م ع: دراهما. (¬2) م ع: دراهما. (¬3) ف م: يقبض. وفي ب: فنقد. وفى المبسوط، 12/ 159: وأعطاهـ قَبَّضَه المال أعطاه إياه. . . وتقبيض المال إعطاؤه لمن يأخذه. انظر: لسان العرب، "قبض". (¬4) م ع: ببعض. (¬5) ع - رأس. (¬6) ف: ما نقص. وفي ب: ما نقد. وفي المبسوط، 12/ 159: ما نقده. (¬7) ع: وأما. (¬8) من ف - أو ثوبا، صح هـ. (¬9) ع: وأجل. (¬10) م ع: معلوم. (¬11) م: وكذا. (¬12) ع: ثوب. (¬13) جميع النسخ: أو بت. (¬14) جميع النسخ: أو طيلسان.

ولا بأس بالسلم في الكتان وزناً معلوماً. وكذلك القطن والقَزّ (¬1) والإبريسم (¬2)، ولا بأس بالسلم في ذلك كله. وإذا اشترط رب السلم أن يوفيه السلم في مدينة كذا وكذا (¬3) أو في (¬4) مصر كذا وكذا فقال رب السلم: ادفعه إلي (¬5) في ناحية كذا من المصر، وقال المسلم إليه: بل أدفعه إليك في ناحية أخرى، ليس في تلك الناحية، قال: فحيث ما دفعه إليه الذي عليه السلم من ذلك المصر وتلك المدينة فذلك له، وهو بريء، وليس لرب السلم ما ادعى من ذلك. ولا خير في السلم في المسابق (¬6) والفِرَاء إلا أن يشترط من ذلك شيئاً معروف الطول والعرض والتقطيع والصفة، فإن كان يعرف شيئاً من هذا فهو جائز. ولا خير في السلم بالحطب أَوْقَاراً أو أَحْمَالاً (¬7)؛ لأن هذا مجهول غير معروف فلا خير فيه. وكذلك كل سلم اشترط فيه أوقاراً أو أحمالاً (¬8) فلا خير فيه. وإذا اشترط على الرجل الذي عليه السلم (¬9) أن يحمل السلم إلى منزل صاحب السلم بعدما يوفيه إياه في المكان الذي اشترط فلا خير في السلم على هذا الشرط. ¬

_ (¬1) م: والفرو. القَزّ ضرب من الإبريسم، قال الليث: هو ما يسوى منه الإبريسم، وفي جمع التفاريق: القز والإبريسم كالدقيق والحنطة. انظر: المغرب، "قزز". (¬2) ع - والإبريسم. (¬3) ف + وكذا. (¬4) م - في. (¬5) ع: لي. (¬6) م: المسافق. المسبق ما له كان طويلان كما يكون للأكراد وبعض العرب. انظر: المبسوط، 12/ 160. (¬7) ف ع: ولا أحمالا. قال المطرزي: قوله: "السلم في الحطب أوقارا أو أحمالا"، إنما جمع بينهما لأن الحِمْل عام والوِقْر أكثر ما يستعمل في حِمْل البغل أو الحمار كالوَسْق في حمل البعير. انظر: المغرب، "وقر". (¬8) م - لأن هذا مجهول غير معروف فلا خير فيه وكذلك كل سلم اشترط فيه أوقارا أو أحمالا. (¬9) ع - الذي عليه السلم.

وإذا اشترط رب السلم في سلمه أن يوفيه إياه في منزله فلا بأس به، وهذا وحمله في القياس سواء، غير أنا نأخذ في حمله إلى منزله بالقياس، ونأخذ في هذا بالاستحسان. ولا خير في السلم في الحطب عدداً؛ لأنه مجهول لا يعرف فيه الصغير والكبير. ولا بأس بالسلم في الجبن والمَصْل (¬1) إذا اشترط من ذلك ضرباً معلوماً وأجلاً معلوماً ومكاناً معلوماً يوفيه فيه. ولا خير في السلم في القَصِيل (¬2) ولا في الحشيش أحمالاً ولا أوقاراً ولا حُزَماً (¬3). وإذا اختلف الرجلان في السلم فقال الذي أسلم: أسلمت إليك في ثوب يهودي، وقال الذي عليه السلم: بل هو زُطِّي، وليس بينهما بينة، فإن الذي عليه السلم يحلف بالله ما هو يهودي، فإن نكل عن اليمين لزمه ثوب يهودي، وإن حلف برئ، وعلى الطالب أن يحلف بالله ما هو زُطِّي على ما ادعى الآخر، فإن نكل عن اليمين لزمه دعوى (¬4) صاحبه، وإن حلف برئ ورد عليه رأس ماله. وإن قامت لهما بينة أخذت ببينة الطالب في قول أبي يوسف. وإن اتفقا أنه ثوب يهودي غير أنهما اختلفا في الصفة فقال المطلوب: طوله خمسة أذرع في ثلاثة أذرع (¬5)، وقال الطالب: بل هو ستة أذرع في ثلاثة أذرع، واتفقا على ما سوى ذلك، فإن هذا والأول في القياس ¬

_ (¬1) ع: والمصلى. المَصْل: عُصَارة الأقِط، وهو ماؤه الذي يُعْصَر منه حين يُطْبَخ. انظر: المصباح المنير، "مصل". (¬2) ع: في الفصل. القَصْل قطع الشيء، ومنه القَصِيل، وهو الشعير يُجَزّ أخضر لعلف الدواب، والفقهاء يسمون الزرع قبل إدراكه قصيلا، وهو مجاز. انظر: المغرب، "قصل". (¬3) ع: خرما. (¬4) ع: لزمه ثوب يهودي. (¬5) م - في ثلاثة أذرع.

سواء (¬1)، يتحالفان ويترادان السلم، وبالقياس نأخذ (¬2). وأما الاستحسان فإنه ينبغي أن يكون القول هاهنا قول المطلوب مع يمينه إلا أن تقوم (¬3) للطالب بينة. وبالقياس نأخذ (¬4). وإذا اختلفا في السلم بعينه أو في رأس المال ولم يقبض رأس المال (¬5) ولم يتفرقا، فقال المسلم إليه: أسلمت إليّ هذه الجارية في مائة مختوم حنطة، وقال رب السلم: بل أسلمت إليك هذا العبد في مائتي مختوم حنطة، وليس بينهما بينة، فإنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، ثم يترادان السلم. وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه قِبَلَه. وإن قامت لهما بينة لزمته الجارية بمائة مختوم حنطة، ولزمه العبد بمائتي مختوم حنطة. ولا بأس بأن يسلم الحيوان في كل ما يكال أو يوزن أو يذرع من الثياب إلى أجل معلوم. ألا ترى أنه لا بأس ببيع الحيوان بالدراهم والدنانير إلى أجل معلوم. وكذلك لو أسلمتَ جارية في عشرة أكرار حنطة وشعير. ولو أسلمتَ فيها عبدأ أو دابةً أو ثوباً كان ذلك جائزاً، ولا يضرك أن لا تسمي (¬6) رأس مال الحنطة من ذلك ولا رأس مال الشعير. ولو أسلمتَ ثوباً في عشرة أكرار حنطة وشعير (¬7) ولم تسم (¬8) رأس مال كل واحد منهما لم يضرك ذلك وكان ذلك جائزاً، وكان رأس مال كل واحد منهما على حساب قيمة ذلك؛ لأنك لا تقدر على تقويمه إلا بالظن والحَزْر (¬9). ولو كانت دراهم لم تصلح؛ لأنه يقدر (¬10) على وزن حصة كل واحد منهما. وهذا قول أبي حنيفة. وقال يعقوب: هما سواء، والسلم جائز. ¬

_ (¬1) ع: سواء في القياس. (¬2) ع: يأخذ. (¬3) ع: أن يقوم. (¬4) ع: يأخذ. (¬5) ع - ولم يقبض رأس المال. (¬6) ع: لا يسمى. (¬7) ع: وبشعير. (¬8) ع: يسم. (¬9) ع: والحرز. (¬10) ف: لأنه لا يقدر.

وإذا باع الرجل جارية بألف مثقال فضة وذهب جياد أو دنانير ودراهم (¬1) كان له من كل واحد خمسمائة مثقال، وهذا جائز. وإذا استأجر الرجل أرضاً أو داراً أو عبداً أو ثوباً أو دابةً أو أمةً أو شِقّ مَحْمِل (¬2) أو شِقّ زاملة (¬3) إلى مكة، بشيء مما يكال أو يوزن كيلاً معلوماً أو وزناً معلوماً وأجلاً معلوماً، وسمى المدينة التي استأجر إليها (¬4) والأرض والدار والخادم والحمام (¬5)، وسمى من ذلك الكيل صنفاً معروفاً، فإن هذا كله جائز. وكذلك لو استأجر ذلك بثوب يهودي وبين طوله وعرضه ورقعته وأجله فهو جائز (¬6). وإذا أسلم الرجل إلى الرجل عشرة دراهم في عشرين مختوم (¬7) شعير أو عشرة (¬8) مخاتيم حنطة، ووقع السلم على هذا، والشرط على هذا أن يعطيه أيهما شاء رب السلم والمسلم (¬9) إليه، فلا خير في هذا؛ لأن السلم لم يقع على شيء معلوم. وكذلك إن قال: إن أعطيتني إلى شهر فهو عشرة مخاتيم، وإن أعطيتني إلى شهرين فهو عشرون مختوماً، كان هذا فاسداً (¬10) يجوز السلم فيه. ¬

_ (¬1) م ع: ودراهما. (¬2) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬3) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه ... ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬4) ع: لها. (¬5) كذا في جميع النسخ وفي ط. لكن لا وجه لذكر الحمام هنا. ولعل الصواب "والحمولة"، فإنه هو المناسب لذكر المحمل والزاملة. (¬6) ع - وكذلك لو استاْجر ذلك بثوب يهودي وبين طوله وعرضه ورقعته وأجله فهو جائز. (¬7) ع: مختوما. (¬8) ف م: وعشرة؛ ع: وعشر. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 12/ 163. (¬9) ط: أو المسلم. وفي ب جار: أيهما شاء العاقدان. (¬10) ع: ولا.

وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم (¬1) في حنطة فقال رجل لرب السلم: وَلِّنِي هذا السلم، فإنه لا يستطيع أن يوليه ذلك السلم، ولا يجوز مِن قِبَل أن التولية بيع، ولا (¬2) يجوز أن يبيع ما لم يقبض. وقد جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الرجل ما لم يقبض (¬3). وإذا قال الرجل لرجل: قد أسلمتَ إلي عشرة دراهم في كر حنطة، وسكت، ثم قال بعد ما سكت: ولكني (¬4) لم أقبض الدراهم منك، وقال رب السلم: بلى (¬5) قد قبضتها مني، كان القول قول رب السلم مع يمينه، مِن قِبَل أن المسلم إليه قد أقر بالقبض حيث قال: أسلمت إلي، فهذا منه قبض. إذا (¬6) قال: قد أسلمت إلي، فهذا مثل قوله: قد أعطيتني عشرة دراهم في كر حنطة. ألا ترى أنه لو قال: أقرضتني عشرة دراهم قرضاً برؤوسها، وأسلفتني عشرة دراهم برؤوسها سلفاً، ثم قال بعد ذلك: لم أقبض منك شيئاً، لم أصدقه وألزمته الدراهم وكان هذا (¬7) إقراراً (¬8) منه بالقبض. وكذلك إذا قال: أسلمت إلي ثوباً في كر حنطة، فهو مثل ذلك. وهو استحسان منا، وليس بالقياس. وكان ينبغي في القياس أن لا يكون قابضاً حتى يقول: قد قبضت الثوب والدراهم. ¬

_ (¬1) م ع: دراهما. (¬2) ع: لا. (¬3) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا يحيى بن عامر عن رجل عن عتاب بن أسيد عن النبي أنه قال له: "انطلق الى أهل الله - يعني أهل مكة - فانههم عن أربع خصال، عن بيع ما لم يقبضوا، وعن ربح ما لم يضمنوا، وعن شرطين في بيع، وعن سلف وبيع". انظر: الآثار لمحمد، 126. وانظر: الاَثار لأبي يوسف، 181 - 182. وروي نحو ذلك في مسند أحمد، 3/ 402؛ وصحيح البخاري، البيوع، 55؛ وصحيح مسلم، البيوع، 29 - 41. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 3214 ث وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 25. (¬4) ع: ولكن. (¬5) ع: بلا. (¬6) ع: أو. (¬7) ع - هذا. (¬8) ع: إقرار.

وكذلك لو قال: لفلان علي ألف درهم إلى سنة أو حالّة من ثمن جارية باعنيها، ثم قال بعد ذلك: لم أقبضها، وقال الآخر: قد قبضت، كان المال عليه. ألا ترى أنه لا يلزمه المال إلا بالقبض، فإقراره بالمال إقرار بالقبض وصل أو قطع. وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: القول قول المطلوب أنه لم يقبض إذا أقر الطالب أن ذلك من بيع. وهذا قول أبي يوسف الآخر. وكان يقول مرة: إن وصل صدق، وإن قطع لم يصدق. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في كُرّ حنطة ثم أعطاه كُرًّا بغير كيل فليس ينبغي له أن يبيعه، ولا يأكله حتى يكيله. وإن (¬1) باعه المشتري فالبيع فاسد. ألا ترى أنه باع ما لم يقبض. ولو هلك الكُرّ عند المشتري وهو مقر بأنه (¬2) كُرّ وافي غير أنه لم يَكْتَلْه (¬3) فهو مستوفي. وإذا أسلم الرجل إلى رجل (¬4) في كُرّ حنطة فاشترى الذي (¬5) عليه الكر كر حنطة من رجل آخر ثم قال: اقبضه، قبل أن يكتاله من المشتري فليس ينبغي لرب السلم أن يقبضه حتى يكتاله المشتري ثم يكتاله رب السلم، ولا يصلح له أن يأخذه بكيله (¬6) حتى يأخذه بكيل مستقبل (¬7) لنفسه. وإذا دفع الذي عليه السلم إلى رب السلم (¬8) دراهم (¬9) فقال: اشتر بها طعاماً فاقبضه لي بكيل (¬10)، ثم اكتله (¬11) لنفسك بكيل مستقبل (¬12)، كان جائزاً. وإن قال رب السلم للذي (¬13) عليه السلم: كِلْ ما لي عليك من ¬

_ (¬1) ع: فإن. (¬2) ف م ع: فانه. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 12/ 165. (¬3) ع: لم يكتاله. (¬4) ع: إلى الرجل. (¬5) م - الذي. (¬6) ع + ذلك. (¬7) ف: مستقل. (¬8) ع - إلى رب السلم. (¬9) م ع: دراهما. (¬10) ع: بكل. (¬11) م ع: ثم اكتاله. (¬12) ف: مستقل. (¬13) جميع النسخ: الذي.

الطعام فاعزله في بيتك أو في غَرَائِرِك (¬1)، ففعل ذلك الذي عليه السلم (¬2)، وليس رب السلم بحاضر، فلا يجوز ولا يكون هذا قبضاً من رب السلم. وكذلك لو كاله في غَرَائِر لرب السلم بأمره غير أن رب السلم ليس بحاضر لم يحضر الكيل لم يكن هذا قبضاً. وإن وكل رب السلم بقبض ذلك غلام الذي عليه السلم أو ابنه فهو جائز. وكذلك لو قال: زن (¬3) ما عليك من الدراهم فاعزلها لي (¬4) في بيتك، ففعل ذلك لم يكن هذا قبضاً من الطالب. وقال محمد: كان أبو حنيفة يقول: لو أن رجلاً اشترى من رجل طعاماً بعينه على أنه كر ثم دفع إليه غرائر (¬5) فأمره أن يكيله فيها وليس المشتري بحاضر ففعل إنه قبض، وله أن يبيعه. ولو لم يكن اشتراه ولكن أسلم إليه فيه (¬6) فدفع إليه غرائر (¬7) يكيله فيها فكاله وهو غائب عنه لم يكن قَبَض ولم يجز. وفرّق ما بينهما وقال: ألا ترى أنه إذا اشتراه بعينه أنه له، فإذا أمره بكيله في غرائره فكأنه أمره أن يطحنه، فيجوز ذلك ويكون قبضاً منه؛ لأنه شيء بعينه يملكه أحدث (¬8) فيه عملاً بأمره فصار قابضاً، والسلم دين لا يملكه بعينه، فإن ما طحنه (¬9) وكاله فهو من مال الذي عليه، ولا يكون قابضاً من حنطة دقيقاً في السلم، وهما مختلفان. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل (¬10) في كر حنطة ثم أسلم الآخر إليه في كر حنطة وأجلهما واحد وصفتهما واحدة أو مختلفة فلا يكون شيء (¬11) من ذلك قصاصاً. وإن تقاصا (¬12) به فلا يجوز. ألا ترى أنه يبيع ما لم يقبض كل ¬

_ (¬1) الغِرَارَة: الجُوَالِق، واحدة الغَرَائِر، وتستعمل لحمل التبن غالباً. انظر: لسان العرب، "غرر". (¬2) ع - كل ما لي عليك من الطعام فاعزله في بيتك أو في غرائرك ففعل ذلك الذي عليه السلم. (¬3) ع: ان. (¬4) ف ع - لي. (¬5) م: غرائرا. (¬6) م - فيه. (¬7) م ع: غرائرا. (¬8) ع: أخذت. (¬9) ط: فأما ما طحنه. (¬10) ع: إلى رجل. (¬11) ع: يون شيئاً. (¬12) ع: تقا.

واحد منهما. ليس (¬1) يقبض من كره كراً يأخذه. إنما (¬2) يأخذ به ديناً عليه. فلا يجوز (¬3) أن يأخذ إلا رأس ماله أو الذي أسلم فيه. والذي عليه ليس مما (¬4) أسلم فيه ولا رأس ماله. وإذا كان الأول منهما سلماً (¬5) والآخر قرضاً (¬6) فلا بأس بأن يكون قصاصاً إذا كان سواء. أو، إن كان الأول قرضاً (¬7) والآخر سلماً (¬8) فلا يكون قصاصاً وإن تراضيا بذلك. وكذلك هذا في الصرف إذا باع ديناراً بعشرة (¬9) دراهم ثم استقرض منه يكون قصاصاً؛ لأن الدراهم والدنانير من الأثمان. (¬10). وإن كان للذي (¬11) عليه السلم قرض (¬12) على رجل أو لم يكن له فاستقرض من رجل كُرًّا فقال: كِلْه لصاحب السلم، فاكتاله صاحب السلم كيلاً واحداً فهو قبض، وهو جائز مِن قِبَل أن أصل الطعام على المطلوب قرض وليس ببيع (¬13). في ألا ترى لو أن رجلاً كال كرا من الطعام فاستقرضه رجل منه على كيله كان جائزاً، وله أن يبيعه مِن قَبْل أن يكتاله، فإن القرض (¬14) لا يحتاج فيه إلى كيل، فهو يأخذه قرضاً ليس يكيله ¬

_ (¬1) ع: فليس. (¬2) م ع: أما. (¬3) ط: ولا يجوز. (¬4) ع: ما. (¬5) م ع: سلم. (¬6) م ع: قرض. (¬7) م ع: قرض. (¬8) م ع: سلم. (¬9) ع: وعشرة. (¬10) وقع في النسخ ابتداء من هنا إلى نهاية قوله: "ولو كان كل واحد منهما بعينه فتقايلا كان لكل واحد منهما أن يعطي غير الذي اشترى" اضطراب في السياق وتقديم وتأخير. فصححناه وأعدنا ترتيبه كما رتبه المحقق شفيق شحاتة وعلى ما أفاده العلامة السرخسي. انظر: المبسوط، 12/ 169 - 170. (¬11) ف م: الذي. (¬12) ع: قرضا. (¬13) ع: يبيع. (¬14) ع: فالقرض.

له، إنما هو كيل للبائع؛ لأن القرض لا يفسده أن لا يكال. فإذا (¬1) اشترى رجل كراً من طعام مكايلة فاكتاله فلا يبيعه حتى يكتاله. وإذا كان غير سلم على رجل فاشترى من رجل كراً ووكل رب السلم أن يقبضه له ويأخذه من سلمه فلا يجزيه كيل واحد في بيع واقتضاء (¬2). وإذا تتاركا السلم ورأس المال ثوب فهلك الثوب عند المطلوب قبل أن يقبض الطالب فعلى المطلوب قيمته. وكذلك لو تتاركا السلم بعد هلاك الثوب كان على المطلوب قيمته. والقول في ذلك قول المطلوب، وعلى الطالب البينة على ما يدعي من فضل القيمة. وإن لم تكن (¬3) له بينة حلف المطلوب على القيمة التي أقر بها وأداها (¬4) ألا ترى لو أن رجلاً اشترى من رجل جارية بعبد وتقابضا فمات أحدهما (¬5) في يديه ثم تناقضا أنه جائز، وهو بمنزلة الرد بالعيب. ألا ترى أنه لو أصاب به عيباً بعد موت الآخر فقبله (¬6) بغير قضاء قاض (¬7) أنها إقالة، ولو أصاب به عيباً وقد هلك الآخر أو رده بخيار رؤية فإن ذلك جائز (¬8). وكذلك الأول في السلم (¬9)؛ لأن السلم بيع، ولا يشبه هذا الأثمان الدنانير بالدراهم (¬10). [وكذلك هذا في الصرف] (¬11). ولو كان كل واحد منهما بعينه فتقايلا كان ¬

_ (¬1) ع: وإذا. (¬2) ع: واقبضا. (¬3) ع: يكن. (¬4) ع: واذاها. (¬5) ع: إحداهما. (¬6) ع: فقتله. (¬7) ع: بغير قصاص. (¬8) ع: جائزا. (¬9) ف م + والبيع. والتصحيح من ب ط. وعبارة ب: وكذا لو رده بخيار رؤية بعد موت الآخر جاز فكذا السلم لأنه بيع. (¬10) ط: والدراهم. وقال السرخسي: يعني أن في عقد الصرف تجوز الإقالة بعد هلاكهما، بخلاف بيع المقابضة. وفي بعض النسخ قال: الدنانير والدراهم، يعني إذا اشتريا عينا بنقد ثم تقايلا فهلك المعقود عليه بطلت الإقالة وإن كان الثمن قائما. انظر: المبسوط، 12/ 170. (¬11) كرر المحقق شحاتة هذه العبارة للتقديم والتأخير الضروري لتصحيح العبارة كما أشرنا إلى ذلك قبل قليل. وهو تكرار في محله.

لكل (¬1) واحد منهما أن يعطي غير الذي اشترى (¬2). وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم (¬3) في كر حنطة فوجد فيها دراهم (¬4) سَتُّوقَة (¬5) فجاء يردها فقال الذي عليه السلم: هذا نصف رأس المال (¬6)، فقد بطل نصف السلم، وقال رب السلم: بل هو ثلث رأس المال، فإن القول في ذلك قول الذي عليه السلم مع يمينه، وعلى رب السلم البينة على ما يدعي؛ لأن السلم لم يتم في الكر، فالقول قول الذي عليه السلم مع يمينه فيما تم منه. وإذا اختلفا في السلم فقال رب السلم: أسلمت إليك ثوباً في كر حنطة، وقال المسلم إليه: بل أسلمت إلي في كر (¬7) شعير، وليس بينهما بينة، فإنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه ثم يترادان السلم. فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة رب السلم؛ لأنه مدع (¬8) للفضل. فإن اختلفا فقال المسلم إليه: أسلمت إلي هذين الثوبين في غير حنطة، وقال رب السلم: بل أسلمت إليك هذا الثوب بعينه في غير حنطة (¬9)، فإن ¬

_ (¬1) ف م ع: كل. والتصحيح من ب ط. (¬2) ف م + ألا ترى لو أن رجلاً كال كرا من الطعام فاستقرضه رجل منه على كيله كان جائزا وله أن يبيعه من قبل أن يكتاله فإن القرض لا يحتاج فيه إلى كيل. . . والقول في ذلك قول المطلوب وعلى الطالب البينة على ما يدعي من فضل القيمة وإن لم تكن له بينة حلف المطلوب على القيمة التي أقر بها وأداها. (¬3) م ع: دراهما. (¬4) م: دراهما. (¬5) قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفى الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬6) م: المالك. (¬7) ع + حنطة وقال المسلم إليه بل أسلمت إلي في كر. (¬8) م: مدعي. (¬9) ف + وقال رب السلم بل أسلمت إليك هذا الثوب بعينه في كر حنطة.

لم تكن لهما بينة فإنهما يتحالفان ويترادان، وإن كانت لهما بينة أخذت ببينة المسلم إليه وكان الثوبان جميعاً بكر حنطة؛ لأنه مدع (¬1) للفضل. ألا ترى أن شهودهما قد اتفقوا على غير وثوب، وأن بينة المسلم إليه قد شهدوا على فضل ثوب، فهو للمدعي. وإذا اختلفا فقال المسلم إليه: أسلمت إلي ثوبين في غير حنطة، وقال رب السلم: بل أسلمت إليك أحدهما (¬2) - وهو هذا بعينه - في كر حنطة وكر شعير، فأقاما جميعاً البينة، فإنه يقضى للمسلم إليه بالثوبين جميعاً، ويقضى عليه بكر حنطة وكر شعير، مِن قِبَل أن بينة رب السلم قد (¬3) شهدوا على كر شعير فضل، وشهدت شهود المسلم إليه بفضل ثوب. وإذا أسلم الرجل فلوساً في كر طعام أو شيء مما يكال أو يوزن فهو جائز. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل عشرة دراهم في كر حنطة، فأقام رب السلم بينة أنهما تفرقا قبل أن يقبض المسلم إليه رأس المال، وأقام المسلم إليه البينة أنه قد (¬4) قبض رأس المال قبل أن يتفرقا، فالسلم جائز، ويؤخذ ببينة المسلم إليه. ولو كانت الدراهم في يدي رب السلم بأعيانها، فقال المسلم إليه: أودعتها إياه، أو غصبنيها (¬5) بعد قبضي إياها، وقد قامت البينة بالقبض، كان (¬6) القول (¬7) كما قال، ويقضى له بالدراهم، والسلم (¬8) جائز. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل ثوباً (¬9) أو دابةً أو عبداً أو أمة أو شيئاً مما يكال أو يوزن إلى أجل ثم تفرقا قبل أن يقبض رأس المال كان السلم ¬

_ (¬1) م ع: مدعي. (¬2) ع: احديهما. (¬3) ف ع - قد. (¬4) ع - قد. (¬5) ع: أو غصبتها. (¬6) ع - كان. (¬7) ع: فالقول. (¬8) ع: والمسلم. (¬9) ع: يوماً.

فاسداً، ولا يجوز إن أراد أن يعود (¬1) إلى ذلك إلا (¬2) باستقبال السلم. ولو باع جاريةً (¬3) أو عبداً أو ثوباً بشيء مما يكال أو يوزن إلى أجل، ثم تفرقا قبل أن يقبض جاريته، غير أن البائع لم يمنعه من قبض ذلك، كان البيع جائزاً، وكان له أن يقبض متى ما (¬4) شاء. وهذا والسلم في القياس سواء، غير أني أخذت في السلم بالاستحسان. ألا ترى أنه لو باع ثوباً بحنطة كيلاً مسمى وضرباً مسمى (¬5) ولم يجعل لذلك أجلاً كان جائزاً، ولو أسلم هذا الثوب في كر حنطة على هذه الصفة ولم يجعل له أجلاً كان فاسداً. وإذا (¬6) أسلم الرجل إلى الرجل في طعام، فقال له رجل آخر بعدما نقد (¬7) وتفرقا أو قبل أن يتفرقا: أشركنى فيه، فإن الشركة لا تجوز؛ لأن الشركة بيع، وهذا بيع ما لم يقبض. فإذا أخذ الرجل بالسلم رهناً يكون فيه وفاء بالسلم، فهلك الرهن، فقد بطل السلم؛ لأن الرهن بما فيه. ولو لم يهلك الرهن (¬8) حتى يموت المسلم إليه وعليه دين، كان صاحب السلم أحق بالرهن، يباع له في حقه حتى يستوفي. ولو كان الرهن أقل من قيمة السلم ثم هلك رجع رب السلم بالفضل، وبطل من سلمه بقدر قيمة الرهن. ولو كان الرهن أكثر من السلم بطل السلم كله، وكان المرتهن في فضل الرهن أميناً. وهذا القول في الرهن قول أبي حنيفة. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم (¬9). وبه كان يأخذ أبو حنيفة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في طعام، فلم يتفرقا ولم ¬

_ (¬1) ع: أن يعودوا. (¬2) ع - إلا. (¬3) ف - جارية، صح هـ. (¬4) ع - ما. (¬5) ع - وضربا مسمى. (¬6) ع: فإذا. (¬7) ف: نفذ. (¬8) م - الرهن؛ ع: لم يكن هلك الرهن. (¬9) يأتي بنفس الإسناد في أوائل الرهن. انظر: 2/ 1 ظ. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 196؛ والآثار لمحمد، 134.

يقبض المسلم إليه الثمن حتى اختلفا، فقال هذا: أسلمت إلي عشرة دراهم في كر حنطة، وقال رب السلم: بل أسلمت إليك خمسة دراهم في كر حنطة، فإنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، ويترادان السلم. فإن كانت لهما بينة على ما قالا أخذت ببينة المسلم إليه، وأقضي له بعشرة؛ لأنه مدعي للفضل (¬1). وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: هذان سلمان مختلفان، وأقضي له بخمسة عشر درهماً، وأجعل عليه كرين: كراً بعشرة دراهم، وكراً بخمسة دراهم. ولو كانا (¬2) اختلفا في السلم فقال رب (¬3) السلم: أسلمت إليك خمسة دراهم في كرين حنطةً، وقال المسلم إليه: بل أسلمت إلي عشرة دراهم في كر حنطة، ولا بينة بينهما، حلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه. فإن حلفا (¬4) جميعاً ترادا (¬5)، وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وإن قامت لهما بينة أخذت (¬6) ببينة المسلم إليه بالعشرة، وببينة الطالب في الكرين، في قول أبي يوسف. وقال محمد: هما سلمان، أقضي بهما جميعاً. وإذا أسلم الرجل (¬7) إلى الرجل في طعام، ثم وكل رب السلم وكيلاً يدفع إليه الدراهم، أو عبداً له أو ابناً له أو شريكاً له مفاوضاً أو غير مفاوض، وقام رب السلم الذي أسلم فذهب قبل أن يقبض المسلم إليه رأس المال، فإن السلم فاسد. ألا ترى أنهما قد تفرقا قبل أن يقبض المسلم إليه. وإذا وكل المسلم إليه أحداً من هؤلاء بقبض رأس المال من رب السلم ثم فارقه المسلم إليه قبل أن يقبض رأس المال فإن السلم (¬8) فاسد. وإذا كفل الرجل بالسلم فاستوفى الكفيل السلم من المسلم إليه على ¬

_ (¬1) م: الفضل. (¬2) ع: اختلفا. (¬3) ع - رب. (¬4) ع: خلفا. (¬5) ع: ترادى. (¬6) ع: أخذ. (¬7) ف - الرجل. (¬8) م: فالسلم.

وجه الاقتضاء منه، ثم باعه وربح فيه أو أكله، ثم قضى رب السلم طعاماً مثله وفَضَلَ في يده فَضْلٌ من ذلك، فهو له حلال؛ لأنه قبضه على وجه الاقتضاء منه (¬1). ولو كان قبضه على وجه الرسالة فإنه رسول فيه حتى يدفعه إلى رب السلم. فإن فعل به شيئاً (¬2) من ذلك كان ينبغي له أن يتصدق بالربح، وكان لا يحل الفضل. وإن قضى الكفيل السلم من ماله قبل أن يقبضه من المكفول عنه، ثم صالح المكفول عنه على دراهم أو شعير (¬3)، أو (¬4) غير ذلك مما يكال أو يوزن، أو على عروض أو على حيوان، غير أن ذلك يداً (¬5) بيد فهو جائز، مِن قِبَل أن الكفيل هاهنا مقرض للمكفول عنه، وليس بمنزلة رب السلم. ألا ترى أن له قرضاً (¬6) على المكفول عنه، فلا بأس بأن يبيع القرض ببعض ما ذكرناه (¬7). وليس لرب السلم أن يبيع المسلم (¬8) بشيء من ذلك لا يأخذ إلا طعامه أو رأس ماله. ولا ينبغي له مع ذلك إن صالح على رأس ماله أن يشتري به شيئاً حتى يقبضه. قال: أخبرنا أبو سليمان (¬9) عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم بذلك (¬10). ¬

_ (¬1) ع - منه. (¬2) ع: شيء. (¬3) ع: على دراهما أو شعيرا. (¬4) ع + على. (¬5) ع: يد. (¬6) ع: قرض. (¬7) م ع: ما ذكرنا. (¬8) ع: السلم. (¬9) ورد في أول كتاب البيوع ذكر اسم الراوي أحمد بن حفص، وهنا ذكر أبا سليمان، فيظهر أن الروايتين مختلطتان وأن الكتاب ليس من رواية أحدهما تماماً. (¬10) مر بلاغًا للمؤلف. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 187. وانظر للروايات في ذلك: نصب الراية للزيلعي، 4/ 51.

فإذا كفل الكفيل لرب السلم برأس ماله قبل أن يترادا (¬1) فهذه الكفالة باطل (¬2) لا تجوز؛ لأنه كفيل بغير حقه. وإذا أسلم الرجل إلى رجل في بعض الأدهان (¬3) في البنفسج أو الخِيرِىّ (¬4)، أو غيره من السمن والعسل إذا اشترط من ذلك وزناً معلوماً وكيلاً معلوماً وضرباً معلوماً وأجلاً معلوماً (¬5) فلا بأس. وكل شيء وقع عليه (¬6) اسم الكيل الرطل فهو موزون (¬7). وإذا أسلم النصراني في خمر بكيل معلوم وأجل معلوم وضرب معلوم (¬8) فهو جائز فيما بينهما. فأيهما (¬9) أسلم قبل أن يقبض السلم فإن السلم فاسد لا يجوز، ويكون على المسلم إليه أن يرد رأس المال. ألا ترى أن المسلم إن كان هو الطالب فلا ينبغي له أن يأخذها، فإن كان المطلوب فلا ينبغي له أن يعطي الخمر (¬10). وإن كانا أسلما جميعاً فكذلك (¬11) أيضاً. وإن كان (¬12) قبض بعض الخمر قبل (¬13) أن يسلما ثم أسلما فما (¬14) قبض فهو له، وما بقي فيه رأس المال (¬15) بحصته (¬16). ¬

_ (¬1) ع: أن يتراد. (¬2) ط: باطلة. ولا حاجة إلى تغيير ما ورد في النسخ كما فعله المحقق شحاتة، لأن الباطل يوسف به المذكر والمؤنث. انظر: لسان العرب، "بطل". (¬3) ع: الأذهان. (¬4) الخِيرِي هو المنثور، وهو نوع من الخشخاش، وغلب على الأصفر منه لأنه الذي يخرج دهنه ويدخل في الأدوية. انظر: المصباح المنير، "خير"؛ والقاموس المحيط، "خشش". (¬5) م - وأجلا معلوما. (¬6) م - عليه. (¬7) ع: وزن. (¬8) ع - وضرب معلوم. (¬9) ع: وأيهما. (¬10) ف م + وإن كان هو الطالب فلا ينبغي له أن يأخذها؛ ع - فإن كان المطلوب فلا ينبغي له أن يعطي الخمر. (¬11) م: فلذلك. (¬12) م - كان. (¬13) ع: بعد. (¬14) ف م ع: فيما. (¬15) ع - المال. (¬16) وعبارة ب جار: ولو أسلما بعد قبض بعض الخمر فله ما قبض بحصته ويأخذ حصة الباقي من رأس المال.

وإذا أسلم نصراني ثوباً في خمر ثم أسلما فالسلم فاسد. فإن اختلفا في رأس المال فإن القول قول المسلم إليه (¬1). فإن قال المسلم إليه: هو زُطِّي، وقال الآخر: بل (¬2) هو هروي، فهو زُطّي كما قال المسلم إليه، وعلى المطلوب يمين بالله أنه زُطِّي كما قال. وإن كان الثوب قد هلك فاختلفوا في القيمة فالقول قول المسلم إليه مع يمينه، وإن (¬3) قامت لرب السلم بينة على ما يدعي أخذت ببينته (¬4). وإن باعه ثوباً بخمر إلى أجل وهما نصرانيان فهو (¬5) جائز. فإن أسلما أو أسلم أحدهما فالبيع فاسد، ويرد (¬6) عليه رأس ماله، وإن كان قد هلك فعليه قيمته. وإذا أسلم النصراني إلى النصراني في خنزير إلى أجل فإنه لا يجوز؛ لأنه حيوان. وإذا أسلم إليه في عصير في غير حينه فإنه لا يجوز. والنصراني والمسلم في جميع السلم سواء ما خلا الخمر، فإني أجيزها بين أهل الكفر (¬7)، ولا أجيزها (¬8) بين أهل الإسلام. وإذا أسلم الرجل إلى رجل (¬9) في طعام جيد من طعام العراق والشام فهو جائز؛ لأنهما لا ينقطعان من أيدي الناس. ولو أسلم إليه في طعام أرض أو قرية خاصة أو قَرَاح (¬10) كان السلم فاسداً (¬11)؛ لأنه ينقطع من أيدي الناس. ¬

_ (¬1) ع + مع يمينه. (¬2) ع - بل. (¬3) م: فإن. (¬4) ع: ببينة. (¬5) م ع - فهو. (¬6) م: فيرد. (¬7) ف م ع: أهل الكفار. (¬8) ع: ولا جيزها. (¬9) ع: إلى الرجل. (¬10) م: اقراح القَرَاح بالفتح المزرعة التي ليس عليها بناء ولا فيها شجر. انظر: مختار الصحاح، "قرح". (¬11) ع: فاسد.

وكذلك إذا أسلم إليه في تمر نخل (¬1) معلوم فالسلم فاسد؛ لأنه ينقطع (¬2) من أيدي الناس. ولا بأس بالسلم (¬3) في الصوف [ضَرْبًا] (¬4) معلوماً (¬5) ووزناً معلوماً (¬6) إلى أجل معلوم إذا اشترط منه ضرباً معلوماً، وإن اشترط كذا وكذا جَزَّة (¬7) بغير وزن فلا خير في السلم في ذلك. وإذا أسلمت في صوف غنم لرجل بعينها فلا خير فيه. وكذلك إذا أسلمت في ألبانها أو في (¬8) سمن من أسمانها؛ لأن هذا لا يبقى في أيدي الناس (¬9). وكذلك الزبيب، وما أشبه ذلك. وكذلك إذا أسلمت في سمن حديث (¬10) أو حديث (¬11) زيت في غير حينه فلا خير فيه. ولا خير في السلم في المُسُوح (¬12) ولا في الجَوَالِق (¬13) إلا أن يشترط من ذلك ضرباً معلوماً وطولاً معلوماً وأجلاً معلوماً. ¬

_ (¬1) ع: بخل. (¬2) ع: منقطع. (¬3) ف - بالسلم، صح هـ. (¬4) ط: [صنفا]. وزدنا "ضربا" لموافقتها لما في نسختي ب جار: ولا بأس بالسلم في الصوف إذا أعلم الضرب والوزن والأجل. (¬5) ع - معلوما. (¬6) م: ووزن معلوم؛ ع: وزن معلوم. (¬7) جَزّ الصوف وجَزّ النخل إذا صَرَمَه. انظر: المغرب، "جزز". (¬8) ع: افي. (¬9) ف ع + وكذلك إن أسلم في سمن الأرض لا يبقى منها في أيدي الناس. (¬10) ع: حدين. (¬11) ع: أو حديب. (¬12) تقدم تفسيره. (¬13) قال المطرزي: الجَوالِق بالفتح جمع جُوالَق بالضم، والجواليق بزيادة الياء تسامح. انظر: المغرب، "جلق". وقال الفيروزآبادي: الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق) وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق".

ولا خير في السلم في الحنطة الحديثة (¬1) [مِن] (¬2) قِبَل أنك لا تدري أن يكون ذلك في تلك السنة أم لا، فهي منقطعة من أيدي الناس يوم أسلمت فيها. وكذلك الأشياء كلها. وإذا أسلم الرجل في حنطية [مِن حنطةِ] (¬3) هراة (¬4) خاصة وهي تنقطع من أيدي الناس فلا خير فيه. وإذا أسلمت في ثوب هروي فلا بأس به؛ لأن الثوب الهروي من الثياب بمنزلة الحنطة من الحبوب (¬5). ألا ترى أنك لو أسلمت في حنطة (¬6) جيدة علمت ما أسلمت فيه، ولو أسلمت في ثوب جيد ولم تنسبه (¬7) إلى أرض لم يعلم ما أسلمت فيه. والثوب الهروي لا يصنع (¬8) بغير تلك البلاد، وهو اسمه لا يستطيع أن يسميه (¬9) بغيره. ولا بأس بالسلم في البَوَارِي (¬10) طولاً معلوماً وعرضًا معلوماً وصنفًا معلوماً وأجلاً معلوماً. وكذلك الحصير. ¬

_ (¬1) ع: الحدبية. (¬2) من ط. وعبارة ب: لأنه لا يدرى. وهو بنفس المعنى. (¬3) من الكافي، 1/ 165 ظ؛ والمبسوط، 12/ 175. (¬4) ف م: قراه؛ ع: فراه. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. وقد قال السرخسي: وإذا أسلم في حنطة من حنطة هراة خاصة وهي تنقطع من أيدي الناس فلا خير فيه كما لو أسلم في طعام قول بعينه. قيل: لم يرد بهذا هراة خراسان، وإنما مراده قرية من العراق تسمى هراة، وتلك القرية يتوهم أن يصيبها آفة. فأما هراة خراسان لا يتوهم انقطاع طعامها. فهو والسلم في طعام العراق سواء. انظر: المبسوط، 12/ 175. قلت: والمهم في المسألة هو الانقطاع وعدمه. فسواء كان المقصود هو هراة خراسان أو غيرها فلا يختلف الأمر. على أن الزيادة التي زدناها من الكافي والمبسوط تحل الإشكال، لأنه يتكلم عن نوع من حنطة هراة خاصة. وتبين بذلك أن كلام المحقق شحاتة ليس في محله. انظر: الأصل (شحاتة)، 5/ 50. (¬5) ع: من الجرب. (¬6) ع: في حنظة. (¬7) ع: يسمنه. (¬8) ع: لا يضع. (¬9) ع: أن يسمنه. (¬10) البواري جمع باري وهو الحصير المتخذ من القصب، ويقال له البورياء بالفارسية. انظر: المبسوط، 12/ 175؛ والمغرب، "بري".

ولا خير في السلم في الطَّلْع (¬1). ولا بأس بالسلم في نُصُول السيوف إذا كان النَّصْل معلوماً (¬2) طوله وعرضه وصفته. وإذا كان السلم بين الرجلين (¬3) فاقتسماه وهو دين فلا يجوز ولا خير فيه. وكذلك كل دين لا تجوز (¬4) قسمته (¬5) حتى يقبض. وإذا اشترط رب السلم أن يوفيه إياه في مكان كذا وكذا، وقال الذي عليه السلم: خذه في غير ذلك المكان (¬6)، وخذ مني الكراء إلى ذلك المكان، فأخذه منه، كان أخذه جائزا، ولا يجوز له الكراء، يرد الكراء إلى الذي كان عليه السلم، والذي أخذ المسلم بالخيار، إن شاء تَمَّ (¬7) أَخْذُه المسلم (¬8) ولم يكن له غير ذلك، وإن شاء رده بما اشترط من الأجر حتى يوفيه إياه بالمكان الذي اشترط له في أصل السلم. فإن كان الذي قبض قد هلك في يديه (¬9) فلا شيء له. ولا خير في أن يسلم العروض في تراب المعادن (¬10)؛ لأنه مجهول لا يعرف. ولا بأس بأن يسلم الحنطة وكل ما يباع من الحبوب في السمن ¬

_ (¬1) الطلع ما يطلع من النخل وهو الكِمّ قبل أن ينشق، ويقال لما يبدو من الكِمّ طَلْع أيضاً، وهو شيء أبيض. انظر: المغرب، "طلع". وقال الفيومي: الطَّلْع بالفتح ما يطلع من النخلة ثم يصير ثمراً إن كانت أنثى، وإن كانت النخلة ذكراً لم يصر ثمراً بل يؤكل طرياً، ويترك على النخلة أياماً معلومة حتى يصير فيه شيء أبيض مثل الدقيق، وله رائحة ذكية، فيلقح به الأنثى. انظر: المصباح المنير، "طلع". (¬2) م ع: معلوم. (¬3) م ع: بين رجلين. (¬4) ع: لا يجوز. (¬5) م - قسمته. (¬6) ع - المكان. (¬7) ع: تمن؛ ع + على. (¬8) ع: السلم. (¬9) ع: في يده. (¬10) قال السرخسي: لأن عين التراب غير مقصود، بل ما فيه من الذهب والفضة. انظر: المبسوط، 12/ 176.

والزيت والعسل وما أشبه ذلك مما يوزن (¬1) ويكال بالرطل. والكيل بالرطل عندنا هو الوزن. ولا بأس بأن يسلم ما يكال فيما يوزن، وما يوزن فيما يكال. ولا يسلم ما يكال فيما يكال، ولا ما يوزن فيما يوزن وإن اختلف النوعان. وتفسير ذلك أنك لا تسلم الحنطة في الشعير، ولا الشعير في السمسم، ولا تسلم (¬2) بشيء من الحبوب في غيره مما يكال؛ فإنه لا خير في ذلك؛ لأنه كيل. فكذلك الوزن إذا أسلمت بعضه في بعض. ولا بأس بأن تشتري (¬3) ذلك يداً (¬4) بيد واحداً (¬5) بواحد واثنين بواحد. وإن كان نوعاً واحداً فلا خير فيه إلا مثلاً (¬6) بمثل، ولا خير في واحد باثنين (¬7). وإن كان نوعاً واحداً مما يوزن سمن أو عسل فلا بأس بذلك واحداً بواحد لا فضل (¬8) فيه، ولا يجوز نسيئة. ولا بأس بالبنفسج بالخِيرِي (¬9) رطلين برطل يداً (¬10) بيد. وكذلك (¬11) البنفسج بالزَّنْبَق (¬12) والورد؛ لأن هذين (¬13) مختلفان. فلا بأس به اثنين بواحد يداً (¬14) بيد، ولا خير فيه نسيئة. وكذلك ألبان البقر بألبان الغنم. وكذلك ألبان الإبل. وكذلك (¬15) لحم (¬16) البقر بلحم الغنم اثنين (¬17) بواحد، ولا خير فيه نسيئة. ألا ترى أنه مختلف وأن هذا غير هذا. ¬

_ (¬1) ف - يوزن، صح هـ. (¬2) ع: يسلم. (¬3) ع: يشتري. (¬4) ع: يد. (¬5) ع: واحد. (¬6) م: إلا مثل. (¬7) ع - وإن كان نوعا واحدا فلا خير فيه إلا مثلا بمثل ولا خير في واحد باثنين. (¬8) م: ولا فضل. (¬9) تقدم تفسيره قريباً (¬10) ع: يد. (¬11) ف: ولذلك. (¬12) ع: بالزيبق. الزَّنْبَق دهن الياسمين. انظر: المغرب، "زنبق". (¬13) ع: هذان. (¬14) ع: يد. (¬15) ع - وكذلك. (¬16) ع: لحم. (¬17) ع: اثنان.

ولا خير في الحنطة بالدقيق؛ لأنه من شيء واحد، ولا يعلم أيهما أكثر. وكذلك السويق (¬1) بالدقيق، فلا خير فيه. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: السويق بالدقيق لا بأس به يداً (¬2) بيد. وإن كان أحدهما أكثر من صاحبه فلا بأس به مِن قِبَل أنه قد اختلف، ولا يعود واحد منهما أن يكون مثل صاحبه. ولا خير في الزيت بالزيتون؛ لأنه لا يدري لعل ما في الزيتون أكثر مما أخذ من الزيت. فإن كان ما في الزيتون من الزيت يعلم ذلك فلا بأس به، ويكون الفضل الذي في الزيت بما بقي من ثُفْل (¬3) الزيتون. وكذلك الشَّيْرَج (¬4) بالسمسم. وكذلك العصير بالعنب (¬5). وكذلك اللبن بالسمن. وكذلك الرُّطَب بالدِّبْس (¬6). ولا خير في شيء من هذا حتى تعلم أنت ما في السمسم من الدهن، وما في العنب من العصير، وما في اللبن من السمن، وما في الرطب من الدبس، أقل مما تعطي (¬7) حتى يكون ما يفضل من اللبن بعدما يخرج من (¬8) السمن منه وثُفْل (¬9) السمسم وثُفْل (¬10) ¬

_ (¬1) السويق يصنع من الحنطة والشعير، وهو معروف عند القدماء فلذلك لم يعرّفوا به. انظر: المغرب، "سوق"؛ والمصباح المنير، "سوق"؛ ولسان العرب، "سوق". وذكر السرخسي أن السويق الحنطة المطحونة المقلية، وأنه يلت بالسمن والعسل فيؤكل أو يضرب بالماء فيشرب. انظر: المبسوط، 12/ 178. (¬2) ع: يد. (¬3) الثُّفْل بالضم والثافل ما استقر تحت الشيء من كُدْرَة. انظر: المغرب، "ثفل". (¬4) ف: السمسم؛ ع: دهن السمسم. والشَّيْرَج معرب من شيره وهو دهن السمسم، وربما قيل للدهن الأبيض وللعصير قبل أن يتغير شَيْرَج تشبيها به لصفائه، وهو بفتح الشين مثال زَيْنَب، وهذا الباب باتفاق ملحق بباب فَعْلَل نحو جَعْفَر، ولا يجوز كسر الشين لأنه يصير من باب دِرْهَم، وهو قليل، ومع قلته فأمثلته محصورة، وليس هذا منها. انظر: المصباح المنير، "شرج". (¬5) م: والعصير بالعنب. (¬6) الدبس عصارة الرطب. انظر: المصباح المنير، "دبس". (¬7) ع: يعطى. (¬8) ع - من. (¬9) ع: وثقل. (¬10) ع: وثقل.

العنب وثُفْل (¬1) الرطب بعدما يخرج من الدبس بالفضل الذي كان فيما أعطاه الآخر (¬2). ولا خير في شيء من هذا نسيئة. ولا بأس بخل الخمر (¬3) [بخل] (¬4) السَّكَر (¬5)، اثنين (¬6) بواحد يداً (¬7) بيد، ولا خير فيه نسيئة. وإذا اشترى الرجل شاة حية بصوف وعلى ظهرها من الصوف أكثر مما يعطي كان هذا فاسداً (¬8) لا يجوز، حتى يكون ما على ظهرها من الصوف أقل منه. فإذا (¬9) اشتراها بلحم أقل من لحمها فهو في القياس ينبغي أن يكون فاسداً، ولكنا ندع القياس ونجيزه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: إن هذا فاسد، الشاة باللحم إلا أن يكون اللحم أكثر من لحم الشاة، فيكون الفضل بالصوف والجلد والسقط، للأثر الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع اللحم بالحيوان (¬10). والأول قول أبي حنيفة. وكذلك لو اشتراها بلبن وفي ضرعها من اللبن فيما يرى أكثر منه كان هذا فاسداً. ولا بأس بأن يشتري الحديد بالنحاس اثنين بواحد، والنحاس بالرصاص اثنين بواحد يداً (¬11) بيد؛ لأنهما مختلفان. ولا خير في شيء من ¬

_ (¬1) ع: وثقل. (¬2) ع: الآ. (¬3) ع: الخل. (¬4) من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 180. (¬5) ف: المسكر. والسَّكَر بفتحتين عصير الرُّطَب إذا اشتدّ. انظر: المغرب، "سكر". وخل الخمر يكون من العنب. وانظر: المبسوط، 12/ 180. (¬6) ع: اثنان. (¬7) م ع: يد. (¬8) ع: فاسد. (¬9) ع: وإذا. (¬10) المراسيل لأبي داود، 167؛ وسنن الدارقطني، 3/ 70 - 71. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 39؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 10. (¬11) م ع: يد.

ذلك نسيئة؛ لأنه (¬1) وزن كله. وإذا أسلم الرجل حنطة في شعير وزيت إلى أجل معلوم فلا يجوز ذلك في الشعير، ويجوز في الزيت في قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن. ويبطل ذلك كله في قول أبي حنيفة، مِن قِبَل أنه أسلم كيلاً في كيل. وإذا أسلم الرجل دراهم (¬2) في فضة وذهب كان ذلك فاسداً. وإذا أسلم الرجل شيئاً من الحديد والصُّفْر (¬3) والنحاس والرصاص (¬4) في شيء مما (¬5) يوزن من الأدهان من الزيت والسمن والعسل وأشباه ذلك أو شيء مما يوزن فلا خير فيه؛ لأنه وزن كله. وإذا أسلم الفلوس في شيء من ذلك فلا بأس به؛ لأن الفلوس قد خرجت من الوزن إلا الصُّفْر وحده، فإني لا أجيز أن يسلم الرجل فيه الفلوس. وكذلك لو باع سيفاً بشيء مما يوزن إلى أجل أو أسلم السيف في شيء مما يوزن إلى أجل كان ذلك جائزاً؛ لأن السيف قد خرج من الوزن؛ إلا الحديد فإنه نوع واحد. وكذلك كل متاع أو إناء مصوغ من حديد أو نحاس قد خرج من الوزن. ولا بأس بأن يسلم فيما يوزن من السمن والزيت والعسل وأشباه ذلك من الأدهان، ولا بأس بأن يبيعه نسيئه بشيء (¬6) من ذلك. ولا بأس بأن يبيع إناء مصوغاً من ذلك (¬7) بإناء مصوغ يداً (¬8) بيد فيه أكثر مما فيه من الوزن إذا كان ذلك الإناء لا يباع وزناً (¬9). ¬

_ (¬1) ف م: ولأنه. والتصحيح من ب ط. (¬2) م ع: دراهما. (¬3) قال ابن منظور: الصُّفْر النحاس الجيد، وقيل: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صَفِرَ منه، الجوهري: والصُّفْر بالضم الذي تُعمَل منه الأواني. انظر: لسان العرب، "صفر". (¬4) ع: أو الرصاص. (¬5) ع: ما. (¬6) ف: لشيء. (¬7) ف م ع: في ذلك. والتصحيح من ط. (¬8) ع: يد. (¬9) وعبارة الحاكم: ولا بأس بأن يبيع إناءً مصوغًا بإناء مصوغ من نوعه يداً بيد وإن كان أكثر منه في الوزن إذا كان ذلك الإناء لا يباع وزنا. انظر: الكافي، الموضع السابق. وهي كذلك في المبسوط، 12/ 182 - 183.

وكذلك الفلوس، فلا بأس (¬1) بأن يُستبدل فلس (¬2) بفلسين أو أكثر يداً (¬3) بيد، ولا خير فيه نسيئة. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز ذلك يداً بيد (¬4) ولا نسيئة؛ لأن الفلوس ثمن: إن ضاع منها شيء قبل القبض وجب على صاحبه مكانه؛ لأنه من نوعه. وقال أبو يوسف: إن ضاع الفلس قبل أن يدفعه فقبض الفلسين لم يجز أن يدفع أحدهما قضاء منه، وكذلك الفلوس لا بأس بأن يشتري فلساً بفلسين أو أكثر يداً (¬5) بيد، ولا خير فيه نسيئة (¬6). وكذلك الخَزّ (¬7) لا بأس بأن يستبدل شُقَّة (¬8) من خز بشُقّة هى أكبر منها أو أكثر وزناً. وكذلك الطيالسة والمُسُوح والأكسية والبُتُوت (¬9) وأصناف الثياب كلها؛ لأن هذا قد خرج (¬10) من الوزن. فلا بأس بأن (¬11) يستبدل هذا بشيء هو أكثر وزناً منها؛ لأن هذا لا يوزن. ¬

_ (¬1) ف ع: لا بأس. (¬2) ع: فليس. (¬3) ع: يد. (¬4) ع - ولا خير فيه نسيئة وهذا قول أبي يوسف وقال محمد لا يجوز ذلك يدا بيد. (¬5) ع: يد. (¬6) وذكر في كتاب الصرف أن بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما جائز، ولم يذكر في ذلك خلافاً. انظر: 1/ 289 ظ، 290 ظ. وذكر الحاكم في كتاب الصرف أن الإمامين أبا حنيفة وأبا يوسف يقولان بالجواز، وأن الإمام محمداً يقول بعدم الجواز. انظر: الكافي، 1/ 179 و. ولم يذكر الحاكم هذه المسألة في كتاب البيوع. وذكر السرخسي في الموضعين الجواز عن الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف، وعدم الجواز عن الإمام محمد. انظر: المبسوط، 12/ 183، 14/ 25 - 26. (¬7) الخزّ المعروف أوّلاً كان ثياباً تنسج من صوف وإبريسم، ثم صار ينسج كله من الإبريسم. انظر: النهاية لابن الأثير، "خزز"؛ ولسان العرب، "خزز". والإبريسم هو الحرير. انظر: المصباح المنير، "حرر". (¬8) الشقة بالضم القطعة من الثوب انظر: المغرب، "شقق". (¬9) البَتّ كساء غليظ من وبر أو صوف، وقيل: طيلسان من خز، وجمعه بُتُوت، والبَتّات بائعه. انظر: المغرب،"بتت". (¬10) م: قد أخرج. (¬11) ع: بأس.

وكذلك الصوف بالإبريسم لا بأس به. ولا خير في أن يبيع شيئاً من الدهن بالزيت (¬1)؛ لأنه وزن بوزن (¬2). ولا خير في أن يسلم أحدهما في صاحبه؛ لأن هذا وزن كله. ولا بأس بأن يسلم هذا فيما يكال أو أن يسلم ما يكال في هذا إذا اشترطت ذلك على ما وصفت لك. وقال أبو حنيفة: لا بأس بالتمر بالرطب (¬3) مثلاً (¬4) بمثل وإن كان الرطب ينقص إذا جف. وكذلك الحنطة الرطبة (¬5) بالحنطة اليابسة (¬6)، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا خير في الرطب بالتمر مثلاً (¬7) بمثل يداً (¬8) بيد؛ لأن الرطب ينقص إذا جف. قال: بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك (¬9). وكذلك الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة في قول محمد، وأجاز ذلك أبو يوسف كما قال أبو حنيفة (¬10). ولا خير في الحنطة بالحنطة التي قد قليت وطحنت، والحنطة بالسويق لا خير فيه مثلاً (¬11) بمثل ولا اثنين بواحد. ولو كان مع ذلك ذهب أو فضة ¬

_ (¬1) م ع: والزيت. (¬2) ف - ولا خير في أن يبيع شيئاً من الدهن بالزيت لأنه وزن بوزن. (¬3) ف: بالثمر الرطب. (¬4) ع: مثل. (¬5) ع: اليابسة. (¬6) ع: الرطبة. (¬7) ع: مثل. (¬8) ع: يد. (¬9) رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 193 - 195. وانظر: الموطأ، البيوع، 22، وسنن ابن ماجة، التجارات، 53؛ وسنن أبي داود، البيوع، 18؛ وسنن الترمذي، البيوع، 14؛ وسنن النسائي، البيوع، 36. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 40؛ والدراية لابن حجر، 2/ 157. (¬10) قال الحاكم: وفي رواية أبي حفص قال: وأجاز ذلك أبو يوسف كما قال أبو حنيفة، يعني في الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة. وقال السرخسي: وذكر في نسخ أبي حفص قول أبي يوسف كقول أبي حنيفة -رحمهما الله تعالى-، وهو قوله الآخِر، فأما قوله الأول كقول محمد. انظر: المبسوط، 12/ 186. (¬11) ع: مثل.

فلا (¬1) خير فيه. بلغنا نحو من ذلك عن الشعبي (¬2)، إلا في الخصلة الواحدة: إلا أن يكون السويق بالحنطة مثلاً (¬3) بمثل والحنطة أكثر ومع السويق دراهم أو ذهب، فتكون الدراهم والذهب بفضل الحنطة. وإذا كان نوعاً واحداً مما لا (¬4) يكال أو يوزن فلا بأس به اثنان بواحد أو أكثر من ذلك أو أقل يداً (¬5) بيد، ولا خير فيه نسيئة. وإن صرف إلى ذلك شيئاً من غير ذلك الصنف فأسلم قُوهِية في قُوهِية وهَرَوِية نسيئة فلا خير فيه كله (¬6) في قياس قول أبي حنيفة، ولا خير فيه في قول أبي يوسف ومحمد في القُوهِية خاصة. وهو جائز في الهَرَوِية، إن كانت القُوهية معجلة والهروية نسيئة فلا بأس به. وكذلك لو أسلم ثوباً قُوهِياً في ثوب هَرَوِي فعجل فضل دراهم، أو تعجل شيئاً من المتاع سوى (¬7) ما أسلم، أو سوى ما أعطى هو إن تعجله (¬8) أيضاً من صاحبه (¬9)، فهذا جائز لا بأس به. وكذلك لو أعطاه ثوباً في حنطة وشعير (¬10) فجعل (¬11) نصفه عاجلاً ونصفه إلى أجل فذلك جائز. ولو أعطاه ثوباً قُوهِياً في ثوب قُوهِي نسيئة فهو مردود، سلماً كان أو بيعاً، مقايضةً أو قرضاً (¬12)، فلا خير في شيء من ذلك، لأنه نوع واحد، فلا خير فيه. وإن زاد فيه درهماً مع الثوب الذي عجل أو زاد الآخر مع ¬

_ (¬1) ع: فا. (¬2) عن الشعبي أنه سئل عن السويق بالحنطة، فقال: إن لم يكن رباً فهو ريبة. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 291؛ والمحلى لابن حزم، 8/ 502. (¬3) م ع: مثل. (¬4) ع - لا. (¬5) ع: يد. (¬6) ع: كل. (¬7) ع: سواء. (¬8) ع: إن يعجله. (¬9) ف م ع - فلا. ولا معنى لها هنا. (¬10) ع: أو شعير. (¬11) ف م: فعجل. (¬12) ع: مقابضة أو قرض.

الثوب (¬1) الآخر درهماً عاجلاً (¬2) كان (¬3) أو آجلاً كان ذلك كله فاسداً (¬4) لا يجوز؛ لأنه نوع واحد، فلا يجوز أن يزيد فيه شيئاً. وكذلك لو كانت الزيادة دنانير أو ثوباً يهودياً (¬5) أو حنطةً أو شيئاً (¬6) مما يكال أو يوزن. وإذا كان الثوبان من نوعين مختلفين فأعطاه ثوباً يهودياً (¬7) في ثوب زُطِّي (¬8)، أو أعطاه ثوباً (¬9) هروياً (¬10) في ثوب يهودي (¬11) وزيادة درهم من عنده عاجلاً، أو زاده الآخر درهماً عاجلاً أو آجلاً، فذلك كله جائز، بعد أن يكون الأجل معلوماً والرقعة والطول والعرض (¬12)، مِن قِبَل أن النوعين قد اختلفا. وكذلك إذا أسلم طعاماً في شيء مما يوزن وزاد مع ذلك درهماً أو ديناراً أو ثوباً (¬13) عجله (¬14) فهو جائز. وإن جعل الشيء من ذلك مؤجلاً (¬15) فلا خير فيه. وإن كانت الزيادة من الذي عليه السلم أو كانت دراهم أو دنانير أو ثوباً أو شيئاً (¬16) مما يوزن فعجله، وسمى وزن الذي عجله، كان ذلك جائزاً. واذا جعل (¬17) ذلك كله إلى أجل فهو جائز إذا علم ذلك. ولو أسلم رجل طعاماً في شيء مما يوزن أو ثياب (¬18) معلومة من ¬

_ (¬1) ف م ع: من الثوب. والتصحيح من نسخة ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 188. (¬2) ف - عاجلا، صح هـ. (¬3) ع - كان. (¬4) ع: فاسد. (¬5) ع: أو ثوب يهودي. (¬6) ع: أو شيء. (¬7) ع: ثوب يهودي. (¬8) م: في ثوب نطي. (¬9) ع: ثوب. (¬10) م ف - هرويا؛ والزيادة من ع ب جار. (¬11) ف م ع: هروي. والتصحيح من - هامش نسختي ب جار. (¬12) ف م ع + في الأجل. (¬13) ف م ع: أو نوعا. والتصحيح من الكافي، 1/ 166 و؛ والمبسوط، 12/ 188. (¬14) ع: عجلة. (¬15) ع: وجلا. (¬16) ع: أو بشيء. (¬17) ف: عجل؛ ع: أو إذا عجل. (¬18) ع: أو تبابا.

أصناف معلومة مختلفة وفي أشياء معلومة من صنوف الوزن، واشترط (¬1) كل ضرب من ذلك على حاله معلوماً وزنه وذرعه وصفته، وجعل لها أجلاً واحداً أو آجالاً مختلفةً، وسمى لكل صنف من ذلك رأس مال من الطعام، فإن ذلك جائز. وإن كان لم يسم رأس مال (¬2) كل صنف فهو فاسد في قول أبي حنيفة. وإذا أسلم الرجل شيئاً مما يكال في شيء مما يوزن أو يذرع ذرعاً (¬3) على هذه الصفة فهو جائز. وإن أدخل في ذلك شيئاً من الكيل فأسلم فيه مع الوزن والذرع فسد السلم كله في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه (¬4) يفسد في نوع رأس المال، ويجوز فيما بقي؛ لأن رأس المال مما يكال. ولا بأس أن يشتري الرجل الشاة الحية بالشاة المذبوحة يداً (¬5) بيد، مِن قِبَل أن الشاة الحية لا توزن، ولا خير فيه نسيئة. ولو كانت شاتان مذبوحتان قد سُلِخَتا (¬6) اشتراهما رجل بشاة مذبوحة لم تسلخ كان ذلك جائزاً، يكون لحم الشاة الواحدة بلحم إحدى الشاتين، وجلدها بلحم الشاة الأخرى. ولو كانت الشاة ليست معها جلد كان ذلك فاسداً، إلا أن يكون مثلاً (¬7) بمثل؛ لأن اللحم هو وزن كله. ولا بأس بكُر حنطة وكر شعير بثلاثة أكرار - كر حنطة وكر شعير (¬8) - ¬

_ (¬1) م ع: واشترطته. (¬2) ع: ما. (¬3) ع: درهما. (¬4) ع - فإنه. (¬5) ع: يد. (¬6) ف م: قد سلختها؛ والتصحيح من ع. وفي ط: قد سلختهما. (¬7) ع: مثل. (¬8) كذا في ف م ع ط وقال المحقق شحاتة: وفي نص السرخسي: "ثلاثة أكرار حنطة وكر شعير" ولكن الفرض أن هناك ثلاثة أكرار حنطة وثلاثة أكرار شعير لا كراً واحداً من الشعير. انظر: الأصل (شحاتة)، 5/ 63؛ والمبسوط، 12/ 189. ولعل الصواب: "ثلاثة أكرار، كري حنطة وكر شعير". أي كران من الحنطة وكر واحد من الشعير.

يداً (¬1) بيد، فتكون (¬2) حنطة هذا بشعير هذا وشعير هذا بحنطة هذا (¬3). وكذلك كر حنطة وكر شعير بنصف كر حنطة ونصف كر شعير، فتكون الحنطة بالشعير والشعير (¬4) بالحنطة. ولا خير في شيء من هذا نسيئة. وإن اشترى الرجل قفيز حنطة بنصف قفيز حنطة هو أجود منه أو قفيز شعير بنصف قفيز شعير هو أجود منه فلا خير فيه. ولو أعطيت قفيزاً من حنطة وقفيزاً من شعير بقفيزين من تمر لم يكن بذلك بأس يدا (¬5) بيد. وكذلك لو كان مع التمر قفيز (¬6) من حنطة فلا بأس. ولا بأس بأن تشتري (¬7) الكُفَرَّى (¬8) بما شئت من التمر يداً (¬9) بيد؛ لأن الكُفَرَّى ليس بتمر ولا يكال. ولا خير فيه إذا كان الكُفَرَّى بنسيئة، مِن قِبَل أن هذا شيء مجهول لا يعرف، وفيه الصغير والكبير. ولا خير في التمر بالبُسْر (¬10) اثنين (¬11) بواحد وإن كان البسر لم يحمر ولم (¬12) يصفر، مِن قِبَل أن أصله واحد. وكذلك القَسْب (¬13) بالتمر لا خير فيه اثنين (¬14) بواحد يداً (¬15) بيد، ولا خير فيه نسيئة. وكذلك كل صنف من صنوف التمر والقَسْب والبُسْر، فهذا كله واحد، ولا خير في بعضه ببعض إلا يداً (¬16) بيد مثلاً (¬17) بمثل. ¬

_ (¬1) ع: يد. (¬2) ع: فيكون. (¬3) ع - هذا. (¬4) م - والشعير. (¬5) ع: بأسا يد. (¬6) ع: قفيزا. (¬7) ف - تشتري، صح هـ.، ع: يشتري. (¬8) الكافور والكُفَرَّى بضم الكاف وفتح الفاء وتشديد الراء كم النخل، من "كفر: أي ستر، لأنه يستر ما في جوفه. انظر: المغرب، "كفر". (¬9) ع: يد. (¬10) ثمر النخل إذا خرج شكله من الاستدارة إلى الطول وأخذ في التلون إلى الحمرة أو الصفرة فهو بُسْر. انظر: المصباح المنير، "بلح". (¬11) ع: اثنان. (¬12) ع: أو لم. (¬13) القَسْب تمر يابس يتفتت في الفم، صلب النواة. انظر: المغرب، "قسب". (¬14) ع: اثنان. (¬15) ع: يد. (¬16) ع: يد. (¬17) ع: مثل.

ولا خير في أن تباع (¬1) حنطة مجازفة بحنطة مجازفة، وكذلك كل شيء يكال أو يوزن. فكذلك التمر في رؤوس النخل لا خير فيه (¬2) أن تبتاعه [بالتمر] (¬3) كيلاً أو مجازفة. بلغنا نحو (¬4) ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5). وكذلك الزرع إذا كان قد أدرك وبلغ وهو حنطة (¬6) فلا خير في ذلك أن تبتاعه (¬7) بحنطة كيلاً أو مجازفة، لأنك لا تدري أي (¬8) ذلك أكثر. ولا بأس بأن تبتاعه (¬9) وهو قَصِيل (¬10) مِن قَبْل أن يكون حنطة بكيل (¬11) أو بغير كيل بعد أن يكون طعاماً بعينه. فإذا اشترطت (¬12) عليه أن يترك القَصيل في أرضه حتى يدرك فلا خير في البيع. ولا بأس أن تبتاع (¬13) زرع الحنطة بعدما أدرك بدراهم، أو بشيء مما يكال غير الحنطة، أو بشيء مما يوزن مجازفة أو غير مجازفة، مِن قِبَل أنهما نوعان مختلفان. وإذا كان الشيء مما يكال أو يوزن بين رجلين فاقتسما مجازفة: أخذ ¬

_ (¬1) ع: بأن يباع. (¬2) ع " إلا. (¬3) الزيادة من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 192. (¬4) ع + من. (¬5) وهو ما يسمى ببيع المزابنة. وقد رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 223 - 224. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 189؛ وصحيح البخاري، البيوع، 82؛ وصحيح مسلم، البيوع، 59 - 76. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 12؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 28. (¬6) ع: حنطل. (¬7) ع: إلا أن يبتاعه. (¬8) ف م + شيء. (¬9) ع: يبتاعه. (¬10) القَصْل قطع الشيء، ومنه القَصِيل، وهو الشعير يُجَرّ أخضر لعلف الدواب، والفقهاء يسمون الزرع قبل إدراكه قصيلاً، وهو مجاز. انظر: المغرب، "قصل". (¬11) ع: كيل. (¬12) ف م: فإذا اشترط؛ ع: وإذا اشترط. (¬13) ع: أن يبتاع.

أحدهما أحد النوعين وأخذ (¬1) الآخر [النوع الآخر] (¬2)، أو أخذ كل واحد منهما نصف نوع واصطلحا على ذلك مجازفة بغير كيل، كان ذلك جائزاً؛ لأن كل نوع منهما يصير بنوع الآخر. ولا خير في شرى ألبان الغنم في ضروعها كيلاً ولا مجازفةً بدراهم ولا غير ذلك، وكذلك أولادها في بطونها. وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه نهى عن شرى حَبَل الحَبَلَة (¬3)، ونهى عن بيع الغرر (¬4). وهذا عندنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[نهيٌ] عن شرى اللبن في الضروع وشرى حَبَل الحَبَلَة (¬5). وكذلك شرى أصوافها على ظهورها؛ لأن هذا غرر لا يعرف. وكذلك كل شيء اشتريت من الثمار مما يكال وهو في الشجر بصنف (¬6) غيره فلا بأس به يداً (¬7) بيد إذا كان قد أدرك. فإن اشترطت عليه أن يتركه في الشجر حتى يدرك فلا خير فيه. وإن (¬8) كان لم يدرك فهو سواء. وإن لم تشترط (¬9) عليه تركه فهو جائز. فإذا (¬10) اشتريت لتقطعه (¬11) ¬

_ (¬1) ف م: فأخد. (¬2) الزيادة من ط؛ والمبسوط، 12/ 194. (¬3) ع: الحبلى. الحَبَل مصدر حَبِلَت المرأة حَبَلا، فهي حُبْلى، وهن حَبَالَى، فسمي به المحمول كما سمي بالحَمْل، وإنما أدخلت عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة فيه، لأن معناه أن يبيع ما سوف يحمله الجنين إن كان أنثى. انظر: المغرب، "حبل". (¬4) روى الإمام محمد الحديثين السابقين عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 218 - 223. وانظر: مسند أحمد، 2/ 144، 155؛ وصحيح البخاري، البيوع، 61؛ وصحيح مسلم، البيوع، 4، 5؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 10 الغَرَر هو الخَطَر الذي لا يُدْرَى أيكون أم لا، كبيع السمك في الماء والطير في الهواء. وعن علي - رضي الله عنه -: هو عمل ما لا يؤمن عليه الغرور. وعن الأصمعي: بيع الغرر أن يكون على غير عهدة ولا ثقة. قال الأزهري: ويدخل فيه البيوع المجهولة التي لا يحيط بها المتبايعان. انظر: المغرب، "غرر". (¬5) ف: الحبل؛ ع: الحبلى. وانظر: مسند أحمد، 1/ 302، 423؛ وسنن ابن ماجة، التجارات، 24؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 11. وانظر لحبل الحبلة الحاشية السابقة آنفا. (¬6) ع: نصف. (¬7) ع: يد. (¬8) ف: وإذا. (¬9) ع: يشترط. (¬10) ع: وإذا. (¬11) ع: ليقطعه.

مكانك فلا بأس به. وإن أذن لك بعد الشراء أن تتركه (¬1) فتركته حتى يبلغ فهو جائز. وإذا اشترى الرجل طعاماً بطعام مثله، فتعجّله (¬2) كله، وترك الذي اشترى ولم يقبضه، فهو جائز؛ لأنه حاضر، وليس له أجل. وإن قبضه بعد ذلك بيوم أو أكثر فلا بأس به. وليس هذا كالصرف ولا كالسلم. وكذلك لو أن رجلاً اشترى عبداً بعبدين أو شاة بشاتين يداً (¬3) بيد فقبض أحدهما (¬4) ولم يقبض الآخر إلا بعد ذلك بيوم أو يومين فهو جائز. ألا ترى أن الرجل يشتري الجارية أو الشاة أو الطعام أو الشيء من العروض وينقد الدراهم، ولا يقبض ذلك يوماً أو يومين، فيكون ذلك جائزاً، فلا بأس به، وليس هذا بنسيئة. ولو جعل فيه أجل يوم أو أكثر من ذلك كان هذا فاسداً مِن قِبَل أنه اشترى شيئاً بعينه، فلا يجوز فيه الأجل. وإذا اشترى الرجل طعاماً بطعام أو بغيره مما يكال أو يوزن، واشترط عليه أن يوفيه إياه في منزله، وهما في المصر الذي فيه المنزل فذلك جائز، ما خلا الطعام، فإنه قد أخذ طعاماً بطعام وفضل، فلا خير فيه. وإذا اشترى طعاماً بدراهم أو بعروض بعينها، على أن يحملها (¬5) إلى منزله، فلا خير فيه. وكذلك لو اشترط عليه أن يوفيه إياه في منزله كان فاسداً. غير أني أستحسن في هذا خصلة واحدة: إذا كان في مصر واحدة، واشترط عليه أن يوفيه إياه في منزله، فلا بأس به. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: هذا كله فاسد. وإذا اشترى الرجل شعراً (¬6) بصوف متفاضلاً (¬7) فلا بأس به يداً بيد، ¬

_ (¬1) ع: البسرا أن يتركه. (¬2) ع: فيعجله. (¬3) ع: يد. (¬4) ع + فقبض أحدهما. (¬5) ف م ع: أن يجعلها. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬6) ف م ع: شعيرا. والتصحيح من ب ط؛ والكافي، الموضع السابق. (¬7) ف م ع: بصوف مثل بمثل. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 200.

ولا يجوز (¬1) نسيئة. ولا بأس بالقطن والكتان والحديد والنحاس وما أشبه ذلك أن يشتريه واحداً (¬2) باثنين بعضه ببعض إذا اختلف النوعان يداً (¬3) بيد، ولا خير فيه نسيئة. ولا خير في أن يسلم في شيء من هذا في شيء مما يكال بالأرطال؛ لأنه وزن كله. وإذا أسلم الرجل ثوباً أو جارية أو شيئاً من العروض أو الحيوان في نوعين من الكيل والوزن مختلفين فلا بأس بذلك. وإن لم يبين رأس مال كل واحد منهما مِن قِبَل أن رأس ماله لا ينقص، وليس هذا كالطعام - في قول أبي حنيفة - الذي ينقص ويوزن ويكال. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في حنطة وسط (¬4)، فأعطاه الآخر طعاماً جيدأ، أو أسلم في تمر دَقْل فأعطاه الآخر (¬5) فارسياً فلا بأس بذلك. وكذلك لو أعطاه دون شرطه فأخذه كان ذلك جائزاً. وقال أبو حنيفة: إذا اشترى الرجل عبدين وقبضهما فمات أحدهما في يديه ثم اختلفا في الثمن فإن القول في ذلك قول المشتري، إلا أن يشاء البائع أن يأخذ الحي، ولا يأخذ من ثمن الميت شيئاً. وفيها قول آخر قول أبي يوسف: إن القول قول المشتري في حصة الميت، ويتحالفان ويترادان في الحي (¬6) منهما. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: يتحالفان ويترادان في الحي وفي (¬7) حصة الهالك، والقول في قيمة الهالك قول المشتري مع يمينه. ¬

_ (¬1) ف: ولا يجز فيه؛ ع: ولا خير فيه. (¬2) ع: واحد. (¬3) ع: يد. (¬4) ع: وسطا. (¬5) ف م - طعاما جيدا أو أسلم في تمر دقل فأعطاه الآخر؛ والزيادة من ع ط. وعبارة ب جار: ولو دفع المسلم إليه حنطة جيدة عن الوسط المسلم فيه منها أو تمرا فارسيا عن الدقل جاز أخذه. (¬6) ف م ع + لك. والتصحيح من ب جار ط، والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 201. (¬7) الواو من ع ب جار ط؛ والكافي، الموضع السابق، والمبسوط، 12/ 201.

باب الوكالة في السلم

باب الوكالة في السلم فإذا وكل الرجل رجلاً أن يسلم له عشرة دراهم في كر حنطة، فأسلمها له إلى رجل، واشترط ضرباً من الحنطة معلوماً وأجلاً معلوماً (¬1) في كيل مسمى والمكان الذي يوفيه فيه فهو جائز. وللوكيل أن يقبض الطعام إذا حل الأجل. وإن كان (¬2) الوكيل نقد الدراهم من عنده، ولم يدفع الذي وكل شيئاً، فهو جائز، والطعام للذي وكله، والدراهم للوكيل دين على الموكل. فإذا قبض الوكيل الطعام فله أن يحبسه عنده حتى يستوفي الدراهم من الموكل. وهذا بمنزلة الرجل أمر رجلاً أن يشتري له خادماً بعينها، فاشتراها ولم يدفع إليه الثمن، ونقد الوكيل الثمن من عنده، وقبض الخادم، فللوكيل أن يحبسها حتى يستوفي المال من الموكل. فإن هلكت الجارية عند الوكيل بعدما حبسها، وأبى أن يدفعها إلى الموكل (¬3) حتى طلبها، فهي من مال الوكيل، والثمن دين على الموكل. فكذلك السلم في الطعام. وإذا وكل رجل رجلاً بأن (¬4) يسلم له في حنطة ودفع إليه دراهم، فأسلمها وأخذ بها رهناً، فهو جائز. وكذلك لو أخذ بها كفيلاً فهو جائز على الموكل. وإن حل الأجل فأخر الوكيل السلم فهو جائز عليه خاصة، وهو ضامن للطعام للموكل. وكذلك لو أبرأ الذي عليه الطعام أو وهبه له كان جائزاً عليه، وكان الوكيل ضامناً للطعام للموكل. ولو لم يفعل الوكيل شيئاً من ذلك ولكن احتال به (¬5) على رجل وأبرأ الأول فهو جائز عليه خاصة. وإن ¬

_ (¬1) ع - وأجلا معلوما. (¬2) ع - كان. (¬3) ع: للموكل. (¬4) ف: في أن. (¬5) ع + عليه.

كان المحتال عليه مليئاً (¬1) أو غير مليء فالوكيل ضامن للطعام (¬2) للموكل؛ لأنه أبرأه من طعامه بغير قبض. فإن اقتضى الوكيل طعاماً دون شرطه وكان شرطه جيداً فاقتضى منه وسطاً أو رديئاً فهو جائز عليه، وللموكل أن يضمنه طعاماً مثل طعامه. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يجوز شيء من هذا إلا في الكفيل والرهن. وإذا وكل الرجل رجلاً بأن يسلم له دراهم (¬3) في طعام ثم إن الوكيل تارك السلم وقبض رأس المال فهو جائز، وهو ضامن للطعام مثله لرب السلم؛ لأن الطعام قد وجب للآمر. وهذا قياس قول أبي حنيفة ومحمد (¬4). وأما في قول (¬5) أبي يوسف: فلا يجوز إبراء الوكيل (¬6) ولا هبته ولا متاركته ولا تأخيره، وللموكل أن يرجع بطعامه، [وقال أبو يوسف:] (¬7) أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وإذا وكل الرجل رجلاً فأسلم له دراهم (¬8) في طعامه، ثم فارق الوكيل المسلم إليه وأسلم، وأمر الوكيل الموكل (¬9) أن يدفع إليه الدراهم، فإن السلم قد فسد وانتقض مِن قِبَل أن الوكيل (¬10) هو الذي ولي (¬11) ¬

_ (¬1) ع: مليء. (¬2) ف: الطعام. (¬3) ع: دراهما. (¬4) أي: وهو قول محمد. فإنه يقول عقيب ذلك: وأما في قول أبي يوسف ... فلا يعقل أن يكون قول أبي يوسف مذكوراً صراحة وقول محمد مذكوراً قياساً. (¬5) وفي كتاب الوكالة: في قياس قول. انظر: 8/ 126 و. (¬6) م: الكفيل. (¬7) مستفاد من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬8) ع: دراهما. (¬9) ف م ع: للموكل. والتصحيح من ط. (¬10) ع: أن الموكل. (¬11) ع - ولي.

الصفقة (¬1)، وفارقه قبل أن ينقده. وإن نقد الموكل الدراهم رجع بها على الذي (¬2) أخذها منه. وكذلك لو كان الذي عليه السلم وكل وكيلاً أيضاً فهو سواء. وإذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له (¬3) عشرة دراهم في حنطة، فأسلمها في قفيز حنطة، فهذا جائز على الوكيل، ولا يجوز على رب السلم، والوكيل ضامن للدراهم (¬4) للموكل. ولو أسلمها في أكثر (¬5) من ذلك من الحنطة أو كان حط عنه شيئاً يتغابن الناس فيه كان ذلك جائزاً على الموكل. واذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له دراهم (¬6) في طعام، فالطعام عندنا الحنطة، نستحسن (¬7) ذلك. فإن أسلم في شعير أو في تمر أو في سمسم فهو جائز على الوكيل، ولا يجوز على الموكل. وإن رجع الآمر على الذي (¬8) أسلم إليه بدراهمه كان له ذلك. فإن كان الذي أسلم إليه قد فارق صاحب السلم (¬9) انتقض السلم، وإن كان لم يفارقه حتى أعطاه دراهم (¬10) مثلها كان ذلك جائزاً مستقيماً. والوكيل ضامن للدراهم، إن شاء أخذه ولم يتبع (¬11) بها المسلم إليه. وإن أسلم الدراهم في دقيق حنطة فهو جائز. وإذا وكل رجل رجلاً بأن يأخذ له دراهم في طعام مسمى إلى أجل، فأخذ الوكيل الدراهم، ثم دفعها إلى الذي وكله، فإن الطعام على الوكيل. وإنما للوكيل على الذي وكله دراهم (¬12) قرض؛ لأن الوكيل حيث أسلم إليه في طعام صار عليه، وحيث دفع الدراهم [إلى] (¬13) الذي ¬

_ (¬1) ع: للصفقة. (¬2) م - الذي. (¬3) م ع - له. (¬4) ف: الدراهم. (¬5) ع: في الكر. (¬6) ع: دراهما. (¬7) ع: يستحسن. (¬8) م - الذي. (¬9) ع + أو. (¬10) ع: دراهما. (¬11) ع: يبيع. (¬12) م: دراهما. (¬13) الزيادة من ط؛ والكافي، 1/ 166 ظ؛ والمبسوط، 12/ 209.

وكله (¬1) ولم يسلمها (¬2) إليه في طعام فصارت قرضاً عليه، وقد كان للوكيل أن يمنعها إياه. ألا ترى أن رب السلم ليس له على الموكل شيء. وإذا وكل رجل رجلاً ودفع إليه عشرة دراهم يسلمها في ثوب ولم يسم (¬3) جنسه، فأسلمها الوكيل في ثوب وسمى طوله (¬4) وعرضه ورقعته وجنسه وأجله، فهو جائز على الوكيل، والوكيل ضامن للدراهم (¬5) للآمر. ولا يجوز (¬6) هذا على الآمر مِن قِبَل أنه لم يسم جنس الثوب. ولرب الدراهم أن يضمن ماله المسلم إليه. فإن ضمن الدراهم المسلم إليه انتقض السلم. وإن ضمنها الوكيل جاز (¬7) السلم، وكان للوكيل على المسلم إليه ثوب. وإذا أمره أن يسلم الدراهم في الثوب اليهودي (¬8) فأسلم في ثوب يهودي واشترط طوله وعرضه (¬9) ورقعته وأجله فهو جائز. وكذلك (¬10) إذا قال: أسلمها في (¬11) ثوب قوهي أو مروي، إذا سمى (¬12) جنساً من الثياب كان ذلك على الآمر. فإن خالف الوكيل فأسلم في غير ذلك فلرب الدراهم أن يضمن الوكيل الدراهم. فإن ضمنها إياه جاز السلم للوكيل. وإن ضمنها المسلم إليه بطل السلم. وإذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له دراهم (¬13) في حنطة ودفعها إليه فأسلمها إليه، ولم يشهد على المسلم إليه بقبض المال ولا بالاستيفاء، ثم ¬

_ (¬1) ع - دراهم قرض لأن الوكيل حيث أسلم إليه في طعام صار عليه وحيث دفع الدراهم الذي وكله. (¬2) ف ع: لم يسلمها. (¬3) ع: يسمي. (¬4) ع: حلوله. (¬5) ف: الدراهم. (¬6) ف + على. (¬7) ف م ع: بعد؛ ط: بقي. وقد تكون محرفة عن "نفذ". (¬8) ع: النهوي. (¬9) ع + ورقعة. (¬10) ع: فكذلك. (¬11) ع - في. (¬12) ف + له. (¬13) ع: دراهما.

جاء المسلم إليه بدرهم (¬1) يرده إليه وقال: وجدته زائفاً، فإنه يصدق، ويقضى على الوكيل ببدله، ويرجع به الوكيل على الموكل. وكذلك لو وجد درهمين. فإن وجد النصف زُيُوفاً (¬2) رد ذلك وبطل من (¬3) السلم (¬4) بحساب ذلك في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه يستبدل. فإن (¬5) كانت كلها زيوفاً استبدلها. وإن كان قد أشهد عليه أنه استوفى رأس المال لم يصدق (¬6) المسلم إليه على الدراهم الزيوف، ولم تقبل منه البينة على ذلك، ولم يكن له يمين على الوكيل. وإذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له عشرة دراهم من الدين (¬7) الذي عليه في الطعام فأسلمها له فإن هذا لا يكون سلماً للآمر في قول أبي حنيفة، وهو من مال الوكيل المأمور حتى يقبض الطعام ويدفعه إلى الآمر (¬8). وهو [في] قول أبي يوسف ومحمد [جائز] (¬9). وكذلك ألف درهم على رجل فقال: اصرفها لي (¬10) بدنانير أو اشتر (¬11) لي بها عِدْل زُطِّي. وإذا وكل رجل رجلين أن يسلما (¬12) له دراهم في طعام، فأسلم أحدهما دون الآخر، فإنه لا يجوز على الآمر؛ لأنه لم يرض برأي هذا وحده. وإن أسلما جميعاً الدراهم في طعام (¬13) فهو جائز على الآمر. وإن ¬

_ (¬1) ع: بدراهم. (¬2) زَافَتْ عليه دراهمُه أي صارت مردودة عليه لِغِشِّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬3) م - من. (¬4) ف: من المسلم. (¬5) ع: وإن. (¬6) ع: لم يصد. (¬7) ع: من الذين. (¬8) ع: إلى الآ. (¬9) الزيادتان من ط. وهو مستفاد من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 210. وكذلك وردت المسألة في كتاب الوكالة كما أثبتناه. انظر: 8/ 127 و. (¬10) م - في. (¬11) ع: أو اشترى. (¬12) م: أن يسلمها. (¬13) م - في طعام.

تارك أحدهما المسلم إليه فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة ولا في قول أبي يوسف ومحمد، والطعام على حاله دين. وإذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له (¬1) دراهم (¬2) في طعام، فأسلمها له، ثم إن الآمر اقتضى الطعام وقبضه، فهو جائز. وكذلك لو تارك السلم وقبض رأس المال (¬3) فهو جائز، والذي عليه الطعام بريء. ولو لم يفعل ذلك وأراد قبض الطعام (¬4) وأبى الذي عليه الطعام أن يدفعه إليه فله أن يمتنع منه ولا يعطيه شيئاً؛ [لأنه] (¬5) لم يسلم إليه في شيء. وإذا وكل رجل رجلاً فدفع إليه دراهم (¬6) يسلمها له في الحنطة، فقَاوَلَ (¬7) الوكيل رجلاً وبايعه، ولم تكن (¬8) له نية في دفع دراهمه ولا في دفع دراهم الآمر، ثم دفع إليه دراهم الآمر (¬9)، فهو جائز، وهي للآمر. وإن دفع إليه دراهم (¬10) لنفسه فالطعام له، ودراهم الآمر عند الوكيل حتى يسلمها. وهو قول يعقوب إذا لم تكن (¬11) النية (¬12) في ذلك لنفسه ولا (¬13) للآمر (¬14). وفيها قول آخر قول محمد: إنه لازم للوكيل إلا أن يكون نواه للآمر عند عقدة الشراء، فإن نوى ذلك لم يسعه فيما بينه وبين الله تعالى أن يأخذه لنفسه. فإن تكاذبا فيما قال الوكيل من نيته (¬15) فالذي اشترى للذي نقد ماله أيهما كان. ¬

_ (¬1) ع - له. (¬2) ع: دراهما. (¬3) ع - المال. (¬4) ف - والذي عليه الطعام بريء ولو لم يفعل ذلك وأراد قبض الطعام. (¬5) الزيادة من كلام المؤلف في كتاب الوكالة كما قال المحقق شحاتة، فقد ذكر المؤلف نفس المسألة هناك. انظر: 8/ 127 و. (¬6) م ع: دراهما. (¬7) قاوله في أمره مقاولة مثل جادله وزنا ومعنى. انظر: المصباح المنير، "قول". (¬8) ع: يكن. (¬9) ع - ثم دفع إليه دراهم الآمر. (¬10) م ع: دراهما. (¬11) ع: لم يكن. (¬12) ف ع: البينة. (¬13) ع - ولا. (¬14) ع: وللآمر. (¬15) ع: من بينة.

وإذا أسلم الرجل إلى رجل دراهم (¬1) في طعام ثم وكل رجلاً أن يدفع إليه الدراهم وقام هو فذهب فقد انتقض السلم وبطل. [فإن دفع الوكيل الدراهم والرجل حاضر فهو جائز. وإذا وكل المسلم إليه رجلاً يقبض الدراهم من رب السلم وفارقه فذهب فقد انتقض السلم وبطل] (¬2). وأن لم يذهب ولم يفارقه حتى قبض الوكيل الدراهم فهو جائز، فالدراهم للمسلم إليه والطعام عليه؛ لأنه ولي صفقة البيع. وإذا وكل رجل رجلاً بثوب يبيعه (¬3) بدراهم فأسلمه في طعام إلى أجل فإنه لا يجوز. فإن ضمن رب الثوب الوكيل جاز السلم وكان له. وإن ضمن (¬4) المسلم إليه الثوب بطل السلم. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا وكل رجل (¬5) رجلاً بثوب يبيعه ولم يسم له الثمن فأسلمه في طعام إلى أجل فهو جائز على الآمر؛ لأن هذا بيع. أرأيت لو باعه بدراهم (¬6) نسيئة ألم تُجِزْه (¬7). أرأيت لو باعه بدراهم يداً (¬8) بيد ألم تُجِزْه (¬9). وهذا قول أبي حنيفة. أما أبو يوسف ومحمد فإنهما قالا: لا يجوز إلا أن يبيع ذلك بدراهم أو دنانير. وإذا وكل رجل رجلاً بطعام يبيعه فباعه بزيت أو سمن فهو (¬10) جائز. وإن أسلمه في زيت فهو جائز على الآمر. وقال يعقوب ومحمد: لا يجوز إلا أن يبيعه بدراهم أو دنانير؛ لأنهما الثمن الذي تجري (¬11) عليه بياعات الناس. ¬

_ (¬1) م ع: دراهما. (¬2) ما بين المعقوفتين مزيد من كتاب الوكالة من كتاب الأصل. انظر: 8/ 127 ظ. (¬3) ف ع: فيبيعه. (¬4) م: أن ضمن. (¬5) ع: الرجل. (¬6) م: بدرهم. (¬7) ع: يجزه. (¬8) م ع: يد. (¬9) ع: يجزه. (¬10) م: فإنه. (¬11) ع: يجزي.

وإذا وكل رجل رجلاً بأن يسلم له دراهم (¬1) إلى رجل بعينه في طعام، فأسلمها إلى غيره، فإنه لا يجوز. فإن فعل ذلك فالطعام له، ولا يجوز على الآمر. وإذا وكل رجل رجلاً بدراهم أن يسلمها في طعام فأسلمها (¬2) وأدخل في السلم شرطاً يفسده فإن السلم باطل. ولا يضمن الوكيل من الفساد الذي دخل فيه شيئاً. وإذا وكل رجل رجلاً بدراهم أن يسلمها له والوكيل ذمي فإني (¬3) أكره (¬4) له ذلك، وأجيزه على الآمر. وإذا وكل الذمي المسلم أن يسلم دراهم (¬5) في طعام فهو جائز. وكذلك لو وكل الحر العبد بدراهم فهو جائز. وإذا وكل العبد التاجر الرجل الحر بذلك فهو جائز. وإذا وكل (¬6) الرجل الحر المكاتب فهو جائز. وإذا وكل المكاتب الحر فهو جائز. وإذا وكل المضارب رجلاً يسلم له في طعام فهو جائز. وإن كانت من دراهم المضاربة فهو جائز. وإذا وكل رجل رجلاً يسلم له (¬7) دراهم (¬8) في طعام فهو جائز. وليس للوكيل أن يوكل بذلك غيره؛ لأنه لم يفوض ذلك إليه. فإن قال الذي وكله: ما صنعت في ذلك من شيء فهو جائز، فله أن يوكل غيره، ويجوز على الآمر. ¬

_ (¬1) ع: درادهما. (¬2) ع - فأسلمها. (¬3) ع - فإني. (¬4) ع - فأكره. (¬5) ع: دراهما. (¬6) ع - الحر العبد بدراهم فهو جائز وإذا وكل العبد التاجر الرجل الحر بذلك فهو جائز وإذا وكل. (¬7) ع - في طعام فهو جائز وإن كانت من دراهم المضاربة فهو جائز وإذا وكل رجل رجلاً يسلم له. (¬8) ع: دراهما.

فإذا وكل الذمي المسلم أن يسلم في خمر (¬1) إلى ذمي ففعل المسلم ذلك فإن ذلك لا يجوز مِن قِبَل أن المسلم ولي عقدة السلم. وإذا وكل المسلم الذمي أن يسلم له في خمر فأسلمها إلى ذمي فهو جائز؛ لأن الذمي ولى الصفقة، والذي باع ذمي. وينبغي للمسلم أن يخللها في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا تكون الخمر للمسلم على (¬2) حال، ولكنها للذمي. وإذا كان المكاتب كافراً ومولاه مسلم فوكل المكاتب كافراً فأسلم له في خمر إلى كافر فهو جائز. وكذلك العبد التاجر الكافر. وإذا وكل رجل رجلاً بدراهم (¬3) يسلمها له فصرفها الوكيل بدراهم غيرها فإن الوكيل قد خالف، وهو ضامن لدراهم الآمر. وإذا دفع الرجل إلى رجل (¬4) ديناراً فقال: أسلمه لي في طعام، فصرفه بدراهم ثم أسلمها في طعام فهو للوكيل، والوكيل ضامن (¬5) لدينار الآمر. وإذا وكل رجلان رجلاً واحداً أن يسلم لهما (¬6) في طعام كل واحد منهما بدراهمه على حدة، فأسلم الدراهم كلها إلى رجل واحد في طعام واحد، فهو جائز، ولا يضمن الوكيل؛ لأنه. لم يخلط الدراهم بالدراهم. والطعام بين الرجلين: ما قبض منه فهو لهما، وما تَوَى منه فعليهما. ولو كان الوكيل خلط الدراهم ثم أسلمها لهما كان السلم له، وكان ضامناً للدراهم لهما. ولو لم يخلطها ولكنه أسلم دراهم كل واحد منهما وحدها ¬

_ (¬1) ف م ع + فأسلمها. والتصحيح من ط اعتمادا على ما ورد في كتاب الوكالة من كتاب الأصل. انظر: 8/ 128 و. (¬2) ع + كل. (¬3) م - بدراهم. (¬4) ع: إلى الرجل. (¬5) ف م ع + له. والتصحيح من ط اعتمادا على ما ورد في كتاب الوكاله من كتاب الأصل. انظر: 8/ 127 و. (¬6) ع: لها.

كان جائزاً. فإن اقتضى شيئاً فقال كل (¬1) واحد (¬2) منهما: هذا (¬3) مالي، فالقول في ذلك قول الذي كان عليه الطعام. فإن قال: هو من هذا الصك، فهو منه. فإن كان غائباً (¬4) فالقول قول الوكيل. فإن قدم الذي عليه الطعام [فأكذب الوكيل فالقول قول الذي عليه الصك] (¬5). وإذا وكل رجل رجلاً بأن يسلم له دراهم (¬6) في طعام فأسلمها إلى نفسه فإنه لا يجوز. وكذلك لو أسلمها إلى عبده أو مكاتبه فإنه لا يجوز على الآمر. فإن أسلمها إلى ابنه أو أبيه (¬7) أو إلى أمه أو زوجته (¬8) فإنه لا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. وهذا في قول أبي يوسف ومحمد جائز. فإن أسلمها إلى شريك له مفاوض (¬9) لم يجز أيضاً. وإن أسلمها (¬10) إلى شريك له عنان جاز ذلك إذا لم يكن ذلك من تجارتهما. وإذا وكل رجل رجلاً فأسلم له دراهم (¬11) في طعام، ثم إن الوكيل وكل بقبض ذلك الطعام وكيلاً، فقبضه وكيل الوكيل، فقد برئ الذي عليه الطعام. فإن كان وكيل الوكيل عبد (¬12) الوكيل الأول أو ابنه في عياله أو أجيراً له فهو جائز على الآمر. وإن كان أجنبياً فالوكيل الأول ضامن للطعام إن ضاع في يد (¬13) الوكيل الثاني. فإن وصل إلى الوكيل الأول برئ الوكيل الأول والثاني من الضمان، وكان الطعام للآمر. ¬

_ (¬1) ف: لكل. (¬2) ع - واحد. (¬3) ع + من. (¬4) ع: عليها. (¬5) ما بين المعقوفتين مزيد من كتاب الوكالة من كتاب الأصل. انظر: الموضع السابق. (¬6) ع: دراهما. (¬7) ع: إلى أبيه أو ابنه. (¬8) ف م ع: أو أخته (مهملة في ف م). والتصحيح من ط؛ وكتاب الوكالة من كتاب الأصل. انظر: الموضع السابق. وانظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 12/ 218. (¬9) م: ففاوض. (¬10) ف: أسلم. (¬11) ع: دراهما. (¬12) ع: عند. (¬13) ف ع: في يدي.

باب البيوع الفاسدة

وإذا وكل رجل رجلاً فأسلم له دراهم في الطعام إلى امرأة فهو جائز. وكذلك إن كان الوكيل امرأة فهو جائز (¬1). وكذلك إن كان الآمر (¬2) امرأة فهو جائز. ... باب البيوع الفاسدة وإذا باع الرجل رجلاً عِدْلَ زُطِّي أو جِرَابَ هروي على أن فيه خمسين ثوباً بألف درهم فوُجد فيه واحد وخمسون ثوباً كان هذا البيع باطلاً لا يجوز. ألا ترى أنه لو قال: ابتعت منك خمسين مما في هذا العِدْل، وفيه أكثر من ذلك، كان هذا فاسداً، لأنه لا يدري ما اشترى من ذلك. أرأيت لو قال المشتري: آخذ جياد العِدْل، وقال البائع: بل أعطيك شرار العِدْل، ألا ترى أن هذا فاسد. وإذا (¬3) اشترى الرجل عِدْلَ (¬4) بَزّ بألف درهم على أن فيه خمسين ثوباً فإذا فيه تسعة وأربعون ثوباً فإن البيع فاسد مِن قِبَل أنه (¬5) لا يدري بكم يقوم الثوب الذاهب منها. ولو كان سمى لكل ثوب عشرة دراهم فكان في العدل (¬6) واحد وخمسون ثوباً كان أيضاً فاسداً؛ لأنه لا يدري أي ثوب منها يرد وأيها (¬7) يأخذ. وإن كانت الثياب تنقص ثوباً وقد سمى لكل ثوب ثمناً فإن البيع جائز، والمشتري بالخيار، إن شاء أخذ كل ثوب بما سمى (¬8)، وإن شاء ترك. ¬

_ (¬1) ع + وكذلك إن كان الوكيل امرأة فهو جائز. (¬2) ف: الوكيل. (¬3) م + وإذا. (¬4) ع: عدا. (¬5) ع: أن هذا. (¬6) م - العدل. (¬7) ف م: بايهما؛ ع: أيهما. والتصحيح من ط. وعبارة ب جار: فهو فاسد لجهالة الثوب الذي يرد على البائع منها. (¬8) م ع: بما شاء.

وإذا اشترى الرجل عبدين صفقة واحدة فإذا أحدهما (¬1) حر فإن البيع (¬2) فاسد لا يجوز في العبد منهما؛ لأنه صفقة واحدة. أرأيت لو باعه عبداً وخنزيراً أو ميتة ألم يبطل البيع كله، فكذلك (¬3) الحر لا يجوز بيعه. وإذا اشترى الرجل عبدين فإذا أحدهما مكاتب أو مدبر، أو اشترى أمتين فإذا إحداهما أم ولد، وقد قبض المشتري المبيع، فإنه يرد المكاتب والمدبر وأم الولد في ذلك بحصته، ويلزم الآخر (¬4) بحصته من الثمن، ولا يشبه هذا الحر. ألا ترى أن بعض الفقهاء يجيز بيع أم الولد والمدبر، وأن هؤلاء رقيق بعد لم يعتقوا. وليس للمشتري خيار (¬5) في الباقي منهما إذا علم بذلك يوم اشترى. وإذا اشترى الرجل شاتين مذبوحتين فإذا إحداهما ذبيحة مجوسي أو ذبيحة مسلم (¬6) ترك التسمية عمداً أو ميتةً، فعلم بذلك قبل القبض أو بعده، فالبيع فاسد في ذلك كله. وكذلك دَنَّين (¬7) من خل فإذا إحداهما خمر، كان البيع فاسداً باطلاً لا يجوز واحد منهما. والقبض في هذا وغير القبض سواء. ألا ترى أن مسلماً لو قال لمسلم: أبيعك هذا الخمر وهذا الخل بدراهم، أو أبيعك (¬8) هذا اللحم وهذه الميتة بدراهم، كان هذا فاسداً لا يجوز. وكذلك الذي يجيز بعض هذا قد أجاز ما لم يحل بيعه لمسلم ولا شراؤه. وإذا اشترى الرجل غنماً أو بقراً أو إبلاً أو رقيقاً (¬9) أو عِدْل زُطِّي (¬10) ¬

_ (¬1) ع: فا احدها. (¬2) ع: فالبيع. (¬3) ف: فلذلك. (¬4) ع: الاخذ. (¬5) م - خيار. (¬6) ف ع: المسلم. (¬7) ع: دننين (مهملة). (¬8) ع: أو بيعك. (¬9) ف م: أو تبيعا (مهملة)؛ ع: أو تقيقا (مهملة). والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 167 و؛ والمبسوط، 5/ 13. (¬10) م: نطي.

أو جِرَاب هروي فقال: قد أخذت كل واحد من هذا بكذا وكذا درهماً، ولم يسم جماعة ذلك الشيء، فإن البيع في هذا فاسد؛ لأنه إنما وقع على شيء واحد لا يدري أيما (¬1) هو، في قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول أبي يوسف ومحمد: إن البيع جائز كله، وإن جميع ذلك الشيء عِدْل هذا إن كان قد رآه. وإذا اشترى الرجل داراً كل ذراع منها بكذا (¬2) وكذا ولم يسم جماعة الذرعان فالبيع في هذا فاسد. ألا ترى أنه لا يدري ما (¬3) جماعة الثمن، فإن (¬4) بعض الدار أفضل من بعض. وكذلك الثوب والخشبة يشتريها الرجل كل ذرل بكذا وكذا درهماً ولم يسم جماعة الذرعان فهو فاسد؛ لأنه إنما وقع (¬5) البيع على شيء واحد منها (¬6)، وهي مختلفة. ألا ترى أنه لا يعلم جماعتها (¬7)، في قول أبي حنيفة. وقال يعقوب ومحمد في هذا: هو جائز كله إذا كان قد رآه، وإن لم يره (¬8) فهو بالخيار إن رآه. وإن ذرع ذلك كله [المشتري فعلم كم هو كله فهو بالخيار، إن شاء أخذه كله]، (¬9)، وإن شاء تركه، فهذا قول أبي حنيفة. وإذا اشترى الرجل غنماً أو بقراً أو إبلاً (¬10) أو عِدْل زُطِّي (¬11) كل اثنين من ذلك بعشرة دراهم فهو باطل لا يجوز مِن قِبَل أنها مختلفة. ألا ترى أنها الغالي (¬12) والرخيص والجيد والرديء. فأي شيء يَضُم (¬13) مع ¬

_ (¬1) ع: انما. (¬2) ع: نكذى. (¬3) م - ما. (¬4) ع: وإن. (¬5) ف م ع: وضع. والتصحيح من ط ومن كلام المؤلف نفسه المار قبل قليل. وهو كذلك في ب جار. (¬6) ع: منهما. (¬7) ع: جماعاتها. (¬8) م: لم يرد. (¬9) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. ومعناه في المبسوط، 13/ 6. وقد صححها في ط هكذا: وإن ذرع ذلك كله [قبل أن يتفرقا إن شاء أخذه] وإن شاء تركه. (¬10) ع - أو إبلا. (¬11) م: نطي. (¬12) ع: الغال. (¬13) م: نظم (مهملة).

الجيد، رديئاً أم جيداً، أو بما (¬1) يرد إذا وجد (¬2) عيباً. فهذا باطل لا يجوز. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطِّي أو جِرَاب هروي بقيمته أو بحكمه فالبيع في هذا فاسد لا يجوز؛ لأنه اشترى بما لا يعرف. وإذا اشترى بألف درهم وتَحِلَّة (¬3) يمينه فإن البيع في هذا فاسد لا يجوز، لأن تَحِلَّة (¬4) اليمين مجهولة. وإذا اشترى بألف درهم إلا ديناراً، أو بمائة دينار إلا درهماً (¬5)، كان البيع في هذا فاسداً. وكذلك لو اشتراه بألف درهم إلا كر حنطة، أو بألف (¬6) درهم إلا شاة، فإنه لا يجوز البيع في هذا. ألا ترى أنه استثنى شيئاً لا يدري كم هو، ولا يدري كم هو من الثمن. وإذا اشترى الرجل بيعاً كر حنطة أو فَرَق (¬7) سمن أو زيت أو ثوباً (¬8) أو غير ذلك من جميع الأصناف، فقال: قد أخذت منك (¬9) هذا بمثل ما ¬

_ (¬1) ف: أو أيما. (¬2) ع: يزداد أو وجد. (¬3) ع ط: ونِحْلَة. وفسرها المحقق شفيق شحاتة بالعطاء. وما ذكره غير سديد. والكلمة مهملة في نسختي ف م، لكنها بالتاء في الموضع الثاني في الجملة في ف، وضُبِطَتْ كما أثبتناها في نسختي ب جار. ويظهر أنها محرفة في المبسوط حيث يقول: وكذلك لو قال بألف درهم ويحلف يمينه فالبيع فاسد. انظر: المبسوط، 13/ 7. وقد شرحها قائلا: قيل: معنى هذا أن المشتري كان ساومه بألف فحلف البائع أن لا يبيعه بألف فاشتراه بألف وزيادة بقدر ما يبرّ به البائع في يمينه، وتلك الزيادة مجهولة الجنس والقدر والصفة. وقيل: بل معناه أن البائع كان حنث في يمينه ... فاشتراه منه بألف وما يكفر به البائع يمينه، وهذا أيضا مجهول، لأن التكفير يكون بالإعتاق تارة وبالكسوة أخرى وبالإطعام تارة، وضم المجهول إلى المعلوم يوجب جهالة الكل، وجهالة الثمن مفسدة للبيع. انظر: المصدر السابق. (¬4) ع: نحلة. (¬5) ع: إلا درهم. (¬6) ع: أو ألف. (¬7) الفَرَق والفَرْق إناء يأخذ ستة عشر رطلاً وذلك ثلاثة أَصْوُع. وقيل غير ذلك. انظر: المغرب، "فرق". وضبطه المحقق شحاتة بضم الفاء، ولعله خطأ مطبعي. (¬8) م - أو ثوبا. (¬9) م: مثل.

يبيع (¬1) الناس، فهذا فاسد، وهو ضامن لمثله إن استهلكه [إن كان مما يكال ويوزن، وقيمته] (¬2) إن (¬3) كان مما لا يكال ولا يوزن (¬4). وكذلك لو قال: أخذت منك (¬5) هذا بمثل ما أخذ فلان من الثمن، فهو فاسد. وإن علم قبل أن (¬6) يتفرقا (¬7) فهو بمنزلة الدار إذا قال: قد اشتريتها كل ذراع بدرهم، في قول أبي حنيفة. وهو بالخيار إذا علم ثمنها: إن شاء أخذها، وإن شاء تركها. وإذا باع متاع غيره ثم اشتراه أو ورثه فإن البيع الذي كان قبل ذلك لا يجوز؛ لأنه باع ما لا يملك. وإذا باع الرجل بيعاً فقال: هو بالنسيئة بكذا وبالنقد (¬8) بكذا كذا، أو قال (¬9): هو إلى أجل كذا بكذا وكذا وإلى أجل كذا بكذا وكذا، فافترقا على هذا، فإنه لا يجوز. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن شرطين في بيع. قال (¬10) محمد: حدثنا بذلك أبو حنيفة رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬11). وإذا باع الرجل بيعاً قد كان (¬12) اشتراه قبل أن يقبضه أو اشترك فيه أو ولاه فإن هذا مردود لا يجوز. قال محمد: حدثنا بذلك أبو حنيفة رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع ما لم يقبض (¬13). ¬

_ (¬1) ع: ما تبيع. (¬2) معناه عند السرخسي حيث يقول: فعليه مثله إن كان من ذوات الأمثال وقيمته إن لم يكن من ذوات الأمثال. انظر: المبسوط، 13/ 7. (¬3) ع - إن. (¬4) ع: مما يكال أو يوزن. (¬5) م: مثل. (¬6) ع - أن. (¬7) ع: تتفرقا. (¬8) ع: أو بالنقد. (¬9) ف ع: وقال. (¬10) ف: وقال. (¬11) رواه الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة بإسناده. انظر: الآثار لمحمد، 126. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 182؛ وسنن الدارمي، البيوع، 26؛ وسنن أبي داود، البيوع، 68؛ وسنن الترمذي، البيوع، 19؛ وسنن النسائي، البيوع، 60، 72. (¬12) ف: كان قد. (¬13) تقدم تخريجه قريباً.

وإذا باع الرجل عبدا آبقاً ليس في يديه حين باعه فإن هذا لا يجوز؛ لأن هذا غرر. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الغرر، وعن بيع العبد الآبق (¬1). وإذا باع الرجل جارية قد كان (¬2) أعتق ما في بطنها من الولد وهي حامل فإن البيع فاسد لا يجوز (¬3). وكذلك إن كان لم يعتق ما في بطنها (¬4) ولكن باع ما في بطنها دونها فهو فاسد. وكذلك لو باعها واستثنى ما في بطنها فإن البيع فاسد في هذا كله لا يجوز؛ لأنه باع ما لم يعرف واستثنى ما لم يعرف. وإذا باع الرجل عبداً قد اغتصبه إياه (¬5) رجل آخر فذهب به أو باعه المغتصب من آخر فإن البيع موقوف. فإن جحد الغاصب المولى عبده ولم تكن (¬6) له بينة لم يجز البيع. وإن أقر به: فإن سلمه (¬7) تم البيع، وإن لم يسلمه حتى يتلف (¬8) فقد انتقض البيع. وكذلك لو كان العبد رهنا فباعه الراهن (¬9) فأبى المرتهن أن يجيز (¬10) البيع فيه فإنه لا يجوز البيع، وهو موقوف. ¬

_ (¬1) حديث النهي عن بيع الغرر قد تقدم تخريجه. وأما لحديث النهي عن بيع العبد الآبق فانظر: مسند أحمد، 3/ 42؛ وسنن ابن ماجة، التجارات، 24. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 14؛ والدراية لابن حجر، 2/ 150. (¬2) ع + أعتقها. (¬3) ف م - وإذا باع الرجل جارية قد كان أعتق ما في بطنها من الولد وهي حامل فإن البيع فاسد لا يجوز. والزيادة من ع ط. وعبارة ب جار: ومن باع أمة حاملا وقد أعتق الحمل أو استثناه أو باع الحمل وحده فهو فاسد. وعبارة السرخسي نقلا عن الكافي: ولو باع جارية كان قد أعتق ما في بطنها أو باعها واستثنى ما في بطنها فهذا فاسد لا يجوز. انظر: المبسوط، 13/ 11. وسقطت هذه العبارة من نسخة الكافي التي بأيدينا. (¬4) م: في باطنها. (¬5) ع: أتاه. (¬6) ع: لم يكن. (¬7) ف م ع: فان أسلمه. والتصحيح من ب جار؛ والكافي، الموضع السابق. (¬8) ع: حتى تلف. (¬9) ف: المرتهن. (¬10) ع: أن يجز.

وإذا باع سمكاً محظوراً في أَجَمَة (¬1) فإن البيع باطل لا يجوز. بلغنا نحواً (¬2) من ذلك عن عمر بن الخطاب. وبلغنا أيضاً عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لا تبتاعوا (¬3) السمك في الماء فإنه غرر (¬4). وكذلك كل شيء من السمك لا يؤخذ إلا بصيد فإنه لا يجوز البيع فيه. وإن كان في وعاء أو حُبّ (¬5) يقدر على أخذه بغير صيد فالبيع جائز، والمشتري بالخيار إذا رآه. وليس الذي قد أحرزه صاحبه ويأخذه متى ما (¬6) شاء كالذي لا يأخذه إلا بصيد. وإذا اشترى الرجل صوف الغنم وهو على ظهورها وألبانها وهو في ضروعها فإن ذلك لا يجوز. بلغنا ذلك (¬7) عن عبد الله بن عباس (¬8). وكذلك الأولاد ما في بطونها. وكذلك شراء لحومها قبل أن تذبح، وشراء الثمر قبل أن يخرج، وأشباهه، فإن هذا كله فاسد؛ لأنه يبتاع ما لم يكن بعد أو لم يدر ¬

_ (¬1) الأَجَمَة: الشجر الملتف، وقولهم: بيع السمك في الأجمة، يريدون البَطِيحَة التي هي منبت القصب. انظر: المغرب، "أجم". (¬2) ع: نحو. (¬3) ع: لا تبتاعون. (¬4) روي عنه مرفوعاً وموقوفاً. انظر: مسند أحمد، 1/ 388؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 7. (¬5) ع: وعاء حيث؛ ط: أو جب. والحُبّ الجرّة أو الضخمة منها، أو الخشبات الأربع توضع عليها الجرّة ذات العُرْوَتين. انظر: القاموس المحيط، "حبب". والجُبّ بالضم البئر أو البئر الكثيرة الماء البعيدة القعر أو البئر الجيدة الموضع من الكلأ، أو البئر التي لم تُطْوَ، أو البئر مما وُجِدَ لا مما حفره الناس، والجمع: أجباب وجباب وجببة. والجُبّ أيضاً: المَزَادَة يُخَيَّطُ بعضها إلى بعض. انظر: القاموس المحيط، "جبب". (¬6) ع - ما. (¬7) ع - ذلك. (¬8) روي عنه مرفوعاً وموقوفاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 75؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 311؛ والمعجم الكبير للطبراني، 11/ 338؛ والمعجم الأوسط له، 4/ 101؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 11؛ ومجمع الزوائد، 4/ 102.

ما هو. وقد بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الغرر (¬1). وهذا عندنا من الغرر (¬2). وكذلك شراء الزيت في الزيتون قبل أن يعصر، وشراء دهن السمسم قبل أن يعصر، وشرى السمن قبل أن يُسْلأ (¬3)، فهذا كله فاسد لا يجوز البيع فيه. وشراء الثمر (¬4) كله إذا خرج (¬5) والأعناب والفواكه والزروع (¬6) جائز إذا اشترط على المشتري أن يأخذه ساعتئذ. فإن اشترط تركه حتى يبلغ فلا خير فيه، والبيع فاسد مردود. وكذلك شراء الحيوان بالحيوان نسيئة فاسد لا يجوز. وكذلك المروي بالمروي وكل صنف من الثياب بصنفه (¬7) فلا يجوز البيع فيه نسيئة مثلاً (¬8) بمثل ولا أكثر من ذلك ولا أقل. وكذلك الطعام بالطعام. وكذلك كل ضرب مما (¬9) يكال بصنفه (¬10) فلا يجوز شيء منه بشيء منه نسيئة مثلاً (¬11) بمثل ولا أقل منه (¬12) ولا أكثر. وكذلك كل ما (¬13) يوزن. ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه قريباً. (¬2) م: عندنا غرر. (¬3) سلأ السمن بالهمز سَلْأَ، طبخه وعالجه حتى خلص. انظر: المغرب، "سلأ". (¬4) ف - الثمر، صح هـ.؛ ع: الثمن. (¬5) ف: إذا أخرج. (¬6) ع: والزرع. (¬7) ف م ط: بصفة؛ ع: نصفه. والتصحيح من ب جار. (¬8) ع: مثل. (¬9) ع + يوكل. (¬10) ف م ط: بصفة؛ ع: نصفه. والتصحيح من ب جار. (¬11) ع: مثل. (¬12) ع: من ذلك. (¬13) ع - ما.

باب البيوع إذا كان فيها شرط يفسدها

وإذا اشترى الرجل فَصّاً على أنه ياقوت، فإذا هو غير ذلك، فإن البيع فاسد، وعلى المشتري قيمته إذا استهلكه. وكذلك لو اشترى ثوباً على أنه هروي فإذا هو من صنف آخر؛ لأن البيع لم يقع على هذا قط. ألا ترى أنه لو اشترى عبداً مملوكاً فوجده جارية، أو اشترى قُلْب (¬1) فضة فإذا هو رصاص، أو فَصّ ياقوت فوجده زجاجاً، كان هذا باطلاً لا يجوز، ولا يقع في شيء منه البيع؛ لأن البيع (¬2) لم يقع قط (¬3) على هذا (¬4). فإن استهلكه المشتري فهو ضامن لقيمته. ... باب البيوع إذا كان فيها شرط يفسدها وإذا اشترى الرجل عبداً على أن لا يبيع ولا يهب ولا يتصدق فهذا بيع فاسد ولا يجوز ذلك (¬5). وكذلك (¬6) لو اشترى الرجل عبداً على أن يعتقه. وكذلك إذا اشترى الرجل جارية على أن يتخذها أم ولد (¬7) فهذا كله فاسد لا يجوز. وإذا استهلك المشتري البَيْع (¬8) فهو ضامن لقيمته إلا (¬9) في العتق خاصة، فإني أستحسن أن أجعل عليه الثمن إذا أعتقه. وإذا اشترى الرجل من الرجل بَيْعاً (¬10) على أن يقرضه قرضاً، أو يهب له هبة، أو على أن (¬11) يعطيه عطية، أو على أن يتصدق عليه بصدقة، أو على أن يبيعه كذا وكذا بكذا وكذا (¬12) من الثمن، فهذا كله فاسد. وأيهما ¬

_ (¬1) قُلْب فضة، أي سوار غير مَلْوِي، مستعار من قُلْب النخلة، وهو جُمّارها، لما فيهما من البياض، وقيل: على العكس. انظر: المغرب، "قلب". (¬2) ع - البيع. (¬3) ف م: فقط. والتصحيح من ب جار. (¬4) ف - على هذا. (¬5) ف ع - ذلك. (¬6) م - كذلك. (¬7) ع + له. (¬8) أي المبيع كما مر. (¬9) ع: لا. (¬10) أي: مبيعاً كما مر. (¬11) م - على أن. (¬12) ع - وكذا.

اشترط (¬1) هذا على صاحبه فهو فاسد، لا يجوز البيع في شيء من ذلك. وكل شيء فسد فيه البيع فالمشتري إذا استهلكه ضامن لقيمته بالغاً ما بلغ (¬2). وإذا اشترى الرجل ثوباً على أنه إن (¬3) لم ينقده الثمن إلى أربعة أيام أو إلى شهر فلا بيع بينهما فالبيع في هذا فاسد لا يجوز. وهذا بمنزلة الخيار إلى هذه المدة في قول أبي حنيفة. وأما في قول محمد فهو (¬4) جائز. وكل شيء رده المشتري على البائع بهبة أو صدقة أو بيع بوجه من الوجوه ووقع في يدي البائع فهو متاركة للبيع، وبرئ (¬5) المشتري من ضمانه. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬6) وشرط على البائع أن يحمله إلى منزله أو على أن يطحن (¬7) الحنطة أو على أن يخيط الثوب فهذا كله فاسد لا يجوز لما دخل فيه من الشرط. وكذلك لو باع داراً على أن يسكنها البائع شهراً أو أقل أو أكثر فهو فاسد. واذا اشترى (¬8) الرجل طعاماً على أن يوفيه إياه في منزله فهو (¬9) فاسد، غير أني أستحسن فيه (¬10) خصلة: إذا كان في مصر أجزناه (¬11)، وإذا كان خارجاً من المصر كان فاسداً لا يجوز البيع فيه. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬12) على أن يرهنه رهناً ولم يسمه، أو على أن يعطيه كفيلا بنفسه سماه أو لم يسمه، فلا خير في هذا البيع؛ لأني لا أدري أيتكفل به الكفيل أم لا. غير أني أستحسن إذا كان الكفيل حاضراً عند عقدة البيع [أن أجيزه] (¬13). وإن لم يسمه لم أجزه (¬14)؛ لأنه لا يعرف ما هو. وإذا ¬

_ (¬1) ع: شرط. (¬2) ط: بالغة ما بلغت. وأخذها من المبسوط، 13/ 16. (¬3) م ع - إن. (¬4) ع - فهو. (¬5) ع: ويرى. (¬6) أي: مبيعاً. (¬7) ع: أن تطحن. (¬8) ف م ع ط: وإذا اشترط. (¬9) ف ع: فهذا؛ ف + فيه. (¬10) ع: منه. (¬11) ف: اخر؛ ع: اجزياه. (¬12) أي: مبيعاً. (¬13) مستفاد من نسخة ب. (¬14) ع: لم أجز.

كان الكفيل غائباً عن ذلك فلا يجوز. وإن سماه الراهن أجزت البيع على الراهن، وإن لم يسمه لم أجزه؛ لأنه لا يعرف ما هو (¬1). وإذا باع الرجل بقرة أو ناقة أو شاة أو خادماً وهن حوامل واستثنى ما في بطونها فإن البيع على هذا فاسد لا يجوز. وإذا اشترى الرجل غنماً على أن يرد منها شاة أو أكثر من ذلك ولم يبين أيتهن هي (¬2) فالبيع على هذا فاسد لا يجوز (¬3). وكذلك لو كان البائع اشترط أن يأخذ منها شاة غير مسماة فهذا باطل لا يجوز (¬4). وكذلك إذا باع الرجل نخلاً واشترط منها نخلة أو نخلتين مجهولتين فالبيع (¬5) على هذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو باع عِدْل بَزّ (¬6) ثم قال: لي منها ثوب أو ثوبان، فهذا أيضاً باطل لا يجوز، إذا لم يعرف الذي استثنى بعينه فالبيع على هذا فاسد لا يجوز. وكذلك كل شيء مجهول في بيع، فإنه يفسد البيع فيه. وكذلك لو اشترى شاة واشترط أنها حامل أو أنها (¬7) تحلب كان البيع على هذا فاسداً (¬8)، لأنه لا يدري لعل الشرط باطل. ولو كان البائع باع الخادم وتبرأ من الحبل (¬9) فكان بها حبل (¬10) أو لم يكن كان هذا جائزاً، وليس البراءة (¬11) في هذا كالشرط. وإذا اشترى الرجل من الرجل حنطة وشرط له أن يطحن له (¬12) منها ¬

_ (¬1) ع - وإذا كان الكفيل غائبا عن ذلك فلا يجوز وإن سماه الراهن أجزت البيع على الراهن وإن لم يسمه لم أجزه لأنه لا يعرف ما هو. (¬2) م - هي. (¬3) ع - وإذا اشترى الرجل غنما على أن يرد منها شاة أو أكثر من ذلك ولم يبين أيتهن هي فالبيع على هذا فاسد لا يجوز. (¬4) ف - وكذلك لو كان البائع اشترط أن يأخذ منها شاة غير مسماة فهذا باطل لا يجوز. (¬5) ع: فإن البيع. (¬6) ع: عدلين. (¬7) م: وأنها. (¬8) ع: فاسد. (¬9) ع: من الحمل. (¬10) ع: حل. (¬11) م: المرأة. (¬12) ع - أن يطحن له.

كذا وكذا مختوماً منها دقيقاً فهذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو اشترى سمسماً أو زيتوناً وشرط له البائع أن فيه من الدهن كذا وكذا رطلاً فالبيع فاسد لا يجوز. وكذلك كل شيء ما يكون على هذا. وإذا اشترى الرجل جارية بجاريتين إلى أجل، فأخذ الجارية فذهبت عينها عنده من عمله أو (¬1) غير عمله، فللبائع أن يأخذ جاريته، وله أن يأخذ من المشتري نصف قيمتها. ولو فقأ عينها غيره كان للبائع أن يأخذ جاريته (¬2)، وإن شاء اتبع الفاقئ بنصف قيمتها، وإن شاء أخذ ذلك من المشتري واتبع المشتري الفاقئ. ولو كانت كما هي غير أنها قد ولدت ولدين فمات أحدهما فإن للبائع أن يأخذ جاريته وولدها الباقي. فإن كانت الولادة قد نقصتها فكان في الولد الباقي وفاء بالنقصان فليس له شيء غيره (¬3)، وإلا فعلى المشتري تمام ذلك. وإن كان الولد الميت مات من (¬4) عمل المشتري أو جنى عليه فهو ضامن لقيمته (¬5) يردها مع الأم (¬6). فإن كان في قيمة الولد المجني عليه والباقي وفاء لنقصان (¬7) الولادة فهو له. وإن لم يكن وفاء ضمن المشتري تمام ذلك النقصان. ولو كان الولدان حيين (¬8) جميعاً وماتت الأم عند المشتري من عمله أو (¬9) غير عمله أخذ البائع الولدين، وضمن قيمة الأم يوم قبضها. وهذا القول هكذا في كل بيع فاسد. ¬

_ (¬1) ع + من. (¬2) ع - وله أن يأخذ من المشتري نصف قيمتها ولو فقأ عينها غيره كان للبائع أن يأخذ جاريته. (¬3) م - وفاء بالنقصان فليس له شيء غيره، + فان. (¬4) ف - من، صح هـ. (¬5) ف م ع: لقيمتها. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 167 ظ. وقد تحرفت في المبسوط إلى "بقيمته". انظر: المبسوط، 13/ 22. (¬6) ع - الأم. (¬7) ع: بنقصان. (¬8) م: الولدين حنيين؛ ع: الولدين جنينين. (¬9) ع + من.

ولو أعتق المشتري (¬1) الجارية بعد قبضه (¬2) إياها جاز عتقه. وكذلك لو باعها أو وهبها وقبضها الموهوب له أو دبرها أو كاتبها أو وطئها فعلقت منه كان هذا استهلاكاً (¬3) منه، جائزاً (¬4) ما صنع من ذلك، وعليه القيمة، وليس عليه في الوطء مهر (¬5)؛ لأني قد جعلتها (¬6) له. وإنما (¬7) جاز بيعه وعتقه لأن البائع قد سلطه على ذلك. وإن رهنها (¬8) فعليه قيمتها. فإن افتكّها (¬9) قبل أن يضمنه القاضي قيمتها ردها عليه. وكذلك إن عجزت عن المكاتبة. وكذلك إن رجع في الهبة، أو رد عليه بعيب في البيع بقضاء قاض قبل أن يقضي القاضي بالقيمة على ¬

_ (¬1) ع - المشتري. (¬2) ع: قبضة. (¬3) ع: استهلاك. (¬4) ع: جائز. (¬5) ف م: هو. وقال السرخسي: وفي كتاب الثرب يقول: وعليه العقر. قيل: تأويل المسألة إذا لم يستولدها بالوطء حتى ردها على البائع، فإنَّ بِردها ينفسخ الملك من الأصل، فتبين أن الوطء صادَفَ ملك الغير، فيلزمه العقر بالوطء. وهنا قال: استولدها. وبالاستيلاد يتقرر ملكه، فإنما وطئها وهي مملوكة له، فلا يلزمه العقر بذلك. وقيل: ما ذكر هنا قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله تعالى-، وما ذكر هناك قول محمد. وأصله فيما ذكر هشام أنها لو زادت في يد المشتري في بدنها ثم أعتقها فعليه ضمان قيمتها وقت القبض عند أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله تعالى-، وعند محمد وقت العتق. فلما كان محمد يثبت حق البائع في الزيادة ويجعلها مضمونة على المشتري بالإتلاف فكذلك المستوفي بالزيادة في حكم زيادة هي ثمرة، ومن أصلها أن الزيادة تكون في يد مضمونة على المشتري بالإتلاف، فكذلك المستوفي بالوطء، فلهذا لا مهر عليه. انظر: المبسوط، 13/ 26. وعبارة المؤلف في كتاب الشرب: وإذا باع الشرب بعبد وقبض البائع العبد فأعتقه جاز عتقه فيه، وضمن لصاحب العبد القيمة. وكذلك لو كانت أمة فوطئها فولدت منه كان أم ولد له، وكان عليه قيمتها وعقرها. وانظر للتفصيل: المبسوط، 23/ 194 - 195. (¬6) ع: قد أجعلها. (¬7) ع: وإذا. (¬8) ف م ع ط: وإن وهبها. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 26. (¬9) ف: فإن افتضها؛ م: فإن اقبضها؛ ع: فإن قبضها؛ ط: فإن لم يقبضها. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 26.

باب البيوع الجائزة وما اختلف منها في الثمن وما اختلف فيها مما قبض أو لم يقبض

المشتري، فإنها ترد على البائع (¬1). ولو أنه أجرها فله أن ينقض الإجارة ويردها؛ لأن هذا عذر في الإجارة. وكذلك كل بيع فاسد. ألا ترى (¬2) أنه لو باعها إلى العطاء وقبضها المشتري (¬3) فوطئها فولدت منه أو أعتقها كان ذلك جائزاً، وكان عليه قيمة الجارية، فقبيح أن يرد ولده رقيقاً. وإذا اشتراها بألف درهم وهو بالخيار أربعة أيام أو اشتراها بألف درهم وتَحِلَّة (¬4) اليمين ثم قبض وأعتق جاز عتقه. ولو اشتراها بخمر أو خنزير كان هذا باطلاً. وإن أعتق جاز عتقه. ألا ترى أني أجيز بيعها بالخمر والخنزير من أهل الذمة ولم (¬5) يدخل في ذلك استهلاك ولا عتق. ولو اشتراها بميتة أو دم أو بشيء من ذلك مما ليس له ثمن أو بِحُرّ وقبض وأعتق أبطل (¬6) عتقه؛ لأن هذا ليس له ثمن، ولا يتبايع الناس له فيما بينهم والمسلمون خاصة. ... باب البيوع الجائزة وما اختلف منها في الثمن وما اختلف فيها مما قبض أو لم يقبض وإذا اشترى الرجل سمناً في زِقّ (¬7) أو عسلاً أو زيتاً في زِقّ، فاتزنه كله بزِقّه فإذا فيه مائة رطل، ثم جاء بالزِّقّ ليرده وفيه عشرون ¬

_ (¬1) ف ع: على البيع. (¬2) م: إلى ترى. (¬3) م + فإنها ترد على البائع ولو أنه أجرها فله أن ينقض الإجارة ويردها لأن هذا عذر في الإجارة وكذلك كل بيع فاسد ألا ترى أنه لو باعها إلى العطاء وقبضها المشتري. (¬4) ع: ونحلة. وقد مضى تفسير الكلمة قريبا. (¬5) ع: ولو لم. (¬6) ع: أبطلت. (¬7) الزِّقّ من الأُهُب كل وعاء اتخذ لشراب ونحوه. انظر: المغرب، "زقق".

رطلاً، فقال البائع: ليس هذا زِقّي، وقال المشتري: بل هو زِقّك، فالقول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة لأنه مدعي. وإذا ابتاع الرجل عبدين فقبض أحدهما، ومات الآخر في يدي البائع، ومات العبد الذي قبض المشتري، ثم اختلفا في ذلك، فقال المشتري: قبضت عبداً يساوي ألف درهم، ومات عبد في يديك (¬1) يساوي ألف درهم (¬2)، وقال البائع: بل قبضت عبداً يساوي ألفين، وبقي الذي (¬3) مات عندي وهو يساوي خمسمائة درهم، فالقول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة. ألا ترى أنه لو اشترى كر حنطة فقبض طائفة ثم إنه هلك ما بقي من الكر فقال المشتري: قبضت ثلثه، وقال البائع: بل قبضت نصفه، فالقول قول المشتري مع يمينه (¬4). وكذلك كل شيء مما (¬5) يكال أو يوزن. وكذلك العروض والحيوان. ولو كان قبض العبدين كليهما (¬6) ثم مات أحد العبدين عند المشتري وجاء يرد أحدهما بعيب، فاختلفا في قيمة الميت، فقال البائع: كانت قيمته ألف درهم، وقال المشتري: كانت قيمته خمسمائة، فإن القول في ذلك قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة؛ لأن الثمن قد لزم المشتري، فهو يريد أن يبرأ منه، فلا يصدق على البراءة بقوله ذلك. وكذلك لو كان عِدْلاً من زُطِّي أو جِرَاب هروي فأراد أن يرد منه ثوباً بعيب وقد هلك ما بقي. فأما الذي يرده بعيب فإنه يقوّم قيمة عدل وليس به عيب، ويقوّم الذي هلك بقول البائع مع يمينه، ثم يقسم الثمن على ذلك كله، فيرد الذي به العيب لما (¬7) أصابه. ولو أقاما (¬8) جميعاً البينة على قيمة الميت أخذت ببينة البائع؛ ¬

_ (¬1) ع: في يدك. (¬2) ف - ومات عبد في يديك يساوي ألف درهم. (¬3) م: للذي. (¬4) ع + وعلى البائع البينة. (¬5) م ع - مما. (¬6) ع: كلاهما. (¬7) ط: بما؛ وقال المحقق شحاتة: في الأصول: لما. (¬8) ع: قاما.

لأنهم شهدوا على الفضل، فإنما البينة (¬1) بينته والقول (¬2) قوله. وإذا اختلف البائع والمشتري في الثمن والسلعة قائمة بعينها في يدي البائع أو المشتري فإن القول في ذلك قول البائع. بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3). وعليه اليمين بالله، فإن نكل عن اليمين لزمه البيع بما ادعى المشتري. فإن حلف استحلف المشتري على دعوى البائع. وأيهما قامت بينته على ما ادعى أخذت (¬4) ببينته. وإن كانت لهما جميعاً البينة أخذت ببينة (¬5) البائع؛ لأنهم شهدوا على أكثر (¬6) مما شهد به الآخرون. وهذا قول أبي يوسف الأول، ثم رجع فقال: الذي يبدأ به في اليمين المشتري. وهو قول محمد. وإن كان البائع قد مات فاختلف في الثمن ورثة البائع والمشتري فإن القول قول ورثة البائع إن كان (¬7) المبيع في أيديهم، والقول قول المشتري إن كان المبيع في يديه. وكذلك لو مات المشتري وبقي البائع كان القول قول الذي هو (¬8) في يديه منهم، وهذا ليس بقياس، إنما هو استحسان. والقياس في هذا وفي الأول أن يكون القول قول المشتري في ذلك كله. وإنما تركنا ذلك للأثر الذي جاء فيه. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: يتحالفان ويترادان (¬9) القيمة، وموتهما (¬10) وحياتهما سواء. ¬

_ (¬1) ف م: فأما البينة؛ ع: فالبينة؛ ط: فإما البينة. (¬2) ط: أو القول، وقال: في الأصول: والقول. (¬3) رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن ابن مسعود. انظر: الآثار لأبي يوسف، 182. وانظر: سنن ابن ماجة، التجارات، 19؛ وسنن أبي داود، البيوع، 72، وسنن الترمذي، البيوع، 43؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 105. (¬4) ع: أخذ. (¬5) ف م - وإن كانت لهما جميعاً البينة أخذت ببينة؛ والزيادة من ع ط. وقريب منها في ب؛ والمبسوط، 13/ 30. (¬6) ع: بأكثر. (¬7) م ع: وأن كان. (¬8) ع - هو. (¬9) ع: ويتادان. (¬10) ع: وموتها.

وإذا كانت السلعة في يدي المشتري فازدادت خيراً ثم اختلفا في الثمن فإن القول قول المشتري؛ لأنها قد زادت (¬1) خيراً في يديه وتغيرت. وعليه اليمين بالله، وعلى البائع البينة على ما يدعي من الفضل. وإذا كانت السلعة (¬2) قد نقصت فاختلفا في الثمن فإن القول قول المشتري مع يمينه إلا أن يرضى البائع أن يأخذها ناقصة. وإذا اختلفا وقد ولدت عند المشتري أو جنى عليها جناية فأخذ المشتري (¬3) أرشها ولم تلد فالقول في الثمن قول المشتري مع يمينه. وإذا كان هو الذي جنى عليها (¬4) ولم تلد فالقول قول المشتري إلا أن يرضى البائع أن يأخذها ناقصة بغير أرش. وليس هذا كالباب الأول، الأول (¬5) لها أرش لا يستطيع البائع أن يأخذه، ولا يستقيم له أخذه، والباب الآخر ليس معها أرش (¬6). وإذا اختلفا في الثمن وقد خرجت السلعة من ملك المشتري فالقول قول المشتري مع يمينه. وإن رجعت إليه السلعة بشراء أو هبة أو ميراث أو بوجه من الوجوه بغير الذي خرجت به (¬7) من يديه (¬8) ثم اختلفا في الثمن فالقول قول المشتري مع يمينه أيضاً؛ لأنها في ملكه بغير الملك الأول. وإن كان البائع قد باع من رجلين فباع أحدهما (¬9) نصيبه (¬10) من شريكه ثم اختلفا في الثمن فالقول قول المشتري الذي باع مع يمينه في نصيبه، ويتحالفان في حصة الآخر الذي لم يبع. فإذا اختلفا في الأجل فقال البائع: الأجل شهر، وقال المشتري: بل ¬

_ (¬1) ع: قد رأت. (¬2) ف: السلعت. (¬3) ف ع: للمشتري. (¬4) ع + جناية. (¬5) م ع: الاو. (¬6) ف م ع: اخر. والتصحيح من ب جار ط. (¬7) ع - به. (¬8) ع: من يده. (¬9) ع + أحدهما. (¬10) ف - نصيبه، صح هـ.

شهران (¬1)، فالقول في ذلك قول البائع مع يمينه. وكذلك لو قال البائع: بعتك حالاً، كان البيع حالاً (¬2)، والقول قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة. فإذا (¬3) اختلفا في الأجل فقال البائع: قد مضى الأجل، وقال المشتري: لم يمض (¬4)، فإن (¬5) القول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة أنه قد مضى. وإذا اختلفا في الثمن فقال البائع: بعتك بمائة دينار، وقال المشتري: بل اشتريت منك بخمسين ديناراً (¬6)، وأقاما جميعاً البينة أخذت ببينة البائع؛ لأنه مدع (¬7) للفضل. ولو قال: بعتك هذه الجارية وحدها بمائة دينار، وأقام البينة، وقال المشتري: بعتني هذه الجارية بخمسين ديناراً، وأقاما جميعاً البينة أخذت ببينة البائع؛ لأنه (¬8) المدعي للفضل. ولو قال المشتري: بعتني معها هذا الوصيف، وهما جميعاً بخمسين ديناراً، وأقام البينة، وقال البائع: بعتك وحدها بمائة دينار، وأقام البينة (¬9)، فإنهما (¬10) يكونان جميعاً للمشتري بمائة دينار. أخذت ببينة البائع في الثمن، وأخذت (¬11) ببينة المشتري في المبيع (¬12). وكذلك لو قال: بعتك هذه الخادم بألف درهم، وأقام البينة على ذلك، وقال المشتري: اشتريت منك هذه الخادم (¬13) وهذه الأخرى معها بخمسمائة درهم، وأقام على ذلك البينة (¬14)، فإنهما (¬15) جميعاً يلزمانه بالألف. ¬

_ (¬1) ع: بل شهرين. (¬2) م - البيع حالا. (¬3) ع: وإذا. (¬4) ع: لم يمضي. (¬5) م: قال. (¬6) ع: دينار. (¬7) ع: مدعي. (¬8) ف م: ولأنه. (¬9) ع - وقال المشتري بعتني هذه الجارية بخمسين دينارا وأقاما جميعاً البينة أخذت ببينة البائع لأنه المدعي للفضل ولو قال المشتري بعتني معها هذا الوصيف وهما جميعاً بخمسين دينارا وأقام البينة وقال البائع بعتك وحدها بمائة دينار وأقام البينة. (¬10) ع: فإنها. (¬11) ف: وآخذ. (¬12) ع: في البيع. (¬13) ع - بألف درهم وأقام البينة على ذلك وقال المشتري اشتريت منك هذه الخادم. (¬14) ع + وقال المشتري. (¬15) م: فا.

ولو قال البائع: بعتك هذه الخادم بعبدك هذا، وأقام على ذلك بينة، وقال المشتري: اشتريتها منك بمائة دينار، وأقام البينة على ذلك، لزمه البيع بالعبد. وإذا اشترى الرجل عبداً بثوبين، وقبض كل واحد منهما وتفرقا، ثم وجد بالعبد عيباً فرده، أو استحق العبد، وقد هلك أحد الثوبين وبقي الآخر، فإنه يأخذ الثوب الباقي وقيمة الذي هلك. وكذلك لو هلكا جميعاً أخذ قيمتهما (¬1). والقول في ذلك قول الذي كانا في يديه (¬2)، وعلى الطالب البينة على ما يدعي من الفضل. ولو باع عبداً بمال وقبضا جميعاً ثم استحق العبد فرجع بالمال على البائع فإن (¬3) القول قوله مع يمينه، وعلى المشتري البينة على (¬4) ما يدعي من الفضل. ولو كان الثمن جارية ولدت من غير (¬5) السيد ثم استحق العبد كان لصاحب الجارية أن يأخذها ويأخذ الولد. فإن كانت الجارية قد دخلها عيب ينقصها عور أو نحوه أخذها وأخذ ولدها وأخذ النقصان. ولو كان المشتري قد أعتقها كان عتقه جائزاً، وكان عليه القيمة. ويأخذ البائع الولد مع القيمة إن كانت قد ولدت قبل العتق. وكذلك البيع الفاسد في هذا الوجه. ولو كان العبد حراً فأعتق المشتري الجارية كان عتقه باطلاً، وكذلك لو باعها أو أمهرها أو وهبها كان ذلك باطلاً (¬6) كله لا يجوز مِن قِبَل أنه اشتراها بشيء ليس له ثمن. ¬

_ (¬1) ع: قيمتها. (¬2) ع: في هذه يده. (¬3) ع: كان. (¬4) ع - على. (¬5) ف م ع: من عبد. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 168 و؛ والمبسوط، 13/ 36. (¬6) ف م - وكذلك لو باعها أو أمهرها أو وهبها كان ذلك باطلا؛ والزيادة من ع ط. وعبارة ب: ولو ظهر العبد حرا لم يصح إعتاق المشتري الجارية ولا بيعها وهبتها وإمهارها، وكله باطل، لأنه اشتراها بما ليس له ثمن.

وإذا اشترى الرجل عبداً بثوبين فهلك الثوبان (¬1) قبل أن يقبضهما (¬2)، وقد كان قبض العبد، فإن كان قد استهلكه فعليه قيمته إذا فعل ذلك بعد هلاك الثوبين. وإن كان قد أعتقه أو وهبه الموهوب له أو باعه فهو جائز، وعليه قيمته إذا فعل ذلك بعد هلاك الثوبين قبل أن يقضي القاضي بينهما بشيء. ولو كان الثوبان استحقا وقضي بهما لرجل وقد أعتق الذي أخذ العبد (¬3) كان عتقه جائزاً مِن قِبَل أن البيع كان على غير الفساد. ولو لم يستحق شيء من ذلك وقبض هذين الثوبين وقبض هذا العبد، ثم إن (¬4) أحد (¬5) الثوبين (¬6) استحق فقال الذي كانا في يديه: استحق أغلاهما ثمناً، وقال الذي باعهما: بل استحق أرخصهما (¬7) ثمناً، فإن القول قول المشتري للثوبين مع يمينه؛ لأن العبد كله (¬8) لم يجب له، فيصدق الذي يريد أن يرجع بالعبد إلا أن تقوم (¬9) له ببينة. وإذا اختلف البائع والمشتري فقال البائع: بعتك هذا العبد بألف درهم، وقال المشتري: بل اشتريت منك هذه الجارية بخمسين ديناراً، وليس بينهما بينة، فإن كل واحد منهما يحلف على دعوى صاحبه، فإن حلفا ترادا البيع، وأيهما (¬10) نكل عن اليمين لزمه ما قال صاحبه. فإن قامت (¬11) لهما جميعاً البينة أجزت البيع في العبد والأمة. وإذا كان عبد في يدي رجل فقال: ابتعته من فلان بألف درهم ونقدت الثمن، وقال فلان: ما بعتك هذا العبد وإنما بعتك جارية بهذه الألف، وقبضت الثمن ودفعتها إليك، فإنه يحلف بالله ما باعه العبد. فإن حلف رد عليه العبد. ثم يحلف الذي كان في يديه العبد ما اشتريت منه جارية ولا ¬

_ (¬1) ع: الثوبين. (¬2) ع: ايقبضما. (¬3) ف - العبد. (¬4) ع - إن. (¬5) ع: أخذ. (¬6) ع + اخذ. (¬7) ع: ارخضما. (¬8) ف: كله. (¬9) ع: أن يقوم. (¬10) ع: وانهما. (¬11) م - قامت.

قبضتها (¬1). فإن حلف رد عليه الآخر (¬2) الألف (¬3). وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وإن لم (¬4) يتحالفا ترك العبد في يديه على حاله كهيئته كما كان. فإن قامت لهما جميعاً البينة على ما ادعيا كان العبد له ولزمه ألف أخرى. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطِّي (¬5) وأقر أنه زُطِّي (¬6) ولم يره وقبضه على ذلك، ثم جاء به بعد ذلك يرده، وقال: وجدته كرابيس، فإنه لا يصدق. ولكنه لو اشترى فقال: لا أدري أزُطِّي (¬7) هو (¬8) أم لا، ولا أدري أقُوهِي هو أم لا، ولكن آخذه على ذلك وأنظر إليه، فأخذه ثم جاء بعد ذلك يرده وقال: وجدته كرابيس، كان مصدقاً، والقول قوله مع يمينه. وكذلك كل شيء هو فيه بالخيار فهو مصدق في (¬9) رده إن قال البائع: لم أبعك بهذا. ولو اشترى ثوباً فقال البائع: هو هروي، وقال المشتري: لا أدري - وقد رآه - ولكني أخذته على ما يقول، ثم جاء به بعد ذلك يرده فقال: قد وجدته يهودياً، لم يصدق؛ لأنه لم يكن له فيه خيار، ولأنه قد رآه، وليس هذا كالعِدْل الذي لم يره. وإذا نظر إلى العِدْل مطوياً ولم ينشره ثم اشتراه فليس له أن يرده إلا من عيب. وإذا اشترى الرجل خادماً على أنها خراسانية فوجدها سِنْدِية كان له أن يردها، وكان هذا عندي بمنزلة العيب. ... ¬

_ (¬1) ع: قبضها. (¬2) ع: الاجر. (¬3) ف ع: ألف. (¬4) ع - لم. (¬5) م: نطي. (¬6) م: نطي. (¬7) م: أنطي. (¬8) ع: أهو زطي. (¬9) ع - في.

باب البيوع الفاسدة من قبل الأجل

باب البيوع الفاسدة من قبل الأجل وإذا (¬1) اشترى الرجل شيئاً إلى الحصاد أو إلى الدِّياس (¬2) أو إلى جِذَاذ (¬3) النخل أو إلى رجوع الحاج فهذا كله باطل. بلغنا ذلك عن عبد الله بن عباس (¬4). ولا يجوز فيه البيع. والمشتري ضامن لقيمة (¬5) المبيع (¬6) إن كان قد هلك عنده. وكذلك البيع (¬7) إلى العطاء. غير أن للمشتري أن يبطل الأجل الفاسد وينقد الثمن. أستحسن هذا، وأدع القياس فيه (¬8). وإذا أسلم الرجل في طعام إلى أجل من هذه الآجال فالسلم فاسد مردود، ويرد رأس المال. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬9) إلى المهرجان أو إلى النيروز (¬10) فإن هذا ¬

_ (¬1) م: فإذا. (¬2) داس الرجل الحنطة يدوسها دوساً ودياساً مثل الدراس، ومنهم من ينكر كون الدياس من كلام العرب، ومنهم من يقول: هو مجاز، وكأنه مأخوذ من داس الأرض دوساً إذا شدد وطأه عليها بقدمه. انظر: المصباح المنير، "دوس". (¬3) ع: إلى جزاز؛ ط: إلى حذاذ. وهو خطأ، لأن الحَذّ وإن كان مستعملا في القطع إلا أنه لم يستعمل في قطع ثمر النخل. انظر: لسان العرب، "حذذ". وجَذّ النخلَ يجذّه جَذاً وجَذاذا وجِذاذا: صَرَمَه، لكن الأشهر هو استعمال جذّ في قطع الأشياء الصلبة كالذهب والفضة. انظر: لسان العرب، "جذذ". والأشهر في قطع ثمر النخل هو الجِدَاد أو الجزاز. قال المطرزي: والجَدّ في الأصل القطع، ومنه جَدَّ النخلَ: صَرَمَه أي قطع ثمره، جداداً، فهو جادّ، وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - أنه نَحَلَ عائشة جداد عشرين وسقاً. وقال أيضاً: الجَزّ: قطع الشيء الكثيف الضعيف، ويقال: جَزّ الصوف وجَزّ النخل إذا صرمه، والجزاز كالجداد بالفتح والكسر إلا أن الجداد خاص في النخل، والجزاز فيه وفي الزرع والصوف والشعر، وقد فرّق محمد -رحمه الله- بينهما فذكر الجداد قبل الإدراك والجزاز بعده، وهو وإن لم يثبت حسن. انظر: المغرب، "جدد، جزز"؛ ولسان العرب، "جدد، جزز". (¬4) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 290. (¬5) ع: لقيمته. (¬6) ف: البيع. (¬7) ع - البيع. (¬8) ع - فيه. (¬9) أي: مبيعاً. (¬10) ع: إلى النوروز.

فاسد لا يجوز أيضاً إلا أن يكون ذلك (¬1) معروفاً، ولا يتقدم ولا يتأخر كما تعرف الأهلة، فيكون (¬2) ذلك جائزاً. وكذلك البيع إلى الميلاد أو إلى صوم النصارى. وإذا باعه إلى فطر النصارى فهذا جائز إذا كان قد (¬3) دخل في الصوم؛ لأنه إذا دخل في الصوم فقد عرف الفطر. وإذا كانت المبايعة قبل الصوم إلى فطر النصارى فلا يجوز ذلك، إلا أن يكون يعرف أن ذلك الأجل لا يتقدم ولا يتأخر، فيكون ذلك جائزاً. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً إلى أجلين وتفرقا على ذلك فلا خير (¬4) في ذلك. محمد حدثنا أبو حنيفة يرفعه (¬5) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن شرطين في بيع (¬6). وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬7) إلى أجل بكذا وكذا (¬8) نسيئة وكذا وكذا (¬9) حالاً فلا خير في البيع من ذلك. وإن ساومه في البيع مساومة إلى أجلين ثم قاطعه على واحد من ذينك الأجلين فأمضى البيع فهو جائز. وإذا باع الرجل قوهية بقوهيتين إلى أجل فالبيع فاسد. وكذلك كل صنف من الثياب باعه بشيء من صنفه إلى أجل مثله أو أكثر أو أقل فلا خير فيه. وإذا باع الرجل قوهية بمرويين (¬10) إلى أجل فلا بأس بذلك بعد أن يشترط طولاً معلوماً وعرضاً معلوماً ورقعةً معلومة وأجلاً معلوماً، وليس هذا ¬

_ (¬1) ع - ذلك. (¬2) ف + في. (¬3) ع - قد. (¬4) ع: فاخير. (¬5) م ع: رفعه. (¬6) تقدم تخريجه قريباً. (¬7) أي: مبيعاً. (¬8) ف: بكذا كذا. (¬9) ف ع: وكذا كذا. (¬10) ع: بمروتين.

بنوع واحد. ألا ترى أنه لو (¬1) اشترى كرباسين إلى أجل بقوهية كان جائزاً، لأن هذا مختلف وإن كان أصله قطناً. ألا ترى أنه يبيع طيلساناً (¬2) ببُرْدَين (¬3) إلى أجل أو بكساءين من (¬4) صوف (¬5) إلى أجل، وأصل ذلك كله صوف؛ لأنه مختلف. وكذلك كساء صوف همداني بعباءتين (¬6) إلى أجل أو عباءة بكساءين همدانيين (¬7) أو أكثر من ذلك إلى أجل. فإن كان كساء همداني بكساء همداني أو أكثر إلى أجل (¬8) لم يكن فيه خير، ولا بأس به يداً (¬9) بيد. ولا بأس بيهوديين (¬10) بزُطِّيين إلى أجل. ولا بأس بثوب قطن بثوبي كتان إلى أجل. ولا بأس بطيلسان كردي بطيلسان (¬11) خوارزمي إلى أجل (¬12). وكل شيء من هذا أجزته (¬13) في النسيئة فهو إذا كان يداً (¬14) بيد فهو جائز. وقد يجوز يداً (¬15) بيد اثنان بواحد وواحد بواحد وإن كان نوعاً واحداً (¬16). وإن كان ثوب يهودي بيهوديين (¬17) أو مروية بمرويتين أو قوهية بقوهيتين فلا خير في ذلك إذا كان نسيئة. ولا بأس بمِسْح موصلي بمِسْحين ¬

_ (¬1) ع - لو. (¬2) ع: طيلسان. (¬3) البُرْد ثوب فيه خطوط، وخص بعضهم به الوَشْي، والجمع أبراد وأبرد وبرود، والبردة كساء أسود مربّع فيه صِغَر تلبسه الأعراب، والجمع بُرَد بفتح الراء، وهو كساء يلتحف به. انظر: لسان العرب، "برد"؛ ومختار الصحاح، "برد". (¬4) ع - من. (¬5) ف: أو بكساء صوف. (¬6) ع: بعبايين. (¬7) ع: بكساء همداني. (¬8) ف - أو عباءة بكساءيين همدانيين أو أكثر من ذلك إلى أجل فإن كان كساء همداني بكساء همداني أو أكثر إلى أجل. (¬9) ع: يد. (¬10) ع: يهوديين. (¬11) ع - كردي بطيلسان. (¬12) م - ولا بأس بطيلسان كردي بطيلسان خوارزمي إلى أجل. (¬13) ع: أجزيه. (¬14) ع: يد. (¬15) ع: يد. (¬16) ع - وإن كان نوعا واحدا. (¬17) ع: بنهوديين.

قُشَاسَارِيين (¬1) إلى أجل. ولا بأس بقطيفة أصفهانية بقطيفتين كرديتين إلى أجل. ولا بأس بالزيت بالشعير أو الحنطة إلى أجل. وكذلك العنبر والزعفران. وكل ما يوزن بالأرطال والأَمْنَاء (¬2) والمثاقيل فهو (¬3) وزن كله. ولا بأس بأن يبيعه بشيء مما يكال قليلاً (¬4) كان أو كثيراً (¬5) إلى أجل. ولا بأس بأن يبيع شيئاً (¬6) مما يكال (¬7) بشيء مما يوزن مما سميناً في هذا الكتاب، من الحنطة يبيعها بالزيت أو بالسمن أو بالقَتّ (¬8) أو بشيء مما يوزن غير ذلك. ولا خير في بيع الحنطة بشيء مما يكال إلى أجل، أو ما (¬9) يوزن بما يوزن إلى أجل، قليلاً كان أو كثيراً، مئل الشعير والحنطة والسمن وأشباه ذلك. ولا خير في بيع شيء من الأدهان بغيره من الأدهان إلى أجل؛ لأن هذا كله وزن. وإذا اختلف النوعان من الوزن فلا بأس اثنان بواحد يداً (¬10) بيد. وكذلك إذا اختلف النوعان من الكيل. ولا خير فيه نسيئة. ... ¬

_ (¬1) مِسْح قُشَاسَاري بضم القاف وبالشين المعجمة قبل السين، منسوب إلى قُشَاسَار، وهي من بلاد الروم، وقيل: بينها وبين الشام. انظر: المغرب، "قساسار". (¬2) جمع المَنَا الذي يكال به السمن وغيره، وقيل: الذي يوزن به رطلان، والتثنية مَنَوَان والجمع أَمْناء، مثل سبب وأسباب، وفي لغة تميم منّ بالتشديد والجمع أمنان والتثنية منّان على لفظه. انظر: المصباح المنير، "منا". (¬3) م - فهو. (¬4) ع: قليل. (¬5) ع: أو كثير. (¬6) ف ع: بشيء. (¬7) م - شيئاً مما يكال. (¬8) القَتّ: اليابس من الإسْفِسْت، ودهن مُقَتَّت: هو الذي يطبخ بالرياحين حتى يطيب، والفاء تصحيف. انظر: المغرب، "قتت". والإسْفِسْت نوع من العلف. (¬9) ع - ما. (¬10) ع: يد.

باب الخيار

باب الخيار بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من اشترى شاة مُحَفَّلَة (¬1) فهو بخير (¬2) النظرين إلى ثلاثة أيام" (¬3). وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جعل رجلاً من (¬4) الأنصار بالخيار في كل بيع يشتريه ثلاثة أيام (¬5). والخيار عندنا ثلاثة أيام فما دونها، ولا يكون أكثر من ذلك. ولو جعلت المدة أكثر من ثلاثة أيام (¬6) فلا خير فيه (¬7) إن طالت المدة، فيدخل في هذا ما لا يحسن في طول المدة ويتغير (¬8) المبيع، وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالخيار جائز وأن اشترط شهراً أو أكثر من ذلك بعد أن يبين ذلك إلى وقت معلوم. فإذا اشترى الرجل السلعة على أنه بالخيار أربعة أيام فإن هذا بيع فاسد لا يجوز في قول أبي حنيفة. فإن اختار المشتري البيع قبل أن تمضي (¬9) ثلاثة أيام فذلك (¬10) له. وإن مضت الثلاثة الأيام (¬11) قبل أن يختار (¬12) فالبيع فاسد. وكذلك إن كان الشرط من الخيار للبائع. وقال أبو ¬

_ (¬1) م ع: محلفة، صح م هـ المحفّلة: الناقة أو البقرة أو الشاة التي حُفِّل اللبن في ضرعها أي جُمع بترك حلبها ليغتر بها المشتري فيزيد في الثمن. انظر: المغرب، "حفل". (¬2) ف م ع: بآخر. والتصحيح من ط؛ ومن مصادر الحديث. (¬3) صحيح مسلم، البيوع، 23 - 28؛ وسنن ابن ماجة، التجارات، 42؛ وسنن أبي داود، البيوع، 46؛ وسنن الترمذي، البيوع، 29؛ وسنن النسائي، البيوع، 14. (¬4) م + أهل. (¬5) سنن ابن ماجة، الأحكام، 24؛ وسنن الدارقطني، 3/ 54 - 55؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 273، ونصب الراية للزيلعي، 4/ 6. (¬6) ف - فما دونها ولا يكون أكثر من ذلك ولو جعلت المدة أكثر من ثلاثة أيام. (¬7) ع: في ذلك. (¬8) ف م ط: ويعتبر؛ ع: ويعسر. (¬9) ع: أن يمضي. (¬10) ع: فكذلك. (¬11) م ع: أيام. (¬12) م: أن يختاره.

يوسف ومحمد: الخيار أربعة أيام وخمسة أيام وأكثر (¬1) من ذلك بعد أن يسمي أجلاً معلوماً، فهو جائز إن اشترط ذلك المشتري أو البائع. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬2) على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم مات المشتري قبل أن يختار (¬3) فإن خياره ينقطع إذا مات، والبيع ماض (¬4). ألا ترى أن البيع قد كان لزمه غير أن للمشتري مشيئة في رده، فإذا مات لم تحول مشيئته إلى غيره. وكذلك إذا ذهب عقله أو أغمي عليه أو ارتد في هذه الثلاثة الأيام (¬5) عن الإسلام فقتل أو مات. وكذلك إن كان الخيار للبائع ثم مات قبل أن يختار فقد انقطع خياره، ولزمه البيع والقبض. وإن كان (¬6) الخيار لهما جميعاً فماتا جميعاً فقد انقطع الخيار ولزم (¬7) البيع. والقبض (¬8) في هذا (¬9) وغير القبض سواء. وإذا كان الخيار للمشتري وقد قبض السلعة فماتت في يديه (¬10) قبل أن يختار فقد (¬11) لزمه البيع وعليه الثمن. وكذلك إن تغيرت في يديه (¬12) بعيب أصابها به هو أو غيره أو أصابها من غير جناية أحد. وكذلك إن وطئها أو عرضها على بيع. فهذا كله خيار. وكذلك إذا قال: قد رضيتها أو قد اخترتها (¬13)، فالثمن له لازم في هذا كله. ¬

_ (¬1) ع: وكثر. (¬2) أي: مبيعاً. (¬3) ع: أن يختاره. (¬4) ع: ماضي. (¬5) م: أيام. (¬6) م: إن كان. (¬7) ف م: ولزمه. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 13/ 42. (¬8) ع - وإن كان الخيار لهما جميعاً فماتا جميعاً فقد انقطع الخيار ولزم البيع والقبض. (¬9) ع - هذا. (¬10) ق: في يده. (¬11) ع - فقد. (¬12) ع: في يده. (¬13) م ط: قد أجزتها.

فإن لم يصنع شيئاً مما ذكرت واختار ردها على البائع بغير محضر من البائع ثم هلكت في يده بعد ذلك فعليه الثمن. وليس اختياره بغير محضر من البائع (¬1) بشيء. لو شاء (¬2) أن يقول (¬3) بعد ذلك: قد رضيتها وأخذتها كان له ذلك. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: رده (¬4) بغير محضر من البائع جائز، وكان قوله الأول مثل قول أبي حنيفة. ولو اختار ردها (¬5) بقلبه كان ذلك باطلاً. وإذا كان الخيار للبائع وقد قبضها المشتري فماتت في يد (¬6) المشتري فعليه القيمة؛ لأنه قد أخذها على وجه البيع. ولو لم تمت (¬7) ولكن أعتقها البائع أو دبرها أو وهبها وقبضها الموهوبة له أو رهنها وقبضها المرتهن أو أجرها وقبضها المستأجر أو لم يقبضها (¬8) أو كاتبها أو وطئها فهذا كله اختيار ونقض للبيع. ولو لم يقبض ولم يصنع (¬9) شيئاً مما ذكرت واختار رد البيع بغير محضر من المشتري ولم يقبضها (¬10) منه كان هذا باطلاً، وكان المشتري ضامناً لقيمتها إن ماتت في يديه. وله بعد هذا المنطق أن يجيز (¬11) البيع ما دامت حية في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف كما وصفت لك: نقضه (¬12) جائز بغير محضر من المشتري. ¬

_ (¬1) ف م - ثم هلكت في يده بعد ذلك فعليه الثمن وليس اختياره بغير محضر من البائع، والزيادة من ع. ونفس العبارة في ط إلا أن فيه: "في يديه"، وزيادة "الرد" بعد "اختياره". والعبارة بمعناها في المبسوط، 13/ 44. وعبارة ب: ولو لم يكن شيء من ذلك فاختار الرد على البائع بغيبته لم يصح رده عند الحبرين والخيار باق. والمقصود بالحبرين أبو حنيفة ومحمد. (¬2) ف م ع: أو شاء. والتصحيح من ط. (¬3) ع: أو يقول. (¬4) ع: رد. (¬5) م: ذلك. (¬6) ع: في يدي. (¬7) ع: يمت. (¬8) ع: لم يعتقها. (¬9) ع: يفعل. (¬10) م: ولو لم يقبضها. (¬11) ع: أن يخير. (¬12) ع: بضعة.

وإذا اختار البائع إلزام البيع والمشتري غائب فهو جائز، والبيع لازم للمشتري. وليس للبائع بعد الرضى أن ينقض البيع. وقال يعقوب في (¬1) نقض صاحب الخيار البائع كان أو المشتري بغير محضر من صاحبه: جائز كما تجوز إجازته. وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يجوز ذلك إلا بمحضر من صاحبه (¬2) أو وكيل له في ذلك. وإذا اشترط المشتري الخيار (¬3) لابنه أو لأبيه (¬4) أو لأمه أو لأحد من أهله أو من غير أهله فهذا كله كاشتراطه الخيار لنفسه. وكذلك البائع. وإذا كانت (¬5) السلعة في يدي البائع وله الخيار أو الخيار للمشتري فلا ضمان على المشتري. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬6) وهو بالخيار ثلاثة أيام أو أكثر من ذلك أو أقل وكان البائع بالخيار أو المشتري فجاء به المشتري ليرده فقال البائع: ليس هذا الذي بعتك، وقال المشتري: بل هو الذي بعتني، فإن القول قول المشتري مع يمينه. فإن كان البيع لم يقبض واختلفا فيه والخيار ثلاثة أيام أو أقل فأراد البائع أن يلزمه البيع فقال المشتري: ليس هو هذا، فالقول قول المشتري مع يمينه، ولا يلزمه البيع إلا أن تقوم (¬7) عليه بينة أنه هو البيع، فيلزمه (¬8) البيع، فإن كان له الخيار رده إن شاء. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً واشترط الخيار لشريك له أو لابنه أو لبعض أهله ثلاثة أيام (¬9) ثم إن الذي كان له الخيار رد البيع على البائع بمحضر منه ¬

_ (¬1) ط - فى. (¬2) م ع - جائز كما تجوز إجازته وقال أبو حنيفة ومحمد لا يجوز ذلك إلا بمحضر من صاحبه. (¬3) ف + أو. (¬4) ف ع: لأبيه أو لابنه. (¬5) م: إذا كانت. (¬6) أي: مبيعاً. (¬7) ع: أن يقوم. (¬8) ف م ع: فلزمه. والتصحيح من ط. وفي ب: فيلزم المشتري إذا لم يكن له خيار. (¬9) ع - أيام.

قبل أن يمضي الأجل فرده جائز. وإن (¬1) لم يرده وقال المشتري: قد أجزته، وقال الذي له الخيار: لا أرضى، فالبيع لازم للمشتري، وليس له الخيار إذا رضي المشتري. وكذلك لو كان البائع اشترط الخيار لنفسه ولبعض (¬2) أهله فقال: قد أوجبت (¬3) البيع، وقال الذي له الخيار (¬4): لا أرضى (¬5)، فالبيع جائز. ولو قال البائع: قد رددت (¬6) البيع أو أبطلت، وقال الذي له الخيار: قد أوجبت (¬7) البيع، كان البيع باطلاً مردوداً على صاحبه؛ لأن الخيار إنما هو للبائع. ولو أوجب الذي له الخيار البيع للمشتري فدفعه إليه وقال البائع بعد ذلك: لا أجيزه، كان (¬8) البيع جائزاً. ¬

_ (¬1) ف م - إن؛ والزيادة من ع ط؛ والكافي، 1/ 168 ظ. (¬2) ف م ع: أو لبعض. والتصحيح من ط. وعبارة ب: وكذا لو شرطه البائع لغيره ثم أجازه البائع في المدة سقط خيارهما ولزم. وعبارة الحاكم: وكذلك لو كان البائع شرط الخيار لبعض أهله فقال: قد أوجبت البيع، وقال الذي له الخيار: لا أرضى، فالبيع جائز. انظر: الكافي، الموضع السابق. وكلام السرخسي الآتي يدل على أن العبارة في بعض النسخ "أو"، لكنه أشار إلى أنه خلاف الأصح. قال السرخسي: وكذلك لو كان البائع شرط الخيار لبعض أهله فقال: قد أوجبت البيع، وقال الذي له الخيار: لا أرضى، فهو جائز، وقد أشار في بعض نسخ البيوع إلى أنه إذا أجاز أحدهما وفسخ الآخر فما فعله العاقد أولى فسخا كان أو إجازة، لأن العاقد يتصرف بحكم ملكه، والآخر بحكم النيابة عنه، وفِقْهُ هذا الكلام أن الحاجة إلى الثابت للتصرف عند امتناع المنوب عنه عن التصرف بنفسه وذلك ينعدم إذا اقترن تصرفه بتصرف النائب، ولكن الأول أصح، وقد فسره في المأذون أن الفسخ أولى لما بينا، ولأن الخيار مشروط بالفسخ لا للإجازة، والفاسخ منهما يتصرف بحكم الخيار تصرفا شرع الخيار لأجله، فكان تصرفه أولى. انظر: المبسوط، 13/ 48 - 49. (¬3) ف م: قد أوجب؛ ع: قد أجبت. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 48. (¬4) ع + إذا رضي المشتري وكذلك لو كان البائع. (¬5) ع: لا رضى. (¬6) ف ع: قد اخترت؛ م: قد أجزت. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬7) ف م: قد أوجب. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬8) ف م: فكان.

وإذا كان المشتري بالخيار أو البائع والعبد عند المشتري، فالتقيا البائع والمشتري فيه فتناقضا البيع (¬1) أو ترادا، غير أن البائع لم يقبض من المشتري العبد حتى هلك، فإن المشتري ضامن. فإن كان الخيار له فهو ضامن للثمن. وإن كان الخيار للبائع فإنه ضامن لقيمته. ولا يجوز عتق المشتري فيه بعدما ترادا البيع، ولا هبته ولا بيعه ولا صدقته ولا إجارته (¬2). وعتق البائع فيه جائز. لأنه قد صار له أَخْذُه (¬3). وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطِّي (¬4) برأس ماله ولم يعلم ما هو ثم أخبره برأس ماله فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. وكذلك إذا أخذه المشتري برَقْمِه (¬5) ولم يعلم ما هو ثم علم ما رقمه فهو بالخيار: إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. وكذلك إذا استهلكه المشتري (¬6) قبل أن يخبره برقمه وثمنه فعليه القيمة. ولو اشترى رجل (¬7) من رجل عِدْل بَزّ على أنهما فيه بالخيار ثلاثة أيام فقال البائع: قد ألزمتك البيع، وقال المشتري: لا أقبله، فإن البيع لا يلزمه. وكذلك لو قال المشتري (¬8): قبلت البيع، وقال البائع: لا ألزمكه (¬9)، فإن البيع لا يلزم المشتري. ولا يلزم البيع في هذه المنزلة حتى يجتمعا على إجازة (¬10) البيع. وإذا اشترى الرجل بيعاً من رجل على أنه إن لم ينقده الثمن إلى ثلاثة ¬

_ (¬1) م - البيع. (¬2) ع: ولا صدقة ولا إجارة. (¬3) ف م: واحده؛ ع: وأخذه؛ ط: وحده. والتصحيح من ب جار. (¬4) م: نطي. (¬5) التاجر يَرْقُم الثياب أي يُعلمها بأن ثمنها كذا، ومنه: لا يجوز بغ الشيء برَقْمِه. انظر: المغرب، "رقم". وقال الفيومي: رقمت الشيء أعلمته بعلامة تميزه عن غيره كالكتابة ونحوها، ومنه: لا يباع الثوب برقمه ولا بلمسه. انظر: المصباح المنير، "رقم". (¬6) م - المشتري. (¬7) ف - رجل. (¬8) م ع: المشتري لو قال. (¬9) ع: لا ارمكه. (¬10) ع: على إجازته.

أيام فلا بيع بينهما فهذا جائز. فإن كان عبداً أو أمةً أعتقه ثم لم ينقده حتى مضت الثلاثة الأيام جميعاً فالبيع جائز، والعتق جائز، وعليه الثمن. وكذلك إن قال: إن لم ينقده (¬1) اليوم الثمن أو إلى يومين، فلا بيع بيني وبينك. ولو اشترى اثنان شيئاً على أنهما بالخيار (¬2) فاختار أحدهما رده واختار الآخر إمساكه فليس لواحد منهما أن يرد حصته دون الآخر؛ لأنهما صفقة واحدة، ولا يرد بعضها دون بعض. وكذلك لو كانا وصيين أو شريكين شركة عنان وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فلأحدهما أن يرد دون صاحبه. فإن اختار أحدهما جاز ذلك، وكان للآخر أن يرد إن شاء. وأما إذا كانا متفاوضين فإن قال أحدهما للبائع: قد أجزت البيع، فهو جائز عليه وعلى شريكه، وليس لشريكه أن يرده. وكذلك إذا باعا بيعاً واشتُرط الخيار لهما، فأيهما ما أمضى البيع على المشتري جاز على الآخر، وأيهما نقض البيع قبل أن ينقضه الآخر فهو منتقض، ليس للآخر أن يمضيه إلا ببيع مستقبل. وإذا اشترى الرجل لابنه وهو صغير في عياله أو باع له واشترط الخيار لنفسه أو اشترط الخيار المشتري عليه فهو جائز. وإذا كان البائع أو المشتري بالخيار ثلاثة أيام فمضت الثلاثة قبل أن يختار فقد جاز البيع ولزم المشتري. وكذلك إذا مات صاحب الخيار كان البيع جائزاً لازماً له، ولا يورث الخيار، ولا يكون لغير الذي اشترطه. وإذا اشترى الرجل بيعاً (¬3) على أنه فيه بالخيار إلى غد أو إلى الليل أو إلى الظهر فإن له الخيار الغد كله والليل كله (¬4) ووقت الظهر كله (¬5). وهذا ¬

_ (¬1) ط: لم ينقد. (¬2) ع - ولو اشترى اثنان شيئاً على أنهما بالخيار. (¬3) ع - بيعا. (¬4) ع - كله. (¬5) م - ووقت الظهر كله.

قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن له الخيار إلى مطلع الفجر أو إلى أن تغيب الشمس أو إلى أن تزول (¬1) الشمس. وإذا اشترى (¬2) الرجل بَيْعاً لرجل واشترط له الخيار بأمره فقال البائع: قد رضي الآمر، والآمر غائب، فإن البائع لا يصدق، وليس على المشتري يمين في ذلك. ولو كانت عليه يمين لم يكن له أن يرده حتى يحضر الآمر. وله أن يرده بغير يمين. وليس بخصم فيما يدعي (¬3) البائع على الآمر. وهو في ذلك بمنزلة الأجنبي. وإنما هو خصم في خصومة ما بينهما لا في غير ذلك. وإذا أقام البائع البينة أن الآمر قد رضي فإن البيع لازم للآمر. وإن لم تقم (¬4) له بينة على ذلك فقال المشتري: قد رضي الآمر، وصدقه البائع، وقال الآمر في الثلاثة الأيام: قد أبطلت البيع بمحضر من البائع قبل أن يمضي أجل الخيار، فإن البيع يلزم المشتري، ولا يلزم الآمر. فإن كانت هذه المقالة منهم (¬5) بعدما مضى الخيار فإن البيع يلزم الآمر (¬6). ألا ترى أنه قد لزمه قبل أن يتكلم بشيء من أمر الخيار. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطِّي (¬7) أو جِرَاب هروي فيه خمسون ثوباً كل ثوب بكذا كذا، أو جماعة بألف درهم، على أنه بالخيار ثلاثة أيام، فأراد أن يرد بعضه دون بعض، فليس له ذلك، وإنما له أن يأخذه كله أو يرده كله. وكذلك الطعام وكل ما يكال أو يوزن مجازفة أو مكايلة. وكذلك العروض كلها والحيوان إذا اشتراها صفقة واحدة وهو بالخيار ثلاثة أيام، فليس له أن يرد بعضه دون بعض. وإذا اشترى الرجل ثوبين كل واحد منهما بعشرة دراهم على أنه بالخيار فيهما ثلاثة أيام وقبضهما، فهلك أحدهما فليس له أن يرد ¬

_ (¬1) م ع: إلى نزول. (¬2) ف: اشترط. (¬3) ف م + على. (¬4) ع: لم يقم. (¬5) ط: منه؛ وقال المحقق شحاتة: في الأصول: منهم. وهو الصحيح، لأن المقالة صدرت من ثلاثة أشخاص. (¬6) ف م: للآمر. (¬7) م: نطي.

الباقي منهما، وعليه الثمن كله. وكذلك لو لم يهلك ولكنه أصابه عيب عنده من عمله (¬1) أو من غير عمله. وكذلك لو باعه أو باع بعضه فإنه لا يستطيع أن يرد الصحيح منهما بالخيار إلا وهذا معه؛ لأنهما صفقة واحدة، وقد لزم الذي دخله العيب، فإذا لزمه ذلك لزمه الآخر. وإذا كان له الخيار أن يأخذ أحدهما (¬2) دون الآخر ولم يكن له إلا أن يأخذ واحداً بعشرة فهلك أحدهما أو دخله عيب من عمله أو من غير عمله فإنه يلزمه الذي هلك أو الذي دخله عيب بعشرة ويرد الباقي. وإذا لم يهلك ولم يدخله عيب ثم هلكا جميعاً معاً فإن عليه نصف ثمن كل واحد منهما. وكذلك لو كانا مختلفي الثمن. فإن كانا قائمين (¬3) بأعيانهما واختار أحدهما ألزمته (¬4) ثمنه وكان في الآخر أميناً، فإن ضاع عنده (¬5) بعد ذلك لم يكن عليه ضمان. وأصل هذا البيع في القياس فاسد؛ لأنه اشترى ما لم يعرف وما لم يعلم. ألا ترى أنه لو اشترى ثوباً من عشرة أثواب أو أكثر من ذلك فقال: آخذ أيها (¬6) شئت (¬7)، أو قال البائع: ألزمك (¬8) أيها شئت، أو كانت حيواناً (¬9) من البقر والإبل والغنم فقال: قد أخذت منك واحدة من هذه بعشرة، كان هذا باطلاً لا يجوز. ولكني أستحسن في ذلك في الثوبين والثلاثة إذا كان المشتري قد قبض واختاره. وإذا اشترى الرجل خادمين إحداهما (¬10) بألف درهم، والأخرى بخمسمائة، على أن يأخذ أيهما شاء ويترك الأخرى، فأعتقهما جميعاً في كلمة واحدة، فإنه يخير: فأيهما (¬11) اختار (¬12) وقع العتق عليها بالثمن الذي يسمى (¬13)، ويرد الأخرى. ¬

_ (¬1) ع + أو من عمل غيره. (¬2) ع: أن يأخذهما. (¬3) ع: باقيين. (¬4) ع: لزمته. (¬5) ع: عبده. (¬6) ف: خذ أيها؛ م: احداهما. (¬7) ع: نسيت. (¬8) ع: ألزمتك. (¬9) ع: كان حيوان. (¬10) ف م: أحدهما. والتصحيح من ط. (¬11) ف: يخيره أيهما. (¬12) ف م: اختاره. (¬13) ع: تسمى.

ولو (¬1) لم يعتق (¬2) واحدة منهما ولم يطأ غير أنه حدث بهما عيب لا يدري أيهما أول، فقال البائع: قد أخذت التي ثمنها ألف درهم، وقال المشتري: قد أخذت التي ثمنها خمسمائة أول مرة، فالقول قوله، ويرد الأخرى ونصف قيمة العيب في القياس. ولكني أستحسن أن يردها ولا يرد نصف قيمة العيب، أستحسن ذلك. فإن (¬3) حدث بهما جميعاً العيب معاً فإنه يرد أيهما شاء، ويمسك الأخرى، ولا يرد نصف قيمة العيب، أستحسن ذلك. ولو حدث لإحداهما (¬4) عيب آخر بعد ذلك أو ماتت أو جنى عليها المشتري جناية لزمته، ورد الأخرى. وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن كان أعتق البائع الذي اختار المشتري فلا يقع عليها عتق. فإن كان البائع قد أعتقهما (¬5) جميعاً أعتقت الذي (¬6) يرد (¬7) عليه منهما. وإن لم يعتق واحد من الموليين غير أن المشتري وطئ الجاريتين جميعاً، فحبلت (¬8) كل واحدة منهما منه، ثم مات قبل أن يبين (¬9) أيتهما اختار، فإن علم أيتهن (¬10) وطئ أول مرة فهي أم ولد له، وعليه ثمنها (¬11)، ويرد الأخرى وولدها على البائع وعقرها، ولا يثبت نسبه من المشتري، ويكون على المشتري عقرها. فإن لم يعلم أيهما وطئ أول مرة فالقول قوله إن كان حياً. وإن كان ميتاً فالقول قول ورثة (¬12) المشتري أيضاً. فإن قالوا: لا نعلم، فإنه يلزم المشتري نصف (¬13) ثمن كل واحدة ونصف عقر كل واحدة، وتسعى كل واحدة منهما في نصف قيمتها للبائع، ويسعى ولد كل ¬

_ (¬1) ع - ولو. (¬2) ع: ولم يعتق. (¬3) ع: وإن. (¬4) م: حدث بهما. (¬5) ع: قد أعتقها. (¬6) ع - الذي. (¬7) ع: ترد. (¬8) ع: فجلت. (¬9) ع: أن يتبين. (¬10) ط: أيتهما. وقال شحاتة: في الأصول: أيتهن. والجمع يستعمل في مكان المثنى. (¬11) ف م ع: ثمنه. والتصحيح من ط. (¬12) ع: ورثته. (¬13) ع - نصف.

واحد منهما في نصف قيمته للبائع، ولا يثبت نسب واحد منهما. وإذا وطئهما (¬1) البائع مع المشتري وادعى هو والمشتري الولدين جميعاً فالقول قول المشتري، أيهما قال: هو أول، هو ولده، وأمه أم (¬2) ولده، وعليه عقر الأخرى، والأخرى وولدها للبائع، يثبت نسبه منه، وعلى البائع عقر أم ولد المشتري؛ لأنه كان وطئها معه، فلما صارت أم ولد المشتري جعلتُ على البائع العقر بالوطء، وجعلت على المشتري عقر أم ولد البائع أيضاً. فإن مات البائع والمشتري ولم يبينوا (¬3) شيئاً من ذلك فالقول قول ورثة المشتري. فإن لم يعلموا ذلك لم يثبت نسب واحد من الولدين من المشتري ولا من البائع، والأمتان وأولادهما أحرار، وولاء أولادهما بين المشتري والبائع، [وعلى المشتري نصف ثمن كل واحدة منهما] (¬4)، وعلى البائع والمشتري نصف عقر كل واحدة (¬5) منهما، فهذا قصاص. وإذا اشترى الرجل لرجل عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام، فاختلفا في الخيار، فقال البائع: قد مضى الخيار فلا خيار لك، وقال المشتري: لم يمض (¬6) الخيار، وقد تصادقا (¬7) على أنه بالخيار ثلاثة أيام، فالقول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة أنه قد مضى. وإن كان الخيار للبائع فاختلفا فيه فالقول قول البائع: إنه لم يمض (¬8)، وعلى المشتري البينة أنه قد مضى. وإذا اختلفا فقال المشتري: في خيار ثلاثة أيام، وقال البائع: إنما لك خيار يومين، فالقول قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة؛ لأنه مدعي. وكذلك لو قال البائع: في خيار يومين، وقال المشتري: بل لك خيار يوم، فإن القول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة. ¬

_ (¬1) ف م ع: وإذا وطئها. والتصحيح من ط. (¬2) ع: أو. (¬3) ع: ينبتوا. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 169 و؛ والمبسوط، 13/ 59. (¬5) ف م ع: كل واحد. (¬6) ع: لم يمضي. (¬7) ع: تصادقها. (¬8) ع: لم يمضي.

وإن قال المشتري: لي خيار، وقال البائع: ما شرطت لك خياراً (¬1)، فإن القول قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة؛ لأنه مدعي. وقال أبو يوسف: القول قول الذي يقر بالبَتَات في البيع، والمدعي بالخيار، عليه البينة. وإن قال البائع: في الخيار (¬2)، وقال المشتري: ما لك خيار، كان القول قول المشتري مع يمينه، وعلى البائع البينة. وأيهما ادعى الخيار فإنه لا يصدق إلا ببينة، والقول قول الآخر، في قول أبي يوسف ومحمد. ولو كان المبيع داراً كان للبائع فيها خيار لم يكن فيها شفعة؛ لأن البيع (¬3) لم يجب بعد. وإن كان الخيار للمشتري فللشفيع فيها شفعة؛ لأن البيع قد وجب. وإذا قال الرجل للرجل: اذهب بهذه السلعة، فانظر إليها اليوم، فإن رضيتها فهي لك بألف درهم، فقال: نعم، فهذا وقوله: قد أخذتها بالألف وأنا بالخيار إلى الليل، سواء. وإذا كان المشتري بالخيار في الجارية (¬4) ثلاثة أيام فاستخدمها فليس هذا اختياراً (¬5)، وإنما يجعل الخيار في الرقيق لهذا. وكذلك لو كانت دابة فركبها ينظر إليها أو إلى سيرها. وكذلك لو كان قميصاً فلبسه ينظر إلى قدره عليه، فهو على خياره، وأن لبسه بعد ذلك فقد رضيه. وإذا سافر على الدابة فقد رضيها. واذا سكن الدار فقد رضيها وأبطل الخيار. وإذا غشي الجارية أو لمسها لشهوة (¬6) أو قبلها لشهوة (¬7) فقد رضيها، وأبطل الخيار. وكذلك إذا نظر (¬8) إلى فرجها من شهوة. وكذلك إذا أصابها عنده عيب من فعله أو من فعل غيره أو أصابها بلاء عنده فإن هذا كله ¬

_ (¬1) ع: خيار. (¬2) م ع: خيار. (¬3) ع - البيع. (¬4) ع: في الخيارية. (¬5) ف ع: فليس له اختيار؛ م: فليس لها اختيار. (¬6) م: بشهوة. (¬7) م: بشهوة. (¬8) ف: إن نظر.

بمنزلة الرضى. وإن كانت الأمة هي التي نظرت إلى فرج الرجل أو لمسته لشهوة (¬1) أو قبلته لشهوة (¬2)، فأقر السيد بذلك أنها (¬3) فعلت ذلك من شهوة، فقد جازت عليه؛ لأنه إذا أقر بذلك منها (¬4) حرمت عليه ابنتها وأمها. وكذلك هذا في الرجعة، وهو قول أبي يوسف، قاسه على قول أبي حنيفة. وأما في قول محمد فلا يكون ما صنعت الجارية بالمشتري رضى من المشتري؛ لأنه لم يصنع. ولو لم يكن الخيار للمشتري وكان للبائع فجامعها أو لمسها من شهوة أو قبلها من شهوة كان هذا نقضاً للبيع. وإذا باع الرجل خادماً لرجل بأمره واشترط الخيار لآمره فقال البائع: قد رضي الآمر، وأجاز البيع، وقال الآمر: ما رضيت ولا أجزت، فإن القول قول الآمر، ولا يمضي البيع، وعلى الآمر اليمين ما أجازه. وإن اختلف الآمر والمشتري في الخادم فقال الآمر: ليس هذه بخادمي، وقال المشتري: هي الخادم التي اشتريت منك، فالقول في ذلك قول المشتري (¬5) مع يمينه. وكذلك لو كان المشتري بالخيار فردها فاختلفا فيها (¬6) فالقول في ذلك قول المشتري مع يمينه. فإذا رضي الذي (¬7) له الخيار (¬8) بالبيع بقلبه من غير أن يقول قولاً أو يصنع شيئاً يوجب البيع فإن الرضا له بالقلب ليس بشيء. ولا يكون رضاً بالقلب حتى يتكلم أو يعمل عملاً يعرف أنه قد رضي بعمله ذلك. وإذا أجمع على ردها بقلبه فليس بشيء (¬9)، وله بعد هذا أن يأخذها وأن يوجب البيع. وأن لم (¬10) يكن للخيار وقت فلصاحبه أن يأخذ بالخيار ما بينه وبين ¬

_ (¬1) ف م: بشهوة. (¬2) ف م: بشهوة. (¬3) ع: انما. (¬4) ع - منها. (¬5) ع + هي الخادم التي اشتريت منك فالقول في ذلك قول المشتري. (¬6) ع - فيها. (¬7) ف - الذي. (¬8) ع - الخيار. (¬9) ع + بشيء. (¬10) ف م - لم؛ والزيادة من ع ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 62.

ثلاثة أيام، فإذا مضت الثلاثة الأيام قبل أن يختار البيع فالبيع فاسد؛ لأن الخيار لا يكون أكثر من ثلاثة أيام في قول أبي حنيفة. وإذا اشترى الرجل عبدين أحدهما بألف والآخر بخمسمائة، على أن يأخذ أحدهما ويرد الآخر أيهما شاء، وعلى (¬1) أنه لا يأخذهما جميعاً، فماتا جميعاً، فقال البائع: مات الذي بألف قبل، وقال المشتري: بل مات الذي بخمسمائة قبل، فإنه لا يصدق (¬2) واحد (¬3) منهما على ما قال. غير أن على المشتري اليمين بالله ما يعلم أن الذي بألف مات أولاً، ويحلف البائع بالله ما يعلم أن الذي (¬4) بخمسمائة مات أولاً. فأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وإن حلفا جميعاً لزمه نصف ثمن كل واحد منهما. وقال يعقوب بعد ذلك: القول قول المشتري في ذلك، وأيهما زعم أنه (¬5) الذي مات أول (¬6) فالقول قوله مع يمينه. لأنه مدعي عليه الفضل إلا أن يقيم الآخر بينة. وهذا قول محمد. فإن قامت البينة لكل واحد منهما على دعوى صاحبه لزم المشتري ألف درهم؛ لأن البائع يدعي الفضل. وكذلك لو لم يموتا جميعاً ولكن حدث بهما جميعاً عيب (¬7) ثم ماتا، ثم قامت بينة أن الذي بألف درهم مات أولاً، وأقام المشتري البينة أن الذي بخمسمائة مات أول. فإذا جاءت البينتان جميعاً أخذت ببينة الألف. وكذلك لو جاؤوا متفرقين. وهو قول محمد. وإذا اشترى (¬8) الرجل عبداً على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام، فقُطِعَت ¬

_ (¬1) م + المشتري. (¬2) م - يصدق. (¬3) ع: واحدا. (¬4) ف - بألف مات أولا ويحلف البائع بالله ما يعلم أن الذي. (¬5) ف م ع: أن. والتصحيح من ط. (¬6) ط: أولا. وقال شحاتة: في الأصول: أول. وهو صحيح لا حاجة إلى تغييره. (¬7) ع: عيبا. (¬8) م - اشترى.

يد العبد عند المشتري، فقطعها (¬1) المشتري أو غيره، فإن البائع بالخيار: إن شاء ألزمه البيع وأخذ الثمن، وإن شاء أخذ عبده وأخذ نصف قيمته من المشتري واتبع المشتري القاطع. وإن كان البائع هو الذي قطع يد العبد ثم أراد أن يلزم المشتري البيع فليس له ذلك. وقطعه يده اختيار للبيع ورد له. وإذا اشترى الرجل جارية على أنه (¬2) فيها بالخيار، فولدت عنده، أو وطئها هو أو غيره بفجور أو غير ذلك، فإن الخيار قد انقطع، ولزمه البيع؛ لأن هذا شيء حدث فيها يلزم البيع في مثله. وإذا اشترى (¬3) النصراني من النصراني خمراً على أنه بالخيار ثلاثة أيام، ثم أسلم المشتري قبل الثلاث، فله أن يرد الخمر، وقد انتقض البيع. وكذلك رجل مسلم اشترى (¬4) من مسلم عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام، ثم ارتد عن الإسلام المشتري قبل أن تمضي (¬5) الثلاث، فله أن يرد العبد، ولا يوجب عليه الإسلام ولا الكفر [شيئاً] (¬6). وإذا اشترى (¬7) النصراني من النصراني (¬8) خمراً فلم يقبضها حتى أسلم المشتري فلا بيع بينهما. وكذلك لو كان البائع هذا الذي أسلم. وهذا استحسان، وليس بقياس. وإذا اشترى الرجل عبدين بألف درهم على أن أحدهما له (¬9) لازم، والآخر هو فيه بالخيار (¬10) إن شاء أمسكه وإن شاء رده، فهذا فاسد لا يجوز؛ لأنه لا يعرف الذي يلزمه (¬11) والذي هو فيه بالخيار. فإن ماتا وقد ¬

_ (¬1) ط: قطعها؛ وقال: في الأصول: فقطعها. (¬2) ع - أنه. (¬3) ف + الرجل. (¬4) ع: اشتر. (¬5) ع: أن يمضي. (¬6) الزيادة من ط؛ والمبسوط، 13/ 64. (¬7) ع: اشترط. (¬8) ع - النصراني. (¬9) ع - له. (¬10) ع: الخيار. (¬11) ف م ع: الزمه؛ ط: لزمه. والتصحيح من الكافي، 1/ 169 ظ.

باب الخيار بغير شرط

اشتراهما بألف درهم وقيمتهما ألفان فهو ضامن لقيمتهما (¬1). واذا اشترى النصراني من النصراني خمراً أو خنزيراً وهو بالخيار ثلاثة أيام، فأسلما جميعاً أو أحدهما قبل صاحبه قبل أن يمضي الخيار، فإن البيع فاسد (¬2) ينتقض (¬3)، قبض أو لم يقبض، في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد إذا قبض المشتري لزمه البيع، ووجب عليه الثمن. وهذا كالرؤية. ... باب الخيار بغير شرط واذا اشترى الرجل جِرَاب هروي أو عِدْل زُطِّي (¬4) أو سمناً أو زيتاً في زِقّ أو حنطة في (¬5) جُوَالِق (¬6) ولم ير شيئاً من ذلك، فهو بالخيار إذا رآه. وليس للخيار في هذا (¬7) وقت. فإن رأى بعضها ولم ير كلها (¬8) فهو فيما بقي من الثياب بالخيار، ويرد ما لم ير وما قد رأى. ولو بقي ثوب واحد لم يره كان له أن يردها (¬9) جميعاً. وكذلك كل حيوان أو عروض مما لا يكال ولا يوزن. وأما (¬10) السمن والزيت والحنطة فإن كان الذي لم يره مثل الذي قد رآه فهو له لازم، لأنه شيء واحد. فإن اختلفا فقال المشتري: قد تغير، وقال البائع: لم يتغير، فالقول في ذلك قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة. وإن رأى الرجل متاعاً مطوياً ولم ينشره ولم يفتشه فاشتراه على ذلك، فالبيع له لازم، ولا خيار له فيه. ¬

_ (¬1) ع: لقيمتها. (¬2) م ع - فاسد. (¬3) ع + قبل. (¬4) م: نطي. (¬5) م + في. (¬6) ع: في جواليق. (¬7) ع - هذا. (¬8) ع: كله. (¬9) ع: أن يردهما. (¬10) م: أما.

ولو نظر إلى مملوك (¬1) أو إلى دابة كائنة (¬2) ما كانت ثم اشتراها بعد من صاحبها بعد ذلك بشهر لم يكن فيه خيار. فإن قال المشتري: قد تغيرت عن حالها الذي رأيتها عليه، فعليه (¬3) البينة على ما قال. فإن لم تكن (¬4) له بينة فعلى البائع اليمين بالله. فإن نكل عن اليمين بطل البيع. وإن حلف مضى البيع على المشتري. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬5) ولم يره، ثم أرسل رسولاً مِن قِبَله فقبضه، فهو بالخيار إذا رآه، ولا يوجبه عليه نظر الرسول إلى المتاع وقبضه إياه. ولو وكل وكيلاً يقبضه (¬6) كان قبض الوكيل عليه جائزاً (¬7)، ولا خيار له بعد نظر الوكيل إليه، وليس الوكيل في هذا كالرسول، وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالوكيل والرسول في ذلك سواء، والمشتري فيهما جميعاً بالخيار إذا رأى، إن شاء أخذ (¬8) وإن شاء ترك (¬9)؛ لأن المشتري لم يوكله بالرؤية بشيء ولم يرض (¬10) به، إنما وكله بالقبض. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطّي (¬11) ولم يره، ثم باع منه ثوباً أو لبسه حتى تغير أو قطعه، ثم نظر إلى ما بقي فلم يرضه، فليس له أن يرده، فالبيع (¬12) له لازم، إنما له أن يأخذ كله أو يرد كله، إلا أن يجد (¬13) به عيباً فيرده بالعيب. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطِّي (¬14) بثمن واحد، أو كل (¬15) ثوب بعشرة، أو كر حنطة، أو خادمين، أو شيئاً (¬16) مما يكال أو يوزن، فحدث في شيء منه عيب قبل أن يقبضه، فهو بالخيار، إن شاء أخذه كله وإن شاء ¬

_ (¬1) ع + أو إلى أمة. (¬2) ع: كابنه. (¬3) ع: فله. (¬4) ع: لم يكن. (¬5) أي: مبيعاً. (¬6) م - يقبضه. (¬7) ع: جائز. (¬8) ع: أخذه. (¬9) ع: تركه. (¬10) ع: يرضا. (¬11) م: نطي. (¬12) ع: والبيع. (¬13) ع: أن تجد. (¬14) م: نطي. (¬15) ع: وكل. (¬16) ف م ع: أو شيء.

تركه كله، وليس له أن يأخذ الذي ليس به عيب بحصته من الثمن ويرد الذي به العيب؛ لأنها صفقة واحدة. ولو كان قبض ثم رأى العيب لزمه الذي ليس به عيب بحصته من الثمن (¬1)، وكان بالخيار في الذي به العيب، إن شاء رده وإن شاء أمسكه. وأما ما كان من كيل أو وزن من ضرب واحد فقبضه ثم وجد به عيباً بعد ذلك قد دلسه به فليس له إلا (¬2) أن يأخذه (¬3) جميعاً أو يرده (¬4) جميعاً. وإذا اشترى الرجل عِدْل زُطي (¬5) أو جِرَاب هروي أو شيئاً (¬6) من العروض أو الحيوان صفقة واحدة، فاستحق بعضه قبل أن يقبض، أو حدث به عيب (¬7)، أو كان به عيب قبل أن يشتريه فاطلع عليه قبل أن يقبض، فالمشتري (¬8) بالخيار، إن شاء أخذه كله (¬9) وأن شاء رده (¬10) كله، وليس له أن يأخذ بعضه دون بعض؛ لأنها صفقة واحدة، ولأنه لم يقبضه. وإن كان قد قبضه ثم استحق بعضه أو وجد ببعضه عيباً فإن له أن يرفى الذي به العيب خاصة، ويمسك ما سواه، ويرجع بثمن ما استحق خاصة، ويلزمه ما بقي (¬11) مما لم يستحق. ولو كان ثوباً واحداً أو عبداً واحداً مما لا يتبعض فاستحق بعضه كان له أن يرد ما بقي. ولو كان ثوبين فاستحق (¬12) أحدهما جاز عليه الآخر إذا كان الاستحقاق بعد القبض. ولو كان قبض أحدهما ولم يقبض الآخر ثم استحق الذي قبض أو الآخر أيهما ما كان فله الخيار في الباقي بحصته من الثمن، إن شاء أخذ بذلك وإن شاء تركه؛ لأنه لم يقبض ما اشترى كله. ¬

_ (¬1) ع - ويرد الذي به العيب لأنها صفقة واحدة ولو كان قبض ثم رأى العيب لزمه الذي ليس به عيب بحصته من الثمن. (¬2) ع - له إلا. (¬3) م: أن يأخذ. (¬4) ع: أو يرد. (¬5) م: نطي. (¬6) م ع: أو شيء. (¬7) ع: عيبا. (¬8) ف: فللمشتري. (¬9) ع - كله. (¬10) ع: تركه. (¬11) ع - بقي. (¬12) ع + بعضه كان له أن يرد ما بقي ولو كان ثوبين فاستحق.

وإذا اشترى شيئاً مما يكال أو يوزن صفقة واحدة فاستحق بعضه فإن له أن يترك ما بقي، ولا يأخذه (¬1) إن كان استحق قبل القبض. وكذلك إن وجده ناقصاً فله أن يتركه (¬2)، وأن شاء أخذه (¬3) بحصته من الثمن. فإن كان اشترى عِدْل زُطِّي (¬4) بثمن واحد فوجده ناقصاً أو زائداً فلا خير في البيع، وله أن يرده. وإن كان سمى لكل ثوب ثمناً فلا خير فيه إذا كان زائداً؛ لأن الذي وقع عليه البيع في هذا مجهول لا يعرف. وإن كان ناقصاً فعلم بذلك قبل أن يقبض أو بعد ما قبض فهو بالخيار، إن شاء ترك، وإن شاء أخذ ما بقي بما سمى لكل ثوب من الثمن. وإذا اشترى الرجل كر حنطة بخمسين درهماً فوجده ناقصاً فإن شاء أخذه بحصته من الثمن؛ لأن هذا يعرف (¬5) ما يصيبه (¬6) من الثمن، فليس هذا كالعروض التي ثمنها (¬7) جملة واحدة. واذا اشترى الرجل أمتين صفقة واحدة، فإذا إحداهما (¬8) أم ولد أو (¬9) مدبرة أو مكاتبة، فعلم قبل القبض، فالمشتري بالخيار، إن شاء لم يلزمه الأمة الباقية، وأن شاء أخذها بحصتها من الثمن. والأعمى في كل ما اشترى إذا لم يُقَلِّبْ ولم يَجُسّ بالخيار، فإذا قَلَّبَ أو جَسّ فهو بمنزلة النظر من الصحيح، ولا خيار له إذا لم يجد به عيباً. فإن وجد به عيباً فهو بمنزلة الصحيح. ... ¬

_ (¬1) ع: ولا خذه. (¬2) ع: أن يترك. (¬3) ع: يأخذه. (¬4) م: نطي. (¬5) ف م ع: هذا لا يعرف. والتصحيح من فى وعبارة ب جار: ولو اشترى كر حنطة بكذا فوجده ناقصا خير بين أخذ الباقي بحصته وبين الترك لأن حصته معلومة بخلاف العروض التي ثمنها جملة غير مفصل. (¬6) ع: ما نصيبه. (¬7) ع: ثمنا. (¬8) ع: أحدهما. (¬9) ع: أم.

باب المرابحة

باب المرابحة وإذا اشترى الرجل بيعاً نسيئة فليس له أن يبيعه مرابحة حتى يبين (¬1) له أنه اشتراه (¬2) نسيئة. فإن باعه مرابحة وكتم ذلك فالمشتري بالخيار إذا اطلع على ذلك: إن شاء رده وأخذ ماله، وإن شاء أجاز البيع. فإن كان المشتري قد استهلك البَيْع (¬3) أو قد استهلك بعضه فالبيع لازم له جائز عليه، وليس له (¬4) أن يرد ما بقي منه بذلك، ولا يرجع في شيء من الثمن. وإذا اشترى الرجل خادماً أو ثوباً أوطعاماً أو دابةً فأصاب الخادم بلاء ذهب (¬5) من ذلك (¬6) بصرها، أو لزمها من ذلك عيب، أو أصاب الدابة من ذلك عيب (¬7)، أو أصاب الثوب من ذلك عيب (¬8)، أو أصاب الطعام شيء فدخله من ذلك عيب، فلا بأس أن يبيع ذلك مرابحة. ألا ترى أن الثوب لو اصفر أو توسخ وكان ذلك ينقصه فلا بأس بأن يبيع ذلك مرابحة (¬9). ولو أصاب من غلة الخادم أو الدابة أو الدار أو العبد [شيئاً] (¬10) باعه (¬11) مرابحة؛ لأن الغلة ليست من أصل ذلك البيع. وإن أصاب العبد شيء (¬12) من ذلك عيب من عمل المولى ينقصه فلا يبيع شيئاً من ذلك مرابحة حتى يبين ذلك. وكذلك إذا أصابه من عمل غيره؛ لأنه ضامن لما نقصه. فإن كان عمله بإذن المولى فهو إذاً بمنزلة ¬

_ (¬1) ع: حتى تبين. (¬2) ف م - اشتراه؛ والزيادة من ع ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 78. (¬3) أي المبيع. (¬4) ف: وله جائز وليس عليه. (¬5) ع: أذهب. (¬6) ع - من ذلك. (¬7) ع: عيبا. (¬8) م - أو أصاب الدابة من ذلك عيب أو أصاب الثوب من ذلك عيب. (¬9) ع - ألا ترى أن الثوب لو اصفر أو توسخ وكان ذلك ينقصه فلا بأس بأن يبيع ذلك مرابحة. (¬10) ف م ع - شيئاً. والتصحيح من الكافي، 1/ 170 و. (¬11) ف - باعه. (¬12) ف م ع: شيئاً. والتصحيح من ط.

المولى. إذا باع (¬1) شيئاً من ذلك ولم يبينه فالمشتري بالخيار: إن شاء رد البيع، وإن شاء أمسكه. وإن كان قد استهلكه أو بعضه لزم البيع، ولم يكن للمشتري أن يرده، ولا يرد ما بقي، ولا يرجع في شيء من الثمن. وإذا ولدت الجارية أو الغنم أو البقر أو الإبل أو أثمر النخل أو الشجر فلا بأس بأن يبيعه مرابحة وذلك معه. فإن استهلك المولى ذلك فليس له أن يبيع (¬2) شيئاً من ذلك مرابحة حتى يبين ما أصاب من ذلك. وكذلك ألبان الغنم وأصوافها وسُمُونها، ما أصاب (¬3) من ذلك من شيء فلا يبيع (¬4) شيئاً من ذلك مرابحة حتى يبين ما أصاب منها. فإن كان قد أنفق (¬5) عليها ما يساوي ذلك في علفها أو ما يصلحها فلا بأس بأن يبيعها مرابحة ولا يبين ذلك. وإن لم يكن أنفق عليها شيئاً ولم يصب من أولادها ولكنها مَوَّتت (¬6)، أو أصاب الغلة آفة فأهلكتها (¬7)، فله أن يبيع ذلك مرابحة ولا يبين ذلك وإن كان ذلك (¬8) قد نقص الخادم أو الإبل أو الغنم أو البقر. وإذا اشترى الرجل متاعاً فله أن يجعل عليه من الخياطة والقِصَارة (¬9) والكراء ويقول: قام علي بكذا كذا، ولا يقول: اشتريته بكذا وكذا، فإن ذلك كذب؛ لأنه لم يأخذه به (¬10)، إنما قام عليه مع النفقة بعد ما اشتراه بكذا كذا، وقد اشتراه بأقل مما قام عليه، ثم لحقه من النفقة حتى قام عليه بذلك. ولا يلحق ما أنفق على نفسه وسفره في طعام ولا مئونة ولا كراء. ¬

_ (¬1) ف ع: فإن باع. (¬2) ف: أن يبيعه. (¬3) م: وما أصاب. (¬4) ع: بيع. (¬5) ع: قد اتفق. (¬6) ف م ع: ولكنها موت، ط: ولكنها ماتت موتا. ومَوَّتَت الدواب أي كثر فيها الموت. انظر: لسان العرب، "موت". (¬7) ع: فأهلكها. (¬8) ع - ذلك. (¬9) قصر الثياب أن يجمعها القصّار فيغسلها، وحرفته القِصَارة بالكسر. انظر: المغرب، "قصر". (¬10) ع + لأنه.

وأما الرقيق فله أن يلحق بهم طعامهم وكسوتهم بالمعروف ثم يقول: قاموا علي بكذا كذا. وإذا اشترى الرجل طعاماً فأكل نصفه أو ثلثه فله أن يبيع النصف الباقي (¬1) مرابحة على نصف الثمن؛ لأن علمه (¬2) يحيط أن هذا نصفه. وكذلك كل شيء يكال أو يوزن بعد أن يكون من ضرب واحد. فإن كان مختلفاً فلا يبيعن مرابحة بما بقي قل أو كثر. وكذلك الثوب الواحد إذا ذهب نصفه: احترق أو خرقه إنسان (¬3) أو هو أو باعه أو وهبه أو تصدق به، فلا يبيع النصف الباقي (¬4) مرابحة على الثمن الأول؛ لأنه لا يدري أن هذا وذاك سواء مِن قِبَل ما دخل في شِقّه. وكذلك الثوبان إذا اشتراهما جميعاً صفقة واحدة فلا يبيعن أحدهما مرابحة دون الآخر، لأنه لا يعلم ما رأس مال هذا من هذا (¬5) إلا ظناً يظنه أو حَزْراً يحزره (¬6). وكذلك لو اشترى عِدْل زُطِّي (¬7) أو عِدْل يهودي أو جِرَاب هروي بألف درهم، فلا يبيعن ثوباً منها مرابحة؛ لأنه لا يعلم ما رأس ماله. ولو كان أخذ كل ثوب منها بعشرة دراهم فله أن يبيع كل ثوب منها مرابحة على عشرة. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يبيعن مرابحة حتى يبين أنه اشترى معه غيره. وكذلك لو باع كل ثوب منها برقمه الذي عليه، أو زيادة ¬

_ (¬1) ع: الثاني. (¬2) ف م ع: عليه. والتصحيح من ط. وعبارة ب: لأنه يعلم أن هذا نصفه. ومعناه في المبسوط، 13/ 81. (¬3) ع: احترقه أو أحرقه إنصان. (¬4) ع: الثاني. (¬5) ف م - من هذا؛ والزيادة من ع ط. وفي ب؛ لأنه لا تعلم حصته من الثمن إلا بالحزر والظن. (¬6) ع: أو حرز يحرزه. (¬7) م: نطي.

دَانِق على رقمه، ثم علم ما رقمه فرضي بذلك، فهو جائز، وله أن يبيعه مرابحة على ما سمى لكل ثوب. ألا ترى أنه لو كان ثوبان فأخذهما جميعاً، الأبيض بعشرة، والأصفر بخمسة عشر، كان له أن يبيع كل واحد منهما على ما سمى له (¬1). ولو كانتا دارين كان لشفيع كل واحد منهما أن يأخذها بالذي سمى لها (¬2). ولو وجد عيباً يُرَدُّ منه رد (¬3) كل ثوب وجد فيه العيب بما (¬4) سمى له من الثمن. ثم لو استحق ثوب منها (¬5) برئ من ثمنه الذي سمى له. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول محمد فإذا اشترى ثياباً صفقة واحدة بعضها أفضل من بعض كل ثوب بعشرة، فلا ينبغي أن يبيع ثوباً منها مرابحة على عشرة حتى يبين الأمر على وجهه؛ لأن الرجل قد (¬6) يشتري الثوبين [بمائة وخمسين] (¬7)، أحدهما (¬8) يساوي مائة (¬9)، والآخر يساوي خمسين، كل ثوب بخمسة وسبعين. فإن باع أحدهما بخمسة وسبعين مرابحة كان ذلك قبيحاً (¬10) - لأنه إنما زاد في ثمن ذلك لمكان الآخر- حتى يبين فيبيع (¬11) كيف يشاء. وإذا اشترى الرجل بَيْعاً (¬12) بحنطة أو شعير أو شيء (¬13) مما يكال أو يوزن فلا بأس بأن يبيعه مرابحة على ذلك. وإذا اشترى الرجل ثوباً بعشرة دراهم فباعه بخمسة عشو درهماً، ثم اشتراه بعشرة، فلا يبيعه مرابحة حتى يطرح ربحه (¬14) الأول من رأس مال ¬

_ (¬1) ع - له. (¬2) ع: لهما. (¬3) ع - منه رد. (¬4) ف م ع: فما. والتصحيح من ب جار ط. (¬5) ع: ثوبا منهما. (¬6) ع - قد. (¬7) الزيادة من ب جار ط. (¬8) ف م ع + بخمسمائة. والتصحيح من ب جار ط. (¬9) ف م: بمائة؛ ع: ثمانمائة (مهملة). والتصحيح من ب ط. (¬10) ع: قبيح. (¬11) ع + كل. (¬12) أي: مبيعاً. (¬13) ف م ع: حنطة أو شعيرا أو شيئاً. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 170 و؛ والمبسوط، 13/ 82. (¬14) ع: ربحة.

البيع الآخر، فيقوم بخمسة دراهم، وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: فلا يبيعه مرابحة على عشرة دراهم، ولا يطرح منها شيئاً؛ لأنه شراء مستقبل لا يدخل فيه شيء (¬1) كان قبله من ربح ولا وضيعة. ألا ترى أنه لو كان أصله هبة أو صدقة أو ميراثاً (¬2) أو وصية ثم باعه ثم اشتراه كان له أن يبيعه مرابحة على الثمن الآخر ولا يطرح منه شيئاً. ولو كان أصله بيعاً فباعه بوصيف (¬3) أو بدابة ثم اشتراه بعشرة كان له (¬4) أن يبيعه مرابحة ولا يطرح منه شيئاً، فكيف يطرح الوصيف والدابة من العشرة. وإذا اشترى (¬5) الرجل نصف عبد بمائة درهم واشترى آخر. (¬6) نصفه بمائتين ثم باعاه (¬7) مرابحة، أو قالا: بربح كذا وكذا على رأس المال، أو بوضيعة كذا وكذا من رأس المال، فإن الثمن يكون بينهما أثلاثاً على مائتين (¬8) وعلى مائة. ولو كان أحدهما قد اشترى ثلثه (¬9) بمائة درهم واشترى (¬10) الآخر ثلثيه (¬11) بمائتي (¬12) درهم ثم باعاه مرابحة كان الثمن بينهما على ما سميا من الثمن. وكذلك لو ولياه رجلاً بالذي أخذاه به. ولو قسما (¬13) الثمن بينهما على القدر (¬14) الذي لهما (¬15) في العبد فربح أحدهما أو وضع الآخر فهذا لا يكون وقد باعاه مرابحة أو وَلَّيَاه (¬16) رجلاً بالذي أخذاه به. فإذا أنفق الرجل على عبده في تعليم عمل من الأعمال دراهم فإنه لا ¬

_ (¬1) ع: شيئاً. (¬2) ع: أو ميراث. (¬3) ف ع: بوصيفه؛ م: بوضيعة. والتصحيح من تتمة العبارة كما قال المحقق شحاتة. وهي كذلك في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 83. (¬4) ع - له. (¬5) م: إذا اشترى. (¬6) م ع: نصف. (¬7) ع: ثم باه. (¬8) ع: على مابين. (¬9) ع: ثلثة. (¬10) م + واشترى. (¬11) ع: ثلثاه. (¬12) ع: بمائتين. (¬13) ف: قسم. (¬14) ف م ع: على قدر. (¬15) ف: لها. (¬16) أي باعاه تولية.

يلحق ذلك في (¬1) رأس (¬2) ماله ولا يبيعه مرابحة على ذلك. فكذلك (¬3) الشعر والغناء والعربية وأجر تعليم القرآن (¬4)، لا يوضع (¬5) شيء من هذا على رأس المال. وكل شيء علم به رجل جاريةً له أو عبداً له مما لا يحل فلا يلحق برأس ماله. وكذلك أجر (¬6) الطبيب وأجر الرائض (¬7) والراعي وجُعْلَ الآبق وأجر الحجام والختان (¬8)، فهو مثل ذلك أيضاً. وأما سائق الغنم الذي يسوقها من بلد إلى بلد فإنه يلحقه في رأس ماله. وكذلك أجر السمسار يلحقه في رأس ماله مثل أجر القصار. ولا يلحق أجر المعلم الحساب في رأس ماله. وكذلك أجر النائحة (¬9). ولو باع جاريتين إحداهما أفضل من الأخرى وقد اشترى كل واحدة منهما بخمسمائة، فباعهما مرابحة، كان الثمن نصفين وإن (¬10) كانت إحداهما أفضل من الأخرى. ألا ترى أنها لو كانت (¬11) دارين على هذ (¬12) الصفة (¬13) أخذ الشفيع كل واحدة منهما بالذي أخذها به لا ينقصه ولا يزيده شيئاً. وكذلك التولية. وقال محمد: لا يبيع إحداهما (¬14) مرابحة حتى يبين أنه اشترى معها غيرها مرابحة. وإذا باع الرجل متاعه مرابحة ثم حط من البيع الأول شيئاً فإنه يحط ذلك الشيء وربحه عن المشتري الآخر، ويجبر على ذلك في ¬

_ (¬1) م ع - في. (¬2) ع: برأس. (¬3) ع: وكذلك. (¬4) ع + أن. (¬5) م: ولا يوضع. (¬6) ع - أجر. (¬7) الرائض هو مؤدب الفرس والجمل ونحوهما. يقال: راض المُهْر رياضاً ورياضة: ذَلَّلَه، فهو رائض. انظر: القاموس المحيط، "روض". (¬8) ع: والحبان. (¬9) ف م + والشعر والغناء والعربية وأجر تعليم القرآن لا يوضع شيء من هذا على رأس المال كل شيء علم به رجل جارية له أو عبدا له مما لا يحل ولا يلحق رأس المال. (¬10) ف م ع: فإن. والتصحيح من ط. (¬11) ع: أنهما لو كانا. (¬12) ع - هذه. (¬13) ع - الصفقة. (¬14) ف م: أحدهما. والتصحيح من ع ط.

القضاء. وكذلك لو كان ولاه رجلاً ثم حط عنه شيئاً حط (¬1) مثله عن المشتري. وإذا باع الرجل متاعاً مرابحة فخانه في المرابحة ودلس له فإن المشتري بالخيار إذا اطلع على ذلك: إن شاء رد المتاع، وإن شاء أخذه بالثمن الذي اشتراه به لا ينقص منه شيئاً. فإن كان المشتري قد أهلك المتاع أو بعضه فالثمن له لازم ولا يحط عنه منه شيء. وإذا أقر البائع بأنه قد خانه أو زاد عليه أو قاصت عليه بذلك بينة لم يكن للمشتري أن يرجع في شيء من ذلك لتلك الخيانة (¬2)، إنما له أن يرد المتاع كله كما أخذه، أو يلزمه الثمن كله. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: نرى (¬3) أن يحط عنه الخيانة (¬4) وحصتها من الربح على كل حال. واذا اشترى الرجل ثوباً بعشرة دراهم فليس له أن يبيع ذراعاً منه (¬5) مرابحة؛ لأن الثوب مختلف. وكذلك ليس له أن يبيع (¬6) أكثر من ذراع أو أقل مرابحة إلا أن يقول: أبيعك نصفه أو ثلثه أو جزء من كذا وكذا (¬7) جزء، فلا بأس بأن يبيعه على هذه الصفة؛ لأنه يكون شريكاً (¬8) فيه كله بذلك. وإذا اشترى الرجل مما يكال أو يوزن بعد أن يكون شيئاً واحداً غير مختلف فلا بأس بأن يبيع رطلاً منه أو قفيزاً منه (¬9) على حصته من الثمن مرابحة؛ لأنه شيء واحد قد أحاط علمه به (¬10). فإن كان مختلفاً فليس له أن يبيع واحداً منها مرابحة. وهو قول أبي حنيفة. ¬

_ (¬1) ف ع + عنه. (¬2) ع: الخانه. (¬3) ع: يرى. (¬4) ع: الجناية. (¬5) ف م: منها؛ ع - منه. والتصحيح من ط. (¬6) ع + منه. (¬7) ف ع: من كذا كذا. (¬8) م ع: شريك. (¬9) م - منه. (¬10) ع: بذلك.

وإذا أسلم الرجل عشرة دراهم في ثوبين من نوع واحد ومن ضرب (¬1) واحد وشرط واحد وأعطاه عشرة دراهم ثم قبضهما (¬2) فلا يبيعن واحداً منهما (¬3) مرابحة في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: له أن يبيع كل واحد منهما على خمسة دراهم. ألا ترى أن صفقتهما واحدة، وأنه لو صالح الذي عليه السلم على رأس مال أحدهما وأخذ الآخر كان ذلك جائزاً. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في هذا. وإذا اشترى الرجل نصف عبد بمائة ثم اشترى النصف الآخر بمائتين فله أن يبيع أي النصفين شاء مرابحة على ما اشتراه به، وإن شاء باعه كله على ثلاثمائة مرابحة. وإذا اشترى الرجل عبداً بألف درهم ثم وهب له البائع الثمن كله فله أن يبيعه مرابحة على الألف التي اشتراه بها (¬4) منه. وإن وهب له بعض الثمن كان للمشتري أن يبيعه مرابحة على ما بقي من الثمن. وكذلك (¬5) لو حط عنه بعض الثمن. وليس يشبه هبة الثمن كله هبة بعض الثمن. وإذا اشترى عبداً بألف درهم ثم باعه بالثمن عروضاً أو أعطاه (¬6) به رهناً فهلك الرهن كان له أن يبيع العبد مرابحة على ألف درهم. وإذا اشترى الرجل ثوباً بعشرة دراهم جياد فنقدها فوجد أحدها زائفاً فتجاوز به البائع عنه فله أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم جياد. وكذلك لو اشتراه بعشرة دراهم نقد ليس لها أجل فلم ينقد الثمن أشهراً فله أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم، لأن هذا نقد (¬7) ليس يتأخر. وإذا اشترى الرجل ثوباً بعشرة دراهم ثم وهبه ثم رجع في هبته وأخذه ¬

_ (¬1) م: من ضرب. (¬2) ف م ع: ثم قبضها. والتصحيح من ط. (¬3) م ع: منها. (¬4) ع: به. (¬5) م - كذلك. (¬6) ع: أو أعطا. (¬7) م: بعد؛ ع + ليس لها أجل فلم ينقد.

فله أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم (¬1). وكذلك لو باعه بعشرة دراهم أو أكثر ثم رد عليه بعيب أو بيع (¬2) فاسد أو بخيار أو باستقالة البائع فأقاله كان له أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم. ولو كان باعه شم ورثه أو وهبه أو صار في ملكه بغير شراء لم يكن له أن يبيعه مرابحة، لأن هذا الملك الثاني ملك بغير شراء، وقد هدر الملك الأول الذي كان فيه الشراء. وإذا اشترى الرجل من أبيه أو أمه أو مكاتبه أو عبده أو عبد من مواليه أو مكاتب من مواليه متاعاً بثمن قد قام على البائع بأقل من ذلك فليس للمشتري أن يبيعه مرابحة إلا بالذي قام على البائع للتهمة. وليس هذا كالشرى من الأجنبي ولا من الأخ ولا من العم. وإذا اشترى الرجل من امرأته فليس له أن يبيع مرابحة. كل (¬3) من لا تجوز (¬4) شهادته له فلا يبيعن ما اشترى منه مرابحة. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أنا أرى أن يبيع (¬5) كل ما اشترى من هؤلاء مرابحة ما خلا عبده أو مكاتبه أو عبد من مولاه. وهو قول محمد. وإذا اشترى الرجل ثوباً (¬6) بثوب قد قام (¬7) الثوب الأول بعشرة دراهم فليس له أن يبيع الثوب (¬8) الآخر مرابحة على عشرة دراهم. وإذا اشترى الرجلان من رجل عِدْل زُطِّي (¬9) بألف درهم فاقتسماه بينهما فليس لواحد منهما أن يبيع (¬10) نصيبه مرابحة؛ لأنه ليس يحيط علمه أن هذا هو النصف. ¬

_ (¬1) ف - لأن هذا نقد ليس يتأخر وإذا اشترى الرجل ثوبا بعشرة دراهم ثم وهبه ثم رجع في هبته وأخذه فله أن يبيعه مرابحة على عشرة دراهم. (¬2) ط: أو ببيع. (¬3) ط: وكل. (¬4) ع: لا يجوز. (¬5) م ع + من. (¬6) ع: ثوب. (¬7) ع: قدام. (¬8) ع - الثوب. (¬9) م: نطي. (¬10) ع - يبيع.

وإذا اشترى الرجل عبداً به عيب قد دُلِّسَ له أو ثوباً فيه عيب قد (¬1) دُلِّسَ له (¬2) ثم اطلع عليه بَعْدُ فرضي أو لم يرض فله أن يبيعه مرابحة؛ لأنه قد اشتراه بذلك الثمن. وكذلك لو اشترى بيعاً مرابحة فحاباه (¬3) صاحبه فيه كان له أن يبيعه مرابحة على ما أخذه به؛ لأنه (¬4) بذلك قام عليه (¬5). وإذا ولّى رجل رجلاً بيعاً بما قام عليه (¬6)، ثم اطلع على أنه أخذه بأقل من ذلك بشهادة شهود قامت على ذلك، رجع عليه بالفضل؛ أو بإقرار من البائع الأوسط، أو بدعوى من المشتري الآخر، وأبى البائع الأوسط أن يحلف عليها، فإنه يرجع عليه بذلك الفضل، ويتم له البيع، ويكون له أن يبيع مرابحة على ما بقي. ولو باعه مرابحة قبل أن يرجع بشيء على البائع الأول كان ذلك جائزاً، وله أن يرجع بتلك الخيانة (¬7)، وما أخذه (¬8) رده على المشتري. وهذا قول أبي حنيفة. وفرق بين التولية وبين المرابحة فقال: يرجع بالخيانة (¬9) في التولية، ولا يرجع في المرابحة، وله الخيار. وقال يعقوب: هما سواء في ذلك كله، يرجع بالخيانة (¬10) والربح. وقال محمد: هما سواء، فلا يرجع بخيانة (¬11) ولا ربح إن كان ما استهلكه، فهو بالخيار، إن شاء أخذه بجميع الثمن ولا يطرح عنه الخيانة (¬12)، وإن شاء رده على صاحبه وبطل البيع. ¬

_ (¬1) ف: وقد. (¬2) ع - أو ثوبا فيه عيب قد دلس له. (¬3) ط: فخانه. وفي ب: ومن اشترى شيئاً محاباة ... فله بيعه مرابحة. (¬4) ع - لو اشترى بيعا مرابحة فحاباه صاحبه فيه كان له أن يبيعه مرابحة على ما أخذه به لأنه. (¬5) وعبارة السرخسي: وكذلك لو اشتراه مرابحة فخانه صاحبه فيه كان له أن يبيعه مرابحة على ما أخذه به، لما بينا أن الثابت له بسبب هذه الخيانة الخيار فقط. انظر: المبسوط، 13/ 89. (¬6) أي باعه تولية. (¬7) ع: الجناية. (¬8) ف ع: أخذ. (¬9) ع: بالجناية. (¬10) ع: بالجناية. (¬11) ع: بجناية. (¬12) ف م: الخيار؛ ع: منه شيئاً.

وإذا اشترى الرجل من شريك له شركة عنان فلا بأس بأن يبيعه مزابحة. [وإن كان للأول فيه حصة لم ينبغ للأول أن يبيع حصة نفسه مرابحة] (¬1) إلا على ما اشتراه به. فإن كان لم يشتره (¬2) وصار له بوجه غير الشرى فلا يبيعن (¬3) حصته مرابحة. وإذا كانت خادماً لشريك المفاوض للخدمة فاشتراها شريكه منه لتخدمه ثم بدا له أن يبيعها (¬4) فلا بأس بأن (¬5) يبيعها (¬6) مرابحة. وكذلك كل شيء كان لأحدهما دون صاحبه فاشتراه الآخر ليكون له دون صاحبه. وكل شيء كان بينهما فلا يبيعه واحد منهما (¬7) مرابحة إذا (¬8) اشتراه من صاحبه إلا على الأصل الأول. وإن كان عبد بين (¬9) اثنين قد قام عليهما بمائة دينار فربّح (¬10) أحدهما صاحبه في حصته ديناراً (¬11) فلا بأس بأن يبيعه مرابحة على مائة دينار ودينار. وإذا اشترى الرجل متاعاً ثم رقمه بأكثر من ثمنه ثم باعه مرابحة على رقمه فهو جائز، ولا يقول: قام علي بكذا (¬12) وكذا، ولكن رقمه كذا وكذا، فأنا أبيعه (¬13) مرابحة على ذلك. وكذلك لو كان أصله ميراثاً (¬14) أو هبةً أو صدقةَ أو وصيةً فقومه قيمته ثم باعه مرابحة على تلك القيمة كان ذلك جائزاً. ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 170 ظ. وقريب منها في ط؛ والمبسوط، 13/ 90. (¬2) ع: لم يشتر. (¬3) ع: يبعن. (¬4) ف: أن يبيعهما. (¬5) م - بأس بأن. (¬6) ف: يبيعهما. (¬7) ف م ع + حصته. والصحيح حذفها كما في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 90. (¬8) ف م ع: وإذا. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 9. (¬9) م: من. (¬10) أي فاشترى أحدهما نصيب صاحبه بربح دينار، كما هو في نسخة ب. والأولى أن يقال: فأربح. انظر: المغرب، "ربح". (¬11) ع: دينار. (¬12) م: كذا. (¬13) ع: فابا بيعه. (¬14) ع: ميراث.

وإذا اشترى الرجل من عبد له أو عبد لبعض ولده أو من أمته (¬1) أو من أمة لابن له بيعاً (¬2) قد قام عليه بأقل من ذلك فلا يبيعه مرابحة إن كان (¬3) على العبد دين أو لم يكن إلا على الأقل. وكذلك العبد وأم الولد والمكاتب والمدبر والعبد قد عتق نصفه وهو يسعى في بعض (¬4) قيمته. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: أما العبد الذي قد عتق نصفه فلا بأس بأن يييع ما اشترى منه مرابحة؛ لأنه حر كله. وإذا باع الرجل المتاع بربح ده يازده أو بعشرة (¬5) أحد عشر (¬6) أو بده دوازده أو بعشرة اثني عشر أو بده سيزده أو بعشرة ثلاثة عشر فهذا سواء كله. فإذا علم (¬7) المشتري بالثمن فهو بالخيار: إن شاء أخذه بذلك، وإن شاء رده. فإن كان قد علم بالثمن قبل (¬8) عقدة البيع (¬9) [فليس له أن يرده] (¬10). وكذلك المتاع يرقمه، فهو كذلك أيضاً إذا علم الرقم: إن شاء أخذه، كان شاء تركه. وإذا اشترى الرجل ثوباً بعشرة دراهم ثم باعه بوضيعة ده يازده على الثمن فإن الثمن يكون تسعة دراهم (¬11) وجزء من أحد عشر جزء من الدرهم (¬12)، وصارت الوضيعة عشرة أجزاء من أحد (¬13) عشر جزء من درهم. ¬

_ (¬1) م ع: من أمه. (¬2) ع - بيعا. (¬3) ع: اكان. (¬4) ع: في نصف. (¬5) ع: أو بعشر. (¬6) قوله "أو بعشرة أحد عشر" تفسير لقوله "بربح هـ يازده"، وكذا ما يأتي بعده. وانظر: المبسوط، 13/ 91. (¬7) ع: أعلم. (¬8) ع + قبضه. (¬9) ف م ع + فهو بالخيار إن شاء أخذه دن شاء رده. (¬10) الزيادة من الكافي، 1/ 170 ظ. وقريب منها في ط، والمبسوط، 13/ 91. (¬11) ف م: من الدراهم، ع: الدراهم. وأثبتنا عبارة الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 91. (¬12) م ع: من الدراهم. (¬13) ع: من إحدى.

باب العيوب في البيوع كلها

وإذا اشترى الرجل ثوباً بخمسة دراهم واشترى آخر ثوباً بستة دراهم ثم باعاهما (¬1) جميعاً صفقة واحدة مرابحة أو مواضعة فإن الثمن بينهما على قدر رؤوس أموالهما. وإذا (¬2) اشترى (¬3) الرجل عبداً بألف درهم ثم وَلاَّه رجلاً ثم حط عن المشتري الأول الثمن كله فإنه لا يحط عن الآخر شيئاً؛ لأن هذا ليس بحط ولا وضيعة. ... باب العيوب في البيوع كلها وإذا باع الرجل عبداً أو أمةً أو داراً أو ثوباً أو شيئاً من الأشياء فبرئ (¬4) البائع إلى المشتري عند عقدة (¬5) البيع من كل عيب فهو براءة جائزة، ولا يضره أن لا يسمي شيئاً من ذلك. ألا ترى أنه لو برئ (¬6) إليه من القُرُوح والخُرُوق (¬7) في الثوب ومن الدَّبَر (¬8) في الدابة كانت هذه البراءة جائزة فيما سمى، وإن كان لم يقل فوجد قرحة كذا وكذا أو كذا وكذا (¬9) دَبَرَة، وكذلك لو قال: هو بريء من كل عيب، فقد دخل فيه كل عيب، وكذلك كل داء وكل دَبَرَة وكل حرق أو خرق أو كي أو (¬10) غيره من العيوب. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا شهد شاهدان (¬11) على البراءة من كل عيب في خادم، ثم إن ¬

_ (¬1) ف م ع: ثم باعهما. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 91. (¬2) ع - وإذا. (¬3) ع: واشترى. (¬4) ع: فيرى. (¬5) ع: عقد. (¬6) ع: لو يرى. (¬7) ع: من الفروج والحروف. (¬8) الدَّبَرة بالتحريك كالجراحة تحدث من الرَّحْل أو نحوه، وقد دَبِر البعير دَبَرا، وأدبره صاحبه. انظر: المغرب، "دبر". (¬9) ع: كذا. (¬10) ف - أو. (¬11) ع: شاهدين.

[أحد] (¬1) الشاهدين اشتراها (¬2) بغير براءة فوجد بها عيباً، كان له أن يردها مِن قِبَل أن الشهادة على البراءة لم تكن إقراراً (¬3) منه ولا من البائع ولا من المشتري أن بها (¬4) عيباً. وكذلك لو قال (¬5): برئت من الإباق، وأشهد على ذلك، ثم اشتراها منه أحد الشاهدين بغير براءة من ذلك فوجدها آبقة، كان له أن يردها بذلك. وإذا اشترى الرجل السلعة ولم يبرأ البائع إليه من شيء ثم أراد البائع بعدما وقع البيع [أن] (¬6) يبرأ من العيوب فأبى المشتري أن يبرئه من ذلك فله (¬7) ذلك، وليس للبائع البراءة إلا عند عقدة البيع. واذا اشترى الرجل من الرجل أمة (¬8) فلا يقربها حتى تحيض حيضة. بلغنا نحو من ذلك عن علي بن أبي طالب (¬9). ولا ينبغي للبائع أن يبيعها (¬10) إذا كان يطؤها (¬11) حتى تحيض حيضة (¬12) عنده. وإن كانت لا تحيض فينبغي للمشتري أن يستبرئها (¬13) بشهر، ولا يقبلها ولا يباشرها (¬14) حتى يستبرئها بحيضة أو بشهر. وإن كانت ممن تحيض فارتفع حيضها انتظر (¬15) بها حتى يعلم (¬16) أنها غير حامل ثم يطؤها (¬17). وإذا قربها المشتري ووجد بها عيباً قد دلس فليس له أن يردها بذلك العيب، وتُقَوَّم (¬18) ¬

_ (¬1) الزيادة من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 94. (¬2) ف م ع: اشتراهما. والتصحيح من ط. (¬3) ع: لم يكن إقرار. (¬4) ع: نها. (¬5) م - قال. (¬6) من ط. (¬7) ع + من. (¬8) ع: الأمة. (¬9) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 149. وانظر: الدراية لابن حجر، 2/ 230 - 231. (¬10) ع: أن يتبعها. (¬11) ع: وطئها. (¬12) ع: حيطه. (¬13) ع: أن يشتريها. (¬14) ع: تباشرها. (¬15) ف م ع: فانتظر. والتصحيح من ب جار. (¬16) ع: حتى تعلم. (¬17) ع - يطؤها. (¬18) ع: ويقوم.

به [وتُقَوَّم] (¬1) وليس بها عيب، فإن كان العيب ينقصها العشر رجع بعشر الثمن. وكذلك لو لم يطأها ولكن حدث بها عيب عنده ثم وجد عيباً قد دلس له فليس له أن يردها بذلك العيب، ولكن تُقَوَّم (¬2) وبها العيب وتُقَوَّم وليس بها العيب، فإن كان العيب (¬3) ينقصها العشر رجع (¬4) بعشر الثمن ويكون فيها كما كان في التي وطئ. فإن باعها بعد ما رأى العيب فليس له أن يرجع بشيء مِن قِبَل أن البائع يقول: أنا أقبلها. وكذلك لو وطئها غير المشتري بزناً أو بشبهة. وكذلك لو زوجها المشتري فوطئها الزوج أو لم يطأها لم يكن للمشتري أن يردها بالعيب، ولكن يرجع بنقصان العيب. ولو كان لها زوج عند البائع قد (¬5) وطئها عنده ثم وطئها عند المشتري فإن للمشتري أن يردها بالعيب، ولا يشبه هذا وطء المشتري ولا وطء الزوج الذي زوجها المشتري. ولو اشترى جارية بكراً ولها زوج فوطئها عند المشتري لم يكن للمشتري أن يردها؛ لأنها كانت بكراً فذهبت عُذْرَتها عند المشتري (¬6)، ولا يشبه هذا الباب الأول. ولو اشترى ثوباً فصبغه بعُصْفُر (¬7) أو زعفران أو قطعه قميصاً أو قَبَاءً ولم يخطه بعد ثم وجد به عيباً كان له أن يرجع بفضل ما بينهما. فإن باعه قبل أن يخاصمه لم يكن له أن يرجع بشيء إلا في العُصْفُر والزعفران، فإن وإن يرجع فيه (¬8)؛ لأن البائع لو قال: أنا أقبله، لم يكن له أن يأخذه. ¬

_ (¬1) الزيادة من ب جار ط؛ والكافي، الموضع السابق. (¬2) ع: يقوم. (¬3) م: الثمن. (¬4) ف ع: ويرجع؛ م: ورجع. والتصحيح من ب ط. (¬5) ف ع: وقد. (¬6) ف م - لم يكن للمشتري أن يردها لأنها كانت بكرا فذهبت عذرتها عند المشتري. والزيادة من ع ط. وعبارة الحاكم: ولو اشترى جارية بكرا لها زوج فوطئها عند المشتري ثم وجد بها عيبا لم يكن له أن يردها. انظر: الكافي، 11/ 17 و. وعبارة ب: ... إلا أن تكون بكرا فلم يطأها الزوج إلا في يد المشتري فلا يردها لزوال عذرتها في يده. (¬7) هو نبت يصبغ به. انظر: لسان العرب، "عصفر". (¬8) م - فيه.

وكل عيب وجده (¬1) المشتري بالسلعة فعرضها بعدما رآه على البيع (¬2) أو وطئها أو قبلها أو لامسها لشهوة أو أجرها (¬3) أو رهنها أو وهبها فإن هذا كله رضاً بذلك في القياس، وليس له أن يردها ولا يرجع بفضل ما بينهما. ولو استخدمها كان هذا في القياس رضاً، ولكني أدع القياس، ويكون له (¬4) أن يردها في الاستحسان. ولو كان قميصاً أو ثوباً فلبسه أو دابةً فركبها كان هذا كله رضاً بالعيب. غير أني أستحسن إذا (¬5) ركب الدابة ليردها أو ليسقيها أن لا يكون هذا رضاً، إنما الرضا ركوبه (¬6) في حاجته. ولو ولدت الجارية عند الرجل أو وطئها فباعها وكتم ذلك فليس للمشتري أن يردها بذلك؛ لأن هذا ليس بعيب لازم. ولا بأس بأن يبيعها مرابحة إن لم يكن (¬7) ينقصها (¬8) إذا كان الولد قد مات. فإن كان جامعها وهي بكر فلا يبيعها مرابحة حتى يبين (¬9) ذلك. وإذا اشترى الرجل خادماً فدبرها أو أعتقها البتة أو ولدت ولداً فكانت أم ولد له (¬10) ثم وجد بها عيباً قد دلس له كان له أن يرجع بنقصان ما بينهما. ولو كان باعها أو وهبها وقبضها الموهوبة له ثم وجد بها عيبا قد دلس له (¬11) لم يكن له أن يرجع إليه؛ لأنها قد خرجت من ملكه إلى ملك غيره. وكذلك لو باع بعضها وبقي في يده بعضها لم يكن له أن يرد ما بقي، ولا يرجع بفضل خادم غيره. ألا ترى أنه لو باعها من البائع ثم وجد ¬

_ (¬1) ع: وجدة. (¬2) ف م ع: على البائع. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 98. (¬3) م: أو اجراها. (¬4) ف م: لها. والتصحيح من ط. (¬5) ف م ع: فإذا. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 99. (¬6) ع: ركوبة. (¬7) م - يكن. (¬8) ع: يقبضها. (¬9) م: حتى يتبين. (¬10) ع - له. (¬11) ع - كان له أن يرجع بنقصان ما بينهما ولو كان باعها أو وهبها وقبضها الموهوبة له ثم وجد بها عيبا قد دلس له.

المشتري بها عيباً لم يكن له أن يرجع على البائع (¬1) بشيء والخادم عند البائع. وكذلك لو وهبها أو تصدق بها عليه. وإذا اشترى الرجل خادماً فقتلها (¬2) هو ثم وجد بها عيباً قد دلس له لم يرجع بشيء؛ لأنه هو الذي جنى عليها. وهذا والعتق في القياس سواء، ولكن أستحسن في العتق. ولو لم يقتلها (¬3) هو ولكنها ماتت موتاً كان له أن يرجع بفضل العيب، وليس الموت كالقتل؛ لأن القتل من جنايته. ولو قتلها (¬4) غيره لم يرجع بشيء. وكذلك لو اشترى (¬5) ثوباً فخرقه أو طعاماً فأكله لم يكن له أن يرجع بنقصان العيب. وإن لم يكن علم بالعيب ولبس الثوب حتى تخرق (¬6) أو أكل الطعام ثم علم بعيب (¬7) كان قد دلس له لم يكن له أن يرجع بشيء. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: له أن يرجع بفضل ما بين العيب والصحة، وليس هذا كالأول، هذا (¬8) مما يصنع الناس. وكذلك الحنطة إذا طحنها والسويق إذا لَتَّه كان له أن يرجع (¬9) بفضل ما بينهما؛ لأن السويق قائم بعينه، وهو بمنزلة الثوب يصبغه (¬10) أو يقطعه قميصاً أو قباءً. وإذا اشترى خفين أو نعلين أو مصراعي باب بيت فوجد في أحدهما (¬11) عيباً (¬12) فله أن يردهما جميعاً. فإن كان قد باع الذي ليس به عيب فليس له أن يرد ما بقي، ولا يرجع بشيء؛ لأن هذا بمنزلة شيء واحد باع بعضه. ¬

_ (¬1) م - ثم وجد المشتري بها عيبا لم يكن له أن يرجع على البائع. (¬2) م ع: فقبلها. (¬3) م ع: لم يقبلها. (¬4) م: ولو قبلها. (¬5) ع: لو اشتر. (¬6) ع: حتى يحرق. (¬7) م ع: بعيبه. (¬8) ع + هذا. (¬9) ع: أن يرج. (¬10) م: يصنعه. (¬11) ع: في إحداهما. (¬12) م ع: عيب.

وإذا اشترى عبداً ثم باعه فرد عليه بعيب فقبله (¬1) بغير قضاء قاض (¬2) فليس له أن يرده على الأول؛ لأن هذا بمنزلة الصلح والرضى. ولو قبله (¬3) بقضاء قاض ببينة (¬4) قامت أو بإباء (¬5) يمين أو بإقرار عند القاضي أنه باعه، والعيب فيه ولا يعلم هو بالعيب، كان له أن يرده على الذي (¬6) باعه إياه إن كانت له على العيب بينة، وإلا استحلفه. فإن نكل عن اليمين رده عليه، وإن حلف لم يرده عليه. وإذا اشترى الرجل جارية لها زوج ولا (¬7) يعلم به ثم علم (¬8)، أو عبداً له امرأة وهو لا يعلم ثم علم به، كان هذا عيباً يرد منه؛ لأن فرج الجارية عليه حرام إذا كان لها زوج، ولأن العبد تلزمه (¬9) نفقة المرأة. وإذا اشترى الرجل شاة فحلب (¬10) لبنها فأكله (¬11) أو ناقة لم يكن له أن يردها بعيب، ولكن يرجع بنقصان العيب. وكذلك نخلة أو شجرة إذا اشتراها رجل فأكل غلتها فإنه لا يردها (¬12) بعيب. ولو كان عبداً فأكل غلته أو كانت داراً فأكل غلتها كان له أن يردها بالعيب؛ لأن هذا غلة ليس منه، وغلة النخل والشجر ولبن الشاة والبقرة منها، وهذا بمنزلة الولد. وإذا اشترى الرجل عبداً فوجده مخنثأ فله أن يرده. وكذلك إن كان سارقاً. وكذلك لو كان على غير دين الإسلام كان له أن يرده (¬13). وإذا كان زانياً أو ولد زنا لم يكن له أن يرده؛ لأن هذا ليس بعيب في الغلام. وهو عيب في الجارية يردها منه إذا كانت زانية أو ولد زنا؛ لأنها توطأ وتتخذ (¬14) أم ولد. ¬

_ (¬1) ع: فقتله. (¬2) ع: قاضي. (¬3) ع: قتله. (¬4) ع: قاضي بينة. (¬5) م: أو بايباء (مهملة)؛ ع: أو بأسا. (¬6) م - الذي. (¬7) ع: ولم. (¬8) ع - ثم علم. (¬9) ع: بلزمه. (¬10) ع: فجلب. (¬11) أي فشربه، على التوسع في استعمال الأكل بمعنى الشرب. (¬12) ع: فله أن يردها. (¬13) ع - كان له أن يرده. (¬14) ع: ويتخذ.

والثُّؤْلُول (¬1) إذا كان ينقص الثمن عيب. فإذا كان لا ينقصه فليس بعيب. والخال أيضاً والبَجَر (¬2) عيب. والصُّهُوبة (¬3) في الشعر عيب. والشَّمَط (¬4) عيب. والبَخَر (¬5) عيب في الجارية، ولا يكون في الغلام إلا أن يكون من داء. والأَدَر (¬6) عيب. والعَمَش (¬7) عيب (¬8). والعَشَى (¬9) عيب. والذَّفَر (¬10) في ¬

_ (¬1) الثؤلول خُرَاج يكون بجسد الإنسان له نُتوء وصلابة واستدارة، وقد ثُؤْلِل الرجل يُثَأْلَلُ إذا خرجت به الثآليل. انظر: المغرب، "ثأل". (¬2) ع: والبجر. رجل أَبْجَر ناتئ السُّرّة، وبه بَجَر أي نُتوء في السرة وبَجَرَة. انظر: المغرب، "بجر". (¬3) م: والصعوبة. الصَّهَب والصُّهْبَة والصُّهُوبة حمرة في شعر الرأس واللحية، وهو أصهب، وهي صهباء، والفعل صَهِب بكسر الهاء. انظر: المغرب، "صهب". (¬4) قال المطرزي: رجل أَشْمَط: خالط شعره بياض، وفي أجناس الناطفي: الشَّمَط عيب، قال: وهو بياض شعر رأسه في مكان واحد، والباقي أسود، قال ابن فارس: الشَّمَط اختلاط الشيب بسواد الشباب، وكل خِلْطين خلطتهما فقد شمطتهما، ومنه قيل للصباح: شَمِيط لاختلاط بياضه بباقي ظلمة الليل، وعن الليث: الشَّمَط في الرجل شيب اللحية، وقيل الشَّمَط بياض شعر الرأس يخالط سواده، ولا يقال للمرأة: شيباء، ولكن شمطاء. وتفصيل الناطفي لبيان أن الشَّمَط متى يكون عيباً، لا أنه تحديد لغوي. انظر: المغرب، "شمط". (¬5) بَخِرَ الفم بَخَراً من باب تعب: أنتنت ريحه، فالذكر أَبْخَر، والأنثى بَخْرَاء، والجمع بُخْر، مثل أحمر وحمراء وحُمْر. انظر: المصباح المنير، "بخر". (¬6) ع: والأدر. الأَدر مصدر، والآدر من به أُدْرَة وهي عِظَم الخُصَى. انظر: المغرب، "أدر". (¬7) ف ع ط: والأعمش. والتصحيح من ب جار. وعَمِشَت العين عَمَشا من باب تعب: سال دمعها في أكثر الأوقات مع ضعف البصر، فالرجل أعمش، والأنثى عمشاء، والجمع عُمْش، من باب أحمر. انظر: المصباح المنير، "عمش". (¬8) م - والأعمش عيب. (¬9) ف م ع ط: والأعشى. والتصحيح من ب جار؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 108. عَشِيَ عَشىً من باب تعب: ضعف بصره، فهو أعشى، والمرأة عشواء. انظر: المصباح المنير، "عشي". (¬10) ع: والدفر. الدَّفَر مصدر دَفِر إذا خبثت رائحته، وبالسكون النَّتْن اسم منه، وأما الذَّفَر بالذال المعجمة فبالتحريك لا غير، وهو حدة الرائحة أيما كانت، ومنه مسك أذفر وإبط ذفراء، ورجل ذَفِر، به دَفَر أي صُنَان، وهو مراد الفقهاء في قولهم: والذَّفَر والبَخَر عيب في الجارية. انظر: المغرب، "دفر".

الغلام (¬1) ليس بعيب، إلا أن يكون من (¬2) ذلك شيئاً لا يكون في الناس، فاحشاً ينقص الثمن، فيكون عيباً. والسن السوداء عيب. والسن الساقطة (¬3) عيب (¬4) ضرساً كان أو غيره. والظفر الأسود إذا (¬5) كان ينقص الثمن فهو عيب. والإباق مرة واحدة عيب وإن كان صغيراً. فهو عيب ما كان صغيراً، فإذا احتلم (¬6) وحاضت الجارية فليس ذلك (¬7) بعيب إلا أن يأبق بعد الكبر. وكذلك البول على الفراش ما دام صغيراً، فإذا احتلم الرجل وحاضت الجارية فليس ذلك بعيب ولا يرد من ذلك، إلا أن يفعله بعدما احتلم وبعدما حاضت الجارية. وإن أبق بعدما احتلم فهو عيب لازم أبداً. والجنون عيب، إذا جن مرة واحدة فهو عيب لازم أبداً. والحَبَل (¬8) في الجارية عيب. والحَوَل عيب (¬9). والقَرْن (¬10) عيب. والعَفَل (¬11) عيب. والبَرَص عيب. والجُذَام عيب. والفَتْق عيب. والسِّلْعة (¬12) عيب. وكل شيء ينقص في الثمن من الرقيق والدواب والإبل والبقر فهو عيب. والكي والقروح والفَدَع (¬13) في القدم (¬14) عيب. وهذا كله عيب. ¬

_ (¬1) ع: عيب م. (¬2) ط - من. (¬3) م ع: الساقط. (¬4) ع - عيب. (¬5) ع: وإذا (¬6) م: فاحتلم. (¬7) ع - ذلك. (¬8) ع: والخيل. (¬9) م - والحول عيب. (¬10) القَرْن في الفرج مانع يمنع من سلوك الذكر فيه إما غدة غليظة أو لحمة أو عظم، وامرأة قَرْناء: بها ذلك. انظر: المغرب، "قرن". (¬11) العَفَل عن الشيباني: شيء مدوَّر يخرج بالفرج، ولا يكون في الأبكار، وإنما يصيب المرأة بعد ما تلد، وعن الليث: عَفِلَت المرأة عَفَلاً، فهي عَفْلاء، وكذا الناقة، والاسم العَفَلَة، وهي شيء يخرج في فرجها شِبه الأُدْرَة. انظر: المغرب، "عفل". (¬12) السِّلْعة بلفظ سِلْعة المتاع: لحمة زائدة تحدث في الجسد كالغدة تجيء وتذهب بين الجلد واللحم، والسَّلْعَة بالفتح الشَّجَّة، والأسلع الأبرص. انظر: المغرب، "سلع". (¬13) الفَدَع اعوجاج في الرسغ من اليد والرجل، وقيل: أن يصطك كعباه ويتباعد قدماه، وعن ابن الأعرابي: الأَفْدَع الذي يمشي على ظهر قدمه. انظر: المغرب، "فدع". (¬14) م - في القدم.

والفَحَج (¬1) عيب (¬2). والحَنَف (¬3) عيب. والضَّكَك (¬4) عيب. والصَّدَف (¬5) عيب. والشَّدَق (¬6) عيب في الفم. وكل عيب طعن به (¬7) المشتري ظاهراً أو باطناً ولا بينة له فإن القاضي لا ينبغي له أن يستحلف البائع حتى يعلم أن العيب بالسلعة. فإن كان ظاهراً نظر إليه. وإن كان باطناً ولا ينظر إليه إلا النساء، فإذا أخبرت (¬8) امرأتان حرتان مسلمتان أو امرأة بالعيب استحلف البائع. فإن كان باطناً في الجوف أو في البصر أرى ذلك الأطباء. فإذا اجتمع رجلان مسلمان منهم على ذلك استحلف القاضي البائع بالله لقد باعه وقبضه المشتري وما هذا العيب به البتة. ولا يستحلفه (¬9) على علمه في شيء من هذا. ولوطعن المشتري بإباق أو جنون ولا يعلم القاضي بذلك (¬10) فإنه لا (¬11) يستحلف البائع حتى يشهد شاهدان أنه قد أبق عند المشتري أو جن عنده. فإذا قام على هذا بينة استحلف البائع البتة بالله لقد باعه وما أبق قط منذ بلغ عنده ولا جن عنده قط. فإذا أبى البائع أن يحلف ¬

_ (¬1) الفَحَج تباعد ما بين أوساط الساقين من الإنسان والدابة، والنعت أفحج وفحجاء. انظر: المغرب، "فحج". (¬2) ع + والفحج عيب. (¬3) الأحنف الذي أقبلت إحدى إبهامى رجليه على الأخرى، وعن ابن دريد: الحَنَف انقلاب ظهر القدم حتى يصير بطناً، وأصله الميل. انظر: المغرب، "حنف". (¬4) الصّكّاء التي يصطك عُرقوباها، وبها صَكَك، وأصله من الصكّ: الضرب. انظر: المغرب، "صكك". (¬5) قال السرخسي: الصدف التواء في أصل العنق. انظر: المبسوط، 13/ 110. وقال المطرزي: الصدف ميل في الحافر أو الخف إلى الجانب الوحشي، وأما بمعنى الالتواء في العنق فلم أجده. انظر: المغرب، "صدف". (¬6) م ع: والتشدق. قال السرخسي: الشَّدْق وسع مفرط في الفم. انظر: المبسوط، 13/ 110. وقال ابن منظور: الشَّدَق سعة الشِّدْق، والشِّدْقان جانبا الفم، والأشدق: العريض الشِّدْق الواسعه المائله أي ذلك كان. انظر: لسان العرب، "شدق". (¬7) ف م ع: طعن في. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 171 ظ. (¬8) ع: فا أخبرت. (¬9) ع: يستخلفه. (¬10) م ع: ذلك. (¬11) ع - لا.

ردت السلعة عليه. وإن لم تكن (¬1) له بينة وادعى أن البائع قد علم أنه قد أبق عنده فإن البائع يحلف على علمه بالله ما يعلمه أبق عند المشتري. فإن حلف برئ. وإن أبى اليمين استحلف بالله لقد باعه وما أبق قط منذ ما (¬2) بلغ. فإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين لزمه. فإن طعن البائع فقال: استحلف المشتري، ما رضيت (¬3) بالعيب منذ رأيته، ولا عزمت على بيع، حلف المشتري على ذلك، ثم يردها (¬4)، فإن أبى أن يحلف لم يرد. والعَسَر (¬5) عيب. والحَبَل في الجارية عيب. وليس الحَبَل في البهيمة عيباً (¬6)، ولا (¬7) يشبه الإنسان في هذا البهيمة (¬8). والبقرة والشاة والناقة والفرس وغير ذلك من البهائم سواء في ذلك، ولا يكون ذلك فيهن عيباً كما (¬9) يكون في الإنسان. والعَزَل (¬10) عيب. والمَشَش (¬11) عيب. . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) ع: لم يكن. (¬2) ت م ع: عندما. والتصحيح مستفاد من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 111. (¬3) ف م - فإن حلف برئ وإن نكل عن اليمين لزمه فإن طعن البائع فقال استحلف المشتري ما رضيت. والزيادة من ع. ونفس العبارة في ط؛ إلا أن فيها زيادة "بالله" بعد قوله "المشتري". ومعنى العبارة موجودة في ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 111. (¬4) ع: ثم ردها. (¬5) العَسَر مصدر الأَعْسَر، وهو الذي يعمل بيساره. انظر: المغرب، "عسر". (¬6) م ع: عيب. (¬7) ف ع: لا. (¬8) م ع: كالبهيمة. (¬9) ع + أن. (¬10) فرس أعزل: به عَزَل، وهو ميل الذنب إلى أحد شقيه. انظر: المغرب، "عزل". (¬11) المَشَش شيء في الدابة يَشْخَص حتى يكون له حجم وليس له صلابة العظم الصحيح، وقد مَشِشَت بإظهار التضعيف، وفي أجناس الناطفي: المَشَش عيب، وهو نفخ متى وضعت الإصبع عليه دَمِي، وإذا رفعتها عاد. انظر: المغرب، "مشش".

والنخس (¬1) عيب. والحَرَد (¬2) عيب. والزوائد (¬3) عيب. والصَّدَف (¬4) عيب. والمهقوع (¬5) عيب. والجمح (¬6) عيب. وخلع (¬7) الرأس عيب. وبَلّ المِخْلاة (¬8) عيب إذا كان ينقص الثمن. والانتشار (¬9) عيب. والعَشَى (¬10) عيب. والشَّتَر (¬11) ¬

_ (¬1) الناخس جَرَب يكون عند ذنب البعير، بعير منخوس، والناخس الدائرة التي تكون في دائرة الفخذين كدائر كتف الإنسان، والدابة منخوسة يتطير منها، والناخس ضاغط يصيب البعير في إبطه. انظر: لسان العرب، "نخس". (¬2) م: والجرد. الحَرَد أن يَيْبس عصب يد البعير من عقال، أو يكون خلقة، فتَخْبِط إذا مشى. انظر: المغرب، "حرد". (¬3) الزوائد: أطراف عصب يتفرق عند العَجان وينقطع عندها ويلصق بها. انظر: المبسوط، 13/ 112. والعَجان الدبر. وقيل: ما بين القبل والدبر. انظر: لسان العرب، "عجن". (¬4) تقدم تفسيره. (¬5) المهقوع من الخيل الذي به الهَقْعَة، وهي دائرة في جنبه حيث يكون رَحْل الراكب، وعن الغُوري: في أعلى صدره، وعن ابن دريد: بياض في جانبه الأيسر يتشاءم بها، وفي المنتقى: المهقوع الذي إذا سار سُمِع ما بين الخاصرة وفرجه صوت، وهو عيب. انظر: المغرب، "هقع". (¬6) الجمح بمعنى الجِماح غير مسموع، وهو أن يركب الفرس رأسه لا يَثنيه شيء، وهو جَمَح براكبه: غَلَبَه، وهو جَمُوح وجامح، الذكر والأنثى فيه سواء، وعن الأزهري: فرس جَمُوح له معنيان، أحدهما ذم يُرَدْ منه بالعيب، وقد ذكر، والثاني أن يكون سريعاً نشيطاً وهو ليس بعيب. انظر: المغرب، "جمح". (¬7) ف م: وصلع؛ ع: وظلع. والتصحيح من ب ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 112. وعرفه السرخسي بأنه أن يخلع رأسه من العذار وإن شد عليه. انظر: المصدر السابق. (¬8) بل المخلاة هو أن يسيل لعاب الفرس على وجه تبتل المخلاة به إذا جعلت على رأسه وفيها علفه. وقيل: أن يأخذ المخلاة بشفتيه فيرمي بها. انظر: المبسوط، 13/ 112. (¬9) هو انتفاخ العصب عند الإتعاب، والعصب الذي ينتشر هي العَجان. انظر: المبسوط، 13/ 112. والعَجَان ما بين القبل والدبر. انظر: لسان العرب، "عجن". (¬10) ف م ع ط: والأعشى. وقد تقدم قبل قليل. (¬11) ع: والبشر. رجل أَشْتَر انقلب شُفْر عينيه من أسفل أو أعلى، وقيل الشَّتَر أن ينشق الجَفْن حتى ينفصل شِقّه، وقيل: هو انقلاب الجَفْن الأسفل فلا يلقى الأعلى. انظر: المغرب، "شتر".

عيب. والحَوَل عيب (¬1). والحَوَص (¬2) عيب. والظُّفْر (¬3) عيب. والشعر يكون في جوف العين عيب. والجَرَب عيب في العين (¬4) وغير (¬5) العين. والماء (¬6) في العين عيب. وريح السبل عيب. والغَرَب (¬7) عيب. والسعال القديم عيب إذا كان من داء. والمستحاضة والتي يرتفع حيضها زماناً فهذا (¬8) كله عيب (¬9). وإذا اشترى الرجل عبداً وعليه دين لم يعلم به ثم علم به فله أن يرده، إلا أن يقضي البائع دينه عنه (¬10)، أو يبرئه الغرماء من الدين. وإذا اشترى الرجل جارية محرمة بالحج وهو لا يعلم به (¬11) ثم علم فليس هذا عيباً (¬12)؛ لأن له أن يحللها. وإذا اشترى الرجل جارية في عدة من طلاق بائن أو موت فليس هذا بعيب. فإن كان في عدة من طلاق يملك فيه الرجعة فهذا عيب يرد منه. فإن انقضت العدة فقد وجبت؛ لأن العيب قد ذهب. ¬

_ (¬1) ف - إذا كان ينقص الثمن والانتشار عيب والأعشى عيب والشتر عيب والحول عيب، صح هـ. (¬2) قال المطرزي: الحَوَص بفتحين ضيق إحدى العينين دون الأخرى، عن الليث، وقال الأزهري: هو عندهم جميعهم ضيق في العينين معاً، فأما ما في الإيضاح أن الحَوَص اتساع إحدى العينين فسهو. انظر: المغرب، "حوص". (¬3) الظَّفَرَة بفتحتين جُلَيْدة تنبت في بياض العين، ويسميها الأطباء الظُّفْرة والظُّفْر، ويقال: عين ظَفِرة، ورجل مظفور. انظر: المغرب، "ظفر". (¬4) ع: في العين عيب. (¬5) ع: وفي غير. (¬6) ع: واما. (¬7) الغَرْب أيضاً عِرْق في مجرى الدمع يسقي فلا ينقطع مثل الناسور، وعن الأصمعي بعينه غَرْب: إذا كانت تسيل فلا تنقطع دموعها، والغَرَب بالتحريك وَرَم في المآقي، وعلى ذلك صح التحريك والتسكين. انظر: المغرب، "غرب". (¬8) ع - فهذا. (¬9) ف: عيب كله. (¬10) ف ع: عنه دينه. (¬11) ع - به. (¬12) ع: عيب.

وإذا ابتاع الرجل خادماً من رجل فطعن المشتري بعيب فقال البائع: ما هذا بخادمي، فالقول قول البائع مع يمينه بالله، وعلى المشتري البينة أنه اشترى منه هذه الجارية. وإذا اشترى الرجل جارية على أنها بكر فوجدها ثيباً فإنه لا يصدق على ذلك، والقول قول البائع أنها بكر مع يمينه، وعلى المشتري البينة أنها ثيب. وإذا اشترى الرجل جوزاً أو بيضاً فوجده فاسداً كله وقد كسره فله أن يرده، ويأخذ الثمن كله. وكذلك البطيخ والفاكهة إذا وجدها فاسدة كلها بعدما يكسرها فله أن يرده، إذا كان لا يساوي شيئاً فهو فاسد. وإذا اشترى الرجل عبداً قد حل دمه بقصاص فقتل عنده فإنه يرجع على البائع بالثمن كله. وكذلك لو كان مرتداً فقتل عنده. ولو باعه وهو (¬1) سارق فقطعت (¬2) يده عنده كان له أن يرده ويأخذ الثمن كله. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد (¬3): إنه يقوم سارقاً ويقوم غير سارق ثم يرجع بفضل ما بينهما من الثمن، ولا يستطيع أن يرده بعد القطع. وكذلك حلال الدم. ولو كان هذا مستقيماً (¬4) كان الرجل إذا اشترى جارية حاملاً فماتت في نفاسها وقد دلس له الحمل كان له أن يرجع بالثمن كله. وهذا ليس بشيء. وإذا اشترى الرجل جارية وعبداً (¬5) فزوجهما ثم وجد بهما عيباً لم يكن له أن يردهما لما أحدث فيهما. فإن طلقها ثلاثاً بائناً (¬6) ولم يكن دخل بها كان (¬7) له أن يردهما. ¬

_ (¬1) ع - وهو. (¬2) م: فقطت. (¬3) م - ومحمد. (¬4) ع: مستقيم. (¬5) ف م ع: أو عبدا. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 117. (¬6) ع: ثانيا. (¬7) م - دخل بها كان، صح هـ.

وإذا اشترى الرجل جارية فوجد بها عيباً، فشهد شاهد (¬1) أنه اشتراها وهذا العيب بها، وشهد آخر على إقرار البائع بهذا، كان هذا باطلاً، لا يردها بهذه الشهادة؛ لأنهما قد اختلفا، ولا يرجع بفضل عيب. وإذا وهب الرجل للرجل جارية على عوض وقبضا جميعاً ثم وجد عيباً فله أن يرده في هذا كما يرد في الشرى. وكذلك الصدقة بالعوض. وإذا تزوجت المرأة على جارية فقبضتها فوجدت بها عيباً فلها (¬2) أن تردها وتأخذ قيمتها صحيحة. وإن حدث بها عيب آخر عندها (¬3) لم تستطع (¬4) ردها، ولكنها ترجع بفضل ما بينهما من العيب الأول ومن قيمتها صحيحة. وكذلك لو خلعها على جارية كان كذلك أيضاً. ولو باع من عبد نفسه بجارية ثم وجد بها عيباً كان له أن يردها عليه، ويأخذ منه قيمة نفسه. وهذا قول أبي حنيفة الآخر. وهو قول أبي يوسف. وقال محمد: يرجع عليه بقيمة (¬5) الجارية. وهو قول أبي حنيفة الأول. فإن كان حدث بها عند المولى عيب (¬6) لا يستطيع ردها (¬7)، ويرجع (¬8) بفضل ما بينهما من قيمة العبد، تُقَوَّم صحيحة وتُقَوَّم وبها العيب، فإن كان ينقصها (¬9) عشر ذلك رجع بعشر قيمة العبد في قول أبي حنيفة الآخر. وهو قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فإنه (¬10) يرجع بذلك من قيمتها (¬11)، فإن ردت (¬12) الجارية رجع على العبد بقيمتها. ولو كاتبه على جارية بغير عينها (¬13) فأداها إليه وأعتق ثم وجد بها عيباً ¬

_ (¬1) ع: شاهدا. (¬2) ف ع: كان لها. (¬3) ف: عند. (¬4) م: لم يستطع؛ ع: لم تستطيع. (¬5) ع: بقيمته. (¬6) ع: عيبا. (¬7) ع + ولكنها. (¬8) ف م ع: رجع. والتصحيح من ب جار ط. وعبارة ب جار: فإن حدث بها عيب عند المولى لم يردها ويرجع بنقصان العيب من قيمة العبد. (¬9) ف ع: نقصها. (¬10) م - فإنه. (¬11) ف ع: في قيمتها. (¬12) ف: زادت. (¬13) ع: عنها.

كان له أن يردها عليه، ويأخذ مكانها مثلها صحيحة. فإن كان قد حدث بها عيب عند المولى لم يكن له أن يردها، وكان له أن يرجع بما نقصها العيب من قيمة الجارية. وإذا باع الرجل (¬1) لرجل جارية بأمره ثم خوصم في - عيب فقبلها (¬2) بغير قضاء قاض (¬3) فإنها تلزم (¬4) البائع، ولا تلزم (¬5) الآمر، إلا إن كان عيباً يعلم أن مثله لا يحدث، فيلزم الآمر. وكذلك لو قامت بينة أنه باعها وبها العيب ألزمته البائع (¬6) وألزمت الآمر. ولو كان عيباً يحدث مثله فخاصمه البائع فيها إلى القاضي وأقر عنده بالعيب كان إقراره عند القاضي وعند غيره سواء، لا يلزم الآمر إلا في عيب لا يحدث مثله. فإن لم يقر ولكنه أبى أن يحلف فألزمه القاضي الجارية فإنها تلزم الآمر. فإن أنكر (¬7) المولى أن تكون جاريته التي باع لم تلزم (¬8) الآمر، وكان (¬9) القول في ذلك قوله، وعليه اليمين بالله. فإن أقام البائع البينة على أنها هي الجارية التي باع (¬10) فإنها تلزم الآمر. وإذا اشترى الرجل للرجل جارية بأمره ثم وجد بها عيباً فله أن يدفعها إلى الآمر، وله أن يخاصم فيها ويردها وإن كان الآمر غير حاضر. ألا ترى أنه لو كان معه مال مضاربة اشترى بها بَزًّا ورب المال غائب فوجد بثوب منها عيباً كان له أن يخاصم فيه ويرده. فإن ادعى البائع أن (¬11) الآمر قد رضي بالعيب وطلب يمين الآمر أو يمين المأمور ما رضي (¬12) بذلك الآمر لم يكن له على المأمور يمين بذلك، ولا على الآمر. ولو كانت عليه يمين بذلك لم يكن له أن يردها حتى يحضر الآمر فيحلف. فإن قامت بينة على ¬

_ (¬1) ف ع: رجل. (¬2) ع: فقتلها. (¬3) ع: قاضي. (¬4) ف: تلزمها؛ ع: يلزم. (¬5) م ع: ولا يلزم. (¬6) ف م ع: للبائع. والتصحيح من ط. (¬7) ع - أنكر. (¬8) ع: لم يلزم. (¬9) ف م ع: كان. والتصحيح من ط. (¬10) ع + له. (¬11) م - أن. (¬12) ف م ع: بان رضي. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 172 و؛ والمبسوط، 13/ 120.

رضى الآمر لم يكن له أن يردها. ولو كان الآمر قد قبضها ثم وجد بها عيباً لم يكن له أن يردها (¬1)، ولا يخاصم فيها حتى يحضر المشتري، فيكون هو الذي يخاصم ويرد. ولو أقر المشتري أنه قد أبرأ البائع من هذا العيب صدق المشتري على نفسه بالعيب، ولا يصدق على الآمر، وتلزم (¬2) الجارية المشتري إلا أن يرضى الآمر بقوله أو يقيم بينة على ذلك. ولو اشترى رجلان جارية فوجدا (¬3) بها عيباً فرضي أحدهما وأبى الآخر أن يرضى لم يكن لواحد منهما أن يرد حتى يجتمعا (¬4) جميعاً على الرد؛ لأنها صفقة واحدة. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: الذي رضي بالعيب يلزمه نصيبه ويرد الآخر حصته ولا يلزم الآخر عيب؛ لأنه لم يرض (¬5) به إن (¬6) رضي به غيره. وإذا اشترى الرجل عبداً بجارية وقبضها ثم وجد صاحب العبد بالعبد عيباً ثم مات عنده فإنه يُقَوَّم صحيحا ويُقَوَّم وبه العيب، فإن كان (¬7) ذلك ينقصه عشر قيمته رجع بعشر الجارية، وإن كان الثلث فالثلث. وإن كان العبد قائماً بعينه رده وأخذ الجارية. وكذلك الحيوان والعروض كلها إذا باع منها شيئاً بشيء فاستحق أو وجد (¬8) بها (¬9) عيباً رده وأخذ متاعه. وإذا كان المتاع قد استهلك رد عليه قيمته. وكذلك كل ما يكال أو يوزن في هذا الباب إذا كان بعينه. ولو استحق شيء من ذلك بإقرار الذي هو في يده (¬10) لم يرجع بشيء؛ لأنه أقر أنه أتلف السلعة. وكذلك إذا اشترى الرجل خادما وأقر أنها لفلان فلا يرجع بشيء على البائع. ولو قضى بها القاضي بشهادة الشهود قضى له على البائع بالثمن (¬11). فإن قال البائع: ¬

_ (¬1) م - ولو كان الآمر قد قبضها ثم وجد بها عيبا لم يكن له أن يردها. (¬2) ع: ويلزم. (¬3) ع: فوجد. (¬4) م ع: حتى يجتمعان. (¬5) ع: لم يرضى. (¬6) ع: فإن. (¬7) ف - كان. (¬8) ع: أو جد. (¬9) ط: به. (¬10) ف ت في يديه. (¬11) ف م ع: الثمن. والتصحيح من ط.

ليس (¬1) هذه بجاريتي التي بعتك، فالقول قول البائع مع يمينه، وعلى المشتري البينة أنها هي (¬2) الخادم التي اشتراها منه. وإذا اشترى الرجل خادماً بكر حنطة وليس الكر عنده فإنه لا يجوز. فإن قال: بكر حنطة جيد (¬3) أو وسط أو رديء، فهو جائز، أستحسن ذلك، وأدع القياس فيه؛ لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه اشترى جَزُوراً (¬4) بتمر (¬5)، ثم استقرضه فأعطاه إياه (¬6). فإن وجد عيباً بالجارية وقد استهلك البائع الكر رد الجارية وأخذ كراً (¬7) مثل كره. وكذلك كل ما يكال أو يوزن والذي يعد عدداً. وليس ما سوى ذلك من العروض مثل هذا؛ لأنه إن اشترى جارية بثوب وليس الثوب عنده فالبيع باطل. ولو اشتراها (¬8) بثوب عنده ثم وجد بها عيباً وقد استهلك البائع الثوب ردها وأخذ قيمة (¬9) الثوب؛ لأن الثوب لا يقرض، والطعام وما أشبهه (¬10) من الكيل والوزن يستقرض، فيكون عليه مثله. واذا اشترى الرجل بيعاً بنسيئة أو بنقد ولم (¬11) ينقد (¬12) فليس ينبغي له ¬

_ (¬1) ط: ليست. (¬2) م - هي. (¬3) ع: جيدا. (¬4) ع: جزوزا. (¬5) ف م ع ط: بثمن. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ ومن مصادر الحديث المذكورة في الحاشية التالية. وورد في المبسوط: بكري تمر. انظر: المبسوط، 13/ 121. ولم أجده في مصادر الحديث، ويوجد في بعضها: بِوَسْق تمر. والوسق ستون صاعا كما هو معروف. أما الكُرّ فهو اثنا عشر وسقا. انظر: المغرب، "كرر". (¬6) عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابتاع من أعرابي جزوراً بتمر، وكان يرى أن التمر عنده، فإذا بعضه عنده وبعضه ليس عنده، فقال: "هل لك أن تأخذ بعض تمرك وبعضه إلى الجذاذ؟ " فأبى، فاستسلف له النبي - صلى الله عليه وسلم - تمره فدفعه إليه. انظر: مسند أحمد، 6/ 268؛ والمستدرك للحاكم، 2/ 37؛ والمحلى، 9/ 111؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 20. وقال الهيثمي: إسناد أحمد صحيح. انظر: مجمع الزوائد، 4/ 139 - 140. (¬7) م ع: كر. (¬8) ع: اشترى. (¬9) ع: قيمته. (¬10) ع: أشبه. (¬11) ع: أو لم. (¬12) ع + الثمن.

أن يبيع ذلك من البائع بأقل من ذلك الثمن الذي أخذه به إن كان لم ينقده الثمن، ولا (¬1) ينبغي للبائع أن يشتريه منه بأقل من ذلك. ولو فعل رددت البيع الآخر. وإن كان قد انتقد الثمن فلا بأس بأن يشتريه بأقل أو أكثر. وإن كان لم ينقد الثمن وقد حدث بالسلعة عيب فلا بأس بأن يشتريه بأقل من الثمن. وإن كان لم يحدث بها عيب (¬2) ولكن السعر (¬3) رَخُصَ فلا يشتريه بأقل من الثمن. ولا يجوز شراؤه ولا شراء ابنه ولا أبيه ولا مكاتبه ولا عبده ولا مدبره ولا أم ولده ولا وكيله، إلا أن الوكيل الذي (¬4) اشتراها لزمته، ولا تلزم (¬5) الآمر في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فإنها تلزم الآمر، ويكون البيع فاسداً كأن الآمر اشترى ذلك. ولو باعه لرجل لم يكن ينبغي له أن يشتريه بأقل من ذلك قبل أن ينقد (¬6) لنفسه ولا لغيره، ولا ينبغي للذي باعه أن يشتريه أيضاً بأقل من ذلك لنفسه ولا لغيره؛ لأنه هو البائع. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: شرى أبيه وابنه جائز. ولو كان الذي اشتراه اشتراه لغيره لم يجز بيع الوكيل الذي اشتراه وبيع الذي اشتراه له (¬7) لو باعه (¬8) من البائع بأقل من ذلك أو من الآمر (¬9). ولا بأس بأن يشتريه الآمر أو البائع بالعروض بأقل من قيمة الثمن؛ لأن هذا غير الثمن الذي باعه به. ولو باعه بحنطة لم يكن له ثانياً أن يشتريه ¬

_ (¬1) ع - له أن يبيع ذلك من البائع بأقل من ذلك الثمن الذي أخذه به إن كان لم ينقده الثمن ولا. (¬2) ع: عيبا. (¬3) ع: الشعر. (¬4) ع: إذا. (¬5) ع: يلزم. (¬6) ط + فليس ينبغي له ذلك لا. ولو رتبنا الجملة هكذا لاتضح المعنى أكثر: ولو باعه لرجل لم يكن ينبغي له أن يشتريه لنفسه ولا لغيره بأقل من ذلك قبل أن ينقد. (¬7) ط + وكذلك. (¬8) ف م ع: أو باعه. والتصحيح من ط. (¬9) وعبارة ب هكذا: وكذا لو كان المشتري وكيلا لم يجز للبائع أن يشتريه قبل النقد بأقل من الوكيل ولا من موكله. وانظر: المبسوط، 13/ 122 - 123.

بشعير بأقل من ذلك وإن كان لم يبعه به. وكذلك لا بأس بأن يشتري بما (¬1) سوى الحنطة من العروض. وكذلك إذا باعه بدراهم أو دنانير فلا بأس بأن يشتريه بأي العروض شاء وإن كانت أقل من الثمن. فأما الدراهم والدنانير فلا يشتريه بأقل من الثمن. فإن كان باعه بدراهم فلا يشتريه بدنانير أقل من تلك الدراهم، أدع القياس في هذا وأستحسن؛ لأن الدراهم والدنانير في هذا سواء. وإذا باعه بألف درهم نسيئة سنة ثم اشتراه بألف درهم (¬2) نسيئة سنتين قبل أن ينتقد (¬3) كان البيع الثاني (¬4) باطلاً لا يجوز، مِن قِبَل أنه أخذه (¬5) بأقل مما باعه حيث زاده في الأجل سنة، ولو كان زاده في الثمن (¬6) درهماً أو أكثر كان البيع جائزاً. وإذا باع الرجل طعاماً بدراهم فلا بأس بأن يشتري بالثمن قبل أن يقبضه من البائع (¬7) ما بدا له من العروض يداً بيد، طعاماً كان أو غيره، أكثر من طعامه أو أقل، إذا لم يكن طعامه بعينه؛ لأن هذا غير ما باع. قال: بلغنا عن عائشة أن امرأة سألتها فقالت: إني اشتريت من زيد بن أرقم خادماً بثمانمائة درهم إلى أجل، ثم بعتها منه بسبعمائة درهم، فقالت: بئس ما اشتريت، وبئس ما شريت (¬8)، أبلغي زيد بن أرقم أن الله قد أبطل جهادك إن لم تتب. قال محمد: حدثنا بذلك أبو حنيفة رفعه (¬9) إلى عائشة (¬10). ¬

_ (¬1) ف م ع: بها. والتصحيح من ط. وعبارة ب: ولا بأس بأن يشتريه بعرض سوى الحنطة. (¬2) ف ع - درهم. (¬3) ع: أن ينقد. (¬4) ف: الثمن. (¬5) م: أخذها. (¬6) ف ع: على الثمن. (¬7) ط: من المشتري. وفي جميع النسخ: البائع. والمشتري يقال له بائع أيضا كما هو معروف عند الفقهاء وأهل اللغة. فلا حاجة إلى التغيير. (¬8) ع: ما شرى. (¬9) ع - رفعه. (¬10) رواه الإمام محمد بإسناده. انظر: الحجة على أهل المدينة له، 2/ 748. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 186؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 185؛ وسنن الدارقطني، 3/ 52؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 330؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 15.

وإذا كان لرجل على (¬1) رجل دين إلى أجل من ثمن بيع (¬2) فحط عنه على أن يعجل له فلا خير (¬3) في هذا، ولا يجوز. بلغنا ذلك عن عبد الله بن عمر (¬4). ويرد (¬5) المال على المطلوب، ويكون المال كله عليه على حاله إلى أجله. وإذا (¬6) باع الرجل عبداً بنسيئة فليس ينبغي لمكاتب له أن يشتريه بأقل من ذلك من قبل أن ينتقد المولى الثمن. وكذلك أم الولد والمدبر والمكاتب والعبد. وكذلك لو باع أحد (¬7) من هؤلاء من أمتعتهم لم يكن للمولى أن يشتريه بأقل من ذلك قبل أن ينتقده. ولو باعه بتأخير لم يكن للمولى أن يشتريه بمثل ذلك الثمن إلى أبعد (¬8) من ذلك الأجل، فأما إلى أقل من ذلك الأجل (¬9) أو إلى مثله فلا بأس به. وإذا باع الرجل عبداً بنسيئة أو بنقد فلم ينتقد (¬10) البائع الثمن حتى باع المشتري العبد أو وهبه أو خرج من ملكه أو مات فأوصى (¬11) به فاشتراه البائع من الذي كان له بأقل من ذلك كان هذا جائزاً لا بأس به؛ لأنه قد خرج من ملك الأول. فلو مات الأول وتركه ميراثاً لم يكن للبائع أن يشتريه من الورثة بأقل مما باعه. والورثة في هذا بمنزلة المشتري. ألا ترى أنهم يردونه عليه بعيب. وإذا (¬12) باع الرجل عبداً نسيئة ثم اشتراه هو وعبداً آخر بمثل ذلك الثمن أو أقل قبل أن ينتقد الذي باعه فهذا فاسد يرده، ويلزمه الآخر الذي ¬

_ (¬1) ع: عن. (¬2) م - بيع. (¬3) ع: فا خير. (¬4) الآثار لأبي يوسف، 185 - 186. ورواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده عن زيد بن ثابت. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 201. (¬5) م: وترد. (¬6) ف م: فإذا. (¬7) ع: أحدا. (¬8) ع: إلى بعد. (¬9) ف + فأما إلى أقل من ذلك الأجل. (¬10) ع: ينقد. (¬11) ف م ع: فأوصاه. والتصحيح من ط. (¬12) ع: فإذا.

لم يبع بحصته من الثمن. وكذلك لو اشترى العبد الذي (¬1) باعه هو ورجل آخر بأقل من ذلك الثمن كانت حصة الذي اشتراه معه جائزة، وحصته مردودة (¬2) لا تجوز (¬3). وكذلك لو اشتراه (¬4) هو وعبداً آخر بأكثر من ذلك الثمن إذا كان الذي (¬5) يصيبه (¬6) من الثمن أقل مما باعه فإنه فاسد، ويرده خاصة، ويجوز عليه الآخر. وإذا كان نصيبه من الثمن مثل ما باعه فالبيع فيه جائز. وإذا باع الرجل خادماً بنسيئة سنة فولدت عند المشتري ثم أراد البائع أن يشتريها بأقل من ذلك قبل أن ينتقد فلا بأس بذلك. [و] إن (¬7) كانت الولادة لم تنقصها شيئاً (¬8) فلا يبتاعها (¬9) بأقل من ذلك الثمن (¬10) الذي باعها به. وإذا ولدت الجارية عند (¬11) آخر ثم باعها ولم يسم (¬12) ذلك بنسيئة أو بنقد (¬13) فهو جائز، لا يفسد ذلك بيعه. وإذا اشترى (¬14) الرجل جارية من رجل فولدت عنده لأقل من ستة أشهر من يوم اشتراها فادعياه البائع والمشتري جميعاً معاً فإنه يكون ابن البائع، والأمة أم ولده (¬15)، ويرد الثمن. وكذلك إذا ادعاه البائع ثم ادعاه ¬

_ (¬1) ف: للذي. (¬2) ف م ع: مردود. (¬3) ع: لا يجوز. (¬4) ف م ع: لو اشترى. والتصحيح من ط. وانظر الحاشية التالية. (¬5) ط + باعه. ولا تقتضيه العبارة. وعبارة الحاكم: وإن اشتراه من المشتري مع عبد آخر بثمن حصته منه أقل من الثمن الذي باعه لم يجز الشراء فيه، ويجوز في العبد الآخر بحصته. انظر: الكافي، 1/ 172 ظ. وعبارة السرخسي قريبة منه. انظر: المبسوط، 13/ 127. (¬6) م: نصبه؛ ع: نصيبه. (¬7) زيادة الواو من ط. وهو مستفاد أيضاً من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 127. (¬8) م ع - شيئاً. (¬9) ع: فايبتاعها. (¬10) م - الثمن. (¬11) ع: عنده. (¬12) ع: يسمي. (¬13) ع: أو ينقد. (¬14) ع: اشتر. (¬15) ع: أم ولد.

المشتري بعد. ولو كان المشتري ادعاه قبل البائع جاز دعواه، وكانت أم ولد له، ولا تجوز (¬1) دعوى البائع بعد. وكذلك لو ولدت لأكثر من ستة أشهر فادعياه جميعاً كانت الدعوى دعوى المشتري، ولا تجوز (¬2) دعوى البائع. ولو ادعاه البائع ولم يدعه المشتري لم تجز (¬3) دعواه إذا جاءت به (¬4) لأكثر من ستة أشهر منذ يوم باعه. وإذا كان المشتري قد أعتق الولد وقد جاءت به لأقل من (¬5) ستة أشهر من يوم باع فإنه لا تجوز (¬6) دعوى البائع؛ لأن ولاءه قد ثبت من المشتري. وكذلك لو مات وبقيت أمه؛ لأنه لم يبق معها ولد يثبت (¬7) نسبه. ولو باعه ولم يعتق وأعتق المشتري الأم ثم ادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر ثبت نسبه من البائع. فأما (¬8) الأم فإنها لا تكون أم ولد بعد العتق. ويقسم الثمن على قيمتها وقيمة ولدها، فيرد البائع ما أصاب الابن من الثمن على المشتري إن كان قد انتقد. وإن لم يكن انتقد رد المشتري على البائع ما أصاب الأم. ولو كانت قد ولدت عند البائع قبل أن يبيع ثم باع ثم ادعى الولد جازت دعواه إذا كان لم يدخل فيه عتق ولم يمت (¬9)، وصارت أمه أم ولد. ولو لم يولد (¬10) عنده ولكنه اشتراهما ثم باعهما ثم ادعى (¬11) الولد فإن نسبه لا يثبت مِن قِبَل أنه لم يولد (¬12) عنده. ولو اشتراها وهي حبلى ثم باعها فولدت من الغد من يوم اشتراها فادعاه البائع الأوسط لم يصدق؛ لأن الحبل كان أصله عند البائع الأول. ولو كان ادعى البائع الأول الذي كان عنده الحبل فإن أبا حنيفة قال: هو مصدق. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو ولدت عنده ولدين في بطن ¬

_ (¬1) ع: يجوز. (¬2) ع: يجوز. (¬3) ع: لم يجز. (¬4) ع - به. (¬5) ع - من. (¬6) ع: لا يجوز. (¬7) ع: ثبت. (¬8) ع: فأم. (¬9) ف م: ولو لم يمت؛ ع: ولو لم تمت؛ ط: وكذلك لو لم يمت. والتصحيح مستفاد من ب جار حيث يقول: ولو ولدت قبل البيع فباعهما ثم ادعى الولد ثبت نسبه منه إن كان حيا لم يعتق، وصارت أمه أم ولد له. (¬10) م ع: لم تولد. (¬11) ع: ثم داعا. (¬12) م: لم تولد.

باب بيوع أهل الذمة بعضهم من بعض

واحد ثم باعهما أو باع أحدهما ثم ادعى الذي عنده لزمه الولدان جميعاً، وصارت الأم أم ولد له، ويرد الثمن. وإن كان المشتري قد أعتق الولد الذي عنده ثم ادعى البائع الولد الذي كان عنده لزمه نسبهما جميعاً (¬1)، وكانت دعواه للذي عنده بمنزلة الشاهد، وأبطلت عتق المشتري. فإن أعتق المشتري الأم قبل ادعاء هذا الولد جاز عتقه فيها، ولا تكون أم ولد (¬2) البائع؛ لأنها لا ترد إلى الرق بعد أبداً. ... باب بيوع أهل الذمة بعضهم من بعض وإذا اشترى الرجل من أهل الذمة العبد المسلم من المسلمين (¬3) فإن شراءه جائز يلزمه البيع. وكذلك لو اشترى أمة مسلمة. والصغير في ذلك من الرقيق والكبير سواء. والبيع في ذلك كله جائز لازم له. وكذلك لو اشترى (¬4) من ذمي مثله عبداً مسلماً أو أمة مسلمةً. فإني أجيز البيع وأجبر (¬5) المشتري الذي لزمه البيع على بيع ذلك من المسلمين، ولا أخلي بينه وبين أن يكون في ملكه. ليس ينبغي أن يكون في ملك أحد من أهل الذمة عبد مسلم (¬6) ولا أمة مسلمة، صغيراً كان أو كبيراً، إلا أن يجبروا على بيعه من المسلمين. وإذا كان للذمي عبد كافر (¬7) أو أمة كافرة فأسلمت أو أسلم العبد فإنه يجبر على بيعهما (¬8). ¬

_ (¬1) ف م + وصارت الأم أم ولد له ويرد الثمن وإن كان المشتري قد أعتق الولد الذي عنده ثم ادعى البائع الولد الذي كان عنده لزمه نسبهما جميعاً. (¬2) م: ولا يكون ولد. (¬3) ع: من المسلم. (¬4) ع + أمة مسلمة والصغير في ذلك من الرقيق والكبير سواء والبيع في ذلك كله جائز لازم له وكذلك لو اشترى. (¬5) ع: وأجيز. (¬6) ع: عبدا مسلما. (¬7) ع: عبدا كافرا. (¬8) ع ت على بيعها.

وإذا كان للذمي عبد وامرأته (¬1) أمة قد ولدت منه فأسلم العبد وله منها ولد صغير فإنه يجبر على بيع العبد (¬2) مع ولده الصغير؛ لأنهما مسلمان وإن كان ذلك مما يفرق بينه وبين أمه للحق الذي لزم في ذلك. ألا ترى أن أمه لو كان لها ابن صغير فجنى جناية دفع بها وأمسكت الأم (¬3)، ولو لزم الولد (¬4) دين (¬5) بيع فيه وأمسكت الأم، لأن هذا حق لزم في الولد خاصة دون الأم (¬6) كما لزم الإسلام. وإذا كان العبد الكافر بين المسلم والكافر فأسلم العبد فإن الكافر يجبر على بيع حصته منه. ولو أن عبداً أسلم ومولاه كافر فكاتبه مولاه جازت مكاتبته، فإن أداها عتق (¬7)، وإن عجز فرد في الرق أجبر المولى على بيعه. ولو أن العبد الكافر أسلم ثم إن الكافر رهنه عند مسلم أو كافر فإنه سواء، ويجبر (¬8) المولى على البيع في ذلك، ويكون ثمنه رهناً مكانه. وكذلك لو أجره من مسلم أو كافر، وتبطل (¬9) الإج يارة، ولا يترك في ملكه، ولا يَغْلَقُ (¬10) فيه شيء من هذا. ولو كان رهنه أو أجره وهو كافر ثم أسلم فيدي المرتهق أو المستأجر أجبرته على بيعه (¬11)، ولا أتركه (¬12) في يدي (¬13) الكافر وهو مسلم. ولو دبر الكافر عبداً مسلماً بعدما أسلم العبد أو قبل إسلامه، أو ¬

_ (¬1) ع: عبدا أو امرأته. (¬2) ع: الوالد. (¬3) ع - الأم. (¬4) ع - ببيع. (¬5) ف م ع: بدين. والتصحيح من ب جار ط؛ والمبسوط، 13/ 134. (¬6) ع: الأمر. (¬7) ف م ع: فعتق. والتصحيح من ب جار ط. (¬8) م: فإنه يجبر. (¬9) ط: تبطل. (¬10) ع ط: يعلق. وغَلِقَ الرهن من باب لَبِس: إذا استحقه المرتهن، ومنه "أذن لعبده في التجارة وغَلِقَتْ رقبته بالدين" أي استُحِقَّت به فلم يقدر على تخليصها. انظر: المغوب، "غلق". (¬11) ع: على بيعة. (¬12) ف: ولا تركه. (¬13) ع: في يد.

كانت (¬1) أمة فوقع عليها فولدت منه بعد إسلامها أو قبل، قُوِّمَتْ (¬2) قيمةَ عَدْل أم ولد أو مدبرة، ثم سعت في قيمتها، فإذا أدت عتقت، وهي بمنزلة الأمة ما دامت تسعى. وتجب (¬3) على أم الولد العدة إذا هي أدت، ويكون ولاؤها وولاء المدبرة لمولاها الكافر. وإذا (¬4) باع الرجل عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أسلم العبد ثم اختار الكافر إمضاء بيع العبد أو رده: فإن اختاره أجبرته على بيعه، وإن اختار إمضاء (¬5) البيع لكافر (¬6) مثله أجبرت ذلك الكافر على بيعه. وإن كان أمضى البيع لمسلم فهو له، ولا يجبر على بيعه. فإن كان المشتري بالخيار فرد البيع أجبرت (¬7) الكافر. وإن اختاره وهو مسلم فهو له. وإن كان كافراً فهو له وأجبره على بيعه. وإذا اشترى الكافر عبداً مسلماً بيعاً فاسداً فقبضه الكافر فإنه يجبر على رده على البائع. فإن كان البائع كافراً أجبر على بيعه. وإن كان البائع غائباً وكان مسلماً فرفع (¬8) أمر المشتري إلى القاضي، فإن كان البيع بيعاً يجوز في مثله البيع (¬9) أجبرته على بيعه. ولو أن مسلماً اشترى عبداً مسلماً من كافر بيعاً فاسداً أجبر على رده على الكافر وعلى بيعه. وإن (¬10) كان الكافر غائباً فهو له على حاله عند المسلم. ولو أن رجلاً مسلماً وهب عبداً مسلماً لكافر أو تصدق به عليه كان ¬

_ (¬1) ع: أو كاتب. (¬2) ف م ع: فوجب. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 7/ 168. (¬3) ع: ويجب. (¬4) ف: فإذا. (¬5) م - إمضاء. (¬6) ف: الكافر. (¬7) ع: أخبرت. (¬8) ف م ع: فرجع. والتصحيح من ب ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 135. (¬9) ف م ع: العتق. والتصحيح مستفاد من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 135. (¬10) ف ع: فإن.

ذلك جائزاً إذا قبض، وأجبر (¬1) الكافر على بيعه. ولو أراد المسلم أن يرجع في هبته كان له ذلك ما لم يبع الكافر، أو يعوض (¬2)، أو يكون ذا رحم محرم منه، أو تكون الهبة قد ازدادت (¬3) خيراً. ولو أن كافراً وهب عبداً مسلماً لرجل مسلم وقبض ثم رجع الكافر فيه وقبضه كان جائزاً، وأجبر الكافر على بيعه (¬4). ولو أن رجلاً مسلماً تحته امرأة نصرانية لها مملوك مسلم فأجبرت على بيعه فباعته من زوجها والثشراه (¬5) زوجها لولد له صغير كان ذلك جائزاً (¬6)، ولا يجبر على بيعه. وإذا أسلم عبد لنصراني فأجبر القاضي على بيعه فباعه ثم جاء نصراني آخر فاستحقه بعد البيع ببينة من المسلمين (¬7) فالبيع مردود، ويجبر (¬8) الذي استحقه على بيعه. فإن كان قد أعتقه فعتقه باطل. ولو (¬9) أن (¬10) يتامى من النصارى أسلم عبد لهم أجبروا على بيعه. فإن كان لهم وصي باعه الوصي. وإن لم يكن لهم وصي جعل لهم القاضي وصياً فباعه لهم. وإذا (¬11) أسلم عبد نصراني ولم يحتلم بعد أن يتكلم بالإسلام ويكون عاقلاً فإن هذا إسلام، ويجبر المولى على بيعه، أستحسن هذا وأدع القياس فيه. وإذا أسلم عبد المكاتب وهو نصراني وهو مكاتب أجبر المكاتب النصراني على بيعه. ¬

_ (¬1) ف: والحر؛ م: والجبر. (¬2) ع: أو نعوض. (¬3) ع: قد ازادادت. (¬4) ع + واذا أسلم عبد لنصراني فأجبر القاضي على بيعه. (¬5) ع: واشتراة. (¬6) م - جائزا. (¬7) ع: من المسلم. (¬8) م ع: يجبر. (¬9) م - لو. (¬10) ع - أن. (¬11) ف م: فإذا.

ولو كان مولاه عبداً نصرانياً تاجراً لنصراني أجبرته على بيعه. ولو كان المولى مسلماً ولا دين على العبد [لم] (¬1) أجبره على بيعه. وإن كان على العبد دين أجبرته على بيعه. وكذلك إذا اشترى النصراني عبداً مسلماً فوجد (¬2) به عيباً فقال: أنا أرده، تركته حتى يرده (¬3)، وكان هذا بمنزلة البيع. وإذا اشترى النصراني عبداً مسلماً فأراد أن يخاصم بعيب فوكل وكيلاً يخاصم عنه فإن الوكيل تقبل (¬4) منه (¬5) الخصومة في ذلك (¬6) حتى يبلغ اليمين بالله ما رأى ولا رضي. فإذا بلغ ذلك لم يستطع (¬7) أن يرده حتى يجيء الموكل الآمر فيحلف. وإن كان البائع هو الذي وكل فهو جائز مِن قِبَل أن وكيله لو أقر عليه لجاز. ولو أقر وكيل المشتري أن المشتري قد رضي بالعيب فإن (¬8) إقراره عند القاضي جائز على المشتري. وإذا أبى وكيل البائع أن يحلف فأبى أن يقر فعلى البائع أن يحلف بالله. وليس يحلف الوكيل لقد باعه وما (¬9) هذا به. ولكن البائع يحلف بالله لقد باعه وما هذا به يوم باعه، يؤتى به حتى يحلف. وإذا اشترى النصراني مصحفاً أجبرته على بيعه وكان شراؤه جائزاً عليه. وكذلك لو باعه كان بيعه جائزاً. وإذا اشترى النصراني عبداً وهو بالخيار ثلاثة أيام فأسلم العبد قبل أن يمضي الخيار، فإن أجاز البيع فهو جائز، ويجبر على بيعه. وإن رد (¬10) البيع ولم يجبره فهو جائز. وكذلك لو كان البائع بالخيار. ولا يجوز (¬11) فيما بين أهل الذمة الربا، ولا بيع الحيوان بالحيوان. ¬

_ (¬1) الزيادة من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 136. (¬2) ع: وجد. (¬3) ف م: حتى رده. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 136. (¬4) ع: يقبل. (¬5) ف ع - منه. (¬6) م - في ذلك. (¬7) ع: لم يستطيع. (¬8) - ف م ع: فكان؛ ط: كان. (¬9) ع: ما. (¬10) ع: رده. (¬11) ع: وهو لا يجوز.

ولا يجوز السلم فيما بينهم في الحيوان (¬1) ولا الدرهم (¬2) بالدرهمين (¬3) يداً (¬4) بيد ولا النسيئة ولا الصرف بالنسيئة ولا الذهب بالذهب إلا مثلاً (¬5) بمثل يداً (¬6) بيد. وكذلك الفضة. وكذلك كل ما يكال أو يوزن إذا كان صنفاً واحداً. هم في البيوع كلها (¬7) بمنزلة أهل الإسلام ما خلا الخمر والخنزير. ولا أجيز فيما بينهم بيع الميتة والدم. فأما الخمر والخنزير فإني أجيز بيعها بين أهل الذمة؛ لأنها أموال أهل الذمة. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه مِن قِبَل الأثر الذي (¬8) جاء في نحو من ذلك عن عمر (¬9). وإذا اشترى النصراني أو الرجل من أهل الذمة الخمر من الرجل المسلم فذلك باطل لا يجوز. وكذلك لو (¬10) باع الكافر من مسلم (¬11) خمراً لم يجز ذلك. وإن استهلك المسلم خمراً لكافر فعليه قيمتها. وإن استهلك الكافر خمراً لمسلم فلا شيء عليه. لا تحل (¬12) الخمر لمسلم، ولا يحل بيعها، ولا أكل ثمنها. بلغنا نحو (¬13) من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬14). ¬

_ (¬1) ف: بالحيوان. (¬2) ع: الدراهم. (¬3) ف: بالدرهم. (¬4) ع: يد. (¬5) ع: مثل. (¬6) ع: يد. (¬7) م - كلها. (¬8) ع - الذي. (¬9) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 195، 10/ 369؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 55. (¬10) ع - لو. (¬11) ع: من المسلم. (¬12) ع: لا يحل. (¬13) ع: نحن. (¬14) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا محمد بن قيس أن رجلاً من ثقيف يُكَنَّى أبا عامر كان يُهدي لرسول الله كلَّ عامٍ رَاوِيَةَ خمر. فأَهدى إليه في العام الذي حُرِّمَتْ رَاوِيَتَه كما كان يُهدي. فقال له النبي: "يا أبا عامر، إن الله قد حَرَّمَ الخمرَ، فلا حاجة لنا في خمرك". قال: فخُذْها يا رسول الله، فبِعْها واسْتَعِن بثمنِها على حاجتك. فقال له النبي: "يا أبا عامر، إن الذي حَرَّمَ شربهاَ حَرَّمَ بيعَها وأَكْلَ ثمنِها". انظر: الآثار لمحمد، 130. ونفس الحديث رواه الإمام أبو يوسف أيضاً. انظر: الآثار لأبي يوسف، 228؛ وصحيح البخاري، البيوع، 105؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 67 - 72. أما ما ذكره المحقق شحاتة فهو موقوف على ابن عمر، ولم يبين ذلك، وقد نقله عن الآثار لأبي يوسف، 227. انظر: الأصل (شحاتة)، 222. وكان ينبغي أن يذكر المرفوع، لأن المؤلف ذكر الحديث بلاغاً عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

وإذا اشترى النصراني خمراً من نصراني فأسلما جميعاً أو أحدهما أيهما (¬1) ما كان قبل أن يقبض المشتري فالبيع فاسد لا يجوز؛ لأنها قد صارت حراماً على المسلم منهما. ولو كان قبضها قبل أن يسلم واحد (¬2) فيهما ثم أسلما أو أسلم أحدهما قبل قبض الثمن كان الثمن ديناً على المشتري؛ لأنه ماله. ويخلل الخمر إن كان هو المسلم. وإذا أسلم النصراني إلى النصراني (¬3) في خمر ثم أسلما جميعاً أو أسلم أحدهما فالبيع باطل، ويرد رأس ماله (¬4). وكذلك إذا اشترى منه خنزيراً فأسلم قبل أن يقبض فالبيع باطل فاسد لا يجوز، ويرد عليه ما قبض من الثمن. وإذا اشترى المسلم من المسلم عصيراً ثم (¬5) صار خمراً قبل أن يقبضه فالبيع فاسد لا يجوز. فإن صارت الخمر خلاً (¬6) قبل أن يترافعا (¬7) إلى السلطان فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذه، وإن شاء (¬8) أخذ الثمن إن كان أعطاه؛ لأن أصل الشرى كان عصيراً حلالاً. وكذلك النصراني (¬9) يشتري من النصراني خمراً ثم صارت خلا قبل أن يقبض ثم أسلما، فإن شاء المشتري أخذها وأعطى الثمن. ولو أن المسلم حيث صار العصير خمراً خاصم فيها أبطل (¬10) القاضي البيع، فإن صارت خلاً بعد ذلك فلا سبيل له (¬11) عليها مِن قِبَل أن القاضي قد نقض البيع. وإذا أقرض النصراني من النصراني خمراً ثم أسلم المقرض فلا شيء له عليه. وكذلك لو أسلما جميعاً، لأنها الخمر بعينها. ولو لم يسلم المقرض ¬

_ (¬1) ع - أيهما. (¬2) ع: واحدا. (¬3) ع - إلى النصراني. (¬4) ع: المال. (¬5) ف م - فالبيع باطل فاسد لا يجوز ويرد عليه ما قبض من الثمن وإذا اشترى المسلم من المسلم عصيرا ثم. والزيادة من ع ط. ومعناها في ب جار. (¬6) ف ع + من. (¬7) ع: أن تترافعا. (¬8) ف م - أخذه وإن شاء. والزيادة من ع ط؛ والكافي، 1/ 173 و؛ والمبسوط، 13/ 137. (¬9) ع + ان. (¬10) ع: بطل. (¬11) م - له.

وأسلم المستقرض فأيهما ما (¬1) أسلم فلا شيء له على المستقرض. وهو (¬2) قول أبي يوسف رواه عن أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول محمد: فإن أسلم المستقرض أو أسلما جميعاً إلا أن المستقرض لو بدأ بالإسلام فقيمتها عليه دين (¬3)؛ لأنها قد كانت لازمة له فلا يقدر على إبطالها عنه. وهذا قول زفر وعافية (¬4) الذي روى عن أبي حنيفة. ولو استهلك نصراني لنصراني خمراً أو خنزيراً ثم أسلم المستهلك كان عليه القيمة في الخنزير في قول أبي يوسف الذي روى عن أبي حنيفة. وهو (¬5) قول محمد على ما وصفت لك: إذا أسلم المستهلك لها فعليه قيمتها، وإن أسلم الذي هي له أبطلت عن (¬6) المستهلك. ولو أسلم الطالب ولم يسلم المطلوب كان عليه قيمة الخنزير وكانت الخمر باطلاً؛ لأن على المطلوب خمراً مثلها كيلاً، فلا يعطي الطالب وهو مسلم خمراً. وقيمة الخنزير قد وجبت عليه له قبل أن يتكلم. وإن (¬7) الخمر إنما يكون له (¬8) خمر (¬9) مثلها. فإن أسلم فهي باطل لا يقضي ما له في القول الأول، وهو قول أبي يوسف. ¬

_ (¬1) ع: فانهما مما. (¬2) ع: وهذا. (¬3) ف ع: دين عليه. (¬4) هو عافية بن يزيد الأودي القاضي الكوفي، من أصحاب أبي حنيفة الذين كان يقدمهم، ثقة في الحديث وصاحب علم وورع، ولي القضاء ببغداد في عهد المهدي والرشيد. قال الذهبي: توفي سنة نيف وستين ومائة. لكن يظهر أن ذلك غير سديد، لأنه ولي القضاء في عهد هارون الرشيد وهو إنما تولى الخلافة سنة سبعين ومائة. ولعل الصواب ما ذكره ابن حجر في لسان الميزان أنه توفي سنة 180 هـ انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، 7/ 331؛ وتسمية فقهاء الأمصار للنسائي، 128؛ وتاريخ بغداد للخطيب، 2/ 307؛ والجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي، 1/ 267، 543؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي، 7/ 398؛ وتهذيب التهذيب لابن حجر، 5/ 53؛ ولسان الميزان لابن حجر، 3/ 222. (¬5) ع: هو. (¬6) ع: على. (¬7) ع - إن. (¬8) ع - له. (¬9) ع: خمرا.

وإذا اشترى النصراني من النصراني خمراً أو خنزيراً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أسلم المشتري قبل أن يختار (¬1) وقد قبض كان البيع باطلاً في قول أبي حنيفة مِن قِبَل أنه لم يجب البيع. ألا ترى أنه لو اشترى أباه (¬2) وهو بالخيار فيه لم يعتق في قول أبي حنيفة، ويعتق (¬3) في قول أبي يوسف ومحمد. ويجوز البيع في الخمر على المشتري (¬4) إذا كان قد قبض ثم أسلم، وهو بالخيار، ويبطل الخيار في قول أبي يوسف ومحمد. ولو كان البائع بالخيار ثم أسلما جميعاً أو أسلم البائع وهو بالخيار كان (¬5) البيع باطلاً لا يجوز. وإن أسلم المشتري وقد قبض الخمر والخيار للبائع لم يفسد البيع؛ لأن البيع قد تم من قبل المشتري. ألا ترى (¬6) أن المشتري لو مات لم ينتقض البيع بموته (¬7)، وكان البيع على حاله، وكان البائع (¬8) على خياره، وكذلك إسلامه لا ينقض شيئاً من البيع. وإذا ارتهن النصراني من النصراني خمراً بدين له أو خنزيراً (¬9) فهو جائز. فإن أسلم المرتهن بطل الرهن وكان دينه على حاله كما هو. فإن هلك الرهن في يديه فهو على حاله كما كان رهناً حتى يرده إلى صاحبه. ولو كان الراهن هو الذي أسلم بطل ذلك كله. فإن هلك الرهن لم ينتقض (¬10) من حق المرتهن شيء (¬11). وإذا اشترى النصراني خمراً لمسلم بأمره من نصراني فهو جائز؛ لأن النصراني هو الذي اشتراه. ويخللها المسلم، وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز البيع على المسلم (¬12)، وهي لازمة للنصراني. فإن ¬

_ (¬1) ع - يختار. (¬2) ع: باه. (¬3) ع - في قول أبي حنيفة ويعتق. (¬4) ف - على المشتري. (¬5) ف: وكان. (¬6) ف - ترى. (¬7) ع: لموته. (¬8) ع + بالخيار. (¬9) ع: أو خنزير. (¬10) ع: لم ينقص. (¬11) ع: شيئاً. (¬12) ف م: على مسلم.

اشترى المسلم خمراً لنصراني من نصراني كان باطلاً لا يجوز؛ لأن المسلم هو الذي (¬1) ولي عقدة البيع. ولو باع نصراني خمراً لمسلم من نصراني كان جائزاً؛ لأن النصراني هو الذي ولي عقدة البيع في قول أبي حنيفة (¬2). ولو كان العبد نصرانياً (¬3) ومولاه مسلم فاشترى العبد خنزيراً أو باعه (¬4) كان البيع جائزاً. وكذلك المكاتب النصراني إن كان مولاه مسلماً. وكذلك المدبر والمدبرة وأم الولد النصرانية إن (¬5) كان مواليهم مسلمين. وإذا كان العبد مسلماً أو المكاتب (¬6) أو المدبر أو أم الولد (¬7) فاشترى أحد منهم خمراً أو باعه (¬8) من نصراني فلا يجوز وإن كان المولى نصرانياً؛ لأن المسلم هو الذي ولي (¬9) عقدة البيع. وإذا كان لأحد من أهل الذمة عبدان أخوان (¬10) فلست أكره لهم التفريق؛ لأن ما فيه أهل الذمة من الشرك أعظم مما يدخل عليهم من التفريق (¬11). * * * ¬

_ (¬1) ف - الذي. (¬2) ع + وقال. (¬3) ع: نصراني. (¬4) ما: أو باعها؛ ع: وباعها. (¬5) ف: وإن. (¬6) ف: والمكاتب. (¬7) ع - إن كان مواليهم مسلمين وإذا كان العبد مسلما أو المكاتب أو المدبر أو أم الولد. (¬8) ع: أو باعها. (¬9) ف - ولي، صح هـ. (¬10) ع: اخران. (¬11) قال السرخسي: وإذا كان للذمي عبدان أخوان لم أكره له أن يفرق بينهما في البيع، لأن ما فيه من الشرك أعظم من التفريق، يعني أن المنع من التفريق لحق الشرع، والكفار لا يخاطبون من حقوق الشرع بما هو أعظم من كراهة التفريق، نحو العبادات، فكذلك لا يظهر في حقهم حكم كراهة التفريق في البيع، والله أعلم. انظر: المبسوط، 13/ 138 - 139.

باب بيوع ذوي الأرحام

باب بيوع ذوي الأرحام قال أبو حنيفة -رحمه الله-: ليس ينبغي للرجل أن يفرق بين الجارية وبين ولدها في البيع إذا كانوا صغاراً. وكذلك كل ذي رحم محرم منه. وكذلك الأخوان. قال: وبلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك في الأخوين (¬1). والكافر في ذلك (¬2) والمسلم عندنا سواء. وإن كانوا رجالاً ونساءً أو غلماناً قد احتلموا أو جواري (¬3) قد حضن فلا بأس بأن (¬4) يفرق بين هؤلاء. ولو كان عبدٌ لرجل، وابْنُ (¬5) العبدِ عبدٌ صغير لابن الرجل، وهو صغير في عياله (¬6)، فأراد الرجل أن يبيع واحداً منهما ويفرق بينهما كان ذلك جائزاً. ولو اشتراهما جميعاً فوجد بأحدهما عيباً كان له أن يرده ويمسك الآخر الباقي منهما. ¬

_ (¬1) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا عبد الله بن الحسن قال: أقبل زيد بن حارثة برقيق من اليَمَن. فاحتاج إلى نفقةٍ يُنفِق عليهم. فباع غلاماً من الرقيق كان معه أمُّه. فلما قَدِم على النبي فتَصَفَّحَ الرقيقَ فيَمُرُّ بالأم. قال؛ "ما لي أرى هذه والِهَة؟ " قال: احْتَجْنا إلى نفقةٍ، فبعْنا ابناً لها. فأَمَرَه أن يَرجع فيردّه. قال محمد: وبهذا نأخذ. نَكره أن يُمزَق بين الوالدةَ أو الوالد وولده إذا كان صغيراً. وكذلك الأَخَوَان وكلُّ ذي رحم محرم إذا كانا صغيرَين أو كان أحدهما صغيراً. ولا ينبغي أن يُفرَّق بينهما في البيع. فأما إذا كانوا كباراً كلهم فلا بأس بالفُرقة بينهم. وهذا كله قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار لمحمد، 128. وانظر لروايات في النهي عن التفريق بين الوالد والولد وبين الأخوين: الآثار لأبي يوسف، 159، 164؛ وسنن ابن ماجة، التجارات، 46؛ وسنن أبي داود، الجهاد، 123؛ وسنن الترمذي، البيوع، 52؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 16. (¬2) ف - في ذلك. (¬3) ف م ع: أو جوارهم. (¬4) ف: أن. (¬5) ف م ع: ومن؛ ط: و [ذو رحم محرم] من العبد. والتصحيح مستفاد من ب جار؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 140. (¬6) ف م ع: في حاله. والتصحيح من ط. وعبارة الحاكم والسرخسي: في حجره. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 140.

ولو جنى أحدهما جناية كان له أن يدفع أحدهما ويمسك الآخر. ولو لحق أحدهما دين كان له أن يبيعه (¬1) في الدين (¬2) ويمسك الآخر. ولو كان له من كل واحد منهما شقص (¬3) لم أكره له أن يبيع شقصه في أحدهما دون الآخر. ولو كانا مملوكين كلاهما جميعاً له فباع أحدهما وفرق بينهما كان مسيئاً، وكان ذلك جائزاً. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أبطل البيع في الولد خاصة إذا بيع وهو صغير، أو بيع والده، ولا أبطله في الأخوين. ولو دبر أحدهما أو كاتب أم ولده (¬4) لم أكره له أن يبيع الآخر قبل ذلك. ولا بأس بأن (¬5) يكاتب أحدهما دون الآخر. وكذلك (¬6) العتق. ولا بأس ب [أن يبيع] أحدهما نَسَمَةً للعتق (¬7) ويمسك الآخر (¬8). ولو كانا في غير ملكه وكان كل واحد منهما في ملك بعض ولده وولده صغار فلا بأس بأن يبيع كل واحد منهما (¬9) على حدة، لأنه لم يملكهما إنسان (¬10) واحد. ولو كان أحدهما لابن له كبير لم يكن بأس (¬11) بالتفريق أيضاً. وكذلك لو كان أحدهما له والآخر لزوجته (¬12) مِن قِبَل أنه لا ¬

_ (¬1) ع: أن يمنعه. (¬2) ف: في دين. (¬3) ع: تنقص. (¬4) ف ع: أم ولد له. (¬5) م - بأن. (¬6) ع: فكذلك. (¬7) ف م ع: فلا بأس بأحدهما نسمة العتق. والتصحيح مع الزيادة مستفاد من ب جار ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 141. (¬8) ع: الا. (¬9) ف م: منهم. والتصحيح مستفاد من ب. (¬10) ف م ع: لإنسان. والتصحيح مستفاد من ب ط. (¬11) ع: بأسا. (¬12) ف: لزوجه

يقدر على بيع الذي لزوجته والذي لولده (¬1) الكبير. ولو كان أحدهما له والآخر لمكاتب له أو لعبد له مأذون له في التجارة وعليه دين للناس لم يكن بالتفريق بأس (¬2)؛ لأنه لا يملك بيع عبد مكاتبه ولا بيع عبد لعبد (¬3) له عليه دين. ولو كان عبده (¬4) ليس عليه دين لم يكن له (¬5) أن يفرق بينهما؛ لأن مال عبده له. وإذا كان أحدهما لمضاربٍ (¬6) له فلا بأس بأن يبيع المضارب ما كان عنده من ذلك. وإن كان عنده أخوان جميعاً فلا يفرق بينهما. وإذا كانت عنده أمة فباعها وهو بالخيار ثلاثة أيام ثم اشترى ابناً لها لم نَرَ (¬7) له أن يوجب البيع في أمته تلك، وكرهت له ذلك؛ لأنه قد ملكهما جميعاً. ولو كان المشتري هو الذي كان بالخيار لم يكن بذلك بأس (¬8) أن [1/ 258 ظ] يستوجبها (¬9). ولو كان عنده ابن لها فاختار ردهالم يكن بذلك بأس (¬10). ألا ترى أنه يردها بعيب لو كان بها ولا يكون به بذلك بأس (¬11). وإذا كان في ملك المكاتب ذو رحم محرم أو كان ذلك في ملك العبد التاجر وعليه دين أو ليس عليه دين فإني أكره له من ذلك ما أكره للحر المسلم. وإذا كان في ملك الحر المسلم ذو محرم من الرضاعة أو ذو محرم من غير النسب فلا بأس بأن يفرق بين أولئك. ¬

_ (¬1) ف: ولا لولده. (¬2) ع: بأسا. (¬3) ف م: له؛ ع - لعبد. والتصحيح مستفاد من ب ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 141. (¬4) ع: عنده. (¬5) م - له. (¬6) ف م ع: المضارب؛ ط: للمضارب. (¬7) ع: لم ير. (¬8) ع: بأسا. (¬9) ف م ع: أن يستردها. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 141. (¬10) ع: بأسا. (¬11) ع: بأسا.

قال: بلغنا عن عبد الله بن مسعود أن رجلاً سأله فقال: أبيع جارية لي قد أرضعت ولدي؟ فقال ابن مسعود (¬1): قل: من يشتري (¬2) داية ولدي؟ (¬3). وإذا كان عند الرجل عبد له وامرأته أمة له وهما جميعاً له فلا بأس بأن يفرق بينهما، يبيع أحدهما ويمسك الآخر. وليس هذا كالذي يبيع الرحم المحرم. ولو كان للمسلم رقيق من أهل الكفر من السبي أو الغنيمة أو اشتراهم من أهل الذمة وهو ذو رحم محرم كرهت له أن يفرق بينهم كما أكره له أن يفرق بين المسلمين. ولا ينبغي أن يفرق بينهم بهبة أو صدقة ولا وصية، ولا يبيع أحداً منهم لابن له وهو صغير في عياله؛ لأن هذا تفريق كله. وإذا دخل الرجل الحربي بغلامين أخوين (¬4) صغيرين دار الإسلام بأمان فأراد بيع أحدهما فلا بأس بشراه وإن كان يفرق بينهما؛ لأني لو لم أشتره منه أعاده فأدخله دار الحرب فصار حربياً. ولكنه لو اشترى أخوين في دار الإسلام كرهت لمسلم أن يشتري أحدهما، وأجبره السلطان (¬5) على بيعهما جميعاً؛ لأنه اشتراهما في دار الإسلام من أهل الإسلام. وكذلك لو اشتراهما من أهل الذمة. ولو اشتراهما (¬6) في دار الإسلام من حربي مستأمن لم يجبر على بيعهما (¬7)، وللمسلم أن يشتري أحدهما دون الآخر. * * * ¬

_ (¬1) ع - أن رجلاً سأله فقال أبيع جارية لي قد أرضعت ولدي فقال ابن مسعود. (¬2) ع - يشتري. (¬3) ف م ع: دابة ولدي. والتصحيح من ب جار. والداية: الظئر أي المرضعة انظر: لسان العرب، "دوي". وغيرها في ط إلى "أم ولدي" اعتمادا على المبسوط، 13/ 142؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 19. ووردت كذلك في المصنف لعبد الرزاق، 9/ 184. (¬4) ع: اخرين. (¬5) ع - السلطان. (¬6) ع + جميعاً. (¬7) ف - لم يجبر على بيعهما.

باب الأمة الحامل إذا بيعت

باب الأمة الحامل إذا بيعت وإذا باع الرجل أمة من رجل فقبضها أو لم يقبضها حتى ولدت ولداً فادعياه جميعاً فإنه ينظر، فإن كانت جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من يوم (¬1) وقع البيع فهو من البائع، وهي أم ولد له، ويرد الثمن إن كان انتقد المشتري. فإن جاءت به لستة أشهر بعد عقدة البيع أو أكثر فإنه ولد المشتري، وهي أم ولد له. وإن ولدت ولدين أحدهم لأقل من ستة أشهر والآخر لأكثر من ستة أشهر بيوم فادعاهما جميعاً البائع والمشتري ردا (¬2) البيع، وهي أم ولد للبائع. فإن لم يدعهما (¬3) المشتري ولا البائع حتى أعتق المشتري الأم ثم ادعى البائع الولد وقد جاءت به لأكثر من ستة أشهر فإنه لا (¬4) يصدق على ذلك. ولو لم يكن أعتق الأم المشتري لم يصدق أيضاً. فإن كانت جاءت به (¬5) لأقل من ستة أشهر (¬6) وقد أعتق الأم فإن نسب الولد يثبت، ويكون الولد ابناً (¬7) للبائع، ولا يصدق على الأم أنها حرة، وقد وجب ولاؤها لغيره، وحرم فرجها إلابنكاح، فلا أردها أمة رقيقاً توطأ بغير نكاح. وإن كان البائع انتقد الثمن قسم الثمن على قيمة الولد والأم، فيرد على المشتري ما أصاب الولد، ويمسك ما أصاب الأم (¬8). وإذا باع الرجل أمة (¬9) حاملاً فولدت عند المشتري بعد البيع بشهر (¬10) فأعتق المشتري الولد أو أعتقهما (¬11) جميعاً ثم ادعى البائع الولد فإن دعوته ¬

_ (¬1) م - يوم. (¬2) م ع: رد. (¬3) ف م ع: لم يدعيها. والتصحيح من ط. (¬4) ف: أشهر فلا. (¬5) م - به. (¬6) ع - فإنه لا يصدق على ذلك ولو لم يكن أعتق الأم المشتري لم يصدق أيضاً فإن كانت جاءت به لأقل من ستة أشهر. (¬7) ع: ابن. (¬8) ف: الولد. (¬9) ف - أمة. (¬10) ف: لشهر. (¬11) ع: أو أعتقها.

لا تجوز (¬1)، ولا يصدق مِن قِبَل الولاء الذي يثبت (¬2) للمشتري بالولد (¬3). ولو كانت الجارية لم تعتق بعد (¬4) لم ترجع (¬5) إليه أيضاً مِن قِبَل أن ولدها لم يثبت نسبه منه؛ لأنه أعتق. وكذلك لو لم يعتق واحداً منهما ولكن الولد مات ثم ادعاه البائع فإن دعواه باطل (¬6) مِن قِبَل أنه لا يثبت نسبه من بعد الموت. ولو كان للولد ولد حي ثم ادعى البائع الولد لم أجز له ذلك (¬7)، ولم أجعل الجارية أم ولد له، ولم أردها عليه. ولا يشبه هذا ولد الملاعنة؛ لأن هذا مات عبداً فلا يصير حراً بعد الموت، ولأنه لا يثبت نسب الولد بعد الموت. فإذا مات الولد وترك ولداً لم يصدق على الدعوة، وولد الملاعنة قد كان نسبه ثابتاً (¬8) أبطله اللعان. فإذا مات (¬9) ابن الملاعنة وترك ولداً ثم ادعاه الزوج فهو ثابت النسب منه. ألا ترى أن الرجل لو لاعن امرأته بولد ولم يكن دخل بالأم أنه لا ينبغي له أن يطأ ولدها، ولو مات قبل الملاعنة ثبت نسبه منه. وإذا باع الرجل أمة فولدت بعد البيع لأكثر من ستة أشهر فادعاه البائع وصدقه المشتري فإنه يصدق، وهو ابنه، وهي أم ولد له، ويرد الثمن إن كان قد (¬10) قبض منه. ولو (¬11) لم يصدقه المشتري لم يثبت النسب ولم يصدق. وإذا باع الرجل أمة حاملاً ثم باعها المشتري من رجل آخر حتى (¬12) ¬

_ (¬1) ع: لا يجوز. (¬2) ع: ثبت. (¬3) ع: في الولد. (¬4) ف: بعد لم تعتق. (¬5) ع: لم يرجع. (¬6) ط: باطلة وما في النسخ صحيح، لأن "باطل" يوصف به المذكر والمؤنث. انظر: لسان العرب، "بطل". (¬7) ف م ع: ولو كان الولد حيا ثم ادعى البائع الولد أجزأه ذلك. والتصحيح من ط اعتمادا على المبسوط، 7/ 203. (¬8) ع: ثابت. (¬9) ع - مات. (¬10) ع - قد. (¬11) ف - ولو. (¬12) ع + ثم.

تناسخها رجال، ثم ولدت لأقل من ستة أشهر من البيع الأول، فادعوه جميعاً معاً، فإنه (¬1) للأول، وهي أم ولد له، ويترادان البيع. وكذلك لو باع عبداً قد ولد عنده ثم ادعاه فإنه يصدق، وعليه أن يرد الثمن على المشتري. وإذا كان في يدي (¬2) الرجل صبي (¬3) لا ينطق ولد عنده فزعم أنه عبده (¬4) ثم أعتقه ثم زعم أنه ابنه فإني (¬5) أستحسن (¬6) في هذا أن أجعله ابنه، وأدع القياس فيه. ولو كان عبداً كبيراً أعتقه ثم ادعاه ومثله يولد لمثله (¬7) لم أجز دعوته (¬8) إلا أن يصدقه. وهما في القياس سواء. غير أني (¬9) أستحسن في المدبرة بين اثنين (¬10) إذا جاءت بولد فادعاه أحدهما أثبت نسبه منه، وضمن نصف قيمته لشريكه إن كان موسراً، والولاء له ولشريكه. ولو كان عبداً كبيراً (¬11) دبره هو (¬12) وشريكه ثم ادعاه أحدهما أعتقت حصته منه، وضمن لشريكه نصف قيمته مدبراً، وأثبت نسبه إن كان مثله يولد لمثله بعد أن لا يكون له نسب معروف، والولاء (¬13) بينهما على حاله، أستحسن هذا وأدع القياس فيه. وإذا ولدت الأمة ولدين في بطن واحد فباع المولى أحدهما وباع الأم ثم إن المشتري ادعى الذي اشتراه (¬14) فإن نسبه يثبت منه، وتكون (¬15) الأمة أم ولد له، ويثبت (¬16) نسب الولد الذي عند البائع منه، وهو عبد ¬

_ (¬1) ع: فابه. (¬2) ف: في يد. (¬3) ع - صبي. (¬4) ع: عنده. (¬5) ع - فإني. (¬6) ع: فأستحسن. (¬7) ع: لولد مثله. (¬8) ع: دعواه. (¬9) ط: كما أني. وقد أخذها من المبسوط، 13/ 144. (¬10) ع: ابنين. (¬11) ع: عبد كبير. (¬12) ف: دبر وهو؛ م ع: دبر هو. وعبارة ب: ولو دبرا عبدا كبيرا لهما ... (¬13) ف م: فالولاء. (¬14) ف: المدعي اشترى الذي ادعاه. (¬15) ع - وتكون. (¬16) ع: وثبت.

للبائع (¬1). وإن لم يدع (¬2) المشتري الولد ولكنه أعتق الولد الذي اشتراه أو أعتق أمته ثم إن البائع ادعى الولد الذي عنده فإن نسبه يثبت، ويثبت نسب الآخر، ويرد حصة الابن من الثمن إن كان (¬3) انتقد. فأما (¬4) الأم فعتقها نافذ (¬5)، لا ترجع (¬6) أم ولد فتكون رقيقاً يستحل فرجها بغير نكاح بعد أن حرم. وإذا لم يدع (¬7) البائع ولم يعتق المشتري ثم إنهما جميعاً ادعيا الولد فإنه (¬8) يثبت نسبه من البائع مِن (¬9) قِبَل أنه للأول، والجارية أم ولد له، ويرد الثمن إن كان انتقده. وإذا باع الرجل أمة حاملاً فخاف المشتري أن يدعي البائع حبلها، فأراد أن يتحرز (¬10) منه ويستوثق حتى لا تجوز دعوته، فإنه يشهد عليه أن هذا الحبل من عبد له كان زوجاً للأمة، فإذا أقر (¬11) بهذا لم يستطع (¬12) أن يدعيه أبداً. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إنه يستطيع أن يدعيه (¬13) إذا أنكر العبد ذلك الولد. ألا ترى أن قول المولى لا يجوز على العبد إذا أنكر، فلا يكون الولد (¬14) ابناً للعبد، والولد (¬15) هاهنا (¬16) لم يثبت نسبه من أحدهم (¬17). وإذا كانت الأمة بين اثنين فباعها أحدهما من صاحبه ثم ادعى البائع ¬

_ (¬1) ع: البائع. (¬2) ع: لم يدعي. (¬3) ف + قد. (¬4) ط: أما. (¬5) ع: ناقد. (¬6) ع: لا يرجع. (¬7) ع: لم يدعي. (¬8) ع: فا. (¬9) م - من. (¬10) ف: أن يغرر؛ م ع: ان يعرر. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 13/ 144. (¬11) م: فإذا أقمر. (¬12) ع: لم يستطيع. (¬13) ع - أبداً وهذا قول أبي حنيفة وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد إنه يستطيع أن يدعيه. (¬14) ع - الولد. (¬15) ف ع: والوالد. (¬16) ع: هنا. (¬17) ع: من أحدنم؛ ط: من أحدهما. وعبارة ب: لأن قول المولى لا يجوز على العبد إذا أنكر، فلا يكون ابنا للعبد، فيبقى غير ثابت النسب من أحد.

الولد وقد ولدت لأقل من ستة أشهر فإني أجيز (¬1) دعوته، وأجعلها أم ولد له، ويرد ما أخذ من الثمن من المشتري، ويرد نصف العقر ونصف القيمة على شريكه. ولو أنهما ادعياه (¬2) جميعاً ثبت نسبه منهما وكان ابنهما، ويرثهما (¬3) ويرثانه، ويرد البائع (¬4) ما أخذ من الثمن. فإن ادعاه البائع وأعتق المشتري خَرَجَ (¬5) الكلام منهما (¬6) جميعاً معاً صار الغلام (¬7) حراً، وهو ابن البائع، ويرد الثمن على المشتري. وهو ضامن لنصف (¬8) العقر ولنصف قيمة الأم. والعتق فيه باطل مِن قِبَل أن الولد شاهد، وقد كان قبل الكلام متّهماً (¬9) فيه. وكذلك لو كانت الأم بينهما على حاله لم (¬10) يبعها (¬11) أحدهما (¬12) من صاحبه. وإذا كانت الأمة بين اثنين فباعها (¬13) أحدهما من رجل وهي حامل، فادعى المشتري الحبل (¬14) وادعاه البائع والذي لم يبع، فادعوه جميعاً معاً، فإن نسبه يثبت إذا كانت وضعته (¬15) لأقل من ستة أشهر بعد البيع من البائع والذي لم يبع، ولا يثبت نسبه من المشتري. ويأخذ المشتري ما نقده (¬16) من الثمن، ويرد على الذي (¬17) لم يبع نصف العقر بإقراره بالوطء (¬18). فإن ¬

_ (¬1) ع: أجبر. (¬2) ع: ادعيا. (¬3) ع: يرثهما. (¬4) م ع: البيع. (¬5) ط: وخرج. (¬6) ف م ع: بينهما. والتصحيح من ط. (¬7) ع: الكلام. (¬8) ع + قيمة. (¬9) ع: منهما. (¬10) ع - لم. (¬11) ع: يبيعها. (¬12) م: أحد؛ ع: أحدها. (¬13) ط: فباع. (¬14) ع - الحبل. (¬15) ع: وضيعته (¬16) م ع: ما نقد. (¬17) ع - الذي. (¬18) وعبارة الحاكم: وقال أبو الفضل: قوله: ويرد المشتري نصف العقر، ليس بسديد، والصواب أن يرد جميع العقر على الشريكين جميعاً، يُطلَب هذا في رواية أبي سليمان. انظر: الكافي، 1/ 173 و -173 ظ. وقال السرخسي: قال الحاكم أبو الفضل: قوله: ويرد على الذي لم يبع نصف العقر، ليس بسديد، والصواب أن يرد جميع العقر على الشريكين جميعاً، وهكذا في رواية أبي سليمان. انظر: المبسوط، 13/ 145.

باب الاستبراء في البيوع وغيرها

جاءت به لأكثر من ستة أشهر بعد البيع ثبت نسبه من المشتري ومن الذي لم يبع، وكان (¬1) ابنهما، وكانت أم ولدهما (¬2)، ولا يثبت نسبه من البائع. وعلى البائع نصف العقر للذي (¬3) لم يبع. * * * باب الاستبراء في البيوع وغيرها وإذا اشترى الرجل جارية فليس ينبغي له أن يقربها حتى يستبرئها بحيضة. قال: بلغنا ذلك عن علي بن أبي (¬4) طالب وعن عبد الله بن عمر (¬5). وكذلك إذا اشتراها من امرأة أو من عبد أو من مكاتب أو من صبي باعها له أبوه أو وصيه، فإنه في ذلك سواء: لا يقربها حتى يستبرئها بحيضة. وكذلك (¬6) ينبغي أن لا (¬7) يقبلها ولا يباشرها (¬8) ولا ينظر [منها] (¬9) إلى عورة. وإذا كانت لا تحيض لصغر (¬10) أو كبير استبرأها بشهر. وإن كانت حاملاً فليس له أن يقربها حتى تضع. فإن (¬11) ارتفع حيضها وهي ممن تحيض تركها حتى إذا (¬12) استبان له أنها ليست بحامل وقع عليها. ¬

_ (¬1) م: فكان. (¬2) ع: ولدها. (¬3) ف م ع: الذي. والتصحيح من ط. (¬4) م - أبي. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 149، والدراية لابن حجر، 2/ 230 - 231. (¬6) م: ولذلك؛ ع + لا. (¬7) ف ع - لا. (¬8) ع - ولا يباشرها. (¬9) الزيادة من ط؛ والكافي، 1/ 173 ظ؛ والمبسوط، 13/ 146. (¬10) ف ع: من صغر. (¬11) ع: وإن. (¬12) ف م - إذا؛ والزيادة من ع ط؛ والمبسوط، 13/ 147.

وإذا أصاب الرجل الجارية من السبي فليس ينبغي له أن يقربها حتى يستبرئها بحيضة. بلغنا نحو من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وكذلك إذا كانت حاملاً فليس له أن يقربها حتى تضع حملها. بلغنا (¬2) نحو من ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3). فإن اشتراها من الفيء أو وقعت في سهمه فهو سواء. وكذلك إذا وهب الرجل جارية أو تصدق بها عليه أو أوصى بها له فهو بمنزلة الشراء لا يقربها حتى تحيض بحيضة. وكذلك لو ورثها (¬4). وكذلك لو كان له (¬5) في جارية شقص فاشترى (¬6) بقيتها أو ورثها (¬7) ببعض ما ذكرت من الوجوه. وإذا اشترى الرجل جارية وهي حائض فإنه لا يحتسب بتلك (¬8) الحيضة حتى تحيض عنده حيضة مستقبلة. وإذا اشترى الرجل الجارية (¬9) فلم يقبضها حتى حاضت عند البائع فإنه لا يحتسب بتلك الحيضة، ولا يجزيه (¬10) حتى تحيض عنده حيضة بعدما يقبضها. وإذا وضعاها على يدي العدل حتى ينقد الثمن فحاضت عند العدل ¬

_ (¬1) سنن الدارمي، الطلاق، 18؛ وسنن أبي داود، النكاح، 44. (¬2) ف - بلغنا، صح هـ. (¬3) رواه الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة عن مكحول مرسلاً. انظر: الآثار لمحمد، 138. وانظر: الآثار لأبي يوسف، 239 - 240. وفي هذا المعنى عدة أحاديث. انظر: صحيح مسلم، النكاح، 139؛ وسنن أبي داود، النكاح، 44؛ وسنن الترمذي، السير، 15؛ وسنن النسائي، البيوع، 79. (¬4) م: لو قربها. (¬5) ع - فهو بمنزلة الشراء لا يقربها حتى تحيض بحيضة وكذلك لو ورثها وكذلك لو كان له. (¬6) ف م ع: فاشتراها. والتصحيح من ط. (¬7) ع: أو وثها. (¬8) ع: تلك. (¬9) ف: الحائض. (¬10) ع: تجزيه.

فلا يجزيه بتلك الحيضة حتى تحيض بعدما يقبضها المشتري (¬1) حيضة عنده (¬2). ولو باع رجل جارية فلم يقبضها المشتري حتى تاركه البائع البيع وناقضه كان ينبغي في قياس هذا القول أن لا يقربها البائع الأول حتى يستبرئها بحيضة، ولكنا ندع القياس في هذا الباب ونأخذ فيه بالاستحسان ولا نجعل (¬3) عليه استبراء. وإذا اشترى الرجل جارية فاستبرأها (¬4) بعشرين يوماً ثم حاضت انتقضت الأيام، وكان عليه أن يستبرئها بهذه الحيضة. وإذا حاضت عند المشتري حيضة ثم وجد بها عيباً فردها فإنه ينبغي للبائع الذي ردت عليه أن لا يقربها حتى تحيض عنده حيضة. وكذلك لو استقاله البائع فأقاله بعدما قبض المشتري. وإذا رهن (¬5) الرجل الجارية ثم افتكها (¬6) أو كاتبها ثم عجزت فليس عليه أن يستبرئها؛ لأن هذا لم يملك رقبتها عليه غيره. وكذلك لو غصبها إياه رجل. ولو باع منها شقصاً وقبضها المشتري ثم اشتراها البائع بعد كان (¬7) عليه أن يستبرئها. ولو وهبها لابن له صغير أو لابنته وهما في عياله ثم ¬

_ (¬1) ع - بعدما يقبضها المشتري. (¬2) ع: عنده حيضة. (¬3) ف م: ولا نحمل (مهملة)؛ ع ط: ولا يحمل. (¬4) ف: فاشتراها. (¬5) ع: ارتهن. (¬6) ف م: ثم افتصها؛ ع: ثم اقبضها. والتصحيح من ب ط. وعبارة السرخسي: فُكَّت المرهونة. انظر: المبسوط، 13/ 148. (¬7) ف م ع: لم يكن. والتصحيح مستفاد من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 148.

اشتراها منهم كان عليه أن يستبرئها بحيضة من قبل أن يطأها؛ لأنه ملك رقبتها غيره. ولو باعها على أنه بالخيار ثم اختار الجارية لم يكن عليه أن يستبرئها. وإذا كان المشتري بالخيار وقبضها ثم ردها المشتري بالخيار فإن في هذا (¬1) قولين: أما أحدهما فليس عليه أن يستبرئها؛ لأنها لم تجب للمشتري بعد. وهو في قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد بأن عليه أن (¬2) يستبرئها بحيضة؛ لأنها قد وجبت للمشتري. وإذا باع الرجل الجارية بيعاً فاسداً وقبضها المشتري ثم ردها القاضي بعد ذلك بالبيع الفاسد فعلى البائع أن يستبرئها بحيضة. وإذا غصب الرجل (¬3) الجارية فباعها من رجل آخر، فقبضها المشتري فوطئها، ثم خاصم مولاها الأول فيها، فقضى القاضي بها له، فإنه لا ينبغي له أن يستبرئها في القياس، ولكن أدع القياس وأجعل (¬4) عليه أن يستبرئها بحيضة مِن قِبَل أنها قد حلت للمشتري حيث اشتراها. ولو كان يعلم المشتري أنها لهذا ولم يطأ (¬5) لم يكن على هذا أن يستبرئها بحيضة بشيء؛ لأنها لم تحل للأول، ولأن الولد إذا علم المشتري لم يثبت نسبه (¬6). وفي الأول قد ثبت نسبه (¬7) فعلى مولاها الاستبراء مِن قِبَل هذا. وإن لم يطأ الجارية في المسألة الأولى فليس عليه استبراء. ولو زوجها المولى فمات عنها الزوج قبل أن يدخل بها أو بعدما دخل بها لم يكن للمولى أن يقربها حتى تعتد عدة المتوفى عنها زوجها. ولو طلقها الزوج بعد الدخول (¬8) لم يكن للمولى أن يقربها حتى تعتد (¬9) وتنقضي ¬

_ (¬1) ف: هذا في. (¬2) م - عليه أن. (¬3) م - الرجل. (¬4) ع: أو جعل. (¬5) ع: تطأ. (¬6) ع: نسيه. (¬7) م - وفي الأول قد ثبت نسبه. (¬8) ف: بعد الحول. (¬9) ع - عدة المتوفى عنها زوجها ولو طلقها الزوج بعد الدخول لم يكن للمولى أن يقربها حتى تعتد.

عدتها. ولو لم يدخل ما الزوج حتى طلقها كان للمولى أن يقربها (¬1) بعدما يستبرئها بحيضة. ولو تزوجت بغير إذن مولاها وأخبرت الزوج أنها حرة أو لم (¬2) تخبره وفرق بينهما قبل الدخول بها فليس على المولى أن يستبرئها (¬3). فإن فرق بينهما بعد الدخول فليس للمولى أن يقربها حتى تنقضي عدتها. وإذا وطئ الرجل الجارية لبعض ولده فلم تعلق (¬4) منه ثم بدا له فاشتراها من ولده ذلك فعليه أن يستبرئها بحيضة. وكذلك الولد إذا اشترى من أمه أو من أبيه. وكذلك إن اشترى من مكاتبه فعليه أن يستبرئها بحيضة. وإذا اشترى الرجل جارية من عبد له تاجر (¬5) فليس عليه أن يستبرئها؛ لأنها أمته. فإن كان على العبد دين يحيط برقبته وبما في يديه فهو في القياس سواء مِن قِبَل أنه لم يكن يملكها غيره، ولكن أدع القياس وأجعل عليه أن يستبرئها بحيضة في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس (¬6) قول أبي يوسف ومحمد فلا استبراء على مولى العبد إذا كانت (¬7) قد حاضت عند العبد منذ اشتراها حيضة؛ لأن المولى يملكها وإن كان على عبده دين. وإذا وهب الرجل أمة لرجل وقبضها الموهوب ثم رجع فيها الواهب وقبضها فلا يقربها حتى يستبرئها بحيضة. وإذا ورث الرجل أمة أو أوصي (¬8) بها له أو دفعت إليه بجناية أو بدين كان له في عنقها فلا يقربها حتى تحيض حيضة. وإذا أسر العدو أمة لرجل ثم أصابها مع رجل قد اشتراها أو في المغنم بعد القسمة فأخذها بالقيمة أو بالثمن فليس له أن يقربها حتى يستبرئها ¬

_ (¬1) ف + حتى. (¬2) ع: ولم. (¬3) ف ع: أن يقربها. (¬4) ع: يعلق. (¬5) م: بأجر. (¬6) ع - قياس. (¬7) ع: إذا كان. (¬8) م: او وصي.

بحيضة. وكذلك لو أصابها قبل (¬1) أن يقسم فأخذها (¬2) بغير شيء؛ لأنه قد ملكها العدو عليه. ألا ترى أنهم لو أسلموا عليها كانت لهم، ولو أعتقوا جاز عتقهم. وإذا أبقت أمة لرجل أو كاتبها ثم عجزت فردت رقيقاً فليس عليه أن يستبرئ واحدة من هاتين؛ لأنها لم تخرج من ملكه. وكذلك لو غصبها إياه رجل أو رهنها أو أجرها. وكذلك لو باعها وهو بالخيار فاختارها فليس عليه أن (¬3) يستبرئها. وإذا باع الرجل أم ولده أو مدبرته وقبضها المشتري ثم ردها على البائع فليس عليه أن يستبرئها مِن قِبَل أنه لم يملك رقبتها ولا فرجها المشتري. ألا ترى أنها لو كانت امرأة للمشتري لم يفسد نكاحها ولم يجز عتقه فيها لو أعتقها لأنه لم يملك الرقبة، ولو ولدت عند المشتري لم يثبت نسب الولد من المشتري. وإذا أراد الرجل أن يبيع أمته وقد كان يطؤها فليس ينبغي له أن يطأها ويبيعها حتى يستبرئها (¬4) بحيضة. بلغنا نحو من ذلك عن عبد الله بن عمر (¬5). وليس ينبغي للمشتري أن (¬6) يجتزئ باستبراء (¬7) البائع إياها حتى يستبرئها بحيضة أخرى. ولو باع الرجل قبل أن يستبرئ أجزنا بيعه (¬8)، وعلى (¬9) المشتري أن يستبرئ بحيضة. ¬

_ (¬1) ف م ع: بعد. والتصحيح من ب جار ط؛ وكتاب السير من كتاب الأصل. انظر: 5/ 118 ظ. وانظر: الرد على سير الأوزاعي لأبي يوسف، 56. (¬2) ع: فأخذ. (¬3) ف - يستبرئ واحدة من هاتين لأنها لم تخرج من ملكه وكذلك لو غصبها إياه رجل أو رهنها أو أجرها وكذلك لو باعها وهو بالخيار فاختارها فليس عليه أن. (¬4) ف: حتى يشتريها. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 7/ 226. (¬6) ع - أن. (¬7) ف: باشتراء. (¬8) ع: ببيعه (مهملة). (¬9) ع ط: وكان على.

ولو أراد البائع أن يزوجها كان ينبغي له أن لا يزوجها حتى يستبرئها بحيضة. ولو زوج قبل أن يستبرئ (¬1) جاز ذلك، وينبغي للزوج أن لا يقربها حتى تحيض حيضة، وليس عليه ذلك بواجب في القضاء. وكذلك أم ولد الرجل أو مدبرته إذا أراد أن يزوجها. وإذا زنت (¬2) أمة لرجل فليس عليه أن يستبرئها، وليس في الزنا عدة ولا استبراء. فإن حملت من الزنا فليس له أن يقربها حتى تضع؛ لأن ما في بطنها ولد من غيره. وإذا كانت الأمة بين رجلين فباعها أحدهما كلها ثم سلم الآخر البيع بعدما قبض المشتري وبعدما حاضت حيضة فإن على المشتري أن يستبرئها بعدما أجاز البيع كله؛ لأن فرجها لا يحل له، ولا يملك الرقبة إلا بعدما أجاز هذا البيع (¬3). وكذلك لو باع أمة لرجل وقبضها المشتري وحاضت عنده حيضة ثم أجاز المولى البيع كان عليه أن يستبرئها بحيضة بعدما أجاز المولى البيع (¬4)؛ لأن الملك إنما وقع اليوم، وإنما حل فرجها اليوم حين أجاز البيع. ولو خلع الرجل امرأته على أمة لها فقبضها كان عليه أن يستبرئها بحيضة. ولو كاتب عبداً له على أمة بغير عينها ثم قبضها (¬5) كان عليه أن يستبرئها بحيضة. وكذلك لو أعتقه على خادم فقبضها منه كان عليه أن يستبرئها بحيضة (¬6). ¬

_ (¬1) ف ع: أن يشتري. (¬2) ع: ازنت. (¬3) ع - كله لأن فرجها لا يحل له ولا يملك الرقبة إلا بعدما أجاز هذا البيع. (¬4) ع: البيع المولى. (¬5) م: ثم اقبضها. (¬6) م - وكذلك لو أعتقه على خادم فقبضها منه كان عليه أن يستبرئها بحيضة؛ ع - ولو كاتب عبدا له على أمة بغير عينها ثم قبضها كان عليه أن يستبرئها بحيضة وكذلك لو أعتقه على خادم فقبضها منه كان عليه أن يستبرئها بحيضة.

ولو ارتدت خادم (¬1) لرجل عن الإسلام فاستتيبت (¬2) فتابت (¬3) لم يكن عليه أن يستبرئها؛ لأنها لم تخرج من ملكه وإن كان فرجها قد حرم عليه حين ارتدت، فإن حرمة (¬4) هذا كحرمة الحيض. وإذا اشترى الرجل أمة لها زوج لم يدخل بها فطلقها زوجها قبل أن يقبضها المشتري ثم قبضها المشتري فعلى المشتري أن يستبرئها بحيضة قبل أن يطأها. فإن لم يطلقها زوجها حتى قبضها منه المشتري ثم طلقها قبل أن تحيض فلا (¬5) بأس بأن يطأها المشتري قبل أن يستبرئها؛ لأنه قبضها ولا استبراء عليه فيها. فإن قبضها المشتري ثم زوجها فمات عنها زوجها فاعتدت بشهرين وخمسة أيام قبل أن تحيض فلا (¬6) بأس بأن يطأها المشتري قبل أن يستبرئها بحيضة. ولو لم يكن زوجها هذا مات عنها ولكنها (¬7) طلقها زوجها قبل أن يدخل بها وقبل أن تحيض عنده فلا يطؤها المشتري حتى يستبرئها بحيضة. ولو كانت قد حاضت عند زوجها ثم طلقها قبل الدخول أجزته هذه الحيضة من الاستبراء، وكان له أن يطأها قبل أن يستبرئها. ولو أن رجلاً اشترى (¬8) امرأته ولم يدخل بها حتى قبضها بعدما فسد النكاح فيما بينها وبين المشتري فليس عليه أن يستبرئها (¬9) وإن كانت لم تحض بعدما فسد النكاح. * * * ¬

_ (¬1) ع: خادما. (¬2) ف ع: فاستتيب. (¬3) ف: فمات؛ ع: فبانت. (¬4) ع: حرمته. (¬5) ف: ولا. (¬6) ع: فا. (¬7) ط: ولكن. (¬8) م: استبرا. (¬9) ع: أن تستبرئها.

باب الاستبراء في الأختين في البيع وغيره

باب الاستبراء في الأختين في البيع وغيره وإذا كان للرجل أمة يطؤها ثم اشترى أختها كان له أن يطأ الأولى التي كان يطؤها ولا يقرب أختها. فإن لم يكن وطئ واحدة منهما فله أن يطأ أيتهما شاء. فإن أراد أن يطأ التي كانت عنده وطئها بغير استبراء. فإن وطئهما جميعاً فقد أساء، فلا يقرب واحدة منهما ثانية (¬1) حتى يبيع الأخرى أو يزوجها. فإن زوج إحداهما بعد أن تحيض حيضة أو قبل أن تحيض (¬2) حيضة (¬3) فله أن يجامع الباقية منهما، غير أَنِّي أحب له أن لا يجامع الباقية منهما حتى تحيض أختها حيضة. وكذلك الزوج لو لم يقرب التي تزوج حتى تحيض حيضة كان أحب إلي، والنكاح جائز على كل حال. بلغنا ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا ينبغي لرجلين يؤمنان بالله واليوم الآخر أن يجتمعا (¬4) على امرأة في طهر (¬5) واحد" (¬6). فإن وطئها الزوج ثم طلقها الزوج وانقضت عدتها فليس ينبغي للمولى أن يقرب واحدة منهما أيضاً حتى يزوج أو يبيع. فإن باع إحداهما حل له وطء الأخرى. فإن اشترى التي (¬7) باع أو ردت عليه بعيب فلا ينبغي له أن يطأ واحدة منهما أيضاً حتى يملك فرج الأخرى عليه غيره. بلغنا عن عبد الله بن عمر هذا أو نحو من هذا. ¬

_ (¬1) ع: باينه. (¬2) ع: أن يختص. (¬3) م - أو قبل أن تحيض حيضة. (¬4) م ع: أن يجتمعان. (¬5) ع: في ظهر. (¬6) لم أجده بهذا اللفظ. لكن روي عن أنس مرفوعاً: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يغشين رجلان امرأة في طهر واحد". انظر: الكامل لابن عدي، 3/ 59. وروي عن رُوَيْفِع بن ثابت الأنصاري مرفوعاً: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يَسْقِيَ ماءَه زَرْعَ غيرِه، يعني إتيان الحَبَالَى، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها". انظر: مسند أحمد، 4/ 108؛ وسنن أبي داود، النكاح، 44؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 252. (¬7) م ع: الذي.

ولو ارتدت إحداهما عن الإسلام لم يحل له أن يطأ الأخرى؛ لأن المرتدة في ملكه بعد، وحرمتها هاهنا كحرمة الحيض. وكذلك لو رهن إحداهما أو أجرها أو دبرها أو لحقها دين أو جنت جناية فإنه لا ينبغي أن يقرب الأخرى؛ لأن هذه لم تخرج من ملكه حتى تدفع بالجناية أو تباع في الدين الذي عليها. ولو كاتب (¬1) إحداهما أو أعتق (¬2) بعضها فقضى عليها القاضي بالسعاية فيما بقي عليها من قيمتها أو لم يقض (¬3) حل له أن يطأ الأخرى. فإن أدت فقد خرجت من ملكه. ألا ترى أنه لو وطئ هذه التي تسعى أو المكاتبة أعطاهما مهراً. وكذلك إذا أعتقها البتة على جُعْل أو على غير جُعْل حل له أن يطأ الأخرى. ولو لم يفعل هذا ولكنه وهب إحداهما أو تصدق بها وقبضت منه أو باع شقصاً حل له أن يطأ الأخرى. ولو (¬4) لم (¬5) يفعل هذا ولكن أهل الشرك أسروها (¬6) حل له أن يطأ الباقية منهما؛ لأن أهل الشرك (¬7) قد ملكوا التي أسروا (¬8). ولو أبقت إليهم لم يحل له أن يطأ الباقية؛ لأن التي أبقت في ملكه لم تخرج من ملكه. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فان أبقت إليهم فأسروها (¬9) فأحرزوها حل له أن يطأ أختها؛ لأنهم قد ملكوها. ولو لم يكن شيء من هذا ولكنه زوج إحداهما نكاحاً فاسداً فوطئها زوجها ثم فرق بينهما فإنه لا بأس بأن يطأ الأخرى؛ لأن هذه في عدة ¬

_ (¬1) م ع: ولو كانت. (¬2) ع: أو عتق. (¬3) ع: لم يقضي. (¬4) ع - ولو. (¬5) ع: ولم. (¬6) ف: اشتروا. (¬7) ف: الشركه. (¬8) ف: اشتروا. (¬9) ف: فاشتروها.

وجبت عليها، وقد حرمت (¬1) على المولى حتى تنقضي العدة، [وهو] (¬2) بمنزلة موت زوجها عنها أو عدة من طلاق من نكاح صحيح. ولو فرق بينهما قبل أن يدخل بها لم ينبغ (¬3) للمولى أن يقرب واحدة منهما. ولكنها (¬4) إذا كانت عند الزوج ولم يفرق بينهما ولم يدخل بها لم يكن للمولى أن يقرب واحدة منهما. ولو باع إحداهما بيعاً فاسداً فقبضها المشتري فإنه يحل له أن يطأ الباقية منهما؛ لأنه قد ملك رقبة الأخرى غيره. ألا ترى أن عتق المشتري في التي اشتراها جائز، وأن عتق (¬5) البائع (¬6) فيها باطل. ولا يحل للمشتري أن يطأ التي عنده أيضاً، لأن بيعه فيها فاسد. فإن ترادا البيع فليس ينبغي للمولى أن يطأ واحدة منهما حتى يملك الأخرى عليه غيره. فإن باع التي لم يبع فلا يقرب التي ردت عليه حتى يستبرئها بحيضة؛ لأنه قد ملكها عليه غيره. وإذا تزوج الرجل أخت جاريته وقد كان يطأ جاريته فلا يقرب امرأته حتى يملك فرج أمته غيره. ولا ينبغي له أن يقرب أمته. ولو كانت [أخت] (¬7) امرأته أمة (¬8) ثم اشتراها كان له أن يقرب الأولى التي كان يقرب، والنكاح لا يشبه الملك في هذا. وإذا اشترى أخت أمته ولم يكن وطئ أمته كان له الخيار في أن يطأ أيتهما (¬9) شاء. فإن وطئ إحداهما لم يقرب الأخرى حتى يملك فرج التي ¬

_ (¬1) ف م ع: وقد حرت. والتصحيح مستفاد من ب ط؛ والمبسوط، 13/ 161. (¬2) من ط. (¬3) ع: لم ينبغي. (¬4) ف م ع: ولكنه. والتصحيح من ط. (¬5) م: أعتق. (¬6) ف م ع + في التي اشترى جائز وأن عتق. (¬7) من ط؛ والكافى، 1/ 174 و؛ والمبسوط، 13/ 161. (¬8) ف - أمة. (¬9) ع: أيهما.

وطئ غيره. فإن وطئ التي كانت عنده أول مرة ثم باعها فأراد أن يطأ التي اشترى وقد (¬1) كانت حاضت عنده حيضة قبل أن يبيع أختها فلا بأس بأن يقربها، وتجزيه هذه الحيضة من الاستبراء؛ لأنها حاضت في ملكه. والأختان من الرضاعة والأختان من النسب سواء في الحرمة؛ لأنه بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب" (¬2). وإذا كانت (¬3) عند الرجل أمة يطؤها فاشترى (¬4) عمتها أو خالتها أو ابنة أخيها أو ابنة أختها من نسب كان أو رضاع فهو بمنزلة الأختين فيما ذكرنا. وإذا وطئ الرجل أمة لا تحل له أمها أبداً ولا بنتها ولا والدة (¬5) لها ولا ولد. وكذلك هي لا تحل (¬6) لوالد له ولا لولده. وكذلك إذا قبلها من شهوة أو لمسها من شهوة أو باشرها لشهوة أو نظر إلى فرجها من شهوة فهو بمنزلة الجماع في ذلك كله. فأما ما سوى الفرج في النظر فليس بشيء ولا يحرم ذلك شيئاً. بلغنا ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه خلا بجارية له وجرّدها، فاستوهبها ابن له منه، فقال: إنها لا تحل لك (¬7). ¬

_ (¬1) ع: ولو. (¬2) قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة قال: حدثنا الحكم بن عتبة عن عراك بن مالك أن أفلح بن قُعَيس استأذن علي عائشة، فاحتجبت منه. فقال: أتحتجبين مني وأنا عمك؟ قالت: من أين؟ قال: أُرْضِعْتِ بلبن ابن أخي. فلما دخل عليها النبي ذكرت ذلك له. فقال: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". انظر: الآثار لمحمد، 78. ورواه الإمام محمد عن الإمام مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر بلفظ: "يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة". انظر: الموطأ برواية محمد، 2/ 592. وانظر: صحيح البخاري؛ الشهادات، 7؛ وصحيح مسلم، الرضاع، 1 - 2؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 97. (¬3) ع: كان. (¬4) ع: واشترى. (¬5) ف م: ولا ولده؛ ط: ولا والد. والتصحيح من ع. (¬6) ف ع: لا تحل هي. (¬7) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 479.

وبلغنا عن مسروق بن الأجدع أنه قال: بيعوا جاريتي هذه، أَمَا أني لم أصب منها إلا ما (¬1) يحرّمها على ولدي من اللمس والنظر (¬2). قال: حدثنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إذا وطئ الرجل الجارية حرمت عليه أمها وابنتها وحرمت على ابنه وعلى أبيه (¬3). وإذا اشترى الرجل الجارية وهي صغيرة لا تحيض أو قد يئست (¬4) من الحيض من كبير فإنما عليه أن يستبرئها بشهر واحد. وإذا اشترى الرجل جارية وقبضها وعليها عدة من زوج من طلاق أو وفاة من زوج يوماً أو أكثر من ذلك أو أقل فليس عليه بعد ذلك استبراء؛ لأنها كانت في عدة واجبة، فليس يكون من الاستبراء شيء واجب أشد من هذا. ألا ترى أنه لو اشتراها وقبضها حتى مات عنها زوجها فاعتدت بشهرين وخمسة أيام حل له أن يطأها. ولو كان لا يحل الوطء ثم تزوجها آخر فمات عنها فاعتدت بشهرين وخمسة أيام لم يحل له أن يطأها. فهذا قبيح، والقياس فيه كثير، ولكنه يفحش. فإذا (¬5) انقضت عدتها حل له أن يطأها. ألا ترى أنه لو كانت حاملاً فولدت حل له (¬6) أن يطأها، فكذلك انقضاء العدة بغير ولد. وإذا اشترى الرجل جارية لها زوج ولم يدخل بها زوجها وقبضها ثم طلقها الزوج قبل أن يدخل بها حل للمولى أن يطأها؛ لأنه اشتراها وقبضها وهي عليه حرام. فإن كان البائع وطئها قبل أن يزوجها (¬7) فلا ينبغي للمشتري ¬

_ (¬1) ع - ما. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 480. (¬3) ف م ع + وحرمت عليه أمها وابنتها. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 3/ 481؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 134. (¬4) ط: قد أيست. (¬5) ف م ع: إذا. والتصحيح من ط. (¬6) ف: فولدت له حل. (¬7) ف: أن يتزوجها؛ ع: أن يتزوج بها.

أن يقربها حتى تحيض (¬1) حيضة. فإن كان لم يطأها أو كانت قد حاضت حيضة بعدما وطئها فلا بأس أن يقربها المشتري ولا يستبرئها. وإذا اشترى الرجل أمة قد حاضت فارتفع حيضها من غير أن تأيس (¬2) فإنه ينتظر بها حتى يعلم (¬3) أنها غير حامل ثم يقربها. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد في ذلك: أُوَقِّتُ (¬4) عدة الحرة في الوفاة (¬5) أربعة أشهر وعشراً إذا ارتفع حيضها، فلا يدرى أحامل هي (¬6) أو غير حامل، فإذا استبان حملها في الأربعة الأشهر والعشر فلا يقربها حتى تضع، فإن لم يستبن فلا بأس بأن يقربها. إذا وجب الاستبراء على المشتري لم يحل له أن يباشر ولا يقبل ولا يلمس لشهوة ولا ينظر إلى فرج لشهوة حتى يستبرئ. وإذا اشترى المكاتب جارية وقبضها وحاضت عنده ثم أعتق حل له أن يطأها، وكانت تلك الحيضة استبراء؛ لأنه قد ملكها. ألا ترى أن (¬7) مولاه (¬8) لو اشتراها منه قبل أن يطأها وقبل أن يعتق كان عليه أن يستبرئها بحيضة؛ لأنها في ملك المكاتب. وإذا اشترى المكاتب (¬9) جارية ثم حاضت عنده ثم عجز المكاتب فليس ينبغي للمولى أن يطأ الجارية حتى تحيض عنده حيضة بعدما عجز (¬10) المكاتب (¬11). فإن كانت الجارية التي كان اشتراها المكاتب ابنته أو أمه فحاضت عند المكاتب حيضة ثم عجز المكاتب (¬12) فلا بأس بأن يطأها ¬

_ (¬1) ع: أن يقبضها قبل أن تحيض. (¬2) ع: أن يابس. (¬3) ع: حتى تعلم. (¬4) ع ط: أوفت. (¬5) ف م: في الوفا؛ ع: في الوفاء. والتصحيح من ط. (¬6) ع: نفى. (¬7) ع - أن. (¬8) ف م ع: مولاها. والتصحيح من ط. (¬9) م: الرجل. (¬10) ف م: عجزه. والتصحيح من ط. (¬11) ع - فليس ينبغي للمولى أن يطأ الجارية حتى تحيض عنده حيضة بعدما عجز المكاتب. (¬12) ع - فحاضت عند المكاتب حيضة ثم عجز المكاتب.

المولى ولا يستبرئها؛ لأن (¬1) المكاتب حين اشتراها صارت مكاتبة للمولى. ألا ترى أن المولى لو أعتقها قبل أن يعجز المكاتب جاز عتقه. وكذلك هذا في (¬2) قول أبي يوسف ومحمد في كل جارية اشتراها المكاتب وهي ذات رحم محرم منه فهي بمنزلة هذا. فأما (¬3) في قياس (¬4) قول أبي حنيفة فعليه الاستبراء في ذلك كله إلا في ابنة أو أم أو جدة أو ابنة ابنة وإن سفلت. وإذا اشترى النصراني جارية فليس عليه أن يستبرئها؛ لأن ما فيه من الشرك أعظم من ترك الاستبراء. فإن أسلم قبل أن تحيض حيضة وقبل أن يطأها فليس عليه أن يستبرئها في القياس (¬5)، ولكني أستحسن وأجعل عليه أن يستبرئها بحيضة، وإن كان وطئها في نصرانيته فليس عليه أن يستبرئها. وإذا اشترى الرجل المسلم جارية مجوسية فحاضت بعدما قبضها حيضة ثم أسلمت حل له أن يطأها، وأجزته تلك الحيضة من الاستبراء. ألا ترى أنه لو اشتراها وهى مُحْرِمَة قد أذن لها في ذلك لم يحل له أن يطأها، وإذا حاضت حيضة ثم حلت وفرغت من الإحرام حل له أن يطأها وأجزته تلك الحيضة من الاستبراء. وإذا اشترى الرجل أخت البائع من الرضاعة أو جارية كانت عليه حراماً (¬6)، فعليه أن يستبرئها بحيضة. كما أنه لو اشتراها من امرأة كان عليه أن يستبرئها بحيضة (¬7). وإذا اشترى الرجل جارية من رجل فلم يقبضها الرجل (¬8) حتى ردها من عيب أو من غير عيب ومن (¬9) خيار فليس على البائع أن يستبرئها؛ لأن المشتري لم يكن قبض. وإذا اشترى الرجل أمة لها زوج لم يدخل بها وقبضها المشتري ثم ¬

_ (¬1) ع - لأن. (¬2) م - في. (¬3) ط: أما. (¬4) م - قياس. (¬5) ع - القياس. (¬6) ع: حر. (¬7) ع - بحيضة. (¬8) ف م ع: رجل. والتصحيح من ط. (¬9) ع: أو من.

باب آخر من الخيار في البيوع

طلقها الزوج أو مات عنها ولم يدخل بها فإنه ليس عليها عدة في الطلاق، وللمولى أن يطأها. فإن كان مولاها الأول وطئها قبل أن يزوجها ولم تحض (¬1) من يوم وطئها حيضة فإني أحب للمشتري أن لا يطأها حتى تحيض حيضة، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه (¬2). واذا مات عنها الزوج فعليها شهران (¬3) وخمسة أيام، فإذا مضى ذلك فلا بأس بأن يطأها المولى. وإذا اشتراها المولى وهي في عدة من الزوج ميت طلاق أو موت فقبضها فمضت العدة فلا بأس بأن يطأها المولى. وإذا اشترى الرجل (¬4) الأختين فنظر إلى فروجهما جميعاً (¬5) لشهوة أو قبلهما جميعاً (¬6) لشهوة فلا ينبغي قوله (¬7) أن يطأ واحدة منهما حتى يملك فرج إحداهما عليه غيره بملك أو نكاح أو وجه من وجوه الملك. والنظر إلى الفرج من شهوة والقبلة بمنزلة الجماع. ... باب آخر من الخيار في البيوع وإذا (¬8) رأى الرجل عند الرجل جارية وساومه بها ولم يشترها (¬9)، ثم رآها بعد ذلك متنقبة فاشتراها منه بثمن مسمى، ولم يعلمه أنها تلك الجارية ولم يقع بينهما (¬10) منطق يستدل به أنه قد عرفها، فهو بالخيار إذا كشف نقابها: إن شاء أخذها، وإن شاء تركها، وهذا بمنزلة (¬11) من اشترى بَيْعاً (¬12) ولم يره. أرأيت لو رآها عنده وساومها ولم يشترها ثم رآها متنقبة عند آخر فاشتراها ولم يقل له: هي التي رأيت، ولم يأت بنطق ولا ¬

_ (¬1) ف م ع: لم تحض. والتصحيح من ط. (¬2) م ع - فيه. (¬3) ع + شهران. (¬4) ع - الرجل. (¬5) م - جميعاً. (¬6) م - جميعاً. (¬7) ف - له. (¬8) م: فإذا. (¬9) ع: يشتريها. (¬10) ع: منها. (¬11) ع + كما. (¬12) أي: مبيعاً.

أمر يستدل به على معرفة أن هذه الجارية هي (¬1) التي رأيت عند فلان فهو بالخيار إذا (¬2) رآها. ولو نظر (¬3) إلى جِرَاب هروي وقَلَّبَه ثم إن صاحب الجِرَاب قطع منه ثوباً ثم لقيه (¬4) بعد ذلك فأخبره أنه قطع منه ثوباً ولم يره إياه ثانية حتى اشتراه فهو بالخيار إذا رآه؛ لأنه لا يدري أي ثوب أخذ (¬5) لعله أخذ أجودها. ولو أن رجلاً عرض على رجل ثوبين فلم يشترهما (¬6) ثم لف أحدهما في منديل ثم اشتراه منه ولم يره ولم يعلم أيهما هو (¬7) فهو بالخيار إذا رآه. ولو أتاه بالثوبين جميعاً وقد لف كل واحد منهما في منديل فقال: هذان (¬8) الثوبان اللذان عرضت عليك أمس، فقال: قد أخذت (¬9) هذا لأحدهما بعشرين وهذا بعشرة، في صفقتين أو في صفقة واحدة، ولم يرهما في هذه المرة فأوجبهما له، فإن له الخيار؛ لأنه لا يعلم أيهما هذا من هذا. ولو قال: أخذت واحداً منهما بعشرة، ولم يسم (¬10) أيهما هو كان هذا فاسداً منهما (¬11). ولو قال: أخذت كل واحد منهما بعشرين، جاز ذلك (¬12) ولم يكن له خيار؛ لأنه أخذهما منه في (¬13) صفقة واحدة ولم يُفَضِّلْ (¬14) أحدَهما في الثمن (¬15). ¬

_ (¬1) ع - هي. (¬2) ف م: واذا. والتصحيح من ع ط. (¬3) ف م: ولم ينظر؛ ع: ولم نظر. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 174 ظ؛ والمبسوط، 13/ 163. (¬4) ف: ثم بعينه (مهملة)؛ م ع: ثم نصبه (مهملة). والتصحيح من ط. (¬5) ع: أخذه. (¬6) ع: يشتريهما. (¬7) ع - هو. (¬8) ع: هذاان. (¬9) ف ع: قد أجرت؛ م: قد احرت. والتصحيح من ط. (¬10) ع: يسمي. (¬11) ف م - كان هذا فاسدا منهما؛ والزيادة من ع ط. وعبارة ب: فهو فاسد. (¬12) ف - ذلك. (¬13) م - في. (¬14) ط: ولم يفصل. (¬15) ف: في اليمين (مهملة)؛ م ط: في الثمنين. والتصحيح من ع. وعبارة ب: وسوى بينهما في الثمن.

ولو اشترى ثوباً ولم يره ثم رهنه أو أجره يوماً أو باعه والمشتري (¬1) بالخيار كان هذا اختياراً (¬2) منه، ولم يكن له أن يرده (¬3) بالخيار. ولو باعه والبائع بالخيار فنقض (¬4) البيع كان له أن يرده إذا رآه. ولو كان عبداً اشتراه رجل ولا خيار فيه للبائع وكاتبه المشتري ولم يره ثم عجز (¬5) فرآه لم يكن له أن يرده بالخيار. وكذلك الخيار إذا كان شرطاً. ولو حُمّ العبد ثم ذهبت الحمى عنه كان له أن يرده إذا رآه. فإن كان قد رآه واشترط الخيار ثلاثة أيام فذهبت الحمى عنه قبل (¬6) الثلاث كان له أن يرده بالخيار. ولو أشهد على نقض البيع في الثلاث بمحضر من البائع والعبد محموم، ثم ذهبت الحمى عنه قبل الثلاث ولم يحدث رداً حتى مضت الثلاث، كان له أن يرده بذلك الرد. ولو تمت (¬7) به الحمى عشرة أيام لم يكن له (¬8) أن يرده بذلك الرد ولا بغيره. ولو (¬9) خاصمه في الثلاث إلى القاضي ورده المشتري فأبى البائع أن يقبله وهو محموم فإن القاضي يبطل الرد ويجيز البيع، فإن صح في الثلاث لم يكن له أن يرده بعد قضاء (¬10) ¬

_ (¬1) ف م ع: فالمشتري. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 164. (¬2) ع: اختيار. (¬3) ع: أن يردها. (¬4) ف م ع: فقبض. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 164. (¬5) ع + عن. (¬6) م: بعد. (¬7) ف م: ولو نعت (مهملة)؛ ع: ولو بقت؛ ط: ولو بقيت. والتصحيح من الحاكم. انظر: الكافي، الموضع السابق. ولفظ السرخسي: ولو تمادت. انظر: المبسوط، 13/ 165. (¬8) ع - له. (¬9) ع: ولا. (¬10) ع: قضما.

القاضي. وكذلك هذا القول في خيار الرؤية. ولو أشهد على رده في الثلاث بحضرة البائع وهو صحيح ثم حم قبل أن يقبضه البائع ثم أقلعت عنه الحمى وعاد إلى الصحة قبل الثلاث أو بعدها فإنه (¬1) يلزم البائع، ولا خيار له في ذلك؛ لأن المشتري فسخ البيع وهو صحيح. وكذلك خيار الرؤية. ولو خاصمه والحمى به فالبائع بالخيار: إن شاء قبل البيع ولا يأخذ للحمى أرشاً، وإن شاء لم يقبل. فإذا أبطل (¬2) القاضي الرد وألزم المشتري العبد فليس له أن يرده بعد ذلك. ولو جرح (¬3) العبد عند المشتري جرحاً (¬4) له أرش أو جرحه هو أو كانت (¬5) أمة فوطئها هو أو غيره لم يكن له أن يردها بخيار رؤية ولا بخيار الشرط. وكذلك لو ولدت ومات ولدها أو لم يمت. ولو كانت دابة أو شاة فولدت لم يكن له أن يردها بخيار الشرط ولا بخيار الرؤية. وكذلك لو قتل ولدها هو أو غيره. ولو مات موتاً كان له أن يردها بخيار الشرط والرؤية؛ لأنه من القتل (¬6) أخذ أرشاً، ووجب في حياة الولد معها ولد لم يشتره (¬7). ولو أن البائع جرحها عند المشتري أو قتلها وجب البيع على المشتري، وكان على البائع القيمة في خيار الشرط والرؤية. ولو استودعها المشتري البائع بعد ما قبضها فماتت عند البائع قبل أن يرضى المشتري فهو في القياس يلزم المشتري الثمن في خيار الشرط، ولكن أدع القياس وأجعلها من مال البائع في خيار الشرط. وفي خيار الرؤية هي من مال المشتري، وعليه الثمن؛ لأن البيع قد لزمه فيها حين يفسخه أو يرده. فأما في الخيار فإنه لم يستوجب بعد، وهو من مال البائع في قياس قول أبي حنيفة. فأما في قياس قول أبي يوسف - وهو قول محمد - فهي من (¬8) مال المشتري. ¬

_ (¬1) ع: فابه. (¬2) م: فإذا بطل. (¬3) ع: خرج. (¬4) ع: خرج. (¬5) ع: أو كاتب. (¬6) ع: من القبل. (¬7) ع: ولدا لم يشتريه. (¬8) ع - من.

باب بيع النخل إذا كان فيه ثمر فأكله البائع قبل المشتري أو أثمر بعد البيع فأكله البائع قبل قبض المشتري

باب بيع النخل إذا كان فيه ثمر فأكله البائع قبل المشتري أو أثمر بعد البيع فأكله البائع قبل قبض المشتري وإذا اشترى الرجل أرضاً ونخلاً بألف درهم، والأرض تساوي ألفاً والنخل يساوي ألفاً، ثم إن النخل بعد ذلك أثمر في يدي البائع مرة أو مرتين (¬1) أو أكثر من ذلك، كل مرة تساوي الثمرة ألفاً، فأكل ذلك كله البائع (¬2) قبل قبض المشتري، ثم جاء المشتري يطلب بيعه بكم يأخذ الأرض والنخل؟ قال: أصل ذلك أن تنظر (¬3) إلى كل شيء أثمر النخل في يدي البائع فأكله البائع، فتجمع (¬4) قيمة ذلك (¬5)، فتنظر (¬6) كم قيمته، ثم تضمه (¬7) إلى قيمة الأرض والنخل، ثم تقسم (¬8) الثمن على قيمة ذلك. فما أصاب الثمر (¬9) فإنه يحط عن المشتري من الثمن. فإن كان إنما أثمر مرة وقيمة الثمر ألف فأكله البائع فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل بثلثي الثمن (¬10). فإن كان أثمر مرتين أخذ الأرض والنخل بنصف الثمن. وإن كان أثمر ثلاث مرات أخذ الأرض والنخل بخمسي (¬11) الثمن. وإن كان أثمر خمس مرات أخذ الأرض والنخل بسبعي الثمن؛ لأن الثمرة خمسة آلاف، والأرض والنخل ألفان (¬12)، فذلك سبعة آلاف. يقسم (¬13) الثمن على سبعة، فيصيب الأرض والنخل سبعان (¬14)، فيأخذ المشتري الأرض والنخل بذلك، ¬

_ (¬1) ع: أمرتين. (¬2) ف ع: البائع كله. (¬3) ع: أن ينظر. (¬4) ف: فتجتمع؛ ع: فيجتمع. (¬5) ع ط + كله. (¬6) ع: فينظر. (¬7) ع: ثم يضمه. (¬8) ع: ثم يقسم. (¬9) ف ع: الثمن. (¬10) ف م - فإن كان إنما أثمر مرة وقيمة الثمر ألف فأكله البائع فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل بثلثي الثمن؛ والزيادة من ع ط. والعبارة مع شرحها في المبسوط، 13/ 168. (¬11) ف م ع: بخمس. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 3/ 169. (¬12) م ع: ألفين. (¬13) ع: فقسم. (¬14) م ع: سبعين.

ويحط عنه خمسة أسباع الثمن، وذلك حصة الثمرة. وإن كان في النخل يوم اشتراه ثمرة تساوي (¬1) ألفاً قد اشتراه مع الأرض والنخل (¬2) فأكله البائع، ثم أثمر بعد ذلك مرة أو مرتين أو أكثر من ذلك، فأكله البائع، ثم جاء المشتري بكم يأخذ الأرض والنخل؟ قال: أما الثمرة الأولى فإنها تذهب بثلث الثمن؛ لأنها ثلث البيع. وله ما أثمر بعد ذلك. فإن كان أثمر عشر مرات أو أكثر أو أقل (¬3) من ذلك فإنه يجمع كله، فتنظر (¬4) كم قيمته، ثم تضمه (¬5) إلى الأرض والنخل، ثم تقسم (¬6) ثلثي الثمن على جميع ذلك. فما أصاب حصة الأرض والنخل من ثلثي الثمن أخذ المشتري الأرض والنخل بذلك. وما أصاب حصة الثمن فإنه يحط عن المشتري من ثلثي الثمن. وإنما قسمته (¬7) على ثلثي الثمن لأن الثمرة الأولى قد ذهبت بثلث الثمن. ومن ذلك أنه إذا أثمر بعد الثمرة الأولى بثمرة تساوي ألفاً فأكله البائع فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل بثلثي ثلثي الثمن، وهو أربعة أتساع جميع الثمن. فإن كان أثمر مرتين بعد الأولى فأكله البائع فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل بنصف الثلثين. فإن كان أثمر ثلاث مرات بعد الأولى (¬8) فأكله البائع (¬9) فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل (¬10) بخمس الثمن وثلث خمس الثمن، وهو أربعة أجزاء من خمسة عشر من جميع المال. وإنما كان ذلك على ما ذكرنا من الأجزاء (¬11) والأخماس لأن الثمرة الأولى ذهبت بثلث الثمن كله، وبقي الأرض والنخل بثلثي الثمن، فما أثمر بعد ذلك ثلاث مرات كل مرة تساوي ألفاً كان ذلك ¬

_ (¬1) ط: ثمر يساوي. (¬2) ف: مع النخل والأرض. (¬3) ع: أو أقل أكثر. (¬4) ع: فينظر. (¬5) ع: ثم يضمه. (¬6) ع: ثم يقسم. (¬7) ع: قيمته. (¬8) ع: الأول. (¬9) ع - فأكله البائع. (¬10) ف م - بنصف الثلثين فإن كان أثمر ثلاث مرات بعد الأولى فأكله البائع فإن المشتري يأخذ الأرض والنخل. والزيادة من ع. ونحوها في ط. ومعناها في ب. (¬11) ف م + من خمسة عشر من جميع المال وإنما كان ذلك على ما ذكرنا من الأجزاء.

ثلاثة آلاف، والأرض والنخل ألفين، فذلك خمسة آلاف وثلثا (¬1) الثمن (¬2)، فقسمت على خمسة، فالأرض والنخل من ذلك الخمسان، والثمر (¬3) ثلاثة أخماس (¬4)، فيأخذ المشتري الأرض والنخل بالخمسين (¬5) من الثلثين، ويحط عنه ما بقي، وهو ثلاثة أخماس الثلثين. فكذلك هذا الباب وما أشبهه كله على هذا القياس. وللمشتري في جميع ما ذكرنا إن كان في النخل ثمر (¬6) يوم اشتراه أو لم يكن فأثمر بعد ذلك فأكله البائع فإن للمشتري الخيار في جميع ذلك: إن شاء أخذه بما ذكرنا من الثمن، وإن شاء تركه. فإن كان الثمر الذي أثمر بعد البيع لم يأكله البائع، ولكن أصابته آفة من السماء فذهبت به، ونقص ذلك النخل، فإن المشتري هاهنا بالخيار أيضاً: إن (¬7) شاء أخذه بجميع الثمن، وان شاء تركه (¬8). ولا يشبه هذا أكل البائع الثمر. وإن كان ذهاب هذا الثمر (¬9) بالآفة التي أصابته لم ينقص النخل شيئاً فإن المشتري لا يكون له الخيار، ولكن البيع له لازم، ويأخذه بجميع الثمن. وإنما خالف الثمرة التي كانت في النخل يوم اشترى النخل الثمرة التي حدثت بعد ذلك لأن الثمرة الأولى التي كانت في النخل (¬10) حيث اشترى كانت من أصل (¬11) البيع، ووقع عليها بعينها البيع، فصارت لها (¬12) حصة من الثمن، وأما إذا أثمر بعد ذلك إنما هو زيادة في النخل بحصته من الثمن، يكون من ثمن الأرض والنخل خاصة. والزيادة في البيع مخالف لما يقع عليه، فلذلك اختلفا. وهذا قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد. ¬

_ (¬1) ع: وثلثي. (¬2) ف - الثمن. (¬3) ف م ع: والثمن. والتصحيح من ط. (¬4) م: الأخماس. (¬5) ف م ع: بالخمس. والتصحيح من ط. (¬6) ف: ثم. (¬7) ف ع: فإن. (¬8) ع: تركته. (¬9) ف: الثمن. (¬10) م - النخل. (¬11) ف م ع: من أهل. والتصحيح من ط. (¬12) ف م ع: فصار له. والتصحيح من ط.

باب الرجل يبيع العبد فيجني عليه البائع والمشتري قبل القبض ثم يموت من جنايتهما

وقال أبو يوسف بعد ذلك: كل ثمرة حدثت في يدي البائع بعد البيع فهو زيادة في النخل دون الأرض. ... باب الرجل يبيع العبد فيجني عليه البائع والمشتري قبل القبض ثم يموت من جنايتهما وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم فلم يقبضه حتى قطع البائع يده فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذ العبد بنصف الثمن، وإن شاء تركه. وما استهلك منه البائع فإنما هو شيء ذهب منه، ليس فيه على البائع ضمان، إلا أن الثمن يبطل عن المشتري منه بحساب ما انتقص (¬1) البائع من العبد، وذلك النصف؛ لأن اليد من العبد نصفه. ولو كانت اليد شلت من غير فعل أحد كان المشتري بالخيار: إن شاء أخذ العبد بجميع الثمن، وإن شاء ترك البيع (¬2) للعيب الذي حدث في العبد. ولو كانت اليد قطعها أجنبي فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذ العبد بجميع الثمن واتبع الجاني بنصف القيمة، وان شاء ترك البيع. فإن أخذ العبد واتبع الجاني بنصف القيمة (¬3) تصدق بما زادت نصف القيمة على نصف الثمن، لأنه ربح ما لم يضمن. فإن (¬4) ترك البيع اتبع البائع الجاني بنصف القيمة، ويتصدق أيضاً بما زاد نصف القيمة على نصف الثمن؛ لأنه قطع وهو لغيره (¬5). ¬

_ (¬1) ف + من. (¬2) ف - البيع، صح هـ. (¬3) ع + وإن شاء ترك البيع فإن أخذ العبد واتبع الجاني بنصف القيمة. (¬4) ع: وإن. (¬5) ع: بغيره.

وإن كان الذي قطع يده هو المشتري فإن هذا (¬1) اقتضاء (¬2) منه لجميع العبد. فإن هلك العبد بعد ذلك من قطع اليد أو من غير قطع اليد ولم يكن البائع منع المشتري العبد بعدما قطع المشتري يد العبد (¬3) فعلى المشتري جميع الثمن إن مات من القطع أو من غيره. فإن كان البائع منع المشتري عن قبض العبد بعدما قطع المشتري يد العبد ثم مات العبد في يدي البائع من قطع اليد فعلى المشتري جميع الثمن. فإن (¬4) مات من غير قطع اليد فعلى المشتري نصف الثمن بقطع (¬5) اليد، لأنه استوفى حين قطع اليد نصف ما اشترى، لأن (¬6) اليد من العبد نصفه، ثم منعه البائع ما بقي حتى هلك في يديه من غير فعل المشتري، وبطل من المشتري ثمن (¬7) ما بقي من العبد. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم فلم يقبضه حتى قطع البائع يده ثم إن المشتري قطع رجله من خلاف ثم برأ منهما جميعاً فلا خيار للمشتري في هذا، ويلزمه العبد بنصف الثمن، ويبطل عنه نصف الثمن لقطع البائع يده. وإنما بطل خياره في هذا الوجه لأنه قطع رجله بعدما قطع البائع يده، فكان هذا (¬8) اختياراً (¬9) منه للبيع، والرضا بالعبد أقطع. ولو لم يكن البائع قطع يده ولكن المشتري هو الذي قطع يده قبل ثم قطع البائع رجله بعد ذلك فبرأ منهما جميعاً فإن المشتري بالخيار: إن شاء أخذ العبد وأعطى (¬10) ثلاثة أرباع الثمن، وإن شاء أبطل البيع. لزمه نصف الثمن بقطعه اليد؛ لأنه حين قطع اليد فقد استوفى نصف ما اشترى من ¬

_ (¬1) ف: هذ. (¬2) ع: قضا. (¬3) م + ثم مات العبد. (¬4) ع: وإن. (¬5) ع: منقطع. (¬6) ع: الان. (¬7) ف م - ثمن؛ والزيادة من ع ط. وعبارة ب جار: فسقط باقي الثمن. (¬8) ف م ع: كان هذا؛ ط: فكان في هذا. (¬9) ع: اختيار. (¬10) ع: وأعطاع.

البائع، ثم قطع البائع بعد رجله (¬1) من خلاف، فمنع نصف ما بقي بعد اليد، فالمشتري بالخيار فيما بقي من العبد: إن شاء أخذه بربع الثمن مع النصف (¬2) الذي لزمه بقطع اليد، وإن شاء ترك. وإنما جاز الخيار في هذا الباب للمشتري ولم يكن له في الباب الأول خيار لأن القطع في هذا الباب كان من البائع (¬3) بعد رضا المشتري؛ لأن البائع حين جنى على العبد بعد جناية (¬4) المشتري ولم يحدث من المشتري بعد قطع البائع شيء (¬5) في العبد يكون قد رضي به البائع. وفي الباب الأول كانت جناية المشتري بعد جناية البائع، فكان ذلك منه رضاً بأن يأخذ العبد بجناية البائع عليه، فلذلك اختلفا. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم فنقده (¬6) الدراهم ولم يقبض حتى (¬7) قطع المشتري يده، ثم ثَنَّى البائع منقطع رجله من خلاف، فبرأ من ذلك كله، فإن العبد للمشتري، ولا خيار له فيه، وعلى البائع للمشتري نصف قيمة العبد المقطوع اليد. ولا يشبه نقد الثمن في هذا غير نقد الثمن؛ لأن المشتري حين نقد الثمن ثم قطع صار قابضاً لجميع العبد بقطعه اليد، وصار البائع لا يقدر على منعه حتى يدفع إليه الثمن. فلما قطع البائع رجله بعد ذلك كان بمنزلة رجل قطع رِجْلَ عبدِ رَجُلٍ ليس بينه وبينه فيه بيع، فيغرم نصف قيمته مقطوع اليد بقطعه الرجل. ولو كان البائع هو الذي قطع اليد قبل المشتري ثم إن المشتري قطع رجله بعد ذلك لم يكن للمشتري في العبد خيار، ولزمه البيع بنصف الثمن، ويرجع المشتري على البائع بنصف الثمن (¬8) الذي أعطاه. وإنما افترق هذا ¬

_ (¬1) ع + بعد ذلك فبرأ منهما جميعاً فإن المشتري بالخيار إن شاء أخذ العبد وأعطى ثلاثة أرباع الثمن وإن شاء أبطل البيع لزمه نصف الثمن بقطعه اليد لأنه حين قطع اليد فقد استوفى نصف ما اشترى من البائع ثم قطع البائع بعد رجله. (¬2) م: من النصف. (¬3) ف م ع: مع البائع. والتصحيح من ط. (¬4) ع: جنايته. (¬5) ع: شيئاً. (¬6) ع: فينقده. (¬7) ع + جنى. (¬8) ع - الثمن.

والباب الأول لأن المشتري لم يقبض العبد حين قطع البائع يده، فأبطل بقطع يد العبد نصف الثمن عن المشتري، وصار المشتري بالخيار: إن شاء أخذ ما بقي من العبد بنصف الثمن، وإن شاء تركه. فلما قطع المشتري رجله بعد قطع البائع كان هذا رضاً منه بالعبد واختياراً (¬1) للبيع، فيلزمه ما بقي من العبد، وبطل عنه نصف الثمن بقطع البائع يد العبد قبل أن يقبضه المشتري. ولو كان المشتري هو الذي قطع اليد قبل قطع البائع كان هذا قبضاً منه لعبده الذي اشترى كله: ما قطع منه وما بقي، فليس للبائع أن يمنعه ما بقي من العبد؛ لأنه قد استوفى الثمن. فلما قطع رجله صار (¬2) ضامناً لنصف قيمته (¬3) مقطوع اليد؛ لأنه بمنزلة عبد لا بيع بينهما فيه. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم ولم ينقده الثمن حتى قطع البائع يد العبد، ثم قطع المشتري بعد ذلك رجله من خلاف، فمات من ذلك كله في يدي (¬4) البائع، فإن المشتري يبطل عنه من الثمن خمسة أثمانه، ويلزمه ثلاثة أثمان (¬5) الثمن؛ لأن البائع حين قطع يد العبد قبل قطع المشتري بطل عن المشتري بقطع البائع اليد نصف الثمن. ثم إن المشتري قطع رجل العبد وهو ربع جميع ما اشترى؛ لأنه نصف ما بقي بعد اليد. فوجب عليه بعد ذلك ربع الثمن؛ لأنه لم يقبضه حين جنى عليه. ثم مات العبد من القطعين جميعاً. وإنما بقي من العبد ربعه، فصار على المشتري من ذلك الربع بعضه، وهو الثمن من جميع الثمن، وبطل عنه نصف ذلك الربع، وهو أيضاً الثمن؛ لأن البائع هو الذي (¬6) استهلك ذلك الثمن. فبطل عن المشتري نصف الربع الباقي، وهو الثمن من جميع العبد، وصار عليه نصف ذلك الربع، وهو ثمن الجميع، فبطل عنه (¬7) خمسة أثمان الثمن، ووجب عليه ثلاثة أثمانه. ¬

_ (¬1) ع: واختيار. (¬2) ع - صار. (¬3) ف: قيمة. (¬4) ع: في يد. (¬5) ع: أثمانه. (¬6) ع - هو الذي؛ ع + قد. (¬7) ع - فبطل عنه.

ولو كان المشتري هو الذي قطع اليد قبل قطع البائع ثم إن البائع قطع الرجل بعد ذلك من خلاف، فمات العبد من ذلك كله، فإن على المشتري في هذا خمسة أثمان الثمن، ويبطل عنه ثلاثة أثمان الثمن؛ لأن المشتري حين بدأ قطع (¬1) اليد كان قابضاً لنصف ما اشترى، ووجب عليه نصف الثمن. فلما قطع البائع رجله بعد ذلك كان قد منع ربع العبد، فبطل المسمى بذلك ربع الثمن. ثم مات العبد من القطعين جميعاً. فبطل (¬2) عن المشتري نصف الربع الباقي، وهو الثمن من جميعه، وصار عليه نصف ذلك الربع، وهو ثمن الجميع، فوجب عليه خمسة أثمان الثمن، وبطل عنه ثلاثة أثمانه. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم ونقده الثمن، ثم إن المشتري قطع يد العبد، ثم إن البائع قطع رجله بعد ذلك من خلاف، فمات العبد من ذلك كله، فإن العبد لازم للمشتري بجميع الثمن، وعلى البائع للمشتري ثلاثة أثمان قيمة العبد؛ لأن المشتري حين قطع يده صار قابضاً لجميع العبد، وصار البائع لا يقدر على منعه. فلما جنى عليه كان بمنزلة عبد لا بيع بينهما فيه حين جنى عليه. وهو ضامن لجنايته من قيمته، وجنايته عليه ثلاثة أثمان قيمته صحيحاً. ولو كان البائع هو الذي قطع يده قبل ثم إن المشتري قطع رجله بعد ذلك ثم مات منهما (¬3) جميعاً، وقد كان المشتري نقد الثمن، فإن المشتري يرجع على البائع بنصف الثمن الذي نقده، ويلزم العبد المشتري بنصف الثمن الذي نقد، ويرجع المشتري على البائع بثمن القيمة؛ لأن البائع قبل أن يقطع المشتري رجله (¬4) أبطل (¬5) من الثمن بعضه، ثم إن المشتري قطع رجله، فصار قابضاً لما بقي منه، ثم مات العبد من فعلِ يدٍ فَعَلَه البائع قبل ¬

_ (¬1) ط: بقطع. (¬2) ع: فبطع. (¬3) ف: عنهما. (¬4) م - رجله. (¬5) ف م ع: بطل. والتصحيح من ط. أي أبطل البائع بعض الثمن بقطع اليد. انظر: المبسوط، 13/ 176.

القبض ومِن (¬1) فِعل المشتري. فعلى البائع ما حدث فيه (¬2) من فعله بعد قبض المشتري له، فيكون عليه ذلك من قيمة العبد. والذي حدث بعد قبض المشتري من جناية البائع الثمن، فعليه ثمن القيمة. لا يبطل في هذا الموضع ثمن الثمن؛ لأن هذا حدث بعد قبض المشتري وبعدما صار البائع لا يقدر على منع العبد. فكل (¬3) شيء كان من جناية البائع بعد قبض المشتري العبد وقد نقد المشتري البائع الثمن فإنما على البائع فيه القيمة. وكل شيء كان من جناية البائع قبل قبض المشتري فإنه يبطل عن المشتري به من الثمن بحساب ذلك. وإذا اشترى الرجل عبداً من رجل بألف درهم فنقده الثمن أو لم ينقده حتى قطع البائع يده، ثم قبضه المشتري بإذن البائع أو بغير إذنه، فمات في يد المشتري من جناية البائع عليه، فإن الثمن يبطل عن المشتري منه نصفه (¬4)، فإن كان قبض البائع رد على المشتري نصفه. وإن (¬5) كان لم ينقد الثمن دفع المشتري (¬6) إلى البائع نصفه، وما هلك من العبد في يدي المشتري بجناية البائع، فعلى المشتري ثمنه. فلا (¬7) ضمان على البائع فيه، لأن المشتري قبضه فصار ضامناً. ولا يشبه أخذ المشتري العبد في هذا القبض بالجناية والقبض بالحدث يحدثه المشتري في العبد. كل شيء حدث من جناية البائع الأول بعدما يحدث فيه المشتري جناية، فإن كان البائع لم ينتقد الثمن بطل عن المشتري من الثمن بحساب ما استهلك البائع منه قبل قبض المشتري العبد بالحدث الذي أحدثه المشتري فيه (¬8)، بطل عن ¬

_ (¬1) ف م ع: وهي. والتصحيح من ط. (¬2) ف م - فيه؛ والزيادة من ع ط. (¬3) ع: وكل. (¬4) م + وإن كان لم ينقد الثمن دفع المشتري إلى البائع نصفه. (¬5) ع: فكان. (¬6) ع: المشتر. (¬7) ع: ولا. (¬8) ف ع: فيه المشتري.

المشتري من الثمن (¬1) بحساب ذلك. وما حدث من استهلاك البائع بعد قبض المشتري بالحدث الذي أحدثه فيه المشتري [إن كان البائع انتقد الثمن] (¬2) فعلى البائع فيه القيمة. وإذا كان القبض من المشتري بغير جناية جناها في العبد، إنما أخذ العبد أخذاً فهلك في يديه بجناية (¬3) جناها عليه البائع قبل قبض المشتري، فإن البائع لا ضمان عليه فيما هلك عند المشتري من ذلك، ولا يبطل عن المشتري (¬4) بذلك شيء من الثمن، إنما يبطل من الثمن حصة المشتري فيما (¬5) استهلك البائع من العبد قبل أن يأخذه المشتري. ألا ترى أن رجلاً لو فقأ عين عبده وقطع رجله أو قطع يده ثم غصبه إياه رجل فمات في يديه من فعل المولى كان على الغاصب قيمة العبد يوم غصبه إن كان قد مات من فعل مولاه. وإذا اشترى الرجل عبداً من رجل فلم ينقد الثمن حتى قبضه بغير أمر البائع، فقطع البائع يده في يد المشتري، ولم يأخذه حتى مات العبد من قطع اليد في يد المشتري، أو من غير ذلك، فإن كان مات من قطع اليد فقد بطل البيع ولا ضمان على المشتري في العبد ولا في ثمنه؛ لأن البائع حين قطع يده في يد المشتري ثم مات من ذلك فكأن البائع أخذه من المشتري فمات في يديه. فإن (¬6) كان العبد قد مات من غير قطع البائع بطل عن المشتري نصف الثمن بقطع البائع يده، ووجب على المشتري نصف الثمن بموت العبد في يديه. فإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم فلم ينقده الثمن حتى ¬

_ (¬1) م - من الثمن. (¬2) من ط. وهو مستفاد من المبسوط، 13/ 176. (¬3) ف - جناها في العبد إنما أخذ العبد أخذا فهلك في يديه بجناية. (¬4) ع + من ذلك ولا يبطل عن المشتري. (¬5) ف: وما؛ م ع: م. والتصحيح من ط. وهي مستفادة أيضاً من نسخة ب حيث يقول: إنما يسقط من الثمن حصة ما أتلفه البائع قبل أخذ المشتري. وانظر: المبسوط، 13/ 176. (¬6) ع: وإن.

أحدث (¬1) المشتري فيه عيباً ينقصه من الثمن شيئاً، فلم يمنعه البائع العبد بعد ذلك حتى مات العبد من غير ما أحدث المشتري، فإن أبا حنيفة كان يقول: هذا قبض من المشتري لجميع العبد، وعليه جميع الثمن. ولو كان المشتري باعه وقبضه الذي اشتراه منه بعدما أحدث المشتري فيه فإن ما أحدث (¬2) [فيه] (¬3) كان بيعه جائزاً؛ لأنه قبض، وإذا باع عبداً قد قبضه [فهو جائز] (¬4). وقال أبو حنيفة: إذا اشترى الرجل من الرجل (¬5) جارية فلم يقبضها المشتري حتى زوجها رجلاً فالنكاح جائز (¬6). فإن ماتت قبل أن يقبضها المشتري ماتت من مال البائع، ولم يكن هذا من المشتري (¬7) قبضاً. وكان ينبغي في القياس أن يكون هذا (¬8) قبضاً؛ لأنه عيب دخل الجارية. ألا ترى أنها (¬9) ترد منه. ولكن (¬10) أبا حنيفة قال: أستحسن أن لا أجعله قبضاً؛ لأنه ليس بعيب حدث في بدنها (¬11). وكان أبو حنيفة يقول: إن وطئها الزوج ثم ماتت بعد ذلك ماتت من مال المشتري، وصار على المشتري جميع الثمن نقصها (¬12) وطء الزوج أو لم ينقصها (¬13). وكذلك وطء المشتري: لو وطئها وهي ثيب (¬14) في يدي البائع ثم ماتت بعد ذلك ولم يمنعها البائع المشتري فعلى المشتري جميع الثمن. فإن كان البائع منعها المشتري بعد وطء المشتري أو الزوج إياها أوَ، لم ينقصها (¬15) الوطء شيئاً ثم ماتت فإن أبا حنيفة قال: انتقض البيع فيها، ولا شيء على المشتري من العقر ولا من ¬

_ (¬1) ع: أخذت. (¬2) ع: م أحدثه. (¬3) من ط. (¬4) من ط. وانظر: المبسوط، 13/ 177. (¬5) ع - من الرجل. (¬6) ع: جائزا. (¬7) ع + ماتت من مال البائع ولم يكن هذا من المشتري. (¬8) ف ع - هذا. (¬9) ع: أنه. (¬10) ع: وكان. (¬11) ع: في يديها. (¬12) م ع: بقبضها. (¬13) م: لم يقبضها؛ ع: لم ينقضها. (¬14) ع: بنت. (¬15) الواو من ط. وانظر: المبسوط، 13/ 178.

الثمن. فإن كانت بكراً أو كان الوطء قد نقصها فإن أبا حنيفة كان لا ينظر في هذا إلى العقر، ولكنه ينظر إلى ما نقصها الوطء، فيجعل على المشتري من الثمن حصة ذلك ويبطل ما بقي. ولو كان البائع هو الذي وطئها فلم ينقصها شيئاً أخذها المشتري بجميع الثمن، ولا عقر على البائع في ذلك في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه ينظر إلى عقرها وإلى قيمتها، فيقسم الثمن على ذلك، ويبطل عن المشتري حصة العقر من الثمن، وتكون الجارية للمشتري بما بقي من الثمن. وإن كان وطء البائع نقصها (¬1) أو كانت بكراً فإن أبا حنيفة كان لا ينظر في هذا إلى العقر، ولكنه (¬2) ينظر إلى ما نقصها الوطء، فيبطل بحصة (¬3) ذلك عن المشتري من الثمن (¬4). وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنما (¬5) ينظر إلى الأكثر من ذلك من العقر والنقصان، فيطرح عنه من الثمن حصة ذلك. وإذا اشترى الرجل عبداً من رجل بألف درهم ولم ينقده الثمن حتى قطع البائع يد العبد، ثم قطع المشتري ورَجُلٌ أجنبي رِجْلَ العبد من خلاف معاً، فمات العبد من ذلك كله، فإن المشتري قد بطل عنه من الثمن بقطع البائع اليد نصفه، ولزم المشتري ربع الثمن بقطعه (¬6) [وَ] قطع (¬7) الأجنبي رِجْلَ العبد، ثم يرجع المشتري على (¬8) الأجنبي بنصف أرش الرِّجْل، وهو ثمن العبد صحيحاً. وقد مات العبد من ذلك كله، فبطل عن المشتري من الثمن حصة ثلث ما بقي من العبد، وهو ثلثا (¬9) جميع الثمن، ويلزمه من الثمن الثمن وثلث الثمن بجنايته وجناية الأجنبي على ما بقي من العبد. ويرجع المشتري على الأجنبي أيضاً بثلثي ثمن القيمة بجنايته على النفس، فيكون على الأجنبي من قيمة العبد ثمن العبد بقطع الرجل وثلثا (¬10) ثمن ¬

_ (¬1) م: ينقصها؛ ع: بعضها. (¬2) م: ولكن. (¬3) ط: حصة. (¬4) ع - من الثمن. (¬5) م: فانها؛ ع: فانهما. (¬6) م: بقطه. (¬7) الواو من ط. (¬8) ع - المشتري على. (¬9) ع: ثلثي. (¬10) ع: وثلثي.

القيمة بما استهلك من النفس. ويكون على المشتري من ثمن العبد ثلاثة أثمان الثمن وثلث ثمن الثمن بجنايته وجناية الأجنبي. ولا يتصدق المشتري بشيء مما أخذ من الأجنبي وإن كان ما أخذ منه (¬1) أكثر من حصته من الثمن؛ لأنه إنما جنى عليه الأجنبي مع قبض المشتري إياه. ولو كان البائع والأجنبي هما اللذان قطعا اليد قبل المشتري، ثم قطع المشتري رجل العبد من خلاف، فمات العبد من ذلك كله، فإن على المشتري من الثمن بقطعه الرجل ربع الثمن، وعليه بما استهلك (¬2) من النفس ثلثا ثمن الثمن، ويكون عليه أيضاً بجناية الأجنبي على العبد ربع الثمن، وبجناية الأجنبي على النفس ثلثا ثمن الثمن، فيؤدي ذلك إلى البائع، ويرجع المشتري على الأجنبي بربع القيمة بقطعه اليد، وبثلثي ثمن القيمة بما استهلك من النفس، فيكون ذلك على عاقلة الأجنبي في ثلاث سنين كل سنة من ذلك الثلث. فإذا قبض ذلك المشتري فإن كان الذي قبض من جناية الأجنبي على اليد أكثر من ربع الثمن تصدق بالفضل على ربع الثمن؛ لأنه ربح ما لم يضمن. وإنما (¬3) كان قبضه (¬4) للعبد بجنايته عليه بعد جناية الأجنبي على اليد. وأما ما استهلك الأجنبي من النفس فإن كان فيه فضل على ما غرم المشتري من حصة ذلك من الثمن لم يكن على المشتري أن يتصدق به؛ لأنه ربح ما قد قبض وضمن. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى عبداً بألف درهم فلم يقبضه حتى قطع رجل أجنبي يده، فقبضه على ذلك ورضيه، ثم مات العبد في يدي المشتري من جناية الأجنبي عليه، فإن (¬5) على عاقلة الأجنبي جميع قيمة العبد في ثلاث سنين. فإذا أخذها المشتري فإن كان فيها فضل على الثمن تصدق بنصف ذلك الفضل (¬6)، وهو حصة اليد؛ لأنه ربح ما لم يضمن؛ لأن اليد قطعت وليس العبد في ضمانه. وأما ¬

_ (¬1) ف - منه. (¬2) م: ما استهلك. (¬3) ع: وإذا. (¬4) ع: قبضة. (¬5) ع: كان. (¬6) ف م ع: الثمن. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 13/ 182.

ما هلك في يدي المشتري فإن كان في قيمته فضل على (¬1) حصته من الثمن فهوطيب للمشتري؛ لأنه ربح ما ضمن، فصار في ملكه مضموناً. وإذا اشترى الرجل عبداً من رجل بألف درهم فلم ينقده الثمن حتى قطع المشتري والأجنبي يد العبد معاً، ثم قطع البائع بعد ذلك رجله من خلاف، ثم مات من ذلك كله، فإن المشتري بالخيار: إن شاء سلم للبائع من الثمن نصفه بقطعه وقطع الأجنبي يد العبد، ويرجع المشتري على الأجنبي بربع (¬2) القيمة، ولا يتصدق بما كان في ذلك من فضل؛ لأن جناية الأجنبي كانت مع قبض المشتري للعبد بقطعه اليد، ويرجع البائع على المشتري أيضاً بثمن الثمن وثلث ثمن الثمن باستهلاكه واستهلاك الأجنبي النفس، ويرجع المشتري على الأجنبي بثلثي (¬3) ثمن قيمة العبد، ويبطل عن (¬4) المشتري (¬5) من الثمن ثمنا (¬6) جميع الثمن وثلثا (¬7) ثمن (¬8) جميع الثمن بقطع البائع رجل العبد، واستهلاك البائع النفس بعد قطع الرجل. وإن شاء المشتري نقض البيع ولزمه من (¬9) الثمن حصة جنايته خاصة، وذلك ثمنا (¬10) جميع الثمن وثلثا (¬11) جميع ثمن (¬12) الثمن، ويرجع البائع على الأجنبي بثمني جميع قيمة العبد وثلثي ثمن جميع قيمة العبد (¬13). فإن كان في ذلك فضل عن ثمني (¬14) الثمن وثلثي ثمن الثمن (¬15) تصدق به البائع؛ لأنه ربح ما لم يكن له حين جنى عليه الأجنبي، فلا أحب له أكله. وإذا اشترى الرجل من الرجلين عبداً بألف درهم ولم ينقدهما الثمن ¬

_ (¬1) ع - على. (¬2) م: ربع. (¬3) م ع: ثلثي. (¬4) ع: على. (¬5) ع - المشتري. (¬6) ف: ثمن؛ ع: ثمني. (¬7) ع: وثلثي. (¬8) ف - ثمن. (¬9) م ع - من. (¬10) ع: ثمني. (¬11) ع: وثلثي. (¬12) ع - ثمن. (¬13) ما - وثلثي ثمن جميع قيمة العبد. (¬14) ف ع: عن ثمن. (¬15) ع - وثلثي ثمن الثمن.

حتى قطع أحد البائعين يد العبد، ثم قطع البائع الآخر رجل العبد من خلاف، ثم فقأ المشتري عيني العبد، فمات العبد من ذلك كله في يدي البائع، فإن البيع قد لزم المشتري بفقئه (¬1) العين بعد جناية البائعين. ولو (¬2) لم (¬3) يكن فقأ العين كان بالخيار: إن شاء نقض البيع، وإن شاء أخذه. فأما إذا فقأ العين بعد جناية البائعين فهذا اختيار (¬4) منه للبيع، فيكون عليه من الثمن للقاطع الأول ثمن جميع الثمن وخمسة أسداس ثمن جميع الثمن، ويكون عليه للقاطع (¬5) الثاني من الثمن على المشتري ثمنا (¬6) جميع الثمن (¬7) وخمسة أسداس ثمن جميع الثمن، ويبطل ما بقي من الثمن، ويرجع المشتري على القاطع الأول بثمني قيمة العبد وسدس ثمن قيمة العبد، فيكون ذلك على عاقلته في ثلاث سنين، ويكون على القاطع الثاني للمشتري ثمن قيمة العبد [وسدس ثمن قيمته] (¬8) على عاقلته في ثلاث سنين (¬9)، ويتصدق المشتري بما زاد ذلك كله على ما غرم من الثمن إلا سدس ثمن (¬10) قيمة العبد مما غرم (¬11) البائعان (¬12) له، فإن فضلهما على سدس ثمن الثمن يطيب له. وإذا اشترى رجلان العبد (¬13) من رجل بألف (¬14) درهم ولم ينقدا (¬15) الثمن حتى قطع أحد المشتريين (¬16) يد العبد، ثم قطع المشتري الآخر رجله ¬

_ (¬1) ع: بفقية. (¬2) ع - ولو. (¬3) ع: ولم. (¬4) ع: اختار. (¬5) ف م: القاطع. والتصحيح من ع ط؛ والكافي، 1/ 176 و. (¬6) ع: ثمني. (¬7) ف + ويكون على القاطع الثاني من الثمن على المشتري ثمنا جميع الثمن. (¬8) من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 183. وفي ط: وسدس ثمن قيمة العبد. (¬9) ف - ويكون على القاطع الثاني للمشتري ثمن قيمة العبد وسدس ثمن قيمة العبد على عاقلته في ثلاث سنين. (¬10) م - ثمن. (¬11) ف م ع: ما غرم. والتصحيح من ب ط. (¬12) ع: البائعين. (¬13) ع: العبد رجلان. (¬14) م ع: ألف. (¬15) ع: ينقد. (¬16) ع: المشترين.

من خلاف، فمات من ذلك كله، فإن البيع يلزم المشتريين (¬1) جميعاً بالثمن كله، ويرجع القاطع الثاني على القاطع الأول بثمني قيمة العبد ونصف ثمن قيمة العبد، ويرجع القاطع الأول على القاطع الثاني بثمن قيمة العبد ونصف ثمن قيمة العبد (¬2)، فيكون ذلك على عاقلة (¬3) كل واحد منهما لصاحبه في ثلاث سنين. فإن كان البائع فقأ عينه بعد قطع المشتريين جميعاً اليد والرجل فمات من ذلك كله فإن المشتريين بالخيار: إن شاءا نقضا البيع، وكان للبائع على القاطع الأول ثمنا (¬4) الثمن وسدس ثمن الثمن (¬5)، ويكون على القاطع الثاني من الثمن ثمن الثمن وسدس ثمن الثمن، ويرجع البائع أيضاً على القاطع الأول بثمني القيمة وسدس ثمن القيمة، ويرجع البائع على القاطع الثاني بثمن القيمة وسدس ثمن القيمة، ويبطل من جناية البائع على العبد ثمن الثمن وثلث ثمن الثمن. فإن اختار المشتري أخذ العبد كان على كل واحد من المشتريين ثلاثة أثمان الثمن وثلث ثمن الثمن، ويبطل عنهما (¬6) من الثمن ثمن الثمن وثلث ثمن الثمن بجناية البائع على العبد، ويرجع القاطع الثاني على القاطع (¬7) الأول بثمني جميع القيمة وسدس ثمن القيمة، ويرجع القاطع الأول على القاطع الثاني بثمن جميع القيمة (¬8) وسدس ثمن جميع (¬9) القيمة، فيكون ذلك على عاقلة كل واحد منهما في ثلاث سنين. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم ولم ينقده الثمن حتى ¬

_ (¬1) ع: المشترين. (¬2) ح - ويرجع القاطع الأول على القاطع الثاني بثمن قيمة العبد ونصف ثمن قيمة العبد. (¬3) ح: على عاقلته. (¬4) ف م: ثمن؛ ع: ثمني. والتصحيح من ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 184. وفي ب: ربع الثمن. وهو صحيح أيضاً. (¬5) ع - الثمن. (¬6) ع: عنها. (¬7) ع: على القا. (¬8) ع - وسدس ثمن القيمة ويرجع القاطع الأول على القاطع الثاني بثمن جميع القيمة. (¬9) ف - جميع.

قطع البائع يد العبد، ثم قطع المشتري بعد ذلك اليد الأخرى، أو قطع الرجل التي في جانب اليد المقطوعة، فمات العبد من ذلك كله، فإن المشتري يبطل عنه نصف الثمن بقطع البائع يد العبد، ثم ينظر إلى ما نقص العبد من جناية المشتري عليه في قطع يده أو رجله. وهذا لا يشبه قطع الرجل من خلاف؛ لأن هذا استهلاك للعبد، فنقصانه أكثر من نقصان قطع الرجل من خلاف (¬1). فينظر إلى ما نقص العبد من جناية المشتري عليه، فإن كان نقصه أربعة أخماس ما بقي كان عليه أربعة أخماس نصف الثمن، وقد تلف (¬2) الخمس الباقي، وهو عشر جميع العبد من فعلهما (¬3) جميعاً، فعلى المشتري بجنايته على ذلك نصف ذلك العشر، فيكون عليه أربعة أعشار الثمن ونصف عشر الثمن، ويبطل عنه خمسة أعشار الثمن ونصف عشر الثمن. وعلى هذا جميع ما وصفت لك في هذا الوجه. وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم ولم ينقده الثمن حتى قطع المشتري يد العبد، ثم قطع البائع رجل العبد من خلاف، ثم مات العبد من غير ذلك ولم يحدث البائع للمشتري منعاً، فإن على المشتري ثلاثة أرباع الثمن؛ لأن المشتري حين قطع اليد قبل البائع وجب عليه نصف الثمن بقطع اليد، فكان بقطعه اليد قابضاً لما بقي من العبد. فلما قطع البائع رجله بعد ذلك كان قابضاً حصة (¬4) الرجل خاصة بذلك الربع من جميع العبد، فبطل عن المشتري ربع الثمن بذلك، وصار المشتري (¬5) على قبضه الأول فيما بقي من العبد؛ لأن البائع لم يحدث له منعاً فيما بقي من العبد، فإذا مات العبد من غير فعل البائع والمشتري فإنما مات في ضمان المشتري وقبضه، فعليه ثمن ما بقي من العبد، وهو ربع جميع الثمن، فوجب عليه ¬

_ (¬1) ع - لأن هذا استهلاك للعبد فنقصانه أكثر من نقصان قطع الرجل من خلاف. (¬2) ف م: فاتت (مهملة)؛ ع: مات؛ ط: فات. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 13/ 185. (¬3) ع: من فعلها. (¬4) م ع: بحصة. (¬5) ع: المشتر.

باب بيع الرجل العبد أو الأمة فيزيد قبل القبض أو يثقص أو تلد ولدا فيموت ولدها أو يحدث به عيب

بذلك وباليد التي قطعها (¬1) ثلاثة أرباع الثمن. ولو كان العبد حياً لم يمت وقد برأ من القطعين جميعاً فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذ ما بقي من العبد [وأعطاه ثلاثة أرباع الثمن، وإن شاء تركه] (¬2) وأعطاه نصف الثمن بقطعه اليد. ولو كان البائع منع العبد بعد قطعه الرجل وأراد المشتري أخذه بثلاثة أرباع الثمن، فمنعه البائع إياه حتى يعطيه الثمن، فمات في يده من غير جناية، فليس على المشتري من الثمن إلا نصف الثمن (¬3) بقطعه اليد خاصة؛ لأن البائع منعه لِمَا (¬4) بقي من العبد، فنقض قبض المشتري له. ولا يشبه منع البائع ما بقي من العبد الجناية عليه إذا جنى عليه بعد قبض المشتري. وإنما (¬5) يكون مانعاً بجنايته لما استهلك من العبد بتلك الجناية خاصة، ولا يكون قابضاً لما بقي. وإذا منع ذلك وقد طلبه المشتري منه فهذا منع قد نقض قبض المبيع، فإن هلك في يد البائع بعد ذلك هلك ما بقي من مال البائع. ... باب بيع (¬6) الرجل العبد أو الأمة فيزيد قبل القبض أو يثقص أو تلد (¬7) ولداً فيموت ولدها أو يحدث به عيب وإذا اشترى الرجل من الرجل جارية بألف درهم وقيمتها ألف درهم، فولدت ولداً عند البائع ابنة تساوي (¬8) ألفاً، ونقصت الولادة الأم، فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذهما جميعاً (¬9) بجميع الثمن، وإن شاء تركهما. فإن ¬

_ (¬1) ف م: قطعهما. (¬2) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. وقريب منها في نسخة ب. وهي مع شرحها في المبسوط، 13/ 185. (¬3) ف م - إلا نصف الثمن؛ والزيادة من ع ب ط؛ والكافي، الموضع السابق. (¬4) ط: فيما. (¬5) ف ع: فإنما. (¬6) ف م: منع. (¬7) ع: أتلد. (¬8) ع: يساوي. (¬9) ف - جميعاً.

اختار أخذهما فلم يأخذهما حتى ولدت الابنة ابنة (¬1) تساوي ألفاً وقد نقصها (¬2) الولادة فإن المشتري أيضاً بالخيار: إن شاء أخذهم بجميع الثمن، وإن شاء ترك. فإن زادت الوسطى حتى صارت تساوي ألفين فقبضهن جميعاً والوسطى تساوي ألفين والأخرى تساوي ألفاً (¬3) والأم قد نقصت قيمتها فهي تساوي خمسمائة، فوجد بالأم عيباً بعدما قبضهن جميعاً، فإنه يرد الأم بربع الثمن، ولا يلتفت إلى نقصانها، إنما ينظر إلى قيمتها يوم وقع البيع. فإن لم يكن وجد بالأم عيباً ولكنه وجد بالثانية عيباً فإنه يردها بنصف الثمن؛ لأن قيمتها يوم قبضها ألفا درهم، ولا ينظر إلى ما كانت قيمتها قبل ذلك. فإن لم يجد بالثانية عيباً ولكنه وجد بالآخرة عيباً فإنه يردها بربع الثمن؛ لأن قيمتها يوم قبضها ألف درهم. ووجه هذا الباب في الرد بالعيب أنك تنظر إلى قيمة الأم يوم وقع عليها البيع، ولا تنظر (¬4) إلى زيادة كانت بعد ذلك ولا إلى نقصان، وتنظر (¬5) إلى قيمة ما ولدت (¬6) من الولد بعد البيع يوم يقبض (¬7) المشتري، ولا ينظر إلى زيادة كانت قبل ذلك ولا إلى نقصان. وكذلك ولد ولدها. فإذا وجد المشتري بشيء من (¬8) ذلك (¬9) عيباً بعدما قبضه قسم الثمن على قيمة التي اشتريت يوم وقع البيع وعلى قيمة الولد يوم قبض المشتري ولا عيب فيه. وإذا اشترى الرجل أمتين بألف درهم، قيمة إحداهما (¬10) خمسمائة، وقيمة الأخرى ألف درهم، فولدت كل واحدة منهما ولداً يساوي ألفاً، ثم اعورت الأم التي تساوي ألفاً، فاختار المشتري أخذ ذلك كله بالثمن، فقبض ذلك كله ودفع الثمن، ثم وجد بالعوراء عيباً وقيمتها خمسمائة، فإنه يردها بثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث؛ لأنها وابنتها بثلثي الثمن، وقيمة ابنتها ألف ¬

_ (¬1) ف: ابنا. (¬2) ط: نقصتها. (¬3) ع: ألف. (¬4) ع: ينظر. (¬5) ع: وينظر. (¬6) م ع: ما وليت (مهملة). (¬7) ف م ع: ثم يقبض. والتصحيح من ب ط؛ والكافي، الموضع السابق. (¬8) م - بشيء من. (¬9) م: بذلك. (¬10) ف م: أحدهما.

درهم يوم قبضها المشتري، وقيمة الأم يوم وقع البيع ألف درهم، فحصتها من الثمن النصف من الثلثين، وهو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون (¬1) وثلث. فإن لم يجد بالعوراء عيباً ولكنه وجد بالأم الأخرى عيباً فإنه يردها بمائة وأحد عشر درهماً (¬2) وتسع درهم؛ لأن حصتها وحصة ابنتها من الثمن الثلث، وهو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون (¬3) وثلث، وقيمة ابنتها يوم قبضها المشتري ألف درهم، وقيمة الأم يوم وقع عليها البيع خمسمائة، وإذا قسمت ثلث الثمن على قيمتها صارت حصة الأم من ذلك الثلث، وهو مائة وأحد عشر درهماً وتسع درهم. وإذا اشترى الرجل من الرجل شاة بثلاثين درهماً (¬4) فولدت قبل القبض فأراد المشتري ردها فليس له ذلك؛ لأن هذا ليس نقصاناً (¬5) في الشاة كما تكون (¬6) الولادة نقصاناً (¬7) في الخادم. وكذلك كل شيء كانت ولادته لا تنقصه (¬8) فإن المشتري يجبر على أخذها ولا خيار له في ذلك. فإن رأى بهما عيباً قبل القبض فهو بالخيار: إن شاء أخذهما جميعاً بجميع الثمن، وإن شاء تركهما، وليس له أن يأخذ أحدهما دون صاحبه. فلو لم يجد بالأم عيباً ولكنه وجد بالولد عيباً فلا خيار له، والولد والأم لازمان له بجميع الثمن. وكذلك لو مات الولد قبل القبض أخذ الأم بجميع الثمن، ولا خيار له فيها. فإن كان البائع هو الذي قتل الولد قسم الثمن على قيمة الأم يوم وقع البيع عليها، ولا ينظر في ذلك (¬9) إلى زيادة القيمة ولا إلى نقصانها، وينظر إلى قيمة الولد يوم قتله البائع، فيقسم الثمن ¬

_ (¬1) ع: وثلثين. (¬2) ع: درهم. (¬3) م ع: وثلثين. (¬4) ف - وتسع درهم وإذا اشترى الرجل من الرجل شاة بثلاثين درهما؛ ط - بثلاثين درهما. (¬5) م: بنقصان؛ ع: نقصان. (¬6) ع: يكون. (¬7) ع: نقصان. (¬8) ع: لا ينقصه. (¬9) م - في ذلك.

على ذلك، فما أصاب الولد من الثمن ألقي عن المشتري (¬1) وأخذ الأم بما بقي. وقال أبو يوسف ومحمد في هذا: إن له الخيار في الأم؛ لأن البائع قد استهلك بعض ما وقع عليه البيع؛ لأنه يقول: إذا قتل (¬2) الولد صارت له حصة من الثمن، فإذا صارت له حصة من الثمن فكأن البيع وقع عليهما (¬3). وإذا قبضهما (¬4) المشتري جميعاً ثم وجد بالأم عيباً ردها بحصتها من الثمن، ولا يكون له أن يرد الولد. فإن لم يجد بالأم عيباً (¬5) ولكنه وجد بالولد عيباً (¬6) رده بحصته من الثمن. ولا يشبه القبض في هذا غير القبض. إذا قبضهما جميعاً صار (¬7) كأن البيع وقع عليهما جميعاً. ألا ترى أنه يرد (¬8) الأم بحصتها من الثمن إذا وجد بها العيب دون الولد، ولا يكون له أن يرد الولد، فكذلك (¬9) الولد أيضاً هو بمثل حال الأم. فإن لم يقبضهما (¬10) حتى وجد بالولد عيباً لم يكن له أن يردهما بذلك؛ لأن الولد لم يكن له حصة من الثمن حتى يقبض. ألا ترى أنه إنما يقسم الثمن على قيمة الولد يوم يقبض (¬11) المشتري. وإذا اشترى الرجل جارية بألف درهم بإحدى عينيها (¬12) بياض ¬

_ (¬1) ف م ع: على المشتري. وفي ط؛ والكافي، 1/ 176 ظ؛ والمبسوط، 13/ 188: بطل عن المشتري. (¬2) ع + البائع. (¬3) م ع: عليها. (¬4) ف م ع: قبضها. والتصحيح من ط. (¬5) ف + رده بحصتها من الثمن ولا يكون له أن يرد الولد فإن لم يجد بالأم عيبا. (¬6) ع - ردها بحصتها من الثمن ولا يكون له أن يرد الولد فإن لم يجد بالأم عيبا ولكنه وجد بالولد عيبا. (¬7) ع: صان. (¬8) م: أنه لو رد. (¬9) ف: فلذلك. (¬10) ف م ع: لم يقبضها. والتصحيح من ط. (¬11) ف م ع: ثم يقبض. والتصحيح من ب جار ط. (¬12) ع: عينها.

وقيمتها ألف درهم فولدت ولداً يساوي ألف درهم (¬1)، ثم ذهب البياض الذي بعينها فصارت تساوي ألفين، ثم إن البائع ضرب العين التي كانت في الأصل صحيحة فابيضت، فرجعت إلى قيمتها الأولى فصارت تساوي ألفاً، وبياض العين ينقصها أربعة أخماس القيمة الأولى، فإني لست ألتفت إلى زيادة، ولكن أنظر كم ينقصها البياض لو كان بياض العين الأول على حاله، فإن كان ينقصها أربعة أخماس قيمتها الأولى وذلك ثمانمائة فإن المشتري بالخيار: إن شاء أخذهما بستة (¬2) أعشار الثمن، وإن شاء تركهما. فإن اختار أخذهما فقبضهما ثم وجد بالأم عيباً فإنه يردها بسدس ما أخذهما به، وذلك عشر الثمن كله. ولو لم يجد بالأم عيباً ولكنه وجد بالولد رده بخمسة أسداس ما أخذهما به. ولو لم يكن البائع ضرب العين الصحيحة ولكنه ضرب العين التي كان بها البياض بعدما ذهب البياض، فعاد البياض إلى حاله الأولى، فإن المشتري في قول أبي يوسف ومحمد بالخيار: إن شاء أخذهما بثلثي الثمن، وإن شاء تركهما. فإن أخذهما بثلثي الثمن فوجد بالأم عيباً بعد القبض ردها (¬3) بنصف ما أخذهما به. ولو كان وجد بالولد (¬4) عيباً فكذلك أيضاً. وإنما يأخذهما بثلثي الثمن لأن ذهاب بياض العين زيادة فيها لها (¬5) قيمة، فلما جنى على تلك الزيادة (¬6) وجب فيها (¬7) أرش، فصار بمنزلة ولد ولدته فجنى عليه. وإذا كان إنما جنى على العين الصحيحة التي كانت في الأصل كذلك فإني لمست أعتد بهذه الزيادة في بدنها، ولا تكون (¬8) بمنزلة الولد؛ لأنها ليست تزايل الأم (¬9)، فهي وإن كانت قيمتها مائة ألف فكأنها ألف. ألا ترى أنها مضمونة بذلك، وأن الرجل إذا رهن (¬10) جارية بألف ¬

_ (¬1) ع - درهم. (¬2) ع: ستة. (¬3) ف: رد. (¬4) ف: بالوجد ولد. (¬5) م ع: له. (¬6) ف م: زيادة. (¬7) ع: فيه. (¬8) ع: في يديها ولا يكون؛ ع + في. (¬9) ف م: للأم؛ ع: بزايل للأم؛ ط: مزايلة للأم. (¬10) ف: إذا ارتهن.

تساوي ألفاً (¬1) [فولدت ولداً قيمته ألف] (¬2) ثم ماتت الأم أنها تموت بالنصف؛ لأن الأم كانت (¬3) ألفاً (¬4). والزيادة إذا جنى عليها وأخذ أرشها فكأنه [276/ 1 و] ولد ولدته، وما كان في رقبتها وبدنها فكأنه لم يكن قط، ولا يشبه المزايل الذي قد زال عنها ما كان فيها. وإذا اشترى الرجل من الرجل جارية بألف درهم قيمتها ألف درهم وإحدى عينيها بيضاء، فذهب البياض فصارت تساوي ألفين، ثم إن عبداً لرجل أجنبي ضرب تلك العين فعاد البياض كما كان، فإن مولى العبد بخير: فإن شاء دفع العبد، وإن شاء فدى بألف درهم بأرش العين. فإن دفع العبد وقيمته خمسمائة فأخذهما المشتري جميعاً بجميع الثمن ثم إنه وجد بالعبد عيباً فإنه يرده (¬5) بثلث الثمن؛ لأن قيمته خمسمائة يوم قبضه المشتري، وقيمة الجارية (¬6) يوم وقع عليها البيع ألف درهم، فإنه يقسم الثمن على قيمة ذلك. وإن كان المشتري إنما وجد العيب بالجارية ردها بثلثي الثمن. فإن كان المشتري لم يقبض العبد حتى زاد في يدي البائع فصار يساوي ألف درهم فقبضهما (¬7) المشتري ثم وجد بأحدهما (¬8) عيباً فإنه يرده (¬9) بنصف الثمن. وإذا اشترى الرجل جارية بألف تساوي ألفاً ففقأ البائع عينها ثم إنها ولدت بعد الفقء ولداً يساوي ألفاً فإن المشتري بالخيار: إن شاء أخذهما بنصف الثمن، وإن شاء تركهما. فإن كان (¬10) الفقء بعد الولادة فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذهما بثلاثة أرباع الثمن، وإن شاء تركهما. ولا يشبه الفقء قبل الولادة الفقء (¬11) بعدها؛ لأنه إذا فقأ العين قبل الولادة بطلت ¬

_ (¬1) م ع: ألف. (¬2) الزيادة من ب جار. وزاد في ط: ثم ولدت ولدا يساوي ألفا. (¬3) ع: كأنها. (¬4) م ع: ألف. (¬5) ع: يرد. (¬6) ف: الجاية. (¬7) ف م ع: فقبضها. والتصحيح من ط. (¬8) ع: بإحداهما. (¬9) ع: يرد. (¬10) ف م: كانت. (¬11) ع: بالفقا.

حصتها من الثمن، فلا تعود (¬1) فيه أبداً. وإذا كان الفقء بعد الولادة فالولد يذهب من الثمن بحساب ذلك. ولا يشبه البيع في هذا الرهن؛ لأن البيع قد بطل فيه بعض الثمن، فكأنه اشترى شيئاً فمات، فبطل عنه وبطل البيع فيه، وفي (¬2) الرهن (¬3) إنما ذهب من مال الراهن خمسمائة، فبطل حصتها (¬4) من الدين. فإن (¬5) كانت ولدت ولداً يساوي ألفاً بعد ذلك أو قبله فهو سواء، ويبطل من الدين مقدار خمسمائة (¬6) في (¬7) قيمة الأم وقيمة ولدها يوم يقبض (¬8). وإذا اشترى الرجل جارية بألف درهم وهي تساوي ألف درهم، بيضاء إحدى العينين، ففقأ البائع العين الباقية فصارت تساوي مائتي درهم، فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذها (¬9) بمائتي درهم، وإن شاء تركها (¬10). فإن لم يخترها (¬11) ولم يأخذها حتى ذهب بياض عينها الأولى فصارت تساوي ألفاً فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذها بمائتي درهم، وإن شاء تركها (¬12)؛ لأن ذهاب بياض عينها إنما هو بمنزلة الزيادة في بدنها. وكذلك لو كان بياض عينها ذهب قبل أن يفقأ البائع عينها الأخرى فصارت تساوي ألفي درهم، ثم إن البائع فقأ عينها التي كانت صحيحة قبل الدفع (¬13) فنقصها ¬

_ (¬1) م ع: فلا يعود. (¬2) م ع - وفي. (¬3) م ع: والرهن. (¬4) ف م ع: حصتهما. والتصحيح من ب جار ط. (¬5) ع: وإن. (¬6) م: خمس؛ م ع + فان. (¬7) ف - في. (¬8) ف م ع + وقيمة ولدها. والتصحيح من ط. (¬9) ع: أخذهما. (¬10) ع: تركهما. (¬11) ع: لم يحبرها. (¬12) ف + فإن لم يخترها ولم يأخذها حتى ذهب بياض عينها الأولى فصارت تساوي ألفا فالمشتري بالخيار إن شاء أخذها بمائتي درهم وإن شاء تركها. (¬13) قال شحاتة: كذا، ولا يظهر معنى "الدفع" هاهنا، والمقصود أنها كانت صحيحة قبل ذلك أي يوم وقع البيع. انظر: الأصل (شحاتة)، 321. وليس كلامه بسديد. وعبارة=

ذلك نصف قيمتها اليوم، وهو ألف درهم. ولو كان بياض العين على حالها نقصها فقء العين أربعة أخماس قيمتها فإنه إنما ينظر إلى نقصان فقء العين في قيمتها الأولى، ولا ينظر إلى نقصانها في هذه القيمة، فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذها بخمس الثمن وهو مائتا (¬1) درهم، وإن شاء تركها. وإذا اشترى الرجل جارية بألف درهم تساوي ألفاً، وهي (¬2) بيضاء إحدى العينين، ففقأ البائع عينها (¬3) الباقية، فصارت تساوي مائتي درهم، ثم إن البياض الأول ذهب من عينها فصارت تساوي ألفاً، ثم إن عبداً لرجل أجنبي ضرب العين التي برأت (¬4)، فعاد البياض إلى حاله، فإن (¬5) مولى العبد بالخيار: إن شاء دفع العبد بجنايته إلى البائع، وإن (¬6) شاء فداه بثمانمائة درهم. فإن دفعه إلى البائع وقيمته خمسمائة فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذهما جميعاً بمائتي درهم، وإن شاء تركهما. فإن اختار أخذهما جميعاً فقبضهما ثم وجد بالجارية عيباً ردها بسبعي الثمن الذي نقد، وهو مائتا (¬7) درهم. وإن لم يجد بها عيباً ولكنه وجد بالعبد عيباً رد (¬8) بخمسة أسباع الثمن. ولو كان البائع لم يفقأ عين الجارية حتى ذهب بياض عينها فصارت تساوي (¬9) ألفي درهم، ثم إن عبداً لرجل (¬10) ضرب العين التي برأت (¬11) فعادت إلى حالها، ثم إن البائع فقأ العين الثانية فصارت تساوي مائتي درهم، فإن مولى العبد بالخيار: إن شاء دفع العبد، وإن شاء أخذه بألف درهم. فإذا دفع العبد وقيمته خمسمائة درهم إلى البائع فالمشتري ¬

_ = الحاكم: وإن لم يأخذها حتى ذهب بياض عينها الأولى وصارت تساوي ألفاً فالمشتري على خياره. انظر: الكافي، الموضع السابق. فالمقصود هو "قبل الدفع إلى المشتري". وانظر: المبسوط، 190/ 13 - 191. (¬1) ع: مائتي. (¬2) ع: وهو. (¬3) ف - عينها. (¬4) ع: براة. (¬5) ف: لأن. (¬6) ف: فإن. (¬7) ع: مائتي. (¬8) ع: رده. (¬9) ف م: فصار يساوي. (¬10) ع: عبد الرجل. (¬11) ع: براة.

باب قبض المبيع أمر البائع أو بغير أمره وقد قبض البائع الثمن أو لم يقبض

بالخيار: إن شاء أخذهما جميعاً، وإن شاء تركهما. فإن أخذهما (¬1) فإن عليه من الثمن خمسي (¬2) الثمن وثلث خمس الثمن (¬3)، وبطل عنه بفقء البائع عين الجارية خمسا (¬4) الثمن وثلثا (¬5) خمس الثمن؛ لأن العبد زيادة بمنزلة الولادة، فكأنها ولدت ولداً (¬6) يساوي خمسمائة وقيمتها ألف درهم، ففقأ البائع عينها الصحيحة، فنقصها ذلك ثمانمائة درهم، فالمشتري بالخيار: إن شاء أخذهما وولدهما (¬7) بخمسي (¬8) الثمن وثلث خمس الثمن، وإن شاء تركهما. ... باب قبض المبيع أمر البائع أو بغير أمره وقد قبض البائع الثمن أو لم يقبض وإذا اشترى الرجل من الرجل عبداً بألف درهم حالة فليس للمشتري أن يقبض العبد حتى يعطي الثمن. فإذا أعطاه الثمن فله أن يقبض العبد. فإن لم يقبض العبد حتى وجد البائع الدراهم التي قبض زُيُوفاً (¬9) أو ¬

_ (¬1) ع - فإن أخذهما. (¬2) ف م ع: خمس. والتصحيح من ب ط؛ والمبسوط، 3/ 191. (¬3) ف م - وثلث خمس الثمن؛ والزيادة من ع ب ط؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 13/ 191. (¬4) ف م ع: خمس. والتصحيح من ط؛ والمبسوط، 13/ 191. (¬5) ع: وثلثي. (¬6) ط: ولذا. (¬7) قال شحاتة: الظاهر أن هذه الكلمة زائدة هنا، إذ ليس في المسألة ولد. انظر: الأصل (شحاتة)، 323. هذا مع أن الولد مذكور في المسألة قبل سطر فقط. لكن "ولداً" محرفة عنده إلى "ولذا". (¬8) ف م ع: بخمس. والتصحيح من ب ط. (¬9) زَافَتْ عليه دراهمُه أي صارت مردودة عليه لِغِشِّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف=

نَبَهْرَجَة (¬1) أو سَتُّوقاً (¬2) أو رصاصاً أو استحقت من يده فإن للبائع أن يمنع المشتري من قبض العبد حتى يعطيه مكان ذلك دراهم (¬3) جياداً (¬4) مثل شرطه. وكذلك لو وجد بعض الثمن على ما وصفت لك كان له أن يمنع المشتري حتى يعطيه مكان الذي وجد جياداً (¬5) على شرطه وإن (¬6) كان ذلك درهماً واحداً. فإن لم يجد في الثمن شيئاً مما وصفت لك حتى قبض المشتري العبد من البائع بإذنه، ثم إن البائع وجد الثمن أو بعضه على ما وصفت لك، فإن كان وجد في ذلك سَتُّوقاً أو رصاصاً أو استحق (¬7) من يده جاز له أن يأخذ (¬8) العبد حتى يدفع (¬9) إليه المشتري مكان الذي وجد من ذلك جياداً على شرطه وإن كان الذي وجد من ذلك قليلاً أو كثيراً. ¬

_ = ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزُّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: ثم الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬1) ع: أو بهمرجة. النَّبَهْرَج والبَهْرَج الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَه وقيل: المُبْطَل السِّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج". (¬2) قال المطرزي: السَّتُوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬3) م - دراهم. (¬4) ع: جياد. (¬5) ع: جياد. (¬6) ف م ع: فإن. والتصحيح من ط؛ والكافي، 1/ 177 و. (¬7) ف + يد. (¬8) ع: أن يأخذه. (¬9) ع: حين دفع.

فإن كان وجد (¬1) الثمن أو بعضه زُيوفاً أو نَبَهْرَجَةً (¬2) استبدلها من المشتري، ولم يكن له أن يرجع العبد (¬3) فيكون عنده حتى يقبض الثمن؛ لأن البائع في هذا الوجه قد قبض الثمن؛ لأن النَّبَهْرَجَة والزُّيوف دراهم، وقبضه إلا أن فيها عيباً. وأما السَّتُّوقَة والرصاص فليست دراهم (¬4)، فكأنه لم يقبض منه شيئأ، فكان (¬5) له (¬6) أن يرجع من عنده حتى يوفيه الثمن. فكذلك (¬7) الذي استحق من يديه (¬8). فإن لم يقبض البائع من المشتري العبد ولم يجد في الثمن شيئاً مما ذكرت لك حتى باع المشتري العبد من آخر فقبضه أو لم يقبضه، أو وهبه لرجل فقبضه منه، أو رهنه من رجل بمال له عليه وقبضه المرتهن، أو أجره، ثم إن البائع وجد في الثمن شيئاً مما ذكرت لك، فإن جميع ما صنع المشتري الأول من ذلك جائز، لا يقدر البائع على رده. وليس للبائع على العبد سبيل؛ لأن المشتري قبضه بإذن البائع، وأخرجه من ملكه على ذلك الإذن الذي كان من البائع. فلا سبيل للبائع على العبد بعد إذنه للمشتري في قبضه إذا أخرجه المشتري من ملكه؛ إذ أوجب للمشتري فيه حقاً حتى لا يستطيع رده. ولكن البائع يرجع على المشتري بجميع ما وجد في الثمن مما ذكرت لك حتى يستوفي، وأما العبد فلا سبيل له عليه. ولو أن البائع لم يكن دفع العبد إلى المشتري وقد قبض الثمن، فأخذ المشتري العبد بغير إذن البائع، ثم إن البائع وجد الثمن الذي قبضه أو بعضه نَبَهْرَجَةً أو سَتُّوقاً أو رصاصاً أو زُيوفاً أو استحق (¬9) من يديه، ¬

_ (¬1) ع - من ذلك جيادا على شرطه وإن كان الذي وجد من ذلك قليلاً أو كثيراً فإن كان وجد. (¬2) ع: أو بهرجة. (¬3) ع: بالعبد. (¬4) ع: بدراهم. (¬5) ف ع - فكان. (¬6) ف ع: فله. (¬7) ط: وكذلك. (¬8) ع: من يده. (¬9) ف م ع: أو استحقت. والتصحيح من ط.

فإن للبائع في جميع ذلك أن يرجع فيأخذ العبد منه فيحبسه (¬1) حتى يوفيه المشتري جميع الثمن على ما شرط له. وكذلك لو أن المشتري حين قبضه بغير إذن البائع باعه أو وهبه أو أجره أو رهنه كان للبائع أن ينقض ذلك كله، ويرد العبد حتى يوفيه المشتري الثمن (¬2). ولا يشبه الإذن في القبض غير الإذن؛ لأنه إذا أذن له في قبضه فقد سلطه على بيعه وعلى ما أحدث فيه من شيء. فإذا قبض المشتري بغير إذن البائع لم يكن قبضه ذلك قبضاً إلا أن يكون الثمن الذي نقد المشتري البائع جياداً على شرطه. ولو أن المشتري قبض العبد في جميع ما ذكرنا بغير إذن البائع ثم إن البائع علم بقبضه وسلم ذلك ورضي فهو مثل إذنه في القبض في جميع ما ذكرنا. ولو أن رجلاً له على رجل ألف درهم فرهنه بها عبداً يساوي ألفاً وقبضه المرتهن، ثم إن الراهن قضى المرتهن دراهمه، ولم يقبض الراهن الرهن (¬3) حتى وجد المرتهن الدراهم أو بعضها زُيوفاً أو نَبَهْرَجَةً أو سَتُّوقَةً أو رصاصاً أو استحقت من يديه، فإن للمرتهن أن يمنعه الرهن حتى يستوفي حقه ما كان عليه. وكذلك لو كان الراهن قد قبض الرهن بإذن المرتهن أو بغير إذنه، ثم وجد المرتهن شيئاً من الدراهم على بعض ما ذكرت لك، فله أن يرجع في الرهن، يعيده (¬4) رهناً كما كان حتى يوفيه حقه في جميع ذلك. ولا يشبه هذا البيع؛ لأن الرهن إنما قبضه الراهن على أنه قد أوفاه، فإذا وجد الدراهم زُيوفاً أو نَبَهْرَجَةً أو غير ذلك فإنه لم يوفه (¬5)، فله أن يرجع في الرهن حتى يستوفي. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى من رجل عبداً فأذن البائع ¬

_ (¬1) ف م ع ط: من المسمى. وقال المحقق شحاتة: كذا في الأصلين، والمفهوم أنه المشتري. والتصحيح مستفاد من ب جار. وانظر: المبسوط، 13/ 194. (¬2) ف - الثمن. (¬3) ع - الرهن. (¬4) ع: فيعيده. (¬5) ع: لم يوفيه.

للمشتري في قبضه عارية منه له فقبضه (¬1) المشتري على أنه عارية لم يكن للبائع أن يأخذه بعد ذلك، وكان ذلك إذناً في قبضه على كل وجه، وكان مثل قوله: قد أذنت لك في قبضه (¬2). ألا ترى أن العبد إذا اشتراه ثم أذن له في قبضه قبل أن يقبض منه الثمن فقبضه أنه لا يكون له أن يرده فيمنعه (¬3) حتى يعطيه الثمن. والرهن ليس كذلك، إذا أذن له في قبضه فله أن يعيده إذا بدا له. ولو كان العبد رهناً في يدي رجل فأذن للراهن في قبضه عارية منه كان جائزاً، وكان للمرتهن أن يرجع في الرهن حتى يعيده على حاله. فهذا فرق ما بين الرهن والشرى في الزُّيوف. ولو كان الراهن قبض (¬4) العبد وقد كان المرتهن انتقد الدراهم [وَ] كان (¬5) قبضه إياه بإذن المرتهن، ثم إن الراهن باع العبد أو وهبه وقبضه الموهوب له أو رهنه وقبض المرتهن، ثم إن المرتهن الأول وجد الثمن أو بعضه على ما وصفنا، فإن جميع ما صنع الراهن من ذلك جائز (¬6) لا يرد منه شيء. ولكن الراهن ضامن لقيمة (¬7) العبد الرهن يكون رهناً مكان (¬8) العبد في يدي المرتهن الأول حتى يوفيه حقه. ولو كان قبض الراهن بغير إذن المرتهن ثم أحدث فيه الراهن بعض ما ذكرنا، ثم وجد المرتهن المال الذي قبض أو بعضه على ما ذكرنا، كان للمرتهن (¬9) أن يرد ذلك كله حتى يعيده رهناً على حاله. وإذا اشترى الرجل عبداً بألف درهم فلم (¬10) يقبضه حتى وكل ¬

_ (¬1) ف: يقبضه. (¬2) ف + ألا ترى أن رجلاً لو اشترى من رجل عبدا فأذن البائع للمشتري في قبضه عارية منه له فقبضه المشتري على أنه عارية لم يكن للبائع أن يأخذه بعد ذلك وكان ذلك إذنا في قبضه على كل وجه وكان مثل قوله قد أذنت لك في قبضه. (¬3) ع: فمنعه. (¬4) م + قبض. (¬5) الواو من ط. (¬6) ع: جائزا. (¬7) ع: لقيمته. (¬8) ع: فكان. (¬9) ع: المرتهن. (¬10) م: فسلم.

رجلاً (¬1) يقبضه، فقبضه الوكيل بغير إذن البائع ولم ينتقد (¬2) البائع، ثم إن العبد هلك في يدي (¬3) الوكيل، فللبائع أن يضمن الوكيل قيمة العبد، فيكون في يديه حتى يعطيه المشتري الثمن. فإذا أعطاه المشتري الثمن رجعت القيمة إلى الوكيل. ولو تَوِيَت القيمة عند البائع لم يكن للبائع في القيمة ضمان واتبع الوكيل المشتري بالقيمة؛ لأنه أمره بقبض العبد. ولو كان المشتري هو الذي قبض العبد بغير أمر البائع فمات في يديه (¬4) لم يكن له على المشتري ضمان في القيمة، إنما عليه الثمن. ولا يشبه المشتري في هذا وكيله؛ لأن ضمان الثمن على المشتري، فلا يجتمع عليه ضمان القيمة والثمن. فأما الوكيل فلا ضمان عليه في الثمن، وقبضه للمبيع بإذن (¬5) المشتري فيما بينه وبين البائع بمنزلة قبضه إياه بغير إذنه. ألا ترى أنه ليس للمشتري أن يقبضه، فإذا قبضه ضمن القيمة (¬6). ولو أن الوكيل قبض العبد بإذن المشتري فلم يمت في يديه حتى أعتقه المشتري كان هذا وموت (¬7) العبد في يدي الوكيل سواء. ولو أن المشتري أمر رجلاً بعتق العبد وهو في يدي البائع فأعتقه المأمور فإن أبا (¬8) يوسف قال: هذا وقبض الوكيل العبد سواء، ويضمن الوكيل قيمته، فيكون في يدي البائع حتى يدفع إليه المشتري، فإذا دفع إليه الثمن أخذ الوكيل القيمة من البائع. فإن هلكت في يدي البائع رجع بها الوكيل على المشتري؛ لأنه أمره بالعتق. وأما (¬9) في (¬10) قول أصحابنا (¬11) فلا ¬

_ (¬1) ف: وكيلا. (¬2) ع: فلم ينتقده. (¬3) ف: في يد. (¬4) ع: في يدي. (¬5) ع: بأن. (¬6) ف: الفضة (مهملة). (¬7) ف: وثبوت. (¬8) ع: أبي. (¬9) ع: فأما. (¬10) ع - في. (¬11) وعبارة الحاكم: وقال محمد: لا ضمان على الوكيل. انظر: الكافي، الموضع السابق. وقال السرخسي: وهو قول محمد، وهو رواية عن أبي حنيفة. انظر: المبسوط، 13/ 196. ولعل مقصود الإمام محمد بقوله: قول أصحابنا، هو قول الإمام أبي حنيفة وتلاميذه وليس قول الإمام محمد فقط، وأن الإمام أبا يوسف خالفهم في هذه المسألة ثم رجع إلى قولهم كما يذكره في تتمة العبارة، والله أعلم.

ضمان على الوكيل (¬1) المعتق (¬2)؛ لأنه لم يأخذ شيئاً. ويرجع البائع (¬3) على المشتري بالثمن (¬4) فيأخذه (¬5) منه، ليس له غير ذلك. ثم رجع أبو يوسف بعد (¬6) ذلك إلى هذا القول فقال بهذا القول: لا ضمان عليه (¬7). ¬

_ (¬1) ف: على الموكل. (¬2) ع - المعتق. (¬3) ف - البائع، صح هـ. (¬4) ع - بالثمن. (¬5) ع: فيأخذ. (¬6) ف - بعد. (¬7) ف م + آخر كتاب البيوع والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وسلم تسلميا كثيراً؛ ع + آخر الكتاب البيوع والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

كتاب الصرف

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الصرف أبو بكر محمد بن عثمان قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عمار الكريبي (¬2) عن أبي سليمان (¬3) موسى بن سليمان الجوزجاني عن محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم عن أبي حنيفة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الفضة بالفضة وزنٌ (¬4) بوزن، يدٌ (¬5) بيد، والفضل ربا. والذهب بالذهب وزنٌ (¬6) بوزن، يدٌ (¬7) بيد، والفضل ربا. والحنطة بالحنطة كيلٌ (¬8) بكيل، يدٌ بيد (¬9)، والفضل ربا" (¬10). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ف: الكربي؛ والكلمة مهملة في م ز. وهناك محمد بن علي بن عمار الكريبي، ورد ذكره عند القرشي خلال ترجمة شخص آخر، وأنه جرت مناظرة بينه وبين داود بن علي (ت. 270) حول حجية خبر الواحد. انظر: الجواهر المضية، 1/ 111. وداود بن علي هو داود الظاهري. (¬3) ف - سليمان. (¬4) ز: وزنا. (¬5) ز: يدا. (¬6) ز: وزنا. (¬7) ز: يدا. (¬8) ز: كيلا. (¬9) ز - يد بيد. (¬10) رواه الإمام محمد في أول كتاب البيوع من كتاب الأصل. انظر: 1/ 212 ظ. ورواه=

وحدثنا عن أبي حنيفة عن الوليد بن سريع عن أنس بن مالك قال: أتي عمر بن الخطاب بإناء خُسْرَوَاني (¬1) قد أحكمت صناعته. فبعثني به لأبيعه. فأُعْطِيتُ به وزنه وزيادة. فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب. فقال: أما الزيادة فلا (¬2). وحدثنا عن (¬3) أبي حنيفة عن مرزوق أبي بكير (¬4) [عن أبي جبلة] (¬5) قال: سألت عبد الله بن عمر، فقلت: إنا نقدم أرض الشام ومعنا الوَرِق الثقال النافقة، وعندهم الوَرِق الخِفَاف الكاسدة، أفنبتاع وَرِقَهم العشرة بسبعة ونصف وسبعة؟ قال: فقال: لا تفعل، ولكن بع (¬6) وَرِقَك بذهب، واشتر (¬7) وَرِقَهم بالذهب، ولا تفارقه حتى تستوفي، وإن وثب من سطح (¬8) فثِبْ معه (¬9). ¬

_ = أيضاً في الآثار عن الإمام أبي حنيفة نحوه. انظر: الآثار لمحمد، 131. وهو بهذا الإسناد في الآثار لأبي يوسف، 183. والحديث معروف مشهور. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 78؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 75 - 77، 82. وقد تقدم تفسير الحديث في أول كتاب البيوع. وقوله: "وزنٌ بوزن يدٌ بيد" روي بالرفع هكذا، وتقديره: بَيْعُ الفضة بالفضة وزنٌ بوزن يدٌ بيد. والمشهور هو النصب. وانظر: الحاشية أول كتاب البيوع من كتاب الأصل، الموضع السابق. (¬1) إناء خُسْرَوَاني، منسوب إلى خُسْرَوْ، ملك من ملوك العجم. انظر: المغرب، "خسرو". (¬2) رواه الإمام أبو يوسف عن الإمام أبي حنيفة بنفس الإسناد. انظر: الآثار لأبي يوسف، 183. ورواه كذلك الإمام محمد في الآثار، 131. (¬3) ز+ الإمام الأعظم. (¬4) ز: بكر. (¬5) الزيادة من الآثار لأبي يوسف، 185؛ والآثار لمحمد، 131؛ والكافي، 1/ 177 و؛ والمبسوط، 14/ 4. ولعله جبلة بن سحيم الكوفي الذي روى عن ابن عمر. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 2/ 53. (¬6) ز: بيع. (¬7) ز: واشترى. (¬8) ف ز: في سطح. (¬9) الآثار لأبي يوسف، 185؛ والآثار لمحمد، 131.

وحدثنا عن كليب (¬1) بن وائل قال: سألت عبد الله بن عمر عن الصرف، فقال: مِن هذه إلى هذه، وإن استنظرك إلى خلف هذه السارية فلا تفعل، يعني "من هذه إلى هذه" من يدك إلى يده (¬2). وحدثنا عن كليب (¬3) بن وائل قال: سألت عبد الله بن عمر عن الفضة بالفضة، فقال: وزن بوزن، من يدك إلى يده. وحدثنا عن أشعث (¬4) بن سوار عن محمد بن سيرين أنه كان يكره أن يباع (¬5) السيف المحلى بالفضة، بالنقد، مخافة أن تكون الفضة التي أعطى أقل مما فيه، ويكره أن يبيعه بالنسيئة، ولا يرى بأساً أن (¬6) يبيعه بالذهب (¬7). وحدثنا عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة (¬8) قال: سألت عبد الله بن عمر عن الصرف، فقال: لا بأس به يد (¬9) بيد. قال: وسألت عبد الله بن عباس، فقال مثل ذلك. قال: وقعدت يوماً في حلقة فيها أبو سعيد الخدري، فأمرني رجل، فقال: سله عن الصرف. قال: فقلت له: إن هذا يأمرني أن أسألك عن الصرف. قال: فقال لي: الفضل ربا. قال: فقال رجل (¬10): سله أمِنْ قِبَل رأيه أو شيء سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم -. وذكرت ذلك له. فقال أبو سعيد: بل سمعته من رسول الله-صلى الله عليه وسلم -. أتاه رجل يكون في نخله برُطَب (¬11) طيب. فقال: "من أين هذا؟ " قال: أَعطيتُ صاعين من تمر رديء وأخذتُ هذا. فقال له رسول الله-صلى الله عليه وسلم -: "أَرْبَيْتَ. فقال: إن سعر هذا في السوق كذا، وسعر هذا في السوق كذا. فقال: "أَرْبَيْتَ". ثم قال له: "هَلَّا بعته بسلعة ثم ابتعت بسلعتك تمراً". فقال أبو سعيد: التمر ربا، والدراهم ¬

_ (¬1) ز: عن كلب. (¬2) ف م ز: إلى يدك. والتصحيح من الرواية التالية. وروي بمعناه في المصنف لعبد الرزاق، 8/ 119. (¬3) ز: عن كلب. (¬4) ز: عن أشعب. (¬5) ز: أن يبا. (¬6) ز: بأن. (¬7) المصنف لابن أبى شيبة، 4/ 285، 286، 7/ 317. (¬8) ع: أبي بصرة. (¬9) ز: يدا. (¬10) ف ز: لرجل. (¬11) م: رطب.

مثله. قال أبو نضرة: [فلقيت بعد ذلك ابن عمر - رضي الله عنهما - فقال: لا خير فيه] (¬1)، وأمرت أبا الصهباء، فسأل ابن عباس عن الصرف، فقال: لا خير فيه (¬2). وحدثنا عن داود بن يزيد عن عامر عن شريح أن رجلاً باع طوق ذهب مفضّضاً (¬3) بمائة دينار. فاختصما إلى شريح، فأفسد البيع (¬4). وهذا عندنا لأنه لم يكن يدري ما كان في الطوق (¬5). وحدثنا عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث يوم خيبر السعدين سعد بن مالك وآخر، فباعا متاعاً، ثم باعا ذهباً، كل أربعة مثاقيل بثلاثة مثاقيل عيناً. فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أربيتما فرُدَّا" (¬6). وحدثنا عن سليمان بن سفيان قال: أتاني ابن الأسود بن يزيد، فصرفت له دراهم وافية بدنانير. قال: ثم دخل المسجد فصلى ركعتين فيما أظن. ثم جاءني، فقال: اشتر (¬7) بها غَلَّة (¬8). قال: فجعلت أطلب الرجل ¬

_ (¬1) الزيادة من المبسوط، 14/ 6. وهي في صحيح مسلم نحو ذلك. انظر الحاشية التالية. (¬2) رواه مسلم من طريق داود نحوه ـ انظر: صحيح مسلم، المساقاة، 100. (¬3) شيء مفضّض: ممؤه بالفضة أو مرصّع بالفضة. انظر: لسان العرب، "فضض". (¬4) روي عن شريح أن رجلاً سأله عن طوق من ذهب فيه فصوص وجوهر، فقال: انزع الطوق، فبعه وزناً بوزن، وبع الجوهر كيف شئت. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 70؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 285. (¬5) انظر للشرح: المبسوط، 14/ 6. (¬6) وروى الإمام مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -السعدين أن يبيعا آنية من المغانم من ذهب أو فضة، فباعا كل ثلاثة بأربعة عيناً أو كل أربعة بثلاثة عيناً. فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أربيتما، فردا". انظر: الموطأ، البيوع، 28. (¬7) م ز: اشترى. (¬8) قال المطرزي: الغَلَّة من الدراهم هي المقطَّعة التي في القطعة منها قيراط أو ربع دانق أو حبة، عن أبي يوسف في رسالته. ويشهد لهذا ما في الإيضاح "يكره أن يقرضه غلَّةً ليرد عليه صحاحاً". انظر: المغرب، "غلل". أي هي الدراهم المقطعة إلى قطع صغيرة.

الذي صرفت عنده. فقال: لا عليك أن لا تجده، وإن وجدته فلا أبالي (¬1). وحدثنا عن أبان بن أبي عياش (¬2) عن أنس بن مالك قال: بعت جَامَ (¬3) فضة بوَرِق أقل من ثمنه. فبلغ ذلك عمر بن الخطاب. فقال: ما حملك على ذلك؟ قلت: الحاجة. قال: رُدّ الوَرِق إلى أهلها، وخذ إناءك فعَارِضْ (¬4) به. وأخبرنا عن أبان بن أبي عياش (¬5) عن أبي رافع قال: سألت عمر بن الخطاب عن الصَّوْغ (¬6) أَصُوغُه فأبيعه (¬7). قال: وزن (¬8) بوزن. قال: قلت: إني أبيعه وزناً بوزن، ولكني آخذ (¬9) فيه أجر عملي. قال: إنما عملك لنفسك، فلا تزدد (¬10) شيئاً. فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تباع الفضة إلا وزناً بوزن. ثم قال: يا أبا (¬11) رافع، إن الآخذ والمعطي والكاتب والشاهد فيه شركاء (¬12). ¬

_ (¬1) قال السرخسي: وفيه دليل جواز التوكيل بالصرف، وأن التفاضل حرام عند اتفاق الجنس، لأنه كان مقصود الأسود أن يشتري بالدراهم الجيادِ الغلةَ، وعلم أن الفضل حرام، فأمره أن يشتري بها دنانير، ثم أمره بأن يشتري بالدنانير الغلةَ، وكان هذا الوكيل اشتغل بطلب ذلك الرجل لأنه ظهر عنده أمانته ومسامحته في المعاملة، وبين له الأسود أنه كغيره فيما هو مقصودي (كذا، ولعله: مقصوده)، فلا يتكلف في طلبه. انظر: المبسوط، 14/ 7. (¬2) ز: أبي عباس. (¬3) الجامِ طبق أبيض من زجاج أو فضة. انظر: المغرب، "جوم". (¬4) عارَضَ بسلعته أي أعطى سلعة وأخذ أخرى. انظر: لسان العرب، "عرض". (¬5) ز: أبي عباس. (¬6) صاغ الرجل الذهب يَصُوغه صَوْغاً: جعله حُلِيًّا، فهو صائغ وصوّاغ، وهي الصياغة. انظر: المصباح المنير، "صوغ". (¬7) ز: فابتعه. (¬8) ز: وزنا. (¬9) ز: أجد. (¬10) م: تزد؛ ز: ترد. (¬11) ز: يا با. (¬12) روي نحو ذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 125. روي نحو هذا عن ابن عمر - رضي الله عنه -. انظر: الموطأ، البيوع، 31.

وحدثنا عن المجالد بن سعيد عن (¬1) أبي الوَدَّاك (¬2) قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذهب بالذهب الكِفّة بالكِفّة (¬3)، والفضة بالفضة الكِفّة بالكِفّة، ولا فَضْلَ (¬4) فيه فيما بينهما". قال: قلت: إني سمعت ابن عباس يقول: ليس في يد بيد ربا. قال: فمشى إليه أبو سعيد وأنا معه. فقال له: أسمعت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -ما لم نسمع؟ فقال: لا. فقال أبو سعيد: فإني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال، ثم حدثه الحديث. قال: فقال ابن عباس: لا أفتي به أبداً (¬5). وحدثنا عن حصين بن عبدالرحمن عن عامر بن ذؤيب العجلي قال: سألت عبد الله بن عمر عن الصرف، قال: قال عمر: لا تبتاعوا الدرهم بالدرهمين. قال: فإني أخاف عليكم الربا (¬6). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن أبي عمرو الشيباني عن عبد الله بن مسعود أنه كان يبيع نُفَايَةَ (¬7) بيت المال يداً بيد ¬

_ (¬1) م: بن؛ ز: ابن. (¬2) هو جبر بن نوف البِكَالِي. انظر: المغرب، "ودك". (¬3) كِفّة الميزان معروفة، والكِفّة بالكِفّة عبارة عن المساواة في الموازنة. انظر: المغرب، "كفف". (¬4) ف م ز: ولا خير. وكذلك في ب جار؛ والكافي، 1/ 177 ظ؛ والمبسوط، 14/ 8. والتصحيح مستفاد من كتب الحديث. فقد روى الطحاوي من حديث أبي سعيد الخدري: " ... لا فضل بين شيء من ذلك"، ومن حديث أبي هريرة " ... لا فضل بينهما"، ومن حديث فضالة بن عبيد: " ... ليس بينهما فضل". انظر: شرح معاني الآثا ر، 4/ 68، 69، 71. (¬5) روي القسم المرفوع منه بلفظ قريب عن فضالة بن عبيد وعبادة بن الصامت - رضي الله عنهما - في صحيح مسلم، المساقاة، 89 - 92؛ وسنن النسائي، البيوع، 44. أما قصة ابن عباس وأبي سعيد الخدري فرويت بألفاظ مختلفة. فبعضها لم يذكر فيه رجوع ابن عباس عن رأيه. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 79. وذكر في بعضها الرجوع. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 5/ 282، 286. (¬6) شرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 69 - 70. (¬7) نُفَاية الشيء: بقيته وأردؤه ... والنُّفاية ما نفيته من الشيء لرداءته. ويجوز أن يقال: نُقَايَة. انظر: لسان العرب، "نفي"، "نقي". ووردت الكلمة عند السرخسي محرفة مرة إلى "بقايا" ومرة إلى "بقاية". انظر: المبسوط، 14/ 8 ـ

بفضل. فخرج خَرْجَةً إلى عمر بن الخطاب، فسأله عن ذلك. فقال: هو ربا. وكان عبد الله بن مسعود استخلف على بيت المال (¬1) عبد الله بن سَخْبَرَة الأزدي. قال: فلما قدم عبد الله بن مسعود نهى عبد الله بن سَخْبَرَة عن بيع الدراهم بالدراهم بينهما فضل (¬2). وحدثنا عن مالك بن مغول عن القاسم بن صفوان قال: أكريت عبد الله بن عمر إبلاً بدنانير، فأتيته أتقاضاه وبين يديه دراهم. فقال لمولاه: انطلق معه إلى السوق. فإذا قامت على سعر فإن (¬3) أحب أن يأخذ (¬4) وإلا فاشتر (¬5) له دنانير فأعطها إياه. فقلت له: يا أبا عبد الرحمن، أيصلح هذا؟ قال: نعم، ما بأس بهذا، إنك ولدت وأنت صغير (¬6). وحدثنا عن أبي بكر الهذلي عن محمد بن سيرين عن مسلم بن يسار عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول: "الذهب بالذهب مثل (¬7) بمثل، يد (¬8) بيد؛ والفضة بالفضة مثل (¬9) بمثل، يد (¬10) بيد؛ والحنطة بالحنطة مثل (¬11) بمثل، يد (¬12) بيد؛ والشعير بالشعير مثل بمثل، يد بيد (¬13)؛ ¬

_ (¬1) م ز - بيت المال. (¬2) روي نحو ذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 123؛ والمعجم الكبير للطبراني، 9/ 111. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد، 4/ 116. وانظر: السنن الكبرى للبيهقي، 5/ 282. (¬3) ز: فإني. (¬4) ز: أن نأخذ. (¬5) ز: فاشترى. (¬6) م: صغيرة. روي نحو ذلك. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 65. وقال السرخسي: ... إنك ولدت وأنت صغير، أي جاهل لا تَعْلَم حتى تُعَلَّم، وهكذا حال كل واحد منا، فإنه لا يَعْلَم حتى يُعَلَّم، فكأنه مازحه بهذه الكلمة وكنى بالصغر عن الجهل. انظر: المبسوط، 14/ 9. (¬7) ز: مثلا. (¬8) ز: يدا. (¬9) ز: مثلا. (¬10) ز: يدا. (¬11) ز: مثلا. (¬12) ز: يدا. (¬13) م ز - والشعير بالشعير مثل بمثل يد بيد.

والملح بالملح مثل (¬1) بمثل، يد (¬2) بيد؛ والتمر بالتمر مثل (¬3) بمثل، يد (¬4) بيد. وإذا اشتريتم بعضه ببعض فاشتروه كيف شئتم، يداً بيد". فعنى بذلك إذا اختلف النوعان (¬5). قال: فقال معاوية بن أبي سفيان: ما بال أقوام يحدثون عن رسول لله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث (¬6) لم نسمعها (¬7). فقال عبادة بن الصامت: أشهد أني سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، ثم أعاد الحديث. ثم قال: لنحدثنه وإن رغم أنف معاوية (¬8). وحدثنا عن أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عباس أنه قال: لا بأس بالدرهمين بالدرهم يداً بيد. فقال له أبو سعيد الخدري: أشهد أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الذهب بالذهب يد (¬9) بيد، مثل (¬10) بمثل". فقال ابن عباس: لا أفتي بالذي أفتيت (¬11) أبداً (¬12). وحدثنا عن سعيد بن أبي عروبة (¬13) عن أبي معشر عن إبراهيم أنه قال في بيع السيف المحلى: إذا كانت الفضة التي فيه أقل من الثمن فلا بأس بذلك (¬14). وحدثنا عن سعيد بن أبي عروبة (¬15) عن قتادة عن سليمان بن يسار عن أبي الأشعث الصنعاني قال: خطبنا عبادة بن الصامت بالشام، فقال: يا ¬

_ (¬1) ز: مثلا. (¬2) ز: يدا. (¬3) ز: مثلا. (¬4) ز: يدا. (¬5) ز: النوان. (¬6) ز: أحاديثا. (¬7) ز + قال. (¬8) روي نحوه في صحيح مسلم، المساقاة، 80 - 81. (¬9) ز: يدا. (¬10) ز: مثلا. (¬11) ز + به. (¬12) تقدم تخريج القسم المرفوع منه قريباً. وأما الباقي فقد روي بمعناه. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 5/ 282، 286. (¬13) ع: عرونة. (¬14) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 69؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 286. (¬15) ع: عرونة.

أيها (¬1) الناس إنكم أحدثتم بيوعاً لا ندري ما هي. ألا وإن الذهب بالذهب وزن (¬2) بوزن، تِبْرُه (¬3) وعَيْنُه (¬4). ألا وإن الفضة بالفضة وزن (¬5) بوزن، تِبْرُها وعَيْنُها. لا بأس بأن تبيع الفضة بالذهب يداً بيد والفضة أكثر، ولا يصلح نسيئة. ألا وإن الحنطة بالحنطة مدين بمدين. ألا وإن الشعير بالشعير مدين بمدين. لا بأس بأن تبيع الشعير بالحنطة يداً بيد والشعير أكثرهما، ولا يصلح نسية. ألا وإن التمر بالتمر مدين بمدين. حتى ذكر: الملح مدين بمدين، فمن زاد أو ازداد (¬6) فقد أربى (¬7). وحدثنا عن (¬8) عبد الله بن عمر (¬9) عن نافع عن عبد الله بن عمر عن عمر بن الخطاب أنه قال: الذهب بالذهب مثل (¬10) بمثل، والوَرِق بالوَرِق مثل (¬11) بمثل، لا تفضِّلوا بعضها على بعض، لا يباع غائب منها (¬12) بناجز (¬13)، فإني أخاف عليكم الرَّما - والرَّمَا هو الربا - وإن استنظرك إلى أن يدخل بيته فلا تُنْظِرْه (¬14). وعن إبراهيم بن طَهْمَان عن أيوب بن أبي تَمِيمَة عن محمد بن سيرين ¬

_ (¬1) ز: يا يها. (¬2) ز: وزنا. (¬3) التبر ما كان غير مضروب من الذهب والفضة، وعن الزجاج: هو كل جوهر قبل أن يستعمل كالنحاس والصُّفْر وغيرهما. انظر: المغرب، "تبر". (¬4) هو المضروب من الذهب دنانير، وقيل: هي الدنانير والدراهم. انظر: المغرب، "عين"؛ ومختار الصحاح، "عين". (¬5) ز: وزنا. (¬6) م: أو زداد. (¬7) رواه النسائي والطحاوي من طريق سعيد نحوه. انظر: سنن النسائي، البيوع، 44؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 4. (¬8) ف ز - عن. (¬9) هو العمري من أحفاد عمر - رضي الله عنه -. (¬10) ز: مثلا. (¬11) ز: مثلا. (¬12) ف ز: منها غائب. (¬13) أي لا يباع نسيئة بنقد. انظر: المبسوط، 14/ 10. (¬14) ز: تنتظره ـ وانظر: الموطأ، البيوع، 35.

عن سليمان بن يسار عن أبي الأشعث قال: سمعت عبادة بن الصامت يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أو قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبتاعوا الذهب بالذهب والوَرِق بالوَرِق إلا وزناً بوزن، ولا التمر بالتمر، ولا الحنطة بالحنطة، ولا الشعير بالشعير، ولا الملح بالملح، إلا سواءً بسواء عيناً (¬1) بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أَرْبَى. ولكن بيعوا الذهب بالوَرِق والحنطة بالشعير والتمر بالملح يداً بيد كيف شئتم" (¬2). وحدثنا عن حصين بن عبد الرحمن عن (¬3) عامر الشعبي قال: لا بأس بأن تبيع السيف المحلى بالدراهم، لأن فيه حَمَائِلَه (¬4) وجَفْنَه (¬5) ونَصْلَه (¬6). وحدثنا عن رجل عن مطر بن حيان عن الحسن البصري أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتبايعون (¬7) فيما بينهم السيف المحلى والمِنْطَقَة (¬8) المفضّضة (¬9). محمد عن أبي يوسف قال: وحَدَّثَنَا عن الحسن بن عمارة (¬10) عن ¬

_ (¬1) ز: عين. (¬2) تقدم تخريجه قريباً. (¬3) ز - عن. (¬4) حمائل السيف جمع المِحْمَل بوزن المِرْجَل: عِلاَقة السيف، وهو السيف الذي يتقلده المتقلد، وكذا الحِمَالة بالكسر، هذا قول الخليل، وقال الأصمعي: حمائل السيف لا واحد لها من لفظها، وإنما واحدها مِحْمَل بوزن مِرْجَل. انظر: مختار الصحاح، "حمل". (¬5) جَفْن السيف غلافه. انظر: المصباح المنير، "جفن". (¬6) نصل السيف حديدته. انظر: المغرب، "نصل". والأثر رواه الطحاوي من طريق محمد عن أبي يوسف عن حصين به. انظر: شرح معاني الآثار، 4/ 77. وروي عن الشعبي مختصراً. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 285. (¬7) ز: يتبعون. (¬8) المنطقة ما يشده الإنسان على وسطه. انظر: المغرب، "نطق". (¬9) روي عن الحسن أنه كان لا ير ى بأساً بذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 69؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 285، 286؛ والطحاوي، 4/ 76. (¬10) ز: عبارة. أي قال محمد: حدثنا أبو يوسف عن الحسن بن عمارة. وقد مر هذا الإسناد في كتاب الأصل مرارا.

حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح (¬1) عن أبي سعيد الخدري، قال: لقي ابن عباس، فقال له أبو سعيد وهو خارج: يا ابن أخي (¬2)، أَصَحِبْتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم نَصْحَبْهُ أو قرأتَ ما لم نقرأ؟ فقال ابن عباس: بل أنتم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، قرأتم ما لم نقرأ (¬3). فقال ابن عباس: فأنا أشهد أن أسامة بن زيد أخبرني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الربا في النسيئة". فقال أبو سعيد: أنا أشهد أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الذهب بالذهب والفضة بالفضة هاء وهاء، فمن زاد فقد أَرْبَى" (¬4). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: الإقالة بيع (¬5). [وَ] عن الحكم عن شريح مثله. وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم وأبي عروبة (¬6) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت عمر بن الخطاب يخطب على المنبر يقول: يا أيها (¬7) الناس، لا تتبايعوا الدرهمين بالدرهم (¬8)، فإن ذلك الربا العَجْلان (¬9)، ولكن من ¬

_ (¬1) ز: صلح. (¬2) ز: أخ. (¬3) ز - فقال ابن عباس بل أنتم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأتم ما لم نقرأ. (¬4) تقدم تخريجه قريباً. (¬5) قال السرخسي: معناه كالبيع في الحكم، وبه نأخذ فنقول: الإقالة في الصرف كالبيع، يعني يُشترَط التقابض من الجانبين قبل الإفتراق كما في عقد الصرف، وهو معنى قول علمائنا -رحمهم الله- إن الإقالة فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد في حق غيرهما، ووجوبُ التقابض في المجلس من حق الشرع، فالإقالة فيه كالبغ. انظر: المبسوط، 14/ 10. (¬6) ز: عرونة. (¬7) ز: يا يها. (¬8) ف: الدرهم بالدرهمين. (¬9) أي ربا النقد. وهو إشارة إلى أن الربا نوعان، في النقد والنسيئة. انظر: المبسوط، 14/ 11.

كان عنده سَحْقُ (¬1) درهمٍ (¬2) فليخرج به إلى السوق فليقل (¬3): من يبتاع سَحْقَ هذا الدرهم، فليَبْتَعْ (¬4) به ما شاء (¬5). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الزهري وأبي عمرة عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب أنه قال: الذهب بالذهب مثل (¬6) بمثل، والشعير بالشعير مثل (¬7) بمثل، والزبيب بالزبيب مثل (¬8) بمثل، والملح بالملح مثل (¬9) بمثل، فمن زاد فهو ربا. وإذا اختلف النوعان فلا بأس مثلان بمثل يد (¬10) بيد (¬11). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه لم يكن يرى بأساً باقتضاء الوَرِق من الذهب، والذهب من الفضة، بيعاً (¬12) كان أو قرضاً، إذا كان (¬13) بسعر يومه (¬14). ¬

_ (¬1) قال المطرزي: وثوبٌ سَحْق: بَالٍ، ويضاف للبيان فيقال: سَحْقُ بُرْدٍ، وسَحْقُ عمامةٍ. وعليه قوله: اشترى سَحْقَ ثوبٍ. وقوله: من كان له سَحْقُ درهم، أي زائف، على الاستعارة. انظر: المغرب، "سحق". (¬2) م - درهم. (¬3) ز: فليقول. (¬4) ز: فليبتاع. (¬5) روي نحو ذلك. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 123؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 498. (¬6) ز: مثلا. (¬7) ز: مثلا. (¬8) ز: مثلا. (¬9) ز: مثلا. (¬10) ز: يدا. (¬11) روي القسم الأول منه نحوه مرفوعاً عن عمر - رضي الله عنه -. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 76. أما قوله: إذا اختلف النوعان ... فقد روي أيضاً نحوه مرفوعاً من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -. انظر: صحيح مسلم، المساقاة، 81. (¬12) ز: بيع. (¬13) م ز - كان. (¬14) روي نحو ذلك. لكن روي عن النخعي عكسه أيضاً. انظر للروايتين: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 128.

وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن (¬1) إبراهيم أنه كان يكره أن يشتري الرجل الثوب بدنانير إلا درهماً (¬2). وإذا اشترى الرجل دراهم بدراهم أجود منها فلا ينبغي له أن يشتري أكثر منها ولا أقل، ولا يصلح أن يجعل لذلك أجلاً، ولا يفارقه حتى يقبض. فإن اشترى إناءً مصوغاً من فضة بدراهم مضروبة أو بفضةٍ تِبْر أو بإناء مصوغ فليس يصلح من ذلك شيء إلا وزن (¬3) بوزن يد (¬4) بيد، ليس [فيه] (¬5) فضل (¬6) ولا أجل. وإذا اشترى بألف درهم بِيضٍ لها صَرْفٌ (¬7) ألفَ درهم ومائة درهم نُفَايَة (¬8) أو سُود ليس لها صَرْف فإن ذلك لا يجوز ولا يصلح. فإن كان مع البِيض دينار (¬9) أو ثوب أو عرض له ثمن كائناً (¬10) ما كان أو فلوس مسماة فهو جائز، لأن الفضل الذي في السُّود يكون بهذا الذي مع البِيض. والدراهم المضروبة والفضة التِّبْر والآنية المصوغة والحلي في جميع ما ذكرنا سواء. وإن كانت فضة بيضاء جيدة بفضة سوداء رديئة أكثر منها فلا خير في ذلك ولا يجوز. فإن كان مع البِيض ذهب، مثقالٌ (¬11) أو دونه، أو عرض أو فلوس فهو جائز. ¬

_ (¬1) م ز: بن. (¬2) ز: إلا درهم. المصنف لعبد الرزاق، 8/ 129. (¬3) ز: إلا وزنا. (¬4) ز: يدا. (¬5) الزيادة من ب جار. (¬6) ف: نصل (مهملة). (¬7) يقال: للدرهم على الدرهم صَرْف في الجودة والقيمة، أي فَضْل. انظر: المغرب، "صرف". (¬8) تقدم تفسيرها قريباً. (¬9) ز: دنانير. (¬10) ز: كائن. (¬11) المثقال وزنه درهم وثلاثة أسباع درهم، وكل سبعة مثاقيل عشرة دراهم. انظر: المصباح المنير، "ثقل".

وإذا اشترى الرجل سيفاً محلى أو منطقة مفضضة أو إناء فيه فضة بدراهم لا يدرى أقل مما فيه أو أكثر فإن ذلك لا يجوز حتى يعرف أن ذلك أكثر مما في السيف، فيكون الفضل بنَصْل السيف وجَفْنه وحَمَائِله (¬1). فإن كان الثمن مثل ما في السيف من الفضة فلا خير فيه. وإن كان أكثر فكان في ذلك أجل ساعة فلا خير فيه. وإذا اشترى الرجل لِجَاماً مموَّهاً (¬2) بفضة فاشتراه بدراهم أقل مما فيه أو أكثر فهذا جائز. ولا يشبه التمويه في هذا غيره، لأن التمويه لا يَخْلُص (¬3). ألا ترى أن الرجل يشتري الدار المموّهة، في سقوفها تمويه من الذهب كثير، بذهبٍ أقل (¬4)، ولا يفسد ذلك البيع وإن كان بتأخير (¬5) بعد أن يكون مموّهاً (¬6) وإن كان ما فيها أكثر من الثمن (¬7). وإن كان شيئاً مما فيه صفائح كحلية السيف فإن كان الثمن أكثر مما فيه جاز ذلك (¬8). وإن كان مثله أو أقل لم يجز البيع. فإن لم يعرف أيهما أكثر لم يجز البيع. وكذلك السَّرْج المفضَّض يشترى بالفضة فهو مثل المِنْطَقَة (¬9) والسيف. ¬

_ (¬1) تقدم تفسير هذه الألفاظ قريباً. (¬2) ز: مموه ـ موَّه الشيءَ طَلاَه بماء الذهب أو الفضة وما تحت ذلك حديد أو شَبَه، ومنه قوله: مموَّه، أي مزخرَف. انظر: المغرب، "موه". (¬3) خَلُص أي صفا، والخلوص الصفاء، والتخليص التصفية. أنظر: المغرب، "خلص". فالتمويه لا تستطيع تخليصه من مكانه. انظر: المبسوط، 14/ 12. (¬4) ف م ز: يشتري الدار المموهة بالذهب وأقل في سقوفها تمويه من الذهب كثير. والتصحيح من ب. (¬5) ف: بتاخر؛ م: تاخر؛ ز: يتأخر. (¬6) ز: مموه. (¬7) وعبارة ب: ألا ترى لو اشترى الدار المموّهة وفي سقوفها تمويه من الذهب كثير بذهب أقل أنه لا يفسد وإن كان مؤجلا. وعبارة السرخسي: وعلى هذا لو اشترى دارا مموهة بالذهب بثمن مؤجل فإنه يجوز وإن كان بسقوفها من التمويه بالذهب أكثر من الفضة أو الذهب، لأنه لا يتخلص منه شيء، فلا يعتبر ذلك في حكم الربا ولا في وجوب التقابض في المجلس. انظر: المبسوط، 14/ 12. (¬8) ز - ذلك. (¬9) تقدم تفسيره قريباً.

وإذا اشترى الرجل من الرجل عشرة دراهم بدينار (¬1) فانتقد أحدهما ولم يتفرقا حتى أخذ الآخر منه رهناً (¬2) فيه وفاء فهلك الرهن قبل أن يتفرقا فهو جائز، والرهن بما فيه. وأخبرنا عن أشعث (¬3) بن سوار عن نافع عن ابن عمر أنه قال في الصرف: لا تفارقه وبينك وبينه عمل (¬4). وإذا اشترى الرجل بالدنانير النافقة دنانير كاسدة لا تَنْفُق بأكثر منها فإنه لا يجوز. وكذلك لو اشترى بها ذهباً تِبْراً (¬5) ليس بجيد فإنه لا يجوز في ذلك إلا وزن (¬6) بوزن مثل (¬7) بمثل يد (¬8) بيد ليس فيه فضل ولا تأخير. والدنانير المضروبة والحلي المصوغ والآنية في ذلك كله سواء. وكذلك الذهب التِّبْر. وإن كان بعضه ذهباً (¬9) أحمر والآخر ذهب دونه ليس بجيد فإنه لا يجوز في ذلك إلا مثل (¬10) بمثل يد (¬11) بيد ليس فيه فضل ولا تأخير. فإن كان دنانير عشرة معها درهم (¬12) وهي مثاقيل (¬13) بأحد (¬14) عشر مثقالاً (¬15) ذهباً تِبْراً (¬16) أو دنانير (¬17) كاسدة فهو جائز، لأن مع القليل درهماً (¬18)، فهو بالفضل. وكذلك لو كان مكان الدرهم مثقال فضة أو ثوب ¬

_ (¬1) ز: بدنانير. (¬2) ف م ز: بالآخر منه ذهبا. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 178 و؛ والمبسوط، 14/ 12. (¬3) ز: عن أشعب. (¬4) ورد بمعناه عن ابن عمر مرفوعاً. ولفظ أبي داود: "لا باس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء". انظر: سنن أبي داود، البيوع، 14. وفي رواية النسائي: "إذا بايعت صاحبك فلا تفارقه وبينك وبينه لَبْس". انظر: سنن النسائي، البيوع، 52. (¬5) ف م ز: ذهب تبر. (¬6) ز: وزنا. (¬7) ز: مثلا. (¬8) ز: يدا. (¬9) ف م ز: ذهب. (¬10) ز: مثلا. (¬11) ز: يدا. (¬12) ز: دراهم. (¬13) تقدم تفسير المثقال. (¬14) ز: بإحدى. (¬15) م: مثاقيل؛ ز: مثقال. (¬16) ف م ز: ذهب تبر. والتصحيح من ب. (¬17) ز: أو نانير. (¬18) ز: درهم.

أو عرض من العروض يساوي شيئاً أو دَانِق (¬1) فلوس فهذا كله جائز. وإذا كان حلي ذهب فيه لؤلؤ وجوهر لا يستطيع أن يخلّصه منه إلا بضرر فاشتراه رجل بدنانير فإن هذا (¬2) لا يجوز إلا أن يعرف [أن] (¬3) الدنانير أكثر مما فيه من الذهب، فإن عرف ذلك فهو جائز. فإن كان أقل مما فيه أو مثله أو لم يعرف ذلك فهو فاسد لا يجوز. فإن باعوا ذلك بدنانير نسيئة فإنه لا يجوز. حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن عامر الشعبي عن شريح أنه أتي (¬4) بحلي ذهب فيه جوهر يباع نسيئة. فقال: ميزوه، ثم بيعوا الذهب بالنقد، والجوهر بالنسيئة (¬5). وإذا اشترى الرجل بدينار عشرة دراهم أو أقل أو أكثر يداً بيد فهو جائز. وكذلك لو اشترى مائة درهم بدينار. وكذلك لو اشترى إناءً مصوغاً فضة، فيه مائة درهم فضة، بدينار (¬6)، يداً بيد، فهو جائز. وكذلك لو اشترى مثقال ذهب بقيراط نسيئة كان جائزاً. وكذلك لو اشترى عشرة دنانير بدرهم فهو جائز إذا كان يداً بيد. وكذلك لو اشترى قُلْبَ (¬7) ذهب لا (¬8) يدري ما وزنه بفضة لا يدري ما وزنها يداً بيد فهو جائز. ولا يشبه هذا الذهب بالذهب والفضة بالفضة. ولو أن رجلاً اشترى فضة بفضة لا يدري ما وزن هذه ولا وزن هذه أو يعرف وزن هذه ولا يعرف وزن هذه الأخرى كان هذا فاسداً لا يجوز حتى يعرف أنهما سواء. وكذلك الذهب بالذهب لا ¬

_ (¬1) الدانق هو سدس الدرهم. انظر: مختار الصحاح، "دنق". (¬2) م ز: فإنه. (¬3) التصحيح مستفاد من ب. (¬4) ف - أتي. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 70؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 285. (¬6) ز - وكذلك لو اشترى إناء مصوغا فضة فيه مائة درهم فضة بدينار. (¬7) أي سوار غير ملوي. انظر: المغرب، "قلب". (¬8) م: ولا.

يعرف وزن واحد منهما أو يعرف وزن أحدهما ولا يعرف وزن الأخرى، فإن هذا فاسد لا يجوز حتى يكون وزنهما سواء، ويكون وزن ذلك معروفاً (¬1)، يداً بيد. وإذا اشترى الرجل دراهم بدراهم مثلها ثم تفرقا قبل القبض أو قَبَضَ أحدهما ولم يقبض (¬2) [الآخر] فإن البيع فاسد وينتقض. وكذلك إناء فضة بدراهم أو تِبْر من الفضة بدراهم مثلها أو إناء فضة (¬3) بفضة مثلها في الوزن. فإن تفرقا قبل أن يقبضا انتقض البيع وفسد. وإن قبض أحدهما ولم يقبض الآخر حتى تفرقا فسد البيع. [وكذا الدنانير بدنانير مثلها] (¬4). وكذلك الذهب التِّبْر بالذهب أو بالدنانير. وكذلك الحلي المصوغ (¬5) من الذهب بالدنانير بمثل وزنه وقد قبض أحدهما ولم يقبض الآخر أو لم يقبضا جميعاً، فإن البيع ينتقض ويفسد. وكذلك الدراهم بالدنانير والفضة التِّبْر أو الآنية من الفضة بالدنانير أو الذهب التِّبْر أو حلي ذهب. فإن تفرقا قبل أن يقبضا جميعاً فإن البيع ينتقض ويفسد. وإذا اشترى رجل سيفاً محلى بفضة (¬6) بدراهم أكثر مما فيه ثم تفرقا قبل أن يقبضا فإن البيع ينتقض ويفسد، لأنه شيء واحد لا يُنْقَض (¬7)، فإن (¬8) فسد بعضه فسد كله. ألا ترى أنه لو باعه الجَفْن والحمائل أو ¬

_ (¬1) ز: معروف. (¬2) ف م ز: أو لم يقبض. وعبارة ب: وتفرقا قبل قبضهما أو أحدهما. (¬3) م - بدراهم أو تبر من الفضة بدراهم مثلها أو إناء فضة. (¬4) الزيادة من ب جار. (¬5) ف م ز: المصنوع. (¬6) ف م ز + أو. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 13. (¬7) ولفظ الحاكم: لا يبعض. انظر: الكافي، الموضع السابق. ولفظ السرخسي: لا يتبعض. انظر: المبسوط، 14/ 13. (¬8) ز: فإذا.

النَّصْل (¬1) دون الفضة لم يجز ذلك. وكذلك المِنْطَقَة (¬2) المفضّضة والسَّرْج المفضَّض والإناء المفضَّض. وكذلك لو كان الثمن ذهباً. فإن نقد الثمن بحساب ما يصيب الفضة ولم ينقد (¬3) البقية فهو جائز. وكذلك لو اشترط تأخير البقية إلى أجل معلوم فهو جائز. وإن كان الثمن في هذا دنانير أو دراهم أو مثاقيل (¬4) فضة معروفة أو مثاقيل ذهب معروفة فهو سواء، وهو جائز. وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدينار (¬5) وتقابضا ثم وجد فيها درهماً رصاصاً أو نحاساً أو سَتُّوقاً (¬6)، فإن كانا لم يتفرقا استبدله منه، وإن كان قد تفرقا رد عليه، وكان شريكاً فى الدينار (¬7) [بحصته] (¬8)، وانتقد (¬9) تسعة دراهم، ثم تفرقا قبل أن يقبض الدرهم الباقي، فهو شريك في الدينار (¬10) بالعُشْر (¬11). وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدينار وتقابضا وتفرقا ثم وجد فيها ¬

_ (¬1) تقدم تفسير هذه الألفاظ قريباً. (¬2) تقدم تفسيره قريباً. (¬3) ز: ينتقد. (¬4) تقدم تفسير المثقال قريباً. (¬5) ف م ز: بدنانير. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 14/ 13. ويدل عليه لفظ المسألة التالية. (¬6) ف م ز: درهم رصاص أو نحاس أو ستوق. والتصحيح من ب. قال المطرزي: السَّتُوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬7) ف م ز: في الدنانير. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 13. (¬8) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 13. (¬9) وفي ب: كما لو انتقد. وعبارة الحاكم: وهذا بمنزلة لو انتقد. انظر: الكافي، الموضع السابق. وقال السرخسي: لأنه تبين أنه كان قبض في المجلس تسعة دراهم. انظر: المبسوط، 14/ 13. (¬10) م ز: في الدنانير. (¬11) ف م ز: بالعشرة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 14/ 13.

درهماً نَبَهْرَجاً (¬1) أو لا تَنْفُق (¬2) غير أنه فضةٌ أو زَيْفاً (¬3) فإنه يستبدله. وكذلك إن وجد فيها درهمين أو ثلاثة أو أقل من النصف. وإن وجد أكثر من النصف أو النصف سواءً زُيوفاً (¬4) فإن أبا حنيفة كان يقول بردها، ويكون شريكاً في الدينار، ويقول: يستبدل ما بقي الأكثر، ولا يجوز أن يستبدلها (¬5). وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز أن يستبدلها وإن وجد كلها زيوفاً، لأنها فضة، ولأن البيع لم ينتقض. ألا ترى أنه لو شاء قال: أنا أجيزها عنك وأقبلها، فجاز ذلك لهذا. فكذلك النَّبَهْرَج والدراهم التي لا تجوز، غير أنها فضة، فإنه يستبدلها. وهذا عند أبي يوسف ومحمد بمنزلة رجل اشترى عشرة دراهم بِيض بدينار (¬6) فدلّس له البائع سُوداً مكانها وقبضا وتفرقا ثم علم بذلك، فإن شاء أجازها ورضي بها، وإن شاء ردها وأخذ مكانها بِيضاً كما شرط له. وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار وليست الدراهم عند البائع ولا الدنانير عند المشتري فاستقرض البائع ألف درهم فدفعها إلى المشتري واشترى (¬7) المشتري مائة دينار فنقدها وتقابضا قبل أن يتفرقا فإن هذا جائز. ¬

_ (¬1) ز: نهرجا. النَّبَهْرَج والبَهْرَج الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَه ـ وقيل: المُبْطَل السِّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج". (¬2) ز: لا ينفق. (¬3) ف م ز: أو زيف. والتصحيح من ب. زَافَتْ عليه دراهمُه أي صارت مردودة عليه لِغِشِّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: ثم الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬4) ز: زيوف. (¬5) أي إذا كانت النصف أو أكثر من النصف فلا يستبدلها. (¬6) ف: بدنانير. (¬7) ولفظ الحاكم والسرخسي: استقرض. انظر: الكافي، 1/ 178 ظ؛ والمبسوط، 14/ 14.

ولا يشبه هذا العروض والحيوان. وليس هذا مثل بيع الرجل ما ليس عنده، لأن الدراهم هي الثمن والدنانير هي الثمن، كل واحد منهما هو الثمن. وكذلك الفضة التِّبْر والذهب التِّبْر، لو اشترى رجل عشر مثاقيل فضة بمثقال ذهب وليست الفضة ولا الذهب عند كل واحد منهما فاستقرض كل واحد منهما فدفعه قبل أن يتفرقا إلى صاحبه كان جائزاً. ولو أن رجلاً باع (¬1) إناء فضة بوزنه فضة أو بدنانير مسماة أو باع قُلْب ذهب بوزنه ذهباً (¬2) أو بدراهم ثم استحق القُلْب قبل الفرقة أو الإناء (¬3) بطل البيع. ولا يشبه هذا في هذا الموضع الدراهم والدنانير، ولو اشترى رجل من رجل ألف درهم بمائة دينار فاستحقت الدراهم قبل أن يتفرقا فأعطاه مثلها كان ذلك جائزاً. وكذلك لو استحقت الدنانير فأعطاه مثلها قبل أن يتفرقا كان جائزاً. وإذا اشترى الرجل ألف درهم بعينها بمائة دينار والدراهم بِيض فقال: أعطني سُوداً، لم يكن ذلك إلا أن يرضى البائع. فإن تراضيا على ذلك فهو جائز. وكذلك لو اشترى منه ضَرْباً (¬4) من الدنانير فقال له البائع: أعطني دنانير بقيمتها، لم يكن له ذلك إلا أن يرضى بذلك الآخر، فإن تراضيا فهو جائز (¬5). وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار ولم يسم واحد منهما شيئاً فلكل واحد منهما نقد الناس [في ذلك البلد] (¬6). ولصاحب الدنانير مائة دينار كوفية إذا كانا بالكوفة. ولصاحب الدراهم ألف درهم غَلّة (¬7) نقد الكوفة. فإن كانا في بلد غير الكوفة فلكل واحد منهما نقد ذلك ¬

_ (¬1) م ز: اباع. (¬2) ز: ذهب. (¬3) ف م ز: والإناء. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 14. (¬4) ز: ضرب. (¬5) وعبارة السرخسي: وكذلك لو قبض الدراهم فأراد أن يعطيه ضَرْباً آخر من الدنانير سوى ما عيّنه لم يجز ذلك إلا برضاه ـ انظر: المبسوط، 14/ 18. (¬6) الزيادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 18. (¬7) تقدم تفسيره قريباً.

البلد. فإن كان (¬1) النقد مختلفاً متفاضلاً (¬2) فالبيع فاسد إلا أن يسميا من ذلك ضرباً معلوماً. وإذا اشترى الرجل سيفاً محلى بفضة (¬3) بعشرة دنانير فقبض السيف ولم ينقد الدنانير ولم يفترقا حتى باع المشتري السيف من آخر وقبضه المشتري الآخر ولم ينقد [الثمن] (¬4) أيضاً حتى افترقوا جميعاً وفارق بعضهم بعضاً فإنه يرجع (¬5) السيف إلى الأول، لأن البيع كله انتقض. ولو لم يفارق الآخِرُ الأوسطَ حتى فارقه الأول ثم نقده الآخِر فإن بيع الأوسط جائز في السيف. وإن فارقه الأول ثم [إن] (¬6) الأوسط باع السيف من الآخِر فبيع الآخِر جائز. قلت: ولم أجزت بيع الأوسط بعدما فارق الأول؟ قال: لأنه في يد الأول على بيع فاسد، فيجوز بيعه إياه من الآخر، والأوسط ضامن لقيمة السيف. فإن باع (¬7) الأوسط نصف السيف أو لم يدفع إليه حتى جاء الأول فخاصمهم فإنه يدفع إلى الأول نصفه، ويجوز البيع في نصفه، ويضمن الأوسط نصف قيمة السيف للأول (¬8) من الذهب. وإن كان النقد معروفاً فقال أحدهما: شرطت لي كذا وكذا، لشيء أفضل من النقد المعروف، وقال الآخر: لم أشرط لك، فإنهما يتحالفان. وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى الآخر. وإن حلفا جميعاً ترادّا. فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة الذي يدعي الفضل منهما. قلت: ولا ترى هذا شرطاً يبطل؟ قال: لا. هذا اختلاف (¬9) في الثمن. ¬

_ (¬1) ز - كان. (¬2) ز: يتفاضل. (¬3) م ز: بعضه. (¬4) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 14/ 18. (¬5) ز: مرجع. (¬6) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 19. (¬7) ف - السيف فإن باع، صح هـ. ـ (¬8) ف: الأول. (¬9) ف م ز: اختلفا. والتصحيح من ب جار.

وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار [فنقد الدنانير] (¬1) فقال الآخر: اجعلها الدراهم التي لي عليك، ففعل فهو جائز. وإن أبى لم يجبر عليه، ولم يكن قصاصاً (¬2). وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار فنقد الدنانير وقبض من الدراهم طائفة ثم تفرقا قبل أن يقبض ما بقي انتقض من البيع (¬3) بقدر ما بقي، ومضى منه بقدر ما انتقد وجاز. وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار فوكل كل واحد منهما وكيلاً يقبض منه ويدفع إليه وتفرقا هما قبل القبض فإن البيع ينتقض ويفسد. وكذلك إن وكل أحدهما وذهب وأقام الآخر فإن البيع ينتقض ويفسد. فإن لم يتفرقا حتى تقابض الوكيلان ذلك فهو جائز. وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدينار فنقد تسعة دراهم وبقي درهم ونقد الآخر الدينار ثم لم يتفرقا ولم يكن عنده درهم فقال: بعني بالدرهم (¬4) شيئاً، فإن ذلك لا يجوز، ولا يبرأ من الدرهم بذلك البيع، لأنه ليس [له أن] (¬5) يشتري بالدراهم (¬6) شيئاً حتى يقبضها. وإذا اشترى الرجل من الرجل ألف درهم بمائة دينار فنقده الدنانير ولم ينتقد الدراهم حتى اشترى منه بها (¬7) خادماً فإن ذلك لا يجوز، ولا يلزم البيع، وليس له أن يشتري بالدراهم شيئاً حتى يقبضها. وإذا اشترى الرجل إبريق فضة وزنه ألف درهم بألف درهم ونقده خمسمائة درهم وقبض الإبريق ثم تفرقا فإنه يلزمه نصف الإبريق ويبطل نصفه. ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 19. (¬2) ز: قصاص. (¬3) ز: من المبيع. (¬4) ز: بالدراهم. (¬5) انظر المسألة التالية. (¬6) ف - لأنه ليس له أن يشتري بالدراهم. (¬7) ف: بها منه.

وإذا اشترى الرجل إبريق فضة بألف درهم وقبض كل واحد منهما ثم إن الذي اشترى الإبريق وجد فيه كسراً أو عيباً فهو بالخيار، إن شاء رده، وإن شاء أخذه. وليس هذا كالخيار في عقدة البيع. واذا اشترى الرجل سيفاً محلى فيه خمسون درهماً بمائة درهم وتقابضا ثم إن المشتري وجد بالسيف عيباً أو استحق نصفه فهو بالخيار، [ففي الاستحقاق] إن شاء رد ما بقي وأخذ الثمن كله، وإن شاء أمسك ما بقي، ويرجع بنصف الثمن، وفي العيب إن شاء رده وأخذ الثمن (¬1)، وإن شاء أمسكه. وكذلك المنطقة المفضضة والإناء المفضض والسرج المفضض. وكذلك القُلْب والطوق الفضة يشتريه الرجل بوزنه وتقابضا وتفرقا (¬2) ثم وجد فيه كسراً أو عيباً فهو بالخيار، إن شاء رده وأخذ ما نقد، وان شاء أمسكه. والخيار في هذا بغير شرط مستقيم جائز صحيح. وإذا اشترى الرجل من الرجل إبريق فضة وزنه ألف درهم بألف درهم ثم تقابضا ثم وجد فيه هَشِيماً ليس بنافذ ولا يسيل (¬3) منه ماء وهو عيب فإن له أن يرده إن شاء. وإن انكسر الإبريق عنده قبل أن يرده فإن رأى به عيباً فليس له أن يرده، وليس له أن يرجع بفضل شيء إلا أن يرضى البائع أن يقبله مكسوراً ويرد عليه الثمن. ولو رجع بفضل العيب كان قد أخذ فضةً مِثْلَها وفَضَلَ شيءٌ، فلذلك (¬4) لا يجوز. ولو كان اشتراه بدنانير كان له أن يرجع بفضل العيب، وليس الدنانير في هذا كالدراهم (¬5). ولو أن رجلاً اشترى من رجل إبريق فضة وزنه ألف درهم بألف درهم وتقابضا وتفرقا فاستحق رجل نصف الإبريق وصار تِبْراً كان للمشتري أن يرجع على البائع بنصف الثمن الذي استحق، وليس له أن يرد ما بقي لما ¬

_ (¬1) م ز - وأخذ الثمن. (¬2) ف ز: ويتقابضا ويتفرقا. (¬3) ز: نسيل. (¬4) ز - فلذلك. (¬5) ف: كالدراهم في هذا.

حدث فيه من العيب (¬1). وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار فنقده المائة دينار ولم ينتقد الألف حتى اشترى بها من رجل خادماً أو عرضاً أو باعها بدنانير بربح أو وضيعة أو برأس المال فإني لا أجيز ذلك، وأبطله، مِن قِبَل أنه باعه صَرْفاً قبل أن يقبضه، ولا ينبغي أن يبيع صَرْفاً ولا يشتري به حتى يقبضه. ولو اشترى الآخر بالدنانير شيئاً جاز ذلك، لأنه قد قبضها. وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدينار من رجل ونقد الدينار ثم اشترى منه ثوباً بعشرة دراهم ثم قبضه فصار له عليه عشرة فقال: اجعلها بها قبل أن يتفرقا، فإن تراضيا بذلك فإنه لا يجوز، وأيهما أبى ذلك لم يكن له قصاص ولم يكن بها. قلت: فإن اشترى (¬2) منه ثوباً بعشرة دراهم ثم صرف عنده ديناراً بعشرة ثم لم يفترقا (¬3) حتى تقاصّا؟ (¬4). قال: أستحسن أن أجيزه، كأنه اشترى ما عليه بعشرة، ولا يكون قصاص حتى يتقاصّا (¬5). وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم بدينار من رجل ونقده الدينار فلم يكن عنده الدراهم فاستقرضها من الذي نقده الدينار (¬6) وقبضها منه ثم دفعها إليه فإنه جائز. ¬

_ (¬1) والمسألة في ب هكذا: ولو استُحق نصف الإبريق بعدما انكسر رجع على البائع بنصف الثمن، ولا يرد ما بقي منه لأجل الكسر الحادث. وعبارة الحاكم في الكافي مع شرح السرخسي هكذا: وإن لم يجد به عيباً ولكنه استحق نصفه ولم يرد النصف الباقي على البائع حتى انكسر الإبريق لزمه النصف الباقي بالعيب الحادث عنده فيه، ورجع بنصف الثمن، لأن العقد في النصف المستحق قد بطل. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 21. (¬2) ف م ز: اشتريت. (¬3) م ز: لم يفترق. (¬4) ف م ز: حتى تقاصصا. (¬5) ف م ز: حتى يتقاصان. (¬6) م ز - من الذي نقده الدينار.

وإذا اشترى الرجل من الرجل عشرة دراهم بدينار وتقابضا إلا درهماً واحداً (¬1) بقي من العشرة فأراد الذي اشترى منه الدراهم أن يأخذ منه (¬2) عشر الدينار (¬3) ولم يكن عند الآخر درهم فله ذلك. فإن قال له: بعني بعشر الدينار فلوساً مسماة أو عرضاً مسمى فباعه فذلك جائز. يقول: لأني إذا افترقا [جعلته] كأنه (¬4) بيع فاسد يجوز، كأني ناقضتُه (¬5) فيه وبعتُه (¬6)، وإن لم يفترقا (¬7) فذلك أَجْوَز. ولو باعه بالدراهم (¬8) لم يجز. فهذا مخالف لذلك. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم دين فباع (¬9) دينه من رجل آخر بمائة دينار وقبض الدنانير فإن ذلك لا يجوز، وعليه أن يرد الدنانير. وكذلك لو اشتراها (¬10) بذلك الدين كان هذا باطلاً ولا يجوز، وهذا قول أبي حنيفة (¬11). وإذا اشترى الرجل بمائة دينار عنده وديعة لرجل ألفَ درهم ونقدها وقبضها ثم جاء صاحبها فأخذها من البائع، فإن كانا لم يتفرقا كان له عليه مثلها دنانير، وإن كانا قد تفرقا رجع عليه بالف درهم. ولو أن صاحب الدنانير أجاز البيع كان جائزاً، وكان له مثل دنانيره. وكذلك لو كانت ألف درهم وديعة عند رجل لرجل فباعها بمائة دينار وتقابضا فهو مثل الباب ¬

_ (¬1) ز: إلا درهم واحد. (¬2) م ز - منه. (¬3) م ز: الدنانير. (¬4) ف: كله. (¬5) ف م ز: ناقضت. والتصحيح من ب. وانظر لشرح المسألة: المبسوط، 14/ 13، 21. (¬6) وعبارة ب: لأنه كبيع فاسد ناقضه فيه وباعه. (¬7) ز: لم يفترق. (¬8) ف: بالدرهم؛ ز: الدراهم. (¬9) م ز: فباعه. (¬10) أي لو اشترى الدنانير، كما هو في ب. (¬11) قال الحاكم: وكذلك لو اشترى بذلك الدين من رجل خادماً كان باطلاً، وكذلك كل دين إلا أن يشتريه من الذي هو عليه ويقبضه فيجوز. ويقول السرخسي -رحمه الله-: وكذلك بيع الدين من غير من عليه الدين والشراء بالدين من غير من عليه الدين سواء، كل ذلك باطل، وعلى قول زفر: الشراء بالدين من غير من عليه الدين صحيح كما يصح ممن عليه الدين ... انظر: المبسوط، 14/ 22. ورأي الصاحبين موافق للإمام في المسألة، ولم يذكر الحاكم ولا السرخسي خلافاً لهما في ذلك.

الأول سواء. وكذلك رجل اشترى عشرة مثاقيل فضة بغير عينها بدنانير (¬1) وتقابضا ثم إن إنساناً استحق الإبريق وأجاز البيع قبل أن يقضى له به فهو جائز، وله الثمن. ولا يشبه هذا عندي الدنانير والدراهم، لأن هذا في هذه الحال بمنزلة العروض. وإذا اشترى الرجل عشرة دراهم وديناراً (¬2) باثني عشر درهماً وتقابضا فهو جائز، عشرة بمثلها، والدينار (¬3) بالفضل. وإذا اشترى الرجل ديناراً ودرهمين بدرهمين ودينارين وتقابضا فهو جائز، ويكون دينار بدرهمين، وليس هذا كالأول (¬4)، ولو استُحق الدينار الذي مع الدرهمين رجع بالدرهمين (¬5) اللذين مع الدينارين (¬6)، ولو استُحق الدرهمان اللذان (¬7) مع الدينار رجع بالدينارين (¬8) اللذين مع الدرهمين. ¬

_ (¬1) ز: ودنانير. (¬2) ف ز: ودنانيرا. (¬3) ز: والدنانير. (¬4) أي يصرف الجنس إلى خلاف الجنس، وليس هكذا في المسألة التي قبلها. انظر: المبسوط، 14/ 23. وقد شرح السرخسي المسألة باستيفاء في كتاب البيوع. انظر: المبسوط، 12/ 190. (¬5) ف: من الدرهمين؛ م ز: الدرهمين. (¬6) م ز: مع الدينار. (¬7) ز: الدرهمين اللذين. (¬8) ف: بالدينار.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجُزُءُ الثالث إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (3)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

باب الخيار في الصرف

باب الخيار في الصرف وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار واشترط الخيار يوماً فإن أبطل الخيار قبل أن يتفرقا فالبيع جائز، وإن تفرقا وقد تقابضا فهذا البيع فاسد لا يجوز، مِن قِبَل الخيار الذي دخل فيه. و [كذلك] إن كان الخيار في هذا للبائع فهو فاسد. فإن كان الخيار لهما جميعاً فهو فاسد أيضاً. وإن كان الخيار ثلاثة أيام أو يومين أو شهراً فهو سواء (¬1)، وهذا (¬2) فاسد كله. فإن أبطلا الخيار قبل أن يتفرقا فهو جائز. وكذلك إن أبطله الذي له الخيار فهو جائز أيضاً. وإذا اشترى الرجل إبريق فضة بوزنه فضة أو بدنانير واشترط الخيار يوماً فهذا فاسد. وكذلك قُلْب (¬3) ذهب اشتراه رجل بدراهم أو بوزنه ذهباً واشترط الخيار يوماً. وكذلك التِّبْر من الذهب والفضة والآنية. وكذلك الحلي من الذهب والفضة. [وكذلك الطَّوْق من الذهب] (¬4) اشتراه رجل بفضة واشترط الخيار يوماً وفيه جوهر ولؤلؤ (¬5) لا يتخلّص إلا أن يكسر (¬6) الطوق فإن البيع فاسد. وكذلك السيف المحلى يشتريه الرجل بألف درهم أكثر مما فيه أو بدنانير واشترط الخيار يوماً فهو فاسد. وكذلك المِنْطَقَة (¬7) المفضضة والسَّرْج المفضض والآنية المفضضة والخاتم الفضة فيه فَصّ، فكل (¬8) شيء من هذا اشتراه رجل بفضة أكثر مما فيه أو بذهب واشترط الخيار يوماً فهو فاسد. فإن اشترط (¬9) الخيار للبائع أو للمشتري أو لهما ¬

_ (¬1) ز: فاسد. (¬2) ف - سواء وهذا، صح هـ. (¬3) هو السوار غير الملوي كما تقدم. (¬4) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 1/ 179 و؛ والمبسوط، 14/ 23. (¬5) ف: ولو. (¬6) ز: إن انكسر. (¬7) هي ما تربط على وسط الإنسان كما تقدم. (¬8) م: كل. (¬9) ز: اشتر.

جميعاً أو لغيرهما فإن ذلك فاسد لا يجوز. فأما اللِّجَام المموَّه بالفضة أو الخَرَز (¬1) المموَّه بالفضة يشتريه الرجل بالذهب أو فضة أقل مما فيه أو أكثر ويشترط الخيار يوماً فإن البيع جائز، لأن المموه لا يُجْمَع (¬2) ولا يشبه غيره. وإذا اشترى الرجل جاريةً وطَوْقَ ذهبٍ فيه خمسون ديناراً بألف درهم واشترط الخيار في الجارية والطَّوْق يوماً فإن هذا فاسد كله في قول أبي حنيفة. وأما في (¬3) قول أبي يوسف ومحمد، فقالا: نُفسد الطوق ونُجيز (¬4) الجارية بحصتها من الثمن، وإن تقابضا أو لم يتقابضا فهو في ذلك سواء. وكذلك إن كان اشتراهما بمائة دينار فهو سواء. وإذا كان الخيار فيه ساعةً أو شهراً أو سنة في ذلك فهو سواء. وإذا اشترى الرجل جاريةً وطَوْقَ ذهبٍ فيه خمسون ديناراً بحنطة جُزَافاً أو كيلاً مسمى أو بشيء من العروض مما يوزن أو مما لا يوزن ويشترط الخيار يوماً أو ثلاثة أيام فهذا جائز، لأن هذا ليس فيه صرف. وإذا اشترى الرجل بدرهمٍ رِطْلاً من نحاس واشترط الخيار يوماً فهذا جائز، لأن هذا ليس بصرف وإن كان يوزن. وإن كان الخيار للبائع أو للمشتري فهو سواء. فإن كان مكان النحاس رصاص أو حديد أو شَبَه (¬5) فهو جائز. وكذلك (¬6) إن كان إناءً مصوغاً فهو جائز. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى ¬

_ (¬1) الخَرَز جمع الخَرَزَة التي تُنْظَم. انظر: مختار الصحاح، "خرز". وهي ما تُنْظَم في سِلْك للزينة. (¬2) وعبارة ب: لا يخلص منه شيء. ولفظ السرخسي: لا يتخلص. انظر: المبسوط، 14/ 24. (¬3) ف - في. (¬4) ف م ز: فقال أفسد الطوق وأجيز. (¬5) قال ابن منظور: الشَّبَه والشَّبْه: النحاس يُصبَغ فيَصفرّ، وفي التهذيب: ضَرْب من النحاس يُلقَى عليه دواء فيصفرّ، قال ابن سيده: سمي به لأنه إذا فُعل ذلك به أشبه الذهب بلونه، والجمع أشباه، يقال: كوز شَبَه وشِبْه بمعنى. انظر: لسان العرب، "شبه". قال الفيومي: وهو أرفع الصُّفْر. انظر: المصباح المنير، "شبه". (¬6) ف: ولذلك.

باب البيع في الفلوس والشراء

زيتاً أو سمناً بدرهم أو بدينار واشترط الخيار يوماً كان جائزاً. إنما يفسد الخيار في الذهب بالذهب والفضة بالفضة والذهب بالفضة والفضة (¬1) بالذهب، تِبْراً كانا جميعاً أو أحدُهما أو إناءً من ذلك أو دراهم أو دنانير. فإذا وقع في ذلك خيار فالبيع فاسد، لأنه صرف، ولا خيار في الصرف. وكذلك كل ما وصفت لك من الآنية المفضَّضة (¬2) والسَّرْج والسيف والمِنْطَقَة إذا كان ذلك مفضَّضاً، لأنه شيء واحد. فإذا وقع الخيار فهو فاسد بعد أن يكون الثمن ذهباً أو فضة. فإن كان الثمن من (¬3) غير ذلك مما يوزن من الأدهان والإدام فهو جائز. وكذلك إن كان يوزن الثمن من النحاس والحديد والشَّبَه والرصاص تِبْراً كان أو إناءً مصوغاً فهو جائز. وكذلك إن كان الثمن شيئاً مما يكال أو شيئاً من العروض لا يكال ولا يوزن فهو جائز وإن كان فيه خيار يوماً أو ثلاثة أيام. فإن كان السيف هو الثمن فهو سواء. ولا يضرك أيهما سميتَ الثمن وأيهما سميتَ البَيْع (¬4) في ذلك. لا يفسد البيع مِن قِبَل هذا الوجه. وكذلك السَّرْج المفضَّض والمِنْطَقَة المفضَّضة والإناء المفضَّض. وكذلك الحلي المصوغ بالجوهر والخاتم (¬5) الذهب فيه فَصّ أو ليس فيه فَصّ (¬6). وكذلك الخاتم الفضة فيه فَصّ أو ليس فيه فَصّ فهو سواء. وهذا كله باب واحد. باب البيع في الفلوس والشراء وإذا اشترى الرجل فلوساً بدراهم (¬7) ونَقَدَ الدراهم ولم تكن الفلوس عند صاحبها البائع فإن البيع جائز، مِن قِبَل أن الفلوس بمنزلة الثمن. فإن ¬

_ (¬1) م ز: أو الفضة. (¬2) م: المفضة. (¬3) م ز - من. (¬4) البيع بمعنى المبيع. انظر: المغرب، "بيع". (¬5) م: أو الخاتم. (¬6) ز - فص. (¬7) م ز: بدرهم.

استقرضها فدفعها إليه فهو جائز. فإن افترقا قبل أن (¬1) يدفعها إليه ثم دفعها إليه بعد ذلك فهو جائز. وإن لم تكن (¬2) الدراهم (¬3) عنده ولم تكن (¬4) الفلوس عند هذا ثم تقابضا جميعاً قبل أن يتفرقا فهو جائز. وإن تفرقا قبل أن يقبض كل واحد منهما فإنه لا يجوز البيع، وقد انتقض البيع، وليس مِن قِبَل أن هذا صرف، ولكن مِن قِبَل أنهما افترقا وكل واحد منهما الذي اشترى تَرَكَه على صاحبه ديناً، وكل واحد منهما هو الثمن، فصار هذا ديناً (¬5) بدين، فلا يجوز مِن قِبَل ذلك. وإذا اشترى الرجل خاتم فضة فيه فَصّ أو ليس فيه فَصّ أو خاتم ذهب فيه فَصّ (¬6) أو ليس فيه فصّ بكذا (¬7) كذا فَلْساً فهو جائز. فإن لم تكن الفلوس عنده فهو جائز. فإن تقابضا قبل أن يفترقا أو بعدما افترقا فهذا جائز. ولا يشبه الدراهم، لأن الدراهم ثمن في هذا الوجه، والخاتم هاهنا بمنزلة العَرْض. وإذا اشترى الرجل فاكهةً أو لحماً أو ثوباً بكذا كذا فَلْساً وليست عنده الفلوس كان البيع جائزاً، قَبَضَا أو لم يقبضا، بعد أن يكون المبيع قائماً بعينه. والفلوس في هذا الوجه بمنزلة الدراهم والدنانير. ألا ترى أن الرجل يشتري اللحمَ بالدراهم والسَّمْنَ وأشباه ذلك ويَقْبِض ولا يَنْقُد فيكون ذلك جائزاً. وكذلك الفلوس والدنانير. وإذا اشترى الرجل (¬8) درهماً بكذا وكذا (¬9) فَلْساً أو كذا وكذا (¬10) فَلْساً اشتراها بدرهم فيكون سواء. فإن قبض أحدهما وبقي الآخر حتى تفرقا وكَسَدَ (¬11) ذلك الذي بقي عند (¬12) صاحبه فهو جائز مستقيم صحيح، إنما ¬

_ (¬1) م ز - الفلوس بمنزلة الثمن فإن استقرضها فدفعها إليه فهو جائز فإن افترقا قبل أن. (¬2) ف م ز: لم ينقد. والتصحيح من ب. (¬3) م ز: الدرهم. (¬4) ز: يكن. (¬5) ز: دين. (¬6) ز: ذهب. (¬7) ز: فكذا. (¬8) م ز - الرجل. (¬9) ف: بكذا كذا. (¬10) ف ز: أو كذا كذا. (¬11) ف م ز: وكسر. (¬12) ف م ز: عنده ـ

يفسد لو تفرقا (¬1) قبل أن يقبض كل واحد منهما. وإذا اشترى الرجل بعشرة أَفْلُس بعينها شيئاً من العروض وقبضه ثم أراد أن يعطيه غير ذلك الفلوس مما يجوز بين الناس فله ذلك. وهو بمنزلة الدراهم والدنانير في هذا الوجه. ولو أعطاه تلك الفلوس فوجد فيها فَلْساً لا تَنْفُق كان له أن يستبدله، بمنزلة درهمٍ زَيْف (¬2) وجده في الثمن، فله أن يستبدله. وإذا اشترى الرجل فَلْساً بعينه بفَلْسَين بأعيانهما فهو جائز، لأن هذا لا يوزن (¬3). ولا يكون بمنزلة الدراهم والدنانير (¬4) في هذا الوجه. وإن تفرقا قبل أن يقبضا فهو جائز. وليس لواحد منهما أن يعطي صاحبه غير ذلك بعينه. وأيهما ما هلك انتقض البيع. وإذا دفع صاحب الفَلْس فأراد الآخر أن يعطيه فَلْساً (¬5) غير ذلك الفَلْس فليس له ذلك. ولو رَخَّصْتُ في هذا دَخَلَ فيه شيءٌ قبيح فاحش: رجل باع فَلْساً بعينه بعشرين فَلْساً وقبض ¬

_ (¬1) ز: إذا تفرقا. (¬2) هو نوع رديء من الدرهم، وكان بيت المال يرده ولكن يروج بين التجار. وقد تقدم. (¬3) قال الحاكم: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا يجوز أن يبيع فلساً بفلسين بأعيانهما كانت أو بغير أعيانهما. انظر: الكافي، 1/ 179 و. وقد ذكر الإمام محمد هذه المسألة في كتاب البيوع أيضاً، فقال هناك: وكذلك الفلوس، فلا بأس بأن يُستبدل فلس بفلسين أو أكثر يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز ذلك يداً بيد ولا نسيئة؛ لأن الفلوس ثمن: إن ضاع منها شيء قبل القبض وجب على صاحبه مكانه؛ لأنه من نوعه. وقال أبو يوسف: إن ضاع الفلس قبل أن يدفعه فقبض الفلسين لم يجز أن يدفع أحدهما قضاء منه. وكذلك الفلوس لا بأس بأن يشتري فلساً بفلسين أو أكثر يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. وذكر الإمام محمد هنا أن بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما جائز، وسيذكر قول أبي يوسف بالجواز قريباً، ولم يذكر أنه مخالف لهما. وذكر السرخسي في الموضعين الجواز عن الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف، وعدم الجواز عن الإمام محمد. انظر: المبسوط، 183/ 12، 14/ 25 - 26. وانظر: بدائع الصنائع، 5/ 185، 6/ 59؛ وفتح القدير، 6/ 168، 170، 7/ 22، 75، 155؛ والبحر الرائق، 6/ 219. (¬4) م ز - والدنانير. (¬5) ف - فلسا.

العشرين فَلْساً ثم أعطاه فَلْساً منها ولم (¬1) يعطه ذلك الذي بعينه. فلو كان هذا جائزاً (¬2) أن يكون كان قد أخذ تسعة عشر فَلْساً بغير شيء. وهذا لا ينبغي ولا يجوز إلا أن يعطيه ذلك العاشر (¬3) بعينه فيجوز. وإذا اشترى الرجل مائة فَلْس بدرهم فنقد الدرهم وقبض من الفلوس خمسين فلساً ثم كَسَدَت الفلوس فإن المشتري يأخذ نصف درهم فضة (¬4). ولو لم تَكْسُدْ ولكنها رَخُصَتْ أو غَلَتْ فإن للمشتري خمسين فلساً، يجبر على أخذها إن أبى، ويجبر البائع على دفعها إن أبى، إلا أن يصطلحا على المتاركة. وإذا اشترى الرجل فلوساً بدرهمٍ، مائةَ فَلْس (¬5)، ثم لم يقبضها حتى باعها من آخر فإن هذا فاسد (¬6) لا يجوز. وكذلك لو باع الآخر الدرهم الذي باع [به] (¬7) الفلوس قبل أن يقبضه من الآخر بفلوس أو غيرها فإن هذا لا يجوز، لأن الدراهم دين والفلوس دين، فلا يجوز له أن يشتري بالدين ولا يبيعه. ولو أن رجلاً أقرض رجلاً عشرة أَفْلُس أو درهماً ثم باع ذلك من آخر بعَرْض بعينه أو اشترى من آخر عَرْضاً بعينه (¬8) لم يجز ذلك، لأن هذا دين لا يجوز الشراء به ولا البيع، إلا أن يبيعه من الذي هو عليه أو يشتري به منه شيئاً بعينه ويقبضه من قبل أن يتفرقا. ¬

_ (¬1) م ز: أو لم. (¬2) ز: جائز. (¬3) ولعل الصواب: الذي. وقد يكون "العاشر" بمعنى أن ذلك الفلس عاشر أحد العشرتين الموجودتين في عشرين فلساً. (¬4) وقال الحاكم: وإذا اشترى مائة فَلْس بدرهم فنقد الدرهم وقبض من الفلوس خمسين ثم كَسَدَت الفلوس بطل البيع في الخمسين الباقية، ورد البائع نصف الدرهم الذي قبض، وللمشتري أن يشتري منه بذلك النصف درهم ما أحب. انظر: الكافي، الموضع السابق. وانظر للشرح: المبسوط، 14/ 26. (¬5) م ز - فلس. (¬6) م ز - فاسد. (¬7) الزيادة من ب. (¬8) م - بعينه.

وإذا (¬1) اشترى الرجل بدينارٍ ألفَ فَلْس ونقد الدينار وقبض نصف الفلوس ثم كسدت الفلوس فإن البيع ينتقض في النصف الباقي، ويكون عليه نصف دينار. فإن تراضيا أن يبيعه به دراهم أو عَرْضاً غير ذلك يداً بيد فهو جائز. وحدثنا محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: لا بأس بالسلم في الفلوس (¬2). فإن أسلمتَ في الفلوس أو بعتَها نسيئة أو أسلمتَها هي في شيء فهو جائز. وإذا اشترى الرجل فَلْسا بفَلْسَين وكل واحد من ذلك بغير عينه فإن هذا فاسد لا يجوز. ولو أجزتُ هذا كان لصاحب الفَلْسَين أن يقبض الفلوس ويرد على صاحبه أحدهما ويمسك الآخر، فيكون قد أمسك فَلْساً بغير شيء، فهذا لا يجوز. وإذا اشترى الرجل مائة فَلْس بدرهم فقبضها فباع من واحد تسعين فَلْساً بدرهم فهو جائز، ولو لم يقبضها حتى باع (¬3) منها تسعين فَلْساً بدرهم (¬4) ثم قبض تلك الفلوس فنقد منها تسعين واستفضل عشرة أَفْلُس (¬5) فهذا جائز مستقيم. ¬

_ (¬1) ف: فإذا. (¬2) رواه الإمام محمد بنفس الإسناد في كتاب الآثار، 129، بلفظ: عن إبراهيم في السلم في الفلوس فيأخذ الكفيل، قال: لا بأس به. (¬3) م: حتى يبيع. (¬4) ز - فهو جائز ولو لم يقبضها حتى باع منها تسعين فلسا بدرهم. (¬5) ف - أفلس؛ ف م ز + فهذا ليس بجائز ولو لم يقبضها حتى يبيع تسعين فلسا ثم قبض تلك الفلوس فنقد منها تسعين واستفضل عشرف وعبارة ب موافقة لما في ف م، لكنه ذكر في هامشه: كذا ذكر الجواب في المسألتين وليس بينهما تفاوت في الوضع إلا أنه ذكر في الأولى أنه باع تسعين بدرهم وفي الثاني أطلق. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 26.

وسمعت أبا يوسف يقول: إذا اشترى الرجل فَلْساً بفَلْسَين بأعيانهما فهو جائز وإن لم يقبض واحد منهما حتى افترقا، لأنه بمنزلة العَرْض (¬1) في هذا الوجه، أيهما ضاع انتقض البيع. وإن (¬2) اشترى فَلْساً بفَلْسَين فهو جائز. وإن قبض أحدهما فجائز. وإن لم يقبض واحد منهما حتى تفرقا (¬3) فالبيع فاسد (¬4). وإذا اشترى الرجل من الفاكهة أو من الإدام بدانِق (¬5) فلوس أو بدانِقين فلوس أو بقيراط (¬6) فلوس فهذا جائز، وعليه من الفلوس ما سمى، لأن الدانِق معروف والقيراط. ولو اشترى شيئاً من ذلك بدرهم (¬7) فلوس كان مثل ذلك في القياس، وهو في الدرهم أفحش، لم يجز (¬8) ................. ¬

_ (¬1) ز: العروض. (¬2) ز: وإذا. (¬3) م: حتى يتفرقا. (¬4) تقدمت هذه المسألة قريباً. (¬5) الدانق هو سدس الدرهم كما مر. (¬6) القيراط هو نصف الدانق، أي جزء من اثني عشر جزء من الدرهم. انظر: المصباح المنير، "قرط". (¬7) ز: بدراهم. (¬8) ف م: لم يخبر (مهملة)؛ ز: لم نجيز. والتصحيح من ب. وقال السرخسي: وهو في الدرهم أفحش، ولم ينص على حكم الجواز والفساد هنا، وروى هشام عن محمد فيما دون الدرهم أنه يجوز، وإن قال: "بدرهم فلوس أو بدرهمين" لا يجوز، وهو اختيار الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل البخاري، وعن أبي يوسف أنه يجوز في الكل ... انظر: المبسوط، 14/ 26. فلم يذكر الحاكم ولا السرخسي أن محمداً يرى رده كما ذكر في المتن هنا، بل ذكر السرخسي أنه لم ينص على الجواز أو الفساد هنا كما مر. ويقول ابن نجيم: ولو اشترى شيئاً بنصف درهم فلوس صَحّ، وعليه فلوس تباع بنصف درهم، وعلى هذا لو قال: بثلث درهم أو بربعه أو بدانق فلوس أو بقيراط فلوس، لأن التبايع بهذا الطريق متعارف في القليل معلوم بين الناس لا تفاوت فيه، فلا يؤدي إلى النزاع، قَيَّدَ بما دون الدرهم، لأنه لو اشترى بدرهم فلوس لا يجوز عند محمد أو بدرهمين فلوس لا يجوز عند محمد لعدم العرف، وجوّزه أبو يوسف في الكل للعرف، وهو الأصح، كذا في الكافي والمجتبى. انظر: البحر الرائق، 6/ 220؛ وحاشية ابن عابدين، 5/ 271. لكن ذلك غير موجود في نسخة الكافي لدينا. ولعله في المجتبى. وقد ذكر ابن الهمام أن محمداً يقول بالجواز في ظاهر الرواية عنه. انظر: فتح القدير، 7/ 159. وهو مخالف لما سبق. ولعل هذا الموضع مما اختلفت فيه نسخ كتاب الأصل.

ولم يرده (¬1). ومحمد يرى رده. ولو أعطى الرجل درهماً للبائع (¬2) وقال: أعطني بنصفه، فلوساً، وأعطني [بنصفه الباقي] (¬3) درهماً صغيراً وزنه نصف درهم، فهذا جائز مستقيم. فإن لم يقبض الفلوس والدرهم الصغير حتى تفرقا (¬4) وقد سمى له الفلوس فإن الفلوس جائزة لازمة له، ولا يجوز الدرهم الصغير، لأنه في هذا صرف، وليس في الفلوس صرف. ولو لم يكن دفع الدرهم الأول حتى تفرقا (¬5) انتقض ذلك كله، الفلوس منه والدرهم الصغير، أما الدرهم الصغير (¬6) بنصف الدرهم الكبير فهو صرف قد تفرقا قبل أن يقبضا، فلا (¬7) يجوز، وأما (¬8) الفلوس بنصف الدرهم فكل واحد منهما دين (¬9) على صاحبه، وليس يجوز دين بدين. وإن قبض الفلوس فحصتها من ذلك جائزة، والآخر باطل. وإن قبض الدرهم الصغير ولم يقبض غير (¬10) ذلك بطل ذلك كله، لأنه صرف غير مقبوض. واذا دفع الرجل إلى الرجل درهماً فقال: أعطني بنصفه فلوساً: كذا كذا فَلْساً، وأعطني (¬11) بنصفه الباقي درهماً صغيراً يكون فيه نصف درهم إلا حَبّة (¬12)، فإن هذا فاسد، لأنه صرف نصفه بنصف إلا حبة. وينبغي في القياس في قياس قول أبي حنيفة أن يفسد الفلوس والدرهم الصغير جميعاً، ¬

_ (¬1) ز: نرده. (¬2) ف م: البائع. والتصحيح من ب. (¬3) الزيادة من ب. ولفظ السرخسي: بنصف. انظر: المبسوط، 14/ 27. (¬4) م: حتى يتفرقا. (¬5) م: حتى يتفرقا. (¬6) ف - الصغير. (¬7) م: ولا. (¬8) ز: أما. (¬9) ز: دينا. (¬10) م ز - غير. (¬11) الأصح هو إسقاط لفظة "أعطني"، كما سيأتي إيضاح ذلك في الحاشية. (¬12) قال الرازي: الحبة جزء من ثمانية وأربعين جزء من الدرهم. انظر: مختار الصحاح، "مكك". وقال الفيومي: كان الدرهم اثنتي عشرة حبة خُرْنوب في أحد الأوزان قبل الاسلام، وأما الدرهم الإسلامي فهو ست عشرة حبة. انظر: المصباح المنير، "درهم".

لأنهما صفقة واحدة، فإن فسد بعضها فسد (¬1) كلها. وفي قول أبي يوسف [ومحمد] (¬2) الفلوس جائزة لازمة له، والدرهم الصغير بنصف درهم إلا حبة باطل لا يجوز. ولو شارطه فقال: أعطني كذا وكذا فَلْساً ودرهماً صغيراً وزنه نصف درهم إلا قيراطاً (¬3)، كان هذا جائزاً كله إذا تقابضا قبل أن يفترقا (¬4). ولو أن رجلاً كان معه درهم (¬5) فقال: بعني بهذا الدرهم عشرين فلساً ودرهماً صغيراً (¬6) يكون وزنه دانقين ونصفاً (¬7)، كان هذا كله جائزاً إذا تقابضا قبل أن يتفرقا. ولو أن رجلاً كان معه درهم زَيْف أو سَتُّوق أو نَبَهْرَج (¬8) لا يَنْفُق فباعه ¬

_ (¬1) ف م - فسد. (¬2) الزيادة من الكافي، 1/ 179 ظ؛ والمبسوط، 14/ 27. (¬3) ز: إلا قيراط. (¬4) قال السرخسي -رحمه الله-: الأصح عندي أن العقد يجوز في حصة الفلوس عندهم جميعاً على ما وضع عليه المسألة في الأصل فإنه قال: وأعطني بنصفه الباقي درهماً، وإذا تكرر الإعطاء يتفرق العقد به، وفساد أحد العقدين لا يوجب فساد الآخر، ألا ترى أن على هذا الوضع لا يكون قبول العقد في أحدهما شرطاً للقبول في الآخر، إلا أن يكون وضع المسألة على ما ذكر الحاكم في المختصر: وبالنصف الباقي درهماً صغيراً (انظر: الكافي، الموضع السابق)، فحينئذ يكون العقد واحداً، لأنه لم يتكرر ما به ينعقد العقد، وهو قوله: أعطني. ولو قال: أعطني كذا فَلْساً ودرهماً صغيراً وزنه نصف درهم إلا قيراطاً، كان جائزاً كله إذا تقابضا قبل أن يتفرقا، لأنه قَابَلَ الدرهمَ هنا بما سمى من الفلوس ونصف درهم إلا قيراط، فيكون مثل وزن الدرهم الصغير من الدرهم بمقابلته، والباقي كله بإزاء الفلوس. انظر: المبسوط، 14/ 27 - 28. (¬5) ز: درهما. (¬6) ز: ودرهم صغير. (¬7) ز: ونصف. (¬8) ز: درهما زيفا أو ستوقا أو نبهرجا. الزَّيْف دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار. انظر: المغرب، "زيف". وقال السرخسي: الزيوف ما زيّفه بيت المال، ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. أما السَّتُّوق قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة =

من رجل وبَيَّنَ له (¬1) بخمس دوانيق فلوس أو بأربعة دوانيق فلوس كان هذا جائزاً مستقيماً. وإن باعه بنصف درهم فلوس (¬2) وبدرهم صغير وزنه دانقان (¬3) فهو جائز إذا تقابضا قبل أن يتفرقا. وإن باعه إياه بخمسة دوانيق فضة أو بدرهم غير قيراط فضة فهذا لا يجوز. وإن قال: بعني بهذه الفضة فلوساً: كذا كذا فَلْساً، فهذا جائز، لأن أصل هذا جائز (¬4). دان باعه إياه (¬5) بخمسة أسداس درهم أو بنصف درهم فإن هذا لا يجوز، لأن هذا يقع على الفضة دون الفلوس، فإذا وقع البيع على الفضة لم يجز بأقل مما فيه، وإذا وقعت على الفلوس جاز ذلك وإن كان قليلاً. وإذا اشترى بَيْعاً (¬6) بدانق أو بدانقين أو بنصف درهم فإن هذا كله يقع على الفضة إلا أن يَقْبَل (¬7) بذلك فلوساً، فإن قَبِل بها فلوساً فهو جائز مستقيم. واذا اشترى الرجل من الرجل بدرهم فلوساً وقبضها ولم ينقد الدرهم ¬

_ = إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، "ستق". وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. وأما النَّبَهْرَج والبَهْرَج فهو الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَه. وقيل: المُبْطَل السِّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج". (¬1) ف: وبر له. وفي ب: وبينه. ولفظ الحاكم والسرخسي: من رجل قد علم عيبه. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 28. (¬2) م ز + وبدرهم صغير فلوس. وما في المتن موافق أيضا لما في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 28. (¬3) ف م ز: دانقين. (¬4) م ز - لأن أصل هذا جائز. وقال السرخسي: لأنهما نوعان مختلفان. انظر: المبسوط، 14/ 28. (¬5) م ز - إياه. (¬6) أي: مبيعاً، كما تقدم غير مرة. (¬7) كذا في ف م؛ والكافي، الموضع السابق. لكن في ب: إلا أن يُقَيِّدَه بقوله فلوساً. ولفظ السرخسي: إلا أن يَقْرِنَ بكلامه ذكر الفلوس. انظر: المبسوط، 14/ 28.

حتى كسدت الفلوس فهو جائز، والدرهم [دين] (¬1) عليه. وإن لم يقبض الفلوس ونقد (¬2) الدرهم ثم كسدت الفلوس (¬3) قبل أن يقبضها فإن القياس في هذا أن يجوز ذلك عليه، ولكني أدع القياس، وأجعل عليه أن يرد الدرهم. وكذلك لو اشترى لحماً أو فاكهة بفلوس مسماة وقبض اللحم والفاكهة ثم كسدت الفلوس قبل أن يُقَبِّضَ الفلوسَ فإنه ينبغي في القياس أن يجوز عليه، ولكني أدع القياس في ذلك، وأجعل عليه قيمة ذلك الشيء يوم قبض إن كان مستهلكاً، وإن كان قائماً ينتقض البيع فيه (¬4). وإذا اشترى فاكهة بعشرة أَفْلُس فقبضها ولم ينقده الفلوس حتى رَخُصَت أو غَلَت فإن عليه عشرة أَفْلُس من ذلك الضرب. وكذلك لو اشترى مائة فلس ثم غَلَت الفلوس أو رَخُصَت ولم يقبض جَبَرْتُه (¬5) على أن يدفع الدرهم ويقبض المائة فَلْس إذا كانا لم يتفرقا. وإذا اشترى بدانقٍ فلوسِ فاكهةً والدانق عشرون (¬6) فَلْساً ثم غَلَت بعدما قبض الفاكهة قبل أن يُقَبِّضَ الفلوسَ أو رَخُصَت فإن عليه عشرين فَلْساً يومَ وَقَعَ البيع. وإذا اشترى الرجل فلوساً بدرهم فوجد فيها فَلْساً لا يَنْفُق (¬7) وقد نقد الدرهم فإنه يستبدله. وإن لم يكن نقد الدرهم استبدله أيضاً ما لم يتفرقا. فإن تفرقا ولم يقبض الدرهم وكان فلساً لا يجوز (¬8) مع الفلوس بطلت حصته من الدرهم. [وإن كان يجوز معها في حال ولا يجوز في حال استبدله في ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 28. (¬2) م: فنقد. (¬3) ز - فهو جائز والدرهم عليه وإن لم يقبض الفلوس ونقد الدرهم ثم كسدت الفلوس. (¬4) أي يرده بعينه. انظر: المبسوط، 14/ 28. (¬5) جبر وأجبر بنفس المعنى، وهي لغة جيدة، لكن استضعفه المطرزي. انظر: المغرب، "جبر"؛ والمصباح المنير، "جبر". (¬6) ز: عشرين. (¬7) ز: لا تنفق. (¬8) أي: لا يروج، كما في ب.

المجلس قبل أن يتفرقا، وإن استُحق منها شيء بطلت حصته من الدرهم] (¬1). وإذا استقرض رجل من رجل عشرة أَفْلُس أو أقرضها إياه ثم كسدت تلك الفلوس واتخذ الناس فلوساً غيرها فإنما عليه مثل ذلك الضرب الذي كسدت، فليس عليه قيمتها فضة (¬2)، ولا مثلُها من الفلوس التي أحدث الناس. فإن اصطلحا على شيء يداً بيد فهو جائز. وفي قول أبي يوسف عليه [قيمتُها] (¬3) من الفضة، استحسن ذلك (¬4). وإذا استقرض الرجل من الرجل دانِقَ فلوسٍ أو دانِقَين فأقرضه فهو جائز، فإن رَخُصَت أو غَلَت فإنما عليه مثل العدد الذي أخذ، ليس عليه أكثر من ذلك ولا أقل. وكذلك لو قال: أقرضني نصف درهم فلوس أو درهم فلوس، فهو مثل ذلك. وكذلك (¬5) لو قال: أقرضني دانق حنطة، فأقرضه ربع حنطة فإنما عليه أن يرد مثله. وكذلك لو قال: أقرضني (¬6) عشرة دراهم غَلَّة بدينار (¬7)، فأعطاه عشرة دراهم أو أقل أو أكثر فإنما عليه دراهم مثلها، ولا ينظر إلى غلاء الدراهم ولا إلى رُخْصِها. وكذلك كل ما يكال من الحنطة والشعير والسمسم والتمر والزبيب وأشباه ذلك من الحبوب يستقرض رجل من رجل كيلاً (¬8) من ذلك، فإنما ¬

_ (¬1) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 29. (¬2) ف - فضة. (¬3) من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 29. (¬4) وهو قول محمد أيضاً. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 29. (¬5) ف: ولذلك. (¬6) م - دانق حنطة فأقرضه ربع حنطة فإنما عليه أن يرد مثله وكذلك لو قال اْقرضني، صح هـ. (¬7) ف م: أقرضني عليه دراهم بدينار؛ ز: أقرضني عله دراهم بدينار. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. وسقط لفظ, غلة" من المبسوط، 14/ 30. والغَلّة من الدراهم هي المقطعة إلى قطع صغيرة كما مر. (¬8) ز: كيل.

عليه مثله. وكذلك المرأة تستقرض من الرجل أو من المرأة أو (¬1) العبدُ التاجرُ من الحر أو المكاتبُ من الحر أو الحرُّ يستقرض من العبد التاجر فهو سواء. غير أني أكره أن يستقرض الحر من العبد التاجر والمكاتب، فإن استقرض رَدَدْتُه، فإن لم أجده كان عليه مثلُه. وكل ما يوزن بالرطل من السمن والعسل والزيت والأدهان كلها فهو مثل ذلك. وكل ما يُعَدُّ عدداً من البيض والجوز فهو مثل ذلك. هذا كله باب واحد، والقرض (¬2) فيه جائز. وإن جعل الجوز بكيل (¬3) فهو جائز أيضاً. وأما الحيوان والرقيق والإبل والغنم والبقر والبهائم كلها والطير والوحش فليس ينبغي لأحد أن يستقرض من ذلك شيئاَ ولا يجوز. وإذا استقرض شيئاً من ذلك رَدَدْتُه وأبطلتُه. فإن باعه المستقرض أجزتُ ذلك وضمّنتُه قيمتَه، وجعلتُه بمنزلة البيع الفاسد. وكذلك الدُّور والأَرَضُون (¬4) والسُّفُن والثياب والطيالسة، فإن هذا ليس يُستقرَض ولا يجوز القرض فيه. فإن فعل فهو على ما ذكرت لك في الحيوان. فأما القطن والكَتّان والإبْرِيسَم والنحاس التِّبْر (¬5) والحديد والصُّفْر (¬6) والشَّبَه (¬7) والرصاص، فإن استقَرض رجل (¬8) من هذا وزناً معلوماً فهو جائز، ¬

_ (¬1) ف + من. (¬2) ف م ز: والعرض. (¬3) م ز + أيضا. (¬4) ز: والأرضين. (¬5) م ز: النقر (مهملة)؛ ف: والبر (مهملة). والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬6) قال ابن منظور: الصُّفْر النحاس الجيد، وقيل: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صَفِرَ منه، الجوهري: والصُّفْر بالضم الذي تُعمَل منه الأواني. انظر: لسان العرب، "صفر". (¬7) قال ابن منظور: الشَّبَه والشِّبْه: النحاس يُصبَغ فيَصفرّ، وفي التهذيب: ضَرْب من النحاس يُلقَى عليه دواء فيصفرّ، قال ابن سيده: سمي به لأنه إذا فُعل ذلك به أشبه الذهب بلونه، والجمع أشباه، يقال: كوز شَبَه وشِبْه بمعنى. انظر: لسان العرب، "شبه". قال الفيومي: وهو أرفع الصُّفْر. انظر: المصباح المنير، "شبه". (¬8) ف + رجل.

وعليه مثله. وكذلك اللَّبَن والجُبْن والمَصْل (¬1) وكل شيء مما يكال بالرطل أو يوزن. وكذلك الزعفران والمسك وكل ما يوزن من العطر على هذا النحو فإن القرض فيه جائز مستقيم، على (¬2) صاحبه مثله. وأما الخشب والحطب والقصب والرياحين الرطبة والبقول فإنه لا يجوز القرض (¬3) في شيء من ذلك، وهو فاسد، فإن فعل رَدَدْتُه، فإن لم أجده ضمّنتُه قيمته. وكذلك الخُضَر (¬4) كله. وأما (¬5) الحناء والوَسِمَة (¬6) والرياحين اليابسة التي تكال كيلاً فلا (¬7) بأس بأن يستقرض منها كيلاً معلوماً، ويكون عليه مثله. وكل قرض إلى أجل فهو حالّ، والأجل فيه باطل، لأنه عارية، بمنزلة رجل أعار رجلاً حائطاً (¬8) شهراً، فله أن يأخذه قبل الشهر. وكذلك (¬9) الحنطة والشعير وشبه ذلك مما يكال فالقرض فيه جائز. وإذا أعار الرجل الرجل ألف درهم وقبضها فهي قرض، ¬

_ (¬1) م ز: والبصل. والمَصْل: عُصَارة الأقِط، وهو ماؤه الذي يُعْصَر منه حين يُطْبَخ. انظر: المصباح المنير، "مصل". والأقط شيء يابس متحجِّر يتّخذ من اللبن المَخِيض يُطبَخ ثم يُترَك ثم يَمْصُل. انظر: لسان العرب، "أقط". (¬2) ز - على. (¬3) ف م ز + فيه. (¬4) ف م ز: الحبر (مهملة). وكذلك في ب جار. ورجحنا أن يكون "الخُضَر" بمعنى الخضراوات الرطبة غير المجففة. انظر: المغرب، "خضر". والمعنى في عدم الجواز هو كونها مضمونة بالقيمة عند الاستهلاك. انظر: المبسوط، 14/ 33. (¬5) ف: أما. (¬6) الوسمة بكسر السين وسكونه شجرة ورقها خِضاب، وقيل: هي الخِطْر، وقيل: هي العِظْلِم يجفف ويطحن ثم يخلط بالحناء فيَقْنَأ لونه، وإلا كان أصفر. انظر: المغرب، "وسم". (¬7) م ز: ولا. (¬8) الحائط بمعنى البستان، وأصله من الحائط المحيط به. انظر: المغرب، "حوط". (¬9) ف م ز: وكل قرض.

باب القرض والصرف في ذلك

وهذا جائز. وكذلك الدنانير. ألا ترى (¬1) أن المستقرض (¬2) لو اشترى بها جارية كانت له، وكان عليه مثلها. وكذلك الفلوس. وكذلك الفضة التِّبْر وغير التِّبْر. وكل ما ذكرنا من الكيل والوزن والعدد الذي أجزنا فيه القرض فالعارية فيه جائزة بمنزلة القرض. فأما آنية الفضة (¬3) والذهب والحلي والجوهر كله فإن هذا عارية وليس بقرض، وعليه أن يرده، وإن باعه لم يجز، لأن صاحبه لم يسلّطه على البيع حين (¬4) أعاره. وكذلك الآنية من النحاس والصُّفْر والشَّبَه (¬5) وما أشبهه. وكذلك الثياب والحيوان في جميع ما ذكرنا مما لا يجوز فيه القرض، فإن عاريته لا تكون قرضاً، ولا يجوز فيه بيع المستعير. وكذلك الدُّور والأَرَضُون (¬6) والسُّفُن والرقيق. وإذا أقرض رجل لآخر دراهم (¬7) أو دنانير أو فلوساً فأخّرها شهراً فإن له أن يرجع في التأخير إن شاء ذلك، لأنه عارية. وكذلك كل ما يقرض. باب القرض والصرف في ذلك حدثنا أبو يوسف عن عتبة بن (¬8) عبد الله عن (¬9) يزيد بن جُعْدُبَة (¬10) عن عُبَيْد بن السَّبَّاق (¬11) عن زينب امرأة عبد الله أنها قالت: أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جِدَادَ (¬12) خمسين وَسْقاً من تمر خيبر، وعشرين وَسْقاً من شعير. فقال لي ¬

_ (¬1) ز - ترى. (¬2) ولفظ السرخسي: أن المستعير. انظر: المبسوط، 14/ 34. (¬3) ف - الفضة، صح هـ. (¬4) ز: حتى. (¬5) تقدم تفسير الصفر والشبه قريباً. (¬6) ز: والأرضين. (¬7) ز: دراهما. (¬8) ز: عن. (¬9) ز: بن. (¬10) ز: جعدة. (¬11) ز: الساق. (¬12) ز: جذاذ. الجَدّ في الأصل القطع، ومنه جَدَّ النخلَ صَرَمَه أي قطع ثمره جِدَاداً فهو جادّ، وفي الروايات: أعطاها جِدَاد كذا وسقا أو جَادَّ كذا وسقا، وكلاهما مؤوّل، إلا أن الأول نظير قولهم: هذه الدراهم ضَرْب الأمير، والثاني نظير قولهم: عِيشة راضية، والمعنى أنه أعطاها نخلا يُجَدُّ منه مقدار كذا وسقا من التمر. انظر: المغرب، "جدد".

عاصم بن عدي: أُعطيكِ تمراً هاهنا، والوفاءُ بتمركِ (¬1) بخيبر (¬2). فقالت: حتى أسأل عن ذلك. فسألت عمر بن الخطاب، فنهاها عن ذلك، وقال: كيف بالضمان فيما بين ذلك (¬3). وحدثنا أبو يوسف عن عاصم بن سليمان عن محمد بن سيرين قال: أقرض عمر بن الخطاب أبي بن كعب عشرة آلاف درهم. قال: وكانت لأُبَيّ نخلٌ تُعَجِّل. قال: فأهدى أبي بن كعب لعمر بن الخطاب رُطَباً، فرده عليه. فلقيه أبي بن كعب، فقال: أظننت أني أهديت (¬4) لك من أجل مالك، ابعث إلى مالك فخذه. قال: فقال عمر لأبي: رد إلينا هديتنا (¬5). ¬

_ (¬1) ف ز: تمرك. (¬2) ز: بخبر. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 358. قال السرخسي: إن هذا إن كان بطريق البيع فاشتراط إيفاء بدلٍ له حَمْل ومَؤونة في مكان آخر مبطل للبيع، وهو مبادلة التمر بالتمر نسيئة، وذلك لا يجوز. وإن كان بطريق الاستقراض فهذا قرض جَرَّ منفعة، وهو إسقاط خطر الطريق عن نفسه ومؤنة الحمل، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قرض جَرَّ منفعة، وسماه ربا. انظر: المبسوط، 14/ 35. وقد أخرج الحديث المذكور الحارث بن أبي أسامة في مسنده وغيره عن علي - رضي الله عنه - مرفوعاً بلفظ: "كل قرض جر منفعة فهو ربا"، بسند ضعيف. لكن روي معناه موقوفا عن ابن مسعود وأبي بن كعب وعبد الله بن سلام وابن عباس وفضالة بن عبيد - رضي الله عنهم -، كما روي عن عدد من التابعين. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 5/ 349؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 60؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 34. وسيرويه المؤلف عن إبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وأبي جعفر الباقر. (¬4) م: أهدي. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 142؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 349. قال السرخسي -رحمه الله-: إن عمر - رضي الله عنه - إنما رد الهدية مع أنه كان يقبل الهدايا لأنه ظن أنه أهدى إليه لأجل ماله، فكان ذلك منفعة القرض، فلما أعلمه أبي - رضي الله عنه - أنه ما أهدى إليه لأجل ماله قبل الهدية منه، وهذا هو الأصل، ولها قلنا: إن المنفعة إذا كانت مشروطة في الإقراض فهو قرض جَرَّ منفعة، وإن لم تكن مشروطة فلا بأس به. انظر: المبسوط، 14/ 35.

وحدثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان يكره كل قرضٍ جَرَّ منفعة (¬1). وحدثنا عن (¬2) المغيرة الضبِّي عن إبراهيم مثله. وحدثنا عن محمد بن سالم عن عامر الشعبي أنه كان يكره أن يقول الرجل للرجل: أقرضني، فيقول: لا حتى أبيعك (¬3). وحدثنا عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر أنه سئل عن امرأة أقرضت امرأة عشرة مثاقيل ذهب جيد، وكان عندها ذهب رديء دونه، فأرادت أن تعطيها من ذلك الذهب اثني (¬4) عشر مثقالاً، فكره عامر ذلك، وقال: لتبع (¬5) ذهبها في السوق، ثم لتشتر (¬6) للآخر ذهباً. وحدثنا عن أشعث (¬7) بن سوار عن الحسن بن أبي الحسن وعن نافع عن عبد الله بن عمر أنهما قالا جميعاً في الرجل يكون له على الرجل الدراهم فيعطيه دنانير (¬8)، قالا (¬9): خذها بقيمتها في السوق (¬10). وحدثنا عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء بن أبي رباح (¬11) عن ¬

_ (¬1) وقد رواه الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة بلا واسطة أيضاً. انظر: الآثار لمحمد، 132. وانظر: المصنف لعبد الرزاف، 8/ 145؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 327، 328. وقد روي مرفوعا وموقوفاً كما سبق في الحاشية. (¬2) م - عن. (¬3) قال السرخسي: وإنما أراد بهذا إثبات كراهة العِينة، وهو أن يبيعه ما يساوي عشرة بخمسة عشر ليبيعه المستقرض بعشرة فيحصل للمقرض زيادة، وهذا في معنى قرض جَرَّ منفعة. انظر: المبسوط، 14/ 36. (¬4) ز: اثنا. (¬5) ز: لتبيع. (¬6) ز: لتشتري. (¬7) ز: عن أشعب. (¬8) ز: الدنانير. (¬9) ز: قالا. (¬10) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 375، 376. قال السرخسي: وهذا لأن عند اختلاف الجنس لا يظهر الربا بخلاف ما إذا كان الجنس واحداً كما ذكر ذلك عن الشعبي. انظر: المبسوط، 14/ 36. (¬11) ز: رياح.

عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه بعث عَتّاب بن أَسِيد إلى مكة، فقال: "انْهَهُم عن شرطين في بيع، [وعن بيع] (¬1) وسَلَف، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن" (¬2). وحدثنا عن (¬3) أبي حنيفة عن أبي يعقوب عن من حدثه عن عبد الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. وحدثنا عن زكريا بن أبي زائدة عن عامر قال: أقرض عبد الله بن مسعود رجلاً دراهم، فقضاه الرجل من جيد عطائه، فكره عبد الله بن مسعود ذلك، وقال: لا (¬4) إلا من عُرْضِه (¬5) مثل دراهمي. قال: فسألت عامراً عن ¬

_ (¬1) الزيادة من الآثار للإمام محمد، 126، ومن الكافي، 1/ 180 و؛ والمبسوط، 14/ 36. ونحوه في المستدرك للحاكم؛ والسنن الكبرى للبيهقي. انظر الحاشية التالية. ونفس السقط موجود في الآثار لأبي يوسف، 182. (¬2) ورواه الإمام محمد في الآثار أيضاً، 126، عن عَتَّاب بن أَسِيد عن النبي أنه قال له: "انطلق إلى أهل الله - يعني أهل مكة - فانْهَهُم عن أربع خصال: عن بيع ما لم يَقبضوا، وعن ربح ما لم يَضمنوا، وعن شرطين في بيع، وعن سَلَفِ وبيع". قال محمد: وبهذا كله نأخذ. وأما قوله: "سَلَف وبيع،" فالرجل يقول للرجل: أَبيعك عبدي هذا بكذا وكذا على أن تُقرضني كذا وكذا، أو يقول: تُقرضني على أن أبيعك، فلا ينبغي هذا. وقوله: "شرطين في بيع،" فالرجل يبيع الشيء في الحالّ بألف درهم وإلى شهرٍ بألفين، فيقع عُقدة البيع على هذا، فهذا لا يجوز. وأما قوله: "ربح ما لم يَضمنوا"، فالرجل يشتري الشيء فيبيعه قبل أن يَقبضه يَرْبَحُ، فليس ينبغي له ذلك. وكذلك لا ينبغي له أن يبيع شيئاً اشتراه حتى يَقبضه. وهذا كله قول أبي حنيفة إلا في خصلة واحدة: العقار من الدُّور والأَرَضِين قال: لا بأس أن يبيعها الذي اشتراها قبل أن يَقبضها؛ لأنها لا تَتحوّل عن موضعها. قال محمد: وهذا عندنا لا يجوز، وهو كغيره من الأشياهـ وانظر للحديث أيضاً: الآثار لأبي يوسف، 182؛ والمستدرك للحاكم، 2/ 21؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 339. ولفظ الرواية هنا: وعن بيع ما ليس عندك، ومعناها ما ليس في ملكك. انظر: المبسوط، 14/ 36. (¬3) ز + الإمام الأعظم. (¬4) ف - لا. (¬5) أي: من أي الدراهم كان من غير تعيين. انظر: المغرب، "عرض".

ذلك، فقال: لا بأس بأن (¬1) يقضيه (¬2) أجود من دراهمه إذا لم يشترط ذلك عليه (¬3). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن صِلَة بن زُفَر قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود على فرس بَلْقَاء (¬4)، فقال له: إني (¬5) أوصي إلي في يتيم. فقال له عبد الله: لا تشتر (¬6) من ماله شيئاً، ولا تستقرض منه شيئاً (¬7). وحدثنا عن الحجاج عن عطاء بن أبي رباح أن ابن الزبير كان يأخذ الوَرِق بمكة من التجار، فيكتب لهم إلى البصرة أو إلى الكوفة، فيأخذون أجود من وَرِقهم. قال عطاء: فسألت عبد الله بن عباس عن أخذهم أجود من وَرِقهم، فقال: لا بأس بذلك ما لم يكن شرطاً (¬8). وحدثنا عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء بن أبي رباح (¬9) أنه كان يكره كل قرضٍ جَرَّ منفعة (¬10). ¬

_ (¬1) ز: أن. (¬2) ف م: يقبضه. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 522، 523. (¬4) أي في لونه سواد وبياض. انظر: مختار الصحاح، "بلق". (¬5) م ز: إنه. (¬6) ز: لا تشتري. (¬7) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 94؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 236. وقال السرخسي -رحمه الله-: وبه نأخذ فنقول: ليس للوصي أن يستقرض من مال اليتيم، لأنه لا يُقرِض غيرَه، فكيف يستقرضه لنفسه، وهذا لأن الإقراض تبرع، فلا يحتمله مال اليتيم، وبظاهر الحديث يأخذ محمد -رحمه الله- فيقول: إذا اشترى الوصي من مال اليتيم لنفسه شيئاً لا يجوز، ولكن أبا حنيفة يقول: مراده إذا اشترى بمثل القيمة أو بأقل على وجه لا يكون فيه منفعة ظاهرة لليتيم، لأن مقصوده من هذا الأمر له أن ينفي التهمة عن نفسه. انظر: المبسوط، 14/ 37. (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 140؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 358. (¬9) ز: رياس. (¬10) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 327. وقد روي مرفوعاً وموقوفاً كما سبق في الحاشية.

وحدثنا عن إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن عباس أنه كان يأخذ الوَرِق على أن يكتب لهم إلى الكوفة بها (¬1). وحدثنا عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن البصري عن عبد الله بن عباس بمثله، وكان أبو جعفر (¬2) يكره كل قرضٍ جَرَّ منفعة. وحدثنا عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء بن أبي رباح (¬3) قال: استقرض رسول - صلى الله عليه وسلم - من رجل دراهم، فقضاه، فأَرْجَحَ له. فقال: أَرْجَحْتَ. فقال: "إنّا كذلك نَزِن" (¬4). ولا بأس بأن يقبل الرجل هديةً مِن رجلٍ له عليه دينٌ: قَرْضٌ أو غيرُه، ما لم يَشْرِط، ولا بأس بأن يجيب دعوته. وإذا كان لرجل على رجل دينٌ: قَرْضُ دراهمَ أو دنانيرَ، فأعطاه أجود منها أو دونها برضاهما (¬5) فهو جائز. ولو كان حين أقرضه اشترط عليه أن يقضيه (¬6) أجود منها أو دونها كان هذا باطلاً لا يجوز. وإذا استقرض رجل من رجل ألف درهم بالكوفة على أن يوفيه بالبصرة فإن هذا فاسد، لا يجوز ذلك، لأنه قرض جَرَّ منفعة، فهو مكروه، والدراهم عليه حالّة، يأخذه بها إن شاء (¬7). ¬

_ (¬1) وهذا ما يسمى بالسُّفْتَجَة، ويجمع على سَفَاتِج، وسيأتي كلام المؤلف عنه قريباً وأنه يجوز إذا كان من غير شرط. وانظر: المبسوط، 14/ 37. (¬2) لعله أبو جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين، من الذرية الطاهرة، وهو إمام مشهور ثقة صاحب علم وفضل، توفي سنة 114 هـ, وقيل: 117 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 4/ 401. وأظن أن القائل: وكان أبو جعفر ... هو إسماعيل بن مسلم، لأنه من طبقة الرواة عنه. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 1/ 288. (¬3) ز: رباح. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 68. (¬5) ف: برضى بها، صح هـ. (¬6) م: أنه يقبضه؛ ز: أن يقبضه. (¬7) ف م ز + الله.

وكذلك السَّفَاتِج، يقرض الرجل الرجل ألف درهم على أن يكتب له بها سُفْتَجَة إلى بلد كذا وكذا، فهذا مكروه، والدراهم عليه حالّة، يأخذه بها إن شاء. وأما [إن] أقرضه بغير شرط وكتب له سُفْتَجَة إلى بلد آخر (¬1) كان هذا جائزاً لا بأس به، لأنه [بغير] (¬2) شرط منه. ولو أن رجلاً (¬3) باع رجلاً عبداً (¬4) بألف درهم إلى شهر على أن يوفيه إياها (¬5) بالبصرة كان هذا جائزاً، لأن هذا لا يشبه القرض. فإذا حَلَّ المال أخذه به (¬6). وللبائع أن يأخذ المشتري بالثمن بالكوفة ولا يؤخره إلى البصرة، لأنه لا مَؤونة (¬7) عليه في ذلك. ألا ترى لو أن رجلاً اشترى عبداً (¬8) بكُرّ (¬9) حنطة جيدة إلى أجل مسمى على أن يوفيه إياه بالبصرة كان (¬10) جائزاً. فكذلك الدراهم. ولكن الطعام له مَؤونة، فيأخذه (¬11) حيث شرط له. ولو اشترى عبداً بألف درهم حالة على أن يوفيه إياه بالبصرة كان هذا فاسداً، ولا يشبه هذا السلم، لأن السلم في الحال فاسد لو كان الثمن طعاماً أو زيتاً، فكذلك هو في الدراهم. قلت: فما علة (¬12) فساده؟ ¬

_ (¬1) ز: كذا. (¬2) الزيادتان استفدناهما من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 37. (¬3) ف - رجلا. (¬4) م - عبدا. (¬5) أي الدراهم. (¬6) م ز - به. (¬7) أي: الثقل، من مَأَنْتُ القوم إذا احتملت مؤونتهم، وقيل: هي العُدّة. انظر: المغرب، "مأن". (¬8) ز - عبدا. (¬9) الكُرّ: مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كر". (¬10) ز - كان. (¬11) م ز: فيأخذ. (¬12) ف م ز: عليه. ومعناه في ب.

قال: كأنه [قال له:] (¬1) بعتك مالي بألف درهم حالة [على أن] (¬2) لا تأخذها (¬3) إلا بالبصرة. قال: فالبيع فاسد. واذا كان إلى أجل جاز في ذلك كله. ولو لم تكن (¬4) له مَؤونة أوفاه حيث لقيه. وما كانت فيه مَؤونة أوفاه حيث شرطه (¬5) له. وإذا أقرض رجل رجلاً ألف درهم فقبضها ثم أخّره بها شهراً فالتأخير باطل، وله أن يأخذه بها حالة. ولو صالحه منها على خمسمائة درهم فهو جائز. وإن صالحه على عشرة دنانير فهو جائز إذا كانت يداً بيد. فأما الدراهم فإن صالحه على خمسمائة درهم وفارقه قبل أن يعطيه فالصلح ماضٍ جائز. وإن كان صالحه على خمسين ديناراً أو باعها (¬6) إياه بذلك ثم فارقه قبل أن يعطيه انتقض البيع، وصارت الدراهم عليه كما هي. وإن نقده طائفة فإنه يبرأ من حصة ما نقده، ويلزمه حصة ما بقي. وإن أقرضه فضةً تِبْراً أو ذهباً تِبْراً (¬7) وقضاه أجود من ذلك أو دونه في الجودة فقَبِلَه فهو جائز. فإن كان (¬8) اشترط ذلك عليه فهو فاسد لا يجوز. وإن صالحه على فضة أقل من وزن فضته فهو جائز، لأنه حَطَّ عنه. وكذلك الذهب. فإن صالحه من الفضة على ذهب تِبْرٍ أو مصوغٍ جُزَافٍ بعينه أو وَزْنٍ (¬9) ثم فارقه قبل أن يستوفي انتقض البيع، وكانت الفضة عليه كما هي. فإن استوفى قبل أن ¬

_ (¬1) الزيادة من ب. (¬2) الزيادة من ب. (¬3) ز: لا يأخذها. (¬4) ز: يكن. (¬5) م ز: شرط. (¬6) ز: أو باعه. (¬7) ف م ز: فضة تبر أو ذهب تبر. (¬8) ز - كان. (¬9) وعبارة الحاكم والسرخسي: أو مصوغ لا يعلم وزنه. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 38. وهو بمعنى الجُزَاف. وقال السرخسي: ووقع في بعض نسخ الأصل: لو صالحه على ذهبٍ تِبْرٍ جُزَافاً بعينه أو وَرِق، قيل: قوله: أو وَرِق، زيادة من الكاتب، وقيل: بل هو صحيح، لأن في لفظ الصلح ما يدل على أن ما وقع عليه الصلح من الوَرِق أقل من الدين، لأن مبنى الصلح على التجوّز بدون الحق، فيحوز إلا أن يعلم أنه أكثر من حقه وزناً. انظر: المبسوط، 14/ 38. ويظهر أن النسخة التي ذكرها السرخسي حُرِّفت فيها كلمة "وزن" إلى "ورق". والجملة مع كلمة "وزن" صحيحة المعنى لا غبار عليها. والمعنى: سواء كان البيع جُزَافاً أو وزناً ...

يتفرقا فهو جائز. وكذلك الذهب القرض يشترى به الفضة. ولو كان القرض ألف درهم فاشترى به طَوْقَ ذهب وقبض جاز ذلك، ولو افترقا قبل أن يقبض انتقض ذلك، فكذلك الأول. ولو كان لا يعلم وزن ما اشترى فلا يفسد ذلك البيع. ولو أقرض رجل رجلاً درهماً ثم اشترى به فلوساً بعينها أو بغير (¬1) عينها فهو جائز إن قبضها (¬2) قبل أن يتفرقا. وإن تفرقا قبل القبض فان ذلك ينتقض ويبطل، لأنه دين بدين. وكذلك لو أقرضه فلوساً ثم باعها إياه بدرهم. وإذا أقرض الرجل الرجل ألف درهم وأخذ منه بها كفيلاً ثم إن الكفيل صالح الطالب على عشرة دنانير وقبضها كان جائزاً، ويرجع الكفيل على المكفول عنه بألف درهم. ولو أن الكفيل صالح على مائة درهم وأداها لم يرجع عليه إلا بمائة درهم (¬3)، ولا يشبه (¬4) هذا الدنانير. ولو أن المكفول (¬5) عنه صالح الكفيل قبل أن يؤدي إليه (¬6) على عشرة دنانير وقبض كان جائزاً، وكان المال على الكفيل، يؤديه. فإن أداه (¬7) المكفول عنه رجع ¬

_ (¬1) ف: وبغير. (¬2) ف: إن اقتضى؛ م: إن اقتضا؛ ز: إن أقبضا. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 38. (¬3) والطالب له أن يرجع بتسعمائة على المكفول عنه. وقد ذكر الإمام محمد هذه المسألة في كتاب الحوالة والكفالة قائلاً: وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم، وكفل بها عنه رجل بأمره، فصالح الكفيل الطالب على مائة درهم، على أن أبرأ المطلوب الذي عليه الأصل منها، فهو جائز. ويرجع الكفيل على المطلوب بالذي أدى، وهو مائة درهم، ولا يرجع عليه بأكثر منها، ولو كان صالحه على مائة درهم على أن أبرأ الكفيل خاصة مما بقي عليه، كان للطالب أن يرجع على الذي عليه الأصل بتسعمائة درهم ... انظر: 7/ 218 و. وانظر: المبسوط، 14/ 39. (¬4) ت: لا يشبه. (¬5) ز: أن الكفيل. (¬6) أي: قبل أن يؤدي الكفيل المال إلى الطالب. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬7) وعبارة الحاكم: وإن أدى المكفول عنه الدين. انظر: الكافي، الموضع السابق. وعبارة السرخسي: فإن أدى المكفول عنه الدراهم. انظر: المبسوط، الموضع السابق.

به على الكفيل إلا إن شاء الكفيل أن يرد الدنانير التي أخذ. ولو كان صالحه على مائة درهم كان جائزاً، فإن أدى الكفيل المال لم يرجع بشيء، وإن أداه المكفول عنه لم يرجع على الكفيل إلا بما أعطاه. وإذا أقرض الرجل الرجل ألف درهم وقبضها منه (¬1) ثم أمره أن يَصْرِفَها له [بدنانير] (¬2) فصَرَفَها فإنه لا يجوز، ولا تكون (¬3) للطالب، وهي للمطلوب مِن قِبَل أنه دين عليه. فإن رضي الطالب أن يأخذ الدنانير ورضي المطلوب أن يعطيها إياه ففعل ذلك فهو جائز (¬4)، وهو ¬

_ (¬1) م - منه. (¬2) الزيادة من ب. ونحوه في المبسوط، الموضع السابق. (¬3) ز: يكون. (¬4) قال الحاكم في هذا الموضع: هكذا وجدت هذه المسألة في رواية أبي سليمان، ولم يذكر فيها اختلافاً، ووجدت جوابها في رواية أبي حفص بأنه لا يجوز، ولا تكون للطالب حتى يقبضها من المطلوب من قبل أنه دين عليه، وكذلك إن كان الدين دنانير فأمره أن يصرفها بدراهم في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: هو جائز إذا دفع الدراهم وقبض الدنانير قبل قبض الطالب أو بعده. ويقول السرخسي -رحمه الله- تعالى: هكذا في رواية أبي سليمان من غير تنصيص على الخلاف فيه، وفي رواية أبي حفص قال: هذا قول أبي حنيفة، أما على قول أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- فهو جائز على الطالب، سواء صرف الدراهم بالدنانير أو الدنانير بالدراهم، وسواء قبضه الطالب في المجلس أو بعده. وهو الصحيح. والمسألة تنبني على ما بينا في كتاب البيوع "وإذا قال الطالب للمطلوب: أسلم مالي عليك في كُرّ حنطة ... " وقد قررنا الخلاف في تلك المسألة، فكذلك في هذه، إذ لا فرق بين أن يأمره بالصرف مع غير المعين أو السلم، عندهما يصح في الوجهين جميعاً باعتبار أنه أضاف الوكالة إلى ملكه، فالدين في ذمة المديون ملك الطالب، وعند أبي حنيفة لا يجوز في الوجهين، لأنه أمره بدفع الدين إلى من يختاره لنفسه. انظر: المبسوط، 14/ 39 - 40. وانظر لشرح المسألة التي ذكرها في كتاب البيوع: المبسوط، 12/ 210. وقد أشار إليها السرخسي بالمعنى ولم يلتزم باللفظ. ولفظ المسألة في كتاب البيوع، باب الوكالة في السلم، من كتاب الأصل: وإذا وكل رجل رجلاً أن يسلم له عشرة دراهم من الدين الذي عليه في الطعام فأسلمها له فإن هذا لا يكون سلماً للآمر في قول أبي حنيفة، وهو من مال الوكيل المأمور حتى يقبض الطعام ويدفعه إلى الآمر. وهو [في] قول أبي يوسف ومحمد [جائز]. انظر: 1/ 228 ظ.

بيع من المطلوب للطالب. وكذلك لو كان الدين دنانير فأمره أن يصرفها بدراهم فهو مثل الباب الأول سواء. وإذا كان للرجل على الرجل ألف درهم فدفع المطلوب إلى الطالب دنانير فقال: اصرفها وخذ حقك منها، فقبضها فهلكت قبل أن يصرفها فهي من مال الدافع. والمدفوع إليه إنما هو مؤتمن، فإن صرفها وقبض الدراهم ثم هلكت قبل أن يأخذ منها حقه فهي من مال الدافع حتى يأخذ منها هذا حقه، فإذا أخذ منها (¬1) حقه فضاع ما أخذ فهو قضاءٌ له (¬2) حين قَبَضَها (¬3). فإن قال: بعها بحقك، قال (¬4): هذا حين قبض الدنانير قبضها على أنها له (¬5). قلت: فإن قال: بع (¬6) هذا ثم اقبض حقك أو بعه واقبض حقك؟ قال: هما سواء. قلت: وكذلك لو قال: خذ هذه الدراهم فنصفُها (¬7) هبة [ونصفُها قضاءً بحقك، صار قضاءً حين قبض، ويرد الهبة. ولو قال: نصفُها هبة] (¬8) واقبض نصفَها من حقك [أو] (¬9) ثم اقبض نصفها من حقك، فهو (¬10) مؤتمن حتى يقبض. وكذلك لو كان الذي له دنانير (¬11) فأعطاه دراهم يصرفها أو أعطاه حلي ذهب يبيعه بدراهم ثم يصرفها بدنانير أو أعطاه إناء فضة يبيعه بدنانير، فهذا كله باب واحد. ¬

_ (¬1) ف + هذا. (¬2) ز: فضالة. (¬3) أي: حين قبضها آخذاً لحقه منها، فقد صار عاملاً لنفسه، وكان قبل أخذ حقه كالوكيل، والوكيل مؤتمن. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬4) أي: قال الإمام محمد. (¬5) أي: فيكون قابضاً لحقه قبل البيع. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬6) م ز: مع. (¬7) م ز: فقبضها. (¬8) الزيادة من ب جار. (¬9) الزيادة من ب. (¬10) ف - فهو. (¬11) ف م ز: الدنانير. والتصحيح من ب.

وإذا كان لرجل على رجل (¬1) ألف درهم فصرفها بدنانير ولم يقبضها حتى افترقا فإن البيع ينتقض ويفسد، وتعود (¬2) الدراهم على حالها. حدثنا عن أبي إسحاق (¬3) الشيباني عن محمد بن زيد أنه قال: سألت عبد الله بن عمر عن الرجل تكون عليه الدراهم لرجل فاشترى بها منه طعاماً، قال: لا حتى يقبض دراهمه. قال: فأخبرني أخي أنه سأل سعيد (¬4) بن جبير عن ذلك وذكر له ذلك، فقال: هذا قول ابن عمر، وليس بشيء، ولا بأس بذلك (¬5). وإذا اشترى الرجل من الرجل البَيْع (¬6) على أن يقرضه فإن هذا فاسد لا يجوز (¬7). وإذا أقرض الرجلُ الرجلَ المكاتبَ دراهم فهو جائز. وكذلك الرجل الحر يقرض الرجل العبد التاجر المأذون له في التجارة. وكذلك ¬

_ (¬1) م - على رجل. (¬2) ز: ويعود. (¬3) ف م ز: حدثنا عن علي بن إسحاق. والتصحيح مستفاد من المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 357؛ والمحلى لابن حزم، 8/ 505. كما أن قوله "حدثنا عن أبي إسحاق" قد تكرر عدة مرات في أسانيد الروايات في كتاب الصرف. وأبو إسحاق الشيباني هو سليمان بن أبي سليمان الكوفي، ثقة، وقد روى عنه الإمام أبو حنيفة، توفي سنة 142 هـ انظر: جامع المسانيد للخوازمي، 2/ 465؛ وتهذيب التهذيب لابن حجر، 4/ 172. وهناك احتمال آخر أضعف من الأول، وهو أن يكون في العبارة سقط، ويكون صوابه: حدثنا عن علي بن [مسهر عن أبي] إسحاق. وابن أبي شيبة يرويه عن علي بن مسهر عن أبي إسحاق. وعلي بن مُسْهِر قاضي الموصل روى عن الإمام أبي حنيفة، وهو ثقة، توفي سنة 189 هـ. انظر: جامع المسانيد للخوازمي، 2/ 508؛ وتهذيب التهذيب، 7/ 335. (¬4) ز: سعد. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 357؛ والمحلى لابن حزم، 8/ 505. (¬6) أي: المبيع، كما تقدم مراراً. (¬7) لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وسَلَف وعن بيع وشَرْط، والمراد شرط فيه منفعة لأحد المتعاقدين لا يقتضيه العقد، وقد وجد ذلك. انظر: المبسوط، 14/ 40. والحديث المذكور مر في المتن قريباً، ومر تخريجه هناك.

المرأة تقرض الرجل. وكذلك المسلم يقرض الذمي أو الذمي يقرض المسلم. وكذلك الحربي المستأمن يقرض أو يستقرض. وكذلك المرتد يقرض أو يستقرض (¬1). فإن تاب فهو جائز عليه وله. وإن قُتِلَ على ردته فقَرْضُه الذي عليه دينٌ في ماله، والذي أقرض دين على صاحبه. والمرأة المرتدة استقراضها وقرضها جائز. ولا يجوز قرض العبد التاجر. وكذلك المكاتب إذا أقرض فليس يجوز، وله أن يرجع (¬2). وكذلك الصبي والمعتوه. وإذا أقرض الحرُّ الصبيَّ مالاً فاستهلكه الصبي فلا ضمان عليه. وكذلك الرجل الحر (¬3) يقرض المعتوه (¬4). وإذا أقرض الحرُّ العبدَ المحجورَ عليه فلا ضمان عليه ما دام عبداً، فإن أُعْتِقَ يوماً رجع به عليه (¬5). وإن وجد ¬

_ (¬1) ف - وكذلك المرتد يقرض أو يستقرض. (¬2) ولعل الصواب أن يكون "لأنه تبرع" مكان "وله أن يرجع"، حيث يقول السرخسي: لأنه تبرع، وهؤلاء لا يملكون التبرع. انظر: المبسوط، 14/ 41. والمقصود بهؤلاء: العبد التاجر والمكاتب والصبي والمعتوه. (¬3) م - الحر. (¬4) لم يزد الحاكم هنا شيئاً. لكن قال السرخسي -رحمه الله-: هكذا أطلق في نسخ أبي حفص، وفي نسخ أبي سليمان قال: وهذا قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله-، أما في قول أبي يوسف فهو ضامن لما استهلك. وهو الصحيح، لأنه بمنزلة الوديعة، لأنه سلطه على الاستهلاك بشرط الضمان، وتسليط الصبي على الاستهلاك صحيح، وشرط الضمان عليه باطل، وقد قررنا هذه الطريقة في كتاب الوديعة، فهي في القرض أظهر. انظر: المبسوط، 14/ 41. وانظر لشرح المسألة في كتاب الوديعة: المبسوط، 11/ 118. وقد قال الإمام محمد في كتاب الوديعة: قلت: أرأيت رجلاً استودع صبياً صغيراً ألف درهم فاستهلكها الصبي؟ قال: لا ضمان عليه. قلت: لم؟ قال: لأنه صبي، وقد سلّطه رب المال على ماله حين دفعه إليه. وهو في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: الصبي ضامن لذلك في ماله. انظر: 6/ 57 و. (¬5) وقال السرخسي: وهو على الخلاف الذي بينا وإن لم ينص عليه، وعند أبي يوسف يؤاخذ به في الحال، كما في الوديعة. انظر: المبسوط، 14/ 41. ولم يبين الحاكم الخلاف هنا أيضاً. وفي كتاب الوديعة من كتاب الأصل: قلت: أرأيت رجلاً استودع عبداً محجوراً عليه ألف درهم فاستهلكها؟ قال: لا ضمان عليه الساعة، فأما إذا أعتق فإن عليه الضمان. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يضمن ذلك، وهو عبد يباع فيه. انظر: 6/ 57 و. وانظر للشرح: المبسوط، 11/ 120.

باب الرهن في الصرف

المقرض ماله بعينه عند الصبي أو المعتوه أو (¬1) العبد أخذه مِن عِنْدِه (¬2). وإذا باع الرجل دراهم (¬3) من رجل بدراهم إلى أجل وقبض فإن هذا فاسد لا يجوز، وهو بمنزلة القرض، وهو حالٌّ عليه، يأخذه به، وإن وجد دراهمه بعينها فليس للآخر أن يعطيه غيرها (¬4). باب الرهن في الصرف وإذا اشترى الرجل من الرجل عشرة دراهم بدينار فنقد الدينار وأخذ بالدراهم رهناً يساوي عشرة دراهم فهلك الرهن في يديه قبل أن يفترقا فهو بما فيه، وهذا بمنزلة السَّلَم (¬5). ألا ترى أنه لو أخذ رهناً بحنطة سَلَم فهلك الرهن كان بما فيه إذا كان فيه (¬6) وفاء. وكذلك الرهن بدينار وقَبْضُ الدراهم (¬7). ¬

_ (¬1) م ز + اد. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، 14/ 41. (¬2) ف - وإن وجد المقرض ماله بعينه عند الصبي أو المعتوه أو العبد أخذه من عنده. (¬3) ز: دراهما. (¬4) وعبارة الحاكم: فللآخر أن يعطيه غيرها. انظر: الكافي، 1/ 180 ظ. وقال السرخسي بعد أن ذكر ذلك: لأنه قرض عليه، واختيار محل قضاء بدل القرض إلى من عليه، وقد بينا فيه خلاف أبي يوسف. وفي نسخة أبي سليمان: ليس للآخر أن يعطيه غيرها، وهذا هو الأصح، لأنها مقبوضة بحكم عقد فاسد، فيجب ردها بعينها على ما بينا أن الدراهم تتعين بالقبض وإن كانت لا تتعين بالعقد. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬5) قال في كتاب البيوع والسلم: وإذا أخذ الرجل بالسلم رهناً يكون فيه وفاء بالسلم، فهلك الرهن، فقد بطل السلم؛ لأن الرهن بما فيه. ولو لم يهلك الرهن حتى يموت المسلم إليه وعليه دين، كان صاحب السلم أحق بالرهن، يباع له في حقه حتى يستوفي. ولو كان الرهن أقل من قيمة السلم ثم هلك رجع رب السلم بالفضل، وبطل من سلمه بقدر قيمة الرهن. ولو كان الرهن أكثر من السلم بطل السلم كله، وكان المرتهن في فضل الرهن أميناً. وهذا القول في الرهن قول أبي حنيفة. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم. وبه كان يأخذ أبو حنيفة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. انظر: 1/ 221 و. وانظر للشرح: المبسوط، 12/ 151، 14/ 41. (¬6) م ز: به. (¬7) وعبارة ب: وكذا لو نقد الدراهم وأخذ بالدينار رهنا.

وكذلك إذا اشترى سيفاً محلّى بدينار فقبضه فأخذ بالدينار رهناً فيه وفاء فهلك قبل أن يفترقا فهو سواء. وكذلك لو كان ثمن السيف عشرة دراهم وهي أكثر مما فيه من الفضة فهو كذلك. وكذلك المِنْطَقَة (¬1) المفضَّضة والإناء المفضَّض. ولو نقد الثمن وأخذ رهناً بالسيف فيه وفاء فهلك الرهن عنده قبل أن يفترقا كان هذا مخالفاً لذلك، هذا يُقْضَى له بالسيف، ويُقْضَى عليه بالأقل (¬2) من قيمة السيف وقيمة الرهن. وكذلك لو كان مكان السيف مِنْطَقَة أو سَرْج أو إناء مفضَّض. وكذلك قُلْبٌ (¬3) من فضة فيه عشرة دراهم اشتراه رجل بوزنه بدراهم أو بدنانير فدفع القُلْب فأخذ رهناً بالثمن فيه وفاء فهلك الرهن قبل أن يتفرقا فإن الرهن بما فيه. وإن أخذ رهناً بالقُلْب وقَبَّضَ (¬4) الثمنَ فهلك الرهن قبل أن يتفرقا (¬5) فإنه يقضى له بالقُلْب، ويكون عليه الأقل من قيمة الرهن والقُلْب (¬6). وكذلك الفضة التِّبْر والإناء من الفضة. وكذلك القُلْب الذهب والخاتم الذهب. وهذا كله باب واحد. فإن وضع الرهن على يدي عَدْل فهلك فهو والأول سواء. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ ذهبٍ (¬7) فيه عشرة مثاقيل ذهب بخمسين (¬8) درهماً فقبض القُلْبَ وأعطاه بالدراهم رهناً وتفرقا قبل أن يقبض صاحب الدراهم الدراهم فقد انتقض البيع وفسد، ويرد الرهن ويأخذ القُلْب، وإن هلك في يديه بعدما تفرقا ضمن الأقل من قيمته ومن الدراهم. فكذلك (¬9) لو ¬

_ (¬1) هي ما تُربَط على الوسط، كما مر. (¬2) ف م ز: بأقل. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 42. (¬3) القُلْب هو السوار غير الملوي كما تقدم. (¬4) قبَّضه المال أي أعطاه إياه. انظر: مختار الصحاح، "قبض". (¬5) ف: وقبض الثمن قبل أن يتفرقا وقبض الثمن قبل أن يتفرقا فهلك الرهن؛ م ز: وقبض الثمن قبل أن يتفرقا فهلك الرهن. والتصحيح من ب. (¬6) ف م ز: بالقلب. والتصحيح من ب. (¬7) ف م ب جار: قلب فضة وهو خطأ، لأنه يقول فيما بعد: ... بدينار مثل وزنه، ويقول: وكذلك لو كان القلب من الفضة ... (¬8) ف م ز: خمسين. والتصحيح من ب. (¬9) م ز: فلذلك.

كان القُلْب قد اشتراه بدينار (¬1) مثل وزنه. وكذلك (¬2) لو كان الرهنُ بالقُلْب وقُبِضَ الثمن وتفرقا قبل أن يُقبَض (¬3) [القُلْبُ] فإن البيع قد انتقض. وكذلك لو كان القُلْب من الفضة وثمنُه فضةٌ مثلُه (¬4) أو ذهبٌ فهو مثل هذا. وكذلك لو كان (¬5) مكان القُلْب دراهم أو فضةٌ تِبْرٌ اشتراه [بدنانير أو دراهم مثل وزنه، أو اشترى دنانير أو تِبْرَ ذهبٍ] (¬6) بدراهم أو بدنانير مثل وزنه، فقبض أحدهما [ولم] (¬7) يقبض الآخر فأعطاه به رهناً وتفرقا، أو لم يقبض (¬8) كل واحد منهما من صاحبه شيئاً وأخذ كل واحد منهما من صاحبه (¬9) رهناً، فإن هذا كله باب واحد، وقد فسد البيع فيه وانتقض وبطل، ويترادّان، ويضمن كل واحد منهما لصاحبه الأقل من قيمة الرهن ومما ارتهنه به إن هلك (¬10) عنده. وأهل الذمة والمسلمون في الصرف والرهن فيه سواء. وكذلك العبد المأذون له في التجارة والمكاتب والمرأة والصغير (¬11) والكبير والحر فهم كلهم فيه سواء. وكذلك (¬12) الحربي والمستأمن والمرتد (¬13) إذا باع في حال ردته أو اشترى (¬14) ثم تاب وأسلم فإنه لا يجوز في الرهن والصرف فيه إلا ما يجوز بين الحرين المسلمين. ¬

_ (¬1) أي: بجنس الدينار، وليس المقصود بدينار واحد. ولذا قال في ب: بدنانير. (¬2) ز: ولذلك. (¬3) ف م ز: أن يقبضا. والتصحيح مع الزيادة مستفاد من ب. (¬4) أي: كوزنه، كما في ب. (¬5) ز - القلب من الفضة وثمنه فضة مثله أو ذهب فهو مثل هذا وكذلك لو كان. (¬6) الزيادة مستفادة من ب جار. (¬7) الزيادة مستفادة من ب جار ومن السياق. (¬8) ف م ز: ولم يقبض. والتصحيح مستفاد من السياق ومن ب. (¬9) م ز - شيئاً وأخذ كل واحد منهما من صاحبه. (¬10) م: وإن هلك. (¬11) ف: الصغير. (¬12) ز: ولذلك. (¬13) ز: والمرتده. (¬14) م: واشترى.

باب الصرف في المعدن والكنز وتراب الصواغين

باب الصرف في المعدن والكنز وتراب الصواغين حدثنا (¬1) أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم (¬2) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (¬3): "الرِّجْل جُبَار، والعَجْمَاء جُبَار، والبئر (¬4) جُبَار، وفي الركاز الخمس" (¬5). وحدثنا عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري (¬6) عن جده عن أبي هريرة قال: كان أهل الجاهلية إذا هلك الرجل في البئر (¬7) جعلوها عَقْلَه (¬8)، وإذا جرحته دابة جعلوها عَقْلَه، وإذا وقع عليه معدن جعلوه عَقْلَه. فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. فقال: "العجماء جرحها جبار، والبئر (¬9) جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس". فقالوا: يا رسول الله، وما الركاز؟ قال: "الذهب الذي خلقه الله تعالى في الأرض يوم (¬10) خلقت" (¬11). ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) م ز - عن إبراهيم. (¬3) ف م ز + في. (¬4) ز: والتبر. (¬5) الآثار لمحمد، 100؛ والحجة له، 1/ 437. وانظر: الموطأ، العقول، 12؛ والآثار لأبي يوسف، 88؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 423؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 400؛ وصحيح البخاري، الزكاة، 66؛ وسنن أبي داود، الديات، 27؛ وسنن النسائي، الزكاة، 28؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 8/ 343؛ وجامع المسانيد، 2/ 183؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 387. وانظر لشرح الحديث الحاشية بعد التالية. (¬6) ز: سعد المقري. (¬7) ز: في التبر. (¬8) عَقْله أي ديته. انظر: لسان العرب، "عقل". (¬9) ز: والتبر. (¬10) ف - يوم. (¬11) السنن الكبرى للبيهقي، 4/ 152؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 380؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 182. قال السرخسي -رحمه الله-: والمراد بالعَجْمَاء الدابة، لأنها بهيمة لا تنطق، ألا ترى أن الذي لا يفصح يسمى أعجمياً. والجُبَار الهَدَر، وفيه دليل أن فعل الدابة هَدَر لأنه غير صالح بأن يكون موجباً على صاحبها ولا ذمة لها في نفسها. وفي بعض الروايات قال: "والرجل جُبَار"، والمراد أن الدابة إذا رَمَحَت برجلها فلا ضمان فيه على السائق والقائد، لأن ذلك لا يستطاع الامتناع منه، بخلاف ما لو كَدَمَت الدابة أو ضربت باليد حيث يضمن، لأن في وسع الراكب أن يمنعه بأن يرد =

وحدثنا عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جرح العجماء جبار، والبئر (¬1) جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس" (¬2). وحدثنا عن سليمان الأعمش عن أبي قيس عن هُزَيْل (¬3) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك. وحدثنا عن سعد بن طَرِيف عن عُمَير (¬4) عن جده أنه وجد كنزاً في قرية خَرِبَة بخراسان، وذلك الكنز دنانير وجوهر وفضةٌ تِبْر، وأنه (¬5) أتى به علي بن أبي (¬6) طالب، فدعا علي - رضي الله عنه - رجلاً نصرانياً فقوّمه، وبعث الأمناء، فقال: إن كانت قريةً خَرِبَتْ على عهد فارس فهم (¬7) أحق به، وإن كانت عَادِيّه (¬8) خَرِبَت قبل ذلك فهو للذي (¬9) وجده. فوجدوها (¬10) قرية عَادِيّة ¬

_ = لجامه. وأما البئر والمعدن فجُبَار لأن سقوطه بعمل من يعالجه فيكون كالجاني على نفسه. وفيه دليل لنا على وجوب الخمس في المعدن، فقد أوجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخمس في الرِّكَاز، ثم فسر الرِّكَاز بالمعدن وهو الذهب المخلوق في الأرض حين خُلِقَت، فإن الكنز موضوع العباد، واسم الركاز يتناولهما، لأن الرَّكْز هو الإثبات، يقال: ركز رمحه في الأرض، وكل واحد منهما مُثْبَت في الأرض خِلقة أو وَضْعاً. انظر: المبسوط، 14/ 42 - 43. (¬1) ز: والتبر. (¬2) تقدم تخريجه قريباً. (¬3) ف م ز: عن هذيل. والصحيح أنه هزيل بن شرحبيل، تابعي ثقة من أصحاب عبد الله بن مسعود. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 11/ 30. (¬4) ف م ز: عن عرير. والصحيح أنه عمير بن مأموم، فهو ممن روى عنه سعد بن طريف. ويروي عمير عن الحسن بن علي - رضي الله عنه -، لكن لم يذكروا له رواية عن جده. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 3/ 410. (¬5) ف - أنه. (¬6) ز - أبي. (¬7) ف م ز: فهو. والتصحيح من المبسوط، 14/ 43. والرواية الآتية تفسر هذه الرواية حيث يقول فيها: إن كنت وجدتها في قرية خربة يؤدي خراجها قوم فهم أحق بها منك. وانظر للشرح: المبسوط، الموضع السابق. (¬8) عادية أي قديمة. انظر: المغرب، "عود". (¬9) ف ز: الذي. (¬10) ز: فوجودها.

خَرِبَت قبل ذلك فأدخل خمسه بيت المال، وأعطى الرجل بقيته (¬1). وحدثنا عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: وجد رجل ألف درهم وخمسمائة درهم في قرية خَرِبَة. فقال علي بن أبي طالب: سأقضي فيها قضاءً بَيِّناً (¬2)، إن كنت وجدتها في قرية خَرِبَة يؤدي خراجَها قومٌ فهم (¬3) أحق بها منك، وإن كنت (¬4) وجدتها في قرية خَرِبَة ليس يؤدَّى خراجُها أُخِذَ منها الخمسُ لبيت المال، وبقيتها لك، وسنُتِمّ ذلك لك كله (¬5). وحدث عن (¬6) أبي حنيفة عن إبراهيم بن (¬7) محمد بن المُنْتَشِر عن أبيه عن مسروق عن عائشة أن رجلاً وجد كنزاً بالمدائن، فرفعه إلى عاملها، فأخذه كله، فبلغ ذلك عائشة، فقالت: بفِيه الكِثْكِث (¬8)،- تعني التراب - فهلا أخذ أربعة أخماس ودفع إليه خمسه (¬9). ¬

_ (¬1) الدراية لابن حجر، 1/ 261 - 262. وانظر للشرح الحاشية بعد التالية. (¬2) ز: قضاتنا. (¬3) ف: فهم قوم. (¬4) ز - كنت. (¬5) وروي عن الشعبي أن رجلاً وجد في خربة ألفاً وخمسمائة، فأتى علياً، فقال: أد خمسها، ولك ثلاث أخماسها، وسنطيّب لك الخمس الباقي. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 2/ 436. وللآثار المختلفة في ذلك انظر: نصب الراية للزيلعي، 2/ 381 - 382؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 2/ 182. وقال السرخسي: وفيه دليل لأبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله- على أن واجد الكنز في ملك الغير لا يملكه، ولكن يردها على صاحب الخِطَّة، وهو أول مالك كان لهذه الأرض بعد ما افتُتِحَت. وفيه دليل وجوب الخمس في الكنز، وأن للإمام أن يضع ذلك في الواحد إذا رآه محتاجاً إليه، وله أن يضع ذلك في بيت المال كما رواه عن علي - رضي الله عنه - في الحديث الآخر. انظر: المبسوط، 14/ 43. (¬6) ز + الإمام الأعظم. (¬7) ز: عن. (¬8) الكِثْكِث والكَثْكَث: فُتات الحجارة والتراب. وقولها: "بفيه الكثكث" دعاء بالخيبة. انظرت المغرب، "كثكث". (¬9) رواه الإمام أبو يوسف عن أبي حنيفة. انظر: الآثار لأبي يوسف، 89. وقال السرخسي: وهذا مَثَلٌ في العرب معروف للجاني المخطئ في عمله، وهو مراد عائشة =

وحدثنا (¬1) عن أشعث (¬2) بن سَوَّار عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: العجماء جُبَار، والمعدن والبئر (¬3) جُبَار، وفي الرِّكَاز الخمس. وحدثنا عن عبد الله بن بشر عن جبلة بن حُمَمَة الخثعمي عن رجل منهم قال: خرج في يوم مَطَرٍ إلى دَيْر جرير (¬4) فوقعت منه ثُلْمَة (¬5)، فإذا بُسْتُوقَة (¬6) أو جَرَّة فيها أرَبعة آلاف مثقال. فأتيت بها علياً - رضي الله عنه -، فقال: أربعة أخماسها لك، والخمس الباقي اقسمه بين فقراء أهلك (¬7). وحدثنا عن رجل عن سِمَاك بن حرب عن الحارث (¬8) الأزدي قال: وجد رجل ركازاً، فاشتراه أبي منه بمائة شاة تَبِيع، فلامته (¬9) أمي، فقالت: ¬

_ = - رضي الله عنها - بما قالت، يعني أنه خاب وخسر لخطئه فيما صنع في دفعه الكل إلى العامل، فقد كان له أن يخفي مقدار حقه في ذلك ولا يدفع إلى العامل إلا قدر الخمس. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬1) ف: حدثنا. (¬2) ز: عن أشعب. (¬3) ز: والتبر. (¬4) ف م ز ب جار: جرين (مهملة في ف م، ومهملة الجيم في ز). وفي شرح معاني الآثار للطحاوي، 3/ 304: دير حرب. ولفظ السرخسي: دير خربة. انظر: المبسوط، 14/ 43. والتصحيح من الحجة على أهل المدينة للإمام محمد، 1/ 445؛ والكافي، الموضع السابق. ولم نجده في معجم البلدان، وفيه: دير الحريق، دير قديم بالحيرة، والله أعلم. (¬5) الثلمة: الخلل في الحائط وغيره، وموضع الكسر أو الانفراج في الإناء والحائط. انظر: مختار الصحاح، "ثلم"؛ ولسان العرب، "ثلم". فيكون في العبارة تجوّز. أي سقط حجر من موضع الكسر. (¬6) من الفَخّار. انظر: القاموس المحيط، "بسق". (¬7) الحجة على أهل المدينة للإمام محمد، الموضع السابق؛ والتاريخ الكبير للبخاري، 2/ 219؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، الموضع السابق. وقال السرخسي: وهذا دليل على جواز وضع الخمس في قرابة الواحد، وأن للإمام أن يفوض ذلك إليه كما له أن يفعله بنفسه، لأن خمس الركاز في معنى خمس الغنيمة، ووضع ذلك في قرابة الغانمين جائز إذا كانوا محتاجين إليه. انظر: المبسوط، 14/ 43. (¬8) ف + بن الحارث. (¬9) ز: فلامتع (مهملة). وهي غير واضحة في ف م. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 43.

اشتريته (¬1) بثلاثمائة، أَنْفُسُها مائة وأولادها مائة وكفايتها مائة. فندم فأتاه فاستقاله. فأبى أن يُقِيلَه. فقال: لك عشر شياه. فأبى. فقال: لك عشر أخرى. فأبى. فعالج الركاز، فخرج منه قيمة ألف شاة. فأتاه الآخر، فقال: خذ غنمك وأعطني (¬2) مالي. فأبى عليه. فقال: لأضرّنك (¬3). فأتى علياً فذكر له بعض ذلك، فقص عليه القصة. فقال: أد (¬4) خمس ما أخذت للذي (¬5) وجد الركاز، وأما هذا فإنما أخذ ثمن غنمه (¬6). وحدثنا عن محمد بن أبي الجَعْد قال: سألت عامراً عن بيع (¬7) تراب الصوّاغين، فقال: لا خير فيه، وهو (¬8) غَرَر، مثل بيع السمك في الماء (¬9). ¬

_ (¬1) ف + منك. (¬2) ف م ز: عتك فأعطني. والتصحيح من المبسوط، الموضع السابق. (¬3) ف م: لاضربك. والتصحيح من المبسوط، الموضع السابق. (¬4) ز: أدى. (¬5) ز: أحدث الذي. (¬6) قال السرخسي في شرح الرواية: وقوله: بمائة شاة تبيع، أي كل شاة يتبعها ولدها، وهي حامل بأخرى، وهذا معنى ملامتها إياه حيث قالت: اشتريتها بثلائمائة. والمراد بقولها: وكفايتها، حملها، وقيل: المراد لبنها ... وفيه دليل على أن خمس الركاز على الواجد دون المشتري، وأن بيع الواجد قبل أداء الخمس جائز في الكل، فيكون دليلاً لنا على جواز بيع مال الزكاة بعد وجوب الزكاة فيه. انظر: المبسوط، 14/ 43 - 44 (¬7) ز - بيع. (¬8) ف: هو. (¬9) قال السرخسي: المقصود ما في التراب من الذهب والفضة لا عين التراب، فإنه ليس بمتقوم، وما فيه ليس بمعلوم الوجود والصفة والقدر، فكان هذا بيع الغرر، ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع فيه غَرَر، ولكن هذا إذا لم يعلم هل فيه شيء من الذهب والفضة أم لا، فإن علم وجود ذلك فبيع شيء منه معين بالعروض جائز على ما نبينه إن شاء الله. انظر: المبسوط، 14/ 44. وحديث النهي عن بيع الغرر رواه الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: الموطأ برواية محمد، 3/ 218 - 223. وانظر: مسند أحمد، 2/ 144، 155؛ وصحيح البخاري، البيوع، 61؛ وصحيح مسلم، البيوع، 4، 5؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 10. والغَرَر هو الخَطَر الذي لا يُدْرَى أيكون أم لا، كبيع السمك في الماء والطير في الهواء. وعن علي - رضي الله عنه -: هو عمل ما لا =

وحدثنا عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب (¬1) عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال: سمعت رجلاً من مزينة يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عما يوجد في الطريق العامر. فقال: "عَرِّفْها حَوْلاً، فإن جاء صاحبها وإلا فهي لك". قال: قلت: فإن وجدها في الخَرِب العادي؟ (¬2) قال: "فيها وفي الركاز الخمس" (¬3). والمعدن عندنا بمنزلة الركاز فيه الخمس. وكل من احتفر في المعدن فعليه الخمس، وله أربعة أخماس. وأكره أن يقاسموه التراب، ولا أجيزه لو فعلوه، حتى يُخَلَّص (¬4) ثم يُقاسموه ما خُلِّصَ (¬5) من ذلك. ألا ترى أن رجلاً لو اشترى تراب معدن فضة بفضة لم أجز ذلك، لأني لا أدري أيهما أكثر. وكذلك لو كان تراب معدن (¬6) ذهب فاشتراه رجل بذهب لم أجز ذلك. ولو ¬

_ = يؤمن عليه الغرور. وعن الأصمعي: بيع الغرر أن يكون على غير عهدة ولا ثقة. قال الأزهري: ويدخل فيه البيوع المجهولة التي لا يحيط بها المتبايعانه انظر: المغرب، "غرر". (¬1) ف: أشعث. (¬2) العادي هو القديم، كما مر. (¬3) روي من طريق عمرو بن شعيب نحو ذلك. وورد فيه: وسئل عن اللقطة توجد في أرض العدو، فقال: "فيها وفي الركاز الخمس". انظر: المعجم الأوسط للطبراني، 1/ 168؛ وسنن الدارقطني، 3/ 194. وروي عن أبي ثعلبة - رضي الله عنه -: قلت: يا نبي الله، الوَرِق يؤخذ في الأرض العادية؟ قال: "فيها وفي الركاز الخمس". انظر: المعجم الكبير للطبراني، 22/ 226. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، وفيه أبو فروة يزيد بن سنان، وثقه أبو حاتم وغيره، وضعفه جماعة. انظر: مجمع الزوائد، 4/ 169. وقال السرخسي: وفيه دليل على أن الملتقط عليه التعريف في اللقطة، وبظاهره يستدل الشافعي ويقول: له أن يتملكها بعد التعريف وإن كان غنياً، ولكنا نقول: مراده فاصرفها إلى حاجتك، لأنه - صلى الله عليه وسلم - علمه محتاجاً، وعندنا للفقير أن ينتفع باللقطة بعد التعريف. قال: فإن وجدها في الخَرِب العادي ففيها وفي الركاز الخمس، والمراد بالركاز المعدن، لأنه عطفه على الكنز، وإنما يعطف الشيء على غيره لا على نفسه. انظر: المبسوط، 14/ 44. (¬4) التخليص بمعنى التصفجة. انظر: المغرب، "خلص". (¬5) ف: بما خلص. (¬6) م ز - فضة بفضة لم أجز ذلك لأني لا أدري أيهما أكثر وكذلك لو كان تراب معدن.

اشترى ذلك بفضة وذهب لم أجز ذلك أيضاً. وكذلك تراب الفضة لو (¬1) اشتراه رجل بذهب وفضة لم أجز ذلك أيضاً. والدراهم المضروبة والدنانير [وَ] التِّبْر (¬2) في ذلك كله (¬3) سواء. والحلي المصوغ والسيف المحلى والمِنْطَقَة المفضَّضة في ذلك كله سواء، لا يجوز، لأني لا أدري أيهما أكثر (¬4). وإذا اشترى الرجل تراب معدن ذهب بفضة معروفة الوزن أو مجهولة أجزت ذلك، وكان بالخيار إذا خلّص ذلك ورأى ما فيه. وكذلك تراب فضة بذهب كان مثل ذلك، وكان جائزاً. ولو اشترى كل واحد منهما بعَرْض من العُروض فهو جائز، وله الخيار إذا رأى ما فيه. وإذا احتفر الرجل موضعاً من المعدن ثم باع تلك الحفرة فإن بيعه باطل. تلك الحفرة وغيرها من المعدن سواء. ألا ترى أنه لو باع جبل المعدن أو موضعاً منه لم يجز ذلك، لأنه لم يحرزه. وإن باعه بعروض أو حيوان فهو سواء، ولا يجوز ذلك، لأنه لا يملكه، ولم يحفر ترابه ويخرجه فيحرزه. ولو احتفر رجل حَفِيرَة (¬5) فأعطاها رجلاً يحتفر فيها على أن عوّضه عوضاً كان ذلك باطلاً لا يجوز، وله أن يرجع في عوضه. وما احتفر الرجل من الحَفِيرَة (¬6) وأحرز فهو له، ويخمّس. ولو أن رجلاً أخرج معدناً من داره فإن أبا حنيفة كان يقول: ليس فيه خمس. وقال أبو يوسف: فيه خمس. والدار والأرض سواء في قول أبي يوسف، وهما مختلفان في قول أبي حنيفة (¬7). والذمي إذا عمل في المعدن والعبد والمكاتب والمدبر والمرأة والرجل والمرتد في ذلك كله (¬8) سواء. وكذلك الصبي والمعتوه. ¬

_ (¬1) ز: ولو. (¬2) الواو من ب جار. (¬3) م - كله. (¬4) ز: أكبر. (¬5) الحفيرة هي الحفرة. انظر: المغرب، "حفر". (¬6) ز: من الحفرة. (¬7) وذكر في كتاب الزكاة قول محمد مع قول أبي يوسف. انظر: 1/ 125 ظ. (¬8) م ز - كله.

وإذا استأجر الرجل الأجير يعمل معه بترابٍ معروفٍ (¬1) فإن ذلك جائز، وهو بالخيار (¬2) إذا رأى ما فيه. وإن [كان] التراب ذهباً (¬3) أو فضةً فهو سواء. وإذا استأجره بوزن من التراب معروف بغير عينه فإن ذلك لا يجوز. وإذا كان لرجل على رجل دين فأعطاه تراباً بعينه بدينه، فإن كان الدين فضة فأعطاه تراب فضة فإن ذلك لا يجوز، وان كان أعطاه تراب ذهب فإن ذلك يجوز (¬4)، وهو بالخيار إذا رأى ما فيه. واذا استقرض الرجل من الرجل تراب ذهب أو تراب فضة فإنما عليه مثل ما خرج من ذلك التراب من الذهب والفضة بوزنه. والقول فيه قول الذي عليه الدين مع يمينه، و [هو] الذي استقرض التراب. وان كان استقرضه على أن يعطيه تراباً مثله فإن ذلك لا يجوز. وكذلك لو اشتراه شراءً فاسداً واستهلك التراب. وإذا اشترى الرجل تراب فضة بتراب فضة فإن ذلك لا يجوز، لأني لا أدري أيهما أكثر. وكذلك تراب الذهب بتراب الذهب. فإن كان تراب ذهب بتراب فضة فهو جائز، وكل واحد منهما بالخيار إذا رأى ما فيه. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً من أهل الحرب دخل دار الإسلام بأمان فوجد فيها ركازاً (¬5) لم يكن له منه شيء، وكان كله لبيت المال. وهو قول أبي يوسف (¬6). واذا عمل هذا الحربي المستأمن في معدن ¬

_ (¬1) أي: معين. وقال السرخسي: وإن استأجر الرجل الأجير يعمل معه بتراب معدن معروف فهو جائز إذا كان يعلم أن فيه شيئاً من الذهب أو الفضة، لأن جهالة مقداره لا تفضي إلى المنازعة، لما كان التراب معيناً معروفاً، وله الخيار إذا رأى ما فيه، كمن أجّر نفسه بعوض لم يره فهو بالخيار إذا رآه. انظر: المبسوط، 14/ 45. (¬2) م ز - وهو بالخيار. (¬3) ز: ذهب. (¬4) في م بياض؛ ز: غرر. (¬5) ز: ركاز. (¬6) وذكر المسألة في كتاب الزكاة ولم يذكر فيها خلافاً، فهو قول محمد أيضاً. انظر: 1/ 125 ظ.

باب صرف القاضي

في دار الإسلام فإنه لا شيء له، وما أصاب من ذلك أخذ منه وجعل في بيت المال، إلا أن يكون السلطان أمره بذلك، فيخمس ما أصاب، وما بقي فهو له. ... باب صرف القاضي وإذا صرف القاضي دراهم (¬1) عند رجل بدنانير يداً بيد فهو جائز. وإن كانت ليتيم لم يوص أبوه أو لميتٍ (¬2) عليه دين فهو جائز. وإن تفرقا قبل القبض فإن البيع ينتقض. وكذلك وكيل القاضي. ولو أن القاضي وكّل أميناً (¬3) من أمنائه يبيع ذهب الميت في دين له أو حلياً أو إناء (¬4) فضة فباعه بتأخير أو باعه (¬5) بنقد ثم (¬6) افترقا قبل أن يقبض أو باعه بفضة أكثر من فضة الإناء أو بذهب أكثر من ذهب الحلي لم يجز ذلك. وكذلك (¬7) لو كان سيفاً (¬8) محلى فباعه أمين القاضي بفضة أقل مما فيه كان ذلك باطلاً لا يجوز. ولو أن القاضي بعث أمينين من أمنائه فباعا إناء فضة لميت بوزنه دراهم فيه (¬9) ألف درهم ثم دفعا الإناء إلى المشتري وقام أحدهما ووكّل الآخرَ بقبض الثمن فقبض الثمن كان حصة القائم من ذلك باطلاً وجاز حصة الآخر، يبطل (¬10) نصف (¬11) البيع ويجوز نصفه. وكذلك لو كان المشتري اثنين والبائع واحداً (¬12) فقام أحدهما بعدما قبضا (¬13) الإناء قبل أن يَنْقُدَ ¬

_ (¬1) ز: دراهما. (¬2) ف م ز: الميت. والتصحيح من السياق. (¬3) م: وكيلا. (¬4) ف + أو. (¬5) م ز - باعه. (¬6) ف + ثم. (¬7) ز: ولذلك. (¬8) ز: سيف. (¬9) م ز - فيه. (¬10) ز: تبطل. (¬11) ف م ز: بنصف. والتصحيح مستفاد من ب. (¬12) ز: واحد. (¬13) ف م ز: قبض. والتصحيح من ب.

ووكّل الآخرَ [بنقد الثمن] (¬1) ونَقَدَ المالَ جازت حصة الذي لم يفارق ونَقَدَ، وبطلت حصة القائم. وكذلك لو كان غير أمين القاضي. وكذلك لو كان رجلان (¬2) اشتريا ألف درهم من رجل بمائة دينار فنقداه الدنانير ثم قام أحدهما ووكّل الآخر بقبض الدراهم فقبضها فإنه ينتقض حصة القائم ويجوز حصة الآخر. وكذلك لو كان بائع الدراهم اثنين والمشتري للدنانير واحداً (¬3). وإذا كان وصي اليتيم لليتيم عنده دراهم فصرفها بدنانير من نفسه بالسعر كما يصرف في السوق فإنه لا يجوز. وكذلك لو كانت دنانير فصرفها بدراهم. وكذلك لو كانت دراهم فأبدله بها دنانير. وكذلك لو كان إناء فضة فصاغه بوزنه (¬4). وهذا كله باب واحد لا يجوز. قلت (¬5): كيف أبطل أبو حنيفة هذا وكان (¬6) يقول: إذا اشترى الوصي شيئاً من متاع اليتيم ثم رفع (¬7) إلى القاضي نظر فيه فإن كان خيراً لليتيم أجازه وإلا رده؟ قال (¬8): هذا صرف، وإذا افترقا بطل. قلت: فإن فعل ذلك بحضرة القاضي فأجازه؟ قال: لا أعرف قوله في هذا، وينبغي أن يجوز. وكذلك السيف المحلَّى والمِنْطَقَة المفضَّضة. ¬

_ (¬1) الزيادة من ب. (¬2) ز: رجلين. (¬3) ز: واحد. لعل الصواب: وكذلك لو كان بائع الدنانير اثنين والمشتري للدراهم واحدا. وإلا فهي نفس المسألة التي قبلها تماما. (¬4) وعبارة ب: ولا أن يشتري إناء فضة له بوزنه. (¬5) السائل هو الإمام محمد. (¬6) م ز: أو كان. (¬7) ز: ثم دفع. (¬8) المجيب هو الإمام أبو يوسف.

وإن باعه في السوق فهو جائز. وإذا كان الوصي في حجره يتيمان (¬1) لأحدهما دراهم وللآخر (¬2) دنانير فصرف دنانير هذا بدراهم هذا فإنه لا يجوز. وقال أبو حنيفة: لو أن وصي يتيم اشترى من ماله شيئاً نظرت في ذلك، فإن كان خيراً لليتيم أمضيت البيع، وإن كان شراً أبطلت البيع. وقال أبو يوسف: لا أجيز هذا على حال، للأثر الذي جاء عن عبد الله بن مسعود (¬3). واذا كان لليتيم مال عند جده أبي (¬4) الأب وليس له وصي فصرف ماله فهو جائز، وهو في ذلك (¬5) بمنزلة الأب. وإن كان لليتيم وصي أوصى إليه أبوه فإن تصريف (¬6) الجد لا يجوز عليه. ولا يجوز من ذلك (¬7) الصرف إلا ما يجوز بين المسلمين. وإذا التقط الرجل لقيطاً فهو حر، فإن تُصُدِّقَ عليه بدراهم أو دنانير فصَرَفَها له فإن ذلك لا يجوز، لأنه ليس بوصي، ولا يجوز ذلك على ¬

_ (¬1) ز: يتيمين. (¬2) ف م: والآخر. (¬3) قال السرخسي: وإذا اشترى من مال اليتيم شيئاً لنفسه نظرت فيه، فإذا كان خيراً لليتيم أمضيت البيع فيه، وإلا فهو باطل، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف الآخِر -رحمهما الله-، وفي قوله الأول وهو قول محمد لا يجوز أصلاً للأثر الذي روينا عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، والمسألة مذكورة في كتاب الوصايا. انظر: المبسوط، 14/ 46. وقد مر الأثر المذكور في المتن قريباً بلفظ: لا تشتر من ماله شيئاً، ولا تستقرض منه شيئاً، ومر شرحه هناك. والمسألة مذكورة مع بيان قول محمد في كتاب الوصايا من كتاب الأصل. انظر: 3/ 239 و - 239 ظ. وانظر لشرح المسألة في كتاب الوصايا: المبسوط، 28/ 33. (¬4) ز: أبو. (¬5) م ز - وهو في ذلك. (¬6) التصريف في الدراهم والبِياعات: إنفاقها. وصرّفته في الأمر تصريفاً فتصرّف: قلّبته فتقلّب. انظر: لسان العرب، "صرف"؛ والقاموس المحيط، "صرف". (¬7) ف م + من.

اللقيط. وكذلك أم الصبي وأخو الصبي وعمه وخاله لا يجوز عليه تصرفه (¬1). وكذلك وصي الأم ووصي الأخ ووصي العم إذا كان اليتيم وارثه، فليس يجوز تصريف الوصي (¬2) على اليتيم. ولا يجوز على الصغير تصريف أحد ما (¬3) خلا أباه أو الجد أبا (¬4) الأب إذا مات الأب أو وصي الجد أبا (¬5) الأب إذا لم يكن للأب (¬6) وصي. وقال أبو حنيفة: إذا ابتعت تراب الصوّاغين بذهب فلا خير فيه، وإن (¬7) ابتعته بفضة فلا خير فيه، لأني لا أدري أقل هو أو أكثر. وقال أبو حنيفة: إذا اشترى ذلك بعروض فهو جائز، وهو بالخيار إذا علم ما فيه. دن اشترى بشيء مما يكال بحنطة أو بشعير أو بسمسم أو بشيء (¬8) من الحبوب مسمى فهو جائز، وهو بالخيار إذا رآه وعلم ما فيه. وكذلك إذا اشتراه بشيء مما يوزن من السمن والزيت والأدهان كلها بشيء مسمى من ذلك فهو جائز، وهو بالخيار إذا رآه وعلم ما فيه. وكذلك إذا اشتراه بعبد أو أمة بعينها فهو جائز، وهو بالخيار إذا رآه (¬9). وكذلك لو اشترى به داراً أو عَرْضاً من العروض كائناً ما كان أو إناء من آنية النحاس أو الحديد أو الصُّفْر (¬10) أو الرصاص أو شيئاً من ذلك موزوناً (¬11) أو مجازفة فهو جائز، وهو بالخيار إذا رأى التراب وعلم ما فيه. وكذلك لو اشتراه بلؤلؤ أو جوهر أو بياقوت فهو مثل ذلك. فإن اشتراه بدراهم فلا خير فيه. وكذلك إن اشتراه بدنانير. وكذلك إن اشتراه بسيف محلَّى أو بمِنْطَقَة مفضَّضة (¬12) أو بإناء مفضَّض أو بحلي (¬13) ذهب فيه لؤلؤ أو بقلادة فيها ¬

_ (¬1) ف: تصريفه. (¬2) م + الوصي. (¬3) ف م: أحدهما؛ ز: أحد مما. (¬4) ز: أبو. (¬5) ز: أبو. (¬6) ف م ز: الأب. (¬7) ز: فإن. (¬8) ز: أو سمسم أو شيء. (¬9) ف ز + وعلم ما فيه. (¬10) هو النحاس الجيد، كما تقدم. (¬11) ز: موزون. (¬12) ف: مفضة. (¬13) ف م ز: أو بعرض. والتصحيح من ب.

ذهب ولؤلؤ وجوهر أو ذهب وحده وجوهر أو فضة وحدها وجوهر فلا خير في شيء من ذلك، لأني لا أدري ما أخذ أكثر أو ما (¬1) أعطى، ولا أدري لعله ليس في تراب الصواغين شيء إلا ذهب وحده أو فضة وحدها. فإن علما جميعاً أن فيه فضةً وذهباً (¬2) فلا بأس بأن يشتريه بفضة أو ذهب (¬3) ويزيد مع ذلك ما أحب من الذهب أو الفضة أو العروض (¬4). وكذلك إن كان الجوهر مع التراب فهو جائز. والذي قبض التراب بالخيار إذا رآه وعلم ما فيه. ولو أن رجلاً اشترى ذهباً وفضةً لا يعلم ما فيها (¬5) بفضة وذهب لا يعلم ما وزنهما كان ذلك جائزاً، ذهب هذا بفضة هذا وفضة هذا بذهب هذا. وكذلك لو زاد (¬6) أحدهما لؤلؤاً وجوهراً (¬7). وإذا كان في تراب الصوّاغين ذهب وفضة تُعرَف فاشتراه رجل بذهب وفضة وتقابضا واشترط الخيار يوماً فهو فاسد لا يجوز إلا أن يبطل خياره قبل أن يتفرقا، لأنه صرف، فإذا رأى ما فيه ولم يَشْتَرِط الخيار [فهو جائز] (¬8). وليس خيار الشرط في هذا كخيار (¬9) النظر (¬10). وتراب المعادن مثل تراب الصوّاغين. إذا عُرِفَ ترابُ الصوّاغين أنه ذهب فمثل معدن [ذهب] (¬11)، وإذا عرف أنه فضة فمثل معدن فضة. وإذا كان فيه فضة وذهب فهو موافق (¬12) للمعدن، ما كان في هذا جائزاً (¬13) جاز في هذا، وما فسد في هذا فسد في هذا. ¬

_ (¬1) م ز: وما. (¬2) ز: ذهب. (¬3) ف - بفضة أو ذهب، صح هـ. (¬4) ف م ز: أو فضة أو عروض. (¬5) ز: ما فيه. كذا في ف م ب؛ والكافي، 1/ 181 و. ولفظ السرخسي: لا يعلم وزنهما. انظر: المبسوط، 14/ 47. (¬6) ف + مع. (¬7) ز: وجوهر. (¬8) هذه الزيادة لا بد منها لتصحيح العبارة. (¬9) ف: لخيار. (¬10) أي: كخيار الرؤية. (¬11) الزيادة مستفادة من تتمة العبارة. (¬12) ف م ز ب جار: مخالف. لكن في هامش ب جار: صوابه موافق لأنه فسر بالموافقة. وهو كذلك كما هو ظاهر من تتمة العبارف (¬13) ز: جائز.

باب زيادة العطاء والدين بالدين وغيره

وإذا اشترى الرجل تراب معدن فضة (¬1) بذهب كان ذلك جائزاً إذا تقابضا، وهو بالخيار إذا رآه. وكذلك لو اشترى تراب معدن ذهب بفضة فهو مثل هذا. الدراهم في هذا والفضة [التِّبْر] (¬2) سواء. وكذلك الدنانير والذهب التِّبْر. ولو (¬3) كان تراب معدن ذهب وتراب معدن فضة اشتراهما رجل بدنانير ودراهم كان جائزاً، وهو بالخيار إذا رأى ما فيهما وعلم ما فيه. ولو اشتراهما بدراهم كان باطلاً. وكذلك لو اشتراهما بدنانير. فإن اشتراهما بدنانير نسيئة فلا خير فيه، لأنه صرف (¬4). وكذلك تراب الصوّاغين. فلا يجوز في الصرف النسيئة ولا الخيار. فإذا أَبْطَلَ الذي له الأجل قبل أن يتفرقا ونَقَدَ فهو جائز. وكذلك الخيار. وإن تفرقا قبل أن يُبْطِلَ الأجل فالبيع فاسد. وإن أبطله بعد ذلك فهو فاسد لا يجوز. ... باب زيادة العطاء والدين بالدين وغيره وقد سألت (¬5) أبا (¬6) حنيفة عن رجل له عطاء فزِيدَ في عطائه مائة درهم فباعها بدراهم أو بدنانير أو بعروض أو أمة (¬7) أو عبد، قال: لا يجوز بيعها بشيء من ذلك (¬8). ¬

_ (¬1) ف - فضة. (¬2) الزيادة مستفادة من الجملة التالية. (¬3) ف: وكذلك لو. (¬4) م ز: ضرب. (¬5) ز + الإمام الأعظم. (¬6) ز: أبو. (¬7) ف: أو ابنه (مهملة). (¬8) وسيذكر في المتن بعد قليل أنه لا يجوز بيع العطاء أو الرزق. وقال السرخسي -رحمه الله- شارحاً: ولا يجوز بيع العطاء والرزق، فالرزق اسم لما يخرج للجند من المال عند رأس كل شهر، والعطاء اسم لما يخرج له في السنة مرة أو مرتين، وكل ذلك صِلَة يخرج له، فلا يملكها قبل الوصول إليه، وبغ ما لا يملك المرء لا يجوز. وكذلك إن زِيدَ في عطائه فباع تلك الزيادة بالعروض أو غيرها فهو باطل، وهو قول =

وحدثنا عن أبي إسحاق الشيباني عن عامر عن (¬1) شريح أنه قال في بيع زيادة العطاء: لا بأس بذلك بالعروض. وقال الشعبي: أنا أكرهها بالعروض وغيرها (¬2). وكذلك قال أبو حنيفة. وكذلك بيع العطاء مع الرزق. ولو أن رجلاً فرض له الإمام عطاءً أو رزقاً فباعه أو باع شيئاً منه كان باطلاً لا يجوز. وسألت (¬3) أبا حنيفة عن رجل له دين فاشترى به شيئاً من العروض نسيئة، قال: هذا لا يجوز، ولا يجوز أن يشتري ديناً بدين (¬4). ولو أن رجلاً له دين دراهم على رجل فباعها من آخر بدنانير (¬5) ديناً له على رجل كان ذلك البيع باطلاً لا يجوز، لأن هذا دين بدين. وكذلك في هذا القول الكيل والوزن والعدد كله إذا كان ديناً (¬6) بدين أو بعاجل. وكذلك الفلوس. حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم وشريح أنهما قالا: إذا كان لرجل دين على رجل فاشترى بذلك الدين خادماً من رجل وأحاله عليه جاز البيع، ولم يكن للبائع (¬7) إلا الدين إن خرج له، وإن ذهب وتَوَى (¬8) فهو عليه (¬9). وقال أبو حنيفة: هذا لا يجوز. ¬

_ = الشعبي، وبه نأخذ، وكان شريح يجوّز بيع زيادة العطاء بالعروض، ولسنا نأخذ بهذا، لأن زيادة العطاء كأصله في أنه لا يملكه قبل القبض، ولو كان مملوكاً له كان ديناً، وبيع الدين من غير من عليه الدين لا يجوز، فإذا لم يجز هذا فيما هو دين حقيقة فكيف يجوز في العطاء، ولكن ذكر عن إبراهيم وشريح -رحمهما الله- أنهما كانا يجوّزان الشراء بالدين من غير من عليه الدين، وقد بينا أن زفر أخذ بقولهما في ذلك. انظر: المبسوط، 14/ 47. وقول شريح وإبراهيم سيرويه المؤلف بإسناده في المتن. (¬1) ز: بن. (¬2) رواه ابن أبي شيبة من طريق الشيباني عن عامر الشعبي عن شريح نحوه. انظر: المصنف، 4/ 352. (¬3) ز + الإمام. (¬4) ف ز: يشتري دينارين. (¬5) م ز: بدينار. (¬6) ز: دين. (¬7) ف م ز + الأول. وهو ساقط من ب. (¬8) أي: هلك، كما مر مراراً. (¬9) ف: فليس له عليه؛ م: فليس عليه. والتصحيح من ب.

حدثنا عن من حدثه عن موسى بن عُبيدة الرَّبَذي عن عبد الله بن فى ينار عن ابن عمر أنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الدين بالدين (¬1). وكذلك الديون من الأدهان والحنطة وغيرها. وحدثنا عن يزيد بن أبي زياد وعن مجاهد عن (¬2) عبد الله بن عمر بن الخطاب [أنه] ابتاع بعيراً بدراهم وعنده دنانير أو بدنانير وعنده دراهم، فقال لغلامه: اذهب إلى السوق بها، فإذا قامت (¬3) على ثمن فإن شاء أخذها، وإلا فبعها وأعطه (¬4). وإذا كان لرجل على رجل دين درهم حال من ثمن بيع أو قرض فأخذ منه بها دنانير بسعر يومه أو أغلى أو أرخص فلا بأس بذلك، وهذا جائز إذا كان يداً بيد. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فباعها [منه] بمائة دينار أو اشترى بها [منه] (¬5) مائة دينار ثم تفرقا قبل أن يقبضا فإن البيع قد انتقض وفسد، وصارت الدراهم له على حالها. فإن كان نَقَدَه بعضَها ولم يَنْقُدْه (¬6) بعضَها (¬7) جاز من ذلك بحساب ما نَقَدَ، وبطل من ذلك بقدر ما لم يَنْقُدْ. ولو ابمَاع بها جَامَ (¬8) فضة أو حلي ذهب ثم تفرقا قبل أن يقبضا فإن البيع ينتقض ويفسد. ولو اشترى منه ألف درهم بمائة دينار فقبض الدنانير كان له أن يأخذه بالدراهم ما لم يتفرقا (¬9)، وليس له أن يجعلها قصاصاً إلا أن ¬

_ (¬1) روي بلفظ: بيع الكالئ بالكالئ. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 90، والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 290. وقد تفرد به موسى بن عبيدة. وقال أحمد بن حنبل: لا تحل عندي الرواية عنه، ولا أعرف هذا الحديث عن غيرهـ وقال أيضاً: ليس في هذا حديث يصح، لكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين. انظر: تلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 26. (¬2) م ز: بن. (¬3) ز: فأقامت. (¬4) السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 65. (¬5) الزيادتان مستفادتان من ب. (¬6) ز: ينتقضه. (¬7) م ز: بعضا. (¬8) الجام طبق أبيض من زجاج أو فضة. انظر: المغرب، "جوم". (¬9) ف: لم تفرقا.

باب الإجارة في صياغة الذهب وعمل المعادن

يتراضيا (¬1) على ذلك. ولو أن رجلاً اشترى من رجل عشرة دراهم بدينار ونَقَدَه الدينار ولم يقبض الدراهم حتى اشترى منه بها (¬2) شيئاً كان الشرى باطلاً لا يجوز، ويأخذه بالدراهم. فإن اشترى منه ثوباً بعشرة دراهم فهو جائز، ولا يكون قصاصاً بالصرف. فإن تراضيا بذلك جميعاً فإنه لا يجوز. وإذا (¬3) اشترى رجل (¬4) عشرة دراهم بدينار فدفع الدينار فليس له أن يصرف الدراهم في شيء حتى يقبضها. فإن اشترى منه ثوباً بعشر؟ نَقْدٍ فليس له أن يجعلها قصاصاً، كأنه اشترى العشرة التي عليه بالدينار. ولو غصبه غصباً دراهم أو أقرضه كانت قصاصاً وإن لم يتقاصّا (¬5). ... باب الإجارة في صياغة (¬6) الذهب وعمل المعادن وإذا استأجر الرجل أجيراً يعمل له فضة معلومة يصوغها صياغة (¬7) معلومة بأجر معلوم فهو جائز. والحلي في ذلك والآنية وحلية السيف وحلية المَنَاطِق (¬8) في ذلك كله سواء. وكذلك الإناء يفضَّض والسَّرْج. وكذلك الحلي من الذهب. وإن استأجره على ذلك بذهب أو فضة فهو جائز. وكذلك إن استأجر رجل أجيراً (¬9) يُخَلِّص (¬10) ذهباً أو فضة، ¬

_ (¬1) ز: إن تراضيا. (¬2) م - بها. (¬3) ز: فإذا. (¬4) ف: الرجل. (¬5) م ز: لم يتقاص. (¬6) ف م ز: في صناعة. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 47. وعبارة المؤلف الآتية تدل عليه. (¬7) ز: صناعة. (¬8) المناطق جمع المِنْطَقَة، وهي ما تربط على الوسط، كما مر. (¬9) م ز: رجلا. (¬10) يخلّص أي يصفّي، والتخليص التصفية. انظر: المغرب، "خلص".

إذا اشترط من ذلك شيئاً معروفاً فهو جائز. وكذلك إذا استأجره يخلّص له ما في تراب الصوّاغين أو ما في تراب المعادن فإن كان ذلك معلوماً فهو جائز. وكذلك الرجل يستأجر رجلاً يفضّض له حلياً أو يَنْقُش له حلياً أو آنية من نَقْش معروف. وكذلك إن استأجره يموِّه (¬1) له لِجَاماً أو خَرَزاً (¬2) أو عصا حديد بأجر (¬3) معلوم فهو جائز. فإن اشترط ذهب التمويه (¬4) على الذي أخذ الأجر (¬5) فلا خير في ذلك، لأنه لا يدري ما يبلغ من (¬6) ذلك، ولأنه صرْفُ ذَهَبٍ (¬7). ولو استأجره بدرهم يموّه له خَرَزاً بقيراط (¬8) ذهب فإن هذا باطل إلا أن يقبض الدراهم ويقبض ذلك القيراط ثم يرده إليه فيقول: موِّه به. وكذلك لو استأجره بذهب أكثر من ذلك فإنه لا يجوز إلا أن يتقابضا. ولو استأجره ليموهه بفضة وكان الأجر (¬9) ذهباً فهو كذلك أيضاً. وإن كان الأجر (¬10) فضة فهو كذلك أيضاً. ولو استأجره بعَرْض أو بشيء (¬11) كيلٍ أو وزنٍ بعينه على أن يموِّه له ذلك بذهب أو فضة مسماة فهو جائز. فإن عَمِلَه فقال المستأجر: لم تُدْخِلْ (¬12) فيه ما شرطتَ لي، وقال الآخر: قد فعلتُ، فالقول قول رب ¬

_ (¬1) أي: يطلي بماء الذهب أو الفضة، وقد مر. (¬2) هي الحبّات التي تنظم في سلك للزينة، وقد مر. (¬3) ز: بأجرة. (¬4) ف: تمويه الذهب، صح هـ. (¬5) ز: الاخر. (¬6) ز - من. (¬7) فلا بد من التقابض في المجلس. انظر: المبسوط، 14/ 48. (¬8) قيراط الذهب يختلف حسب البلدان ففي بعضها هو نصف عُشر دينار، وفي بعضها جزء من أربعة وعشرين جزء من الدينار. انظر: لسان العرب، "قرط"؛ والقاموس المحيط، "قرط". (¬9) ز: الاخر. (¬10) ز: الاخر. (¬11) ف م ز: بعوض مسمى. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 48. وعبارة ب: بعرض كيلي أو وزني. (¬12) ز: لم يدخل.

العصا ورب اللِّجَام ورب الخَرَز مع يمينه، ويعطي المموِّه قيمة (¬1) ما زاد (¬2) ذلك التمويه في متاعه إلا أن يرضى أن يأخذ بقوله. وإذا استأجر الرجل (¬3) رجلاً ليحمل (¬4) له مالاً من أرض إلى أرض أو ذهباً أو دنانير مسماة أو دراهم مسماة فهو جائز. وكذلك تراب المعادن والآنية من الذهب والفضة (¬5). وكذلك لو استأجره يبيع له ذلك شهراً، لأن الإجارة على الشهر. ولو استأجره يحفر له في هذا المعدن عشرة أيام بكذا وكذا كان جائزاً. ولو استأجره يُنقي (¬6) له تراب المعادن أو تراب الصياغة (¬7) بنصف ما يخرج منه كان فاسداً، وله أجر مثله. وإذا استأجر رجل من رجل إبريق فضة أو إناء فضة يعمل به يوماً إلى الليل جاز ذلك. وكذلك لو استأجر حلي ذهب أو فضة مسماة تلبسه (¬8) امرأة يوماً إلى الليل بذهمب أو فضة مسماة جاز ذلك. ولو استأجر منه ألف درهم أو مائة دينار يوماً إلى الليل بدرهم أو دينار أو ثوب لم يجز ذلك، لأن هذا ليس بآنية (¬9)، إلا أن يسمي فيقول: أَزِنُ (¬10) بها. ولو استأجر سيفاً محلَّى أو مِنْطَقَة مفضَّضة أو سَرْجاً (¬11) مفضَّضاً يلبس ذلك ويركب ¬

_ (¬1) ف م ز: فيها. والتصحيح من المبسوط، الموضع السابق. (¬2) م: ما أراد. (¬3) ف: رجل. (¬4) ف: يحمل. (¬5) ز - وكذلك تراب المعادن والآنية من الذهب والفضة. (¬6) أنقى ينقي إنقاء ونقى ينقّي تنقية أي نظّف. انظر: لسان العرب، "نفي، نقي". (¬7) ب: الصاغة. (¬8) ز: يلبسه. (¬9) أي: لأنه لا يبقى عينه عند الانتفاع به، والإجارة تكون مع بقاء العين. انظر: المبسوط، 14/ 49. (¬10) ف م: أزن أزن (مهملتين). والتصحيح من ب جار. (¬11) ز: أو شرجا.

السَّرْج سنةً بدراهم مسماة أكثر مما فيه أو أقل أو (¬1) بدنانير (¬2) مسماة أو بعروض (¬3) كان جائزاً، لأن هذا يعمل به. ولو استأجر رجل رجلاً صائغاً يصوغ له طَوْقَ ذهبٍ بقدر معلوم وقال له: زِدْ في هذا الذهب عشرة مثاقيل، فصاغه الصائغ، وقال [رب الطَّوْق] (¬4): قد زدتَ فيه خمسة مثاقيل، فالقول قوله مع يمينه، وله مثل ما زاد فيه من الذهب، وله الأجر، إلا أن يشاء الصائغ أن يعطيه ذهباً مثل ذهبه، ويكون الطَّوْق للصائغ (¬5). وهذا لا يشبه الأول (¬6)، لأنه لا يرضى أن يعطيه خَرَزَه. وهذا ذهب ووزن، يعطيه ويأخذ بوزنه (¬7). ¬

_ (¬1) م - أو. (¬2) ز: بدينار. (¬3) م: أو بعرض. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 181 ظ؛ والمبسوط، 14/ 49. (¬5) م: الصائغ. (¬6) ف + يقول. (¬7) قال السرخسي -رحمه الله- شارحاً للكافي: ولو استأجر صائغاً يصوغ له طَوْقَ ذهبٍ بقدر معلوم وقال: زد في هذا الذهب عشرة مثاقيل فهو جائز، لأنه استقرض منه تلك الزيادة، وأمره أن يخلطه بملكه، فيصير قابضاً كذلك، ثم استأجره في إقامة عمل معلوم في ذهب له، ولأن هذا معتاد، فقد يقول الصائغ لمن يستعمله: إن ذهبك لا يكفي لما تطلبه، فيأمره أن يزيد من عنده، وإذا كان أصل الاستصناع يجوز فيما فيه التعامل فكذلك الزيادة. فإن قال: قد زدتُ فيه عشرة مثاقيل، وقال رب الطوق: إنما زدتَ فيه خمسة، فإن لم يكن محشواً يوزن الطوق ليظهر به الصادق منهما، فإن كان محشواً فالقول قول رب الطوق مع يمينه، لإنكاره القبض في الزيادة على خمس مثاقيل، إلا أن يشاء الصائغ أن يرد عليه مثل ذهبه ويكون الطوق للصائغ، لأن الطوق في يده، وهو غير راض بإزالة يده عنه ما لم يعطه عشرة مثاقيل، وقد تعذر ذلك بيمين رب الطوق، فكان للصائغ أن يمسك الطوق ويرد عليه مثل ذهبه. قال [الإمام محمد في الأصل]: وهذا لا يشبه الأول، يريد به مسألة الخَرَز، فقد بينا هناك أن الخيار لصاحب الخَرَز، لأن ذهب التمويه صار مستهلكاً لا يتخلّص من الخرز، بمنزلة الصبغ في الثوب، فكان الخيار لصاحب الخرز، وهنا عين ما زاد من الذهب قائم في الطوق، فالصائغ فيه كالبائع فيكون له أن يمتنع من تسليمه ما لم يصل إليه كمال العوض. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 49.

باب غصب الذهب والفضة مصوغا أو تبرا والرهن في الصرف

وإذا أمر الرجل صائغاً أن يصوغ له خاتم فضة فيه درهم بنصف درهم وأراه القدر (¬1) وقال: تكون الفضة عليّ قرضاً (¬2) مِن قِبَلِك، فصاغه على ذلك، فإنه لا يجوز، مِن قِبَل أن الفضة للصائغ، صاغها وهي له، ولا يكون له الأجر (¬3)، لأن الذي اصطنع عنده [لو كان] (¬4) إناءَ نحاسٍ كان بالخيار إذا فرغ منه، فكذلك إناء الفضة، فإنما صاغ لنفسه، ولا يجوز أن يأخذه بأكثر مما فيه (¬5). ... باب غصب الذهب والفضة مصوغاً أو تِبْراً (¬6) والرهن (¬7) في الصرف وإذا غصب الرجل من الرجل قُلْبَ (¬8) فضةٍ أو قُلْبَ ذهبٍ فاستهلكه ¬

_ (¬1) ز: القدز. (¬2) ف م ز: قرض. (¬3) م ز: الاخر. (¬4) لا بد من هذه الزيادة لتصحيح العبارة. (¬5) وعبارة ب هكذا: ولو استأجره أن يصوغ له خاتم فضة وأراه قَدْرَه وَزْنُه درهم من عند الصائغ قرضاً عليه فصاغه فهو للصائغ، لأن الفضة له، ولا أجر له، ولو اصطنع عنده إناء فضة معلوم جاز، وله الخيار إذا رآه، كما لو اصطنع إناء نحاس، فإنما صاغ لنفسه، ولا يجوز أن يعطيه أكثر من وزنه. وقال السرخسي -رحمه الله-: وإن أمر الصائغ أن يصوغ له خاتم فضة فيه درهم بنصف درهم وأراه القدر وقال: تكون الفضة علي قرضاً من عندك، لم يجز، لأن الفضة للصائغ كلها، والمستقرض لا يصير قابضاً لها، فيبقى الصائغ عاملأ في ملك نفسه ثم بائعاً منه الفضة بأكثر من وزنها، وذلك لا يجوز، بخلاف الأول، فهناك المستقرض يصير قابضاً للذهب بخلطه بملكه، فإنما يكون الصائغ عاملاً له في ملكه، فلهذا يستوجب الأجر عليه. وفي مسألة الخاتم يفسد أيضاً لعلة أخرى، وهو أنه صرف بالنسيئة، وذلك لا يجوز سواء كان بمثل وزنه أو أكثر. انظر: المبسوط، 14/ 49 - 50. (¬6) ز: مصوغ أو تبر. (¬7) كذا في ف م ب جار. لكن ليس للرهن ذكر في هذا الباب. فقد يكون: والدهن. أي غصب الدهن. فقد ذكره في الباب. أو يكون: والصلح. فقد ذكر الصلح في آخر الباب. (¬8) القُلْب هو السوار غير الملوي كما تقدم.

فإن عليه قيمة الفضة مصوغاً من الدنانير، وعليه قيمة الذهب مصوغاً من الدراهم. والقول في وزن الذهب الذي في القُلْب والفضة وفي صفتها جيدةً أو رديئةً قول الغاصب مع يمينه، وعلى الطالب البينة إن ادعى فضلاً. وكذلك كل إناء أو حلي، خاتم فما فوقه أو دونه، من الذهب أو الفضة. وكذلك الرجل يكسر إناء فضة لرجل أو قُلْبَ ذهبٍ فهو مثل ذلك، عليه قيمته على ما وصفت لك: إن كان ذهباً قُوِّمَ الذهب مصوغاً بدراهم، وإن كان فضة قُوِّمَت الفضة مصوغة بدنانير، كان عليه ذلك، ويدفع الإناء المكسورة [إلى الكاسر] (¬1) فتكون له. وإن افترقا قبل أن يدفع (¬2) القيمة فلا يضره ذلك، ولا يُفْسِدُ هذا القضاءَ بالقيمة (¬3) التي وجبت عليه (¬4)، وليس هذا كالبيع، هذا غصب، ولو أن المغتصب أخّر القيمة عن الغاصب شهراً أو أكثر من ذلك أَجَزْتُ ذلك. ولو أن رجلاً اغتصب رجلاً ألف درهم فاستهلكها كانت عليه حالّة، فإن أخّرها سنةً جاز ذلك، وكذلك الدنانير في هذا، والتأخير جائز في ذلك. ولو أن رجلاً أقرض رجلاً ألف درهم أو مائة دينار ثم أخّر ذلك عنه سنة فإن التأخير باطل، وله أن يرجع فيه، لأن القرض عارية، ولا يشبه الغصب. واذا هَشَمَ (¬5) الرجل قُلْباً من ذهب أو من فضة لرجل فكان هَشِيماً (¬6) ينقصه شيئاً ولا يفسده كلَّه فإن أراد أن يرجع بفضل ذلك فليس له ذلك، ولكن يقال (¬7) له: ادفعه كله، وخذ قيمته مصوغاً، فإن كان فضة أَخَذْتَ ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. (¬2) م ز: أن يدفعه. (¬3) ف م ز: والقيمة: والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 14/ 50. (¬4) وعبارة السرخسي -رحمه الله- هكذا: فإن قضى القاضي عليه بالقيمة وافترقا قبل أن يقبضها فذلك لا يضر عندنا، وعلى قول زفر -رحمه الله- يبطل قضاء القاضي بافتراقهما قبل القبض ... انظر: المبسوط، 14/ 50. (¬5) هشم من باب ضرب، والهَشْم هو كسر الشيء الرِّخْو. انظر: المغرب، "هشم". (¬6) ز: هشم. (¬7) ف: قال.

بقيمته دنانير، وإن كان ذهباً أَخَذْتَ قيمته دراهم. وكذلك إن كان (¬1) كسره أو استهلكه أو أَحْدَثَ فيه حَدَثاً (¬2) على وجه من الوجوه يكون الضمان عليه. ولو أن رجلاً اغتصب رجلاً (¬3) ذهباً تِبْراً أو فضة تِبْراً واستهلكه (¬4) فعليه مثله حالاً، فإن أخّره عنه فهو جائز. وكذلك الفلوس إذا اغتصبها الرجل أو أفسدها أو استهلكها أو كانت تِبْراً من النحاس أو الحديد أو الرصاص إذا استهلك رجل لرجل من ذلك شيئاً أو غصبه إياه فعليه مثله بالوزن، فإن كان أخّر ذلك عنه شهراً فهو جائز. ولو استهلك إناء من آنية النحاس أو الحديد أو الرصاص أو السيف أو السلاح كان ضامناً لقيمته دنانير أو دراهم، فإن (¬5) كان ذلك المتاع يباع بالدراهم قُضي عليه بالدراهم، وإن (¬6) كان يباع بالدنانير قُضي (¬7) عليه بالدنانير. وكذلك لو كسره أو هَشَمَه (¬8) هَشْماً يفسده، فإن كان هَشْماً [لا] (¬9) يفسده ضَمِنَ قيمتَه ودُفِع إليه (¬10). وكذلك الحيوان كله والعروض. فأما الكيل والوزن من الحنطة والشعير والأدهان وأشباه ذلك فإن عليه مثل ذلك بكيله ووزنه، فإن أخّره عنه شهراً فهو جائز. وإذا كسر الرجل إناء فضة لرجل فاستهلكه صاحبه قبل أن يعطيه إياه فلا شيء لصاحبه على الذي كسره، مِن قِبَل إنما (¬11) له القيمة عليه إذا دفعه ¬

_ (¬1) م ز - كان. (¬2) ف م ز: أو حدث فيه حدث. والتصحيح من ب. (¬3) ز - رجلا. (¬4) ز: أو استهلكه. (¬5) ف م ز: وإن. (¬6) ف م ز: فإن. (¬7) ز: قضا. (¬8) الهَشْم: هو كسر الشيء الرخو، كما تقدم قريباً. (¬9) الزيادة من المبسوط، 14/ 52. (¬10) أي: ضمن النقصان ودفع المتاع المكسور إلى الكاسر. انظر: المبسوط، 14/ 52. (¬11) وفي ب: لأنه إنما.

إليه (¬1). وكذلك كل إناء كسره من فضةٍ أو ذهب أو حليٍّ مصوغٍ خاتمٍ فما (¬2) سِوَاه دَقَّه أو أحرقه أو هَشَمَه هَشْماً ينقصه فلا شيء عليه لصاحبه إلا أن يدفعه كله ويأخذ قيمته على ما وصفتُ لك. وإذا اغتصب الرجلُ الرجلَ إناءَ (¬3) فضةٍ أو حليَّ ذهب أو فضةٍ فأمسكه وقال: قيمته مصوغاً كذا وكذا، لشيء أقل من قيمته، وادعى المغتصَب [منه] أكثر من ذلك ولم تكن (¬4) له بينة، فحلف الغاصب، فأدى القيمة على ما قال، ثم ظهر الإناء بعد ذلك على ما قال المغتصب منه فإن للمغتصَب [منه] أن يأخذه ويرد ما أخذ، لأنه لم يعطه ما ادّعى. ولو أقام هو (¬5) بينة على قيمته فقُضي له بها أو ادّعى قيمةً (¬6) فأبى الآخر أن يحلف (¬7) عليها فقُضي (¬8) له بها فقبضها أو لم يقبضها حتى أظهر الآخر الإناء والحلي فإن القضاء جائز نافذ، وليس للمغتصَب [منه] إلا القيمة التي قُضي بها له، لأنه هو ادّعى ذلك. وإذا اغتصب الرجلُ رجلاً فضةً فضربها دراهم أو صاغها قُلْباً أو إناء أو حلياً فإن للمغتصَب [منه] أن يأخذ ذلك مصوغاً في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف فإنه يضمن له فضةً مثلَها، وتكون (¬9) له الدراهم، وكلُّ شيء صاغ منها [فهو] للغاصب (¬10). قال: وكان (¬11) أبو حنيفة يفرق بين الفضة والذهب وبين غيرهما من الأشياء. وكذلك الذهب في هذا. ولو غصبه ¬

_ (¬1) أي: لأن شرط التضمين تسليم المكسور إليه. انظر: المبسوط، 14/ 52. (¬2) م ز: مما. (¬3) غصب واغتصب يتعديان إلى مفعولين فيقال: غَصَبَه مالَه، واغتصب الرجلُ الجاريةَ نفسَها. انظر: المصباح المنير، "غصب". (¬4) ز: يكن. (¬5) أي: المغصوب منه. (¬6) م ز - قيمة. (¬7) ز + له. (¬8) ف: قضى. (¬9) ز: ويكون. (¬10) م ز: الغاصب. وقول محمد مثل قول أبي يوسف. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 11/ 101، 14/ 52. ولم أجد المسألة في كتاب الغصب من كتاب الأصل. (¬11) ز + الإمام الأعظم.

إناءً مصوغاً أو حلياً مصوغاً ذهباً أو فضة فكسره وصاغه شيئاً آخر كان له أن يأخذه في قول أبي حنيفة، ولا يأخذه في قول أبي يوسف ويأخذ قيمة الأول مصوغاً على ما ذكرتُ لك. وإذا (¬1) اغتصب الرجلُ الرجلَ دراهمَ أو دنانيرَ فأذابه (¬2) فإن لصاحبه أن يأخذه إن شاء، وإن شاء ضمّن الغاصبَ دنانيرَ مثله. وإذا اغتصب الرجلُ الرجلَ درهماً فألقاه في دراهم له فعليه مثله، ولا يكون هذا شريكاً، لأنه مستهلِك (¬3). وكذلك الدنانير والفلوس وكل ما يكال أو يوزن مما يختلط. وإذا اغتصب الرجل الرجل ذهباً أو فضةً فسَبَكَ (¬4) ذلك مع ذهب له أو فضة حتى اختلط (¬5) فعليه مثل ما اغتصب، لأنه ضامن لهذا. وإذا كانت لرجلٍ دراهمُ، ودراهمُ لرجلٍ، فخلطهما رجلٌ حتى لا يُعْرَفان فهو ضامن لمال كل واحد منهما، ويُقْضَى له بهذا المال إن اختارا (¬6) ¬

_ (¬1) م ز: ولو. (¬2) تذكير الضمير على التأويل بالمغصوب. (¬3) وهذا قول أبي حنيفة. انظر: الكافي، الموضع السابق. ولم يذكر الحاكم قول الصاحبين في المسألة، لكنه ذكر قولهما في مسألة شبيهة بها بعد ذلك بأسطر. وذكر السرخسي أن قولهما هو أن المغصوب منه مخير بين التضمين والشركة. انظر: المبسوط، 14/ 52. ولم أجد المسألة في كتاب الغصب من كتاب الأصل، لكن تطرق إلى مسألة قريبة منها في كتاب الوديعة، وهو ما إذا خلط المستودع مال المودع مع ماله. انظر: 6/ 56 ظ. وذكر السرخسي في شرح كتاب الغصب أنه لم يذكر في الكتاب حكم المخلوط، ثم ذكر القولين المذكورين وشرح المسألة، ثم شرحها في كتاب الوديعة أيضاً. انظر: المبسوط، 11/ 91، 110. (¬4) سَبَكَ الذهب أو الفضة: أذابها وخلّصها من الخَبَث. انظر: لسان العرب، "سبك". (¬5) ز: اخلط. (¬6) ف م ز ب: إن اختار. والتصحيح مستفاد من السرخسي حيث يقول: وكذلك لو غصب دراهم لرجل ودراهم لآخر فخلطهما خلطا لا يمكن تمييزه أو سَبَكَ ذلك كله فهو ضامن لمال كل واحد منهما، والمخلوط له بالضمان، وعندهما لكل واحد منهما الخجار بين التضمين والشركة. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 52. فالمذكور في المتن إذن هو قول الإمامين أبي يوسف ومحمد. أما قول الإمام فهو التضمين فقط. وانظر الحاشية المارة قريباً.

ذلك (¬1). وإن شاءا اقتسما هذا ولم يضمّناه. وكذلك الدنانير. وكذلك لو سَبَكَ ذلك كله وخلطه. وإذا اغتصب الرجلُ الرجلَ فلوساً واستهلكها وجعلها (¬2) إناء فعليه مثلها، والإناء له، وليس يشبه هذا الفضة والذهب. وإذا اغتصب الرجل دراهم (¬3) بِيضاً فخلطها بدراهم سُود فلصاحبه أن يأخذه، وليس هذا خَلْطاً ولا استهلاكاً (¬4). وكذلك لو خلطه بدنانير أو كان ديناراً فخلطه بدراهم. وإذا اغتصب الرجلُ الرجلَ ديناراً أو درهماً فجعل ذلك عُرْوَة (¬5) في قِلاَدة فهذا استهلاك، وعلى الغاصب مثله. وكذلك لو كانت فضة فخلطها بفضة غيرها وصاغ من ذلك شيئاً. وإذا اغتصب الرجلُ الرجلَ فضة ثم رَدَّ إليه فضةً أجود منها بذلك فهو جائز. وكذلك الذهب. وكذلك الدراهم المضروبة. [وَ] لو غصبه (¬6) ألف درهم بِيض لها صَرْفٌ (¬7) فأعطاه مكانها ألفَ درهم سُود ليس لها صَرْفٌ وهي دونها برضاً من صاحبها فهو جائز، ولا يُجبَر على ذلك إن أبى. وكذلك لو اغتصبه دراهم [جيدة فأعطاه مكانها دراهم] (¬8) نَبَهْرَجَة (¬9) لا تَنْفُق أو ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) م: أو جعلها. (¬3) ز: دراهما. (¬4) ز: خلط ولا استهلاك. (¬5) العُرْوَة هنا بمعنى طَوْق القِلادة، أي ما يجعل حول العنق وتعلّق به القلادة. وعروة القميص: مدخل زِرّه، وعروة الكُوز والدّلو: مقبضه. انظر: المغرب، "عرو"؛ ولسان العرب، "عرو". (¬6) ف م ز: لو أعطاه. والتصحيح من ب. (¬7) أي: لها فضل على الدراهم الأخرى لو صرفت. وقد مر. (¬8) لا بد من الزيادة لتصحيح العبارة واتساقها مع ما بعدها. (¬9) ز: نهرجة. النَّبَهْرَج والبَهْرَج الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَه. وقيل: المُبْطَل السّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج".

زُيوفاً (¬1). وكذلك لو كان (¬2) الغَصْب (¬3) دراهم زُيوفا أو نَبَهْرَجَهَ فأعطاه أجود منها فهو جائز، ولا يُجبَر الغاصب أن يعطي إلا مثل ما غصب. ولو اغتصب رجلٌ رجلاً ألفَ درهم ثم اشتراها منه بمائة دينار بسعر يومئذ أو أغلى أو أرخص كان جائزاً. فإن قبض المائة دينار فهو جائز. ولو كانت الدراهم ليست في يد الغاصب وكانت في بيته (¬4) قائمة أو مستهلكة فهو سواء، وهو (¬5) جائز، لأنه ضامن لها (¬6)، وهو (¬7). بمنزلة الدين عليه. وكذلك لو كانت دنانير اشتراها بدراهم. فإذا كان الغَصْب (¬8) إناءَ فضةٍ أو ذهب أو حلياً مصوغاً (¬9) فذهب به الغاصب فوضعه في بيته ثم جاء فصالح المغَتصَب [منه] من الإناء وهو فضة على دينار ومن الإناء الذهب على دراهم ودَفَعَ كان جائزاً. وكذلك لو صالحه من الذهب على ذهبٍ وَزْنَه (¬10) ومن الفضة على فضةٍ وَزْنَها (¬11) فهو جائز إذا قبض ذلك. ولا يفسد ذلك أن يكون الإناء غير حاضر، مِن قِبَل أنه غَصْب وأنه له ضامن. وكذلك لو كان الإناء مستهلكاً. وإن صالحه من الفضة على ذهب بتأخير أو صالحه من الذهب على فضة بتأخير أو صالحه من الفضة على فضةِ وَزْنَها بتأخير أو الذهب على ذهب وَزْنَه بتأخير كان هذا جائزاً، لأنه صالح في غَصْب، والغَصْب دين، وليسَ هذا كالشيء القائم بعينه يبيعه إياه، فهذا الآن صرف ليس (¬12) بدين. نقول (¬13): لأن الإناء الفضة تجب (¬14) فيه قيمته مصوغاً من الذهب إن شاء، وإن أعطاه ¬

_ (¬1) ز: أو زيوف. الزيوف جمع زَيْف، وهي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار. انظر: المغرب، "زيف". (¬2) ز: لو كانت. (¬3) أي: المغصوب. (¬4) م ز: في يده. (¬5) م - سواء وهو، صح هـ. (¬6) م ز: لأنه لها ضامن. (¬7) ب: فهي. (¬8) أي: المغصوب. (¬9) ز: مصاغا. (¬10) أي: مثل وزنه. (¬11) أي: مثل وزنها. (¬12) ز: وليس. (¬13) م + نقول. (¬14) ف م ز: وتجب. والتصحيح من ب.

باب الصرف في الوديعة

مثل وزنه فضة أو أقل من وزنه إلى أجل فجائز، وذلك دين، فهما مختلفان لذلك. ولو كان الإناء قائماً بعينه لا يمنعه إياه قد أظهره فباعه منه كان هذا صرفاً، ولا يجوز إلا يداً بيد ويتقابضان (¬1). وإذا كان الإناء ظاهراً له يبيعه إياه فهو صرف. وإن كان غائباً عنه فقال: اشتريته منك بنسيئة، فإني أكره ذلك إذا وقع فيه اسم البيع، وكرهتُ منه (¬2) ما أكره من الصرف. وإنما أستحسن الصلح في ذلك على ما وصفتُ لك إذا كان الإناء مغيَّباً عنه. فأما إذا كان الإناء ظاهراً له مقراً (¬3) به فإني أكره الصلح والبيع في ذلك [إلا] (¬4) على ما يجوز في الصرف. ... باب الصرف في الوديعة وإذا استودع الرجلُ الرجلَ ألفَ درهم وقبضها فوضعها في بيته ثم التقيا في السوق فباعها إياه بمائة دينار وقبض الدنانير فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أن الوديعة في البيت لم يقبضها، ولا يجوز الصرف على هذا الوجه. ألا ترى أنه لو هلكت الوديعة قبل أن يقبضها كانت من مال المستودِع ربِّ الدراهم. وإذا استودع رجلٌ رجلاً حليَّ ذهب أو حلي فضة أو سيفاً (¬5) محلَّى أو مِنْطقَة مفضَّضة أو سَرْجاً (¬6) مفضَّضاً أو آنيةً من آنية الفضة، فوضعه في بيته، ثم التقيا في السوق، فباعه ذلك بدراهم أو دنانير، وقبض الثمن، ثم افترقا ¬

_ (¬1) ز: ويقابضان. (¬2) م ز - منه. (¬3) ز: مقر. (¬4) الزيادة من ب؛ والكافي، 1/ 182 و؛ والمبسوط، 14/ 53. (¬5) ز: أو سيف. (¬6) ز: أو شرجا.

قبل أن يقبض المتاع، ورجع المستودعَ إلى بيته، فقبض المتاع، فإن البيع قد فسد وانتقض، مِن قِبَل أنه صرف غير مقبوض. ولو لم يفترقا حتى أرسل إلى المتاع فأتى به فقبضه فإن البيع جائز إذا كان بذهب (¬1). وأن كان (¬2) بدراهم أكثر مما في السيف والمِنْطَقَة والسَّرْج (¬3) فهو جائز. وإذا استودع رجلٌ رجلاً سيفاً محلَّى ثم باعه منه بسيف محلَّى آخر وقبضا كلاهما وقبض المستودعَ السيف الذي في بيته قبل أن يفترقا فإن هذا جائز. واذا اشترى الرجل سيفاً غير محلَّى بخاتم فضة فهو جائز، ولا يفسد ذلك أن لا يقبضه (¬4) وإن افترقا. وإذا استودع الرجلُ الرجلَ السيفَ المحلَّى فوضعه في بيته ثم خرج إلى السوق فاشتراه من صاحبه بثوب وعشرة دراهم ونَقَدَ العشرةَ والثوبَ ولم يقبض السيف فإن البيع وَقَعَ وهو جائز، فلما افترقا قبل أن يقبض واحد منهما انتقض البيع كله، لأنه شيء واحد (¬5). وكذلك لو اشتراه بسيف محلَّى فدفعه ولم يقبض الوديعة وكانت في بيته حتى افترقا فإن حلية السيف بحلية السيف لا تجوز، فقد انتقض ذلك. وكان ينبغي أن يكون نَصْلُ (¬6) السيف وحَمَائِلُه [وجَفْنُه] (¬7) بنَصْل الآخر وحَمَائله وجَفْنه (¬8)، وإن كان في حلية ¬

_ (¬1) ب: إذا كان الثمن ذهبا. (¬2) م ز - بذهب وإن كان. (¬3) ز: والشرج. (¬4) ز: إلا بقبضه. (¬5) لأن السيف في حكم شيء واحد، وقد انتقض العقد في حصة الحلية بترك القبض في المجلس، لأنه صرف، فينتقض في الكل، لما في تمييز البعض من البعض في التسليم من الضرر. انظر: المبسوط، 14/ 53 - 54. (¬6) ز: فضل. (¬7) الزيادة من ب، والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 54. (¬8) النصل هو حديدة السيف، وحمائله ما يعلق به، وجفنه هو وعاؤه. وقد مر تفسير هذه الألفاظ.

أحدهما فضلٌ أضيف ذلك إلى النَّصل والحَمَائل فكان ذلك كله بحَمَائل هذا ونَصله، ولكن أدع هذا وأفسد البيع كله، لأنه شيء واحد. ولو قبض كل واحد منهما قبل أن يفترقا كان جائزاً، فضةُ كل واحد منهما بفضة الآخر، وحَمَائلُ كل واحد منهما ونَصْلُه (¬1) بحَمَائل الآخر ونَصْله (¬2)، وإن كان في الحلية فَضْلٌ أضيف الفَضْل فكان بالحَمَائل والجَفْن (¬3) والنَّصْل. وهذا مِثْلُ رجلٍ باع رجلاً ثوباً ونُقْرَةَ (¬4) فضةٍ بثوب ونُقْرَةَ فضةٍ وتقابضا جميعاً، فالثوب بالثوب، والفضة بالفضة، فإن كان في أحدهما فَضْلٌ فهو مع الثوب بذلك الثوب. قلت: فرجلٌ اشترى بعشرة دراهم وثوبٍ شاة وأحد عشر درهماً، فعشرة بعشرة، وشاة ودرهم بالثوب، فإن تقابضا قبل أن يتفرقا جاز ذلك، وإن تفرقا قبل أن يقبضا جميعاً أو قبض أحدهما ولم يقبض الآخر انتقض من ذلك عشرة بعشرة، وجاز الثوب والشاة والدرهم (¬5)؛ قلت: ولم لا تجيزه إذا افترقا كأنه اشترى الثوب بعشرة دراهم وباع الثوبَ الآخَرَ (¬6) بأحد عشر درهماً؟ قال: لأن أول البيع وقع على ما فسرتُ لك. ولو أن رجلاً ابتاع سيفاً محلَّى بفضة بإناء فيه ذهب قد حُلِّيَ به وتقابضا قبل أن يتفرقا فهو جائز، وإن افترقا قبل أن يقبضا فإنه ينتقض ذلك كله. ولو أن رجلاً باع ثوباً وديناراً بثوب ودرهم فالثوب بحصته من الثوب ¬

_ (¬1) م ز: وفضله. (¬2) م ز: وفضله. (¬3) سقط "والجفن" من المبسوط، الموضع السابق. (¬4) النُّقْرة: هي القطعة المذابة من الذهب أو الفضة، ويقال: نقرة فضة، على الإضافة للبيان. انظر: المغرب، "نقر". (¬5) وعبارة ب: وجاز بيع الثوب بالشاة والدرهم. (¬6) أي: باع الثوب للآخر.

والدرهم، والثوب الآخر بحصته من الثوب [والدينار] (¬1)، فإن (¬2) افترقا قبل أن يقبضا (¬3) بطل حصة الذهب من الفضة وحصة الفضة من الذهب ولزم الثوبان (¬4) كُل واحدٍ منهما صاحبَه بحصته التي سميتُ لك، ولا خيار في ذلك. وليس هذا كالسيف. هذان شيئان مختلفان، لا يضرهما ولا ينفعهما أن يأخذ أحدهما دون الآخر. والسيف إن جاز له النَّصْل والحَمَائِل والجَفْن دون الحلية كان في ذلك ضرر وفساد. قلت: فكيف معنى هذا إن كانت قيمة الدينار عشرة دراهم وقيمة كل ثوب عشرة دراهم؟ قال: فقد صار جزء من أحد عشر من الدينار والثوب الذي معه بالدرهم، فبطل جزء من أحد عشر من الدينار، وبطل حصته من الدرهم نصفه، وجاز نصف الدرهم بالحصة من الثوب جزء من أحد عشر، وجاز عشرة أجزاء من الدينار وعشرة أجزاء من الثوب الذي معه بالثوب الذي مع الدرهم (¬5). قلت: فكيف صار الدينار أحق أن يبدأ به قبل الدرهم والثوب؟ قال: هما سواء، يختار [أيهما شاء] في هذا (¬6) الوجه. ولو أن رجلاً ابتاع دينارين ودرهماً (¬7) بدرهم ودينار وتقابضا كان ¬

_ (¬1) الزيادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 54. (¬2) م ز: فما أن. (¬3) ز: أن يقبض. (¬4) ز: الثوبين. (¬5) ز: مع الدراهم. وعبارة ب هكذا: فقد صار جزء من أحد عشر من الدينار ومن الثوب الذي معه بالدرهم، فبطل من الدرهم نصفه، ومن الدينار جزء من أحد عشر، وهو حصة نصف الدرهم منه، وجاز نصف الدرهم بجزء من أحد عشر من [الثوب] الذي مع الدينار، وجاز الباقي من الدينار ومن الثوب الذي معه وهو عشرة أجزاء من أحد عشر بالثوب الذي مع الدرهم. (¬6) ف م ز: إلى هذا. (¬7) ز: ودرهم.

باب [الصرف في] الذهب والفضة وغيرهما من الكيل والوزن

جائزاً، الفضةُ التي مع هذا بالذهب الذي مع ذلك، [و] الفضة التي مع ذلك بالذهب [الذي مع هذا. لا] (¬1) أجعل شيئاً من الفضة بعضه ببعض، ولا شيئاً من الذهب بعضه ببعض، لأن البيع إذاً يفسد. والأول لا يفسد. وإن جعلت الفضة بعضها ببعض فإنه يفسد، لأنه يبقى دينار بدينارين فيفسد. ... باب [الصرف في] (¬2) الذهب والفضة وغيرهما من الكيل والوزن وإذا استبدل رجلٌ رجلاً (¬3) بدرهم معه لا يعلم ما وزنه درهماً مثل وزنه أجود منه أو أردأ منه فهو جائز. وكذلك لو قال: بعني بهذا فضةً وَزْنَه، فهو جائز (¬4). وكذلك الدنانير. وكذلك قطعة من حديد استبدل بها مثل وزنها من حديد غيره. وكذلك النحاس والصُّفْر (¬5) والرصاص. ولو أن رجلاً اشترى من رجل مثقالَيْ (¬6) فضة ومثقالاً من نحاس بمثقالٍ مِن فضة (¬7) وثلاثة مثاقيل حديد كان جائزاً، تكون الفضة بمثلها، ويكون ما بقي من الفضة والنحاس بذلك الحديد. وكذلك مثقال صُفْر ¬

_ (¬1) الزيادتان السابقان استفدناهما من ب جار. والمعنى يستلزمه. (¬2) الزيادة مستفادة من الحاكم والسرخسي. ولفظهما: باب الصرف في الوزنيات. لكن حُرفت في المبسوط إلى "الوزنيان". انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 55. (¬3) ولفظ الحاكم: من رجل. انظر: الكافي، الموضع السابق. (¬4) م ز - وكذلك لو قال بعني بهذا فضة وزنه فهو جائز. (¬5) هو النحاس الجيد، كما تقدم. (¬6) ف م ز: مثقال. والتصحيح من المبسوط، 14/ 55. (¬7) ف م ز: بثئقالين فضة. والتصحيح مستفاد من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 55.

ومثقال حديد بمثقال صُفْر ومثقال رصاص، فالصُّفْر بمثله، والرصاص بالحديد. وكذا مثقال حديد ومثقال رصاص بمثقال حديد ومثقال نحاس، فإن حديد هذا بحديد ذلك ورصاص ذلك بنحاس هذا. والحديد كله سواء، الجيد فيه والرديء، لا يصلح إلا وزناً بوزن مثلاً بمثل يداً بيد. فإن افترقا قبل أن يتقابضا (¬1) فإن البيع جائز على حاله، ولا يشبه هذا الصرف في هذا الوجه. والحديد الذي تُصْنَعُ (¬2) منه السيوف والحديد الذي لا يصلح لذلك (¬3) سواء، وزناً (¬4) بوزن، ولا يكون هذا نوعين مختلفين (¬5) وإن (¬6) كان أحدهما أغلى من الآخر. وإذا كان ذلك إناءً مصوغاً أو سيفاً مضروباً قد خرج من الوزن (¬7) ذلك كلُّه فلا بأس بأن يشتري واحداً من ذلك بحديد أكثر منه أو أقل يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة، لأنه صنف واحد، وأصله وزنٌ كلُّه. وكذلك الرصاص القَلَعي (¬8) الجيد بالأُسْرُبّ (¬9)، فهذا رصاص كله يوزن، ولا (¬10) يصلح إلا واحداً بواحد (¬11) يداً بيد وإن كان ¬

_ (¬1) ز: أن يقابضا. (¬2) ز: يصنع. (¬3) ف م ز: ذلك. (¬4) ز: وزن. (¬5) ز - مختلفين. (¬6) ف: ولو. (¬7) م ز: من الورق (مهملة). (¬8) القَلَعي والقَلْعي: الرصاص الجيد، وقيل: هو الشديد البياض، والقَلْع اسم المعدن الذي ينسب إليه الرصاص الجيد، وقيل هو اسم بلد بالهند أو بالأندلس. وقيل: القَلْعي بالسكون غلط انظر: المغرب، "قلع"؛ ولسان العرب، "قلع"؛ والقاموس المحيط، "قلع". (¬9) الأُسْرُب بضم الهمزة وتشديد الباء هو الرصاص، وهو معرّب. وقيل بتخفيف الباء أيضاً. انظر: لسان العرب، "سرب"؛ والمصباح المنير، "سرب". ويظهر من المتن أنه أردأ من الرصاص القلعي. انظر: المبسوط، 14/ 55. (¬10) ف ز: فلا. (¬11) أي: إلا وزناً بوزن.

أحدهما أغلى من الآخر. فإن اشترى ذلك رطلاً (¬1) برطل بعينه ثم تفرقا قبل أن يقبضا فإن ذلك جائز، ولا يشبه هذا الصرف في هذا الوجه. هذا بمنزلة الدهن بالدهن (¬2) والحنطة بالحنطة (¬3). وإن كان شيئاً من الرصاص مصوغاً قد خرج من الوزن فلا بأس بأن يشتري رصاصاً (¬4) أكثر منه وزناً أو أقل يداً بيد، ولا خير في ذلك نسيئة. وإن كان الإناء (¬5) يوزن كما يوزن الرصاص فلا خير فيه إلا مثلاً (¬6) بمثل يداً (¬7) بيد. وكذلك النحاس الجيد منه والرديء فهو جائز واحداً (¬8) بواحد يداً (¬9) بيد، ولا خير في الفضل الذي يكون في ذلك. ولا بأس بالنحاس الأحمر بالشَّبَه (¬10)، الشَّبَهُ واحدٌ والنحاسُ اثنان، يداً (¬11) بيد، مِن قِبَل أن الشَّبَه قد زاد فيه الصبغ. ولا خير فيه نسيئة، لأنه نوع واحد وَزْنٌ كله. ولا بأس بالشَّبَه بالصُّفْر (¬12) الأبيض (¬13) يداً (¬14) بيد، الشبه واحد والصفر اثنان ¬

_ (¬1) ف م ز: رجلا. والتصحيح من ب. (¬2) ف م ز: الرهن بالرهن. والتصحيح من ب. (¬3) ز - بالحنطة. (¬4) ز: رصاص. (¬5) أي: المصوغ من الرصاص. (¬6) ز: إلا مثل. (¬7) ز: يد. (¬8) ز: واحد. (¬9) ز: يد. (¬10) قال ابن منظور: الشَّبَه والشِّبْه: النحاس يُصبَغ فيَصفرّ، وفي التهذيب: ضَرْب من النحاس يُلقَى عليه دواء فيصفرّ، قال ابن سيده: سمي به لأنه إذا فُعل ذلك به أشبه الذهب بلونه، والجمع أشباه، يقال: كوز شَبَه وشِبْه بمعنى. انظر: لسان العرب، "شبه". قال الفيومي: وهو أرفع الصُّفْر. انظر: المصباح المنير، "شبه". (¬11) ز: اثنين يد. (¬12) ف: بالاصفر؛ م ز: الصفر. والتصحيح من ب جار؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 55. (¬13) الصفر هو النحاس وهو أصفر، لكن قيده بالأبيض لأنه خلط برصاص فغير لونه، كما سيأتي في كلام المؤلف. (¬14) ز: يد.

يداً (¬1) بيد، لأن في الشبه الصبغ. ولا (¬2) خير فيه نسيئة. وكذلك الصفر الأبيض فلا بأس بواحد منه باثنين من النحاس الأحمر، لأن الصفر الأبيض فيه رصاص قد خُلِطَ به. وذلك كله يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. وإن افترقا قبل أن يتقابضا (¬3) وهو قائم بعينه فلا بأس بذلك. ولا بأس بالحديد بالرصاص اثنين بواحد أو أكثر من ذلك يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. وإن كان يداً بيد فافترقا قبل أن يتقابضا وهو قائم بعينه فلا بأس بذلك. ولا يشبه هذا الصرف في هذا الوجه. وكذلك الحديد بالنحاس. وكذلك النحاس بالرصاص. وكذلك الشبه بالحديد أو بالنحاس الأحمر أو بغيره من النحاس. وإذا اشترى الرجل الإناء من النحاس برطل من حديد رديء وليس الرطل (¬4) بعينه ولم يضرب له أجلاً وقبض فإن البيع جائز. فإن دفع إليه الرطل الحديد قبل أن يتفرقا فهو مستقيم. وإن تفرقا قبل أن يدفعه إليه فإن كان ذلك الإناء قد خرج من الوزن فلا بأس به، وإن كان الإناء يوزن فلا خير فيه، مِن قِبَل أنه وَزْنٌ بوزنٍ دينٌ (¬5). فلا خير في الحديد بعضه ببعض بتأخير، وكذلك الحديد بالنحاس أو بالرصاص أو الرصاص بالنحاس أو الشبه. فإذا اشترى رطلاً من حديد بعينه برطلين من رصاص جيد بغير عينه وقبض الحديد وتفرقا قبل أن يقبض الرصاص فإن البيع يفسد وينتقض، مِن قِبَل أنه وَزْن قد صار بدين، فلا خير فيه. ولو دفعه إليه قبل أن يتفرقا كان جائزاً. وكذلك النحاس في هذا والشبه (¬6). ولا خير في أن يُسلم بعض هذا ¬

_ (¬1) ز: يد. (¬2) ز: لا. (¬3) م ز: أن تقابضا. (¬4) م ز: الرجل. (¬5) وعبارة ب: لأنه وزني كله نسيئة. وقال السرخسي: لأنه بيع موزون بموزون، والدَّيْنِيّة فيه عَفْوٌ في المجلس لا بعده. انظر: المبسوط، 14/ 56. (¬6) أي: بيع الحديد بالنحاس أو الشبه كما سبق. وعبارة ب: وكذا النحاس بالشبه في هذا.

باب الصرف في دار الحرب

في بعض. ولا بأس بأن يشتري حديداً برصاص بعينه جُزَافاً أو بنحاس أو بشبه. وإن اشترى رصاصاً جيداً برصاص دونه جُزَافاً فلا (¬1) يجوز إلا مثلاً بمثل. ولا بأس برطلين من الزئبق برطل من الرصاص يداً بيد. وكذلك كل شيء يوزن من الكُحْل (¬2) والزِّرْنِيخ (¬3) وأشباهه فلا بأس به إذا اختلف النوعان يداً بيد، ولا خير فيه نسيئة. ... باب الصرف في دار الحرب وقال (¬4) أبو حنيفة: إذا دخل المسلم دار الحرب بأمان فلا بأس بأن يبيعهم درهماً بدرهمين وأكثر (¬5) من ذلك. وكذلك الدنانير. فإنه لا بأس بأن يأخذ أموالهم بطِيبَة أنفسهم على أي (¬6) وجهٍ (¬7) ما كان، وأن يبيعهم خمراً أو خنزيراً أو ميتةً أو غير ذلك مما لا يجوز، فلا بأس به. وإن كان ذلك نسيئةً أو نقداً فلا بأس بذلك. وإن أعطاك أحدهم عشرة دراهم بدينار نسيئة فلا بأس (¬8). وإن أعطاك درهمين بدرهم نسيئة فلا بأس به. وكذلك إذا دخل عليهم بغير أمان. والعبد التاجر والذمي في هذه الحالة (¬9) بمنزلة الحر المسلم. وكذلك المرأة من المسلمين. وكذلك الأسير في أيدي أهل الحرب من المسلمين فهو كذلك. وكذلك كيل الحنطة لا بأس بأن ¬

_ (¬1) ف م: ولا. (¬2) هو ما يُكتحَل به. انظر: لسان العرب، "كحل". (¬3) حجر معروف، ومركباته سامة، يستخدم في الطب وقتل الحشرات. انظر: القاموس المحيط، "زرنيخ"؛ والمعجم الوسيط، "الزرنيخ". (¬4) م ز: قال؛ ز + الإمام الأعظم. (¬5) ز: فأكثر. (¬6) م ز - أي. (¬7) ز - وجه. (¬8) م ز - به. (¬9) ف: الحال.

يعطي قفيزاً واحداً ويأخذ خمسة يداً بيد ونسيئة. وكذلك الشعير. وكل ما يوزن من النحاس والحديد والأدهان وغيره لا بأس بأن يشتري منهم اثنين (¬1) بواحد من نوعه يداً بيد ونسيئة. وكذلك (¬2) لو اشتريتَ بنوع من ذلك نوعاً غيره نسيئةً أو يداً بيد. ولو أن تاجراً في دارهم أعطى رجلاً منهم ألف درهم بألف دينار نسيئة كان جائزاً. وإن كتب له بها إلى عبد له فى دار المسلمين فهو جائز. والأسير المسلم في دار الحرب والتاجر المستأمن في ذلك سواء. ولو أن تاجراً مسلماً في دار الحرب (¬3) اشترى من تاجر مسلم درهماً بدرهمين في دار الحرب كان ذلك فاسداً لا يجوز. أُفْسِدُ من ذلك بين تجار المسلمين في دار الشرك ما أفسد في دار الإسلام. وكذلك النساء والمكاتبون (¬4) والعبيد المسلمون (¬5) التجار. فأما المسلمون من أهل الحرب أسلموا في دار الحرب فإني أكره لهم ذلك، ولا أرده إن تبايعوا به في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرده فيما بينهم وأقضي به كما أقضي (¬6) به بين تجار المسلمين (¬7). وقال أبو حنيفة: إذا خرج الحربي إلى دار الإسلام بأمان تاجراً (¬8) ¬

_ (¬1) ز: اثنان. (¬2) ف: ولذلك. (¬3) ز + والتاجر المستأمن في ذلك سواء ولو أن تاجرا مسلما فى دار الحرب. (¬4) ز: والمكاتبين. (¬5) ز: المسلمين. (¬6) ز: يقضى. (¬7) ومحمد يرده أيضاً، على ما ذكره الحاكم والسرخسي. قال السرخسي: أما على أصل أبي يوسف فقط فظاهر ... ومحمد يقول: مال كل واحد منهما معصوم عن التملك بالأخذ، ألا ترى أن المسلمين لو ظهروا على الدار لا يملكون مالهما بطريق الغنيمة، وإنما يتملك أحدهما مال صاحبه بالعقد، بخلاف مال الحربي. انظر: المبسوط، 14/ 58. (¬8) م + بأمان.

فباعه مسلم أو ذمي درهماً بدرهمين فإن ذلك لا يجوز، مِن قِبَل أنه في دار الإسلام حيث يجري عليه حكم الإسلام، فلا يجوز عليه إلا ما يجوز على المسلمين. وكذلك (¬1) التجار من أهل الحرب يدخلون إلى دار الإسلام بأمان فيشتري أحدهم درهماً بدرهمين من صاحبه فإني أُفْسِدُ من ذلك ما أُفْسِدُ بين أهل الإسلام، وأجيز من ذلك (¬2) ما جاز بين أهل الإسلام. وكذلك أهل الذمة. فإذا باع الحربي في دار الحرب درهماً بدرهمين أو ديناراً بدينارين نسيئة أو يداً بيد أو دينارأ بعشرة دراهم نسيئة فهو جائز. فإن خرجوا إلينا (¬3) فصاروا ذمة قبل أن يتقابضوا أو أسلموا (¬4) فصاروا مسلمين ثم اختصموا في ذلك أبطلته. وكذلك المسلم يبيع الحربي أو يشتري منه في دار الحرب ثم أسلم أهل الحرب وأسلم الحربي قبل أن يتقابضا، فإن اختصما في ذلك إلى قاضي المسلمين رده. وإن كانا قد تقابضا ثم اختصما (¬5) في ذلك لم أنظر في ذلك إذا كان ذلك في دار الحرب. وإن لم يتقابضا حتى دخلا دار الإسلام ثم تقابضا ثم اختصما في ذلك رد كله. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: أنا أكره إذا دخل المسلم دار الحرب أن يبيعهم درهماً بدرهمين. أكره من ذلك ما أكره في دار الإسلام. وكذلك الخمر والخنزير والميتة أكره من ذلك في دار الحرب ما أكره في دار الإسلام. لا أراه يصلح ولا يحل. حدثنا ابن أبي ليلى عن الحَكَم عن مِقْسَم عن ابن عباس أن رجلاً من المشركين وقع في الخندق فمات (¬6)، فأُعْطِيَ المسلمون ¬

_ (¬1) ف م ز + التاجر فأما. وهي زيادة لا معنى لها، إلا أن يكون في الكتاب سقط. لكن لا يوجد في النسخ الأخرى أو الكافي أو المبسوط ما يؤيد ذلك. (¬2) م - ما أفسد بين أهل الإسلام وأجيز من ذلك. (¬3) ف م ز + فأسلموا. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 182، والمبسوط، 14/ 59. (¬4) ف م ز: أن تقابضوا وأسلموا. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 182، والمبسوط، 14/ 59. (¬5) ز: ثم اختلفا. (¬6) م - فمات، صح هـ.

باب الصرف بين العبد ومولاه والولد والأب وغيره من القرابة

بجيفته مالاً، فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فنهاهم (¬1). وإذا اشترى الحربي في دار الحرب عشرة دراهم بدرهم من حربي وعجّل له الدرهم وجعل الدراهم نسيئة ثم أسلموا جميعاً ثم خاصمه في العشرة الدراهم فإن هذا باطل لا يجوز، ولكنه يرد إليه رأس ماله درهماً. وهذا مثل الذي رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ربا الجاهلية. وحدثنا عن عبيدالله بن أبي حُميد (¬2) عن أبي (¬3) المَلِيح (¬4) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه خطب الناس في حجة الوداع، فقال: "كل ربا كان في الجاهلية فهو (¬5) موضوع، وأول ربا أضع (¬6) ربا عباس بن عبد المطلب" (¬7). وحدثنا بذلك عن محمد بن عبيدالله العَرْزَمِي عن الحَكَم عن مِقْسَم عن ابن عباس. وقال أبو يوسف: رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربا الجاهلية، وكذلك أَرُدُّ أنا ربا دار الحرب إذا كان بين المسلمين وبينهم وأُبْطِلُه. ... باب الصرف بين العبد ومولاه والولد والأب وغيره من القرابة وإذا اشترى الرجل من عبده درهماً بدرهمين وليس عليه ¬

_ (¬1) المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 497؛ ومسند أحمد، 1/ 248، 271؛ والمعجم الكبير للطبراني، 11/ 378. (¬2) ز: حمد. (¬3) ف - أبي. (¬4) ز: مليح. (¬5) ز - فهو. (¬6) ز: وضع. (¬7) الحديث من هذا الطريق مرسل، فأبو المليح واسمه زيد بن أسامة الهذلي من التابعين. وقيل في اسمه: عامر. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 12/ 268. وقد روي موصولاً عن جابر - رضي الله عنه - في حديثه الطويل عن حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -. انظر: صحيح مسلم، الحج، 147؛ وصحيح ابن خزيمة، 4/ 251؛ وصحيح ابن حبان، 9/ 257. وروي من حديث عمرو بن الأحوص - رضي الله عنه -. انظر: سنن ابن ماجه، المناسك، 76؛ وسنن أبي داود، البيوع، 5؛ وسنن الترمذي، التفسير، سورة التوبة 9. ومن حديث أبي حُرَّة الرَّقَاشي عن عمه. انظر: سنن الدارمي، البيوع، 3؛ ومجمع الزوائد، 3/ 266، 4/ 116.

دين فإن هذا ليس ببيع (¬1)، إنما هو ماله بعضه في بعض. وإن كان على العبد دين فإن هذا ليس (¬2) بربا، لا ربا بين (¬3) رجل وبين عبده، ولكني أرده مِن قِبَل أنه ليس له أن يأخذ ماله وعليه دين، فإني (¬4) أرده لأنه ليس ببيع، ولو كان (¬5) بيعاً (¬6) لم يجز، ولست أرده لأنه ربا (¬7). وكذلك إذا كان العبد مأذوناً له في التجارة. وكذلك العبد لو اشترى من عبده (¬8) درهماً بدرهمين لم يكن ذلك رباً ولا (¬9) بيعاً (¬10). وإذا اشترى الرجل من عبد ابنه (¬11) أو عبد أبيه (¬12) أو من عبد أمه أو من عبد امرأته أو اشترت امرأة من عبد زوجها درهماً بدرهمين فإن ذلك لا يجوز، لأن هذا بيع. وإذا اشترى العبد من العبد درهماً بدرهمين فإن هذا لا يجوز، وهما كالحرين المسلمين. وكذلك المكاتب يشتري من مولاه. وكذلك العبد قد عتق بعضه وهو يسعى في بعض قيمته. فأما أم الولد والأمة فهما بمنزلة ¬

_ (¬1) م: يمتنع؛ ز: ممتنع. (¬2) ف + ببيع إنما هو ماله بعضه في بعض وإن كان على العبد دين فإن هذا ليس. (¬3) ز: من. (¬4) م ز: قال. (¬5) م: لو كان. (¬6) ز: بيع. (¬7) يقول السرخسي -رحمه الله تعالى-: وليس بين المولى وعبده ربا ... لأن هذا ليس ببيع، لأن كسب العبد لمولاه، والبيع مبادلة ملك بملك غيره، فأما جعل بعض ماله في بعض فلا يكون بيعاً، فإن كان على العبد دين فليس بينهما ربا أيضاً، ولكن على المولى أن يرد ما أخذه على العبد، لأن كسبه مشغول بحق غرمائه، ولا يسلم له ما لم يفرغ من دينه، كما لو أخذه لا بجهة العقد. انظر: المبسوط، 14/ 59. (¬8) ف: من صيده؛ ز: من سيده. (¬9) ف - ربا ولا، صح هـ. (¬10) ز: بيع. (¬11) ز: أبيه. (¬12) ز: ابنه.

العبد في ذلك. وعبيد (¬1) أهل الذمة في ذلك كعبيد (¬2) المسلمين. وعبيد المستأمنين من أهل الحرب في دار الإسلام فهم بمنزلة عبيد المسلمين في ذلك. وإذا اشترى الرجل من ابنه وهو صغير في عيال أبيه أو من ابن له كبير أو من يتيم في حجره صغير وهو وصيه (¬3) درهماً بدرهمين فهو باطل لا يجوز. وكذلك دينار (¬4) بدينارين. وكذلك النسيئة في ذلك. وكذلك لو كان الولد هو المشتري من الأب فهو في ذلك سواء. وكذلك الرجل يشتري من امرأته أو امرأة اشترت من زوجها فهو فاسد، لا يجوز من ذلك إلا ما يجوز (¬5) بين المسلمين. وكذلك الأح يشتري من أخيه أو من عمه أو من خاله أو من ابن أخيه (¬6) أو (¬7) ابن الأخ من العم أو ابن الأخت من العم أو الرجل من خاله فهو كله سواء. وكذلك كل ذي رحم محرم من النسب أو محرم من الرضاع أو محرم من غير ذلك فهو كله سواء، ولا يجوز فيما بينهم من الصرف إلا ما يجوز ما (¬8) بين المسلمين، ويفسد من ذلك ما يفسد بين المسلمين. وكذلك شريكان (¬9) شركة عنان اشترى أحدهما من الآخر فإنه لا يجوز. وإذا كان شريكان متفاوضان (¬10) فاشترى أحدهما من صاحبه درهماً بدرهمين فإن هذا ليس بربا ولا صرف، وهذا كله بينهما، ولا يجوز فيه البيع (¬11)، لأنه مالهما جميعاً، وهو لهما كله. وأهل الذمة في هذا كله سواء مثل أهل الإسلام عبيداً كانوا أو أحراراً. ¬

_ (¬1) م ز: وعبد. (¬2) ز: كعبد. (¬3) ف: وصي له. (¬4) ز: دينارا. (¬5) ف: فيما يجوز. (¬6) ف: ابن أخته. (¬7) ز + من. (¬8) ز - ما. (¬9) ز: شريكين. (¬10) ز: شريكين متفاوضين. (¬11) ف م: في البيع. والتصحيح يقتضيه المقام.

باب الوكالة في الصرف

وكذلك أهل الحرب المستأمنين في دار الإسلام. ... باب الوكالة في الصرف (¬1) وإذا وكل رجل رجلاً ودفع إليه دنانير يصرفها بدراهم فهو جائز، ولا يفسد ذلك غيبة (¬2) رب الدنانير عن الصرف، لأنه لم يَلِ (¬3) العقدة، وإنما ولي عقدة البيع الوكيل. وإذا وكل رجل رجلاً يصرف له دراهم ووكل (¬4) رجل آخر رجلاً بدنانير يصرفها له فالتقيا الوكيلان فتصارفا فهو جائز، ولا يفسد ذلك غيبة (¬5) أحد من الموكلين (¬6). وإذا وكل الرجل رجلين بدراهم يصرفانها له فليس لأحدهما أن يصرفها دون الآخر، وإن صرفاها جميعاً فهو جائز. فإن قام أحدهما (¬7) قبل أن يقبضا فذهب انتقض حصة الذاهب من الصرف، وهي النصف، وحصة الباقي جائزة. فإن قاما جميعاً ووكلا رب المال بقبض الدنانير فإنه لا يجوز، لأنهما وليا عقدة البيع، فلا يجوز أن يقبض غيرهما إلا أن يكونا حاضرين ويأمراه (¬8) فيقبض (¬9) وهما حاضران، فإن هذا جائز. ¬

_ (¬1) هذا الباب بتمامه موجود في كتاب الوكالة بنفس العنوان "باب الوكالة في الصرف" أيضاً بتغيير يسير في بعض مسائله وألفاظه، وقد استفدنا منه في تصحيح بعض الألفاظ المحرفة في هذا الباب. انظر: 8/ 22 و. (¬2) ف م ز: عليه. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 60. (¬3) ز: لم يلي. (¬4) م: وكل. (¬5) ف م ز: على. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق، والمبسوط، الموضع السابق. (¬6) ف: كل واحد من الوكيلين. (¬7) ز: إحداهما. (¬8) ف م ز: وامراته. والتصحيح من ب جار. (¬9) ز: فتقبض.

وإذا وكل رجل رجلاً بدنانير يصرفها [بدراهم، وللوكيل دنانير يريد أن يصرفها لنفسه، فصرفها جميعاً بدراهم] (¬1) وقبضها وفارقه (¬2) ثم (¬3) وجد فيها درهماً زائفاً (¬4) فإن للوكيل أن يبدّله ولا ينتظر (¬5) رب المال، وكذلك التَّبَهْرَج (¬6)، فأما السَّتُّوق (¬7) والرصاص فإنه يرده، ويكون شريكه في الدنانير بحصته، ولو لم يفارقه كان له أن يستبدله ذلك أيضاً. واذا وجد الوكيل درهماً زائفاً فأراد رب المال أن يكون هو يرده فليس له ذلك، لأنه لم يصرف عنده شيئاً، إلا أن يوكله الوكيل بذلك (¬8). وإذا وكل الرجل رجلاً بدراهم يصرفها فصرفها (¬9) وقبض الآخر الدراهم وأقر (¬10) بالاستيفاء فوجد فيها درهماً زائفاً فقبضه الوكيل وأقر أنه من دراهمه وجحد ذلك رب الدراهم فإن الدرهم (¬11) يلزم (¬12) الوكيل دون الآمر (¬13). وإن لم يقر الوكيل ولكن البينة قامت بذلك أنه من دراهمه ولم يقر بالاستيفاء فرده عليه القاضي فإنه يلزم الآمر أيضاً. وكذلك إن لم تقم ¬

_ (¬1) الزيادة تقتضيها تتمة المسألة. وهي مستفادة من ب. (¬2) ز: وفارقها. (¬3) ز - ثم. (¬4) الزائف والزَّيْف هو الدرهم الذي فضته رديئة ويرده بيت المال، لكن يقبله التجار، كما تقدم. (¬5) ف: ولا ينظر. (¬6) هو الدرهم الذي يكون أردأ من الزائف، ويرده التجار أيضاً، كما تقدم. (¬7) الستوق أردأ من الزيف والنبهرج، كما تقدم. (¬8) وعبارة ب هكذا: ولو أراد رب المال أن يستبدل هو بالدرهم الزائف فليس له ذلك لأنه ليس بعاقد إلا أن يوكله الوكيل بذلك. (¬9) ف + وقبض الدنانير. (¬10) ف م ز: وأمر. والتصحيح من ب جار؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 60. (¬11) ف م ز: الدراهم. والتصحيح من ب جار. (¬12) ز: تلزم. (¬13) ف م ز: الآخر. والصحيح ما أثبتناه.

بينة وأبى الوكيل أن يحلف فرده عليه القاضي (¬1) فإنه يلزم الآمر أيضاً (¬2). وإذا وكل رجل رجلاً بدراهم يصرفها له بدنانير فليس له أن يصرف الدنانير ولا يشتري بها شيئاً ولا يهبها ولا يُمْهِرها ولا يُقرضها ولا يَرهنها، فإن فعل شيئاً من ذلك فهو مردود. وإذا وكل رجل رجلاً بإبريق فضة عند رجل يشتريه له بعينه بدراهم وأعطاه الدراهم وأراد الوكيل أن يشتريه (¬3) لنفسه دون الآمر ففعل (¬4) ذلك فهو للآمر إن اشتراه بألف درهم أو أقل أو أكثر وذلك وَزْنُهُ سواءً، وليس للوكيل أن يخرج من الوكالة إلا بمحضر من الآمر. وكذلك هذا في العروض كلها والحيوان. وإذا اشتراه بدنانير أو بشيء من العروض مما يكال أو يوزن ¬

_ (¬1) ف م ز: الوكيل. وانظر الحاشية التالية. (¬2) كذا في ف م. ونحوه في ب؛ والكافي. لكن تعقب ذلك السرخسي. قال الحاكم: وإن رده القاضي على الوكيل ببينة أو بإباء يمين ولم يكن القابض أقر بالاستيفاء لزم الآمر. انظر: الكافي، الموضع السابق. قال السرخسي: وفي هذا نظر، فإن القابض إذا لم يقر باستيفاء حقه ولا باستيفاء الجياد فالقول قوله فيما يدعي أنه زيوف، لأنه ينكر قبض حقه، ولا حاجة له إلى إقامة البينة، ولا يمين على الوكيل الذي عاقده، إنما اليمين عليه، فإن من جعل القول قوله شرعاً يتوجه عليه اليمين، وإنما يرد إذا حلف لا إذا أبى اليمين، فعرفنا أن هذا الجواب مختل، والصحيح أنه إذا حلف ورده على الوكيل فهو لازم للآمر، لأنه رده عليه بغير اختياره فيما هو حجة في حق الآمر. انظر: المبسوط، 14/ 60 - 61. وقد تكررت هذه المسألة في كتاب الوكالة، باب الوكالة في الصرف، بتغيير يسير حيث يقول هناك: وإن لم يقر الوكيل أنه من دراهمه ولم يقر القابض بالاستيفاء ولكن البينة قامت أنه من دراهمه فرده عليه القاضي فإنه يلزم الآمر، وكذلك إن لم تقم بينة وأبى الوكيل أن يحلّفه فرده القاضي على الوكيل فإنه يلزم الآمر أيضاً. انظر: 8/ 122 ظ. وقد وردت مسألة شبيهة بهذا عند المؤلف هنا في كتاب الصرف وكتاب الوكالة، لكن أقر فيها المشتري بالقبض. قال المؤلف: وإذا وكل رجل رجلاً بطَوْق ذهب يبيعه له فباعه وانتقد الثمن وقبض المشتري الطَّوْق ثم قال المشتري: وجدت الطوق صُفْراً مموَّهاً بالذهب، وأنكر الآمر، فإن أقر الوكيل لزمه ذلك دون الآمر، غير أنه يُستحلَف الآمر. فإن أنكر الوكيل وأبى أن يحلف فرده عليه القاضي فإنه يلزم الآمر. وكذلك لو قامت عليه بينة. انظر: 1/ 312 و؛ 8/ 124 و. (¬3) ز - له بعينه بدراهم وأعطاه الدراهم وأراد الوكيل أن يشتريه. (¬4) ف: يفعل.

أو غير ذلك فهو له خاصة دون الآمر، لأنه خالف ما أمره به. وكذلك هذا في جميع العروض والحيوان. وإذا وكل رجل رجلاً أن يشتري له إبريق فضة بعينه من رجل ولم يعطه شيئاً فما (¬1) اشتراه به من دراهم أو دنانير فهو جائز، وهو للآمر. وإذا اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن بعينه أو بغير عينه أو بعروض (¬2) فهو للوكيل في قولنا. وفي قول (¬3) أبي حنيفة إن كان الطعام بغير عينه فهو للآمر في قياس قوله، وقال: العروض في البيع لا تجوز، ولا تكون (¬4) للآمر في الشرى، هي للوكيل، وكلُّ شيء بغير عينه يجوز للآمر في الشرى في قوله. وقولُنا في البيع والشرى على الدنانير والدراهم سواء (¬5). وإذا وكل رجل رجلاً يبيع له إبريق فضة فيه ألف درهم بألفي درهم فإن هذا فاسد لا يجوز، ولا يضمن الوكيل، لأنه لم يخالف. ولو باعه بدنانير أو بشيء من العروض والحيوان فإنه لا يجوز، ويضمن الوكيل إن لم ¬

_ (¬1) ف ز: مما. والتصحيح من ب. (¬2) ف: أو بعرض. (¬3) ف: قولنا وقول. (¬4) ز: يكون. (¬5) وقد ذكر المسألة في كتاب الوكالة، باب الوكالة في الصرف، ولم يذكر فيها خلافاً بين الإمام وصاحبيه، فقال هناك: وإذا وكل الرجل رجلاً أن يشتري له إبريق فضة بعينه من رجل ولم يعطه شيئاً فما اشتراه به من دراهم أو دنانير فهو جائز، وهو للآمر. وإن اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن ليس بعينه فليس بجائز وهو للمأمور؛ لأن الثمن إنما يكون من الدراهم والدنانير. وإن اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن بعينه أو بحيوان أو بعروض فهو للوكيل دون الآمر. انظر: 8/ 122 ظ - 123 و. وقال السرخسي شارحاً: وإن وكله أن يشتري له إبريق فضة بعينه من رجل فاشتراه بدراهم أو دنانير جاز على الآمر، وجاز إن نواه لنفسه، لأن مطلق التوكيل بالشراء ينصرف إلى الشراء بالنقد، فهو بنيته قصد عزل نفسه في موافقة أمر الآمر، وليس له أن يخرج نفسه من الوكالة إلا بمحضر من الآمر. وإن اشتراه بشيء مما يكال أو يوزن بعينه أو بغير عينه لم يجز على الآمر، لأن مطلق التوكيل بالشراء يتقيد بالشراء بالنقد ... فإذا اشتراه بشيء آخر كان مخالفاً، وكان مشترياً لنفسه. انظر: المبسوط، 14/ 61.

يقدر عليه (¬1). وإن كان أمره أن يبيعه بما رأى فهو جائز، يلزم الآمر. وإذا وكل رجل رجلاً بفضة له يبيعها ولم يسم له الثمن فباعها بفضة أكثر منها فإنه لا يجوز، ولا يضمن الوكيل دن كان قد أربى، والذي وكّله أحق بهذه الفضة من الوكيل يَقْبِضُ منها وزن فضته، وما بقي فهو في يدي (¬2) الوكيل حتى يؤديها إلى صاحبها. وإذا وكل رجل رجلاً يشتري له إبريق فضة بعينه عند رجل ولم يدفع إليه الثمن ولم يسم له بِكَمْ يشتريه فاشتراه الوكيل بوزنه دراهم أو بدنانير (¬3) فهو جائز، وهو للآمر الذي وكله، والثمن عليه دين. فإن اختلفا فقال للوكيل (¬4) الذي وكله: لم تشتره، وقال الوكيل (¬5): بل (¬6) قد اشتريتُه بكذا وكذا، وصدّقه البائع، فإنه يلزم الموكل (¬7) بذلك الثمن. وكذلك لو قال الموكل: قد أخذتَها بثمن دون الذي (¬8) قلتَ، وصدّقه البائع، فهو له، وهذا والباب الأول سواء، نقول (¬9): لأن البائع قد أبرأه من الفضل. وكذلك لو أمره أن يشتري له داراً من رجل بعينها أو عبداً بعينه أو ثوباً بعينه أو دابة بعينها فهو والباب الأول سواء. وإذا وقال رجل رجلاً يبيع تراباً (¬10) من تراب الصوّاغين فهو جائز. وإن ¬

_ (¬1) وعبارة ب: فيضمن الوكيل بذلك إن تعذر رده. (¬2) ف: في يد. (¬3) ف م: دنانير. والتصحيح من ب. (¬4) م: الوكيل. (¬5) ز - فاشتراه الوكيل بوزنه دراهم أو بدنانير فهو جائز وهو للآمر الذي وكله والثمن عليه دين فإن اختلفا فقال للوكيل الذي وكله لم تشتره وقال الوكيل. (¬6) ف: بلى. (¬7) ف م ز: الوكيل. والتصحيح من كتاب الوكالة. انظر: 8/ 123 و. (¬8) ف م ز: دون الثمن. والتصحيح من كتاب الوكالة. انظر: الموضع السابق. (¬9) ز: يقول. (¬10) ولفظ الحاكم والسرخسي: تراب فضة. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 61.

باعه بعَرْض من العروض كائناً (¬1) ما كان بحنطة أو غيرها فهو جائز، والمشتري بالخيار إذا رآه وعلم ما فيه، إن شاء أخذه، وإن شاء رده. وإن (¬2) باعه بذهب فإنه لا يجوز، وكذلك إن باعه بفضة فإنه (¬3) لا يجوز، مِن قِبَل أنه (¬4) لا يعلم أهو أكثر أو ما فيه، فصار هذا فضةٌ بفضةٍ جُزَافاً أو فضةٌ [بفضةٍ] (¬5) وذهب مجازفةً فلا يجوز. وإن علم بعد ذلك أن ما في التراب من الفضة أقل من الفضة التي اشتراها به وأن في التراب ذهباً (¬6) سوى ذلك (¬7) فعَلِمَ هذا قبل أن يتفرقا فهو جائز إن شاء ذلك الذي اشترى التراب، لأن الخيار له كان. وإن تفرقا (¬8) قبل أن يعلم ذلك فإن البيع فاسد لا يجوز، لأنهما تفرقا على فساد، فلا يجوز. وإذا وكل رجل رجلاً أن يبيع تراباً له من تراب المعادن (¬9) فإن كان ذلك التراب فضة فباعه (¬10) بفضة فإنه لا يجوز، مِن قِبَل أنه لا يدري أيهما أكثر، ولا أضمّن الوكيل شيئاً من ذلك وإن (¬11) كان قد أربى، لأنه بيع. وكذلك لو كان التراب تراب معدن ذهب فباعه بذهب فهو مثل الأول. فإن علم المشتري كم في التراب من الذهب وكم في التراب الآخر من الفضة فكان مثل ما أعطى (¬12) فإن كان علم ذلك قبل أن يتفرقا فله أن يجيز البيع، فإن علم ذلك بعدما تفرقا فالبيع فاسد. ¬

_ (¬1) ز: كان. (¬2) ز + شاء. (¬3) ف - فإنه. (¬4) ف - من قبل أنه، صح هـ. (¬5) الزيادة من كتاب الوكالة، باب الوكالة في الصرف. انظر: 8/ 123 و. (¬6) ز: ذهب. (¬7) ز: بذلك. (¬8) م ز: وإن لم يتفرقا. (¬9) م ز: المعدن. (¬10) ف م ز: فصاغه. والتصحيح مستفاد من ب. (¬11) م ز: فإن. (¬12) ز: ما أعطاه.

وإذا باع الوكيل هذا التراب بعروضٍ: حنطة أو شعير أو شيء مما يكال أو يوزن سوى الذهب والفضة أو ثوب أو عبد أو دابة أو دار، فهو جائز، ومشتري التراب بالخيار إذا رآه وعلم ما فيه. ولا يجوز بيع الوكيل في شيء مما باع به التراب من الثمن. نقول: لا يجوز بيعه لذلك (¬1) الثمن ولا هبته ولا صدقته ولا رهنه، ولو تزوج امرأة [بذلك الثمن] لم يجز لها (¬2) ذلك، ولو أجّر (¬3) الدار أو العبد أو الدابة أبذلك الثمن، لم يجز ذلك، لأن رب التراب لم يوكله. وإن ادعى أحد في شيء من ذلك دعوى فليس للوكيل أن يخاصم في ذلك. وإن علم المشتري للتراب (¬4) ما فيه فقال: لا حاجة في فيه، وأخذ متاعه من الوكيل بغير قضاء قاض، فهو جائز، لأنه كان له الخيار في ذلك. ولو وكله أن يزوّجه (¬5) امرأة بهذا التراب وهو تراب معدن فزوّجه كان النكاح جائزاً، فإن كان فيه عشرة دراهم فضة أو أكثر من ذلك أو كان تراب ذهب فيه قيمة عشرة دراهم أو أكثر كان مهرها، ليس لها غيره (¬6). وكذلك تراب الصوّاغين. والخلع على هذا جائز وإن لم يكن فيه إلا درهم واحد. ولو وكل رجل رجلاً يبيع سيفاً له محلَّى أو مِنْطَقَة (¬7) مفضَّضة أو إناءً مفضَّضاً (¬8) فهو جائز. فإن (¬9) باعه بذهب وقَبَضَا (¬10) فهو جائز. وإن باعه ¬

_ (¬1) ز: بذلك. (¬2) أي: لم يجز أن يدفع ذلك لها كمهر. (¬3) ز - ولا هبته ولا صدقته ولا رهنه ولو تزوج امرأة لم يجز لها ذلك ولو أجر. (¬4) ف: التراب. (¬5) م: أن يزوج. (¬6) وإن لم يكن فيه قيمة عشرة دراهم فإنه يكمل لها عشرة دراهم، لأنه أدنى الصداق. انظر: المبسوط، 14/ 61. (¬7) هي ما تربط على الوسط، كما تقدم. (¬8) ف م ز: مفضض. (¬9) ف م ز: كان. والتصحيح من كتاب الوكالة. انظر: 8/ 123 ظ. (¬10) ف م ز: وقبض؛ ب: فتقابضا.

[بذهب نسيئة فلا يجوز، ولا يضمن الوكيل، وليس هذا بخلاف، لأن البيع قد يكون، (¬1) نسيئةً ونَقْداً (¬2). فإن باعه بفضة أكثر مما فيه نسيئة فلا خير فيه، ولا يجوز، ولا يضمن الوكيل شيئاً من ذلك. وإن باعه بفضة أقل مما فيه ومعها ذهب أو عَرْض أو فلوس فهو جائز إذا كان يداً بيد. وإن كان (¬3) نسيئة فلا يجوز، ولا يضمن الوكيل (¬4). وإذا وكل رجل رجلاً بحلي ذهب (¬5) فيه لؤلؤ أو ياقوت يبيعه له فباعه بالنقد بالدراهم ثم تفرقا قبل أن يقبض الثمن، فإن كان اللؤلؤ والياقوت مُزَايِلاً (¬6) للذهب جاز في ذلك بحصته، وبطل حصة الذهب. وإن كان ذلك يُنْزَع بغير ضرر فهو كذلك أيضاً. فإن كان لا يُنْزَع إلا بضرر فإنه لا يجوز شيء منه. وإن باعه كله بتأخيبر بذهب أو فضة أو بذهب وفضة أو بذهب وطعام أو بشيء مما يكال غير الطعام غير أن ذلك كله نسيئة فإنه (¬7) لا يجوز شيء من ذلك، لأنها صفقة واحدة، فلا يجوز بعضها دون بعض. وإذا وكل رجل رجلاً يشتري له بدراهم (¬8) فلوساً فاشترى بها فلوساً وقبضها فهو جائز. فإن كسدت الفلوس قبل أن يقبض (¬9) الذي وكله فلا يلزم الوكيل شيء، ولا يرد البيع. ولو كسدت الفلوس قبل أن يقبض الوكيل كان الوكيل بالخيار، إن شاء ردها، وإن شاء أخذها (¬10). فإن أخذها فهي لازمة ¬

_ (¬1) الزيادة من كتاب الوكالة، باب الوكالة في الصرف. انظر: الموضع السابق. (¬2) ف م ز: ونقد. (¬3) ف ز - يدا بيد وإن كان، صح ف هـ. (¬4) وقد ذكر المسألة بأتم من هذا في كتاب الوكالة. انظر: الموضع السابق. (¬5) ز: ذهبا. (¬6) ز: مزايل. (¬7) ز: قال. (¬8) ف م ز: دراهم. والتصحيح من كتاب الوكالة، باب الوكالة في الصرف. انظر: 8/ 124 و. (¬9) ف م ز: أن يصل. والتصحيح من كتاب الوكالة. انظر: الموضع السابق. (¬10) ذكر المؤلف مسائل في كساد الفلوس قبل هذا أيضاً. انظر: باب البيع في الفلوس والشراء، 1/ 289 و. وقال السرخسي: وقد ذكر قبل هذا أن العقد يفسد بكساد الفلوس =

له دون الآمر، مِن قِبَل أنها لا يُنتفع بها وأنها (¬1) ليست بفلوس حيث (¬2) كسدت، إنما هي الآن صُفْر (¬3). ألا ترى أنه لو اشترى بالدراهم صُفْراً أو فلوساً (¬4) كانت كاسدة (¬5) قبل ذلك لم تلزم الآمر، ويضمن الوكيل الدراهم. ولو وكل رجل رجلاً يشتري عبداً بعينه فاشتراه ثم وجد بالعبد عيباً قبل أن يقبضه الوكيل كان الوكيل فيه بالخيار، فإن شاء تركه وفسخ البيع ولا يضمن، وإن شاء (¬6) أجاز البيع وأخذه. فإن كان العيب ينتفع بالعبد معه فهو لازم للآمر. فإن كان عيباً (¬7) يستهلك العبد فيه لزم الوكيل، ولا يلزم الآمر. أستحسن ذلك، وأدع القياس فيه (¬8). وكذلك الدار والأمة والدابة والثوب. ¬

_ = قبل القبض استحساناً، فقيل: التفريع المذكور هنا على جواب القياس، وقيل: مراده من قوله هناك أن العقد يفسد أنه لا يجبر على قبض الفلوس الكاسدة، فأما إذا اختار الأخذ فله ذلك، كما فسره هنا. انظر: المبسوط، 14/ 62. (¬1) ز: وأن. (¬2) ز: حتى. (¬3) أي: نحاس، كما تقدم. (¬4) ز: وفلوس. (¬5) ف م ز: فاسدة. والتصحيح من كتاب الوكالة. انظر: 8/ 124 و. (¬6) ف - شاء. (¬7) ز: عيب. (¬8) قال السرخسي -رحمه الله-: وذكر في السير الكبير أن على قول أبي حنيفة - رضي الله عنه - العيب اليسير والفاحش فيه سواء، وهو لازم للآمر إن اشتراه بمثل قيمته، لأن أخذه مع العلم بالعيب كشرائه ابتداء مع العلم بالعيب، ومن أصل أبي حنيفة - رضي الله عنه - أن العيب المستهلك لا يمنع الوكيل من الشراء للآمر بمتل قيمته، فكذلك لا يمنعه من القبض والرضى به عند الأخذ، ومن أصلهما أن ذلك يمنع شراءه للآمر ابتداء، لأن الموكل لم يقصد ذلك، وهو معلوم عرفاً، فكذلك رضاه عند الأخذ. وهذه مسألة كتاب الوكالة، وقد بينا هناك. ولئن كانت المسألة في قولهم كما أطلق في الكتاب فوجهه أن الرضى بالعيب اليسير من الوكيل بالشراء ملزم للآمر بخلاف العيب الفاحش، فكذلك الرضى بالعيب اليسير يكون ملزماً للآمر بخلاف الرضى بالعيب الفاحش إلا أن يشاء الآمر. انظر: المبسوط، 14/ 62 - 63. وانظر لشرح المسألة في كتاب الوكالة: المبسوط، 19/ 36، 66. وانظر: شرح السير الكبير للسرخسي، 4/ 1394.

ولو وكل رجل رجلاً بعبد يشتريه له فاشتراه ثم قُتِلَ (¬1) العبدُ عند البائع قبل أن يقبضه الوكيل فالوكيل بالخيار، فإن شاء فسخ البيع ورده ولا يضمن شيئاً (¬2)، وإن شاء أجاز البيع وكانت القيمة له خاصة دون الآمر، لأنها ليس بالعبد الذي أمره به. وإذا وكل رجل رجلاً بطَوْق ذهب يبيعه له فباعه وانتقد الثمن وقبض المشتري الطَّوْق ثم قال المشتري: وجدت الطوق صُفْراً ممؤَهاً بالذهب، وأنكر الآمر، فإن أقر الوكيل لزمه ذلك دون الآمر، غير أنه يُستحلَف الآمر. فإن أنكر الوكيل وأبى أن يحلف فرده عليه القاضي فإنه يلزم الآمر. وكذلك لو قامت عليه بينة. وإذا وكل رجل رجلاً يشتري له طَوْق ذهب فيه مائة دينار بعينه من رجل، فاشتراه بألف درهم ونَقَدَ الألف ولم يقبض الطَّوْق حتى كسره ولم يفترقوا، فاختار الوكيل أن يضمّن الذي كسر الطَّوْق قيمتَه مصوغاً من الفضة، فهو جائز على الوكيل. فإن (¬3) اختار (¬4) ذلك بائع الطَوْق صار (¬5) ذلك للوكيل على الذي كسر الطَّوْق، ولا يَلزم الآمرَ من هذا شيء، إنما له دراهمه على الوكيل. فإن كان الطَّوْق في قيمته فَضْلٌ على ألف درهم فقَبَضَ ذلك الوكيلُ تصدّق بالفَضْل، وإن كان فيه نقصان فهو جائز عليه. قلت: ويكون للآمر إن أحب أن يختار أخذ قيمة ذلك؟ قال: نعم، إن شاء أَخَذَ تلك القيمة، وإن شاء لم يأخذ ولزم ذلك الوكيل. وإذا وكل رجل رجلاً بخاتم ذهب فيه ياقوتة يبيعه له فباعه بفضة فهو جط ئز. وإن باعه بذهب أكثر منه فهو جائز. وإن باعه بخاتم ذهب أكثر من ¬

_ (¬1) ز: ثم قبل. (¬2) ف - شيئاً. (¬3) ز - فإن. (¬4) ز: فاختار. (¬5) ف م ز: وصار. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، 1/ 183 و؛ والمبسوط، 14/ 63.

وزنه ليس فيه فَصّ فهو جائز. وإن باعه بدراهم فهو جائز. وكل شيء من هذا باعه به نسيئة فهو مردود، ولا يجوز. وإن باعه يداً بيد ثم تفرقا قبل أن يقبضا أو قبل أن يقبض أحدهما انتقض البيع وفسد. وإن باعه بخاتم ذهب أكثر مما فيه من الذهب وفيه فَصّ أو لا فَصّ فيه ثم تقابضا فهو جائز. وإذا وكل رجلٌ رجلَين بألف درهم يبيعانها له فباعها أحدهما دون الآخر فبيعه لا يجوز، لأنه لم يرض برأيه دون رأي صاحبه. وكذلك كل عَرْض وكّلهما (¬1) ببيعه فهو في هذا سواء. وإذا وكل رجل مسلم رجلاً ذمياً يصرف له دراهم أو دنانير (¬2) فإني أكره ذلك، لأنه ذمي يستحل من ذلك الحرام. وأجيز الوكالة في البيع والشرى (¬3) على المسلم في القضاء إذا لم يكن فيه ربا. وإذا وكل الذمي المسلم بدراهم يصرفها له فهو جائز. وكذلك الذمي لو وكل الذمي (¬4). وكذلك الحربي المستأمن يوكّل ذمياً أو مسلماً بذلك أو يوكّله مسلم أو ذمي بشيء من ذلك، فهو على ما وصفتُ لك. وكذلك الحر يوكل المكاتب أو المكاتب يوكل الحر. وكذلك الكبير يوكل الصغير، والصغير التاجر يوكل الكبير، والعبد التاجر يوكل الحر، أو الحر يوكله. وكذلك المرأة توكل الرجل أو الرجل (¬5) يوكلها. وكذلك المرأة الذمية توكل امرأة مسلمة أو توكلها (¬6) مسلمة، فهذا كله باب واحد، وهو جائز. وإذا وكل الرجل رجلاً بدراهم فصرفها له عند عبد للموكل والوكيل يعلم أو لا يعلم فلا ضمان على الوكيل. وإن كان على العبد دين فالصرف جائز. وإن لم يكن عليه دين فهو ماله بعضه (¬7) في بعض، وإن أربى في ذلك لم يضره، لأنه ليس ببيع لازم. وكذلك العبد الذي عليه الدين (¬8). ¬

_ (¬1) ف: وكلما. (¬2) ز: دراهما أو دنانيرا. (¬3) ف ز: في الشرى والبيع. (¬4) ز - الذمي. (¬5) م: والرجل (¬6) ز: فهو كلها. (¬7) م ز - بعضه. (¬8) أي: لا يضر ذلك مولاه شيئاً. انظر: المبسوط، 14/ 64.

وإذا وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها له فباعها بدنانير وحط عنه شيئاً لا يتغابن الناس في مثله فإنه لا يجوز (¬1) على الآمر. وإن باعها بشيء يتغابن الناس في مثله فإنه جائز على الآمر. وإذا وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها له فصرفها له عند شريك للوكيل في الصرف [مفاوض فإن ذلك لا يجوز. وأن كان شريكاً للآمر مفاوضاً فإن الصرف لا ينفذ على الآمر ولا يجوز. وإن صرفها عند شريك للوكيل في الصرف] (¬2) وهو غير مفاوض فلا يجوز أيضاً. فإن صرفها عند شريك للآمر في الصرف غير مفاوض فإنه جائز إذا لم يكن له في هذه الدنانير حق. وكذلك لو صرفها عند مضارب [لرب المال جاز ذلك. ولو صرفها عند مضارب] (¬3) للوكيل من المضاربة لم يجز. وكذلك [التوكيل ببيع] (¬4) العروض في هذا الباب عبداً كان أو أمة أو داراً أو متاعاً أو دابةً. والشريك (¬5) المفاوض والشريك العنان والمضارب للوكيل كان أو لرب المال على ما وصفتُ لك. وإذا وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها له والوكيل بالكوفة ولم يسم له مكاناً فصرفها (¬6) بالسوق (¬7) أو بالكُنَاسَة (¬8) أو بالفُرَات (¬9) عند صيارفة ¬

_ (¬1) ز: جائز. (¬2) الزيادة من كتاب الوكالة. انظر: 8/ 125 و. (¬3) الزيادة من كتاب الوكالة. انظر: الموضع السابق. وانظر: المبسوط، 14/ 64. (¬4) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬5) ف م ز: فهو الشريك. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬6) ز: يصرفها. (¬7) ف ز: في السوق. (¬8) الكُنَاسَة: ما كُنِس بالمِكْنَسَة من الوسخ في البيت، يقال: كنس البيت أي: كسحه، بالمِكْنَسَة كَنْساً، من باب ضرب. وبها سمي كُنَاسَة كُوفَان، وهي موضع قريب من الكوفة، وهي المرادة في أبواب الإجارات والكفالة من كتب الفقه الحنفي، والصواب ترك حرف التعريف. انظر: المغرب، "كنس". (¬9) م ز: أو بالضراب. والكلمة مهملة في ف. والنقط من ب والمقصود ساحل الفرات، وهو النهر المعروف ويمر بالكوفة. انظر: المغرب، "فرت".

الحَنَّاطين (¬1) فهو جائز. وإن خرج بها من الكوفة إلى الحِيرَة (¬2) فصرفها ثَمّ فهو جائز، ولا ضمان عليه في شيء من ذلك. وأن خرج بها (¬3) إلى البصرة أو إلى مكة أو إلى الشام فصرفها (¬4) هناك فلا ضمان عليه أيضاً، لأنه لم يوقِّت (¬5) له مكاناً أو شيئاً خالفه، فأجيزه عليه. ولو وكله ببيع عبد له أو عَرْض من العروض له حَمْل ومَؤونة (¬6) فاستأجر له وخرج به من الكوفة ثم باعه أجزتُ البيع، ولا أُلزم الآمر [من] (¬7) الأجر شيئاً، لأنه لم يأمره به، ولو لم يكن له حَمْل ولا مَؤونة أجزتُ البيع (¬8). وإذا أمره ببيع طعام أو عَرْض له مَؤونة وحَمْل فحمله (¬9) من الكوفة إلى بلد فضاع أو سُرِق (¬10) فهو ضامن له، وهو مخالف (¬11). وإن سَلِمَ (¬12) حتى يبيعه لم يجز البيع. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل دراهم فقال: ¬

_ (¬1) ز: صارفة الخياطين. الحناط هو بائع الحنطة، و"الحناطين" يقصد به موضع تفريغ الحنطة من السفينة. انظر: المغرب، "حنط، نقل". (¬2) الحيرة مدينة قديمة على مسافة ميل من الكوفة. انظر: المغرب، "حير". (¬3) م ز - إلى الحيرة فصرفها ثم فهو جائز ولا ضمان عليه في شيء من ذلك وإن خرج بها. (¬4) ز: فصرفهما. (¬5) م ز: لم يوف. (¬6) أي: ما له ثِقَل يحتاج في حَمْله إلى دابة أو أجرة حمّال. انظر: المغرب، "حمل". (¬7) الزيادة من ب جار. (¬8) قال الحاكم: وقال في رواية أبي حفص: أجزت البيع إذا باعه بمثل ثمنه في الموضع الذي أمره ببيعه فيه وأعاد هذه المسألة في كتاب الوكالة وقال في جوابها: لم أجز البيع، ولم ألزم الآمر من البيع شيئاً، لأنه لم يأمره بالخروج. واتفق على ذلك رواية أبي سليمان وأبي حفص. انظر: الكافي، الموضع السابق. قال السرخسي: وهو الأصح. انظر للشرح: المبسوط، 14/ 64 - 65. والمسألة في كتاب الوكالة من كتاب الأصل كما ذكرها الحاكم في الكافي. انظر: 8/ 125 و. (¬9) م ز: يحمله. (¬10) ف: أوسوق؛ م ز: أوسق. والتصحيح من ب. (¬11) زاد في ب: لأنه لم يأمره بالحمل. (¬12) ف م ز: وإن أسلم. والتصحيح مستفاد من ب، ومن المبسوط، 14/ 65.

ابتع في بها ثوباً، ولم يُسَمِّ له المكان وقد سمى الثوب، فابتاع له الثوب (¬1) من غير الكوفة، كان جائزاً إذا لم يكن له حَمْل ولا مَؤونة. قلت: فإن قال: مائة ثوب هروي؟ قال: إذا جاء ما له [حَمْل] (¬2) ومَؤونة فهو له خاصة، ولا يلزم الآمر. وإذا وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها له ثم إن الموكل صرف تلك الألف فجاء الوكيل إلى بيت الموكل وأخذ ألفاً غير تلك فصرفها فهو جائز. قلت: فإن دفعها إلى الوكيل فضاعت له أن يأخذ غيرها؟ قال: لا. ولو أن الموكل لم يصرف الألف، كانت موضوعة فأخذ الوكيل ألفاً غيرها فصرفها كان جائزاً. ولا تشبه الدنانير والدراهم غيرهما من العروض. ولو أمره (¬3) أن (¬4) يبيع (¬5) فضة بعينها أو ذهباً (¬6) بعينه أو عَرْضاً (¬7) من العروض سوى ذلك بعينه فباع غيره لم يجز. ولو أمره ببيع فلوس بعينها فأخذ له فلوساً مثلها فباعها كان جائزاً. والفلوس في هذا بمنزلة الدراهم والدنانير. ولو وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها فصرفها واشترط الخيار لنفسه أو للذي (¬8) وكّله ثم تفرقا على ذلك (¬9) و [قد] تقابضا فإن البيع باطل (¬10) لا يجوز، ولا يضمن الوكيل شيئاً من ذلك مِن قِبَل أنه أربى، لأنه لم يخالف (¬11). وكذلك لو باع نسيئة. وكذلك لو باع وجعل الخيار ¬

_ (¬1) م ز: الثمن. (¬2) الزيادة من ب جار. (¬3) ف: لو أمره. (¬4) ز - أن. (¬5) ز: ببيع. (¬6) ز: أو ذهب. (¬7) ز: أو عرض. (¬8) ف م ز: وللذي. والتصحيح من ب. (¬9) ز - على ذلك. (¬10) م: بباطل. (¬11) تقدم هذا في باب الخيار في الصرف. انظر: 1/ 288 ظ.

للمشتري. ولو أن رجلاً وكّل رجلاً ببيع عبد له فباعه الوكيل واشترط الخيار للمشتري ثلاثة أيام كان جائزاً. وكذلك لو اشترط الخيار لنفسه أو للموكل. وليس هذا كالصرف. وإذا وكل رجل رجلاً بألف درهم يصرفها له فصرفها بدنانير كوفية (¬1) فهو جائز. فإن قال الآمر: اصرفها (¬2) في بدنانير، ولم يسم كوفية أو شامية، فصرفها الوكيل بكوفية فهو جائز، لأن وزن الكوفة (¬3) كوفية، فهو على وزن الكوفية. وقال أبو يوسف (¬4): أما اليوم فإن صرفها بكوفية مقطَّعة فإنه لا يجوز، لأن وزن الكوفية اليوم على الشامية الثِّقَال، وإنما جاز قبل اليوم لأن وزن الكوفة كان على الكوفية المقطَّعة النُّقَّص (¬5). ولو قال: اشتر (¬6) لي هذه (¬7) الدنانير كلها غَلَّة (¬8)، ولم يسم له غَلَّة الكوفة أو بغداد، فاشترى له غَلَّة الكوفة كان جائزاً. ولو اشترى له غير الغَلَّة لم يجز على الآمر إلا أن يكون مثل غَلَّة الكوفة. وكذلك لو اشترى له غَلَّة البصرة أو غَلَّة بغداد فإنه لا يجوز على الآمر إلا أن يكون مثل (¬9) غَلَّة الكوفة فيجوز عليه. فإن قال له (¬10): بع (¬11) هذه الألف درهم بدنانير شامية، فباعها بكوفية، فإن كانت الكوفية غير مقطَّعة وكانت تكون وزنها شامية فهو جائز، ¬

_ (¬1) ف م: لوفيه (مهملة). والتصحيح من ب، والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 66. (¬2) ف م: صرفها. والتصحيح من ب. (¬3) م: الكوفية. (¬4) وذكر السرخسي قول محمد مع أبي يوسف. انظر: المبسوط، 14/ 66. (¬5) ف: النص. قال المطرزي: وقوله: "في الدراهم الكوفية المقطَّعة النُّقَّص" أي الخِفَاف الناقصة، وفُعَّل في جمع فاعل قياس. انظر: المغرب، "نقص". (¬6) ز: اشتري. (¬7) ز: بهذه. (¬8) الغَلَّة من الدراهم: هي المقَطَّعة إلى قطع صغيرة، كما تقدم. (¬9) ز: مثله. (¬10) ز - له. (¬11) م ز: لتبيع.

باب العيوب في الصرف

وليس الدنانير في هذا كالدراهم. ولو قال (¬1): بعها بدنانير عُتُق (¬2)، فباعها بشامية لم يجز على الآمر، لأن هذا مثل الدراهم (¬3). ... باب العيوب في الصرف وإذا اشترى الرجل سيفاً محلَّى بدراهم أكثر مما فيه وتقابضا ثم افترقا ثم وجد بالسيف عيباً في نَصْله أو في (¬4) جَفْنه أو في حَمَائِله (¬5) أو (¬6) حليته فله أن يرده بأي ذلك ما كان. وإن رده وقبله منه صاحبه بغير قضاء قاض فإنه ينبغي له أن لا يفارقه (¬7) حتى يقبض منه الثمن. ولو لم يقبله (¬8) إلا بقضاء قاض فلا يضره أن يفارقه (¬9) قبل أن يقبض الثمن، مِن قِبَل أن هذا ليس ببيع مستقبل. ألا ترى أن للبائع أن يرده في هذا على من كان اشتراه منه، ولا يرده في الباب الأول على من اشتراه منه. وكذلك لو استقاله فأقاله ¬

_ (¬1) م - قال. (¬2) قال المطرزي: والعتيق: القديم، وقد عَتُقَ بالضم عَتَاقة، ومنه "الدراهم العُتُق" بضمتين، والتشديد خطأ، لأنه جمع عتيق. انظر: المغرب، "عتق". (¬3) قال السرخسي: قال: وليس الدنانير في هذا كالدراهم، فإن مقصوده من شراء الغَلّة الإنفاق في حوائجه، وإنما يحصل ذلك بغلة الكوفة أو مثلها، ومقصوده من الدنانير الربح، وذلك يختلف باختلاف الوزن، فإن كان وزن الكوفية مثل وزن الشامية فقد حصل مقصوده، ولو قال بعها بدنانير عُتُق فباعها بالشامية لا يجوز على الآمر، لأن المقصود لا يحصل بهذا، لما للعُتُق من الصَّرْف (أي الزيادة؛ في القيمة، كما مر) على الشامية. انظر: المبسوط، 14/ 66. (¬4) م - في. (¬5) تقدم تفسير هذه الألفاظ. (¬6) ز + في. (¬7) ف: لا ينبغي له أن يفارقه. (¬8) م: لم يقبضه. (¬9) ف م ز + من.

البيع فإنه لا ينبغي له أن يفارقه حتى يقبض الثمن ويقبض الآخر السيف (¬1). وحدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم أنه قال: الإقالة بيع (¬2). وكذلك المِنْطَقَة المفضَّضة والسَّرْج المفضَّض، وكذلك إناء (¬3) من فضة اشتراه رجل بفضة أو بذهب وزنه (¬4). وإن كان حلي ذهب فيه جوهر مفضَّض (¬5) فوجد بالجوهر عيباً فأراد أن يرده دون الحلي فليس له ذلك، إما أن يرده كله، وإما أن يأخذه كله. وكذلك لو اشترى خاتم فضة فيه فَصّ ياقوت فوجد عيباً بالفَصّ أو بالفضة فأراد أن يرد الذي به العيب دون الآخر فليس له ذلك، إما أن يرده جميعاً، وإما أن يأخذه جميعاً. وكذلك السيف المحلَّى والمِنْطَقَة المفضَّضة (¬6) والإناء المفضَّض والسَّرْج المفضَّض. وإن كان الثمن ديناراً فرده بالعيب بقضاء قاض فله أن يؤخر ثمنه ويفارقه قبل أن يقبض. وكذلك له أن يمسك السيف والحلي بعد رد القاضي ولا يدفعه إلى البائع حتى يستوفي الثمن. ولو أن رجلاً اشترى إبريق فضة فيه ألف درهم بألف درهم أو بمائة دينار وتقابضا ثم استُحق نصف الإبريق فأراد رد ما بقي بقضاء قاض فرَدَّه فإن له أن يفارقه قبل أن يقبض الثمن. وكذلك لو استُحق الإبريق فله أن يفارقه قبل أن يقبض الثمن. وكذلك (¬7) رجل اشترى من رجل دراهم بمائة دينار وتقابضا وافترقا (¬8) ¬

_ (¬1) انظر للشرح: المبسوط، 14/ 66 - 67. (¬2) تقدم في أوائل الكتاب بنفس الإسناد. انظر: 1/ 283 و. (¬3) ف: وكل إناء. (¬4) كذا في ف م ز. وفي ب: وكذا المفضض من المناطق والسروج وأواني الفضة. (¬5) ف م + فيه. (¬6) م ز - المفضضة. (¬7) م - لو استحق الإبريق فله أن يفارقه قبل أن يقبض الثمن وكذلك، صح هـ. (¬8) ف: أو افترقا.

ثم وجدها رصاصاً أو سَتُّوقَة (¬1) فردها عليه فإن له أن يفارقه قبل أن يقبض الثمن، وهو جائز. ولو كانت الدراهم زُيوفاً (¬2) فردّها ففي قول أبي حنيفة إن لم يقبض الدنانير حتى افترقا لم يضره ذلك، لأن الدنانير صارت ديناً عليه؛ وفي قول أبي يوسف يستبدلها، ولا يفارقه حتى يستوفي (¬3). حدثنا عن أبي إسحاق الشيباني عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الله بن حبيب (¬4) عن المسور بن مخرمة قال: وجدتُ في المغنم يوم القادسية طَسْتاً لا ندري أشَبَهٌ (¬5) هو أم ذهب. قال: فابتعتُها بألف درهم. قال: فأعطاني بها تجار الحِيرَة ألفي درهم. قال: فدعاني سعد فقال: لا تُلَبِّثْنِي (¬6) ورُدَّ الطَّسْت. قال: قلت له: لو كانت شَبَهاً (¬7) ما قَبِلْتَها (¬8) مني. قال: إني أخاف أن يسمع عمر أني بعتك طَسْتاً بألف درهم فأُعْطِيتَ بها ألفي درهم، فيرى أني (¬9) صانعتُك فيها. قال: فأخذها مني. فأتيتُ عمر فذكرتُ له ذلك. فرفع يديه ثم قال: الحمد لله الذي جعل رعيتي تخافني في آفاق الأرض، وما زاد على ¬

_ (¬1) تقدم تفسيرها غير مرة. (¬2) تقدم تفسيرها غير مرة. (¬3) وقد مرت مسألة نحوها في أوائل كتاب البيوع والسلم. انظر: 1/ 217 ظ. وبين السرخسي هنا أن قول محمد مع أبي يوسف، كما هو في أبواب السلم. انظر: المبسوط، 14/ 67. (¬4) ف م: أبي حثمة (مهملة)؛ ز: أبي حيثمة. ولم نجد عبد الله بن أبي حثمة في كتب الرجال. والتصحيح مستفاد من ترجمة حبيب بن أبي ثابت وعبدالله بن حبيب. انظر: تهذيب الكمال للمزي، 5/ 358 - 359، 14/ 408 - 409. (¬5) الشَّبَه بفتحتين: من المعادن ما يشبه الذهب في لونه، وهو أرفع الصُّفْر. انظر: المصباح المنير، "شبه". (¬6) م: لا تلني. ولفظ الحاكم والسرخسي: لا تلمني. انظر: الكافي، 1/ 183 ظ؛ والمبسوط، 14/ 67. ولا تُلبّثني أي لا تؤخرني، من لَبِثَ أي مكث وانتظر. انظر: المصباح المنير، "لبث". (¬7) ف: ما قبلها. (¬8) ف: ما قبلها. (¬9) ف م ز: أن. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 67.

هذا شيئاً (¬1). وإذا اشترى الرجل طَسْتاً أو إناء ولا يدري ما هو ولم يشترط له صاحبه شيئاً فهو جائز. وإذا اشترى الرجل إناء فضة ولم يشترط أنه فضة جيدة ولا رديئة فإذا هو غير فضة فإنه لم يقع بينهما بيع، ويرد ذلك. ولو كانت فضة سوداء أو حمراء فيها رصاص أو صُفْر هو الذي أفسدها فهو بالخيار، إن شاء ردها، وإن شاء أجاز البيع. وكذلك لو كانت الفضة تِبْرأ على هذه الصفة. وكذلك الذهب. فإن كانت الفضة رديئة من غير غش (¬2) فيها فليس له أن يردها. وكذلك الذهب. وكذلك لو كان حلياً مصوغاً. وكذلك السيف المحلَّى والمِنْطَقَة المفضَّضة تكون فضتها (¬3) على ما ذكرنا. ولو أن رجلاً اشترى من رجل سيفاً محلَّى على أن فيه مائة درهم بمائتي درهم وتقابضا وتفرقا فإذا فيه مائتا درهم فإنه لا يلزم المشتري السيف كله ولا بعضه، ولكنه يرده كله. ولو أن رجلاً اشترى من رجل إبريقَ فضةٍ بألف درهم على أن فيه ألف درهم فتقابضا وتفرقا فإذا فيه ألفا (¬4) درهم فإنه يكون للمشتري نصفه إن شاء بألف، ويكون للبائع نصفه؛ وإن شاء المشتري رد ذلك كله. ولو لم يفترقا كان له الخيار، إن شاء أخذ كله بألفين أو ترك (¬5). ولو اشتراه بمائة ¬

_ (¬1) ز: شيء. رواه ابن أبي شيبة بسياق آخر باختصار. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 553. وقال السرخسي: وفيه دليل أن لصاحب الجيش ولاية بيع المغانم، وأنه ليس له أن يبيع بغبن فاحش، وأن تصرفه فيه كتصرف الأب والوصي في مال الصغير، ولهذا استرده سعد - رضي الله عنه - لما ظهر أنه باع بغبن فاحش. وفيه دليل على أن الإمام إذا بلغه عن عامله ما رضي به من عدل أو هيبة فعله فإنه ينبغي له أن يشكر الله تعالى على ذلك، فإن ذلك نعمة له من الله تعالى، وكان عمر رضي الله عنه بهذه الصفة تهابه عُمّاله في آفاق الأرض، وذلك لحسن سريرته. انظر: المبسوط، 14/ 68. (¬2) م: غيب. (¬3) ز: فضته. (¬4) ز: ألفي. (¬5) م ز: أو يترك.

دينار فكان الثمن دنانير (¬1) كان جائزاً له كله بالدنانير. ولو اشترى رجل من رجل نُقْرَة فضة على أن فيها مائة درهم وتقابضا فإذا فيها مائتا درهم فإنه يكون للمشتري نصفها لا خيار له فيه، لأن هذا يُبَعَّض (¬2)، ويرد نصفها على البائع. وكذلك لو اشتراها بعشرة دنانير. وكذلك لو كانت ذهباً تِبْراً (¬3) فاشتراه بدراهم أو بذهب مثله فهو مثل الأول سواء. حدثنا الكَلْبِي عن سَلَمَة بن السائب عن أبي رافع قال: خرجت بخلخال فضة لامرأةٍ (¬4) أبيعه، فلقيني أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، فاشتراه مني، فوضعته (¬5) في كِفّة الميزان ووضع أبو بكر دراهمه في كِفّة الميزان، فكان الخلخال أَشَفَّ (¬6) منها قليلاً، فدعا بالمقراض ليقطعه، فقلت: يا خليفة رسول الله، هو لك. فقال: يا أبا رافع (¬7)، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الذهب بالذهب وزنٌ (¬8) بوزن، والزائد والمستزيد في النار" (¬9). ¬

_ (¬1) م ز: دينار. (¬2) وعبارة ب: لأنه لا يضرها القطع. وعبارة السرخسي: لأن النقرة لا يضرها التبعيض. انظر: المبسوط، 14/ 69. وبَعَّضَ الشيءَ تبعيضاً فتَبَعَّض أي: جزّأه فتجزّأ. انظر: لسان العرب، "بعض"؛ والقاموس المحيط، "بعض". (¬3) ف م ز: ذهب تبر. (¬4) ولفظ السرخسي: لامرأتي. انظر: المبسوط، 14/ 69. (¬5) م: فوضعه. (¬6) قال المطرزي: والشِّفّ بالكسر: الفضل والزيادة، وفي حديث [أبي] رافع: فكان الخلخال أَشَفَّ منها قليلاً، أي أفضل من الدراهم وأزيد منها. انظر: المغرب،"شفف" (¬7) إف: يا با رافع؛ ز: يا رافع. (¬8) وهو هكذا بالرفع في المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 498. وهو بالنصب: وزناً، في المصنف لعبد الرزاق، 8/ 124. وانظر: الحاشية أول كتاب البيوع وأول كتاب الصرف، 1/ 212 ظ، 280 ظ. (¬9) رواه عبدالرزاق عن الثوري عن محمد بن السائب عن أبي سلمة عن أبي رافع نحوه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 124. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 498؛ ومسند البزار، 1/ 209. وقال السرخسي: وفيه دليل تحريم الفضل عند اتحاد الجنس، =

ولو اشترى رجل من رجل عشرة دراهم فضة بعشرة دراهم فزادت عليها دانقاً (¬1) فوهبه له هبة (¬2) ولم يدخله في البيع فإن أبا حنيفة قال: هذا جائز (¬3). وإذا وهب الرجل لرجل مائة دينار فلم يدفع إليه الدنانير حتى باعها بألف درهم فإن ذلك باطل لا يجوز، مِن قِبَل أنه لم يَقْبِض، ولكن لو وَهَبَ له الدراهم التي يعطيه كان (¬4) جائزاً. وإذا كان السيف المحلَّى والمِنْطَقَة (¬5) المفضَّضة والنُّقْرَة (¬6) الفضة أو إناء الفضة بين رجلين فباع أحدهما نصيبه وهو النصف بدينار من شريكه أو من غيره وتقابضا فهو جائز. فإن كان باعه من شريكه فنَقَدَه الدينار (¬7) والسيفُ في البيت ثم افترقا قبل أن يقبض السيف فإن البيع قد انتقض، ولا بأس بأن يبيع الرجل الفضة جُزَافاً [بالذهب] (¬8). وكذلك لو باعها بفلوس أو عروض فهو جائز. ¬

_ = وأن القليل من الفضل والكثير فيما يضره التبعيض أو لا يضره سواء، وفيه دليل أن مبادلة الفضة بالفضة الكِفّة بالكِفّة تجوز وإن لم يعلم مقدارهما لوجود المساواة في الوزن. انظر: المبسوط، 14/ 69. (¬1) ز: دانق. (¬2) ز - هبة. (¬3) ذكر السرخسي المسألة ولم يذكر فيها خلافاً بين الإمام وصاحبيه، ثم قال السرخسي: لأن المحرم [هو] الفضل الخالي عن المقابلة إذا كان مستحقاً بالبيع، وهذا مستحق بعقد التبرع، وهو غير مشروط في البيع، ولا يؤثر في البيع، فإن قيل: فلماذا لم يقبله أبو بكر - رضي الله عنه -؟ قلنا: كأنه احتاط في ذلك، أو علم أن أبا رافع رضي الله عنه كان وكيلاً في بيع الخلخال، والوكيل بالبيع لا يملك الهبة. انظر: المبسوط، 14/ 69. (¬4) م ز - كان. (¬5) هي ما تربط على الوسط، كما تقدم. (¬6) تقدم أن النُّقْرة هي القطعة المذابة من الذهب أو الفضة. (¬7) ز: الدنانير. (¬8) الزيادة من الكافي، 1/ 184 و؛ والمبسوط، 14/ 69.

باب الصلح في الصرف

وإذا اشترى الرجل سيفاً محلَّى بفضة فيه خمسون درهماً وقيمة السيف وحَمَائِله وجَفْنه (¬1) خمسون درهماً بمائة درهم فنَقَدَه منها خمسين درهماً وقبض السيف ولم يَنْقُدْه الخمسين حتى افترقا فهو جائز، وما نَقَدَ فهو ثمن الفضة. وكذلك لو كانت الخمسون (¬2) الباقية نسيئة شهراً. وكذلك لو كان الثمن عشرة دنانير فنَقَدَه خمسة (¬3) وقبض السيف وبقيت خمسة دنانير ثم افترقا، أو كانت هذه الخمسة نسيئة شهراً (¬4) فهو جائز، والنقد من ذلك ثمن الفضة. وكذلك (¬5) [لو] (¬6) لم يؤخر عنه شيئاً وأخذ منه خمسة دنانير وصالحه من الخمسة الأخرى على دراهم مسماة أو على ثوب وتقابضا فهو جائز. وكذلك لو كان الثمن دراهم فنَقَدَه خمسين درهماً وصالحه من الخمسين (¬7) الأخرى على ثوب أو خمسة دنانير وتقابضا فهو جائز. وكذلك لو كان مكان السيف خاتم أو حلي أو (¬8) خاتم فيه فَصّ أو سَرْج مفضَّض كان جائزاً. ... باب الصلح في الصرف وإذا اشترى رجل (¬9) من رجل عبداً بمائة دينار وقبض العبد ونقد الدنانير ثم تفرقا فوجد بالعبد عيباً فجاء فخاصم فيه فأقر البائع بذلك أو جحد ثم صالحه في الوجهين جميعاً على دينارٍ ثم تفرقا قبل أن يقبض فالصلح جائز، والدينار (¬10) دين على البائع، وإن كان قيمة العيب أكثر من ذلك. وإن كان صالحه على عشرة دنانير وذلك (¬11) أكثر من قيمة العيب أو أقل ثم تفرقا قبل أن يقبض فالصلح جائز. وكذلك إن كان ضرب ¬

_ (¬1) تقدم تفسير الحمائل والجفن. (¬2) م ز: الخمسة. (¬3) ف م ز: خمسين. (¬4) ف: بستة أشهر. (¬5) ف م ز: ولذلك. (¬6) الزيادة من ب. (¬7) ف: من الخمسة. (¬8) م - أو. (¬9) ز: الرجل. (¬10) م ز: والدنانير. (¬11) ف: وكذلك.

للدينار (¬1) أجلاً فهو جائز. ولو لم يصالحه على الدنانير (¬2) ولكنه صالحه على دراهم سماها وقبضها قبل أن يفترقا فهو جائز، إن كانت الدراهم عند البائع أو لم تكن عنده فاستقرضها فهو سواء. فإن افترقا قبل أن يقبض الدراهم انتقض الصلح واستقبلا الخصومة في العيب، وكذلك (¬3) لو كان ضرب للدراهم أجلاً ثم فارقه (¬4) قبل أن يقبضها، مِن قِبَل أن الدراهم لها حصة في الثمن، وهو دنانير، فلا يجوز أن يفارقه قبل أن يقبض. وكذلك لو كان في صلحهما خيار اشترطه واحد منهما فهو فاسد. فإن أبطل صاحب الخيار خياره ونقده (¬5) الدراهم قبل أن يفترقا فهو جائز. ولو أن رجلاً ادّعى على رجل مائة درهم فأنكر ذلك أو أقر ثم صالحه في الوجهين جميعاً على عشرة دراهم إلى أجل أو حالة ثم تفرقا قبل أن يقبض فالصلح جائز، لأن هذا المدعي حَطَّ مِن حقه. وكذلك لو كان في ذلك خيار لواحد منهما لم يُبْطِلْ ذلك الصلحَ، لأن هذا (¬6) ليس من الصرف. فإن صالحه على خمسة دنانير وقَبَضَها قبل أن يفترقا فهو جائز، وإن افترقا قبل أن يقبضها انتقض الصلح. وكذلك إن كانت إلى أجل فالصلح فاسد لا يجوز. وكذلك الخيار إذا وقع في هذا الصلح من واحد منهما فإن الصلح في هذا فاسد إذا تفرقا عليه. فإن نَقَدَ الدنانير وأبطل الذي له الأجلُ الأجلَ (¬7) وأبطل صاحب الخيارِ الخيارَ ونَقَدَ الدنانيرَ قبل أن يفترقا فهو جائز. وإذا ماتت امرأة وتركت ميراثاً من رقيق وثياب (¬8) ومتاع (¬9) وحلي ذهب وفضة وجوهر وتركت أباها وزوجَها وميراثُها كله عند أبيها فصالح زوجَها من ذلك على مائة دينار ولا يُعْلَم أنَصِيبُه من الذهب أكثر من ذلك ¬

_ (¬1) م: الدينار. (¬2) ز: على الدينار. (¬3) ف: ولذلك. (¬4) ز: ثم فارقته. (¬5) ز: ونقد. (¬6) م ز - هذا. (¬7) م ز - الأجل. (¬8) ف م ز: أو ثياب. (¬9) م: أو متاع.

أو أقل فالصلح في هذا باطل. وكذلك لو صالحه على خمسمائة درهم ليس فيها دينار ولا يُعْلَمُ ما نَصيبُه من حلي الفضة، أكثر من ذلك أو أقل، فالصلح في هذا فاسد لا يجوز. فإن كان صالحه على خمسمائة درهم وخمسين ديناراً وتقابضا قبل أن يفترقا فالصلح جائز. ولو كان حصة الزوج من الذهب أكثر من ذلك الذهب الذي أخذ، وكان حصته من الفضة أكثر مما أخذ من الفضة (¬1)، يكون الذي (¬2) أخذ من الذهب بالفضة وحصتِه من العروض، وتكون (¬3) الفضة التي أخذها بالذهب وبحصته (¬4) من العروض. فإن تفرقا قبل أن يقبض [الزوج] (¬5) شيئاً انتقض الصلح وفسد. فإن قبض الزوج الدراهم والدنانير وكان الميراث في بيت الأب ولم يكن حاضراً حيث كان الصلح انتقض من الصلح حصة الذهب والفضة. وإن قبض الأب ذلك كله وقبض الزوج بعض الدنانير والدراهم وبقي بعضها فإن كان انتقد بقدر حصة (¬6) الذهب والفضة والحلي فالصلح جائز ماض (¬7). وكذلك إن كان انتقد أكثر من ذلك. فإن كان انتقد أقل من ذلك بطل من الذهب والفضة حصة ما لم ينتقد، وجاز حصة ما انتقد، وجاز ما سوى ذلك من غير الحلي. وإذا ادعى رجل سيفاً محلَّى بفضة (¬8) عند رجل وهو في يديه فصالحه الرجل على عشرة دنانير وقبض منها خمسة واشترى بالخمسة الباقية ثوباً قبل أن يقبضها وقبض الثوب فإن كان نَقَدَ من الثمن بقدر الحلية وحصتِها التي يصيبها فالصلح جائز، وشراء الثوب جائز. وكذلك لو لم يشتر ثوباً بما بقي ¬

_ (¬1) م ز - أكثر مما أخذ من الفضة. (¬2) ف م ز: أيكون للذي. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬3) ز: ويكون. (¬4) ف م ز: وبحصتها. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 71. (¬5) الزيادة من ب. (¬6) ف م ز: انتقد نقد وحصة. والتصحيح مستفاد من ب. (¬7) م ز: ماضي. (¬8) ف م ز: بعينه. وكذلك في الكافي، الموضع السابق. والتصحيح من المبسوط، 14/ 71.

وفارقه قبل أن يقبضه فالصلح جائز. وإن كان الذي نقد (¬1) أقل من حصة الحلية ثم افترقا قبل أن يقبض ما بقي فالصلح فاسد لا يجوز، وشرى (¬2) الثوب إن كان اشتراه فاسد، لأنه قد دخل في ثمنه بعص لمن الحلية، فلما فسد بعضه فسد كله (¬3). وإذا اشترى الرجل إبريق فضة بمائة دينار وفي الإبريق ألف درهم وتقابضا ثم وجد بالإبريق عيباً وهو قائم بعينه فله أن يرده. فإن صالحه البائع على دينار وقَبَضَ فهو جائز. وإن كان الدينار أقل من قيمة العيب فهو جائز. وإن كان أكثر من قيمة العيب فهو جائز (¬4) في قول أبي حنيفة (¬5). وكذلك لو كان إلى أجل. وإن كان الصلح على عشرة دراهم فهو جائز. فإن افترقا قبل أن يقبض انتقض الصلح. وكذلك إن كان في الصلح خيار فافترقا عليه وقد تقابضا انتقض الصلح. وكذلك لو كان في الصلح أجل فافترقا عليه ولم يقبض فإن ذلك فاسد لا يجوز، لأن الصلح دراهم، فهو في ذلك سواء، وهو فاسد. غير أنه إن كانت الدراهم أكثر من قيمة العيب جاز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد إن (¬6) تقابضا. وإذا ادعى رجل على رجل عشرة دراهم وعشرة دنانير فأنكر ذلك المدعى عليه أو أقر ثم صالحه على خمسة دراهم من ذلك كله (¬7) فهو جائز ¬

_ (¬1) م ز: كان قد نقد. (¬2) م ز: من شرى. (¬3) انظر للشرح: المبسوط، 14/ 71 - 72. (¬4) ز - كان كان أكثر من قيمة العيب فهو جائز. (¬5) وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-: إذا كان الفضل مما لا يتغابن الناس في مثله فهو غير جائز، وهذا بناء على مسألة كتاب الصلح عن المغصوب المستهلك على أكثر من قيمته، يجوز عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، ولا يجوز عندهما ... انظر: المبسوط، 14/ 72. وقد ذكر المؤلف المسألة في كتاب الصلح، باب الصلح في الغصب، وذكر الخلاف بين الإمام وصاحبيه. انظر: 8/ 48 و. وانظر لشرح السرخسي للمسألة في كتاب الغصب: المبسوط، 21/ 55. (¬6) ف م ز: وإن. والتصحيح من ب. (¬7) م ز - كله.

إن كان ذلك نقداً (¬1) وإن كان ذلك نسيئة، لأن هذا لم يشتر شيئاً ولم يبع. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ (¬2) ذهب (¬3) فيه عشرة مثاقيل بمائة درهم وتقابضا ثم استهلك القُلْب [أو لم يستهلكه] (¬4) ثم وجد به عيباً قد كان دلّسه له فصالحه على عشرة دراهم نسيئة فهو جائز، لأن حصة ذلك العيب هو دين على بائع القُلْب، فالتأخير في ذلك والنقد سواء. ولو كان صالحه على دينار كان جائزاً إذا قبض قبل أن يفترقا، [فإن افترقا] (¬5) قبل أن يقبضه فالصلح فاسد لا يجوز. ولو صالحه مكان الدينار على عشرة دراهم ثم تفرقا قبل أن يقبضه والقلب قائم بعينه أو مستهلك وأخر العشرة شهراً أو تفرقا قبل أن يقبضها فالصلح جائز، لأن القُلْب إنما ثمنه الآن (¬6) تسعون درهماً. أرأيت لو حَطَّ البائع عشرة دراهم بغير عيب (¬7) ثم تفرقا قبل أن يقبضها (¬8) ألم (¬9) يكن جائزاً، فكذلك إذا حَطَّ عنه بعيب. وكذلك الإبريق والسيف المحلَّى والمِنْطَقَة المفضَّضة. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم وجد في القُلْب هَشْماً (¬10) أو كَسْراً (¬11) ينقصه فصالحه من ذلك على قيراط (¬12) ¬

_ (¬1) ز: نقد. (¬2) ز: قلبا. القُلْب هو السوار غير الملوي، كما تقدم. (¬3) ز - ذهب. (¬4) الزيادة مستفادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 73. (¬5) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 73. (¬6) م: إنما فيه الا. (¬7) ز: دراهم لغيب. (¬8) ف: أن يقبضا. (¬9) ز: إن لم. (¬10) قال المطرزي: الهَشْم كسر الشيء الرّخو، من باب ضرب. ومنه "وجد في القُلْب هَشْماً". انظر: المغرب، "هشم". (¬11) ف م ز: هشم أو كسر. (¬12) ولفظ الحاكم: على قيراطين. انظر: الكافي، الموضع السابق. ولفظ السرخسي: على قيراطي. انظر: المبسوط، 14/ 73.

ذهب من الدينار على أن زاده مشتري القُلْب رُبْعَ (¬1) حنطةٍ وتقابضا فهو جائز. وإن كانت [الحنطة] (¬2) بعينها وتفرقا قبل أن يقبضا (¬3) القيراط الذهب (¬4) والحنطة فهو جائز (¬5). وإن تقابضا ثم وجد بالحنطة عيباً ردها ورجع بحصتها من القيراط، يُقْسَم القيراط على قيمة الحنطة وعلى قيمة العيب الذي في القُلْب، فتُرَدّ (¬6) حصة الحنطة. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم (¬7) أقال أحدهما صاحبه البيع وتفرقا في الإقالة قبل أن يتقابضا (¬8) فإن الإقالة تنتقض (¬9) وتبطل. وكذلك لو رده بعيب وقبله الآخر منه ثم تفرقا قبل أن يتقابضا أو بعدما قبض أحدهما ولم (¬10) يقبض الآخر فإن ذلك ينتقض ويعود الأمر كما كان. وإذا خاصمه إلى القاضي فكان القاضي هو الذي يرده بالعيب فافترقا قبل أن يقبضا أو قبل أن يقبض أحدهما وقد قبض الآخر فهذا جائز، لأن القاضي هو الذي فسخ البيع. ولو اشترى قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم بدينار فدفع الدينار وقبض القُلْب ولم يره، كان في خِرْقَة أو غير ذلك، ثم رأى القُلْب فرده ولم يرضه فذلك له، وهو جائز. فإن فارقه قبل أن يقبض الدينار فهو جائز، لأن هذا قد كان له أن يرده، ولأن بائع القُلْب يرده على الذي باعه إياه في هذا الوجه، ولا يرده في العيب بغير قضاء قاض، ولا يرده في الإقالة. ... ¬

_ (¬1) أي: ربع الصاع، وهو المُدّ انظر: المغرب، "ربع". (¬2) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 14/ 73. (¬3) ف م ز: أن يقبض. (¬4) ف م ز: ذهب. (¬5) ز + وإن كانت بعينها وتفرقا قبل أن يقبض القيراط ذهب والحنطة فهو جائز. (¬6) ف م ز: فرد. (¬7) م ز + وجد. (¬8) ف م ز: أن يتفرقا. والتصحيح مستفاد من ب. (¬9) ز: تنقض. (¬10) ف م ز: أو لم. والتصحيح مستفاد من ب.

باب الصرف في المرض

باب الصرف في المرض وسألت (¬1) أبا حنيفة (¬2) عن رجل مريض باع ابنه ديناراً بألف درهم وقبضا جميعاً، فقال: لا يجوز، لأن ابنه وارث، ولأن البيعَ وصيةٌ لوارث وإن كان لم يحط عنه شيئاً. وقال أبو يوسف ومحمد: هذا جائز. ولو باعه الدينار بقيمته (¬3) من الدراهم [أو أكثر] (¬4) أجزتُ ذلك، إذا لم يحط عنه شيئاً فهو جائز، ليس في هذا وصية. وإذا (¬5) اشترى من ابنه ألف درهم بمائتي دينار وتقابضا وليس له مال غيرها وله ورثة كبار فأجازوا ذلك كان جائزاً، وأن ردوا ذلك فهو مردود كله لا يجوز، لأنه (¬6) وصية في قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف أو محمد، (¬7) فإن شاء الوارث أخذ القيمة، وإن شاء نقض البيع (¬8). وإذا باع المريض ألف درهم بدينار وليس له مال غيرها وقبض كل واحد منهما وتفرقا ثم مات المريض والدينار عنده فإن الخيار في ذلك إلى ورثة الميت، فإن أجازوا فهو جائز، وإن ردوا ما زاد على الثلث فلهم ذلك. وإن ردوا جعلت المشتري بالخيار، فإن شاء أخذ ديناره ورد الألف، وإن شاء أخذ من الألف قيمة الدينار وأخذ ثلث الألف تامة. وإن كان الدينار قد ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) ز + النعمان حشرنا الله معه في أعلا فراديس الجنان. (¬3) ز: بقيمه. (¬4) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 14/ 73. (¬5) م ز: ولو. (¬6) م ز: لابنه. (¬7) الزيادة من ب؛ والكافي، 1/ 184 ظ؛ والمبسوط، 14/ 73. (¬8) قال السرخسي: وسوى هذا رواية أخرى عنهما أن أصل العقد يبطل إذا حابى المريض وارثه بشيء، ويأتي بيان ذلك في الشفعة إن شاء الله تعالى. انظر: المبسوط، 14/ 74، 150 - 151. وانظر: كتاب الأصل، كتاب الشفعة، باب الشفعة في المرض، 6/ 222 و.

استهلكه الميت كان له قيمة الدينار وثلث ما بقي من الألف. ولو كان المريض أعطى مائة دينار بعشرة دراهم وتقابضا وتفرقا ثم مات والدنانير عند هذا والدراهم عنده قائمة بعينها فإن الخيار في ذلك للورثة، فإن أجازوا فهو جائز، وإن ردوا فهو مردود. ويخير (¬1) الذي أعطاهم الدراهم (¬2)، فإن شاء أخذ قيمتها من الدنانير وثلث المائة دينار، وإن شاء رد. وإن [كان] (¬3) الميت استهلك الدراهم فإن شاء أخذ قيمتها من الدنانير وثلث ما بقي، وإن شاء رد ذلك وأخذ دراهم (¬4) مثل دراهمه. وإذا باع المريض سيفاً قيمته مائة درهم وفيه من الفضة مائة درهم وذلك كله قيمة عشرين ديناراً بدينار (¬5) وتقابضا ثم مات المريض فإن أجازوا الورثة فهو جائز، وإن ردوا فذلك لهم. ويكون المشتري بالخيار، إن شاء كان له قيمة الدينار من السيف وحليتِه وثلثُ السيف [تامّاً] (¬6) بعد ذلك، وهذا إذا كان الدينار عند المريض قائماً بعينه لم يستهلكه؛ وإن شاء رد ذلك وأخذ ديناره. وإن كان الدينار قد استهلكه المريض كان المشتري بالخيار، إن شاء أخذ (¬7) ديناراً مثل ديناره ورد البيع، يكون ذلك ديناً في تركة الميت، يباع السيف حتى يُنْقَد ذلك، ويستوفي ديناره؛ وإن شاء جاز (¬8) له من السيف وحليتِه قيمةُ الدينار وثلثُ ما بقي. وكذلك لو اشترى مِنْطَقَة مفضَّضة كان على هذا القياس. وإذا باع رجل مريض إناء فضة فيه ألف درهم بدينار وتقابضا وتفرقا ¬

_ (¬1) ز: ويجيز. (¬2) ز - الدراهم. (¬3) الزيادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 74. (¬4) ز: دراهما. (¬5) ز - بدينار. (¬6) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 74. وفي ب: كاملاً. (¬7) ز - ديناره دن كان الدينار قد استهلكه المريض كان المشتري بالخيار إن شاء أخذ. (¬8) ولفظ السرخسي: كان. انظر: المبسوط، 14/ 74.

فاستهلك كل واحد منهما ذلك ثم مات المريض وليس له مال غيره فأبى الورثة أن يجيزوا فإن للمشتري قيمة الدينار من الإناء، وله ثلث ما بقي من الإناء، ويغرم قيمة ثلثي (¬1) ما بقي من الإناء مصوغاً دنانير. وإن كان الرجل (¬2) مريضاً وله تسعمائة درهم وليس له مال غيرها فباعها بدينار وقبض الدينار (¬3) وقبض الآخر من التسعمائة مائة (¬4) درهم ولم يقبض ما بقي حتى تفرقا ومات المريض والدينار والمال قائم (¬5) بعينه والدينار يساوي تسعة دراهم فإن أجاز (¬6) ورثة المريض أو ردوا فهو سواء، وكانت له المائة درهم بتُسع الدينار، وردوا عليه ثمانية أتساع الدينار. وإن قبض مائتي درهم ولم يقبض سبعمائة فهو على هذا الحساب. وإن لم يقبض شيئاً رد عليه ديناره بعينه، ولم يكن بينهما بيع. ولو لم يفترقا ولم يمت المريض حتى زاده المشتري تسعة وخمسين ديناراً وقبضها المريض وقبض المشتري التسعمائة درهم فإن هذا كله جائز (¬7). وإن كان المريض وكّل وكيلاً فباعها من هذا الرجل بدينار بأمر المريض والدينار يساوي عشرة دراهم ثم مات المريض قبل أن يتقابضا فقال المشتري: أنا آخذ التسعمائة بتسعين ديناراً قبل أن يفترقا، فله ذلك، وله أن ينقد التسعين ديناراً ويأخذ التسعمائة كلها. وهذا جائز، لأن البيع قد وجب قبل موت الميت ولم يفترقا. ¬

_ (¬1) م ز: ثلث. ويشهد لما في المتن نسخة ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 75. (¬2) م ز - الرجل. (¬3) م ز - وقبض الدينار. (¬4) م - مائة. (¬5) ز: قائما. (¬6) م ز: أجازوا. (¬7) قال الحاكم: وإنما تصح هذه المسألة الأخيرة إذا زيد في سؤالها أن قيمة الدينار عشرة دراهم. انظر: الكافي، الموضع السابق. قال السرخسي: وهو كما قال، فإن حق الورثة في ستمائة درهم، لأن جملة مال المريض تسعمائة، وإنما تكون المحاباة بقدر الثلث إذا كانت قيمة كل دينار عشرة انظر: المبسوط، 14/ 75.

وإذا اشترى الرجل من الرجل ألف درهم بمائة درهم وتقابضا والذي أعطى الألف مريض ثم (¬1) مات من مرضه ذلك فإن هذا لا يجوز على حال، لأن هذا ربا، إلا أن يشاء الذي أعطى المائة أن يمسك مائة (¬2) من الألف بمائته ويرد الفضل. ولو كان أعطى (¬3) مع المائة درهم ديناراً كان هذا مستقيماً. فإن أجازوا الورثةُ (¬4) فهو جائز. وإن ردوا فالآخر بالخيار، إن شاء أخذ من الألف مائة مكان مائته (¬5) وأخذ مما بقي قيمة الدينار وأخذ ثلث (¬6) الألف، [وإن شاء نقض البيع] (¬7). ولو كان مكان الدينار ثوب كان مثل هذا أيضاً. فإن كان الثوب قد استهلكه الميت وأبى الورثة أن يجيزوا وأبى الرجل أن يأخذ شيئاً فإن له مائة مكان مائته، وله قيمة ثوبه (¬8)، والقول في ذلك (¬9) قول الورثة مع أيمانهم إلا أن يقيم رب الثوب بينة على ما يدعي. وإذا كان للرجل إبريق فضة فيه مائة درهم فباعه في مرضه بمائة درهم وقيمته بالدنانير عشرون ديناراً وقيمة مائة درهم عشرة دنانير فإن أجازوا الورثة ذلك فهو جائز. وإن أبوا الورثة أن يجيزوا فالمشتري بالخيار، إن شاء رد البيع وأخذ دراهمه، وأن شاء كان له ثلثا (¬10) الإبريق بثلثي المائة، وثلثه للورثة، لأن قيمة ثلثي الإبريق بالدنانير ثلاثة عشر ديناراً وثلث دينار، وقيمة ثلث المائة درهم ثلاث دنانير وثلث دينار، وقيمة ثلث الإبريق ستة دنانير ¬

_ (¬1) ز - الرجل ألف درهم بمائة درهم وتقابضا والذي أعطى الألف مريض ثم. (¬2) م: منه. (¬3) ز - المائة أن يمسك مائة من الألف بمائته ويرد الفضل ولو كان أعطى. (¬4) على لغة أكلوني البراغيث. (¬5) ف: مكاتبه (مهملة). (¬6) ف: بثلث. (¬7) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 76. (¬8) م ز: يومه. (¬9) أي: في قدر القيمة، كما ذكر في ب. (¬10) ز: ثلثي.

باب الإجارة في عمل التمويه

وثلثين، وقيمة ثلثي المائة درهم ستة دنانير (¬1) وثلثي دينار (¬2)، فإذا (¬3) جمعتها (¬4) جميعاً كان ثلثي عشرين ديناراً، وسقط عنه ثلث العشرين للوصية. ... باب الإجارة في عمل (¬5) التمويه وإذا دفع (¬6) الرجل إلى الرجل (¬7) لِجَاماً يموِّهه بفضة وَزْناً معلوماً يكون قرضاً على الدافع على أن يعطيه الدافع أجراً معلوماً على ذلك فهو جائز، يلزمه الأجر (¬8)، ويلزمه القرض. فإن أنكر رب اللّجَام فقال: لم تَصنع فيه من الفضة الوزنَ الذي شرطتُ عليك، وقال الأجير: بلى قد صنعتُه، فالقول قول رب اللِّجَام مع يمينه على عِلْمِه (¬9)، وعلى العامل البينة، لأنه مدعي. وكذلك الخَرَز (¬10) الحديد وما أشبهه. فإن قال: موّهه بمائة درهم فضة على أن أعطيك (¬11) ثمنها وأجرَ عملك ذهباً عشرة دنانير بذلك كله، ثم افترقا على ذلك فهذا (¬12) فاسد، لأنه صرف. فإن عمل كان له فضة مثل وزنها ¬

_ (¬1) م ز - وثلثين وقيمة ثلثي المائة درهم ستة دنانير. (¬2) م - وثلثي دينار. (¬3) م: فأدى. (¬4) م ز: جميعهما. (¬5) م ز - عمل، صح م هـ. (¬6) ز: رفع. (¬7) ف ز: إلى رجل. (¬8) م ز - الأجر. (¬9) ف م ز: على عمله. والتصحيح من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬10) الخَرَز هي ما تُنْظَم في خيط للزينة، كما تقدم. (¬11) ز + درهم فضة. (¬12) م ز: فهو.

عليه، وكان له أجر مثله - ولا أجاوز به - من الدنانير (¬1). وكذلك لو قال: بعني مثقال فضة وموّهه به على أن أعطيك ثمنه وأجر عملك درهمين، فهو فاسد، وهو مثل الباب الأول سواء. وإذا دفع الرجل إلى رجل ثوباً يكتب كتاباً عليه بذهب معلوم وأجر معلوم من الفضة فهو فاسد مثل الأول. وكذلك لو اشترط (¬2) أجره وثمنه ذهباً. فإن قال: أقرضني مثقال ذهب واكتب به على هذا (¬3) الثوب كتاب كذا وكذا على أن أعطيك أجرك نصف درهم أو قيراطين ذهباً جيداً (¬4)، فهو (¬5) جائز، والتمويه والكتاب في هذا سواء، كله جائز وإن لم يقبض القرض، أوَ، وَجَبَ (¬6) له الأجر فيه، لأنه حين كتب له به فكأنه قبضه إذا كان أَمَرَه بشيء من ذلك معروفٍ. وإذا دفع رجل إلى رجل عشرة دراهم فضة وقال: اخلط فيها خمسة دراهم ثم صُغْها (¬7) كلها قُلْبَيْ فضة، ولك أجر كذا وكذا، ففعل ذلك فهو جائز، والخمسة قرض عليه، لأنه حيث خلطها بفضة الدافع فهو قبض من الدافع، وعليه الأجر لذلك كله. ولو لم يدفع إليه فضة ولكن ¬

_ (¬1) قال السرخسي: هكذا ذكر الحاكم -رحمه الله-، وهو مشكل، لأن فساد العقد في حصة الصرف طارئ بالافتراق قبل القبض، وذلك لا يوجب فساد الإجارة. قال [السرخسي]- رضي الله عنه -: وقد تأملتُ في الأصل فوجدته يعتبر أجر المثل لبيان الحصة، فإنه يقول: وكان له مقدار أجره من الدنانير، لأنه إذا قسمت الدنانير على أجر مثله وعلى المائة درهم فعلمت أنه حكم بصحة العقد في حصة الإجارة، واعتبر أجر المثل للانقسام، ثم جعل له بمقابلة العمل المسمى لصحة العقد. انظر: المبسوط، 14/ 77. وعبارة المتن مغايرة لما ذكره السرخسي ناقلاً عن الأصل، فلعله ينقل عن نسخة أخرى. (¬2) م ز: لو شرط. (¬3) ز: على هذه. (¬4) ز: ذهب جيد. (¬5) ف: فهذا. (¬6) زدنا الواو للإيضاح. (¬7) ز: ثم صيغها.

قال: صُغْ لي منك عشرة دراهم فضة قُلْباً، على أن أعطيك عليها (¬1) أجر درهم، كان هذا باطلاً لا يجوز، لأن العامل عَمِلَ فضة لنفسه ولم يقبضها الآمر (¬2) فتكونَ من ماله ويكونَ عليه الأجر. ألا ترى أنها لو هلكت كانت من مال العامل، والباب الأول لو هلكت بعدما خلطها بفضة الآمر كانت من مال الآمر. وقال أبو يوسف: لو كانت فضة الدافع قيراطاً (¬3) وخَلَطَ المُقْرِض مائة [درهم] (¬4) بفضة الآمر كان قبضاً. وقال محمد بن الحسن: لا يكون قبضاً إلا أن تكون فضة الآمر أكثر. ولو اختلفا فيها فقال الآمر: كانت فضتي اثني عشر وأمرتك أن تزيد فيها ثلاثة، وقال المدفوع إليه: بل كانت عشرة وأمرتني أن أزيد فيها خمسة، وفي القُلْبَين خمسة عشر، كان القول قول المدفوع إليه أنه قد زاد فيها خمسة وأن الدافع إنما دفع إليه عشرة، ويضمن له عشرة مثل فضته، مِن قِبَل أنه قد زاد فيها درهمين على ما (¬5) أمره الدافع (¬6)، إلا أن يرضى الدافع أن يأخذها ويعطيه خمسة ويعطيه الأجر تاماً، فيكون له ذلك. ولو كان القُلْب لا يُعرَف وزنه لِحَشْوٍ (¬7) فيه واتفقا أنه أعطاه عشرة دراهم وأمره أن يزيد فيه خمسة فقال الدافع: لم تزد فيه شيئاً، وقال المدفوع إليه: قد زدتُ فيه خمسة (¬8)، فالقول قول الدافع مع يمينه على ¬

_ (¬1) ز - عليها. (¬2) ف م ز: الآخر. والتصحيح من ب. (¬3) ز: قيراط. (¬4) الزيادة من ب. (¬5) ف - ما. (¬6) فكان بذلك مخالفاً لأمر الدافع، فيضمن لذلك. انظر: المبسوط، 14/ 78. (¬7) الحَشْو ما وضع بداخل الشيء من غيره، يقال: حَشَا الوسادة بالقطن حَشْواً. انظر: المصباح المنير، "حشو". (¬8) ز - فقال الدافع لم تزد فيه شيئاً وقال المدفوع إليه قد زدت فيه خمسة.

عِلْمِه (¬1). فإن شاء أخذ من الصائغ (¬2) القُلْب وأعطاه من الأجر (¬3) بحساب ذلك. وإن شاء المدفوع إليه أعطاه فضة مثل فضته وسَلِمَ له القُلْبُ بعد أن يحلف الآخر ما يَعْلَمُه زاد فيه خمسة. ولو اتفقا على أنه قد زاد فيه (¬4) خمسة وقال الآمر: كانت فضتي بيضاء وأمرتك أن تزيد فيها فضة بيضاء، وقال المدفوع إليه: بل كانت فضتك سوداء وأمرتني فزدتُ فيها فضة سوداء، فالقول قول المدفوع إليه مع يمينه أن الذي دفع إليه فضة سوداء، والقول قول الدافع أنه أمره أن يزيد (¬5) على فضته فضة بيضاء مع يمينه البتة (¬6). وإن اختلفا في الأجر (¬7) فقال الدافع: أجرك درهم، وقال المدفوع إليه: أجرتي درهمان (¬8)، فإن القول في ذلك قول الدافع مع يمينه البتة. وكذلك لو قال: عملته لي بغير أجر، كان القول قوله مع يمينه (¬9). وإذا اشترى الرجل من الرجل عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم وجدها زُيوفاً (¬10) بعدما تفرقا فاستبدلها منه ثم إن رجلاً أقام البينة على الدراهم الزّيوف فقُضي بها (¬11) له لم ينتقض البيع في الصرف، لأنه أبدلها إياه قبل ¬

_ (¬1) ف م ز: على عمله. والتصحيح من ب. (¬2) ف م: الصانع. (¬3) ز: من الاخر. (¬4) م ز - فيه. (¬5) ز: أن أزيد. (¬6) لكن أفاد الحاكم والسرخسي أن القول قول العامل، ولم يذكرا هذا التفصيل. انظر: الكافي، 1/ 185 و؛ والمبسوط، 14/ 78. ولعل هنا سَقَطاً عندهما. وما في ب موافق لما في المتن. (¬7) ز: في الاخر. (¬8) ف: درهما. (¬9) ف - البتة وكذلك لو قال عملته لي بغير أجر كان القول قوله مع يمينه. (¬10) تقدم تفسيره غير مرة. (¬11) ز: لها.

أن يَستحق هذا. وهو قول أبي يوسف ومحمد (¬1). ولو قال رجل لرجل: أقرضني مائة فَلْس ثم صغْها لي كُوزاً على أنّ أَجْرَكَ درهم، كان هذا باطلاً (¬2) لا يجوز القرض فيه ولا الإجارة (¬3)، من قِبَل أنه لم يقبض. فإن كان دفع إليه نحاساً فقال: أقرضني [رطلاً]، (¬4) مِن نحاس فاخلطه وصُغْه (¬5)، جاز، لأنه حين خلطه صار قابضاً. وكذلك لو قال: أقرضني رطلاً من نحاس أو حديد ثم صُغْ (¬6) لي منه كذا وكذا على أن أجرك درهم، لم يجز ذلك. فإن قبض النحاس والفلوس ثم دفعها (¬7) إليه فقال: اعملها بأجر درهم، كان هذا جائزاً، لأنه قد قبض. ألا ترى لو أن رجلاً استقرض من رجل كُرَّ (¬8) حنطةٍ فقال: اطحنها لي بدرهم، فطحنها له قبل أن يقبضه كان هذا باطلاً ليس فيه أجر، وإن أعطاه الدقيق فعليه دقيق مثله؛ ولو دفع إليه كُرَّ حنطةٍ فقال: أقرضني نصف كُرّ واخلطه ثم اطحنها لي بدرهم، ففعل ذلك، كان هذا جائزاً، وعليه نصف الكُرّ، وعليه الأجر تاماً، لأن هذا قد قبض نصف الكُرّ حين خلطه بطعام الدافع. ولو دفع إليه لِجَاماً ودفع إليه فضة (¬9) معلومة فقال: مَوِّهْ (¬10) هذا ¬

_ (¬1) قال السرخسي: رجل اشترى من رجل عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم وجدها زيوفاً بعدما تفرقا فاستبدلها منه ثم استحق [رجل] تلك الدراهم الزيوف لم يبطل العقد، لأنه حين استبدلها بالجياد قبل أن يستحق فإنما استقر حكم العقد على الجياد دون الزيوف المردودة، واستحقاق ما ليس فيه حكم العقد لا يؤثر في العقد، وهذا إنما يتأتى على قولهما وكذلك عند أبي حنيفة إن كان الرد بعيب الزّيافة والاستبدال به قبل افتراقهما عن مجلس العقد أو بعد الافتراق والمردود قليل. انظر: المبسوط، 14/ 78. (¬2) ز: باطل. (¬3) ف م ز: ولا إجارة. (¬4) الزيادة مستفادة من الجملة التالية. وفي ب: أقرضني كذا نحاس. (¬5) ز: وضعه. (¬6) ز: ثم ضع. (¬7) ز: ثم دفعا. (¬8) تقدم تفسيره غير مرة وأنه من المكاييل. (¬9) ف: فضله. (¬10) أي: اطْلِ، كما تقدم.

باب من الصرف في الشرى والبيع والسلم يجنى على القلب قبل أن يقبضه المسلم إليه أو المشتري

اللِّجَام بهذه الفضة على أنّ لك أجر درهم، فإن هذا جائز. وكذلك لو كان الأجر ذهباً معلوماً. وكذلك لو كان أعطاه مكان الفضة ذهباً فقال: مَوّهْ به على أنّ أجرك كذا وكذا (¬1)، أو قال (¬2): اكتب بهذا (¬3) الذهب في هذا الثوب كتاباً معلوماً بأجر معلوم، كان جائزاً. وكذلك لو دفع إليه فضة فقال: اكتب بها في هذا الثوب كان مثل الأول. دن كان الأجر في هذا ذهبأ أو فضة فهو جائز. وكذلك لو اشترط عليه أن يموِّهه بمثقال ذهب مِن عنده فهو جائز بعد أن يكون الأجر (¬4) شيئاً من العروض غير (¬5) الذهب والفضة. ولو أعطاه ذهباً فقال: مَوِّهْ هذا الفجَام وما فَضَلَ فهو لك أَجْرٌ، كان هذا باطلاً لا يجوز، مِن قِبَل أن الأجر مجهول، وله أجر مثله، وما بقي من الذهب فهو لصاحبه. ... باب من الصرف في الشرى والبيع والسلم يجْنَى على القُلْب قبل أن يقبضه المسلَم إليه أو المشتري وإذا اشترى الرجل قُلْبَ فضةٍ بدينار ودفع الدينار (¬6) ثمناً ثم إن رجلاً أحرق القُلْبَ بالنار فاختار المشتري أن يضمّن الرجل المحرق قُلْبَه فله ذلك. فإن أخذ قيمة (¬7) القُلْب ذهباً قبل أن يفارق المشتري البائع فإن ذلك البيع جائز، ويتصدق المشتَري بالفَضل في ذلك على الدينار. وكذلك إن اختار نَقْضَ البيع وأَخَذَ البائعُ قيمةَ القُلْب فإنه (¬8) يتصدق بالفَضْل فيها على الثمن. فإن تفرقا قبل أن يقبض المشتري قيمة القُلْب من الذي أحرقه وقد اختار ¬

_ (¬1) ف: كذا كذا. (¬2) ف م ز: فيه. والتصحيح من ب. (¬3) ف ز: هذا. (¬4) ف م ز: وقال. والتصحيح من ب. (¬5) ف م ز: فيه. والتصحيح من ب. (¬6) ف: الدار. (¬7) ف: منه. (¬8) أي: البائع، كما في ب.

تضمينه فإن ذلك ينتقض ويبطل، مِن قِبَل أنه صَرْفٌ تفرقا قبل أن يقبضه، ويرجع بالدينار على البائع، وتكون (¬1) قيمة القُلْب للبائع (¬2) على الذي أحرقه. ألا ترى أن البيع الأول وقع على أنهما إن تفرقا قبل أن يقبض انتقض البيع فيه، فكذلك القيمة هي مثل القُلْب، إن تقابضا قبل أن يفترقا فهو جائز، وإن تفرقا قبل أن يقبض (¬3) فهو باطل لا يجوز البيع فيه. وكذلك لو كان مكان القُلْب إناء فضة أو إناء ذهب اشتراه بدراهم أو اشتراه بذهب مثل وزنه. وهذا قول محمد. وهو قول أبي يوسف الأول. ثم قال أبو يوسف بعد ذلك: إذا اختار (¬4) المشتري اتباع المحرِق بالقيمة ثم تفرقوا قبل القبض وقد قبض البائع الثمن فهو جائز، لأن اختياره لذلك بمنزلة قبضه (¬5) له (¬6)، لأنه لو تَوَى تَوَى من ماله، فصار بمنزلة القبض. وقال محمد: قول يعقوب الأول أحب إلي (¬7). وإذا اشترى الرجل سيفاً محلّى بفضة وزنها خمسون درهماً فاشتراه بمائة درهم أو بعشرة دنانير فهو جائز. فإن تفرقا قبل أن يتقابضا انتقض البيع. فإن نقد الثمن ولم يقبض السيف حتى أفسد رجل من حَمَائِله شيئاً أو من جَفْنِه فاختار المشتري أَخْذَ السيف وأن يُضمِّنَ المفسدَ قيمةَ ما أفسد فذلك له. فإن تفرق البائع والمشتري قبل أن يقبض المشتري قيمة الفساد ¬

_ (¬1) ز: ويكون. (¬2) ف م: البائع. والتصحيح من ب. (¬3) م ز + انتقض البيع فيه فكذلك القيمة هي مثل القلب إن تقابضا قبل أن يفترقا فهو جائز وإن تفرقا قبل أن يقبض. (¬4) ز: إن اختار. (¬5) م ز: فضه. (¬6) م ز - له. (¬7) قال السرخسي: وقول أبي حنيفة كقول أبي يوسف الآخر -رحمهما الله- دن لم يذكره هنا، فقد نص عليه في نظيره في الجامع إذا قُتل المبيع قبل القبض فإن اختار المشتري تضمين القاتل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف الآخِر -رحمهما الله- يصير قابضاً بنفس الاختيار، حتى لو توى ذلك على القاتل يكون من مال المشتري، وفي قول أبي يوسف الأول وهو قول محمد -رحمهما الله- لا يصير قابضاً بنفس الاختيار ... انظر: المبسوط، 14/ 79.

وقد قبض السيف فهو جائز، لأن الفساد كان في غير الفضة؛ بمنزلة ثوب اشتراه رجل من رجل ونقد الثمن فأحرقه رجل آخر قبل أن يقبضه المشتري واختار المشتري إمضاء البيع وأن يُضَمِّنَ المفسدَ قيمةَ الثوب، فذلك له، ولا يُفْسِدُ ذلك تفرقُهما قبل أن يقبض القيمة. ألا ترى أنهما لو تفرقا والثوب قائم بعينه لم ينتقض البيع، فكذلك القيمة. وكذلك لو كان مكان الثوب سيف (¬1) محلّى فأفسده كلَّه رجلٌ وأحرقه (¬2) بالنار (¬3) فاختار المشتري إمضاء البيع وتضمين المفسد وأن يَنْقُدَ البائعُ الثمنَ، فذلك له. فإنْ ذَهَبَ المفسدُ وفارقهم قبل أن يَنْقُدَ قيمة الفساد فإن ذلك لا يُفسد البيع ما لم يفارق البائع المشتري، لأن المفسد ليس ببائع ولا مشتري، وإنما هو غاصب ضامن. فإن فارق البائع المشتري (¬4) قبل القبض انتقض البيع كله في جميع ذلك في قول محمد. وهو قول أبي يوسف الأول. وقد بينتُ لك قوله الآخِر. وإذا أسلم رجل ثوباً في كُرّ حنطة أو باع قُلْباً بدينار فهَشَمَ (¬5) رجل القُلْب أو شَقّ الثوب باثنين واختار مشتري القُلْب والمسلَم إليه أَخْذَ القُلْب (¬6) والثوب ونَقْدَ الثمن وقال: أتبع المفسد بضمان ذلك، وقَبَضَ القُلْب والثوب قبل أن يتفرقا، فله ذلك وإن لم يأخذ القيمة حتى تفرقا، لأنه قد قبضهما بأعيانهما. واذا اشترى الرجل سيفاً محلّى بفضة وزنها خمسون درهماً بمائة درهم فأحرق رجل بَكْرَةً (¬7) من حليته واختار المشتري قبض السيف وإمضاء البيع ¬

_ (¬1) ز: سيفا. (¬2) م: أحرقه. (¬3) م ز - بالنار. (¬4) م ز - المفسد ليس ببائع ولا مشتري وإنما هو غاصب ضامن فإن فارق البائع المشتري. (¬5) أي: كسره، والهَشْم كسر الشيء الرخو، كما تقدم. (¬6) م ز - أو شق الثوب باثنين واختار مشتري القلب والمسلم إليه أخذ القلب. (¬7) قال المطرزي: البَكْرَة في حلية السيف حلقة صغيرة كالخَرَزَة، وكأنها مستعارة من بَكْرَة البئر. انظر: المغرب، "بكر".

وتضمين الغاصب، ونَقَدَ الثمنَ وقَبَضَ السيفَ (¬1)، وفارق البائعَ قبل أن يقبض قيمة البَكْرَة، فإن البيع ينتقض في البَكْرَة خاصة دون السيف، لأنها قد زايلت السيف. ولو كان المشتري لم يفارق البائع حتى فارقهم محرق البَكْرَة ثم رجع إليهم فأدى قيمة البَكْرَة إلى المشتري وتقابضوا جاز البيع فيها وفي بقية السيف، ولا يفسد ذلك فراق (¬2) الغاصب. وهو قول محمد وقول أبي يوسف الأول. وقال أبو يوسف في قوله الآخِر: لو (¬3) أن رجلاً اشترى من رجلٌ إبريق فضة بخمسين ديناراً فدفع إليه الدنانير ثم لم يفترقا حتى عَدَا رجلٌ على الإبريق فأحرقه فاختار المشتري اتباع الذي أحرق الإبريق ثم افترقا قبل أن يقبض ما ضمنه فهو جائز وإن فارقهما جميعاً المحرقَ والبائعَ، فينبغي في قياس هذا القول الآخر أن (¬4) لا يبطل البيع في البَكْرَة التي استهلكها الرجل من السيف. وإذا أسلم الرجل ثوباً إلى رجل في كُرِّ حنطةٍ فأحرقه رجل بالنار كلَّه فاختار المسلَم إليه إمضاء السَّلَم واتباعَ المحرق بقيمة الثوب فإنْ قَبَضَ القيمة من المحرق قبل أن يفارق رب السَّلَم فهو جائز. وإن تفرقا قبل القبض بطل السلم. والقيمة في هذا الموضع بمنزلة الثوب بعينه. ولو فارقهم المحرق ثم رجع فأعطاه القيمة قبل أن يفترق المسلَم إليه ورب السَّلَم فاختار المسلَم إليه ورب السلم إمضاء السلم وأَخْذَ القيمة كان السلم جائزاً، ولا يفسده (¬5) ذهاب الغاصب، لأنه غاصب ليس ببائع (¬6). وهذا قياس قول يعقوب. وقولُ محمد ما بينتُ لك. وإذا اشترى الرجل سيفاً محلّى بفضة بمائة درهم وحليةُ السيف خمسون (¬7) درهماً وتقابضا فهو جائز، وإن باعه المشتري مرابحة بربح (¬8) ¬

_ (¬1) ز - السيف. (¬2) م ز: افتراق. (¬3) م ز: ولو. (¬4) ز - أن. (¬5) ف م ز: ولا يفسد. والتصحيح من ب. (¬6) ز: بيايع. (¬7) ز: خمسين. (¬8) ف م ز: فربح. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 185 ظ؛ والمبسوط، 14/ 81.

عشرين درهماً أو بده دوازده (¬1) أو بربح ثوب بعينه فإن ذلك لا يجوز، لأن للحلية (¬2) حصة في الربح، ولا يجوز بأكثرً منها. أرأيت لو قال: أَرْبَحْتُك (¬3) في الحلية عشرة وفيما بقي عشرة، فإن البيع فاسد، لأن الفضة لا تجوز إلا بمثلها. وكذلك المِنْطَقَة المفضَّضة والسَّرْج المفضَّض والإناء المفضَّض. فأما اللِّجَام المموَّه والخَرَز المموَّه فلا بأس بالمرابحة فيه، لأن التمويه لا يَخْلُص (¬4). وإذا باع الرجل قُلْبَ فضةٍ فيه عشرة دراهم بدينار وتقابضا ثم باعه بربح نصف دينار أو بربح درهم فلا بأس بذلك، وهو جائز. ولو كان قام عليه بعشرة دراهم [فباعه بربح درهم لم يجز. ولو ضم معه ثوباً قد قام عليه بعشرة دراهم] (¬5) فقال: يقوم علي هذان (¬6) بعشرين، وباعهما بربح درهم أو بربح ده يازده (¬7) فإنه يجوز في الثوب (¬8) بحصته ولا يجوز [في] (¬9) القُلْب، لأن ثمنه أكثر مما فيه، في قول أبي يوسف (¬10)؛ ولا يجوز شيء من ذلك في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك جارية وطَوْق فضة عليها فيه مائة درهم اشتراها رجل بألف درهم ونَقَدَ وقَبَضَ ثم باعها مرابحة بربح مائة درهم أو بربح ده يازده فإن الطَّوْق لا يجوز، وتجوز ¬

_ (¬1) أي: باع السلعة بعشرة باثني عشر. انظر: المبسوط، 13/ 91. (¬2) ف م ز: الحلية. والتصحيح من ب. (¬3) ف م ز: ربحتك. والتصحيح من ب. وأَرْبَحَه أي أعطاه الربح، وأما ربّحه بالتشديد فغير منقول. انظر: المغرب، "ربح"؛ والمصباح المنير، "ربح". (¬4) خَلُص الشيء يَخْلُص أي صَفَا، كما تقدم. فالتمويه هو الطلاء، وهو شيء قليل جداً، لا تستطيع أن تصفّيه من مكانه لو أردت ذلك. (¬5) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 82. (¬6) ز: هذين. (¬7) أي: باع السلعة بعشرة بأحد عشر. انظر: المبسوط، 13/ 91. (¬8) ف م ز: يجوز القلب. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬9) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. (¬10) وقول محمد مع أبي يوسف كما أفاده في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 82.

الجارية، في قول أبي يوسف (¬1). ولو أن رجلاً اشترى سيفاً محلّى بمائة درهم وحليته خمسون درهماً وقَبَضَ ونَقَدَ فقال: يقوم علي بمائة، فاشتراه رجل منه بمائة درهم على أنْ أرْبَحَه (¬2) درهمأ فيما (¬3) سوى الفضة أو ده يازده أو عشرة [أحد عشر] (¬4) فيما (¬5) سوى الفضة فإن هذا جائز، والربح كله فيما سوى الفضة. ولو أن رجلاً ابتاع سيفاً محلّى فضةً (¬6) بمائة درهم وحليته خمسون درهماً وتقابضا ثم حَطَّ عنه درهماً (¬7) فهو جائز، والحَطُّ ليس من الفضة (¬8). ولو أن رجلاً ابتاع قُلْبَ فضةٍ فيه عشرة دراهم بعشرة دراهم وتقابضا ثم حَطَّ عنه درهما وقَبِلَ الحَطَّ وقبضه بعدما افترقا من مقام البيع أو قبل أن يفترقا فإن البيع ينتقض، ويفسد كله في قياس قول (¬9) أبي حنيفة. وفي قول محمد يجعله هبة، فإن سلّمه له فهو هبة، دان لم يسلّمه له فله أن يمتنع (¬10) منه، ولا ينتقض البيع. وقول يعقوب: ينبغي أن يَبْطُلَ الحَطّ، لأنه يريد أن يفسد ذلك (¬11). ¬

_ (¬1) وكذلك قول محمد كما أفاده في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 82. وذكر الكرخي أن أبا يوسف رجع إلى قول أبي حنيفة. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬2) ف م ز: أن ربحه. (¬3) ف م ز: فيها. (¬4) الزيادة من ب. وهو بمعنى ده يازده كما تقدم. (¬5) ف م ز: فيها. (¬6) أي: محلى بفضة. (¬7) ز: درهم. (¬8) م ز + ولو أن رجلاً ابتاع سيفا محلى فضة بمائة درهم وحليته خمسون درهما وتقابضا ثم حط عنه درهم فهو جائز والحط ليس من الفضة. (¬9) ز: الإمام الأعظم. (¬10) ف م ز: أن يمنع. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 82. (¬11) وعبارة السرخسي هكذا: ولو ابتاع قُلْبَ فضةٍ وزنه عشرة بعشرة دراهم وتقابضا ثم حط عنه درهماً وقَبِلَ الحط وقبضه بعدما افترقا من مقام البيع أو قبل أن يفترقا فسد=

وقال محمد: إنما جعلته بمنزلة الهبة في كل شيء لا يجوز إلا مثلاً بمثل. ألا ترى (¬1) أن رجلاً لو حَطَّ الثمن كله كان هبة، وهنا (¬2) كل درهم ثمن لدرهم. وقال محمد: ينبغي إذا لم يقبض الثمن حتى حط درهماً فإن قَبِلَ [الحط] (¬3) انتقض حصة الدرهم، لأنه لو لم يفارقه حتى حط جميع الثمن قبل القبض فقَبِلَ انتقض البيع. وإنما احتجتُ إلى قبوله لأنه نَقْضُ بيع (¬4). وإن افترقا قبل أن يقبل بطل حصته بالافتراق قبل أن يقبض. وينبغي في قياس قول يعقوب إذا لم يقبض فأبى (¬5) أن يقبل الحط فهو على حاله، وهو إذا قبل أيضاً على حاله، لأن في قبوله (¬6) فساداً (¬7) لما بقي. فهذا في قول أبي يوسف بعد القبض وقبله سواء. وفي قول (¬8) أبي حنيفة إن يقبل (¬9) قبل القبض وبعد القبض أفهو سواء، وهو فاسد كله،] (¬10). إلا أنه في قول يعقوب إن قبل وفارقه قبل أن ينقده (¬11) انتقض حصته، لأنه لم ينقد الدراهم بالحط. وهذا إذا كان بعد القبض. وهذا بمنزلة رجل اشترى ثوباً بعشرة دراهم فحط عنه الثمن كله بعدما قبض أو لم يقبض، فهذا ليس بحط، إنما ¬

_ = البيع كله في قول أبي حنيفة، وفي قول أبي يوسف الحط باطل، ويرد الدرهم عليه، والعقد الأول صحيح، وفي قول محمد -رحمه الله- العقد الأول صحيح، والحط بمنزلة الهبة المبتدأة، له أن يمتنع منه ما لم يسلمه ... انظر: المبسوط، 14/ 82. (¬1) ز - ترى. (¬2) ف م ز: فهذا. والتصحيح من ب. (¬3) من ب. (¬4) ولا ينفرد أحد المتعاقدين بإفساد العقد. انظر: المبسوط، 14/ 83. (¬5) ف م ز: فاما. والتصحيح من ب. (¬6) ف: في قوله. (¬7) ز: فساد. (¬8) ف: وقول. (¬9) ف م: إن تقبل. (¬10) انظر لشرح المسألة: المبسوط، 14/ 82. (¬11) م: أن ينتقده.

هذه هبة. فكذلك الفضة بوزنها لا تكون بأقل من وزنها، فإذا حط منها شيئاً فإنما ذلك هبة، إن (¬1) شاء سلّم، وإن شاء مَنَعَ (¬2) جميع الثمن، بمنزلة هبة درهم من ثمن الفضة. ولو أن رجلاً اشترى قُلْبَ فضةٍ وثوباً بعشرين درهماً وفي القُلْب عشرة دراهم ثم تقابضا ثم حَطَّ عنه درهماً من ثمنها جميعاً جاز نصف الحَطّ في الثوب، ولا يجوز في القُلْب، وينتقض البيع في القُلْب. وفي قياس قول أبي يوسف يجوز الحَط في حصة الثوب، والبيع في القُلْب جائز. وفي قول (¬3) محمد هو (¬4) هبة - مثل قوله الأول - في نصف الدراهم. ولو كان البَيْع (¬5) سيفاً على مائة درهم وحليتُه خمسون درهماً فحَطَّ عنه من ثمنه درهماً أجزتُ ذلك الحَطّ على غير الفضة. ولو أن رجلاً باع قُلْبَ فضةٍ بعشرين ديناراً وتقابضا ثم حَط عنه بعدما افترقا عشرة دنانير وقبض العشرة فهو جائز. وكذلك لو فارقه قبل أن يقبض العشرة كان جائزاً أيضاً. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ فضة [وَزْنُه] (¬6) عشرة دراهم بعشرة دراهم وتقابضا فهو جائز، فإن زاد أحدهما الآخر درهماً أو قيراطاً (¬7) ذهباً أو شيئاً من العروض وقَبِلَ الزيادة فإن البيع يُنْقَض في قياس قول أبي حنيفة. ولا يُنْقَض في قول أبي يوسف الأول (¬8)، وتنتقض الزيادة ولا تجوز. وكذلك لو جعله بالخيار يوماً وتفرقا على ذلك ولم يكن شرطاً (¬9) في البيع. وقولُ أبي ¬

_ (¬1) م: وإن. (¬2) ف م: امنع؛ ز: اتبع. والتصحيح مستفاد من ب؛ والكافي، الموضع السابق. (¬3) ف: وقول. (¬4) ف - هو. (¬5) ز: المبيع. والبغ هو المبيع، كما مر مرارا. (¬6) الزيادة من ب. ولفظ الحاكم: فيه. انظر: الكافي، الموضع السابق. (¬7) ف م ز: درهم أو قيراط. (¬8) وكذا قول محمد على ما ذكره في الكافي، الموضع السابق. (¬9) ف ز: شرط.

حنيفة: الخيار بَعْدُ بمنزلة الخيار في أصل البيع، فإن أجاز في الصرف قبل الفرقة [جاز] (¬1)، وإن افترقا فالبيع (¬2) باطل. وإذا اشترى الرجل قُلْبَ فضةٍ بدينار وفي القُلْب عشرة دراهم فهو جائز، فإذا تقابضا وتفرقا فهو جائز، فإذا التقيا بعد ذلك فزاد أحدهما الآخر شيئاً وقبض الزيادة فهو جائز، وهو في البيع. إن زاد الذي قبض الدينار ثوباً فدفعه إلى الذي قبض القُلْب فهو جائز. فإن زاده ديناراً آخر أو نصف دينار فهو جائز إذا دفعه قبل أن يتفرقا. فأما الثوب فلا بأس أن لا يدفعه حتى يفترقا، لأن حصته ليس بصرف، وحصة الدينار الزيادة صرف. فإن تفرقا قبل أن يقبض الدينار الزيادة انتقض بيع نصف القُلْب. دن كان زيادة نصف دينار انتقض بيع ثلث القُلْب. ولو كان قابض القُلْب زاد فى رهماً ودفعه إلى قابض الدينار فهو جائز، وإن تفرقا قبل أن يقبضه انتقض البيع من القُلْب في عُشْرِه وَزْنَ درهم، لأن الدرهم بمثله، والدينار بتسعة. وإذا اشترى الرجل سيفاً محلَّى بمائة درهم في حلية السيف خمسون درهماً ونَقَدَ وقَبَضَ وتفرقا ثم زاده الذي قبض السيف درهماً فهو جائز. وإن تفرقا قبل أن يقبضا فهو جائز، لأن الزيادة ليست في الفضة، إنما هي فيما (¬3) سوى ذلك. ولو حط عنه الذي قبض الثمن درهماً كان جائزاً، وليس الحط من ثمن الفضة. وكذلك لو حط عنه عشرة دراهم. ولو كان الذي قبض الثمن زاده ديناراً فإن قبض قبل أن يتفرقا فهو جائز. وإن تفرقا قبل أن يقبض انتقض (¬4) من الثمن بحصة الدينار. وتفسير ذلك أن يُعْزَل من الثمن وزن الفضة، ويُقْسَم ما بقي على قيمة الدينار وقيمة السيف سوى الحلية، فتُرَدّ حصة الدينار. ولو أن رجلاً اشترى قُلْبَ فضةٍ بعشرة دراهم وفيه عشرة دراهم واشترى آخَرُ ثوباً بعشرة دراهم ثم باعا (¬5) جميعاً القُلْبَ والثوبَ من الرجل ¬

_ (¬1) من ب. (¬2) ف م ز: والبيع. (¬3) ف: في. (¬4) ف م - انتقض. (¬5) ز: ثم بايا.

بربح عشرة [أحد عشر] (¬1) أو بربح ده يازده (¬2) أو بربح درهمين كان حصة الثوب من ذلك جائزاً، ولا تجوز حصة القُلْب، لأن له في الربح حصة. ألا. ترى أن "ده يازده" على عشرين درهماً درهمين. قُلْتُ: فكيف أجعل الربح كله للثوب. وكذلك لو كان القُلْب والثوب لرجل واحد. وكذلك لو باعهما بوضيعة ده يازده أو بوضيعة عشرة أحد (¬3) عشر. وكذلك بنقصان ده يازده من رأس المال وعشرة أحد عشر (¬4). وكذلك بزيادة العشرة أحد عشر على رأس المال. فهذا كله باب واحد. وكذلك السيف المحلّى والمِنْطَقَة المفضَّضة. ولو جمع القُلْبَ والثوبَ الذي وصفنا أولاً فقال: أبيعكهما بزيادة درهم على عشرين درهماً، كان جائزاً، وكان الفَضْل بالثوب، لأنه لم ينسب العشرين إلى رأس المال ولا إلى ما قاما عليه به، فهذا مساومة. وكذلك لو قال: أبيعكهما بنقصان درهم من عشرين أو بوضيعة درهم من عشرين، فهو جائز، والفضة مثلها، والثوب بما بقي، لأن هذا مساومة. ولو أن رجلاً اشترى فضة بخمسين درهماً وَزْنُها كذلك واشترى سيفاً بخمسين درهماً بجَفْنِه وحَمَائِله (¬5) ثم أنفق عليه خمسة دراهم وعلى الصياغة (¬6) خمسة دراهم (¬7) ثم قال: يقوم علي بمائة وعشرة دراهم، فباعه مرابحة على ذلك بربح ده يازده أو بربح عشرة أحد عشر (¬8) أو بربح (¬9) عشرين درهماً كان فاسداً كله، لأنه شيء واحد لا يُنْقَض (¬10)، وقد وقع ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، الموضع السابق. (¬2) أي: عشرة بأحد عشر، كما تقدم. (¬3) ز: اخذ. (¬4) ز: عشره. (¬5) الجفن هو الغِمْد، والحمائل هي علاقة السيف، كما تقدم. (¬6) م ز: الصناعة. (¬7) وعبارة ب هكذا: ثم صاغ له الخمسين الدرهم حلية بأجرة خمسة وأنفق عليه خمسة. (¬8) ز: عشرة. (¬9) ف م ز: وبربح. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 85. (¬10) أي: لا يُفْصَل، كما هو في ب.

للفضة فيه ربح (¬1). وإذا باع رجل قُلْبَ فضةٍ بعشرة دراهم وفي القُلْب عشرة ولم يتفرقا حتى قبض القُلْبَ وغصبه الآخر عشرة دراهم غصباً أو أقرضها إياه قرضاً فهي قصاص بثمن القُلْب وإن لم يتقاصّا. وإن تفرقا (¬2) على غير رضى فهو مثل ذلك. ولو كان له (¬3) عليه عشرة دراهم قبل ذلك لم يكن قصاصاً (¬4) إلا أن يتراضيا. ولا يشبه الدين الذي كان قبل البيع ما حدث بعد البيع. ولو (¬5) أن رجلاً [اشترى] (¬6) قُلْبَ فضةٍ وَزْنُه عشرة دراهم وثوباً (¬7) بعشرين درهماً فنَقَدَه عشرة وتقابضا ثم تفرقا وقد بقي من الثمن عشرة دراهم (¬8) جعلتُ ما نَقَدَه (¬9) ثمنَ القُلْب خاصة دون الثوب استحساناً (¬10)، وليس بقياس. ولو لم أجعل ذلك على هذا انتقض البيع في نصف القُلْب. ولو نَقَدَه العشرة فقال: هي من ثمنهما (¬11) جميعاً، فهو مثل الأول. فإن نَقَدَه ¬

_ (¬1) زاد الحاكم: ولو كان الثمن والنفقة ديناراً جاز. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 85. (¬2) م ز: وإن لم يفترقا. وانظر: المبسوط، 14/ 85. (¬3) ف - له. (¬4) ز: قصاص. (¬5) م ز - لو. (¬6) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 85 وفي ب جار: باع. (¬7) ز: وثوب. (¬8) ف - وثوب بعشرين درهما فنقده عشرة وتقابضا ثم تفرقا وقد بقي من الثمن عشرة دراهم. (¬9) ز: ما بعده. (¬10) ز: استحسان. (¬11) ف م ز: من ثمنهاِ. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 14/ 86 وقال السرخسي: لأن الشيء يضاف إلى الشيئين والمراد أحدهما، قال الله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22)} [سورة الرحمن، 55/ 22]، والمراد أحدهما، وهو المالح، وقال تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [سورة الأنعام، 6/ 130]، فالمراد به=

العشرةَ فقال: هي من الثوب خاصة، وقال الآخر: نعم، أو قال: لا، ثم تفرقا على ذلك قبل أن يَنْقُدَه العشرةَ الباقية، فإن كان رضي بها (¬1) من ثمن (¬2) الثوب فإن البيع ينتقض في القُلْب، لأنهما افترقا قبل أن يَنْقُدَه ثمن القُلْب. وان لم يرض بها من ثمنه فهو مثل ذلك، لأن الدافع يجعلها قضاءً مِن أيهما شاء. قال: وإذا سمى الثوب رضي هذا أو لم يرض [فهو سواء]. وقوله: منهما، هو منهما، قال أو لم يقل (¬3). ولو باعه سيفاً محلّى فضة (¬4) بمائة درهم وَزْنُ الحلية خمسون (¬5) درهماً فنَقَلَه خمسين درهماً وقبض السيف وقال: هذا النَّقْد من ثمن السيف والحلية أو من ثمن السيف دون الحلية، ورضي بذلك القابض أو لم يرض فهو سواء، وهو من ثمن الحلية خاصة دون ما سوى ذلك. أستحسن ذلك (¬6) وأدع القياس فيه، لأن هذا شيء واحد. ولو كان الثمن عشرة دنانير فنقده منها خمسة كان مثل ذلك. وكذلك لو كان ثمن القُلْب والثوب [عشرة دنانير] (¬7) فنَقَدَه منها خمسة فقال: هذه من ثمنهما (¬8) جميعاً، فإني أجعلها من ثمن القُلْب. فإن قال: هو ¬

_ = الإنس خاصة، فهنا وإن قال "هو من ثمنهما" فقد قصد إيفاء الحق المستحَق عليه، وإيفاءُ ثمن القُلْب في مجلس العقد مستحَق بخلاف ثمن الثوب، فيُصْرَف ذلك إلى ثمن القُلْب. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬1) ف م ز + من ثمن الثوب خاصة وقال الآخر نعم أو قال لا ثم تفرقا على ذلك قبل أن ينقده العشرة الباقية فإن كان رضي بها. (¬2) م ز - ثمن. (¬3) ف م: قال فإن لم يقل. والتصحيح من ب. أي سواء قال "العشرة التي دفعتها من ثمنهما" أو لم يقل ذلك فما دفعه يُصْرفُ إلى حصة القُلْب، إلا إذا ذكر أن ذلك ثمن الثوب خاصة فيصرف إلى ثمن الثوب. (¬4) أي: محلى بفضة. (¬5) ز: خمسين. (¬6) ف: هذا. (¬7) الزيادة من ب. (¬8) ز: من ثمنها.

من ثمن القُلْب خاصة، فهو مثل ذلك. ولو قال: هي من ثمن الثوب خاصة، ثم تفرقا فهي من ثمن الثوب، وينتقض البيع في القُلْب. ولكن لو اشترى فضة بخمسة دنانير وسيفاً وجَفْناً وَحَمَائِل (¬1) بخمسة دنانير وأنفق على صياغته (¬2) وتركيبه ديناراً ثم باعه مرابحة على ذلك بربح عشرة أحد عشر (¬3) أو بربح ده يازده أو بربح دينار وتقابضا كان ذلك جائزاً كله. ولو كان قُلْبُ فضةٍ لرجل يقوم عليه بدينار وثوبٌ لآخَر يقوم عليه بدينارين فباعاهما (¬4) مرابحة على ذلك بربح دينار أو بربح عشرة أحد عشر (¬5) أو بربح ده يازده كان (¬6) الثمنُ بينهما والربحُ (¬7)، على قدر رأس مال (¬8) كل واحد منهما. فقد صار للقُلْب هاهنا حصة من الربح. يقول: لأن الثمن دنانير. وإذا كان القُلْب يقوم عليه بعشرة دراهم وكان الثوب يقوم (¬9) بعشرين فباعاهما (¬10) مرابحةً على ما وصفتُ لك فهو باطل، لأنه يكون للقُلْب في الربح حصة. فكيف تكون (¬11) له حصة إذا كان الثمن ذهباً ولا تكون (¬12) له حصة إذا كان الثمن فضة؟ وكيف يكون هذا إذا كان (¬13) سيفاً على حليته ¬

_ (¬1) ف ز: وحمائل وجفنا. (¬2) م ز: على صناعته. (¬3) ز: عشرة. (¬4) ف م ز: فباعهما. والتصحيح من ب؛ والمبسوط،14/ 86. (¬5) ز: عشرة. (¬6) ف م ز: ان. (¬7) أي: فإن الثمن والربح بينهما، كما هي عبارة الكافي، 1/ 186 و. (¬8) م ز: المال. (¬9) ز + عليه. (¬10) ف م ز: فباعهما. وانظر المسألة السابقة. (¬11) ز: يكون. (¬12) ز: يكون. (¬13) ز - كان.

فضة، يقوم (¬1) على صاحبه بمائة درهم، والحلية خمسون درهماً وَزْنُها، فباعه (¬2) مرابحة على مائة أيكون (¬3) للحلية في الربح (¬4) حصة؟ وإن كان الثمن عشرة دنانير، بذلك قام عليه، فباعه مرابحة على ذلك، أيكون (¬5) للفضة في الربح حصة؟ وإذا قال: بربح ده يازده على مائة درهم، فيعطي عشرة دراهم أو يحسب على خمسين؟ فإن حسب ذلك (¬6) على مائة درهم فقد جعل للحلية في الربح حصة، وإن حسبه على خمسين فإنما الربح خمسة دراهم، وقد قامت (¬7) بمائة درهم، فيكون هذا ده يازده أو عشرة أحد عشر؟ قلت: فسيف فيه حلية خمسون درهماً اشتريته بمائة فبعته بربح درهمين؟ قال: (¬8) البيع فاسد. قال: وإن قال: بزيادة درهمين، فجائز، والزيادة في النَّصْل خاصة. وإذا كان قُلْبُ فضةٍ لرجل فيه عشرة، وثوبٌ لآخَر قيمته عشرة، فباعا جميعاً ذلك من رجل بعشرين درهماً، كل واحد منهما باع الذي له، إلا أن البيعِ صفقة واحدة، ثم نَقَدَ (¬9) صاحبَ القُلْب عشرة، فهي له، لا يَشْرَكُه الآخر، ولا يَنْتَقِض (¬10) البيع وإن تفرقا قبل أن ينقد ما بقي. ولو باعا جميعاً ¬

_ (¬1) ز: تقوم. (¬2) ف م ز: فباعها. والمبيع هو السيف المحلّى. (¬3) ف م ز: ليكون. وانظر الجملة التالية. (¬4) م ز - في الربح. (¬5) م ز: ليكون. (¬6) م ز - ذلك. (¬7) ف م ز: وقد تقوم. (¬8) ز: فإن. (¬9) ز: ثم نقده. (¬10) ف م ز: ولا ينقض. والتصحيح من ب، والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 87.

الثوبَ، باعاه جميعاً، والقُلْبَ باعاه جميعاً، فنَقَدَ صاحبَ القُلْب (¬1) عشرة ثم تفرقا انتقض البيع في نصف القُلْب، لأنه لم يَنْقُده جميعَ ثمن القُلْب، وإنما اشترى من صاحبه نصفه واشترى نصفه [من الآخر] (¬2) ولم ينقده. ولو أن رجلاً باع لؤلؤة بمائة دينار على أن فيها مثقالاً (¬3) فإذا فيها مثقالان (¬4) كان البيع جائزاً. ولو باع داراً بألف درهم على أنها ألف ذراع فإذا هي ألفان كان البيع جائزاً، لأنه قد اشتراها كلها. ولو باعها كل ذراع بدرهم على أنها ألف ذراع فإذا هي ألفا ذراع فإن شاء أخذها بألفي درهم، وإن شاء تركها، ولا يشبه الأول، لأن الأول اشتراها جملة، وهذا اشتراها كل ذرل بدرهم. وإن لم يسم جملة الذراع (¬5) فقال: أبيعك هذه الدار كل ذراع بدرهم (¬6)، فالبيع باطل؛ و [في] قول يعقوب جائز (¬7). وكذلك [قُلْب] (¬8) فضة اشتراها بعشرة على أن فيه عشرة فإذا فيه (¬9) عشرون فهذا كله درهم بدرهم، يأخذه بعشرين درهماً إن لم يكونا تفرقا، لأن كل درهم بدرهم وإن (¬10) لم يسم؛ وإن شاء ترك. وإذا أخذه بدينار فإنه له جميعاً، لأنه لم يسم كل درهم بشيء. ولو قال: كل دره بعُشْر دينار، أخذه بدينارين أو ترك. ¬

_ (¬1) م ز - القلب. (¬2) من ب. (¬3) ز: مثقال. (¬4) ز: مثقالين. (¬5) وفي ب: الذرع. (¬6) ف - وإن لم يسم جملة الذراع فقال أبيعك هذه الدار كل ذراع بدرهم. (¬7) ف م ز: جاز. وكذلك قول محمد. قال في كتاب البيوع: وإذا اشترى الرجل دارا كل ذراع منها بكذا وكذا ولم يسم جماعة الذرعان فالبيع في هذا فاسد ... في قول أبي حنيفة. وقال يعقوب ومحمد في هذا: هو جائز كله إذا كان قد رآه، وإن لم يره فهو بالخيار إن رآه. انظر: 1/ 230 ظ، 231 و. (¬8) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 87. (¬9) م ز - فيه. (¬10) ف م - فإن. والتصحيح من ب.

ولو باعه قُلْبَ فضةٍ فيه عشرة دراهم، وثوباً، بعشرين درهماً، فنَقَدَه عشرة، وقال: نصفُها من ثمن القُلْب ونصفُها من ثمن الثوب، ثم تفرقا وقد قبض القُلْب والثوب، فإن البيع ينتقض في نصف القُلْب. وأما السيف (¬1) إذا سمى فقال: نصفها من ثمن الحلية ونصفها من ثمن نَصْل (¬2) السيف، ثم تفرقا فإن البيع لا يفسد في هذا كله. ولو قال: أبيعك السيف بمائة درهم، خمسين نَقْدٍ من ثمن السيف والحلية، نصفٌ مِن ثمن الحلية ونصفٌ مِن ثمن السيف، وخمسين نسيئة سنة من ثمن السيف والحلية، ثم تفرقا، كان البيع فاسداً في السيف كله. قلت: فإن لم يسم نصفاً (¬3) من الحلية ونصفاً (¬4) من (¬5) السيف؟ قال: جائز، ويكون ما نَقَدَ حصةَ الحلية، كأنه قال يشتري السيف بمائة، خمسين نَقْدٍ وخمسين (¬6) نسيئة سنة (¬7)، فهذا جائز. ولو كان (¬8) هذا في القُلْب والثوب فسد في ذلك كله في قول أبي حنيفة، وكان في قول أبي يوسف (¬9) جائزاً (¬10) في الثوب وفاسداً (¬11) في القُلْب. ولو أن رجلاً ابتاع سيفاً محلّى بمائة درهم على أن حليته خمسون درهماً وتقابضا فإذا حليته ستون درهماً فإن كانا لم يفترقا فالمشتري بالخيار، ¬

_ (¬1) أي: السيف المحلى، كما في ب. (¬2) أي: حديدة السيف، كما تقدم. (¬3) ز: نصف. (¬4) ز: ونصف. (¬5) ز + ثمن. (¬6) ز - نقد وخمسين. (¬7) ف: سنة نسيئة (¬8) ف م ز + مع. والتصحيح من ب. (¬9) وكذلك قول محمد، كما ذكره في الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 89. (¬10) ز: جائز. (¬11) ز: وفاسد.

إن شاء زاد عشرة دراهم وأخذ السيف، وإن شاء نقض البيع وأخذ ماله. وإن كانا قد تفرقا فالبيع فاسد منتقض. [وكذلك لو كان في حلية السيف مائة درهم] (¬1)، وان كانا لم يتفرقا (¬2) فهو بالخيار، إن شاء زاد خمسين درهماً ونَقَدَها وأَخَذَ السيفَ، [وإن شاء ترك] (¬3). وإذا اشترى الرجل إبريق فضة فيه مائة درهم بمائة درهم وتقابضا ثم علم أن فيه مائتي (¬4) درهم فإن كانا لم يتفرقا فالمشتري بالخيار، إن شاء زاد مائة ونَقَدَها وسَلِمَ له البَيْع، [وإن شاء ترك] (¬5). وإن كانا قد (¬6) تفرقا فإنه يجوز له نصف الإبريق بما نَقَدَ ويُرجع إلى البائع نصفه، وإن شاء رد هذا النصف وأخذ ما نَقَدَ. وكذلك قُلْب فضة. وكذلك كل إناء فضة. ولا يشبه هذا السيف. ألا ترى أن رجلاً لو باع نصف إبريق جاز، ولو باع نصف (¬7) حلية (¬8) السيف لم يجز، ولو باع النَّصْل والحَمَائِل ونصف الحلية لم يجز، لأن في هذا ضرراً (¬9)، وليس في بيع نصف الإبريق ضرر. ولو أن رجلاً اشترى سيفاً محلّى فضةً (¬10) وَزْنُ حليتِه خمسون درهماً بعشرة دنانير وتقابضا وتفرقا فإذا في السيف مائة درهم فإن البيع جائز، ولا يشبه هذا البيع بالدرهم. ولو أن رجلاً اشترى قُلْبَ فضةٍ بدينار على أن فيه عشرة دراهم وتقابضا وتفرقا فإذا فيه عشرون درهماً كان البيع جائزاً، لا يرد منه شيء ولا ينتقض. ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 89. (¬2) ف: لم يفترقا. (¬3) الزيادة من المبسوط، 14/ 89 (¬4) ز: مائتا. (¬5) الزيادة مستفادة من ب. (¬6) م ز - قد. (¬7) م - إبريق جاز ولو باع نصف، صح هـ. (¬8) ز - حلية. (¬9) ز: ضرر. (¬10) أي: محلى بفضة.

ولو كان مكان [القُلْب] (¬1) نُقْرَةُ (¬2) فضةٍ رد منها نصفها وجاز له نصفها، لأن النُّقْرَة تُقْسَم فلا يُفسدها، والقُلْب لا يُقْسَم. وإنما مثل القُلْب مثل رجل باع قُلْبَ فضةٍ لرجل وكّله ببيعه ووكّله آخر ببيع ثوب فباعهما جميعاً صفقة واحدة بدينار وعشرة دراهم على أن (¬3) ثمن القُلْب الدينار وثمن الثوب الدراهم كان جائزاً، فإن دفع القُلْب وقبض ثمنه فهو جائز، ولا يَشْرَكُه صاحب الثوب في ثمن القُلْب وإن كان البيع صفقة واحدة، لأن ثمن كل واحد مسمى على حدة. وكذلك لو كان [الثمن] (¬4) عشرين (¬5) درهماً، عشرة (¬6) ثمن القُلْب، ووَزْنُ القُلْب عشرة، وعشرة سُود ثمن الثوب، وبينهما صَرْف (¬7)، فهو مثل ذلك، ولا يَشْرَكُ واحدٌ منهما صاحبَه. أرأيت لو باع أحدَهما بحنطة والآخَرَ بشعير أكان (¬8) أحدُهما يشارك الآخر، لا يشاركه (¬9) في شيء. ولو كان بينهما جميعاً عشرون درهما (¬10) فنَقَدَه عشرة دراهم كانت هي ثمن القُلْب، وكان البيع جائزاً، تكون لصاحب القُلْب كلها، ولا يَشْرَكُه صاحب الثوب فيها، ولا يُفسِد البيعَ تفرقُهم قبل قبضه ما بقي. وإنما ¬

_ (¬1) الزيادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 89. (¬2) النقرة هي القطعة المذابة من الفضة أو الذهب، كما تقدم. (¬3) ف م + من. والتصحيح من ب. (¬4) الزيادة من ب؛ والكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 89. (¬5) ف م ز: عشرون. (¬6) م + من. وزاد الحاكم والسرخسي: بيض. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 14/ 89. ويفيده قول المؤلف الآتي: وبينهما صرف. (¬7) أي: بين الثمنين صَرْف، أي تفاضل في القيمة، كما مر. (¬8) م ز: كان. (¬9) م ز: ولا يشاركه. (¬10) وعبارة الحاكم: ولو باعهما بعشرين درهماً صفقة واحدة ولم يبين ثمن أحدهما من صاحبه ... انظر: الكافي، 1/ 186 ظ. وكذلك عبارة السرخسي، إلا كلمة "ثمن" سقطت منه. انظر: المبسوط، 14/ 89.

كان (¬1) ذلك لصاحب القُلْب خاصة لا (¬2) يَشْرَكُه الآخَرُ فيه لأن البَيْع كان لكل واحد منهما [في]، الذي له خالصاً لا يَشْرَكُه الآخَرُ فيه (¬3). ولو كان أحدُهما وَلِيَ بَيْعَ ذلك كلِّه ثم انْتَقَدَ (¬4) عشرةً ثم تفرقا كانت لصاحب القُلْب خاصة، ولا يَشْرَكُه فيها صاحبُ الثوب، لأنه لم يكن له في القُلْب شريك. ولو وقع للثوب في هذا حصةٌ فسد البيع فيما بقي من القُلْب. أرأيت لو كان باع القُلْب والثوب بعشرين درهماً عشرةٍ نَقْدٍ وعشرةٍ نسيئةٍ سنة فقبض النقد ودفع القُلْب والثوب ألم يكن هذا جائزاً والنقد من ثمن القُلْب (¬5). ¬

_ (¬1) ف - كان. (¬2) ز: ولا. (¬3) وعبارة ب هكذا: لأن لكل واحد منهما مبيعا يختص به. (¬4) انتقد الدراهم أي قبضها. انظر: مختار الصحاح، "نقد". (¬5) ف + آخر كتاب الصرف والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم؛ م + آخر كتاب الصرف وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم.

كتاب الرهن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الرهن قال: أخبرنا أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهودي طعاماً بنسيئة، ورَهَنَه دِرْعَه (¬2). محمد عن أبي يوسف عن محمد بن سالم عن الشعبي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: يترادّان الفضل في الرهن (¬3). محمد عن أبي يوسف عن يحيى بن أبي أنَيْسَة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَغْلَقُ الرهن، لا يَغْلَقُ الرهن، لا يَغْلَقُ الرهن، لصاحبه غُنْمُه، وعليه غُرْمُه" (¬4). ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) صحيح البخاري، الرهن، 2؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 124؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 38؛ وعقود الجواهر للزبيدي، 2/ 91. (¬3) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 525؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 43. (¬4) الموطأ؛ الأقضية، 13؛ والموطأ برواية محمد، 3/ 342؛ ومسند الشافعي، 148، 251؛ وسنن ابن ماجه، الرهون، 3؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 100، 102؛ وسنن الدارقطني، 3/ 32 - 33؛ وصحيح ابن حبان، 13/ 258؛ والدراية لابن حجر،2/ 257.

باب ما لا يجوز من الرهن

محمد عن (¬1) أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال: إذا كان الرهن والدين قيمته سواء فضاع الرهن فهو بما فيه. وان كانت (¬2) قيمته أكثر من الدين فهو في الفضل أمين لا ضمان عليه. وان كانت قيمته أقل من الدين رجع المرتهن (¬3) على الراهن بذلك (¬4). وهذا (¬5) قول أبي حنيفة -رحمه الله- الذي كان يأخذ به. وهو قول أبي يوسف ومحمد. [محمد] عن يعقوب عن محمد بن سالم عن عامر الشعبي عن شريح أنه قال: الرهن بما فيه وإن كان خاتماً من حديد بمائة درهم (¬6). ... باب ما لا يجوز من الرهن محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال: لا يجوز الرهن غير مقبوض لقول الله تعالى في كتابه: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (¬7). ولو كان الرهن محوزاً مقسوماً معلوماً مسمى لم يجز إذا كان غير مقبوض. وكذلك (¬8) لا يجوز في الرهن سهام مسماة من دار ولا أذرع ولا نصف دار ولا ثلث دار ولا ربع دار إذا كان ذلك غير مقسوم. ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) ز: كان. (¬3) م ف ز: الرهن. والتصحيح من ب. (¬4) الآثار لمحمد، 134؛ والمصنف لعبد الرزاق، 8/ 242؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 525؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 39. (¬5) م ز - وهذا. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 238؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 525؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 103. (¬7) سورة البقرة، 2/ 283. (¬8) م: ولذلك.

ولو كان مقسوماً لم يجز (¬1) حتى يقبض. وكذلك الأرض لا يجوز أن يرهن ثلثها. ولو كان سهام منها (¬2) مسماة أو جُرْبَان (¬3) لم يجز إلا بأن يكون مقسوماً معلوماً. وكذلك النصيب فيما لا يقسم (¬4) من العقار والحمام والحائط والقطعة الصغيرة والبيمت الصغير والدّكّان الصغير والطريق الصغير والكبير، فلا يجوز أن يرهن شيئأ من هذا النصيب (¬5) غير مقسوم. ولو قبض ذلك كله وسمى الرهن فيه سهاماً لم يجز حتى يكون الرهن مقسوماً مقبوضاً. وكذلك الدار (¬6) والأرض والعبد لو رهن منها نصيباً مسمى (¬7) معلوماً وهو غير مقبوض، و [إن] (¬8) قبض الدار كلها لم يجز الرهن. وكذلك الأرض. وكذلك النصيب في الثوب أو السيف أو العبد أو الأمة أو البقرة أو البعير أو في الشاة أو الدابة. وكذلك [النصيب من] (¬9) جميع الحيوان يرهنه (¬10) فيقبضه كله (¬11) فإنه لا يجوز وإن كان مسمى معلوماً. وكذلك النصيب في (¬12) الرحى والسفينة والحمام. ألا ترى أنه قد بقي منه ما لم يدخل في الرهن. وإذا ارتهن الرجل داراً أو أرضاً وقبضها ثم استحقت منها طائفة بطل الرهن (¬13) فيما بقي. وكذلك المنزل يرتهن منه طائفة غير مقسومة والعبد والأمة والدابة والثوب وكل ما سمينا إذا استحق منه نصيب غير مقسوم بطل الرهن فيما بقي؛ لأنه لم يسلم له جميع ما ارتهنه. وإذا ارتهن نصيباً من الطعام مسمى أو شيئاً مما يكال أو يوزن ولم يقسم وقبض ذلك الشيء كله فإنه لا يجوز الرهن فيه غير مقسوم. وإذا ارتهن الرجل طعاماً مسمى كيله ثم استحقت منه طائفة نصف أو ¬

_ (¬1) ف - لم يجز. (¬2) ف - منها. (¬3) جُرْبَان جمع جَرِيب. انظر: المصباح المنير، "جرب". (¬4) ز: لا ينقسم. (¬5) م ز: نصيب. (¬6) ز: الدلو. (¬7) ف - مسمى، صح هـ. (¬8) الزيادة من ب. (¬9) الزيادة مستفادة من ب. (¬10) ف: يرتهنه. (¬11) م ف ز: فيقبضها كلها. (¬12) م ز - النصيب في. (¬13) م ز - الرهن.

ثلث أو ربع بطل الرهن فيما بقي. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك الثوب والدابة والعبد والحمام والرحى والدار والطريق والعروض كلها والكيل (¬1) والوزن كله والحيوان كله إذا استحق منه شيء لم يجز الرهن في البقية؛ لأنه رهن (¬2) ما لم يكن يملك. وكذلك اللؤلؤ والفص والياقوت. وإذا كان العبد بين اثنين فرهن أحدهما نصيبه من صاحبه وهو النصف وقبضه كله فإن ذلك (¬3) لا يجوز؛ لأنه يرهن شيئاً غير مقسوم، ولا يجوز. وكذلك الدابة والدار والأرض والسيف والعروض كلها. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك كل ما يقسم وما لا يقسم إذا رهنه الشريك من شريكه أو من غيره فإنه لا يجوز. وكذلك العبد بين اثنين يرهن أحدهما نصيبه من غير (¬4) شريكه وهو غير مقسوم وقبضه بأمر الشريك أو بغير أمره فإنه لا يجوز وإن أذن له (¬5) شريكه في ذلك. وكذلك كل ما يقسم وما لا يقسم أو ما يكال أو ما يوزن إذا كان بين الرجلين فرهن أحدهما نصيبه من رجل بإذن شريكه أو بغير إذنه فإنه لا يجوز إلا أن يكون محوزاً (¬6) مقسوماً معلوماً. وكذلك الرجل يرهن (¬7) بيتاً من دار بينه وبين آخر بغير إذنه ويقبض المرتهن فإنه لا يجوز الرهن فيه؛ لأن للشريك نصفه. وكذلك إذا أذن له الشريك في رهن نصيبه. وإذا ارتهن الرجل ثمراً (¬8) في نخل أو شجر دون النخل والشجر فإن الرهن لا يجوز إلا أن يصرم ذلك كله فيقبضه بأمره. وكذلك لو ارتهن زرعاً أو رَطْبَةً (¬9) في أرض دون الأرض. وإذا كفل الرجل بنفس الرجل فأعطاه رهناً بذلك وقبضه المرتهن فإنه لا يجوز؛ لأنه ارتهنه بغير مال واجب. وكذلك الرهن بجراحة فيها قصاص ¬

_ (¬1) م: والوكيل. (¬2) م ز - رهن. (¬3) م ز: فإنه. (¬4) م ز - غير. (¬5) ف - له. (¬6) ز: محرزا. (¬7) م ف ز: يرتهن. والتصحيح من ع ب. (¬8) ز: تمرا. (¬9) نوع من العلف. انظر: المغرب، "رطب"؛ ولسان العرب، "رطب".

أو دم عمد فإنه لا يجوز، ولا يضمن المرتهن إن هلك في يديه من غير فعله؛ لأنه ليس بمال واجب (¬1). وكذلك الرهن بالشفعة. وكذلك الرهن بالدابة يستعيرها الرجل أو الثوب أو المتاع يستعيره الرجل ويعطي به رهناً فإنه لا يجوز، ولا يكون رهناً، ولا يضمن المرتهن إن هلك في يديه من غير فعله (¬2). وإذا استأجر الرجل دابةً أو داراً أو أرضاً أو عبداً وقبض ذلك وأعطاه به رهناً وقبضه المرتهن فإنه لا يجوز الرهن، ولصاحبه أن يرجع في الرهن. ولو هلك الرهن في يدي (¬3) المرتهن من غير عمله لم يضمن. وكذلك الوديعة يستودعها الرجلُ الرجلَ ويأخذ بها رهناً. وكذلك (¬4) كل شيء أصله (¬5) أمانة. وإذا اشترى الرجل داراً أو عبداً أو ثوباً وأخذ رهناً بما أدركه فيها مِن دَرَك (¬6) فإن ذلك لا يجوز. ولو هلك في يدي (¬7) المرتهن من غير عمله لم يضمن. وإذا (¬8) ارتهن الرجل من الرجل ثوباً أو عبداً أو دابة وقبضها والدين وقيمتها سواء فاستحقها رجل فإن الرهن لا يجوز، وللمستحق أن يأخذ متاعه، ويرجع المرتهن على الراهن بماله. فإن كان الرهن هلك في يدي ¬

_ (¬1) م ز: واحد. وانظر الجملة السابقة في المتن. (¬2) ف - لأنه ليس بمال واجب وكذلك الرهن بالشفعة وكذلك الرهن بالدابة يستعيرها الرجل أو الثوب أو المتاع يستعيره الرجل ويعطي به رهنا فإنه لا يجوز ولا يكون رهنا ولا يضمن المرتهن إن هلك في يديه من غير فعله. (¬3) ز: في أيدي. (¬4) ف - كذلك. (¬5) ز - أصله. (¬6) الدَّرَك والدَّرْك اسم مِن أدركتُ الشيء: التَّبِعَة، يقال: ما لحقك من دَرَك فعلي خلاصه، ومنه ضمان الدَّرَك، ويكتب في الوثَائق والشروط. انظر: المغرب، "درك"؛ ومختار الصحاح، "درك"؛ والمصباح المنير، "درك". (¬7) ف: في يد. (¬8) م ف ز: فإذا. والتصحيح من ع.

المرتهن فلصاحبه أن يضمّن أيهما شاء. إن شاء ضمّن الراهن، وإن شاء ضمّن المرتهن. فإن ضمّن الراهنَ كان الرهن بما فيه، لأنه قد سَلِمَ لصاحبه المرتهنِ الرهنُ. وإن (¬1) ضمّن المرتهنَ قيمة الرهن رجع المرتهن (¬2) على الراهن بقيمة الرهن وبالدين؛ لأن الرهن لم يَسْلَمْ له، وقد غرّه الراهن فيه، فصار بمنزلة الوديعة عنده، فيضمن له الراهن القيمة التي لَحِقَتْه، ويضمن الدين (¬3) الذي عليه. ولو لم يهلك الرهن ولكنه كان عبداً فأبق فضمّن المرتهنَ قيمتَه رجع المرتهن على الراهن بتلك القيمة وبالدين. فإن ظفروا بالعبد بعد ذلك كان للراهن، ولا يكون رهناً؛ لأنه قد استُحِقّ وبطل الرهن (¬4). وإذا ارتهن الرجل أمة أو ناقة فقبض ذلك فولدت الأمة عنده أو نُتِجَت الناقة عنده ثم ماتت الأمة أو الناقة عنده وأولادها ثم استحقها رجل فضمّن المرتهن فإنما يضمّنه قيمة الأمة أو (¬5) الناقة، ولا يضمّنه قيمة الولد؛ لأن الولد زيادة ولم يحدث فيه المرتهن شيئاً. وكذلك (¬6) لا يضمن له الراهن قيمة الولد، ويرجع المرتهن على الراهن بما ضمن وبدينه. وإذا ارتهن الرجل الأرض وفيها نخل وقبضها ثم أثمر النخل عنده ثم إنه (¬7) أصابت الثمرة اَفة فهلكت أو احترق النخل ثم استحق ذلك رجل ببينة فلا ضمان على المرتهن ولا على الراهن في هذاة لأنهما لم يغيرا شيئاً عن حاله. وليست الأرض بمنزلة الثوب والخادم، لأن ذلك يحوّل والأرض لا تحوّل. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: يضمن ذلك كله كما يضمن غيره وهو بمنزلة غيره من الأشياء. ثم رجع يعقوب إلى قول أبي حنيفة. وإذا ارتهن الرجل أمة فوضعها على يدي عدل يبيعها عند مَحِلّ المال ¬

_ (¬1) م ف ز: فإن. والتصحيح من ب جار. (¬2) م ز - المرتهن. (¬3) م ز - الدين. (¬4) ف: الراهن. (¬5) ف - أو. (¬6) م ز: ولذلك. (¬7) ف - إنه.

باب الرهن يوضع على يدي العدل

فولدت أولاداً فإن للعدل أن يبيعها ويبيع الولد. فإن باعهما جميعاً وقبضهما المشتري ولا يعلم بمكانه ثم استحقهما (¬1) رجل كان للمستحق أن يضمّن العدل (¬2) الذي باعه قيمة الخادمة وقيمة الولد، [لأنه] أتلفهما، ويرجع العدل (¬3) بذلك في الثمن الذي كان عنده إن كان عنده (¬4) مال فيه وفاء. فإن لم يكن فيه وفاء رجع بتمام ما ضمن على الراهن. فإن كان قد قضاه المرتهن فالعدل بالخيار. إن شاء (¬5) اتّبع الراهن بذلك وخلّى عن المرتهن وسَلِمَ للمرتهن ما اقتضى. وإن شاء ضمّن المرتهن، ورجع (¬6) المرتهن بماله على الراهن. ولو لم يبعهما ولكنهما ماتا عنده كان للمستحق أن يضمّن العدل قيمة الأم، ولا يضمّنه قيمة الولد، ويرجع العدل (¬7) بذلك على الراهن. ... باب الرهن يوضع على يدي العدل وإذا ارتهن الرجل رهناً فوضعه على يدي عدل وقبضه العدل وقيمته والدين سواء فهو رهن جائز. وهو والذي (¬8) في يدي المرتهن سواء لا يختلفان في شيء من أجل أنه مقبوض. بلغنا ذلك عن إبراهيم والشعبي وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري (¬9). وإذا كان عند المرتهن (¬10) أو في يدي عدل فهو سواء، ونفقته على الراهن. وكذلك لو مات كان كفنه على الراهن مِن قِبَل أنه قد خرج من ¬

_ (¬1) م: ثم استحقها. (¬2) م ز - العدل. (¬3) م ز: العبد. (¬4) ز - إن كان عنده. (¬5) ز - شاء. (¬6) ف: ويرجع. (¬7) م ز: العبد. (¬8) م ف: الذي. والتصحيح من ع. (¬9) انظر للروايات في هذا المعنى: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 240 - 241، 246؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 367، 5/ 21. (¬10) م: عند المريض؛ ف: عبد المريض؛ ز - المرتهن.

الرهن، والكفن بمنزلة الطعام في ذلك. ولو لم يمت وكان على حاله فدفعه العدل إلى الراهن أو إلى المرتهن كان ضامناً؛ لأنه خالف حين دفعه العدل إلى الراهن أو إلى المرتهن (¬1). وكذلك لو استودعه رجلاً (¬2) ضمن. ولو وضعه عند امرأته أو خادم له أو عند (¬3) ولد له وهو في عياله صغيراً كان أو كبيراً أو عند (¬4) أجير له لم يضمن. وكذلك المرتهن لو كان الرهن عنده فوضعه عند بعض من ذكرنا. وإذا كان العدل رجلين والرهن شيء مما يُقْسَم فاقتسماه (¬5) فكان عند كل واحد منهما نصفه، وإن كان مما لا يُقْسَم فوضعاه عند أحدهما، لم يكن عليهما ضمان، وكان ذلك جائزاً. ولو كان مما يُقْسَم فوضعاه عند أحدهما (¬6) ضمن الذي وضع حصته عند صاحبه؛ لأنه مما يقسم. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنهما لا يضمنان في ذلك؛ لأن كل واحد منهما مؤتمن (¬7) في ذلك. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ولو سافر العدل فخرج بالرهن أو انتقل عن البلد إلى بلد آخر فذهب به معه لم يضمن. وكذلك المرتهن نفسه إذا كان الرهن على يديه. وليس للعدل أن يبيع الرهن إلا أن يُسلَّط على بيعه. فإذا سُلِّطَ على بيعه فبيعه جائز، والعهدة عليه. ولو أبى أن يبيع فرفعه المرتهن إلى القاضي أجبره القاضي على البيع بعد أن تقوم (¬8) البينة على ذلك. ولو مات العدل ¬

_ (¬1) ز - كان ضامنا لأنه خالف حين دفعه العدل إلى الراهن أو إلى المرتهن. (¬2) ز: رجل. (¬3) ز: أو عبد. (¬4) ز: أو عبد. (¬5) م: واقتسماه. (¬6) ف - لم يكن عليهما ضمان وكان ذلك جائزا ولو كان مما يقسم فوضعاه عند أحدهما. (¬7) م ف: موقن؛ ز: مؤمن. والتصحيح من ع. (¬8) ز: أن يقوم.

بطل تسليطه على البيع، والرهن على حاله. ولو أوصى العدل إلى من يبيعه لم يجز ذلك. فإن أجمع الراهن والمرتهن على أن يضعاه على يدي غيره فذلك جائز، وهو عدل. وإن أبى الراهن فرفع المرتهن ذلك إلى القاضي فجعل القاضي بينهما عدلاً ووضعه على يديه فذلك جائز. فإن جعل القاضي المرتهن فيه عدلاً ووضعه على يديه فذلك جائز أيضاً (¬1). وكذلك إن وضعه الراهن على يدي المرتهن من غير أن يرفعا ذلك (¬2) إلى القاضي كان ذلك جائزاً. ولو لم يمت العدل ولكن مات الراهن كان للعدل أن يبيعه بعد موته. وليس يُبْطِل موتُ الراهن تسليطَ العدل (¬3) على بيعه. ألا ترى أن الراهن (¬4) لو أَشْهَدَ أنه قد أخرج العدل من التسليط على البيع لم يكن له ذلك. فكذلك موته. وإذا باع العدل الرهن وقضى المال للمرتهن ثم وجد بالعبد عيباً فردَّ عليه ببينة فإنه يضمن الثمن، ويرجع به على المرتهن، ويكون الرهن رهناً على حاله الأول يبيعه العدل. ولو لم تقم (¬5) بينة على العيب ولكن العدل أقر بذلك، فإن كان عيباً لا يحدث مثله فإنه مثل الباب الأول. وإن كان عيباً يحدث مثله ولم يقر به وأبى أن يحلف حتى قضى به القاضي عليه فهو مثل الباب الأول. وإن أقر به لزمه الرد خاصة وضمن الثمن، ولا يرجع على المرتهن. فإن صدّقه المرتهن رد عليه المرتهن ما قبض منه، ويبيع الرهن ¬

_ (¬1) ف - فإن جعل القاضي المرتهن فيه عدلا ووضعه على يديه فذلك جائز أيضا. (¬2) م: بذلك. (¬3) ز - على حاله ولو أوصى العدل إلى من يبيعه لم يجز ذلك فإن أجمع الراهن والمرتهن على أن يضعاه على يدي غيره فذلك جائز وهو عدل وإن أبى الراهن فرفع المرتهن ذلك إلى القاضي ... ولو لم يصت العدل ولكن مات الراهن كان للعدل أن يبيعه بعد موته وليس يبطل موت الراهن تسليط العدل. (¬4) م: أن للراهن. (¬5) ز: لم يقم.

ثانية، ولا يلزم الراهن من وضيعة ذلك شيء إلا أن يقره. ولو لم يطعن (¬1) المشتري بعيب ولكنه استقاله فأقاله البيع أو رده عليه بعيب يحدث مثله أو لا يحدث مثله بغير قضاء قاض (¬2) وقبله منه لزم ذلك البيع العدل، ولا يلزم المرتهن ولا الراهن. وإذا باع العدل الرهن ثم وهب الثمن للمشتري قبل قبضه (¬3) إياه فهو جائز، وهو ضامن له. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: ليس له أن يهبه. ولو قال: قد قبضته فهلك عندي، كان مصدَّقاً وكان من مال المرتهن. وكذلك لو قال: دفعته إلى المرتهن، فهو مصدَّق، وكان على العدل أن يحلف على ذلك. ولو لم يقر بقبضه ولكنه حط منه شيئاً جاز ذلك عليه، وضمن ما حط به، ولا يجوز ذلك على الراهن والمرتهن. ولو كان قَبَضَ الثمن ثم وهبه كله أو بعضه لم يجز ذلك؛ لأنه لغيره. ولو قال: حططت عنك من الثمن، أو قال: قد وهبت لك من الثمن كذا وكذا، فأوجب له ذلك، أجبرته على أن يعطي ذلك من ماله، وسلّمتُ الثمن ودفعتُ إلى المرتهن وافياً. ولو لم يحطط عنه ولكن قال: قد قبضت الثمن ودفعته إلى المرتهن بعدما قبضته (¬4)، كان مصدَّقاً بعد أن يحلف، وبطل حق المرتهن. ولو باع العدل الرهن (¬5) وقضى (¬6) المرتهن ثم استحق الرهن وضمن العدل كان العدل بالخيار. إن شاء رجع على الراهن وسَلِمَ للمرتهن ما أخذ. وإن شاء رجع على المرتهن ورجع المرتهن على الراهن. فإن رجع على واحد منهما فأفلس (¬7) الذي رجع عليه أو مات لم يكن له على الآخر رجوع بشيء. وليس له أن يأخذهما جميعاً، ولكن يأخذ أيهما شاء. وإذا باع العدل الرهن وأقر المرتهن والراهن بالبيع فقال: بعته بمائة ¬

_ (¬1) م ز: لم يصبعن (مهملة). (¬2) ز: قاضي. (¬3) ز: قبل أن يقبضه. (¬4) م ف: قبضه. والتصحيح من ع. (¬5) ف - الرهن. (¬6) ف - وقضى، صح هـ. (¬7) ز: فليس.

درهم، والدين مائة درهم، وقال المرتهن -: بعته بخمسين درهماً فأعطيتنيها، وقال العدل: بل أعطيتك مائة درهم، والدين مائة درهم، فإن القول قول المرتهن ما قَبَضَ إلا كذا وكذا، والبينة على الراهن والعدل. ولو لم يقبض الثمن وتوى عند المشتري فإن هذا والباب الأول سواء، ويرجع المرتهن على الراهن بخمسين درهماً. ولو قامت لهما جميعاً بينة على ذلك أخذت ببينة (¬1) الراهن والعدل؛ لأنهما يدّعيان الفضل. ولو وكل العدل ببيع الرهن وكيلاً والعدل حاضر جاز ذلك. فإن كان العدل غائباَ عن البيع لم يجز ذلك إلا أن يجيزه العدل بعد ذلك البيع فيجوز؛ لأن الراهن لم يرض ببيع غيره. وإذا أجاز (¬2) ذلك العدل (¬3) بعد البيع فكأنه هو باعه. وكذلك لو وقّت (¬4) العدل للوكيل ثمناً فقال: بعه بكذا وكذا، فباعه كان ذلك جائزاً. وإذا باع العدل الرهن من امرأته أو ابنه أو أبيه (¬5) أو عبده أو أمته (¬6) أو مكاتبه أو أم ولده أو مدبره فإن ذلك لا يجوز إلا أن يجيز ذلك الراهن والمرتهن جميعاً. وإذا وكل العدل (¬7) بعض من سمينا بالبيع فالقول فيه كالقول في الوكيل الأول الذي وصفت لك. ولو باع العدل من بعض هؤلاء فأجاز الراهن وأبى المرتهن أن يجيزه أو أجازه المرتهن ولم يجزه الراهن فإن ذلك لا يجوز. وهذا قول أبي حنيفة -رحمه الله-. وأما في قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن فإن باع من ابنه وهو كبير أو من زوجته بما (¬8) يتغابن الناس فيه فهو جائز. وإذا كان العدل اثنين وقد سُلِّطَا على البيع فباع أحدهما ولم يجز ذلك الآخر لم يجز ذلك (¬9). ولو أجاز الراهن ولم يجز المرتهن فإنه لا يجوز. ولو لم يجزه المرتهن ولا الراهن وأجازه العدل الاَخر جاز البيع. ولو لم يجزه العدل الآخر وأجاز الراهن والمرتهن جميعاً جاز البيع. ولو باعه الراهن ¬

_ (¬1) م: بينة. (¬2) م ف ز: وإذا احلا. والتصحيح من ع. (¬3) ف - العدل. (¬4) أي: لو عيّن. (¬5) م ز - أو أبيه. (¬6) م ف ز: أو ابنته. والتصحيح من ع. (¬7) م: العبد. (¬8) ف ز: ما. (¬9) ز - ذلك.

أو المرتهن فأجاز العدلان جميعاً جاز البيع. ولو باعه رجل أجنبي ليس معهم فأجازه العدلان وأبى ذلك الراهن والمرتهن فإن البيع جائز. ولو أبى ذلك العدلان وأجاز الراهن والمرتهن كان ذلك جائزاً، وكانا قد أخرجا العدلين (¬1) من الوكالة. وإذا أخرج الراهن والمرتهن العدلين من التسليط على البيع فلا بيع لهما بعد ذلك. فإن كانا (¬2) حاضرين فأخرجهما الراهن والمرتهن وسَلَّطَا غيرهما على البيع فهو جائز، وليس لهما أن يبيعا بعد (¬3) ذلك. ولو أراد العدل بيع الرهن قبل حِلّ (¬4) الأجل فليس له ذلك. فإن قال المرتهن: كان أجله إلى رمضان وكنتَ مُسَلَّطاً على بيعه وقد دخل رمضان، وصدّقه العدل، وقال الراهن: بل سَلَّطْتُك على بيعه إذا دخل شوال، فالقول في التسليط على البيع قول الراهن، والقول في حِلّ المال قول المرتهن. وإن اتفقا على الأجل أنه شهر وقال العدل والمرتهن: قد مضى، وقال الراهن: لم يمض، فالقول قول الراهن. وإذا باع العدل الرهن بدنانير أو بغيرها من العروض والحق دراهم فله أن يصرفها بدراهم إذا كان قد سلّطه على البيع حتى يوفيه. وهو قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فلا يجوز أن يبيعه بعَرْض (¬5). ولو باعه بدراهم والدين طعام كان له أن يشتري طعاماً فيقبضه ويوفيه المرتهن. وكذلك لو باعه بشيء من العروض والدين دراهم كان له أن يبيع تلك العروض أيضاً حتى يوفيه الدراهم في قول أبي حنيفة -رحمه الله-. وكذلك لو باعه بنسيئة كان ذلك جائزاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكل شيء توى من المال عند المشتري فهو من مال المرتهن. فإن ¬

_ (¬1) ز: العدلان. (¬2) م: فإن كان. (¬3) م ز - بعد. (¬4) يقال: حل الدين حلولاً، أي: جاء أجله. وحل الحق حِلا أي وجب. فلعل استعمال المؤلف مبني على هذا. ومَحِلّ الدين أجله. انظر: المصباح المنير، "حلل". (¬5) العرض خلاف النقد. انظر: المغرب، "عرض".

كان باعه بتسعين درهماً والدين مائة درهم وقبض المرتهن التسعين كان للمرتهن أن يرجع على الراهن بعشرة. وكذلك لو كان الرهن يساوي مائة درهم يوم ارتهنه. ولو كان الرهن أمة والعدل مسلَّط على بيعها فولدت الأمة كان له أن يبيع ولدها معها. وكذلك لو كان الرهن شاة أو بقرة أو ناقة فنُتِجَت فله أن يبيع الولد معها. والسمن والصوف مع الرهن بمنزلة الولد. وكذلك لو كان الرهن نخلاً أو كرماً أو شجراً فأثمر كان له أن يبيع الثمر مع الرهن. وكذلك لو كان المرتهن هو المسفَط على البيع. فإن كانت الأرض أرض عشر (¬1) فأخذ السلطان العشر من الثمرة أو كانت أرض خراج فأخذ السلطان الخراج والعشر من الثمرة (¬2) كان للعدل أن يبيع ما بقي من الأرض. وإن كان الراهن (¬3) مَلِيئاً (¬4) فأخذ السلطان منه العشر أو الخراج لم يكن للراهن أن يرجع في شيء من الثمرة. وهو كله رهن يبيعه العدل ويوفيه المرتهن. ولو كانت إبلاً أو بقرأ أو غنماً سائمةً لم يكن فيها زكاة؛ لأن على صاحبها من الدين ما يستغرق رقابها. وإن كان العدل هو الراهن، فإن كان المرتهن لم يقبض من يديه فليس برهن. وإن كان المرتهن قبضه وجعل الراهن مسلَّطاً على بيعه فهو رهن، وبيع الراهن (¬5) فيه جائز. وإذا ارتهن الرجل داراً أو بيتاً وسَلّط الراهنُ رجلاً على بيعها ودَفْع الثمن إلى المرتهن ولم يقبضها المرتهن حتى حلّ المال فإنها لا تكون رهنا فإن باع العدل الدار فالبيع جائز بالوكالة لا بالرهن. وكذلك الشقص (¬6) في الخادم أو في العبد أو في الدار. وإذا باع العدل (¬7) ذلك فإنه ¬

_ (¬1) م ز: عشره. (¬2) م ز - أو كانت أرض خراج فأخذ السلطان الخراج أو العشر من الثمرة. (¬3) ف ز: الرهن. (¬4) المليء أي الغني. انظر: المغرب، "ملأ". (¬5) ز + بما. (¬6) م ز - الشقص. (¬7) م ف ز: العبد. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 86.

يدفع الثمن إلى الراهن، ثم يُقْضى للمرتهن (¬1) على الراهن بحقه. وإن دفع المال إلى المرتهن لم يضمن؛ لأنه وكل بدفعه إليه. فإن مات الراهن قبل أن يبيع العدل الرهن فليس له أن يبيعه بعد موت الراهن. وهو أسوة الغرماء؛ لأن رهنه غير مقبوض. وإذا كان العدل مسلَّطاً على بيع الرهن وهو عبد فقُتِل عنده فدُفِعَ مكانَه عبدٌ (¬2) أو أمة فهو مسلَّط على بيع العبد أو الأمة كما كان مسلَّطاً على بيع الأول. ولو لم يُقْتَل (¬3) ولكن فقأ عبدٌ إحدى (¬4) عينيه (¬5) فدُفِعَ به كان مسلَّطاً على بيعهما. وكذلك جميع ما جَنَى عليه إذا دُفِعَ مكانَه، والعدل مسلَّط على بيعه. وإذا باع العدل الرهن فقال: بعته بتسعين درهماً والدين مائة (¬6)، وأقر بذلك المرتهن فإنه يسأل الراهن عن ذلك. فإن أقر أنه باعه وادعى أكثر من تسعين فالقول قول العدل والمرتهن في ذلك، وعلى الراهن البينة على ما يدعي. فإن أقاموا جميعاً بينة (¬7) أخذت ببينة (¬8) الراهن؛ لأنه المدعي للفضل. فإن لم يقر الراهن بالبيع وقال (¬9): مات الرهن في يدي العدل، فإن القول قول الراهن إذا كانت (¬10) قيمة الرهن والدين سواء يوم دفع؛ مِن قِبَل أن الراهن يقول: مات الرهن فبطل (¬11) ما عليّ ويريد المرتهن أن يرجع عليّ بعشرة، فلا يصدّق. ألا ترى أن الرهن (¬12) حيث كان قيمته والدين سواء أنه إن كان مات أو أصابته اَفة ذهب بما فيه، وأنه إذا باعه العدل حسب للراهن الثمن الذي بيع به، ويرجع عليه بالفضل. فكذلك إذا جحد الراهن البيع كان القول قوله. ¬

_ (¬1) م ف ز: المرتهن. والتصحيح من المبسوط، 21/ 86. (¬2) ز: عبدا. (¬3) م ز: لم يقبله؛ ف: لم يقتله. (¬4) م ز: أحد. (¬5) ز: عينه. (¬6) ز + درهم. (¬7) م: ببينة. (¬8) م: بينة. (¬9) ز: وقد. (¬10) ز: إذا كان. (¬11) م ز: فيبطل. (¬12) م ز: أن المرتهن.

ولو أقر الراهن والمرتهن والعدل بالبيع فقال الراهن: بعته بمائة درهم، وقال العدل: بعته بتسعين، وقال المرتهن: بعته بثمانين، وليست لهم بينة، وقد قَبَّض المالَ من المشتري وقَبَضَه العدلُ ودفعه إلى المرتهن، فإن القول في ذلك قول المرتهن مع يمينه، ويرجع على الراهن بعشرين درهماً. فإن أقاموا جميعاً البينة أخذت ببينة الراهن؛ لأنه المدعي. ولو قال العدل (¬1): بعتُه بتسعين، وقال الراهن: لم [تَبِعْه] (¬2)، وقال المرتهن: بعتَه بمثل ذلك، مثل قول العدل، أو قال: بعتَه بثمانين، فإن القول في ذلك قول الراهن أنه لم يبع، ولا يصدَّق واحد (¬3) منهما على البيع. فإن أقام العدل البينة أنه باع بتسعين وأعطاها المرتهن وأقام الراهن البينة (¬4) أنه لم يبع وأنه مات في يديه قبل أن يبيعه، فإن بينة الراهن على هذا لا تجوز؛ لأنهم لم يشهدوا على فضل مال، إنما شهدوا أنه لم يبع، وهذا لا تجوز شهادتهم (¬5) فيه، والبينة في هذا بينة العدل. وإذا وُضِعَ الرهن على يدي عدل فارتد العدل عن الإسلام ثم باع العدل الرهن ثم قتل على ردته فإن بيعه جائز؛ لأنه ليس يملكه، إنما هو وكيل فيه. فإن لم يقتل وأسلم فذلك أجوز لبيعه. وإن لم يسلم ولكنه لحق بدار الحرب فلحاقه بمنزلة موته. فإن رجع مسلماً فهو على وكالته. ولو رجع الراهن والمرتهن عن الإسلام فلحقا (¬6) بدار الحرب أو قتلا على الردة فباع العدل الرهن في الردة أو بعدما لحقا بالدار أو بعدما (¬7) قتلا فبيعه جائز؛ مِن قِبَل أن موت الراهن لا يبطل وكالته. وكذلك ردته. وإذا كان العدل عبداً تاجراً أو مكاتباً أو مدبراً تاجراً فهو جائز. وإن (¬8) كان عبداً محجوراً عليه فوضعا ذلك على يديه بإذن مولاه فهو جائز. وإن ¬

_ (¬1) م ز: المدعي. (¬2) مستفاد من ب. (¬3) م ز: واحدا. (¬4) ف: بينة. (¬5) م ف ز: شهادته. والتصحيح من المبسوط، 21/ 87. (¬6) م ز: فلحاقه. (¬7) ف ز: وبعدما. (¬8) ز: وإذا.

وضعاه بغير إذن مولاه فهو جائز، ولا عهدة عليه، والعهدة على الذي سلّطه على البيع؛ لأن مولاه لم يأذن له. وإذا كان العدل صبياً لم يحتلم لم بعد أن يكون قد عقل البيع والشرى فإن بيعه جائز إذا كان قد سقطه على البيع، ولا تكون (¬1) عليه عهدة، والعهدة على الذي أمره. فإن كان أبوه أذن له فالعهدة عليه، ويرجع على الذي أمره. فإن لم يكن أبوه أذن له واستُحِقّ البَيْع (¬2) من يد المشتري، فإن شاء المشتري رجع على المرتهن الذي قبض المال، ويرجع المرتهن على الراهن بماله. وإن شاء رجع على الراهن وسَلِمَ للمرتهن ما أخذه. وكذلك العبد المحجور عليه. وإذا ذهب عقل الراهن وأُيسَ (¬3) من أن يبرأ فالعدل على وكالته. وكذلك المرتهن لو ذهب عقله. أَلا ترى (¬4) أن موت الراهن لا يبطل وكالة العدل ولا بيعه، فكذلك ذهاب عقله. وإذا ذهب عقل العدل لم يجز بيعه في تلك الحال، وكانت تلك الحال بمنزلة الموت. فإن رجع عليه عقله فهو على وكالته. وإذا كان الراهن أو المرتهن صغيراً أو كبيراً ذاهب العقل أو عبداً (¬5) محجوراً عليه فإن الرهن لا يجوز ولا وكالة العدل (¬6) ولا بيعه (¬7). ¬

_ (¬1) م ز: ولا يكون. (¬2) أي: المبيع. انظر: المغرب، "بيع". (¬3) م ف ز: وأويس. والتصحيح من ب جار. قال المطرزي: قوله: " ... وأويس من أن يبرأ"، الصواب وأُيِسَ من غير واو بعد الهمزة، أو ويُئِسَ ... يقال يئس منه وأيس، وأيأسه غيره وآيسه. انظر: المغرب، "أيس". (¬4) م ز: ألا يرى. (¬5) ز: أو عبدا. (¬6) ف: العبد. (¬7) ف م ز + إذا كان الراهن كبيرا أو المرتهن صغيرا أو كبيرا ذاهب العقل أو عبدا محجورا (ف + عليه) فإن الرهن لا يجوز.

وإذا كان الراهن والمرتهن كبيرين حرين، والعدل صغير لا يعقل، أو كبير لا يعقل ولا يعبّر مَنْطِقاً ولا يَقْبض، فجعل الرهن على يديه، فإنه لا يجوز ولا يكون رهناً، لأنه لا يكوَن قبضه قبضاً. ولو كبر وعقل فباع الرهن (¬1) جاز بيعه بتسليط الراهن إياه على البيع. وإذا كان الراهن والمرتهن مسلمين والعدل ذمياً، أو كان العدل مسلماً والراهن والمرتهن (¬2) ذميين، فالرهن جائز، وتسليط العدل على بيعه جائز. وكذلك الحربي المستأمن. فإن لحق الحربي بالدار وهو العدل لم يكن له أن يبيع وهو في الدار. وإن كان هو الراهن أو المرتهن والعدل ذمياً أو مسلماً أو حربياً (¬3) مقيماً في الدار بأمان فللعدل أن يبيع، وبيعه جائز. وإذا باع العدل وقبض الثمن فلم يدفعه إلى المرتهن حتى هلك عنده ثم رُدَّ عليه المبيعُ بعيب، فمات عنده أو استُحِقّ، أو كان عنده حيَّا صار مردوداً بالعيب وأخِذَ بالثمن (¬4) حتى أداه، فإن له أن يرجع على الراهن في ذلك (¬5) كله، ولا يكون له أن يرجع على المرتهن بشيء، لأنه لم يقبض منه شيئاً. ولا يكون له أن يرجع على المرتهن بشيء أبداً إذا لم يكن قبض منه شيئاً. وإذا كان الراهن مفلساً والعبد في يدي العدل فقال العدل: أنا أبيع الرهن وأستوفي المال الذي غَرِمْتُ (¬6)، فله ذلك، وهو أحق بذلك من المرتهن، كما يجوز له أن يأخذ من المرتهن ما أخذ فكذلك هو أحق بالرهن حتى يستوفي. وإذا باع العدل الرهن بيعاً فاسداً أو ربا فإنه لا يجوز بيعه ولا يضمن. ¬

_ (¬1) م ز - الرهن. (¬2) ف - والمرتهن. (¬3) ف + أو. (¬4) م ف ز: الثمن. والتصحيح من الكافي، 2/ 213 و. ووقع في المبسوط، 21/ 89:وقد أخره. وهو تحريف. (¬5) ف: في هذا. (¬6) أي: ما غرمه بسبب رد العبد عليه بالعيب ثم موته عنده ...

باب الرهن الذي يكون رهنا ولا يضمن صاحبه

وإذا كان الرهن خمراً أو خنزيراً والعدل ذمي والراهن ذمي والمرتهن مسلماً فباعه العدل وهو مسلط على بيعه فبيعه جائز بالوكالة، والرهن باطل لا يجوز. وإذا دفع الثمن إلى المرتهن فهو جائز إذا كان الراهن (¬1) سلطه على ذلك. وإذا (¬2) كان الراهن مسلماً والعدل ذمياً والمرتهن ذمياً والرهن خمراً أو خنزيراً فالرهن باطل لا يجوز. فإن باعه العدل وهو مسلَّط على بيعه فبيعه جائز في قياس قول أبي حنيفة. وينبغي للمسلم أن يتصدق بالثمن. فإن كان قد قضاه العدل للمرتهن فينبغي للراهن أن يتصدق بمثله. وإذا كان العدل مسلماً والراهن والمرتهن ذميان فبيعه باطل إذا كان خمراً أو خنزيراً في قياس قول أبي حنيفة. وهما (¬3) في قول أبي يوسف ومحمد جميعاً باطل (¬4). ... باب الرهن الذي يكون رهناً ولا يضمن صاحبه وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم وقبضه وقيمته ألف درهم فهو رهن جائز. فإن وهب المرتهن المال للراهن وأبرأه منه فهو جائز. وإن لم يدفع العبد إليه حتى مات في يدي المرتهن من غير أن يمنعه إياه فإنه ينبغي في القياس أن يضمن المرتهن قيمته ألف درهم. ولكنا ندع القياس في ذلك، ولا نضمنه شيئاً. ولو منعه العبد حتى مات في يده ضمن قيمته. وإذا ارتهنت المرأة من زوجها رهناً بصداقها وصداقُها مسمى والرهنُ قيمتُه مثل الصداق ثم أبرأته من المهر أو وهبته فلم يَقْبِض العبد حتى مات ولم تَمْنَعْه (¬5) إياه فلا ضمان عليها فيه. ولو كان طلقها قبل أن يدخل بها كان كذلك أيضاً. ولو اختلعت منه قبل أن يدخل بها ولم تمنعه (¬6) حتى مات ¬

_ (¬1) ف: المرتهن. (¬2) م ز: وإن. (¬3) أي: البيع في المسألتين السابقتين. (¬4) ز: باطلا. (¬5) ز: يمنعه. (¬6) ز: يمنعه.

وقد أبرأته من الصداق فلا ضمان عليها فيه. ولو لم تبرئ زوجها من الصداق حتى طلقها (¬1) ثم أبرأته من حصتها من الصداق ولم يقبض العبد حتى مات عندها ذهب بنصف الرهن، ولا ضمان عليها في النصف الذي بطل؛ لأنها لم تمنعه (¬2). وكذلك لو تزوجها على غير مهر مسمى وأعطاها عبداً رهناً به ثم وهبت له المهر ثم طلقها قبل الدخول أو بعده ولم تمنعه (¬3) إياه حتى مات عندها لم يكن عليها ضمان. ولو لم يدخل بها ولم تهب له شيئاً حتى طلقها فإن المهر يبطل عنه، ويأخذ العبد، وتكون المتعة عليه ديناً في الذمة (¬4) في القياس. فإن مات عندها أخذت المتعة. فإن أبرأته عن المتعة ولم تمنعه العبد حتى مات عندها فلا ضمان عليها فيه في قياس هذا القول. وأما في الاستحسان فإن الرهن يذهب بالمتعة إذا لم تبرئه من المتعة. وهذا قياس قول أبي يوسف الأول ومحمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك (¬5) بالقياس، وهو القول الآخر. وإذا أسلم الرجل خمسمائة درهم إلى رجل في طعام مسمى وارتهن عبداً يساوي ذلك الطعام وقبض العبد ثم صالحه على رأس ماله فإنه ينبغي في القياس أن يقبض العبد، ويكون رأس المال ديناً عليه، ولكنا ندع القياس ونجعله رهناً في بدله حتى يستوفي رأس المال. ألا ترى أن رجلاً لو أقرض رجلاً كُرّ (¬6) حنطة وارتهن منه ثوباً قيمته مثل قيمة الكُرّ ¬

_ (¬1) أي: قبل الدخول. (¬2) م ف زع: لم تقبضه. وكذلك في ب جار. وتعليل السرخسي للمسألة هكذا: فقد حصل مقصود الزوج [أي براءة ذمته عن الصداق] في النصف بالطلاق قبل الدخول، وإنما بقي ضمان الرهن في النصف الذي هو حقها، فبهلاك الرهن يصير مستوفيا ذلك القدر خاصة، فلهذا لا يلزمها رد شيء. انظر: المبسوط، 21/ 92. (¬3) ز: يمنعه. (¬4) ف - في الذمة. (¬5) م - ذلك. (¬6) الكُرّ: مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر".

فصالحه الذي عليه الكر على كُرَّيْ شعير يداً بيد جاز ذلك (¬1)، ولو هلك الرهن عند المرتهن بطل الطعام، ولم يكن له على الشعير سبيل. ولو كان باعه الكر بدراهم مسماة ثم افترقا قبل أن يقبضها كان البيع باطلاً، وكان الطعام عليه، وكان الثوب رهناً بالطعام. وليس هذا كالشعير إذا كان قائماً بعينه؛ لأن الشعير لو هلك انتقض البيع. وإن كان الشعير ليس بعينه وقد اشترطا منه شيئاً مسمى ثم تفرقا قبل أن يقبض كان البيع باطلاً، وكان الطعام عليه، لأنه دين بدين، والرهن له كما مر. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل دراهم في طعام فارتهن منه رهناً فاصطلحا على رأس المال ثم لم يقبض حتى هلك وقيمته أكثر من رأس المال وهي مثل قيمة الطعام فإن على المرتهن مثل ذلك الطعام. وكذلك لو وهب له رأس المال بعد الصلح ثم لم يمنعه العبد حتى مات فعليه طعام مثله. وإذا اشترى الرجل ألف درهم بمائة دينار وقبض الألف وأعطاه بالمائة الدينار رهناً وقبض الألف وهو يساويها ثم افترقا فسد البيع، وبطلت المائة دينار، وصار عليه ألف درهم. وليس له أن يأخذ الرهن حتى يوفيه ألف درهم. فإن هلك الرهن عنده رجع عليه بمائة دينار ورجع المرتهن بالألف. وإن لم يتفرقا (¬2) حتى ضاع الرهن فهو بالمائة دينار، لأنه بما فيه، والألف للمشتري. وإن كان الرهن على يدي عدل فهو في جميع ما وصفت لك من هذا الباب مثله إذا كان على يدي المرتهن. وإذا قبض المرتهن حقه من الراهن ثم هلك الرهن عنده ولم يمنعه من قبضه وقيمته مثل الدين فعليه أن يرد ما قبض؛ لأن هذا قد أخذ مالاً. ولو كان الدين طعاماً قرضاً فاشتراه الذي هو عليه بدراهم ودفعها إلى المرتهن وبرئ من الطعام ثم هلك الرهن عند المرتهن كان على المرتهن أن يرد على الراهن مثل ذلك الطعام إذا كان الرهن قيمته مثله؛ لأنه قد اقتضى طعاماً فعليه أن يرد. ولو كان اشترى ¬

_ (¬1) ف - ذلك؛ ز + ولا يكون له أن يقبض الثوب حتى يدفع إليه الكري الشعير. (¬2) ف: لم يفترقا.

الطعام ودفع ثمنه ثم هلك الرهن كان على المرتهن أن يرد مثل ذلك الطعام؛ لأنه كان قبض طعامه بقبض الرهن. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم يساوي ألفاً فقضاها رجل متطوع عن المطلوب وقبضها الطالب ثم هلك الرهن عنده فإن على المرتهن أن يرد المال على المتطوع؛ لأن الرهن ذهب بما فيه. ألا ترى لو أن رجلاً اشترى عبداً بألف درهم فنقدها عنه متطوع ثم رَدَّ العبد بعيب أو استُحِقّ رجع المال إلى المتطوع، ولا يرجع إلى المشتري. ولو أن امرأة نقدها رجل متطوع مهرها عن زوجها ثم طلقها الزوج قبل أن يدخل بها وقد سمى لها مهراً رجع نصف المهر إلى المتطوع. ولو لم يسم لها مهراً رجع المهر إلى المتطوع، وعلى الزوج المتعة. وكذلك المتطوع في الرهن. وإذا جنى العبد جناية عند المرتهن وقيمته ألف درهم والدين ألف والجناية ألف أو أكثر وأبى المرتهن أن يفديه وفداه الراهن بالجناية ثم مات العبد عند المرتهن فإن على المرتهن أن يرد على الراهن ألفاً. وهذا بمنزلة مال اقتضاه (¬1) المرتهن من الراهن؛ لأن الراهن قد غرم ذلك. وليس هذا بمنزلة ما اقتضاه (¬2) المرتهن كما ذكرنا من الهبة. ولو لم تكن جناية، ولكن أفسد متاعاً فلزمه من ذلك دين يستغرق قيمته (¬3) فقضاه الراهن ثم مات العبد عند المرتهن قبل أن يرده فعلى المرتهن أن يرد على الراهن الألف (¬4) التي كانت (¬5) عليه. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف يساوي ألفاً ثم تصادقا أنه لم يكن عليه شيء وقد مات العبد فإن على المرتهن أن يرد على الراهن ألفاً؛ لأن هذا قد أخذه رهناً بمال باطل لم يكن. وكذلك لو أخذه منه على أن يقرضه ألفاً. وإذا أحال الراهن المرتهن على رجل بالمال وأبرأه منه ثم مات العبد قبل أن يرده على (¬6) الراهن فهو بما فيه، وقد بطل الدين عن الراهن، وبطلت الحوالة. ¬

_ (¬1) ز: اقضاه. (¬2) ز: ما اقضاه. (¬3) م ز: قيمة. (¬4) م ز: ألفا. (¬5) ز: كان. (¬6) م ف ز - على. والزيادة من ع.

وليس هذا كالهبة، لأن هذا قد احتال بالمال، فهو بمنزلة القبض. وكذلك لو أعطاه رهناً مكان الرهن الأول ثم مات الرهن قبل أن يدفعه فهو بالمال، والرهن الثاني باطل يرده. ولو هلك الثاني وبقي الأول كان في الثاني مؤتمناً، ولا ضمان عليه فيه، وكان الرهن هو الأول حتى يرده. وكذلك لو ناقضه الرهن من غير أن يعطيه صاحبه فهو في ضمانه، إن هلك هلك بالمال. وإذا ازداد الراهن (¬1) دراهم من المرتهن وجعلها في الرهن فإنه لا يكون في الرهن (¬2). وكذلك كل ما أنفقه المرتهن على الرهن (¬3) بأمر القاضي أو بأمر صاحبه أو جناية أداها المرتهن وفي الرهن فضل فإنه لا يكون شيء من ذلك [فى] (¬4) الرهن، ولكنه على الراهن. ولو كان الرهن يساوي ألفين والدين ألفاً والجناية كانت ألفين ففداه المرتهن والراهن غائب لزم الراهنَ في ذلك الألف، ولا يكون العبد بها رهناً. وإذا زاد (¬5) الراهن المرتهن رهناً مع الرهن الأول فإن هذا لا يكون رهناً في القياس، ولكنا نستحسن ونجعله رهناً مع الرهن الأول. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد في الزيادة في الرهن والدين. وقال أبو يوسف: أستحسن أن أجيزهما جميعاً. وإذا كان الرهن أمة فولدت ابنة ثم إن المرتهن أبرأ الراهن من المال وحلّله منه ودفع إليه الأم ولم يقبض الابنة حتى ماتت من غير أن يمنعه فلا ضمان عليه فيها. وكذلك لو كان قبض الولد ولم يقبض الأم، أو كان الرهن شيئين (¬6) فقبض أحدهما ولم يقبض الآخر حتى هلك عنده ولم يمنعه إياه لم يضمن شيئاً. ¬

_ (¬1) ف: الرهن. (¬2) أي: إذا أخذ الراهن من المرتهن دراهم غير الدين الأول وبقي الرهن على حاله مرهوناً بالدين السابق واللاحق فإنه لا يجوز. انظر: المبسوط، 21/ 97. (¬3) ز: على الراهن. (¬4) الزيادة من الكافي، 2/ 214 ظ. (¬5) م ف ز: وإذا ازداد؛ ع: وإذا ازاد. والتصحيح من ب جار. (¬6) م ف ز: ابنتين. وهي مهملة في م. والتصحيح من ب جار.

باب رهن الوصي لليتيم

باب رهن الوصي لليتيم وإذا كان على الميت دين وله وصي فرهن الوصى بعض تركة الميت لغريم من غرماء الميت دون أصحابه فإن ذلك لا يجوز. إن خاصموه قبل أن يقضيهم الدين ردوا الرهن، وبيع لهم جميعاً في دينهم (¬1) بالحصص. ولو لم يكن عليه دين إلا لإنسان واحد فرهنه الوصي متاعاً للميت بدينه كان جائزاً وباع الرهن في دينه. وإذا ارتهن الرجل رهناً فمات وهو في يدي وصيه فهو بمنزلته غير أنه لا يبيعه إلا بإذن صاحبه. ولو كان الميت مسلَّطاً على بيعه لم يجز للوصي أن يبيعه؛ لأن المسلَّط على بيعه قد مات. وإذا كان للميت على رجل دين فارتهن (¬2) الوصي بذلك الدين رهناً فهو جائز. وإذا استدان الوصي لليتيم في كسوته وطعامه ورهن بذلك متاعاً لليتيم فهو جائز. وكذلك لو أدان (¬3) مالاً لليتيم يتجر له فيه وارتهن به رهناً لليتيم وقبض كان جائزاً. وللوصي أن يرتهن بدين اليتيم وأن يرهن متاع اليتيم في دين اليتيم، أي ذلك فعل فهو جائز. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: ينظر الوصي لليتيم، فإن رأى أن يعطي ماله (¬4) مضاربة أعطاه، وإن رأى أن يُبْضِعَه أَبْضَعَه (¬5)، وإن رأى أن يعمل هو به مضاربة عمل به (¬6). ¬

_ (¬1) م ز: في ذمتهم. (¬2) ف + فارتهن. (¬3) م: لو دان. (¬4) م ف ز: بماله. والتصحيح من ب جار. (¬5) أبضع الشيء: جعله بِضاعة، والبِضاعة: قطعة من المال تُعَدّ للتجارة. انظر: المصباح المنير، "بضع". (¬6) الآثار لأبي يوسف، 173؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 390، 6/ 231.

أبو يوسف عن يحيى بن (¬1) سعيد عن القاسم عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تُبْضع أموال ولد أخيها في البحر وهم أيتام في حجرها وتزكيها (¬2). محمد قال: حدثنا حميد بن عبد الله (¬3) عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أعطاه مال يتيم مضاربة (¬4). وإذا ارتهن الوصي خادماً لليتيم من نفسه أو رهن الوصي خادماً لنفسه من اليتيم بحق لليتيم عليه فإن ذلك لا يجوز عليه ولا له، مِن قِبَل أنه رهن من نفسه. وكذلك اليتيم إذا رهن من غيره أو ارتهن فإن ذلك لا يجوز حتى يجيز ذلك وصيه. فإن أجازه الوصي فهو جائز. وإذا كانا وصيين فرهن أحدهما متاعاً للميت أو ارتهن له متاعاً فإن ذلك لا يجوز مِن قِبَل أن الوصي الآخر لم يسلّم ذلك. فإن سلّم الوصي الآخر ذلك كان جائزاً. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: رهن أحد الوصيين وبيعه وشراؤه لليتيم جائز، كل شيء جاز من الوصيين فهو يجوز من أحدهما. وكذلك لو رهنا جميعاً أو ارتهنا كان جائزاً. ولو كانا وصيين فغاب أحدهما أو مات لم يجز للآخر أن يرهن ولا يرتهن في قول أبي حنيفة ومحمد. وإن جعل القاضي كان الميت وصياً مع الحي في تركة الميت والنفقة والشراء والبيع والتقاضي كان مثل (¬5) وصي الميت، إن رهنا ¬

_ (¬1) ز: عن. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 66؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 379. (¬3) كذا في النسخ. ولعله عبد الله بن حميد بن عبيد. فقد قال ابن حجر: عبد الله بن حميد بن عبيد الأنصاري الكوفي عن أبيه عن جده أن عمر - رضي الله عنه - أعطاه مالاً مضاربة. رواه عنه أبو حنيفة -رحمه الله-. انظر: الثقات لابن حبان، 7/ 15؛ وتعجيل المنفعة لابن حجر، 1/ 219. وقال أيضاً: حميد بن عبيد الأنصاري الكوفي عن أبيه أن عمر دفع إليه مالاً مضاربة وعنه ابنه عبد الله وليث بن أبي سليم. انظر: الثقات لابن حبان، 6/ 189؛ وتعجيل المنفعة لابن حجر، 1/ 106. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 4/ 86؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 2/ 379. (¬5) ز - مثل.

جميعاً أو ارتهنا فهذا جائز. ولو وكل الوصي الغائب وكيلاً يكون مع الشاهد في البيع والشرى كان ذلك جائزاً ما صنع. ولو رهن هو والشاهد رهناً جاز ذلك. وكذلك إن (¬1) ارتهنا. وكذلك إن كان الوصي واحداً فوكل وكيلاً بذلك كان ذلك (¬2) جائزاً. ولو كان الورثة كباراً فليس للوصي أن يرهن من متاعهم شيئاً. وكذلك لو كانوا صغاراً وكباراً لم يكن للوصي أن يرهن من متاعهم شيئاً بدين يستدينه عليهم أو على الصغار خاصة. وكذلك لو كانوا كباراً غُيَّباَ عن المصر فللوصي أن يرهن رهناً بدين الميت. وإن كان بعض الورثة كباراً وبقيتهم صغاراً وكان الكبير شاهداً فاحتاج إلى نفقة ينفقها على الرقيق فرهن شيئاً من متاعهم في ذلك فإن ذلك لا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد. وإن كان غائباً جاز. وإن كان الوارث صغيراً فاحتاج الوصي إلى نفقة ينفقها على الرقيق أو كسوة فرهن شيئاً من متاعهم في ذلك فإنه يجوز. وإذا كان الوارث صغيراً فاحتاج الوصي إلى مال ينفقه أو كسوة فرهن الوصي بعض متاعه (¬3) فهو جائز. وكذلك لو رهن داراً له أو أرضاً في دين يستدينه عليهم وجعل المرتهن (¬4) مسلَّطاً على بيعه عند حِلّ الأجل. ولو كان الورثة كباراً فسلّموا ذلك الرهن فهو جائز. ولو كان على الميت دين فخاصم الغريم في هذا الرهن كان له أن يبطله، ويباع (¬5) في دينه. فإن قضوه الدين قبل أن يبطل الرهن فإن الرهن جائز. وكذلك الوارث الكبير يرهن شيئاً من متاع الميت وعلى الميت دين. فإن خاصم الغريم في الرهن أبطله وباع له الرهن في دينه. فإن قضاه الوارث دينه جاز الرهن إذا لم يكن له وارث غيره. وإذا رهن الوصي شيئاً من المتاع بمال أنفقه على اليتيم وقبضه المرتهن ¬

_ (¬1) ز: لو. (¬2) ز - ذلك. (¬3) أي: بعض متاع نفسه وليس متاع اليتيم. وهو مستفاد من ب جار. (¬4) م - المرتهن، صح هـ. (¬5) م ف ز: وباع. والتصحيح من ع.

فهو جائز. وكذلك إذا كان الوارث كبيراً فرهن لنفسه بمال أنفقه، فإن رُدَّ عليهم سلعة كان باعها الميت بعيب فماتت (¬1) في أيديهم فصارت ديناً في مال الميت، وليس له مال غير الذي رهنوا، فإن الرهن جائز فيه، والراهن ضامن لقيمته (¬2) حتى يؤديه في دين الميت، الوصي كان أو الوارث. فإن كان الوصي ضمن رجع بذلك على اليتيم. وإنما جاز الرهن لأنه لم يكن على الميت دين يومئذ. وإذا رهن الوصي عبداً للميت ثم استُحِقّ عبد كان الميت (¬3) باعه أو دار فرجع المشتري في ميراث الميت بالثمن فالرهن لا يجوز؛ لأن هذا لم يزل ديناً على الميت. ولا يشبه هذا العيب، إنما هذا كحر باعه الميت وأخذ ثمنه فقيمته (¬4) دين على الميت. ولو كان الميت زوج أمة وأخذ مهرها فأعتقها الوارث بعد موته قبل دخول الزوج بها فاختارت نفسها وقعت (¬5) الفرقة بينها وبين زوجها وكان المهر ديناً في مال الميت وكان الابن ضامناً له، وكان الرهن الذي رهن الابن من متاع الميت جائزاً. وإذا ارتهن الوصي داراً ليتيم في حجره بدين أدانه فأراد أن يكتب كتاباً باسمه ويبين أنه لليتيم كتب: "ذِكْرُ حَقِّ (¬6) فلان بن فلان وَصِيّ فلان بن فلان (¬7) على فلان بن فلان كذا وكذا درهماً وَزْن سبعة (¬8)، ومَحِلّها إلى كذا ¬

_ (¬1) ز: فمات. (¬2) ز: لقيمة. (¬3) م ز - تم استحق عبد كان الميت؛ ف: للميت. والتصحيح من ب جار. (¬4) ف: بقيمته. (¬5) م: ووقعت. (¬6) ذِكْرُ الحق هو الصّكّ. والجمع ذُكُور حقوق، ويقال: ذُكُور حق. انظر: لسان العرب، "ذكر"؛ والقاموس المحيط، "ذكر". (¬7) ز - وصي فلان بن فلان. (¬8) قال المطرزي: وقوله: المعتبر من الدنانير وزن المثاقيل وفي الدارهم وزن سبعة، قال الكرخي في مختصره: وهو أن يكون الدرهم أربعة عشر قيراطاً وتكون العشرة سبعة مثاقيل، والمائتان وزن مائة وأربعين مثقالاً، وكانت الدراهم في الجاهلية ثِقالاً مثاقيل=

وكذا، وهي من ثمن متاع لفلان بن فلان، باعه فلان وَصي فلان بن فلان، وقبضه، وقبله فلان ورضيه، وبرئ فلان الوصي وفلان اليتيم إليه منه، وفلان يومئذ صغير في حجر فلان وصي فلان، فمن قام بهذا الذِّكْر حَق فهو وَفِيُ ما فيه، وقد رهن فلان بن فلان فلاناً (¬1) بهذا المال الدارَ التي في بني فلان، أحدُ حدودِها والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها، وكل حق هو لها، رَهْناً قبوضاً بهذا المال، وقبضها فلان بن فلان لفلان من فلان، على أن فلاناً مسلَّط (¬2) على بيعها عند حِلّ هذا المال، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيعه فيستوفي هذا المال، فإن زاد ثمنها على هذا المال فلفلان، وإن نقص فعليه". وإن استدان الوصي لليتيم في خَراجٍ عليه فرهن داراً لليتيم وبيّن ذلك في الذِّكْر حَقّ (¬3) كتب: "ذِكْرُ حَقِّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، عليه كذا وكذا درهمأ وَزْن سبعة، قرضاً استقرضها من فلان، فأداها في خراج فلان، وفلان يومئذ صغير في حجر وصيه فلان، فمن قام بهذا الذِّكْر حَقّ (¬4) فهو ولي ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال دار فلان التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها وكل حق هو لها، رَهْناً مقبوضاً بجميع هذا المال، وقبضها فلان بن فلان، على أنه مسلَّط على بيعها جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيستوفي ماله من هذا، فإن نقص ثمنها من مال فلان فعلى فلان الوصي، وإن زاد فلفلان اليتيم، شهد". وإذا رهن الوصي متاعاً لليتيم (¬5) في دين استدانه عليه وقبضه المرتهن ¬

_ = وخِفافاً طبرية، فلما ضُربت في الإسلام جمعوا الثقيل والخفيف فجعلوهما درهمين فكانت العشرة من هذه الدراهم المتخذة وَزْن سبعة مثاقيل، وذكر أبو عبيد في الأموال أن هذا الجمع والضرب كان في عهد بني أمية وطوّل القول فيه، وهو في المُعْرِب. انظر: المغرب، "درهم". (¬1) م - فلانا. (¬2) ز: مسلطا. (¬3) ز: حقا. (¬4) ز: حقا. (¬5) م ز - شهد وإذا رهن الوصي متاعا لليت.

باب رهن الوالد عن ولده

ثم إن الوصي استعاره من المرتهن لحاجة اليتيم فضاع في يدي الوصي فقد خرج من الرهن، وهو من مال اليتيم، والمال دين على الوصي يرجع به على اليتيم. وإذا رهن الوصي متاعاً لليتيم في نفقة ينفقها (¬1) عليه فأدرك اليتيم فأقر بذلك وأراد أن يبطل الرهن فليس له ذلك، وهو جائز عليه. وإن كان الوصي رهن عبد نفسه كان باطلاً، لا يجوز أن يرهن من نفسه. وكذلك لا يجوز أن يرهنه من ابن له صغير. ولو رهنه من (¬2) ابن له كبير أو من أبيه وقبضه كان جائزاً. وكذلك لو رهنه من مكاتب له. وكذلك لو رهنه من عبد له تاجر عليه دين فهو جائز. فإن لم يكن عليه دين فليس بجائز؛ لأنه ماله وعبده. وإذا رهن الوصي مالاً لليتيم ثم غصبه من المرتهن الوصيُّ فاستعمله حتى هلك فإن الوصي ضامن للدين. فإن أداه نظر في قيمة المتاع، فإن كان أكثر رد الفضل على اليتيم، وإن كان أقل رجع على اليتيم بفضل الدين. وإن كان (¬3) الدين لم يَحِلّ فطلب المرتهن أن يَضْمَنَ الوصيُّ قيمةَ المتاع فيكون رهناً مكان الرهن فله ذلك. وإذا (¬4) استدان الوصي على نفسه ورهن متاعاً لليتيم في ذلك فالرهن جائز، وهو ضامن له، لأنه يجوز رهنه على اليتيم وبيعه، وكذلك إذا رهنه لنفسه. ... باب رهن الوالد عن ولده وإذا رهن الأب عن نفسه في دين استدانه متاعاً لولده وقبض المرتهن ذلك، فإن كان ولده ذلك صغيراً فالرهن جائز، وإن كان كبيراً فالرهن باطل. ¬

_ (¬1) ف ز: نفقها. (¬2) ز - من. (¬3) م ز - كان. (¬4) ز: وإن.

وكذلك لو رهنه في دين استدانه للولد في بعض ما لا بد منه فإنه جائز إذا كان صغيراً. فإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء ذهب بما فيه، ولا ضمان على الوالد إذا كان رهنه للولد. فإن كان رهنه لنفسه ضمن قيمته لولده إذا كان الدين مثل القيمة. وكذلك لو رهنه لنفسه من ابن له كبير أو من أب له أو من مكاتب فهو جائز. وإن رهنه من عبد له تاجر فهو جائز إذا كان عليه دين أو لم يكن عليه دين. وليس الأب في هذا كالوصي. ألا ترى أن الأب يشتري من ولده ويبيعه وهو صغير فيجوز ذلك عليه. وليس للوصي ذلك. وكذلك إذا ارتهن الأب متاع الولد لنفسه أو رهن للولد متاعاً بمال أخذه منه فهو جائز. وإذا أراد أن يكتب لولده الصغير وهو دار كتب: "هذا كتاب من فلان بن فلان لابنه فلان، إني استقرضت من مالك (¬1) كذا وكذا درهماً، فأنفقتها في حاجتي، وضمنتها لك، ورهنتك بها الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً بجميع هذا المال، وقبضتها لك بهذا المال، وأنت يومئذ صغير في عيالي، شهد". وإذا ارتهن الرجل من ولده الصغير داراً كتب: "هذا ما شهد عليه فلان وفلان، شهدوا أن فلان بن فلان نقد عن ابنه (¬2) فلان (¬3) كذا وكذا (¬4) درهماً، مهر امرأته فلانة بنت فلان من ماله، على أنه دين على ابنه فلان، على أنه قد ارتهن بهذا المال دار ابنه التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً، وقبضها فلان، وفلان يومئذ صغير في عياله، وكتبوا شهادتهم جميعاً في شهر كذا من سنة كذا". وإذا (¬5) رهن الوالد دار ابنه في دين على الابن (¬6) وكتب كتاباً كتبه ¬

_ (¬1) م ز: من مال. (¬2) ز: عن أبيه. (¬3) م ز - فلان. (¬4) ف: كذا كذا. (¬5) م ف ز: فإذا. والتصحيح من ع. (¬6) م ز - على الابن.

على نحو من كتاب الوصي. وكذلك إذا ارتهن له. وإذا رهن الرجل مالاً لولده وهو صغير وأدرك الولد فأراد رد الرهن فليس له ذلك. وكذلك لو مات الأب لم يكن له أن يرد الرهن حتى يقضي المال. فإن كان الأب رهنه لنفسه فقضاه الابن رجع به في مال الأب. وإن كان الأب إنما رهنه للولد في مال على (¬1) الولد لم يرجع الولد بما قضى من ذلك. وإذا رهن الوالد (¬2) متاع ولده وولده كبير فإنه لا يجوز ذلك إلا أن يجيز الولد ذلك. وكذلك لو كان في عياله بعد أن يكون قد أدرك. فإن كان المتاع لابنين له أحدهما صغير والآخر كبير فرهن الوالد (¬3) ذلك كله به فإنه لا يجوز حصة الصغير ولا حصة الكبير. فإن سلم الكبير جاز ذلك كله. فإن كان الوالد (¬4) إنما رهن ذلك لنفسه وهلك الرهن وقيمته والدين سواء ضمن لهما قيمته. فإن أراد الصغير أن يضمن أخاه بتسليم الرهن فليس له ذلك مِن قِبَل أنه لم يرهنه. وإذا رهن الوالد متاعاً لابنه وهو صغير من ابن له صغير آخر فهو جائز. وكذلك لو باعه. ولا يكون هذا للوصي أن يرهن متاعاً ليتيم (¬5) من يتيم. وإذا رهن الوالد متاعاً لولده عن مال أخذه لنفسه ولولده هذا وولده هذا صغير فهو جائز. وإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء فهو بما فيه، ويضمن الوالد حصته من ذلك للولد (¬6). وكذلك الوصي. وإذا كان الأب عبداً أو مكاتباً والولد حر وهو صغير فرهن الأب شيئاً من متاعه لم يجز ذلك على الولد؛ لأن أباه عبد. وكذلك لو كان الأب ¬

_ (¬1) م ز - على. (¬2) ز: الولد. (¬3) ف: الولد. (¬4) ف: الولد. (¬5) ز: لليتيم. (¬6) م ف ز: الولد. والتصحيح من ع ب.

باب رهن الحيوان

كافراً والولد مسلماً فإنه لا يجوز. وكذلك المرتد والمرتدة. وكذلك الحربي إذا كان ولده مسلماً فإنه لا يجوز (¬1). وإذا رهن الجد متاعاً لولده فإن كان الأب حياً فإن ذلك لا يجوز. وإن كان الأب ميتاً والجد مِن قِبَل الأب حياً فإن الرهن جائز إذا كان الولد صغيراً. ولا يجوز رهن الجد أبي الأم، ولا الوالدة، ولا يجوز رهن الجدة. ولا يجوز رهن جدٍ أبي (¬2) الأب إذا كان الأب حياً. فإن كان الأب ميتاً ولا وصي له والولد صغير فهو بمنزلة الأب. ... باب رهن الحيوان وإذا ارتهن الرجل عبداً أو أمةً أو إبلاً أو بقراً أو غنماً أو شيئاً من الحيوان وقبض ذلك فهو جائز، وعلفه وطعام الرقيق على الراهن. ولو كان شيئاً مما يرعى فأَجْرُ الراعي على الراهن؛ لأنه بمنزلة العلف. وعلى المرتهن أن يضمها إليه إما في منزله وإما في منزل يتكاراه (¬3) له، وليس على الراهن من ذلك شيء، لأن القبض على المرتهن، وليس هذا كالعلف. وإن أصاب الرقيق جراحة أو (¬4) مرض أو دَبِرَت (¬5) الدواب فإن إصلاح ذلك ودواءه على المرتهن إذا كان الدين والقيمة سواء. وإذا كان الدين أقل من قيمة الرهن فالمعالجة عليهما، على الراهن والمرتهن بحساب ذلك. ¬

_ (¬1) ز - وكذلك الحربي إذا كان ولده مسلما فإنه لا يجوز؛ صح هـ.؛ م ف ز + وكذلك المرتد. والتصحيح من ع. (¬2) ز + جدات. (¬3) م ف: مكاراه؛ ز: مكاراف والتصحيح من ع. وفي ب جار: يكتريه؛ وفي المبسوط، 21/ 104: يتكارى. (¬4) ف - أو. (¬5) دَبِرَ البعير دَبَراً وأَدْبَرَه صاحبه، أي: أصابها الدَّبَرَة بالتحريك، وهي كالجِراحة تَحدث من الرَّحْل أو نحوه. انظر: المغرب، "دبر".

وإذا ارتهن الرجل بعيراً بمائة درهم وقيمته مائة فقبضه ثم رخصت الإبل ونقص السعر حتى صار يساوي خمسين درهماً فهو رهن على حاله لا ينتقص (¬1) من الدين شيء؛ لأن تغير السعر ليس بنقصان في الرهن. ألا ترى أنه يرخص ثم يغلو (¬2). فإن افتكه صاحبه لم يقبله إلا بمائة (¬3). فإن نفق في يدي المرتهن ذهب بالمائة. وإن ذهبت عينه (¬4) ذهب ربع المائة. وإن أصابه عيب فنقصه (¬5) شيئاً ذهب من المال بحساب ذلك. وكذلك لو زاد السعر وغلت الإبل حتى صارت تساوي مائتين كان كذلك أيضاً. وإذا ارتهن الرجل من الرجل (¬6) شاة أو بقرة أو دابة فهو متل ذلك. فإن كان الرهن ناقة أو بقرة لها لبن فلبنها رهن معها. وكذلك أصواف الغنم وسمونها. وكذلك أولادها. وما (¬7) هلك من ذلك في يدي المرتهن لم يكن عليه فيه ضمان، ولا ينقص ذلك من ماله شيئاً، لأن اللبن والصوف والسمن والولد زيادة لم تكن في أصل الرهن، فلذلك لا ينتقص من الدين شيء، لأن الرهن على حاله (¬8). وكذلك ثمرة النخل والشجر (¬9). فأما غلة العبد أو الدار أو الأرض (¬10) تؤاجر فإن (¬11) هذا لا يشبه ذلك؛ لأن هذا ليس من الرهن بشيء (¬12). فإن كان المرتهن أجّرها بغير أمر الراهن فالغلة له ويتصدق بها. فإن كان الراهن أذن له في ذلك فقد خرجت من الرهن، ولا يعود فيه إلا برهن مستقبل، والغلة للراهن. فإن استهلكها فهو لها (¬13) ضامن. وإن ¬

_ (¬1) م: لا ينتقض. (¬2) م ز: ثم يغلوا. (¬3) م ز: إلا بما فيه. (¬4) ز: عنه. (¬5) م ز + من المال. (¬6) ز - من الرجل. (¬7) ز: أو ما. (¬8) أي: لأنه لا ينتفع بزيادة الرهن. وانظر: المبسوط، 21/ 105 - 106. (¬9) م ز - والشجر. (¬10) ز: والأرض. (¬11) ز + فإن. (¬12) أي: لأنه غير متولد من عين الرهن. انظر: المبسوط، 21/ 105. وقد وقعت العبارة فيه حرفة إلى: من غير الرهن. (¬13) م ف ز: له. والتصحيح من ع.

هلكت عنده بغير فعله فلا ضمان عليه، وهو مؤتمن في ذلك. فإن ركب المرتهن الدابة (¬1) وهي رهن أو كان بعيراً فركبه أو كان عبداً فاستخدمه أو كان ثوباً فلبسه أو سيفاً فتقلّده بغير إذن الراهن فهو له ضامن. فإن كان الراهن قد أذن له في ذلك فلا ضمان عليه فيه. وإذا نزل عن الدابة أو نزع الثوب أو كفّ عن الخدمة واللبس والركوب فهو رهن على حاله، وإن هلك ذهب بما له عليه. وإن هلك في حال الخدمة أو اللبس أو الركوب وقد أذن له الراهن (¬2) فلا ضمان عليه، والدين على الراهن كما هو. وإن لم يأذن له في ذلك وهلك في ركوبه أو لبسه أو خدمته ضمن المرتهن قيمة ذلك وكان رهناً مكانه. وكذلك إن أعاره أو أجره المرتهن بغير إذن الراهن وهلك في الإجارة ضمن المرتهن قيمة ذلك، وكان رهناً (¬3) مكانه (¬4). وكذلك إن أعاره (¬5). فأي ذلك فعل بإذن الراهن فهلك لم يكن عليه فيه ضمان، والدين على الراهن على حاله (¬6). وإن فعل ذلك بغير إذن الراهن فهلك في ذلك كان ضامناً لقيمته، ويكون رهناً مكانه. وإذا فعل شيئاً من ذلك بأمر الراهن خرج من الرهن، وله أن يعيده في ذلك كله رهناً كما كان. ما خلا الإجارة بإذن الراهن فإنه لا يعود في الرهن؛ لأنه قد وجب فيه حقاً للمستأجر. ألا ترى أنه لو أذن له أن يرهنه فرهنه خرج من الرهن الأول. وإذا أثمر النخل والكرم وهو رهن فخاف المرتهن على الثمرة الهلاك فباعه بغير أمر القاضي فبيعه باطل، وهو ضامن لقيمته. فإن جَزَّزَ (¬7) الثمر أو قطف العنب فإنه ينبغي في القياس أن يضمن، ولكني أدع القياس وأستحسن، ولا أضمّنه. وكذلك إذا حلب الإبل والغنم. ¬

_ (¬1) م ز: للدابة. (¬2) ز: الراكب. (¬3) ف: رهنه. (¬4) م ز - وكان رهنا مكانه. (¬5) كذا في م ف زع. وهو تكرار لما مر آنفا. (¬6) م ز: على حال. (¬7) أي: قطعه انظر: المغرب، "جزز".

وإذا سافر المرتهن (¬1) بالرهن وخرج به معه فلا ضمان عليه فيه. وإن استودعه فهو له ضامن. وإذا ارتهن الرجل عِدْلاً (¬2) مِن (¬3) زُطِّي (¬4) بألف درهم فقبضه ثم قضاه الراهن بعض المال وأراد أن يقبض بعض المتاع فليس له ذلك مِن قِبَل أنه لم يوفه المال. وليس للراهن أن يقبض شيئاً من الرهن حتى يوفيه جميع ما عليه من الدين. ولو رهنه مائة شاة أو عشراً من الإبل بألف درهم ثم قضاه بعضها فليس له أن يقبض حتى يوفي المال كله، وإن هلك الرهن عند المرتهن وقيمته والدين سواء رد المرتهن على الراهن ما اقتضاه منه. وكذلك لو كان قضاه المال كله ثم هلك الرهن (¬5) عنده رد (¬6) عليه المال، فكان الرهن بما فيه. وإن كان الذي قضاه المال غير الراهن إنسان تَطَوَّعَ به على الراهن ثم هلك الرهن عند المرتهن رد المرتهن على الذي قضاه المال، ولا يرد على الراهن؛ لأن الرهن ذهب بما فيه فصار المال لصاحبه الذي قضاه. وإذا رهن الرجل عند الرجل مائة شاة بألف درهم كل شاة بعشرة فذلك جائز. فإن قضاه عشرة دراهم لم يكن له أن يقبض شيئاً؛ لأن الرهن صار صفقة واحدة، ولا يقبض (¬7) منه شيئاً حتى يوفيه المال (¬8). ولو رهنه ¬

_ (¬1) م ز - المرتهن. (¬2) هو واحد العِدْلين اللذين يوضعان على جانبي الدابة. انظر: المغرب، "عدل"؛ ولسان العرب، "عدل". (¬3) ف - من. (¬4) م ز: من نطي. الزّطّي نوع من الثياب، والزط قوم من الهند. انظر: المغرب، "زطط". (¬5) ز + كله. (¬6) م ف ز ع: فرد. والتصحيح من ب جار. (¬7) م: ولا ينتقض. (¬8) قال الحاكم: ويقال: إن هذا في قول أبي يوسف، وجواب الزيادات قول محمد أن له أن يأخذ شاة منها. انظر: الكافي، 2/ 216 ظ. وقال السرخسي: وفي الزيادات قال في هذه المسألة: يكون له أن يسترد أي شاة شاء، قال الحاكم: فما ذكر في الزيادات=

شاتين (¬1) بثلاثين درهماً إحداهما بعشرين والأخرى بعشرة ولم يبين هذه من هذه كان الرهن باطلاً لا يجوز؛ لأنه لم يبين هذه من هذه. ولو بين كان جائزاً. ولو ماتت الشاة التي رهنها بعشرين وذلك قيمتها أو أكثر ذهب من المال عشرون. وإن كانت (¬2) قيمتها خمسة عشر ذهب من المال خمسة عشر، والشاة الباقية رهن. وإن ماتت فهي بعشرة، ويؤدي خمساً. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم نصفه بستمائة ونصفه بأربعمائة فإن هذا لا يجوز؛ لأنه رهن نصف العبد وقد سمى كل نصف على حدة. وكذلك لو قال: رهنتك كل نصف بخمسمائة، لم يجز. ألا ترى أنه لو كان لرجلين عليه ألف درهم فقال لهما: قد رهنتكما هذا العبد (¬3) لكل واحد منكما نصفه بخمس مائة، لم يجز مِن قِبَل أنه أفرد كل نصف على حدة. ولو قال: رهنتكما العبد كله بما لكما، كان جائزاً؛ لأن هذا رهن واحد. وإذا رهن (¬4) الرجل عند الرجل دابتين على أن يقرضه مائة درهم وقبض إحدى الدابتين فنفقت عنده وقيمتها خمسون درهماً وقيمة الباقية ثلاثون (¬5) فعلى (¬6) المرتهن أن يرد على الراهن خمسين درهماً. فإن بدا له أن يأخذ الأخرى ويقرضه شيئاً فهو مستقيم. وإن لم يفعل لم يجبر (¬7) على شيء. ولو نفقت إحداهما عند المرتهن والأخرى عند الراهن ولم يدفع إليه المرتهن شيئاً بعد أو دفع (¬8) إليه المائة ثم اختلفا في قيمة ¬

_ = قول محمد -رحمه الله-، وما ذكر في كتاب الرهن قول أبي يوسف، وكان أبو بكر الرازي ينكر ما ذكره الحاكم، ويقول: قد ذكر ابن سماعة في نوادره عن محمد مثل ما أجاب به في كتاب الرهن، والصحيح أن المسألة على روايتين. انظر: المبسوط، 21/ 110. (¬1) م: شاة. (¬2) ز: كان. (¬3) ف: بالعبد. (¬4) م - رهن، صح هـ. (¬5) ف: يلون؛ م ز: تكون. وأول الكلمة مهملة في ف م. والتصحيح من ع؛ والمبسوط، 21/ 111. (¬6) م ف ز: على. والتصحيح من ع؛ والمبسوط، 21/ 111. (¬7) م ز: لم يجز. (¬8) م ز: نقدا ودفع.

الدابتين فإن القول قول المرتهن في الوجهين جميعاً في التي ماتت عنده وفي التي ماتت عند الراهن؛ لأنها نفقت قبل أن تقع (¬1) رهناً. فإن كان المرتهن لم يعط الدراهم الراهن فإنه يعطيه من المائة على قدر التي نفقت عنده، والقول في ذلك قوله. وكذلك لو كان قد أعطاه المائة بطل منها بحساب ذلك. وإن كانت الدابتان جميعاً لا تساويان مائة بطل من المائة قدر قيمة هذه التي نفقت عند المرتهن. فإن كان لم يقرضه بعد وجبت عليه قيمة هذه الميتة. فإن كانت قيمتهما (¬2) أكثر من مائة قسمت المائة على قيمتهما (¬3)، فكان على ما وصفت لك في الباب الأول. وإذا رهن الرجل عند الرجل دابةً أو مملوكاً وغاب الراهن فأنفق المرتهن [على الرهن] (¬4) بغير أمر القاضي فهو متطوع، وليس له من النفقة شيء. وإن أمره القاضي أن ينفق ويجعله (¬5) ديناً على الراهن [فهو دين على الراهن] (¬6)، ولا يصدق المرتهن على النفقة إلا ببينة. فإن لم تكن (¬7) له بينة حلف الراهن على علمه ما يعلمه أنفق على رهنه كذا كذا. ¬

_ (¬1) ز: أن يقع. (¬2) م ف زع: قيمتها. ولا بد من التثنية. (¬3) م ف زع: على قيمتها. والتصحيح من ب جار. (¬4) م ف - على الرهن. والزيادة من ع؛ والمبسوط، 21/ 111. (¬5) م ف زع: وجعله. والتصحيح من المبسوط، 21/ 112. فإن أمره القاضي بذلك ليكون دينا على الراهن ففعل فهو دين على الراهن. (¬6) الزيادة من المبسوط، 21/ 111. وقد تحرفت عبارة السرخسي إلى "على الرهن"، لكن ورد في دوام العبارة صحيحاً. قال السرخسي معللاً وشارحاً: لأن الإنفاق بأمر القاضي كالإنفاق بأمر الراهن، وللقاضي ولاية النظر في مال الغائب فيما يرجع إلى حفظ ملكه عليه، والبيان في أنه قال: ويجعله ديناً على الراهن، وهكذا يقول في كتاب اللقطة وغيره، وكان أبو بكر الأعمش -رحمه الله- يقول: لا حاجة إلى هذه الزيادة، ولكن مجرد أمره يكفي، لأن أمر القاضي كأمر صاحب المال، وأكثر مشايخنا -رحمهم الله- على أنه ما لم يصرح القاضي بهذا اللفظ لا يصير ديناً. انظر: المبسوط، 21/ 111 - 112. وربما كان الذي أدى إلى هذا الاختلاف في الرأي هو السقط الحاصل في النسخ. وانظر: كتاب اللقطة من كتاب الأصل، 7/ 37 و. (¬7) ز: لم يكن.

وإذا ارتهن الرجل دابتين فنفقت إحداهما ذهب من الدين بحساب ذلك. ولو كانت الباقيةُ قَتَلَتْها (¬1) كان كذلك أيضاً. وليس هذا كالجناية في الرقيق. وإذا ارتهن الرجل دابتين وقبضهما ثم استحقت إحداهما فإن الأخرى رهن (¬2) كما هي لا يَفتكّها إلا بجميع المال. فإذا ماتت ذهبت بحصتها. وإذا ارتهن الرجل دابتين فقبضهما فنُتِجَت إحداهما عند المرتهن وقيمتهما سواء مثل الدين وقيمة الولد مثل قيمة الأم ثم نفقت التي لم تلد ذهب نصف الرهن. ولو لم تنفق هذه ولكن نفقت التي ولدت ذهب ربع الدين. فإن لم تنفق التي ولدت ولكن نفق ولدها لم يذهب من الرهن شيء (¬3) إن كانت الولادة لم تنقص الأم شيئاً. فإن كانت الأم هي التي ماتت ذهب ربع الرهن، فإن ولدت (¬4) الابنة مثلها كانت هاتان الابنتان رهناً بثلثي النصف، ولا يفتك (¬5) الراهن شيئاً من ذلك دون شيء، ولكنه إذا أعطاه (¬6) خمسة أسداس المال أخذ رهنه. ولو اعورّت إحدى الابنتين ذهب بموت الأم أربعة أجزاء من أحد (¬7) عشر جزء من النصف. وليس البهائم في هذا كالرقيق. ولو كان هذا في الرقيق بقيت (¬8) الابنتان بثلاثة أخماس النصف. وإذا ارتهن الرجل أمتين بألف درهم وقيمة كل واحدة منهما خمسمائة فولدت كل واحدة منهما ابنة ثم ماتت إحدى الأمتين فإنه يذهب من الرهن ¬

_ (¬1) م زع: قتلها؛ ف: قبلها. والتصحيح من الكافي، 2/ 217 و. وتحرفت الكلمة عند السرخسي إلى "مثلها"، لكن باقي العبارة عنده يدل على صحة ما أثبتناه في المتن بلا ريب. انظر: المبسوط، 21/ 112. (¬2) ز: رهنا. (¬3) ز: شيئاً. (¬4) وفي المبسوط، 21/ 113: فذهب ربع الدين ثم ولدت. (¬5) ف م ز: ولا على؛ ع - يفتك. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 113. (¬6) ز: إذا أعطى. (¬7) ز: من إحدى. (¬8) ف م ز ع: بقي. والتصحيح من المبسوط، 21/ 113.

الربع إذا كانت قيمة الابنتين وقيمة الأمتين سواء. فإن ذهبت الأمة الأخرى ذهب ربع جميع المال أيضاً، وتبقى الابنتان بالنصف. فإن ولدت إحداهما ولداً مثلها (¬1) في القيمة كانت هي وولدها بثلثي النصف والأخرى بنصف النصف. وكذلك النخل يكون رهناً فيثمر أو الشجر فهو بمنزلة الرقيق. وكذلك الغنم والإبل والبقر وسائر الدواب. وإذا ارتهن الرجل أرضاً ونخلاً بألف درهم وقيمة الأرض (¬2) خمسمائة وقيمة النخل خمسمائة فاحترق النخل فالأرض رهن بخمسمائة، وتبطل خمسمائة. فإن نبت في الأرض نخل يساوي خمسمائة (¬3) فإن هذا النخل والأرض رهن بثلثي جميع المال مِن قِبَل أن ما ذهب الثلث وما بقي الثلثان؛ لأن هذا رهن واحد (¬4). وإذا ارتهن الرجل أرضاً ليس فيها نخل فنبت فيها نخل، وقيمة الأرض مثل الدين، وقيمة النخل التي نبت (¬5) فيها مثل قيمة الأرض، وهما جميعاً رهن بالمال، فإن ذهب (¬6) النخل لم ينقص (¬7) من الدين شيء؛ لأنه زيادة. وإذا ارتهن الرجل أرضاً وكرماً (¬8) وقيمته والدين سواء ثم أثمر الكرم ثمراً يكون مثل قيمته ثم ذهب الشجر وسلم الثمر وقيمة الأرض والشجر سواء فإنه يذهب ثلث الدين. فإن ذهب الثمر بعد ذلك ذهب أيضاً سدس جميع المال، فتبقى الأرض بنصف المال. وليس هذا كالباب الأول؛ لأن هذا كان الشجر في أصل الرهن، والأول كان النخل زيادة بعد الرهن. ¬

_ (¬1) م ف ز ع: مثله. والتصحيح من ب جار. (¬2) م: الاخرى. (¬3) م ز - وتبطل خمسمائة فإن نبت في الأرض نخل يساوي خمسمائة. (¬4) وانظر للشرح: المبسوط، 21/ 114. (¬5) ف: تنبت. (¬6) ز: ذهبت. (¬7) ز: لم ينتقض. (¬8) وعبارة ب جار: أرضا فيها كرم.

وإذا ارتهن الرجل دابة وقبضها فإن ساقها أو قادها فأصابت إنساناً بيدها أو وطئته برجلها فهو على القائد والسائق، ولا يلحق الدابة من ذلك شيء (¬1) ولا الراهن. وإذا ارتهن الرجل ثوباً يساوي خمسة دراهم ومثقال ذهب يساوي عشرة دراهم بخمسة دراهم فهلك الذهب ولَبِسَ الثوبَ حتى تخرّق أو بدأ بالثوب فلبسه قبل ذهاب الذهب فإنه يضمن قيمة الثوب، ويحسب من ذلك درهماً وأربع دوانيق ثلث الخمس، ويرد الثلثين ثلاثة دراهم ودانقين، وقد ذهب ثلثا ماله في الذهب (¬2). وإذا ارتهن الرجل عمامة تساوي نصف درهم ودرهم فضة بدرهم فهلكت الفضة ولبس العمامة حتى تخرقت فإنه يذهب ثلثا دينه بذهاب الفضة، ويضمن قيمة العمامة، يحسب له من ذلك دانقين، ويرد دانقاً. وإذا ارتهن الرجل المسلم مصحفاً فهو جائز. وكذلك لو ارتهن صحفاً أو ورقاً فهو جائز. وإذا ارتهن الرجل المسلم خمراً أو خنزيراً أو ميتةً فلا يجوز ولا يصلح. وإن رهنه ذلك ذمي أو مسلم فهو سواء لا يجوز، غير أنه إذا رهنه ذمي فهلك الخمر أو الخنزير عنده ضمن وكان بما فيه، إلا أن يكون الدين أكئر فيرد (¬3) الفضل. وكذلك إن كان ذهب بعضه (¬4) ذهب ¬

_ (¬1) ز: شيئاً. (¬2) يقول السرخسي -رحمه الله-: وإذا ارتهن ثوباً يساوي خمسة دراهم ومثقال ذهب يساوي عشرة دراهم بخمسة فهلك الذهب ولبس الثوب حتى تخرق أو بدأ بالثوب فلبسه قبل هلاك الذهب فقد سقط ثلثا الدين بهلاك الذهب، لأن الدين انقسم على قيمة الذهب وقيمة الثوب، وحصة الذهب ثلثا الخمسة، فذهب ذلك بهلاك الذهب، ويضمن قيمة الثوب، لأنه باللبس حتى تخرق صار غاصباً متلفاً، فيضمن قيمته، يحسب له من ذلك ما كان منه وذلك ثلث الخمسة بطريق المقاصة، ويؤدي ما زاد على ذلك إلى صاحب الثوب. انظر: المبسوط، 21/ 115. (¬3) ز: فرد. (¬4) ز: بفضة وفي ب جار: نصفه.

باب رهن الفضة بالفضة والكيل والوزن

بحسابه. ولا يضمن في الميتة والدم شيئاً. وإن كان المرتهن ذمياً والراهن مسلماً فالرهن باطل، ولا يضمن في شيء من ذلك. ... باب رهن الفضة بالفضة والكيل والوزن وإذا ارتهن الرجل قُلْبَ (¬1) فضة فيه عشرة دراهم بعشرة وقيمة القُلْب أقل من عشرة دراهم فانكسر (¬2) عند المرتهن فإنه ضامن لقيمته مصوغاً من الذهب، ويكون القُلْب له، ويرجع بماله. فإن كان المال إلى أجل كان الذهب الذي غرم المرتهن (¬3) رهناً مكانه. وإن لم ينكسر ولكنه هلك فإن في هذا قولين. أما أحدهما فإن الرهن بما فيه، وهو قول (¬4) أبي حنيفة. وأما القول الآخر فإنه لكون على المرتهن قيمته من الذهب، ويكون رهناً مكانه، ويرجع بماله. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا ارتهن الرجل عشرة دراهم سُود بعشرة دراهم بِيض لها صَرْف (¬5) وفَضْل فهلكت السود عند المرتهن فهو في قياس القول الأول (¬6) الرهن بما فيه. وفي قياس القول الآخر يضمن عشرة دراهم سُوداً مثلها، وتكون له البِيض ديناً على حالها. وإذا ارتهن الرجل إبريق فضة فيه مائة درهم وهو يساوي مائة درهم (¬7) ¬

_ (¬1) قُلْب فضة أي سِوار غير ملوي. انظر: المغرب، "قلب". (¬2) ف م ز: فإن كسر. والتصحيح من الكافي، 2/ 218 و. ويقول المؤلف في تتمة العبارة: وإن لم ينكسر. (¬3) ف م ز: والمرتهن. والتصحيح من ع. (¬4) ز + الإمام الأعظم. (¬5) يقال: للدرهم على الدرهم صَرْف في الجودة والقيمة أي فَضْل. انظر: المغرب، "صرف". (¬6) ز: الاخر. (¬7) م ز - درهم.

وعشرة دراهم فقبضه وانكسر عنده فهو ضامن لعُشر قيمته مصوغاً من الذهب، ويأخذ عُشر الإبريق، ويرجع بدينه على الراهن، وتكون تسعة أعشاره رهناً، يقسم ذلك، فيكون هو والذهب الذي غرم المرتهن، فيكون رهناً بالدين (¬1). ولو لم ينكسر ولكنه هلك فهو بما فيه في قول أبي يوسف (¬2). وإذا ارتهن الرجل قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم بدرهم فكَسَرَ رجلٌ ذلك القُلْب عنده، فإن قدر عليه غرم تسعة أعشار من قيمة القُلْب مصوغاً (¬3) من الذهب، فكان رهناً مكانه بالدرهم، وكان القُلْب له. فإن أبى الراهن والمرتهن (¬4) أن يدفعا إليه القُلْب ورضيا أن يكون رهناً على حاله وهو مكسور فهو رهن، ولا ضمان على ذلك الرجل. وإذا ارتهن الرجل عشرة دراهم بِيضاً لها صَرْف (¬5) بعشرة دراهم سُود فهلكت فهي بالسود، ويبطل (¬6) السود؛ لأن الفضل في هذا الباب في الرهن. وإذا ارتهن الرجل قُلْب فضة جيدة بيضاء فيها عشرة دراهم بعشرة تِبْر فضة سُود فهلك الرهن عنده فهو بما فيه؛ لأن فيه وفاء وزيادة. ولو لم ¬

_ (¬1) وعبارة الحاكم: وتكون تسعة أعشاره وما غرمه من الذهب رهناً بجميع الدين. انظر: الكافي، 2/ 218 و. وعبارة ب جار: ويبقى الذهب وتسعة أعشاره رهناً بالدين. (¬2) وقال الحاكم: وفي رواية أبي حفص أنه قول أبي يوسف. انظر: الكافي، الموضع السابق. وقال السرخسي: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف -رحمهما الله-، وقد ذكر في نسخ أبي حفص أنه قول أبي يوسف، فأما عند محمد فالراهن يجعل عشر المكسور للمرتهن بعينه، ويرد تسعة أعشاره، لأنه يعتبر حالة الانكسار بحالة الهلاك، ولو هلك في هذه المسألة كان المرتهن مستوفياً دينه بعشر الإبريق، وهذا مثله. انظر: المبسوط، 21/ 119 - 120. (¬3) ز: مصاغا. (¬4) قال السرخسي: في الكتاب ذِكْرُ إبائِهما جميعاً، والمعتبر إباء الراهن خاصة. انظر: المبسوط، 21/ 120. ومقصوده بالكتاب هنا هو الأصل. (¬5) أي: لها فضل قيمة كما مر. (¬6) ز: وتبطل.

يهلك ولكنه انكسر ضمن المرتهن قيمته مصوغاً من الذهب، فكان ذلك (¬1) رهناً (¬2) بالذي له، وكان القُلْب له. وهذا قياس قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر وهو قول محمد: إنه لا يضمن القُلْب، وإنما يقال للراهن: إن شئت فسلّم له القُلْب بالعشرة التي عليك، وإلا فخذه مكسوراً وأعطه ماله؛ لأنه لم يكسره فيضمن، ولم يأخذه على أن يضمن القُلْب من الذهب، إنما أخذه بأن يكون بما فيه. وهذا قول محمد. وقال أبو يوسف: إن أراد الراهن أن يضمّنه بقدر قيمة فضة المرتهن من القُلْب ذهباً كان ذلك له، وضمّنتُه قدر قيمة الفضة السوداء من القلب، وكان ما بقي من القلب للراهن، يقسم ذلك، فيجمع (¬3) مع الذهب الذي ضمن المرتهن، فيكون رهناً، ويكون للمرتهن حصة الذهب الذي ضمن من القلب. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: ليس له الأمر الأول، إن شاء أخذه مكسوراً وأعطاه دراهمه، وإن شاء سلّمه له بماله، لأنه لم يأخذه على أن يضمن منه شيئاً. وإذا ارتهن الرجل قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم بدينار فانكسر وقيمته والدينار [سواء] (¬4)، ويكون القلب له. ولو لم ينكسر القلب ولكنه هلك فإنه بما فيه. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: إذا هلك فهو بما فيه. وإذا انكسر فالراهن بالخيار. إن شاء أخذ القلب (¬5) مكسوراً وأعطاه الدينار. وإن شاء جعل له الفضة بديناره؛ لأن المرتهن إنما أخذ الفضة على ضمان الدينار، فلا يضمن غير ذلك. وإذا ارتهن الرجل قُلْبَ فضة فيه خمسون درهماً بكُرّ حنطة سَلَماً أو قرضاً فهو سواء. وإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء ذهب الرهن بما فيه. وإن لم يكن هلك ولكنه انكسر فهو على ما وصفت لك. ¬

_ (¬1) ف - ذلك. (¬2) ف ز: ذهبا. (¬3) ف: فيجتمع. (¬4) من المبسوط، 21/ 120. (¬5) م ف ز ع: فضة. والتصحيح من المبسوط، 21/ 120.

وإذا ارتهن الرجل خاتم فضة فيه من الفضة وزن درهم وفيه فَصّ يساوي تسعة دراهم بعشرة دراهم فهلك الخاتم فهو بما فيه في قياس قول أبي حنيفة. وإذا ارتهن الرجل سيفاً محلّى [بفضة] (¬1) وقيمة السيف خمسون درهماً وفضته (¬2) خمسون فارتهنه بمائة درهم فهلك فهو كالخاتم. ولو لم يهلك ولكنه انكسرت حليته أو انكسر نَصْل (¬3) السيف بطل من الرهن بحساب ما ذهب من النقصان في انكسار النصل. وأما الفضة فيغرم المرتهن قيمتها مصوغاً من الذهب، وتكون الفضة رهناً بخمسين، ويكون ما بقي من النصل رهناً بحساب ما بقي من الخمسين الأخرى في قول أبي يوسف. وإذا ارتهن الرجل كُرّ حنطة جيدة (¬4) بكُرّ رديء فهلك فهو بما فيه. فإن أصابه ما يُفسِد (¬5) فعلى المرتهن كُرّ مثله، ويكون الفاسد له، ويرجع بدينه في قياس قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر قول محمد: إن الراهن بالخيار. إن شاء سلّمه بالدين. وإن شاء أخذه (¬6) وبه العيب وأعطاه كُرّه. ولو كان الرهن كُرّ حنطة رديئة والدين (¬7) كُرّ حنطة جيدة فهلك (¬8) فهو بما فيه. وهذا قول أبي حنيفة. وفيها قول آخر: إنه يضمن كُرُّا مثل ذلك، ويرجع بِكُرِّه. وكذلك إذا أصابه ما يُفسِده (¬9) ضمن كُرًّا مثله وكان له ذلك الفاسد ¬

_ (¬1) زدناه للإيضاح. (¬2) م ف: وفصه. والتصحيح من الكافي، 2/ 218 ظ. وفي ب جار: وحليته. وهو صحيح أيضا. وحُرّفت في المبسوط إلى "ونصله"، واستمر التحريف بعد ذلك في باقي العبارة أيضا. انظر: المبسوط، 2/ 121. (¬3) نَصْل السيف حديدته. انظر: المغرب، "نصل". (¬4) ف - جيدة. (¬5) ولفظ الحاكم: ماء فأفسده. أنظر: الكافي، 2/ 219 و. (¬6) ف + وفيها قول آخر قول محمد إن الراهن بالخيار إن شاء سلمه بالدين وإن شاء أخذه. (¬7) م ف ز - كر حنطة رديئة والدين. والتصحيح من ع. ونحوه في المبسوط، 21/ 121. (¬8) م ز - فهلك. (¬9) ولفظ الحاكم: ماء ففسد. انظر: الكافي، الموضع السابق.

وكان دينه على حاله. وكذلك شعير بشعير أو سمن بسمن أو زيت بزيت أو ذهب (¬1) بذهب أو فضة بفضة. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. وإذا ارتهن الرجل قُلْبَ فضة بعشرة دراهم فقال: إن جئتك بالعشرة إلى شهر وإلا فهو بيع لك بالعشرة، فإن الرهن جائز والشرط باطل. وكذلك الرهون كلها (¬2) فيما يكال أو يوزن وفي الرقيق والثياب. وإذا أعطى الرجلُ (¬3) [الرجلَ] (¬4) قُلْبَ فضة فقال: ارهنه لي عند رجل بعشرة دراهم، وفي القُلْب عشرون درهماً، فأمسكه عنده الوكيل، فأعطاه عشرة دراهم (¬5)، وقال: رهنته لك كما أمرتني، ولم يقل: رهنته عند آخر، فهلك القلب عنده وتقاضاه العشرة، فإن تصادقا بالذي كان رجع بالعشرة، وكان مؤتمناً في القلب؛ لأنه لم يخالفه. وإن تكاذبا وقال الآمر: قد أقررتَ بأنك رهنته، فلا شيء لك علي، فهو كما قال بعد أن يحلف بالله ما يعلمه أمسكه. فإن قال الآمر للوكيل: قد أقررتَ بأنك قد رهنته ثم زعمت أنك لم ترهنه فأنت ضامن للقلب، فله أن يضمّنه قيمة (¬6) القلب مصوغاً من الذهب (¬7)، ويضمن له العشرة. وإذا ارتهن الرجل الطَّوْقَ وفيه خمسون ومائة مثقال من (¬8) ذهب بألف درهم وتقابضا ذلك فحال الحول والألف درهم عند الراهن يتّجر فيها فلا زكاة فيها على الراهن ولا في رهنه، ولا زكاة على المرتهن في الدين الذي له ولا في الرهن الذي عنده. فإذا قبض المال فرد الرهن فعلى المرتهن زكاة الألف لما مضى، وعلى الراهن زكاة الطوق لما مضى (¬9). ¬

_ (¬1) ز: بذهب. (¬2) ف - كلها. (¬3) ف - الرجل. (¬4) وفي المبسوط، 21/ 121: وإذا أعطى رجل رجلاً. (¬5) م ز: الدراهم. (¬6) م - قيمة. (¬7) ز: بالذهب. (¬8) ف - من. (¬9) وقال الحاكم الشهيد: وقد طعن عيسى في ذلك، وقال: لا معنى لضمان القيمة، لأنهما لو تصادقا أنه لم يرهنه لم يضمنه، دن رهنه لم يضمنه، فقيل في تخريجه: قوله: رهنته، بمعنى قوله: ليس لك عندي شيء، ومن أنكر أمانة في يده ضمنها.=

وإذا ارتهن الرجل كُرَّيْ حنطة رديئة (¬1) بكُرّ حنطة جيدة وقيمتهما سواء فهلكا عند المرتهن فالرهن بما فيه. فإن أصابه ما يُفسِده (¬2) فإنه يضمن كُرّ حنطة مثل أحدهما، ويكون له نصف (¬3) الكُرّين جميعاً، ويرجع بدينه على الراهن في قياس قول أبي حنيفة. وإذا ارتهن الرجل شيئاً مما يوزن بشيء مما يكال (¬4) أو شيئاً مما يكال بشيء مما يوزن وفيه وفاء فهلك فهو بما فيه. فإن أصابه شيء أفسده ولم يهلك ضمن المرتهن مثله وكان ذلك له، ويرجع بدينه في قول أبي يوسف (¬5). وإذا ارتهن الرجل إبريق فضة فيه ألف درهم (¬6) بألف درهم أو بمائة ¬

_ = انظر: الكافي، 2/ 219 ظ. وقال السرخسي -رحمه الله-: قال عيسى: هذا غلط، ولا معنى لإيجاب ضمان القيمة على الوكيل، لأنه إن كان رهنه فليس عليه ضمان القيمة أيضاً، وليس هنا حالة ثالثة، فبأي طريق يكون الوكيل ضامناً للقيمة، وهذا نظير الظن الذي ذكرناه في كتاب الوديعة: إذا ادعى المودع الهلاك ثم ادعى الرد، ووجه ظاهر الرواية أنه من حيث الظاهر قد تناقض كلامه، ومع التناقض لا يقبل قوله، فكأنه ساكت حابس للقلب، فيضمن قيمته، توضيحه: إنه لما قال: رهنته، أوجب هذا الكلام: إنه لم يبق لك عندي شيء، فيجعل جاحداً الأمانة بهذا الطريق، ومن أنكر أمانة في يده ضمنها، فلهذا كان له أن يضمن الوكيل قيمت. انظر: المبسوط، 21/ 122. (¬1) ز: رديء. (¬2) م: مايفسد. (¬3) م ز - أصابه ما يفسد فإنه يضمن كر حنطة مثل أحدهما ويكون له نصف، صح م هـ. (¬4) م ز ع: شيئاً مما يكال أو شيء مما يوزن؛ ف: شيئاً مما يكال أو شيئاً مما يوزن. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. وعبارة السرخسي محرفة، وهي هكذا: وإن ارتهن شيئاً مما يوزن بشيئين مما يكال أو شيئاً مما يكال بشيئين مما يوزن ... انظر: المبسوط، 21/ 123. ولا حاجة إلى "شيئين". وعبارة ب جار: ولو ارتهن بموزون مكيلاً فيه وفاء ... (¬5) كذلك نسب الحاكم هذا القول إلى أبي يوسف فقط. انظر: الكافي، الموضع السابق. لكن ذكر السرخسي أنه قول أبي يوسف وقول أبي حنيفة -رحمهما الله-، ثم قال: وفي قول محمد: يتخير الراهن بين أن يجعله للمرتهن بدينه وبين أن يسترده بقضاء الدين. انظر: المبسوط، 21/ 123. (¬6) أي: وزنه ألف درهم كما هو في نسخة ب.

دينار وتقابضا أو بحنطة أو بشعير أو بشيء مما يكال أو يوزن أو بثياب سَلَم ذَرْع معلوم أو بشيء مما يُسْلَم فيه من الذَّرْع (¬1) من القصب والخشب وتقابضا ومضى على ذلك سنة فلا زكاة فيه على واحد منهما. فإذا قضاه المال زكّى الراهن رهنه لما مضى، وزكّى المرتهن دينه الذي قبض إن كان ذهباً أو فضةً. وان كان شيئاً مما سمينا غير ذلك زكّاه (¬2) إن كان للتجارة، وإن كان لغير التجارة لم يزكّه. وإذا رهن الرجل عند الرجل فلوساً بعشرة دراهم (¬3) وهي تساوي ذلك، فإن هلكت فهي بما فيها. وإن انكسرت (¬4) ذهب من دينه بحساب ذلك؛ لأنها كانت لا توزن يوم رهنها إياه. وتقوّم وهي منكسرة بحساب ما تساوي. وإذا رهن الرجل عند الرجل فلوساً بعشرة دراهم (¬5) وهي تساوي ذلك فكسدت الفلوس فهي رهن على حالها. فإن هلكت ذهبت (¬6) بالعشرة؛ لأن كسادها بمنزلة تغير (¬7) السعر. وإذا رهن الرجل عند الرجل طَسْتاً أو تَوْراً (¬8) أو كُوزاً بدرهم أو أكثر من ذلك وفي الرهن وفاء وفَضْل فإن هلك الرهن فهو بما فيه. وان انكسر فما كان منه لا يوزن نقص من الدين بحساب ذلك. وما كان منه يوزن وقيمته مثل الدين والدين حال فإن الراهن بالخيار، إن شاء أخذه وأعطاه المال. وإن شاء ضمنه قيمته مصوغاً من الدراهم (¬9) وكان ذلك للمرتهن ¬

_ (¬1) ز: من الزرع. أي بشيء مذروع كما هو في نسخة ب. (¬2) ز: زكا؛. (¬3) م ز: الدراهم. (¬4) ف م ز: وإن كسدت. والتصحيح من ع ب؛ والمبسوط، 21/ 123. (¬5) م ف - دراهم؛ ع: الدراهم. (¬6) ز: ذهب. (¬7) ولفظ الحاكم: تراجع. انظر: الكافي، 2/ 220 و. (¬8) التَّوْر إناء صغير من نحاس يُشرب فيه وُيتوضأ منه. انظر: المغرب، "تور". (¬9) كذا أيضاً في ب جار. ولفظ الحاكم والسرخسي: من الذهب. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 21/ 123.

وأخذ الراهن القيمة وأعطاه دينه في قياس قول أبي حنيفة -رحمه الله- (¬1). وكذلك نصل السيف. وكل شيء من الحديد والصُّفْر (¬2) والشَّبَه (¬3) يكون إناءً مصوغاً لا يباع مثله وزناً فهو كما وصفت لك. وما كان من ذلك يباع وزناً لم ينقص من الرهن بحساب ذلك. ولكن إن كان هو والدين سواء ضمن المرتهن قيمته مصوغاً وكان رهناً مكانه، وكان ذلك الشيء للمرتهن، وكان الدين على حاله في قول أبي يوسف (¬4). وإذا رهن الرجل عند الرجل قُلْبَ فضة فيه عشرة دراهم على أن يقرضه درهماً فقبض الرهن فهلك (¬5) الرهن (¬6) قبل أن يقرضه كان عليه أن يعطيه درهماً. وإن لم يسم القرض وأعطاه القُلْب على أن يقرضه شيئاً، فهلك القُلْب، فإنه يقال للمرتهن: أعطه ما شئت. وكذلك إن قال: أمسكه رهناً بنفقة يعطيها إياه، فهو مثل الباب الأول. وإن قال: أمسكه رهناً بدراهم، فلا بد من أن يعطيه ثلاثة دراهم. ولو كان (¬7) الرهن ثوباً فقال: أمسكه رهناً بعشرين درهماً، فهلك الثوب عند المرتهن قبل أن يعطيه شيئاً كان عليه أن يعطيه قيمة الثوب، والقول فيه ما قال المرتهن مع يمينه إلا أن ¬

_ (¬1) وعبارة الحاكم: ... في قول أبي يوسف، ورأيت في رواية أبي حفص: وهو قول أبي حنيفة، مكان أبي يوسف. انظر: الكافي، الموضع السابق. قال السرخسي: وهذا صحيح على أصل أبي حنيفة، أما عند أبي يوسف فإنما يستقيم هذا الجواب على رواية سوى ما على ظاهر الرواية عند أبي يوسف. انظر: المبسوط، 21/ 123. (¬2) قال ابن منظور: الصُّفْر النحاس الجيد، وقيل: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صَفِرَ منه، الجوهري: والصُّفْر بالضم الذي تُعمَل منه الأواني. انظر: لسان العرب، "صفر". (¬3) الشَّبَه والشِّبْه من المعادن ما يشبه الذهب في لونه، وهو أرفع النحاس. انظر: مختار الصحاح، "شبه"؛ والمصباح المنير، "شبه". (¬4) قال الحاكم: هاهنا كان أبو يوسف ذكر في الروايتين جميعاً. انظر: الكافي، الموضع السابق. وعند السرخسي ما يفيد أنه كذلك على قول أبي حنيفة أيضاً. انظر: المبسوط، 21/ 123 - 124. (¬5) ف: يهلك. (¬6) م ز - فهلك الرهن. (¬7) ز: قال.

تجاوز عشرين. فإن جاوزت قيمته عشرين لم يعطه إلا عشرين. وكذلك لو قال: خذ هذا الثوب رهناً بعشرة لك عليّ (¬1)، فقبضه فهلك، ثم تصادقا أنه لم يكن عليه شيء، ضمن المرتهن الأقل من قيمة الثوب ومن العشرة. ولو أعطاه قلب فضة أو ذهباً رهناً بثيء يعطيه إياه من الحنطة أو شيء مما يكال أو يوزن وسمى الكيل والوزن وسمى الصنف فهلك القُلْب عنده ضمن المرتهن من ذلك الصنف ما سمى. ولو كان القُلْب فيه عشرة (¬2) دراهم (¬3) فقال: خذه رهناً بمختوم حنطة أو مختوم شعير، وأخذه (¬4) على ذلك فهلك عند المرتهن قبل أن يعطيه شيئاً كان على المرتهن مختوم شعير، الأقل من ذلك. وكذلك لو قال له: خذ بدينار رهناً أو بدرهم ضمن الأقل من ذلك. وإذا رهن الرجل عند الرجل خاتم فضة فيه درهم بنصف درهم فلوس فأعطاه تسعين فلساً فغلت الفلوس فصارت ثلاثين فلساً بدرهم فصارت التسعون تساوي ثلاثة دراهم ثم هلك الخاتم فهو بما فيه؛ لأنه كان (¬5) يوم ارتهنه فيه وفاء، فلا أنظر إلى تغير السعر. ولو كسدت الفلوس فلم تنفق لم يكن عليه إلا تسعون فلساً، فإن هلك الخاتم ذهب بما فيه. ولو رخصت الفلوس فصارت تسعون بدانق (¬6) لم يكن عليه إلا تسعون فلساً. فإن هلك الخاتم ذهب بما فيه. فإن انكسر ولم يهلك فإن شاء المرتهن أبطل الرهن ودفع الخاتم مكسوراً. وإن طلب حقه ضمن نصف قيمة الخاتم مصوغاً من الذهب وأخذ نصف الفضة وكان الذهب ونصف الفضة الباقية رهناً بتسعين فلساً. ولا يكون رهناً غير مقسوم، ولكنه يقسم الخاتم نصفين نصف مع الذهب ونصف يعطاه الراهن. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد في ذلك كله من المكيل والموزون والفضة والذهب وكل رهن: إذا هلك ذهب بما فيه، فإنه إذا لم يهلك وفسد ودخله عيب لم ¬

_ (¬1) م ز - علي. (¬2) ز: العشرة. (¬3) م ز: الدراهم. (¬4) ف: فأخذه. (¬5) ز: كل. (¬6) اف ز ع: دانقا. والتصحيح من المبسوط، 21/ 124.

باب الرهن يهلك فيكون بما فيه واختلافهما في ذلك

يضمنه (¬1)، ولكن الراهن بالخيار. إن شاء أخذه فاسداً معيباً وأدى الدين، ولا شيء عليه غير ذلك. وإن شاء جعل المضمون منه للمرتهن بدينه وبطل الدين عن الراهن. وإن بقي من الرهن شيء غير مضمون أخذه الراهن فكان له. ... باب الرهن يهلك فيكون بما فيه واختلافهما (¬2) في ذلك وإذا ارتهن الرجل رهناً بألف درهم وقيمته ألف فهلك الرهن عنده فهو بما فيه. وكذلك لو كان (¬3) بطعام أو بشيء (¬4) مما يكال أو يوزن سَلَم أو قرض فهو بما فيه إذا كانت قيمته والرهن (¬5) سواء. وكذلك لو كانت قيمة الرهن أكثر رجع المرتهن بما بقي من دينه. وكذلك لو كان الدين صداقاً لامرأته فهلك الرهن كان بما فيه. وكذلك لو كان صَرَفَ أحلُهما عند صاحبه فقبض أحدهما وأخذ الآخر رهناً يساوي حقه فهلك عنده كان بما فيه إذا كان ذلك قبل أن يفترقا. وليس هذا بقبضِ غيرِ ما أَسْلَمَ فيه وغيرِ ما صَرَفَ (¬6)، ولكنه براءة من الدين؛ لأن الرهن بما فيه. ولو نقص الرهن بعيب أصابه ذهب منه بحساب ذلك. ولو زاد الرهن في السعر وغَلاَ (¬7) أو نقص من السعر ورَخُصَ (¬8) لم يتحول عن حالته (¬9) الأولى، إنما ينظر في ¬

_ (¬1) ف - لم يضمنه. (¬2) ف م ز: واختلافها. والتصحيح من ع. (¬3) ف: لو قال. (¬4) م ز: أو شيء. (¬5) م ز: والدين. (¬6) وعبارة ب جار: وليس هذا استبدالا ببدل الصرف والسلم. (¬7) م ف ز ع: والغلا. والتصحيح من ب جار. (¬8) م ف ز ع: والرخص. والتصحيح من ب جار. وعبارتهما: ولو غلا سعر الرهن أو رخص. (¬9) ف ز: عن حاله.

ذلك إلى حالته يوم ارتهنه، فيكون على ذلك، لا يتحول لرخص ولا لغلاء (¬1). وإن نقص بعيب دخله نقص بحساب ما نقص. وإذا كان العبد (¬2) يساوي ألفاً والدين ألفاً فذهبت عينه ذهب نصف الدين. فإن كان الدين ألفين ذهب ربع الدين. وكذلك ما زاد أو نقص على هذا الحساب. وإذا كان (¬3) الرهن أمة (¬4) فولدت أو كان الرهن نخلاً أو شجراً فأثمر فالولد والثمر رهن (¬5) معه. وإذا هلك الرهن فاختلف الراهن والمرتهن في الدين فالقول قول الراهن في الدين مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المرتهن. وإن اختلفا في قيمة الرهن فالقول قول المرتهن مع يمينه. وكذلك لو كان قبض أحدهما ولم يقبض الآخر (¬6) فهلك الذي قبض عنده وهلك الآخر عند الراهن فالقول في ذلك قول المرتهن مع يمينه. وكذلك لو كان المرتهن لى يعط المال فالقول في القيمة قول المرتهن، ويعطي بقدر ذلك. وإن كان أعطى المال بطل من دينه بقدر ذلك. وإذا كان الرهن أمة فولدت ثم ماتت الأم وبقي الولد فاختلفا في القيمة فالقول قول المرتهن. وكذلك النخل والشجر إذا أثمر ثم هلك. ... ¬

_ (¬1) ف: ولا غلاء. (¬2) وعبارة ب جار: ولو ارتهن عبدا. (¬3) م ز: إذا كان. (¬4) ف - أمة. (¬5) ز: رهنا. (¬6) وعبارة ب: وكذا لو كان قبض بعض الرهن دون البعض.

باب كتاب الشروط في الرهن

باب (¬1) كتاب (¬2) الشروط في الرهن وإذا ارتهن الرجل داراً بألف درهم فأراد أن يكتب كتاباً كتب: "ذِكْرُ حَقّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، عليه كذا كذا درهماً وَزْن سبعة جياد، وحِلّها إلى كذا وكذا، وهذه الدراهم من ثمن متاع باعه فلان بن فلان، وقبضه وقبله فلان ورضيه، وبرئ فلان إليه منه، ومن قام بهذا الذِّكْر حَقّ (¬3) فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال الدار التي في بني فلان، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بحدوها كلها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً بجميع هذا المال، وقبضها فلان على أنه مسلَّط على بيعها عند حِلّ الأجل، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيستوفي ماله، فإن نقص الثمن عن مال (¬4) فلان فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد". وإذا ارتهن الرجل منزلاً في دار بطعام أصله سَلَم كتب: "ذِكْرُ حَقِّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، عليه كذا وكذا (¬5) كر حنطة، كل كر كذا كذا مختوماً بالهاشمي طعاماً جيداً نقياً يابساً، يوفيه إياه في موضع كذا وكذا، إلى كذا كذا من الأجل، وقد قبض فلان بن فلان ثمن (¬6) هذا الطعام وهو كذا وكذا، وبرئ إليه منه، ومن قام بهذا الذِّكْر حَقّ (¬7) فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا الطعام المنزل الذي في الدار التي في بني فلان، أحد حدود هذه الدار التي فيها هذا المنزل والثاني والثالث والرابع، وأحد حدود هذا المنزل والثاني والثالث والرابع، بحدوده كلها (¬8) وكل حق ¬

_ (¬1) ف - باب. (¬2) م ز - كتاب. (¬3) م ف ز ع: الذكر حقا. وفي ب جار: الذكر الحق. وفكر الحق هو الصكّ كما تقدم. (¬4) م ف ز ع: من ملك. والتصحيح من ب. (¬5) م: كذا كذا. (¬6) ف - ثمن. (¬7) ز: حقا. (¬8) م ف ز ع: كله. والتصحيح من ب.

هو له، رهناً بجميع هذا الطعام، وقبض فلان هذا المنزل، على أن فلاناً مسلَّط على بيع هذا المنزل عند حِلّ هذا الطعام، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيوفي فلاناً طعامه، فإن نقص الثمن عن طعامه (¬1) فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد" (¬2). وإذا ارتهن الرجل أرضاً من رجل بثياب يهودية أَسْلَمَ فيها كتب: "ذِكْرُ حَقّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، [عليه] (¬3) كذا كذا ثوباً يهودية، ثياباً وسطاً، كل ثوب منها طوله كذا كذا ذراعاً وعرضه كذا كذا ذراعاً (¬4)، يوفيها إياه في موضع كذا وكذا، وإلى كذا كذا من الأجل، وقد قبض فلان ثمن هذه الثياب وهو كذا كذا درهماً، وقد برئ فلان إليه منه، ومن قام بهذا (¬5) الذّكْر حَقّ (¬6) فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذه الثياب أرضاً يقال لها كذا كذا من قرية كذا كذا من طَسُّوج (¬7) كذا كذا من رُسْتَاق (¬8) كذا كذا (¬9)، أحد حدودها والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً بجميع هذه الثياب، وقد قبض فلان هذه ¬

_ (¬1) م ف ز ع: من طعامه. والتصحيح من ب. (¬2) م ف ز - شهد. والزيادة من ع. (¬3) الزيادة من ب. (¬4) م: ذراع؛ م ز ع + جيدا؛ ف + جيد (مهملة). وهي ساقطة من ب جار. (¬5) م: بهذه. (¬6) ز: حقا. (¬7) الطَسُّوج الناحية كالقرية ونحوها، معرَّب. انظر: المغرب، "طسج". (¬8) م ف ز: من بدستق (مهملة)؛ ع: من دستق. والتصحيح من ب جار. قال الفيومي: الرّسْتَاق معرَّب، ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم، والرُّزْدَاق بالزاي والدال مثله، والجمع رَسَاتِيق ورَزَادِيق، قال ابن فارس: الرَّزْدَق السطر من النخل والصف من الناس، ومنه الرُّزْدَاق، وهذا يقتضي أنه عربي، وقال بعضهم: الرُّسْتَاق مولَّد وصوابه رُزْدَاق. انظر: المصباح المنير، "رستق". وقال المطرزي: الرَّزْدَق الصف، وفي الواقعات: رَسْتَق الصفّارين والبيّاعين، وكلاهما تعريب رَسْته انظر: المغرب، "رزدق" (¬9) م ز - كذا.

الأرض، على أنه مسلَّط على بيعها عند حِلّ أجل (¬1) هذه الثياب، جائز بيعه أمين في ذلك، فيستوفي هذه الثياب كلها، فإن نقص ثمنها عن هذه (¬2) الثياب فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد". وإذا ارتهن الرجل شيئاً مما يكال أو يوزن كتبه على هذا الكتاب الذي كتبته لك في الطعام. وإذا ارتهن الرجل حريراً أو نوعاً من هذه الثياب سوى ذلك الشيء مما يُذْرَع كتب على نحو ما كتبت لك في الثياب. وإذا ارتهن الرجل عبداً أو أمةً أو دابة أو ثياباً أو متاعاً كتب: "ذِكْرُ حَقّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، عليه كذا كذا درهماً وَزْن سبعة جياداً، قرضاً حالة يأخذه بها إذا شاء، ومن قام بهذا الذِّكْر حَق (¬3) فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال عبداً يقال له فلان الفلاني وأمة يقال لها فلانة الفلانية، وثلاثة أثواب: مُلاَءَةٌ (¬4) منها مَرْوِية (¬5) لَبيس (¬6)، وقميص مَرْوِي لَبِيس، ودِرْع (¬7) مَرْوِي لَبِيس، ونَمَطان (¬8) وثلاثة وسائد لَبِيسٌ كلها، نَمَطان منها أصفر وَشْيُه (¬9) كذا كذا - حتى يسمي النَّمَطين والوسائد كلها وينسبها إلى ألوانها وإلى وَشْيِها - رهناً مقبوضاً، على أن وضعا ذلك جميعاً على يدي فلان، وقبضها فلان كلها من فلان، على أنه ¬

_ (¬1) م ف ز ع: الأجل. والتصحيح من ب جار. (¬2) م ف ز ع: من هذه. والتصحيح من ب جار. (¬3) ز: حقا. (¬4) المُلاَءَة الملحفة والإزار. انظر: لسان العرب، "ملأ". (¬5) نسبة إلى مرو. (¬6) أي: ملبوس قد استعمل وصار خَلَقاً. انظر: المغرب، "خلق". (¬7) ز: وذرع. درع المرأة ما تلبسه فوق القميص. انظر: المغرب، "درع". (¬8) قال المطرزي: النَّمَط ثوب من صوف يطرح على الهودج، وفي السير: ظِهَارة المِثَال (أي الفراش) الذي ينام عليه. انظر: المغرب، "نمط". (¬9) ز: وسته. الوَشْي خلط اللون باللون، وَشَى الثوبَ أي رَقَمَه ونَقَشَه. انظر: المغرب، "وشي".

باب الرجل إذا ارتهن من الرجل دابة وثيابا بكفالة تكفل بها عنه

مسلَّط على بيعها إذا مضى شهر كذا كذا من سنة كذا، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيوفي فلاناً ماله هذا، فإن نقص الثمن من ماله فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد". ... باب الرجل إذا ارتهن من الرجل دابةً وثياباً بكفالة تكفل بها عنه وإذا ارتهن الرجل من الرجل دابة أو ثياباً بكفالة تكفّل بها عنه كتب: "هذا كتاب لفلان بن فلان من فلان بن فلان، إني كنت أمرتك أن تضمن عني لفلان كذا وكذا، فضمنت له ذلك عني إلى كذا (¬1)، وكتب (¬2) عليك (¬3) بذلك صكاً باسمه إلى هذا الأجل، وإني رهنتك بهذا المال بغلة دَهْمَاء (¬4)، وكذا كذا ثوباً هروية جِياداً بِيضأ جُدُداً، ووضعنا (¬5) ذلك على يدي فلان بن فلان، وقبض فلان ذلك رهناً مقبوضاً، على أنه مسلَّط على بيعه عند حِلّ هذا المال، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيؤدي هذا المال إلى فلان أو يؤديه إليك، فإن نقص (¬6) الثمن عن هذا (¬7) المال فعلي، وإن زاد فلي". وإذا كان الرهن على يدي عدل أو على يدي المرتهن فهو سواء. وإن مات الراهن فالمرتهن أحق به من الغرماء. فإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء ذهب بما فيه. ¬

_ (¬1) ف + كذا. (¬2) ز: فكتب. (¬3) م ز: عليه. (¬4) ز: درهما. أي سوداء. انظر: المغرب، "دهم". (¬5) ف ز: ووضعا. (¬6) م ز: فإن قبض. (¬7) م ف ع: من هذا. والتصحيح من ب جار.

وإذا ارتهن الرجل طَوْق ذهب بدين قَرْض كتب: "ذِكْرُ حَقّ فلان بن فلان على فلان، عليه كذا كذا درهماً وَزْن سبعة، قرضاً حالة يأخذه بها إذا شاء، ومن قام بهذا الذِّكْر حَقّ فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال طَوْق ذهب فيه كذا كذا مثقالاً ذهباً أحمر جيداً، رهناً مقبوضاً بجميع هذا المال (¬1)، وقبضه فلان من فلان، شهد". وإذا كتب الرجل ذِكْر حَقّ باسمه وهو من ثمن متاع لابنه وارتهن به قرية وأرضها كتب: "ذِكْر حَقّ فلان بن فلان على فلان بن فلان، كذا كذا درهماً وَزْن سبعة جياداً، وحِلُّها إلى كذا كذا من الأجل، وهذا المال من ثمن متاع لفلان بن فلان، باعه فلان (¬2) من فلان، وقبضه فلان منه وقبله ورضيه، وبرئ فلان إليه منه، وفلان يومئذ صغير في عيال أبيه فلان، ومنٍ قام بهذا الذّكْر حَقّ فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال قرية يقال لها كذا وكذا وأرضَها، وهذه القرية والأرض من طَسُّوج (¬3) كذا من رُسْتَاق (¬4) كذا (¬5)، منها قَرَاح (¬6) يقال له كذا وكذا، أحد حدوده والثاني والثالث والرابع، وأحد (¬7) حدود هذه القرية والثاني والثالث والرابع، بحدود هذه القرية والأرض المحدودة (¬8) في كتابنا هذا وبيوتها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً بجميع هذا المال، وقبضهما فلان من فلان، على أنه مسلَّط على بيعهما عند حِلّ هذا المال، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيستوفي هذا المال، وإن نقص (¬9) هذا الثمن عن هذا (¬10) المال فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد". ¬

_ (¬1) ز: هذال. (¬2) ف - فلان. (¬3) تقدم قريباً أنه بمعنى القرية. (¬4) م ف ز ع: من بدستق. وقد تقدم ما فيمى (¬5) م: لذا. (¬6) القَرَاح المزرعة التي ليس فيها بناء ولا شجر، والجمع أَقْرِحَة. انظر: المغرب، "قرح"؛ والمصباح المنير، "قرح". (¬7) م: وأخذ. (¬8) ز: المحذوذة. (¬9) م ف ز: وإن يقبض. والتصحيح من ع. (¬10) م ف ز ع: من هذا. والتصحيح من ب جار.

باب الشهادة في الرهن

وكذلك الوصي يبيع مال اليتيم فإنه يكتب كذلك. وإذا تَعَيَّنَ (¬1) الوصيُّ ورهن داراً ليتيبم كتب: "ذِكْرُ حَقّ فلان على فلان، عليه كذا كذا درهماً وَزْن سبعة، وحِلّها (¬2) إلى كذا كذا من الأجل، وهو من ثمن متاع اشتراه فلان من فلان (¬3) لفلان، وقبضه منه وقبله ورضيه، وباعه وأدى ثمنه عن فلان، وهو كذا كذا درهماً كانت على فلان، ومن قام بهذا الذكْر حَقّ فهو وليّ ما فيه، وقد رهن فلان فلاناً بهذا المال دار فلان التي في بني فلان، وفلان يومئذ صغير في حجر وصيّه فلان، أحد حدود هذه الدار والثاني والثالث والرابع، بحدودها كلها وكل حق هو لها، رهناً مقبوضاً بجميع هذا المال، وقبضها فلان من فلان، على أنه مسلَّط على بيع هذه الدار، جائز بيعه أمين في ذلك، يبيع فيستوفي ماله، فإن نقص الثمن عن ماله (¬4) فعلى فلان، وإن زاد فله، شهد". ... باب الشهادة في الرهن وإذا اختلف الراهن والمرتهن فجحد الراهن الرهن وادعاه المرتهن وقد قبض فإنه يسأل البينة على أنه ارتهن وقبض. فإن أقام رجلين أو رجلاً ¬

_ (¬1) أي: باع بيع العِينَة. قال المطرزي: إنه لم يجد "تعيّن" بمعنى هذا في اللغة، لكنه موجود في لسان العرب. والعِينَة بالكسر: السَّلَف، واعْتَانَ الرجلُ اشترى الشيء بالشيء نسيئة، وتَعَيَّنَ، وعَيَّنَ التاجر تعييناً، وقيل: هي أن يبيع الرجل متاعه إلى أجل ثم يشتريه في المجلس بثمن حال لِيَسْلَمَ به من الربا، وقيل لهذا البيع عِينَة لأن مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عيناَ، أي: نقداً حاضراً. انظر: المغرب، "عين"؛ ولسان العرب، "عين"؛ والمصباح المنير، "عين". (¬2) ز. وحدها. (¬3) ف: من لفلان. (¬4) م ف ز ع: من ماله. والتصحيح من ب جار.

وامرأتين فهو جائز. إن شهدا (¬1) على معاينة القبض أو على إقرار الراهن بذلك فهو سواء. وهذا قول (¬2) أبي حنيفة الآخر رجع إليه. وهو قول أبي يوسف. وإذا شهدا على معاينة القبض واختلفا في المكان أو في (¬3) الأيام أو في البلدان أو في الشهور فهو سواء، والرهن جائزة لأنه لم يكن رهناً ولا قبضاً إلا بإقرار الراهن. ألا ترى أنه لو قبض بغير إقرار الراهن كان غاصباً. وإن اختلف الشاهدان فقال أحدهما: رهنه بمائة، وقال الآخر (¬4): رهنه بمائتين، فشهادتهما باطل. ولو قال أحدهما: بمائة، وقال الآخر: بمائة وخمسين درهماً، والمرتهن يدعي مائة وخمسين (¬5) درهماً فالرهن بمائة درهم، وللمرتهن على الراهن مائة درهم يؤخذ بها. فإن ادعى المرتهن مائة درهم (¬6) فشمهادتهما باطل. ولو شهد أحدهما بكُرّ حنطة والآخر بكُرّ شعير كان باطلاً. ولو شهد أحدهما بدينار والآخر بدرهم كان الرهن باطلاً، ولا يكون عليه من الدين شيء في جميع هذه الوجوه (¬7)، إلا في الذي شهد [أحدهما] (¬8) بمائة وشهد الآخر بمائة وخمسين فإنه يكون عليه مائة إذا ادعى المرتهن ذلك (¬9) في قول أبي حنيفة. وإذا ادعى (¬10) الراهن أنه رهن بخمسمائة وذلك قيمته وأقام على ذلك شاهداً وأقام شاهداً آخر على مائة وقال المرتهن: لي عليه ¬

_ (¬1) ز: شهد. (¬2) ز + الإمام الأعظم. (¬3) م ز ع: وفي. (¬4) ف ز + رهنه بمائة وقال الآخر. (¬5) م ف ز ع: وخمسون. وورد صحيحا في المبسوط، 21/ 125 (¬6) ف + يؤخذ بها فإن ادعى المرتهن مائة درهم. (¬7) ف: الوجه. (¬8) الزيادة من ب جار. (¬9) أي: مائة وخمسين. وعبارة ب جار: إذا ادعى المرتهن الأكثر. (¬10) م ز: فإذا ادعى.

خمسون ومائة وهذا رهن بمائة منها، فهو رهن بمائة، والقول في ذلك قول المرتهن مع يمينه إلا أن يقيم الراهن بينة أخرى على ما ادعى. فإن أقام كل واحد منهما بينة على ما ادعى فالبينة بينة الراهن، وهو رهن بمائة وخمسين درهماً؛ لأنه مدعي للفضل. وإن اختلفا في قيمة الرهن بعدما هلك في يدي المرتهن فالقول قول المرتهن في قيمته مع يمينه، ويذهب من المال بحساب ما قال. وكذلك لو كانا ثوبين فهلك أحدهما كان القول قول المرتهن في قيمة الهالك. فإن أقام الراهن بينة على أكثر من ذلك الذي ادعى المرتهن أخذت ببينة الراهن، ولا تقبل بينة المرتهن على قوله. وإذا رهن الرجل عبداً بألف باعه بها متاعاً فقبض المتاع وأبى أن يدفع إليه الرهن وجحد الراهن وأقام المرتهن (¬1) بينة على أنه باعه هذا المتاع على أن يرهنه ذلك العبد فإني لا أجبره على أن يدفع إليه ذلك العبد؛ لأنه لم يقبضه ولم يكن رهناً، ولا يكون رهناً إلا مقبوضاً، ولكن صاحب المتاع البائع بالخيار. إن شاء أخذ متاعه إلا أن يعطيه الآخر العبد رهناً أو يعطيه مكانه رهناً يرضى به. ولو لم يجحد الراهن ولكن الرهن مات في يديه أو استحق أو باعه أو أصابه عيب ينقصه فإن الذي باع المتاع بالخيار. إن شاء أخذ متاعه. وإن شاء تركه بغير رهن. فإن رضي الآخر أن يعطيه رهناً مكان ذلك الرهن بقيمته (¬2) أعطاه وسلم له البيع. وإن أبى البائع أن يأخذ رهناً إلا دراهم أو دنانير قيمة ذلك فله ذلك أو يأخذ متاعه. فإن كان المتاع قد استهلك أخذ ثمنه حالاً أو يعطيه قيمة ذلك الرهن دراهم (¬3) أو دنانير رهناً مكانه. وإذا ادعى الرهن الواحد الرجلان (¬4) كلاهما يدعي، يقول: رهنتني ¬

_ (¬1) ف: الرهن. (¬2) م ف ز ع: ثقه (مهملة). والتصحيح من ب جار. ويظهر أن في عبارة السرخسي سقطا. انظرت المبسوط، 21/ 126. (¬3) م ز: دراهما. (¬4) م: للرجلان.

بألف درهم وقبضت، ويقيم بينة على ذلك، فإن كان الرهن في يدي الراهن لم يكن لواحد منهما في القياس؛ لأنه لا يكون نصفه رهناً لكل واحد وهو غير مقبوض (¬1). فإن أقام أحدهما بينة أنه أول وأنه قد قبضه جاز له. فإن لم تقم لأحدهما بينة أنه أول ولكن وقتت كل (¬2) واحدة من البينتين وقتاً فإنه لأولهما. وإن كان في يدي واحد منهما وكل واحد منهما يقيم البينة أنه ارتهنه وقبضه فإنه يقضى به للذي هو في يديه إلا أن يقيم الآخر بينة أنه أول. فإن كان في أيديهما جميعاً وكل واحد منهما يقيم البينة أنه ارتهنه وقبضه فإذا علم الأول منهما فهو رهن له وبطل الآخر. وإن لم يعلم الأول فإنه لا يكون لواحد منهما في القياس. وبه نأخذ. وفي الاستحسان لكل واحد منهما نصفه رهناً بنصف حقه. ولو مات الراهن وعليه دين والرهن في أيديهما وكل واحد منهما يقيم البينة أنه ارتهنه كان لكل واحد نصفه بنصف حقه يباع له. فإن فضل عن نصيب كل واحد منهما شيء كان أسوة الغرماء (¬3) بالحصص، ويضرب كل واحد منهما مع الغرماء بالذي بقي له. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد، استحسنا ذلك. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى أن (¬4) الرهن كله باطل، وأنه بين الغرماء بالحصص. وإذا أقام رجلان كل واحد منهما بينة على متاع أنه ارتهنه من فلان وقبضه وهو في يدي أحد صاحبي الدين ولا يعلم أيهما أول فهو رهن للذي هو في يديه. وإن أقام كل واحد منهما بينة أنه ارتهنه من رجل سوى صاحب هذا المتاع فهو رهن للذي هو في يديه. وإن كان الآخر أول فإن أقام كل (¬5) منهما بينة أن هذا المتاع متاع فلان وأنه ارتهنه بكذا وكذا وقبضه ¬

_ (¬1) ز: مقبضو. (¬2) ف: لكل. (¬3) الأسُوة والإِسوة: القدوة، والقوم أسوة في هذا الأمر أي: حالهم فيه واحدة. انظر: لسان العرب، "أسو". (¬4) م ز - أن. (¬5) ز + واحد.

وهو في يدي أحدهما فهو رهن للذي (¬1) في يديه، ولا يقبل من الآخر البينة إذا كان صاحبه غائبأ؛ لأن القضاء يكون على الغائب. وإن كان صاحبه شاهداً وصاحبه الآخر غائباً لم أقض بينهما حتى يحضر راهن هذا وراهن هذا. فإذا حضرا قضيت به للمدعي الذي ليس في يديه وجعلته رهناً له، ولا أنظر في هذا إلى الأول ولا إلى الآخرة لأن الأصل ليس مِن قِبَل إنسان واحد. وإذا كان عبد في يدي رجل فادعى رجل أنه عبده وأنه رهنه من فلان بألف درهم وقبضه فلان منه وفلان غائب والذي العبد في يديه يدعيه ويقول: هو عبدي، فإنه يقضى به للمدعي، فيؤخذ منه فيوضع على يدي عدل حتى يحضر الغائب فيصدق بالرهن أو يكذب. ولو غاب الراهن وقال المرتهن: هذا العبد رهن في يدي مِن قِبَل فلان بكذا كذا درهماً، وإن هذا (¬2) اغتصبه مني أو استعاره مني أو استأجره مني، فأقام على ذلك بينة فإني أدفعه إليه؛ لأن هذا أخذه من يديه. وليس هذا كالباب الأول. وإذا اختلف الراهن والمرتهن فقال الراهن: رهنتك هذا الثوب وقبضته مني وأعطيتني العشرة، وأقام البينة وقال المرتهن: بل رهنتني هذا العبد، وأقام على ذلك بينة بالقبض فإني آخذ ببينة المرتهن؛ لأنه المدعي. ولو اختلفا فقال المرتهن: رهنتهما جميعاً، وقال الراهن: بل رهنتك هذا وحده، وقد قبض العبد والثوب فأقاما جميعاً البينة فإن البينة بينة المرتهن، وهما جميعاً رهن له (¬3) بما ادعى. وإذا اختلف الراهن والمرتهن في عبد وأمة والدين ألف وهما مقران بألف فقال الراهن: رهنتك الأمة بألف وقبضتها مني، وقال المرتهن: بل رهنتني العبد وقبضته منك، وأقاما جميعاً البينة فإنه يؤخذ ببينة المرتهن (¬4)، ¬

_ (¬1) ز + هو. (¬2) ز - هذا. (¬3) م - له؛ ز - رهن له. (¬4) ف: الرهن.

ويكون العبد رهناً له، ويرد الأمة إلى الراهن. فإن كانا قد ماتا جميعاً في يديه وقيمة الأمة ألف وقيمة العبد خمسمائة فأقاما بينة فإن البينة في هذا بينة الراهن؛ لأنه المدعي للفضل؛ لأن الأمة حيث ماتت في يديه صار مستوفياً. وإذا اختلف الراهن والمرتهن فقال المرتهن: رهنتني هذا العبد بألف وقبضته منك، ولي عليك سوى ذلك مائة دينار ولم تعطني بها رهناً، وقال الراهن: لم أرهنك هذا العبد، ولكن غصبتني هذا العبد غصباً، ولك (¬1) علي هذه الألف درهم (¬2) بغير رهن، وقد رهنتك بالمائة دينار أمة يقال لها فلانة وقبضتها مني، وقال المرتهن: لم أرتهن أمتك فلانة وهي أمتك، وليست بينهما بينة والعبد والأمة في يدي المرتهن فإنه يحلف الراهن (¬3) على دعوى (¬4) المرتهن. فإن حلف بطل الرهن في العبد وأخذه الراهن. وإن نكل عن اليمين كان العبد رهناً للمرتهن بالألف. وأما المرتهن فإنه لا يحلف في الأمة بشيء ويردها على الراهن؛ لأنه أقر أنها أمته ولم يدّع (¬5) فيها رهناً (¬6). وإن قامت لهما جميعاً بينة أخذت ببينة المرتهن وأبطلت بينة الراهن ورددت عليه أمته. فإن كانت الأمة قد ماتت في يدي المرتهن وقيمتها مائة دينار فهي بها؛ لأن الراهن قد أقام البينة على أنها رهن (¬7) بمائة دينار. وأما العبد فإنه رهن بالألف على حاله. وإذا أقام الراهن البينة أنه قد رهن هذا الرجل عبداً بألف يساوي ألفين وقبضه منه وأنكر المرتهن ذلك ولا يدري ما فعل العبد فالمرتهن ضامن لقيمته كلها؛ لأنه جحد فصار ضامناً للفضل الذي كان فيه مؤتمناً. ولو أقر المرتهن ولم يجحد أن العبد مات عنده لم يضمن شيئاً وذهب العبد بما فيه. فإذا لم يقر أنه ارتهنه ولا مات عنده ضمنته القيمة كلها وحسبت له من ذلك ألفه ورد ألفاً. ¬

_ (¬1) م ز: ولكن. (¬2) ف ز - درهم. (¬3) م ف: للراهن. والتصحيح من ع. (¬4) ز: على يدعوي. (¬5) ز: يدعي. (¬6) م - رهنا. (¬7) ز - رهن.

وإذا أقام الراهن بينة على المرتهن أنه رهنه رهناً وقبضه ولم يسم الشهود الرهن (¬1) ولم يعرفوه فإنه يسأل المرتهن عن الرهن ويجعل القول قوله. فإن قال: هو ثوب، فهو ثوب. وإن قال: قيمته كذا كذا، فهو كما قال مع يمينه؛ لأن الشهود لم يبينوا شيئاً. وإذا شهد شهود الراهن أنه رهن عند هذا المرتهن ثوباً مروياً بمائة درهم يساوي خمسين درهماً (¬2) وجحد المرتهن ذلك ولا يعرف ما فعل بالثوب (¬3) فالمرتهن ضامن لقيمة الثوب يحسب له من دينه. وإن لى يجحد المرتهن ذلك ولكن جاء بثوب يساوي عشرين درهماً فقال: هو هذا، فإنه لا يصدق ولا يقبل منه ذلك ويطرح عنه خمسون درهماً. وإذا أقام المرتهن البينة على الراهن أنه رهنه هذا الثوب بحقه ولم يقبضه فإنه لا يجوز، ولا يكون رهناً؛ لأنه لم يقبضه. فإن شهدت شهود المرتهن أنه (¬4) قد قبض الثوب جاز ذلك وقضيت له به. وإذا كان الراهن رجلين فادعى (¬5) المرتهن عليهما رهناً فأقام البينة على أحدهما (¬6) أنه رهنه وقبضه والمتاع لهما جميعاً وهما يجحدان الرهن فإنه يستحلف الراهن الذي لم يقم البينة عليه بالله ما رهنته. فإن حلف فسد الرهن ورد عليهما. وإن أبى أن يحلف جاز الرهن عليهما جميعاً للمرتهن. وإذا كان الراهن واحداً والمرتهن اثنين فقال أحدهما: ارتهنت أنا وصاحبي هذا الثوب منك بمائة وقبضناه، وأقام البينة، وأنكر المرتهن الآخر وقال: لم نرتهنه (¬7)، وقبضا (¬8) الثوب، وجحد الراهن الرهن فإنه يرد على ¬

_ (¬1) ز: الراهن. (¬2) م ز - درهما. (¬3) م ف ز ع: الثوب. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 131. (¬4) ز: فانه. (¬5) م ز: وادعى. (¬6) م - أحدهما؛ ز - على أحدهما. (¬7) م ف ع: لم نرهنه. والتصحيح من المبسوط، 21/ 131. (¬8) ز - وأقام البينة وأنكر المرتهن الآخر وقال لم نرتهنه وقبضا.

الراهن الرهن؛ لأنه قد (¬1) أبطل نصف حق الذي أنكر، فلا يجوز نصفه رهناً. وهذا قؤل أبي يوسف. وقال محمد: أقضي به رهناً فأجعله في يد (¬2) المرتهن الذي أقام البينة وعلى يدي (¬3) عدل، فإذا قضى الراهن المرتهن الذي أقام البينة (¬4) على الراهن جاز الرهن. وإن هلك الرهن ذهب (¬5) نصيب المرتهن الذي أقام البينة من المال، ولا يصدق المرتهن الذي جحد الرهن على إبطال حق المرتهن الذي أقام البينة بجحوده. وإذا ادعى الرجل أنه استوح المرتهن ثوباً وأقام البينة أنه استودعه إياه وأقام الآخر البينة أنه ارتهنه منه فإنه يؤخذ ببينة المرتهن؛ لأن المرتهن أولى. ولو أقام الراهن بينة أنه باعه إياه وأقام المرتهن بينة على الرهن جعلته بيعاً وأبطلت الرهن. وإذا ادعى المرتهن أنه وهبه له وقبضه وادعى الراهن أنه رهنه إياه وأقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المرتهن وجعلته هبة وأبطلت الرهن؛ لأن الرجل قد يهب بعدما يرهن (¬6) ويبيع بعدما يرهن، ولا يرهن بعدما يهب، ولا بعدما يبيع. وكذلك لو ادعى رجلان هذا الثوب فقال أحدهما: اشتريته بعشرة دراهم، والآخر يقول: ارتهنته بعشرة، وأقام كل واحد منهما البينة على ما قال وعلى القبض وهو في يدي الراهن جعلته (¬7) بيعاً للمشتري فأبطلت الرهن إلا أن يعلم (¬8) أن الرهن كان قبل البيع. ولو كان في يدي المرتهن جعلته رهنا إلا أن يقيم صاحب الشرى بينة أن الشرى كان أول. ولو كان في يدي الراهن فادعى المرتهن الرهن وادعى الآخر الصدقة وكل واحد منهما يقيم بينة على ذلك وعلى القبض وهو في يدي الراهن فإن ¬

_ (¬1) م - قد. (¬2) ز: في يدي. (¬3) م: وعلى يد. (¬4) ز - وعلى يدي عدل فإذا قضى الراهن المرتهن الذي أقام البينة. (¬5) ز: جاز. (¬6) ف: قد يهب ما يرهن. (¬7) ف: وجعلته. (¬8) ز: أن تعلم.

صاحب الرهن أولى به؛ لأنه قد أعطاه في ذلك مالا (¬1)، إلا أن تقوم بينة أن الهبة هي الأول فيكون لصاحب الهبة. وكذلك الصدقة والنحلى والعمرى والعطية. وإذا استودع الرجل (¬2) رجلاً ثوباً ثم رهنه إياه فإن هلك الرهن قبل أن يقبضه المرتهن بالرهن فهو فيه مؤتمن، والقول قوله بغير بينة. فإن أقام الراهن بينة أنه قد قبضه بالرهن بعدما ارتهن وهلك بعد ذلك وأقام المرتهن بينة أنه قد هلك عنده بالوديعة قبل أن يقبضه بالرهن فإنه يؤخذ ببينة الراهن. وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الرهن فقال الراهن: قبضت مني الرهن فهلك في يديك، وقال المرتهن: بل قبضته مني أنت بعد الرهن فهلك في يديك، فالقول في ذلك قول الراهن مع يمينه؛ لأن المرتهن قد أقر بقبضه فهو في ضمانه، وهو بماله. فإن أقاما جميعاً البينة على ما قالا أخذت ببينة الراهن؛ لأنه المدعي للفضل؛ لأن هلاك الرهن في يدي المرتهن بمنزلة القضاء. وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الرهن فقال الراهن هلك في يدي (¬3) المرتهن، وقال المرتهن: هلك في يدي الراهن قبل أن أقبضه، فالقول قول المرتهن مع يمينه؛ لأنه لم يقر بقبض الرهن. فإن أقام كل واحد منهما البينة أخذت ببينة الراهن؛ لأنه المدعي. وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الرهن فقال المرتهن: ارتهنته بمائة، وقال الراهن: بمائتين، وقد قبضه، فإن القول قول المرتهن. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة الراهن؛ لأنه المدعي. وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الرهن فقال المرتهن: رهنتني هذين ¬

_ (¬1) م ز ع: ما؛ ف: ماء. والتصحيح من ب جار. ويقول السرخسي: الرهن عقد ضمان، والهبة والصدقة عقد تبرع، وعقد الضمان أقوى من عقد التبرع، فكان صاحب الرهن أولى. انظر: المبسوط، 21/ 133. (¬2) م ف ز ع: الرجلان. وفي ب جار: الاثنان. والتصحيح من المبسوط، 21/ 133. (¬3) ف: في يد.

الثوبين وقبضتهما، وقال الراهن: بل رهنتك أحدهما بعينه، فإن القول قول الراهن مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المرتهن، لأنه المدعي. وإذا هلك الرهن في يدي المرتهن فاختلف الراهن والمرتهن في قيمته فالقول قول المرتهن مع يمينه. فإن أقام كل واحد (¬1) منهما البينة أخذت ببينة الراهن. وإذا كان الرهن عبداً والدين ألفاً فذهبت عين العبد وهو يساوى ألفاً فقال الراهن: كانت هذه قيمته يوم رهنتك وقد ذهب نصف دينك، وقال المرتهن: بل كانت قيمته خمسمائة يوم رهنتني، وإنما زاد بعد ذلك وإنما ذهب ربع حقي، فالقول قول الراهن مع يمينه؛ لأن العبد يساوي ألفاً الساعة. فإن أقاما جميعاً البينة على ما ادعيا أخذت ببينة الراهن؛ لأنه يدعي الفضل والبراءة. وإذا مات الذمي فادعى الذمي بعض متاعه رهناً وادعى مسلم عليه ديناً وأقام الذمي بينة من أهل الذمة (¬2) وأقام المسلم بينة من المسلمين على دينه فإنه يبدأ بدين المسلم حتى يستوفي حقه. فإن بقي شيء كان للذمي. ولا يجوز رهن الذمي حتى يستوفي المسلم ماله؛ لأن شهود (¬3) الذمي من أهل الذمة وشهادتهم تضر بالمسلم. ولو كان شهود الذمي مسلمين جاز ذلك له وكان أحق بالرهن حتى يستوفي. ولو أقام المسلم بينة من أهل الذمة وأقام (¬4) الذمي بينة من أهل الذمة أخذت ببينة المسلم، ولا يكون رهناً حتى يستوفي المسلم. ولو ادعى المسلم الرهن وادعى الذمي [الرهن كذلك] وأقام الذمي بينة من المسلمين وأقام (¬5) المسلم بينة من أهل الذمة جازت شهادتهم جميعاً، فأيهما (¬6) كان أول فهو أولى (¬7) به. فإن لم يعلم أيهما (¬8) ¬

_ (¬1) م: كل واجد. (¬2) ف: الكوفة، صح هـ. (¬3) م ف ز - شهود. والزيادة من ع. (¬4) م ز: فأقام. (¬5) م ز: فأقام. (¬6) م ف ز: فأيها. والتصحيح من ع. (¬7) ف: أول. (¬8) م ف ز ع: أيها.

باب رهن المكاتب

أول وكان في يدي واحد منهما فهو له دون صاحبه. فإن كان في أيديهما جميعاً فلكل واحد منهما نصفه رهناً بنصف حقه. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول يعقوب ومحمد فالرهن باطل، وهو بين الغرماء بالحصص. ... باب رهن المكاتب وإذا ارتهن المكاتب رهناً بدين له أو رهن رهناً بدين عليه فهو جائز، وهو في ذلك بمنزلة الحر. فإن رهن رهناً بالمكاتبة وقبضه المولى منه وقيمته والمكاتبة سواء فهلك الرهن عند المولى فهو بما فيه، وبطلت المكاتبة ويعتق المكاتب. ولو لم يهلك ولكنه كان عبداً فاعورّ ذهب نصف المكاتبة. ولو لم يعورّ ولكنه أبق فخاصم المكاتب المولى وأراد دفع (¬1) المال وأَخْذَ رهنه فقال المولى: قد أبق، فإنه يحلف على ذلك وينظر في ذلك ويستأنى به. فإن حلف أبطلنا المكاتبة عن المكاتب وأعتقناه. وإن وجد العبد رُدَّ على المكاتب (¬2) ورجع عليه المولى بالمال كما كان، وهو حر بالعتق الأول الماضي فيه. ولو رهن رجل عبداً عن المكاتب رهناً بمكاتبته وفيه وفاء وقبضه المولى فهو جائز. فإن هلك بطلت المكاتبة وعتق (¬3) المكاتب، ولا يرجع مولى العبد (¬4) على المكاتب بشيء (¬5)، لأنه لم يستعره منه ولم يأمره برهنه. وإذا أراد المكاتب أن يرهن مولاه رهناً فأبى المولى أن يقبل منه كان له ذلك. وكذلك الحر يكون له على الحر دين. ¬

_ (¬1) ز: رفع. (¬2) م ف ع: على المكاتبة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط،21/ 134. (¬3) م ف ز: واعتق. والتصحيح من ع. (¬4) أي: الراهن، كما ورد في ب؛ والمبسوط، 21/ 135. (¬5) م ف ز ع: بعتق. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 135.

وإذا أراد المرتهن أن (¬1) يرد الرهن (¬2) على الراهن مكاتباً كان أو عبداً أو أمةً فهو جائز، ولا يجبره على إمساك الرهن. وإذا كاتب الرجل عبدين له مكاتبة واحدة وكفل كل واحد منهما عن صاحبه بالمال إن أدّيا عتقا وإن عجزا رُدَّا رقيقاً ثم إن أحدهما رهن المولى رهناً قيمته مثل المكاتبة فهلك عند المولى فهو بالمكاتبة، وقد عتقا جميعاً، ويرجع المكاتب الراهن على المكاتب (¬3) الذي لم يرهن بحصته من المكاتبة؛ لأنه قد أداها. فإن كان الرهن بينهما نصفين وكانا (¬4) رهناً جميعاً فهلك عند المولى وقيمة أحد المكاتبين ألفان (¬5) وقيمة الآخر ألف (¬6) فإن الذي قيمته ألف يرجع على الذي قيمته ألفان بسدس قيمة الرهن. وإن (¬7) كان قيمة أحدهما ألفاً وخمسمائة (¬8) وقيمة الآخر ألفاً (¬9) فإن الذي قيمته ألف يرجع على الذي قيمته ألف وخمسمائة بعشر قيمة الرهن. وعلى هذا جميع هذا الوجه وقياسه. وإذا رهن المكاتب عند المكاتب رهناً بدين له عليه فهو جائز. وكذلك لو رهن عند عبد تاجر أو رَهَنَ عبدٌ تاجر عنده رهنا (¬10). وكذلك (¬11) لو (¬12) رهن مولاه (¬13) بقرض استقرضه منه قبل حِلّ النَّجْم (¬14) أو بعدما حَلَّ طائفةٌ ¬

_ (¬1) م ف ز - أن. والزيادة من ع. (¬2) ف: الراهن. (¬3) ف - الراهن على المكاتب. (¬4) ف. فكانا. (¬5) م ز: ألفين. (¬6) ف - ألف. (¬7) ز. فإن. (¬8) م ز: قيمة أحدهما خمسمائة. (¬9) ز: ألف. (¬10) ز - وكذلك لو رهن عند عبد تاجر أو رهن عبد تاجر عنده رهنا. (¬11) م: ولذلك. (¬12) ز - لو. (¬13) أي: أخذ المكاتب رهناً من مولاه. وعبارة ب: وكذا لو رهن عند مأذون أو ارتهن من مأذون أو من مولاه ... (¬14) أي: القسط الذي يدفعه إلى مولاه كل شهر مثلاً، يقال: نَجَّمَ الدين أي أداه نجوماً، وأصله من النجم المعروف لأن العرب في الجاهلية كانوا لا يعرفون الحساب وإنما يحفظون أوقات السنة بالأنواء. انظر: المغرب، "نجم".

منها فاستوفاه أو بطعام أو شعير فهو جائز. وإذا ارتهن المكاتب رهناً من رجل بدين له ثم علم أنه لا دين له عليه فإن المكاتب ضامن كما يضمن الحر. وكذلك المكاتب يأخذ الرهن على أن يقرض فهلك الرهن عنده وقيمته مثل ما أراد أن يقرض فهو ضامن كما يضمن الحر وإن كان قرضه لا يجوز مِن قِبَل أنه قد أخذ رهناً. وكذلك المكاتب يكفل بكفالة ثم يأخذ بها رهناً قيمته والدين الذي تكفّل (¬1) به سواء فهلك الرهن فهو ضامن لقيمة الرهن، وكفالته باطل (¬2). ولا يجوز للمكاتمب المسلم أن يرهن خمراً، ولا يرتهنها من مسلم ولا من (¬3) كافر. وكذلك الحر المسلم. وإذا رهن المكاتب وهو كافر من مكاتب آخر كافر خيراً أو خنزيراً فهو جائز. وإذا رهن المكاتب عبده أو أمته فهو جائز. ولا يجوز أن يرهن ابنه الذي ولد له في المكاتبة، ولا الذي اشتراه. وكذلك أبوه وأمه وجده وجدته وولد ولده من الرجال والنساء لا يجوز له أن يرهن أحداً من هؤلاء. فإن رهن أخاه أو أخته أو ذا رحم محرم منه من سوى هؤلاء الذين سميت لك فهو جائز في قول (¬4) أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه ليس له أن يرهن أخاً، ولا أختاً (¬5)، ولا ذا رحم محرم منه، وليس له أن يبيع أحداً من هؤلاء. فإن رهن أم ولده معها ولد فإنه لا يجوز. وإن لم يكن معها ولد وكان اشتراها قبل ذلك فله أن يرهنها وأن يبيعها في قياس قول أبي حنيفة. وليس له أن يبيعها ولا يرهنها في قول أبي يوسف ومحمد. وكل شيء أجزنا (¬6) فيه الرهن فالبيع والمكاتبة فيه جائزة ما خلا أم الولد فإنه يكاتبها، وإن كان معها ولد فليس له أن يبيعها ولا يرهنها، مِن قِبَل أن الحر ¬

_ (¬1) ز: يكفل. (¬2) ز: باطلة. (¬3) ف - من. (¬4) ز + الإمام الأعظم. (¬5) م ز - ولا أختا. (¬6) ز: اخرنا.

يكاتب أم ولده وليس له أن يبيعها ولا يرهنها. فكذلك المكاتب. وإذا رهن المكاتب رهناً عن رجل وقبضه (¬1) المرتهن فإنه لا يجوز وإن أذن له المولى في ذلك، لأن المولى لا يملك مال المكاتب، ولا يملك المكاتب أن يرهن عن غيره، لأنه بمنزلة الكفالة. وإذا ارتهن الرجل من مكاتبه عبداً وفيه وفاء بالمكاتبة وقَبَضَهُ فهو جائز. وإن أبق العبد فاختصما في ذلك جعلت العبد من مال المولى، وأبطلت المكاتبة، وأعتقت المكاتب. فإن وُجِدَ العبدُ بعد ذلك كان رهناً في يدي المولى، وأجبرت المكاتب على أن يفتكّه بالمكاتبة، والعتق ماضٍ جائز. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم ورَهَنَهُ بها عبداً يساوي خمسمائة درهم ثم أعتقه البتّة أو دبّره أو كانت (¬2) أمة فوطئها فولدت والراهن موسر فهو ضامن لقيمة الرهن، ويكون رهناً مكانه. فإن كان المال قد حَلَّ (¬3) اقتضاه المرتهن من ماله ورجع بالفضل (¬4) على الراهن. فإن كان الراهن معسراً كان للمرتهن أن يستسعي أم الولد والمدبر في الدين كله ويستسعي المعتَق بتّة في خمسمائة، ويرجع العبد المعتَق على الراهن بذلك، ويرجع المرتهن على الراهن بفضل حقه. فإن كانت أمة فدبّرها وهي تساوي خمسمائة والدين ألف والراهن معسر فقضيتُ على المدبرة بالسعاية فولدت ولدأ فماتت (¬5) فإن المرتهن يستسعي ولدها في جميع المال. وكذلك لو كانت حية استسعاها (¬6) في جميع المال. فإن كان الراهن لم يدبّرها ولكن الراهن وطئها فولدت ولداًا ستسعاها المرتهن في جميع دينه، ولا يستسعي الولد ابن الراهن في شيء. فإن ولدت ولداً بعد ذلك من غير المولى كان للمرتهن أن يستسعي ذلك الولد معها. فإن ماتت (¬7) استسعى ذلك الولد في ¬

_ (¬1) م + وقبضه. (¬2) م ز: أو كاتب. (¬3) ز: قد حصل. (¬4) ف: الفضل. (¬5) م ف ز: فمات. والتصحيح من ع ب؛ والمبسوط، 21/ 138. (¬6) م ز: استسعاهما. (¬7) م ف ز: فإن مات. والتصحيح من ع ب.

جميع دينه. ولا سعاية على ابن المولى، وهو حر ماتت هي (¬1) أو عاشت، ولا سعاية عليه في شيء. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم يساوي خمسمائة فأعتقه الراهن وهو معسر ثم مات الراهن وترك خمسمائة فإن المرتهن يأخذها، ويسعى له العبد في خمسين ومائتين. ولو كان العبد سعى قبل موت الراهن كان عليه أن يسعى في قيمته كلها. وإن مات الراهن بعد السعاية وترك خمسمائة درهم كانت بين المرتهن والعبد نصفين؛ لأن كل واحد منهما يطلب الميت بخمسمائة درهم. وإذا رهن الرجلان عند الرجل عبداً بألف درهم ثم إن أحدهما أعتق (¬2) العبد وهو موسر وقيمة العبد ألف فهو ضامن لخمسمائة حصته من الدين، وعلى شريكه مثلها، ولشريكه أن يضمّن المعتِقَ نصفَ قيمة العبد. وإن شاء استسعى العبد. وإن شاء أعتق. ولو كان المعتق معسراً فللمرتهن أن يستسعي العبد في الألف كلها، ويرجع العبد على المعتق بخمسمائة، ولا يرجع على الآخر بشيء. ولو أعتقه أحدهما ثم دبّره الآخر فإن كانا معسرين فهو كما وصفت لك. وإن كانا موسرين ضَمِنَا الألفَ للمرتهن وسعى المدبر للذي دبّره في نصف قيمته، ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء. وإذا رهن الرجل عبداً استعاره بألف درهم وقيمته ألف فاستعاره ليرهنه فأعتقه المولى فعتقه جائز. وإن كان موسراً ضَمِنَ المالَ للمرتهن، ويرجع على الراهن بذلك. وإن كان معسراً وكان الراهن موسراً (¬3) ضَمِنَ الراهنُ المال (¬4)، ولا يرجع على أحد بشيء. وإن كانا معسرين جميعاً سعى العبد في ذلك ثم يرجع على أيهما شاء. فإن رجع على مولاه رجع مولاه على الراهن. وإن رجع على الراهن وترك مولاه فليس لمولاه على الراهن شيء. وإذا رهن (¬5) الرجل أمته عند رجل بألف درهم وقيمتها ألف فوطئها ¬

_ (¬1) م ز - هي. (¬2) م ز: عتق. (¬3) ف - وكان الراهن موسرا، صح هـ. (¬4) ف: ضمن المال الراهن. (¬5) ز: رجع.

فجاءت بولد يساوي ألفاً فادعاه بعدما ولدته فإن كان موسراً فهو ضامن للمال. وإن كان معسراً سعت الأمة في نصف المال وسعى الولد في نصف المال. وإن لم يؤد (¬1) الولد شيئاً حتى ماتت الأم قبل أن يفرغ من السعاية سعى ولدها في الأقل من قيمته ونصفِ الدين على حاله، ولا يزاد (¬2) عليه شيء لموت (¬3) الأم، ويرجع الولد بما سعى على الأب، ويرجع المرتهن بما بقي من ماله على الراهن. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم إلى أجل فرهنه بها عبداً يساوي ألف درهم وقبضه المرتهن ثم أقر الراهن أن العبد الرهن لرجل وادعى ذلك المُقَرّ له وأنكر (¬4) المرتهن فإن الراهن لا يصدَّق على المرتهن في ذلك، ولكن المُقَرّ له إن شاء أدى المال وقبض الرهن. فإن أدى المال حالاً لم يكن له أن يرجع فيه على الراهن حتى يحل المال. ولو أن المُقَرّ له لم يؤد (¬5) المال حتى أَعْتَقَ كان عتقه (¬6) جائزاً، وكان المرتهن بالخيار. إن شاء أخذ الراهن بقيمة العبد فيكون رهناً مكانه. وإن شاء أخذ بذلك المعتِق (¬7). فإن أخذ بذلك الراهن لم يرجع على المعتِق. فإن أخذ بذلك المعتِق رجع بذلك على (¬8) الراهن؛ لأنه هو الذي لحقه الضمان مِن قِبَله. فإن كانا معسرين كان للمرتهن أن يستسعي العبد في القيمة فيكون رهناً مكانه في يدي المرتهن، ويرجع العبد بتلك القيمة على الراهن. وليس له أن يرجع بذلك على المعتِق؛ لأنه مقر بأن المعتق لم يأذن له في رهنه، إنما كان ¬

_ (¬1) م ز: لم يزد؛ ف ع: لم يرد. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 140. (¬2) م ف ز: لا يزداد. والتصحيح من ع بد ولفظ السرخسي: لا يزاد. انظر: المبسوط، 21/ 140. (¬3) ز: بموت. (¬4) ز - وقبضه المرتهن ثم أقر الراهن أن العبد الرهن لرجل وأدعى ذلك المقر له وأنكر. (¬5) م ف ز ع: لم يرد. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 141. (¬6) م ز - عتقه. (¬7) م ف ز: العتق. والتصحيح من ع. (¬8) م - على.

مغتصباً (¬1). ولو كان العبد معروفاً للمعتق وقد كان أعاره الراهن ليرهنه (¬2) فرهنه بألف وقبضه المرتهن والدين إلى أجل ثم أعتقه المعتق فإن كان المعير والمستعير موسرين جميعاً فللمرتهن أن يرجع على المعتق بقيمة الرهن، فيكون رهناً مكان الرهن. وليس للمرتهن أن يضمّن الراهن؛ لأنه لم يستهلكه. فإن كان المعير معسراً فللمرتهن أن يستسعي العبد في قيمته فيكون رهناً مكانه، ويرجع بذلك العبد (¬3) على المعير. وليس له على المستعير سبيل. فإذا حلّ الدين أخذ من الراهن ورجعت القيمة إلى المعير بضمانه. ولكن الدين لو كان حالاً والمسألة على حالها كان المرتهن بالخيار. إن شاء رجع بدينه على الراهن، وإن شاء رجع على المعير إن كانا موسرين. فإن رجع على المعير رجع المعير بذلك على المستعير. فإن رجع على المستعير لم يرجع المستعير بذلك على المعير. وإن كانا معسرين جميعاً استسعى المرتهنُ (¬4) العبدَ في الدين. فإذا أداه كان العبد بالخيار. إن شاء رجع بما أدى على المستعير. وإن شاء رجع بذلك على المستعير. فإن رجع على المعير رجع المعير (¬5) بما ضمن على المستعير. وإن رجع على المستعير لم يرجع المستعير على المعير بشيء. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بها عبداً يساوي ألفين وقبضه المرتهن ثم أقر المرتهن أن الرهن لرجل اغتصبه منه الراهن فإن المرتهن لا يصدَّق على الراهن. فإن أدى الراهن الدين وأخذ العبد لم يكن للمقَرّ له على العبد (¬6) ولا على ما أخذ المرتهن سبيل بإقرار المرتهن. فإن مات العبد في يدي المرتهن ضمن المرتهن جميع قيمة العبد، ولا يرجع على الراهن بشيء من ذلك. وإن كان المرتهن لم يقر برقبة العبد ولكنه أقر ¬

_ (¬1) ز: متغصبا (مهملة). (¬2) ف: لرهنه. (¬3) م ز - العبد، صح م هـ. (¬4) م ف ز: الراهن. والتصحيح من ع. (¬5) م ف ز ع: العبد. وهو تحريف ظاهر. (¬6) ز + ولا.

أن لرجل (¬1) عليه ديناً (¬2) ألفي درهم استهلكها، وقد مات العبد في يدي المرتهن، فإن الرجل المقَرّ له يرجع على المرتهن بألف درهم، ولا يرجع عليه بغير ذلك؛ لأن العبد حين هلك في يديه صار مستوفياً بهلاكه لدينه، فعليه أن يؤدي إلى المقَرّ له ما استوفى من عبده بدينه. ولو كان العبد لم يصت ولكن المرتهن أقر برقبته (¬3) لرجل، وقد كان المرتهن جَعَلَ عَدْلاً فيما بينه وبين الراهن يبيعه حتى يوفيه حقه، فباعه العَدْلُ بألفي درهم ودفعه وقبض المال فنَقَدَ المرتهنَ من ذلك ألفَ درهم وأعطى (¬4) الراهنَ ألف درهم، فإن أجاز المقَرُّ له البيع أخذ الألف التي (¬5) أخذها المرتهن. وإن لم يُجِز البيعَ فلا سبيل للمقَرّ له على ما أخذ المرتهن. ولو كان المرتهن لم يقر بالرقبة ولكنه أقر أن العبد استهلك لرجل ألفي درهم والمسألة على حالها فإن المرتهن يدفع الألف التي قبض من ثمن العبد إلى المقَرّ له إن أجاز البيع أو لم يجز، لأن الرقبة لم تكن للمقَرّ له، فلا يضره إجازة البيع لو لم يجز، فإذا أخذ المقَرّ له من المرتهن ألف درهم لم يرجع بها على الراهن؛ لأنها لم تتلف بإقراره. وإذا رهن الرجل عبداً بألف درهم يساوي ألفاً فحفر العبد عند المرتهن بئراً في طريق المسلمين ثم إن الراهن أدى الدين وأخذ عبده فوقع في البئر دابة تساوي ألف درهم فعطبت فإن العبد يباع في الدين إلا أن يفديه المولى الراهن. فإن بِيع العبدُ بألف درهم وأعطاها صاحب الدابة رجع الراهن على المرتهن بالدين الذي (¬6) قضاه فأخذه منه؛ لأن العبد تلف بفعل كان عنده. فإن وقع في البئر دابة أخرى تساوي ألف درهم فعطبت رجع صاحبها على ¬

_ (¬1) ز: أن الرجل. وذلك الرجل هو صاحب العبد كما يظهر من تتمة العبارة وانظر: المبسوط، 21/ 142. (¬2) م ز: دين. (¬3) م ف ز: برقبة. والتصحيح من ع ب. (¬4) م ف ز: وأعطاه. والتصحيح من ع ب؛ والمبسوط، 21/ 142. (¬5) م ف ز ع: الذي. والتصحيح من المبسوط، 21/ 142. (¬6) ف: المرتهن بالذي.

صاحب الدابة الأولى فأخذ منه نصف ما أخذ؛ لأنهما مشتركان في ثمن العبد. فإذا أخذ منه نصف ما في يديه لم يكن لصاحب الدابة الأولى أن يرجع على الراهن بشيء مما قبض من الدين، لأنه إنما قبض ما كان أعطى المرتهن، ولم يقبض من قيمة العبد قليلاً ولا كثيراً. فإن وقع في البئر حر أو عبد فمات فدمه هدر، ولا يلحق أحداً (¬1) منه قليل ولا كثير. وإذا ارتهن الرجل أمة بألف درهم وقيمتها خمسمائة وقبضها فكاتبها المولى فللمرتهن أن يبطل المكاتبة. وليس هذا كالتدبير؛ لأن التدبير عتق. ولو لم يكاتبها ولكنه دبّرها فسعت في خمسمائة ثم ولدت ابناً يساوي خمسمائة ثم ماتت الأم كان على ابنها أن يسعى في خمسمائة. ولو كان [مكان] (¬2) الابن ابنة فسعت في مائة ثم ولدت ابنة ثم ماتت الابنة الأولى وبقيت السفلى وقيمة الأولى والسفلى سواء كان على السفلى أن تسعى فيما بقي كله. وإذا رهن الرجل أمتين عند رجل وقيمتهما ألفان كل واحدة منهما تساوي ألفاً (¬3) بألف درهم فدبّرهما المولى ثم ماتت إحداهما فإن الباقية تسعى في نصف الدين ويضمن المولى نصف الدين. فإن ولدت هذه الباقية (¬4) ابنة ثم ماتت قبل أن تسعى في شيء وقيمتها مثل قيمة أمها أو أقل أو أكثر سعت في خمسمائة تامة؛ لأن هذه سعاية على الأم قد وجبت عليها وخرجت من الرهن (¬5). ولو كانت ولدتها قبل التدبير ثم دبّرهما جميعاً سعت في خمسين ومائتين إن كانت قيمتها مثل قيمة أمها. وإذا ارتهن الرجل أمة تساوي ألفاً فولدت ابنة تساوي ألفاً (¬6) ثم دبّر المولى الأم وهو معسر فإن على الأم أن تسعى في خمسمائة. فإن ماتت ¬

_ (¬1) م ز: أحد. (¬2) وعبارة ب: ولو كان المولود ابنة. (¬3) ز: ألف. (¬4) م ز - الباقية. (¬5) م ف ز: عن الرهن. والتصحيح من ع ب، والمبسوط، 21/ 145. (¬6) م ز - فولدت بنتا تساوي ألفا.

ابنتها (¬1) سعت في ألف تامة. فإن لم تمت الابنة (¬2) وماتت الأم ولم يدبّرها ثم فى بّر الابنة فإن على الابنة أن تسعى في خمسمائة. فإن ولدت الابنة ابنة (¬3) وماتت الابنة الأولى سعت الابنة السفلى في خمسمائة (¬4) وإن كانت (¬5) قيمتها مائة. وإذا ارتهن الرجل أمة تساوي ألف درهم ثم ولدت ابنة تساوي ألف درهم ثم ولدت الابنة ابنة تساوي ألفأ ثم دبّرهن جميعاً ثم ماتت الأم والابنة الأولى (¬6) كان على الابنة السفلى أن لسعى في نصف الدين مِن قِبَل أنه لا يحتسب بالوسطى (¬7). ولو ماتت الأم والابنة قبل التدبير ثم دبّر السفلى سعت في نصف الدين؛ لأني لا (¬8) أحتسب بالوسطى إذا لم يقع عليها التدبير. ويرجع (¬9) على المولى بكل شيء أبطلناه بعد التدبير. وإذا ارتهن الرجل أمة تساوي ألفاً بألف درهم فولدت ابنة تساوي ألفاً ثم دبّرهما جميعاً فإن على كل واحدة منهما أن تسعى في خمسمائة. فإن ماتت الأم رجع بحصتها على المولى. ¬

_ (¬1) ف: أمها. (¬2) ز: الأم. (¬3) ز: ابنته. (¬4) ف - فإن ولدت الابنة ابنة وماتت الابنة الأولى سعت الابنة السفلى في خمسمائة. (¬5) ز: كان. (¬6) ز - الأولى. (¬7) اعترض عيسى بن أبان على الجواب في هذه المسألة وذهب إلى أن المولى إذا دبرهن جميعاً فإنه يحتسب بالوسطى ويكون على السفلى السعاية في ثلث الدين، لكن إذا لم يدبر الوسطى فإنها لا يحتسب بها، كما ذكر ذلك في المتن في المسألة التالية. واستصوب السرخسي اعتراض عيسى بن أبان. انظر: المبسوط، 21/ 146. وقد أجاب بعض الفقهاء على هذا الاعتراض. انظر: البحر الرائق لابن نجيم، 8/ 303. (¬8) ف - لا. (¬9) م ز: ورجع.

وإذا ارتهن الرجل أمة (¬1) بألف درهم تساوي ألفاً (¬2) فعَلِقَت فادعى الولدَ الراهنُ بعدما ولدت ثم ماتت الأم سعى الولد في حصته من الدين. فإن ادعى الولد قبل أن تلده ثم ولدت ثم ماتت الأم فليس على الولد أن يسعى. وليس هذا كالأول. وإذا ارتهن الرجل أمة بألف درهم تساوي ألفاً إلى أجل فولدت ولداً يساوي ألفاً فدبّر المولى الولد فإن كان موسراً ضمن قيمته وكان رهناً مع الأم. وإن كان معسراً سعى الولد في خمسمائة. فإن ماتت قبل أن تفرغ من السعاية كانت الأمة رهناً بالألف، لا يفتكّها إلا بالألف، لأن الابنة (¬3) زيادة. فإن ماتت الأم ماتت بخمسمائة؛ لأن المولى ضامن لقيمة التي دبّر (¬4). ويكون فيها من الدين خمسمائة. ولو لم يدبّر الابنة ولكن دبّر الأم وهو معسر فإن الأم تسعى في خمسمائة. فإن ماتت الابنة (¬5) كان على الأم أن تسعى في الألف كلها. ولو دبرهما جميعاً كان على المرتهن أن يستسعيهما جميعاً في الألف كل واحدة في خمسمائة. فإن ماتت الأم لم يرجع (¬6) على الأخرى بالفضل؛ لأن (¬7) السعاية قد وجبت عليهما. وإن ماتت الابنة سعت الأم في الألف كلها. ... ¬

_ (¬1) ز - أمة. (¬2) م ف ز ع + فولدت ابنة تساوي ألفا ثم دبرهما جميعاً فإن على كل واحدة منهما أن تسعى في خمسمائة فإن ماتت الأم رجع بحصتها على المولى وإذا ارتهن الرجل أمة بألف درهم تساوي ألفا. وهي مكررة سهوا كما هو ظاهر. ويفهم ذلك من ب جار أيضا. (¬3) وفي ب جار: الولد. وقد قال قبل ذلك: "فولدت ولدا" ثم ذكر "الابنة"، وهو تخصيص بعد تعميم، ولا فرق بين أن يكون الولد ابنة أو ابنا في هذه المسألة. (¬4) وفي ب جار: لقيمة الذي دبره. (¬5) وفي ب جار: فإن مات الولد. (¬6) ز: لم ترجع. (¬7) ز: إلا أن.

باب رهن العبد التاجر

باب رهن العبد التاجر وإذا كان العبد تاجراً أو يؤدي الغَلَّة فرهن بدين عليه أو ارتهن فهو جائز. وكذلك إن رهن عبداً أو أمة ابنَه كان أو أباه أو ذا رحم محرم منه فهو سواء. وليس العبد في هذا كالمكاتب؛ لأن العبد يبيع ابنه وأباه وأمه. ولا يجوز أن يرهن العبد الخمر ولا الخنزير بعد أن يكون العبد مسلماً، ولا يرتهنه (¬1). فإن كان الراهن أو المرتهن منه كافراً وكان العبد مسلماً لم يجز أيضاً. وكذلك المكاتب. فإن كان العبد كافراً فرهن عند كافر أو ارتهن فهو جائز. وإن كان مولاه مسلماً فهو جائز. وكذلك المكاتب. وإذا رهن العبد مولاه أو ارتهن منه فإن كان على العبد دين فأَخْذُه الرهن من مولاه جائز. ولا يجوز أن يرتهن مولاه منه مِن قِبَل أنه لا يكون لمولاه عليه دين. فإن لم يكن على العبد دين فلا يجوز أن يرهن مولاه ولا يرتهن منه (¬2). وإذا أخذ العبد رهناً بشيء يقرضه فهلك الرهن عنده قبل أن يقرضه وقيمته والقرض سواء فهو ضامن لقيمة الرهن. وإن كان أقرضه لا يجوز. وكذلك لو ارتهن بكفالة. وإذا رهن العبد رهناً عَنْ رجل (¬3) وقبضه المرتهن وهو تاجر يبيع ويشتري فإنه لا يجوز مِن قِبَل أنه بمنزلة الكفالة من العبد. فإن أذن له مولاه في ذلك فهو جائز إن لم يكن عليه دين، [فإن كان عليه دين] (¬4) فلا يجوز وإن أذن له مولاه. وكذلك المكاتب والمدبر وأم الولد والعبد الذي يسعى في بعض قيمته. وهذا قول أبي حنيفة. وفيه قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن الذي يسعى في بعض قيمته بمنزلة الحر يجوز بيعه وصنيعه كما ¬

_ (¬1) م ز: ولا يرهنه. (¬2) م ز - منه. (¬3) م ز: عند رجل. (¬4) الزيادة مستفادة من المبسوط، 21/ 147.

يجوز صنيع الحر. والعبد الصغير التاجر في الرهن والكفالة (¬1) سواء بمنزلة العبد الكبير. وكذلك العبد المشرك (¬2) فهو بمنزلة المسلم ما خلا الخمر والخنزير. وإذا ارتهن العبد من العبد وهما تاجران فهو جائز داراً كانت أو أرضاً. وكذلك الرقيق والحيوان. ولا يجوز للعبد (¬3) أن يرهن نفسه عند رجل وإن كان العبد تاجراً؛ لأن بيعه نفسه لا يجوز. وإذا أجاز (¬4) المولى الرهن فهو جائز إن لم يكن عليه دين. ألا ترى أنه لو باع نفسه فأجاز المولى جاز. ولو رهن العبد عبداً ذا رحم محرم من مولاه وعليه دين يحيط بقيمته وبجميع ما في يديه أو ارتهنه فهو جائز. إن كان هو الراهن جاز. وإن كان هو المرتهن جاز. ألا ترى أنه لو رهن بدين عليه فإن كان في ماله فضل على دينه عتق العبد الذي رهنه العبد ولم يجز الرهن فيه. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فالعبد الرهن الذي رهنه العبد المأذون له حر على كل حال، ولا يجوز الرهن فيه إن (¬5) كان في الرهن (¬6) فضل أو لم يكن. وإذا (¬7) ارتهن العبد أو رهن ثم مات أو حُجِرَ عليه فهو على حاله رَهْن. وكذلك لو أُعْتِقَ. وكذلك المدبر وأم الولد والمكاتب يرهن ثم يعتق أو يرتهن ثم يعتق فهو جائز (¬8). ¬

_ (¬1) م ف ز ع: والكفيل. والتصحيح من ب جار. (¬2) م ف ز ع: المشترك. وكذلك في ب جار. (¬3) م: العبد. (¬4) ز: جاز. (¬5) م ف ز ع: وإن. والتصحيح ظاهر من السياق. (¬6) ز: لرهن. (¬7) م ف ز: فإذا. والتصحيح من ع. (¬8) م - فهو جائز.

وإذا رهن العبد التاجر أو ارتهن ثم أبق فلحق بدار الحرب فالرهن على حاله جائز. وإذا دفع المولى إلى عبده التاجر بضاعة يبيعها له فرهن منها شيئاً فإنه لا يجوز. وإذا ارتهن بثمنها (¬1) رهناً فهو جائز. وإذا رهن العبد المحجور عليه أو ارتهن فإنه لا يجوز. فإن أجاز مولاه فهو جائز. وإذا رهن العبد التاجر متاعاَ وسَلَّطَ على بيعه عَدْلاً ووضعه على يديه فباع العدل المتاع والعبد تاجر ثم جاء مولى (¬2) العبد فادعى المتاع فأقر العبد له فإن (¬3) إقراره لا يجوز. فإن أقام بينة على المتاع أخذه. فإن أقر المولى أنه قد أمره أن يرهنه ولم يأمره بالبيع فالقول قول المولى مع يمينه، ولا يجوز البيع فيه، ويكون رهناً على حاله. وإذا رهن المولى شيئاً من متاع العبد وقبضه المرتهن فإن كان على العبد دين فإنه لا يجوز. وإن لم يكن عليه دين فإنه جائز. ولو كان عليه دين فأجاز العبد الرهن لم يكن جائزاَ وكان المولى ضامناً له (¬4). وكذلك لو أعار العبد متاعاً من متاعه ليرهنه كان الرهن باطلاً لا يجوز. فإن أجازه المولى وعليه دين فإن ذلك باطل لا يجوز. فإن لم يكن عليه دين فهو جائز. وإن كان الدين يحيط بما في يدي العبد فإنه لا يجوز (¬5) ولو أجازه الغرماء أيضاً. وإن (¬6) كان ما في يدي العبد أفضل من الدين فإنه لا يجوز أيضاً؛ ¬

_ (¬1) م ف ز: ثمنها. والتصحيح من ع. (¬2) م - مولى، صح هـ. (¬3) ز: فإنه. (¬4) ز - ولو كان عليه دين فأجاز العبد الرهن لم يكن جائزا وكان المولى ضامنا له؛ صح هـ. (¬5) ف - فإنه لا يجوز، صح هـ. (¬6) م ز: فان.

لأن هذا معروف بمنزلة الكفالة وبمنزلة القرض، فلا يجوز وإن أجاز المولى. ولا يجوز رهن الصبي ولا ارتهانه إلا أن يأذن له أبوه. فإن كان أبوه قد مات فأذن له وصيه فهو جائز. ألا ترى أن الرجل يأذن لابنه في التجارة والبيع والشرى فيكون جائزاً، وكذلك الوصي، وكذلك الرهن. فإن كبر الغلام فما كان في صغره رَهَنَ أو ارتهن فأَذِنَ الأبُ فهو جائز. وكذلك إن مات. ولو رهن متاعاً لنفسه عن غيره لم يجز ذلك وإن أذن له أبوه؛ لأنه معروف بمنزلة الكفالة. وإذا ارتهن (¬1) الغلام الصغير التاجر من الغلام التاجر رهناً فهو جائز. وكذلك لو ارتهن (¬2) من عبد تاجر أو حر تاجر أو مكاتب أو أم ولد. وكذلك لو رهنه شيئاً كان جائزاً إذا كان تاجراً. وإذا ارتهن الرجل رهناً على أنه بالخيار كان الرهن جائزاً إذا قبضه، وله أن يرده متى ما (¬3) شاء، والخيار باطل؛ لأن له أن يرده بغير خيار. وإذا كان الراهن بالخيار فهو جائز. والخيار في ذلك ثلاثة أيام مثل خيار البيع. وإذا كان ذاهب العقل فرهن رهناً فإنه لا يجوز. وكذلك إن ارتهن. فأما رهن الأعمى فذلك منه جائز. وكذلك الأخرس يرهن أو يرتهن (¬4) بعد أن يكون يكتب ويجيب عن نفسه بكتاب منه أو بإشارة تعرف. وإذا ارتهن الرجل رهناً في جُوالِق (¬5) أو جِراب ولم يره ولم يَنْشُرْه (¬6) ¬

_ (¬1) م ف ز ع: وإذا رهن. والتصحيح مستفاد من تتمة العبارة حيث يقول: وكذلك لو رهنه شيئاً ... فيكون تكرارا لا فائدة له إذا لم يصحَّح. (¬2) م ف ز ع: لو رهن. وانظر الحاشية السابقة. (¬3) م ز - ما. (¬4) ز: يرتهن أو يرهن. (¬5) الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق): وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق". (¬6) م: ولم يشتره.

باب رهن أهل الذمة

فإن شاء أن يرده رده؛ لأن له أن يرده. وإن نظر إليه فليس له أن يأخذ مكانه رهناً آخر. وكذلك العقار والرقيق والحيوان. ... باب رهن أهل الذمة وإذا رهن رجل من أهل الذمة رجلاً من أهل الذمة رهناً وقبضه فهو جائز، والذمي في ذلك كالمسلم. وإذا رهن الذمي ذمياً خمراً أو خنزيراً فقبض فهو جائز. فإن هلك عنده وقيمة الرهن مثل الدين بطل الدين. وإن كان أقل فهو بما (¬1) فيه. وإن كان الدين (¬2) أكثر رجع المرتهن بالفضل. وإن لم يهلك الرهن ولكن الخمر صارت خَلاًّ فإن كانت كقيمتها يوم ارتهنها فهي رهن (¬3) على حالها لا يتغير. وإن كانت أفضل من الدين فهو سواء. وكذلك لو رهنه عصيرًا فصار خمراً. وإذا رهنه شاة فماتت فدبغ (¬4) جلدها فهو رهن. فإن كان الدين عشرة دراهم وكانت الشاة تساوي عشرة يوم ارتهنها فإنه ينظر كم كان يساوي لحمها وكم (¬5) يساوي جلدها. فإن كان الجلد يساوي درهماً فهو به إذا كان اللحم يساوي تسعة دراهم (¬6). فإن كان اللحم يساوي أقل من ذلك والجلد يساوي أكثر من ذلك فالجلد رهن بما يساوي. فإن كانت الشاة تساوي عشرين درهماً يوم ارتهن والدين عشرة وكان الجلد يساوي درهماً واللحم يساوي تسعة عشر فالجلد رهن نصف درهم وقد ذهب ما (¬7) بقي (¬8). وإن كانت الشاة تساوي يوم ارتهنها خمسة جِلْدُها درهم واللحم أربعة فإن الجملة ¬

_ (¬1) م: لما. (¬2) ز - الدين. (¬3) ز - رهن. (¬4) م ز: فدفع. (¬5) م ز + كان. (¬6) م ز: الدراهم. (¬7) ف: بما. (¬8) وعبارة ب: وسقط باقي الدين.

رهن بستة، وذهب من الرهن أربعة، لأن الرهن لو ذهب كله ذهب خمسة، فلما بقي منه ما يساوي درهماً كان الذي ذهب منه أربعة وما بقي رهن بستة. وإذا ارتهن المسلم خمراً من مسلم أو كافر فصار في يديه (¬1) خَلاًّ فإن الرهن لا يجوز، وللراهن أن يأخذ الخل، ويكون الدين عليه كما هو. فإن كان الراهن كافراً وكانت قيمة الخمر يوم رهنه والدين سواء فله (¬2) أن يَدْفَعَ الخلّ، ويَبْطُلُ الدينُ مِن قِبَل أنه أخذ الخمر على وجه الضمان. وإذا ارتهن الرجل المسلم عصيراً من مسلم أو كافر فهو رهن. فإن تحولت خمراً والراهن مسلم فإن للمرتهن أن يخللها، وتكون (¬3) رهناً على ما وصفت لك، ويبطل منها على حساب ما نقص. وإن كان الراهن كافراً فله أن يأخذ الخمر ويبطل الرهن فيها، ويكون الدين عليه. وليس للمسلم أن يخلّلها. فإن خلّلها المسلم فهو ضامن لقيمتها يوم خلّلها وتكون (¬4) له، ويرجع بدينه. وإذا ارتهن الذمي من الذمي ميتة أو دماً فإن الرهن في هذا (¬5) باطل؛ لأن هذا ليس له ثمن ولا قيمة. وليس هذا كالخمر والخنزير. فإن كان الركان جلد ميتة فدبغه المرتهن فإنه لا يكون رهناً؛ لأن الرهن كان فاسداً. وللراهن أن يأخذه ويعطيه أجر الدباغة. وإذا (¬6) رهن المسلم المسلم خمراً فقبضها وخلّلها فللراهن أن يأخذها ولا يعطيه أجرأ؛ لأن الرهن كان فاسداً، ولأن عمله ليس كالدِّباغ. وإذا ارتهن الذمي من الذمي خمراً ثم أسلما جميعاً فقد خرجت من الرهن. فإن خلّلها فهي رهن. وكذلك لو أسلم أحدهما أيهما كان ثم صارت الخمر خلًّا (¬7) فهي رهن، وينقص من الدين بحساب ما نقص منها (¬8). ¬

_ (¬1) م ز: فصار بدنه. (¬2) أي: فللراهن. (¬3) ز: ويكون. (¬4) ز: ويكون. (¬5) م: فيها. (¬6) م ز: فإذا. (¬7) م ز - الخمر خلا. (¬8) ف - منها.

باب رهن أهل الحرب

وإذا رهن الذمي عند الذمي عصيراً ثم أسلما فصارت خمراً فأراد الراهن قبضها فليس له ذلك؛ لأن للمرتهن أن يخلّلها وتكون رهناً على حالها. وكذلك مسلم رهن مسلماً عصيراً فصار خمراً. وإذا مات الذمي فادعى عليه ذمي ديناً بشهادة أهل الذمة وعنده خمر رهناً فادعى عليه مسلم ديناً بشهادة أهل الذمة (¬1) أو غيرهم فإن الخمر تباع للمسلم حتى يستوفي دينه قبل الكافر. وإذا ارتهن الكافر خمراً من الكافر ووضعاها على يدي مسلم وقبضها فإن الرهن جائز، ولكنها تُنْزعَ من المسلم فتوضع على يدي رجل من أهل الذمة عدل في دينه. وليس لواحد منهما أن يقبضها حتى يضعها القاضي على يدي رجل من أهل الذمة عدل في دينه. وكذلك المسلم يرهن المسلم رهناً فيضعه على يدي عدل فيموت العدل (¬2). ... باب رهن أهل الحرب وإذا دخل الرجل الحربي دار الإسلام بأمان فرهن رهناً بدين عليه أو ارتهن فهو جائز، وهو في جميع ذلك بمنزلة أهل الذمة. فان رجع إلى دار الحرب ثم ظهر المسلمون (¬3) على تلك الدار فأخذوه أسيراً وله رهن في دار الإسلام بدين عليه فقد (¬4) بطل الدين، وصار الرهن للذي (¬5) هو في يديه بذلك الدين في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد فيباع الرهن، فيستوفي ¬

_ (¬1) ز + وعنده خمر رهنا فادعى عليه مسلم دينا بشهادة أهل الذمة. (¬2) أي: فإنه يوضع على يدي عدل آخر. انظر: المبسوط، 21/ 152. (¬3) ز: المسلمين. (¬4) م ز - فقد. (¬5) م: الذي. وهكذا هو في المبسوط، 21/ 152؛ لكن الرهن ليس في يديه وإنما هو في دار الإسلام. فهو تحريف.

باب رهن المرتد

المرتهن دينه، وما بقي فهو فيء لمن أسره. وإن كان عنده رهن لمسلم أو ذمي بدين له رد الرهن على صاحبه وبطل دينه في قول أبي يوسف ومحمد. وهو قياس قول أبي حنيفة. وإذا ارتهن الحربي من الحربي رهناً فقبضه ثم دخلا بأمان فاختصما فيه فإنه لا يقضى بينهما فيه؛ لأنهما لم يستأمنا ليجري (¬1) عليهما الحكم. ولو صارا ذمة أو مسلمَين ثم اختصما في ذلك الرهن والرهن قائم بعينه أمضيتُ الرهن على حاله. ... باب رهن المرتد وإذا رَهَنَ (¬2) المرتدُّ المسلمَ أو الذميَّ أو مرتداً مثلَه رهناً وقبضه فإن قتل المرتد على ردته فرَهْنُه باطل لا يجوز كما لا يجوز بيعه. وإن أسلم المرتد فالرهن جائز. فإن قتل المرتد على ردته وهلك الرهن يزيدي المرتهن (¬3) وهو والدين سواء وقد كان الدين قبل الردة والرهن من مال المرتد الذي اكتسبه قبل الردة فهو بما فيه. ولو كان الراهن مسلماً والمرتهن مرتداً ثم قتل على ردته أو لحق بدار الحرب فإن الرهن باطل لا يجوز. فإن أسلم ولم يقتل (¬4) فالرهن جائز. وإذا استدان المرتد ديناً في ردته بإقرار منه وكان (¬5) الرهن متاعاً من الذي اكتسبه قبل الردة أو بعد الردة فإن أسلم فذلك جائز. وإن قتل على ¬

_ (¬1) ز: لتجري. (¬2) م ف ز ع: وإذا ارتهن. وانظر تتمة العبارة. (¬3) ف + فالرهن جائز فإن قتل المرتد على ردته وهلك الرهن في يدي المرتهن. (¬4) م: ولم يقبل. (¬5) ف م ز: كان.

ردته فذلك الرهن باطل. فإن كان هلك في يدي المرتهن وهو من (¬1) متاع اكتسبه قبل الردة فهو له ضامن حتى يرد قيمته على الورثة (¬2)، ويكون ماله وفى ينه فيما اكتسب المرتد بعد الردة. وإن كان الدين قبل الردة والمتاع من كسبه في الردة فهلك عنده فهو له ضامن، ويكون ذلك فيئاً مع ما اكتسب بعد الردة، ويرجع المرتهن بما له في مال المرتد الذي اكتسبه قبل الردة. وهذا قول أبي حنيفة في المرتد. وفيها قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن كسبه في الردة وقبلها واحد، وهو ميراث لورثته. وإن رهنه فقتل على ردته أو أسلم فهو جائز. وكذلك شراؤه وبيعه وعتقه وكل (¬3) شيء من أمره ما خلا ذبيحته ونكاحه، فإنه لا تؤكل (¬4) ذبيحته، ولا يجوز نكاحه، وهو قول (¬5) أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا رهنت المرتدة أو ارتهنت فهو جائز، ولا تشبه المرأة في هذا الرجل في قول أبي حنيفة؛ لأن المرأة لا تقتل ويقتل (¬6) الرجل. وإذا رهن المرتد من كافر (¬7) خمراً ثم أسلم الراهن فإن الرهن لا يجوز. وكذلك لو كان المرتهن مرتداً والراهن ذمياً. وإذا رهن المسلمُ المسلمَ عبداً مرتداً فقبضه وهو لا يعلم فقُتِلَ عنده في الردة فهو من مال الراهن، والدين عليه كما هو. وكذلك لو كان عبداً قد حَل دمُه بقصاص. ولو كان عبداً قد سَرَقَ عند الراهن فقُطِعَتْ يدُه عند المرتهن لم يذهب من الدين شيء، وكان العبد رهناً بالدين كله. وإن اختلفا في ذلك قال الراهن: رهَنْتُكَه وهو مسلم، وقال المرتهن: رَهَنْتَنِيه وهو كافر، فالقول قول المرتهن مع يمينه، والبينة بينة الراهن؛ لأنه يدعي البراءة. وكذلك الحلال الدم في القصاص. وكذلك الذي قُطِعَتْ يدُه في السرقة. وليس العبد الزاني ولا القاذف أو الشارب للخمر كذلك. إذا ¬

_ (¬1) م ز + ثمن. (¬2) أي: على ورثة المرتد. (¬3) ف م ز: كل. والواو من ب جار. (¬4) ز: لا يؤكل. (¬5) ز: قو. (¬6) ز: لا تقبل وتقتل. (¬7) أي: عند كافر.

باب رهن المضارب

ضُرِبَ من هؤلاء أحدٌ (¬1) عند المرتهن فدخله عيب نقص ذلك من مال المرتهن وإن (¬2) كان أصاب (¬3) ذلك عند الراهن. ليس يشبه هذا ذلك. وهذا قول (¬4) أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد مثل ذلك إلا في السرقة والقتل، فإنهما قالا: يُقَوَّمُ سارقاً ويُقَوَّمُ غير سارق فيكون رهناً بقيمته سارقاً أو قاتلاً أو مرتداً حلال الدم. فإذا قُطِعَ أو قُتِلَ بطل من الدين على قدر (¬5) قيمته سارقاً أو حلال الدم. ... باب رهن المضارب وإذا رهن المضارب من المضاربة رهناً بدين (¬6) استدانه عليها فإن كان رب المال أمره أن يستدين ويرهن (¬7) فالرهن جائز، والدين عليهما. فإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء صار على المضارب نصفه لصاحبه. بن كان لم يأمره أن يستدين عليها صار على المضارب قيمته (¬8) كلها. وإذا أدان المضارب ديناً على المضاربة فارتهن به رهناً فهو جائز. فإن هلك الرهن عنده وقيمته والدين سواء ذهب الرهن بما فيه. وإذا اشترط المضارب بيع (¬9) الرهن الذي ارتهن أو الذي رهن عند ¬

_ (¬1) م ف ز: حدا؛ ع: احدا. وعبارة ب جار: ولو حُدَّ بِزنى. (¬2) م ف ز: فإن. والتصحيح من ع. (¬3) م ف ز ع: أصحاب. والتصحيح من الكافي، 2/ 228 و. (¬4) ز + الإمام الأعظم. (¬5) م ز - قدر. (¬6) م ف + أو. والتصحيح من الكافي، 2/ 228 ظ. ووقع عند السرخسي: استدامه. وهو تحريف. انظر. المبسوط، 21/ 154. (¬7) م ف ز: أو يرهن؛ ع: وأن يرهن. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 154. (¬8) م ف ز ع: قيمتها. (¬9) م ف ز: مع. والتصحيح من ع ب.

باب رهن المفاوض

حِلّ الأجل فباعه الذي سُلِّطَ على ذلك فهو جائز. وإذا رهن المضارب من المضاربة متاعاً بدين استدانه عليها فإن ذلك لا يجوز إذا لم يكن رب المال قد أذن له في ذلك، وهو ضامن لقيمة الرهن. فإن كانت المضاربة ألفين فاشترى عبداً بألف درهم وقبضه ونقد المال ثم اشترى متاعاً بالألف الأخرى وقبضه على أن أعطاه العبد رهناً به فهو جائز؛ لأن هذا رهن في المضاربة، والأول (¬1) قد خالف ورهنه في غيرها. وإذا مات رب المال والمضاربة عروض عند المضارب فرهن منها شيئاً فليس يجوز، وهو ضامن. وإذا باع منها شيئاً جاز ذلك. وليس البيع في هذا كالرهن. ولو كان بعضها وَرِقاً فاشترى بها (¬2) شيئاً لم يجز على رب المال وضمن. ولو رهن منها شيئاً في ذلك لم يجز وكان ضامناً. وإذا رهن رب المال متاعاً من المضاربة وفيه فضل فإنه لا يجوز ذلك على المضارب إذا كان فيه فضل على رأس المال؛ لأن للمضارب (¬3) فيه نصيب. فإن لم يكن فيه فضل على رأس المال فهو جائز، ورب المال ضامن له كأنه استهلكه (¬4). وكذلك لو باعه وأكل ثمنه. ... باب رهن المفاوض وإذا رهن المفاوض رهناً من المفاوضة بدين فيها أو ارتهن رهناً بدين منها بغير إذن شريكه فهو جائز. وكذلك لو سَلَّطَ [أحداً] (¬5) على بيعه فهو ¬

_ (¬1) أي: الذي استدان عليها بغير أمر المالك، كما ذكره في ب. (¬2) م ز: فاشتراها. (¬3) م ز: المضارب. (¬4) وعبارة السرخسي: كما لو استهلكه. انظر: المبسوط، 21/ 155. (¬5) وعبارة ب: ولكل واحد من الشريكين المتفاوضين أن يرهن ويرتهن بديون الشركة وأن يوكل ببيع الرهن.

باب الرهن في شركة العنان

جائز. وإن هلك الرهن في يديه وقيمته والدين سواء ذهب الرهن بما فيه. ولو وجب عليه دين من جناية فرهن بها رهناً من المفاوضة كان جائزاً، وكان ضامنًا لذلك الرهن؛ لأنه رهنه في غير تجارتهما. وليس لشريكه أن ينقض الرهن؛ لأنه قد سُلِّطَ على أن يرهن وأن يبيع في قول أبي حنيفة ومحمد وأبي يوسف. ولو أعار المفاوض إنسانًا متاعاً ليرهنه كان جائزاً في قياس قول أبي حنيفة مثل كفالته (¬1)، ولو كفل جاز على صاحبه، فكذلك الرهن. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد على صاحبه كفالته ولا عاريته الرهن. ولو استعار متاعاً من رجل وقبضه ورهنه كان جائزاً. فإن هلك المتاع وقيمته والدين سواء ضَمِنَ المال لِلذي أعاره. وإذا ارتهن المفاوض رهناً فوضعه عند شريكه فضاع فهو بما فيه. فإن كانت قيمته أكثر من الدين فلا ضمان عليه في الفضل. وكذلك لو وضعه عند زوجته أو أجيره أو عبده أو إنسان من عياله. ولو وضعه عند أجنبي ضمن القيمة، يحسب له من ذلك الذي له، ويرد الفضل. ... باب الرهن في شركة العنان وإذا كان رجلان شريكان شركة (¬2) عنان فرهن أحدهما متاعاً من الشركة بدين عليهما لم يجز، وكان ضامناً لحصة شريكه من الرهن. ولو ارتهن بدين لهما أداناه هما وقبض لم يجز على شريكه، مِن قِبَل أنه لم يسلّطه أن يرتهن. فإن هلك الرهن في يديه وقيمته والدين سواء ذهب بحصته، ورجع شريكه بحصته على المطلوب، ويرجع المطلوب على شريكه بنص قيمة الرهن. ¬

_ (¬1) م ز: كفاله. (¬2) م: بشركة.

وإذا اشتركا شركة عنان على أن يبيعا ويشتريا ويعمل كل واحد منهما في ذلك برأيه، فما رهن واحد منهما في الشركة أو ارتهن فهو جائز على صاحبه، فإن استودع صاحبه الرهن فهلك كان بما فيه إذا كانت قيمته والدين سواء، ولا يضمن فضلاً إن كان فيه. وكذلك لو استودع أحداً من عياله. وإذا أخذ رهناً بدين لهما فهلك عنده فقال شريكه: لم تأخذه رهناً، وقال الآخر: قد أخذته وهلك عندي، فإن كان هو وَلِيَ صفقةَ البيع فالقول قوله وهو مصدَّق، وإن كان لم يَلِها (¬1) هو وإنما وَلِيَها الآخرُ فإنه لا يصدَّق إلا أن يكون كل واحد منهما قد أجاز ما صنع صاحبه أو أَذِنَ (¬2) له أن يعمل برأيه في الرهن. وإن اشتركا على أن يبيعا ويشتريا على أن لأحدهما ثلثي الربح وللآخر ثلثه، وكذلك الوضيعة، وأذن كل واحد منهما لصاحبه أن يرهن أو يرتهن، فالرهن جائز، ما رهن أحدهما أو ارتهن في الشركة على الثلث أو الثلثين. وإذا اشتركا على أن لهذا ألفين ولهذا ألفاً يشتريان ويبيعان ويعمل كل واحد منهما في ذلك برأيه وما صنع من شيء فهو جائز، وإذا أدان أحدهما ديناً من الشركة فهو جائز، وكذلك إن رهن أو ارتهن، ولهذا ثلثا الرهن، ولهذا ثلثه. وإذا كفل الرجل عن الرجل بدين وارتهن (¬3) من المكفول عنه رهناً بذلك وقبضه فهو جائز وإن لم يكن أدى المال بعد. وإذا افترق الشريكان ثم هلك الرهن في يدي أحدهما ثم قال: أخذت هذا الرهن من فلان بديني ودينك في الشرك قبل أن نفترق (¬4)، وقال الآخر: بعدما افترقنا، فإن كان هذا أدان الدين وحده في الشركة وأخذ الرهن في ¬

_ (¬1) م ز: لم يليها. (¬2) ز: وأذن. (¬3) م: أو ارتهن؛ ز - ولهذا ثلثا الرهن ولهذا ثلثه وإذا كفل الرجل عن الرجل بدين وارت. (¬4) ز: أن يفترق.

الشركة أو بعدها فهو جائز عليهما. وإن كان أدان الآخر الدين فعلى المرتهن البينة أنه أخذ الرهن في الشركة. فإن جاء ببينة على ذلك وقد أجاز كل واحد منهما ما صنع صاحبه فهو جائز. وإن لم يكن أجاز كل واحد منهما ما صنع صاحبه ولم يقل: اعمل برأيك فيه، فإنه لا يجوز على شريكه ولو أخذه في الشركة (¬1). فإن كانا اشتركا على أن يبيعا ويشتريا بالنقد والنسيئة على أن الربح بينهما نصفين والوضيعة عليهما فهو جائز. وإن كان كل واحد منهما لم يأذن لصاحبه أن يعمل في ذلك برأيه فأدانا جميعاً ديناً وارتهن أحدهما رهناً فإنه لا يجوز على شريكه. فإن هلك الرهن عنده وقيمته والدين سواء ذهبت حصته من الدين، ولا يجوز على صاحبه. وصاحبه بالخيار، إن شاء ضمنه حصته، وإن شاء ضمن الذي عليه الدين؛ لأن أخذه (¬2) الرهن بمنزلة استيفائه المال. ألا ترى أن ديناً بين رجلين على رجل فقبضه أحدهما كله كان لشريكه أن يرجع بحصته إن شاء على القابض، وإن شاء على الذي عليه الدين. فالرهن بمنزلة قبض المال إذا هلك؛ لأنه كأنه استوفاه بحقه. وإن كان الرهن قائماً بعينه فلكل واحد منهما أن يرد ما صنع صاحبه. وإن كان كل واحد منهما قد أجاز ما صنع صاحبه في الشركة والرهن فالرهن جائز. ولو أن رجلاً أدان رجلاً ألفاً وأخذ آخر بها رهناً لم يجز ذلك على رب المال، ولا يضمن آخذ الرهن شيئاً؛ لأنه (¬3) هاهنا بمنزلة العدل فيما بينهما. ولو كان قال له آخذ الرهن: قد وكلني صاحب المال بقبض المال، وأمرني أن آخذ منك به رهناً، [فأخذ به منه رهناً] (¬4) قيمته والدين سواء، فهلك الرهن عنده، فإنه ضامن لقيمة الرهن، ويرجع الطالب على المطلوب مسألة. ولو كان المطلوب حين دفعه صدّقه في الوكالة لم يرجع المطلوب على الوكيل بشيء. ¬

_ (¬1) م ز - ولو أخذه في الشركة. (¬2) م ز: أخذهما. (¬3) ز: لا. (¬4) ما بين المعقوفتين من الكافي، 2/ 229 ظ.

باب العارية في الرهن

ولو كان لرجل على رجل عشرة دراهم فجاءه رجل فقال له: قد وكلني فلان بأخذها منك أو أبتاع بها منك بيعاً وأصنع فيها ما شئت، فأعطاه ثوباً بخمسة دراهم أورهنه ثوباً بخمسة دراهم، (¬1) وقبضهما، فصدّقه المطلوب في ذلك، فهلك الثوبان جميعاً عنده، ضمن خمسة دراهم ثمن الثوب الذي اشتراه، ولا يضمن من ثمن الذي ارتهنه شيئاً، ويرجع (¬2) الطالب على الغريم بعشرة. ... باب العارية في الرهن وإذا استعار الرجل من الرجل ثوباً ليرهنه فما (¬3) رهنه [به] (¬4) من شيء قليل أو كثير فهو جائز؛ لأنه لم يسم له شيئاً. ولو سمى له شيئاً فرهنه بأقل من ذلك أو أكثر ضمن الثوب. وكذلك لو أمره أن يرهنه بدراهم فرهنه بطعام. وكذلك لو أمره أن يرهنه بزيت فرهنه بسَمْن فهو ضامن لقيمة الثوب. وكذلك لو أمره أن يرهنه من رجل فرهنه من آخر. ولو قال: ارهنه بالكوفة، فرهنه بالبصرة، كان ضامناً. وإذا استعار الرجل من الرجل ثوباً ليرهنه بعشرة دراهم فرهنه بعشرة وقبضها وقيمة الثوب عشرة فهلك الثوب عند المرتهن بطل المال عن الراهن، ووجب المال على الراهن لرب الثوب يعطيها إياه (¬5). فإن لم يكن ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من المبسوط، 21/ 158. وفي ب: وارتهن ثوباً. (¬2) م + ويرجع. (¬3) م ز: فيما. (¬4) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 21/ 158. (¬5) وفي ب: وعلى الراهن لرب الثوب قيمته. ولفظ الحاكم: ووجب عليه لرب الثوب ثوب مثله. انظر: الكافي، 2/ 230 و. ونحوه عند السرخسي. انظر: المبسوط، 21/ 159.

الثوب هلك ولكنه (¬1) تخرّق فنقص ذلك منه نصفه ذهب من المال بحساب ما نقص. وكل شيء يبطل من الدين عن الراهن فإنه يجب لرب الثوب على الراهن. ولو كان الثوب يساوي خمسة فرهنه بعشرة فهلك الثوب فعلى الراهن خمسة لرب الثوب وخمسة للمرتهن. وإذا استعار الرجل ثوباً ليرهنه بعشرة وهو يساوي عشرة فرهنه بعشرة وأعسر الراهن فلم يجد ما يفتكّه فافتكّه رب الثوب (¬2) فإنه يرجع بتلك العشرة على الراهن. ولو أن المرتهن أبى أن يدفع التوب إليه لم يكن له ذلك إذا قضاه العشرة. وإذا استعار الرجل من الرجل ثوباً ليرهنه بعشرة، وقيمته عشرون، فرهنه بعشرة، فضاع الثوب، فإن العشرة التي أخذ الراهن ترد (¬3) على صاحب الثوب، وبطل حق المرتهن، ولا يضمن المرتهن من الفضل شيئاً. وكذلك الراهن لا يضمن شيئاً. وإذا استعار الرجل من الرجل ثوباً ليرهنه (¬4) بعشرة، وقيمته عشرة، فهلك عنده قبل أن يرهنه، فلا ضمان عليه فيه. ولو رهنه ثم افتكّه ثم هلك عنده فلا ضمان عليه فيه. ولو اختلف رب الثوب والراهن في ذلك فقال الراهن [بأنه] هلك بعدما افتكّه، وقال رب الثوب: هلك قبل أن يفتكّه، فالقول قول الراهن مع يمينه؛ لأن رب الثوب يدعي المال. وكذلك لو قال: هلك قبل أن أرهنه، وقال رب الثوب: هلك بعدما رهنتَه، فالقول قول المستعير مع يمينه. فإن قامت لهما جميعاً بينة أخذتُ ببينة رب الثوب أنه (¬5) هلك في الرهن (¬6)، ولم أقبل بينة المستعير وضمّنتُه. وكذلك لو اختلف الراهن والمرتهن فقال المرتهن: قد قبضتُ منك المال وأعطيتُك الثوب، وأقام البينة، وقال الراهن: بل قضيتُك (¬7) المال وهلك الثوب ¬

_ (¬1) ف ز: لكنه. (¬2) م ز - الثوب. (¬3) ز: يرد. (¬4) م ز - ليرهنه. (¬5) م ف ز ع: لأنه. والتصحيح من ب جار. (¬6) لأنه المدعي، كما ذكره في ب جار. (¬7) م ز: بل قبضتك.

عندك، وأقام كل واحد منهما البينة فالبينة بينة الراهن؛ لأنه يدعي الضمان. وإذا استعار الرجل من الرجل ثوباً فرهنه فهلك الثوب عند المرتهن واختلف الراهن والمرتهن في قيمة الثوب فالقول قول المرتهن، وعلى رب الثوب (¬1) البينة، فإن أقام رب الثوب البينة أخذتُ ببينته. ولو اختلف رب الثوب والمستعير فقال رب الثوب: أمرتك أن ترهنه بخمسة، وقال المستعير: بعشرة، فالقول قول رب الثوب، والمستعير ضامن لقيمته حيث رهنه بعشرة. ولو أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المستعير وأبرأته من ضمان القيمة. وإذا (¬2) استعار الرجل من الرجل عبداً يساوي ألف درهم ليرهنه بألف فرهنه فلم يقبض الألف حتى مات العبد عند المرتهن فإن على المرتهن ألف درهم يأخذها الراهن، ويرجع رب العبد على الراهن بألف درهم. فإن لم يهلك العبد وأخذ الراهن الألف وقبض المرتهن العبد ثم إن رب العبد أعتق العبد فعتقه جائز، وللمرتهن أن يرجع بالمال على الراهن إن شاء. وإن شاء رجع بذلك (¬3) على رب العبد فيكون رهناً على حاله حتى يفتكّه الراهن. وإذا استعار الرجل من الرجل عبداً ليرهنه وقيمته ألف درهم فرهنه بألف درهم بأمر صاحبه، ثم أقر أنه قد قبض العبد فمات عنده وادعى المرتهن ذلك والمال على الراهن بعدُ لم يدفعه، فإن الراهن يصدَّق على قبض العبد؛ لأن المال عليه للمرتهن. ولو كان العبد حيًا فقبضه الراهن ثم قال: اعورّ عندي، ولم يعطه (¬4) المال بعد، وصدّقه المرتهن فالقول قول الراهن، ويدفع المال إلى المرتهن، ويأخذ صاحب العبد عبده أعور. ¬

_ (¬1) م ف ز: رب المال. والتصحيح من ع. (¬2) ز: فإذا (¬3) ز - بذلك. (¬4) م ف ز: ولم يعط. والتصحيح من ع. ولفظ الحاكم: ولم أعطه. انظر: 2/ 230 ظ. وكذلك المبسوط، 21/ 161.

وإذا استعار الرجل من الرجل عبداً ليرهنه وهو يساوي ألف درهم فرهنه بألف، ثم قضى المال وبعث وكيلًا يقبض العبد فقبض الوكيل العبد فعَطِبَ (¬1) العبد في يدي الوكيل فالمستعير ضامن إلا أن يكون الوكيل من عياله، فإن كان من عياله فلا ضمان عليه. وكذلك لو قبض العبد هو نفسه من المرتهن، ثم بعث به مع وكيل من عنده إلى صاحب (¬2) العبد، فعَطِبَ العبد في يدي الوكيل، فإن كان الرسول في عياله فلا ضمان عليه، وإن كان من غير عياله ضمن. وإذا استعار الرجل من الرجلين عبداً فرهنه من رجل بأمرهما ثم قضاه نصف المال وقال: هذا من فكاك نصيب فلان خاصة، فليس يكون له ذلك، وهو (¬3) من جميع العبد. فإن مات العبد في يدي المرتهن قبل أن يدفعه إلى الراهن ذهب بما فيه، ورد على الراهن ما أخذ منه، ويضمن الراهن نصف الباقي، ثم يرد ذلك كله على مولى العبد. وإذا استعار الرجل عبداً فرهنه بألف وقيمته ألف بأمر صاحبه ثم قضى المال وهلك العبد عند المرتهن فلا ضمان على الراهن، والمرتهن ضامن للألف، يردها على الراهن، ويردها الراهن على مولى العبد (¬4). ¬

_ (¬1) ز: فعطيت. (¬2) م. إلى صاحبه. (¬3) ز - هو. (¬4) قال الحاكم: ولو استعار عبداً فرهنه بألف وقيمته ألف بأمر صاحبه ثم قضى المال وهلك العبد عند المرتهن فلا ضمان على الراهن، والمرتهن ضامن للألف يردها على مولى العبد. قال عيسى: هذا خطأ، لأن الرهن لما هلك في يدي المرتهن فكان المرتهن مستوفيًا يوم قبضه. قال أبو الفضل: يحتمل أن يكون أراد بقوله "لا ضمان على الراهن" يعني ضمان القيمة، ورأيت جواب هذه المسألة في رواية أبي حفص قال: فالمرتهن ضامن للألف يردها على الراهن ويردها الراهن على مولى العبد، ولم يقل "لا ضمان على الراهن". وهو الأصح كما قال عيسى. انظر: الكافي، 2/ 230 ظ - 231 و. وقال السرخسي بعد ذكر المسألة كما ذكرها الحاكم: قال عيسى -رحمه الله-: هذا خطأ، ولكن الصحيح أن الراهن ضامن للألف لصاحب العبد، والمرتهن ضامن للألف للراهن لما هلك يزيد المرتهن، فقد تم الاستيفاء الذي انعقد بقبض الرهن،=

وإذا استعار الرجل من الرجل عبداً أو دابةً، فاستخدم العبد أو ركب الدابة قبل أن يرهنها، ثم رهنها بمال مثل قيمتها، ثم قضى المال فلم يمَبصها حتى هلكا (¬1) عند المرتهن، فلا ضمان على (¬2) الراهن؛ لأنه قد برئ من الضمان حين رهنها، والمال على المرتهن يرده على المعير (¬3). فإذا استعار الرجل عبداً ليرهنه فرهنه ثم افتكّه ثم استخدمه فهو ضامن. وكذلك لو كانت دابة فركبها. فإن لم تَعْطَبْ في الخدمة ولا في الركوب وعَطِبَتْ بعد ذلك من غير فعله (¬4) فلا ضمان عليه. وإذا استعار الرجل أمة ليرهنها ثم وطئها الراهن أو المرتهن فإنه يُدْرَأُ عنهما (¬5) الحد (¬6)، ويكون المهر على الواطئ رهناً معها. فإن افتكّها الراهن ¬

_ = وعلى المرتهن رد ما استوفى بإيفائه، وإنما استوفاه من الراهن، فيرده عليه، والراهن صار قاضياً دينه بملك المعير، فيقوم له مثل ذلك. قال الحاكم: ويحتمل أن يكون أداه فقوله (كذا، والصحيح: أراد بقوله، كما نقلناه عن مخطوطة الكافي آنفا) "لا ضمان على الراهن" ضمان القيمة، لأنه لا يتحقق منه خلاف بترك استرداد الرهن مع قضاء الدين، بخلاف ما لو استرده ثم دفعه إلى المرتهن يكون ضامناً قيمته للخلاف بالتسليم للأجنبي ... وهو الأصح كما قال عيسى. انظر: المبسوط، 21/ 161. وذكر نحوه ابن نجيم. انظر: البحر الرائق، 8/ 306. (¬1) ز: هلكت. (¬2) ف + المرتهن فلا ضمان على. (¬3) قال الحاكم: والمال على المرتهن يرده على الراهن ويأخذه المعير. وفي رواية أبي حفص في جواب هذه قال: والمال على المرتهن يرده على المعير، ولم يذكر رده على الراهن. انظر: الكافي، 2/ 231 و. وقال السرخسي: والمال على المرتهن يرده على المعير، هكذا ذكر في رواية أبي حفص، وفي رواية أبي سليمان قال: والمال على المرتهن يرده على الراهن ثم يأخذه المعير، وقيل: وهو الصحيح، لأن المرتهن صار مستوفياً دينه بهلاك الرهن، وظهر أنه استوفى الرهن، فعليه أن يرد المستوفى ثانياً على من استوفاه منه، وهو الراهن، ويرجع المعير على الراهن لما صار قاضياً من دينه بملكه. انظر: المبسوط، 21/ 162. (¬4) م: ذلك. (¬5) ز: عنها. (¬6) وهذا إذا قال: ظننت أنها تحل في. انظر: 9/ 19 و؛ والمبسوط، 21/ 162.

باب رهن الأرضين

سُلّمَت الأمة ومهرها لمولاها. ولو كان وُهِبَ لها هبةٌ كانت الهبة لمولاها. ولو كانت اكتسبت كسباً كان لمولاها. فإن كان المرتهن أجّرها فالكسب له (¬1)، ويتصدّق به لضمانه له. فإن أجّرها بأمر الراهن فالأجر للراهن، وقد خرجت من الرهن، وهو ضامن لها إذا أجّرها بغير أمر مولاها. فإن دفع المال وعَطِبَت الأمة من تلك الإجارة فإن شاء رب الأمة ضمّن أيهما شاء. فإن ضمّن المرتهن رجع المرتهن على الراهن بذلك. فإن ضمّن الراهن لم يرجع على المرتهن بشيء. ... باب رهن الأرضين وإذا (¬2) ارتهن الرجل أرضاً فيها نخل وشجر وقبضها فهو جائز، وسَقْيُ الأرض والنخل والشجر على الراهن. فإن أنفق المرتهن على الأرض أو الشجر أو النخل شيئاً فهو متطوع في ذلك إلا أن يكون أنفقه بأمر قاض وجعله ديناً على الراهن. فإن أثمر النخل والشجر فثمرتها رهن. وليس للمرتهن أن يبيع الثمرة وإن خاف عليه الفساد إلا بأمر الراهن. فإن غاب الراهن فأمره القاضي ببيعه فباعه فبيعه (¬3) جائز. فإن هلك الثمر لم ينقص من الرهن شيء؛ لأنه زيادة. ولو هلك النخل والشجر وبقيت الأرض ذهب من الرهن بحساب ذلك؛ لأن هذا من أصل الرهن. ولو نبت فيها شجر ونخل سوى ذلك كان هذا بمنزلة الثمر الزيادة، تُقَوَّمُ على هذه (¬4) الأرض، ويُقَوَّمُ ما ذهب من النخل والشجر، ثم يُقْسَمُ المال على ذلك، فيُطْرَحُ عنه ما أصاب النخل والشجر المذاهب. فإن ذهب النخل والشجر الذي حدث لم يحتسب منه، وقُوِّمَت الأرض وما ذهب من النخل والشجر الذي كان في الأرض، ثم قُسِمَ الدين على ذلك، فذهب من الدين بحساب ذلك. ¬

_ (¬1) ز - له. (¬2) م: فإذا. (¬3) ف: فهو. (¬4) ز: على هذا.

وإذا ارتهن الرجل أرضاً فيها شجر ونخل (¬1) ولم يسم (¬2) النخل والشجر وقبض الأرض فإن النخل والشجر يدخلان في الرهن. ألا ترى أنه لو (¬3) رهن داراً دخل في الرهن البناء وإن لم يسمه. ولو كان في النخل ثمر (¬4) دخل في الرهن وإن لم يسمه. ولا يشبه هذا البيع؛ لأن هذا كله للراهن على حاله، والبيع قد خرج من ملكه. ألا ترى أنه لو ارتهن أرضاً فيها زرع كان الزرع رهناً معها، ولو باع أرضاً فيها زرع (¬5) لم يقع في البيع. ألا ترى أنه لو كان الزرع لغير الراهن فرهنه الأرض بغير زرع لم يجز. وكذلك لو رهنه الزرع بغير أرض على أن يتركه (¬6) في الأرض كما هو لم يجز الرهن. وإذا ارتهن الرجل أرضاً فيها نخل وزرع وارتهن ذلك معها وهي من أرض العشر فأخذ السلطان العشر من الغلة فإن ذلك لا ينقص من الدين شيئاً؛ لأن هذا حق فيه، ولا يبطل ما بقي من الرهن. وليس هذا بمنزلة النصيب يستحق. ولو كان السلطان أخذ العشر من الراهن كان جائزاً، ولا يرجع الراهن في غلة الأرض بشيء. وكذلك الخراج. وإذا ارتهن الرجل أرضاً وقبضها فأدى المرتهن عشرها أو خراجها أخذه السلطان بذلك أو تطوع به لم يرجع على الراهن؛ لأنه متطوع (¬7) فيما أدى مِن قِبَل نفسه. وإن كان مظلوماً وأخذه السلطان مكرها فلا شيء له؛ لأن الخراج والعشر على رب الأرض (¬8). ¬

_ (¬1) ز: نخل وشجر. (¬2) م ز: لم يسم. (¬3) ف: ترى لو أنه. (¬4) م: ثم. (¬5) ز - كان الزرع رهنا معها ولو باع أرضا فيها زرع. (¬6) ف: أن شركه. (¬7) ز: متوع. (¬8) قال الحاكم: لأنه ظلم لحقه. انظر: الكافي، 2/ 231 ظ. وقال السرخسي: وإن أكرهه السلطان فهو ظالم في حقه، لأنه ليس عليه من الخراج والعشر شيء، والمظلوم لا يرجع إلا على الظالم. انظر: المبسوط، 21/ 163.

وإذا ارتهن الرجل أرضاً وقبضها فليس للراهن أن يزرعها ولا يؤاجرها. وليس للمرتهن أن يزرعها ولا يؤاجرها، فإن فعل ذلك ضمن ما نقص الأرض وتصدق بالفضل إن زرع أو أجّر أو كان هو زرع (¬1). بن أذن له الراهن في الإجارة ففعل أو سَلَّمَ المرتهن للراهن أن يؤاجرها ففعل خرجت من الرهن ثم لم تعد فيه؛ لأن هذا حق قد وجب فيها. والمال على الراهن كما وجب. ولو أعارها بإذن صاحبها وقبضها المستعير خرجت من الرهن ما دامت في يدي المستعير، وكان للمرتهن أن يردها في الرهن؛ لأنه لم يجب فيها حق لازم كحق الإجارة. وإن كان زرعها المستعير بإذنهما فهو سواء. ولو أذن أحدهما لصاحبه فرهنها كان ذلك خروجاً من الرهن الأول كما خرجت في الإجارة؛ لأن هذا حق وجب للمرتهن لا يملك واحد منهما نقضه. وإذا ارتهن الرجل أرضاً وقبضها فغرقت وغلب عليها الماء حتى جرى فيها السفن وصارت نهراً لا يستطاع أن ينتفع بها ولا يحبس عنها الماء وجرت فيها السفن فلا حق للمرتهن على الراهن. وإن (¬2) نَضَبَ (¬3) الماءُ عنها فهي رهن على حالها. وإن كان الماء أفسد منها شيئاً على الراهن أو عَفِنَ نخلٌ منها ذهب من المال (¬4) بحساب ذلك. ... ¬

_ (¬1) كذا قوله: أو كان هو زرع. ولا يوجد في ب. وهذا إذا زرعها المرتهن. ولم يذكر ما على الراهن إذا زرعها الراهن. وذكر السرخسي أنه إذا أجرها الراهن فالأجر له. انظر: المبسوط، 21/ 163. فينبغي أن يكون الزرع له أيضاً إذا زرعها. لكنه يكون مكروهاً، لأنه ذكر أنه ليس له أن يزرعها.؛ ربما يكون المقصود يقول المؤلف "أو كان هو زرع " هو زرع الراهن، فيكون من المستحب له أن يتصدق بالزرع، والله أعلم. (¬2) م ز: فلو. (¬3) أي: انحسر وانفرج. انظر: المغرب، "نضب". (¬4) م: من الماء.

باب الرجلين يرهنان أرضا

باب الرجلين يرهنان أرضاً وإذا كان لرجلين على رجل دين وهما غير شريكين فيه فرهنهما بذلك الدين أرضاً وقبضاها فهو جائز، ولا يُفسِد عليهما (¬1) أن لا يقسما (¬2) الأرض، ولا يشبه هذا رهن النصف غير مقسوم؛ لأن هذه أرض مقسومة محوزة قد قبضاها جميعاً. وكذلك لو كان لأحدهما دراهم وللآخر دنانير أو لأحدهما دراهم وللآخر طعام أو لأحدهما حنطة وللآخر شعير أو شيء مما يكال أو يوزن مختلفاً أو من نوع واحد فهو جائز. وكذلك لو كان لأحدهما سلم وللآخر قرض أو صداق أو غصب أو أرش جراحة كان الرهن جائزاً إذا قبضا (¬3). فإن قضى أحدَهما ما له عليه فهو جائز، ولا يشركه الآخر، ويأخذ الرهن حتى يقبض الشريك الباقي ما له عليه. ولو تَلِفَ الرهن في أيديهما وقد اقتضى أحدُهما دينه وقيمة الرهن والدين سواء رَدَّ هذا ما اقتضى وبطل حق الآخر؛ لأن الرهن بما فيه. ولو ارتهن كل واحد منهما هذه الأرض على حدة وقَبَضَ كلُّ واحد منهما فإن عُرِفَ (¬4) الأولُ منهما فهو أحق بها من الآخر. وإن لم يُعْرَف (¬5) الأول وكانت في يدي أحدهما فهي للذي هي (¬6) في يديه. وإن كانت في أيديهما جميعاً فإن الرهن باطل. وكذلك لو لم يكن (¬7) في يدي واحد منهما وكانت في يدي الراهن كان الرهن باطلاً (¬8). وكذلك لو مات الراهن وهو في يديه فأقام كل واحد منهما البينة أنه ارتهنها وقبضها فإنه ينبغي أن يكون في القياس باطلاً، ولكن أستحسن أن أجعل لكل واحد منهما نصفها رهناً ¬

_ (¬1) ز: عليها. (¬2) م ز ع: الا ان يقسما؛ ف: الا ان تفسد. والتصحيح مستفاد من السياق ومن معنى عبارة المبسوط، 21/ 164. وانظر: بدائع الصنائع للكاساني، 6/ 138 - 139. (¬3) م ز: إذا اقتضا. (¬4) م ز: فإن عرفت. (¬5) ز: لم تعرف. (¬6) ز - هي. (¬7) ز: لم تكن. (¬8) م ز: باطل.

بنصف حقه إذا كانت في أيديهما (¬1). وإذا (¬2) ارتهن الرجل من الرجلين داراً لهما أو أرضاً لهما بحق له عليهما فهو جائز. فإن قضاه أحدهما حصته من المال دون صاحبه فهو جائز، ولا يأخذ الأرض ولا الدار حتى يقضي صاحبه ما بقي عليه أو يقضي هذا عنه ما عليه؛ مِن قِبَل أنه ارتهنها منهما جميعاً. وإذا ارتهن الرجل من الرجلين أرضاً بدين له عليهما وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه أو ليس كل واحد منهما كفيل عن صاحبه (¬3) فهو جائز. وكذلك لو كانت الأرض لغيرهما. وإذا ارتهن الرجل أرضاً من رجل وأقام رجل البينة أن له نصفها وأقام المرتهن عليه البينة بالتسليم فهو جائز عليه. وكذلك لو كان أقام البينة أنها له كلها وأقام المرتهن البينة (¬4) عليه بالتسليم فذلك كله جائز. وإن كانت الأرض بين رجلين فرهناها من رجل له عليهما مال وأحدهما شريك في ذلك المال، والمال متفرق، فالرهن لا يجوزة مِن قِبَل أنه لا يكون (¬5) راهناً لنفسه، فلما بطل بعضه بطل كله. وإذا ارتهن الرجل من الرجلين أرضاً وله على أحدهما مال وقد كفل المرتهن عن الآخر بمال قد أداه أو لم يؤده فالرهن جائزة لأنه حق له ارتهنه به. وإذا ارتهن (¬6) الرجل داراً من رجلين وقبضها منهما أو كان الحق ¬

_ (¬1) وذكر ابن نجيم أنه لا فرق بين أن يكون الرهن في أيديهما أو يزيد الراهن في هذه المسألة. انظر: البحر الرائق، 8/ 290. فمناط المسألة هو موت الراهن، وكون الرهن في يديه أو في يدي المرتهنين ليس بمؤثر. (¬2) م ف ز: فإذا. والتصحيح من ع. (¬3) ف - أو ليس كل واحد منهما كفيل عن صاحبه. (¬4) ف - البينة. (¬5) م: لا يلون. (¬6) م ف ز: فإذا ارتهن. والتصحيح من ع.

لرجلين والراهن (¬1) واحد وارتهنا منه أرضاً أو داراً فقبضاها ثم مات الراهن أو المرتهن فالرهن على حاله، ولا يُفْسِدُه (¬2) الميراث الذي وقع فيه ولا الشركة. وإذا ارتهن الرجل من رجلين أرضاً أو داراً لأحدهما أكثر من نصفها فإنه جائز إذا قبض. وإذا كان المرتهن اثنين والراهن اثنين فرهناهما داراً أو أرضاً وجعلا الثلثين من ذلك رهناً لأحدهما بحقه والثلث الآخر رهناً للآخر بحقه فإن ذلك لا يجوز أيضاً إذا كان الحق متفرقًا. فإن كان الحق واحداً ولأحدهما ثلثاه وللآخر ثلثه فلا يجوز أيضاً. وإن كان الحق نصفين فلا يجوز أيضاً مِن قِبَل أنهما قد فَصَلاَ رهن أحدهما من الآخر ولم يقسماه، فلا يجوز (¬3). ولو كان لأحدهما ألف وللآخر ألفا درهم مالُ هذا على حِدَة ومالُ هذا على حِدَة فرهناهما الدار جميعاً كان ذلك (¬4) جائزاً إذا قبضا (¬5)، ولصاحب الألفين الثلثان وللآخر الثلث. ولو كان لأحدهما كُرّ حنطة وللآخر كُرّ شعير كانت الدار رهناً في أيديهما على قدر قيمة هذا وقيمة هذا. ولو كان شيئاً (¬6) مما يكال أو يوزن (¬7) مختلفاً كان كذلك. فإن غلا أحدهما بعد ذلك ورخص (¬8) الآخر لم يتغير عن حاله الأولى. وكذلك الدنانير والدراهم. فإن قال الراهنان لصاحب الحنطة: لك ثلثاها رهناً، دون صاحبه، ولصاحب الشعير: لك ثلثها رهناً، دون صاحبه، والحنطة تساوي مائة والشعير يساوي (¬9) خمسين فكان الرهن هكذا كان باطلاً إذا سمى لهذا منه شيئاً ولهذا شيئاً. وكذلك لو قالا (¬10) لهذا: لك النصف، ولهذا: لك النصف (¬11)؛ لأن ¬

_ (¬1) ز: والرهن. (¬2) م ف ز ع: ولا يفسد. (¬3) وانظر للشرح: المبسوط، 21/ 165. (¬4) ز - ذلك. (¬5) ز: إذا اقتضا. (¬6) ز: شيء. (¬7) ز - أو يوزن. (¬8) ز: ويرخص. (¬9) ف - يساوي، صح هـ. (¬10) م ف ز ع: لو قال. والتصحيح من ب. (¬11) ز - ولهذا لك النصف.

هذا رهن في صفقتين. ولو قالا (¬1): أَرْهَنَّاكُمَا (¬2) الدار جميعاً، كانت بينهما على القيمة؛ لأن هذا صفقة واحدة. ولو مات أحد الراهنين فورثه الآخر كانت الدار على حالها. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف وقيمته خمسمائة وقبضه ثم زاده الراهن رهناً آخر مع ذلك فإنه جائز، وهما جميعاً رهن بالمال كله. وكذلك لو كان الأول يساوي ألفاً أو أكثر فما (¬3) زاده من رهن فهو معه رهن جميعاً بالمال كله. وكان ينبغي في القياس أن لا تكون الزيادة رهناً حتى يناقضه الرهن الأول فيرده ويقبضه ثم يرهنهما رهناً مستقبلًا، ولكنا تركنا القياس في ذلك. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم يساوي ألفين أو أقل أو أكثر فقبضه ثم استزاده الراهن (¬4) مالاً فأقرضه مائة درهم أخرى وجعلها في الرهن فإنه لا يكون في الرهن. وهذا والباب الأول سواء في القياس، ولكنا أخذنا في الأول بالاستحسان. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى أن أجيز هذا الآخر أيضاً وأجعل الرهن لهما جميعاً. وإذا ارتهن الرجل عبداً بألف درهم يساوي ألف درهم ثم بدا للراهن أن يعطيه رهناً مكانه ويأخذه وقبل ذلك المرتهن فأعطاه رهناً مكانه ثم لم يأخذ الأول حتى مات فإن الأول هو الرهن، وهو في الآخر مؤتمن. وكذلك لو مات الآخر وبقي الأول كان الأول هو الرهن وكان في الآخر مؤتمناً. فإن رد الأول وبقي الآخر في يديه فهو رهن. وإذا تتارك (¬5) المرتهن والراهن الرهن ونقضاه وهو في يدي المرتهن فهو رهن على حاله حتى يقبضه الراهن. فإن بدا للمرتهن أن يمسكه فله ذلك، وليس للراهن أن يأخذه. وإن بدا للراهن تَرَكَهُ رهناً على حاله. ولو قال المرتهن: أَرُدهُ، فللمرتهن أن يرده وإن كره الراهن ذلك. ¬

_ (¬1) م ف ز ع: ولو قال. والتصحيح من ب. (¬2) ب: رهناكما. وأَرْهَنَ بمعنى رَهَنَ، لغة قليلة. انظر: المصباح المنير، "رهن". (¬3) ز: مما. (¬4) ز: الرهن. (¬5) ف: تناول.

وإذا كان المرتهن اثنين فقال أحدهما: أرد، وأبى الآخر فليس له أن يرد حتى يجتمعا على الرد. ولو اختلفا (¬1) في أصل الرهن فقال أحدهما: لم نرتهن، وقال الآخر: بلى ارتهنا، وأقام بينة، وقال الراهن: لم أرهن، فإنه لا يكون رهناً حتى يجتمعا على الدعوى. وكذلك لو كانا شريكين شركة عنان أو متفاوضين فإنه لا يكون رهناً. وليس هذا كالذي كان رَهْناً فنقضه أحدهما. ولو كان رَهْناً فقبضه (¬2) أحدهما وهما متفاوضان كان نقضه جائزاً على شريكه إذا قبضه الراهن وإن أبى ذلك شريكه. وكذلك لو كان المتفاوضان هما رَهَنَا عند الرجل فنقضه أحدهما وقبضه كان جائزاً. ولو كانا شريكين شركة عنان فرهنا جميعاً رهناً لم يكن لأحدهما أن ينقض الرهن دون الآخر. ولو نقضه وقبضه فهلك عنده كان المرتهن ضامناً لحصة الذي لم ينقض الرهن ورجع عليهما (¬3) مسألة، ويرجع بنصف القيمة التي ضمن على الذي قبض منه الرهن (¬4). ولو كان أحدهما رَهَنَه دون الآخر بإذن شريكه ثم نقض ¬

_ (¬1) أي: اختلف المرتهنان. (¬2) ز: فنقضه. (¬3) م ز: عليها. (¬4) قال السرخسي: ولو كانا شريكي عنان فرهنا جميعاً رهناً لم يكن لأحدهما أن ينقضه دون صاحبه، لأنهما كالأجنبي في نقض كل واحد منهما الرهن في نصيب صاحبه، فإن شركة العنان لا تتضمن إلا الوكالة بالبيع والشراء، وفيما سوى ذلك كل واحد منهما في حق صاحبه يُنَزَّل منزلة الأجنبي، فإن نقضه وقبضه فهلك عنده كان المرتهن ضامناً لحصة الذي لم ينتقض، لأنه صار مخالفاً برد حصته على الآخر، ويرجع عليهما مسألة، ويرجع بنصف القيمة التي ضمن على الذي قبض منه الرهن، لأن القابض منه لا يرده عليه، بمنزلة غاصب الغاصب في حقه، والغاصب الأول إما ضمن رجع بما ضمن على الغاصب الثاني، فَهذا مثله. قال عيسى: هذا خطأ، والصواب أن لا يرجع المرتهن بما ضمن على القابض، لأنه هو الذي سلّمه إليه مع علمه أنه ليس بمالك له، فهو في حقه كمودع الغاصب، فإذا ملك الغاصب بالضمان كان مسلّماَ ملك نفسه إلى الأجنبي طوعا، وقد هلك يزيد القابض من غير فعله، فلا ضمان عليه، إلا أن يكون ادعى الوكالة من صاحبه ودفعه المرتهن من غير تصديق، فحينئذ يرجع عليه لأجل الغرور الممكن من جهته بدعواه الوكالة من صاحبه. وقد قيل في تصحيح جواب الكتاب: إن حالة الشركة التي بينهما توهم كثيراً من الناس جواز قبض=

باب جناية الرهن بعضه على بعض

الرهن وقبضه وسلّم ذلك المرتهن كان ذلك جائزاً؛ لأنه هو الذي رهنه. وكذلك الرجل يستعير العبد فيرهنه. وكذلك الرجل يرهن متاعاً لغيره فيجيز رب المتاع ثم ينقض الرهن ويقبضه فنقضه جائز. ... باب جناية الرهن بعضه على بعض وإذا ارتهن الرجل عبدين بألف يساوي كل واحد منهما (¬1) ألفاً فقتل أحدهما صاحبه فإن الباقي القاتل يكون رهناً بسبعمائة (¬2) درهم وخمسين. ولو لم يقتله ولكنه فقأ عينه كان الفاقئ بستمائة وخمسة وعشرين، والمفقوءة عينه (¬3) رهناً بمائتين وخمسين درهماً، وهما جميعاً بهذا لا يفتكّهما جميعاً إلا بما سمينا. ولهِ أن المفقوءة عينه فقأ بعد ذلك عين (¬4) الفاقئ بقي في عنق الفاقئ الأول من الدين ثلاثمائة واثنا (¬5) عشر ونصف، ويلحق الفاقئ الآخر مائة وستة (¬6) وخمسون (¬7) وربع إلى المائتين وخمسين التي في عنقه. ولو لم يفقأ كل واحد منهما عين صاحبه على ما وصفنا ولكن كل واحد منهما فقأ عين الآخر جميعاً معاً ذهب من الرهن ربعه، وبقي في عنق كل واحد منهما ثلاثة أرباع خمسمائة. وإذا كان الرهن أمتين قيمة كل واحدة ألف فولدت كل واحدة منهما ابنة تساوي ألفاً والدين ألف فقتلت إحدى (¬8) الابنتين صاحبتها (¬9) فإنه لا ¬

_ = أحدهما له في حقهما فيقوم ذلك مقام الغرور الذي يمكن بادعاء أحدهما الوكالة، فكما يرجع هناك بما ضمن فكذلك هنا. انظر: المبسوط، 21/ 166 - 167. (¬1) م: منها. (¬2) ووقع في المبسوط، 21/ 167: بتسعمائة. وهو تحريف. (¬3) م ز - عينه. (¬4) م ز: غير. (¬5) م ف: واثني؛ ز: واثنتي. (¬6) م ز: ستة. (¬7) م ف ز: وخمسين. (¬8) ز: احد. (¬9) م ز: صاحبتهما.

ينقص (¬1) من الدين شيء، وهؤلاء الثلاثة البواقي رهن بالألف كلها. فإن ماتت (¬2) أم المقتولة بقيت القاتلة وأمها بستمائة وسبعة وثمانين ونصف، الأم من ذلك بمائتين (¬3) وخمسين، والابنة بما بقي، مائتان (¬4) وخمسون من ذلك الرهن الأول، ومائة وسبعة وثمانون ونصف (¬5) بحصتها من الجناية. وإذا ارتهن الرجل عبدين كل واحد منهما بخمسمائة وقيمة كل واحد منهما ألف ارتهن كل واحد منهما على حدة (¬6) فقتل أحدهما صاحبه فإنه يخير الراهن والمرتهن. فإن شاءا (¬7) جعلا القاتل مكان المقتول وبطل ما كان في القاتل من الدين. وإن شاءا (¬8) افتديا القاتل بقيمة المقتول وغرم كل واحد منهما خمسمائة، فكانت هذه القيمة رهناً مكان المقتول، وكان القاتل رهناً على حاله. وليس هذان العبدان بمنزلة الرهن الواحد؛ لأن كل واحد منهما رهن (¬9) على حدة. أرأيت لو كان أحدهما رهناً بخمسمائة درهم والآخر بخمسين دينارًا أو كان أحدهما رهناً بعشرة أكرار حنطة والآخر بعشرة أكرار شعير كان يكون كحال رجل واحد له عبدان رهنا جميعاً لا يستطيع أن يفتكّ أحدهما دون الآخر حتى يؤدي جميع المال. وهذان متفرقان، أيهما ما أدى فيه افتكّه. ولو أن أحد هذين العبدين المتفرقين فقأ عين الآخر قيل لهما: ادفعاه أو افدياه بأرش عين الآخر. فإن دفعاه بطل ما فيه من الرهن. وإن فدياه كان الفداء عليهما نصفين، وكان رهناً على حاله، وكان الفداء رهناً مع المفقوء عينه. وإن قال المرتهن: لا أبغي (¬10) الجناية وأنا أدع الرهن على ¬

_ (¬1) ز: لا ينتقض. (¬2) م: فإن مات. (¬3) ز: ثمانين. (¬4) ز: مائتي. (¬5) ف - ونصف. (¬6) ز - بخمسمائة وقيمة كل واحد منهما ألف ارتهن كل واحد منهما على حدة. (¬7) م: فإن شا. (¬8) م ز: وإن شا. (¬9) م ز: رهنا. (¬10) ولفظ الحاكم: لا أبقي. انظر: الكافي، 2/ 233 و. وكذلك في المبسوط، 21/ 171. وعبارة ب: وللمرتهن أن يترك الجناية.

حاله ذلك، فله ذلك، ويكون الفاقئ رهناً مكانه على حاله، والمفقوء عينه ذهب نصف ما فيه. وإن طلب المرتهن الجناية فقال الراهن: أنا أفديه، وقال المرتهن: لا أفدي، فإن للراهن أن يفدي بأرش الجناية كلها. فإذا فدى بأرش الجناية (¬1) كان نصف ذلك غرماً على المرتهن في العبد الجاني، ويبطل من حقه في العبد الجاني نصفه. وإن أبى الراهن أن يفدي وقال المرتهن: أنا أفدي بجميع أرش الجناية، فدى وكان متطوعاً في ذلك، ولا يلحق الراهن مما فدى به شيء (¬2) إذا كان (¬3) يكره الفداء. وإن كان الراهن غائباً ففدى المرتهن كان على الراهن نصف ذلك الفداء ديناً في قول أبي حنيفة (¬4). وكذلك كل جناية يجنيها أحدهما على الآخر. وإذا كان الرهن يساوي ألفاً وهو رهن بألف أو أقل فقتل نفسه أو فقأ عين نفسه أو جرح نفسه جرحاً فليس في شيء من هذا أرش. وهذا مثل بلاء ينزل به من السماء فكأنه ذهبت عينه من غير جناية، فذهب نصف الرهن. فإذا كان الدين ألفاً وكانت قيمته خمسمائة ففقأ عين نفسه ذهب من الدين ربعه. وإذا كان الرهن أمة تساوي ألفاً وهي رهن بألف فولدت ابنة تساوي ألفاً فجنى الولد جناية فدُفِعَ بها لم يبطل من الرهن شيء وكان الرهن كما هو. فإن فقأت الأم عيني الابنة فدُفِعَت الأم وأخذ الولد فإن الولد رهن بألف كاملة مكان الأم، وهي في هذه الحال بمنزلة عبد لم تلده. وإن مات مات بجميع الرهن، ولا يفتك إلا بجميع الدين. فإن فقأ الولد بعد ذلك عيني الأم فدُفِعَ وأُخِذَت الأم عمياء فإنه ينبغي في القياس أن يكون رهناً بجميع المال، ولكنا ندع القياس هاهنا، ونجعل الرهن الأول قد عاد إلى حاله، فذهب منه بحساب ما نقص من العينين. ¬

_ (¬1) ز - كلها فإذا فدى بأرش الجناية. (¬2) ز: شيئاً. (¬3) م ز: وإذا كان. (¬4) وفي قول أبي يوسف ومحمد يكون متطوعاً. وقد ذكر المؤلف ذلك فيما يأتي قريباً في باب جناية الرهن على غير الراهن والمرتهن. وانظر: المبسوط، 21/ 172، 183.

وإذا استعار الرجل من الرجلين عبدين قيمة كل (¬1) واحد منهما ألف درهم فرهنهما جميعاً بألف درهم، فقام أحدهما إلى صاحبه ففقأ عينه، ثم إن المفقوء عينه قام إلى الآخر ففقأ عينه، فإن المستعير يفدي العبدين بسبعمائة (¬2) وثمانية عشر وثلاثة أرباع درهم، ويكون على المستعير أيضاً لمولى العبد المفقوءة عينه أولاً مائة وخمسة وعشرون درهماً، ويكون على المستعير أيضاً لمولى العبد المفقوءة عينه آخراً مائة وستة وخمسون درهماً وربع. ثم يقال لرب العبد الفاقئ أولاً (¬3): ادفع ثلاثة أرباع عبدك أو افده بثلاثة أرباع أرش عين العبد الآخر. فإن دفعه فليس له على صاحبه شيء؛ لأنه قد دفعه. وكل شيء دفع بجنايته صار للمدفوع إليه (¬4). وليس على المدفوع إليه أن يدفع عبده بجنايته على هذا العبد؛ لأنه يرجع إليه مع العبد. وإن فداه بثلاثة أرباع أرش العين قيل لرب العبد المفقوءة عينه أولاً: ادفع من عبدك ثلاثة أخماسه وثلاثة أثمان خمسه ونصف ثمن خمسه، أو افده بمثل ذلك من أرش العين، فأي ذلك ما فعل سلم لصاحبه، ولا (¬5) يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء. وإذا كان الرهن بألف وهو يساوي ألفاً وهي أمة فولدت ابناً يساوي ألفاً ثم جنت الأم جناية فدفعت بقي الابن بخمسمائة. فإن فقأ الابن عين الأم فدُفِعَ وأُخِذَت الأم عادت إلى حالها الأولى رهناً بألف، غير أنه يذهب من الأم (¬6) بحساب (¬7) ما ذهب من بصرها. ¬

_ (¬1) م ز: عبدين من كل؛ ف: عبدين من كل قيمة كل، ع: ثمن كل. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 173. (¬2) وفي المبسوط، 21/ 173: بتسعمائة. وهو خطأ. (¬3) م: ولا. (¬4) وقال السرخسي: وفيه نوع شبهة، فإنه إنما يدفع ثلاثة أرباعه، ويبقى الربع على ملكه، وفي ذلك القدر يجعل جناية المفقوءة عينه أولاً على ملك مولى الفاقئ، فكأنه ذهب وهم محمد -رحمه الله- إلى أن الدفع في جمجع العبد، فلهذا قال: ليس له على صاحبه شيء، ومثل هذا يقع إذا طال التفريع. انظر: المبسوط، 21/ 174. (¬5) ز: فلا. (¬6) م ز: فذهب من الأب. (¬7) ف + ذلك.

وإذا كان الرهن أمة تساوي ألفاً والدين ألف، فولدت ولدين كل واحد منهما يساوي ألفاً، فجنى أحدهما جناية فدُفِعَ بها، ثم فقأت الأم عينيه (¬1)، فدُفِعَت الأم، وأُخِذَ الابنُ مكانها، فإن هذا الابن الأعمى والصحيح بالألف كلها على حالها. فإن مات الأعمى (¬2) ذهب نصف الدين؛ لأن الأعمى كأنه الأم على حالها لم ينقص منه شيء. وإن جنى الولد الجاني على الأم فدُفِعَ وأُخِذَت الأم مكانه عاد الرهن على حاله الأول، وذهب من الألف بحساب ما ذهب من الأم. وإذا استعار الرجل عبدين من رجلين كل واحد منهما يساوي ألفاً وأذنا له فرهنهما جميعاً بالألف فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل رهن بسبعمائة وخمسين، وقد بطل من الرهن خمسون ومائتان، يردها الراهن على رب العبد القاتل بسبعمائة وخمسين، ثم يقال لمولاه: ادفع ثلاثة أرباعه إلى مولى العبد المقتول أو افده بسبعمائة وخمسين؛ مِن قِبَل أن مولى المقتول قد أخذ ربع الجناية. ولو لم يقتله (¬3) ولكنه فقأ عينه كانا جميعاً رهناً بثمانمائة وخمسة (¬4) وسبعين، الفاقئ من ذلك بستمائة درهم وخمسة وعشرين، والمفقوءة عينه بخمسين ومائتين، ويرد الراهن (¬5) على مولى العبد المفقوء عينه مائة وخمسة وعشرين؛ لأنها بطلت عنه. وليس للراهن أن يفتكّهما (¬6) جميعاً إلا بجميع ما بقي. فإن افتكّهما قيل لمولى الفاقئ: ادفع ثلاثة أرباع عبدك أو افده بثلاثة أرباع أرش العين. ولو كان الرهن أمتين والمسألة على حالها (¬7) فولدت كل واحدة منهما ولدًا يساوي ألفاً ثم إن أم (¬8) أحد الولدين قتلت صاحبتها بطل من الدين اثنان وستون ونصف، ولزم القاتلة من الجناية مائة وسبعة وثمانون ونصف، ¬

_ (¬1) ز: عينه. (¬2) ز - والصحيح بالألف كلها على حالها فإن مات الأعمى. (¬3) ز: لم يقبله. (¬4) ف: وخمسين. (¬5) ز: الرهن. (¬6) ف: أن يقتلهما (مهملة). (¬7) م ز - على حالها. (¬8) ز - أم.

وذلك ثلاثة أرباع خمسين ومائتين؛ لأن القاتلة قيمتها ألف، وهي رهن بخمسين ومائتين. فإن مات ولد القاتلة بطل عنها من هذه الجناية اثنان وستون ونصف؛ لأنها الآن رهن بخمسمائة، ولا يلزمها من الجناية إلا نصفها، فذلك مائة وخمسة وعشرون. فإن مات ولد المقتولة لزم القاتلة من الجناية مائة وخمسة وعشرون (¬1) أخرى، فتكون رهناً بسبعمائة وخمسين، خمسمائة كانت في عنقها قبل الجناية، ولحقها من الجناية مائتان وخمسون في الفضل (¬2)، ويبطل مائتان وخمسون؛ لأن في نصفها دين خمسمائة. ولو كان الولدان حيين (¬3) على حالهما كانت القاتلة رهنا بخمسين ومائتين، ويلحقها ثلاثة أرباع خمسين ومائتين. فإذا افتكّهما الراهن بما فيهما رد على مولى المقتولة اثنين وستين ونصفاً (¬4)، ودفع مولى القاتلة كلها إلا نصف ثمن قيمتها، أو فداها بتسعمائة وسبعة وثلاثين ونصف. وإذا رهن الرجل أمتين بألف تساويان ألفين فولدت كل واحدة منهما ابناً يساوي ألفاً، فإن قتل أحد الولدين أمه (¬5) لم يلحقه من الجناية شيء، وكان رهناً بخمسين ومائتين، والأخرى وولدها رهن بخسمائة، وذهب من الرهن ربعه كأن المقتولة ماتت. ولو كانت الأم هي التي قتلت ولدها كانت رهناً بخمسمائة، لا ينقص (¬6) ذلك منها شيئاً (¬7). وكذلك لو كانت الأم فقأت عينه، لأنه زيادة (¬8). ولو لم يكن ذلك ولكن أحد الولدين قتل الولد الآخر كانت أم المقتول وثلاثة أثمان القاتل رهناً بخمسمائة، وخمسة أثمان القاتل ¬

_ (¬1) ز - فإن مات ولد المقتولة لزم القاتلة من الجناية مائة وخمسة وعشرون. (¬2) ف: في القتل. وفي ب أيضا: في الفضل. (¬3) ز: حيان. (¬4) ز: ونصف. (¬5) ز: أمة. (¬6) م ف ز: وانتقص. والتصحيح من ع. ولفظ السرخسي: لم ينقص من الدين شيء. انظر: المبسوط، 21/ 176. (¬7) ز: شيء. (¬8) أي: لأن الولد نماء حادث.

باب جناية الرهن على الراهن والمرتهن

وأمه رهناً بخمسمائة. وإن مات القاتل لم ينقص (¬1) من الرهن شيء. ولو لم يمت القاتل ولكن ماتت أمه ذهب ربع الرهن. ولو لم تمت ولكن ماتت الأخرى ذهب من الرهن خمسة أثمان خمسمائة، وبقي في عنق القاتل ثلاثة أثمان خمسمائة من الجناية مع خمسين ومائتين في عنقه من الرهن وخمسين ومائتين في عنق أمه، فيفديهم الراهن (¬2) بذلك. وإذا ارتهن الرجل أمة (¬3) وعبداً بألف كل (¬4) واحد منهما يساوي ألفاً فولدت الأمة ابناً يساوي ألفاً فهي وولدها بخمسمائة والعبد بخمسمائة. فإن جنى ولدها على إنسان فدفعه لم يبطل من الرهن شيء. فإن فقأ الولد عيني العبد جميعاً فأخذ الولد ودفع العبد فإن الولد بخمسمائة والأمة بخمسمائة. فإن قتل الولد الأم أو قتلته الأم فالقاتل منهما بسبعمائة وخمسين. فإذا قتل العبد المدفوع هذا القاتل فدُفِعَ به كان رهناً بسبعمائة وخمسين إلا نقصان العبد (¬5) الذي نقص منه. ... باب جناية الرهن على الراهن والمرتهن (¬6) وإذا كان الرهن عبداً يساوي ألفاً وهو رهن بألف أو أكثر فجنى (¬7) على الراهن جناية تبلغ النفس أو دون ذلك خطأ فلا شيء في ذلك عليه، لأنه ماله وعبده، وهو رهن على حاله. وكذلك لو كانت هذه الجناية في عبد لمولاه أو أمة أو أم ولد أو مدبرة. وكذلك لو كان متاعاً فاستهلكه. ¬

_ (¬1) ز: لم ينتقص. (¬2) م: الرهن. (¬3) ز + تساوي ألفا. (¬4) م ز - كل. (¬5) وفي ب: نقصان العين. ولفظ السرخسي: نقصان العينين. انظر: المبسوط، 21/ 178. والمعنى واحد، أي ما نقص من قيمة العبد بسبب فقء العينين. (¬6) ز: والمرهن. (¬7) م ف ز: يجني. والتصحيح من ع؛ والمبسوط، 21/ 178.

وكذلك لو جنى هذه الجناية على المرتهن في نفسه أو رقيقه فهو باطل؛ لأنه [لا] (¬1) فضل فيه على الدين في قول أبي حنيفة. ولو جنى على ابن الراهن أو على ابن المرتهن كانت جنايته على هذا كجنايته على الأجنبي يُدْفَعُ بذلك أو يُفْدَى. وإذا كان العبد يساوي ألفين وهو رهن بألف فجنى على الراهن جناية خطأ في نفسه أو رقيقه أو أفسد شيئاً من متاعه فهو باطل مثل الأول، ولا شيء فيه؛ لأنه ماله. وهو رهن على حاله. وإن جنى على المرتهن في نفسه أو رقيقه قيل لمولاه الراهن (¬2): ادفعه أو افده. فإن دفعه وقتله (¬3) المرتهن بذلك صار عبداً له وبطل الدين والرهن. وإن كان فداه كان على الراهن نصف الفداء، ويكون رهناً على حاله. وإنما خالف هذا الأول لأن في هذا فضلاً (¬4) على الدين. وهذا قول أبي حنيفة. وفي الباب الأول قول آخر قول أبي يوسف ومحمد: إن الراهن والمرتهن إن شاءا (¬5) أبطلا الرهن ودفعاه بالجناية إلى المرتهن. وإن شاء المرتهن قال: لا أبغي الجناية، فبقي (¬6) رهناً (¬7) على حاله. وإذا أفسد متاعاً للمرتهن وقيمته ألفان وهو رهن بألف وطلب المرتهن أن يأخذه بقيمة المتاع فإنه يعرض على الراهن. فإن (¬8) شاء قضى عنه نصف ذلك الدين وجعل نصفه على المرتهن. وإن كره أن يقضي ذلك بيع (¬9) العبد في ذلك الدين كله. فإن بقي شيء بعد قضاء الدين أخذ الراهن نصفه والمرتهن نصفه. وإن كان الدين قليلاً أو كثيراً فهو كذلك. وإذا قتل الرهنُ مولاه (¬10) عمداً أو قتل المرتهنَ عمداً فإن هذا لا يشبه ¬

_ (¬1) الزيادة من ب جار. (¬2) م + أو؛ ز - الراهن. (¬3) ز: وقبله. (¬4) ز: فضل. (¬5) م ز: إن شا. (¬6) م ف ز ع: فهي. والتصحيح من ب جار. (¬7) ز: رهن. (¬8) ز: وإن. (¬9) م ف ز: مع. والتصحيح من ع ب. (¬10) م ف ع: مولا. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 21/ 181.

باب جناية الرهن على غير الراهن والمرتهن

الخطأ. عليه القصاص في الوجهين جميعاً، ويبطل الدين والرهن إذا قُتِلَ؛ لأن القصاص هاهنا ليس بمال. فإن قتل الراهن خطأ كان رهناً على حاله، لأن العبد عبد المقتول، فلا يلحقه أرش لمولاه. وكذلك لو كان أرش (¬1) لمولاه. وكذلك لو كان المقتول هو المرتهن إذا كان الرهن والدين سواء في قول أبي حنيفة. فإن كان العبد يساوي ألفين والدين ألفاً، فقتل المرتهن عمداً، فعفا أحد ابنيه، فإنه يقال للراهن والذي عفا: ادفعا نصف العبد إلى الذي لم يعف، أو افدياه بثلاثة أرباع نصف الدية. فإن فدياه كان رهناً على حاله. وإن دفعا نصفه بطل نصف الدين في قول أبي حنيفة، وكان لهما على الراهن نصف الدين بينهما نصفين. فإن فدياه (¬2) كان على الراهن ربع الدية، وعلى ابن المرتهن الذي عفا ثمن الديه. وإن كان العبد رهناً بين رجلين بألف وهو يساوي ألفين فقتل أحدهما عمداً وله وليان فعفا أحدهما فإنه يقال للراهن والمرتهن الباقي والذي عفا: ادفعوا نصف العبد (¬3) إلى الذي لم يعف. فإن دفعوا بطل الرهن في العبد، وبطل نصف الدين، وكان نصف الدين على الراهن بينهم على حاله، فإن فدوه فدوه (¬4) بسبعة أثمان نصف الدية، على الراهن من ذلك أربعة أسهم، وعلى المرتهن الباقي سهمان، وعلى الولي الذي عفا سهم. ... باب جناية الرهن على غير الراهن والمرتهن وإذا كان العبد رهناً بألف درهم وهو يساوي ألفين فقتل رجلاً خطأً فإن الراهن والمرتهن يخيران (¬5). فإن شاءا دفعاه وبطل الرهن. وإن شاءا فدياه بالدية نصفين، على كل واحد منهما النصف، وكان رهناً على حاله. ¬

_ (¬1) م - أرش، صح هـ. (¬2) ز: فداياه. (¬3) م ز - نصف العبد. (¬4) ف - فدوه. (¬5) م ف ز ع: يخير.

فإن قال أحدهما: أدفع، وقال الآخر: أفدي، فليس يسعه ذلك، إما أن يدفعاه وإما أن يفدياه. فإذا دفعه الراهن والمرتهن غائب (¬1) فهو جائز، وقد خرج من الرهن إلا أن يشاء المرتهن أن يؤدي نصف ما فداه الراهن به. ولو فداه المرتهن والراهن غائب (¬2) فهو جائز، وهو رهن، وعلى الراهن نصف الدية دين عليه للمرتهن، ولا يكون العبد بها رهناً في قول أبي حنيفة. وإن كانت الجناية دون النفس فكان أرشها قليلاً أو كثيراً (¬3) ففداه المرتهن والراهن غائب فعلى الراهن نصف أرشها دين عليه. وإن كان الراهن هو الذي فدى والمرتهن غائب نظرنا في الأرش. فإن بلغ (¬4) نصفَ (¬5) الدين كله فقد خرج من الرهن وبطل الدين كله. وكذلك إن (¬6) زاد نصف الفداء على الدين. وإن كان الدين أكثر من نصف الفداء كان العبد رهناً بالذي بقي حتى يقضيه (¬7) الراهن. وإذا كان الراهن والمرتهن حاضرين فقال المرتهن: أنا أفدي، وقال الراهن: أنا أدفع، فللمرتهن أن يفدي (¬8)، وهو متطوع في ذلك لا شيء له على الراهن فيه، وهذا والغائب في القياس سواء. وهذا القول قول أبي حنيفة. وفي الغائب قول آخر: إنه ليس عليه من الفداء شيء، وهو مثل الحاضر. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا أصاب الرهن بلاء فاحتاج (¬9) فيه إلى دواء فذلك عليهما نصفان (¬10)، وطعامه على الراهن، والطعام مخالف للدواء. وإذا كان الرهن والدين سواء أو كان الرهن أقل من الدين فأصابه ¬

_ (¬1) م: غاب. (¬2) م: غاب. (¬3) م ز: قليل أو كثير. (¬4) ف ز ع: فإن باع. والتصحيح من الكافي, 2/ 236 ظ. (¬5) ز: نصفه. (¬6) م ف ز - إن. والزيادة من ع. (¬7) ز: يقبضه. (¬8) ز: أن يدفع. (¬9): فلا جناح. (¬10) ز - نصفان.

جرح (¬1) أو بلاء فعلاجه على المرتهن، وطعامه على الراهن. وكذلك لو جنى جناية كان الفداء على المرتهن دون الراهن. وليس له أن يدفع إلا برضا من الراهن. وإذا كان الرهن دواباً أو إبلاً فعلفها على الراهن. فإن (¬2) أصابها خُراج (¬3) أو دَبَر (¬4) فإن نفقة ذلك على المرتهن إذا كانت القيمة والدين سواء. فإن كان في القيمة فضل على الدين كان على الراهن بحساب الفضل. وإذا كانت الأمة رهناً بألف وقيمتها ألف فولدت ولداً يساوي ألفاً ثم جنى ولدها على الراهن فلا شيء في ذلك. وكذلك لو جنى على رقيق الراهن أو أفسد متاعه فلا شيء فيه. فإن جنت الأم على المرتهن في نفسه ورقيقه فمات الولد فلا شيء فيهاة مِن قِبَل أن الرهن لم يكن فيه فضل يوم ارتهنه. ألا ترى أن الأمة لو زادت ثم جنت عليه لم يكن عليه فيه شيء. فإن كانت الأمة تساوي ألفاً والدين ألف والولد يساوي ألفاً فجنى الولد على الراهن في نفسه أو رقيقه فهو باطل. وإن جنى على المرتهن لم يكن له بد من أن يدفع أو يفدى. فإن دفع لم يبطل من الدين شيء؛ لأنه زيادة. وإن فداه كان على الراهن نصف (¬5) الفداء كما كان يكون عليه في الأم. وكذلك لو جنى هذا الولد على رجل أجنبي فإن الفداء عليهما نصفان. وإذا كان العبد رهناً بألف وهو يساوي ألفاً فأفسد متاعاً لرجل أو استهلك مالاً فإن ذلك (¬6) دين (¬7) في عنقه، يباع فيه فيستوفي صاحب المتاع ثمن متاعه. فإن بقي شيء كان للمرتهن. فإن كان ماله قد حَلَّ ¬

_ (¬1) ز: جرج. (¬2) ز: فا. (¬3) الخراج بالضم: البَثْر، الواحدة خُراجة وبَثْرة، وقيل: هو كل ما يخرج على الجسد من دمَّل ونحوه. انظر: المغرب، "خرج". (¬4) الدَّبَر جمع الدَّبَرَة، وهي كالجراحة تحدث من الرَّحْل أو نحوه، وقد دَبِرَ البعيرُ دَبَراً وأَدْبَرَه صاحبه. انظر: المغرب، "دبر". (¬5) م ف ز: بنصف. والتصحيح من ع. (¬6) م ف ز: فإن كان. والتصحيح من ع. (¬7) ز: دينا.

باب الجناية على الرهن

اقتضاه. وإن لم يكن حَلَّ كان رهناً مكان الأول بحصته حتى يَحِلَّ فيأخذه. وإذا أقر الراهن أن الرهن لغيره أو أن على الرهن ديناً أو جناية فإنه لا يصدَّق على شيء من ذلك. فإن فداه وتطوع (¬1) فهو جائز. وكذلك لو كان الرهن عبداً فأقر بذلك لم يجز. وكذلك لو أقر بذلك المرتهن، غير أن المرتهن إذا أقر بدين عليه فإن افتكّه الراهن فإقرار المرتهن عليه باطل. فإن بيع فاقتضى ثمنه كان الغريم أحق به. وإذا افتكّ الرهنَ الراهنُ الذي أقر بذلك فإنه يجوز عليه. وإذا كان الرهن (¬2) عبداً (¬3) يساوي ألفاً ففقأ عيني (¬4) عبد يساوي مائة درهم فدفع الرهن وأخذ العبد أعمى فهو رهن بالألف يفتكه بها. فإن أصابه عيب ينقصه ذهب من الدين بحساب ذلك. وإن نقص السعر ورخص لم ينقصه ذلك شيئاً في قول أبي يوسف. وقال محمد: يدفع العبد الرهن بجنايته، وما بقي من العبد المفقوءة عيناه (¬5)، فيقوَّم المفقوءة عيناه صحيحاً، ويقوَّم أعمى، فيبطل من الرهن فضل ما بينهما. فإن كان أرش ذلك الثلثين (¬6) بطل ثلثا الدين. فإن كان أكثر أو أقل فعلى حساب ذلك، ويصير العبد الأعمى رهناً بما بقي. فإن شاء الراهن سلّمه للمرتهن بما بقي من الدين، فلا يكون لواحد منهما على صاحبه شيء. وإن شاء الراهن أخذه وأعطاه ما بقي من الدين. ... باب الجناية على الرهن وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألف فغلا السعر فصار يساوي ألفين ¬

_ (¬1) م: أو تطوع. (¬2) م ز: العبد. (¬3) م ز - عبدا. (¬4) ف ز: عين. (¬5) أي: يصير الأعمى رهناً بما بقي، كما يذكره بعد سطرين. (¬6) ز: الثلثان.

فقتله رجل فعليه ألفان. فإن أدى ألفاً وبقي ألف فإن هذه الألف للمرتهن هو أحق بهاث لأن الباقية زيادة لم تكن في أصل الرهن. ولو كان الرهن قيمته ألفين في الأصل كانت هذه الألف التي خرجت بين الراهن والمرتهن نصفين، وما خرج كان بينهما نصفين (¬1)، وما بقي فهو بينهما. وإن لم يقتل (¬2) ولكن فقئت عينه ثم توى الأرش على الفاقئ فإنه يذهب نصف الدين، إن كان (¬3) العبد يساوي في الأصل ألفاً فزادت قيمته حتى بلغت ألفين أو كان في الأصل يساوي (¬4) ألفين فهو سواء. وإن كان الرهن أمة تساوي ألفاً فولدت ولدًا يساوي ألفاً فجنى ابنها جناية فدُفِعَ بها لم ينقص (¬5) من الرهن شيء؛ لأنه زيادة. ولو لم يجن الابن ولكن جنت الأم فدُفِعَتْ ذهب (¬6) نصف الرهن. وإن (¬7) فدوا الأم فإن الفداء عليهما (¬8) نصفين. فإن مات الولد [فالفداء] (¬9) الذي (¬10) أعطى المولى قضاء من الدين، والأم رهن فيما بقي؛ لأن الولد قد ذهب. وإن كان الرهن (¬11) عبداً يساوي ألف درهم ورهن بألف فقتله عبد يساوي مائة أو أكثر من ذلك أو أقل به عيب فاحش فدُفِعَ به فهو رهن بجيمع المال مكان الأول؛ لأن المولى الراهن يقال له: هذا عبدك فافتكّه. وليس هذا كالدراهم، الدراهم لا يقال: افتكّها، ولكن المرتهن يأخذها قضاء من ماله إذا حل. وهذا قياس قول أبي حنيفة (¬12) وأبي يوسف. وأما في قول ¬

_ (¬1) كذا في النسخ. وعبارة ب: ولو كانت قيمته يوم الرهن ألفين فما خرج فهو بينهما نصفان وكذا ما بقي. وعبارة الحاكم: ولو كانت قيمته في الأصل ألفين كان ما خرج من قيمته بين الراهن والمرتهن مناصفة وما توى كان بينهما. انظر: الكافي، 2/ 237 و. ونحوه عند السرخسي. انظر: المبسوط، 21/ 185. (¬2) ز: لم تقتل. (¬3) ف + في. (¬4) ف + ألفا فولدت ولدا يساوي. (¬5) ز: لم ينتقض. (¬6) م ف ز: فدفعه فذهب. والتصحيح من ع. (¬7) م ز: فإن. (¬8) م ز: عليها. (¬9) الزيادة من المبسوط، 21/ 186. (¬10) م ز - الذي. (¬11) م ز - الرهن. (¬12) م - أبي حنيفة، صح هـ.

محمد (¬1) فإن الراهن يخير. فإن شاء أخذ المدفوع بِعَيْبِه (¬2) وأدى الدين كله. وإن شاء سلّم العبد المدفوع للمرتهن بدينه، وبطل عنه الدين. وإذا كان العبد المدفوع صحيحاً فذهبت عينه بعدما دفع ذهب نصف الرهن. وكذلك ما ذهب منه سوى العين (¬3) ذهب من الرهن بحساب ذلك. وإذا كان العبد رهناً بألف وهو يساوي ألفاً ففقأت (¬4) عينه أمة فدُفِعَتْ فهما جميعاً رَهْنٌ (¬5) بألف. فإن مات العبد بقيت هذه بالنصف (¬6). فإن ماتت الأمة بقي العبد بالنصف. ولو قَتَلَ عبدٌ هذا العبدَ الأعور ودُفِعَ به كانا جميعاً رَهْناً بألف، أيهما مات مات بخمسمائة. وإن كانت قيمتها مختلفة فأيهما هلك هلك بالأصل (¬7) الذي دُفِعَا به. وليس للراهن أن يفتكّ أحدهما دون صاحبه. فإن قتل أحدهما صاحبه (¬8) كان القاتل رهناً بخمسمائة وإن كان فيهما فضل؛ مِن قِبَل أن هذا كأنه رهن واحد فقأ (¬9) عين نفسه؛ لأن الأصل كان واحداً. وكذلك لو فقأ أحدهما عين صاحبه ذهب ربع الرهن. وإذا كان الرهن عبداً واحداً بألف وهو يساوي ألفاً فقتله عبدان فدُفِعَا به فهما جميعاً رهن بألف. فإن قتل أحدهما صاحبه كان الباقي رهناً بخمسمائة وإن كانت قيمة كل واحد منهما ألفاً أو أكثر؛ مِن قِبَل أن الأصل رهن واحد. ولو فقأ عين نفسه لم تلزمه (¬10) جناية، وذهب من الرهن نصفه. ولو كان الرهن عبدين يساويان خمسمائة وهما رَهْنٌ (¬11) بألف فزاد كل واحد منهما حتى صار يساوي ألفاً (¬12) ثم قتل أحدهما صاحبه كان العبد الباقي رهناً بسبعمائة وخمسين على ما كان يكون عليه في الزيادة لو (¬13) كانت في ¬

_ (¬1) ز - محمد. (¬2) م ف ز ع: بعده. والتصحيح من ب جار. (¬3) م ز: ألفين. (¬4) ز: ففقئت. (¬5) ز: رهنا. (¬6) م: النصف. (¬7) م ف ز: الأصل. والتصحيح من ع ب جار. (¬8) م ز - فإن قتل أحدهما صاحبه. (¬9) ز: ففقأ. (¬10) ز: لم يلزمه. (¬11) ز: رهناً. (¬12) م ف + ألفا. والتصحيح من ع. (¬13) ف ع: ولو. والتصحيح من ب جار؛ والمبسوط، 21/ 187.

الأصل. ولو لم يقتل أحدهما صاحبه (¬1) ولكن قتل كل واحد منهما عبداً (¬2) فدُفِعَ به وقيمة المدفوع قليلة أو كثيرة، ثم قتل أحد المدفوعين صاحبه، كان القاتل رهناً بسبعمائة وخمسين درهماً لا يزيد. وإذا كان عبدان رهناً بألف كل واحد منهما يساوي ألفاً فقَتَلَ كلَّ واحد منهما أمة فدُفِعت مكانه وقيمة كل واحدة (¬3) منهما قليل أو كثير (¬4) فكل واحدة (¬5) منهما رَهْن مكان العبد المقتول. فإن قَتَلَتْ إحداهما صاحبتَها فالقاتلة رهن بسبعمائة وخمسين كما كان يكون في العبدين (¬6) لو قتل أحدهما صاحبه. ولو لم يقتلها (¬7) ولكن ولدت كل واحدة منهما ابناً مثل أمه في القيمة فقَتَلَتْ إحدى الأمتين ابنَ الأخرى أو قَتَلَ أحدُ (¬8) الابنين صاحبَه كان القول في هذا مثل القول الأول (¬9) في الأمتين اللتين رُهِنَتَا بألف يساويان ألفاً ألفاً فولدت كل واحدة منهما ابناً يساوي ألفاً ثم كان من جنايتهما ما كان من جناية هؤلاء. وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألفان ففقأ عبدٌ عينَه فدُفِعَ به فهو رَهْنٌ معه بألف، فأيهما قَتَلَ صاحبَه أو جرحه لم يلزمه من ذلك جناية، وذهب من الرهن بحساب ذلك. وإذا كان عبدان رهناً بألف وقيمة كل واحد منهما ألف فقتلهما عبد ¬

_ (¬1) م ز - كان العبد الباقي رهنا بسبعمائة وخمسين على ما كان يكون عليه في الزيادة ولو كانت في الأصل ولو لم يقتل أحدهما صاحبه. (¬2) م: عبد. (¬3) م ف ز ع: كل واحد. (¬4) م: قليل أكثير. (¬5) م ف ز ع: واحد. والتصحيح من ب. (¬6) ف - في العبدين، صح هـ. (¬7) م ف: لم يقتلهما؛ ز: ولو يقتلهما. والتصحيح من ع. (¬8) م ز: إحدى. (¬9) م - الأول.

باب الغصب في الرهن

واحد فدُفِعَ بهما ففقأ عين نفسه أو جرح نفسه فإنه يذهب من الرهن بحساب ذلك، ولا يكون عليه أرش. وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألفان فقتله عبدان فدُفِعَا مكانه فمات أحدهما أو جنى فدُفِعَ فإن الباقي رهن بنصف المال وإن اختلفت قيمتهما. ... باب الغصب في الرهن وإذا كان العبد رهناً بألف وهو يساوي ألفاً فاغتصبه رجل فقَتَلَ عنده قتيلاً خطأ ثم رده فدفعوه بالجناية فإنه يرجع على الغاصب بقيمته فيكون رهناً مكانه. وإن فداه المرتهن كانت القيمة التي يأخذ (¬1) من الغاصب له مكان الفداء. ولو كان الرهن يساوي ألفين ففداه الراهن (¬2) والمرتهن كانت القيمة التي يأخذون (¬3) من الغاصب بينهما نصفين. وإن كان العبد رهناً بألف وهو يساوي ألفاً فاغتصبه رجل فأفسد عنده متاعاً فلحقه من ذلك دين ثم رده فإنه يباع في ذلك الدين إلا أن يشاء المرتهن أن يصلح رهنه (¬4). فإن بقي شيء بعد الدين (¬5) كان في الرهن، ويضمن الغاصب ما دفعوا (¬6) في الدين، فيكون رهناً مع ما بقي من الثمن للمرتهن، ولا ينقص من الرهن شيء. ولو استغرق الدين قيمتَه كلَّها أخذوا (¬7) من الغاصب قيمته فكان رهناً مكانه. فإذا اغتصب الرجل عبداً يساوي ألفاً وهو رهن بألف فقتل عنده قتيلاً ¬

_ (¬1) ز: تؤخذ. (¬2) ف - الراهن، صح هـ. (¬3) ز: يأخذان. (¬4) ويكون ذلك بقضاء الدين. انظر: المبسوط، 22/ 2. (¬5) أي: فإن بيع العبد وقضي من ثمنه الدين ثم بقي فضل بعد الدين ... انظر: المبسوط، 22/ 2. (¬6) ز: ما دفعا. (¬7) ز: أخذا.

خطأ ثم دفعه إلى المرتهن فمات عند المرتهن فقد بطلت الجناية، ولا شيء على الغاصب، وقد ذهب العبد بما فيه من الرهن. وكذلك لو عفا ولي الدم. وكذلك (¬1) لو كان الدم عمداً فيه قصاص. ولو لم يكن جناية (¬2) ولكن كان استهلاك مال كان هذا هكذا أيضاً. إذا مات (¬3) في يدي المرتهن أو أبرؤوه من الدم والدين فلا شيء على الغاصب. وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألف فاغتصبه رجل فقتل عنده قتيلاً خطأ ثم أفسد متاعاً بمثل قيمته ثم قتل قتيلاً عمداً (¬4) ثم رد عليهم (¬5) فاختاروا دفعه فإنه يُدْفَعُ بالخطأ إلى أولياء الخطأ، ثم يقتله أصحاب العمد، ويكون على الغاصب القيمة، فيدفع إلى أولياء الخطأ (¬6)، ثم يأخذها الغرماء، ثم يرجع المرتهن على الغاصب بقيمة أخرى، فيأخذها (¬7) أصحاب الخطأ، ثم يأخذها (¬8) الغرماء، ثم يرجع عليه بقيمة أخرى حتى يكون في يدي المرتهن قيمة لا تَبِعَةَ (¬9) فيها بشيء. ولو كان بدأ بالدين ثم ثَنَّى بالعمد ثم ثَلَّثَ بالخطأ فاختاروا دفعه فإنه يُدْفَعُ بالخطأ، ثم يُقْتَلُ بالعمد، ثم تكون على الغاصب قيمته (¬10) للمرتهن يأخذها الغرماء، ثم يرجع على الغاصب بقيمة أخرى، فيكون رهناً مكان العبد. وإذا اغتصب الرجل الرهن وهي أمة تساوي ألفاً وهي رهن بألف (¬11) فولدت عند الغاصب ولداً فجنى الولد جناية ثم ردهماً جميعاً فإن الولد يُدْفَعُ ¬

_ (¬1) م - وكذلك، صح هـ. (¬2) ز: الجناية. (¬3) م ز: إذا ماتت. (¬4) ولفظ الحاكم: ولو قتل عند الغاصب قتيلاً خطأ ثم قتل قتيلاً عمداً ثم أفسد متاعاً مثل قيمته ... انظر: الكافي، 2/ 238 و؛ والمبسوط، 22/ 3. (¬5) ز: عليهما. (¬6) ف - ثم يقتله أصحاب العمد ويكون على الغاصب القيمة فيدفع إلى أولياء الخطأ. (¬7) م ف ز: فيأخذوها. (¬8) م ز: ثم يأخذوها. (¬9) م ف ز: ولا يبيعه؛ ع: لا يبيعه. والتصحيح من المبسوط، 22/ 3. (¬10) م ز: قيمة. (¬11) ز: بالألف.

بالجناية أو يُفْدَى (¬1)، ولا يرجعون على الغاصب بشيء؛ لأنه لم يغصبهم الولد. وإذا كان العبد يساوي أكثر من عشرة آلاف، وهو رهن بذلك، فغصبه رجل، فجنى عنده جناية، فقتل قتيلاً خطأ، ففداه المرتهن، فإنه يرجع على الغاصب بعشرة آلاف إلا عشرة دراهم، ولا يرجع بأكثر من ذلك. وإن كانت قيمته عشرين ألفاً أو أكثر من ذلك وهو (¬2) رَهْن بها، فقَتَلَ قتيلين عند الغاصب، ففداه المرتهن بعشرين ألفاً، رجع على الغاصب بعشرة آلاف درهم إلا عشرة دراهم، ولا يجاوز ذلك. ولو لم يَفْدُوه ولكنهم دفعوه رجع على الغاصب بعشرة آلاف إلا عشرة دراهم، فيدفع نصفها إلى المجني عليه الأول (¬3)، ثم يرجع بذلك على الغاصب، فتكون هذه العشرة آلاف إلا عشرة دراهم رهناً بمثلها من دينه، ويبطل الفضل. وكذلك لو قُتِلَ العبدُ عند المرتهن ولم يكن غَصْباً وكان القتل خطأ فغَرِمَ قاتلُه عشرة آلاف درهم (¬4) إلا عشرة دراهم كانت رَهْنًا بمثلها، وبطل الفضل. ولو لم يَقْتُلْهُ حر ولكن (¬5) قَتَلَهُ عبدٌ يساوي مائة درهم فدُفِعَ به كان رهناً مكانه بجميع العشرين ألفاً، وليس (¬6) الدراهم في هذا كالعبد والأمة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. ولو لم يُقْتَل (¬7) ولكن المرتهن باعه عند حِل المال بعشرين ألفاً، وكان مسلَّطاً على بيعه، فباعه، فتَوِيَتْ (¬8)، كانت من مال المرتهن، لأنها رهن وإن كان قد بِيعَ. وكذلك لو كان عدلاً مسلَّطاً على بيعه فباعه فتَوَى (¬9) المال. ولو باع بأقل من الدين رجع المرتهن على الراهن بما نقص الثمن عن الدين. وليس البيع في هذا كالجناية؛ لأن البيع قبض من الراهن ¬

_ (¬1) م ف ز ع: ويفدى. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 22/ 3. (¬2) م ف ز: فهو. والتصحيح من المبسوط، 22/ 4. (¬3) ز - الأول. (¬4) م ز - درهم. (¬5) ف: ولكنه. (¬6) ف: ليس. (¬7) م ف ز ع: لم يقتله. والتصحيح من المبسوط، 22/ 4. (¬8) ز: فثويت. (¬9) ز: فثوى.

لمتاعه (¬1) حيث باعه، فما نقص فعليه (¬2). ولو كان العبد رَهْناً (¬3) بألف وهو يساوي ألفاً فرخص السعر حتى أصار، (¬4) يساوي مائة وحَلَّ المالُ فقتله رجل فغَرِمَ مائةً لم يكن للمرتهن غيرها ويبطل الفضل. وكذلك لو قتله المرتهن. وإن قتله الراهن فهو كذلك أيضاً. ألا ترى أن المال لو لم يكن حَلَّ كانت عليه قيمته تكون (¬5) رهناً مكانه ولا يكون للمرتهن إلا ذلك. وإذا كان الرهن عبداً بألف درهم وهو يساوي ألفاً فغصبه الراهن فجنى عنده ثم رد على المرتهن (¬6) ففداه فإنه يرجع بالأقل من قيمته والفداء على الراهن. ولو لم يغصبه الراهن ولكن استعاره فجنى عنده فقتل قتيلاً عنده فدفعه المرتهن والراهن بذلك كان الدين على الراهن، ولا يضمن قيمة الرهن؛ لأنه أخذه بعارية فكان خارجًا من الرهن ما كان في العارية، وغَلِقَ (¬7) في الجناية، فصار عليه الدين بحاله (¬8). وكذلك لو استعاره رجل بإذن الراهن. ولو استعاره بغير إذن الراهن فجنى عنده جناية فدُفِعَ بالجناية كان الراهن بالخيار، إن شاء ضَمَّنَ (¬9) المرتهنَ قيمته، وإن شاء ضَمَّنَ المستعيرَ قيمته، فيكون رهناً مكانه، ولا يرجع واحد منهما على صاحبه ¬

_ (¬1) م ف ز ع: بمتاعه. والتصحيح من ب جار (¬2) قال السرخسي: لأن المرتهن في هذا البجع نائب عن الراهن، فيكون بيعه كبيع الراهن، وذلك بمنزلة الفكاك، ثم يتحول ضمان الدين إلى الثمن بقدر الثمن، فما زاد على ذلك يبقى في ذمة الراهن بخلاف القتل، فإنه يقتل وهو مرهون، فيسقط من الدين مقدار مالية القيمة الواجبة. انظر: المبسوط، 22/ 4 - 5. (¬3) م ف ز ع: عبدا رهن. والتصحيح من المبسوط، 22/ 5. (¬4) الزيادة من المبسوط، 22/ 5. (¬5) ز: يكون. (¬6) ز - وهو يساوي ألفا فغصبه الراهن فجنى عنده ثم رد على المرتهن؛ صح هـ. (¬7) غَلِقَ الرهن من باب لَبِس: إذا استحقه المرتهن، ومنه "أذن لعبده في التجارة وغَلِقَتْ رقبته بالدين" أي استُحِقَّت به فلم يقدر على تخليصها. انظر: المغرب، "غلق ". (¬8) م ف: كما؛ ع: كما هو. والتصحيح من ب جار. (¬9) م ف + الرهن.

بشيء. وكذلك لو كان الراهن (¬1) أعاره بغير أمر المرتهن (¬2) ضمن المستعير القيمة، وإن شاء ضمنها الراهن. وإذا كان العبد رهناً بألف، وقيمته ألف، فاغتصبه رجل، فجنى عنده جناية تستغرق قيمته، واكتسب عنده ألف درهم، ثم رده ورد المال، ودفع العبد بالجناية، فإنه (¬3) يرجع عليه بقيمة العبد، وتكون الألف التي اكتسب العبد لمولى العبد؛ لأنه لا يدخل في الرهن منه شيء. وليس الكسب في هذا كالولد. وكذلك لو وُهِبَ له ألف درهم كانت للمولى، ولا يدخل في الرهن؛ لأن هذا ليس من أصل الرهن، والولد والثمرة من أصل الرهن، فهما رهن مع الرهن. وإذا كان العبد رهناً بألف درهم وقيمته ألف فاغتصبه عبد فجنى عنده جناية تستغرق قيمته فإن ذلك في عنق العبد الغاصب يباع العبد فيه أو يُفْدَى؛ لأن الغصب في هذه المنزلة ليس كالجناية. ألا ترى أن الغاصب لو كان حراً كانت القيمة في ماله حالة. ولو كانت جناية كانت في ثلاث سنين؛ لأن رجلاً لو قتل عبداً كانت قيمته في ثلاث سنين. ولو أن العبد الغاصب كان يساوي عشرين ألفاً (¬4) وكان العبد المغتصَب يساوي عشرين ألفاً (¬5) فقَتَلَ عنده (¬6) قتيلين فدُفِعَ بذلك لم يكن في عنق العبد الغاصب إلا عشرة آلاف غير عشرة دراهم يباع [فيها] (¬7) أو يُفْدَى. ولو اغتصب [العبد] (¬8) صبياً حراً وأمره أن يقتل رجلاً فقتل أو جنى عنده جناية بأمره كان ذلك على عاقلة الصبي، ويُدْفَعُ العبدُ أو يُفْدَى. وإذا ارتهن (¬9) عبداً يساوي ألفاً بألف فغصبه رجل من المرتهن فقتل عنده رجلاً خطأ ثم رده، فغصبه رجل آخر فقتل عنده رجلاً آخر (¬10) ¬

_ (¬1) ف: الرهن. (¬2) م ز: الراهن. (¬3) أي: المرتهن. (¬4) م ز: ألف. (¬5) م ز: ألف. (¬6) ز - عنده. (¬7) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 22/ 6. (¬8) الزيادة من ب. (¬9) م ف ز: فإذا ارتهن. والتصحيح من ع. (¬10) م - آخر.

خطأ (¬1) فرده، ثم اغتصبه رجل فقتل عنده رجلاً آخر خطأ (¬2) ثم رده، فاختار دفعه بالجنايات، فإنه يُدْفَعُ فيكون بين أصحاب الجنايات أثلاثاً. ويضمن الغاصب الأول ثلث قيمته فيدفعها (¬3) المولى والمرتهن إلى ولي القتيل الأول، ثم يرجع المولى على الغاصب الأول أيضاً بمثله فيدفعه إلى ولي القتيل الأول، ثم يرجع على الغاصب الأول أيضاً بمثله فيكون في يديه، ويكون في يدي ولي القتيل الأول ثلثا (¬4) قيمته وثلث عبد (¬5)، ويرجع على الغاصب الثاني بثلث قيمته، فيدفع نصف ذلك الثلث إلى ولي القتيل الثاني، ثم يرجع على الغاصب الثاني بذلك النصف، وهو سدس جميع القيمة التي دفع، فيكون في يدي المولى ثلث قيمته من قبل الغاصب الثاني، ويكون في يديه ثلث قيمته من الغاصب الأول، ويكون في يدي ولي المجني عليه الثاني ثلث عبد وسدس قيمة ذلك وذلك تمام النصف، ويكون على الغاصب الثالث ثلث قيمته. ولا يدفع إلى ولي القتيل الثالث شيء؛ لأنه قد استوفى حقه ثلث العبد فتكون هذه القيمة التي أخذ المولى رهناً للمرتهن مكان العبد. وكذلك لو كان الغاصب في هذه المسألة واحداً يغصب ويرده. وكذلك لو كان الغاصب واحداً وجنى هذه (¬6) الجنايات قبل أن يرده كان القول فيه كالقول في الثلاثة، يغرم قيمته، فيأخذ ولي القتيل الأول ثلثيها (¬7) والثاني سدسها ثم يرجع المرتهن بذلك كله على الغاصب فيكون رهناً مكان العبد. وإذا ارتهن الرجل أمة بألف (¬8) تساوي خمسة آلاف فاغتصبها رجل ¬

_ (¬1) ز - ثم رده فغصبه رجل آخر فقتل عنده رجلاً آخر خطأ. (¬2) ف - فرده ثم اغتصبه رجل فقتل عنده رجلاً آخر خطأ. (¬3) م ف ز: فدفعها. والتصحيح من ع. (¬4) ز: ثلثي. (¬5) م ف ز ع + المولى. والتصحيح من الكافي، 2/ 239 ظ. وفي ب: ثلث العبد. (¬6) ز: بهذه. (¬7) ز: ثلثاها. (¬8) ف - بألف.

فجنت عنده جناية دون النفس ثم ردها فاختاروا فداءها فَدَيَاهَا (¬1): المرتهنُ بخمس الفداء، والراهنُ بأربعة أخماس الفداء. فإن كانت الجناية ألفاً أو ألفين أو ثلاثة آلاف أو أربعة رجعوا بذلك على الغاصب. وإن كانت الجناية خمسة آلاف أو أكثر رجعا على الغاصب بخمسة آلاف إلا عشرة دراهم، ولا يرجعان عليه بأكثر من قيمتها إذا قَتَلَتْ، وما زاد على ذلك فهو عليهما دونه. ألا ترى (¬2) أن عبداً لو كان رهناً بألف وهو يساوي عشرة آلاف فاغتصبه رجل فقتل عنده قتيلين ثم رده ففدياه بعشرين ألفاً كان الفداء عليهما على قدر الرهن والفضل الذي فيه، ويرجعان على الغاصب بعشرة آلاف إلا عشرة دراهم، فيكون رهناً بقدره من الدين بحساب ما كان فيه على حساب ما غرما. وإذا اغتصب الرجل عبداً لرجل رهناً فاستهلك عنده متاعاً فعليه قيمة ذلك المتاع ديناً في عنقه ما بلغ. فإذا رده فالغريم بالخيار. إن شاء استسعاه. وإن شاء بيع (¬3) لهم في ذلك. فأي ذلك ما صنع به ضمن الغاصب الأقل من قيمته ومن الدين. ولو سعى للغرماء في أكثر من قيمته أضعافاً لم يضمن الغاصب إلا قيمته. وإن سعى العبد (¬4) في الدين وهو ألف حتى يؤديه أخذوا من الغاصب قيمته وهي ألف فكانت هذه القيمة للمولى، وكان (¬5) العبد رهناً على حاله؛ لأنه قد سلم من الدين. ولو بيع في الدين بدئ بالدين حتى يستغرق الثمن، ويرجعون على الغاصب بالقيمة. وإن بقي من الثمن شيء لم يضمن الغاصب من قيمته إلا قدر ما أخذ الغرماء. فإن باعوا العبد بثلاثة آلاف وقيمته ألفان والدين (¬6) ألف والرهن الأول ألف قضوا الغرماء ألفاً وضمنوا الغاصب ثلث قيمته، فتكون هذه الألفان وثلث القيمة رهناً بالمال كله لا ينقص من المال شيء؛ لأن قيمته ألفان وقد (¬7) بقي مثل ¬

_ (¬1) م ف ز: ففداها. والتصحيح من ب جار. ولفظ الحاكم: فعلى المرتهن خمس الفداء ... انظر: الكافي، الموضع السابق. وكذلك المبسوط، 22/ 7. (¬2) ز - ترى. (¬3) م ف ز: يبيع. والتصحيح من ع. (¬4) ف: للعبد. (¬5) ف: ولو كان. (¬6) ف ز: فالدين. (¬7) م ف ز ع: فقد. والتصحيح من المبسوط، 22/ 8.

باب الجناية في الرهن بالحفر

ذلك. ولو كانوا باعوه بألفين فقضوا غرماء العبد ألفاً رجعوا على الغاصب بنصف القيمة ألف كاملة، فكانت هاتان الألفان رهناً بالمال كله، لا ينقص من قيمة العبد شيء. ولو توى ما على الغاصب كانت هذه الألف التي بقيت رهناً بنصف الدين. ولو كان العبد رهناً على يدي عدل وهو رهن بألف وقيمته ألف (¬1) فباعه العدل بألفين وكان مسلَّطا على البيع فتَوِيَتْ (¬2) إحدى الألفين وخرجت ألفٌ (¬3) استوفاها المرتهن؛ لأن الألف الأخرى زائدة. ولو [كانت قيمته ألفين فباعه بألفين و] كان (¬4) مسلَّطاً على البيع فتَوِيَتْ (¬5) إحدى الألفين وخرجت الأخرى كان للمرتهن نصف هذه التي خرجت، ونصفها للراهن. ولو باعه العدل بثلاثة آلاف (¬6) فخرجت ألف وتَوِيَتْ ألفان كان ما خرج بينهما نصفين، لأن أصل الرهن كان على أنه نصفين، لأنه كان يساوي ألفين والدين ألف. ... باب الجناية في الرهن بالحفر وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألف فاغتصبه رجل فحفر عنده بئراً في الطريق ووضع في الطريق حجراً ثم رده الغاصب على المرتهن فافتكّه الراهن وقضى الدين وقبض (¬7) العبد نم وقع في البئر إنسان فمات فإنه يقال للراهن الذي قبض العبد: ادفع عبدك أو افده بالدية. فأي ذلك فعل فإنه يرجع على الغاصب بقيمته. فإن كان الغاصب مفلساً أو كان غائباً رجع الراهن على المرتهن بالذي قضاه إذا كان الدين والرهن سواء حتى يكون ¬

_ (¬1) ف - وقيمته ألف. (¬2) ز: فثويت. (¬3) م ف ز ع: ألفا. والتصحيح من ب. (¬4) الزيادة من الكافي، 2/ 240 و. ومعناه في ب؛ والمبسوط، 22/ 8. ولا بد منها ليتم المعنى. (¬5) ز: فثويت. (¬6) م ز: بثلثة الألف. (¬7) ف: وقض.

التَّوَى من مال المرتهن. فإن عَطِبَ بالحجر آخر فمات وقد دفع العبد إلى صاحب البئر فإنه يقال لصاحب البئر: ادفع نصفه أو افده بعشرة آلاف (¬1)، ولا يتبع (¬2) المولى ولا المرتهن من ذلك بشيء سوى الذي اتبعهم أول مرة، والذي عَطِبَ بالحجر [هو] (¬3) مِثْلُ آخر لو وقع في البئر. وإذا احتفر العبد بئراً في الطريق وهو رهن بألف وقيمته ألف فوقع فيها عبد فذهبت عيناه فإنه يُدْفَعُ العبدُ الرهن (¬4) أو يُفْدَى. فإن فَدَاه (¬5) كان رهناً على حاله، وأَخَذَ المرتهنُ العبدَ الأعمَى فكان له بالعبد (¬6). فإن دَفَعَ العبدَ الرهنَ أخذ العبد الأعمى فكان رهناً مكانه بالألف تامة. فإن وقع في البئر (¬7) آخر اشتركوا في العبد الحافر بحصة (¬8) ذلك أو يفديه مولاه الذي هو عبده بأرش الجناية، فلا يلحق الأعمى من ذلك شيء. فإن وقعت في البئر دابة فعَطِبَتْ لَحِقَ ثمنها العبد في يدي أصحابه حتى يباع لهم في ذلك أو يعطوا ثمن الدابة، ولا يلحق الأعمى من ذلك شيء. فإن بيع العبد في (¬9) ثمن الدابة ثم وقع في البئر رجل فمات لم يكن له أرش، ودمه هدر؛ مِن قِبَل أن العبد قد ذهب فكأنه مات أو قُتِلَ عمداً حيث بِيع في الدين. فإن وقعت دابة أخرى في البئر/ اشترك أصحاب الدابة الأولى وأصحاب الدابة الأخرى في الثمن بقدر قيمتها (¬10). وإذا احتفر العبد في الطريق بئراً (¬11) وهو رهن بألف وقيمته ألفان ثم جنى بعد الحفر على عبد ففقأ عينيه فدفع وأخذ العبد فهو رَهْن مكانَه. فإن وقع في البئر عبد آخر فذهبت عيناه قيل لمولاه الذي هو عنده: ادفع نصفه ¬

_ (¬1) م ز: الألف. (¬2) ز: بتيع. (¬3) الزيادة من ب. (¬4) ز - الرهن. (¬5) م ف ز ع: فدياه. والتصحيح من المبسوط، 22/ 10. والفداء على المرتهن لأن العبد مضمون بالدين كما ذكره السرخسي. (¬6) قال السرخسي: فكان له مكان ما أدى من الفداء. انظر: المبسوط، 22/ 10. (¬7) م ز - البئر. (¬8) م: بحصته. (¬9) م ز - في. (¬10) ف: قيمتهما. (¬11) ف: بئرا في الطريق.

وخذ هذا العبد الأعمى أو افده بقيمة هذا العبد الأعمى (¬1)، والعبد الأعمى الأول رَهْن بألف. فإن كان العبدُ الأعمى الأول أمةً فولدت ابناً فهي وولدها رهن بألف (¬2). فإن ماتت هي وبقي الابن فإن الألف تقسم على قيمتها عمياء وعلى قيمة ولدها، ويبطل ما أصاب قيمتها (¬3)، ويكون الابن رهناً (¬4) بما أصاب قيمته. فإذا احتفر العبدُ الرَّهْنُ بئراً في طريق أو وضع فيه حجراً فعَطِبَ بذلك الراهن أو أحد (¬5) من رقيقه لم يلحقه من ذلك شيء في قول أبي حنيفة؛ لأنه عبده. فإن وقع فيها المرتهن أو أحد من رقيقه والرهن والدين سواء فهو كذلك، لا يلحقه في ذلك شيء في قول أبي حنيفة (¬6). فإن كان في الرهن فضل على الدين دُفِعَ بالجناية وبطل الدين والرهن. وإن فداه الراهن [فداه] (¬7) بقدر فضله الذي هو فيه، وعلى المرتهن بقدر رهنه الذي فيه من الفداء، وهو رهن على حاله. فإن قال المرتهن: لا أفدي ولكن أدفع إلى نفسي، قيل للراهن: افده كله [أو ادفعه] (¬8)، ويبطل الدين والرهن إذا دفعه كله. وكذلك كل شيء أحدثه في الطريق من جناح أخرجه أو بناء أو دابة أوقفها أو جذع وضعه أو ماء (¬9) صبه (¬10) أو حجر وضعه أو أمره المرتهن أن يحتفر بئراً في فنائه فعطب فيها الراهن أو غيره فهو على عاقلة المرتهن كأنه ¬

_ (¬1) ف + وحد الأعمى. (¬2) م ز - فإن كان العبد الأعمى الأول أمة فولدت ابنا فهي وولدها رهن بألف. (¬3) ز - عمياء وعلى قيمة ولدها ويبطل ما أصاب قيمتها. (¬4) م ز - رهنا. (¬5) م: وأحد؛ ف ز: وأخذ. (¬6) م ف ز - لأنه عبده فإن وقع فيها المرتهن أو أحد من رقيقه والرهن والدين سواء فهو كذلك لا يلحقه في ذلك شيء في قول أبي حنيفة. والزيادة من ع. ونحوه في ب؛ والمبسوط، 22/ 11. (¬7) الزيادة من الكافي، 2/ 241 و. (¬8) الزيادة من ب. (¬9) م ز: أماء. (¬10) ز + لي.

هو الحافر، وليس في عنق العبد من ذلك شيء. ولو كان الراهن هو الذي أمره بذلك في فناء نفسه كان كذلك أيضاً على (¬1) عاقلة الراهن. ولو أمره الراهن أو المرتهن (¬2) أن يقتل رجلاً فقتله فدُفِعَ به كان على الذي (¬3) أمره بذلك قيمته ويكون رهناً مكانه. وكذلك لو بعثه يسقي دابة فأوطأ إنسانًا. فإن كان بعثه الراهن بأمر المرتهن دُفِعَ بتلك الجناية وكان الدين على الراهن؛ لأنه قد خرج من [ضمان] (¬4) الدين حيث بعثه في حاجته بأمره. وكذلك لو كان (¬5) بعثه المرتهن بإذن الراهن. وإذا وقع (¬6) العبد الرهن في بئر حفرها عبدان في الطريق فمات فيها فدُفِعَ العبدان فهما رَهْنٌ مكانه، قليلة كانت قيمتهما أو كثيرة. فإن كان الرهن الأول لا يساوي ألفاً والدين ألف ثم إن أحد هذين وقع في البئر فعَطِبَ فليس له أرش، والباقي بنصف المال. فإن كان الأول يساوي ألفين، وهو رهن بألف، فإن في عنق الباقي من الجناية نصف المال، ولا يلحقه من الجناية شيء. وإذا كان العبد رهناً بألف وقيمته ألفان أو أكثر فأقر الراهن أنه غصبه وأنه لغيره فإنه لا يصدَّق على ذلك، وهو رهن على حاله. فمتى ما افتكّه دفعه إلى صاحبه الذي أقر به له. ولو أن صاحبه المقَرّ له به أدى المال الذي العبد به رَهْنٌ كان له أن يرجع على الغاصب؛ مِن قِبَل أنه أغلق رقبة العبد بذلك. ولو أن مولى العبد المقَرّ له أعتق العبد جاز عتقه كما يجوز عتق الراهن، والمرتهن بالخيار. إن شاء ضمّن الراهن الرهن. وإن شاء ضمّن مولى العبد المقَرّ له. فإن كانا معسرين استسعى العبد. وإن كانا موسرين (¬7) ضمّن أيهما شاء. فإن ضمّن المعتِق رجع المعتِق على الراهن بالدين الذي ¬

_ (¬1) ز - على. (¬2) م ف ز ع: والمرتهن. والتصحيح من المبسوط، 22/ 11. (¬3) م ز - الذي. (¬4) الزيادة من المبسوط، 22/ 11. (¬5) ف - كان. (¬6) ف ز: دفع. (¬7) ز: معسرين.

أخذ منه المرتهن. وإن ضمّن الراهن لم يرجع الراهن على المعتِق بشيء. ولو كان المعتِق لم يعتقه ولكن دبّره كان له أن يضمّنه أيضاً. ولو باعه لم يجز بيعه. ولا يجوز ما أقر به فيه من شيء بعد الرهن. وكذلك لو كانت أمة فزوّجها لم يكن لزوجها أن يَقْرَبَها، والنكاح جائز. ولو رهن رجل أمة لها زوج كان الرهن جائزاً، وكان الزوج على نكاحه. فإن غشيها الزوج فهلكت من ذلك فإنه ينبغي في القياس أن تكون (¬1) من مال الراهن، ولكنا نستحسن ونجعلها من الرهن. وإن كان إنما تزوجها بعد الرهن فوطئها الزوج فماتت من الوطء كانت من مال الراهن. وإذا أقر (¬2) الرجل بأن هذا الرهن الذي رهنه من فلان لفلان فأراد المقَرّ له أن يستحلف المرتهن فإنه يستحلف على علمه. فإن لم يحلف دفع العبد إلى المقر له. وإذا أقر المرتهن على نفسه بأن الرهن الذي عنده لفلانٍ غَصَبَه إياه الراهن فإنه لا يصدَّق على ذلك، ولا يجوز ذلك على الراهن. ولو كان المرتهن اثنين فشهدا أن (¬3) هذا الرهن لفلانٍ غَصَبَه إياه فلانٌ جازت شهادتهما؛ لأنهما يضران بأنفسهما، ولأنهما لو شاءا ردا (¬4) الرهن على الراهن. ولو كان الراهن اثنين فشهدا أن هذا الرهن لفلان لم تجز شهادتهما؛ لأنهما يريدان أن يبطلا الرهن، ولا يصدَّقان على إبطال فعل فعلاه، وليس لهما أن يبطلا الرهن، وللمرتهن أن يبطله. ولو كانا كفيلين بالمال فشهدا على الرهن (¬5) أنه لفلان فإن شهادتهما لا تجوز؛ [لأنهما له بمنزلة الراهنَين. ولو شهد به ابنا الراهن وهو منكر فإن شهادتهما تجوز] (¬6) مِن قِبَل أنهما يشهدان على أبيهما. ويبطل الرهن. وكذلك (¬7) لو شهد ابنا الكفيل. وكذلك ابنا المرتهن تجوز شهادتهما في ذلك. ¬

_ (¬1) ز: أن يكون. (¬2) م: وإذا قر. (¬3) م ز: أنه. (¬4) ز: راد. (¬5) ز: على الراهن. (¬6) الزيادة مستفادة من المبسوط، 22/ 13. (¬7) ف: فكذلك.

وإذا كان الراهن مكاتباً لرجلين فشهد مولياه (¬1) أن هذا الرهن لفلان - والمكاتب ينكر ذلك - وأن المكاتب غصبه (¬2) فشهادتهما جائزة. وكذلك لو كان عبداً تاجراً فشهد مولياه (¬3) جاز ذلك. وكذلك لو كان هو المرتهن فشهد مولياه (¬4) جاز ذلك. وإذا ارتهن الرجل من الرجل متاعاً فادعاه آخر وقال: لي عليه البينة أنه متاعي وأنه سرقه، فسأل المرتهن أن يخرجه حتى يقيم عليه البينة فأبى المرتهن إخراجه فإن المرتهن يجبر على إخراجه (¬5). وإذا ارتهن الرجل رهناً وأقر أن قيمته ألف درهم ثم جاء به بعد ذلك يساوي مائة (¬6) درهم (¬7) ولم يتغير فقال الراهن: ليس هذا متاعي، وقال المرتهن: هو متاعك، فإن المرتهن لا يصدَّق؛ لأنه قد أقر أن قيمته ألف، فإما أن يجيء بمتاع يساوي ألفاً أو يغرم له ألفاً. وإذا باع الرجلان بَيْعاً (¬8) من رجل إلى سنة على أن يرهنهما هذا العبد ففعل ثم شهدا أن الرهن لفلان الآخر، فإن قالا: نحن نرضى أن يكون ديناً إلى أجله بغير رهن، أجزت شهادتهما. فإن قالا: لا، نريد رهناً غيره أو يرد علينا متاعنا (¬9)، فإني أبطل شهادتهما. وإذا باع الرجل بَيْعاً من رجل على أن يرهنه رهناً بغير عينه فإن البيع فاسد، ويرد المتاع. فإن استهلك المتاع فعليه قيمته. ¬

_ (¬1) ز: مولاه. (¬2) ز + إياه. (¬3) م ف ز ع: مولاه. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، 22/ 13. (¬4) ز: مولاه. (¬5) م ز - فإن المرتهن يجبر على إخراجه. (¬6) ز - مائة. (¬7) م ز ف - درهم. والزيادة من ع. (¬8) أي: مبيعاً. انظر: المغرب، "بيع". (¬9) م ف ز: متاعا. والتصحيح من ع.

وإذا باع الرجل بيعاً من رجل على أن يرهنه رهناً بعينه فاستحق ذلك الرهن أو هلك قبل أن يقبضه المرتهن فإنه يقال للراهن: اِرْهَنْه رهناً يرضاه (¬1) أو أَعْطِهِ قيمة ذلك الرهن ذهباً أو فضةً فيكون رهناً أو رُدّ عليه ماله. وإذا ارتهن الرجل ثوباً يساوي عشرة بعشرين درهماً ثم رَهَنَا (¬2) ثوباً آخر يساوي عشرين مع الرهن الأول وقبضه فإن الرهن الأول بالثلث (¬3) والثاني بالثلثين، ولا أنظر إلى تغير السعر في الثوب الأول، إنما أنظر إلى السعر يوم ارتهن الأول وإلى السعر يوم ارتهن الثاني. وإذا كان لرجل على رجل عشرون (¬4) درهماً فرهنه (¬5) بعشرة منها ثوباً يساوي عشرة أو عشرين فهو جائز. وإن قضاه عشرة فللراهن أن يجعلها مما (¬6) في الرهن ويقبض الرهن. وليس للمرتهن أن يمنعه الرهن؛ لأن الرهن لم يكن رهناً (¬7) بجميع المال. ولو رهنه رهناً بجميع المال يساوي درهماً واحداً (¬8) لم يكن له أن يقبضه حتى يوفيه جميع المال. وإذا كان لرجل على رجل عشرون (¬9) درهماً فرهنه بعشرة منها ثوباً يساوي عشرين فهو جائز. فإن زاده رهناً بعد ذلك يساوي عشرين أيضاً وجعله (¬10) بالعشرة الباقية فهو جائز. وإن جعله بالعشرين جميعاً فهو جائز. فإن هلك الثوب الأول ذهب بثلثي العشرة. وإن هلك الثوب الآخر ولم يهلك الثوب الأول ذهب بثلث (¬11) العشرة التي بها الرهن الأول، وذهب بالعشرة الباقية كلها. ¬

_ (¬1) ز: برضاه. (¬2) أي: اتفق الراهن والمرتهن على الرهن، من باب التغليب، لأن "رهن" فعل الراهن، و"ارتهن" فعل المرتهن. (¬3) م ف ز: بالثلثه. والتصحيح من ب. (¬4) ز: عشرين. (¬5) ز - فرهنه. (¬6) ز: بما. (¬7) م ز - رهنا. (¬8) ز: واحد. (¬9) ز: عشرين. (¬10) م ف ز: وجعلته. والتصحيح من ع. (¬11) م ف ز: بتلك. والتصحيح من ع ب؛ والمبسوط، 22/ 14.

وإذا كان لرجل على رجلين مال وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فأعطاه أحدهما رهناً بجميع المال وهو يساوي ذلك فهو جائز. فإن أعطاه الآخر بعد ذلك رهناً بجميع المال وهو يساوي ذلك فهو جائز أيضاً، وأيهما (¬1) هلك ذهب بنصف المال. وكذلك لو كان المال على أحدهما والآخر كفيل. وكذلك لو كان أصل المال على أحدهما (¬2) والآخر ليس عليه شيء. وكذلك لو كانا مكاتبين مكاتبة واحدة فرهن أحدهما المولى رهناً بالمكاتبة وفيه وفاء ثم رهنه الآخر رهناً فيه وفاء كان كل واحد منهما بنصف المكاتبة. وإذا كان لرجل على رجل عشرون (¬3) درهماً فرهنه بها ديناراً يساوي عشرة دراهم ثم رخصت الورق حتى صارت عشرون بدينار فهلك الدينار فإنما يهلك (¬4) بالعشرة بالقيمة يوم ارتهنه. وإذا كان لرجل على رجل عشرة دراهم فرهنه ديناراً يساوي عشرة دراهم ثم غلت الورق حتى (¬5) صارت تساوي (¬6) خمسة بدينار ثم رهنه ديناراً آخر فهما (¬7) جميعاً رهن بالعشرة. فإن هلك الدينار الأول ذهب بثلثي العشرة. وإن لم يهلك الأول ولكن هلك الآخر ذهب بثلث العشرة، وإنما أنظر إلى السعر يوم ارتهن كل واحد منهما. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه عبداً يساوي خمسمائة بخمسمائة، ثم زاده أمة رهناً بالألف كلها تساوي (¬8) ألفاً وولدت ابنة تساوي خمسمائة، ثم ماتت الأمة والعبد، بقي الولد بسدس الخمسمائة التي كان بها ¬

_ (¬1) م: وأيها. (¬2) ز - والآخر كفيل وكذلك لو كان أصل المال على أحدهما. (¬3) ز: عشرين. (¬4) م ف ز: فإنها هلك؛ ز + هلك. والتصحيح من ع. (¬5) م ز - حتى. (¬6) م ز - تساوي. (¬7) م ف ز ع: فهو. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 22/ 15. (¬8) ز: يساوي.

العبد رهناً، وبثلث الخمسمائة الأخرى؛ مِن قِبَل أن نصفها كان في الأم، فذهب نصف النصف بموت الأم، وبقي النصف في رقبة الولد، وذهب العبد بنصف الخمسمائة. وإذا ارتهن الرجل عبداً بخمسمائة وهو يساوي ألفاً ثم زاده المرتهن خمسمائة درهم على (¬1) أن زاده الراهن أمة رهناً (¬2) بجميع الألف فإن أبا حنيفة قال في هذا: تكون الأمة رهناً بذلك، نصفها مع العبد في الخمسمائة الأولى، ونصفها بخمسمائة الآخرة. وهو قول محمد. وأما في قول أبي يوسف فهما رهن جميعاً بالألف كلها. وإذا ارتهن الرجل عبداً يساوي خمسمائة بألف ثم زاده المرتهن خمسمائة على أن يجعلها في الرهن فإنها لا تكون فيه في قول أبي حنيفة ومحمد، وتكون في الرهن في قول أبي يوسف. وإذا ارتهن الرجل أمة تساوي خمسمائة بخمسائة (¬3) ثم زاده الراهن (¬4) أمة أخرى تساوي خمسمائة فهما جميعاً رهن بخمسمائة. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بخمسمائة منها أمة تساوي ألفاً ثم رهنه بالألف كلها أمة تساوي ألفاً (¬5)، فولدت كل واحدة منهما ابنًا مثل قيمة أمه ثم ماتت الأولى [سقط ... ولو لم تمت الأولى] (¬6) ولكن ماتت الآخرة، ذهب من الخمسمائة الأولى (¬7) ثلثها، وذهمب من الخمسمائة الآخرة خمساها. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بخمسمائة منها أمة ¬

_ (¬1) م ف ز + انه. والتصحيح من ع؛ والمبسوط، 22/ 15. (¬2) ف: رهنها. (¬3) م ز - بخمسمائة؛ ف: على خمسمائة. (¬4) ف: المرتهن. (¬5) م ف ز ع: تساوي خمسمائة. والتصحيح من ب. (¬6) الزيادة مستفادة من ب جار. ولكن العبارة ناقصة فيهما أيضاً. (¬7) ف - الأولى.

تساوي ألفاً ثم رهنه بالألف كلها أمة تساوي خمسمائة فولدت كل واحدة منهما ابناً يساوي ما تساوي الأم فالأولى وابنها (¬1) [ونصف الأخرى] ونصف ابنها رهن بخمسمائة، [ونصف الأخرى ونصف ابنها رهن بالخمسمائة الأخرى] (¬2)، فإن (¬3) ماتت الأم (¬4) الآخرة ذهب ربع هذه الخمسمائة التي فيها خاصة، وبقي نصف ابنها بثلاثة (¬5) أرباعها (¬6)، ويذهب من الخمسمائة الأولى خمسون درهماً. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم وزن سبعة فرهنه بخمسمائة درهم منها أمة تساوي مائتي درهم ثم زاده أمة تساوي ثمانمائة رهناً بالمال كله فولدت كل واحدة منهما ابناً يساوي مثل قيمة أمه ثم ماتت الأولى ذهبت من الخمسمائة السدس. ولو لم تمت الأولى ولكن ماتت الآخرة ذهب من الخمسمائة الأولى ثلثها، وذهب من الخمسمائة (¬7) الآخرة خمساها. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فرهنه بخمسمائة منها أمة تساوي ألفاً [ورهنه بالخمسمائة الباقية عبداً يساوي ألفاً ثم زاده أمة رهناً بالمال كله تساوي ألفاً] (¬8) ثم ولدت كل واحدة من الأمتين ابناً يساوي ألفاً ثم ماتت الأمة الآخرة فإنه يذهب سدس المال. ولو لم تمت الأمة الآخرة ولكن ماتت الأولى ذهب سدس المال (¬9). ولو لم تمت الأولى ولكن مات العبد (¬10) ذهب ثلث الدين. ولو لم يمت العبد فقضى المطلوب الطالب ¬

_ (¬1) م ف ز ع: فالاول ابنها. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 22/ 16. (¬2) الزيادتان السابقتان استفدناهما من ب؛ والمبسوط، 22/ 16. (¬3) م ف ز ع: وإن. والتصحيح من المبسوط، 22/ 16. (¬4) م - الأم، صح هـ. (¬5) م ف ع: ثلاثة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 22/ 16. (¬6) وعند السرخسي: أرباع. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬7) م ف + ثلثها وذهب من الخمسمائة. والتصحيح من ع. (¬8) الزيادة من المبسوط، 22/ 17. ونحوه في ب. (¬9) ز - ولو لم تمت الأمة الآخرة ولكن ماتت الأولى ذهب سدس المال. (¬10) ف ز: العبد مات.

خمسمائة كان له أن يأخذ بها إن شاء العبد الأول، وإن شاء الأمة الأولى وابنها، وليس له أن يقبض الأمة الآخرة حتى يؤدي المال كله (¬1). ¬

_ (¬1) م + تم كتاب الرهن بحمد الله وعونه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلم تسليما كثيراً؛ ف + تم كتاب الرهن بحمد الله وعونه والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيدنا محمد وآله أجمعين وسلم تسليما كثيراً.

كتاب القسمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب القسمة أخبرنا أبو سليمان قال: أخبرنا محمد (¬2) قال: أخبرنا أبو يوسف عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن بُشَيْر بن يسار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قسم خيبر على ستة وثلاثين سهماً، جمع ثمانية عشر سهماً منها للمسلمين، وسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم، وثمانية عشر سهماً منها أرزاق أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونَوَائبه (¬3). محمد بن الحسن عن المسعودي عن القاسم أن مسروقاً لم يكن يأخذ على القضاء رزقاً (¬4). محمد بن إسحاق عن الكلبي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قسم خيبر على ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ف - محمد. (¬3) م ف ز ع: ونوابه. والتصحيح من المبسوط، 15/ 3؛ ومن مصادر الحديث. ونوائب جمع نائبة وهي النازلة، والمقصود هنا من ينتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي يأتيه من الرسل والوفود والضيوف. انظر: المغرب، "نوب". وقد روي الحديث نحو ذلك. انظر: سنن أبي داود، الخراج، 23 - 24؛ ومسند أحمد، 4/ 36؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 397. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 297؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 68.

ثمانية عشر سهماً، وكانت الرجال ألفاً وأربعمائة، وكانت الخيل مائتي فرس، وكان على كل مائة رجل رجل. فكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه على مائة. وكان (¬1) عُبَيْد (¬2) السِّهَام (¬3) على مائة. وكان عاصم بن عدي على مائة. وكان الزبير على مائة. وكان طلحة على مائة. وكان عبد الرحمن بن عوف على مائة. وكان سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع سهم (¬4) عاصم بن عدي. وكانت المَقَاسِم (¬5) في الشِّقّ والنَّطَاة (¬6). وكانت الشِّقّ ثلاثة عشر سهماً، وكانت النَّطَاة (¬7) خمسة أسهم. وكانت الكَتِيبَة (¬8) فيها خمس الله وطعام أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعطاياه. وكان أول سهم خرج في الشِّقّ سهم عاصم، وفيه سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, ثم سهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -, ثم سهم عبد الرحمن بن عوف، ثم سهم طلحة، ثم سهم ساعدة، ثم سهم النجار، ثم سهم حارثة (¬9)، ثم سهم أسلم، ثم سهم سَلِمَة، ثم سهم (¬10) خزرج (¬11)، ثم سهم أوس، وكان أول سهم خرج من (¬12) النَّطَاة (¬13) سهم (¬14) الزبير، ثم سهم بَيَاضَة، ثم سهم أسَيْد (¬15)، ثم سهم ¬

_ (¬1) ف: كان. (¬2) ز: عبد. (¬3) هو عبيد بن سُليم الأنصاري - رضي الله عنه -، وقيل له عُبَيْد السهام لما اشترى ثمانية عشر سهماً من السهام يوم خيبر؛ وقيل غير ذلك. انظر: السيرة النبوية لابن هشام، 4/ 323؛ والمغرب للمطرزي، "سهم"؛ والإصابة لابن حجر، 4/ 413. (¬4) ف - سهم. (¬5) م ز: بالمقاسم. المقاسم جمع المَقْسِم، وهو النصيب، ويستعمل بمعنى القسمة. انظر: المغرب، "قسم". (¬6) ز: والبطاة. الشق بكسر الشين وفتحها، وهما حصنان من حصون خيبر. انظر: المغرب، "شق، نطو". (¬7) م ز: البطاه. (¬8) ز: الكثيبة. اسم لأحد حصون خيبر. انظر: المغرب، "كتب". (¬9) ز: حارية. (¬10) ز - سهم. (¬11) م ز: آخر. (¬12) م ز - من. (¬13) ز: البطاه. (¬14) م ز: منهم. (¬15) وهو أسيد بن الحُضَير، كما ذكره ابن هشام، الموضع السابق.

الحارث، ثم سهم ناعم، وفيه (¬1) قُتِلَ محمود بن مسلمة (¬2). محمد عن الحسن بن عمارة (¬3) عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن عبد الله بن يحيى الكندي كان يقسم لعلي بن أبي طالب الدور والأرضين، ويأخذ على ذلك الأجر. عن شيخ عن الحكم بن عتيبة (¬4) عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه كان عزل شريحًا (¬5) عن القضاء، ثم أعاده عليه، ورزقه خمس مائة درهم في كل شهر (¬6). حدثنا إسماعيل بن مسلم عن الحسن أن رجلاً أعتق ستة أَعْبُد له عند الموت ولا مال له غيرهم، فأَقْرَعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فأعتق اثنين منهم وأَرَقَّ (¬7) أربعاً (¬8). ¬

_ (¬1) أي: في ناعم، وهو حصن من حصون خيبر. وقد استشهد محمود بن مسلمة في ذلك الحصن عندما ألقي عليه رحى من أعلى الحصن. انظر: الإصابة لابن حجر، 6/ 42 - 43. (¬2) السيرة النبوية لابن هشام، 4/ 321 - 323. وروي بعضه في سنن أبي داود، الخراج، 23 - 24. (¬3) م ف ز: محمد بن الحسن عن عمارة. وهو تحريف. والحسن بن عمارة يروي عنه محمد بن الحسن وهو يروي عن الحكم. انظر: تهذيب الكمال، 6/ 265 - 267. واسمه يتكرر كثيراً في أسانيد الكتاب. (¬4) ز: بن عيينة. (¬5) م ف ع: شريكا. والتصحيح من ب. وشريك القاضي متأخر كثيراً حيث توفي سنة 177 هـ انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 4/ 295. (¬6) عن ابن أبي ليلى قال: بلغني أن علياً رزق شريحاً خمسمائة انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد، 6/ 138؛ والدراية لابن حجر، 2/ 243. (¬7) م ز: ورزق؛ ف: ورق. (¬8) م ف + محمد عن حصين عن القاسم عن عبد الرحمن عن أبيه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال ما أحب أن يأخذ قاضي المسلمين أجرا ولا الذي على المغانم ولا الذي على المقاسم. أما الحديث فقد روي موصولا أيضا من طريق الحسن وغيره عن عمران بن الحصين - رضي الله عنه -. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 163؛ وصحيح=

محمد بن الحسن عن قيس بن الربيع (¬1) عن أبي (¬2) حصين عن القاسم بن (¬3) عبدالرحمن عن أبيه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: ما أحب أن يأخذ قاضي المسلمين أجراً ولا (¬4) الذي على المقاسم ولا (¬5) الذي على المغانم (¬6). محمد عن أبي إسحاق الشيباني عن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث علي بن أبي طالب إلى اليمن، فأتي بركاز، فأخذ منه الخمس وترك أربعة أخماسه. وأتاه ثلاثة نفر يدّعون غلاماً، كل واحد منهم يقول: هو ابني، فأقرع بينهم، فقضى بالغلام للذي قَرَعَ (¬7)، وجعل عليه الدية لصاحبيه. قال: فقلت لعامر: هل رفع عنه حصته؟ قال: لا أدري (¬8). محمد عن إسماعيل بن إبراهيم قال: خاصمت أخي إلى الشعبي في دار صغيرة أريد قسمتها، ويأبى أخي ذلك، فقال الشعبي: لو كانت مثل هذه - وخَطَّ بيده مقدار آجُرَّة - لقسمتها بينكم. قال: وخَطَّها على أربع قِطَع. ¬

_ = مسلم، الأيمان، 56 - 58؛ وسنن أبي داود، العتق، 10؛ وسنن الترمذي، الأحكام، 27؛ وسنن النسائي، الجنائز، 65؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 381؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 93. وانظر كذلك: الأم للشافعي، 4/ 95 والمدونة الكبرى لسحنون، 7/ 176؛ والمحلى لابن حزم، 9/ 358. (¬1) ز - بن الحسن عن قيس بن الربيع. (¬2) ز - أبي. (¬3) ز: عن. (¬4) م ز + على. (¬5) ز + على. (¬6) روي عن القاسم بن عبد الرحمن أن عمر كره أن يؤخذ على القضاء رزق وصاحب مغنمهم. لكن روي عن الحكم أن عمر بن الخطاب رزق شريحاً وسلمان بن ربيعة الباهلي على القضاء. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 297. (¬7) قَرَعَ أي: أصابته القُرْعَة. انظر: المغرب، "قرع". (¬8) المعجم الكبير للطبراني، 5/ 174؛ ونصب الراية للزيلعي، 2/ 382؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 3/ 78؛ والدراية لابن حجر، 1/ 261 - 262. وروي القسم الثاني منه في سنن ابن ماجه، الأحكام، 20؛ وسنن أبي داود، الطلاق، 31؛ وسنن النسائي، الطلاق، 50.

محمد عن عيسى بن المسيب عن الشعبي (¬1) عن شريح أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يرزقه مائة درهم على القضاء (¬2). وقال أبو حنيفة: لا بأس بأن يأخذ قاسم الدور والأرضين عليه الأجر من الذين يقسم بينهم. قال: والأجر على عدد رؤوس الرجال وإن كان نصيب أقل من نصيب، لعل نصيب (¬3) القليل أشد حساباً من نصيب الكثير. وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله-: يُجعَل الأجر على عدد الأنصباء، ولا يُجعَل على عدد الرؤوس. وقال أبو يوسف ومحمد: يَجعل (¬4) لقاسم القاضي رزقاً من بيت المال ولا يأخذ من الناس شيئاً، وإن لم يَجعل له رزقاً وقسم بالأجر فهو جائز. محمد عن عيسى بن المسيب عن أبي حصين عن عامر عن شريح أنه قال: وما لي لا أَرْتَزِق وأستوفي منهم وأوفيهم وأصبر لهم بنفسي في المجلس وأعدل بينهم في القضاء. محمد عن (¬5) محمد بن إسحاق عن الكلبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد السفر أقرع بين نسائه. قالت (¬6) عائشة - رضي الله عنها -: فأصابتني القرعة في السفرة التي أصابني فيها ما أصابني. وذكره محمد بن إسحاق عن الزهري (¬7). ... ¬

_ (¬1) ز - عن الشعبي. (¬2) روي بدون ذكر مائة درهم في المصنف لعبد الرزاق، 8/ 297. (¬3) ز - نصيب. (¬4) أي: يجعل القاضي أو غيره ممن إليه الإدارة. (¬5) م: بن. (¬6) م: قال. (¬7) السيرة النبوية لابن هشام، 261/ 4. والحديث طويل، وهو عن قصة الإفك للسيدة عائشة - رضي الله عنها - الطاهرة المطهرة. انظر: صحيح البخاري، المغازي، 34؛ وصحيح مسلم، التوبة، 56.

باب قسمة الدور

باب قسمة الدور وإذ كانت الدار بين رجلين اقتسماها فيما بينهما مُذَارَعَةً ذَرَعَهَا بينهما رجلٌ ورضيا به ثم أقرع بينهما فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: هذا جائز. وكذلك قسمةُ قاسم القاضي إذا قسم بين قوم وأقرع بينهم فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: هذاَ جائز. وقال أبو حنيفة: القرعة في القياس لا تستقيم، ولكنا تركنا القياس في ذلك وأخذنا بالأثر والسنة. وإذا كانت الدار بين رجلين ورثاها فاقتسماها وفَضَّلُوا بعضها على بعض لفضل قيمة البناء والموضع فهو جائز في قول أبي حنيفة. وإن اقتسموا الأرض ساحة (¬1) والبناء قيمةً بقيمة عَدْل فهو جائز. وإن كان البناء حين اقتسموا الأرض غير معروف القيمة فلا يجوز هذا في القياس، ولكنا استحسنا فيه وأجزناه. وقال أبو حنيفة: إذا كانت الدار بين ورثة كبار كلهم فأقروا أنها ميراث بينهم فأرادوا القاضي على أن يأمر بقسمتها بينهم فإن القاضي لا يأمر بذلك إلا أن تقوم بينة على أصل المواريث؛ لأن قسمة القاضي قضاء منه. وقال أبو يوسف ومحمد: يقسمها بينهم، ويقضي عليهم بإقرارهم على أنفسهم، ويُشهِد الشهودَ أني إنما قسمتها بينهم بإقرارهم على أنفسهم ولم أقض على أحد سواهم. وقال أبو حنيفة: لو كانت دراهم أقروا أنها ميراث بينهم أو عروض سوى العقار قسمتها بينهم، فأما الدور والأرضين فلا أقسمها بينهم بإقرارهم حتى تقوم البينة على المواريث. ¬

_ (¬1) ولفظ السرخسي: مساحة انظر: المبسوط، 15/ 8. وساحة الدار: عَرْصَتها، والموضع المتَّسع أمامها. انظر: المصباح المنير، "سوح، عرص".

وقال أبو يوسف: الدور والأَرَضُون (¬1) والدراهم والدنانير والمتاع والثياب والعروض كلها سواء، أقسم ذلك بينهم بإقرارهم على أنفسهم. وهذا قول محمد. وإن كان في الورثة صغير أو كبير غائب والدار في أيدي الكبار والحضور (¬2) فأقروا بأنه ميراث بينهم وأرادوا القاضي على قسمتها بينهم فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: لا أقسمها حتى تقوم البينة على أصول المواريث، ولا أقضي على الغائب والصغير بقولهم؛ لأن قسمة القاضي قضاء منه. وقال أبو يوسف ومحمد: أقسمها (¬3) بينهم وأعزل حق الغائب وحق الصغير، وأُشْهِدُ الشهودَ أني إنما قسمتها بينهم (¬4) على إقرار هؤلاء الحضور، فإن الغائب والصغير على حجته إن كانت لهما. وقال أبو يوسف ومحمد: إن كانت الدار في يدي الغائب أو في يدي الصغير أو كانت في أيديهما منها (¬5) شيء لم أقسمها حتى تقوم البينة على المواريث. وكذلك الأرض. وقال محمد: إذا كان في يدي الغائب (¬6) الكبير شيء استَوْدَعَه مستودَعاً (¬7) وغاب لم أقسم ذلك حتى يحضر؛ لأني لا أقضي على غائب بما في يديه. فإذا قامت البينة على المواريث والحضور وارثان (¬8) أو أكثر والغائب ¬

_ (¬1) م ف ز ع: والأرضين. (¬2) ولفظ السرخسي: الكبار الحضور. انظر: المبسوط، 15/ 11. (¬3) ف: أعزلها. (¬4) ز - وأعزل حق الغائب وحق الصغير وأشهد الشهود أني إنما قسمتها بينهم. (¬5) ز: منهما. (¬6) ز: الغاصب. (¬7) م ف ز ع: مستودع. ولفظ الحاكم: رجلا. انظر: الكافي، 1/ 194 ظ. ومعنى العبارة في المبسوط، 15/ 11. (¬8) م ف ز ع: وارثين. والتصحيح من ب.

واحد أو أكثر والصغير واحد أو أكثر فإن أبا حنيفة قال: يأمر القاضي بقسمتها، ويعزل نصيب كل صغير وغائب، ويوكل بذلك وكيلًا، وذلك جائز على الصغير والغائب. وقال أبو حنيفة: إن كان وارث [واحد] (¬1) حاضر وبقيتهم غُيَّب صغار وكبار فأقام الوارث (¬2) الحاضر بينة على المواريث (¬3) وسأل القاضي أن يقسم الدار فإنه لا يقسمها؛ لأنه ليس معه خصم. فإن كان معه خصم صغير واحد جَعل له القاضي وَصِيًّا وقبل البينة وأمر بقسمة الدار؛ لأن معه خصماً (¬4). وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك الأرض. وكذلك المنزل في الدار. وإن كان بناء في دار بين (¬5) رجلين أراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فارتفعا إلى القاضي فإن أبا حنيفة قال في ذلك: إن كان ينتفع كل واحد منهما بنصيبه إذا قسم ويَصْلُحُ لِشَيءٍ فإن القاضي ينبغي له أن يقسمه بينهما. وإن كان صغيراً (¬6) لا ينتفع واحد منهما بنصيبه بوجه فإن القاضي لا يقسمه بينهما. وقال أبو حنيفة: لا يقسم القاضي الحائط بين الرجلين ولا الحمام ولا شيئاً أكبر (¬7) من ذلك؛ لأن في قسمة هذا ضرراً (¬8). وقال أبو حنيفة: إذا كانت دار لرجل ولاخر فيها شِقْص صغير لا ينتفع بالشِّقْص لو قُسِمَ فأراد صاحب النصيب الكبير القسمة وأبى الآخر فإن القاضي يقسمها بينهما. ألا ترى أن صاحب النصيب (¬9) الكبير ينتفع بنصيبه إذا قُسِمَ وأن القليل النصيب متوسّع بنصيب صاحبه ما لم يقسم. ¬

_ (¬1) مستفاد من ب والمبسوط، 15/ 12. (¬2) م ف ز + على. (¬3) ف: على الوارث. (¬4) م ز: خصم. (¬5) م ز: في دارين. (¬6) م ز: صغير. (¬7) ز ع: أكثر. أي لا ينظر إلى كبر البناء، وإنما ينظر إلى إمكان الانتفاع به بعد القسمة. (¬8) م ز: ضرر. (¬9) ف - النصيب.

وقال أبو حنيفة: إنما أمنع (¬1) القسمة إذا كان الضرر عليهما جميعاً، فإذا كان الضرر على أحدهما وليس على الآخر ضرر فإن القاضي يقسم ذلك بينهما (¬2). وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: القسمة على النساء والرجال سواء. وكذلك أهل الذمة والحربي (¬3) والعبد التاجر. وكذلك حر ومكاتب بينهما دار فإنه يقسمها بينهما. وإذا كانت الدار بينهما [بشراء] (¬4) أو ميراث وليس فيهم صغير ولا غائب وقامت البينة على ذلك فإنها تقسم (¬5) بينهم. وقال أبو حنيفة: إذا أقروا أنها بينهم بشرى قسمتها بينهم بغير بينة. وإذا أقروا أنها ميراث لم أقسمها بينهم إلا ببينة. وقال: الشرى مخالف للميراث؛ لأن الميراث قضاء على الميت. وقال أبو يوسف ومحمد: هما سواء، ويقسمه بغير بينة إذا أقروا به. وقال أبو حنيفة: إذا كان الدار بين قوم بشِرَى وأحدهم غائب فأقاموا البينة على ذلك فإني لا أقسمها بينهم، وليس هذا كالميراث. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد (¬6): إذا كانت الدار ميراثاً وفيها وصية بالثلث وبعض الورثة غُيَّب وبعضهم شاهد فأراد الموصى له بالثلث أن يقسمها وأقام البينة على المواريث والثلث (¬7) فإن الدار تقسم على ذلك. وقال أبو حنيفة: ¬

_ (¬1) م ف ز: إنما أضع. (¬2) أي: إذا طلب ذلك صاحب النصيب الكبير. أما إذا طلب ذلك صاحب النصيب الصغير الذي لا ينتفع به بعد القسمة فإنه لا يقسم. انظر: المبسوط، 15/ 13 - 14. (¬3) م ز: والحر. (¬4) مستفاد من التفصيل الآتي للمسألة. (¬5) ز: فإنه يقسم. (¬6) يتبين من آخر العبارة أن الإمام أبا حنيفة أيضاً على هذا الرأي. انظر: تتمة العبارة. وانظر: المبسوط، 15/ 12. (¬7) ف: بالثلث؛ ز: فالثلث.

لا يخلو دار أن يكون في ورثتها غائب أو صغير. فلو كنت لا أقسم داراً فيها هذا لا أقسم شيئاً. فهذا لا يستقيم، ولا تُترك القسمة إذا قامت البينة لغيبة غائب ولا لصغر صغير. وإذا كانت الدار بين رجلين فاقتسماها ورَفَعَا الطريقَ [بينهما] (¬1) فهو جائز. وإن كان نصيب أحدهما أكثر من نصيب الآخر فإنه ينبغي أن يبين ذلك في كتاب القسمة ويصف الطريق كيف هو بينهما. وإذا كانت الدار بين رجلين وفيها صُفَّة (¬2) فيها بيت، وباب البيت في الصُّفَّة، ومسيل ماء ظهر البيت على ظهر الصفة، [فاقتسما، فأصاب الصُّفَّةَ] (¬3) أحدُهما وقطعة من الساحة، وأصاب البيتَ أحدُهما وقطعةً من الساحة (¬4)، ولم يذكروا طريقاً ولا مسيل ماء، وصاحب البيت يقدر على أن يفتح بابه فيما (¬5) أصاب من الساحة ويُسيل ماءه في ذلك، فإن أرافى أن يمر في الصُّفَّة على حاله (¬6) ويُسيل ماء على حاله (¬7) الأولى فإنه ليس له ذلك، ويُمنَع من ذلك. ولو اشترط كل واحد منهما أن له ما أصابه بكل حق هو له كان كذلك أيضاً مُنِعَ الطريقَ ومسيلَ الماء وأُمِرَ بأن يَصرف ذلك إلى حَيِّزِه (¬8). ولو لم يكن له مَفْتَح إلى الطريق ولا مسيل ماء [وقد قال: بكل حق هو له] (¬9) تَركتُ طريقه في الصُّفَّة ومسيل مائه على حاله. ولو رَفَعَا ¬

_ (¬1) مستفاد من المبسوط، 12/ 14. (¬2) الصفة هي البَهْو الواسع الطويل والظُّلَّة. انظر: لسان العرب، "صفف". (¬3) الزيادة من المبسوط، 15/ 14. (¬4) وعبارة ب: فأصاب أحدهما الصفة وقطعة من الساحة وأصاب الآخر البيت وقطعة من الساحة. (¬5) م ز: فما. (¬6) ز: على حالته. (¬7) م ز - ويسيل ماء على حاله. (¬8) الحَيِّز: كُلُّ مَكَان، فَيْعِل من الحَوْز بمعنى الجمع، ومراد الفقهاء به بعض النواحي كالبيت من الدار مثلاً. انظر: المغرب، "حوز". (¬9) الزيادة من الكافي، 1/ 194 ظ وانظر: المبسوط، 15/ 15.

طريقًا بينهما وكان على الطريق ظُلَّة (¬1) وكان طريق أحدهما على ظهر تلك الطُّلَّة وهو يستطيع أن يجعل طريقه في مكان آخر فأراد صاحبه أن يمنعه المَمَرّ على ظهر ظُلَّته لم يكن له ذلك، وكان له مَمَرٌّ على ظهر الطريق؛ لأن أسفل الطريق بينهما مَمَرّ، فكذلك أعلاه. ولو أن رجلين اقتسما داراً فوقع الباب لأحدهما ووقع القسم الآخر في ناحية الآخر (¬2) وليس له طريق يمر فيه فإن أبا حنيفة قال: إن كان له مَفْتَح أجزت القسمة وأمرته أن يفتح في ذلك باباً، وإن لم يكن له باب أبطلت القسمة؛ لأن هذا ضرر، ولا تجوز القسمة على الضرر. وكان أبو حنيفة يقول في العلو الذي لا سفل له وفي السفل الذي لا علو له: يُحسَب في القسمة السفل ذراعاً بذراعين من العلو. وقال أبو يوسف (¬3): يُحسَب العلو بالنصف والسفل بالنصف، يُنْظَرُ كم جملةُ ذراع كلِّ واحد منهما، فيُطْرَحُ النصف من ذلك. وقال محمد: يُقسَم ذلك على قيمة العلو والسفل؛ لأن العلو ربما كان أجود من السفل. وقال أبو حنيفة: إذا كان الدور بين قوم ميراثاً فأراد أحدهم أن يجمع نصيبه منها في دار واحدة وأبى ذلك الآخر واختلفا في ذلك فإن القاضي يقسم كل دارٍ مِن ذلك بينهم على حدة، ولا يضم (¬4) بعض أنصبائه إلى بعض إلا أن يصطلحوا على ذلك. وكذلك منزلان (¬5) في دارٍ متفرقان (¬6) ¬

_ (¬1) الظُّلَّة في اللغة: كل ما أظلك من بناء أو جبل، وفي اصطلاح الفقهاء: يريدون بها السُّدَّة التي فوق الباب، وقيل: هي التي أحد طرفي جذوعها على هذه الدار وطرفها الآخر على حائط الجار المقابل. انظر: المغرب، "ظلل". وقيل: الظلة تكون أمام الدار مفصولاً عنها. انظر: لسان العرب، "كنن". (¬2) ز: الأخر ى. (¬3) م ز - يحسب في القسمة السفل ذراعا بذراعين من العلو وقال أبو يوسف. (¬4) م ز: ولا يضمن. (¬5) ز: منزلين. (¬6) ز: متفرقين.

أحدهما في أقصاها والآخر في أدناها. فإن كانا مجتمعين في مكانٍ قَسمتُها قسمة واحدة، وجمعتُ نصيب كل واحد منهما في أحدهما. ولو كانت داران مجتمعتان (¬1) فاختلفا في ذلك قسمتُ كل واحدة منهما على حدة في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يُنظَر في القسمة. فإن كانت إذا جُمعت أنصباء كل واحد منهما على حدة في دار كان أعدل للقسمة جمع ذلك. ولو اختلفوا في قيمة البناء فقال بعضهم: اجعل قيمة البناء على الذَّرْع (¬2) من الأرض، وقال بعضهم: اجعلها على الدراهم (¬3)، فإن القاضي يجعلها على الذَّرْع، لأن الدراهم ليست من الميراث، وليس كلهم يقدر عليها، وإذا وقع البناء في نصيب أحدهم كانت الدراهم ديناً عليه فلعلها تَتْوَى (¬4) عليه، والزيادة في الذَّرْع مما وَرِثُوا كُلُّهم (¬5) يَقْدِرُ عليه، وتقع (¬6) القسمة حين تقع (¬7) ولا حق لبعضهم قِبَلَ بعض (¬8). ولو اختلفوا في الطريق فقال بعضهم: ارفع الطريق بينهم، وقال بعضهم: لا ترفع (¬9) واجعل كل واحد على حدة، فإن الحاكم ينظر في ذلك. فإن كان لكل واحد منهم طريق يستقيم فَتْحُه في نصيبه فإنه يقسم ¬

_ (¬1) م ف ز ع: مجتمعان. والتصحيح من ب. (¬2) م ز: في يذرع (مهملة)؛ ف ع: في بذر (مهملة). وفي ب: بذرع. وكذلك المبسوط، 15/ 18. ورجحنا "على الذرع" لاتفاقه مع بقية العبارة. (¬3) م ز: في الدراهم. (¬4) أي: تهلك. انظر: المغرب، "توي". (¬5) وفي ب: مما ورثوه وكلهم. (¬6) م ف ز ع: ووقع. والتصحيح من ع. (¬7) م ف ز ع + القسمة. والتصحيح من ب. (¬8) قال ابن نجيم: وعن محمد أنه يَرُدّ على شريكه بمقابلة البناء ما يساويه من العَرْصَة، وإذا بقي فَضْلٌ ولم يمكن تحقيق التسوية فيه بأن لم تَفِ العَرْصَةُ بقيمة البناء فحينئذ تُرَدُّ الدارهمُ، لأن الضرورة في هذا القدر، فلا يُترَك الأصل وهو القسمة بالمساحة إلا بالضرورة، وهذا يوافق رواية الأصل. انظر: البحر الرائق، 8/ 174. (¬9) ز: لا يرفع.

بينهم بغير طريق يُرْفَعُ لجماعتهم، وإن كان لا يستقيم فَتْحُه في نصيبه ذلك رفع الطريق بين جماعتهم (¬1). ولو اختلفوا في سعة الطريق وفي ضيقه (¬2) جعل الطريق بينهم على عرض باب الدار وطوله على أدنى ما يكفيهم. وإذا وقع حائط بين قسيمين (¬3) وذلك الحائط لأحد القسيمين (¬4) وعليه جذوع (¬5) للآخر (¬6) - وقعت القسمة على أن تكون (¬7) هكذا أو لم يُذْكَرْ في القسمة- فإنه يُترَك على حاله إلا أن يشترط (¬8) قطع الجذوع عنه. وكذلك لو كان أَزَجٌ (¬9) وقع على حائط هذه الصُّفَة أو دَرَجُه (¬10). وكذلك أسطوانة وقع عليها جذوع. وكذلك رَوْشَن (¬11) وقع لصاحب العلو مُشرِف علي نصيب الآخر فأراد صاحب السفل أن يقطع الرَّوْشَن (¬12) فليس له ذلك. ألا ترى أن أحدهما لو أصابه باب (¬13) علو وأصاب الآخر سفله لم يكن لصاحب السفل أن يهدم العلو. فكذلك هذا. ¬

_ (¬1) ز - وإن كان لا يستقيم - فتحه في نصيبه ذلك رفع الطريق بين جماعتهم. (¬2) م: وفي ضيقته. (¬3) ز: قسمين. (¬4) ز: قسمين. (¬5) جمع جِذْع، وهو ساق النخلة، ويقال لسهم السقف. انظر: المصباح المنير، "جذع". (¬6) م ف ز ع: لآخر. والتصحيح من المبسوط، 15/ 20. (¬7) ز: أن يكون. (¬8) ز: أن يشرط. (¬9) الأَزَج: بيت يبنى طولاً. انظر: المغرب، "أزج". (¬10) دَرَجُ السُّلَّم: رُتَبه، الواحدة: درجة، ويسمى بها المبني من خشب أو مَدَر مُرَكَّباً على حائط أو نحوه، تسمية الكل باسم البعض. انظر: المغرب، "درج". (¬11) م: روش؛ ز: روس. والروشن: الكُوّة، وهي ثَقْب البيت؛ والشرفة؛ وقيل: المَمَرّ على العلو. انظر: المغرب، "رشن"؛ والقاموس المحيط، "رشن"؛ والمعجم الوسيط، "رشن". (¬12) م: الروش؛ ز: الروس. (¬13) ولفظ الحاكم: ببيت. انظر: الكافي، 1/ 195 و. وفي المبسوط، 15/ 20: ثبت. وهو تحريف.

وإذا أصاب الرجل مَقْصُورَةً (¬1) في دار وأصاب الآخر منزلاً آخر طريقُ علوِ هذا المنزل في هذه المقصورة ولم يذكرا (¬2) ذلك عند القسمة فلا طريق له في المقصورة، لأن هذا يقدر على أن يجعل طريقه في حقه، ولا طريق له في المقصورة. وإذا وقع للرجل في القسمة ساحة (¬3) لا بناء (¬4) فيها ووقع للآخر بناء فأراد صاحب الساحة أن يبني ساحته ويرفع بناءه، فقال صاحب البناء: إنك تسد علي الريح والشمس فلا أدعك ترفع بناءك، فلصاحب الساحة أن يرفع بناءه ما بدا له، وليس للآخر أن يمنعه؛ لأنه حقه يصنع فيه ما بدا له. وهذا قول (¬5) أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو أراد أن يصنع في الساحة مَخْرَجاً أو تَنُّوراً أو أراد أن يبني حماماً فمنعه صاحب البناء فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: له أن يبني له (¬6) حماماً وَمخرجاً وتنوراً، ولا يمنع من ذلك. قلت: أرأيت لو أراد أن يجعل فيه رَحًى أو حدّاداً أو قصّاراً أو صائغاً أما كان له أن يصنع (¬7) ذلك كله (¬8). ولو كف عن كل شيء يؤذي جاره كان أحسن له، ولكنه لا يجبر على ذلك. ولو فتح صاحب البناء في علو بنائه باباً أو كُوَّةً فطلب صاحب الساحة أن يسد ذلك وتأذى به لم يكن له سده، ولكنه يبني في ملكه ما يستره من ذلك. وكذلك جميع هذا القول في [دارين] (¬9) إحداهما لرجل من أهل الذمة والأخرى لمسلم. وأهل الإسلام والنساء والرجال والحر والعبد التاجر والمكاتب في ذلك سواء. ¬

_ (¬1) قال المطرزي: حجرة من حجر الدار. انظر: المغرب، "قصر". وقيل: غرفة من الدار لا يدخلها غير صاحب الدار، من القَصْر بمعنى الحبس. انظر: لسان العرب، "قصر". (¬2) م ز: ولم يذكر. (¬3) أي: عرصة، كما تقدم. (¬4) ف: لا بها. (¬5) ز + الإمام الأعظم. (¬6) ف - له. (¬7) ز: أن يصيغ. (¬8) ز + قال. (¬9) الزيادة مستفادة من المبسوط، 15/ 21.

ولو اتخذ رجل بئراً في ملكه (¬1): كِرْيَاسًا (¬2) أو بالوعة، أو بئراً ليستقي (¬3) منه الماء فنَزَّ منها (¬4) حائط جاره (¬5) فطلب تحويل ذلك فإنه لا يجبر على تحويله؛ لأنه ملكه يصنع فيه ما بدا له. وإن سقط الحائط من ذلك لم يضمن صاحب البئر شيئاً. وإذا اقتسم (¬6) رجلان داراً فأخذ أحدهما حَيِّزاً (¬7) وأخذ الآخر حَيِّزاً فوقع لأحدهما حائط الظاهر منه على آجرتين وأساسه على أربع آجرات فدخل في نصيب صاحبه من ذلك آجرة فقال صاحب الحائط: لي (¬8) أن آخذ من نصيبك ما دخل فيه من أس حائطي، فأبى ذلك الآخر، فإنما له ما ظهر من الحائط على وجه الأرض، وليس يؤخذ بأساسه. وإذا اقتسم رجلان داراً فأخذ كل واحد منهما حَيِّزاً فأراد جارٌ لهما أَخْذَ ذلك بالشفعة، أو كانت داران فاقتسما على أن يأخذ كل واحد مسهما داراً وطلب جارُ كل واحد منهما الشفعة (¬9)، فإنه لا شفعة في شيء من ذلك؛ مِن قِبَل أن كل واحد منهما شريك لصاحبه، فهو أحق بها. ولو كانت داراً (¬10) فاقتسماها رجلان فأخذ هذا حَيِّزاً (¬11) وهذا حَيِّزاً (¬12) ورَفَعَا الطريق بينهما فهو جائز. وإن أرادا (¬13) قسمة في الطريق بعد ذلك فإن كانت قسمته تستقيم بغير ضرر قسمته (¬14) بينهما. ولو كان لا يستقيم ولا يكون لأحدهما طريق غير ذلك لم أقسمه. وإذا اقتسم رجلان داراً ومنزلاً في دار أخرى على أن أخذ أحدهما الدار والآخر المنزل فهو جائز وإن كانت الدار أفضلها وضعاً وبناءً. ¬

_ (¬1) م ف ز ع + أو. والتصحيح من المبسوط، 15/ 21. (¬2) هو الكَنِيف في أعلى السطح بقَنَاةٍ من الأرض. انظر: القاموس المحيط، "كرس". (¬3) ف ز: ليسقي. (¬4) ز: فيرميها. (¬5) م ز - جاره. (¬6) م ز: وإذا اقسم. (¬7) أي: مكانًا. وقد تقدم. (¬8) م ز - لي. (¬9) ف - الشفعة. (¬10) م + دارا. (¬11) ز: جزءا. (¬12) ز: جزءا. (¬13) م ز: وإن أراد. (¬14) م ز: تستقيم بعرض وقسمته.

وإذا اقتسم الرجلان داراً ونصف دار على أن أخذ أحدهما الدار وأخذ الآخر نصف الدار (¬1) فهو جائز. وكذلك لو كان بينهما نصف دار وثلث دار أخرى فاصطلحا على أن أخذ أحدهما النصف والآخر ثلث الدار فهو جائز. وكذلك لو كانت بينهما سهام مسماة من هذه الدار وسهام مسماة في دار أخرى. وكذلك لو كانت مائة ذراع مُكَسَّرَة (¬2) من هذه الدار ومائتي ذراع مُكَسَّرَة من الدار الأخرى فأخذ أحدهما المائة ذراع وأخذ الآخر مائتي ذراع، اقتسما على ذلك. وكذلك لو كان شِقْص في دار وشِقْص (¬3) في أرض وهما سهمان معروف السهام فإن ذلك جائز. وكذلك لو كانت دار وأرضٌ (¬4) فأخذ أحدهما الدار وأخذ الآخر الأرض. وكذلك لو كانت دار وعبد فأخذ أحدهما الدار وأخذ الآخر العبد فهو جائز. وكذلك لو كان مكان العبد متاع أو ثياب. وكذلك الحيوان كله. وكذلك لو كانت داران وحيوان [وثياب] (¬5) فاقتسما على أن أخذ أحدهما داراً وحيواناً (¬6) وأخذ (¬7) الاخر داراً وثياباً (¬8). وكذلك لو عَدَّلا (¬9) ذلك وقَوَّما ثم اقترعا (¬10) عليه فوقعت القسمة على القرعة فهو جائز. وكذلك لو أخذ أحدهما دارين وأخذ (¬11) الآخر الرقيق والمتاع. وكذلك لو كانت داران في إحداهما بناء والأخرى صحراء فاصطلحوا على أن أخذ أحدهما الأرض كلها والآخر البناء كله دون الأرض فهو جائز؛ فإن ¬

_ (¬1) م ف ز: نصف دار. (¬2) م ف ز: مكسورة. والتصحيح من ع. وقد ورد في الموضع الثاني صحيحا في النسخ الثلاث. والذراع المكسَّرة ست قبضات، وهي ذراع العامة، وإنما وُصفت بذلك لأنها نقصت عن ذراع المَلِك بقبضة، وهو بعض الأكاسرة لا الأخير، وكانت ذراعه سبع قبضات. انظر: المغرب، "ذرع". (¬3) م ف ز: أو شقص. (¬4) م ف: داراً وأرضًا. (¬5) الزيادة من ب. (¬6) م ف ز ع: وعبدا. والتصحيح من ب. (¬7) م ز - أخذ. (¬8) ز: أو ثيابا. (¬9) يقال: عَدَّلْتُه تعديلاً فاعتدل: سوّيته فاستوى، ومنه قسمة التعديل، وهي قسمة الشيء باعتبار القيمة والمنفعة لا باعتبار المقدار، فيجوز أن يكون الجزء الأقل يعادل الجزء الأعظم في قيمته ومنفعته. انظر: المصباح المنير، "عدل". (¬10) ز: ثم اقرعا. (¬11) ف: والاحد.

اشترط على أن يكون له البناء بأصله ويكون (¬1) الأرض للآخر فهو جائز؛ وإن اقتسما على أن يكون البناء لأحدهما وليس له في الأرض (¬2) شيء وعلى أن يكون للآخر الأرض على أن لا يقلع صاحب البناء بناءه فإن هذا فاسد لا يجوز (¬3). وإذا كانت الدار في طريق ليس بنافذ لها فيه باب فاقتسم أهل الدار الدار على أن يفتح كل إنسان منها (¬4) باباً في ذلك الزُّقَاق لنفسه فهو جائز. فإن أبى أهل الزُّقَاق ذلك عليهم فليس لأهل الزُّقَاق أن يمنعوهم ذلك. ألا ترى أنه لو كان لرجل في هذا الزّقَاق باب كان له أن يفتح فيه عشرة أبواب، وكان له أن يكسر حائطه كله مما يلي الزُّقَاق ويمر من أي النواحي شاء. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا كانت مَقْصُورَة (¬5) بين ورثةٍ بابُها في دار مشتركة ليس لأهل المقصورة فيها إلا طريقهم فاقتسموا المقصورة على أن يفتح كل واحد منهم باباً لنفسه في الدار الأعظم (¬6) لم يكن لهم ذلك، وليس لهم إلا طريق واحد ¬

_ (¬1) ز: وتكون. (¬2) ف: من الأرض. (¬3) وعبارة الكافي مع شرحه للسرخسي هكذا: ولو اصطلحا في دار واحدة على أن يأخذ أحدهما الأرض كلها والآخر البناء كله فهو جائز، للتراضي، فإن الأرض والبناء كل واحد منهما مال متقوم، مبادلة نصيب أحدهما من الأرض بنصيب الآخر من البناء صحيح؛ فإن شرط على أن يكون البناء له ينقضه وتكون الأرض للآخر فهو جائز، وإن اشترط أن لا يقلع بناءه فهذا فاسد؛ لأن صاحب الأرض لا يتوصل بهذه القسمة إلى الانتفاع بالأرض، ولأن هذا في معنى بيع شرط فيه إعارة أو إجارة، فإن صاحب البناء لما شرط ترك البناء في أرض الآخر فإن كان بمقابلة هذا الترك شيء من العوض فهو إجارة فاسدة شرطت في بيع، وإن لم يكن بمقابلتها شيء من العوض فهو إعارة مشروطة في البيع. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 15/ 22 - 23. (¬4) ف: منهما. (¬5) هي غرفة من غرف الدار، وقيل: هي دار صغيرة محصّنة. انظر: المغرب، "قصر"؛ ولسان العرب، "قصر". (¬6) وفي ب؛ والمبسوط، 15/ 23: العظمى. والدار قد تُذَكَّر. انظر: القاموس المحيط، "دور".

عَرْضَ (¬1) باب الدار الأعظم (¬2)، ويبني أهل الدار الخارجة ما شاؤوا من ذلك، ويفتح أهل المقصورة ما بدا لهم من الأبواب في ذلك الموضع. وإذا كانت لأهل هذه المقصورة دار أخرى إلى جانب هذه المقصورة فوقعت هذه الدار في قسم رجل منهم فأراد أن يفتح باباً في هذا الطريق المرفوع بينهم فليس له ذلك؛ لأنه لا طريق لهذه الدار في هذه. وإن اشترى الذي أصابه المقصورة هذه الدار فأراد أن يجعل طريق هذه الدار في المقصورة ولم يمر (¬3) في الطريق المشترك (¬4) فله ذلك إذا كان ساكن المقصورة والدار واحداً (¬5). وإذا كان ساكن هذه واحداً (¬6) وساكن الدار آخر فليس له ذلك. وإذا كانت دار في يدي رجلين وهما مقران بأنها ميراث بينهما، كل واحد منهما ادعى الدار كلها، ولا يعرف أصلها كيف كان، فاقتسماها بينهما (¬7)، فهو جائز. وإن رفعا ذلك إلى القاضي لم يقسم الدار بينهما حتى تقوم البينة على الأصل في قول أبي حنيفة، ويقسمها في قول أبي يوسف ومحمد. وإذا كانت دار بين رجلين فاقتسماها فأخذ (¬8) أحدهما طائفة والآخر طائفة وفي نصيب أحدهما ظُلَّة (¬9) على الطريق أو ¬

_ (¬1) م ف ز: عوض. والتصحيح من ع ب. وفي المبسوط، 15/ 23: بقدر عرض. (¬2) قد تُذَكَّر الدار كما مر. (¬3) وف ب: ولا يمر. وفي المبسوط، 15/ 24: ثم يمر. (¬4) ز: المشتركة. (¬5) ز: واحد. (¬6) ز: واحد. (¬7) م ف ع: بينهم. والتصحيح من ب. (¬8) ز: وأخذ. (¬9) الظُّلَّة في اللغة: كل ما أظلك من بناء أو جبل، وفي اصطلاح الفقهاء: يريدون بها السُّدَّة التي فوق الباب، وقيل: هي التي أحد طرفي جذوعها على هذه الدار وطرفها الآخر على حائط الجار المقابل. انظر: المغرب، "ظلل". وقيل: الظلة تكون أمام الدار مفصولاً عنها. انظر: لسان العرب، "كنن".

كَنِيف (¬1) شارع على الطريق، فإن كان (¬2) اقتسما على أن لكل واحد منهما ما حاز (¬3) بكل حق هو له فله الظُّلَّة والرَّوْشَن (¬4). وكذلك لو كانا اقتسما على أن لكل واحد منهما ما أصابه بمرافقه وبكل قليل أو كثير هو فيه أو منه فإن له الظُّلَّة والرَّوْشَن. فإن لم يُذْكَرْ (¬5) ذلك ولم يشترطا شيئاً إلا أن أحدهما قال: لك هذا الحَيِّز، فلكل واحد منهما ما كان في حَيِّزه من ظُلَّة أو رَوْشَن في قول أبي يوسف ومحمد (¬6). وإن هدم أهل الطريق ذلك لم تنتقض القسمة. إنما لهم من ذلك البناء وليس لهم الأرض؛ لأنها طريق للمسلمين. وإذا كانت دار بين رجلين فاقتسماها بينهما فلما وقعت الحدود بينهما فإذا أحدهما لا طريق له ولا يقدر على طريق فإن أبا حنيفة قال في هذه القسمة: مردودة. فإن كان له حائط يقدر على أن يفتح فيه باباً فالقسمة جائزة، ويفتح في ذلك باباً. وإن كان له طريق يمر فيه رجل ولا يمر فيه الجمل (¬7) فالقسمة جائزة. وإن كان له طريق لا يمر فيه رجل فليس هذا بطريق ولا تجوز القسمة. فإن كانا اقتسما على أن لا طريق لفلان وهو يعلم أنه (¬8) لا طريق له ووقعت القسمة على هذا فهو جائز؛ لأنه رضي بذلك نفسه وإن دخل عليه في ذلك ضرر. وإذا كانت دار بين رجلين فاقتسماها على أن يشتري أحدهما من ¬

_ (¬1) الكَنِيف: ما يُشْرَع فوق باب الدار كالجناح ونحوه، وأهل العراق يسمون ما أشرعوا من أعالي دورهم كَنِيفاً. وقيل: الكنيف يكون متصلًا بالدار بخلاف الظلة. انظر: لسان العرب، "كنف، كنن". (¬2) ز: كانا. (¬3) ف: ما جاز. (¬4) الروشن: الكُوّة، وهي ثَقْب البيت؛ والشرفة؛ وقيل: المَمَرّ على العلو. انظر: المغرب، "رشن"؛ والقاموس المحيط، "رشن"؛ والمعجم الوسيط، "رشن". (¬5) ز: لم يذكرا. (¬6) خلافاً للإمام أبي حنيفة كما ذكره في كتاب الشفعة بأوسع من هذا. انظر: 6/ 216 و. (¬7) وفي المبسوط، 15/ 24: الحمولة. (¬8) ز: أن.

باب قسمة الدور بالدراهم وغير ذلك ولزيد أحدهما على الآخر

الآخر داراً له خاصة بألف درهم فوقعت القسمة على هذا فإن القسمة في هذا باطل لا تجوز، والشرط فيه باطل. وكذلك كل قسمة على شرط [شراء] (¬1) أو شراء على شرط (¬2) قسمة أو قسمة على أن يهب له شيئاً أو على أن يتصدق به عليه فإن هذه القسمة باطل. داذا كانت القسمة على أن يزيده شيئاً معروفًا فهو جائز. ... باب قسمة الدور بالدراهم وغير ذلك ولزيد أحدهما على الآخر وإذا كانت الدار بين رجلين ميراثاً أو شراءً فاقتسما فأخذ كل واحد منهما طائفة على أن يَزيد أحدُهما (¬3) الآخرَ دراهم مسماة فإن هذا جائز. فإن كانت الدراهم إلى أجل مسمى فهو جائز. وكذلك لو كان مكان الدراهم دنانير حالّة فهو جائز. وكذلك لو كانت الدنانير إلى أجل مسمى. وكذلك لو كان مكان الدنانير طعام بعينه كيلًا مسمى. وكذلك لو كان مجازفة وإن كان بغير عينه بعد أن يكون كيلًا معلوماً وضرباً معلوماً وأجلاً معلوماً كان جائزاً. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. ولو اشترط طعاماً بغير عينه وسمى كيله ولم يسم صفته كانت القسمة باطلاً لا تجوز. فإن سمى صفته فهو جائز. وكذلك الوزن كله والكيل كله. وإن سمى له أجلاً ولم يسم الصفة فإنه لا يجوز. فإن سمى ذلك أو سمى الأجل والصفة ولم يسم الموضع الذي يوفيه فهو جائز، ويوفيه عند الدار. وهذا والسلم في القياس سواء. ولكني أستحسن في هذا. وفي قياس قول أبي حنيفة: إنه باطل حتى يسمي المكان الذي يوفيه ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 195 ظ. (¬2) م ف ز ع + في. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. (¬3) م ف ع + على. والتصحيح من ب.

فيه (¬1). والأول هو قول أبي يوسف ومحمد. ولو كانت الزيادة التي زاده عبداً (¬2) بعينه كان جائزاً. وكذلك لو كانت أمة بعينها. ولو كان عبد بغير عينه كان باطلاً لا يجوز. ولو كان مكان ذلك عشرة من الغنم زادها إياه فإن كانت بأعيانها فهو جائز. وإن كانت بغير أعيانها فهو باطل لا يجوز. وكذلك الحيوان كله. فإن اشترط (¬3) من الحيوان عدداً مسمى وأسناناً مسماة إلى أجل معلوم فإن ذلك لا يجوز؛ لأن هذا مجهول. ولو كان عبداً بعينه زاده إياه على أن لا يقبضه خمسة أيام كان هذا فاسداً لا يجوز. وكذلك الحيوان كله. ولو لم يزده شيئاً من ذلك ولكنه زاده أثواباً مسماة بأعيانها فهو جائز وإن [لم] يعرف طولها وعرضها. وكذلك لو كانت من أصناف مختلفة فهو جائز؛ لأنها بأعيانها، قد عرف عددها. فإن لم يرها فهو بالخيار إذا رآها. إن شاء أخذها وأنفذ القسمة. وإن شاء ردها وأبطل القسمة. وكذلك الثياب كلها والحيوان كله والوزن كله. وإن ضرب للثياب (¬4) أجلاً وهي مسماة وسمى طولها وعرضها ورُقْعَتَها (¬5) وجنسها وضَرَبَ لها أجلاً مسمى فهو جائز. وكذلك صنوف الثياب كلها. وكذلك لو كان اشترط مكان الثياب قَصَباً مسمى أَطْنَاباً (¬6) مسماة وذَرْعاً معلوماً وأجلاً معلوماً فهو جائز. وكذلك الخشب في هذا. ولو (¬7) لم يجعل (¬8) لذلك أجلاً لم تجز القسمة. وإذا كان ميراثٌ بين رجلين في دارٍ وميراث آخرُ في دارٍ أخرى فاصطلحا على أنْ أَخَذَ أحدُهما ما في هذه الدار وأَخَذَ الآخرُ ما في تلك الدار وزاد مع ذلك دراهم (¬9) مسماة فإن كانا سميا السهامَ سهامَ كل دار فهو ¬

_ (¬1) ف - فيه. (¬2) ز: عبد. (¬3) ز: اشرط. (¬4) م ز: للنبات. (¬5) أي: غِلَظها وثخانتها. انظر: المغرب، "رقع". (¬6) أطناب الشجر: عُروق تتشعّب من أصلها، واحدتها: الطُّنُب بضم الطاء والباء، ويجوز إسكان الباء. ويطلق على ما تشد به الخيمة من الحبال أيضاً، والوَتِد وغير ذلك. انظر: لسان العرب، "طنب". (¬7) ف - لو. (¬8) م ف ز ع: لم يعمل. والتصحيح من ب. (¬9) م ز: دراهما.

جائز، وإن لم يكونا سميا (¬1) ذلك فإنه لا يجوز. ولو سميا مكان السهام أَذْرُعاً مُكَسَّرَة (¬2) فإنه جائز في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. وإذا كانت الداران (¬3) بين ثلاثة نفر فاقتسموها على أَنْ أَخَذَ أحدُهم إحدى الدارين وأخذ الاخر الأخرى على أَنْ رَدَّ الذي أخذ الدار الكبرى على الذي لم يأخذ شيئاً دراهم (¬4) مسماة فهو جائز. وإذا كانت دار بين ثلاثة نفر ومنزل أيضاً بينهم فاقتسموا ذلك على أن يأخذ اثنان منهم الدار بينهما نصفين ويأخذ الآخر المنزل على (¬5) أن يرد إليهما دراهم مسماة فهو جائز. وكذلك لو كانا صاحبا الدار هما (¬6) اللذان رَدَّا عليه الدراهم المسماة كان جائزاً. وكذلك دار بين ثلاثة رهط فاقتسموها على أَنْ كانت (¬7) الدار لاثنين منهما، لكل واحد منهما (¬8) طائفة مقسومة، على أَنْ رَدَّا (¬9) على الثالث دراهم مسماة فهو جائز. فإن كانت الدراهم على أحدهما الثلثان (¬10) لِفَضْلِ (¬11) منزلِه وعلى الآخر (¬12) الثلث فهو جائز. وإذا كانت الدار بين رجلين فاقتسماها نصفين على أَنْ رَدَّ أحدُهما على ¬

_ (¬1) ز - السهام سهام كل دار فهو جائز وإن لم يكونا سميا. (¬2) تقدم تفسيره قريباً. (¬3) م ف ز ع: الدار. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 26. (¬4) ز: دراهما. (¬5) ز - على. (¬6) م ف ز ع: صاحبي الدار وهما. والتصحيح مستفاد من ب. (¬7) م ف ز ع: أن صاحب. (¬8) م ف ز - لكل واحد منهما. والزيادة من ع. وفي ب: لكل واحد. (¬9) م ف ز ع: أن ردوا. والتثنية أولى وإن كان الجمع قد يستعمل في مكان المثنى أحيانا. (¬10) ز: الثلثين. (¬11) ز: ليصل. (¬12) ز - الآخر.

الآخر عبداً بعينه وعلى أن زاده (¬1) الآخر مائة درهم فهو جائز. وإذا كانت الدار بين ثلاثة نفر، فاقتسموها أثلاثاً، فكان قِسْمٌ منها أفضلَها والآخرُ أوسطَها والآخرُ أخَسَّها (¬2)، فاشترط عليها زيادة دراهم مسماة، على صاحب المنزل الأفضل الثلثين من الدراهم، وعلى الآخر الثلث، فهو جائز. وإذا كانت الدار بين اثنين فأخذ أحدهما البناء وأخذ الآخر الخراب على أن رفى صاحب البناء على الاخر (¬3) دراهم (¬4) مسماة أو دنانير فهو جائز. وإذا كانت دار بين رجلين فأخذ أحدهما السفل وأخذ الآخر العلو على أن رد صاحب السفل على صاحب العلو دراهم مسماة فهو جائز. وكذلك لو كان صاحب العلو هو الذي رد على صاحب السفل دراهم مسماة فهو جائز. وإذا كانت الدار بين رجلين فاقتسماها نصفين على أن رد أحدهما على الآخر عبداً بعينه على أن رد الآخر مائة درهم فهو جائز. وإذا كانت دار (¬5) بين رجلين بالكوفة ودار بينهما بالبصرة فاقتسما على أن أخذ أحدهما الدار التي بالكوفة وأخذ الآخر الدار التي بالبصرة على أن رد أحدهما على الآخر دراهم مسماة فهو جائز. والأَرَضُون (¬6) والقرى والبساتين مثل ذلك في جميع ما ذكرنا. ... ¬

_ (¬1) م ز: أن زياده. (¬2) م ف ز - والآخر أخسها. والزيادة من ع. (¬3) م ف ز - الآخر. والزيادة من ع. (¬4) م ز: الدراهم. (¬5) ف: الدار. (¬6) م ف ز ع: والأرضين. والتصحيح من ب.

باب قسمة الدور وتفضيل بعضها على بعض بغير دراهم

باب قسمة الدور وتفضيل بعضها على بعض بغير دراهم وإذا كانت دار بين رجلين نصفين فاقتسما وأخذ أحدهما مقدم الدار وهو الثلث وأخذ الآخر مؤخر الدار وهو الثلثان فهو جائز. ولو كانا ميراثاً أو شرى فهو جائز. وكذلك لو أخذ أحدهما منها ثلثًا شارعاً له غلة على أن يُسَلِّم بقية الدار لشريكه فهو جائز (¬1). وإذا كانت الدار بين رجلين لأحدهما الثلث وللآخر الثلثان فاقتسماها على أن يأخذ (¬2) صاحب الثلث بثلثه ثلثًا شارعاً ويُسَلِّم بقية الدار لشريكه فهو جائز. ولو اقتسماها على أَنْ أَخَذَ صاحبُ الثلثين بثلثيه ثلثاً شارعاً وأخذ الآخر ما بقي بثلثه كان جائزاً، وإن كان ما أصاب صاحب الثلث أكثر من حقه فهو جائز. وإن كان الثلث الذي وقع في قسم الآخر ليست له غلة وليس بشارع فهو جائز، وإنما هذا بمنزلة البيع. وإذا كانت الدار بين ثلاثة نفر ميراثاً أو شرى فاقتسموها على أن أخذ أحدهم بيتاً (¬3) منها بجميع حقه وأخذ الآخران (¬4) من الدار ما بقي بحصتهما (¬5) من الدار فهو جائز. وإذا كانت دار بين رجلين ميراثاً بينهما فاقتسماها على أن أخذ كل واحد منهما طائفة من الدار على أن رفعا طريقاً بينهما ولأحدهما ثلثاها (¬6) وللآخر (¬7) ثلثها فهو جائز. ¬

_ (¬1) م ف ز: فهي جائزة. (¬2) م ف ز: أن أخذ. (¬3) ف: ثلثا. (¬4) ز: الاخرين. (¬5) ز: بحصتها؛ ب: بحقهما. (¬6) أي: ثلثا الطريق، والطريق يذكر ويؤنث. انظر: لسان العرب، "طرق". (¬7) ف - ثلثاها وللآخر.

وإذا كانت دار بين رجلين فأخذ أحدهما طائفة منها (¬1) تكون الثلث وأخذ الآخر طائفة منها تكون قدر النصف ورفعا طريقاً بينهما يكون مقدار السدس فهو جائز. وإن اشترطا أن يكون الطريق لواحد ثلثاه وللآخر ثلثه فهو جائز. وإن اشترطا أن يكون أصل الطريق لصاحب الأقل ويكون للآخر ممره منه فهو جائز. وإن لم يشترطا (¬2) شيئاً من ذلك فهو على قدر ما ورثا. وكذلك لو اشترطا (¬3) أن يكون الأصل (¬4) لصاحب الأكثر وللآخر ممرٌ فيه فهو جائز. وإذا كان الدار ميراثاً بينهم أو شرى أو وصية أو أصابها (¬5) من (¬6) صلح من شيء ادّعياه (¬7) فاقتسماها على هذه الجهة فهو جائز. وإن كانت دار بين رجلين وبينهما شقص في دار أخرى فاقتسماها على أن أخذ أحدهما الدار والآخر الشقص من الدار الأخرى فإن كانا سميا كم هو من سهم فهو جائز. وإن كانا سميا ثلثًا أو ربعًا فهو جائز. وإن كانا سميا أذرعاً مسماة فهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. فإن لم يسميا أسهمًا ولا أذرعاً ولا ثلثاً ولا ربعاً فإنه لا يجوز. فإن أقرا جميعاً أنهما كانا يعرفان كم من سهام هي يوم اقتسما فهو جائز. وإن عرف ذلك أحدهما وجهله الآخر فالقسمة مردودة. ولو كانت دُورٌ ثلاثة بين رجلين فاقتسماها على أن أخذ أحدهما داراً وأخذ الآخر دارين فهو جائز. وكذلك ثلاثة منازل في دور مختلفة. وكذلك أبيات في دار واحدة أو دور مختلفة. وكذلك منزل علو في دار وبيت ¬

_ (¬1) م ف + ولأحدهما ثلثاها وللآخر ثلثها فهو جائز وإذا كانت دار بين رجلين فأخذ أحدهما طائفة منها. (¬2) م ز: لم يشترط. (¬3) م ف ز: لو اشترط. (¬4) م - الأصل، صح هـ. (¬5) م: أوصى بها، ز: أوصابها. (¬6) ز: ما. (¬7) م ز: ادعاها؛ ف: ادعاه؛ ع: ادعياها. والتصحيح من ب.

باب قسمة الأرضين

سفل (¬1) [في دار] وعلو في دار أخرى فاقتسماها على أن أخذ أحدهما المنزل وأخذ الآخر البيت [والعلو] (¬2) فهو جائز. وإذا كانت الدار بين رجلين فاقتسماها على أن أخذ أحدهما الثلثين من مؤخرها بجميع حقه وأخذ الآخر الثلث من مقدمها فهو جائز. وإذا دخل في ذلك تَغَايُرٌ (¬3) فيما بينهما فاقتسما على ذلك فهو جائز. وما لم تقع (¬4) الحدود بينهما ويتراضيا (¬5) بعد القسمة فلكل واحد منهما أن يرجع. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو اصطلحوا على أن أخذ أحدهما الثلث من مقدمها والآخر الثلثين من مؤخرها كان لكل واحد منهما أن يرجع في ذلك ما لم يرضيا بذلك بعد أن تقع (¬6) الحدود. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب قسمة الأرضين وإذا كانت الأرض بين قوم ميراثاً فأراد بعضهم قسمتها وأبى ذلك بعضهم فرفعوا (¬7) ذلك إلى القاضي وأقاموا البينة على أصول المواريث فإن أبا حنيفة قال: أقسمها بينهم. وكذلك لو كانت قرية وأرض. ولو كانت أَقْرِحَة (¬8) معلومة متفرقة فأراد بعضهم أن يقسم كل قَرَاح ¬

_ (¬1) ف: وسفل. (¬2) الزيادتان السابقتان من ب. (¬3) أي: غَبْنٌ كما هو في المبسوط، 15/ 28. (¬4) ز: لم يقع. (¬5) م ف ز ع: وتراضيا. والتصحيح من ب. وفي المبسوط، 15/ 28: والتراضي. (¬6) ز: أن يقع. (¬7) ف: رفعوا. (¬8) جمع قَرَاح بالفتح، وهي كل قطعة على حِيَالها من مَنابِت النخل وغير ذلك. وقيل: القَرَاح الأرض المخلَّصة لزرع أو لغرس. وقيل: القَرَاح المزرعة التي ليس عليها بناء=

على حدة وأراد بعضهم غير ذلك وقال: لا يُفَرَّق، فإنه يقسم بينهم كل قَرَاح على حدة بمنزلة دور متفرقة. ولو كانت دور متفرقة قُسِمَتْ كل دار على حدة. ولو كانت قرى متفرقة قُسِمَتْ كل قرية على حدة وكل قَرَاح على حدة. وهذا قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد إذا اختلفوا فقال بعضهم: يُقسَم كل قرية على حدة وكل قَرَاح على حدة، وقال بعضهم: يُجمَع نصيب كل إنسان على حدة، نَظَرَ القاضي إلى أفضل ذلك لهم وأقله عليهم ضرراً فيقسم عليهم على ذلك. وقال أبو يوسف: إذا أراد بعضهم أن يجعل نصيبه في مكان واحد وأبى الآخرون (¬1) فإني أجمع نصيب كل واحد منهم في ذلك في مكان واحد إذا كان ذلك أفضل في القسمة. وإذا أرادوا أن يفضلوا (¬2) بعضهم على بعض (¬3) بفضل نخل (¬4) أو شجر في ساحة (¬5) الأرض فهو جائز. ولو كان بعض الورثة غائباً (¬6) فقامت البينة على الأرض والميراث فإن أبا حنيفة قال: يقسمها القاضي بينهم (¬7) ويعزل (¬8) نصيب الغائب. وكذلك لو كان فيهم صبي صغير قَسَمَ على الصغير. ¬

_ = ولا فيها شجر. وقيل: القراح من الأرض البارز الظاهر الذي لا شجر فيه. انظر: المغرب، "قرح"؛ ولسان العرب، "قرح"؛ ومختار الصحاح، "قرح". ويأتي قريباً في كلام المؤلف ما يفيد أنه يكون على القَرَاح النخل والشجر والزرع. ففي استعمال المؤلف هي بمعنى قطعة أرض مطلقاً. (¬1) ز: الآخر. (¬2) ف: أن يفضل. (¬3) م ز: على بعضهم. (¬4) ف: نخر. (¬5) ع: في مساحة. وساحة الدار أي عرصتها والمكان المتسع أمام الدار، كما تقدم. (¬6) م ز: غائب. (¬7) م ف ز ع: بينهما. (¬8) م ز: ويقول؛ ف: ويقوم. والتصحيح من ع.

ولو كانت قرية وأرض بين ثلاثة نفر فغاب واحد وأراد الباقون أن يقتسماها وأصلها شرى وأقاما البينة على الشرى فإن أبا حنيفة قال: لا أقسمها، وقال: لا يشبه الشرى الميراث، لأن الميراث قضاء على الميت، وإذا حضر من ورثته اثنان فكل واحد منهما خصم لصاحبه وتُقبَل البينة وتُقسَم بينهم (¬1)، لأن هذا قضاء على الميت، وأما الشرى فإنما أقضي على الحي الغائب. ولو كانت قرية وأرض في يدي رجل فأقر أنها ميراث من أبيه وفي الورثة الغائب والصغير فإن أبا حنيفة قال: لا أقسمها حتى تقوم البينة على الميراث، ولا أسألهم البينة على القرية والأرض. وقال أبو يوسف: أقسمها بين الورثة على ما أقروا به، والذي هي في يديه وكل غائب وصغير على حجته. وإن كانت القرية في يدي صغير لم أقسمها ولم أخرجها من يديه إلا ببينة على المواريث وعلى أن القرية والأرض للميت. وإن كانت في يدي غائب لم أقسمها حتى يحضر، فإذا أقر قسمتها، وإن أنكر سألتهم البينة على المواريث. وإذا كانت القرية والأرض في يدي رجل فادعى رجل آخر (¬2) أنها لأبيه وأقام البينة على ذلك وعلى المواريث وليس له وارث حاضر غيره فأراد القسمة فإنها لا تقسم له؛ لأنه يكون خصماً في الميراث. وكذلك الدار. وإذا كانت القرية والأرض ميراثاً فاقتسم أهل الميراث فأصاب رجل قَرَاحاً ونخلاتٍ (¬3) في قَرَاح آخر وأصاب الآخر بيوتاً وأصاب الآخر كَرْماً فهو جائز. وإذا كانت القرية والأرض بين الورثة وهم كبار حضور فاقتسموها فأصاب رجل منهم قَرَاحاً وأصاب الآخر بستاناً وأصاب الآخر كَرْماً وأصاب ¬

_ (¬1) ز: سهم. (¬2) ف ز: لآخر. (¬3) م ف ز ع: أو نخلات. والتصحيح من ب.

الآخر بيوتاً وكتبوا في القسمة "كل حق هو (¬1) لها" فإن لصاحب البستان ما فيه من نخل وشجر، ولصاحب الكَرْم ما فيه من كَرْم وشجر، ولصاحب القَرَاح ما فيه من نخل وشجر (¬2)، ولكل واحد منهم طريقه وشِرْبه. فإن كان في النخل ثمر وفي الشجر والكَرْم ثمر وكان في القَرَاح زرع وقد ذكروا في كتاب القسمة "كل حق هو لها" فإن الثمرة والزرع لا تدخل في ذلك. ولو كتبوا "كل قليل أو كثير هو فيها أو منها" دخل ذلك في القسمة (¬3). ولو لم يكتبوا "كل حق هو لها" ولا "كل قليل أو كثير هو فيها" ولا "منها" ولا "مرافقها" فإن الزرع والثمر (¬4) لا يدخل في القسمة، وهو بينهم (¬5) ميراث، ولكن يدخل النخل والشجر والكرم في القسمة. وكذلك البناء. ويدخل الطريق والشِّرْب في القسمة. وإذا اقتسم قوم أرضاً بينهم على أن لا طريق لهم ولا شرب ورضوا بذلك فهو جائر. وإذا كانت أرض بين قوم ولهم نخل في غير أرضهم فاقتسموا على أن أخذ اثنان منهم الأرض وأخذ الآخر نخلاً منفرداً بأصوله فهو جائز. وإذا قسم (¬6) نفر أرضاً على أن لفلان هذه القطعة وهذه النخلة والنخلة ¬

_ (¬1) م - هو. (¬2) ف - ولصاحب الكرم ما فيه من كرم وشجر ولصاحب القراح ما فيه من نخل وشجر. (¬3) وذكر الحاكم في الكافي أن الإمام محمدا ذكر في كتاب المزارعة خلاف هذا وأنه لا يدخل الزرع والثمر في القسمة بهذا الشرهـ انظر: الكافي، 1/ 96 و؛ والمبسوط، 15/ 29. لكن المسألة مبنية على ذكر "من حقوقها" وعدم ذكره في الشرط، كما بينه المؤلف بوضوح في كتاب الشفعة وكتاب المزارعة. انظر: 6/ 215 ظ؛ 7/ 119 و. إلا أن المؤلف ذكر في كتاب الشفعة هنا عن أبي يوسف أنه قال: إنه وإن ذكر "من حقوقها" فالزرع يدخل في ذلك. لكن لم يذكر المؤلف في ذلك خلافاً في كتاب المزارعة. وانظر للشرح: المبسوط، 14/ 136، 23/ 154. (¬4) ف - والثمر. (¬5) م ف ز: بينهما؛ ع: بينها. والتصحيح من ب. (¬6) ز: اقتسم.

في غير القطعة، وعلى أن للآخر قطعة أخرى ولم يقولوا بكل حق هو لها، وعلى أن للثالث القطعة (¬1) التي فيها النخلة، فأراد أن يقطع النخلة في قطعته (¬2)، فليس له ذلك، والنخلة لصاحبها بأصلها، بمنزلة حائط أصابه في حَيِّز صاحبه. وكذلك لو أصابه مكان النخلة شجرة. فإن قطع النخلة والشجرة فله أن يغرس مكانها ما بدا له؛ لأن موضعها له. وإن أراد أن يمر إليها فمنعه صاحب الأرض فإن القسمة فاسدة؛ لأنه لا طريق لهذا إلي نخلته، وقد وقعت القسمة على مضرة. فإن كانوا ذكروا في كتاب القسمة "بكل حق هو لها" فله الطريق إلي نخلته وشجرته (¬3)، والقسمة جائزة. وإن كانت قرية وأرض ورحى ماء بين نفر ميراثاً وهم كبار (¬4) حضور فاقتسموا فأصاب رجل الرحى ونهرها (¬5) وبيت الرحى، وأصاب آخر أقرحة مسماة، وأصاب الآخر البيوت وأقرحة، فاقتسموها بكل حق هو لها، فأراد صاحب النهر أن يمر إلي نهره في أرض قَسِيمِه (¬6)، فمنعه ذلك، فليس له أن يمنعه، وله الطريق إلي نهره إذا كان نهره يمر في وسط أرض هذا إذا لم يكن له مَخْلَص إليه إلا في أرض هذا. وكذلك إن كتبوا في القسمة "ومرافقها وكل قليل وكثير هو فيها أو منها". فإن كان (¬7) النهر مع حد الأرض له طريق إليه (¬8) في غير الأرض فإنه يمر إليه في غير أرض هذا، فليس له في أرض هذا طريق. فإن كان في وسط أرض هذا ولم يشترط المرافق ولا الطريق ولا كل حق هو لها ولا كل قليل أو كثير هو ¬

_ (¬1) م ف ز ع: قطعة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 29. (¬2) ف: من قطعته؛ ز: في قطعه. (¬3) م ز: وشجره. (¬4) ز: كبارا. (¬5) ف ز: وممرها. (¬6) ز: قسمه. قال المطرزي: قاسمته المال وهو قسيمي أي مقاسمي، ومنه قول محمد -رحمه الله-: "فإذا أراد صاحب النهر أن يمر إلي نهره في أرض قسيمه" يعني به شريكه الذي وقعت المقاسمة معه. و"قسيمة" و"قسمة" كلاهما غلط. انظر: المغرب، "قسم". (¬7) ز - كان. (¬8) م ز - إليه.

فيها أو منها (¬1) فإنه لا طريق له في أرض هذا، والقسمة فاسدة إلا أن يقدر أن يمر في بطن النهر. فإن قدر على هذا فالقسمة جائزة، وطريقه في بطن النهر. وإن لم يقدر على هذا فالقسمة فاسدة. وإن كان للنهر مُسَنّاة (¬2) من جانبيه يكون طريقه عليها فهو جائز، وطريقه عليها، ولا يكون طريقه في أرض صاحبه. وإن لم يذكروا المُسَنَّاة في القسمة فاختلف صاحب الأرض وصاحب النهر فيها فإنها لصاحب النهر؛ لأنها من حقوقه ومُلْقَى طينه وطريقه في قول أبي يوسف ومحمد (¬3). وإذا كان نهر بين أرض قَسِيمِه (¬4) وبين أرض أخرى ليس له طريق ولا مُسَنَّاة إلا في إحدى هاتين الأرضين وكان طريقه قبل القسمة في أرض قَسِيمِه (¬5) فإن كانت القسمة وقعت بكل حق هو له فله الطريق في أرض قَسِيمِه (¬6). وكذلك إن كان فيه ذكر المرافق او ذكر (¬7) الطريق أو ذكر كل قليل أو كثير هو فيها أو منها. فإن (¬8) لم يكن فيها شيء من ذلك فإن القسمة فاسدة؛ لأنه لا طريق للنهر، فهذا ضرر. فإن اشترطوا على صاحبه أن لا طريق له في هذه الأرض فهو جائز، ولا طريق له إذا علم يوم اشترطوا عليه أنه لا طريق له. وكذلك النخلة والشجرة (¬9). وكذلك النهر يصبّ في أَجَمَة (¬10) كان لصاحبه ذلك المصبّ على حاله. ¬

_ (¬1) ز: ولا كل قليل أو كثير هو فيها أو منها ولا كل حق هو لها. (¬2) المُسَنّاة ما يبنى للسيل ليرد الماء. انظر: المغرب، "سنو". (¬3) وقال الإمام أبو حنيفة: هي لصاحب الأرض، وقد ذكر الإمام محمد هذا في كتاب الشرب مفصلاً. انظر: 5/ 225 ظ، 227 و. وانظر: المبسوط، 15/ 31. (¬4) ز: قسمة. (¬5) ز: قسمه. (¬6) ز: قسمه. (¬7) م ف ز: وذكر. والتصحيح من ب. (¬8) م ز: قال. (¬9) ف ز: والشجر. (¬10) الأجمة هي الشجر الملتف. انظر: المغرب، "أجم".

وقال (¬1) أبو حنيفة: إذا كان نهر لرجل يمر في أرض أخرى فاختصما في مُسَنَّاة على النهر فقال رب الأرض: هي لي (¬2)، وقال رب النهر: هي لي، فهي لرب الأرض، وليس له أن يهدمها حتى يضر بالنهر (¬3)، ولكنه يَغرس عليها ما بدا له، بمنزلة حائط سفله لرجل وعلوه لآخر، فلصاحب العلو أن يحدث على علوه ما بدا له ما لم يضر بالسفل. وقال أبو حنيفة: لا حَرِيم للنهر (¬4). وقال أبو يوسف ومحمد: المُسَنَّاة في هذا لصاحب النهر، لأنها من حقوق النهر، وللنهر حَرِيم لِمُلْقَى طينه، أجعل له من ذلك على قدر ما يصلحه. وإذا كانت القرية والأرض بين قوم فاقتسموا الأرض مساحة (¬5) على أن من أصابه نخل أو شجر أو بيوت في أرضه فهي عليه بقيمتها (¬6) دراهم فهو جائز، بمنزلة رجلين اقتسما داراً على أن لكل واحد منهما ما أصابه من البناء بالقيمة، فهو جائز وإن لم يسميا ذلك. ألا ترى (¬7) أنه لو كانت دار بين رجلين فيها ساحة وفيها بناء لهما (¬8) فاقتسماها على أن أخذ أحدهما الساحة وأخذ الآخر موضع البناء على أن البناء بينهما على حاله، ثم أراد الذي أصابته الساحة أن يأخذ نصيبه من البناء لم يكن له ذلك؛ لأن فيه ضرراً (¬9) على صاحبه. ولكن له قيمة حقه من ذلك، أجبره عليه. فإذا كنت أجبره ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) م ف ز: له. (¬3) وفي ب: فيضر برب النهر. وفي المبسوط، 15/ 32: فإن ذلك يضر بالنهر. والمعنى واحد. (¬4) انظر: كتاب الشرب، 5/ 226 ظ - 227 و. (¬5) ف: ساحة. (¬6) م ف ز ع: بقيمته. والتصحيح من المبسوط، 15/ 32. (¬7) ز - ترى. (¬8) ز: لما. (¬9) م ز: ضرر.

على أخذ القيمة بغير شرط [فهو إذا كان بشرطٍ] (¬1) أَجْوَز وإن لم يسموا ذلك. ولو اشترطوا ذلك بدينار كان جائزاً. ولو اشترطوا ذلك حنطةً أو شعيراً أو شيئاً من الوزن أو الكيل أو الحيوان أو الثياب أو الذهب التِّبْر (¬2) أو الفضة التّبْر فإنه باطل لا يجوز في شيء من ذلك ولا في الذهب والفضة التِّبْر والمَصُوغَة إلا في الدنانير والدراهم. فإن اشترطوا (¬3) من الحنطة ضرباً معلوماً فقالوا (¬4): جيد ووسط ورديء أو دون فهو جائز إذا سموا الكيل وإن لم يضربوا (¬5) له أجلاً. وكذلك الشعير وكل ما يكال أو يوزن. ولا يجوز هذا في الثياب ولا في الحيوان. ألا ترى أنك لو اشتريت ثوباً هرويًا بكيل من الحنطة الجيدة كان (¬6) ذلك جائزاً. وكذلك الكيل كله والوزن كله. ولو اشتريت ثوباً هرويًا بعينه بثوب زُطِّي (¬7) بغير عينه لم يجز. وكذلك الثياب كلها والحيوان. ولو ضرب لذلك أجلاً ولم يسم له طولاً ولا عرضاً لم يجز. ولو ضرب للطعام أجلاً كان جائزاً. وكذلك الشعير. وكذلك الكيل كله والوزن كله. وإذا كانت القرية والأرض بين ورثة وعلى الميت دين وصاحب الدين غائب فأقاموا البينة على القرية والأرض وأصل الميراث وسألوا القاضي أن يقسم ذلك فإنه لا ينبغي للقاضي أن يقسم ذلك للدين الذي على الميت. وكذلك الدار والرقيق والميراث في الأصناف كلها فإنه لا ينبغي للقاضي أن يقسم ذلك بين الورثة وعلى الميت دين. وإن سألوا القاضي (¬8) أن يَقِفَ من ذلك الدينَ بقدر ما يكون فيه وفاءٌ ويَقسم بينهم ما بقي فإنه يفعل ذلك. ألا ترى أنه لو كان على الميت عشرة دراهم ديناً وترك ألفاً عيناً فإنه لا (¬9) ينبغي للقاضي أن يحبس هذا المال كله على هذا الدين، ولكنه يحبس منه بقدر ¬

_ (¬1) الزيادة من المبسوط، 15/ 32. (¬2) ف - التبر. (¬3) م ف ز: فإن اشترط. (¬4) م ف ز: فقال. (¬5) م ف ز: لم يضرب. (¬6) ف ز: الجيد مكان. (¬7) م ز: نطي. والزُّطي نوع من الثياب تنسب إلى الزُّطّ، وهم قوم من الهند. انظر: المغرب، "زطط". (¬8) ف + على. (¬9) ف - لا.

ذلك ويقسم ما بقي بينهم، ولا ينبغي للقاضي أن يأخذ كفيلاً بشيء من ذلك. أرأيت إن لم يجد الوارث من يكفل عنه أو لم يجد الغريم من يكفل عنه أيسع للقاضي إمساك حقه وهو يعرف أنه حقه، وإنما (¬1) يُطلَب الكفيل منه بشيء لم يَلحقه بعد، إنما ذلك فيما (¬2) يُخَاف وعسى أن يلحقه شيء (¬3). وإذا لم يعلم القاضي أن عليه ديناً وسألوا القسمة وأقاموا البينة على الأرض والقرية فإنه (¬4) ينبغي له أن يسألهم أعليه دين أو لا. فإن قالوا: لا، كان القول قولهم وقسم ذلك بينهم. فإن لحق دين بعد ذلك نقض القسمة كلها. وكذلك لو لم يسألهم عن ذلك حين قسم. وكذلك لو لحق وارث آخر لم يعرفه الشهود ولم يشهدوا عليه فإن القسمة كلها تنتقض وتُستقبَل (¬5) بينهم القسمة (¬6). وإن أقر أحد منهم بدين لرجل وجحد ذلك بقيتهم ولم يكن للغريم بينة على الدين (¬7) فإنه يقسمها بينهم على المواريث، ثم يأخذ حصة المقر من ذلك فيبيعها في الدين. ولو كان قسم القاضي بينهم بالبينة على القرية والأرض وعلى أصول المواريث ثم أقام رجل البينة أن الميت أوصى [له] (¬8) بألف درهم، وهي تخرج من ثلثه، فإن القسمة تنتقض وتبطل. فإن غرم الورثة هذه الألف درهم ¬

_ (¬1) م ز: إنما. (¬2) م ف ز ع: انما. (¬3) وفي ب: وإنما يؤخذ الكفيل منه بشيء لم يلحقه بعد ويخاف وعسى أن يلحقه شيء. وعبارة السرخسي هكذا: وإنما يطلب الكفيل بشيء لم يلحقه بعد ولكنه يخاف ذلك وعسى لا يلحقه شيء. وقال المؤلف في كتاب الدعوى: وقال أبو حنيفة: لا آخذ من الوارث كفيلا بشيء مما يدفع إليه من ميراثه، وقال: أرأيت إن لم يجد كفيلا أكنت أمنعه حقه بشيء أخاف ولم يَسْتَبِنْ بعدُ ولم يجب عليه بعدُ. انظر: 5/ 166 و. وهذا قول أبي حنيفة، أما قول الصاحبين فمخالف لقول الإمام. انظر: المبسوط، 15/ 34، 17/ 46. (¬4) م: فان. (¬5) ز: وتستقل. (¬6) ف: بالقسمة. (¬7) م ف ز ع: على دين. (¬8) الزيادة من ب؛ والمبسوط، 15/ 34.

من أموالهم فدفعوا إليه جازت قسمتهم ولم تنتقض. وكذلك (¬1) لو (¬2) كان هذا ديناً فقضوه إياه. وكذلك لو قضاه واحد منهم على أن لا يرجع عليهم بشيء، فهذا سواء في الدين والوصية. وإن أراد (¬3) أن يرجع عليهم لم تجز القسمة وكان بمنزلة الأول إلا أن يقضوه بالحصص. ولو كان صاحب الوصية أوصى له بالثلث وأقام البينة على ذلك أَبطلتُ (¬4) القسمة. وإذا كانت القرية والأرض بين رجلين شرى فمات أحدهما وترك نصيبه منها ميراثاً فأقام ورثته البينة على الميراث وعلى الأصل وشريك أبيهم (¬5) غائب وأصل الشركة بين أبيهم وبين صاحبهم سواء فإن القاضي لا يقسم ذلك حتى يحضر الغائب. ولو حضر الغائب وغاب بعض الورثة قسمتها بينهم. وإذا كانت القرية والأرض بين رجلين ورثاها من أبيهما فمات أحدهما وتركها ميراثاً بين ورثته وغاب عم الورثة وأقاموا (¬6) البينة على أصول مواريث (¬7) الجد وعلى الأرض والقرية فإنه يقسمها بينهم ويعزل نصيب عمهم. وكذلك لو كان عمهم حاضراً وغاب بعض بني أخيه فإنه يقسمها بينهم؛ مِن قِبَل أن الأصل ميراث، ولا يشبه هذا الشرى. وهكذا هذا في الدور والمنازل. وإذا كانت القرية والأرض بين قوم ميراثاً فاقتسموها بغير قضاء قاض فأصاب كل إنسان منهم قَرَاحًا على حدة فله طريقه وشربه ومسيل مائه ونخله وشجره وكل حق هو له. ولو كان [فيهم] (¬8) صغير ليس له وصي أو غائب ليس له وكيل فإن القسمة تبطل ولا تجوز. وإذا كانت القرية والأرض بين ورثة فاقتسموها بقضاء صاحب الشُّرَط ¬

_ (¬1) م ز: ذلك. (¬2) ز: ولو. (¬3) ف ز: أرادوا. (¬4) م ف ز ع: بعد.- والتصحيح من المبسوط، 15/ 35. (¬5) ف: بينهم. (¬6) ف ز: فأقاموا. (¬7) م: المواريث. (¬8) مستفاد من المبسوط، 15/ 35.

باب قسمة الحيوان والعروض

أو عامل الرُّسْتَاق (¬1) أو الطَسُّوج (¬2) على الخراج أو عامل المَعُونَة (¬3) وفيهم الصغير والغائب بعد أن قامت عنده البينة على الميراث والأصل فإن ذلك لا يجوز؛ لأن هذا ليس بقاض. وكذلك الدار في المصر. وكذلك لو اصطلحوا أو تحاكموا إلى عَدْل ورضوا به من الفقهاء فسمع بينتهم (¬4) على الأصل والميراث ثم قسم ذلك بينهم بالعدل وفيهم الصغير الذي لا وصي له والغائب الذي لا وكيل له فإن ذلك لا يجوز. فإن قدم الغائب فأجاز وكبر الصبي فأجاز فهو جائز. فإن مات الغائب فأجاز (¬5) وارثه فإنه لا يجوز في القياس، ولكني أستحسن وأجيز (¬6)، وكذلك الصغير إن مات (¬7)، في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز ذلك. ... باب قسمة الحيوان والعروض وإذا كانت الغنم بين قوم ميراثاً أو شرى فأراد بعضهم قسمتها وكره ذلك بعض وقامت البينة على الورثة والأصل والميراث فإن أبا حنيفة قال: ¬

_ (¬1) قال الفيومي: الرُّسْتَاق معرَّب، ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم، والرّزْدَاق بالزاي والدال مثله، والجمع رَسَاتِيق ورَزَادِيق، قال ابن فارس: الرَّزْدَق السطر من النخل والصف من الناس، ومنه الرُّزْدَاق، وهذا يقتضي أنه عربي، وقال بعضهم: الرُّسْتَاق مولَّد وصوابه رُزْدَاق. انظر: المصباح المنير، "رستق". وقال المطرزي: الرَّزْدَق الصف، وفي الواقعات: رَسْتَق الصفّارين والبيّاعين، وكلاهما تعريب رَسْتَه. انظر: المغرب، "رزدق". (¬2) م ف ز ع: أوطسوج. والتصحيح من المبسوط، 15/ 35. وقال المطرزي: الطَّسُّوج الناحية كالقرية ونحوها، معرَّب، يقال: أردبيل من طساسيج حُلْوان. انظر: المغرب، "طسج". (¬3) ز: المعمونة. (¬4) ز: بينهم. (¬5) ف: فاختار. (¬6) القائل لهذا هو أبو حنيفة وأبو يوسف. أما محمد فلا يجيز ذلك. انظر: المبسوط، 15/ 36؛ والبحر الرائق لابن نجيم، 8/ 170. (¬7) م ز: وإن مات.

أقسمها بينهم. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك البقر والإبل. وكذلك الثياب، الزُّطِّي (¬1) واليهودي وكل صنف من الثياب. وكذلك المال العين. وكذلك الذهب والفضة. وكذلك الحنطة والشعير. وكذلك السمن والزيت وكل ما يكال أو يوزن. وقال (¬2) أبو حنيفة: إذا كان رقيق خاصة وليس بينهم شيء غير ذلك فإني لا أقسم الرقيق. وقال أبو يوسف ومحمد: يقسم بينهم. ولو أراد بعضهم أن يبيع نصيبه خاصة في شيء مما سمينا في هذا الكتاب فله ذلك. وإذا كان الميراث رقيقاً وغنماً أو ثياباً أو أمتعةً فقامت البينة على ذلك وعلى الميراث فإنه يقسم بينهم ذلك، إذا دخل مع الرقيق غيره قسمت ذلك كله. وهذا قول أبي حنيفة. وإذا كان ثوب زُطّي وثوب هروي ووسادة وبساط فإن هذا لا يقسم إلا برضاهم جميعاً (¬3). وإذا كان الميراث بين قوم من رقيق وثياب وغنم وعقار (¬4) ودُور بالمصر وضِيَاع (¬5) بالسواد فاقتسموا ذلك وكلهم حاضرون كبار فأخذ بعضهم الرقيق وأخذ بعضهم الغنم وأخذ بعضهم الدور وأخذ بعضهم الضِّيَاع فهو جائز. ولو رفعوا ذلك إلى القاضي قسم بينهم الدور على حدة والأرض على حدة والغنم على حدة وكل دار على حدة والثياب على حدة، ولا يضم (¬6) ¬

_ (¬1) ز: النطي. الزُّطِّي نوع من الثياب تنسب إلى الزُّطّ، وهم قوم من الهند. انظر: المغرب، "زطط". (¬2) ز + الإمام الأعظم. (¬3) م ف ز - وإذا كان ثوب زطي وثوب هروي ووسادة وبساط فإن هذا لا يقسم إلا برضاهم جميعاً. والزيادة من ع. وتوجد بتغيير يسير في ب؛ والمبسوط، 15/ 37. (¬4) م ف ز: وبحار (مهملة). والتصحيح من ع ب. (¬5) جمع ضَيْعَة بمعنى العقار، والضَّيْعَة عند أهل الحَضَر النخل والكَرْم والأرض. انظر: مختار الصحاح، "ضيع"؛ والمصباح المنير، "ضيع". (¬6) م ز: ولا يضمن.

بعضها إلى بعض إلا أن يتراضوا على ذلك. وإن كان ذلك (¬1) ميراث امرأة بين زوجها وأخيها فتركت بينهما متاعاً وثياباً فاقتسما ذلك فيما بينهما فهو جائز. وإن رفعا ذلك إلى القاضي فإن القاضي لا يقسمه لأنه مختلف، إلا برضاهما جميعاً. ولو اشتراه رجلان منهما ثم أرادا (¬2) قسمته فاقتسماه فهو جائز. وإذا أراد أحدهما ذلك وأبى الآخر وترافعا إلى القاضي لم يقسمه ولم يجبر واحداً (¬3) منهما على بيعه. وإن كان بين الورثة على حاله وعلى الميت [دين] (¬4) وقد أوصى بوصية في ثلثه فإن ذلك يباع، فيُقضى الدين وتُنفَّذ الوصية ويُقسَم ما بقي. وإذا (¬5) كانت الغنم بين رجلين فأرادا قسمتها فقسماها نصفين ولم يَأْلُوا (¬6) عن العدل ثم أقرعا فأصاب أحدهما طائفة والآخر طائفة أخرى فندم أحدهما فأراد الرجوع عن ذلك فليس له أن يرجع، والقسمة جائزة. وكذلك لو رضيا برجل فقسم ذلك بينهما نصفين ولم يَألُ أن يَعْدِل (¬7) في ذلك ثم أقرع بينهما فهو جائز عليهما. وكذلك (¬8) الحيوان كله. وإذا كانت غنم بين قوم فتَسَاهَمُوا (¬9) عليها قبل أن يقسمها (¬10) فأيهم خرج سهمه أولاً عَدُّوا له الأول فالأول فإن هذا لا يجوز، والقسمة على ¬

_ (¬1) ف: الميراث. (¬2) م ز: منهم ثم أراد. (¬3) ز: واحد. (¬4) الزيادة من ب. (¬5) ز: وإن. (¬6) قال المطرزي: قوله: لم يَأْلُ أن يعدل في ذلك، أي لم يقصِّر في العدل والتسوية، مِن أَلاَ في الأمر يَأْلُو أُلوًا وأُليَّا إذا قصّر فيه، إلا أنه حذف "في" مع أن ... وأما لفظ الرواية: فقسماها نصفين ولم يألوا من العدل، فعلى التضمين، وقولهم: لا آلوك نصحًا، معناه لا أمنعكه ولا أنقصكه، وهو تضمين أيضاً. انظر: المغرب، "ألو". (¬7) م ف ز: ولم يألوا الف يعدل؛ ع: ولم تألوا الف يعدل. والتصحيح مستفاد من ب جار؛ والمبسوط، 15/ 38. (¬8) ز: ولذلك. (¬9) تَسَاهَمَ القومُ أي تَقَارَعُوا. انظر: لسان العرب، "سهم". (¬10) أي: قبل أن يقسمها القسّام. وفي المبسوط، 15/ 38: قبل أن يقسموها.

هذا فاسدة (¬1). وكذلك هذا في الثياب والحيوان كله؛ لأن هذا مجهول لا يعرف. وإذا كانت الغنم والبقر والإبل (¬2) ميراثاً بين قوم فاقتسموها على أن أخذ واحد الإبل وأخذ الآخر البقر وأخذ الغنم آخر فاقتسموها (¬3) على ذلك فهو جائز. وإن رد صاحب الإبل على صاحبيه كذا كذا درهماً، لصاحب الغنم منها الثلثان، ولصاحب البقر الثلث، فهو جائز. وكذلك لو كان صاحب الغنم هو الذي يرد على صاحبيه فهو جائز. ولو لم يقتسموا على هذا الوجه ولكنهم جعلوا الإبل قسماً والبقر قسماً والغنم قسماً ثم تَسَاهَمُوا عليها واقترعوا (¬4) على أن من أصابه الإبل رد كذا كذا درهماً على صاحبيه نصفين فهو جائز. وإن ندم أحدهم بعدما وقعت السهام لم يجز نقض ذلك ولا رده، وجازت القسمة عليهم جميعاً. وإن ندم واحد منهم قبل أن تقع السهام فرجع عن ذلك فإن له ذلك. وإن وقع واحد من السهام وبقي اثنان فندم أحدهما ورجع عن ذلك فإن له ذلك. ولو وقع سهمان وبقي واحد لم يكن له أن يرجع، لأن السهام قد وقعت كلها (¬5). ولا تجوز القسمة في الأول (¬6) بعد رجوعه. وإذا كانت أَعْدَالُ (¬7) ثيابٍ بين قوم فاقتسموها فجعلوا (¬8) الزُّطّي (¬9) منها ¬

_ (¬1) ز: فاسد. (¬2) م: والإبل والبقر. (¬3) ف: فاقتسموا. (¬4) ز: وأقرعوا. (¬5) أي: لأن القسمة قد تمت، فبخروج سائر السهام يتعين ما يصيب السهم الباقي خرج أو لم يخرج. انظر: المبسوط، 15/ 38. (¬6) أي: في المسألة التي قبلها فيما إذا وقع واحد من السهام وبقي اثنان فندم أحدهما. (¬7) أعدال جمع عِدْل بمعنى أحد الوعاءين الذين يعلقان بجانبي الدابة، من عِدْل الشيء أي مِثله. انظر: المغرب، "عدل"؛ ومختار الصحاح، "عدل". (¬8) ف: فوضعوا. (¬9) ز: النطي. الزُّطَّي نوع من الثياب تنسب إلى الزُّطّ، وهم قوم من الهند. انظر: المغرب، "زطط".

قسماً والسّابِري (¬1) قسماً واليهودي قسماً ثم أقرعوا بينهم فهو جائز، وأيهم أصابه شيء من ذلك لزمه ذلك. فإن ندم رجل منهم بعدما تقع السهام لم يكن له أن يرجع. وإن وقع سهم من السهام وبقي سهمان أو ثلاثة أو وقع سهمان وبقي سهمان فرجع أحدهم عن ذلك فإن ذلك له، ولا تجوز القسمة بعد رجوعه. ولو وقعت السهام كلها ثم رجع أحدهم لم يكن له ذلك. وإذا كان الثوب بين رجلين فأراد أحدهما قسمته (¬2) وأبى الآخر فإنه لا يقسم، لأن في قسمته ضرراً (¬3). فإن رضيا بذلك جميعاً قسمتُه بينهما. ولو اقتسماه فشَقَّاه طولاً أو عرضاً (¬4) بتراض (¬5) منهما فهو جائز. ولو اصطلحا على أَنْ أَخَذَ أحدُهما مُقَدَّمَ الثوب فأخذ (¬6) منه الثلث من مُقَدَّمِه وأعطى صاحبه البقية وشَقَّاه على ذلك فهو جائز. وإن ندم أحدهما بعد ذلك فرجع عن ذلك لم يكن له ذلك، والقسمة جائزة. وإذا كانت الثياب بين قوم (¬7) إن (¬8) اقتسموها لم يُصِبْ كلُّ واحد منهم (¬9) ثوباً تاماً [فإن القاضي لا يقسمها بينهم] (¬10). وإذا اصطلحوا واجتمعوا على القسمة وتراضوا بذلك على أن من أصابه هذا الثوب رد على صاحبه درهماً، ومن أصابه هذا رد على صاحبه درهمين، وكان (¬11) الثوب ¬

_ (¬1) ز + منها. السابري ضرب من الثياب يعمل بسابور موضع بفارس، وعن ابن دريد: ثوب سابري أي رقيق. انظر: المغرب، "سبر". (¬2) ف: قيمته. (¬3) ز: ضرر. (¬4) م ف ز: وعرضا. والتصحيح من ع ب؛ والمبسوط، 15/ 39. (¬5) ز: بتراضي. (¬6) م ف ز ع: وأخذ. وعبارة ب جار: وكذا لو قطعا لأحدهما الثلث من جهة المقدم ... (¬7) وهم أربعة أشخاص كما يظهر من المسألة. وفي حاشية ب: أي أربعة. (¬8) ز -إن. (¬9) م ف ز: منهما؛ ع: منها. والتصحيح من المبسوط، 15/ 39. (¬10) الزيادة من المبسوط، 15/ 39. (¬11) ز: وكانت.

باب الخيار في القسمة بغير شرط

بين الباقيين (¬1) نصفين، فهو جائز؛ لأنهم تراضوا بذلك. وإذا كانت الثياب ثلاثة أثواب بين رجلين فأراد أحدهما قسمتها وأبى الآخر فإني أنظر، فإن كانت قسمتها تستقيم قسمتها، وإن كانت (¬2) لا تستقيم لم أقسمها بينهم. فإن اقتسما هذه الثلاثة الأثواب (¬3) على أن من أصابه هذا (¬4) الثوب كان للآخر الباقيان ويرد صاحب الثوبين عشرة دراهم على صاحب الثوب فهو جائز (¬5). وإذا كانت الثياب بين قوم فاصطلحوا على أن أقسمها بينهم وأُجزّئها أجزاءً وأَعْدِل فيما بينهم (¬6) ثم أُقْرِع بينهم فهو جائز. فإن أراد أحدهم أن يرجع عن ذلك فليس له أن يرجع (¬7). ... باب الخيار في القسمة بغير شرط وإذا اقتسم قوم دُوراً أو قَرَاحاً (¬8) أو أَرَضِين أو حيواناً أو متاعاً أو ثياباً مختلفة أو شيئاً من الأشياء مما لا يكال ولا يوزن ومما لا ¬

_ (¬1) م ف ز ع: الباقين. والتصحيح من ب. (¬2) م ز: وإن كان. (¬3) ز: أثواب. (¬4) ز: هذه. (¬5) قال السرخسي: هكذا قال في الكتاب، والأصح أن يقال: إن استوت القيمة وكان نصيب كل واحد منهما ثوب ونصف فإنه يقسم الثوبين بينهما ويدع الثالث مشتركًا، وكذلك إن استقام أن يجعل أحد القسمين ثوباً وثلثي الآخر والقسم الآخر ثوباً وثلث الآخر، أو أحد القسمين ثوباً وربعًا والآخر ثوباً وثلاثة أرباع، فإنه يقسم بينهم ويترك الثوب الثالث مشتركًا، لأنه تيسر عليه التمييز في بعض المشترك، ولو تيسر ذلك في الكل كان يقسم الكل عند طلب بعض الشركاء، فكذلك إذا تيسر ذلك في البعض، والله أعلم بالصواب. انظر: المبسوط، 15/ 39. (¬6) م ف ز ع: أن اقسما بينهم ويجزاها اجزا وعدل فيما بينهما. والتصحيح من ب جار. (¬7) ز: فليس له ذلك. (¬8) ما تقدم أنه بمعنى قطعة أرض.

يُجْبَر (¬1) على قسمته لاختلافه ولم يَرَ بعضهم قسمه الذي وقع له ورآه بعد ذلك فهو بالخيار، إن شاء رد القسمة، وإن شاء أمضاها. والميراث في ذلك والشرى إذا لم يره سواء (¬2). وكذلك البستان والكرم. وكذلك الحنطة والشعير والسمن والزيت. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وكذلك الذهب التِّبْر والفضة التِّبْر. وكذلك آنية الفضة والحلي والذهب والفضة والجوهر واللؤلؤ. وكذلك العروض كلها. وكذلك السلاح والسُّرُوج. وإذا كانت ألفا درهم بين رجلين، كل ألف في كيس، فاقتسما على أن لأحدهما كيسًا وللآخر كيسًا (¬3)، وقد رأى أحدهما المال كله ولم يَرَ الآخرُ، فإن القسمة جائزة على الذي رآه وعلى الذي لم يره، إلا أن يكون قسم الذي لم ير المال شَرَّهما (¬4) فيكون له الخيار، إن شاء رد القسمة، وإن شاء أمضاها. وكذلك الدنانير والدراهم. وكذلك الفلوس. ولا تشبه (¬5) الدنانير والدراهم والفلوس شيئاً مما ذكرنا. وإذا اقتسم رجلان داراً قد رأى كل واحد منهما ظاهر الدار وظاهر المنزل الذي أصابه ولم ير جوفه فلا خيار لواحد منهما، ورؤية ما ظهر مثل ما بطن. وكذلك الأرض والقرية. وإذا اقتسم رجلان بستاناً وكَرْماً فأصاب أحدهما البستان وأصاب الآخر الكَرْم ولم يَرَ واحد منهما الذي أصابه ولا رأى جوفه ولا رأي نخله ولا شجره ولكن رأى حائطاً من ظاهره (¬6) فالقسمة جائزة، ورؤية الظاهر مثل ¬

_ (¬1) م ف ز ع: لا يجبران. والتصحيح من ب جار. (¬2) م ز: سوى. (¬3) ف - وللآخر كيسا، صح هـ. (¬4) م ف ز ع: اسرها. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 40. ويمكن قراءة النسخ على أنها "أشرها". لكن أشر قياس متروك، كما ذكره في المغرب، "شرر". (¬5) ز: يشبه. (¬6) م ف ز ع: من ظاهر. والتصحيح من المبسوط، 15/ 40.

باب الخيار في القسمة

رؤية الباطن، ولا خيار لواحد منهما في رد القسمة. وإن كان رأى كل واحد منهما أطراف الشجر من فوق الحائط فالقسمة جائزة ولا خيار. وإذا اقتسم رجلان عِدْلَ زُطّي (¬1) أو جِرَابَ هَرَوي (¬2) فاقتسماه ورأياه مَطْوِيًّا فلا (¬3) خيار لواحد منهما في ذلك. وكذلك كل متاع يقتسمانه (¬4) مَطْوِيًّا؛ لأنهما قد رأياه جميعاً فلا خيار لواحد منهما. ... باب الخيار (¬5) في القسمة وإذا اقتسم الرجلان فأصاب كل واحد منهما طائفة واشترط أحدهما الخيار في ذلك ثلاثة أيام فالقسمة جائزة، والخيار جائز. ولصاحب الخيار أن يفسخ القسمة في ثلاثة أيام، وليس للآخر أن يفسخها. وإن مضت الثلاثة قبل أن يفسخها جازت (¬6) القسمة. وكذلك لو مات الذي له الخيار قبل الثلاث كانت القسمة جائزة (¬7). وكذلك إن بنى فيها أو هدم فيها سقفًا. وكذلك لو جَصَّصَها أو طَيَّنَ منها حائطاً (¬8) أو هدم حائطاً أو ¬

_ (¬1) ز: نطي. العِدْل وعاء يوضع على الدابة على جانبيها، فهما عِدْلان. والزُّطّي نوع من الثياب. وقد تقدما. (¬2) الجِرَاب وعاء من إهاب الشاة لا يُوعَى فيه إلا يابس. انظر: لسان العرب، "جرب". والهروي نوع من الثياب منسوب إلى هراة، مدينة معروفة. انظر: المغرب، "هرو". (¬3) ز: ولا. (¬4) م ز: يقسمانه. (¬5) ز: الجناية. (¬6) أي: لزمت. (¬7) م ف ع + وإن لم يمت؛ ز + ولو لم يمت. والتصحيح من ب. وجائزة هنا بمعنى لازمة. (¬8) م ف ع + فيها. والتصحيح من ب جار.

سكنها فهذا رضاً وإمضاء للقسمة (¬1). ولو مضت الثلاثة الأيام فقال الذي له الخيار: قد كنت رددت القسمة قبل أن تمضي الثلاث، فإنه لا يصدق على ذلك، والقسمة جائزة. فإن أقام البينة أنه رد القسمة على ذلك أبطلت القسمة. وإن ادعى ذلك هو وادعى ذلك صاحبه فإنه لا يصدَّق، وعليه البينة. فإن أقام البينة أنه رد القسمة وأقام الآخر البينة أنه أجازها فإنه يؤخذ بشهود الرد، وتبطل القسمة. وأيهما (¬2) ادعى الرد وأقام البينة فهو مثل صاحبه. وإذا كانت القرية والأرض بين قوم ميراثاً فاقتسموا واشترط أحدهم الخيار ثلاثة أيام فهو جائز. فإن (¬3) زَرَعَ الأرضَ أو سقى الزرعَ أو جَزَّزَ (¬4) النخلَ أو حصد الزرع أو قَطَفَ كَرْمَها أو غرس فيها شيئاً أو أحدث فيها ¬

_ (¬1) م ز: القسمة. قال الحاكم الشهيد: وسكنى الدار التي وقعت في سهم صاحب الخيار رضى منه بها وإبطال للخيار. انظر: الكافي، 1/ 197 و. وقال السرخسي شارحاً: وقد بينا اختلاف الروايات في هذه المسألة في البيوع، وأن مراده حيث يقول: ذلك رضى منه، إذا تحول إليها وسكنها بعد القسمة، وحيث يقول: لا يكون رضى، إذا كان ساكناً فيها فاستدام السكنى. انظر: المبسوط، 15/ 40. وانظر لشرح المسألة في كتاب البيوع: المبسوط، 13/ 61. ولكنه لم يفصل اختلاف الروايات كما ذكر، ولعله سقط من النسخة المطبوعة. وقال الكاساني: ولو كان المبيع داراً فسكنها المشتري أو أسكنها غيره بأجر أو بغير أجر أو رَمّ شيئاً منها أو جصّصها أوطيّنها أو أحدث فيها شيئاً أو هدم فيها شيئاً فذلك كله إجازة، لأنه دليل اختيار الملك أو تقريره، فكان إجازة دلالة. وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي في سكنى المشتري روايتين ووفّق بينهما فحمل إحداهما على ابتداء السكنى والأخرى على الدوام عليه. انظر: بدائع الصنائع، 5/ 271. (¬2) ف + لو. (¬3) م ف ز ع: وإن. وفي ب جار: فلو. والفاء هو المناسب للمقام. (¬4) قال المطرزي: الجَزّ: قطع الشيء الكثيف الضعيف، ويقال: جَزّ الصوف وجَزّ النخل إذا صرمه، والجِزَاز كالجِدَاد بالفتح والكسر إلا أن الجِدَاد خاص في النخل، والجِزَاز فيه وفي الزرع والصوف والشعر، وقد فرّق محمد -رحمه الله- بينهما فذكر الجِداد قبل الإدراك والجِزاز بعده، وهو وإن لم يثبت حسن. وأما جزّز التمر بالتكرير فقياس. انظر: المغرب، "جزز".

نهراً أو كَرَاهاً (¬1) أو بنى فيها بناءً أو طيّن فيها بيتاً أو أَلْقَحَ (¬2) النخلَ أو سقى أو كَسَحَ (¬3) الكَرْمَ فهو كله رضى. فإن اشترط الخيار أربعة أيام فهو فاسد، لا تجوز القسمة على هذا في قول أبي حنيفة. وإن أبطل الخيار قبل أن تمضي ثلاثة أيام جازت القسمة. وإن كان الخيار ثلاثة أيام فعَرَضَ على بيع فهذا رضى بالقسمة. والخيار جائز في قسمة الحيوان والثياب والعروض وما يكال وما يوزن وفي البقر والغنم والإبل ثلاثة أيام، والدواب والرقيق ثلاثة أيام، في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك كل ما يكال أو يوزن. وإن كان أربعة أيام أو أكثر فهذا فاسد. وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان الخيار سنة (¬4) في ذلك فهو جائز. وإن اشترطوا خياراً ولم يُوَقِّتُوا له وقتاً فإذا أَبْطَلَ الخيارَ وأَنْفَذَ القسمةَ في الثلاث فهو جائز في قياس قول أبي حنيفة. وإن مضت الثلاث قبل أن يُنْفِذَ القسمة أبطلت القسمة. ولو كان في الورثة صغير قَاسَمَ له وصيُّه على هذا الخيار على ما وصفت لك كان جائزاً. وكذلك لو كان أبوه قَاسَمَها له كان جائزاً. وكذلك الجد إذا لم يكن له أب ولا وصي. وكذلك المغلوب المعتوه بمنزلة الصبي. وكذلك غائب قَاسَمَ له وكيل على هذا الخيار فهو جائز (¬5). ¬

_ (¬1) م ز: أو كرما؛ ف: أو أكراها. والتصحيح من ع. كرى النهر كَرْيا وكَرْوا أي حفره وأخرج طينه. انظر: المغرب، "كرى"؛ ولسان العرب، "كرى". (¬2) ألقح ولقّح بمعنى واحد. انظر: المصباح المنير، "لقح". (¬3) كَسَحَ البيتَ كَنَسَه، ثم استعير لتنقية البئر وحَفْر النهر وقَشْر شيء من تراب جداول الكَرْم. انظر: المغرب، "كسح". (¬4) ز: ستة. (¬5) ف - الجد إذا لم يكن له أب ولا وصي وكذلك المغلوب المعتوه بمنزلة الصبي وكذلك غائب قاسم له وكيل على هذا الخيار فهو جائز.

باب قسمة الأب على الصغير والمعتوه

وكذلك لو كان في هذه القسمة رَدُّ دراهمِ بعضِهم على بعض فهو جائز في ذلك كله إذا كان الخيار ثلاثة أيام في قول أبي حنيفة، وإن كان أكثر من ثلاثة أيام لم يجز. ... باب قسمة الأب على الصغير والمعتوه وإذا قسم الأب داراً على ابنه وهو صغير أو أرضاً أو حيواناً أو ثياباً أو متاعاً أو شيئاً مما يكال أو يوزن فإن قسمته عليه جائزة. وإن نقص من حقه ما (¬1) يتغابن الناس في مثله فهو جائز على الصغير. وإن نقص أكثر من ذلك لم تجز القسمة. وكذلك وصي الصغير. وكذلك الجد أبو (¬2) الأب إذا كان الأب ميتاً. فإن كان للأب وصي لم تجز قسمة الجد، ولكن تجوز قسمة الوصي. فإن كان الأب حياً لم تجز قسمة الجد. والمعتوه والمغلوب في ذلك بمنزلة الصبي. وكذلك وصي (¬3) المرأة (¬4) يُقاسِم [عن] (¬5) أولادها الصغار (¬6) ميراثَهم منها وليس لهم أب ولا وصي أب. وكذلك (¬7) وصي الأخ ووصي العم ووصي ابن العم يُقاسِم للصغير ميراثَه منهم إذا لم يكن له أب ولا وصي أب في جميع ميراثهم من الميت الذي أوصى إليه ما خلا العقار. فإن كان (¬8) للصغير أب أو وصي أب (¬9) لم تجز قسمة هذا على الصغير. وليس لوصي الأم ولا لوصي العم والأخ أن يقاسم لهم ميراثاً غير ذلك (¬10). فأما وصي الأب فيقاسم ميراثهم من الأب وغيره. ¬

_ (¬1) ز - ما. (¬2) ز: أب. (¬3) م ف: توصي. (¬4) أي: وصي الأم، كما هو في ب؛ والمبسوط، 15/ 41. (¬5) الزيادة من ب جار. (¬6) م ز: الصغير؛ ف: الصغر. (¬7) ز: ولذلك. (¬8) ز - كان. (¬9) م ز - أب. (¬10) أي: فيما ورثوه من غير الموصي. انظر: المبسوط، 15/ 41.

باب قسمة ما يرد بالعيب

ولا تجوز قسمة الأب الكافر على [ولده] (¬1) الصغير المسلم. وكذلك قسمة الأب المكاتب أو العبد على [ولده] (¬2) الحر الصغير. أوالمعتوه، (¬3) في ذلك بمنزلة الصغير. ولا تجوز قسمة الأب على الكبير الغائب، ولا تجوز قسمة الوصي على الكبير الغائب، في العقار والدُّور والأَرَضِين، ويجوز (¬4) في الكيل والوزن والدراهم والدنانير فيما كان من الميراث. ولا تجوز قسمة الأخ على أخيه الصغير، ولا قسمة الأم على ابنها الصغير، ولا قسمة الزوج على امرأته الصغيرة. ولا تجوز قسمة العم على الصغير والكبير الغائب في جميع ذلك (¬5). ولو أن رجلاً التقط صبياً فكان يَعُولُه لم تجز قسمته في شيء عليه. وإذا جَعل القاضي وصياً لليتيم يُقاسِم عليه في العقار وغيره فهو جائز. ووصي القاضي في ذلك بمنزلة وصي الأب إذا جعله القاضي وصياً في كل شيء. فإن كان جعله وصياً في النفقة خاصة أو في حفظ شيء عنده (¬6) لم تجز (¬7) قسمته. ... باب قسمة ما يرد بالعيب وإذا اقتسم الورثة (¬8) داراً وهم كبار كلهم حضور وقبض كل ¬

_ (¬1) الزيادة من ب جار. (¬2) الزيادة من ب جار. (¬3) مزيد من قبلنا لتصحيح العبارة أخذاً من الفقرة السابقة. (¬4) ز: وتجوز. (¬5) وعبارة الحاكم هكذا: ولا تجوز قسمة الأخ والأم والعم والزوج على الصغير والصغيرة والكبير الغائب وإن لم يكن لأحد منهم أب ولا وصي أب. انظر: الكافي، الموضع السابق. ونحوه في المبسوط، 15/ 41. (¬6) ف ز - عنده. (¬7) ز: لم يجز. (¬8) م ز - الورثة.

واحد منهم الذي أصابه ثم وجد أحدهم بقسمه الذي أصابه عيباً، حائطاً متصدعاً واهياً، أو جذعاً مكسوراً، أو باباً مكسوراً، أو شيئاً من ذلك ينقص الثمن وإن قل، فله أن يرد وينقض القسمة. وكذلك لو كان (¬1) القاضي هو قسمها بينهم. وكذلك هذا في الأَرَضِين إذا وجد في نخلها أو شجرها أو بنائها أو في أرضها عيباً فله أن يردها. وكذلك لو كان شيء من الكيل أو الوزن (¬2) اقتسموه (¬3) فوجد بعضهم بنصيبه عيباً. وأما الثياب والغنم والحيوان فإذا اقتسمها قوم فأصاب رجل عشرة من الغنم فوجد بأحدهم عيباً فإنما يرد الذي بها (¬4) العيب وحدها خاصة، ويكون بينه وبين أصحابه، ويرجع في جميع (¬5) ما أصابهم بقدر ذلك (¬6)، ولا يشبه هذا الدار الواحدة والأرض الواحدة والطعام الواحد والشيء يوزن من صنف واحد. ولو كانت أَرَضُون ودور فأصاب رجل دارين وأَرْضَين فوجد بأحدهما عيباً كان له أن يردها خاصة دون الأخرى، ويرجع (¬7) بقدر ذلك فيما بقي (¬8) في أيديهم. ولوصي الصغير أن يرد بالعيب، ولأبي الصغير أن يرد له بالعيب، وكذلك الجد إذا لم يكن له أب ولا وصي، في كل قسمة. وقسمة القاضي في ذلك والصلح فيه بغير أمر القاضي سواء. ¬

_ (¬1) م ز - لو كان. (¬2) ز: والوزن. (¬3) م ف ز ع: اقتسموا. والتصحيح من ب جار. (¬4) ف + من. (¬5) م ف ز ع: بجميع. والتصحيح من المبسوط، 15/ 42. (¬6) وعبارة ب: ويرجع في نصيب كل واحد بقدر ذلك. (¬7) ف: ورجع. (¬8) م ز - بقي.

وأيما رجل منهم عَرَضَ على بيع بعدما رأى العيب أو زرع الأرض أو بنى فيها شيئاً أو أجّر الدار والأرض أوطحن بعض الطعام أو قطع الثوب الذي فيه العيب أو رهنه فهذا كله رضاً، ولا يرد بالعيب. وإذا سكن الدار بعدما رأى العيب وقد كان ساكناً فيها قبل ذلك أو استخدم الخادم فليس (¬1) هذا برضى، وإذا ركب الدابة أو لبس الثوب فليس له أن يرد بالعيب، إنما أستحسن في الخدمة والسكنى. وإذا أجّر شيئاً من ذلك أو رهنه (¬2) فهذا رضا. وإن لبسه لينظر إلى قدره فليس هذا رضاً في الخيار، وهو رضاً بالعيب (¬3). وإن جَصَّصَ (¬4) الدار أو بنى فيها أو هدم منها فهو رضاً. وإن جَزَّزَ (¬5) نخله (¬6) من الأرض أو هدم حائطاً أو بنى شيئاً فهذا رضاً بالعيب. وإذا باع قسمه الذي أصابه من الدار ولا يعلم بالعيب فردها المشتري عليه بذلك العيب فإن قبله بغير قضاء قاض فليس له أن ينقض القسمة. وإن قبله بقضاء قاض فله أن ينقض القسمة. والبينة في ذلك وإباء اليمين سواء. وإن كان المشتري قد هدم من الدار شيئاً قبل أن يعلم بالعيب لم يكن له أن يردها، ويرجع على البائع بنقصان (¬7) ذلك العيب. وليس للبائع أن يرجع بنقصان العيب في قسم أصحابه إلا أن يرضى أصحابه أن يردوا نصيبه مهدوماً وينقضوا القسمة كلها، فيكون لهم ذلك. والميراث والشرى في جميع ذلك سواء. ولو كانت دار بين رجلين فاقتسماها، ثم هدم أحدهما طائفة من نصيبه، ثم وجد حائطاً متصدعاً واهياً يُنْقِصُ صَدْعُه ووَهْيُه نصفَ عشرِ قيمةِ (¬8) قسمِه، فإنه يرجع على صاحبه، فيكون له ربع العشر الذي أصابه، ¬

_ (¬1) م ف ز: وليس. (¬2) ز: أو رهنا. (¬3) م: بالغيب. (¬4) م ف ز: فإن جصص. (¬5) أي: قطع، وقد تقدم قريباً. (¬6) ز: نخلة. (¬7) م ف ز ع: بفضل. والتصحيح من الجملة الآتية عند المؤلف؛ والمبسوط، 15/ 43. وفي ب جار: بأرش. (¬8) ف ز: قيمته.

باب القسمة يستحق منها الشيء

إلا أن يرضى صاحبه أن يرد القسم مهدوماً، فيكون القسمان (¬1) جميعاً بينهما. وكذلك لو كان هذا في أرض. والميراث والشرى في ذلك سواء. ... باب القسمة يستحق منها الشيء وإذا كانت دار بين رجلين فاقتسماها فأخذ أحدهما الثلث من مقدمها وقيمته ستمائة وأخذ الآخر الثلثين من مؤخرها وقيمته ستمائة ثم اصطلحا على ذلك، ميراثاً كانت أو شراءً، ثم استحق نصف ما في يدي صاحب المقدم، فإن أبا حنيفة قال في هذا: يرجع صاحب المقدم على صاحب المؤخر بربع ما في يديه وقيمته، وذلك (¬2) مائة درهم وخمسون درهماً إن شاء، وإن شاء (¬3) نقض القسمة. وهذا قول محمد بن الحسن. وقال أبو يوسف: يرد ما بقي في يديه، وتبطل (¬4) القسمة، ويكون ما بقي في أيديهما بينهما نصفين (¬5). ولو كان صاحب المقدم (¬6) باع نصف ما في يديه واستحق النصف ¬

_ (¬1) م ف ز ع: ويكون القسمين. والتصحيح من ب جار. (¬2) ف: ذلك. (¬3) ز - شاء. (¬4) ز: ويبطل. (¬5) ذكر الحاكم قول محمد مع أبي يوسف أولاً ثم قال: وفي رواية أبي حفص ذكر محمد مع أبي حنيفة، وكذلك فيما جانس هذا من مسائل هذا الباب. انظر: الكافي، 1/ 197 ظ. وقال السرخسي: وهو الأصح، فقد ذكر ابن سماعة أنه كتب إلى محمد يسأله عن قوله في هذه المسألة فكتب إليه أن قوله كقول أبي حنيفة -رحمه الله-. انظر: المبسوط، 15/ 44. واللافت للنظر أن كتاب القسمة في النسخ التي بأيدينا من رواية أبي سليمان، لكن ما ذكره الحاكم والسرخسي يدل على أن هذا الموضع موافق لرواية أبي حفص. وقد يكون هذا من تصرف الناسخين بخلط الروايتين. (¬6) م ز - المقدم.

الباقي فإنه يرجع على صاحبه في قول أبي حنيفة ومحمد بربع ما في يديه إن (¬1) كان الذي باع بألف درهم أو بعشرة دراهم. وفي قول أبي يوسف يرجع فيما في (¬2) يدي صاحبه من الدار، فيكون بينهما نصفين، ويضمن نصف قيمة الذي باع، وذلك ربع جميع ما أخذ، فيرد على صاحبه. وكذلك أرض بين رجلين تكون مائة جَرِيب (¬3) وهي بينهما نصفان، فأخذ أحدهما عشرة أَجْرِبَة بجميع حقه وهي تساوي ألف درهم، وأخذ الآخر تسعين جريباً وهي تساوي ألف درهم بجميع حقه، ثم باع كل واحد منهما الذي في يديه بأقل من تلك القيمة أو بأكثر، ثم استحق جريب من العشرة الأجربة، فرد المشتري ما بقي منها (¬4) على الذي باعه، فإن (¬5) في قياس قول أبي حنيفة ومحمد (¬6) يرجع صاحب العشرة الأجربة على صاحب التسعين جريباً بخمسين درهماً. وفي قول أبي يوسف تكون التسعة الأجربة بينهما نصفين، ويضمن صاحب التسعين جريباً خمسمائة درهم، فيردها على صاحبه. وإذا كانت مائة (¬7) شاة بين رجلين نصفين ميراثاً أو شراءً فاقتسماها فأخذ أحدهما أربعين منها تساوي خمسمائة درهم، وأخذ الآخر ستين منها تساوي خمسمائة درهم (¬8)، فاستحقت شاة من الأربعين تساوي عشرة ¬

_ (¬1) م ف ز ع: وإن. والتصحيح من المبسوط، 15/ 45. (¬2) ف - في. (¬3) عرف المؤلف الجريب في كتاب الخراج من كتاب الأصل بأنه ستون ذراعاً في ستين ذراعاً. انظر: 5/ 151 و. (¬4) ز: منهما. (¬5) م ف ز ع + هذا. (¬6) يغلب على الظن أن المقصود هنا أن هذا القول قول محمد الذي قاسه على قول أبي حنيفة، لأنه ذكر قول أبي يوسف صراحة في السطر التالي، فمن غير المعقول أن لا يذكر قول محمد صراحة ويذكره قياساً. ولعل هذا من تصرف الرواة أو الناسخين. (¬7) ف: امة. (¬8) م ز - درهم.

دراهم، فإنه يرجع بخمسة دراهم في الستين شاة في قول أبي يوسف ومحمد، فتكون الستون شاة يَضْرِبُ هذا فيها بخمسة دراهم، ويَضْرِبُ الآخر فيها (¬1) بخمسمائة (¬2) إلا خمسة دراهم. وكذلك هذا في قول أبي حنيفة أيضاً. وإذا كان كُرُّ (¬3) حنطة بين رجلين بينهما نصفين (¬4) يكون أربعين (¬5) قفيزاً، منها (¬6) عشرة أقفزة طعام جيد وحدها، وثلاثون قفيزاً رديء على حدة، فأراد أن يأخذ أحدهما العشرة الأقفزة بحقه، ويأخذ الآخر الثلاثين قفيزاً، فإن ذلك لا يجوز؛ لأنه كيل (¬7) بكيل، ولا يصلح أن يأخذ أكثر مما يعطي صاحبه. فإن زاده صاحب الثلاثين قفيزاً ثوباً فاقتسما على ذلك فهو جائز. وإن استحق من الثلاثين عشرة أقفزة فإنه يرجع عليه بنصف الثوب (¬8)؛ لأن عشرة من الثلاثين بالعشرة الجيدة (¬9)، والثوب بحصة صاحب العشرة من العشرين الباقية، فلما استحق نصفها رجع عليه بنصف الثوب. وإذا كان كُرّ حنطة وكُرّ شعير بين رجلين فاقتسما فأخذ أحدهما ثلاثين مختوما (¬10) حنطة رديئة وعشرة مخاتيم شعير جيد، وأخذ الاخر عشر مخاتيم ¬

_ (¬1) ز - فيها. (¬2) م ز: بخمسين؛ ف ع: بخمسون. والتصحيح من الكافي، الموضع السابق. وفي المبسوط، 15/ 46: بأربعمائة وخمسة وتسعين. (¬3) الكُرّ مكيال لأهل العراق، وجمعه أَكْرَار، فقيل: إنه اثنا عشر وَسْقاً كل وَسْق ستون صاعاً، وفي تقديره أقوال أخرى ذكرها المطرزي. انظر: المغرب، "كرر". وقد ذكر المؤلف هنا أنه يكون أربعين قفيزاً. والقفيز اثنا عشر صاعاً. انظر: المغرب، "كرر". (¬4) ز: نصفان. (¬5) م ز: أربعون. (¬6) م ز: فيها. (¬7) ز: كل. (¬8) وذكر السرخسي أن جواب الإمام محمد في زيادات الزيادات في هذه المسألة: يرجع بثلث الثوب وسدس الطعام الجيد. وانظر للشرح: المبسوط، 15/ 46. (¬9) م ز: الجيد. (¬10) ز: مختوم.

حنطة جيدة وثلاثين مختوماً (¬1) شعيراً (¬2) رديئاً (¬3)، ثم إن نصف الشعير الرديء استحق، والحنطة والشعير على حالها، فإنه يرجع عليه بربع المخاتيم حنطة (¬4). وإذا كانت الدار بين رجلين نصفين ميراثاً فاقتسما فأخذ أحدهما النصف المقدم وهو أفضل وهو ثمن ستمائة درهم، وأخذ الآخر النصف المؤخر وهو يساوي أربعمائة درهم (¬5) على أن رد عليه صاحب النصف المقدم مائة درهم، ثم باع صاحب المقدم النصف المقدم وباع صاحب (¬6) المؤخر النصف (¬7) المؤخر، ثم استحق نصف النصف المقدم، فرجع المشتري (¬8) على بائعه بحصة ذلك من الثمن وأنفذ (¬9) البيع في البقية، فإن صاحب النصف المقدم يرجع على صاحب النصف المؤخر بمائة [وخمسين] درهماً، خمسون منها (¬10) نصف المائة التي نقد، ومائةٌ منها ربع قيمة النصف المؤخر (¬11). ولو كان مكان المائة ثوب يساوي مائة ¬

_ (¬1) ز: مختوم. (¬2) ز - شعير. (¬3) م ف ز ع: رديئة. والتصحيح من المبسوط، 15/ 47. (¬4) م ف ز ع: بربع العشرة مخاتيم حنطة. وكذلك في ب جار؛ والكافي؛ والمبسوط. لكن تعقب ذلك الحاكم قائلا: قال أبو الفضل [الحاكم]: وفي هذا الجواب موضع تأمل. انظر: الكافي، الموضع السابق. وقال السرخسي: وهذا غلط بَيِّن، فإن العشرة المخاتيم حنطة جيدة في يد المستحق عليه، فكيف يرجع بربعه. والصحيح ما في النسخ العتيقة أنه يرجع بربع المخاتيم حنطة، يعني ثلاثين مختوما حنطة رديئة التي أخذها صاحبه، يرجع بربع ذلك، وهو سبعة أقفزة ونصف ... انظر: المبسوط، 15/ 47. فصححنا المتن كما يقول السرخسي -رحمه الله-. ولعل الخطأ حاصل من أحد الرواة أو الناسخين للكتاب. (¬5) ز - درهم. (¬6) ز + نصف. (¬7) م ز: للنصف. (¬8) ز + فرجع. (¬9) ز: وانقد. (¬10) م ف ع: بمائة درهم وخمسين منها. وفي ب جار: بمائة وخمسين درهما منها. والتصحيح مع الزيادة من المبسوط، 15/ 48. وهو واضح من تتمة الجملة. (¬11) ز - بمائة درهما خمسون منها نصف المائة التي نقد ومائة منها ربع قيمة النصف المؤخر.

باب ما يرجع فيه بقيمة ما بني وما لا يرجع فيه

وكان قائماً بعينه فإنه يرجع بنصف الثوب وبمائة درهم. وكذلك (¬1) لو كان الثوب يساوي مائة درهم أو عشرة دراهم فإنه يرجع بنصفه وبربع قيمة النصف المؤخر. وإذا كانت أرض ودار بين رجلين نصفين فاقتسما فأخذ (¬2) أحدهما (¬3) الدار وأخذ الآخر الأرض، على أن رد صاحب الأرض على صاحب الدار عبداً وقيمة العبد ألف وقيمة الدار ألف (¬4) وقيمة الأرض ألفان وقبض العبد، ثم إن صاحب الدار باع الدار، فاستحق إنسان منها علو بيت يكون ذلك البيت والسفل عشر الدار، فلما استحق العلو ذهب نصف العشر (¬5)، ورجع المشتري على البائع بحصة ذلك من الثمن، وأمسك ما بقي من الدار، فإن صاحب الدار يرجع بستة (¬6) عشر وأربع (¬7) دوانيق من قيمة الأرض على صاحب الأرض (¬8) في قياس قول أبي حنيفة (¬9) ومحمد (¬10). وفي قول أبي يوسف يرجع بذلك في رقبتها، [وَ] يكون (¬11) شريكاً في الأرض. ... باب ما يرجع فيه بقيمة ما بني وما لا يرجع فيه (¬12) وإذا اقتسم الرجلان داراً ميراثاً بينهم أو شرى فبنى أحدهما في قسمه ¬

_ (¬1) م ز - كذلك. (¬2) ز: وأخذ. (¬3) ز: اهما. (¬4) ف - وقيمة الدار ألف. (¬5) م ز - العشر. (¬6) ز: لستة. (¬7) ز: وربع. (¬8) ز - الأرض. (¬9) قال الحاكم: ويحتمل أن يكون مذهب أبي حنيفة فيه أنه جعل له أن يأخذ من القيمة لأنه لا ينتفع بذلك من الأرض، إلا أن يرضى بذلك. انظر: الكافي، 1/ 198 و. وقال السرخسي: وقيل: لا خلاف بينهم في الحقيقة، وتأويل قول أبي حنيفة ... فانظر للشرح والمناقشة: المبسوط، 15/ 49. (¬10) انظر ما سبق في الحاشية قريباً في نظير هذا. (¬11) الواو من المبسوط، 15/ 49. (¬12) ز - فيه.

الذي أخذ بناء ثم استحق من قسمه نصيب معلوم محوز (¬1) وكان البناء في ذلك الموضع الذي استحق فرد القسمة وأبطلها وأراد أن يرجع بقيمة بنائه على شريكه فليس له ذلك، وليس هذا كالبيع (¬2)، وإنما هذه قسمة في دار واحدة. وكذلك لو كانت الأرض واحدة قَسَمَاهَا (¬3) بينهما فأصاب كل واحد منهما طائفة منها فغرس فيها نخلاً وشجراً ثم استحقت وأمره الحاكم أن يقلع ما غرس فإنه لا يرجع بقيمة ذلك على شريكه؛ لأنها قسمة. وإذا كانت داران فاقتسماها فأخذ هذا داراً وهذا داراً، فبنى أحدهما في الدار الذي أخذ بناء، ثم استحقت ونقض بناءه، فنقض القسمة وأراد أن يرجع بنصف قيمة البناء على شريكه، فإنه يرجع به عليه، وهذا لا يشبه الأول في القياس. وكذلك لو كانت أرضون فأخذ هذا واحدة وأخذ هذا (¬4) واحدة على قسمة وصلح (¬5)، فبنى أحدهما في الأرض الذي أخذ وغرس وزرع، ثم استحقت وأمره القاضي أن يقلع (¬6) ذلك منها، فإنه يرجع على شريكه بنصف قيمة ذلك. ولا يرجع لو كانت أرضاً (¬7) واحدة فاقتسماها فأخذ هذا طائفة وهذا طائفة، أو داراً واحدة فاقتسماها فأخذ هذا طائفة وهذا طائفة (¬8)، لأني لا أقسم كل دار على حدة وكل أرض (¬9) على حدة، فإذا اصطلحا على أن أخذ هذا داراً وهذا داراً وهذا أرضاً وهذا أرضاً (¬10) فقد باع كل واحد منهما حصته من تلك بحصته من هذه. ولو كانا خادمين فاصطلحا على أن أخذ هذا خادماً وهذا خادماً فعَلِقَتْ إحدى ¬

_ (¬1) م ف ز: نصيبا معلوما محوزا. (¬2) لأنه لا غرور في القسمة بخلاف البيع. انظر: المبسوط، 15/ 49. (¬3) م ف ز ع: قسمها. (¬4) ز - هذا. (¬5) ز: وصالح. (¬6) م ف ز ع: أن يبلغ. والتصحيح مستفاد من ب جار. (¬7) م ف ز ع: أرض. (¬8) ف + أو دارا واحدة فاقتسماها فأخذ هذا طائفة وهذا طائفة. (¬9) ز: دار. (¬10) م - وهذا أرضا.

الخادمين وولدت ولداً من الذي هي عنده ثم استحقها رجل فضمّنه قيمة الولد فإنه يرجع على شريكه بنصف قيمته، ويكون له نصف الخادم التي أخذ شريكه. فإن كان شريكه باعها ضمن نصف قيمتها. وإذا كان منزلان في دار واحدة وهما متفرقان وفيها منازل (¬1) لغيرهم والطريق لجميعهم فاقتسم أصحاب المنزلين وأخذ هذا منزلاً وهذا منزلاً فبنى أحدهما في المنزل الذي أصابه ثم استحق ونقض (¬2) بناءه فإنه يرجع على شريكه بنصف قيمة البناء. وكذلك لو كان منزل في دار واحدة وكله ميراث. وإذا كانت دار واحدة وأرض بيضاء فاقتسمها الورثة (¬3) بقضاء قاض أو بنى أحدهم (¬4) في قسمه (¬5) ثم استُحِقّ قسمُه ونَقَضَ بناءَه ورَدَّ القسمة فإنه يرجع على شركائه بقيمة البناء. ولو كانت دُور بين ورثة فقسمها القاضي بينهم وجمع (¬6) نصيب كل واحد منهم في دار على حدة وأجبرهم على ذلك فبنى أحدهم (¬7) في الدار التي أصابته ثم استحقت وهدم بناءه فإنه لا يرجع على شركائه (¬8) بالقيمة في هذا الوجه؛ لأن القاضي قضى عليهم بالقسمة، وجمع (¬9) نصيب هذا في هذه الدار، فلمّا كان مِن رأي القاضي أن يجمع الأنصباء من كل دار في موضع واحد صارت بمنزلة دار على حدة. وكذلك الأرضان. والداران (¬10) في المصر الواحد وفي المصرين ميراثاً أو شراءً سواء. وكذلك ¬

_ (¬1) م ز: منزل. (¬2) م ز: وينقض. (¬3) م ف ع: الوارث. وانظر: تتمة المسألة. (¬4) م ف ز ع: أحدهما. وانظر: تتمة المسألة. (¬5) ز: في قسمة. (¬6) ف: وجميع. (¬7) م ف ز ع: أحدهما. والتصحيح من المبسوط، 15/ 50. (¬8) ف: على شريكه. (¬9) م ف ز ع: ويرجع. (¬10) م ف ز ع: والدار. والتصحيح من ب جار.

الأرضون المتفرقة في مواضع مختلفة. والوصية والشرى والميراث وكل شركة وقعت فهو سواء في ذلك. وإذا اقتسم الرجلان دارين فأخذ أحدهما داراً واحدة وأخذ الآخر داراً واحدة (¬1) فبنى أحدهما في الدار الذي (¬2) أخذ (¬3) وهدم (¬4) وأنفق ثم استحق من الأخرى موضع جِذْع في حائط أو مسيل ماء أوطريق أو حائط بأصله أو باب البيت فإن الذي استحق ذلك من يديه بالخيار، إن شاء نقض القسمة كلها وهدم ما أحدث هذا من البناء وضمن قيمة ما هدم. وإن شاء لم ينقض القسمة ولم يرجع بشيء ورضي بما بقي في يديه (¬5). ولو أخذ أحدهما داراً والآخر دارين قيمتهما (¬6) سواء فاستحقت إحداهما لم يكن له أن ينقض القسمة، وكانت (¬7) الدار الباقية له، ويرجع بربع الدار التي أخذ الآخر، فيكون له ربعها. ¬

_ (¬1) م ف ز - واحدة. والزيادة من ع. (¬2) قد يُذَكَّر الدار، كما تقدم. (¬3) ز: أصابته. (¬4) ف: الذي هدم. (¬5) وقد تعقب الحاكم هذه المسألة بكلام نذكره مع شرحه للسرخسي. قال السرخسي -رحمه الله-: وقيل: هذا الجواب قولهما، فأما عند أبي حنيفة -رحمه الله- لا يكون له أن ينقض بناء شريكه، على ما قال في الجامع الصغير: المشتري شراء فاسداً إذا بنى في الدار المشتراة انقطع به حق البائع في الاسترداد عند أبي حنيفة -رحمه الله-، وليس له أن ينقض بناء المشتري، وعندهما له أن ينقض بناءه، فهنا إذا اختار نقض القسمة تبين أن صاحبه أخذ الدار بقسمة فاسدة، فهي كالمأخوذة بالشراء الفاسد. قال الحاكم -رحمه الله-: ويحتمل أن هذا الجواب على مذهبهم جميعاً تخريجاً على ما هو الصحيح عند أبي يوسف من مذهب أبي حنيفة -رحمهما الله- إذا بنى المشتري في الدار المشتراة شراءً فاسداً، فإنه ذكر في الجامع الصغير شكّا في رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة -رحمهما الله- أن الدار تترك للمشتري شراءً فاسداً من أجل بنائه، حيث قال: فيما أعلم. وقيل: هذه من إحدى المسائل التي جرت فيها المحاورة بين أبي يوسف ومحمد -رحمهما الله- في الرواية عن أبي حنيفة -رحمه الله-. وقوله: لا يرجع بشيء، يحتمل أن يكون جواباً في استحقاق موضع الجذع ومسيل الماء خاصة، لأن لما سواهما حصة من الدرك (والصواب: البدل، كما في الكافي)، فعند الاستحقاق لا بد أن يرجع بذلك أو بقيمته إن تعذر الرجوع بعينه لأجل البناء. انظر: الكافي، الموضع السابق؛ والمبسوط، 15/ 51. وانظر للمسألة المشار إليها: الجامع الصغير للإمام محمد، 331. (¬6) ز: قيمتها. (¬7) م ف ز ع: وكذلك. والتصحيح من المبسوط، 15/ 51.

باب ما لا يقسم من العقار وغيره

باب ما لا يقسم من العقار وغيره وإذا كان حائط بين رجلين فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإن (¬1) أبا حنيفة قال: لا أقسمه بينهما؛ لأن في قسمته ضرراً. وكذلك الحمام في قول أبي حنيفة (¬2) إذا أراد أحدهما أن يقسمه وأبى الآخر. وكذلك لو كان بين ورثة فاجتمعوا جميعاً على قسمته (¬3) غير واحد فإنه لا يقسم. وكذلك البيت الصغير بين الورثة (¬4) إذا اقتسموا لم يصب واحد منهم شيئاً ينتفع به فأرادوا قسمته غير واحد فإن أبا حنيفة قال: لا أقسمه بينهم. وقال: إن كان واحد منهم له معظم البيت يصيبه (¬5) بنصيبه موضع ينتفع (¬6) به والباقون لا يصيب كل واحد منهم ما ينتفع به فأراد صاحب النصيب الكبير أن يقسمه لينتفع بحصته فإنه قال في هذا: أقسمه (¬7) بينهم؛ لأن صاحب القليل ينتفع في هذا بنصيب صاحب الكثير (¬8) إذا لم يقسم (¬9). وكذلك الدار الصغيرة بين قوم. ولو كان بناء بين رجلين في أرض رجل قد بنياه (¬10) بإذنه فيها ثم أرادا (¬11) أن يقسما البناء وأن يهدماه وصاحب الأرض (¬12) غائب فإن لهما أن يقسما ذلك ويهدماه إن أجمعا على ذلك. وإن أبى أحدهما لم يجبر على قسمته. فإن أخرجهما صاحب الأرض هدماه. ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) م ف ز - قال لا أقسمه بينهما لأن في قسمته ضرر وكذلك الحمام في قول أبي حنيفة. والزيادة من ع. (¬3) ز: على قسمة. (¬4) ف ز: ورثة. (¬5) ز: نصيبه. (¬6) م ز - ينتفع. (¬7) م ف ز: قسمه. والتصحيح من ع. (¬8) ز: الكبير. (¬9) أي: لأن في هذا ظلماً لصاحب النصيب الأكبر. انظر: المبسوط، 15/ 52. (¬10) م ف ز: قد بناه ـ والتصحيح من ع. (¬11) م ف: ثم أراد والتصحيح من ع. (¬12) م ف ز ع: البناء. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 52.

وقال أبو حنيفة: إذا أجمع صاحبا (¬1) الحائط على قسمته قسمته بينهما وإن كان فيه ضرر. وكذلك الحمام. وقال أبو حنيفة: إذا كان طريق بين قوم إن اقتسموه لم يكن لبعضهم طريق ولا منفذ فأراد بعضهم قسمته وأبى الآخر فإني لا أقسمه بينهم. وقال أبو حنيفة: إن كان طريق بين قوم إن اقتسموه (¬2) كان لكل قوم طريق نافذ فإني أقسمه بينهم إذا طلب ذلك واحد منهم وإن أبى الآخرون إذا لم يكن في قسمته ضرر على جماعتهم. وإن كان في قسمته ضرر على جماعتهم أو إن (¬3) كان في قسمته ضرر على بعضهم دون بعض في ضِيق في طريق أو أنه لا يجد طريقاً فإني لا أقسمه بينهم إلا أن يتراضوا بينهم جميعاً. وإذا كان طريق بين اثنين إن اقتسماه لم يكن لواحد منهما فيه ممر ولكن كل واحد منهما يقدر على أن يفتح له (¬4) في منزله باباً أو يجعل طريقه في وجه آخر فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإني أقسمه بينهما؛ لأنه ليس عليهما في هذا ضرر. وإذا كان مسيل ماء بين رجلين فأراد أحدهما قسمة ذلك وأبى الآخر فإن كان له موضع يسيل فيه ماؤه سوى (¬5) هذا (¬6) قسمت هذا بينهما. فإن لم يكن له موضع إلا بضرر (¬7) لم أقسمه. وإن كانت أرض بين قوم صغيرة إن اقتسموها لم يصب كل إنسان منهم منها شيئاً ينتفع به وأراد بعضهم قسمتها وأبى الآخرون فإني لا أقسمها بينهم. ¬

_ (¬1) م ف ز ع: صاحب. والتصحيح من ب جار. (¬2) ف: إن قسموه. (¬3) م ف ز ع: وإن. (¬4) ف - له. (¬5) ف: سواء. (¬6) ف - هذا. (¬7) ز: بضر.

وإذا كان دكان في السوق بين رجلين أو حانوت يبيعان فيه بيعاً أو يعملان (¬1) فيه عملاً بأيديهما في شركة بينهما أو كل واحد منهم لنفسه فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإني أنظر في ذلك. فإن كان (¬2) يصيب (¬3) كل واحد منهما موضعاً يعمل فيه قسمتها بينهما. وإن كان لا يصيبه ذلك لم أقسمه بينهما. وإن كان زرع بين ورثة في أرض لغيرهم فأرادوا قسمة الزرع دون الأرض فيما بينهم فإن كان (¬4) الزرع قد بلغ أو سَنْبَلَ (¬5) فإني لا أقسمه (¬6) بينهم حتى يحصد، فأقسمه بينهم بكيل. وإن كان بَقْلاً (¬7) لم أقسمه أيضاً؛ لأن فيه ضرراً (¬8). ألا ترى أنه لو أراد أحدهما أن يترك (¬9) نصيبه الذي يصيبه كان للآخر أن يمنعه ذلك؛ لأن موضعه من الأرض عارية لهم جميعاً. وإذا كانت أرض بين رجلين نصفين فأرادا أن يقتسما (¬10) زرعها دون الأرض لم يجز ذلك إن (¬11) اشترطا (¬12) ترك ذلك في الأرض. فإن اشترطا جَزَّ (¬13) ذلك فاجتمعا على القسمة أجزت ذلك. ¬

_ (¬1) م ف ز ع: ويعملان. والتصحيح من المبسوط، 15/ 53. (¬2) م ف ز - فإن كان؛ ع + في ذلك. والتصحيح من المبسوط، 15/ 53. (¬3) ز: نصيب. (¬4) م ف ز: وإن كان. (¬5) سَنْبَلَ الزرعُ أي: خرج سُنْبُلُه. انظر: المغرب، "سبل". (¬6) م ف: لا أقسم؛ ز: لا أقسمها. (¬7) البَقْل هنا بمعنى الزرع الذي لم يدرك. انظر: المغرب، "بقل". (¬8) ز: ضرر. (¬9) م ز: أن يشرك؛ ف ع: أم يشترك. والتصحيح من ب جار. ونحوه في المبسوط، 15/ 53. (¬10) ز: أن يقسما. (¬11) م ز: وإن. (¬12) ز: اشرطا. (¬13) الجز أي: القطع. انظر: المغرب، "جزز".

وكذلك الأول إن اقتسموا على أن يَجُزّ كل واحد منهما ما أصابه أجزت ذلك (¬1). وكذلك طَلْعٌ في نخل بين قوم فأرادوا قسمة الطَّلْع دون النخل والأرض، فإن اقتسموه واشترطوا تركه فإن ذلك فاسد لا يجوز، وإن اقتسموه على أن يقطع كل واحد منهم ما أصابه أجزت ذلك. فإن استأذن رجل منهم أصحابه بعد القسمة في ترك ما أصابه من ذلك فأُذِنَ له في ذلك فأدرك وبلغ ولم ينقضوا القسمة حتى بلغ ذلك فإن الفضل له طيب، وإن ترك ذلك بغير رضاهم تصدّق بالفضل. وقال أبو حنيفة: لو كان عبيد بين قوم فأراد أحدهم قسمتهم (¬2) وأبى الآخرون لم أجبرهم على قسمتهم، وقال: لا أرى شيئاً من الحيوان يشبه العبيد. وقال: لو كان ثوب بين رجلين فأراد أحدهما قسمته وأن يشق نصيبه منه فأبى الآخر ذلك لم أجبره على ذلك ولم أقسمه بينهما. وكذلك السيف المحلى والخاتم والإناء من الفضة كان أو [مِن] ذهب أو شَبَه (¬3) أو صُفْر (¬4). وكذلك كل ثوب هَرَوياً (¬5) كان أو قُوهِياً (¬6) فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإني لا أقسمه. ¬

_ (¬1) في المسألة التي قبل هذا، وهو ما إذا ترك الشريكان الزرع الذي لم يدرك في أرض غيرهما واشترطا أن يجز كل واحد منهما ما أصابه فإنه يجوز ذلك بتراضيهم. انظر: المبسوط، 15/ 53. (¬2) ز - قسمتهم. (¬3) الشَّبَه والشِّبْه من المعادن ما يشبه الذهب في لونه، وهو أرفع النحاس. انظر: مختار الصحاح، "شبه"؛ والمصباح المنير، "شبه". (¬4) قال ابن منظور: الصُّفْر النحاس الجيد، وقيل: الصفر ضرب من النحاس، وقيل: هو ما صَفِرَ منه، الجوهري: والصُّفْر بالضم الذي تُعمَل منه الأواني. انظر: لسان العرب، "صفر". (¬5) ز: هروي. (¬6) ز: أو قوهي.

كل شيء يُكسَر أو يُقطَع فإن في كسره وقطعه ضرراً (¬1)، وقال أبو حنيفة: لا أقسمه، فإن رضيا جميعاً قسمته. وإذا أوصى الرجل بصوف على ظهر غنم بين رجلين (¬2) فأرادا قسمة ذلك قبل أن يُجَزَّ (¬3) الصوف لم يُقسَم ذلك بينهما. وكذلك اللبن في ضُرُوعها، وأولادها في بطونها. ولو قسما ذلك بينهما لم يجز. وإذا كانت قَوْصَرَة (¬4) من تمر أو دَنّ خل بين رجلين فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإن هذا يقسم بينهما. وإن كانت سَاجَة (¬5) أو خشبة أو باب أو رحى أو دابة أو بعير (¬6) بين رجلين فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإن هذا لا (¬7) يقسم. وكذلك اللؤلؤة والياقوتة والفَصّ بين اثنين أراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإن هذا لا يقسم بينهما. ولو كان لؤلؤاً جماعةً قَسمتُها أو يواقيتَ جماعةً قَسمتُها. وإذا كان حبل (¬8) بين رجلين أو جُوَالِق (¬9) أو بساط أو شِقّ مَحْمِل (¬10) فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر فإني لا أقسمه. ¬

_ (¬1) م ز: ضرر. (¬2) أي: أوصى به لرجلين. انظر: المبسوط، 15/ 54. (¬3) ز: أن تجز. (¬4) م ز: قوسرة: القَوَصَرَّة بالتشديد والتخفيف: وعاء التمر يتخذ من قصب. وقولهم: وإنما تسمى بذلك ما دام فيها التمر، وإلا فهي زبيل، مبني على عرفهم. انظر: المغرب، "قصر". (¬5) الساجة أي الخشبة المنحوتة المهيأة للأساس ونحوه، والساج شجرة عظيمة تنبت ببلاد الهند. انظر: المغرب، "سوج". (¬6) ز: أو بعيرا. (¬7) ز - لا. (¬8) ف: حل. (¬9) هو الوعاء، وقد تقدم. (¬10) شِقّ مَحْمِل أي: نصفه، والمحمل بفتح الميم الاولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير. وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز، ومنه قوله: ما يكترى به شق محمل. انظر: المغرب، "حمل".

وإذا كان جُبْنَة (¬1) بين رجلين فأراد أحدهما قسمتها وأبى الآخر فإن كان في قطعها ضرر على واحد منهما لم أقسمها. فإن لم يكن في ذلك ضرر قسمتها وقطعتها بينهما. وإذا كان جُبْن كثير قسمتُه بينهما. وكذلك المَصْل (¬2) وإن أبى بعضهم ذلك. وكذلك البيض والجوز وإن أبى بعضهم ذلك. وكذلك الثياب اليهودية والمروية والهروية. وكذلك الإبل والبقر والغنم والخيل والحمير فإني أقسم ذلك بينهما وإن أبى ذلك أحدهما. وكذلك كل ما يكال أو يوزن أو يعد عدداً وكل أرض أو دار فإني أقسم ذلك بينهم. وكذلك نُقْرَةُ (¬3) فضةٍ أو نُقْرَةُ ذهبٍ أو حديدٌ غيرُ مضروبٍ ولا مَصُوغ أو صُفْرٌ أو نحاسٌ أو رصاصٌ. وكذلك كل ما يوزن من الأدهًان والعِطْر فإني أقسم ذلك كله بينهما وإن أبى ذلك أحدهما. وكل علو بين رجلين يصيب كل واحد منهما ما ينتفع به والسفل لغيرهم، وكذلك سفل بين رجلين علوه لغيرهم، فإني أقسمه بينهما إذا طلب ذلك أحدهما وإن أبى الآخر. وكذلك اللحم بين رجلين. وكذلك السمك والزيت والسمن والشحم والخل. وكذلك الأشربة. وكذلك الماء إذا كان بين رجلين في إناء. وإذا كان بئر بين رجلين أو عين أو قَنَاة أو نهر وليس لهم معها أرض فأراد أحدهما قسمته وأبى الآخر ذلك فإني لا أقسم ذلك بينهما. فإن كانت مع ذلك أرض ليس لها شِرْب إلا من ذلك قسمتُ الأرض بينهما. وإن أبى أحدهما تركت البئر والعين والقناة والنهر بينهما على حاله لكل واحد منهما شربه منها. فإن كان كل واحد منهما يقدر على أن يجعل في أرضه شِرْباً من ¬

_ (¬1) ز: جبة. الجبنة: القرص من الجبن. انظر: المغرب، "جبن". وفي هامش ب: أي قالب جبن. (¬2) المَصْل مثال فَلْس: عُصارة الأَقِط، وهو ماؤه الذي يعصر منه حين يطبخ، قاله ابن السِّكِّيت. انظر: المصباح المنير، "مصل". (¬3) النُّقْرة: القطعة المذابة من الذهب أو الفضة، ويقال: نقرةُ فضةٍ على الإضافة للبيان. انظر: المغرب، "نقر".

باب قسمة الدار فيها طريق لغير أهلها

مكان آخر، أو كانت (¬1) أَرَضُون وأنهار متفرقة فيها (¬2) أو عيون وآبار قسمتُ ذلك كله فيما بينهما، العيونَ والآبارَ والأرضَ. وإن كان مصحف بين رجلين أو سرج أو درع حديد أو قوس أو جبة أو طيلسان أو فراش أو وسادة أو بساط أو فسطاط أراد أحدهما قسمة ذلك وأبى الآخر فإني لا أقسمه بينهما. وقال (¬3) أبو حنيفة: لا أجبر واحداً (¬4) منهما على (¬5) بيع نصيبه في شيء سميناً في هذا الباب (¬6). وإن أراد أحدهما البيع وأبى الآخر فإن الذي يأبى لا يجبر على بيع، ويقال للآخر: بع نصيبك إن شئت أو دع. ... باب قسمة الدار فيها طريق لغير أهلها شيخ عن عكرمة (¬7) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"اِذْرَعُوا الطريق سبعة أذرع ثم ابنوا" (¬8). وقال أبو حنيفة: إذا كانت الدار (¬9) بين رجلين فأرادا قسمتها وفيها ¬

_ (¬1) ز: وكانت. (¬2) م ف ز: منها. والتصحيح من ع ب. (¬3) ز + الإمام الأعظم. (¬4) ز: واحد. (¬5) ز: في. (¬6) م ف: الكتاب. والتصحيح من ع وهامش ف. وكذلك من ب جار. (¬7) م ز: عن عكرم. (¬8) ذكره هكذا مرسلاً. وقد روي نحو ذلك موصولاً من حديث عكرمة عن أبي هريرة وابن عباس، كما روي من طريق آخرين من الصحابة - رضي الله عنهم -. انظر: صحيح البخاري، المظالم، 29؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 143؛ وسنن أبي داود، الأقضية، 31؛ وسنن الترمذي، الأحكام، 20؛ وسنن ابن ماجه، الأحكام، 16؛ ومسند أحمد، 1/ 303؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 159؛ وفتح الباري لابن حجر، 5/ 118 - 119. (¬9) ف: دار.

طريق لغيرهم فأراد صاحب الطريق أن يمنعهما (¬1) القسمة فليس له ذلك، ويُترَك الطريق [عَرْضه] (¬2) عَرْضُ باب الدار الأعظم، وطوله من باب الدار إلى باب (¬3) الذي له الطريق، ويُقسَم بقية الدار بين الرجلين (¬4) على حقوقهما، ويُترَك هذا الطريق بينهما، [وَ] لصاحب (¬5) الطريق ممره في ذلك، وليس لهم قسمة هذه الطريق إذا سخط ذلك بعضهم إلا أن يتراضوا جميعاً. وإن باعوا هذا الطريق (¬6) وهذه الدار برضاهم جميعاً فاقتسموا الثمن يضرب فيها أصحاب الأصل (¬7) بثلثي الطريق، ويضرب فيه صاحب الممر بالثلث. وإذا كان في الدار مسيل ماء لرجل فأراد أصحاب الدار قسمتها ومنعهم صاحب المسيل القسمة فليس له ذلك، ويترك له مسيله، ويقسمون ما بقي من الدار بينهم على حقوقهم. وإذا كانت الدار فيها طريق لرجل وطريق لآخر (¬8) من ناحية أخرى فأراد أهل الدار قسمتها ومنعهم أهل الطريق فإنه يُعزَل طريق واحد عَرْضُه (¬9) عَرْضُ باب الدار إلى باب كل واحد منهما، ويقسم ما بقي من الدار بين أهلها، ويكون لهم طريقهم وممرهم في هذا الطريق. ولو كان لرجل صُفَّةٌ (¬10) في دارٍ وطريقُها إلى باب الدار، وما بقي من الدار بين ورثة، فأرادوا قسمتها كان لهم ذلك، ويُرفَع الطريق قَدْرَ عَرْضِ ¬

_ (¬1) م ف ز ع: أن يمنعه. والتصحيح من المبسوط، 15/ 56. (¬2) الزيادة من المبسوط، 15/ 56. (¬3) م ز - إلى باب. (¬4) م ف ز: بين رجلين. (¬5) الواو من ب؛ والمبسوط، 15/ 56. (¬6) جعل الطريق هنا مذكراً وفي الجملة السابقة مؤنثاً، ويجوز فيه التذكير والتأنيث. انظر: لسان العرب، "طرق". (¬7) م ف ز ع + برضاهم. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 56. (¬8) م ف ز: الآخر. والتصحيح من ع ب، والمبسوط، 15/ 57. (¬9) م ف: عوضه. والتصحيح من ع. (¬10) الصفة هي البَهْو الواسع الطويل والظُّلَّة. انظر: لسان العرب، "صفف".

باب الدار إلى باب الصُّفَّة، ويكون ما بقي من الدار بعد الصُّفَّة والطريق يُقسَم بين أهل الدار على المواريث. فإن كان باب الصُّفَّة أَعْرَضَ من باب الدار فأراد صاحب الطريق أن يكون عَرْضُ الطريق عَرْضَ باب الصُّفَّة فليس له ذلك، ولكنه يُرفَع الطريقُ عَرْضُه عَرْضُ باب الدار. ولو كان له منزل بابه أعظم وأعرض من باب الدار الأعظم فأراد رَفْعَ الطريق على عرض باب المنزل لم يكن له ذلك، ورَفَعَ الطريقَ عَرْضُه عَرْضُ باب الدار وطوله من باب الدار إلى باب المنزل. ولو أراد صاحب هذا المنزل أن يفتح في هذه الطريق باباً (¬1) آخر كان له ذلك، وليس يستحق ببابين وثلاثة من الطريق إلا ما يستحق بواحد. ولو كان هذا المنزل بين رجلين فقسماه بينهما وجعل كل واحد منهما طريقاً على حدة في هذا الطريق كان جائزاً، وكان ذلك لهما، ولا يمنعهما ذلك أهل الطريق. ولو كان صاحب هذا المنزل (¬2) واحداً (¬3) فاشترى داراً من وراء هذا المنزل وفتحها إلى هذا المنزل واتخذ لها طريقاً في هذا المنزل وفي هذا الطريق فإن أبا حنيفة قال (¬4): إن كان ساكن الدار والمنزل واحداً (¬5) فله أن يمر من الدار في المنزل وفي الطريق المرفوع بينهم، وإن كان في الدار ساكن [آخر] (¬6) فليس لساكن الدار أن يمر في الطريق. ولو اختصم أهل الطريق في الطريق فادعى كل واحد منهم أنه له فإن أبا حنيفة قال: هو بينهم أثلاثاً (¬7) بالسوية [إذا لم يُعرَف أصله] (¬8)، ولا نجعله بينهم (¬9) في قدر ما في أيديهم من ذَرْع الدار والمنزل، ولو ¬

_ (¬1) م ز: باب. (¬2) م ز:- المنزل. (¬3) م ز: واحد. (¬4) ولم يُذكر أن هناك خلافاً بينه وبين الصاحبين. انظر: المبسوط، 15/ 58. (¬5) م ز: واحد. (¬6) الزيادة من المبسوط، 15/ 58. (¬7) أي: إذا كانوا ثلاثة فيقسم أثلاثاً. أما إذا كانوا أقل أو أكثر فيقسم بينهم بالسوية حسب عددهم. ولهذا لم يذكر "أثلاثاً" في ب؛ والمبسوط، 15/ 58. (¬8) الزيادة من المبسوط، 15/ 58. وسيشير إليه المؤلف. (¬9) م ف ز ع: بينهما. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 58.

جعلته على قدر المساحة لم يكن لصاحب المنزل أن يضيف إليه الدار التي اشترى، لا يضرب بذَرْعها في الطريق مع ذَرْع المنزل، فهذا لا يكون، ولو عُرِفَ أصلُ الطريق كيف كان بينهم جعلته بينهم على ذلك. فإن كانت دار لرجل واحد وفيها طريق لآخر فمات صاحب الدار ووَرِثَهُ وَرَثَتُه فقسموا الدار بينهم ورفعوا الطريق لصاحبه ولهم ثم باعوه فأرادوا قسمة ثمنه فإن لصاحب الطريق نصفه ولورثته نصفه. فإن لم يعرف أن الدار كانت بينهم ميراثاً وجحدوا ذلك فإن الطريق بينهم على عدد أرباب الأنصباء، فإن كانوا أربعة وصاحب الطريق واحد فهو بينهم أخماساً. وإذا كانت (¬1) الدار في يدي رجل منها بيت وفي يدي آخر منها بيتان وفي يدي آخر منها منزل عظيم وكل واحد منهم يدعي الدار جميعاً فلكل واحد منهم ما في يديه، وساحة الدار بينهم أثلاثاً. ولو مات صاحب المنزل وتركه ميراثاً بين ورثة وهم خمسة ثم اختصموا في الساحة كان للورثة الثلث حصة الميت. وإذا اقتسم قوم داراً ورفعوا طريقاً بينهم ومسيل ماء فهو جائز. وإن عظّموا الطريق أو جعلوه (¬2) صغيرا فهو جائز؛ لأنه صلح. وإذا اقتسم القوم داراً وفيها (¬3) كَنِيف (¬4) شارعة على الطريق العظمى أو ظُلَّة (¬5) على الطريق العظمى فليس يحسب ذَرْع الظُّلَّة والكَنِيف في ذَرْع الدار. ¬

_ (¬1) م ف ز: فإذا كانت. (¬2) ز: وجعلوه. (¬3) ف - وفيها. (¬4) الكَنِيف: ما يُشْرَع فوق باب الدار كالجناح ونحوه، وأهل العراق يسمون ما أشرعوا من أعالي دورهم كَنِيفاً. وقيل: الكنيف يكون متصلاً بالدار بخلاف الظلة. انظر: لسان العرب، "كنف، كنن". (¬5) الظُّلَّة في اللغة كل ما أظلك من بناء أو جبل، وفي اصطلاح الفقهاء يريدون بها السُّدَّة التي فوق الباب، وقيل: هي التي أحد طرفي جذوعها على هذه الدار وطرفها الآخر على حائط الجار المقابل. انظر: المغرب، "ظلل". وقيل: الظلة تكون أمام الدار مفصولاً عنها. انظر: لسان العرب، "كنن".

باب قسمة دار الميت وعليه دين أو وصية أو وارث غائب أو صغير

ولو كانت الظُّلَّة على طريق غير نافذ كان ذَرْعها يحسب بذَرْع الدار، بمنزلة علو في الدار سفله لغيرهم، وفي (¬1) قول أبي يوسف يحسب على النصف من الذَّرْع، وفي قول أبي حنيفة على الثلث، وفي قول محمد على القيمة (¬2). ... باب قسمة دار الميت وعليه دين أو وصية أو وارث غائب أو صغير وإذا اقتسم الورثة داراً لميت أو أرضاً لميت وعلى الميت دين فجاء غرماء الميت يطلبون دينهم فإن القسمة ترد. فإن كان الدين قليلاً أو كثيراً فهو سواء. وإن كان للميت مال (¬3) سوى ذلك بعتُه في الدين وأنفذتُ القسمة. وإن لم يكن للميت مال (¬4) سوى ذلك فأدى الورثة الدين من أموالهم على قدر مواريثهم فإن القسمة جائزة. وكذلك لو أن الغريم أبرأ الميت من الدين أو وهبه له فإن القسمة جائزة. وإن كان الميت قد أوصى بالثلث فاقتسم الورثة وصاحب الثلث غائب ثم جاء صاحب الثلث فإنه يُبطِل (¬5) القسمة ويردها إذا كانوا اقتسموا بغير قضاء قاض. وكذلك لو كان للميت وصي وقَسَمَ حصة صاحب الثلث فإن ذلك لا يجوز على صاحب الثلث، وله أن يبطل القسمة وينقضها. وإذا اقتسم الورثة داراً وفيهم غائب وليس للميت وصي ولا للغائب وكيل ثم قدم الغائب فله أن يبطل القسمة وينقضها. وكذلك لو كان في ¬

_ (¬1) م ف ز ع: وهو. والتصحيح من الكافي، 1/ 199 و. (¬2) قد تقدم الكلام على كيفية القسمة في العلو والسفل في باب قسمة الدور. (¬3) ف - مال. (¬4) م - مال. (¬5) ز: تبطل.

الورثة صغير ليس له وصي فكبر فله أن ينقض القسمة ويبطلها. والدور والأرضون والقرى والحيوان والعروض والكيل والوزن إذا كان (¬1) ميراثاً في جميع ما ذكرنا من الدين والوصية والوارث الكبير والغائب والوارث الصغير في ذلك سواء كله، وهو مردود كله. وإذا كانت دار بين ثلاثة نفر شِراءً (¬2) فغاب أحدهم فاقتسم الاثنان الباقيان فقدم الغائب فله أن يبطل القسمة وينقضها. وكذلك لو مات الغائب وترك ابناً صغيراً فكبر كان (¬3) له أن يبطل القسمة. وكذلك لو كان على هذا الميت دين أو أوصى (¬4) بوصية فإن للغرماء وأهل الوصية أن ينقضوا القسمة. والأرض والدار والعروض والحيوان في ذلك سواء. وإذا كانت الدار والأرض والثياب ميراثاً بين قوم ولا دين على الميت ولا وصية ثم مات بعض الورثة وترك عليه ديناً (¬5) أو أوصى (¬6) بوصية أو كان له وارث غائب أو صغير ولا وصي له فاقتسم الورثة الدار [بغير قضاء قاض] (¬7) فللغرماء أن يبطلوا القسمة، وكذلك أهل الوصية، وكذلك الوارث [الغائب وَ] الصغير (¬8) الذي لا وصي له. وإذا كانت دار بين قوم ميراثاً وعلى الميت دين فمات الطالب وترك ورثة صغاراً فاقتسم ورثة الميت الدار فلورثة الغريم إذا كبروا أن يبطلوا القسمة حتى يستوفوا دينهم. وإذا كانت الأرض بين قوم ميراثاً فاقتسموا بينهم وأشهدوا على أنفسهم ¬

_ (¬1) م ف ز: إذا كانا. (¬2) م ف ز: سوا؛ ع: سواء. (¬3) م ز: فكان. (¬4) م ف ز ع: ولو أوصي. والتصحيح مستفاد من ب جار. (¬5) م ز: دين. (¬6) م ف ز ع: وأوصي. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 60. (¬7) الزيادة من المبسوط، 15/ 60. (¬8) الزيادة من المبسوط، 15/ 60.

بالقسمة ثم ادعت امرأة الميت مهراً من صداقها فأقامت عليه البينة فلها أن تنقض القسمة وتردها، ولا تكون قسمتها واقرارها بالميراث خروجاً من دَينها؛ لأنها لم تبرئ الميت من الدين. وكذلك كل وارث يدعي [ديناً على الميت] (¬1) ويقيم بينة. ولو أن وارثاً ادعى وصية لابن له صغير وأقام البينة أن الميت أوصى له بالثلث وقد قسموا الدار والأرض على المواريث فإن هذه القسمة لا تُبطِل حق ابنه في الوصية، وإن أراد أبوه أن يطلب وصية ابنه ويبطل القسمة فليس للأب ذلك، لأنه قد أقر أنه لا وصية لابنه (¬2)، ولكن الابن يطلب [إذا كبر] ويرد القسمة. وإذا كانت الأرض والدار ميراثاً بين قوم فاقتسموها على قدر مواريثهم من أبيهم، ثم ادعى أحدهم أن أخاً له من أمه وأبيه قد ورث أباه معهم أنه مات بعد أبيه فورثه هو وأراد ميراثه منه وقال: إنما قسمتم لي ميرأثي من أبي، ولم يكتبوا (¬3) في القسمة أنه لا حق لبعضهم فيما أصاب بعض، وجحد بقية الورثة هذا الوارث، وأقام الرجل عليه البينة، فإنه لا يقضى له بحقه من ذلك، ولا يقبل (¬4) منه بينة على ذلك، ولا تنقض القسمة. فإن كانوا كتبوا في كتاب القسمة أنه لا حق لبعضهم فيما أصاب بعض أو لم يكتبوا (¬5) ذلك فهو سواء، وليس له أن ينقض القسمة. وإقراره بالميراث من الأب إقرار بأنه لا حق له غيره، وهذا يخرجه من ميراث أخيه. وإذا اقتسم القوم (¬6) أرضاً ميراثاً من أبيهم ثم ادعى أحدهم بعد الفراغ من القسمة أن هذه الأرض لأمه خاصة دون أبيه وأقام على ذلك البينة فإنه لا تقبل منه (¬7) البينة على ذلك، وإقراره بالقسمة يبطل دعواه الذي يدعي. وكذلك لو ادعى أن أمه اشترتها من أبيه لم يقبل ذلك منه. وكذلك لو ¬

_ (¬1) الزيادة من المبسوط، 15/ 60. (¬2) لأن الأب بإقدامه على القسمة كأنه أقر أنه لا وصية لابنه. انظر: المبسوط، 15/ 61. (¬3) ف: ولم تكتبوا. (¬4) ز: تقبل. (¬5) ف + في. (¬6) م ز - القوم. (¬7) م + منه.

ادعاها هو أنه اشتراها من أبيه أو ادعى هبة أو صدقة فإنه لا يقبل منه، وإقراره بالقسمة والميراث إبطال لذلك وخروج منه. وإذا كانت الأرض والقرية ميراثاً بين ثلاثة نفر ورثوا ذلك عن أبيهم فمات أحدهم وترك ابناً كبيراً فاقتسم هو وعماه القرية والأرض على ميراث الجد وقبض كل واحد منهم حصته ثم إن ابن الابن أقام البينة أن جده أوصى له بالثلث وأراد أن يبطل القسمة فليس له ذلك، وقسمته على ميراث الجد إبطال لما ادعى من الوصية وخروج من ذلك. ولو لم يدع (¬1) وصية من جده وادعى ديناً لنفسه على أبيه وأقام البينة على هذا الدين وأراد إبطال القسمة فله أن يبطلها. ألا ترى أن الدين لو كان لغيره فأجاز الغريم القسمة كان باطلاً، وكان للغريم أن يبطل القسمة، وكذلك الوارث إذا كان هو الغريم. وإذا ادعى الوارث أنه كان اشترى نصيب أبيه في حياته بثمن مسمى ونقده الثمن وأقام البينة على ذلك فهو جائز، ولا يبطل ذلك القسمة، والقسمة عليه جائزة؛ لأنه قسم نصيبه. فإن كان شرى أو ميراثاً فهو سواء. وإذا كانت الأرض ميراثاً بين قوم ورثوا ذلك عن أبيهم فاقتسموها وهم كبار وقبض كل واحد منهم الذي أصابه عن ميراث الأب ثم إن أحدهم اشترى من الآخر قسمه بثمن مسمى (¬2) ونقده الثمن ثم قامت البينة على دين على الأب فإن القسمة تبطل وتُنقَض ويبطل الشرى. وكذلك لو كان اشترى غير وارث. ولو (¬3) لم يكن عليه دين ولم يشتره وارث وكانت دار ورثها (¬4) ثلاثة رجال ميراثاً (¬5) عن أبيهم فاقتسموها أثلاثاً على ميراث الأب فأخذ كل واحد منهم الثلث محوزاً مقسوماً، ثم إن رجلاً غريباً اشترى من أحدهم قسمه ¬

_ (¬1) ز: لم يدعي. (¬2) ز: مسماه. (¬3) م ف ز - لو. والزيادة من ع. (¬4) م: وثها. (¬5) م ز: ميراث.

بثمن مسمى ونقده وقبض، ثم جاء أحد الباقين فقال للمشتري: إنا لم نقسم، فاشترى منه الثلث من جميع الدار بثمن مسمى ونقده (¬1)، ثم جاء الثالث فقال (¬2): قد قسمنا، وأقام البينة على ذلك وصدقه البائع الأول وكذبه البائع الثاني، وقال المشتري: ما أدري أقسمتم أم (¬3) لا، فإن القسمة الأولى جائزة، والشرى الأول جائز. فأما (¬4) الشرى الثاني فإن شاء المشتري أخذ ثلث قسم البائع بثلث الثمن ويرجع عليه بثلثي الثمن. وإن شاء رد ذلك وأخذه بجميع الثمن. ولو كان المشتري أقر بالشرى الأول والقسمة وأقر في الشراء الآخر أنها لم تقسم والمسألة على حالها كان القضاء فيما بينهم على ما وصفنا. فإن رد بيع الثاني فإنه يرد عليه من نصيب الأول ثلثه؛ لأنه قد أقر له. وإن أمضى البيع لزمه ثلثا (¬5) الثمن بثلث (¬6) نصيب الأول وبثلث نصيب الثاني، ويرجع بثلث الثمن حصة نصيب الثالث، ويبقى في يدي البائع الثاني [ثلثا] (¬7) قسمه (¬8) الذي أصابه. وإذا أقر الرجل أن فلاناً مات وترك هذه الدار ميراثاً وهذه الأرض ثم ادعى بعد ذلك أنه أوصى له بالثلث فإني أقبل منه البينة على ذلك. وليس يخرجه قوله هذا من وصيته (¬9). وكذلك لو ادعى ديناً فإنه تقبل (¬10) منه البينة على ذلك. وإن ادعى شراء من الميت أو هبة أو صدقة فإنه لا يقبل منه ذلك، وإقراره بأنها ميراث يبطل ما ادعى من الشرى والهبة، ولا يقبل منه البينة على ذلك. وكذلك لو أقر أنها ميراث من أبيه ثم ادعى أنها ميراث من غير أبيه فإنه لا يقبل ذلك منه. وإذا اقتسم (¬11) القوم داراً ميراثاً عن رجل والمرأة مقرة بذلك وأصابها ¬

_ (¬1) ع + ثم جاء الثاني فقال المشتري إنا لم نقسم فاشترى منه الثلث من جميع الدار بثمن مسمى ونقده. (¬2) ز - فقال. (¬3) ف - أم. (¬4) ز: وأما. (¬5) ز: ثلثي. (¬6) م ز: بثلثي. (¬7) الزيادة من المبسوط، 15/ 63. (¬8) ز: قسمة. (¬9) م ز: من وصية. (¬10) ز: يقيل. (¬11) م: وإذا اقسم.

الثمن مع ولده فعزل لها على حدة (¬1) ثم ادعت بعد ذلك أنه أصدقها إياها أو أنها اشترتها بصداقها فإنه لا يقبل ذلك منها، وإقرارها بالميراث يخرجها من الدعوى. وإذا اقتسم (¬2) الورثة أرضاً بينهم على أنها ميراث من أبيهم فأصاب كل إنسان طائفة بجميع ميراثه من أبيه، فادعى أحدهم من قسم الآخر بناءً أو نخلاً وزعم أنه بنى البناء أو غرس النخل وجاء بالبينة على ذلك، فإنه لا يقبل ذلك منه، وإقراره بأن هذا ميراث أخيه يخرجه من ذلك. وإذا اقتسم القوم أرضاً فيها زرع ونخل وشجر حامل ولم يذكروا الحمل في القسمة، ولم يذكروا أنه أصاب كل إنسان منهم الذي أصابه بكل حق هو له ولا بكل قليل أو كثير هو فيه أو منه، إنما أشهدوا أنه أصاب فلاناً (¬3) كذا بميراثه من أبيه، وأصاب فلانة كذا ميراثها من أبيها، ثم أراد أحدهم أن يرجع في حمل النخل والشجر (¬4) الذي أصاب (¬5) غيره، فله ذلك، ولا تكون (¬6) القسمة في هذا أشد من البيع. ألا ترى لو باع ذلك لم يدخل في البيع إلا أن يشترطه. فكذلك القسمة. ولكن يدخل النخل والشجر في ذلك والبناء كله وإن لم يشترط كل حق هو له، يدخل في البيع هذا، ولا تدخل (¬7) فيه الثمرة. وكذلك لو اقتسموا داراً فيها ظُلَّة شارع أو كَنِيف (¬8) شارع ولم يذكروا ذلك في القسمة وقد وقع في حَيِّز بعضهم (¬9) ولم يقل: بكل حق هو له ولا بكل قليل أو كثير هو فيه أو منه (¬10)، فإنه في قياس ¬

_ (¬1) ز: على جده. (¬2) م ز: فإذا اقتسم. (¬3) م ز: فلان. (¬4) ز: أو الشجر. (¬5) ز: أصابه. (¬6) ز: يكون. (¬7) ز: يدخل. (¬8) تقدم تفسير الظلة والكنيف قريباً. (¬9) م ف ز ع: نصيبهم. والتصحيح من ب جار. (¬10) م + إنما أشهدوا أنه أصاب فلاناً كذا بميراثه من أبيه وأصاب فلانة كذا ميراثها من أبيها ثم أراد أحدهم أن يرجع في حمل النخل والشجر الذي أصاب غيره فله ذلك ولا تكون القسمة في هذا أشد من البيع ألا ترى لو باع ذلك لم يدخل في البيع إلا أن يشترطه فكذلك القسمة ولكن يدخل النخل والشجر في ذلك والبناء كله وإن لم=

قول أبي حنيفة يكون له الكَنِيف ولا تكون له الظُّلَّة، كما يكون في البيع (¬1)، وفي قول أبي يوسف ومحمد يكونان (¬2) له جميعاً في القسمة والبيع وإن لم يشترطهما. ولو كانت للدار والأرض غلة من إجارة كانت أو من ثمن ثمرة دين على رجل لم يدخل ذلك في القسمة، وكان ذلك بينهم على المواريث. ولو اشترطوا ذلك في قسم بعضهم كانت القسمة فاسدة؛ لأنهم أدخلوا فيها الدين، ولا تجوز قسمة يدخل فيها دين للميت على الناس ويكون (¬3) في حصة بعضهم دون بعض. ولو اقتسموا على أن ضمن أحدهم (¬4) ديناً على الميت مسمى كان هذا باطلاً إذا كان في أصل القسمة. وإن ضمن الدين بغير شرط في القسمة على أن لا يتبع الوارثُ الميتَ ولا ميراثَه بشيء من ذلك وعلى أن يبرئ غرماء الميت [الميتَ] (¬5) كان هذا جائزأ. فإن أبى الغرماء أن يقبلوا ضمانه وطلبوا ميراث الميت ونقض القسمة فلهم ذلك. وإن رضوا بضمانه (¬6) وأبرؤوا الميت جازت القسمة. فإن أدى المال إليهم فهو جائز. وإن توى المال قِبَلَه (¬7) رجعوا في مال الميت حيث كان. ... ¬

_ = يشترط كل حق هو له يدخل في البيع هذا ولا يدخل فيه الثمرة وكذلك لو اقتسموا داراً فيها ظلة شارع أو كنيف شارع ولم يذكروا ذلك في القسمة وقد وقع في حيز نصيبهم فلم يقل بكل حق هو له ولا بكل قليل أو كثير هو فيه أو منه. (¬1) أي: أصل هذا هو قول الإمام في مسألة دخول الثمر في البيع. (¬2) ز: يكون. (¬3) ف: يكون. (¬4) م ف ز ع: أحدهما. والتصحيح من المبسوط، 15/ 64. (¬5) الزيادة من ب جار. (¬6) م ف: فضمانه. (¬7) وفي ب؛ والمبسوط، 15/ 64: عليه.

باب دعوى الغلط في القسمة

باب دعوى الغلط في القسمة وإذا اقتسم (¬1) القوم داراً أو أرضاً (¬2) ميراثاً بينهم أو شرى وقبض كل واحد منهم حقه من ذلك ثم ادعى أحدهم غلطاً فإن (¬3) أبا حنيفة قال في ذلك: لا تعاد القسمة، ولكنه يسأل البينة على الغلط (¬4). فإن أقام البينة على ذلك أَعَدْتُ القسمة فيما بينهم حتى يستوفي كل ذي حق حقه. وإن لم تكن (¬5) له بينة فأراد أن يستحلفهم على الغلط فله ذلك. فإن حلف منهم رجل لم يكن له عليه سبيل. وإن نكل عن اليمين نَظَرْتُ إلى نصيب الذي نكل (¬6) عن اليمين ونصيب الذي ادعى الغلط (¬7) ثم قسمتُه بينهما على قدر أنصبائهما. وكذلك (¬8) كل قسمة تكون في غنم أو بقر أو ثياب أو شيء مما يكال أو يوزن ادعى فيه أحدهم غلطاً بعد القسمة والقبض فهو مثل ذلك، لا يعاد ذَرْعُ شيء من ذلك ولا مساحته (¬9) ولا كيله ولا وزنه إلا بحجة (¬10). وإذا اقتسم الرجلان دارين فأخذ أحدهما داراً والآخر داراً ثم ادعى أحدهما غلطاً وجاء بالبينة أن له كذا وكذا ذراعاً (¬11) في الدار التي في يدي صاحبه فَضْلاً في قِسْمِه (¬12) فإنه يقضى له بذلك الذَّرعْ، ولا تعاد القسمة، وليس هذا كالدار الواحدة في قول أبي يوسف ومحمد. وأما في قياس قول أبي حنيفة فالقسمة فاسدة والداران بينهما نصفان؛ لأن أحدهما يرجع على صاحبه بذَرْع من الدار التي أخذ منه، وهو بمنزلة رجل ¬

_ (¬1) ف: فإذا اقتسم. (¬2) ز: وأرضا. (¬3) ز + الإمام الأعظم. (¬4) ولم يذكر في المسألة خلاف بين الإمام وصاحبيه. انظر: المبسوط، 15/ 64. (¬5) ز: لم يكن. (¬6) ف: وكل. (¬7) ز - الغلط. (¬8) م: ولذلك. (¬9) م ف ز: ولا مساحه. والتصحيح من ع، والمبسوط، 15/ 64. (¬10) م ف ز ع: ولا ذرعه. والتصحيح من المبسوط، 15/ 65. (¬11) م: كذا كذا ذرعا. (¬12) م ع: في قسمته؛ ف ز: في القسمة.

اشترى ذراعاً من دار، فلا يجوز في قول أبي حنيفة. وإذا اقتسم الرجلان أَقْرِحَة فأصاب أحدهما قَرَاحَين وأصاب الآخر أربعة أقرحة ثم ادعى صاحب القراحين أحد الأقرحة التي في يدي صاحب الأربعة وأقام البينة أنه أصابه في قسمه (¬1) فإنه يقضى له بذلك. وإذا اقتسم رجلان عشرة أثواب فأخذ أحدهما أربعة أثواب وأخذ الآخر ستة أثواب فادعى صاحب الأربعة ثوباً بعينه من الستة أنه (¬2) أصابه (¬3) في القسمة وأقام على ذلك البينة فإنه يقضى به (¬4) له (¬5). وإن لم تقم له بينة كان له أن يستحلف الذي في يديه الثوب. فإن حلف برئ. وإن نكل عن اليمين لزمه الثوب. وإذا اقتسم رجلان عشرة أثواب (¬6) فأصاب أحدهما ستة أثواب والآخر أربعة أثواب وشُهِدَ (¬7) على القسمة وعلى معرفة الأثواب، ثم ادعى صاحب الأربعة ثوباً من الستة أنه (¬8) أصابه (¬9) في قسمه وجاء بالبينة عليه وجاء الآخر بالبينة أنه أصابه في الستة (¬10)، فكل أقام عليه البينة، فإني أقضي به لصاحب الأربعة؛ لأنه المدعي. وإذا اقتسم رجلان مائة شاة فأصاب أحدهما خمسة وخمسين وأصاب ¬

_ (¬1) أي: أنه من نصيبه في القسمة. (¬2) م ف ز ع: التي. وانظر: لفظ المسألة السابقة. (¬3) ز: أصابته. (¬4) م: يقضان؛ ف ز: نقصان. (¬5) ز - له. (¬6) ف - عشرة أثواب. (¬7) ز: وشهدا. (¬8) م ف ز ع: التي. وانظر: لفظ المسألة التي قبل السابقة. (¬9) ز: أصابته. (¬10) ز: في السنة.

الآخر خمسة (¬1) وأربعين ثم ادعى صاحب الأَوْكَس (¬2) أنه غَلِطَ في القسمة وقال: أخطأنا في تقويمها، فإنه لا تعاد (¬3) له القسمة ولا تقبل في ذلك منه بينة. وإن قال: أخطأنا في العدد فأصاب كل إنسان منا خمسين (¬4) شاة والخمس غلط كان منا، وقال الآخر: قد اقتسمنا على هذا، وليست بينهما بينة (¬5) والغنم قائمة بعينها فإنها يتحالفان ويترادان. وإن أقام كل واحد منهما بينة على ذلك رددت القسمة، لأن صاحب الخمسة (¬6) والأربعين هو المدعي، وأَنْقُضُ القسمة، ويستقبلان القسمة فيما بينهما. وإذا اقتسما مائة شاة فأخذ كل واحد منهما حصته فقال أحدهما: أخذتَ واحداً (¬7) وخمسين غلطاً (¬8) وأخذتُ أنا تسعاً (¬9) وأربعين، وقال الآخر: ما أخذتُ إلا خمسين، فالقول قوله أنه لم يأخذ إلا خمسين بعد أن يحلف، وعلى الآخر البينة. وإذا اقتسم الرجلان داراً فأخذ كل واحد منهما طائفة فادعى أحدهما بيتاً في يدي الآخر وقال: هذا فيما أصابني (¬10)، وكذبه الآخر فإن عليه البينة. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المدعي الذي ليس هو في يديه، لأنه المدعي، ولم أقبل البينة للذي هو في يديه. وكذلك هذا في الأرضين (¬11). ولو لم يُشْهِدَا على أصل القسمة واختلفا في ذلك فقال [هذا] (¬12): أصابني هذه الناحية وهذا البيت فيها، وقال الذي هي في يديه: أصابني هذا كله، فإنهما يتحالفان ويترادان القسمة، وإن كانت لهما بينة على ¬

_ (¬1) م ز: خمس. (¬2) م ف ز ع: الأكثر. والتصحيح من المبسوط، 15/ 66. والأوكس هو الأقل مِن وَكَسَه أي نقصه. انظر: المغرب، "وكس". (¬3) ز: لا يعاد. (¬4) م ف ز + خمسين. (¬5) ف: منه. (¬6) ز: الخمس. (¬7) م ز: أحد؛ ف - واحدا. (¬8) م ز - غلطا. (¬9) ز: تسع. (¬10) م ز - أصابني. (¬11) م ز: في الأربعين. (¬12) الزيادة من المبسوط، 15/ 66.

القسمة أنفذت بينهما ما (¬1) شَهِدَتْ به الشهود. وإن اختلفا في الحد فيما بينهما فقال أحدهما: هذا الحد لي ودخل في نصيب صاحبه، وقال الآخر: هذا الحد لي ودخل في نصيب صاحبه (¬2)، فإن قامت لهما البينة جميعاً أخذت ببينة هذا وببينة هذا. فإن قامت لأحدهما بينة دون الآخر أخذت بالبينة. وإن لم تقم لهما بينة ولا لأحدهما استحلفت كل واحد منهما على دعوى صاحبه، وجعلت لكل واحد منهما ما في يديه. وإن أراد أحدهما أن يرد القسمة ردها بعدما يتحالفان. وقال أبو يوسف ومحمد في رجل مات وترك داراً وترك ابنين فاقتسما الدار فأخذ كل واحد منهما النصف وأشهدا على القسمة والقبض والوفاء، ثم إن أحدهما ادعى بيتاً في يدي صاحبه أو طائفة في يدي صاحبه، وقال: هذا في حدي، فإنه لا يصدق على ما ادعى إلا أن يقر به صاحبه؛ مِن قِبَل أنه أشهد بالوفاء. ولو لم يكن أشهد بالوفاء ولم يسمع منه إقرار بالقسمة حتى قال: اقتسمنا (¬3) فأصابني هذه الناحية، وهذا البيت والناحية في يديه، والبيت في يدي شريكه، وقال شريكه: بل أصابني البيت وما في يدي كله، فإني أسأل المدعي عن البيت (¬4) كيف كان أمره، أكان (¬5) قبل أن تقتسما (¬6) في يدي شريكك فلم يدفعه إليك، أو كان في يديك بعد القسمة فغصبكه. فإن قال: كان في يدي بعد القسمة فغصبني أو أجرته أو أعرته أو أسكنته، فإن القسمة جائزة ولا أنقضها، وأحلّف صاحبه. فإن قال: كان في يدي صاحبي قبل القسمة فأصابني في القسمة فلم يسلمه لي، تحالفا وترادا. وكذلك الاختلاف في الحد. ولو ادعى غلطاً في جميع نصيب صاحبه زيادة في الذَّرْع فقال: ¬

_ (¬1) ف ز: بما. (¬2) ز - وقال الآخر هذا الحد لي ودخل في نصيب صاحبه. (¬3) ز: اقتسمناها. (¬4) م ف ز ع: المدعي البينة. والتصحيح من المبسوط، 15/ 67. (¬5) ز: كان. (¬6) ز: أن يقتسما.

أصابني ألف وأصابك ألف فصار في يديك ألف ومائة وفي يدي تسعمائة، وقال الآخر: أصابني ألف وقبضتُها (¬1) وأصابك ألف [فقبضتَها] ولم أَزْدَدْ، فالقول قول الذي يُدَّعَى (¬2) قِبَلَه الغلط مع يمينه (¬3). فإن قال: أصابني ألف ومائة وأصابك ألف ومائة، وقال الآخر: أصابني ألف وأنت [أصابك] ألف فقبضتُ (¬4) تسعمائة وقبضتَ أنت ألفاً (¬5) ومائة، فإنهما في هذا يتحالفان ويترادان؛ مِن قِبَل أنه لم يقر بقبض المائة وقد أقر بها الذي في يديه. ولو كان قال: كنتُ قبضتُها فغصبتَنيها (¬6)، لم أنقض (¬7) القسمة، وأحلّف المدعَى قِبَلَه الفضل (¬8). ولو اقتسما (¬9) ألف درهم أو مائة شاة أو كيلاً أو وزناً وأشهدا (¬10) بالاستيفاء ثم ادعى أحدهما مما في يدي صاحبه شيئاً معلوماً فقال: هذا فيما أصابني، وجحد ذلك صاحبه وقال: بل هو فيما أصابني، فالقول قول الذي هو في يديه، مِن قِبَل أن الآخر قد أقر بالاستيفاء. ولو لم يكن أشهدا بالاستيفاء ولا أقرا به وقال [أحدهما]: اقتسمنا فاستوفيتُ واستوفيتَ ثم غصبتَني هذه الفَضْلَة، أو استودعتُكها فجحدتَ، أو أعرتُكها، فإني لا أنقض القسمة، والقول قول الذي هو في يديه مع يمينه. فإن قال: أصابني في القسمة وكان في يديك ولم تدفعها إلي (¬11)، تحالفا وترادا. ولو اقتسما مائة شاة فصار في يد أحدهما ستون وفي يدي الآخر ¬

_ (¬1) م ف ز ع + منك. والتصحيح من المبسوط، 15/ 67. (¬2) م: يدعا. (¬3) أي: القول قول المنكر مع يمينه، كما أفاده في ب؛ والمبسوط، 15/ 68. (¬4) ف ز: قبضت. (¬5) م ز: ألف. (¬6) ز: فغصبنيها. (¬7) م ف ز: ألم أنقض. (¬8) م ف ز ع + ولم أنقض القسمة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 68. (¬9) م ف ز: فلو اقتسما. (¬10) م ف ز: وأشهدوا. (¬11) ف: لي.

أربعون (¬1) فقال الذي في يديه الأربعون (¬2): أصابني خمسون (¬3) وأنت [أصابك] خمسون (¬4) وتقابضنا (¬5) ثم غصبتَني عشراً بأعيانها فخلطتَها (¬6) في غنمك فهي لا تُعرَف، وجحد الآخر الغصب وقال: بل أصابني ستون (¬7) وأنت [أصابك] أربعون (¬8)، فالقول قوله مع يمينه. ولو قال الأول: أصابني خمسون (¬9) فدفعتَ إلي أربعين وبقي في يديك عشر (¬10) لم تدفعها إلي، وقال الآخر: بل أصابني ستون (¬11) وأصابك أربعون (¬12)، فإنهما يتحالفان ويترادان القسمة. ولو كان في هذه المسألة أشهد عليه بالوفاء قبل هذه المقالة كان القول قول الذي في يديه الستون (¬13)، ولا يمين عليه. ولكنه لو قال: أصابني خمسون (¬14) وقبضتُها فغصبتَني عشراً بعد (¬15) القبض، وقال الآخر: بل أصابك أربعون (¬16) وأنا [أصابني] ستون (¬17)، أو أصابك (¬18) خمسون (¬19) وأنا [أصابني] خمسون (¬20) ولم أغصبك شيئاً، وقد أَشْهَدَ عليه بالوفاء، فإنه يَحْلِفُ على الغصب الذي ادُّعِي قِبَلَه وعلى الوديعة والعارية، فإن حلف برئ منه. ولو لم يشهد بالوفاء فقال الذي في يديه الأربعون (¬21): كانت غنم ¬

_ (¬1) ز: أربعين. (¬2) ز: الأربعين. (¬3) ز: خمسين. (¬4) ز: خمسين. (¬5) م ز: وتقابضا. (¬6) م ز: فخلطتهما؛ ف ع: فخلطهما. (¬7) ز: ستين. (¬8) ز: أربعين. (¬9) ز: خمسين. (¬10) ز: عشرا. (¬11) ز: ستين. (¬12) ز: أربعين. (¬13) ز: الستين. (¬14) ز: خمسين. (¬15) ز: بعض. (¬16) ز: أربعين. (¬17) ز: ستين. (¬18) م ف ز ع: وأصابك. والتصحيح من ب جار. (¬19) ز: خمسين. (¬20) ز: خمسين. (¬21) ز: الأربعين.

والدنا مائة شاة فأصابني خمسون (¬1) وأنت [أصابك] خمسون (¬2) فقبضتُها وقبضتَ (¬3) ثم غصبتَني عشرة وهي هذه، فقال الذي في يديه الستون (¬4): بل كانت غنم والدي مائة وعشرين فأصابني ستون (¬5) وأنت [أصابك] ستون (¬6) ولم أغصبك وقد تقابضنا (¬7)، فإن هذا قد أقر بفضل عشرة من الغنم ليس (¬8) فيها قسمة؛ لأن الآخر قال: إنما اقتسمنا مائة. والذي في يديه الستون (¬9) إذا أقر أنها كانت أكثر من مائة رد الفضل الذي في يديه وهي عشرة، ويحلف صاحبه (¬10). وإن لم يقر بفضل على مائة فقال: قد (¬11) كانت مائة وأصابني ستون (¬12) وأنت [أصابك] أربعون (¬13) فالقول قوله مع يمينه على الغصب الذي ادعاه [صاحبه] (¬14) قِبَلَه؛ مِن قِبَل أن شريكه قد أبرأه من حصته من المائة ولم يبرئه من حصته (¬15) من الفضل على المائة. وإن كانت الغنم قائمة بعينها قسمتُها نصفين ولا أُفْسِدُ القسمة، فإن كانت العشر الفَضْل (¬16) بأعيانها كانت بينهما نصفين، وإن كانت مجهولة رَدَدْتُ الستين والأربعين (¬17) واستقبلا القسمة. ... ¬

_ (¬1) ز: خمسين. (¬2) ز: خمسين. (¬3) ف + مني. (¬4) ز: الستين. (¬5) ز: ستين. (¬6) ز: ستين. (¬7) م ف ز ع: تقابضا. والتصحيح من المبسوط، 15/ 69. (¬8) م ف ز ع: فليس. والتصحيح من المبسوط، 15/ 69. (¬9) ز: الستين. (¬10) ويقتسمان العشرة. انظر: المبسوط، 15/ 69. (¬11) ز: بل. (¬12) ز: ستين. (¬13) ز: أربعين. (¬14) الزيادة من المبسوط، 15/ 69. (¬15) ف - من المائة ولم يبرئه من حصته. (¬16) م ف ز ع: افضل. والتصحيح من ب جار. (¬17) م ف ز - والأربعين. والتصحيح من ع ب جار.

باب قسمة الوصي على أهل الوصية والورثة

باب قسمة الوصي على أهل الوصية والورثة وإذا كانت الدار ميراثاً بين قوم، فيهم صغير له وصي، وفيهم غائب له وكيل في القسمة، فاقتسموا الدار على ذلك، فهو جائز. وكذلك الأرضون والقرى والدور والأشقاص في الدور. وكذلك لو كان فيهم صغير له أب (¬1) يقاسم عليه فهو جائز. وكذلك لو لم يكن له أب ولا وصي فقاسم الجد أبو الأب [على] الصغير فهو جائز. وكذلك لو كان في الميراث مال صامت (¬2) أو ذهب أو فضة أو شيء من الكيل والوزن أو ثياب أو شيء من الحيوان أو شيء من العروض كائناً ما كان فإن القسمة في ذلك كله جائزة (¬3) على ما ذكرت لك. فإن كان في الميراث دين بينهم على الميت فأدخلوا الدين في القسمة فصار الدين في قسم واحد منه فإنه لا يجوز. وكذلك لو اقتسموا الدين فأخذ كل واحد منهم من حقه ديناً على رجل خاصة فإن هذا لا يجوز، وهذا يُبطل القسمة. فإن أهملوا ذلك الدين وتركوه على المواريث فاقتسموا ما سوى ذلك فهو جائز (¬4). ولا تجوز قسمة الأخ على الصغير ولا قسمة العم ولا قسمة الأم ولا ¬

_ (¬1) ز: أن. (¬2) هو المضروب وغيره من الذهب والفضة سوى المموَّه. انظر: المغرب، "مول". (¬3) م ف ز ع: جائز. (¬4) م ف ز ع + وكذلك قسمة الجد أبي (ز: أبو) الأب على الصغير إذا لم يكن له والد ولا وصي. إلا أن كلمة "وصي" في آخر الجملة كتبت "صي" وسقط منها الواو في نسخة م. وعموماً فالجملة هذه سبقت قبل أسطر، وهي زائدة مكررة هنا، فالأولى حذفها، ولعلها من خطأ الناسخين.

قسمة الجد أبو الأم إذا كان الأب حياً. ولا تجوز قسمة الوصي بين صغيرين. وإن كان معهم ورثة كبار فإن قسم نصيبي الصغيرين (¬1) معاً جاز ذلك. وكذلك الأب (¬2). ولا تجوز قسمة وصي الميت على الكبار وهم كارهون. فإن كان (¬3) فيهم غائب فقاسم الوصي عليه فإنه لا يجوز (¬4) في العقار، وفي غير ذلك جائز. وإن كان فيهم صغير وكبير غائب (¬5) وكبار حضور فعزل الوصي نصيب الكبير الغائب مع نصيب الصغير وقاسم الكبار الحضور فهو جائز (¬6) في العقار وما سواه في قول أبي حنيفة. ولا يجوز في قول أبي يوسف ومحمد على الكبير في شيء من العقار إذا كان غائباً. وإذا كان الوصي وصي الأخ أو وصي الأم أو وصي العم فإنه لا تجوز قسمته في العقار، وتجوز في العروض على الصغير والغائب. وإن كان الوصي من أهل الذمة والورثة والميت من أهل الذمة فهم (¬7) في جميع ذلك بمنزلة أهل الإسلام. وإن كان الوصي من أهل الذمة والورثة والميت من أهل الإسلام فإنه يخرج من الوصية ويجعل مكانه مسلماً. فإن كان (¬8) قاسم على الصغير قبل أن يخرج فقسمته جائزة مثل قسمة الوصي المسلم. وكذلك لو كان الوصي عبداً لغير الميت فإنه وصي حتى يخرجه القاضي. ¬

_ (¬1) ز + جميعاً. (¬2) والمراد أن الأب كالوصي في المسألة الأخيرة وليس في التي قبلها، فإن الأب يجوز له أن يقسم بين ابنيه الصغيرين. انظر: المبسوط، 15/ 69. (¬3) م - كان. (¬4) ز: لا تجوز. (¬5) م + فقاسم الوصي عليه فإنه لا يجوز في العقار وفي غير ذلك جائز وإن كان فيهم صغير وكبير غائب. (¬6) م ف ز ع + في ذلك الصغار كله. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 70. (¬7) م ف ز ع: فهو. والتصحيح من ب جار. (¬8) ف - كان.

باب قسمة أهل الذمة

ولا تجوز قسمة الوالد على الصغير إذا كان الصغير مسلماً والأب كافراً. وكذلك الأب المكاتب أو العبد أو المرتد عن الإسلام والمقتول على ردته، لا تجوز قسمة أحد من هؤلاء على الصغير. وكذلك الوالد الحربي المستأمن وابنه مسلم في دار الإسلام أو ذمي، فإن قسمته لا تجوز عليه. ولو كان ابنه حربياً مثله جازت قسمته عليه. ولا تجوز قسمة المرتد المقتول في ردته (¬1) على ولده (¬2) الصغار وإن كانوا على دينه ولدوا من امرأته وهي مرتدة مثله في حال الردة. وكذلك لا تجوز قسمته لنفسه في قول (¬3) أبي حنيفة. ولا تجوز قسمة ولي الصغير (¬4) إذا لم يكن وصياً. وكذلك الرجل يلتقط اللقيط، فلا تجوز قسمته عليه في شيء من الأشياء. وكذلك المعتوه والمغلوب فهو بمنزلة الصغير في جميع ذلك. فأما المُبَرْسَم (¬5) والمغمى عليه والذي يُجَنّ ويُفِيق فلا تجوز عليه القسمة إلا برضاه. ... باب قسمة أهل الذمة وإذا كان ميراث بين أهل الذمة الخمر والخنازير وغير ذلك فاقتسموه ¬

_ (¬1) م ز: على ردته. (¬2) ز: على أولاده. (¬3) ز + الإمام الأعظم. (¬4) وفي ب جار: ولا تجوز قسمة قريب غير وصي على الصغير. (¬5) هو الذي أصيب بمرض البِرْسَام أي ذات الجنب، وهو التهاب غشاء الرئة، والمصاب بهذا المرض يصاب بالهذيان أحياناً. انظر: القاموس المحيط، والمعجم الوسيط، "برسم".

فيما بينهم فهو جائز. فإن كان فيهم صبي صغير له وصي أو غائب له وكيل فهو جائز. وإذا اقتسم أهل الذمة الخمر فيما بينهم بكيل أو وزن فهو جائز (¬1). ولا يجوز (¬2) فيما بين أهل الذمة قسمة الميتة ولا قسمة الدم؛ لأنها ليس لها (¬3) ثمن وليس بمال، والخمر والخنزير مال. ولو اقتسموا خمراً فيما بينهم وفضّل بعضهم بعضاً في كيلها لم يجز الفضل في ذلك فيما بينهم؛ لأنه صنف واحد يكال ويوزن (¬4). وإذا اقتسم أهل الذمة الخنازير فيما بينهم فهو جائز. وإذا أراد بعضهم قسمته وأبى بعضهم أجبرهم على القسمة كما أجبرهم على قسمة الغنم لو كانت، فكذلك (¬5) أجبرهم على قسمتها إذا طلب ذلك بعضهم. وإذا كان وصي الذمي مسلماً وفيهم صغير وفي الميراث خمر فإني أكره للمسلم أن يقاسم الخمر. وكذلك الخنازير. ولكنه يوكل من أهل الذمة من يوثق به في ذلك، فيقاسم الصغير، ويبيع (¬6) ذلك بعد القسمة بدراهم أو دنانير، وذلك جائز على الصغير. ولو باعها الوكيل من الورثة قبل القسمة بأمر القاضي أو الوصي جاز ذلك على الصغير. وإذا وكل الذمي المسلم بقسمة ميراث وفيه خمر وخنازير فإني أنهى المسلم عن قسمة ذلك. فإن قاسم ذلك المسلم لم تجز قسمته، وكان ذلك بمنزلة بيعه وشراه في ذلك، وليس للمسلم أن يوكل بقسمة ذلك غيره؛ لأن صاحبه لم يفوض ذلك إليه. فإن فوض ذلك إليه فوكل المسلم ذمياً فقاسم له ذلك فهو جائز. ولو أن ذمياً مات وترك خمراً وخنازير فأسلم أحد ورثته ثم وكل ¬

_ (¬1) ف + وإذا اقتسم أهل الذمة الخمر فيما بينهم بكيل أو وزن فهو جائز. (¬2) ز: تجوز. (¬3) م ف ز: لأنهم ليس له. (¬4) ز: أو يوزن. (¬5) م ف ز: وكذلك. (¬6) م ف ز: أو يبيع.

وكيلاً (¬1) ذمياً فقاسم الخمر والخنازير كانت قسمته في الخمر والخنازير (¬2) باطلاً لا يجوز (¬3)؛ لأنها ليست بمال للمسلم في قول أبي يوسف ومحمد. ويجوز (¬4) في قياس قول (¬5) أبي حنيفة (¬6). ولو أخذ نصيباً من الخمر فجعلها خلاًّ لم تجز القسمة الأولى (¬7) على المسلم، وكان (¬8) المسلم ضامناً لحصة [شركائه] (¬9) من الخمر الذي خلّل، ويكون الخل له في قول أبي يوسف ومحمد. وإن كان ميراث بين أهل الذمة من (¬10) عقار أو غيره فأسلم [أحد] الورثة ثم اقتسموا ذلك بشهادة أهل الذمة فإن شهادتهم لا تجوز على المسلم إن جحد القسمة، وتجوز (¬11) على أهل الذمة وإن جحدوا هم (¬12) وادعى هو ذلك. ولا تجوز (¬13) قسمة أهل الذمة فيما بينهم في الخمر والخنازير [وغير ذلك] (¬14) إذا كان فيهم صغير ليس له وصي أو غائب ليس له وكيل. وكذلك إن كان على الميت دين يحيط بماله وميراثه (¬15) خمر وخنازير والغرماء مسلمون فاقتسم (¬16) الورثة ذلك الميراث فإنه لا تجوز قسمته، ويباع في الدين، ويوليه (¬17) قاضي المسلمين رجلاً من أهل الذمة فيبيعه فيقضي (¬18) به دين الميت. ¬

_ (¬1) ف - وكيلا. (¬2) م ف ز: والخنزير. (¬3) ز: لا تجوز. (¬4) ز: وتجوز. (¬5) ز + الإمام الأعظم. (¬6) وفي المبسوط، 15/ 71: في قول أبي حنيفة. (¬7) أى: القسمة المذكورة. (¬8) ف: ولو كان. (¬9) م ف ع: لحصته. والتصحيح مع الزيادة من المبسوط، 15/ 72. (¬10) ز + من. (¬11) م ز + له. (¬12) م ز: جحدوهم. (¬13) م ف ز: لا تجوز. (¬14) لا بد من هذه الزيادة لأن الخمر والخنازير لا خصوصية لها في المسألة. وانظر المسألة المارة في أول الباب. (¬15) م ف ز ع: أو ميراثه. (¬16) ف: فانقسم. (¬17) م ف ز: ويواليه. (¬18) ز: فيقضا.

باب قسمة المكاتب

باب قسمة المكاتب وإذا كانت الدار بين حر ومكاتب فاقتسماها فهو جائز. وكذلك الأرض والحيوان كله من الرقيق وغيره. وكذلك الثياب والعروض كلها. وكذلك الكيل والوزن. فإن قاسم المكاتب شريكه (¬1) في ذلك كله فهو جائز. وكذلك لو وكّل وكيلاً بذلك. وكذلك المكاتب لو عجز (¬2) بعد القسمة فأراد مولاه رد شيء من هذا لم يكن له ذلك، وكانت جائزة عليه. وكذلك لو أدى (¬3) فعتق فأراد (¬4) رد شيء من هذا لم يكن له (¬5) ذلك، وكانت جائزة عليه. وكذلك لو كانت دار بين المكاتب وبين مولاه أو شيء مما ذكرنا فقاسم المكاتب مولاه فهو جائز. وكذلك كل ذي رحم محرم من مولاه من والد أو أخ قاسمه المكاتب بشيء مما ذكرنا كان بينهما فهو جائز. وإن قاسم مولى المكاتب على المكاتب وهو كاره، أو غائب لم يوكله بذلك، فإن قسمته لا تجوز عليه. فإن (¬6) عجز ورُدَّ رقيقاً وصار ذلك الشيء لمولاه فإن قسمته لا تجوز؛ لأنه قَسَمَهُ يومئذ وليس هو له. ولو وكل المكاتب وكيلاً بالقسمة فعجز فرُدَّ في الرق قبل أن يقاسم لم تجز قسمته على تلك الوكالة. وكذلك لو مات المكاتب وترك وفاء أو لم يترك وترك أولاداً يسعون في المكاتبة لم تجز قسمة الوكيل في ذلك (¬7). ولو أوصى المكاتب عند موته إلى (¬8) الوصي (¬9) فقاسم الوصي ورثة المكاتب الكبار لولده الصغار وقد ترك وفاء فإن قسمة الوصي في هذا جائزة (¬10)، وإذا قاسم الكبيرَ للصغار (¬11) جاز على ¬

_ (¬1) م ف ز ع: لشريكه. والتصحيح من ب جار. (¬2) ف: ولو عجز. (¬3) ز - أدى. (¬4) أي: أراد مولاه. (¬5) ز - له. (¬6) ز: وإن. (¬7) م ف ز: في تلك. (¬8) ف - إلى. (¬9) م ز: إلى الموصى. (¬10) م: جائزا؛ ز: جائز. (¬11) م ف ز: الصغار. والتصحيح من ع.

باب قسمة العبد التاجر

نحو ما تجوز عليه قسمة وصي الحر (¬1). ولو وكل المكاتب وكيلاً بقسمته ثم أدى فعتق فقاسم الوكيلُ جازت قسمته؛ لأن ذلك الشيء في ملك المكاتب بعدُ لم يخرج من ملكه. وإن كان المكاتب باع ذلك قبل أن يقاسم الوكيل لم تجز قسمة الوكيل، وكذلك في هذا الحر. ولو أوصى المكاتب إلى وصي وترك ابناً كبيراً وصغيراً وُلِدا (¬2) في المكاتبة ولم يترك وفاء فقاسم الوصيُّ (¬3) الكبيرَ للصغير فإن ذلك لا يجوز، فإن أدوا المكاتبة قبل أن يردوا القسمة أجزت القسمة، وإن اختصموا فيها قبل أن يؤدوا المكاتبة أَبطلتُ القسمة. ... باب قسمة العبد التاجر وإذا كان لعبد تاجر دارٌ (¬4) بينه وبين حر (¬5) أو أرضٌ فقاسمها إياه (¬6) فهو جائز، إن كان (¬7) عليه دين أو لم يكن، إن أجاز ذلك مولاه أو لم ¬

_ (¬1) قال الحاكم الشهيد: قال أبو عصمة: هذا خلاف ما قال [الإمام محمد] في الزيادات، والذي قال في الزيادات أصح من هذا. انظر: الكافي، 1/ 200 ظ. وقال السرخسي: وقال في الزيادات: وصيُّه بمنزلة وصي الحر في حق الابن الكبير الغائب حتى تجوز قسمته فيما سوى العقار. وما ذكر هناك أصح، لأنه لا يثبت للمكاتب على ولده الصغير ولاية مطلقة وإن استندت حريته إلى حال حياته، لأنه في تلك الحال مشغول بنفسه لا يمكنه أن ينظر إلى الولد، فلا تثبت له الولاية، وإنما تثبت الولاية المطلقة للوصي إذا كان للموصي ولاية مطلقة. ألا ترى أن وصي الأخ والعم لا يثبت له من الولاية إلا قدر ما كان للموصي، فهنا أيضاً كان للموصي على ولده الصغير المولود في الكتابة من الولاية ما يرجع إلى الحفظ، ولا ولاية له عليه فوق ذلك، فكذلك وصيه بعد موته. وما زاد على هذا من البيان قد ذكرناه في إملاء شرح الزيادات. انظر: المبسوط، 15/ 73. (¬2) ف: ولد. (¬3) م: للوصي. (¬4) ز: دارا. (¬5) م ف ز: آخر. (¬6) م ز - إياه. (¬7) م ف: وإن كان؛ ز: وإذا كان.

يجز. وكذلك الحيوان والرقيق وغيرهم. وكذلك العروض والثياب. ولو كان شيء من ذلك بين عبدين كل واحد منهما تاجر فاقتسما ذلك جاز عليهما وإن كره ذلك المولى. وكذلك لو كانا عبدين لرجل واحد وعليهما دين أو على أحدهما. فإن لم يكن على أحدهما دين ولا (¬1) عليهما فقسمتهما باطل؛ لأن مولاهما واحد، وهما ومالهما له. ولو كانا مكاتبين لرجل واحد فاقتسما شيئاً من ذلك جاز عليهما، ولا يشبه المكاتب في هذا العبد، العبد وماله لمولاه إذا لم يكن عليه دين، والمكاتب ماله لنفسه. وإن كان عبد تاجر ليس عليه دين بينه وبين رجل دار فقاسمها إياه مولى العبد بغير رضا من العبد كان جائزاً. ولو كان عليه دين قليل أو كثير لم يجز (¬2) ذلك إلا أن يسلمه العبد. ولو كان بين العبد وبين مولاه دار فقاسمها إياه فإن كان على العبد دين فالقسمة جائزة. وإن لم يكن عليه دين فالدار كلها للمولى، والقسمة فيها باطل. ولو أن عبداً بينه وبين عبد شركة في تجارة من بَزّ وعروض اقتسما ذلك كان ذلك جائزاً. ولو وكل العبد وكيلاً بقسمة ذلك فهو جائز. وإن كانت الأمة تاجرة فهي بمنزلة العبد في جميع ذلك. وكذلك العبد التاجر إذا كان تاجراً ومولاه مسلم أو كافر. وكذلك العبد المسلم ومولاه كافر في جميع ما ذكرنا من القسمة. وكذلك العبد التاجر ومولاه مكاتب (¬3) فهو بمنزلته (¬4). وكذلك العبد يكون له عبد تاجر فهو بمنزلة ذلك في جميع ما ذكرنا. وكذلك أم الولد التاجرة والمدبرة التاجرة. ولا تجوز قسمة ابن العبد التاجر (¬5) إذا كان عبداً إلا أن يكون مأذوناً له في التجارة، وأما ابن المكاتب المولود في مكاتبة أبيه (¬6) أو اشتراه فإن قسمته جائزة؛ لأنه بمنزلة المكاتب. وأما أخو (¬7) المكاتب إذا اشتراه أو كان ذا رحم محرم منه فإنه لا تجوز قسمة أحد (¬8) منهم في قول (¬9) أبي حنيفة لأنه محجور عليه، ¬

_ (¬1) ز + على. (¬2) ز: لم تجز. (¬3) م: يكاتب. (¬4) م ز: بمنزله. (¬5) م ز - التاجر. (¬6) ز: مكاتبته ابنه. (¬7) ز: أخ. (¬8) ز: واحد. (¬9) ز + الإمام الأعظم.

وفي قول أبي يوسف ومحمد جائز لأنه بمنزلة المكاتب. وأما أبو (¬1) المكاتب وأمه وولده وولد ولده إذا اشتراهم فقسمتهم (¬2) جائزة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك قسمة العبد التاجر والمكاتب [لهم] (¬3) في قولهما. ولا تجوز قسمة العبد المحجور عليه في شيء من ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك الأمة وأم الولد والمدبرة. ولو أن عبداً بين رجلين أذن له أحدهما في الشرى والبيع فاشترى داراً هو ورجل حر جاز ذلك في حصة الذي أذن له. فإن قاسم ذلك فهو جائز. وكذلك كل قسمة بينه وبين حر. ولو كانت (¬4) دار بينه وبين مولاه الذي لم يأذن له فقاسمها (¬5) إياه جاز (¬6) ذلك. وكذلك المكاتب نصفه مكاتب ونصفه رقيق إذا كاتبه أحد الموليين على نصيبه بإذن شريكه فقسمته جائزة في جميع ما ذكرنا مثل قسمة الحر المسلم (¬7). ¬

_ (¬1) ز: أب. (¬2) م: إذا اشتراها فقسمتهما؛ ف ز ع: إذا اشتراها فقسمتها. والتصحيح مستفاد من ب جار. (¬3) أي: للقرابة الذين اشتراهم المكاتب. وعبارة ب جار: وكذا مأذونه. (¬4) م ف ز: لو كانت. (¬5) م ف ز ع: فقاسماها. والتصحيح من المبسوط، 15/ 73. (¬6) ز - جاز. (¬7) م + آخر كتاب القسمة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

كتاب الهبة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الهبة [باب] الهبة (¬2) لذوي الأرحام أخبرنا أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن (¬3) أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: من وهب لذي رحم هبة فقبضها فليس له أن يرجع فيها (¬4). محمد عن أبي يوسف عن هشام بن عروة (¬5) عن أبيه عن عائشة ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ز - الهبة. (¬3) ز + الإمام الأعظم. (¬4) الموطأ، الأقضية، 42؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 3/ 73. ولفظ مالك هكذا: عن داود بن الحُصَين عن أبي غَطَفان بن طَرِيف المُرِّي أن عمر بن الخطاب قال: من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها. ويأتي قريب من هذا عند المؤلف. انظر: 2/ 91 ظ. ويأتي في باب الصدقة برواية الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: 2/ 108 و. (¬5) م - بن عروة؛ ز: عن عروة.

- رضي الله عنها - أنها قالت: نَحَلَني (¬1) أبو بكر جُذَاذَ (¬2) عشرين وسقاً من ماله بالعالية، فلما حضره الموت حمد الله تعالى وأثنى عليه وقال: يا بنية، إن أحب الناس إلي غنى أنت وأعزهم علي فقراً (¬3) أنت، وإني كنت نحلتك جذاذ عشرين وسقاً من مالي بالعالية، وإنك لم تكوني قبضتيه، وإنما هو مال الوارث، وإنما هما أخواك وأختاك، قالت: فقلت: إنما هي أم عبد الله، تعني أسماء، فقال: إنه قد (¬4) ألقي (¬5) في نفسي بأن ذا بَطْنِ ابنةِ (¬6) خارجةَ جاريةٌ (¬7). أبو يوسف عن إسماعيل بن (¬8) أبي خالد عن عامر الشعبي عن عائشة أن أبا بكر نحلها أرضاً، فلم تقبضها حتى أدركه الموت، فقال لها: إنك لم تقبضيها، وإنما هي للوارث. محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن إبراهيم أنه قال: إذا عُلِمَت (¬9) ¬

_ (¬1) نحل أي: أعطى وتبرع. انظر: لسان العرب، "نحل". (¬2) الجَذّ والجَدّ بمعنى: القطع، ورويت الكلمة بالدال أيضاً. انظر: لسان العرب، "جدد، جذذ". (¬3) م ز: فقر. (¬4) ز - قد. (¬5) ف ز + إلي. (¬6) م ز: انه. (¬7) الموطأ، الأقضية، 40؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 101؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 281. ومعني قوله: "ذا بطن ابنة خارجة جارية"، أي الحمل الموجود في بطن حبيبة بنت خارجة- وهي زوجة أبي بكر - رضي الله عنه -- أنثى. وقد ولدت أنثى كما تَفَرَّس أبو بكر - رضي الله عنه -. انظر: شرح الزرقاني على الموطأ، 4/ 57. (¬8) م: عن. (¬9) وعبارة الحاكم والسرخسي: إذا أعلمت. انظر: الكافي، 1/ 146 ظ؛ والمبسوط، 12/ 48. ويأتي عند المؤلف: إذا وهب الرجل لابنه الصغير هبة فأعلمها ... لكن استعمال المؤلف لفظ, معلوم، معلومة" فيما يأتي يدل على أن كلا الاستعمالين "علم، أعلم"موجود. انظر مثلاً: 2/ 94 و، 94 ظ. وروى الإمام أبو يوسف عن إبراهيم أنه قال في الهبة والصدقة: لا تجوز إلا مقبوضة معلومة. انظر: الآثار، 163. وقال السرخسي: والصدقة كالهبة عندنا في أنه لا يوجب الملك للمتصدق عليه إلا بالقبض خلافاً لمالك --رحمه الله تعالى--. وفي الصدقة خلاف بين الصحابة ومن بعدهم رضي الله تعالى عنهم. وكان علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - يقولان: إذا أعلمت الصدقة=

الصدقة جازت، ولا تجوز الهبة إلا مقسومة مقبوضة (¬1). محمد عن أبي يوسف عن عيسى بن المسيب عن الشعبي عن علي وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - قالا: إذا عُلِمَت الصدقة جازت (¬2). محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن القاسم بن (¬3) عبدالرحمن عن علي وعبد الله مثله. محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن شريح أنه سئل: ما يجوز للصبي الصغير من نَحْلِ (¬4) أبيه؟ فقال: الشهود (¬5). قال: فإن كان (¬6) أبوه الذي يليه؟ قال: هو أَحَقُّ مَن وَلِيَه (¬7). محمد عن أبي يوسف عن العَرْزَمِي (¬8) عن عمرو (¬9) بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ¬

_ = جازت. وكان ابن عباس ومعاذ - رضي الله عنهم - يقولان: لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة. وعن شريح وإبراهيم النخعي -رحمهما الله تعالى- فيه روايتان ذكرهما في الكتاب. فأخذنا بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، وحملنا قول علي وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - على صدقة الرجل على ولده الصغير، وذلك بالإعلام يتم، لأنه يصير قابضاً له. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬1) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 122؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 281. (¬2) المصنف لعبد الرزاق، 9/ 122؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 281. (¬3) م ز: عن. (¬4) نَحْل مصدر نَحَلَ، وقد تقدم معناه. (¬5) ف - الشهود. (¬6) ز: كاه. (¬7) عن ابن سيرين قال: سئل شريح ما يجوز للصبي من النحل؟ قال: إذا أشهد وأعلم. قيل: فإن أباه يحوز عليه؟ قال: هو أحق من حاز على ابنه. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 9/ 103. (¬8) م ف ز: العروحي. وهو تصحيف. وإنما يروي الإمام أبو يوسف عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب. انظر مثلاً: الآثار، 12. (¬9) م: عن عمر.

- رضي الله عنهما - أنهما قالا: إذا وهب الرجل لابنه الصغير هبة فأعلمها فهو جائز (¬1). محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن شريح أنه قضى في صدقة لم تقبض ولم تُحَزْ فأجازها. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن إبراهيم مثله. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى عن علي بن أبي طالب مثله. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن (¬2) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - مثله (¬3). محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: الرجل والمرأة بمنزلة ذي الرحم المحرم (¬4) إذا وهب أحدهما لصاحبه لم يكن له أن يرجع فيها (¬5). ¬

_ (¬1) عن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلاً ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم قال: مالي بيدي لم أعطه أحداً، وإن مات هو قال: هو لابني قد كنت أعطيته إياه. مَن نحل نحلة فلم يَحُزْها الذي نحلها حتى يكون إن مات لورثته فهي باطل. انظر: الموطأ، الأقضية، 41؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 102. وعن عثمان بن عفان قال: من نحل ولداً له صغيراً لم يبلغ أن يحوز نحله، فأعلن ذلك له وأشهد عليها، فهي جائزة وإن وليها أبوه. انظر: الموطأ، الوصية، 9؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 103. (¬2) م: بن. (¬3) ز - محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن إبراهيم مثله محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى عن علي بن أبي طالب مثله محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - مثله. روي عن ابن عباس قال: لا تجوز الصدقة حتى تقبض. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 281. (¬4) م ز - المحرم. (¬5) الآثار لمحمد، 122؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 84؛ وجامع المسانيد للخوارزمي، 2/ 65.

محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن الهيثم (¬1) أن شريحاً كان لا يجيز الصدقة إلا مقبوضة محوزة (¬2). محمد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم إذا وهب لامرأته أو لبعض ولده وقد أدرك وهو في عياله أن ذلك جائز إذا أعلمه وإن لم يقبض ذلك الموهوب له. محمد عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن شريح أنه سأله رجل عن الحَبِيس (¬3)، فقال (¬4): إنما أقضي ولست أفتي، قال: فأعدت عليه المسألة، فقال: لا حَبْسَ عن فرائض الله تعالى (¬5). محمد عن أبي يوسف عن مسعر بن كدام (¬6) عن أبي عون عن شريح أنه قال: جاء محمد - عليه السلام - ببيع الحَبِيس (¬7). محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن الشعبي قال: لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة. ¬

_ (¬1) ز: عن القسم. (¬2) الآثار لأبي يوسف، 163؛ والمصنف لعبد الرزاق، 9/ 122. (¬3) ز: عن الحبس. الحَبِيس فسره المؤلف في باب الرقبى والحبيس بأن يقول الإنسان: داري هذه حَبِيس على عقبي من بعدي. انظر: 2/ 105 ظ. ويأتي شرحه هناك. وقال المطرزي: الحبيس هو كل ما وقفته لوجه الله حيوانا كان أو أرضاً أو داراً. ويقال: حَبَسَ فرساً في سبيل الله وأحبس فهو حَبِيس ومُحْبَس. وقد جاء حَبَّسَ بالتشديد، ومنه قوله - عليه السلام - لعمر - رضي الله عنه - في نخل له: "حَبِّس الأصل وسَبِّل الثمرة"، أي: اجعله وقفاً مؤبداً واجعل ثمرته في سبيل الخير. انظر: المغرب، "حبس". وقد استدل بهذا لأبي حنيفة في قوله بعدم لزوم الوقف. انظر: المبسوط، 12/ 52. (¬4) م ز: وقال. (¬5) رواه الإمام محمد بنفس الإسناد وبإسناد آخر في الحجة، 3/ 60، 64. (¬6) ز: بن كرام. (¬7) ز: الحبس. كرر المؤلف الروايتين في أول باب الرقبى والحبيس. انظر: 2/ 105 و - 105 ظ. ورواه الإمام محمد في الحجة، 3/ 60، بلفظ: كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يبيع الحُبُس. وقد وردت الرواية الأخيرة بلفظ "بمنع الحبس" في المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 350؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 163.

محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن الزهري ... (¬1). عن سعيد (¬2) عن جابر عن القاسم عن معاذ وعن شريح قالا (¬3): لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة (¬4). محمد عن أبي يوسف عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر بن الخطاب: ما بال أحدكم يَنْحَل ولدَه بصدقة لا يحوزها ولا يقسمها، يقول: إن أنا مت كانت له، وإن مات هو رجعت إلي، وأيم الله لا يَنْحَلُ رجل ولده نِحْلَة لم يحزها ولم يقسمها ثم يموت إلا صارت ميراثاً للوارث. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن الزهري عن عثمان بن عفان مثله. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي بن أبي طالب أنه قال في المرأة تهب لزوجها هبة، فإن شاءت رجعت فيها إذا هي ادعت أنه استكرهها، وإن وهب هو لها شيئاً فليس له أن يرجع في الهبة. محمد (¬5) عن غالب بن عبيد (¬6) الله عن عطاء (¬7) ومجاهد عن عمر بن الخطاب أنه قال: من وهب هبة لذي (¬8) رحم محرم فليس له أن يرجع فيها، ومن وهب هبة لغير ذي رحم فله أن يرجع فيها ما لم ¬

_ (¬1) كذا في م ف. ولعل فيه زيادة خطأ من الناسخين. (¬2) الكلمة مهملة في م ف. ولعله سفيان بن سعيد الثوري. فإن عبدالرزاق رواه عن الثوري عن جابر عن القاسم بن عبدالرحمن عن معاذ وشريح. انظر: المصنف، 9/ 122. والإمام محمد يروي عن سفيان الثوري. انظر مثلاً: الحجة على أهل المدينة، 1/ 10، 22، 69. (¬3) م ف: قال. (¬4) ز - محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن الزهري عن سعيد عن جابر عن القاسم عن معاذ وعن شريح قالا لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة. (¬5) م ز - محمد. (¬6) ز: بن عبد. (¬7) ز: بن عطاء. (¬8) ز: لذوي.

يُثَبْ (¬1) منها (¬2). قلت: أرأيت رجلاً وهب لأخيه عبداً فلم يقبضه أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: أفرأيت إذا قبضه الأخ الموهوب له بعدما افترقا بغير أمر الواهب أيجوز قبضه؟ قال: لا. قلت: فللواهب أن يرجع في العبد فيأخذه؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد قبضه الموهوب له؟ قال: ليس قبضه بشيء إلا أن يقبض بأمر الواهب. قلت: أرأيت إن وهبه له والعبد حاضر معه كيف يجوز القبض من ذلك، وكيف يكون القبض؟ قال: أن يخلي بينه وبين العبد ويأمره بقبضه. قلت: أرأيت إن قبضه الموهوب له ثم افترقا والواهب مقر بذلك ولكنه لم يتكلم الواهب بالقبض أيكون (¬3) هذا قبضاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا قال الواهب له (¬4): قد خليت (¬5) بينك وبين العبد فاقبضه، فانصرف الواهب فقبض الموهوب له العبد وقد كان العبد حاضراً عندهما أيكون هذا قبضاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان العبد حيث وهبه له ليس بحاضر عندهما ولم يأذن له في القبض ما القول في ذلك؟ قال: إن دفع إليه العبد فالهبة جائزة، وإلا فليس بشيء. قلت: أرأيت الواهب إذا قال: قد وهبته لك فانطلق فاقبضه، أيجوز ذلك إن قبضه؟ قال: نعم. قلت: فللواهب أن يرجع فيه ما لم يقبضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن مات الواهب قبل أن يقبضه أو مات الموهوب له؟ قال: الهبة باطل، والعبد عبد الواهب. قلت: أرأيت رجلاً استودع (¬6) أخاه عبداً أو ثوباً أو متاعاً أو داراً (¬7) أو دابةً ثم قال صاحب المتاع والعبد والدابة والدار: قد وهبت لك الذي استودعتك وهي في يدي المستودع، أيجوز ذلك؟ قال: نعم، إذا قال ¬

_ (¬1) ز: لم يثيب. (¬2) تقدم قريباً بإسناد آخر. انظر: 2/ 90 ظ. ويأتي في باب الصدقة نفس الأثر بمعناه برواية الإمام محمد عن الإمام مالك بإسناده. انظر: 2/ 108 و. وانظر: الموطأ، الأقضية، 42. (¬3) م ز: أن يكون. (¬4) م ز - له. (¬5) م: قد خلت. (¬6) ف: استودعه. (¬7) م: أو ثوبا؛ ز - أو دارا.

الموهوب له: قد قبلت. قلت: فللواهب أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت (¬1): ولا يحتاج في هذا إلى الإذن في القبض؟ قال: لا؛ لأنه في يديه وقد قبضه، وهو بمنزلة ما قبض. قلت: أرأيت إن كانا في غير بلدهما وما ذكرت لك في منزل المستودع فوهبه له أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن كان الموهوب له ساكناً في دار أو بأجرة أو عارية؟ قال: نعم، هذا كله جائز. قلت: أرأيت الرجل يهب لابنه أو لابنته أو لأبيه (¬2) أو لابن أخيه أو لعمه أهو بمنزلة ما ذكرت لك في الباب الأول؟ قال: نعم. [قلت:] وكل ذي رحم محرم منه فهو بمنزلة الذي ذكرت لك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لأخيه من الرضاعة هبة (¬3) وقبضها أله أن يرجع فيها؟ (¬4) قال: نعم ما دامت قائمة بعينها ما لم تزدد خيراً أو يستهلكها أو يعوضه عوضاً منها، ولا يكون الرضاع في هذا بمنزلة النسب، والرضاع في هذا بمنزلة الأجنبي. قلت: أرأيت الرجل يهب لامرأته هبة وقبضتها أله أن يرجع فيها؟ (¬5) قال: لا، ويكون هذا بمنزلة النسب. قلت: وكل محرم من الرضاعة وأم امرأته وامرأة أبيه (¬6) أله أن يرجع فيما وهب وهو في ذلك بمنزلة الأجنبي، ولا يكون بمنزلة ذي الرحم المحرم؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لابن أخيه هبة أو لابن أخته أو لابن ابن أخيه أو لابنة ابنته أو لأخته (¬7) من أمه أو لجده أبو أمه أو لخاله أو لخالته أو لعمه أو لعمته وقبضوا ما وهب لهم أله أن يرجع في شيء مما وهب لهؤلاء؟ قال: لا، وكل هؤلاء ذو رحم محرم. قلت: ففسر لي ذا (¬8) الرحم ¬

_ (¬1) ز: قال. (¬2) م ف ز - أو لأبيه. والزيادة من ع ب. (¬3) ز - هبة. (¬4) م - فيها. (¬5) م - فيها. (¬6) ز: ابنه. (¬7) ز: أو لأخيه. (¬8) ز: ذي.

المحرم من النسب الذي لا يكون للواهب أن يرجع فيما أعطاه؟ قال: كل من لا يحل له نكاحه للنسب فليس له أن يرجع فيما أعطاه، بعد أن لا يكون ممن (¬1) يحرم عليه نكاحه من قبل الرضاع أو غيره، من نحو امرأة الأب (¬2) وأم امرأته وامرأة ابنه، ليس [هؤلاء] بمنزلة من حرم عليه بالنسب. قلت: أرأيت ابن عم وهب لابن عمه شيئاً أو قبضه له أله أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك ابن الخال إذا وهب لابن خاله أو لابن خالته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الصدقة على ذي الرحم المحرم إذا قبضها المتصدق عليه أله أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: وكذلك الصدقة على ذي الرحم الذي ليس بمحرم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك النحلى والعمرى والعطية؟ قال: نعم، هو في جميع ما وصفنا على نحو ما ذكرنا في الباب الأول، يجوز ذلك إذا قبضه الموهوب له والمتصدق عليه والمنحول له والمعمر (¬3) له والمعطى، وإذا لم يقبض لم يجز (¬4). ولا يستطيع المعطي أن يرجع ولا الواهب ولا المتصدق ولا الناحل (¬5) في شيء من ذلك إذا قبضه المنحول له والمعطى والموهوب له إذا كان ذا رحم محرم. [قلت]: فإن كان غير ذي رحم محرم كان له أن يرجع فيها ما لم تزدد خيراً أو يستهلكها أو يعوضه عوضاً من ذلك؟ قال: نعم، ما خلا الصدقة خاصة، فإنه لا يرجع فيها إذا قبضت وتصدق بها على رحم أو غيره. قلت: أرأيت رجلاً وهب عبداً له لرجلين أحدهما أخوه والآخر أجنبي فقبضاه أله أن يرجع في الهبة؟ قال: نعم، له أن يرجع في نصيب الأجنبي في نصفه إذا كان العبد على حاله لم يزدد (¬6) خيراً أو يعوضه أو يستهلكه. قلت: وكذلك كل هبة لرجلين أحدهما ذو (¬7) رحم محرم والآخر أجنبي (¬8) ¬

_ (¬1) ف + لا. (¬2) ف: الأم. (¬3) ز: والمعير. (¬4) ز: لم تجز. (¬5) م ز: ولا الباطل. (¬6) م ز: ثم يزدد. (¬7) ز: ذا. (¬8) ز - أجنبي.

إذا كانت هبة مقبوضة جائزة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لأخ له هبة والموهوب له نصراني أو يهودي أو مجوسي وقبض الموهوب له الهبة أللواهب أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: وكذلك كل ذي رحم محرم من المشركين هم في الهبة وفي جميع ما ذكرت مثل المسلمين سواء؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لأخيه وهو عبد هبة وقبض ذلك العبد أله أن يرجع فيها؟ قال: نعم، ما دامت قائمة بعينها. قلت: لم وهو ذو رحم محرم منه؟ (¬1) قال: لأن الهبة وقعت في هذه الحال لمولى العبد ولم تقع للعبد، وليس بين المولى وبين الواهب نسب. قلت: أرأيت إن كان المولى أخاً للواهب والعبد ليس بأخيه أو ذا رحم محرم منه (¬2) أله أن يرجع فيها بعدما قبض العبد الهبة؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد صارت في ملك المولى؟ قال: لأن الهبة كانت للعبد وهو غير محرم. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: ليس له أن يرجع فيها؛ لأنها للمولى. وهو قول محمد بن الحسن (¬3). قلت: أرأيت رجلاً من أهل الحرب دخل إلينا بأمان وله عندنا أخ مسلم فوهب أحدهما لصاحبه هبة وقبضها الموهوب له هل لواحد منهما أن يرجع فيما وهب لصاحبه؟ قال: لا. قلت: وهما في ذلك بمنزلة المسلمين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن رجع إلى دار الحرب قبل أن يقبض، أو يقبض منه ما وهب له، ما القول في ذلك؟ قال: تبطل الهبة، ويرد (¬4) إليه ما كان وهب. قلت: ويبعث به إلى دار الحرب؟ قال: لا، ولكن يوقف (¬5) حتى يطلبها (¬6)، ويكون ما وهب له المسلم رَدًّا (¬7) على المسلم. قلت: أرأيت إن وهب الحربي للمسلم هبة وأمره أن يقبضها فلم ¬

_ (¬1) م ز - منه. (¬2) ف - منه. (¬3) انظر للشرح والتعليل: المبسوط، 12/ 58 - 59. (¬4) ز: وترد. (¬5) ز: توقف. (¬6) أي: يأتي في طلبها. (¬7) ز: رد. أي مردودا.

يقبضها المسلم حتى رجع الحربي إلى دار الحرب فقبضها المسلم بعد ذلك أتجوز الهبة؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يأذن له في قبضها؟ قال: لا يجوز إذن. قلت: ولم؟ قال: أستحسن ذلك وأدع القياس فيه (¬1). قلت: أرأيت رجلاً يهب لامرأته هبة فتقبضها أله أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: وكذلك (¬2) إن وهبت المرأة لزوجها؟ قال: نعم إذا قبضها الزوج. قلت: وهما في ذلك بمنزلة ذي (¬3) الرحم المحرم في جميع ما ذكرت من الهبة والصدقة والنحلى والعمرى والعطية؟ قال: نعم. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: إنهما بمنزلة الرحم المحرم: الزوج (¬4) والمرأة (¬5). قلت: أرأيت رجلاً وهب لامرأة (¬6) عبداً ثم تزوجها بعد ذلك أله (¬7) أن يرجع في العبد وهو قائم بعينه لم يزدد خيراً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كانت المرأة هي التي وهبت لرجل ثم تزوجها بعد ذلك فلها أن ترجع فيه؟ قال: نعم (¬8). قلت: أرأيت رجلاً وهب لامرأته عبداً وقبضته (¬9) ولم يدخل بها حتى طلقها (¬10) أو قد كان دخل بها فطلقها (¬11) أله أن يرجع في العبد؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو كانت هي الواهبة؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف هذا والباب الأول؟ قال: لأن الهبة إذا كانت قبل التزويج فله أن يرجع فيهاة؛ لأنه لم يكن تزوج يوم وهب. فإذا كان بعد التزويج لم يكن له أن يرجع فيها. وإنما أنظر في ذلك إلى حال الهبة حين تقع. فمن ثم اختلفا. ... ¬

_ (¬1) انظر للتعليل والشرح: المبسوط، 12/ 60. (¬2) م: وكذا (¬3) ز: ذو. (¬4) م ز: والزوج. (¬5) تقدم قريبا. (¬6) م ز: لامرأته. (¬7) ز: فلها. (¬8) م ف - قال نعم. والزيادة من ع. (¬9) م ز: وقبضه. (¬10) ف - حتى طلقها. (¬11) ز: وطلقها.

باب هبة الرجل لولده وهم صغار ولمن في عياله من الكبار

باب هبة الرجل لولده وهم صغار ولمن في عياله من الكبار قلت: أرأيت رجلاً وهب لابنه عبداً والابن كبير فلم يقبضه هل تجوز الهبة؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كان ابنه صغيراً هل تجوز الهبة؟ قال: نعم. قلت: فإن لم يقبض الصغير؟ قال: ليس للصغير هاهنا قبض. قلت: ولم؟ قال: لأن قبض أبيه له قبض. ألا ترى أن رجلاً لو وهب لابن هذا الرجل الصغير هبة لكان الذي قبض ذلك أبوه، وكان قبض الأب جائزاً. قلت: أرأيت رجلاً وهب لابنه وهو صغير داراً أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم، والهبة جائزة. قلت: أرأيت الأب إذا وهب لابنه وهو صغير أو كبير وقد قبض هبته أله أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: فإن كان غنياً عن ذلك أله أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: فإن كان محتاجاً؟ قال: وإن. قلت: وكذلك إذا وهب (¬1) الرجل لابنه وهو صغير متاعاً أو رقيقاً أو دواباً أو غير ذلك؟ قال: نعم. [قلت]: وكل شيء وهب الأب لابنه أو لأحد من ولده بعد أن يكون صغيراً وأشهد على ذلك والذي وهب له معلوم فالهبة في ذلك جائزة والقبض في ذلك أن يعلم ما وهبه ويشهد عليه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الصدقة والعطية والنحلى والعمرى إذا جعلها لولده وهم صغار؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان ولده الصغار في عيال أمهم أهم بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت يتيما صغيراً في عيال أمه وهبت له أمه عبداً أو متاعاً أو غيره من الهبة وهو معلوم وأشهدت على ذلك وأبوه ميت أتجوز هبتها ولا وصي له؟ قال: نعم. قلت: وليس لها أن ترجع في شيء من ذلك؟ قال: لا. قلت: وقبض الأم له قبض؟ قال: نعم. قلت: وهي في ذلك بمنزلة الأب لو كان حياً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو كان هذا اليتيم صغيراً في عيال أخيه فوهب له هبة معلومة وأشهد على ذلك أهو بمنزلة ¬

_ (¬1) ف - إذا وهب، صح هـ.

هذا؟ (¬1) قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان في عيال عمه وفي حجره؟ قال: نعم. قلت: فإن كان للصبي أخ أو أم؟ قال: وإن كان، فما أعطى العم فهو جائز، وقبضه له قبض. قلت: وكذلك لو كان في عيال جده أبي أبيه أو أبي أمه أو في عيال جدته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب لهذا اليتيم رجل أجنبي هبة فقبضه أحد من هؤلاء وهو في حجره فقبضه له جائز؟ قال: نعم. قلت: فإن كان له وصي فوهب له هبة وهو في عياله وأشهد على ذلك وأعلمه أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وهو في جميع ذلك كمن وصفت لك في القبض، والهبة له جائزة؟ قال: نعم. قلت: فإن وهب رجل لصبي هبة فقبضها وصيه أهو جائز؟ قال: نعم. قلت: فإن كان رجل يعول هذا اليتيم وليس له وصي ولا بينهما قرابة وليس لهذا اليتيم أحد إلا هذا الرجل الذي يعوله فوهب له هبة أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم، هذا وذاك سواء. قلت: لم؟ قال: لأني أستحسن ذلك. قلت: وكل يتيم في حجر أخ له يعوله أو عم أو ابن أخ فوهب له رجل هبة فإنما يقبضها الذي يعوله؟ قال: نعم. قلت: وإن لم يقبضها لم تجز الهبة؟ قال: لا يجوز. قلت: وكذلك الرجل يهب للصبي الهبة وأبوه حي فإن قبضها له الأب جازت وإن لم يقبضها لم تجز؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن دفعها الواهب إلى الصبي وقبضها الصبي وهو يعقل غير أنه لم يحتلم ولم يقارب أن يحتلم أيجوز قبضه؟ قال: أما في القياس فلا يكون قبضاً، ولكن أستحسن وأجعله قبضاً وأجيز الهبة. قلت: أرأيت الصبية التي لم تحض ومثلها يجامع وقد دخل بها زوجها فوهب لها هبة من يقبضها؟ قال: زوجها. قلت: فإن لم يقبضها الزوج فالهبة باطلة؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت قد أدركت فقبض لها الزوج هبتها؟ قال: لا يجوز قبض الزوج حتى تقبض هي بنفسها. قلت: أرأيت إن كانت هي لم تحض فقبض الهبة أبوها أيجوز؟ قال: نعم. [قلت]: وإذا كانت قد عقلت ومثلها يجامع فإن قبضت هي أو الأب أو الزوج جاز ¬

_ (¬1) ف: أهو بهذه المنزلة.

القبض؟ قال: نعم (¬1). قلت: أرأيت إن كانت في منزل أبيها ولم يكن بنى بها زوجها فقبض لها الأب الهبة أيجوز؟ قال: نعم. قلت: ولا يجوز قبض الزوج؟ قال: لا. قلت: أرأيت الابن أو الابنة يهب الرجل لأحدهما هبة وقد أدركا فقبض لهما أبوهما هل يجوز قبض الأب لهما؟ قال: لا. قلت: وإن كانا في عياله؟ قال: وإن كانا في عياله (¬2). قلت: أرأيت الرجل يهب لابنه هبة وابنه كبير وهو في عياله أتجوز هبته؟ قال: لا حتى يقبض هو. قلت: ولم وهو في عياله؟ قال: لأنه كبير، ولست أنظر في هذا إلى العيال وغيره، إنما أنظر إلى الصغير والكبير (¬3). قلت: فما حال وقت القبض إذا جاز وإذا لم يجز؟ قال: إذا احتلم الغلام وحاضت الجارية. قلت: أرأيت إن كان غلاماً قد احتلم مثله ولم يحتلم هو، وجارية قد حاضت مثلها ولم تحض هي، هل يجوز قبضها؟ قال: نعم، أستحسن ذلك. قلت: أرأيت رجلاً وهب لصبي هبة وأبوه حي فقبضها أخوه له هل يجوز قبضه له؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن قبضه له جده أبو أبيه هل يجوز قبضه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن قبضت الأم وهو في حجرها أو في عيالها وليس له أب ولا جد (¬4) أيجوز قبضها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الأب غائباً غيبة منقطعة والصبي في حجر أخيه وعياله فوهب للصبي هبة فقبضها الأخ أيجوز قبضه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان الأب دفعه إلى غير الأخ فغاب الأب غيبة منقطعة وكان في عيال ذلك الرجل وحجره وليس (¬5) له أحد غيره فوهب له هبة جاز قبضه؟ قال: نعم. قلت: فإن كان الأخ قبض هبته وهو في حجر هذا الرجل الأجنبي أيجوز ¬

_ (¬1) قال الحاكم: تأويله أنه يجوز قبض الزوج إذا لم يكن أب. انظر: الكافي، 1/ 147 ظ. (¬2) م ف ز - قال وإن كانا في عياله. والزيادة من ع. (¬3) م ز: إلى الصغر والكبر. (¬4) ز: لأحد. (¬5) ف: ليس.

باب الهبة فيما لا يجوز

قبضه؟ قال: لا؛ لأنه في عيال هذا الأجنبي وحجره، وقبض هذا الأجنبي جائز له. ... باب الهبة فيما لا يجوز قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل نصيباً في دار لم تقسم هل تجوز الهبة؟ قال: لا. قلت: وإن دفع الدار كلها إليه؟ قال: وإن دفع فلا يجوز ذلك. قلت: فإن (¬1) سمى ثلثاً أو ربعاً أو خمساً وذلك نصيبه غير أنه لم يقسم؟ قال: لا يجوز أيضاً سمى أو لم يسم. قلت: فإن سمى سهماً من كذا كذا سهماً؟ قال: وإن سمى فلا يجوز. ولا تجوز الهبة في نصيب من دار وأرض إلا محوزاً مقبوضاً معلوماً (¬2). قلت: وكذلك النحلى والعطية والعمرى والصدقة؟ قال: نعم. قلت: ولم لا يجوز؟ قال: للأثر الذي بلغنا عن أبي بكر وعائشة، وبلغنا عن ابن عباس أنه قال: لا تجوز صدقة إلا مقبوضة (¬3). فهذا لا يستطيع أن يقبض. قلت: وكذلك لو وهب له نصيب في بيت كبير لم يقسم؟ قال: نعم، لا يجوز. قلت: لم؟ قال: لأن البيت يقسم. قلت: وكل شيء يقسم لا تجوز فيه الصدقة ولا النحلى ولا العطية ولا العمرى وإن سماه (¬4) إذا كان غير مقسوم؟ قال: نعم، لا يجوز. قلت: أرأيت الرجل يهب الدار لرجلين ودفعها إليهما ولم يقسم لكل واحد منهما نصيبه هل تجوز الهبة؟ قال: لا قلت: وكذلك الصدقة (¬5) ¬

_ (¬1) ف: وإن. (¬2) ز: إلا محوز مقبوض معلوم. (¬3) تقدمت هذه الآثار قريباً في أول. كتاب الهبة. (¬4) م ف ز: ساه. (¬5) قال الحاكم: يحتمل أن يكون أراد بقوله "وكذلك الصدقة" على الغنيين، لأنه قال في الجامع الصغير في رجل تصدق على فقيرين بعشرة دراهم جاز، ولا يجوز في الغنيين. انظر: الكافي، 1/ 146 ظ. والمسألة منقولة من الجامع الصغير بالمعنى. انظر: الجامع=

والعطية والعمرى والنحلى؟ (¬1) قال: نعم. قلت: وكذلك الأرض؟ قال: نعم. قلت: وكل شيء يقسم فهو على هذا النحو؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد: هو جائز. قلت: أرأيت رجلين وهبا لرجل داراً لهما ودفعاها إليه وقبضها أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الأرض وكل شيء يقسم؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن: إذا وهب الرجل لرجلين شيئاً مما يقسم داراً أو غير ذلك فكانت هبته لهما جميعاً معاً جازت؛ لأنها هبة واحدة، فلا يحتاج فيها إلى القسمة. وإن وهب لأحدهما قبل صاحبه وقبض ثم وهب للآخر وقبض لم يجز. وإن لم يقبض حتى وهب للآخر ثم قبضا معاً فهو جائز. قلت: فمن أين اختلف هذا والباب الأول في قول أبي حنيفة؟ قال: لأن الباب الأول في قول أبي حنيفة وهب رجل لرجلين، فوهب لكل واحد منهما نصف الدار لم يقسماه، وليس نصيب كل واحد منهما محوزاً معلوماً (¬2). وأما إذا وهب اثنان لرجل فليس للموهوب له شريك فيما وهب ¬

_ = الصغير للإمام محمد، 437. وقال السرخسي: ثم قال في الأصل: وكذلك في الصدقة. وهذا يدل على أنه إذا تصدق بما يقسم على رجلين أنه لا يجوز عند أبي حنيفة - رضي الله عنه - كالهبة. وفي الجامع الصغير قال: لو تصدق بعشرة دراهم على فقيرين يجوز. قال الحاكم -رحمه الله تعالى-: يحتمل أن يكون مراده من قوله "وكذلك الصدقة" على الغنيين. فيكون ذلك بمنزلة الهبة، لأن فعل الهبة من الفقير صدقة، والصدقة على الغني تكون هبة. والأظهر أن في المسألة روايتين. وجه رواية الأصل ما بينا أن تمام الصدقة بالقبض كالهبة، وقبض كل واحد منهما يلاقي جزءاً شائعاً، فلا تتم به الصدقة كما لا تتم به الهبة. ووجه الرواية الأخرى أن المتصدق يجعل ماله لله تعالى خالصاً، ولا يملكه الفقير من جهة نفسه، وإنما يملكه الفقير ليكون كفاية له من الله تعالى بعدما تمت الصدقة من جهته، وإذا تصدق على رجلين فلا شيوع في الصدقة، لأنه جعل جميع العين لله -سبحانه وتعالى- خالصاً بخلاف الهبة. ألا ترى أن الجهالة في المصروف إليه لا تمنع صحة الصدقة حتى إذا أوصى بثلث ماله صدقة على الفقراء يجوز، بخلاف ما لو أوصى به لقوم لا حصون من الأغنياء، وكذلك إذا أوصى بعين للفقراء أو لفلان ونصفه لفلان، واعتبر للفقراء سهم واحد باعتبار أن الصدقة لله تعالى لا للفقراء. انظر: المبسوط، 12/ 68. (¬1) ز: والنحل. (¬2) م ز: محوز معلوم.

له، فمن ثم جاز. فلذلك اختلف. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا وهب رجل داراً لرجلين وقبضاها فهو جائز. وكذلك كل شيء يقسم. وكذلك كلما يقسم وإن لم يقسم لكل واحد منهما الذي له على حدة بمنزلة الرهن، لو رهنهما داراً بحق لهما أجزت ذلك، ولو رهن نصف دار لرجل بحقه ولم يقسمه له لم يجز (¬1). وكذلك كل ما يقسم. ولا يشبه الاثنان الواحد، إذا وهب للاثنين الدار كلها أو رهنها وقبضاها جاز ذلك (¬2)، وإذا وهب لواحد نصفها لم يجز (¬3). وإذا وهب لرجلين لأحدهما ثلثي الدار وللآخر ثلثها وقبضاها لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وأما في قول محمد فإن قبضا جميعاً فهو جائز. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجلين مائة درهم أو مائة شاة أو مائة من الإبل أو البقر أو عِدْلاً (¬4) من زُطِّي (¬5) أو جِرَاب هَرَوي أو جنساً من الثياب أو جراب هروي فيه خمسون (¬6) ثوباً ودفع ذلك إليهما وقبضا ذلك منه ولم يقسم لكل واحد منهما نصيب هل تجوز هبته لهما؟ قال: لا في قول أبي حنيفة. قلت: وكذلك في قول أبي حنيفة النُّحلى والعمرى والصدقة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب لهما جميعاً طعاماً كثيراً أو غير ذلك مما يكال أو يوزن؟ قال: لا يجوز إلا أن يقسم لكل واحد منهما نصيبه، لأن هذا كله يقسم. ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد. قلت: وكذلك المنزل والبيت في الدار يهبه الرجل لرجلين؟ قال: نعم، لا يجوز في قول أبي حنيفة إلا مقسوماً. قلت: أرأيت داراً بين رجلين وهب أحدهما نصيبه منها لرجل قبل أن ¬

_ (¬1) ز: لم تجز. (¬2) ز + كله. (¬3) ز: لم تجز. (¬4) م ز: أو عدل. العِدْل واحد العِدْلين اللذين يكونان على جنبي الدابة لحمل الأمتعة. وقد تقدم مرارا. (¬5) ز: من نطي. نوع من الثياب، ينسب إلى الزُّطّ قوم من الهند. وقد تقدم. (¬6) م: خمسين.

يقسم هل يجوز؟ قال: لا. قلت: فإن وهب أحدهما (¬1) لشريكه هل يجوز؟ قال: لا، لأنه وهب له شيئاً غير مقسوم. قلت: أرأيت كل ما يكال أو يوزن أو يعد عدداً يهبه الرجل لرجلين ويدفعه إليهما ويقبضانه ولم يقسم لكل واحد منهما أيجوز؟ قال: لا يجوز شيء من هذا؛ لأن هذا يقسم ويعد ويقدر على قسمته في قول أبي حنيفة. قلت: فإن وهب رجل لرجلين ألف درهم وقال لأحدهما: لك الثلثان (¬2) وللآخر الثلث؟ قال: لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. قلت: وكذلك لو وهب لأحدهما ستمائة وللآخر أربعمائة درهم (¬3) ولم يقسمها بينهما؟ قال: نعم، لا يجوز. قلت: وكذلك كل شيء يقسم أو يعد؟ قال: نعم في قول أبي حنيفة. وقال محمد: هو جائز. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل (¬4) ديناً له على رجل وأمره بقبضه فقبضه الموهوب له أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: ولم أجزت هذا وهذا شيء لا يستطاع قبضه؟ قال: أجيزه إذا قبضه، وأدع القياس فيه. قلت: أرأيت الرجل يرهن العبد من رجل فقبضه المرتهن ثم وهبه الرجل لابنه هل يجوز وابنه صغير في عياله؟ قال: لا يجوز. قلت: لم؟ قال: لأنه رهن. ألا ترى أن بيعه إياه لا يجوز. فكذلك (¬5) هبته. قلت: أرأيت الرجل يغصبه الرجل عبداً فوهبه المغصوب لابن له صغير في عياله؟ قال: لا تجوز الهبة. قلت: لم؟ قال: لأن (¬6) هذا والرهن سواء؛ لأنهما في ضمان غيره. قلت: وكذلك لو وهبهما (¬7) لرجل غير ابنه؟ قال: نعم، لا يجوز (¬8)؛ لأنهما في ضمان غيره، ولأن الموهوب له لم يقبض. ¬

_ (¬1) ز - نصيبه منها لرجل قبل أن يقسم هل يجوز قال لا قلت فإن وهب أحدهما. (¬2) م ز: الثلثين. (¬3) م ز - درهم. (¬4) ف: لرجل. (¬5) م ف: فلذلك. (¬6) م ف ز: لأنه. (¬7) م ف ز: لو وهبها. (¬8) ز: لا تجوز.

قلت: أرأيت الرجل يبيع بيعاً فاسداً وقبضه المشتري، أو يبيعه والمشتري بالخيار، ثم وهبه البائع لابن له صغير في عياله؟ قال: لا يجوز، هذا بمنزلة الغصب والرهن (¬1). ألا ترى أنه في ضمان غيره. قلت: أرأيت المكاتب يهب الهبة؟ قال: لا تجوز هبته. قلت: لم؟ قال: لأن المكاتب بمنزلة العبد، ولا تجوز هبة العبد. قلت: فهل يجوز عتقه لو أعتق؟ قال: لا. قلت: فلو أجاز مولاه؟ قال: لا يجوز أيضاً؛ لأنه في هذه الحال بمنزلة الصبي. ألا ترى أن الصبي لو وهب عبداً له أو أعتقه لم يجز (¬2) وإن أجاز ذلك أبوه. قلت: وكذلك المعتوه الذي لا يفيق؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو وهب رجل ما على ظهر غنمه من الصوف وما في ضروعها من اللبن؟ قال: لا يجوز ذلك. قلت: فإن أمره بجز الصوف وحلب اللبن وقبض ذلك؟ قال: أستحسن أن أجيز هذا وأدع القياس فيه. [قلت:] وكذلك الثمر (¬3) في النخل والشجر والزرع إذا حصد؟ قال: نعم، ذلك كله سواء. قلت: أرأيت العبد المأذون له في التجارة يهب الهبة؟ قال: لا تجوز هبته. قلت: فإن أجاز ذلك مولاه؟ قال: إن كان عليه دين لم تجز هبته، وإن لم يكن عليه دين فهو جائز إذا كان قبضها منه (¬4) الموهوب له. قلت: أرأيت إن كان عليه دين فأجاز ذلك مولاه والغرماء أتجوز هبته؟ قال: لا. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل (¬5) ما في بطن جاريته والجارية حبلى أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: وكذلك لو وهب له (¬6) ما يخرج من نخله العام من الثمر؟ قال: نعم، لا يجوز. قلت: وكذلك لو وهب له ما في بطون غنمه؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز - والرهن. (¬2) ز: لم تجز. (¬3) ز: التمر. (¬4) م ز - منه. (¬5) ف: لرجل. (¬6) ف - له.

قلت: أرأيت رجلاً أعتق ما في بطن جارية له ثم وهبها لرجل (¬1) أتجوز هبته؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الصدقة والنحلى والعمرى والعطية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن باع هل يجوز بيعه؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأن ما في بطن الجارية حر. ألا ترى أن رجلاً لو باع جارية واستثنى ما في بطنها كان البيع فاسداً. قلت: أرأيت الرجل يهب الجارية وهي حبلى وقبضها الموهوب له لمن يكون ما في بطنها؟ قال: للموهوب له. قلت: أرأيت إن وهبها له واستثنى ما في بطنها أتجوز الهبة؟ قال: نعم، إذا قبضها. قلت: فلمن يكون ما في بطنها؟ قال: للموهوب له. قلت: فالاستثناء في هذا الوجه باطل؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب عبداً لابنه لرجل أو وهب من مال ابنه لإنسان هل يجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: وإن كان ابنه صغيراً؟ قال: وإن كان. قلت: أرأيت عبداً مأذوناً له في التجارة عليه دين كثير وهبه مولاه لرجل هل تجوز هبته؟ قال: لا. قلت: فما حال الدين؟ قال: الدين في رقبة العبد على حاله، يباع في الدين إلا أن يؤدي عنه مولاه (¬2) الذي هو في يديه. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له العبد ذهب فلا يقدر عليه ولا يقدر على العبد هل لهم على الواهب سبيل؟ قال: نعم، للغرماء أن يأخذوه بقيمة العبد، وهو ضامنٌ يومَ وهب العبد. قلت: وكذلك النحلى والصدقة والعمرى؟ قال: نعم. وقال أبو يوسف ومحمد (¬3): إذا وهب رجل (¬4) لرجلين شيئاً مما يقسم داراً أو غير ذلك وكانت (¬5) هبته لهما جميعاً معاً جازت الهبة؛ لأنها هبة واحدة ولا يحتاج فيها إلى القسمة. وإن وهب لأحدهما قبل ¬

_ (¬1) ف ز: الرجل. (¬2) ز - مولاه. (¬3) م ز - ومحمد. (¬4) ف: الرجل. (¬5) م ز: فكانت.

صاحبه وقبضه ثم وهب للآخر بعد ذلك لم تجز الهبة لواحد منهما. فإن دفع الدار إليهما جميعاً معاً جازت إذا قبضا جميعاً (¬1) وإن تفرق أصل (¬2) الهبة. ألا ترى أنه لو وهب له نصف دار غير مقسوم لم يجز (¬3)، فإن قسمه ودفعه إليه جاز؛ ولو وهب له ديناً على رجل لم يجز، وإن أمره بقبضه فقبضه جاز. ولو وهب داراً لرجلين، الثلثين (¬4) لواحد والثلث لآخر (¬5)، فإن فى فع إليهما جميعاً معا جاز ذلك في قول محمد، وإن دفع إلى أحدهما قبل الآخر ثم دفع إلى الآخر لم يجز. وقال أبو يوسف: لا يجوز (¬6) هذا، وهذا بمنزلة الرهن. وقال أبو يوسف: لو رهن (¬7) داراً من رجلين (¬8) بألف وخمسمائة درهم (¬9) ولأحدهما خمسمائة وللآخر ألف فرهنها إياهما بأموالهما جاز ذلك، ولأحدهما في هذا الموضع الثلث وللآخر الثلثان (¬10). وكذلك كل ما يقسم من دراهم أو دنانير أو كيل أو وزن فهو مثل هذا. وأما ما لا يقسم فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإنما (¬11) قال أبو حنيفة: لا يجوز فيما يقسم. وخالفه أبو يوسف ومحمد، قالا: يجوز؛ فأما إذا كان لا يقسم فقولهما فيه: جائز، وهو سواء. ولو أن رجلاً وهب ما في بطن جاريته (¬12) لرجل وسلطه على قبضه إذا وضعت فوضعت فقبضه الموهوب له لم يجز ذلك. وليس هذا كالذي يهبه ثم يسلطه على قبضه فقبضه؛ مِن قِبَل أن هبة الولد ما لم يكن بعد. ألا ترى أنه لو وهب له دهن سمسم قبل أن يعصر ثم سلطه على قبضه إذا ¬

_ (¬1) ز - جميعاً. (¬2) م ف ز: أهل. (¬3) ز: لم تجز. (¬4) ز: الثلثان. (¬5) م ز: للآخر. (¬6) ز: لا تجوز. (¬7) ف. لو وهب. (¬8) ز: من دارجلين. (¬9) ف - درهم. (¬10) م ز: الثلثين. (¬11) ف: إنما. (¬12) ف: جارية.

باب الهبة فيما يجوز بغير قسمة

عصره لم يجز (¬1) ولو قبضه (¬2). وكذلك دقيق حنطة وهبه قبل أن يطحن. وكذلك زيت في زيتون. وكذلك لبن في ضرع شاة. وكذلك صوف على ظهر شاة (¬3). وكذلك سمن في لبن (¬4) أو زبد من قبل أن يُمخض أو يُسلأ (¬5). فهذا كله لا تجوز فيه هبة ولا صدقة ولا بيع. وإن قبض لم يجز ذلك ولم يمض (¬6) له. وهذا كله يجوز في الوصية. والوصية في هذا لا تشبه الهبة. ألا ترى أني لو أوصيت لما في بطن امرأة بوصية جاز ذلك؛ لأنه يرث ويورث. وكذلك الوصية به. ولا يجوز (¬7) فيه الرهن، ولو رهن ما في بطن أمته (¬8) وهي حبلى وسلطه على قبضه إذا ولدت لم يجز ذلك. وكذلك جميع ما وصفنا في هذا الوجه لا يجوز فيه الرهن. ... باب الهبة فيما يجوز بغير قسمة قلت: أرأيت رجلاً وهب عبده لرجلين هل تجوز الهبة؟ قال: نعم، إذا قبضا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا مما لا يقسم، فالهبة فيه جائزة. قلت: وكذلك النحلى والصدقة والعمرى؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز: لم تجز. (¬2) ف - ولو قبضه. (¬3) انظر: 2/ 97 و. وقد قال السرخسي: ثم قال في بعض النسخ: وكذلك اللبن في ضرع الشاة، والصوف على ظهرها. وهذا غلط، فقد قيل هذا في الصوف واللبن إذا أذن له في الحَلْب والجَزّ وقبض ذلك جاز استحساناً. انظر: المبسوط، 12/ 74. ولعل هذه النسخة صحيحة ويقصد بها أنه لا يجوز ذلك إذا لم يأذن له في القبض. (¬4) م: من لبن؛ ز: من لبد. (¬5) ز: أو يسلى. سلأ السمن بالهمز سَلأً، طبخه وعالجه حتى خلص. انظر: المغرب، "سلأ". (¬6) م ز: يمضى. (¬7) ز: تجوز. (¬8) ف: امرأته.

قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل نصف عبد له أو ثلثه أو ربعه هل يجوز ذلك؟ قال: نعم إذا قبض ذلك. قلت: وكذلك لو قال: قد (¬1) وهبت لك جزء من عشرة أجزاء؟ قال: نعم إذا قبضه. قلت: وكذلك النصيب في الدابة أو في (¬2) الثوب؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب له نصيباً في حائط أو حمام أوطريق وقد سماه؟ قال: نعم، هذا كله جائز؛ لأن هذا مما لا يقسم. وكل شيء مما لا يقسم يهب النصف منه فهو جائز إذا قبض وسماه ودفعه إلى الموهوب (¬3) له. قلت: وكذلك عبد بين رجلين وهباه لرجل وقبض أتجوز هبتهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وهب أحدهما نصيبه لرجل ودفعه إليه أيجوز؟ (¬4) قال: نعم. قلت: فإن وهب أحدهما لصاحبه هل يجوز؟ (¬5) قال: نعم (¬6). قلت: أرأيت عبداً بين رجلين قال أحدهما لرجل: قد وهبت لك نصيبي من هذا العبد فاقبضه، ولم يسمه ولم يعلمه إياه، هل يجوز؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل نصف عبدين له أو نصف (¬7) ثوبين له هل تجوز الهبة إذا قبضها؟ قال: نعم. قلت (¬8): أرأيت إن وهب له نصف خمسة أثواب له أو عشرة مختلفة زُطّي (¬9) وهروي ومروي وقُوهي، ووهب لرجل آخر نصف ذلك أجمع، ودفعه إليهما، أيجوز ذلك غير مقسوم؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان عنده خمسة من الدواب مختلفة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو كان بعيراً وبقرةً وشاةً وهب نصف ذلك لرجل فهو جائز؟ (¬10) قال: نعم. قلت: فإذا كان ذلك كله من نوع واحد عشرة أثواب ¬

_ (¬1) م ز - قد. (¬2) ف: وفي. (¬3) م ز: إلى الموهب. (¬4) ز: هل يجوز. (¬5) ف: أيجوز. (¬6) ز - قلت فإن وهب أحدهما لصاحبه هل يجوز قال نعم. (¬7) م ز: ونصف. (¬8) م ز - قلت. (¬9) ز: نطي. (¬10) ف - فهو جائز.

باب الهبة والعوض

زُطّي (¬1) أو غنم أو بقر لم تجز هبة نصفه إلا مقسوماً؟ (¬2) قال: نعم، لا يجوز إلا مقسوماً محوزاً معلوماً (¬3). قلت: أرأيت الرجل يهب نصيباً له في حائط أو في طريق هل يجوز ذلك إذا سمى؟ قال: نعم. قلت: فكل شيء لا يقسم وهب منه (¬4) نصفه أو ثلثه فهو جائز إذا سمى وقبض؟ قال: نعم. ... باب الهبة والعوض قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة وقبضها الموهوب له ثم عوض الواهب من هبته عوضاً وقبض العوض الواهب أله أن يرجع في هبته؟ قال: لا. قلت: فهل للذي عوض أن يرجع في عوضه؟ قال: لا. قلت: وليس لواحد منهما أن يرجع في شيء؟ قال: لا. قلت: وكذلك العطية والنحلى والعمرى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يهب عبداً له لرجلين وقد كان أحدهما عوضه عوضاً من حصته هل للواهب أن يرجع في حصة الآخر؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان صاحب العوض عوضه من الهبة كلها عن نفسه وصاحبه هل للواهب أن يرجع في شيء من العبد؟ قال: لا. قلت: فهل يستطيع المعوض أن يرجع في شيء (¬5) من عوضه؟ قال: لا. قلت: فهل يرجع على صاحبه الذي لم يعوض شيئاً وقد عوض عن هبته وعن نصيبه؟ قال: لا. قلت: وإن كان قد عوضه بأمره أو بغير أمره؟ قال: وإن. ¬

_ (¬1) ز: نطي. (¬2) ز: إلا مقسوم. (¬3) ز: لا تجوز إلا مقسوم محوز معلوم. (¬4) م ز - منه. (¬5) ز - من العبد قال لا قلت فهل يستطيع المعوض أن يرجع في شيء.

قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً فجاء رجل فعوض عن هبته الموهوب له أللواهب أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت: فهل للواهب الذي عوض أن يرجع على الموهوب له الأول الذي عوض عنه بشيء؟ قال: لا. قلت: فهل يستطيع أن يرجع في عوضه على الواهب؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة فقبضها الموهوب (¬1) له ثم عوض الموهوب (¬2) له الواهب منها عوضاً فقال: هذا عوضاً (¬3) من هبتك أو ثواباً منها أو هذا مكان هبتك أو بدل هبتك؟ قال: هذا كله عوض، ولا يستطيع الواهب أن يرجع في شيء من هبته. قلت: فهل يستطيع أن يرجع في شيء من عوضه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن استحق رجل الهبة هل للمعوض أن يرجع في عوضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن استحق العوض هل للواهب أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنها قد صارت هبة بغير عوض. قلت: وإذا استحقت الهبة أو العوض (¬4) فقد صار كل واحد منهما بغير عوض، وللذي استحق ما في يديه أن يرجع في الذي له ويرجع صاحب الهبة في الهبة إذا كانت قائمة بعينها ولم تزدد خيراً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً وعوضه الموهوب له فاستحق نصف العبد هل له أن يرجع في نصف العوض؟ قال: نعم. قلت: وإن استحق (¬5) نصف العوض هل له أن يرجع في نصف العبد؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن كانت الهبة مالاً كثيراً فعوضه الموهوب له عوضاً وهو شيء قليل، أو كانت الهبة ألف درهم والعوض عشرة دراهم، أو كانت الهبة عشرة أثواب وعوضه الموهوب له ثوباً، أو كانت الهبة غنماً فعوضه الموهوب له شاة واحدة، أو كانت بقراً فعوضه الموهوب له (¬6) بقرة واحدة، واستحق نصف الهبة مقسوماً وهو مما يقسم، فله أن يرجع في نصف العوض، فإن ¬

_ (¬1) ز: الموهوبة. (¬2) ز: الموهوبة. (¬3) ز: عوض. (¬4) ف: والعوض. (¬5) ف: إن استحق. (¬6) ز - له.

استحق ثلث الهبة رجع في ثلث العوض؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن استحق نصف العوض أو ثلثه أو ربعه رجع في نصف الهبة (¬1) أو ثلثه أو ربعه؟ (¬2) قال: لا حتى يستحق العوض كله ثم يرجع في الهبة كلها. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل ألف درهم وعوضه الموهوب له منها درهماً واحداً من تلك الدراهم أيكون ذلك عوضاً من الهبة كلها؟ قال: لا. قلت: فهل للواهب أن يرجع في الهبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن وهب رجل لرجل داراً فعوضه الموهوب له من الدار بيتاً واحداً منها أيكون عوضاً منها؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل دارا فاستحقت نصف تلك الدار غير مقسوم أيجوز له النصف الباقي؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: ألا ترى لو أن رجلاً وهب لرجل نصف دار غير مقسوم لم يجز. قلت: أرأيت إن استحق من الدار بيت معلوم مقسوم (¬3) هل يجوز ما بقي للموهوب له؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة فعوضه من هبته شاة مسلوخة فاستبان للواهب بعد ذلك أنها كانت ميتة هل له أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت لو أن نصرانياً وهب لمسلم هبة فعوضه المسلم منها خمراً أو خنزيراً هل يكون هذا عوضاً؟ قال: لا، ويكون (¬4) للنصراني أن يرجع في هبته، ولا يكون ذلك عوضاً. قلت: أرأيت عبداً مأذوناً له (¬5) في التجارة وهب لرجل هبة وعوضه من هبته عوضاً (¬6) أيكون لكل واحد منهما أن يرجع في الذي له، والهبة باطلة؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) م: في نصفه. (¬2) ز - رجع في نصف الهبة أو ثلثه أو ربعه. (¬3) ز: بيتا معلوما مقسوما. (¬4) ف: لا يكون. (¬5) م - له. (¬6) ف - عوضا.

قلت: أرأيت رجلاً وهب لغلام صغير هبة فقبضها أبوه وعوضه من مال ابنه أللواهب أن يرجع في هبته؟ قال: نعم، والعوض لا يجوز. قلت: أرأيت إن وهب رجل مال ابنه لرجل فعوضه ذلك الرجل من هبته لأبيه (¬1) أن يرجع في هبته إن كان كبيراً أو صغيراً؟ قال: نعم، والهبة باطل. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة فعوضه الموهوب له من هبته تلك فاستحق العوض الذي كان عوضه هل له أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة فتصدق عليه الموهوب له صدقة فقال: هذا عوضاً من هبتك، أيكون هذا عوضاً ويكون للواهب أن يرجع في هبته؟ قال: لا يرجع، وهذا عوض. قلت: وكذلك إن نحله أو أعمره فقال: هذا عوضاً من هبتك، أيكون عوضاً؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما عوضه من هبته، فإذا لم تسلم (¬2) له الهبة رد عليه العوض أو قيمته. قلت: أرأيت لو استحقت الهبة وهلك الثوب عند المعوض هل للمعوض أن يضمن الواهب قيمة عوضه؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه إنما عوضه من هبته، فإذا لم تسلم (¬3) له الهبة رد عليه العوض أو قيمته. قلت: أرأيت لو استحقت الهبة أكان للواهب أن يضمن الموهوب قيمة الهبة؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه قد وهبها له ولم يشترط عليه عوضاً. ألا ترى أن الموهوب له إنما عوضه مكافأة تطوعاً. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل (¬4) عبداً على أن يعوضه ثوباً ويقع الأمر على ذلك منهما جميعاً ثم امتنع أحدهما وأبى قبل أن يقبض واحد (¬5) منهما هل لواحد منهما أن يمنع قبل القبض ولا يجبر هذا على دفعه؟ قال: نعم، أيهما شاء أن يمنع فله ذلك. قلت: أرأيت إن كان ¬

_ (¬1) م ز: لابنه. (¬2) م ف: لم يسلم. (¬3) م ف: لم يسلم. (¬4) م ف ز: الرجل. (¬5) م: واحدا؛ ز - واحد.

قد قبض كل واحد منهما من صاحبه ما القول في ذلك؟ قال: هذا جائز، وهذا في هذا (¬1) الوجه بمنزلة البيع، وليس لواحد منهما أن يرجع فيما أعطى بعد القبض، ولا ينقض ذلك. قلت: ولكل واحد منهما أن يرد ما في يده إن وجد به عيباً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن استحق ما في يدي أحدهما أله أن يرجع على صاحبه بما أعطاه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان قد هلك ما في أيديهما ما القول في ذلك؟ قال: يرجع على صاحبه بما أعطاه، ويغرم قيمة ما استحق لصاحبه الذي استحقه. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل داراً على أن يعوضه ألف درهم وقبض كل واحد منهما أللشفيع فيها شفعة؟ قال: نعم، لأن هذا بمنزلة البيع. قلت: أرأيت إن لم يقبض كل واحد منهما ثم ترادا ذلك أللشفيع فيها شفعة؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل نصيباً له في أرض وسماه وليس بمقسوم على أن يعوضه ألف درهم أيجوز ذلك؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه نصيب غير مقسوم. قلت: ولم وهذا بمنزلة البيع؟ قال: هذا بمنزلة البيع لو كان قبضاً وكان مقسوماً، وهو (¬2) هبة فلا تجوز إلا مقسومة. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل داراً وقبضها ثم عوضه بعد ذلك ألف درهم بغير شرط وقبض الألف هل للشفيع فيها شفعة؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن العوض كان بغير شرط. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة فجاء رجل فاستحقها بعد القبض ثم إنه أجاز الهبة قبل أن يقبضها من صاحبها هل تجوز الهبة؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو أن رجلاً وهب لرجل توباً والثوب لغير الواهب فأجاز ذلك رب الثوب؟ قال: فالهبة جائزة. قلت: ولم أجزته وقد وهب له شيئاً ليس له؟ قال: لأن رب الثوب حيث أجازه فكأنه (¬3) هو الذي ¬

_ (¬1) ف ز - هذا، صح ف هـ. (¬2) ف: وكان. (¬3) م ف ز - حيث أجازه فكأنه. والزيادة من ع.

وهب له. قلت: فلرب الثوب أن يرجع في الثوب وهو قائم بعينه؟ قال: نعم، إذا لم يكن الموهوب له ذا رحم محرم أو يكون قد عوضه. قلت: فهل للواهب الذي لم يكن (¬1) يملك الثوب أن يرجع في الثوب وهو قائم بعينه؟ قال: لا، إلا أن يأمره بذلك صاحب الثوب الذي أجاز الهبة. قلت: ولم؟ قال: لأن الواهب ليس هو بصاحب الثوب. قلت: أرأيت إن عوض الموهوب له رب الثوب عوضاً هل له أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن عوض الموهوب له (¬2) الرسول عوضاً لرب الثوب أن يرجع فيه؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن عوضه للرسول ليس بشيء. قلت: فللواهب أن يرجع بعد ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن استحقت الهبة وهلك العوض هل يرجع الموهوب له على المعوض بقيمة عوضه؟ (¬3) قال: نعم (¬4). قلت: أرأيت إن كان الرسول ذا رحم محرم ألرب الثوب أن يرجع فيه؟ قال: نعم. قلت: ولم كان هذا هكذا؟ قال: لأن الرسول ليس بواهب، وصاحب الثوب هو الذي وهب، فمن ثم كان هذا هكذا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عشرة دراهم وقبضها ثم إن عوضه الواهب من هبته درهماً من تلك الدراهم التي وهبت له فقبله الواهب وقبضه أيكون هذا عوضاً؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه إنما عوضه بعض ما وهب له، فلا (¬5) يكون ذلك (¬6) عوضاً. قلت: أرأيت لو وهب له خمسة دراهم وثوباً فقبض ذلك الموهوب له ثم عوضه الثوب أو الدراهم من الهبة كلها هل يكون هذا عوضاً؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنه إنما عوضه بعض ما وهب له. قلت: أوليس هذان (¬7) مختلفين؟ قال: وإن كانا مختلفين؛ لأنهما هبة واحدة، ولا يكون أحدهما عوضاً من الآخر. أدع القياس في ذلك. وينبغي في القياس أن يكون عوضاً. قلت: فإن ¬

_ (¬1) م ز - يكن. (¬2) ز - رب الثوب عوضا هل له أن يرجع فيه قال لا قلت أرأيت إن عوض الموهوب له. (¬3) م ف ز - على المعوض بقيمة عوضه،+ أله أن يرجع في هبته. والتصحيح من ع. (¬4) م ف ز: قال لا. وانظر: الكافي، 1/ 147 و. (¬5) ز: ولا. (¬6) ف - ذلك. (¬7) ز: هذين.

وهب له هبتين مختلفتين في مجلسين فعوض إحدى الهبتين من الأخرى أيكون عوضاً؟ قال: نعم، هذا عوض، آخذ في هذا بالقياس. قلت: أرأيت لو وهب له (¬1) حنطة فطحن بعضها فعوضه دقيقاً (¬2) من تلك الحنطة هل يكون عوضاً؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأن هذا قد تغير عن حاله التي كان عليها. [قلت:] وكذلك لو وهب له ثيابا فصبغ منها ثوبا بعصفر أو قطعه قميصاً فخاطه أو قباء فعوضه إياه أيكون (¬3) ذلك عوضاً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب له سويقاً فلتّ بعضه ثم عوضه الواهب أيكون هذا عوضاً (¬4)؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأنه قد زاد فيه، وكل شيء من هذا النحو فهو على هذا. قلت: أرأيت الرجل يهب العبد للرجل ثم يهب الموهوب له للواهب شيئاً ولا يقول: هذا عوضاً من هبتك، هل للواهب أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال: قد تصدقت عليك بهذا عوضاً من هبتك، هل يكون هذا (¬5) عوضاً؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال: قد نحلتك هذا من هبتك، هل يكون هذا عوضاً؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن قال: قد كافيتك أو قد (¬6) جازيتك أو قد أثبتك (¬7) أو هذا بدل هبتك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل خادماً وقبضها ثم عوض الواهب منها ثوباً فقبضه الواهب ثم استحق نصف الثوب فأراد الواهب أن يمسك ما بقي من الثوب ويرجع في هبته؟ قال: ليس له ذلك. قلت: فإن قال: أنا أرد ما بقي من الثوب وأرجع (¬8) في هبتي؟ قال: فله ذلك. قلت: ولم؟ قال: لأنه عوضه شيئاً ولم يسلم له العوض. قلت: أرأيت إن استحق نصف الخادم هل يكون للموهوب له أن يرجع في شيء من العوض؟ قال: نعم في نصفه. قلت: لم؟ قال: لأنه استحق نصف الخادم، ولأن الخادم قد غره منهما. ¬

_ (¬1) ز: لو وهبه. (¬2) ز: دقيق. (¬3) ف: هل يكون؛ ز: يكون. (¬4) ز - أيكون هذا عوضا؛ صح هـ. (¬5) ف - هذا. (¬6) م ف ز: أو قال. (¬7) ز: قد آتيتك. (¬8) م ف ز: فأرجع.

باب الهبة لغير ذي الرحم والرجوع فيها

قلت: فما بال العوض إن استحق نصفه رد الواهب ما بقي ورجع في هبته، وإذا استحق نصف الهبة لم يردها كلها؟ قال: لأن المعوض إذا قال: قد عوضتك هذا من هبتك، فاستحق نصفه فقد غره. ألا ترى أنه لو قال: عوضتك هذا الشيء، ثم استحق نصف ذلك الشيء كان قد غره. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل جارية ثم عوضه الموهوب له من نصف هبته درهماً أله أن يرجع في نصف الجارية، ولا يرجع في النصف الذي عوضه منه؟ قال: نعم، له أن يرجع فيما لم يعوضه. ... باب الهبة لغير ذي الرحم والرجوع فيها قلت: أرأيت رجلاً يهب لرجل الهبة ويدفعها إليه هل يستطيع أن يرجع فيها؟ قال: إن كانت الهبة قائمة بعينها لم تزدد خيراً وليس الموهوب له بذي رحم محرم ولم يعوض الواهب فله أن يرجع فيها. قلت: أرأيت الواهب أله أن يرجع في هبته عند غير قاض؟ (¬1) قال: لا. قلت: أرأيت إن رجع (¬2) فيها عند غير قاض (¬3) فسلم له الموهوب له ذلك ورد إليه الهبة أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: إن أبى الموهوب له أن يدفعها إليه أيجوز رجوع الواهب فيها؟ قال: لا، حتى يقدمه إلى القاضي فيقضي عليه. قلت: أرأيت إن باع الموهوب له العبد أو أعتقه أو تصدق به أو استهلكها بعد رجوع الواهب قبل أن يقضي به القاضي للواهب هل يجوز ¬

_ (¬1) م: قاضي. (¬2) ز: إن يرجع. (¬3) م: قاضي.

للموهوب له ما صنع فيه من شيء؟ قال: نعم، هو جائز. قلت: أرأيت إن قضى به القاضي عليه أللموهوب (¬1) له العبد أن يبيعه قبل أن يقبضه الواهب؟ قال: لا، والعبد عبد الواهب. قلت: أرأيت إن مات العبد في يدي الموهوب قبل أن يقبضه الواهب بعدما قضى به القاضي له (¬2) هل للواهب أن يضمنه قيمته؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن أبى الموهوب له بعد ذلك أن يدفعه وقد طلبه الواهب منه فمات العبد عند الموهوب له هل يضمن قيمته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إذا كانت الهبة قد خرجت من ملك الموهوب له بهبة أو ببيع أو استهلاك أو زادت عنده خيراً أللواهب أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: وكذلك إن وهبها الموهوب له لابن له صغير أو تصدق عليه؟ قال: نعم. قلت: فإن كانت الهبة قد ازدادت نقصاناً هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كانت قد زادت (¬3) خيراً في السوق ولم تزدد في بدنها (¬4) إلا شرا أللواهب فيها رجعة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل داراً لا بناء فيها فبنى الموهوب له فيها حائطاً أو بيتاً أو كانت أرضاً فغرس فيها نخلاً أو شجراً أو كرماً أو كانت جارية صغيرة فكبرت وازدادت خيراً؟ قال: لا يستطيع الواهب أن يرجع في شيء مما ذكرت لك. قلت: وكذلك إن وهب له غلاماً فصار رجلاً أو وهب له جارية فكبرت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الدار إذا بنى فيها بيتاً لم لا يرجع فيما بقي من الدار مما ليس فيه بناء؟ قال: لأنه إذا بنى في بعضها فهو بمنزلة البناء لو بنى في كلها. ألا ترى أنه لو بنى بيتاً في أقصاها وبيتاً في أدناها وبيتاً (¬5) في وسطها لم يكن له أن يرجع في شيء منها. ¬

_ (¬1) م ف ز: الموهوب. (¬2) م ز - له. (¬3) ز: إن كان قد ازدادت. (¬4) ف: في يديها؛ ز: في يديهما. أي في حال كون الهبة دابة مثلا. (¬5) ف: أو بيتا.

وكذلك لو بنى عليها حائطاً أو داراً عليها لم يكن له أن يرجع فيها قليلاً كان بنى فيها أو كثيرأ. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل داراً فهدمها أللواهب أن يرجع في الأرض؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب له عشرة آلاف درهم أو عبدين أو ثوبين أو نحو ذلك فاستهلك بعضه وبقي بعض (¬1) هل للواهب أن يرجع فيما بقي؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل ثوباً فصبغه أحمر أو أصفر هل للواهب أن يرجع فيه؟ قال: لا؛ لأن هذا قد زاد فيه. ألا ترى أن عُصْفُره (¬2) وزعفرانه فيه. قلت: وكذلك لو كان قطعه قباء أو قميصاً (¬3) أو سراويل (¬4) فخاطه أو قلانس (¬5) فخاطها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قطعه (¬6) ولم يخطه أله أن يرجع فيه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل طعاماً فيطحنه أو سويقاً فيلته أللواهب أن يرجع فيه؟ قال: لا؛ لأنه قد تغير عن حاله. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل ديناً له عليه هل يستطيع أن يرجع فيه؟ قال: لا؛ لأن هذه مستهلكة. قلت: أرأيت إن قال الموهوب له حين وهبها له: لا أقبلها، أيكون ديناً على حالها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له غائباً ولم يعلم بالهبة حتى مات أيجوز له الهبة ويبرأ مما عليه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وهبها له وهي معه قائمة وسكت حتى افترقا هل تجوز الهبة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لعبد هبة وقبضها العبد هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: ولم وقد صارت الهبة لمولاه؟ قال: لأن الهبة ¬

_ (¬1) ز: بعضا. (¬2) م ز: أن عصفرانه. العصفر صبغ أحمر. انظر: لسان العرب، "عصفر". (¬3) م: أقميصا. (¬4) م ز: أو سراويلا. (¬5) م ز: أو قلانسا. (¬6) م: إن قعطه.

إنما وقعت للذي هي في ملكه اليوم ولم تتحول إلى ملك غيره؛ لأن العبد في ملكه. قلت: أرأيت النحلى والعمرى والعطية أهو بمنزلة الهبة في كل شيء؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الكسوة والحملان إذا أراد به الرجل الهبة؟ قال: نعم (¬1). قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل داراً أو عبداً فباع الموهوب له نصف الدار أو نصف العبد (¬2) هل للواهب أن يرجع في شيء مما بقي من ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً يهب لرجل هبة ويقبضها الموهوب له ثم يهبها الموهوب له لغيره ثم يرجع فيها الواهب الثاني ويقبضها هل للواهب الأول أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له الآخر ردها على الواهب الثاني هل للواهب الأول أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له الآخر قد تصدق بها على الواهب الثاني أو وهبها له أو باعها إياه هل (¬3) للواهب الأول أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها قد رجعت إليه بهبة من الآخر، وملك الآخر سوى ملك الأول، ولا يكون للأول أن يرجع فيها أبداً إلا أن يرجع فيها الواهب الثاني. وإذا رجعت الهبة إليه بهبة أو بصدقة (¬4) مستقبلة فليس للأول عليها سبيل؛ لأنها قد كانت خرجت من ملك الثاني ورجعت إليه بملك غير ملكه الأول. قلت: وكذلك لو رجعت إلى الثاني بوصية أو ميراث؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجلين عبداً ثم أراد أن يرجع في حصة أحدهما دون الآخر أله ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن جعل ما أعطى ¬

_ (¬1) ف - قلت وكذلك الكسوة والحملان إذا أراد به الرجل الهبة قال نعم. (¬2) م ز: نصف العبد أو نصف الدار. (¬3) ز - هل. (¬4) م ز: أو صدقة.

أحدهما صدقة وجعل الآخر هبة أله أن يرجع في شيء من العبد؟ قال: نعم، يرجع فيما كان جعله هبة، ولا يرجع في نصيب المتصدق عليه. قلت: أرأيت إن كان وهب لهما العبد بهبة فعوضه أحدهما من حصته أله أن يرجع في حصة الذي لم يعوضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان عوضه أحدهما من جميع العبد أله أن يرجع في حصة واحد منهما؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لعبد هبة والعبد أخوه هل له أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان المولى أخا (¬1) الواهب أله أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: وإن كان قد قبضه المولى؟ قال: وإن كان (¬2). وهذا (¬3) قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يرجع إذا كان المولى ذا رحم محرم من الواهب. قلت: أرأيت رجلاً وهب لمكاتب هبة ثم إن المكاتب عجز فرد رقيقاً أو عتق والهبة عنده قائمة بعينها أللواهب أن يرجع في إحدى الوجهين؟ قال: نعم، يرجع فيهما جميعاً (¬4). قلت: فإن كان المكاتب أخا (¬5) الواهب؟ قال: أما إذا رد رقيقاً فللواهب أن يرجع في الهبة. فإذا عتق فليس له أن يرجع فيها في قول أبي يوسف. وأما في قول محمد بن الحسن فإن (¬6) له أن يرجع فيها إذا عتق المكاتب ولم يكن ذا (¬7) رحم محرم (¬8)؛ لأنها لم تخرج من ملك الذي وهبها له. وإن عجز المكاتب لم يكن للواهب أن يرجع فيها؛ لأنها قد صارت لغير المكاتب وخرجت من ملك الموهوب له إلى ملك غيره. وإن كان المكاتب ذا رحم محرم من الواهب لم يكن (¬9) له أن يرجع فيها على حال. وهذا قول أبي يوسف. ¬

_ (¬1) ز: أخو. (¬2) ز + وقد. (¬3) ز: هذا. (¬4) أي: في قول أبي يوسف كما يأتي في المسألة التالية. وانظر: المبسوط، 12/ 86. (¬5) ز: أخو. (¬6) م ز: قال. (¬7) ز: ذي. (¬8) ف + من. (¬9) ز - لم يكن.

قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل أرضاً وهي صحراء فبنى فيها الموهوب له هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن خاصمه الواهب إلى القاضي فقال له القاضي: ليس لك أن ترجع فيها، ثم هدمها الموهوب له فعادت صحراء كما كانت هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: نعم؛ لأنها عادت إلى حالها كهيئتها يوم وهبها له. قلت: أرأيت مكاتباً وهب هبة لرجل هل تجوز هبته؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلين وهبا عبداً لرجل وقبضه منهما ثم أراد أحدهما أن يرجع في حصته أله ذلك؟ قال: نعم. قلت: وإن كان الآخر غائباً؟ قال: وإن كان. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل هبة ثم أراد أن يرجع فيها الواهب فقال الموهوب له: إنما تصدقت بها علي، أو يقول: قد عوضتك منها عوضاً، أو يقول: أنا أخوك فليس لك أن ترجع فيها، وكذبه الواهب في هذا كله؟ قال: القول قول الواهب، وله أن يرجع فيها، إلا أن تقوم للآخر بينة بالذي ادعى من الصدقة والعوض والقرابة، فإذا قامت (¬1) له بينة لم يكن للواهب أن يرجع فيها. قلت: (¬2) أرأيت رجلاً وهب لرجل خادماً فأراد أن يرجع فيها فقال الموهوب له: وهبتها لي وهي صغيرة فكبرت عندي وازدادت خيراً، وقال الواهب: كذبت بل وهبتها لك على هذه الحال؟ قال: القول قول الواهب مع يمينه، وله أن يرجع فيها. قلت: أرأيت (¬3) إن كانت أرضاً فقال الموهوب له: وهبتها لي وهي صحراء فبنيت فيها وغرست، وكذبه الواهب وزعم أنه وهبها على هذه الحال؟ قال: فالقول قول الموهوب له. قلت: من أين اختلفا؟ قال: لأن البناء والغرس ليس من الأرض، إنما هو من غيرها، فالقول قول الموهوب له. وكذلك كل شيء زاد فيه من غير الذي ¬

_ (¬1) ز: فإذا مت. (¬2) ف - قلت، صح هـ. ـ (¬3) ز + أرأيت.

وهبه من نحو الثوب يصبغه (¬1) والسويق يلته (¬2) والثوب يخيطه (¬3). وما كان من حيوان فالقول قول الواهب (¬4). قلت: أرأيت إن كسر الموهوب له البناء وقلع الغرس هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: نعم؛ لأنها قد عادت إلى حالها. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل جارية فولدت عند الموهوب له من زوج أو من فجور هل للواهب أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: فهل له على الولد (¬5) سبيل؟ قال: لا؛ لأن الولد ليس بالجارية (¬6). قلت: أرأيت إن كانت حبلى أله أن يرجع فيها؟ قال: إن كانت قد ازدادت خيراً لم يكن له أن يرجع فيها، وإن كانت على حالها أو زادت (¬7) شراً كان له أن يرجع فيها. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل جاريتين فولدت إحداهما عنده فعوض الموهوب له الولد الواهب من هبته هل له أن يرجع في الباقية؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن وهب له جارية فزادت عنده أو لم تزد ثم وهب له بعد ذلك أخرى ثم عوضه الأولى من هبته هل له أن يرجع في الثانية؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً لو وهب لرجل أديماً فقطعه خفين وخرزه هل للواهب أن يرجع فيها؟ (¬8) قال: لا؛ لأنه قد تغير عن حاله. قلت: وكذلك لو وهب له طيلساناً غير مقطوع فقطعه وخاطه؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو وهب له غزلاً فنسجه أو حديداً فضربها سيفاً أو حنطة فطحنها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل خفاً وهو على الموهوب له أتجوز ¬

_ (¬1) م ز: فصبغه. (¬2) ز: ثلثه. (¬3) ز: بحنطة. (¬4) بمنزلة الكبر في الخادم. انظر: المبسوط، 12/ 88. (¬5) م: على الوالد. (¬6) أي: لأن الولد ليس بموهوب، وحق الرجوع مقصور على عين الموهوب. انظر: المبسوط، الموضع السابق. (¬7) ز: أو ازدادت. (¬8) ز: فيهما.

باب الرقبى والحبيس

الهبة فيه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل دفاتر فكتب فيها أله أن يرجع فيها؟ قال: لا. ... باب الرقبى والحبيس قال: أخبرنا محمد عن أبي يوسف عن عطاء عن شريح أنه سأله عن الحَبِيس، فقال: إنما أقضي، ولست أفتي. قال: فأعدت عليه المسألة، فقال: لاَ حَبْسَ (¬1) عن فرائض الله تعالى. محمد عن مسعر بن كدام عن أبي عون (¬2) عن شريح أنه قال: جاء محمد - عليه السلام - ببيع الحَبِيس (¬3). قلت: أرأيت رجلاً حضره الموت فقال: هذه داري حبيساً؟ قال: هي ¬

_ (¬1) م ز: لا حبيس. (¬2) م ف ز: عن أبي عوف. (¬3) ورد بلفظ, بمنع الحبس" في المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 350؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 6/ 163. وقد تقدمت الروايتان أول كتاب الهبة. انظر: 2/ 91 و. وقد فسره المؤلف هنا بأن يقول الإنسان: داري هذه حبيس على عقبي من بعدي. وقال السرخسي: قال: رجل حضره الموت فقال: داري هذه حبيس، لم تكن حبيساً، وكان ذلك ميراثاً، لأن قوله "حبيس" أي محبوس، فعيل بمعنى مفعول، كالقتيل بمعنى المقتول، ومعناه: محبوس عن سهام الورثة. وسهام الورثة في ماله بعد موته حكم ثابت بالنص، فلا يتمكن من إبطاله بقوله. وهو معنى قول شريح: لا حبيس عن فرائض الله تعالى، وجاء محمد - صلى الله عليه وسلم -ببيع الحبيس. وكذلك إن قال: داري هذه حبيس على عقبي بعد موتي، فهو باطل، لأن معناه: محبوس على ملكهم لا يتصرفون فيه بالإزالة كما يفعله المالك، وهو مخالف لحكم الشرع، فكان باطلاً. انظر: المبسوط، 12/ 89.

ميراث بين ورثته (¬1). قلت: فإن قال: داري هذه (¬2) حبيس على عقبي من بعدي؟ قال: هذا باطل. قلت: وهذا الحبيس الذي وصفت لي؟ قال: نعم، والحبيس باطل لا يجوز. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: داري لك رقبى، هل يجوز هذا؟ قال: لا، والرقبى باطل. قلت: وما تفسير الرقبى عندك؟ قال: الرقبى هي الحبيس، والرقبى (¬3) ليس بشيء. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجلين: عبدي هذا لأطولكما حياة؟ قال: نعم، هذا باطل، وهذا الرقبى. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: داري حبيس لك؟ قال: هذا باطل أيضاً، فلا يجوز شيء من الرقبى ولا الحبيس (¬4). قلت: ولا يجوز شيء (¬5) من الرقبى ولا الحبيس؟ قال: لا. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أما أنا فأرى أنه إذا قال: داري لك هذه حبيس، فهي له إذا قبض، وقوله: حبيس، باطل (¬6). وكذلك إذا قال: هي لك رقبى. محمد قال: وحدث (¬7) عن داود بن أبي هند عن أبي الزبير عن جابر يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الرقبى جائزة، والعمرى جائزة" (¬8). ¬

_ (¬1) م ز: من ورثته. (¬2) م - حبيسا قال هي ميراث من ورثته قلت فإن قال داري هذه، صح هـ. (¬3) ز - باطل قلت وما تفسير الرقبى عندك قال الرقبى هي الحبيس والرقبى. (¬4) ف: الرقبى والحبيس. (¬5) م: شيئاً. (¬6) ز - وهذا الرقبى قلت أرأيت رجلاً قال لرجل داري حبيس لك قال هذا باطل أيضا فلا يجوز شيء من الرقبى ولا الحبيس قلت ولا يجوز شيء من الرقبى ولا الحبيس قال لا وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف أما أنا فأرى أنه إذا قال داري لك هذه حبيس فهي له إذا قبض وقوله حبيس باطل. (¬7) ز: وجدت. أي أبو يوسف. (¬8) حسنه الترمذي. انظر: سنن ابن ماجه، الهبات، 4؛ وسنن أبي داود، البيوع، 87؛ وسنن الترمذي، الأحكام، 16؛ وسنن النسائي، الرقبى، 2؛ العمرى، 2. وروي بلفظ: "العمرى جائزة" فقط. انظر: صحيح البخاري، الهبة، 32؛. وصحيح مسلم، الهبات، 30، 32. وانظر: الدراية لابن حجر، 2/ 185.

باب الشهادة في الهبة والصدقة والنحلى والعمرى

وقال محمد: حدثنا أبو مالك النخعي عن جابر الجعفي (¬1) عن الشعبي عن شريح أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أجاز العمرى، ورد الرقبى ... باب الشهادة في الهبة والصدقة والنحلى والعمرى قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً ثم جحده ذلك فشهد شاهدان أنه وهب له ذلك العبد وقبضه الموهوب له هل يجوز؟ قال: إذا شهدا (¬2) أنه قبض العبد بمحضر منهما ورضا من الواهب فالهبة جائزة. قلت: وكذلك النحلى والعطية والعمرى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت (¬3) إن شهد شاهدان على إقرار الواهب بالقبض ولم يعاينوا القبض وجحد ذلك الواهب أتجوز شهادتهما؟ قال: لا، والعبد للواهب. قلت: وكذلك الصدقة والنحلى والعمرى؟ قال: نعم. ورجع أبو حنيفة عن هذا، وقال: هو جائز. وقوله الآخر قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت إن كان العبد في يدي الموهوب (¬4) له فشهد شاهدان على إقرار الواهب بالقبض ولم يشهدا بالمعاينة أتجوز شهادتهما، ويكون العبد للموهوب له؟ قال: نعم. قلت: ولم؟ قال: لأن العبد في يدي الموهوب له، وقد أقر الواهب بقبضه. قلت: وكذلك النحلى والصدقة والعمرى والعطية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الواهب أقر عند القاضي بالهبة والقبض والعبد في يديه وأقر بقبض الموهوب له هل يجوز ذلك، ويكون العبد للموهوب له؟ قال: نعم. قلت: من أين اختلف الإقرار وشهادة الشهود في قول أبي ¬

_ (¬1) ز - عن جابر الجعفي. (¬2) م ف ز: إذا شهد. والتصحيح من ب. (¬3) ز - أرأيت. (¬4) ف: العبد هو الموهوب.

حنيفة الأول؟ قال: لأنه إذا أقر لزمه ذلك. ولا تجوز شهادة الشهود إلا على المعاينة؛ لأن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة. رجع (¬1) أبو حنيفة عن المعاينة، وقال: إذا شهدوا على الإقرار بالقبض جاز ذلك. قلت: أرأيت رجلاً استودع رجلاً عبداً أو داراً أو غنماً أو متاعاً أو غير ذلك ثم وهبه للمستودع ثم جحده ذلك فشهد عليه بذلك شاهدان ولم يشهدوا على القبض؟ قال: هذا جائز، ولا يحتاج في هذا إلى القبض. قلت: ولم؟ قال: لأنه في يدي الموهوب له، وقد كان في يديه حيث وهب له. [قلت:] وكذلك النحلى والصدقة والعمرى؟ قال: نعم. قلت: أفرأيت إن جحد الواهب أن يكون في يديه يومئذ وقد شهدت الشهود أنه كان في يدي الموهوب له؟ قال: لا يلتفت إلى جحوده، وتجوز الهبة. قلت: أرأيت إن جحد الواهب أن يكون في يديه وقد شهدت الشهود على الهبة ولم يشهدوا على معاينة القبض ولا على إقرار الواهب بالقبض والهبة (¬2) في يدي الموهوب له يوم خاصم إلى القاضي أيجوز ذلك؟ قال: نعم إذا كان الواهب حياً (¬3)؛ وإذا كان ميتاً (¬4) فشهادتهما باطل. قلت: أرأيت إذا شهدوا على إقرار الواهب أن الهبة كانت في يديه يومئذ أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك النحلى والصدقة والعمرى والعطية؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً وقبضه الموهوب له ثم جاء رجل فأقام البينة أنه كان اشتراه من الواهب ما القول في ذلك؟ قال: إن أقام البينة أنه اشتراه قبل الهبة والقبض فالبينة بينة المشتري، وتبطل الهبة، وكذلك النحلى والعطية والعمرى. قلت: فإن لم يشهد الشهود على الشراء قبل الهبة هل تجوز الهبة لصاحب الهبة ويبطل الشراء؟ قال: نعم. قلت: ¬

_ (¬1) ز + الإمام الأعظم. (¬2) م ف ز: فالهبة. والتصحيح من الكافي، 1/ 148 و؛ والمبسوط، 12/ 90. (¬3) ز: حي. (¬4) ز: ميت.

لم؟ قال: لأن الهبة في يدي الموهوب له، ولا تنزع (¬1) منه إلا ببينة على الشراء قبل الهبة. قلت: أرأيت إن كان في يدي الواهب فأقام رجل البينة أنه وهبه له وقبضه وأقام رجل آخر البينة أنه كان (¬2) اشتراه وقبضه ولا يدرى أيهما قبل؟ قال (¬3): آخذ ببينة المشتري وأبطل الهبة. قلت: وكذلك الصدقة والعمرى والعطية؟ قال: نعم. [قلت:] والشرى أولى منهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن أقام الموهوب له البينة على العبد أنه وهبه له وقبضه قبل الشراء وأقام صاحب الشراء البينة أنه اشتراه قبل الهبة وقبضه ما القول في ذلك؟ قال: العبد كله لصاحب الشرى. قلت: أرأيت رجلاً رهن رجلاً رهناً ثم جحد، وشهدت الشهود على ذلك، ما القول في ذلك؟ قال: لا يجوز الرهن إلا مقبوضاً، فإن (¬4) شهدت الشهود على أنه رهنه وشهدوا على معاينة القبض فهو جائز، وإلا فهو باطل. قلت: فإن شهدوا على إقرار الراهن (¬5) بالقبض ولم يشهدوا على المعاينة أيجوز ذلك؟ قال: لا، حتى يشهدوا على معاينة القبض. رجع أبو حنيفة وقال: إذا شهدوا على الرهن (¬6) بالقبض فهو جائز، وهو قوله الآخر. وهو قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل متاعاً ثم قال (¬7): إنما كنت (¬8) استودعتك، وقد هلك المتاع في يدي الموهوب له أو لم يهلك؟ قال (¬9): إن أقام الموهوب له البينة على الهبة جاز ذلك، وإن لم تقم له بينة حلف ¬

_ (¬1) ز: ينزع. (¬2) م ف ز - كان في يدي الواهب فأقام رجل البينة أنه وهبه له وقبضه وأقام رجل آخر البينة أنه كان. والزيادة من ع. (¬3) ز - قال. (¬4) ف: قال إن. (¬5) ز: الواهب. (¬6) كذا في الأصول. ولعل الصواب "على إقرار الراهن". انظر ما يأتي في آخر الباب أسفله. (¬7) ز - قال. (¬8) م ف ز: إذا كنت. (¬9) ز: قا.

باب الصدقة

الواهب أنه لم يهبه. فإن حلف رجع في هبته. وإن أبى أن يحلف لم يرجع في الهبة. فإن وجدها قد هلكت (¬1) بعدما ادعى المستودَع الهبة فالمستودَع ضامن لقيمته. والقول في القيمة قول الموهوب له إلا أن يكون للواهب بينة على القيمة. قلت (¬2): أرأيت رجلاً ادعى هبة من رجل في دار وأقام البينة أنه وهبها له وأقر الواهب أنه قد قبضها وهي في يدي الموهوب له؟ قال: أجيزها له. قلت: فإن كانت في يدي الواهب؟ قال: إذاً لا يجوز (¬3) حتى يشهد الشهود على معاينة القبض، ولا تجوز الهبة ولا النحلى والصدقة ولا العطية ولا العمرى حتى يعاين الشهود القبض. رجع (¬4) أبو حنيفة عن هذا وقال: هو جائز، ولا يحتاج إلى المعاينة إذا شهدوا على إقرار الواهب بالقبض. ورجع (¬5) أبو حنيفة في الرهن عن معاينة لشهود بالقبض، وقال: إذا شهدوا على إقرار الراهن بالقبض فهو جائز. وهو قوله الآخر. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ... باب الصدقة محمد عن أبي يوسف عن الحجاج عن عطاء عن عبد الله بن عباس أنه قال: لا تجوز الصدقة إلا مقبوضة (¬6). قلت: أرأيت رجلاً تصدق على رجل بنصيب له في دار لم تقسم أو في أرض أو في شيء مما يقسم؟ قال: الصدقة باطلة، والصدقة في هذا ¬

_ (¬1) ز: قد هلك. (¬2) م ز - قلت. (¬3) ز: لا تجوز. (¬4) ز + الإمام الأعظم. (¬5) ز + الإمام. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 281. وقد ذكره الإمام محمد بلاغاً في الحجة، 3/ 96 - 97.

بمنزلة الهبة، لا تجوز فيما يقسم إلا مقسوماً. وكل شيء لا يقسم فالصدقة في بعضه جائزة نحو العبد أو الثوب أو الحمام ونحو ما ذكرت في الهبة. قلت: أرأيت رجلاً تصدق على رجل بعبد ودفعه إليه وقبضه المتصدق عليه للمتصدق (¬1) أن يرجع في صدقته؟ قال: لا. قلت: وإن كانت قائمة بعينها لم تزدد خيراً؟ قال: وإن؛ ليست (¬2) الصدقة في هذا بمنزلة الهبة. قلت: أرأيت الصدقة على ذي الرحم المحرم وعلى (¬3) غير ذي الرحم المحرم سواء، إذا قبضت الصدقة لم يكن لصاحبها أن يرجع فيها؟ قال: نعم، لا يستطيع (¬4) الرجوع فيها. قلت: أرأيت إن لم يقبضها المتصدق عليه أله أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً تصدق على رجل بصدقة وقبضها المتصدق عليه ثم مات المتصدق عليه والذي تصدق بها وارثه فورث تلك الصدقة هل يحل له أن يأكلها؟ قال: نعم، لا بأس به. وقد بلغنا في الأثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أن رجلاً تصدق (¬5) بصدقة ثم مات المتصدَّق عليه (¬6)، فورّثه النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬7) من تلك الصدقة (¬8). قلت: أرأيت الصدقة في جميع ما لا يقسم إذأ قبضه صاحبه أو فيما يقسم (¬9) إذا كان مقسوماً فقبضه المتصدق عليه لم يكن للمتصدق أن يرجع ¬

_ (¬1) ز: أللمتصدق. (¬2) م ف ز: لان. (¬3) م ز: على. (¬4) ف: ولا يستطيع. (¬5) ع + على رجل. وكذلك في الكافي، 1/ 148 و. (¬6) ع - المتصدق عليه. وكذلك في الكافي، 1/ 148 و. (¬7) م ف ز - أن رجلاً تصدق بصدقة ثم مات المتصدق عليه فورثه النبي - صلى الله عليه وسلم -. والتصحيح من المبسوط، 12/ 92. (¬8) مسند أحمد، 5/ 349؛ وصحيح مسلم، الصيام، 157؛ وسنن ابن ماجه، الصدقات، 3؛ وسنن أبي داود، الزكاة، 31؛ وشرح معاني الآثار للطحاوي، 4/ 80؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 166، 232. (¬9) ف - إذا قبضه صاحبه أو فيما يقسم.

فيه بعد القبض؟ قال: نعم، لا يستطيع أن يرجع فيها. قلت: أرأيت رجلاً قال: قد جعلت غلة داري هذه صدقة في المساكين، وقال ذلك في صحته ثم مات ما حال غلة الدار؟ قال: الدار ميراث للورثة. قلت: أرأيت إن قال: داري صدقة في المساكين، ثم مات ما حال الدار؟ قال: الدار ميراث بين الورثة. قلت: ولم (¬1) وقد جعلها صدقة في المساكين؟ قال (¬2): لأنه لم ينفذها (¬3) في حياته. قلت: وكذلك لو كان قال: عبدي صدقة في المساكين، أو ثوبي هذا صدقة أو هذه الدراهم، ثم مات قبل أن ينفذ (¬4) شيئاً من ذلك كان ذلك كله ميراثاً للورثة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان حياً وقد قال: داري صدقة في المساكين، ما القول في ذلك؟ قال: عليه أن يتصدق بها. قلت: أرأيت إن تصدق بقيمة الدار والعبد على المساكين أيجزيه ذلك؟ قال: أي ذلك (¬5) ما فعل أجزأه. قلت: أرأيت إن قال: دراهمي صدقة في المساكين، أيجب عليه أن يتصدق بها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً قال: جميع ما أملك صدقة في المساكين؟ قال: يتصدق بجميع ما يملك، ويمسك قوته. فإذا أصاب شيئاً بعد ذلك تصدق بما أمسك. قلت: أفيتصدق بجميع ما يملك من الرقيق والعقار وغير ذلك؟ قال: لا يتصدق مما يملك إلا بالدراهم والدنانير وما كان للتجارة وما كان من سائمة الأموال التي تجب فيها الزكاة. فأما غير ذلك فليس عليه أن يتصدق به. أستحسن في ذلك وأدع القياس فيه. قلت: أرأيت رجلاً وهب للمساكين هبة ودفعها إليهم هل له أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: أستحسن ذلك وأدع القياس في ذلك. هذا بمنزلة الصدقة. ولو أتاك مسكين فأعطيته شيئاً لم يكن لك أن ترجع فيه. فهذا بهذه المنزلة. قلت: وكذلك لو أعطى رجلاً محتاجاً على وجه الحاجة؟ ¬

_ (¬1) ز - ولم. (¬2) ف ز - قال. (¬3) ز: لم ينقدها. (¬4) م ز: أن ينقد. (¬5) ز - ذلك.

قال: نعم. قلت: وكذلك لو أعطى ذا رحم محرم على وجه الصلة؟ قال: نعم. محمد قال: أخبرنا مالك بن (¬1) أنس عن داود بن حصين عن أبي غَطَفان بن طَريف المُرِّي عن مروان بن الحكم عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة لم يكن له أن يرجع فيها. ومن وهب هبة يرى أنه إنما وهبها ليثاب منها فله أن يرجع فيها إن (¬2) لم يُثَب منها (¬3). فكذلك ما وصفت لك قبل هذا من الهبة لذي الحاجة ولذي الرحم المحرم. قلت: أرأيت رجلاً جعل في داره مسجداً فصلى فيه الناس ثم مات ما حال المسجد؟ قال: هو ميراث لورثته، يصنعون به ما شاؤوا. قلت: أرأيت إن كان أخرجه من داره وصنعه مسجداً للناس ولم يكن فيه من الدار شيء (¬4) وكان ظاهراً قد أظهره للناس (¬5) وعزله من الدار ثم مات ما حال ذلك المسجد؟ قال: يكون مسجداً للمسلمين، وليس لورثته عليه سبيل. قلت: من أين اختلف هذا والأول؟ قال: لأن المسجد الأول كان في جوف الدار. وهو بمنزلة مسجد في بيته وفي داره. أرأيت رجلاً أذن للناس أن يصلوا في بيت في داره وجعل لهم مؤذناً ثم مات أما كان يصير ذلك ميراثاً؟ قلت (¬6): بلى. قال: فهذا وذلك سواء. وأما إذا عزله من الدار لم يكن فيه بيت ولا طريق فهو مسجد. وكذلك سائر المساجد. قلت: أرأيت إن بنى (¬7) على منزله مسجداً وسكن في أسفله ثم مات؟ قال: هذا ميراث له. قلت: أرأيت إن جعل أسفله مسجداً وفوقه بيتاً يكون فيه؟ قال: هذا ميراث أيضاً. قلت: وكذلك لو جعل أعلاه مسجداً وأسفله سِرْداباً؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز: عن. (¬2) م ز: ومن؛ ف: وإن. (¬3) الموطأ، الأقضية، 42. وقد تقدم نحوه. انظر: 2/ 90 ظ، 91 ظ. (¬4) م ز: شيئاً. (¬5) م ز: الناس. (¬6) ف: قال. (¬7) ف: إذا بنى.

باب النحلى والعمرى والعطية والمنحة والسكنى والاستثناء وغير ذلك

ولو أن رجلاً وهب لمسكين درهماً فسماه (¬1) هبة ونواه من زكاته وقبضه المسكين أجزى عنه من زكاته. وكذلك النحلى. ألا ترى أنه لو أعطاه إياه عطية أجزاه من زكاته إذا نوى ذلك، والعطية (¬2) عندنا هبة وليست بصدقة. ولو أعطى رجلاً غنياً عطية كان له أن يرجع فيها. ولو أعطى مسكيناً عطية على وجه الصدقة والحاجة لم يكن له أن يرجع فيها. وهذا استحسان. والقياس أن له أن يرجع إذا لم يسمها صدقة، ولكني تركت القياس. ... باب النحلى والعمرى والعطية والمنحة والسكنى والاستثناء وغير ذلك (¬3) قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: قد نحلتك عبدي هذا وقد نحلتك هذا الثوب، وقبض المنحول الثوب (¬4) ما القول في ذلك؟ قال: النحلى في ذلك (¬5) كله بمنزلة الهبة. قلت: وكذلك إن قال: قد أعطيتك هذا الثوب عطية؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: قد أعمرتك هذه الدار؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال (¬6): كسوتك هذا الثوب؟ قال: نعم. قلت: وكذلك لو قال: قد (¬7) حملتك على هذه الدابة، أيكون بهذه المنزلة؟ قال: لا، هذه تكون عارية، ولا تكون هبة إلا أن يقول صاحب الدابة: قد أردت (¬8) بذلك الهبة. قلت: أرأيت إن قال: قد أخدمتك (¬9) هذه الجارية؟ (¬10) قال: هذه أيضاً عارية. قلت: وكذلك إن قال: قد (¬11) منحتك هذه الجارية؟ قال: هذه أيضاً عارية. قلت: فإن قال: قد (¬12) منحتك هذه الأرض؟ قال: ¬

_ (¬1) ز: قسماه. (¬2) م ف ز: العطية. (¬3) ع: والاستثناء في ذلك. (¬4) م ز: للثوب. (¬5) م ز - ذلك. (¬6) ف ز - لو قال. (¬7) ز - قد. (¬8) ز: قد ازددت. (¬9) م ز: قد أخذت منك. (¬10) م ز + عارية. (¬11) م ز - قد. (¬12) م ز - قد.

هذه عطية، وتكون عارية. قلت: فإن قال: قد أطعمتك (¬1) هذه الأرض، وإنما أطعمه غلتها (¬2) والرقبة لصاحبها، أله أن يأخذها متى ما (¬3) شاء؟ قال: نعم. قلت: فإن مات صاحب الأرض؟ قال (¬4): فهي ميراث (¬5) لورثته. قلت: أرأيت إن قال: قد أطعمتك هذا الطعام فاقبضه، فقبضه؟ قال: هذه هبة. قلت: وكذلك لو قال: قد جعلت لك هذه الدار فاقبضها وهذا العبد فاقبضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: داري هذه لك عمرى سكنى، فقبضها ما القول في ذلك؟ قال: هذه عارية، وليست بهبة. قلت: لم؟ قال: لأنه قال: سكنى. قلت: وكذلك لو قال: هي لك نحلى سكنى؟ قال: نعم. قلت: وكذلك إن قال: هي لك سكنى هبة؟ قال: نعم (¬6). قلت: وكذلك إن قال: هي لك سكنى (¬7) صدقة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال: هي لك (¬8) فاقبضها، هل تكون هبة؟ قال: نعم. قلت: وإن لم يسم الهبة؟ قال: وإن. قلت: فإن قال: هي لك عمرى؟ قال: هذه أيضاً هبة. قلت: فإن قال: هي لك سكنى؟ قال: هذه عارية. قلت: فإن قدم الهبة في هذا الوجه وأخر العارية أو قدم العارية وأخر الهبة فهو سواء، وهي عارية كلها؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: هي لك هبة إجارة كل شهر بدرهم أو إجارة هبة؟ قال: هذه إجارة في الوجهين جميعاً في التقديم والتأخير. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: داري هذه لك عمرى تسكنها، ثم قبضها المعمر له؟ قال: هذه هبة. قلت: ولم وقد قلت: إذا قال: لك سكنى عمرى، فهي عارية؟ قال: لأن قوله: عمرى تسكنها، بمنزلة قوله: هذا الطعام لك (¬9) تأكله، وهذا الثوب لك تلبسه، وهذه الدابة لك تركبها. ¬

_ (¬1) م: قد أطمعتك. (¬2) م: عليها. (¬3) ز - ما. (¬4) م ف ز - قال. والزيادة من ع. (¬5) ز: بميراث. (¬6) م + قلت وكذلك إن قال. (¬7) ز - هبة قال نعم قلت وكذلك إن قال هي لك سكنى. (¬8) ف - لك. (¬9) ز + هذا الطعام.

قلت: فهذا كله هبة إذا قبضه الموهوب له؟ قال: نعم. قلت: أرأيت الرجل يقول للرجل: قد وهبت لك هذا العبد حياتك وحياته، ثم قبضه الموهوب له؟ قال: هذه هبة جائزة، وهي بمنزلة قوله: قد وهبت لك، وقوله. حياتك، باطل. قلت (¬1): أرأيت إن قال: قد وهبت لك هذا العبد حياتك، فإذا متَّ فهو لي، أو إذا متُّ أنا فهو لورثتي، وقبضه الموهوب له على ذلك؟ قال: هذه هبة جائزة، وليس قوله هذا بشيء (¬2).قلت: وكذلك لو قال: أعمرتك داري هذه حياتك، أو قال: قد أعطيتكها حياتك، أو نحلتكها حياتك؟ قال: نعم. قلت: فإن قال: قد تصدقت بها عليك حياتك، هل له أن يرجع فيها؟ قال: لا (¬3). قلت: فلو قال: عبدي هبة لك ولعقبك من بعدك، أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قال لرجلين: قد وهبت لكما عبدي هذا، ثم قال: هو للباقي منكما، بعد ذلك، فقبضاه على ذلك؟ قال: هو لهما جميعاً، وليس قوله: للباقي، بشيء. قلت: أرأيت رجلاً قال لرجل: قد أسكنتك داري هذه (¬4) حياتك ولعقبك من بعدك؟ قال: هذه عارية، يأخذها متى ما شاء. قلت: فإن قال: هي لك ولعقبك من بعدك؟ قال: هبة جائزة، والشرط [باطل، وليس] (¬5) للعقب منها شيء إلا ما يرثون من الموهوب له. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً على أن يعتقه وقبضه الموهوب له على ذلك ثم أبى أن يعتقه؟ قال: الهبة جائزة، والشرط باطل. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل عبداً مريضاً (¬6) به جرح فداواه الموهوب له فبرئ من ذلك المرض ومن ذلك الجرح هل للواهب أن يرجع فيه؟ قال: لا؛ لأنه قد برأ وازداد خيراً. قلت: فإن كان أصم (¬7) فسمع ¬

_ (¬1) م ز + من هاهنا؛ م هـ: في نسخة مضروب عليه وفي نسخة غير مضروب عليه. (¬2) ز م + إلى هنا. (¬3) ف - قال لا. (¬4) ف: هذه داري. (¬5) الزيادة مستفادة من ب. (¬6) ز: من يضا. (¬7) م ز: أصما.

أو كان (¬1) أعمى فأبصر هل له أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً لا مال له غيره والواهب مريض فقبضه الموهوب له فأعتقه ثم مات الواهب من ذلك المرض أو كان الموهوب له قد باعه في حياة الواهب؟ قال: عتق الموهوب له وبيعه له جائز، ويضمن ثلثي قيمة العبد لورثة الميت. قلت: فإن كان على الميت دين يحيط برقبة العبد ولم يدع مالاً غير العبد؟ قال: يضمن الموهوب له قيمة العبد كلها. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له معسراً وقد كان أعتق العبد هل لغرماء الواهب على العبد سبيل؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن حقهم على الذي أعتقه. ألا ترى أن الموهوب له لو كان باع العبد من رجل لم يكن لهم على الذي اشترى العبد سبيل. قلت: أرأيت لو أن الموهوب له أعتق العبد وهو مريض ثم مات ولا مال له غير العبد وعليه دين ما القول في ذلك؟ قال: يسعى العبد في جميع قيمته، ويكون جميع تلك القيمة بين غرماء الموهوب له، ويضرب فيها غرماء الواهب بقيمة العبد؛ لأنها دين للميت الأول على هذا الميت الآخر. ويكون ما أصاب قيمة العبد بين غرماء الواهب يضربون بالحصص جميعاً. قلت: أرأيت لو أن هذا الواهب حيث وهب هذا العبد وهو مريض كان الموهوب له ذا رحم محرم من الواهب (¬2) أله أن يرجع في الهبة أو لورثته بعد موته؟ قال: أما الواهب فلا يرجع، وأما إذا مات الواهب في مرضه كان لورثته ثلثا ذلك إذا لم يكن له مال غيره. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً فاعور عند (¬3) الموهوب له أله أن يرجع في العبد؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وهب له عبداً (¬4) فقبضه فدبره أله أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن وهب له عبداً فكاتبه ثم عجز فرده رقيقاً أله أن يرجع فيه؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) ز - كان. (¬2) م: الموهوب له رجلاً بينه وبين الواهب؛ ف ز: الموهوب رجلاً بينه وبين الواهب. والتصحيح مستفاد من ب. (¬3) م ز: عنده؛ ف: عبده ـ (¬4) ز: عبد.

قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل جارية تساوي ألف درهم فولدت عند الموهوب له فنقصت حتى صارت تساوي هي وولدها خمسمائة درهم (¬1) هل له أن يرجع في الجارية والولد؟ قال: يرجع في الجارية، ولا يرجع في الولد. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً فشَجَّ العبدُ الموهوبَ له أو فقأ عينه هل للواهب أن يرجع فيه (¬2)، وإن رجع فيه هل للموهوب له أن يأخذ المولى بشيء مما جنى عليه؟ قال: للواهب أن يرجع فيه، وليس للموهوب له من الجناية شيء. قلت: أرأيت إن كان العبد أبق عند الموهوب له فجاء به رجل فرجع الواهب في هبته على من جُعْل العبد؟ قال: على الموهوب له. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل داراً وقبضها الموهوب له فغير منها بيتاً أو نقضها وبناها (¬3) هل للواهب أن يرجع في شيء من البيت والدار؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً غصب من رجل مالاً فوهبه (¬4) له المغصوب منه وهو قائم بعينه أله أن يرجع فيه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل شجرة بأصلها فقطعها أله أن يرجع فيها؟ (¬5) قال: نعم (¬6). قلت: أرأيت إن قطعها وجعلها أبواباً وجذوعاً وسَقَفَها (¬7) أله أن يرجع فيها؟ قال: لا، إذا كان عمل فيها شيئاً قل أو كثر ¬

_ (¬1) ف - درهم. (¬2) م ز - فيه. (¬3) م: أو بناها. (¬4) م ف ز: فوهب. والتصحيح من ب. (¬5) ز - فيها. (¬6) واعترض على ذلك أبو عصمة، لكن دافع السرخسي عن المؤلف. انظر: المبسوط، 12/ 98 - 99. (¬7) ف: وشققها. وسَقَفَ وسَقَّفَ أي: جعله سَقْفا. انظر: لسان العرب، "سقف"؛ والقاموس المحيط، "سقف".

لم يرجع فيها؛ لأن هذه الآن ليست بشجرة كما وهبها له. فإذا غيرها عن حالها لم يرجع فيها. قلت: لم؟ قال: لأنها قد صارت غير شجرة. وله أن يرجع في موضعها من الأرض. ولو وهبها له بغير أصلها وأذن له في قبضها كان له أن يرجع؛ لأن الهبة جازت وهي مقطوعة. والباب الأول جازت (¬1) الهبة وهي شجرة. وكذلك لو وهب له تمراً (¬2) في نخل وأمره بجَزِّه (¬3) وقبضه كان له أن يرجع فيه. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً وقبضه الموهوب له فجنى عنده جناية بلغت قيمة العبد أو أكثر ففداه الموهوب له أللواهب أن يرجع في العبد؟ قال: نعم. قلت: وهل يرجع عليه الموهوب له بشيء؟ قال: لا. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل ثوباً فشقه نصفين فخاط نصفه قباء والنصف الآخر على حاله أله أن يرجع في النصف الباقي؟ قال: نعم. قلت: فإن كان وهب له شاة فذبحها هل له أن يرجع فيها؟ قال: نعم في قول أبي يوسف (¬4). ولو ضحى بها لم يكن له أن يرجع فيها (¬5). قلت (¬6): أرأيت لو ضحى بها أو ذبحها في هدي متعة أما كانت (¬7) تجزئ عنه. فكيف يكون للواهب أن يرجع فيها وهي تجزئ (¬8) عنه. وقال محمد: يرجع فيها، وتجزئ عنه من الأضحية والمتعة. ولو أن رجلاً وهب لرجل درهماً وقبضه ثم إن الموهوب له جعله صدقة لله كان للواهب أن يرجع فيه ما لم يقبضه المتصدق عليه في قول أبي حنيفة ومحمد. قلت: فإن كان وهب أَجْذَاعاً (¬9) ¬

_ (¬1) م ز + في. (¬2) ز: ثمرا. (¬3) ز: بحذه. (¬4) وقول محمد كقول أبي يوسف. أما قول الإمام أبي حنيفة فمختلف فيه. انظر: المبسوط، 12/ 99. (¬5) هذا في قول أبي يوسف. أما قول محمد فيأتي. وانظر: المصدر السابق. (¬6) القائل هو أبو يوسف؛ لأن التعليل المذكور يصلح لقوله. (¬7) ز: كان. (¬8) م ف ز: وهل تجزئ. (¬9) أجذاع جمع جِذْع، وهي ساق النخلة. انظر: لسان العرب، "جذع".

فكسرها فجعلها حطباً أله أن يرجع فيها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وهب له لَبِناً (¬1) فكسره فجعله طيناً ولم (¬2) يبله أله أن يرجع فيه؟ قال: نعم، له أن يرجع فيه. قلت: فإن أعادها لبناً؟ قال: فإن (¬3) أعادها لبناً فلا يرجع. قلت: فما الزيادة التي لا يستطاع الرجوع فيها وما النقصان الذي يرجع فيه؟ قال: إذا زادت الهبة خيراً في البدن أو زاد فيها الموهوب له شيئاً غيرها قل أو كثر لم يكن له أن يرجع فيها، وإن زادت شراً في البدن أو نقصت من الهبة شيئاً والهبة قائمة بعينها فله أن يرجع فيما بقي. قلت: أرأيت الرجل يهب للرجل دابتين فازدادت إحداهما خيراً والأخرى شراً؟ قال: يرجع في التي ازدادت شراً، ولا يرجع في التي ازدادت خيراً. قلت فإن وهب له بُخْتُجاً (¬4) فجعله خلاً؟ قال: لا يرجع فيه. قلت: فإن وهب له ثوباً هروياً فصبغه بزعفران أله أن يرجع فيه؟ قال: لا. قلت: أرأيت إن وهب له سيفاً فجعله سكاكين؟ قال: إذا جعل منه سكيناً واحدة (¬5) أو أكثر من ذلك فليس له أن يرجع فيها، وإن كسره فجعله سيفاً آخر (¬6) لم يكن له أيضاً أن يرجع فيها. قلت: فإن وهب له داراً فبناها على غير ذلك البناء وترك بعضها على حاله أله أن يرجع في شيء منها؟ (¬7) قال: لا. قلت: أرأيت (¬8) إن وهب له حماماً فجعله مسكناً أو وهب له بيتاً فجعله حماماً أله أن يرجع فيه؟ قال: إن كان البناء على حاله لم يزد فيه شيئاً فله أن يرجع فيه، وإن كان نقص شيئاً فله أن يرجع فيه أيضاً، وإن كان زاد فيه (¬9) شيئاً فليس له أن يرجع فيه. وكذلك إن غلق عليه باباً أو ¬

_ (¬1) م ف ز: البنا. والتصحيح من الكافي، 1/ 148 ظ. (¬2) ز: وله. (¬3) م ف ز: وإن. والتصحيح من الكافي، 1/ 149 و؛ والمبسوط، 12/ 101. (¬4) البُخْتُج: العصير المطبوخ. انظر: لسان العرب، "بختج". (¬5) السكين يذكر ويؤنث. انظر: لسان العرب، "سكن". (¬6) م ز - آخر. (¬7) م ف ز: يرجع فيها لم يجز له. والتصحيح من الكافي، 1/ 149 و؛ والمبسوط، 12/ 101. (¬8) ز - أرأيت. (¬9) ف - فيه.

باب هبة المريض

جصصه أو أصلحه وجعله بِصَارُوج (¬1) أو طينه فليس له أن يرجع فيه. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل غلاماً فقبضه الموهوب له ثم إن العبد شج رجلاً ففداه الموهوب له أو لم يفده حتى رجع فيه الواهب؟ قال: إن لم يكن فداه الموهوب له حتى رجع فيه الواهب فالأرش في عنق العبد، إن شاء الواهب فداه، وإن شاء دفعه. وإن كان الموهوب له فداه قبل أن يرجع فيه الواهب فليس له على الواهب الراجع ولا على العبد شيء. ... باب هبة المريض قلت: أرأيت مريضاً وهب لصحيح عبداً يساوي ألفاً ولا مال له غيره ودفعه إليه وقبضه الصحيح [و] عَوَّضَ المريضَ (¬2) عوضاً (¬3) فقبضه المريض ثم مات المريض والعوض عنده؟ قال: إن كان العوض مثل ثلثي قيمة الهبة أو أكثر فالهبة جائزة، والعوض جائز. وإن كان قيمة العوض مثل نصف قيمة الهبة رجع ورثة الواهب في سدس الهبة. فإن شاء الموهوب له رد الهبة كلها وأخذ العوض، وإن شاء رد سدس الهبة التي لا تجوز له وأمسك ما بقي، إذا كان اشترط في أصل العوض. وإن لم يكن اشترط فإنه يرجع في سدس العوض (¬4). ¬

_ (¬1) الصاروج: النورة وأخلاطها تطلى بها الحياض والحمامات. انظر: المغرب، "صرج"؛ ولسان العرب، "صرج". (¬2) م ف ز: عوضا لمريض. وعبارة الحاكم "فعوضه الصحيح منه عوضا". انظر: الكافي، 1/ 49 و؛ والمبسوط، 12/ 101. وقد وضع الحاكم والسرخسي هذه المسألة في آخر الباب السابق. وستتكرر هذه المسألة بعينها في هذا الباب مع تغيير يسير جداً. انظر: 2/ 115 و. ولعل مكانها الصحيح هناك، فالسياق هناك أنسب. والظاهر أن الخطأ من الناسخين أو الرواة. (¬3) ف - عوضا. (¬4) قارن: المبسوط، 12/ 102.

محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن إبراهيم قال: لا تجوز هبة المريض إلا مقبوضة، وأما الصدقة فتجوز إذا علمت (¬1). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً صاحب فراش وهب (¬2) هبة في مرضه فمات في مرضه ذلك هل تجوز الهبة؟ قال: إن كان الموهوب له قد قبضها فالهبة جائزة من الثلث، وإن كان لم يقبضها فالهبة باطلة، وهي ميراث لورثة الميت. قلت: ولم؟ قال: لأن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة. ألا ترى لو أن رجلاً وهب لرجل هبة وهو صحيح فلم يقبضها حتى يموت الواهب لم تجز الهبة. وكذلك المريض. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له قد قبضها ثم مات المريض هل تجوز الهبة؟ قال: نعم، ويكون من الثلث. فإن كانت الهبة تبلغ الثلث أو أقل جازت. وإن كانت أكثر جاز منها الثلث ويرد ما بقي منها إلى الورثة. قلت: وكذلك الصدقة في المرض والنحلى والعطية والعمرى؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً وهب لرجل داراً وقبضها ودفعها إليه ثم إن المريض مات في مرضه ذلك وليس للميت مال غيرها ما القول في ذلك؟ قال: يرد ثلثي الدار إلى الورثة، والهبة في ثلثها جائزة. قلت: لم؟ قال: لأنه قد قبضها قبل موت المريض. ألا ترى لو أن رجلاً وهب لرجل داراً وقبضها الموهوب له ثم جاء رجل آخر فاستحق نصفها كانت الهبة مردودة، لأنه إذا استحق نصفها صار كأنه وهب له شيئاً (¬3) غير مقسوم. ولا يشبه هذا الباب الأول؛ لأن الباب الأول كانت الهبة صحيحة، وإنما انتقضت بعد ذلك، وهذه كانت في الأصل منتقضة. قلت: فإن وهب له داراً في مرضه وهي تزيد على الثلث؟ قال: هو جائز من الثلث. قلت: وكذلك الصدقة في المرض والعمرى والنحلى والعطية؟ قال: نعم. قلت: وكذلك كل شيء وهب له في مرضه مما لا يقسم وهو أكثر من الثلث كان جائزاً ¬

_ (¬1) تقدم بنفس الإسناد أول كتاب الهبة. انظر: 2/ 90 ظ. (¬2) م ف ز: وهبه. (¬3) ز: شيء.

من الثلث إذا قبضه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن وهب له شيئاً لا يقسم في مرضه فقبضه الموهوب له فزاد على الثلث هل تجوز الهبة؟ قال: نعم، ويجوز ذلك من الثلث، ويرد ما زاد على الثلث (¬1) إلى الورثة. قلت (¬2): وكذلك كل شيء لا يقسم وهبه له في مرضه فقبضه الموهوب له؟ قال: نعم، هو جائز. قلت: فإن كان أكثر من الثلث؟ قال: الفضل يرد على الورثة. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل جارية في مرضه وهي جميع ماله فقبضها الموهوب له فأعتقها أو وطئها فعَلِقَت منه أو باعها ثم مات الواهب في مرضه ذلك ما القول في ذلك؟ قال: عتقه جائز وبيعه جائز، وتصير أم ولد له إذا علقت منه، ويضمن الموهوب له ثلثي قيمتها للورثة. قلت: أرأيت إذا أعتقها الموهوب له وهو (¬3) معسر هل لورثة الواهب أن يستسعوا الجارية؟ قال: ليس لهم على الجارية سبيل، وهي حرة، وعلى الموهوب له ثلثا قيمة الجارية ديناً عليه. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن الموهوب له أعتقها يوم أعتقها وهو يملك جميع الرقبة وليس للواهب في الجارية (¬4) شيء، وإنما لزم (¬5) الموهوب له ثلثا القيمة وكان ديناً عليه بعتقه. قلت: أرأيت إن دبر الموهوب له الأمة أو كاتبها ثم مات الواهب قبل أن تؤدي (¬6) شيئاً ما القول في ذلك؟ قال: تدبيره جائز، ومكاتبته جائزة، ويضمن ثلثي القيمة للورثة، ولا تُرَدّ المكاتبة. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له مريضاً فأعتقها في مرضه ومات من ذلك المرض ولا مال له غيرها؟ قال: تسعى الجارية في ثمانية أتساع قيمتها ويبقى لها التسع، فترد (¬7) من سعايتها ستة أتساع قيمتها إلى ورثة الواهب ويكون تسعا القيمة لورثة الموهوب له. قلت: أرأيت إذا قضى (¬8) القاضي على المولى بثلثي القيمة ثم ¬

_ (¬1) م ز - الثلث. (¬2) م - قلت، صح هـ. (¬3) م - هو. (¬4) ز: في الجاية. (¬5) م: التزم؛ ز: الزم. (¬6) ز: أن يؤدي. (¬7) م ف ز: فيدور. (¬8) م ف ز + به.

إن المكاتبة عجزت بعد ذلك هل للورثة على المكاتبة سبيل ولم يأخذ الورثة من الموهوب له شيئاً (¬1) بعد ذلك؟ قال: لا؛ لأن الجارية للموهوب له، وثلثي القيمة دين على الموهوب له. قلت: أرأيت إن لم يخاصم الورثة الموهوب له في المكاتبة حتى عجزت وردت (¬2) في الرق؟ قال: يكون ثلثا العبد (¬3) للورثة، وثلثه للموهوب له. قلت: ولم؟ قال: لأن القاضي ما لم يقض على الموهوب له بالمال ولم يستهلك الموهوب له العبد فثلثا (¬4) العبد للورثة إذا اختصموا وهو في يدي الموهوب له. قلت: أرأيت إذا مات المريض والعبد في يدي الموهوب له (¬5) على حاله، فأعتقه الموهوب له بعد موت الواهب أو كاتبه أو باعه أو دبره، أهو بهذه المنزلة- أيضاً؟ قال: نعم. قلت: لم؟ قال: لأنه له حتى يرد ذلك القاضي. قلت: أرأيت إن خاصموه فقضى القاضي على الموهوب له برد ثلثي العبد ولم يقبضه الورثة حتى أعتقه الموهوب له هل يجوز عتقه في جميعه؟ قال: لا، ولكن يجوز عتقه في ثلثه في قول أبي حنيفة. والورثة بالخيار إن كان الموهوب له موسراً، وهو في هذه الحال بمنزلة عبد بينهم. فإن كان موسراً فالورثة بالخيار، إن شاؤوا أعتقوا، وإن شاؤوا ضمنوا، وإن شاؤوا استسعوا. فإن أعتقوا أو استسعوا فالولاء بينهما، الثلثان للورثة، والثلث للموهوب له. وإن ضمنوا فالولاء (¬6) كله للموهوب له. وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: الولاء كله للموهوب له خاصة (¬7). قلت: أرأيت إن كان على هذا ¬

_ (¬1) م ز: شيء. (¬2) م ز: حتى عجز ورد. (¬3) كذا في الأصول. وينبغي أن يكون "الأمة"؛ لكن عدل المؤلف عن استعمال "الجارية" إلى "العبد" في هذه المسألة والمسائل الآتية، والحكم لا يتغير بكون المملوك ذكراً أو أنثى. (¬4) م ز: فثلثي. (¬5) ز + قلت أرأيت إذا مات المريض والعبد في يدي الموهوب له. (¬6) ف - بينهما الثلثان للورثة والثلث للموهوب له وإن ضمنوا فالولاء. (¬7) المسألة على الخلاف المعروف بين الإمام وصاحبيه في مسألة إعتاق أحد الشريكين للعبد. فعند الإمام يعتق حصة المعتق من العبد، ثم إن كان المعتق موسراً فالشريك بالخيار في الإعتاق أو التضمين أو الاستسعاء، وإن كان المعتق معسراً فله الإعتاق أو =

الميت دين كثير يحيط بماله فأعتق الموهوب له العبد أو باعه أو دبره أو كاتبه قبل موت الواهب بعدما قبضه أو فعل ذلك بعد موته قبل أن يخاصمه الورثة إلى القاضي؟ قال: جميع ما صنع فيه الموهوب له فهو جائز من بيع أو عتق أو غير ذلك، والكتابة جائزة، ويضمن الموهوب له جميع القيمة للغرماء بينهم (¬1). قلت: فمتى يضمن القيمة؟ قال: يوم قبض العبد إلا أن يزيد العبد قبل العتق فيضمن قيمته يوم أعتق. قلت: ويكون للغرماء على العبد سبيل؟ قال: لا يرجعون عليه بما بقي من دينهم، ولا سبيل لهم عليه. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً وهو جميع ماله وقيمته ألف درهم فقبضه الموهوب له وهما مريضان جميعاً صاحبا فراش ودفع العبد إلى الموهوب له ثم إن الواهب مات ومات الموهوب له في مرضهما ما القول في ذلك؟ قال: يرد ثلثا العبد إلى ورثة الواهب، ويكون ثلثه لورثة الموهوب له. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له قد أعتق العبد في ذلك المرض وليس لواحد منهما مال غيره ما القول في ذلك؟ (¬2) قال: عتق الموهوب له فيه جائز، وثلثا قيمته دين على الموهوب له، ويسعى العبد في ثلثي قيمته لورثة الواهب دينهم الذي لهم، ويسعى بعد ذلك في ثلث ما بقي لورثة الموهوب له، فيكون جميع سعاية العبد ثمانية أتساع قيمته، وتكون وصيته تسع قيمته، وذلك ثلث ما بقي بعد الدين. قلت: أرأيت إن كان على الموهوب له دين ألف درهم ما القول في ذلك وقيمة العبد ألف؟ قال: يسعى العبد في جميع قيمته، فيقتسمانها (¬3) غرماء الموهوب له وورثة الواهب بالحصص، فيضرب فيها غرماء الموهوب له بجميع دينهم، ويضرب فيه ¬

_ = الاستسعاء فقط، والولاء يكون للمعتق في حالة الضمان، ويكون مشتركاً في حالتي الاستسعاء وإعتاق الشريك الثاني. أما عند الصاحبين فالعبد يعتق كله ابتداء، ثم إن كان المعتق موسراً فعليه الضمان، وإن كان معسراً فيستسعى العبد، والولاء للمعتق. والمسألة في كتاب العتاق. انظر: 3/ 11 و، 112 ظ. (¬1) ف: منهم. (¬2) ف: فيه. (¬3) ز: فيقتسماها.

ورثة الواهب بثلثي القيمة؛ لأنه دين على الموهوب له. قلت: ولم كان هذا (¬1) هكذا؟ قال: لأن هذا كله دين على الموهوب له، وحق ورثة الواهب دين عليه أيضاً، وما كان عليه من دين (¬2). ألا ترى أن العبد لو كان (¬3) مات في يدي الموهوب له ثم مات الموهوب له وترك ألف درهم اقتسماها (¬4) غرماء الموهوب له (¬5) وورثة الواهب على ما ذكرت لك بالحصص. قلت: أرأيت إن كان على الواهب دين كثير ما القول في ذلك والدين يحيط بماله؟ قال: يسعى العبد في جميع قيمته، فيكون بين غرماء الواهب وغرماء الموهوب له بالحصص، يضرب فيها غرماء الواهب بقيمة العبد، ويضرب فيها غرماء الموهوب له بجميع دينهم، فيكون ذلك بينهم على ذلك بالحصص. قلت: فإن كان المال سواء كان نصفه لغرماء الواهب ونصفه لغرماء الميت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان دين الواهب أكثر من قيمة العبد بكم يضربون مع الغرماء؟ قال: يضربون بقيمة العبد، ويضرب غرماء الموهوب له بجميع دينهم في سعاية العبد. قلت: ولم كان هذا هكذا؟ قال: لأن قيمة العبد دين للواهب على الموهوب له، فلا يضربون بأكثر من ذلك؛ لأن قيمته دين على الموهوب له. وهو بمنزلة ألف درهم كانت للواهب على الموهوب له، فما أصاب الألف التي ضرب بها غرماء الواهب فهي بينهم بالحصص. قلت: فلم يضرب غرماء الموهوب له (¬6) بجميع دينهم؟ قال: لأن دينهم على الموهوب له، [فمن] ثم ضربوا (¬7) به. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً وهو مريض فقبض الموهوب له العبد والعبد ثلث ماله ثم إن الموهوب له قتل الواهب في مرضه ذلك ما القول في ذلك؟ قال: الهبة مردودة إلى ورثة الواهب. قلت: لم؟ قال: لأن ¬

_ (¬1) م ز - هذا. (¬2) أي: حق ورثة الواهب دين على الموهوب له أيضاً مع ما كان عليه من دين قبل ذلك. (¬3) ف: لو أن العبد كان. (¬4) م ف ز: فاقتسماها. (¬5) ف + ثم مات الموهوب له. (¬6) م ز - له. (¬7) م ز: ثم يضربوا.

الموهوب له قاتل، فلا تجوز له وصية وهو قاتل. قلت (¬1): فكيف لا تجيزها وهي هبة؟ قال: لأنها بمنزلة الوصية إذا مات. ألا ترى أنني قد جعلتها من الثلث. قلت: أرأيت مريضاً وهب لرجل عبداً في مرضه قيمته ألف درهم وقبضه الموهوب له وليس له مال غيره ثم إن العبد قتل الواهب ما القول في ذلك؟ قال: يقال للموهوب له: افد (¬2) العبد، فإن فداه بالدية كان العبد له، لأنه يخرج (¬3) من الثلث. وإن دفعه فلا شيء له. قلت: أرأيت رجلاً وهب لرجل عبداً فقبضه الموهوب له وهما صحيحان جميعاً ثم إن الموهوب له مرض وليس له مال غير العبد فرجع الواهب في العبد أيكون له ذلك؟ قال: نعم، له أن يرجع فيه. فإن رجع فقبضه بأمر القاضي فذلك جائز ولا حق للموهوب له فيه ولا لورثته. وإن كان على الموهوب له دين لم يكن لغرمائه عليه سبيل مِن قِبَل أن هذا حق للواهب. ألا ترى أن الموهوب له لو أراد أن يرجع فيه بعدما رده عليه لم يكن له ذلك. أفلا ترى أن رده ليس بهبة مستقبلة. لو كانت هبة كان له أن يرجع. قلت: أرأيت إن رجع فيه وقبضه في مرض الموهوب له أيجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان على الموهوب له دين؟ قال: وإن كان عليه دين فهو جائز؛ لأنه إنما رجع في حقه. قلت: فإن مات الموهوب له في ذلك المرض؟ (¬4) قال: وإن مات. قلت: أرأيت إن كان الموهوب له رده إليه بغير أمر القاضي (¬5) ثم مات الموهوب له قبل أن يرتفعوا إلى القاضي؟ قال (¬6): يرد العبد إلى ورثة المؤهوب له. فإن كان عليه (¬7) دين بيع للغرماء. وإن لم يكن عليه دين فثلثه للواهب وثلثاه لورثة الموهوب له. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن رده عليه بمنزلة هبة له. قلت: وإن ¬

_ (¬1) ز - قلت. (¬2) م ز: افدى. (¬3) م ف ز: لا يخرج. والتصحيح من ب. وانظر: المبسوط، 12/ 104. (¬4) م ز - المرض. (¬5) ف: قاض. (¬6) ز: فلا. (¬7) م ز - عليه.

كان قد رجع فيه الواهب؟ قال: وإن كان، إلا أن يكون قد قضى عليه القاضي برده، فإن كان قضى القاضي عليه برده فهو جائز، وليس للورثة عليه سبيل ولا للغرماء. وأما إذا رجع فيه ورده بغير قضاء قاض فلا يجوز ذلك؛ لأنه مريض كما وصفت لك. قلت: أرأيت إن كان الواهب رجع وهو صحيح (¬1) يوم وهب والموهوب له مريض (¬2) أهو بهذه المنزلة؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان الواهب مريضاً أهو بهذه المنزلة؟ قال: لا؛ لأن الواهب إذا كان مريضاً لم يجز ما صنع إلا أن يكون من الثلث. فإن كان من الثلث جاز. فأما إذا كان غير مريض فهو جائز. قلت: أرأيت مريضاً وهب لصحيح عبداً يساوي ألفاً ولا مال له غيره ودفعه إليه وقبضه ثم إن الصحيح عوض المريض عوضاً وقبضه (¬3) المريض ثم مات المريض والعوض عنده؟ قال: إن كان في العوض مثل ثلثي قيمة الهبة أو أكثر فالهبة جائزة، والعوض جائز. وإن كان قيمة العوض مثل نصف قيمة الهبة رجع ورثة الواهب في سدس الهبة. فإن شاء الموهوب له رد الهبة كلها وأخذ العوض. وإن شاء رد سدس الهبة الذي لا يجوز له (¬4). وإن شاء أمسك ما بقي إذا (¬5) كان اشترط في أصل الهبة العوض (¬6). وإن لم يكن اشترط فإنه يرجع بسدس الهبة بلا خيار (¬7). قلت: أرأيت رجلاً مريضاً له عبد يساوي خمسة آلاف درهم وهبه لرجل وقبضه الموهوب له وليس له مال غيره ثم إن العبد قتل المريض خطأ؟ قال: يقال للموهوب له: إن شئت فادفعه ولا شيء لك، وإن شئت فافده بالدية كلها وهو لك، فإن فداه سلم له، وإن دفعه دفع نصفه (¬8). ¬

_ (¬1) م: صحيحا. (¬2) م: مريضا. (¬3) ز: وقبضها. (¬4) ف - له. (¬5) ف: وإذا. (¬6) ز - العوض. (¬7) تقدمت هذه المسألة بنفس الألفاظ تقريباً في أول هذا الباب. انظر: 2/ 111 ظ - 112 و. (¬8) أي: ودفع نصفه على وجه الدفع للجناية ونصفه على وجه رد الهبة ... وانظر للشرح: المبسوط، 104، 105.

باب هبة المسلم للذمي والذمي للمسلم والعوض منهما

قلت: فإن كان يساوي ستة آلاف درهم واختار الفداء؟ قال: يرد الموهوب له على ورثة الواهب ربع العبد، ثم يقال له: ادفع (¬1) ما بقي ولا شيء لك، أو افده بثلاثة أرباع الدية بسبعة آلاف وخمسمائة درهم، فيكون في يدي الورثة تسعة (¬2) آلاف، وفي يدي الموهوب له أربعة آلاف وخمسمائة. ... باب هبة المسلم للذمي والذمي للمسلم والعوض منهما قلت: أرأيت مسلماً وهب لنصراني (¬3) هبة أو ليهودي أو مجوسي هل يجوز ذلك؟ قال: نعم. قلت: وكذلك الذمي لو كان هو الواهب للمسلم؟ قال: نعم. قلت: وهما في ذلك بمنزلة المسلمين؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مسلماً وهب لأبيه وأبوه نصراني أو مجوسي أو يهودي ودفعه إليه أله أن يرجع في هبته؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال (¬4): لأنه أبوه. ليس له أن يرجع فيما وهب لأبيه وإن كان ذمياً. قلت: وكذلك (¬5) لو وهب الذمي للمسلم وهو ذو (¬6) رحم محرم منه؟ قال: نعم. قلت: وهو في ذلك بمنزلة المسلمين؟ قال: نعم. قلت: وإن وهب لذي رحم محرم لم يرجع فيه وإن كان ذميا، وإن وهب لغير ذي رحم محرم رجع فيه؟ قال: نعم. [قلت: أرأيت رجلاً وهب لزوجته هبة وهي أمة لأجنبي أله أن يرجع في هبته؟ قال: نعم] (¬7). قلت: ولم وقد (¬8) زعمت أنه ليس للرجل أن ¬

_ (¬1) م - ادفع، صح هـ.؛ م ز + افد. (¬2) ز: بسبعة. (¬3) م ز: النصراني. (¬4) ف - لم قال. (¬5) ف + وكذلك. (¬6) ز: ذي. (¬7) ما بين المعقوفتين مستفاد من ب حيث يقول: ولو وهب من زوجته وهي أمة لأجنبي فله الرجوع. (¬8) م ز: قد.

يرجع فيما وهب لامرأته؟ قال: لأن الهبة هاهنا للمولى وليس هي للمرأة. ألا ترى لو أن رجلاً وهب لعبد هبة والعبد أخوه كان له أن يرجع فيه لأن الهبة وقعت للمولى. قلت: أرأيت إن كانت امرأته (¬1) ذمية فوهب لها هبة أله أن يرجع فيها؟ قال: لا، وهي في ذلك بمنزلة الحرة المسلمة. قلت: وكذلك إن وهبت له هبة لم تكن (¬2) لها أن ترجع فيها؟ قال: نعم، لا ترجع فيها. قلت: أرأيت مسلماً وهب لذمي هبة فعوضه الذمي خمراً فقبضها المسلم منه أيكون للمسلم أن يرجع في هبته؟ قال: نعم، ولا تكون الخمر عوضاً. قلت: ولم؟ قال: لأن الخمر لا تحل (¬3) للمسلم. قلت: وكذلك إن وهب الذمي للمسلم هبة فعوضه المسلم من هبته خمراً؟ قال: نعم، لكل واحد منهما أن يرجع في هبته، ولا يكون ذلك عوضاً؛ لأنه لا يحل للمسلم أن يعوضه الخمر، ولا يكون ما يحرم عليه عوضاً من هبته. قلت: أرأيت إن صار الخمر بعد ذلك خلا في يد (¬4) المسلم أو في يد النصراني هل يكون ذلك عوضاً؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها لم تكن يوم قبضها المعوض (¬5) عوضاً، فلا تكون عوضاً بعد ذلك. وأيهما كان ذلك (¬6) في يديه فرده إلى صاحبه رجع الآخر (¬7) في هبته. قلت: أرأيت نصرانياً وهب لنصراني هبة فعوضه من هبته خمراً أو خنزيراً فقبض كل واحد منهما ذلك أيكون ذلك عوضاً؟ قال: نعم، ولا يكون لواحد منهما أن يرجع في هبته. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا في دينهم حلال. ألا ترى (¬8) أني أجيز بيعها فيما بينهم، فلذلك (¬9) جعلته عوضاً. قلت: أرأيت إن عوضه بميتة أو دم أيكون ذلك عوضاً؟ قال: لا. قلت: ولم؟ ¬

_ (¬1) ز: امرأة. (¬2) ز: لم يكن. (¬3) ز: لا يحل. (¬4) ز: في يدي. (¬5) م ف: العوض. (¬6) ف - ذلك. (¬7) م ز - الآخر. (¬8) م ز - ترى. (¬9) ز: فكذلك.

قال: لأن هذا ليس له ثمن عندهم، ولا يجوز بيعه فيما بينهم، ولو تبايعوه لم أجزه ولم أجعله في الهبة. قلت: أرأيت رجلاً ارتد عن الإسلام فوهب له رجل هبة وقبضها وعوضه المرتد عوضاً منها (¬1) وقبض العوض ثم إن المرتد أسلم فهل يجوز ذلك، ولا يكون للواهب أن يرجع في هبته؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن قتل المرتد مرتداً أو لحق بدار الحرب؟ قال: أجيز الهبة، ولا يجوز ما عوض، ويرجع ورثته فيأخذون من الواهب العوض. قلت: ولم؟ قال: لأن المرتد عوض مال الورثة، ولأنه لا يجوز شيء مما صنع إلا أن يسلم. وقال أبو يوسف: يجوز عوضه كما يجوز عوض المسلم، ولا سبيل لورثته على العوض. وقال محمد: يجوز عوضه كما يجوز عوض المسلم (¬2) المريض من الثلث. قلت: أرأيت إن كان المرتد هو الواهب وقد عُوِّضَ من هبته ثم قتل مرتداً أو لحق بدار الحرب؟ قال: ترد هبته إلى ورثته. قلت: فإن كان عُوِّضَ شيئاً رجع العوض إلى صاحبه إن كان قائماً بعينه، وإن كان قد استهلكه كان ذلك ديناً في ماله؟ قال: نعم. قلت: وسواء إن كان علم الآخر بارتداده أو لم يعلم في جميع ما ذكرت لك؟ قال: نعم. قلت: ولم صار هذا هكذا؟ قال: لأن هبة (¬3) المرتد لا تجوز في قول أبي حنيفة إلا أن يسلم. فإذا أُخِذَت الهبة من الموهوب له رجع فأخذ عوضه؛ لأن الهبة لم تَسْلَمْ له. قلت: فإن أسلم المرتد بعدُ جاز ما صنع في جميع ما ذكرت؟ قال: نعم. قلت: أرأيت مرتداً وهب لنصراني هبة أو وهب له النصراني هبة على أن يعوضه النصراني من هبته خمراً أو يعوض هو (¬4) النصراني من هبته خمراً ¬

_ (¬1) م ز: فيها. (¬2) ف - ولا سبيل لورثته على العوض وقال محمد يجوز عوضه كما يجوز عوض المسلم. (¬3) ز: هبته. (¬4) م ف ز: أو عوضه. والتصحيح مستفاد من تتمة العبارة؛ ومن ب؛ والكافي، 1/ 149 ظ؛ والمبسوط، 12/ 107.

ثم قتل (¬1) في ردته أو أسلم أيكون لواحد منهما أن يرجع في هبته؟ قال: نعم، ولا يكون ما عوض واحد منهما صاحبه عوضاً. قلت: وكذلك لو مات مرتداً أو لحق بدار الحرب أَجَزْتَ الهبة له إذا كانت بغير شرط عوض، ولا تُجَوِّزُ هبته ولا عوضه؟ قال: نعم. قلت: ولم لا تَجْعَلُ عوضه عوضاً؟ قال: لأنه لو باعها أو اشتراها لم أجزه، فلا يكون ذلك عوضاً، ولا يكونان بمنزلة الذميين في ذلك. قلت: أرأيت رجلاً من أهل الحرب دخل إلينا بأمان فوهب له رجل مسلم هبة أو وهب هو لمسلم هبة فعوض أحدهما صاحبه أيكون (¬2) ذلك بمنزلة المسلمين، ولا يكون لواحد منهما أن يرجع في هبته؟ قال: نعم، لا يرجع فيها. قلت: أرأيت إن لم يكن بينهما عوض أيكون لكل واحد منهما أن يرجع فيما وهب لصاحبه؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن رجع الحربي بعد ذلك إلى دار الحرب وقد وهب هبة أو وُهِبَ له وليس بينهما عوض فأسلم (¬3) ورجع ثانياً إلى دار الإسلام بأمان أيكون له أن يرجع في هبته إن كانت قائمة بعينها، أو يكون للمسلم أن يرجع في هبته إن كانت قائمة بعينها (¬4) في يدي الحربي؟ قال: نعم. قلت. أرأيت إن سبي الحربي وأخذت الهبة معه ثم جاء صاحبها هل له أن يرجعٍ فيها ولم يقسم المغنم بعد؟ قال: لا. قلت: لم؟ قال: لأنها قد صارت فيئاً وخرجت من ملك الحربي. قلت: أرأيت إن وقع الحربي في سهم رجل فأعتقه فوصلت إليه تلك الهبة بعد ذلك بشرى أو غير ذلك أيكون له أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: لم (¬5) وهي قائمة بعينها في يديه؟ قال: لأنها رجعت إليه بملك غير ملك الأول. قلت: أرأيت إن كان الحربي هو الواهب فسبي ووقع في سهم رجل وصار عبداً له هل له أن يرجع في هبته وهي قائمة بعينها عند الذي وهبها له؟ قال: لا يرجع (¬6) فيها؛ لأنها تصير لمولاه. وقال أبو يوسف: هبة المرتد ¬

_ (¬1) م ز: ثم قال. (¬2) ف + في. (¬3) ليس الإسلام بشرط، وإنما ذكر عرضاً. انظر: المبسوط، 12/ 107. (¬4) ف - أو يكون للمسلم أن يرجع في هبته إن كانت قائمة بعينها. (¬5) ز: ولم. (¬6) م ز: قال يرجع.

وعوضه وبيعه وشراه جائز بمنزلة المسلم، وإن قتل على ردته ولحق بدار الحرب فهو بمنزلة المسلم الصحيح. قلت: أرأيت إن أعتق العبد فرجع في هبته لمن تكون؟ قال: لا يستطيع أن يرجع فيها، وتكون (¬1) للموهوب له، ولا يكون للمولى منها شيء. قلت: أرأيت حربياً وهب لحربي هبة ثم أسلم أهل الدار أو أسلما فخرجا إلى دار الإسلام أللواهب منهما أن يرجع في هبته وهي قائمة بعينها؟ قال: نعم. قلت: أرأيت إن كان عوضه في دار الحرب من هبته عوضاً هل له أن يرجع فيها؟ قال: لا. قلت: ويكونان في ذلك بمنزلة غيرهما؟ قال: نعم. قلت: أرأيت رجلاً مريضاً وهب لصحيح عبداً يساوي ألفاً ولا مال له غيره ودفعه إليه وقبضه على أن يعوضه شيئاً بعينه أو بغير عينه وقد سماه فعوض (¬2) الصحيح للمريض عوضاً وقبضه المريض ثم مات المريض والعوض عنده؟ قال: إن كان قيمة العوض مثل ثلثي قيمة الهبة أو أكثر فالهبة جائزة والعوض جائز. وإن كان العوض مثل نصف قيمة الهبة رجع ورثة الواهب في سدس الهبة. فإن شاء الموهوب له رد الهبة كلها وأخذ العوض. وإن شاء رد سدس الهبة التي لا تجوز له وأمسك ما بقي (¬3). وقال في رجل بينه وبين رجل عبد (¬4) فوهب له أحدهما ألف درهم أو شيئاً مما يكال أو يوزن: إنه لا يجوز لشريكه في الغلام منه شيء، والهبة ¬

_ (¬1) ز: ويكون. (¬2) م ف ز: فعوضه. (¬3) م ف ز + وقال محمد بن الحسن يجوز عوضه كما يجوز عوض المسلم المريض من الثلث وقبضها المريض ثم مات المريض والعوض عنده. ولا معنى لهذه العبارة هنا، وقد تقدمت أولها قريبا في 2/ 116 و، وتقدم باقي العبارة خلال المسألة السابقة. ويظهر أن ذلك من خطأ الناسخين. وتقدمت المسألة المذكورة في المتن بلفظ قريب في الباب السابق مرتين. انظر: 2/ 111 ظ - 112 و، 115 و. وليس محلها هنا. ولعل ذلك من خطأ الناسخين أيضا. (¬4) ز: عبدا.

باطلة. وكذلك الصدقة. وإن وهب شيئاً من العروض مما لا يقسم فنصفه لشريكه جائز، والنصف الآخر رد على الواهب. وقال في رجل وهب لرجل عبداً وقبضه [أو تصدق به وقبضه] (¬1) المتصدق به عليه ثم قال: هذه الجارية لك بمكان هذا العبد، أو قال: بدلاً من هذا العبد، أو قال: عوضاً من هذا العبد، وقبض ذلك الموهوب له، قال: لا تصير الجارية له إلا برد العبد عليه، فإن رد العبد على الواهب تمت له الجارية. وقال في رجل وهب لرجل هبة وقبضها الموهوب له ثم ناقضه الهبة أو قال: قد رددتها عليك، وقبض ذلك الواهب أو لم يقبض (¬2)، ثم بدا للموهوب له أن يرجع عن ذلك [لم يكن له ذلك] (¬3) قبض الواهب أو لم يقبض. وقال في رجل استودع وديعة فجحدها بغير محضر من صاحبها، قال: هو ضامن بمحضره كان أو بغير محضره، إلا أن يكون سلطاناً يخاف على ذلك المال منه إن أقر به، أو يخاف اللصوص مكابرين. فإن أنكر في هذه الأحوال أن يكون لذلك الرجل عنده وديعة فلا ضمان عليه. أو يكون صاحبها أمره أن يكتم ذلك ولا يخبر به أحداً، فإن أنكر في هذه الحال فلا ضمان عليه في ذلك؛ لأنه لا يسعه إلا ذلك إذا استودعه على ذلك (¬4). وقال في رجل في يده وديعة دار (¬5) أو دابة أو متاع (¬6) أو دنانير أو دراهم ثم مات الذي هي (¬7) في يديه وله وصي، قال: فللوصي (¬8) أن يقبضها فتكون في يديه حتى يجيء صاحبها، وهو بمنزلته في ذلك، لا ¬

_ (¬1) الزيادة من ب. (¬2) ف: لم يقبل. (¬3) الهداية للمرغيناني، 3/ 229. (¬4) هذه المسألة والتي بعدها متعلقة بالوديعة ولا علاقة لها بالهبة، لكنها ذكرت هنا، ولعل ذلك من صنع الناسخين أو الرواة. (¬5) ز: دارا. (¬6) ز: أو متاعا. (¬7) ز - هي. (¬8) ز - فللوصي.

سبيل للورثة عليها. وكذلك لو لم يكن له وصي لم يكن للورثة عليها سبيل. وينبغي للقاضي أن يجعل له وصياً (¬1) فيجعلها في يديه حتى يجيء صاحبها متى ما جاء. وكذلك إن أنكر الورثة أن يكون عنده وديعة إلا واحداً منهم فإنه قال: هي وديعة لفلان، فأقام على ذلك بينة جعلها القاضي في يد (¬2) وصي الميت حتى يجيء الذي قامت له البينة أنها وديعة له (¬3). ¬

_ (¬1) ز: وصي. (¬2) ز - يد. (¬3) م + آخر كتاب الهبة والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل، ف + آخر كتاب الهبة والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيراً؛ ز + تم الجزء المبارك والحمد لله وحده.

كتاب الإجارات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الإجارات أبو سليمان عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف قال: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة - رضي الله عنهما - قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يستام الرجل على سوم أخيه، ولا ينكح على خطبته، ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في صحفتها، فإن الله تعالى هو رازقها، ولا تناجشوا (¬2)، ولا تبايعوا بإلقاء الحجر، ومن استأجر أجيراً فليعلمه أجره" (¬3). محمد عن أبي يوسف عن العلاء بن المسيب بن رافع عن أبي أمامة ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) م: تباخسوا. (¬3) رواه الإمام محمد عن الإمام أبي حنيفة بنفس الإسناد في الآثار، 130. وهذا الحديث يجمع أحاديث متفرقة رويت أيضاً في مصادر أخرى. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 58؛ وصحيح مسلم، النكاح، 38؛ 51 - 55. والبيع بإلقاء الحجر هو بيع الحصاة كما ورد في صحيح مسلم. انظر: صحيح مسلم، البيوع، 4. وللجملة الأخيرة انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 120؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 131، والدراية لابن حجر، 2/ 186.

قال: قلت لعبدالله بن عمر: إني رجل أكري إبلي إلى مكة (¬1)، أفيجزئ عني من حجي؟ قال: ألست تلبي وتقف وترمي الجمار؟ قال: قلت: بلى. قال ابن عمر: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مثل ما سألتني عنه (¬2)، فلم يجبني حتى أنزل الله تعالى هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (¬3)، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنتم حجاج" (¬4). محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال: أتاه رجل، فقال: إني أجرت نفسي من قوم، وحططت لهم من أجرتي، أفيجزئ (¬5) عني من حجي؟ قال: فقال ابن عباس: هذا من الذين قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} (¬6). محمد عن مالك بن مغول عن القاسم بن صفوان قال: أكريت ابن عمر إبلاً بدنانير، فأتيته أتقاضاه، وعنده دراهم، فقال لمولاه: اذهب بها إلى السوق، فإذا قامت على ثمن فإن أرادها فأعطه إياها، وإلا فبعها وأعطه ماله. قال: وقلت: ويصلح هذا يا أبا (¬7) عبدالرحمن؟ قال: وما بأس بهذا، إنك ولدت وأنت صغير (¬8). ¬

_ (¬1) ص- إلى مكة. (¬2) ص- عنه. (¬3) سورة البقرة، 2/ 198. (¬4) مسند أحمد، 2/ 155؛ وسنن أبي داود، المناسك، 6؛ وتفسير الطبري، 2/ 282، 285؛ والدر المنثور للسيوطي، 1/ 535. (¬5) م: أفيجزئني. (¬6) روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: كانت عُكاظ ومَجَنَّة وذو المجَاز أسواقاً في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}، في مواسم الحج. انظر: صحيح البخاري، التفسير، سورة 2/ 34، وسنن أبي داود، المناسك، 4؛ وتفسير الطبري، 2/ 282. (¬7) م ص ف: يا با. (¬8) م: صغيرة. روي نحو ذلك. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 6/ 65. وقال السرخسي: ... إنك ولدت وأنت صغير، أي جاهل لا تَعْلَم حتى تُعَلَّم، وهكذا حال كل واحد منا، فإنه لا يَعْلَم حتى يُعَلَّم، فكأنه مازحه بهذه الكلمة وكنى بالصغر عن الجهل. انظر: المبسوط، 14/ 9.

محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن أبي حصين عن عباية بن رافع بن خديج عن أبيه قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حائط فأعجبه، فقال: "لمن هذا؟ "، فقلت: لي، استأجرته، فقال: "لا تستأجره بشيء منه" (¬1). محمد عن أبي يوسف عن حصين بن عبد الرحمن عن عامر الشعبي أنه قال في رجل استأجر بيتاً فأجره بأكثر مما استأجره، فقال عامر: لا بأس بذلك، إذا كان يفتح بابه ويغلقه ويخرج متاعه فلا بأس بالفضل (¬2). وقال أبو حنيفة. إذا أصلح في البيت شيئاً فلا بأس بالفضل، وإن لم يصلح فيه شيئاً بتطيين أو تجصيص أو لا يزيد فيه شيئاً فلا خير في الفضل، ويتصدق به. محمد عن أبي يوسف عن فطر عن عطاء أنه كان لا يرى بالفضل بأساً (¬3). وكان عطاء يعجب من قول أهل الكوفة في ذلك أنهم كرهوا الفضل. محمد عن أبي يوسف عن غالب بن عبد الله (¬4) عن عطاء أنه قال: لا بأس بأن يؤاجره بأكثر من ذلك وأن لم يصلح فيه شيئاً. محمد عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن إبراهيم ¬

_ (¬1) رواه الطبراني في المعجم الكبير، 4/ 263 من طريق الإمام أبي حنيفة. ومعناه في الصحيح. انظر: صحيح البخاري، الحرث والمزارعة، 6؛ وصحيح مسلم، البيوع، 115 - 117. (¬2) رواه عبدالرزاق وابن أبي شيبة من طريق سفيان عن حصين عن عامر أنه كرهه إلا أن يحدث فيه عملاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 222؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 18. (¬3) عن عبدالملك عن عطاء أنه سئل عن رجل اكترى إبلاً فأكراها بأكثر من ذلك، قال: فتردد ساعة ثم قال: ما أرى به بأساً في رأي. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 18. (¬4) لعل الصحيح: عبيد الله. فهو الذي يروي عن عطاء. انظر: لسان الميزان، "غالب بن عبيد الله".

أنه كان يكره الفضل إلا أن يزيد فيه شيئاً، فإن زاد فيه شيئاً طاب له الفضل (¬1). محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن إبراهيم أنه كان يعجبهم إذا أبضعوا بضاعة أن يعطوا صاحبها أجراً كي يضمنها (¬2). محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر (¬3) عن شريح أنه خاصم إليه بقالاً قد أجره رجل بيتاً، فألقى إليه مفتاحه في وسط من الشهر، فقال شريح: هو بريء من البيت. وقال أبو حنيفة: إن كان له عذر فهو بريء من البيت، وإن لم يكن له (¬4) عذر فالإجارة لازمة له، والعذر أن يريد السفر أو يفلس فيقوم عن السوق أو يمرض فيقوم عن السوق أو ما أشبه ذلك. محمد عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان لا يضمن (¬5) الأجير المشترك ولا غيره (¬6). وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: المشترك عندنا القصار والخياط والصباغ والإسكاف وكل من يتقبل (¬7) الأعمال من غير واحد، وأجير الرجل وحده يكون الرجل يستأجر الرجل ليخدمه شهراً أو ¬

_ (¬1) رواه عبدالرزاق من طريق سفيان عن عبيدة عن إبراهيم أنه كرهه إلا أن يحدث فيه عملاً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 222. ورواه ابن أبي شيبة عن منصور عن إبراهيم أنه كره أن يستأجر الرجل الدار ثم يؤجرها بأكثر مما استأجرها، قال: قلت لإبراهيم: فإن آجرها بأكثر لمن يكون الأجر؟ قال: لصاحبها. وعن حماد عن إبراهيم أنه ربا. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 17. (¬2) روى عبدالرزاق من طريق الأعمش عن إبراهيم قال: كان بعضهم يستبضع البضاعة فيعطي عليه الأجر لكي يضمنها. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 221. (¬3) م ص ف: عباس. والكلمة مهملة في ف. والتصحيح من إسناد المؤلف الآتي، حيث يكرر نفس الرواية هناك. انظر: 2/ 157 ظ. (¬4) ف - له. (¬5) م ص ف: لا يمضى. (¬6) روى عبدالرزاق وابن أبي شيبة عن إبراهيم عكس ذلك تماماً. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 217، 221؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 310. (¬7) ص ف + من.

ليخرج معه إلى مكة وما أشبه ذلك مما يستأجر فيه شهراً أو سنة (¬1) مما لا يستطيع الأجير أن يؤاجر فيه نفسه من غيره. محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن ابن سيرين عن شريح أنه كان يضمن الملاح من كل شيء إلا الغرق والحرق (¬2). وقال أبو حنيفة: إن غرقت من يده أو من معالجته فهو ضامن، وإن احترقت من نار أدخلها السفينة لحاجة له من خبز أوطبخ أو غير ذلك فلا ضمان عليه. محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن علي بن الأقمر قال: جاء رجل بصباغ إلى شريح وأنا عنده قاعد، فقال: إني أعطيت هذا ثوبي يصبغه فاحترق بيته، فقال له شريح: اضمن له ثوبه، فقال الصباغ: كيف أضمن له وقد احترق (¬3) بيتي؟ فقال شريح: أرأيت لو احترق بيته أكنت تدع له أجرك؟ (¬4) وقال أبو حنيفة: لا يضمن الأجير المشترك إلا ما هلك من عمله، ولا يضمن أجير الرجل وحده إلا ما خالف. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطأة عن أبي حفص أن علياً كان يضمن الخياط والقصار ومثل ذلك من الصناع احتياطاً للناس أن لا يضيعوا متاعهم (¬5). محمد عن أبي يوسف عن ليث بن سعد عن طلحة بن أبي سعيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج قال: كان عمر يضمن الصناع ما أفسدوا من متاع الناس أو ضاع على أيديهم (¬6). محمد عن أبي حنيفة عن بشر أو بشير (¬7) شك (¬8) محمد عن أبي ¬

_ (¬1) م ص: وسنة. (¬2) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 310. (¬3) م: وقد احرق. (¬4) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 221. (¬5) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 217، 218؛ المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 309 - 310. (¬6) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 217 من طريق ليث. (¬7) م ص ف - بشير؛ صح ص هـ. (¬8) م ص ف: شريك. والتصحيح من الآثار للمؤلف، 134.

جعفر أن علياً لم يكن يضمن الأجير (¬1). محمد عن أبي يوسف عن الأعمش عن أبي القاسم قال: ابتعت كَاذِياً (¬2) من السفن (¬3)، فحملت خوابي منها على حمالين، فانكسرت خابية، فخاصمته إلى شريح، فقال الحمال: زحمنا الناس في السوق فانكسرت، فقال شريح: إنما استأجركما لتبلغوها أهلها، فضمنهم إياها (¬4). وقال أبو حنيفة: لا ضمان عليه إذا كسرها غيره. وقال أبو حنيفة: القول قوله بعد أن يحلف. محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن محمد بن سيرين قال: كان شريح إذا أتاه حائك بثوب قد أفسده قال: رد عليه مثل غزله، وخذ الثوب، وإن لم ير (¬5) فساداً قال: شاهدي عدل على شرط لم يوفك به (¬6). ¬

_ (¬1) قال الإمام محمد في الآثار: أخبرنا أبو حنيفة عن بشر أو بشير- شك محمد - عن أبي جعفر محمد بن علي أن علي بن أبي طالب كان لا يُضَمِّن القصّار ولا الصائغ ولا الحائك. قال محمد: وهو قول أبي حنيفة. انظر: الآثار، 134. وانظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 310. وقال ابن حجر: بشر أو بشير عن أبي جعفر هو الباقر، وعنه أبو حنيفة. يحتمل أن يكون بشير بن المهاجر المذكور في التهذيب. انظر: الإيثار برواة الآثار، 48. ولترجمة بشير بن المهاجر انظر: تهذيب التهذيب، 1/ 411. (¬2) قال السرخسي: والكاذي دهن تحمل من الهند في السفن إلى العراق. انظر: المبسوط، 15/ 82. وقال المطرزي: الكاذي بوزن القاضي ضرب من الأدهان معروف. ومنه: "اشتريت كاذياً من السفن فحملت خوابي منها". انظر: المغرب، "كذي". (¬3) م ص ف: من السفر. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 15/ 82. وانظر الحاشية السابقة. (¬4) روى ابن أبي شيبة من طريق الأعمش عن أبي الهيثم القطان قال: أستأجرت حمالاً يحمل في شيئاً، فكسره. فخاصمته إلى شريح فضمنه، وقال: إنما استأجرك لتبلغه ولم يستأجرك لتكسره. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 310. (¬5) م ص: لم يرى. (¬6) م ص ف: شاهدان بسط يوفوك به. والتصحيح من الكافي، 1/ 201 و؛ والمبسوط، 15/ 82. وعن ابن سيرين عن شريح قال: اختصم إليه حائك ورجل دفع إليه غزلاً فأفسد حياكته، فقال الحائك: إني قد أحسنت، قال: فلك ما أحسنت وله مثل غزله. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 219.

محمد عن أبي يوسف عن عبدالأعلى عن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته: رجل باع حراً وأكل ثمنه واسترقه آخر، يرجل استأجر أجيراً فاستوفى عمله ومنع (¬1) أجره، ورجل أعطى بي (¬2) ثم غدر" (¬3). محمد عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن ابن أبي يعمر عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن عسب التيس وكسب الحجام وقفيز الطحان (¬4). محمد عن أبي يوسف عن ابن أبي ليلى عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من السحت عسب التيس ومهر البغي وكسب الحجام"، قال: فأتاه رجل من الأنصار، فقال: إن لي حجاماً وناضحاً، أفلا أعلف ناضحي (¬5) من كسبه؟ قال: "نعم"، قال (¬6): ثم أتاه رجل آخر فقال: إن لي عيالاً وحجاماً، أفأطعم عيالي من كسبه؟ قال: "نعم" (¬7). ¬

_ (¬1) م: أو منع. (¬2) م ص: أعطاني. (¬3) صحيح البخاري، البيوع، 106، وسنن ابن ماجه، الرهون، 4. (¬4) شرح مشكل الآثار للطحاوي، 2/ 186. ورويت الجملتان الأوليان من هذا الحديث في الصحيح. انظر: صحيح البخاري، الإجارة، 37؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 40. وانظر للتفصيل: نصب الراية للزيلعي، 4/ 134، 135، 140، والدراية لابن حجر، 2/ 188، 190. وقد فسر المؤلف "قفيز الطحان" فيما يأتي قريباً بقوله: وإذا أسلم الرجل حنطة إلى طحان يطحنها بدرهم وربع دقيق منها فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: هذا فاسد، لأن دقيق هذه الحنطة مجهول. وهذا عندنا تفسير الحديث الذي ذكر في صدر هذا الكتاب، قوله: "قفيز الطحان". انظر: 2/ 122 و. (¬5) م ض: فاضمن. (¬6) ف - قال. (¬7) روي النهي عن بعض ذلك بلفظ قريب في صحيح مسلم، المساقاة، 40؛ وسنن أبي داود، البيوع، 38؛ وسنن الترمذي، البيوع، 46؛ وسنن النسائي، البيوع، 94. وللنهي عن مهر البغي انظر: صحيح البخاري، الإجارة، 20. وعن أنس بن مالك=

محمد عن أبي يوسف عن أشعث بن سوار عن ابن سيرين عن ابن عباس أنه (¬1) قال: احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجره، ولو كان حراماً ما أعطاه (¬2). محمد عن أبي يوسف عن مطرف عن إبراهيم عن شريح أنه كان يضمن الأجير المشترك، ولا يضمن الأجير وحده (¬3). محمد عن أبي يوسف عن غالب بن عبد الله (¬4) عن عطاء (¬5) وطاوس (¬6) ومجاهد قالوا: لا ضمان على الأجير الراعي وإن اشترطوا (¬7) ذلك (¬8). ... ¬

_ = - رضي الله عنه - قال: حجم أبو طيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا من خراجه. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 39؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 62. وعن مُحَيِّصَة أنه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إجارة الحجام، فنهاه عنها، فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال: "اعْلِفْه ناضِحَك وأَطْعِمْه رقيقَك". قال الترمذي: وفي الباب عن رافع بن خديج وأبي جحيفة وجابر والسائب بن يزيد. قال الترمذي: حديث محيصة حديث حسن صحيح. انظر: سنن أبي داود، البيوع، 38؛ وسنن الترمذي، البيوع، 47. (¬1) ص- أنه. (¬2) صحيح البخاري، البيوع، 39؛ وصحيح مسلم، المساقاة، 65 - 66. (¬3) تقدم تخريج القسم الأول منه قريباً. وعن الشعبي قال: ما رأيت شريحاً قط إلا وهو يضمن الأجير، إلا رجلاً استأجر رجلاً يعلف له بغلتين بحشيش فشردت إحداهما فلم يضمنه. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 5/ 20. (¬4) لعل الصواب: عبيد الله. فهو الراوي عن عطاء. انظر: لسان الميزان، "غالب بن عبيد الله". (¬5) ص- عن عطاء. (¬6) ص: عن طاووس. (¬7) ص: استرضوا. (¬8) روي عدم تضمين الراعي عن الشعبي وسعيد بن المسيب والزهري وابن شبرمة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 220؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 19 - 20.

باب الاستصناع

باب الاستصناع قال أبو حنيفة: إذا استصنع الرجل عند الرجل (¬1) طَسْتاً من نحاس أو كُوزاً أو تَوْراً وما أشبه ذلك أو إناء من حديد أو قُمْقُماً (¬2) ووصف له المقدار فهو جائز، والمستصنع بالخيار إذا رآه مفروغاً. وقال أبو حنيفة: إذا ضرب لذلك أجلاً فهو سلم، فإن كان معروفاً (¬3) فهو جائز، ولا خيار فيه. وينبغي في قياس قوله إذا لم يبين له الثمن أن يفسد، لأنه سلم. وقال أبو حنيفة: إذا كان ما أسلم فيه مجهولاً فهو فاسد. وقال أبو يوسف ومحمد: لسنا نرى ذلك سلماً واجباً، ولكن الخيار للمستصنع إذا فرغ العامل من عمله، وإن عجل له الأجر أو لم يعجله فهو سواء عندنا، وهو جائز؛ ألا ترى أن الرجل يستصنع القلنسوة عند الرجل أو الخف على أن يفرغ منه غداً أو بعد غد، ولا يعجل له الأجر، فيكون هذا جائزاً (¬4). وهو بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. فإن أخذه فليس للصانع أن يمنعه. وإذا أسلم الرجل حديداً إلى حداد ليصنعه إناء قد سماه بأجر مسمى فهو جائز، ولا خيار له فيه إذا كان مثل ما سماه. فإن أفسد عمله فله أن يضمنه حديداً مثله، ويصير الإناء للصانع الذي عمله. وكذلك النحاس والصفر. وكذلك الجلد يسلمه الرجل إلى الإسكاف ليجعله خفين. وكذلك الغزل يسلمه الرجل إلى حائك لينسجه. وقال أبو حنيفة: إذا أسلم الرجل إلى الإسكاف في خفين وعجل له ¬

_ (¬1) ص- عند الرجل. (¬2) القُمْقُمة وعاء من نحاس ذو عروتين، قال الأصمعي: هو رومي. انظر: مختار الصحاح، "قمم". (¬3) م ص: معرفا. (¬4) م: جائز.

الأجر ووصف له التقطيع والمقدار وضرب له أجلاً، فإن كان معروفاً (¬1) فهو جائز ولا خيار للمستصنع، وإن كان مجهولاً لا يعرف فهو فاسد. وقال أبو يوسف ومحمد: نراه جائزاً كله، الخيار للمستصنع (¬2)، ولا خيار للعامل، ولا نرى هذا سلماً. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً أسلم إلى حائك في ثوب من قطن نسجه وسمى له عرضه وطوله وجنسه ورقعته، والغزل من الحائك، ولم يعجل له (¬3) الثمن، كان هذا مثل الخفين في القياس، ولكن هذا لا يعمل به الناس فلا يجوز، وإنما أخذت في الآنية بالاستحسان. ولو ضرب لهذا الثوب أجلاً كان جائزاً إذا عجل له الثمن، وكان سلماً، ولا خيار له، وإن فارقه قبل أن يعجل له الثمن فهو فاسد، لأن هذا أمر معروف موقت، لا يشبه الآنية والخفاف والقلانس. ولو أن رجلاً أسلم غزلاً (¬4) إلى حائك ينسجه له سبعاً في أربع، فحاكه أصغر من ذلك أو أكبر، فإن الرجل بالخيار، إن شاء ضمنه غزلاً مثل غزله، وسلم له الثوب، وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه الأجر، إلا في النقصان، فإنه يعطيه من الأجر بحساب ذلك، لا يجاوز به ما سمى له. وكذلك لو اشترط عليه صفيقاً كان له أجر مثله، لا يجاوز به ما سمى له. ولو أمره أن يزيد في الغزل رطلاً من غزله فقال: قد زدته، وقال رب الثوب: لم تزده (¬5)، فإن القول قول رب الغزل مع يمينه، والحائك مدعي. فإن أقام الحائك بينة أخذت ببينة الحائك، وضمنت رب الغزل غزلاً مثله، ولو لم تكن له بينة حلف صاحب الغزل على علمه، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه غزل مثله. ¬

_ (¬1) ص- معروفا. (¬2) ف - وإن كان مجهولا لا يعرف فهو فاسد وقال أبو يوسف ومحمد نراه جائزا كله الخيار للمستصنع. (¬3) ص- له. (¬4) ف - غزلا، صح هـ. (¬5) م: لم تزدد؛ ص ف: لم يزدد.

ولو أن رجلاً أسلم غزلاً مسمى إلى حائك ينسجه ثوباً وأمره أن يزيد من عنده غزلاً وزناً بعينه مسمى مثل غزله، على أن يعطيه ثمن الغزل وأجر الثوب دراهم (¬1) مسماة، فإن هذا جائز. فإن اختدفا بعد الفراغ من الثوب، فقال رب الثوب: لم تزد فيه، وكان وزن غزلي مَنَا، وقال النساج: صدقت، قد كان وزن غزلك مَنَا، وقد زدت فيه رطلاً، فوزنوا الثوب فوجدوه مَنَوين، فقال رب الثوب: إنما زاد وزنه لما فيه من الدقيق، وقال الحائك: بل هو من الغزل والدقيق، فإن القول في ذلك قول الحائك مع يمينه، ويجبر الرجل على أن يعطيه ما سمى له وإذا لم يعلم أن الدقيق يزيد فيه ما قال رب الثوب. وأما إذا كان الثوب مستهلكاً قد باعه صاحبه ولم يقر أن فيه ما قال الحائك من الوزن فإن القول قول رب الثوب مع يمينه على علمه (¬2)، ويلزمه أجر الثوب، ولا يلزمه ثمن الغزل، ويقسم الأجر على عمل (¬3) ثوب مثله وعلى قيمة غزل ذلك، فيطرح عنه ما أصاب الغزل منه. وإذا أسلم (¬4) الرجل حنطة إلى طحان يطحنها بدرهم وربع دقيق منها فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: هذا فاسد، لأن دقيق هذه الحنطة مجهول. وهذا عندنا تفسير الحديث الذي ذكر في صدر هذا الكتاب، قوله: "قفيز الطحان". ولو لم يشترط في ذلك ربع دقيق منها كان جائزاً. وإن اشترط عليه مع الدراهم ربع دقيق جيد كان جائزأ (¬5). ولو عمله على هذا الشرط الفاسد كان له أجر مثله لا يجاوز به درهماً وقيمة ربع دقيق مما يكون من ذلك الدقيق. ولو سلم (¬6) رجل إلى رجل سمسماً على أن يعصره دهناً بأجر مسمى كان ذلك جائزاً. ولو اشترط عليه مع الأجر رطلاً من دهنه كان فاسداً. ألا ترى لو أن رجلاً استأجر رجلاً يذبح له شاة ويسلخها بأجر ¬

_ (¬1) م: دراهما. (¬2) م: على عمله. (¬3) ف - عمل. (¬4) م ص: فإذا سلم. (¬5) ف - وإن اشترط عليه مع الدراهم ربع دقيق جيد كان جائزا. (¬6) م: أسلم.

مسمى كان جائزاً، ولو اشترط عليه رطلاً من لحمها مع ذلك كان فاسداً. وكيف يستأجر بلحم شاة حية أو بدهن من سمسم لم يعصره. ألا ترى أن الحديمث قد جاء في النهي عن بيع الملاقيح والمضامين وحَبَل الحَبَلَة (¬1). فالملاقيح عندنا أن يشتري منه (¬2) ملاقح هذا الفحل العام (¬3). وحبل الحبلة أن يبيعه حبل الناقة أو الشاة أو الفرس. والمضامين أن يبيعه ما تضمنه (¬4) الرحم من الحمل، فيقول: أبيعك ما حملت هذه الناقة، فيضمن له ذلك. وكذلك دهن السمسم ودقيق الحنطة وزيت الزيتون الذي لم يعصر ولحم الشاة الحية. ولو أجزت ذلك أجزت بيع رطل من سمن في لبنها (¬5). وقد جاء في الاثار النهي عن بيع ما في الضروع، وعن بيع الصوف على ظهورها (¬6). وقد جاء أنه نهي عن بيع الغرر (¬7). فهذا كله غرر. ولو أن رجلاً دفع سمسماً إلى رجل فقال: قشره ورَبِّه (¬8) ببنفسج (¬9) ¬

_ (¬1) عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة. وفيه ابراهيم بن اسماعيل بن أبي حبيبة، وثقه أحمد، وضعفه جمهور الأئمة. انظر: المعجم الكبير للطبراني، 11/ 230؛ ونصب الراية للزيلعي، 4/ 10؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 104. وعن سعيد بن المسيب أنه قال: لا ربا في الحيوان، وإنما نُهِيَ من الحيوان عن ثلاثة: عن المضامين والملاقيح وحَبَل الحَبَلَة، والمضامين بيع ما في بطون إناث الإبل، والملاقيح بيع ما في ظهور الجمال. انظر: الموطأ، البيوع، 63. وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع حَبَل الحَبَلَة، وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع الجَزُور إلى أن تُنْتَج الناقة ثم تُنْتَج التي في بطنها. انظر: صحيح البخاري، البيوع، 61؛ وصحيح مسلم، البيوع، 5 - 6. (¬2) ف: به. (¬3) ص: للقدم. (¬4) ص: ما يضمنه. (¬5) م ص: في ابنها. (¬6) روي عن ابن عباس مرفوعاً وموقوفاً، وصحح البيهقي وقفه. انظر: المعجم الكبير للطبراني، 11/ 338؛ والمعجم الأوسط له، 4/ 101؛ وسنن الدارقطني، 3/ 15، والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 340؛ 4/ 11 - 12. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات. انظر: مجمع الزوائد، 4/ 102. وهو مرفوع في المعجم الأوسط. (¬7) صحيح مسلم، البيوع، 4؛ وسنن الترمذي، البيوع، 17. (¬8) ورَبِّه يروى بالفتح من التربية، وبالضم من الرب على المجاز. انظر: المغرب، "ربب". (¬9) البنفسج نوع من الأدهان على ما مر في كتاب البيوع. انظر: 1/ 222 و.

واعصره على أن أعطيك أجرك درهماً، كان هذا فاسداً لا يجوز، لأنه لا يعرف ما شرط من البنفسج. فإن قال: على أن تُربيه بقفيز من بنفسج كان هذا جائزاً. وإن كان البنفسج الذي يدخل في مثل هذا السمسم معروفاً عند التجار فهو جائز. وكذلك الخِيري (¬1) وكل الأدهان. وقال أبو حنيفه: إذا استصنع الرجل عند الإسكاف خفين ووصف له المقدار وسمى له الثمن فهو جائز، فإن عمله الإسكاف فالرجل بالخيار، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: إن اختار الرجل [أن] يأخذه وأراد الإسكاف منعه فليس للإسكاف ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: إن باع الإسكاف الخفين من رجل آخر من قبل أن يراه الأول فبيعه جائز، ولا سبيل للأول عليه وإن رآه الأول قبل أن يبيعه، ولا يمنعه. وكذلك الرجل يستصنع القلنسوة فيصف له مقدارها ووزنها. وكذلك الثوب والقمقم والإبريق وكل إناء من آنية الشَّبَه (¬2) والنحاس والحديد والصفر الأبيض والأحفر. وكذلك آنية العاج، وكذلك الرصاص، وكذلك آنية الخوص، وكذلك آنية العيدان، وكذلك الأبواب، وكذلك لُجُم (¬3) الحديد ونصول السيوف والسكاكين، وكذلك القِسِي والنَّبْل والنُّشَّاب والجِعَاب (¬4)، وكذلك متاع الحديد كله يستصنعه الرجل. ولا يفسد ذلك أن لا يضرب (¬5) له أجلاً ¬

_ (¬1) الخِيرِي هو المنثور، وهو نوع من الخشخاش، وغلب على الأصفر منه لأنه الذي يخرج دهنه ويدخل في الأدوية. انظر: المصباح المنير، "خير"؛ والقاموس المحيط، "خشّ". (¬2) قال ابن منظور: الشَّبَه والشِّبْه: النحاس يُصبَغ فيَصفرّ، وفي التهذيب: ضَرب من النحاس يُلقَى عليه دواء فيصفرّ، قال ابن سيده: سمي به لأنه إذا فُعل ذلك به أشبه الذهب بلونه، والجمع أشباه، يقال: كوز شَبَه وشِبْه بمعنى. انظر: لسان العرب، "شبه". قال الفيومي: وهو أرفع الصُّفْر. انظر: المصباح المنير، "شبه". (¬3) لجُم جمع لجام مثل كتاب وكتب. انظر: المصباح المنير، "لجم". (¬4) م ف: والحعب. والتصحيح من الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 201 ظ. والجعاب جمع جَعْبَة السهام. انظر: المغرب، "جعب". (¬5) ف: إلا أن يضرب.

ولا ينقده الثمن. وكذلك الحِراب (¬1). وكل وعاء من أَدَم أو كوز أو قربة أو راوية (¬2) أو دلو فهو مثل ذلك. وكذلك حمائل السيوف كلها والمناطق، وكذلك السلاح كله، وكذلك متاع الخشب كله، والقِصاع وآنية الخشب كلها، فهو على ما وصفت لك. وإن ضرب لذلك أجلاً وعجل الثمن فهو سواء، وهو بالخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، وأن شاء تركه في قول أبي يوسف ومحمد. فإن جعل للأجر أجلاً وضرب للعامل أجلأ فهو سواء، وله الخيار إذا رآه، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه، ولا خيار للعامل بعد أن يرضى الاَجِر، فأما إذا لم يرضه (¬3) فلصاحب المتاع (¬4) أن يبيعه ممن شاء في قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك متاع الخَزَف كله، وكذلك متاع الأساكفة كلها. وإذا دفع الرجل جلداً إلى إسكاف واستأجره بأجر مسمى على أن يَخرز له خفين وسمى له المقدار والصفة على أن يُنعله الإسكاف ويُبطنه ووصف له البِطانة والنعل فهو جائز، ولا خيار لصاحب الأديم بعد أن يعمله عملاً مقارباً صالحاً لا فساد فيه. فإن جاء به فاسداً فصاحب الجلد بالخيار، إن شاء ضمنه قيمة الجلد وترك الخف -، وإن شاء (¬5) أخذ الخف (¬6) وأعطاه مثل أجر عمله وقيمة ما زاد فيه. وكذلك إذا سلم - ولم يعلم وزن ما سمى له- خرقة إلى صانع ليصنعها له قلنسوة ويُبطنها ويحشوها فهو مثل ذلك. وللخياط والإسكاف ولجميع هؤلاء الصناع إذا رضي المستصنع ¬

_ (¬1) م ص ف: الحور. والتصحيح من الكافي، 1/ 201 ظ. والحراب جمع الحربة، وهي الرمح الصغير. انظر: المصباح المنير، "حرب". ويحتمل أن يكون "الجراب". وهو وعاء من الجلد يوضع فيه الزاد. انظر: لسان العرب، "جرب"، وتاج العروس، "جرب". (¬2) ف - أو راوية. (¬3) م: لم يره. (¬4) وهو العامل كما صرح به في ب. (¬5) ف - ضمنه قيمة الجلد وترك الخف وإن شاء. (¬6) م ص ف: العين. وقد تقرأ في ص: العيز.

فاختاره أن لا يدفع إليه المتاع حتى يأخذ منه الأجر. وليس له أن يبيعه بعد رضى الآخر به. وإن كان آجره بالأجر إلى أجل مسمى والعامل آجره على أن يدفعه إليه والأجر إلى أجله، فإن كان ميعاداً بغير شرط فإنه يقبض الأجر منه ولا يدفعه حتى أجره منه (¬1). وإذا دفع الرجل ثوبه إلى صباغ ليصبغه أحمر بأجر مسمى ووصف له الصبغ فهو جائز إذا صبغه على تلك الصفة، وله أن يحبسه حتى يأخذ أجره. ولو هلك عنده لم يضمن في قول أبي حنيفة، ولم يكن له أجر. وكذلك لو اشترط عليه أن يصبغه بزعفران أو بِبَقَّم (¬2) أو بعُصْفُر أو سواد فهو جائز بعد أن يصف له ذلك الصبغ، فلصاحب الثوب أن يضمنه قيمة (¬3) الثوب أبيض، ويسلم له الثوب. وأن شاء أخذ الثوب (¬4) وأعطاه أجر مثله لا يجاوز به ما سمى له. فإن اختلف الصباغ ورب الثوب، فقال رب الثوب (¬5): أمرتك أن تصبغه بعصفر، وقال الصباغ: أمرتني أن أصبغه بزعفران، فإن أبا حنيفة قال: القول فيه قول رب الثوب مع يمينه. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وإذا استصنع الرجل الخف عند الإسكاف فعمله وفرغ منه، فقال الرجل: ليس بهذا (¬6) المقدار والخرز والتقطيع أمرتك، وقال الإسكاف: بل بهذا أمرتني، وأراد الإسكاف أن يحلف الرجل، فليس له عليه يمين، ويقال للرجل: إن شئت فخذه، وإن شئت فدعه. ولهذا الخيار بطلت اليمين عنه، ولو لم يكن الخيار كانت عليه اليمين. ألا ترى لو أن الإسكاف أقام البينة عليه أنه شارطه على هذا المقدار جعلت (¬7) الخيار للرجل، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. ¬

_ (¬1) لأن المواعيد لا يتعلق بها اللزوم. انظر: المبسوط، 15/ 92. (¬2) البَقَّم بتشديد القاف: صبغ معروف يستخرج من شجرة بنفس الاسم. انظر: المصباح المنير، "بقم"؛ والقاموس المحيط، "بقم". (¬3) م ص: وقيمة. (¬4) ف: أخذه أبيض. (¬5) م - فقال رب الثوب. (¬6) م ص: هذا. (¬7) ص: جعل.

ولو أن (¬1) رجلاً سلم (¬2) خفه إلى صانع يُنعله بأجر مسمى كان جائزاً، فإن أنعله بنعل لا ينعل بمثله الخفاف، لا خير فيها، فصاحب الخف بالخيار، إن شاء ضمنه قيمة خفه، وإن شاء أخذ أجر مثله في عمله وقيمة النعل، ولا يجاوز به ما سمى له. وإن كان نعلاً ينعل بمثله الخفاف فهو جائز وإن لم يكن جيداً بعد أن يكون ينعل بمثلها. ولو اشترط عليه جيداً فخرزها كما شرط له كان جائزاً، ولا خيار له، وإن كانت غير جيدة فهو بالخيار، إن شاء ضمنه قيمة الخف وسلمه له، وإن شاء أخذ الخف وأعطاه أجر مثله في عمله وقيمة ما زاد فيه، ولا يجاوز به ما سمى له. ولو اختلفا في الخرز وقد خرزه على ما وصف له ولم يختلفا في عمله، فإن قامت لهما جميعاً بينة أخذت ببينة العامل. ولو قال رب الخف: عملته في بغير أجر، وقال العامل: بل عملته لك بدرهم (¬3)، فإن على العامل أن يحلف على دعواه أنه لم يعمله بغير أجر. فإذا حلف (¬4) فإن على رب الخف أن يحلف على دعوى الإسكاف أنه لم يشارطه على درهم، ثم يغرم رب الخف ما زاد النعل في خفه. ولو قامت (¬5) لهما جميعاً البينة أخذت ببينة العامل، لأنه المدعي. ولو عمل الخف كله من عنده ثم اختلفا في الأجر كان القول قول الإسكاف، إن شاء المدعي أخذه بذلك، وإن شاء ترك، ولا يمين عليه. ولو قامت لهما بينة كان بالخيار، إن شاء أخذه، وإن شاء تركه. ولو أن رجلاً أسلم ثوباً إلى صباغ ليصبغه أحمر، فصبغه أحمر (¬6) على ما وصف له بالعُصفر، ثم اختلفا في الأجر، فقال الصباغ: عملته بدرهم، وقال رب الثوب: عملته لي بدانقين، فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة ¬

_ (¬1) يوجد نقص فى نسخة ص ابتداء من هنا بمقدار ورقة. (¬2) ف: أسلم. (¬3) م: بل عملته هم. يوجد خرم في هذا الموضع في نسخة م. (¬4) م: أجر يحلف. (¬5) ف: أقامت. (¬6) م: أحمرا.

الصباغ، وإن لم تقم لهما بينة فإني أنظر إلى ما زاد العصفر في قيمة الثوب، فإن كان درهماً أو أكثر أعطيته درهماً بعد أن يحلف الصباغ: ما صبغته (¬1) بدانقين، وإن كان ما زاد في الثوب من العصفر أقل من دانقين أعطيته دانقين بعد أن يحلف رب الثوب ما صبغه إلا بدانقين، وإن كان يزيد في الثوب نصف درهم أو أقل من درهم أعطيت الصباغ مثل ذلك بعد أن يحلف الصباغ ما صبغه بدانقين. وإن (¬2) كان الصبغ زعفران فهو مثل العصفر. وإن كان الصبغ أسود فالقول قول رب الثوب مع يمينه. ولو قال رب الثوب للصباغ: صبغته (¬3) بغير أجر، فإن القول أيضاً (¬4) قول رب الثوب مع يمينه. وكذلك كل صبغ ينقص الثوب فالقول فيه قول رب الثوب مع يمينه، لأن الصباغ قد استهلك الثوب وصار ضامناً، فعليه البينة، لأنه (¬5) المدعي. وأما كل صبغ يزيد في الثوب فقال رب الثوب: صبغته في (¬6) بغير أجر، وقال الصباغ: صبغته لك بدرهم، فإن على كل واحد منهما اليمين على دعوى صاحبه، ثم يضمن رب الثوب ما زاد الصبغ في ثوبه، لا يجاوز له به درهماً. ولو أن رجلاً اختلف هو والقصار في أجر ثوب، فقال القصار: عملته بربع درهم، وقال رب الثوب: عملته بقيراط، فإن كان لم يأخذ في العمل تحالفا وترادا، وإن كان قد فرغ فالقول قول رب الثوب مع يمينه، لأن الثوب ليس فيه زيادة من متاع القصار كزيادة العصفر والزعفران. ولو أن رجلاً شارط قصاراً على أن يقصر له عشرة أثواب بدرهم ولم يكن عنده ولم ير الثياب كان هذا فاسداً. وكذلك الغسل. وإن أراه الثياب كان جائزاً، لأن الثياب مختلفة وعملها يتفاضل. ولو سمى جنساً من الثياب كان مثل ذلك أيضاً إذا لم يره إياها. ولو أن رجلاً أسلم ثوباً إلى خياط يخيطه قميصاً بدرهم فخاطه ¬

_ (¬1) م: ما صبغه. (¬2) م: فإن. (¬3) م: صبغه. (¬4) م - أيضا. (¬5) م: لأن. (¬6) م: صبغه الى.

قباء وأقر بالخلاف فصاحب الثوب بالخيار، إن شاء ضمنه قيمته وسلم له القباء، وإن شاء أخذ القباء وأعطاه أجر مثله، ولا يجاوز به ما سمى له. ولو اختلفا فقال الخياط: أمرتني بقباء، وقال رب الثوب: أمرتك بقميص، فإن القول قول رب الثوب مع يمينه، فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة الخياط، لأنه قد ضمن وهو في الحال مدع، فعليه البينة، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو لم يختلفا في ذلك وقطعه قميصاً واختلفا في الأجر فإن القول قول رب الثوب في الأجر مع يمينه. فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة الخياط، لأنه المدعي. ولو أن رجلاً أعطى صباغاً ليصبغه بعصفر بربع الهاشمي بدرهم فصبغه بقفيز عصفر وأقر (¬1) رب الثوب بذلك فإن رب الثوب بالخيار، إن شاء ضمنه قيمة الثوب وسلم الثوب للصباغ، وإن شاء أخذ الثوب وأعطاه ما زاد العُصفر في (¬2) قيمة الثوب مع الأجر. ولو أن رب الثوب قال: لم تصبغه إلا بربع عصفر، وأنت كاذب، فإني أنظر في ذلك، فإن كان مثل ذلك الصبغ يكون بربع عصفر فالقول في ذلك قول رب الثوب مع يمينه على علمه، إلا أن يقيم الصباغ بينة، فإن أقام بينة آخذ ببينته. وإن كان ذلك الصبغ لا يكون (¬3) بربع عصفر وكان ذلك يعرف فالقول قول الصباغ، والجواب فيه مثلها (¬4) في المسألة الأولى. ولو أن رجلاً قال (¬5) للخياط (¬6): انظر إلى هذا الثوب، فإن كفاني قميصاً فاقطعه بدرهم وخِطْه، فقال (¬7): نعم، ثم قطعه، فقال (¬8) بعد ذلك: إنه لا يكفيك، فإن الخياط ضامن لقيمة الثوب، لأنه إنما أمره أن يقطعه إن ¬

_ (¬1) ف: فأقر. (¬2) ف هـ: في هذا المحل نقصان ورقة. والصحيح أن عدة أوراق من المخطوطة قد اختلط ترتيبها، لكنها موجودة. فالورقة 158 من المجلد الأول انتقلت إلى محل الورقة 161. (¬3) ف + إلا. (¬4) ف - مثلها. (¬5) ينتهي النقص الموجود في نسخة ص هنا. (¬6) م: الخياط؛ ف: لخياط. (¬7) م ص ف: قال. (¬8) ص- فقال، صح هـ.

كان يكفيه، فحيث قطعه فكأنه هو الذي دلس له الثوب وغيره منه (¬1). أرأيت لو قال: إن كان يكفيني فاقطعه، وإن كان لا يكفيني فلا تقطعه، فقطعه، ثم قال: لا (¬2) يكفيك، ألم يكن (¬3) ضامناً. ولو أن رجلاً قال لخياط (¬4): انظر إلى هذا الثوب أيكفيني قميصاً، فقال: نعم، فقال رب الثوب: اقطعه، فقطعه، فإذا هو لا يكفيه، فإنه لا يضمن، وليس هذا بمنزلة الأول، هذا قد أمره أن يقطعه، والباب الأول قال له: إن كان يكفيني فاقطعه، فحيث غيره ضمن قيمة الثوب، لأنه لم يأمره (¬5) أن يقطعه إذا كان لا يكفيه. ولو أن رجلاً أسلم (¬6) ثوباً إلى خياط يقطع له قباء، وقال: بَطِّنْه من عندك (¬7) واحْشُه على أن (¬8) لك من الأجر كذا وكذا (¬9)، فإن هذا مثل الخف الذي أسلمه في القياس أن يُنْعَل، فإذا عمله كما يعمل مثله فله أجره الذي سماه، ولكن لا أجيز هذا، وأجعل للخياط قيمة بطانته وحشوه وأجر مثله في خياطته، ولا أجاوز به ما سمي له في أجر خياطته خاصة. ولو أن رجلاً أعطى رجلاً ثوباً وبطانةً وقطناً وأمره أن يقطعه جبة ويحشوها ويَنْدِف (¬10) عليها القطن وسمى له أجراً فإن ذلك جائز. ولو أن رجلاً اشترط على خياط أن يقطع له عشرة أقمصة كل قميص بدرهم ولم يسم له قدرها ولا أجناسها فإن ذلك فاسد لا يجوز، لأن المقدار مختلف. ولو قال له: "ثياب هروية (¬11) ومقدارها على هذا" لشيء (¬12) معروف كان جائزاً. ¬

_ (¬1) ص - منه. (¬2) م ص - لا. (¬3) م ص: لم يكن. (¬4) م: الخياط. (¬5) م: لأنه ... أمره. (¬6) م ص: سلم. (¬7) م: بطنه ... عندك. (¬8) ف - على أن، صح هـ. (¬9) م ص: كذا كذا. (¬10) ندف القطن من باب ضرب وزناً ومعنى. انظر: لسان العرب، "ندف". (¬11) م ص ف: هروي. (¬12) ص: الشيء.

وإذا أسلم الرجل الثوب إلى الخياط فقطعه قميصاً وشرط عليه إن خاطه اليوم فله درهم، وإن لم يفرغ منه اليوم فله نصف درهم، فإن أبا حنيفة قال: إن خاطه اليوم كما قال فله درهم، وإن لم يفرغ منه يومه ذلك فله أجر مثله، ولا ينقصه من نصف درهم. وقال أبو حنيفة: أرأيت لو قال: إن فرغت منه غداً فليس لك أجر، لم يكن هذا الشرط فاسداً؟ ولهذا كان يفسده أبو حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شرط هذا الشرط فالقول فيه مثل قول أبي حنيفة، وليس هذا مثل الباب الأول، قد سمى له، وهذا لم يسم له، فهذا مخاطرة. أرأيت لو استأجره فقال: إن خطته خياطة كذا وكذا فأجرك نصف درهم، ألم يكن هذا على ما سمى، وهذا في قول أبي حنيفة الأول فاسد، لأنه لم يأخذه على شيء معلوم، وفي قوله الآخر جائز. وقال أبو حنيفة: إذا اختلف القصار ورب الثوب في الأجر وقد عمل العمل فالقول قول رب الثوب مع يمينه. وكذلك الصباغ والخياط وكل عامل (¬1) يعمل بيده (¬2) مثل هذا فالقول في الأجر قول رب المتاع. ولو قال رب الثوب: عملته في بغير أجر، كان القول قوله مع يمينه. وقال أبو حنيفة: إذا اشترى الرجل من الرجل نعلاً بدرهم وشراكاً معها على أن يحذوها فهو جائز. وإن اشترى ثوباً بعشرة دراهم على أن يخيطه البائع الذي باع الثوب فهو فاسد، وهما في القياس سواء، غير أني أستحسن في النعل، لأنه عمل للناس، وليس يفعلون ذلك في الثياب. وإذا جاء رجل إلى حذاء بشراكين ونعلين فاستأجره على أن يحذوها له بأجر مسمى فهو جائز. ولو اشترط عليه شراكين فأراه إياه ورضيه ثم حذاها له كان جائزاً. أستحسن في هذا وفي الخف يُنعَل ويُرقَع وفي النعل يُخصَف أن أجيز ذلك كله. ولو أتاه بثوب فأسلمه إليه ليقطعه جبة أو قباء وشرط عليه البطانة والحشو كان هذا فاسداً لا يجوز، وهذا مثل الخف والنعل في القياس، ولكن هذا لا يستصنعه الناس. أرأيت لو أتاه ¬

_ (¬1) ص - عامل. (¬2) م: مثله.

باب ما يوجب للعامل أجره

بثوب يقطعه له قميصاً وشرط عليه أن يجعل كميه من عنده ألم يكن هذا فاسداً لا يجوز. أرأيت لو أتاه ببطانة فقال: ظَهِّرْ هذه بثوب من عندك، ألم يكن هذا (¬1) فاسداً لا يجوز. أرأيت لو استأجره على أن يبني له (¬2) داراً على أن الآجر والجص من عند البناء، ألم يكن هذا فاسداً لا يجوز. فكل شيء أسلمه إلى عامل يعمله فشرط عليه أن يجعل في عمله شيئاً من قِبَله ليس بعينه مثل الجص والآجر والجذوع والكمين والقطن والبطانة والظهارة فهو فاسد. فإذا عمل على ذلك فالعمل لصاحب المتاع، وللعامل أجر مثله مع قيمة ما زاد فيه. ولو أن قصاراً قصر ثوباً بأجر معلوم فطلب صاحبه الثوب فأعطاه القصار ثوباً (¬3) غيره خطأ منه أو تعمد ذلك، فقطعه الذي أخذه قميصاً وخاطه (¬4)، ثم جاء صاحب الثوب، فإنه بالخيار، إن شاء ضمن القصار قيمة الثوب، ويرجع القصار بتلك القيمة على القاطع، ويرجع القاطع على القصار بثوبه، وإن شاء رب الثوب ضمن القاطع قيمة الثوب وسلم له الثوب، ويرجع القاطع على القصار بثوبه (¬5). وكذلك هذا الوجه في كل عامل أو صانع أو صباغ أو غيره. ... باب ما يوجب للعامل أجره وإذا أسلم الرجل ثوباً إلى القصار ليقصره بأجر مسمى، فقصره، ثم ضاع (¬6) الثوب من عند القصار بعد الفراغ من العمل، فإن أبا حنيفة قال في ¬

_ (¬1) ف - هذا. (¬2) ص - له. (¬3) م + بأجر معلوم فطلب صاحبه الثوب فأعطاه القصار ثوبا. (¬4) ف - خطأ منه أو تعمد ذلك فقطعه الذي أخذه قميصا وخاطه. (¬5) ف - وإن شاء رب الثوب ضمن القاطع قيمة الثوب وسلم له الثوب ويرجع القاطع على القصار بثوبه. (¬6) ف: ثم باع.

هذا: لا أجر له، ولا ضمان عليه في الثوب، لأنه لم يسلم العمل إلى رب الثوب. وكذلك الخياط والصباغ والصائغ، وكل عامل يعمل عملاً لرجل بأجر مسمى، فهلك العمل عند العامل قبل أن يسلمه إلى صاحبه، فليس له الأجر، ولا ضمان عليه فيما ضاع في قول أبي حنيفة. وأما في قول من يضمن الأجير فإنه يضمنه الثوب، فإن شاء رب الثوب ضمنه قيمة الثوب مقصوراً وأعطاه الأجر، وإن شاء ضمنه قيمته غير مقصور (¬1) ولا أجر له، وهو قول أبي يوسف. وإذا استأجر الرجل حمالاً يحمل له شيئا على ظهره أو على دابة بأجر معلوم إلى موضع معلوم، فحمله فانكسر، أو عثرت الدابة فانكسر (¬2) المتاع أو فسد، فإن أبا حنيفة قال في هذا: هو ضامن لقيمة المتاع، وإن ضمنه رب (¬3) المتاع قيمته حيث انكسر فله من الأجر بحساب ذلك، وإن ضمنه من حيث حمله فلا أجر له، والخيار في ذلك إلى صاحب المتاع. وإذا قصر القصار ثوباً وفرغ منه بأجر مسمى، فأراد رب الثوب أن يأخذ منه الثوب قبل أن يعطيه الأجر (¬4) وأبى ذلك، فإن للقصار أن يمنعه ذلك حتى يأخذ أجره منه، فإن هلك الثوب بعد منعه إياه فالقول فيه على ما وصفت لك أنه لا ضمان عليه ولا أجر (¬5). وكذلك الصباغ والخياط والصائغ والحائك وكل عامل، وكذلك الخراز (¬6). فأما الحمال والملاح والذي يحمل على ظهره وعلى دوابه وإبله فهو سواء، ولصاحب المتاع أن يأخذ ذلك منه قبل أن يعطيه الأجر، وليس للحمال أن يمنعه ذلك. ألا ترى ¬

_ (¬1) ص - وأعطاه الأجركان شاء ضمنه قيمته غير مقصورة صح هـ. إلا كلمة "قيمته". (¬2) ف - أو عثرت الدابة فانكسر. (¬3) ص ف: رد. (¬4) م: الأجير. (¬5) م: ولا أجره. (¬6) م ص: الحزار؛ ف: الحرار. ولعل الصواب ما أثبتناه من حيث النقط. والخراز هو الذي يخيط الجلد كما هو معروف.

أن المتاع لو هلك بعدما سار به نصف الطريق كان له نصف الأجر في قول أبي حنيفة، ولا يضمن شيئاً، وليس العامل (¬1) بيده (¬2) في هذا كالحمال والملاح. وكان أبو حنيفة يقول: الكراء إلى مكة لا يعطيه من كرائه شيئاً حتى يرجع من مكة، وكذلك كان يقول في جميع من يحمل حمولة على دوابه أو إبله أو سفينته أو على ظهره، ثم إنه رجع عن ذلك فقال: كلما سار مسيراً يكون له من الأجر شيء معروف (¬3)، فإنه يأخذ ذلك من المستأجر، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإن عجل له الأجر كله فهو جائز. وليس للمستأجر أن يرجع فيما عجل من الأجر. وكذلك لو كان سلّفه سَلَفاً. وكذلك لو كان باعه بالأجر متاعاً أو طعاماً أو حيواناً ودفعه (¬4) إليه فهو جائز، وإن كان أوفاه الحمل والشرط قبل (¬5) ذلك. وإن انتقص ولم يوفه ذلك لموت حدث أو غيره من عذر فإنه يرجع عليه بالدراهم، ولا يرجع عليه بالعرض الذي أعطاه إياه، لأنه باعه ذلك بشيء عليه. ولو (¬6) استأجره بعشرة دراهم يحمل له (¬7) من الكوفة إلى البصرة شيئاً، فأعطاه بها ديناراً وعجل له ذلك قبل أن يحمل له، ثم حمل له وأوفاه الشرط، فهو جائز في قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك: أبطل الصرف خاصة. وإن مات قبل أن يحمل له شيئاً أو بعدما سار في نصف الطريق فإنه يرد الأجر كله دراهم إن (¬8) لم يكن حمل له شيئاً. فإن كان بعدما سار نصف الطريق فله نصف الأجر، ويرد نصف الأجر دراهم. وإن (¬9) لم يكن حمل له شيئاً رد الأجر كله دراهم، لأنه باع الدينار بذلك الأجر وعجل له. ألا ترى أن رجلاً لو كان له على رجل عشرة دراهم إلى أجل لم يكن للطالب أن يأخذه به. وإن عجل له الدينار فهو جائز، وهو قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك: لا ¬

_ (¬1) م: للعامل. (¬2) م ص: في يده. (¬3) م ص ف: شيئاً معروفا. (¬4) ص: دفعه. (¬5) م ص: فسئل. لكن بدون علامة الهمزة في ص. (¬6) ف: وكذلك لو. (¬7) ف - له. (¬8) ص: وإن. (¬9) م ص: فإن.

يجوز أن يعطيه بالأجر ديناراً [قبل] (¬1) أن يحمله، لأنه صرف. ولو استأجر رجل رجلاً يعمل له عملاً من قصارة أو نحوها بثوب بعينه أو بشاة (¬2) بعينها كان جائزاً، ولم يكن للأجير أن يأخذ الأجر حتى يوفي العمل، وليس له أن يقبض منه بعضاً دون بعض. وإن كان اكتراه ليحمل له شيئاً فحمل نصفه ثم أراد أن يقبض نصف الثوب فله ذلك. وكذلك الشاة والعروض والحيوان كله. ولو كان خياطاً أو عاملاً يعمل بيده في بيته لم يكن له أن يقبض من الأجر قليلاً ولا كثيراً حتى يفرغ من العمل ويدفعه إلى صاحبه. وأما الأرض والدار فإنهما بمنزلة الحمولة، يأخذ من الأجر بحساب ما يجب له يوماً بيوم. وإذا استأجر الرجل الرجل يخيط (¬3) له أو يعمل له عملاً غير ذلك حمولة أو سكناً (¬4) أو داراً استأجرها بأجر مسمى وشرط له أن يعجل له الأجر فإنه يؤخذ بتعجيله قبل العمل، وإن كان اشترط عليه أن يؤدي الأجر إلى أجل معلوم فهو جائز، فإن فرغ الأجير من عمله وفرغ من حمله ودفع ذلك فليس له أن يقبض الأجر حتى يحل الأجل، كان لم يكن شرط أجلاً للأجر ولا تعجيلاً فإنه في كل عمل بيده لا يُتم فِعلَه (¬5) حتى يستوفي الأجر. وأما الحمولة (¬6) والسكنى والزراعة فإنه يقبض من الأجر بحساب ما يجب له يوماً بيوم. وإن اشترط له أن يعطيه الأجر عند انقضاء أجل السكنى وأجل (¬7) الزراعة فهو جائز. والدنانير والدراهم والفلوس في ذلك سواء. وكذلك الذهب والفضة التبر وغيره وكل كيل أو وزن بعد أن يسمي كيله ووزنه وصفته جيداً أو رديئاً أو وسطاً. فإن لم يكن له حمل ولا مئونة أتاه به حيث ما أخذه. وإن كان له حمل ومئونة فإنه ينبغي في قول أبي حنيفة أن يكون فاسداً حتى يشترط الموضع الذي يدفعه إليه. وفي قول أبي يوسف ومحمد ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 202 ظ. (¬2) م: أو شاة. (¬3) م: يخيطه؛ ص: بحنطة. (¬4) م ص: أو سكينا. (¬5) م: فعليه. (¬6) م ص ف: الحمول. (¬7) م ص: وأجر.

باب السمسار والذي يشتري بالأجر

يدفعه عند الأرض والدار، وفي الحمولة حيث ما وجب له ذلك، وفي العمل الذي يعمل بيده يعطيه (¬1) الأجر حيث يوفيه العمل. ... باب السمسار والذي يشتري بالأجر محمد عن أبي يوسف عن سليمان الأعمش عن شقيق (¬2) بن سلمة عن قيس بن أبي غَرَزَة الكناني قال: كنا نتبايع الأوساق (¬3) بالمدينة ونسمي أنفسنا السماسمرة، فخرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمانا اسماً هو أحسن من أسمائنا، فقال: "يا معشر التجار، إن البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة" (¬4). وقال أبو حنيفة: إذا دفع الرجل إلى الرجل ألف درهم فقال: اشتر لي بها ثوباً زُطّياً (¬5) بأجر عشرة دراهم، فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك إن سمى له الثياب فقال: مائة ثوب زطي فإنه فاسد لا يجوز أيضاً، من قبل أن الشرى ليس له وقت، ولا يدري أيشتري (¬6) في شهر أو في سنة أو أقل من ذلك أو أكثر، وليس هو بعمل معلوم مثل غسل ثوب ومثل خياطة ثوب. ألا ¬

_ (¬1) م ص ف: ويعطيه. (¬2) م ص ف: عن سفين. والتصحيح من المصادر التالية. (¬3) الأوساق جمع الوسق: وهو مكيال معروف. والعبارة عند الحاكم: كنا نبتاع بأسواق المدينة ... انظر: الكافي، 1/ 202 ظ. لكن عند السرخسي كما هو في المتن: نبتاع الأوساق. انظر: المبسوط، 15/ 99. وقد ورد اللفظان الأوساق والأسواق في طرق الحديث المختلفة. انظر: السنن الكبرى للنسائي، 3/ 132؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 265. (¬4) سنن ابن ماجه، التجارات، 3؛ وسنن أبي داود، البيوع، 1؛ وسنن النسائي، الأيمان، 23. (¬5) م ص: زطي. (¬6) م ف: يشتري.

ترى أنه يتيسر (¬1) له الشرى فيشتري (¬2) فيفرغ منه في يوم واحد، أو يتعذر عليه فلا يفرغ منه في شهر أو أكثر. وكذلك السماسرة في شرى الثياب كلها والطيالسة (¬3) وغير ذلك من أنواع الثياب وغيرها. ولو أن رجلاً قدم بطعام إلى الكوفة أو بتمر أو بغنم فدعا رجلاً من أهل تلك البِياعة فاستأجره على أن يبيع له ذلك بدراهم مسماة فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد، من قبل أنه لا يدري في كم يبيعه، لأن وقت ذلك مجهول، وهذا مثل الشراء. وكذلك كل بياعة (¬4) استأجر رجل رجلاً يبيعها له. ولو جعل له من كل كُرّ حنطة يبيعه درهماً ومن كل قَوْصَرَة تمر (¬5) يبيعها له دانقاً ومن كل شاة يبيعها دانقاً فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد. وكذلك أحمال الفاكهة تقدم (¬6) الكوفة فيجعل صاحبها لرجل دانقاً من كل حمل يبيعه فإن هذا كله فاسد لا يجوز في قول أبي حنيفة. وإذا بعث الرجل إلى سمسار بألف درهم فقال: اشتر في بها ثياباً على أن لك من كل ثوب تشتريه دانقاً، فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد لا يجوز، لأنه مجهول. ولو أنه استأجر رجلاً يوماً إلى الليل يبيع له متاعاً وشرط له بأجر معلوم أو يشتري له متاعاً معلوماً وشرط له أجراً معلوماً فهذا جائز، لأن الأجر له إذا مضى ذلك اليوم باع أو لم يبع اشترى أو لم يشتر، والباب الأول ليس له حتى يبيع وحتى يشتري. وكذلك لو استأجره شهراً يبيع له طعاماً أو ثياباً أو يشتري له طعاماً، فإذا قعد لذلك حتى يستكمل الشهر فله الأجر تاماً وإن لم يكن اشترى أو لم يبع. وقال أبو حنيفة في السمسار في جميع ما ذكرنا في هذا الكتاب: ما ¬

_ (¬1) م: تيسر. (¬2) م: فليشتري. (¬3) ف: أو الطيالسة. (¬4) م ف: سلعة. وقد كانت في م "بياعة" ثم غيرت إلى "سلعة" كما يظهر من الخط. والبياعة هي السلعة. انظر: القاموس المحيط، "بيع". (¬5) م: ثم. (¬6) م: بقدوم.

باب الكفالة بالأجر فيى جميع التجارات

كان من ذلك فاسداً إذا اشترى أو باع فله أجر مثله، لا يجاوز به ما سمي له من الأجر. وقال أبو يوسف ومحمد: إن شاء أمره أن يشتري له ويبيع ولا يشترط له أجراً، فيكون مُعيناً له، ثم يعوضه بعد الفراغ من الشراء والبيع مثل ما كان يأخذ (¬1) مثله من الأجر. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا قال الرجل: بع لي هذا الثوب ولك درهم، أو اشتر (¬2) في هذا المتاع ولك درهم، ففعل ذلك فله أجر مثله في ذلك، لا يجاوز به الدرهم الذي وقع عليه الإجارة في الشرى والبيع (¬3). ... باب الكفالة بالأجر (¬4) فيى جميع التجارات وإذا استأجر الرجل داراً أو أرضاً أو رحًى أو إبلاً أو غير ذلك، أو استأجر رجلاً يحمل له شيئاً، أو سلم ثوباً إلى قصار أو إلى صانع من الصناع، وسمى الأجر وأعطى بالأجر كفيلاً فهو جائز. فإن كان ضرب للأجر أجلاً فهو على الكفيل إلى ذلك الأجل. وإن كان لم يضرب لى أجلاً فهو على الكفيل كما يكون على الذي عليه الأجر، ويأخذ أيهما شاء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن كان إنما أحاله عليه حوالة فليس له على الذي عليه الأصل، وهو على المحتال عليه، ولا يرجع على الذي عليه الأصل إلا أن يموت ولا يترك وفاء، فيرجع عليه في قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف ومحمد: إن أفلس فقضى القاضي بإفلاسه رجع أيضاً. فإذا استأجر الرجل حمالاً ليحمل له شيئاً إلى موضع معلوم بأجر ¬

_ (¬1) م ص: بأجر. (¬2) ص: واشتر. (¬3) ف: في البيع والشرى. (¬4) ص - بالأجر.

معلوم وكفل له كفيلاً بالأجر فهو جائز. وإن كان المستأجر ذمياً أو مسلماً أو امرأة فهو سواء. وكذلك لو استأجر عبداً تاجراً أو عبداً محجوراً عليه قد أمره مولاه أن يستأجر (¬1) لذلك المتاع فأعطاه كفيلاً لذلك فهو جائز، وليس (¬2) للكفيل أن يأخذ المستأجر بالأجر حتى يؤديه، لكنه إن لزم به فله أن يلزم المكفول عنه (¬3) حتى يكفيه ويؤديه عنه (¬4)، فإذا أداه الكفيل فله أن يأخذه بالأجر. ولو كان الأجر إلى أجل وكان إجارة ليس لصاحبها أن يأخذه بالأجر حتى يوفي (¬5) العمل فعجّل الكفيل الأجر من عنده قبل ذلك فليس للكفيل أن يرجع به على المكفول به حتى يجيء ذلك الوقت. فإذا جاء ذلك الوقت فله أن يأخذه به. ولو اختلف الأجير والمستأجر والكفيل في الأجر، فقال الكفيل: هو درهم، وقال الأجير: هو درهمان، وقال المستأجر: هو نصف درهم، فإن القول في ذلك قول المستأجر مع يمينه بالله على ذلك، ويغرم الكفيل ما أقر به من الأجر للأجير، ولا يرجع على المستأجر إلا بنصف درهم. ولو كان الكفيل عبداً تاجراً لم تجز كفالته، وكذلك المكاتب. ولو أقاموا جميعاً البينة على ما ادعوا أخذت ببينة المؤاجر وقضيت له بدرهمين على الكفيل وعلى المستأجر. وإذا استأجر الرجل داراً بثوب بعينه وكفل به رجل فهو جائز. فإذا استكمل السكنى وهلك الثوب عند صاحبه فإن الكفيل بريء من كفالته، لأنه لا يكون على المستأجر قيمة الثوب. وكذلك لو استأجره بخدمة عبده شهراً وكفل به رجل، فإن كان كفل بالخدمة فإنه لا يجوز، وإن كفل بنفس [العبد] (¬6) فإنه يؤخذ (¬7) به، فإذا مضى الشهر وأقر المكفول له أنما حقه ¬

_ (¬1) م + ان. (¬2) م ص: ليس. (¬3) ص: له. (¬4) ص: تحيد. والياء غير منقوطة. والكلمة كانت مرسومة قريبة من ذلك في م، ثم صححت. (¬5) انتقل هنا في المجلد الأول نسخة ف من الورقة 163 إلى الورقة 158. (¬6) الزيادة من الكافي، 1/ 203 و. (¬7) م ص: يوفر؛ ف: يومر. والتصحيح من المصدر السابق.

باب الكفالة بالحموله والسكنى والخدمة

قبله (¬1) خدمة الشهر (¬2) الماضي فإن الكفيل بريء من ذلك، وله أجر مثل أجر الدار على المستأجر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬3). ... باب الكفالة بالحموله والسكنى والخدمة وإذا استأجر الرجل من الرجل إلى مكة محملاً (¬4) أو زاملة (¬5) بأجر مسمى وكفل له رجل بالحمولة فإن أبا حنيفة قال: هو فى ذلك جائز، ويؤخذ الكفيل بالحمولة كما يؤخذ المؤاجر. وإذا استأجر الرجل إبلاً بغير أعيانها يحمل عليها طعاماً مسمى إلى بلد معلوم وبأجر معلوم وكفل له رجل بالحمولة فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬6). ولو أن رجلاً أسلف في كراء مكة في شق محمل وشق (¬7) زاملة وأخذ كفيلاً بالحمولة كان ذلك جائزاً، وكان على الكفيل أن يؤخذ بذلك كما يؤخذ المكري (¬8). ¬

_ (¬1) م ص: قبل. (¬2) م ص ف: شهر. والتصحيح من المصدر السابق. (¬3) قال الحاكم: في قولهم جميعاً. انظر: الكافي، نفس الموضع. ولم يذكر "قياس". (¬4) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬5) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه ... ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬6) ص - وأبي يوسف ومحمد. (¬7) م: أو شق. (¬8) م ص: الكرى.

ولو أن رجلاً استأجر داراً ليسكنها أو أرضاً يزرعها أو بيتاً يسكنه وأخذ كفيلاً بالسكنى وبالوفاء بالزراعة كان هذا باطلاً لا يجوز، لأنه سمى شيئاً بعينه، ألا ترى أني أجيز الإجارة في الخدمة، ولو أعطى كفيلاً بخدمته لم يجز ولم يلزم الكفيل شيء. وقال أبو حنيفة: لو استأجر بعيراً بعينه أو دابةً بعينها وكفل له رجل بالحمولة كانت الكفالة باطلاً لا تجوز. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر رجل رجلاً يخدمه وكفل له (¬1) رجل بخدمته فالكفالة باطل لا تجوز، لأن خدمة الكفيل ليس بخدمة الأجير. وسكنى دار الكفيل وزراعة أرض الكفيل ليس ذلك بالذي استأجر المستأجر. وكذلك لو استأجر أباعر (¬2) بأعيانها إلى مكة أو إلى بلد آخر يحمل عليها طعاماً فكفل رجل بالحمولة كان ذلك باطلاً لا يجوز، إذا كانت الإبل بأعيانها والدواب فهو مثل الأجير في الخدمة. وقال أبو حنيفة: إن عجل الأجر وكفل الكفيل له بالأجر إن لم يوفه الخدمة والسكنى والزراعة فهو جائز، ويأخذ المستأجر الكفيل بالأجر الذي عجل له، فإذا أداه رجع به على الذي أجره، وكل شيء أبطلنا فيه الكفالة من هذا فالإجارة فيه جائزة نافذة إذا لم تكن الكفالة شرطاً في الإجارة. ولو أن رجلاً استأجر حمالاً يحمل له شيئاً فأخذ كفيلاً بالحمولة كان ذلك (¬3) باطلاً لا يلزم الكفيل منه شيء، لأنه اشترط على الحمال أن يحمله بنفسه. فإذا سلم الرجل ثوباً إلى الخياط يخيطه له بأجر مسمى وأخذ منه كفيلاً بخياطة الثوب، فإن كان صاحب الثوب اشترط على الخياط أن يخيطه بيده فالكفالة باطل. وكذلك النسج وكل عمل من صياغة أو قصارة أو خياطة أو شيء من صناعة الآنية كلها إذا اشترط عليه عمله بيده في ذلك. وإن لم ¬

_ (¬1) م ص - له. (¬2) جمع بعير. (¬3) م ص - ذلك.

باب إجارة الظئر

يشترط عليه عمله بيده فإن الكفيل يؤخذ (¬1) بذلك، لأن الخياط يخيط الثوب عنده أجيره وغلامه وشريكه. وكذلك إذا كفل به عنه رجل. وكذلك الصبّاغ إذا أخذ كفيلاً بهذه الصّباغة (¬2) فعملها، وبالحمولة فحملها، فإنه يرجع به الكفيل على المكفول عنه بأجر مثل ذلك بقيمته بالغاً ما بلغ، لأنه كفل بأمره، وأخذ بالعمل الذي كان في عنق ذلك الرجل، فعليه قيمة ذلك العمل يوم ضمن. ... باب إجارة الظئر محمد قال: حدثنا محمد بن الفرات عن زيد بن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترضع لكم الحمقاء، فإن اللبن يُفسد" (¬3). وإذا استأجر الرجل ظئراً ترضع له صبياً سنتين حتى تفطمه بأجر معلوم كل شهر فهو جائز، وطعام الظئر وكسوتها على نفسها، وترضع الصبي في بيتها إن شاءت، وليس عليها أن ترضعه في بيت أبيه. فإن اشترطت كسوتها في كل سنة ثلاثة أثواب زُطِّية (¬4) أو صنف غير ذلك ¬

_ (¬1) م ص: لا يؤخذ. (¬2) ص: الصناعة. (¬3) م ف ب: يفسده. والتصحيح من الكافي، 1/ 203 و؛ والمبسوط، 15/ 119. وفي المراسيل لأبي داود عن زياد السهمي قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسترضع الحمقاء فإن اللبن يشبه. انظر: المراسيل، 182. ومن طريقه رواه البيهقي. انظر: السنن الكبرى، 7/ 464. وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسترضعوا الورهاء"، قال يونس بن حبيب: الورهاء الحمقاء. رواه الطبراني في المعجم الصغير والبزار إلا أنه قال: "لا تسترضعوا الحمقاء فان اللبن يورث"؛ وإسنادهما ضعيف. وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن رضاع الحمقاء. رواه الطبراني في المعجم الأوسط، وفيه عباد بن عبد الصمد، وهو ضعيف. انظر: المعجم الأوسط للطبراني، 1/ 27؛ والمعجم الصغير للطبراني، 1/ 100؛ ومجمع الزوائد للهيثمي، 4/ 262. (¬4) م ص ف: زطي.

واشترطت عند الفطام دراهم مسماة وقطيفة ومِسْحاً (¬1) وفِراشاً فإن أبا حنيفة قال في ذلك: هذا جائز، وقال: أستحسن في الظئر فأجيزه، ولا أجيزه في غيرها، وقال: في ذلك وسط (¬2) من الثياب والمتاع. وقال أبو يوسف ومحمد: هذا كله فاسد، ولها أجر مثلها فيما أرضعت. وفي قياس قول أبي حنيفة إن اشترطت طعامها عليهم فهو جائز. وفي قياس (¬3) قول أبي يوسف ومحمد: لا يجوز. وقال أبو يوسف ومحمد: إن سموا لها ذرع كل ثوب وعرضه وطوله ورقعته وجنسه وضربوا له أجلاً مسمى فهو جائز. وكذلك الطعام إن سموا لها كل يوم كيلاً من الدقيق معروفاً فهو جائز. ولو اشترطوا عليها أن ترضع الصبي في منزلهم فهو جائز. فإن كان لها زوج معروف فآجرت نفسها بغير إذنه والزوج معروف يعرف (¬4) أنها امرأته فللزوج أن يبطل الإجارة. ولو كان الزوج مجهولاً لا يعرف إلا بقولها فليس له أن ينقض الإجارة. وإن هلك الصبي بعد سنة فلها أجر ما مضى، ولها ما اشترطت من الكسوة، وما اشترطت عند الفطام فبحساب ذلك. ولو ضاع الصبي من يديها أو وقع فمات أو سرق الصبي أو سرق من ثياب الصبي شيء أو سرق من حلي الصبي شيء لم يضمن الظئر من ذلك شيئاً، فإن اتهموا الظئر بشيء من ذلك فعليها اليمين بالله، وليس هذا مثل الأجير المشترك؛ ألا ترى أن هذه ليس لها أن تأخذ في غير عملهم، ولا أن تشغل نفسها عن رضاع الصبي. وليس عليها من عمل أبوي الصبي إن كلفوها عجناً أوطبخاً أو خبزاً، ¬

_ (¬1) المِسْح بَلاس الرهبان، والمِسح الكساء من الشعر، والجمع القليل أمساح والكثير مسوح. انظر: المغرب، "مسح"؛ ولسان العرب، "مسح". (¬2) م ص ف: وسطا. (¬3) كلمة "قياس" ساقط من الكافي، 1/ 203 و. (¬4) ص - يعرف.

فليس لهم ذلك إلا أن تشاء هي ذلك. وأما عمل الصبي وغسل ثيابه وما يصلحه مما يعالج به الصبيان من الريحان والدهن فهو على الظئر، ليس على أهل البيت من ذلك شيء إلا أن يشاؤوا هم ذلك. فإن كان الصبي يأكل الطعام فليس على الظئر أن يشتري له الطعام، ولكن ذلك كله على أهله، وعليها أن تهيئه له. وإن أراد أهل الصبي أن يخرجوا الظئر قبل الأجل فليس لهم ذلك إلا من عذر، والعذر في ذلك أن لا يأخذ الصبي من لبنها، أو تحمل فيخافون على الصبي من ذلك، أو تكون سارقة فيخافون على متاعهم، أو تكون فاجرة بينة (¬1) فجورها فيخافون على صبيهم، فهذا عذر، أو يريدون سفراً بصبيهم (¬2) فتأبى أن تخرج معهم، فهذا عذر. وليس للظئر أن تخرج من عندهم إلا من عذر، وعذرها مرض لا تستطيع معه الرضاع، فهذا عذر لها، وإن كانوا يؤذونها بألسنتهم كفوا عنها، وإن أساؤوا (¬3) أخلاقهم معها كفوا عنها، وإن لم يكفوا عنها كان لها أن تخرج. وإن كان الزوج قد سلم الإجارة فأرادوا أن يمنعوه من غشيانها مخافة الحبل وأن يضر ذلك بصبيهم (¬4) فإن لهم أن يمنعوه ذلك في منزلهم، وإن لقيها في منزله فله أن يغشاها، ولا يسع الظئر أن تمنعه نفسها، ولا يسع أهل الصبي أن يمنعوها ذلك. ولا يسع الظئر (¬5) أن تطعم أحداً من طعامهم من غير أمرهم. فإن زارها أحد من ولدها فلهم أن يمنعوه من الكينونة عندها، ولهم أن يمنعوها من الزيارة إذا كانت تضر الصبي (¬6). وما كان من ذلك لا يضر بالصبي فليس لهم أن يمنعوها. ولو أن رجلاً أذن لأمته في التجارة فأجرت نفسها ظئراً لترضع صبياً ¬

_ (¬1) ص: بينا. (¬2) ص - بصبيهم؛ صح فوق السطر. (¬3) م ص ف: أسوا. (¬4) ف: لصبيهم. (¬5) م ف: للظئر. (¬6) م: للصبي.

لقوم فإن ذلك جائز. وكذلك العبد التاجر يؤاجر أمته ظئراً أو يستأجر ظئراً لصبي له فهو جائز. وكذلك الأمة المأذون لها في التجارة لها أن تؤاجر أمتها ظئراً أو عبدها للخدمة. وكذلك المكاتب يستأجر ظئراً أو يؤاجرها فهو جائز. فإن رد في الرق والظئر عنده انتقضت الإجارة. وإن كان هو الذي أجر أمته لم تنتقض الإجارة في قول أبي يوسف. وقال محمد: تنتقض في المكاتب. ألا ترى أن المال صار لغيره فكأنه مات عاجزاً (¬1). وإن مات أبو الصبي لم تنتقض الإجارة، لأنها للصبي، وأجر الصبي في ميراث الصبي. ولو مات أبواه جميعاً لم تنتقض الإجارة. ولو استأجروها لترضع صبيين لهم كل شهر بكذا وكذا درهماً فمات أحدهما فإنه يرفع عنها نصف الأجر (¬2). ولو استأجر ظئرين ترضعان صبياً واحداً كان ذلك جائزاً. فإن ماتت إحداهما وبقيت الأخرى بقيت بحصتها من الأجر، وحصتها النصف إذا كان لبنهما (¬3) واحداً. ولا يجوز بيع لبن بنات آدم وزناً ولا كيلاً على وجه من الوجوه. وليس يشبه البيع الإجارة. ولا بأس بأن يستعط الرجل بلبن امرأة، ويشوبه بدواء، ولو أصاب ثوبه لم يتنجس. ولو آجرت الظئر نفسها من قوم آخرين ترضع لهم صبياً، ولا يعلم أهل الصبي الأولون بذلك، فأرضعت حتى فرغت، فإنها قد أثمت، وهذه خيانة منها، ولها الأجر كاملاً على هؤلاء وعلى الأولين، ولا تتصدق بشيء منه. ولا بأس بأن يستأجر الرجل المسلم الظئر اليهودية والنصرانية ¬

_ (¬1) م: تاجرا. (¬2) م: الأجره. (¬3) م: لبنها.

والمجوسية ترضع ولده. ولا بأس بأن يُرضَع الولد (¬1) بلبن الفاجرة التي قد ولدت من الفجور. وإذا استأجر الرجل ظئراً ترضع صبياً له في بيتها، فدفعته إلى جاريتها، فأرضعته حتى مضى الأجل، فلم ترضعه هي، فلها أجرها. وإن كانت ترضعه هي مع جاريتها فلها الأجر أيضاً تاماً. وإن لم ترضعه هي فليس لخادمها أجر إلا الذي اشترطت. فإن أرضعته هي حولاً ثم يبس لبنها فأرضعته خادم (¬2) لها حولاً فإن لها أجرها كاملاً. ولو كانت هي ترضعه يوماً وخادمها يومين أو ثلاثة ثم ترضعه يوماً فلها الأجر كله كاملا. ولو يبس لبنها فاستأجرت له ظئراً حتى مضى الحولان كان الأجر عليها، ولها الأجر كاملاً. وإذا أراد الرجل امرأته أن تُرضِع ولدَه منها فأبت عليه فلها ذلك، وليس له أن يستكرهها على رضاعه (¬3). فإن استأجرها على رضاعه بأجر معلوم ففعلمت ذلك فلا أجر لها. وكذلك لو استأجر خادماً لها منها فلا أجر لها. ولو أنه استأجر مكاتبتها منها كان لها الأجر تاماً، لأن مال المكاتبة ليس بمال المولى. ولو كانت المرأة مطلقة طلاقاً بائناً فأرادها على أن ترضع ولده منها فأبت فلها ذلك، ولا تجبر على رضاعه. فإن استأجرها بأجر معلوم فلها الأجر عليه، وهو جائز. وكذلك لو استأجر خادمها (¬4) فهو جائز، ويؤخذ بالأجر (¬5). ولو وجد ظئراً ترضع بدون ذلك، فأبت المرأة أن تأخذ ذلك الأجر، وقالت (¬6): إني أريد أن يكون الصبي عندي، فلها ذلك، ويقال لأبي الصبي: استأجر للصبي ظئراً (¬7) ترضعه عند أمه، وليس على الأم من الرضاع شيء. ولو استأجر الرجل امرأته ترضع صبياً له من غيرها كان جائزاً، وكان عليه الأجر. وكذلك خادمها ومكاتبتها. ولو استأجر رجل مدبرة ¬

_ (¬1) م ف: الرجل. (¬2) م ص: خادما. (¬3) ص: على ذلك. (¬4) م ص ف: خادما. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 203 ظ. (¬5) م ص ف: بالأجره. (¬6) م: فقالت. (¬7) م ص ف + من.

لامرأته ترضع ولده منها وهي غير مطلقة في منزلها كان ذلك باطلاً، ولا أجر لها، لأن مدبرتها بمنزلة أمتها وبمنزلتها. ولو استأجر رجل أمه (¬1) أو أخته أو ابنته أو عمته أو خالته على أن ترضع صبياً له كان جائزاً، وعليه الأجر لهن (¬2). وكذلك كل ذي رحم محرم منه لهن (¬3) الأجر تاماً إذا أتممن (¬4) الرضاع. فإن أبت واحدة (¬5) من هؤلاء أن ترضع وأرادها هو على ذلك وقد استأجرها فإني لا أجبرها على ذلك إذا كن لا يعرفن (¬6) بمثل ذلك العمل. فإن كن يعرفن (¬7) بمثل ذلك فهو جائز عليها، وليس لها أن تترك ذلك إلا من عذر. ولو كان الصبي لا يأخذ إلا منها وقد ألفها لم تجبر على ذلك إذا أبت ذلك وكانت لا تعرف بذلك (¬8). ولو أن رجلاً استأجر ظئراً لترضع له صبياً في بيتها كل شهر بشيء، فجعلت تُوجِره، ترضعه ألبان الغنم، وتغذيه بكل ما يصلحه حتى استكمل الحولين، ولها لبن لم ترضعه منه شيئاً، أو ليس لها لبن، فليس لها الأجر، لأنها لم ترضعه. فإن جحدت ذلك وقامت بينة عليها فلا أجر لها. وإن لم تَقم عليها بينة وقالت: قد أرضعتُ، وحلفت على ذلك، فالقول قولها، وتأخذ الأجر. فإن أقاموا البينة جميعاً أخذت ببينتها، والقول قولها، والبينة بينتها. ولو استأجرت له ظئراً غيرها ترضعه كان مثل هذا في القياس، ولكني أستحسن أن يكون لها الأجر (¬9)، وتتصدق بالفضل. ولو أخذت مع ذلك صبياً آخر فأرضعتهما جميعاً حتى فطمتهما (¬10) غير أن ذلك أضر بهما فإن لها الأجر كاملاً من كل واحد منهما (¬11). ¬

_ (¬1) م ص: أمته. (¬2) م ص ف: لهم. (¬3) م ص ف: لهم. (¬4) م ص ف: إذا أتموا. (¬5) ص: بواحدة. (¬6) م ص ف: إذا كانوا لا يعرفون. (¬7) م ص ف: كانوا يعرفون. (¬8) ف: ذلك. (¬9) ف: أجر. (¬10) م: حتى فطمتها. (¬11) أي: وإن أضر ذلك بالصبيين.

باب إجارة الدور والبيوت

وإذا التقط الرجل لقيطاً فاستأجر له ظئراً فهو جائز، والأجر عليه، وهو متطوع في ذلك. وكذلك لو أن رجلاً استأجر لابن أخيه ظئراً وهو يتيم في حجره أو غير يتيم فإن الأجر عليه، وهو متطوع في ذلك. وكل يتيم ليس له أم ترضعه فعلى أوليائه (¬1) كل ذي رحم محرم منه أن يستأجر له ظئراً على قدر مواريثهم، فإن كان لا ولي له فعلى بيت المال. وكل لقيط فهو على بيت المال إذا لم يتطوع عليه أحد بشيء. قلت: أرأيت رجلاً استأجر ظئراً لترضع صبياً له إلى أجل فانقطع لبنها قبل الأجل؟ قال: لهم أن يحاسبوها بما أرضعت لهم وتخرج من عندهم. قلت: أرأيت إن كان الصبي هو الميت قبل الأجل؟ قال: فإن (¬2) لهم أن يتاركوها ويعطوها أجراً بمقدار ما أرضعت لهم. ... باب إجارة الدور والبيوت وإذا استأجر الرجل من الرجل داراً ولم يسم الذي يريدها له وسمى الأجر والسنة والشهر، أو قال: كل شهر (¬3) بكذا، فإن أبا حنيفة قال: هو جائز. وقال أبو حنيفة: له أن يَسكنها، وأن يُسكنها من شاء، وأن يضع فيها ¬

_ (¬1) م ص: أوليا؛ ف: أولياء. (¬2) ف - فإن. (¬3) م: شيء.

ما بدا له من الثياب والمتاع والحيوان، وأن يعمل فيها ما بدا له من الأعمال، ما خلا الرحى أن ينصب فيها أو الحداد والقصار، فإن هذا يضر بالبناء، فليس له أن يجعل فيها شيئاً من هذا، إلا برضى صاحب الدار، أو يشترط عليه في الإجارة. وهكذا قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: كل عمل يفسد البناء أو يوهنه فهو مثل الرحى والحداد والقصار. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر داراً ليسكنها كل شهر بأجر معلوم فهو جائز، وله أن يربط فيها دابته وبعيره وشاته، وأن يسكنها ضيفه، وله أن يؤاجرها من غيره، وأن يسكنها من أحب بغير إجارة. وقال أبو حنيفة: وإن أجرها بأكثر مما استأجرها فإنه يتصدق بالفضل، إلا أن يكون قد أصلح فيها شيئاً فيطيب له الفضل. وقال أبو حنيفة: إن سكنها (¬1) شهراً ثم أراد أن يخرج في الهلال، أو أراد صاحب الدار أن يخرجه في ذلك الوقت فذلك له، وهو جائز، ولكل واحد منهما أن ينقض الإجارة في رأس الشهر إذا كانت الإجارة كل شهر بكذا وكذا، فإن سكنها يوماً من الشهر الداخل أو يومين فإن أبا حنيفة رحمة الله عليه قال: ليس له أن يخرجه هذا الشهر الذي قد سكن فيه يوماً أو يومين إلا من عذر، وليس للمستأجر أن يخرج إلا من عذر، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل بيتاً في دار بأجر معلوم كل شهر ولم يسم أول الشهر فهو من أول يوم استأجره له شهراً كاملاً (¬2). وقال أبو يوسف ومحمد: إذا كان ذلك اليوم هو (¬3) يوم الهلال فإنها له من يوم الهلال إلى (¬4) حين يهل الهلال. فإن نقص الشهر يوماً كان عليه الأجر كاملاً لا ينقص منه شيء، لأنه قد استوفى الشهر. وإن كان ذلك اليوم في بعض ¬

_ (¬1) ص: إن أسكنها. (¬2) م ص ف: شهر كامل. (¬3) ص - هو. (¬4) ف - إلى.

الشهر فله ثلاثون يوماً لكل شهر، وكل ما سكنه فهو ثلاثون يوماً لكل شهر (¬1). وإذا استأجره سنة مستقبلة أولها هذا اليوم، وهذا اليوم لأربع عشرة مضين من الشهر، فإنه يسكنه بقية هذا الشهر وأحد عشر شهراً بالأهلة وستة عشر يوماً من الشهر الباقي حتى يستكمل اثني عشر شهراً، شهر (¬2) منها بالأيام وأحد عشر شهراً بالأهلة على ما وصفت لك. وإذا استأجر الرجل بيتاً في علو دار شهراً فهو جائز، وكذلك المنزل في العلو، وكذلك المنزل في السفل ليس له علو، وكذلك منزل على ظُلّة على ظهر الطريق فهو جائز. ولو استأجر الرجل بيتاً على أن يُقعد فيه قصاراً فهو جائز. فإن أراد أن يكون فيه حداداً فإني أنظر في ذلك، فإن كان مضرتهما واحدة أو مضرة (¬3) الحداد أقل كان له أن يتخذ ذلك، وإن كانت أكثر مضرة لم يكن له ذلك. وكذلك الرحى. وإذا استأجر المكاتب داراً أو أجرها فهو جائز. وكذلك العبد التاجر. وكذلك الأمة التاجرة. وكذلك أهل الذمة والمستأمن (¬4) من أهل الحرب في الأمصار كان أو غيرها. وإذا استأجر الرجل داراً سنة بأجر معلوم فسكنها ولم يضرب للأجر أجلاً، فإن أبا حنيفة كان يقول في هذا: لا يأخذ الأجر إلا في آخر السنة، ثم قال بعد ذلك: يأخذ الأجر لكل يوم بحسابه، وهو قول أبي يوسف ومحمد. وأن كان شرط في الإجارة أن الأجر عند انقضاء السنة فهو كما شرط. وكذلك إن كان شرط أجر كل شهر عند انقضائه فهو جائز. وكذلك لو شرط تعجيل (¬5) الأجر فهو جائز، وعليه أن يعجله. وكذلك لو شرط ¬

_ (¬1) ف - وكل ما سكنه فهو ثلاثون يوماً لكل شهر. (¬2) ص ف - شهر؛ صح ص فوق السطر. (¬3) م: ومضرة. (¬4) ص: والمستأجر. ويظهر أن نسختي م وف كانتا كذلك ثم صححا. (¬5) م ف: تعجل.

تأخير الأجر بعد انقضاء السنة إلى شهر مسمى فهو جائز. وإذا استأجر الرجل من أهل الذمة داراً بالكوفة من رجل مسلم سنة بأجر معلوم فهو جائز. فإن (¬1) كان الذمي نصرانياً فاتخذ فيها مصلى يصلي فيه خاصة دون الجماعة وأراد رب الدار أن يمنعه، فليس لرب الدار أن يمنعه أن يتخذ فيها مصلى لنفسه خاصة، فإن (¬2) أراد أن يتخذ فيها مصلى للعامة أو يضرب فيها بالناقوس فلرب الدار أن يمنعه ذلك، وليس ذلك من قبل أنه يملك الدار، ولكن من قبل أني أكره أن يحدث في أمصار المسلمين، ولرجل من المسلمين أن يمنعه ذلك كما يمنعه رب الدار. وكذلك لو أراد أن يبيع فيها الخمر منعه ذلك، ولا ينبغي أن يظهر بيع الخمر في أمصار المسلمين، ولرجل من المسلمين أن يمنعه ذلك كما يمنعه رب الدار، من قبل أن هذا فسق، ولا ينبغي أن يظهر في أمصار المسلمين. ولو كان هذا داراً بالسواد أو بالجبل كان للمستأجر أن يصنع ما شاء من ذلك. وليس للذمي أن يدخل خمراً في مصر من (¬3) أمصار المسلمين. ولو كان المستأجر مسلماً فظهر منه فسق في الدار أو دعارة أو كان يجمع فيها على الشراب منع من ذلك كله. وليس لرب الدار أن يخرجه من الدار من أجل ذلك، ولكن يمنعه من ذلك كله. وكذلك الذمي الذي وصفنا في هذا الكتاب ليس لرب الدار أن يخرجه من الدار، ولكن يمنعه من ذلك. وإذا استأجر الرجل داراً فسقط منها حائط فأراد المستأجر أن يخرج من الدار قبل انقضاء الأجل لسقوط (¬4) ذلك الحائط فإني أنظر في ذلك، فإن كان سقوط ذلك الحائط يضر بالسكنى فله أن يخرج إلا أن يبنيه رب الدار، وإن (¬5) كان لا يضر بالسكنى فليس له أن يخرج. وإن كان رب الدار غائباً فليس له أن يخرج، وإن خرج لزمه الأجر. وإن سقط منها شيء فهو مثل الحائط. وإن سقطت الدار كلها فله أن يخرج إن ¬

_ (¬1) م ف: فإن. (¬2) م ص: كان. (¬3) ف - مصر من، صح هـ. (¬4) ف: بسقوط. (¬5) م: فإن.

كان صاحب الدار شاهداً أو غائباً، وهذا عذر. وهو قول محمد (¬1). وإذا استأجر الرجل داراً سنين مسماة بأجر معلوم، فلم يدفعها إليه رب الدار حتى مضى من تلك السنين شهر أو شهران، ثم دفعها إليه رب الدار، فأبى المستأجر أن يقبلها، فإني أجبره على قبضها. وكذلك لو كان طلبها منه فمنعه إياها (¬2) أو لم يطلبها منه فهو سواء، وله أن يدفعها إليه فيما بقي. أرأيت لوطلب رب الدار إليه أن يأخذها فأبى شهراً أو شهرين ثم بدا له فأراد أخذها هل لرب الدار أن يمنعه ذلك، ليس له أن يمنعه شيئاً من ذلك. ومتى ما ارتفعوا إلى الحاكم أجبر المستأجر على قبضها فيما بقي إلا أن يكون له عذر. وإذا استأجر الرجل داراً فدفعها إليه رب الدار إلا بيتاً منها كان فيه متاع له وسكنها المستأجر فإنه يرفع عنه بحساب ذلك البيت. وكذلك لو دفعها كلها فسكنها شهراً ثم انتزع منها بيتاً فجعل فيه رب الدار متاعاً له فإنه يرفع عنه بحساب ذلك البيت بعد الشهر الأول. ولو أن رجلاً اغتصب الدار من المستأجر أو بيتاً منها لم يكن للمؤاجر على المستأجر أجر في الغصب. وإذا استأجر الرجل داراً بدراهم مسماة كل شهر فهو جائز. وكذلك الدنانير. وكذلك الفلوس. وكذلك الذهب التجر بعد أن يسمي جيداً أو رديئاً أو وسطاً. وكذلك الفضة التبر. وكذلك كل كيل يستأجر به داراً أو بيتاً وسمى الكيل ونوعه وصفته. وكذلك الوزن. وإن ترك شيئاً من هذا لم يسمه فسدت الإجارة. وإن اشترط هذا كله وضرب له أجلاً فهو جائز، وإن لم يضرب له أجلاً فهو جائز. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ويوفيه ذلك إذا كان له حمل ومؤنة عند الدار. وإن لم يكن له حمل ولا مؤنة أوفاه حيث شاء. وإذا استأجرها بثياب وسمى أجناسها والرُّقْعَة (¬3) والطول والعرض والأجل فهو جائز، وإن لم يسم الأجل فسدت الإجارة. وأما الحيوان ¬

_ (¬1) وليس فيه خلاف في المذهب انظر: المبسوط، 15/ 136. (¬2) ص: فمنعها إياه. (¬3) يقال: رقعة هذا الثوب جيدة، يراد غِلَظُه وثخانته. انظر: المغرب، "رقع".

والرقيق فإنه لا يجوز أن يستأجر به (¬1) داراً ولا بيتاً ولا غير ذلك إلا أن يكون شيء من ذلك قائماً بعينه. وكذلك الآنية كلها من الذهب والفضة وغير ذلك. وإذا استأجر الرجل داراً بعبد (¬2) بعينه سنين مسماة فهو جائز. فإن أعتق رب الدار قبل أن يدفع الدار إلى المستأجر وقبل أن يقبضه المؤاجر فعتقه باطل، لأنه لم يجب له فيه شيء. فإن كان المستأجر دفع العبد إليه ولم يقبض الدار حتى أعتقه رب الدار فعتقه جائز. فإن تمت السكنى فعتقه جائز، ولا شيء عليه. وإن انهدمت الدار قبل القبض أو غرقت أو استحقت أو مات أحدهما فعلى (¬3) المعتق قيمة العبد كله، وعتقه (¬4) فيه جائز، لأنه سَلَّطه عليه وملّكه إياه ودفعه إليه. ولو لم يكن شيء من ذلك ولم يقبض العبد حتى سكن الدار شهراً، ثم أعتقا جميعاً العبد وهو في يد المستأجر، فإنه يجوز عتق رب الدار فيه بقدر أجر شهر. ويجوز عتق المستأجر فيما بقي من العبد، وتنتقض الإجارة. ألا ترى أن العبد لو مات بعد شهر انتقضت الإجارة (¬5) وكان عليه أجر مثلها شهراً. ولو كان استكمل السكنى ثم مات العبد قبل أن يسلم إليه واستحق كان عليه أجر مثلها. وهكذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك كل حيوان أو عرض من العروض يستأجر به داراً أو بيتاً فاستوفى السكنى، وهلك ذلك الشيء في يده قبل أن يسلم إليه، كان عليه أجر مثله. ولو كان المستأجر دفع العبد ولم يسلم الدار حتى أعتق المستأجر فعتقه باطل، لأنه قد خرج من ملكه حين دفعه إلى رب الدار (¬6). ¬

_ (¬1) م ص: له. (¬2) م + بعبد. (¬3) ص + المستحق. (¬4) م ص ف: في عتقه. والتصحيح من ب. (¬5) ص - ألا ترى أن العبد لو مات بعد شهر انتقضت الإجارة. (¬6) ف + حتى أعتق المستأجر فعتقه باطل لأنه قد خرج من ملكه حين دفعه إلى رب الدار.

ولو أن رجلاً آجر داراً من رجل سنة بأجر معلوم فسكنها فاستكمل السكنى ثم استحقها رجل، فإن الأجر للمؤاجر على المستأجر، ولا يكون لرب الدار، لأن المؤاجر كان ضامناً غاصباً، والأجر له بضمانه (¬1). وهذا قول أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: عليه أن يتصدق به، ولا يجبر عليه. وإن انهدمت من السكنى ضمن الساكن ويرجع به على المؤاجر. وهو قول محمد. وإذا استأجر الرجل داراً أشهراً مسماة بأجر معلوم ثم أراد رب الدار أن يأخذ بالأجر بَيْعاً (¬2) من المستأجر برضى من المستأجر فلا بأس بذلك، وهو جائز. وكذلك الفَامِي (¬3) يستأجر البيت يبيع فيه كل شهر بأجر معلوم وكان رب البيت يأخذ منه الدقيق والسويق والزيت والسمن يشتري ذلك منه من أجر البيت قبل أن ينقضي الشهر، وكذلك بعدما انقضى الشهر فهو جائز. ولو أن رب البيت أراد أن يتعجل الأجر كله قبل الهلال وأبى المستأجر أن يعطيه من ذلك بقدر ما وجب له فإنه يجبر المستأجر على أن يعطيه من ذلك بقدر ما وجب له. ولو أن رجلاً استقرض من رب البيت أجر البيت شهرين، فأمر رب البيت الفامي المستأجر أن يعطيه ذلك، وكان الرجل يشتري به (¬4) من الفامي السويق والدقيق والزيت والسمن حتى استوفى أجر (¬5) الشهرين فهو جائز، وليس للفامي على المستقرض شيء، ولكن لرب البيت على المستقرض أجر هذين الشهرين اللذين أخذ بهما (¬6) بيعاً، وقد برئ الفامي (¬7) منهما. وكذلك لو أخذ ديناراً فيما يأخذ كان جائزاً، من قبل أن الأجر قرض عليه، فله أن يأخذ به ما شاء من صرف أو غيره. وكذلك ¬

_ (¬1) م ص ف: ضمانه. والتصحيح من ب. (¬2) أي: مبيعاً. وقد تقدم هذا الاستعمال، أي: استعمال البيع بمعنى المبيع، عند المؤلف مرات عديدة. (¬3) ص: القامي. الفامي بتشديد الياء السُّكَّري، وهو الذي يسميه العوام البَيّاع. انظر: المغرب، "فوم". (¬4) ف - به. (¬5) ف - أجر. (¬6) ف: أخذهما. (¬7) م: القاضي.

لو كان للفامي على الرجل دينار وأجر البيت عشرة دراهم كل شهر، فمضى شهران، ثم أمر رب البيت الفامي أن يدفع أجر هذين الشهرين إلى هذا الرجل قرضاً عليه، ورضي الرجل بذلك، فهو جائز. فإن قاصّه بالدينار الذي له عليه وأخذ بالفضل بيعاً دقيقاً أو غيره فهو جائز في العروض والدينار، وعليه الدراهم، وليس هذا بصرف فيما بين رب البيت والمستقرض، ولكنه صرف فيما بين المستقرض والفامي (¬1). وهذا كله قول أبي يوسف ومحمد. ثم رجع أبو يوسف عن الصرف خاصة إذا لم يمض الشهران ولم يجب الأجر، وقال: لا يجوز. ولو كان رب البيت أقرضه الدراهم (¬2) على أن يرد عليه ديناراً بعشرة دراهم فإن هذا لا يجوز، فإن أحاله على هذا الوجه بالدراهم فقاصّه بالدينار (¬3) وأخذ ببقيتها بَيْعاً فإنما له عليه عشرون درهماً، واشتراطه عليه الدينار باطل لا يجوز، وهذا الآن صرف بنسيئة، فلذلك لا يجوز. ولو أن هذا الفامي (¬4) لم يكن وجب عليه أجر هذين الشهرين، ولكن رجل استقرض من رب البيت أجر هذين الشهرين، فأمر الفامي (¬5) أن يعطيه إياه وأن يعجله (¬6) له فطابت نفس الفامي (¬7) بذلك، فأعطى الرجل به دقيقاً أو زيتاً أو ديناراً بعشرة منها، ثم مات رب البيت قبل أن يسكن الفامي (¬8) شيئاً من هذين الشهرين أو انهدم البيت فإن الفامي (¬9) لا يرجع على الرجل ¬

_ (¬1) ص: القارض. (¬2) م ف: الدرهم. (¬3) ص - فقاصه بالدينار. (¬4) م ف: العارض؛ ص: القارض. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، 15/ 138. (¬5) م ف: العارض؛ ص: القارض. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، الموضع السابق. (¬6) ف: يعجل. (¬7) م ف: العارض؛ ص: القارض. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، الموضع السابق. (¬8) م ف: العارض؛ ص: القارض. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، الموضع السابق. (¬9) م ف: العارض؛ ص: القارض. والتصحيح مستفاد من ب؛ والمبسوط، الموضع السابق.

بشيء، ولكنه يرجع على رب البيت بعشرين درهماً، ويرجع رب البيت على الرجل بعشرين درهماً قرضاً عليه. وكذلك لو استحق البيت أو باعه من عذر في قول أبي يوسف الأول، وهو قول محمد. وقال أبو يوسف بعد ذلك: يرجع على رب البيت بقدر ما أعطى هذا من البيع، فأما حصة الدينار فإنه يرجع بالدينار بعينه على الذي كان عليه الأصل. ولو أن رجلاً استأجر داراً يسكنها بسكنى دار أخرى فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد لا يجوز. وقال: إن استأجرها بخدمة عبد شهراً أو بركوب دابة إلى موضع معلوم فهو جائز. وكذلك لو استأجر عبداً شهراً بسكنى دار شهراً فهو جائز. وكذلك الرجل يستأجر البيت بالعلو بأجر معلوم فهو جائز. وكذلك المنزل بالعلو. وكذلك السفل الذي علوه لغيره. وكذلك منزل على ظُلّة على ظهر (¬1) الطريق آجره رجل فهو جائز. ولا يجوز أن يستأجر سكنى بسكنى ولا خدمة بخدمة. وإذا استأجر المجوسي (¬2) من المسلم داراً فهو جائز. وكذلك أهل الذمة. وكذلك المسلم يستأجر من أهل الذمة. وكذلك المرأة، فهي في ذلك مثل الرجل. وإذا استأجر الرجل داراً بثوب بعينه فهو جائز. وإن سكنها شهراً فليس لرب الدار أن يبيع الثوب من المستأجر ولا من غيره حتى يقبضه، لأنه بمنزلة البيع. ألا ترى أنه لو هلك الثوب قبل أن يدفعه كان على المستأجر (¬3) مثلها. وكذلك الحيوان، وكل عرض بعينه، وكل كيل أو وزن بعينه، وكل فضة أو ذهب تبر بأعيانهما. وكذلك القُلْب (¬4) الذهب والإناء الفضة يستأجر به رجل داراً فاستوفى السكنى ولم يدفع ذلك فليس له أن يبيعه حتى يقبضه. ولو آجر داراً بحنطة بكيل (¬5) معلوم ولم يسم جيداً ولا وسطاً ولا رديئاً فالإجارة فاسدة، وإن سمى جيداً فهو جائز. وله أن يبيعه ذلك قبل أن ¬

_ (¬1) ص - ظهر. (¬2) م ص ف: المجوس. (¬3) م + أجر. (¬4) هو السوار. وقد تقدم مراراً. (¬5) م ف: كيل.

يقبضه، ولا يفارقه حتى يقبض الثمن. وكذلك الوزن كله والكيل كله (¬1). وله أن يبيعه من المستأجر. فإن تفرقا قبل أن يقبض ثمنه انتقض البيع، بمنزلة رجل اشترى ثوباً بمختوم (¬2) حنطة جيد بغير عينه، فله أن يبيعه قبل أن يقبضه من الذي عليه القرض، فإن فارقه قبل أن ينقده انتقض (¬3) البيع، وليس له أن يبيع من غيره. وكذلك الإجارة بالكيل والوزن بغير عينه بعد أن سمى جيداً أو وسطاً فهو مثل ذلك، وله أن يبيعه من المستأجر قبل أن يقبضه، فإن قبض ثمنه قبل أن يفترقا فهو جائز، وإن تفرقا قبل أن يقبض الثمن انتقض البيع. ولو أن رجلاً استأجر داراً بثوب بعينه وبدراهم كان جائزاً. وكذلك لو اشترط مع ذلك قفيز حنطة جيد بغير عينه أو بعينه (¬4) فهو جائز. وكذلك لو استأجره بثوب وبخدمة عبد شهراً فآجر رب الدار العبد ذلك الشهر بدراهم فهو له، وإن (¬5) كان فيه فضل فهو له طيب، ولا يتصدق به. وليس هذا كالذي يستأجر بيتاً بدراهم ثم يؤاجره بفضل دراهم. ولو استأجر بيتاً [بثوب] (¬6) فأجره بدراهم أكثر من قيمة الثوب طاب له الفضل، إذا اختلف الذي أجره له والذي استأجره له طاب له (¬7) الفضل. إنما يكره من ذلك أن يستأجر بدرهم فيؤاجره بدراهم أكثر منها، أو يستأجره بطعام، فيؤاجره بأكثر (¬8) من الطعام. فإن أجره بشعير أكثر من قيمته فهو جائز. وإن باع الثوب قبل أن يقبضه وقبضه المشتري فإن البيع مردود. فإن وجد (¬9) الثوب أخذه، وإن وجده مستهلكاً أخذ قيمته. وكذلك لو أجرها بركوب دابة شهراً أو أجرها رب الدار بعدما قبضه بعشرة دراهم ذلك الشهر فهو جائز. وإن أجرها مستأجر الدار فهو باطل، ورب الدار أولى بها. فإن حبسها عنه حتى يمضي ذلك الشهر فله أجر مثل الدار كله. وإذا استأجر داراً سنة بثمانية دراهم وعشرين قفيز (¬10) حنطة جيدة، ¬

_ (¬1) ف - والكيل كله. (¬2) مكيال معروف. وقد تقدم. (¬3) ص - انتقض؛ صح هـ. (¬4) ص: أو بغير. (¬5) ص + وإن. (¬6) الزيادة من الكافي، 1/ 204 ظ. (¬7) ف - له. (¬8) م ص+ منه. (¬9) ف: وجده. (¬10) ص: قفيزا.

فسكنها السنة، ثم إن رب الدار اشترى بالدراهم والحنطة دابة من المستأجر بعينها، فهو جائز. وإن تفرقا قبل أن يقبضها فهو جائز. وكذلك كل شيء اشترى به بعينه فهو جائز (¬1)، لأن العين بعينه، يطيب له الفضل. ولو كان باعه الحنطة بدراهم ثم تفرقا قبل أن يقبضها كان فاسداً، لأنه دين بدين. ولو باعه الحنطة بشعير بعينه ثم تفرقا قبل أن يقبضها كان جائزاً، لأنه بعينه. ولو كان بغير عينه وشرط له شعيراً جيداً، فإن قبض قبل أن يتفرقا فهو جائز، وإن تفرقا قبل أن يقبض فهو باطل، لأنه دين بدين، ولأنه بغير عينه. وكذلك الزيت والسمن وكل شيء يوزن أو يكال. فإن قبض الطعام والدراهم فوجد في الدراهم زَيْفاً (¬2) وفي الطعام عيباً كان له أن يرد ذلك ويستبدله بعد أن يقر المستأجر أنه أعطاه ذلك. ولو جحد وقال: ليس هذا مما أعطيتك، فإن القول قول رب الدار مع يمينه. وكذلك لو شهد له أنه قد (¬3) قبض منه كذا وكذا درهماً وكذا وكذا قفيز حنطة فإن القول قوله في الزَّيْف والنَّبَهْرَج (¬4) وأن الطعام به عيب (¬5). فإن قال: قد قبضت منه من أجر الدار عشرة دراهم وقفيز حنطة، ثم جاء بدراهم زُيُوف أو سَتُّوق (¬6) أو نَبَهْرَج أو بقفيز حنطة فيه عيب ليرده، فإن القول قول المستأجر في ذلك، ولا يصدق ¬

_ (¬1) ف - وإن تفرقا قبل أن يقبضها فهو جائز وكذلك كل شيء اشترى به بعينه فهو جائز. (¬2) زَافَتْ عليه دراهمُه أي: صارت مردودة عليه لِغِشٍّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، زيف. وقال السرخسي: ثم الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬3) م ص - قد. (¬4) النَّبَهْرَج والبَهْرَج الدرهم الذي فضته رديئة، وقيل: الذي الغلبة فيه للفضة، إعراب نَبَهْرَه. وقيل: المُبْطَل السِّكّة. انظر: المغرب، "بهرج"؛ والقاموس المحيط، "نبج". (¬5) م ص ف: والطعام له أن العيب. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 204 ظ. (¬6) قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، ستق. وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144.

رب الدار أنه زَيْف، لأنه قد أقر أنه قبض أجر الدار الدراهم. أرأيت لو قال: قد قبضت منه أجر الدار كله، ثم جاء فقال: وجدتها زُيُوفاً، أكان يصدق عليه، لا يصدق على شيء من ذلك إذا أقر أنه قد أخذه من أجر الدار. ولو قال: قد (¬1) استوفيت أجر الدار، ثم جاء بعد ذلك فقال: وجدتها زُيُوفاً، لم يصدق ببينة ولا بغيرها. ولو أجرها بثوب بعينه فقبضه، ثم جاء به يريد رده من عيب، فقال المستأجر: لم يكن هذا فيه، فالقول قول المستأجر، وعلى رب الدار البينة. فإن جاء رب الدار ببينة رده وأخذ قيمته سكنى وهو أجر مثلها، وإن لم يأت ببينة حلف المستأجر ما كان هذا فيه، وبرئ (¬2) منه. ولو كان حدث به عيب عنده لم يستطع رده، ولكنه يرجع بفضل العيب المدلس بقدر ذلك من أجر مثلها. وكذلك كل حيوان أو عرض من العروض يستأجر به الرجل بعينه. ولو كان رب الدار باع ذلك لم يكن له أن يرجع بعيب. وكذلك لو قبلت بغير قضاء قاض. ولو لبس الثوب بعدما رأى العبد كان هذا رضى منه بالعيب ولم يرجع بشيء. ولو استوفى المستأجر السكنى وأوفى الأجر ثم خرج من الدار وفيها (¬3) تراب كثير ورماد كثير، فقال رب الدار للمستأجر: أخرجه، وقال المستأجر: بل إخراجه عليك، والمستأجر مقر أنه من كُناسته ورماده، فإن على المستأجر أن يخرج ذلك كله. وكذلك كل سِرقين وزِبْل. أرأيت لو مات للمستأجر دابة فيها أما كان عليه إخراجها، أو ترك فيها دناناً أو حِبَاباً (¬4) مكسورة أما كان عليه إخراج ذلك. فإن كانت فيها بالوعة أو كِرْيَاس (¬5) قد امتلأ ذلك من فِعال المستأجر وأهله فإن هذا في القياس مثل الباب الأول، ولكن أدع القياس في هذا، ولا أجعل على المستأجر ما غيبت الأرض من ¬

_ (¬1) ص - قد. (¬2) ص: فبرئ. (¬3) م ص ف: وما فيها. (¬4) حِبَاب جمع حُبّ بمعنى الجرة الضخمة. انظر: لسان العرب، "حبب". (¬5) الكرياس: الكنيف، وقيل: هو الكنيف الذي يكون مشرفاً على سطح بقناة إلى الأرض. قال الأزهري: سمي كرياساً لما يعلق به من الأقذار فيركب بعضه بعضاً ويتكرس. وقيل: كرناس بالنون. انظر: لسان العرب، "كرس".

ذلك، إنما عليه ما ظهر. ولو اختلفا فيما ظهر، فقال المستأجر: استأجرتها وهو فيها، وقال رب الدار: بل هو من فعلك، فإن القول قول المستأجر في ذلك مع يمينه، ولا يؤخذ بإخراجه، إلا أن يقيم بينة (¬1) أنه (¬2) من فعاله. ولو اشترط رب الدار على المستأجر حين آجره إخراج ما أحدث فيها من تراب أو سِرقين، كان ذلك جائزاً، لأنه عليه وإن لم يشترط، وكذلك إذا اشترطه. ولو استأجر فَامِي من الرجل بيتاً، فباع فيه زماناً، ثم خرج منه واختلفا فيما فيه (¬3) من الأواني (¬4) التي تكون فيها البيع والرفوف (¬5) التي فيه على (¬6) هذه (¬7) الأواني والتَّخَاتِج (¬8) التي قد بني عليها (¬9) البناء، فقال رب البيت: كان هذا في بيتي حين استأجرته، وقال المستأجر: بل أنا أحدثته، فإن القول في ذلك قول المستأجر مع يمينه. وكذلك الطحان إذا خرج من البيت فأراد أن يأخذ متاع الرحى وما كان تحتها من بناء وخشبها الذي منها وأساطينها فذلك كله للطحان المستأجر، وليس لرب البيت من ذلك شيء. وكذلك القصّار والقلاّء (¬10) والحدّاد وكل بناء نحو هذا، نحو قِدْر أو مِقْلَى أو كِير الحدّاد والصائغ، فهو كله للمستأجر مع يمينه. وكذلك ما أشبه هذا من الأوعية والآنية والأداة التي تكون للصناع والعمال. ولو أن رجلاً استأجر أرضاً ليطبخ فيها الآجُرّ والفَخَّار بأجر مسمى فهو ¬

_ (¬1) م + على. (¬2) م: أنها. (¬3) م ص: بينه. (¬4) ص - من الأواني. (¬5) م: والرقوف. (¬6) ب: عليها. وما عند الحاكم موافق لما في المتن. انظر: الكافي، 1/ 204 ظ. (¬7) م ص ف: هذا. (¬8) التخاتج جمع تَخْتَج قياساً، وهو تعريب تَخْتَه. انظر: المغرب، "تختج". (¬9) م ص ف: عليه. (¬10) م ص ف: والعلاف. والتصحيح من الكافي، 1/ 205 و، والمبسوط، 15/ 142. والقَلّاء هو الذي يصنع القَلِيَّة، وهي مَرَقَة تُتخذ من لحوم الجزور وأكبادها، والقلاء أيضا هو الذي يقلي البر للبيع. انظر: لسان العرب، "قلي".

جائز. وإن اختلفا في الأتون الذي يطبخ فيه الآجر، فقال رب الأرض: أنا بنيته وآجرتكه، وقال (¬1) المستأجر: بل بنيته أنا، فالقول قول المستأجر في هذا، لأني رأيت المستأجر هو الذي يبني فيها، فالقول قوله مع يمينه. ولو اختلف رب الدار والمستأجر في بناء من بناء الدار غير ما ذكرنا، أو في باب أو في خشبة أدخلها في السقف، فقال رب الدار: أنا أجرتك وهذا فيها، وقال المستأجر: أنا أحدثته، فإن القول في هذا (¬2) قول رب الدار مع يمينه. وكذلك كل حائط أو فَرْش (¬3) بآجُرّ أو تجصيص أو تطيين أو باب مركَّب أو غَلَق (¬4) في باب أو ميزاب، فإن القول قول رب الدار مع يمينه. وما كان في الدار من لَبِن موضوع رطب أو يابس أو جذع موضوع أو آجُرّ أو جص (¬5) فهو للمستأجر، والقول فيه قوله مع يمينه. وإنما هذا عندنا بمنزلة متاعه في الدار وثيابه. فإن أقاما جميعاً البينة على كل شيء جعلنا القول قول المستأجر، والبينة بينة رب الدار. ولو كان في الدار بئر ماء مطوياً أو بالوعة محفورة وقال المستأجر: أنا أحدثتها، وأنا (¬6) أقلع بنائي، فالقول في ذلك قول رب الدار مع يمينه، وإن قامت لهما بينة أخذت (¬7) ببينة المستأجر. وكذلك الخُصّ (¬8) والسُّتْرَة (¬9) والدرج والخشب المبني في البناء. ولو أراد المستأجر قلع تنور في الدار وقال: أنا أحدثته، ¬

_ (¬1) ف: فقال. (¬2) ص - في هذا. (¬3) ص: أو غرس. (¬4) الغَلَق بالتحريك المغلاق: وهو ما يغلق ويفتح بالمفتاح. انظر: المغرب، "غلق". (¬5) م ف: وجص. (¬6) م ص: فأنا. (¬7) ص ف: آخذ. (¬8) م ص ف ب: الجص. وكذلك الكافي، 1/ 205 و. والتصحيح من المبسوط، 15/ 143. والخُصّ بيت من قَصَب. انظر: المغرب، "خصص". أما الجص فقد تقدم ذكره في المتن قبل قليل، فلا حاجة إلى التكرار، والله أعلم. (¬9) سُترة السطح ما يبنى حوله. وقيل: هي الظُّلّة، وهي شيء خفيف لا يمكن الحمل عليها. انظر: المغرب، "ستر".

وقال رب الدار: بل كان فيها، فالقول في ذلك قول المؤاجر مع يمينه، لأن هذا مثل البناء. ولو كان في الدار كُوَّارَات (¬1) نحل اختلفا (¬2) فيها كان القول فيها قول المستأجر. وكذلك الحَمَام والدجاج إنما هو بمنزلة الشاة والبعير والدابة، فهو للمستأجر. ولو جصّصها المستأجر أو فرش البيت بآجُرّ أو بجص أو ركّب باباً أو جعل غَلَقاً في باب وأقر بذلك رب الدار فإن للمستأجر أن يقلع ذلك كله، وكل (¬3) شيء أحدثه فيها مما لا يضر قلعه فله أن يأخذه، وما كان من ذلك مما يضر بالدار إذا قلعه فليس له أن يقلعه، ولكن قيمة ذلك الشيء (¬4) على رب الدار يوم يختصمون. ولو كان سَمَّكَ حائط دار فأدخل في أساسه ألف آجرة بغير أمر رب الدار وكان قلعه يضر بالدار فإن له قيمته على رب الدار يوم يختصمان فيه. ولو كان نقض المستأجر من الحائط شيئاً ضمن ذلك النقصان. وكذلك كل بناء أو جذع أدخله فهو مثل هذا. ولو انهدم بيت من الدار فقال المستأجر: نُقْضُه (¬5) في، وقال رب الدار: بل هو لي، فإذا عرف أنه بيت انهدم فهو لرب الدار، والقول في ذلك قوله مع يمينه، وإن لم يعرف فالقول قول المستأجر مع يمينه. ولو كان رب الدار أمر المستأجر أن يبني في الدار على أن يحسب له (¬6) ذلك من الأجر فبنى ولم يختلفا في البناء وأقرا به جميعاً ولكنهما ¬

_ (¬1) الكوارة بالضم والتشديد: مُعَسَّل النحل إذا سُوّي من طين. انظر: المغرب، "كور". (¬2) ص: واختلفا. (¬3) ص: فكل. (¬4) ص - الشيء. (¬5) النُّقْض البناء المنقوض، والجمع نُقُوض. وقيل: النِّقْض بالكسر لا غير. انظر: المغرب، "نقض"؛ والمصباح المنير، "نقض". (¬6) ص - له.

اختلفا في النفقة، فإن القول قول رب الدار مع يمينه على علمه. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المستأجر، لأنه مدعي الفضل. ولو قال رب الدار: لم يبن فيها شيئاً (¬1)، وقال المستأجر: قد بنيت فيها، فإن القول قول رب الدار مع يمينه. فإن قامت لهما جميعاً البينة أخذت ببينة المستأجر، لأنه المدعي. ولو قال رب الدار: لم آمرك بالبناء، ولم تبن فيها شيئاً، وقال المستأجرة قد أمرتني، وقد بنيت هذا الحائط، فإن القول قول رب الدار مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المستأجر، لأنه مدع، ولزم رب الدار النفقة. ولو كان على باب منها مصراعان فوقع أحدهما والآخر معلّق بالباب، فاختلف رب الدار والمستأجر في ذلك، فقال رب الدار: المصراع الساقط لي والمعلّق لك، والساقط يعرف أنه أخوه، وقال المستأجر: بل هما لي، أو قال: بل الساقط لي، وليس هذا المعلّق في (¬2)، فإن القول قول رب الدار في ذلك مع يمينه، فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة المستأجر، لأنه مدع. ولو كان بيت سقفه مسقف بجذوع مصورة فسقط جذع منها فكان مطروحاً في البيت، فاختلف رب الدار والمستأجر فيه، فقال رب الدار: هو من سقف هذا البيت، وقال المستأجر: بل هو في، وهو يعرف أن تصاويره موافق لتصاوير البيت، فإن القول في ذلك قول رب الدار مع يمينه. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة المستأجر، لأنه مدع. وإصلاح الدار والبيت وتطيينها وإصلاح ميازيبها وما (¬3) وهى من بنائها أو حيطانها على رب الدار، ليس على المستأجر من ذلك شيء. وكذلك كل سُتْرَة (¬4) يضر تركها بالسكنى فعلى رب الدار. فإن أبى أن يفعل فللمستأجر ¬

_ (¬1) ص - شيئاً. (¬2) ص: وهذا المعلق ليس لي. (¬3) ص - وما؛ صح فوق السطر. (¬4) سترة السطح: ما يبنى حوله، والسترة أيضاً: الظُّلّة، وهي شيء خفيف يبنى على الحائط لا يمكن الحمل عليها. انظر: المغرب، "ستر".

أن يخرج منها، إلا أن يكون استأجرها وهي كذلك وقد رآها. وإصلاح بئر الماء والبالوعة وبئر المَخْرَج (¬1) على رب الدار، ولا يجبر على ذلك. وإن كان ذلك إنما امتلأ من فعل المستأجر فإن شاء المستأجر أن يصلح ذلك فعل، ولا يجبر على (¬2) ذلك (¬3)، ولا يحسب ذلك له من الأجر. ولو أن رجلاً آجر من رجل نصف دار غير مقسوم أو نصف (¬4) بيت هو (¬5) فيه ساكن لم يبين لصاحبه نصفه من النصف (¬6) الآخر، ولم يبين أين سكنه (¬7) في مقدّمه أو مؤخّره، فقال كل واحد منهما: أنا أسكن في مقدّم البيت أو مؤخّره، ما القول فيه؟ قال: أما أبو حنيفة فقال: الإجارة في هذا فاسدة، ولا تجوز مِن قِبَل أنه غير مقسوم. وقال أبو يوسف ومحمد: أما نحن فنراه جائزاً، ويتهايآن فيه، يجبران (¬8) على ذلك. رجل تكارى داراً من رجل سنة على أن جعل أجرها أن يكسوه ثلاثة أثواب هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن قال له: أكسوك ثلاثة أثواب، ولم يسم من أي جنس هي، أرأيت إن ذكر أجناسها هل تجوز هذه الإجارة؟ ما غاية كسوة الرجل، ما غاية كسوة المرأة، وقد سكنها سنة؟ قال: الإجارة فاسدة، فإن سكنها كان عليه أجر مثلها فى قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل داراً كل شهر بدرهم، فقال له رب المنزل: دونك المنزل فانزله، ولم يفتح له بابه، فجاء رأس الشهر، فقال رب المنزل: هات أجر البيت، فقال المستأجر: لم أنزله ولم تفتحه لي، بقول من يؤخذ؟ ¬

_ (¬1) المخرج هو الكنيف، وقد تقدم مراراً. (¬2) م - على. (¬3) ص - ولا يجبر على ذلك. (¬4) ص: أو نصفا. (¬5) م ف: فهو؛ ص - بيت هو. (¬6) م ص ف: نصف من نصف. (¬7) م ص ف: أني سكنته. (¬8) ص: غيران؛ ف: يجبر.

قال: إن كان يقدر على فتحه فالمستأجر ضامن، والكراء عليه، وأن كان لا يقدر على فتحه فلا أجر له على المستأجر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل منزلاً في دار- وفي الدار سكان - كل شهر بدرهم فأدخله في الدار وخلى بينه وبين المنزل وقال: اسكنه، فلما جاء رأس الشهر طلب (¬1) رب المنزل الأجر، فقال المستأجر: ما سكنته، حال بيني وبين النزول فيه فلان الساكن، ولا بينة له بذلك، والساكن مقر بذلك أو جاحد، ما القول في ذلك؟ وببينة (¬2) من يؤخذ؟ قال: إن كان المستأجر فيه فالأجر على المستأجر، وإن كان فيه ساكن غاصب فلا أجر (¬3) على المستأجر، والقول فيه قوله، وأن لم يكن فيه ساكن فالمستأجر ضامن للأجر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى داراً من رجل بمائة درهم سنة، فلما جاء رأس السنة وأراد الخروج من الدار فإذا في الدار زِبْل وطين وتراب كثير وسِرقين الدواب، فقال رب الدار: انقل هذا فإنه عليك، وقال المستأجر: بل هو عليك والدار دارك، وهو يعلم أنه من عمل المستأجر على من يكون ذلك الكَنْس وما أحدث فيها من الطين والتراب والسِرقين والعذرة، على رب الدار أو على المستأجر؟ قال: على المستأجر (¬4) كنس ذلك كله في قياس قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل منزلاً سنة كل شهر بعشرة دراهم، فلما حل الأجل وأعطاه أجر المنزل وأراد الخروج من الدار فقال رب الدار: إنك قد ملأت البئر من الوضوء وغيره، فاكنسها، وقال المستأجر: بل هو عليك، ¬

_ (¬1) ف: وطلب. (¬2) ص: وبينة. (¬3) ف + له. (¬4) م ص - قال على المستأجر؛ صح م هـ.

على من يكون ذلك، على رب الدار أو على المستأجر؟ قال: لا يكون على المستأجر (¬1) كنس البئر، ولا يؤخذ به رب الدار أيضاً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى البيت ولم يسم ما يعمل فيه أترى الكراء على هذا جائزاً (¬2)؟ أرأيت إن عمل فيه بالحديد والقِصَارة حتى انهدم البيت أترى عليه ضماناً فيما انهدم من المنزل؟ أرأيت إن أقاما جميعاً البينة فقال المستكري: استكريت منك البيت لأعمل فيه القِصَارة والحديد، وقال الآخر (¬3): لم أكرك لهذا، إنما أكريتك لعمل غير هذا، وبينهما بينة، [ببينة من يؤخذ؟ قال:] ببينة (¬4) المستأجر (¬5)، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن سَلِمَ البيت ولم ينهدم جعلت عليه الكراء، أستحسن ذلك، وأدع فيه القياس. رجل تكارى داراً أو بيتاً كل شهر بأجر معلوم وأسكن في الدار أو في البيت معه غيره فانهدم المسكن الذي أسكنه، لم يبين لصاحب المنزل أن أسكن (¬6) فيه من أحد، هل يضمن المستكري، وما القول في ذلك؟ أرأيت إن كان بينهما بينة ببينة (¬7) من يؤخذ؟ (¬8). قال: لا يضمن في شيء مما ذكرت، وليس عليه بينة في ذلك، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل بيتاً كل شهر بدرهم، فجاء صاحب المنزل فقال: أعطني أجر الشهر قبل أن يتم الهلال، فقال المستأجر: لا أعطيك حتى يتم الشهر، هل له ذلك، وهل لرب المنزل أن يأخذه بحساب ما سكن فيه، فيأخذ منه أجر ذلك، الأول فالأول؟ ¬

_ (¬1) ص - قال لا يكون على المستأجر. (¬2) م ص: جائز. (¬3) ص: الآجر. (¬4) ص: فبينة. (¬5) م ص ف + يؤخذ بها. (¬6) ص: أن سكن. (¬7) ص: بينة. (¬8) ص + بها.

قال: يأخذه بأجر يوم بيوم، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك الغلام إذا استأجره. أرأيت الرجلٍ يتكارى المنزل من الرجل كل شهر بدرهم فيَرُمُّ (¬1) المستأجر فيه مَرَمَّة فطلب رب المنزل الأجر، فقال المستأجر: قد انفقت على الدار كذا وكذا، ولم يفضل لك من الأجر شيء، فقال رب المنزل: إني لم آمرك أن تنفق كل هذا، واتهمه (¬2)، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ؟ قال: القول قول رب الدار إذا قال: إني لم آمرك، والقول (¬3) قول رب الدار أيضاً إن قال (¬4): أمرتك بكذا (¬5) وكذا، بدون الذي أنفق، وعلى الآخر البينة، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل بيتاً بدرهم كل شهر، فلما جاء رأس الشهر طلب رب البيت أجر البيت، فقال المستأجر: إنما أعرتنيه وأسكنتنيه بغير أجر، وصاحب البيت منكر لذلك، ولا بينة بينهما، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ؟ قال: القول قول الساكن مع يمينه، والبينة بينة رب الدار مع يمينه (¬6) في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل أكرى داراً من رجل كل سنة بمائة درهم، فلما جاء رأس السنة طلب رب الدار الأجر، فقال الآجر: إن الدار داري، ولا حق لك فيها، أو قال (¬7): هي لفلان، وكلني بالقيام عليها أو أجرها مني (¬8)، فقبض (¬9)، ولا ¬

_ (¬1) رَمَّ البناء: أصلحه، رَمَّا ومَرَمَّة، من باب طلب. انظر: المغرب، "رمم". (¬2) م ص: أو اتهمه. (¬3) ف: فالقول. (¬4) ص: إذا قال. (¬5) م ص ف: كذا. (¬6) قوله "مع يمينه" لا يوجد في الكافي، 1/ 205 ظ، ولا في المبسوط، 15/ 148. ولعل حذفه هو الصواب. (¬7) ص: وقال، ف: لو قال. (¬8) م ص - مني؛ صح م هـ (¬9) كذا في م ص ف. وهي مهملة في ف. ولم تتبين في قراءة الكلمة في الكافي، 1/ 205 ظ. ولعل المعنى أن المستأجر قبض الدار وهي في يده.

بينة لهما، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ إن كانت لهما بينة؟ قال (¬1): القول قول المستأجر، وهو خصم، والبينة بينة الطالب في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل أكرى منزلاً له من رجل كل سنة بكذا وكذا، فلما جاء رأس السنة طلب صاحب المنزل الأجر، فقال المستأجر: إنك وهبت المنزل لي، فلا أجر لك، أو أعرتنيه، أو وهبته لابني، فلا أجر لك، ولا بينة بينهما، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ، وهل يبرئه دعواه من الكراء؟ قال: إذا ادعى رقبة المنزل لنفسه أو لابنه أو ادعى عارية ولم يقر بأصل الكراء فإن القول فيه قول المستأجر في العارية مع يمينه، والبينة بينة المؤاجر. فأما في الهبة فالقول قول رب الدار، ولا أجر على الساكن، والبينة بينة الموهوب له، يؤخذ له ذلك. وإذا أقر بأصل الكراء ثم ادعى الهبة أو العارية فدعواه باطل، والكراء له لازم، إلا أن يقيم بينة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل استأجر (¬2) من رجل حانوتاً ومن رجل آخر حانوتاً آخر فنقب أحدهما إلى الآخر يترفّق بذلك، هل يضمن في ذلك إن كان نقض الحائط، لأنه نقبه إلى البيت الآخر؟ قال: هو ضامن لما أفسد من الحائط، والكراء عليه في البيتين جميعاً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل استأجر داراً فيها أبيات كثيرة بأجر معلوم، فآجر من الدار أبياتاً، وسكن هو سائرها فانهدم الذي آجر منها، هل يضمن الذي استأجر الدار من الذي استأجر من المستأجر، فإن ضمن هل يرجع على الذي أجره، ما القول في ذلك، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ، أرأيت إن قال الذي استأجر الدار: إنما انهدم الذي سكنت أنا فيه، وقال رب الدار: إنما انهدم الذي آجرته أنت، ما القول في ذلك، وببينة من يؤخذ؟ ¬

_ (¬1) م ص ف: فان. (¬2) م: استجار.

قال: لا ضمان عليه في شيء من ذلك، وعليه الكراء في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، لأن سكناه وسكنى غيره سواء. ألا ترى أنه يُسكِن فيها خدمه وأضيافه وأجراءه، وعليه الكراء. رجل تكارى من رجل منزلاً سنة بعشرة دراهم، فخرج الرجل من البيت، فعمد أهله فأكروا من المنزل بيتاً وأنزلوا إنساناً آخر، فانهدم البيت الذي أسكنوه، هل يضمن الذي أسكن الدار (¬1) أو يضمن الذي استأجر المنزل أو يضمن أهله الذين أكروه وأنزلوه؟ قال: لا ضمان على المستأجر ولا على المؤاجر إلا أن ينهدم من عمله، فإن انهدم من عمله ضمن، ويرجع بما ضمن من ذلك على الذي آجره في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل (¬2) كل شهر بدرهم، فطلق الرجل امرأته، فخرج من المنزل وذهب، هل لصاحب المنزل سبيل على المرأة وعلى الرجل، والمرأة مقرة أن زوجها استكرى المنزل وطلقها وذهب؟ قال: لا كراء على المرأة، ولا تخرج من المنزل حتى الهلال (¬3)، والكراء على الزوج، وهو قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل بدرهم كل شهر على أن ينزله هو وحده ولا ينزله غيره، فتزوج امرأة أو امرأتين فأنزلهما معه فيه، فأبى صاحب المنزل أن يدعه، أله ذلك إن أراد أن يخرج منه؟ أرأيت إن تكارى المنزل منه سنة ففعل ذلك شهراً أو شهرين أله أن يخرج من المنزل قبل أن يتم السنة، ما القول في ذلك، وببينة من يؤخذ؟ قال: ليس لرب المنزل أن يخرجه قبل السنة من أجل ما ذكرت، لأن له أن ينزله هو ومن كان معه من أهله، وليس الشرط بشيء، ولا سبيل له ¬

_ (¬1) م ف + ويضمن الذي استأجر المنزل. (¬2) ف - من رجل. (¬3) ف: حتى الهلاك.

عليه حتى يتم السنة في قياس أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل كل شهر بعشرة دراهم، فقال صاحب المنزل: اكنس البئر التي في المنزل مخافة المطر، فقال المستأجر: ذلك عليك، وأنت تكنسه من عندك، أو طَيِّن فوق البيت، فقال رب المنزل: هو عليك، وقال المستأجر: بل هو عليك، على من يكون ذلك، وبقول من يؤخذ؟ أرأيت إن قال صاحب المنزل: إن رضيت وإلا فاخرج، وقد أكرى (¬1) المنزل منه سنة؟ فقال: ذلك كله على رب المنزل، ولا يجبر عليه، ولكن إن أضر ذلك بالمستأجر في سكناه كان له أن يخرج في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى (¬2) من رجل داراً سنة بمائة درهم، فعمد المستأجر فحفر فيها بئر الماء أو بئراً يتوضأ فيها، فدخل داخل فعطب فيها أو بعض أهل الدار، هل يضمن الذي حفر البئر؟ أرأيت إن أذن له صاحب الدار أو لم يأذن له هو سواء؟ قال: إن أذن له رب الدار فلا ضمان عليه، وإن لم يأذن له فهو ضامن في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل داراً كل شهر بعشرة دراهم، على أن ينزلها هو بنفسه وأهله، على أن يعمر الدار ويَرُمّ ما كان فيها من خرابٍ مَرَمَّةً ويصلحها، ويعطي أجر حارسها وما نابها من نائبة من سلطان وغيره، هل يجوز الكراء على هذا، فإن لم يجز وسكنها ما له من الأجر؟ قال: عليه أجر مثلها، والإجارة على ما ذكرت من الشرط الفاسد لا تجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وإن سكنها فعليه أجر مثلها بالغا ما بلغ، من قبل أنه اشترط مع الأجر شيئاً مجهولاً لا يعرف (¬3)، ولا ينقص مما سماه. ¬

_ (¬1) م: اكترى. (¬2) م: تكرى. (¬3) م ص: مما يعرف.

رجل تكارى من رجل داراً سنة بمائة درهم، فكان في الدار جدار واهي (¬1)، ورب الدار غائب، فتقدموا إلى الساكن في الحائط فلم يهدمه حتى وقع وقتل إنساناً، هل يضمن صاحب الدار أو المستأجر، ويُوجَب على صاحب الدار شيء (¬2) لما تقدموا إلى الساكن؟ قال: لا يضمن واحد منهما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو كان رهناً أو عارية. رجل تكارى منزلاً من رجل في دار كل شهر بدرهم، وفي الدار سكان غيره، فأدخل الساكن دابة له في الدار فأوثقها (¬3) على بابه (¬4) فضربت (¬5) إنساناً (¬6) فمات، أو هدمت (¬7) حائطاً، هل عليه من ذلك الضمان؟ أرأيت إن أدخل صاحب الدار دابة له أو دابة لضيف له فوطئت (¬8) إنساناً من السكان، هل يضمن رب الدار ما وطئت (¬9) أو أفسدت من متاع السكان؟ قال: لا ضمان على واحد منهما في شيء من ذلك، لأن للساكن أن يربط دابته في الدار، وكذلك رب الدار. رجل تكارى داراً سنة بأجر معلوم فسكنها، هل لرب الدار أن يربط فيها دابة بغير رضى الساكن؟ فإن فعل فضربت إنساناً من أهل الساكن هل يضمن؟ قال: ليس له أن يربط فيها دابة بغير رضى الساكن (¬10)، وإن فعل فهو ضامن لما أصابت. ¬

_ (¬1) ص: واه. (¬2) ص: شيئاً. (¬3) م: فأوبقهما؛ ص: فأوثقهما. (¬4) م ص ف: على دابة. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 205 ظ. (¬5) م ص ف: فضرب. (¬6) م: إنسان. (¬7) ص: أو هدم. (¬8) م ص ف: فأوطت. (¬9) م ص ف: ما أوطت. (¬10) ص - فإن فعل فضربت إنسانا من أهل الساكن هل يضمن قال ليس له أن يربط فيها دابة بغير رضى الساكن.

رجل تكارى من رجل داراً بخدمة عبد شهراً، على أن يسكن الدار شهراً (¬1)، فسكن الدار شهراً، فمات العبد قبل أن يكمل الشهر، أرأيت إن كان العبد ليس بعينه إلا أنه قال: أسكن دارك شهراً بخدمة عبد من عبيدي شهراً، هل يجوز هذا؟ فإن لم يجز وقد سكن الدار شهراً ولم يعطه العبد، أو مات، ما لصاحب الدار من الأجر؟ قال: إن كان العبد بعينه فالإجارة فاسدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن كان العبد بغير عينه وقد سكن الدار ففيها أجر مثلها، مات العبد أو لم يمت، في قول أبي حنيفة وأبي يوسف (¬2) ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى داراً من رجل سنة بمائة درهم، على أن لا يسكنها ولا ينزل فيها، فوقع الكراء على هذا، هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن كملت السنة فطلب صاحب الدار الأجر، فقال المستأجر: لم أسكنها، ولا أجر لك علي؟ أرأيت إن تصادقا على ما ذكرت لك هل يُلزِمه ذلك أجراً؟ قال: الإجارة فاسدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وإن لم يسكنها فلا أجر عليه، وإن سكنها فعليه أجر مثلها، ولا ينقص مما سماه. رجل تكارى من رجل داراً على أن يسكن فيها، فلم يسكن فيها، لكنه جعل فيها طعاماً حنطة وشعيراً وتمراً وغير ذلك من أنول التجارة، وإنما استكراها منه سنة بأجر معلوم، فقال رب الدار: إن لم تسكنها فرد علي الدار، فإن هذا يخربها علي، ولم (¬3) تكمل السنة بعد، هل له ذلك؟ قال: ليس لرب الدار أن يخرجه حتى يكمل السنة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، لأن هذا من السكنى. رجل تكارى من رجل داراً سنة بمائة درهم، فزوج المستأجر ابنته من ¬

_ (¬1) ص - على أن يسكن الدار شهرا. (¬2) ف - وأبي يوسف، صح هـ. (¬3) م ص ف: فلم.

رجل، وبوّأها في الدار معه بيتاً، وخلى بينه وبين امرأته عرّس بها (¬1)، والأب في ناحية من الدار في منزل آخر، فطلب الأب من الزوج كراء منزله، فقال: عليك أجر المنزل الذي أنت فيه، وأبى الآخر، وقال: الأجر لك، وإنما نزلت عليك، هل لصاحب الدار عليه سبيل والقصة على ما ذكرت لك؟ قال: لا أجر على الزوج في جميع ما ذكرت في (¬2) في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل منزلاً كل شهر بدرهم (¬3)، وفي الدار سكان، فأمره صاحب المنزل أن يكنس البئر التي في الدار ويخرج ترابها منها، ففعل وطرحه في الدار، فعطب بذلك إنسان، على من الغرم، ومن يضمن ذلك، رب الدار أو الساكن؟ أرأيت لو فعل ذلك بغير أمر رب الدار أو بأمره أهو سواء؟ قال: لا ضمان على الآجر في شيء مما ذكرت في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد إذا لم يخرجه إلى الطريق. رجل تكارى من رجل داراً سنة على أن أنزله داره سنة، فسكنها، فوقعت الإجارة على هذا، أو قال: آجرني دارك هذه على أن أسكنك منزلي الذي في مكان كذا وكذا، فوقعت الإجارة على هذا، وسكنها، هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن انهدمت إحدى (¬4) الدارين بما يرجع أحدهما على الآخر؟ أرأيت إن قال: آجرني منزلك هذا، وأنزلك حانوتي الذي في السوق، فوقعت الإجارة على هذا وقبضا وسكنا هل يجوز ذلك؟ قال: لا تجوز الإجارة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في ¬

_ (¬1) م ص: لها. (¬2) م ف: لك؛ ص - قال لا أجر على الزوج في جميع ما ذكرت في. (¬3) ف: بدراهم. (¬4) ف - إحدى، صح هـ.

شيء مما ذكرت، ولا ضمان فيما انهدم من ذلك، وعلى كل واحد منهما فيما سكن من ذلك أجر مثله. رجل تكارى داراً من رجل سنة بمائة درهم على أنه بالخيار ثلاثة أيام، فإن رضيها أخذها بمائة درهم، وإن لم يرضها أخذها سنة بخمسين درهماً، هل تجوز الإجارة على هذا؟ أرأيت إن انهدمت (¬1) الدار في ثلاثة أيام أو بعدما مضت الثلاثة وهو فيها من سكناه هل يجب عليه ضمان ما انهدم؟ أرأيت إن قال: أنا فيها بالخيار ثلاثة أيام، فإن رضيتها أخذتها بمائة درهم، فانهدمت في ثلاثة أيام، هل عليه ضمان؟ قال: أما المسألة الأولى فإن الإجارة في هذا فاسدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وإن سكنها في ثلاثة أيام وجب عليه أجر مثلها، ولا يضمن ما انهدم منها. وأما المسألة الثانية فإن الإجارة فيها فاسدة، وإن سكنها في ثلاثة أيام فقد لزمته الأجرة. رجلان استأجرا بيتين في دار، كل واحد في بيت على حدة، بأجر معلوم، فعمد كل واحد منهما فأعطى صاحبه بيته، فسكن في بيت صاحبه بغير أمر صاحب البيت، فانهدم أحد البيتين، هل عليه ضمان، أو على الذي أعطاه الضمان؟ قال: لا ضمان على واحد منهما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬2) إن كان سكن كل واحد منهما بأمر المستأجر. وإن كان بغير أمر المستأجر فلا ضمان على واحد منهما إلا أن ينهدم من سكناه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، ويضمن في قول محمد. ولا أجر على واحد منهما إن سكن صاحبه بغير أمره، وإن سكن بأمره فعلى المستأجر الأجر، والساكن ضيف له. رجل تكارى من رجل بيتاً كل شهر بدرهم، فاجتمع عليه من ذلك أجر سنة، ثم مات الرجل وترك ورثته وامرأته وولده، فجاء رب المنزل ¬

_ (¬1) م ص: إن هدمت. (¬2) ف - ومحمد.

يطلب الأجر من المرأة والورثة، فقالوا: ما استأجرنا منك شيئاً، إنما استأجر منك أبونا، هل عليهم في ذلك أجر؟ أرأيت إن أنكر بعضهم وأقر بعض، هل له على المقر سبيل؟ أرأيت إن كانت المرأة هي التي استأجرت فماتت فطلب الأجر من الزوج، فقال مثل ذلك، ما القول في ذلك؟ قال: لا أجر لصاحب المنزل على أحد من ورثته، ولكن حقه في تركة الميت إن أقر الورثة بذلك وهم كبار في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬1). وكذلك إن قامت (¬2) بذلك البينة، فإن لم تقم بينة فأقر بعضهم وجحد بعض فإن الأجر في ميراث المقر من ورثة الميت، جميع ما أقر به ديناً فيه، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل وصي لليتامى، أو وكيل الوصي (¬3)، أو (¬4) لقوم وكلوه أن يؤاجرها ولم يوقتوا له كم سنة أو وقتوا له (¬5) عشر سنين، فآجرها عشر سنين من رجل بمائة درهم، كل سنة بعشرة دراهم، فمات الوصى أو الوكيل (¬6)، فجاء أرباب المنزل، فقالوا: لا نرضى بما آجرك وصينا ولا وكيلنا، أجر منزلنا أكثر من مائتي درهم، وهم مقرون بأنهم وكلوه (¬7) بذلك وآجر وصيهم، هل لهم على المستأجر سبيل في إخراجهم من المنزل، أو أخذ شيء من المنزل إن أبى أن يعطيهم؟ قال: الإجارة جائزة، ولا سبيل لهم على المستأجر، والأجر يدفعه المستأجر إلى الوكيل أو الوصي، ولا يدفعه إليهم، فإن كان الوكيل آجرها بدانق أو آجرها بمائة درهم فهو جائز في قياس قول أبي حنيفة، ولا تجوز في قول أبي يوسف ومحمد إلا أن يحط ذلك بما (¬8) يتغابن الناس في مثله. وكذلك الوصي لا تجوز إجارته إذا آجر بما لا يتغابن الناس فيه في قولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) م ف + رحمهم الله. (¬2) م: إن أقامت. (¬3) ص: للوصي. (¬4) ص - أو. (¬5) م ص ف: أو وقتوه. (¬6) ف: والوكيل. (¬7) ف: وكلوا. (¬8) م ف: مما.

رجل تزوج امرأة، فنزل عليها وهي في منزل بكراء، فمكث عندها سنة، فجاء صاحب المنزل يطلب أجر منزله، فقالت المرأة للزوج: أجر منزله عليك، وقال الزوج: إنما استكريتِ أنتِ المنزل، فأجره عليكِ، فأعطيه أجره، وقالت المرأة: قد أخبرتك أنه معي بأجر، فإنما أجره عليك، فقال الرجل: ما أخبرتِني بشيء، بل قلتِ في: إن المنزل منزلي، أو قلتِ: إن المنزل معي بغير أجر، هل يصدّق على مقالته، وبقول من يؤخذ؟ قال: ليس على الرجل أجر، والأجر على المرأة، وإن أخبرته أيضاً أنه معها بأجر فليس عليه الأجر أيضاً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل داراً ببغداد بمائة درهم كل سنة، وأسلفه أجرها، فلما قدم الكوفة قال: لا أرضى بها، وقد كان رأى الدار قبل ذلك أو لم يرها، هل له أن يردها ويرجع بدراهمه على رب الدار؟ قال: هو بالخيار إذا رآها إن لم يكن رآها قبل ذلك، ويترك الإجارة، ويأخذ دراهمه؛ وإن كان رآها قبل ذلك (¬1) فلا خيار له في ذلك إلا أن يكون (¬2) انهدم من الدار شيء يضر بالسكنى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى من رجل داراً بخراسان والدار بالكوفة كل سنة بمائة درهم، ووقع الإجارة على اسم الدار، فلما قدم المستأجر رأى الدار وليس فيها بناء، إنما هي حيطان ليس فيها بناء، فقال المستأجر: لا أرضى، أله ذلك؟. قال: نعم، هذا والباب الأول سواء. رجل تكارى من رجل داراً بالكوفة والدار بخراسان كل سنة بمائة ¬

_ (¬1) ف - ويترك الإجارة ويأخذ دراهمه وإن كان رآها قبل ذلك. (¬2) ف - يكون، صح هـ.

درهم، فلما قدم الرجل خراسان إذا الدار إنما هي في الرَّبَض (¬1) وليست في مدينتها، فقال: لا أرضى، أله ذلك وقد كان رأى الدار ثم جحد، هل يلزمه من ذلك شيء؟ قال: إن كان رأى الدار وقد قامت عليه بذلك البينة (¬2) فالإجارة له لازمة، وإن لم تقم عليه بينة استحلف على ذلك وردها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى منزلاً من رجل في دار على أنَّ آجِرَه يكفيه وعياله نفقتهم ومؤونتهم ما دام في الدار نازلاً معهم، هل يجوز الكراء على هذا؟ أرأيت إن قال رب المنزل: لم تنفق علي ولا على عيالي شيئاً مما جعلت لنا، فهات أجر المنزل، بما يقضى به؟ (¬3) أرأيت إن كانت لهما بينة ببينة من يؤخذ على ما وصفنا؟ قال: الإجارة فاسدة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وعلى المستأجر لرب الدار أجر مثلها. فإن قال رب الدار: لم ينفق علي شيئاً، فالقول قوله، والبينة بينة المستأجر، ويحسب له ما قامت له البينة من أجر مثلها. [قلت]: أرأيت الرجل يتكارى الدار سنة كل شهر بدرهم كيف يقع الكراء ولم يسكنها السنة كلها، اثني عشر شهراً أو شهراً واحداً؟ أرأيت إن أراد رب المنزل أن يخرجه قبل أن يستكمل السنة كلها؟ قال (¬4): لا يخرج (¬5) قبل مضي السنة إلا من عذر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت الرجل يتكارى الدار شهراً بعشرة دراهم فيسكنها يوماً أو يومين أو ثلاثة ثم يبدو له أن يخرج منها إلى دار أخرى، هل لصاحب الدار ¬

_ (¬1) ص: بالربض. الرَّبَض ما حول المدينة من بيوت ومساكن. انظر: المغرب، "ربض". (¬2) ف: البينة بذلك. (¬3) ص: نقصانه. (¬4) م ص - قال. (¬5) م ص: ولا يخرج.

أن يأخذه بأجر الشهر كله أو بقدر ما سكنها المستكري، ما القول في ذلك؟ أرأيت إن قال: إنما تكاريتها كل يوم بكذا وكذا، وقال الآخر (¬1) أكريتك شهراً بكذا وكذا، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت (¬2) بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: أما إذا أقر أنه استأجرها شهراً فليس له أن يتركها إلا من عذر، وإن شاء سكن غيرها إذا آجرها شهراً كاملاً، وأما إذا جحد أن الكراء شهر (¬3)، أو قال: تكاريتها يوماً، فالقول قوله مع يمينه، وعلى رب الدار البينة، ويؤخذ بما قامت به بينة رب الدار في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت (¬4): أرأيت الرجل يتكارى البيت شهراً [بدرهم فسكنها] (¬5) شهرين أيكون (¬6) عندك في الشهر الآخر بمنزلة الغاصب (¬7)، فإن كان بمنزلة الغاصب (¬8) فما (¬9) عليه، وقد انهدمت الدار من سكناه، وهو يقول: لم تنهدم من سكناي في الشهر الآخر (¬10)، إنما انهدمت في الشهر الأول، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة على ما ذكرت ببينة من يؤخذ؟ قال: عليه الكراء في الشهر الأول، ولا كراء عليه في الشهر الثاني، والقول قول المستأجر إنها انهدمت في الشهر الأول (¬11)، ولا ضمان عليه ¬

_ (¬1) ص: الآجر. (¬2) م ص: إن كان. (¬3) م ص ف: شهرا. (¬4) م - قلت. (¬5) م ص ف ب + أو. وما بين المعقوفتين من الكافى، 1/ 205 ظ؛ والمبسوط، 15/ 151. (¬6) ص: أو يكون. (¬7) ف: الغائب. (¬8) ف: الغائب. (¬9) م ص: مما. (¬10) ف - الآخر. (¬11) ف - بقول من يؤخذ أرأيت إن كانت بينهما بينة على ما ذكرت ببينة من يؤخذ قال عليه الكراء في الشهر الأول ولا كراء عليه في الشهر الثاني والقول قول المستأجر إنها انهدمت في الشهر الأول.

بعد أن يحلف (¬1). فإن قامت لهما بينة أخذت ببينة رب الدار في قياس (¬2) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت الرجل يتكارى الدار أو البيت شهراً ثم يسكنه بعد شهر يوماً أو يومين ثم يخرج منه، هل ترى عليه أجر ذلك الشهر؟ أرأيت إن قال رب المنزل: كسرت علي أجر الشهر، وقال الآخر: لم أفعل، هل يلزمه ذلك؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: لا شيء عليه من الأجر فيما زاد على الشهر الأول في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً يتكارى بيتاً أو داراً على أن يسكنها شهراً، فأعطاه صاحب المنزل المفاتيح، ففتح المنزل، فأتاه المؤاجر يطلب أجر الشهر، فقال المستأجر: إني لم أسكنه، ولم أستطع أن أفتح الباب، ما القول فيه (¬3)، وهل (¬4) يصدق على مقالته، وصاحب المنزل يقول: قد سكنته، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة (¬5) من يؤخذ؟ (¬6). قال: الأجر كله على المستأجر، ولا يصدق على قوله: لم أقدر على فتحه ولم أسكن، وإن قامت البينة لرب المنزل أنه قد فتح الباب، وأقام المستأجر البينة أنه لم يقدر على فتحه، فإنه يؤخذ ببينة رب المنزل في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت الرجل يتكارى المنزل من الرجل والدار (¬7) فيقيم رب المنزل والدار معه، حتى إذا كان رأس الشهر قال رب المنزل: أعطني أجر منزلي وأجر داري، فقال المستكري (¬8): ما أنا بمعطيك أجراً، لأنك لم ¬

_ (¬1) م ص ف: أن حلف. (¬2) ص - قياس. (¬3) ص - فيه. (¬4) م ص ف: وهو. (¬5) م - ببينة. (¬6) ص - أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ. (¬7) ف: أو الدار. (¬8) ف: فقال الاحر للمستكري.

تخل بيني وبين المنزل، وكنت نازلاً معي في الدار، فلا أعطيك أجراً (¬1)، هل له ذلك، وهما مقران بذلك؟ أرأيت إن قال المستكري: أعطيك (¬2) نصف الكراء، لأنك قد كنت معي فيه ساكناً، أله ذلك؟ قال: عليه من الأجر بحساب ما كان في يديه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلين استأجرا حانوتاً يعملان فيه هما بأنفسهما، فعمد أحد الرجلين فاستأجر أجيراً فأقعده (¬3) معه في الحانوت، فأبى صاحبه الذي استأجر معه الحانوت أن يدعه (¬4)، أله ذلك، وكيف القضاء فيه؟ قال: للشريك أن يقعده (¬5) فيه معه في نصفه ما لم يدخل على شريكه ضرراً بيناً في نصفه في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلين استأجرا حانوتاً من رجل يعملان فيه ويتقبلان العمل فيه شريكين فقعدا فيه كل سنة بمائة درهم، ثم افترقا، فأراد أحدهما أن يبني في وسط الحانوت حائطاً يكون نصفه له ونصفه لصاحبه، فأبى شريكه أن يدعه (¬6) أله ذلك؟ (¬7) أرأيت إن أدخل (¬8) عليه شريكاً (¬9) آخر أو إنساناً (¬10) آخر فأراد شريكه أن يمنعه من ذلك؟ أرأيت إن كان أحدهما (¬11) أكثر متاعاً من الآخر فضيق عليه هل (¬12) لرب الدار أن يمنعه؟ قال: أما البناء فليس له أن يبني، وأما كثرة الأُجَرَاء (¬13) والمتاع ومن يدخل عليه فهو مثل الباب الأول (¬14). ¬

_ (¬1) ف - لأنك لم تخل بيني وبين المنزل وكنت نازلا معي في الدار فلا أعطيك أجرا. (¬2) م ص ف: أعطيتك. (¬3) ف: أجراء فأقعدهم. (¬4) م + ذلك. (¬5) م ف: أن يقعد. (¬6) م ص + ذلك. (¬7) ص ف - أله ذلك. (¬8) م ص: إن دخل. (¬9) ص: شريك. (¬10) ص: أو إنسان. (¬11) م: واحدها؛ ص: واحدهما. (¬12) م ص: وهل. (¬13) م ص ف: الاجر. (¬14) أي. للشريك أن يصنع في نصفه ما يريد ما لم يدخل على شريكه ضرراً بيناً في نصفه.

قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل بيتاً ودكاناً (¬1) على باب حانوته (¬2) كل شهر بدرهم، والدكان من طريق المسلمين، فحيل (¬3) بين الرجل وبين أن يترفّق به هل يرفع عنه من كرائه شيئاً من أجل المكان، أو ترى هذا فاسداً، فإن كان فاسداً فلمن كراء ذلك؟ قال: الكراء جائز، ويرفع عنه بحساب الدكان في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلين استأجرا منزلاً من رجل كل شهر بدرهم، فاشترطا (¬4) فيما بينهما على أن ينزل أحدهما في أقصى الحانوت والآخر في مقدمه، ولم يشترط ذلك في أصل الإجارة، فسكنا على ذلك، هل تجوز الإجارة على هذا؟ أرأيت إن أبى الذي في أقصى الحانوت، فقال: أنا أنزل في مقدمه، أله ذلك، وإنما وقعت (¬5) الإجارة على ما وصفت لك؟ قال: الكراء جائز، ولصاحب (¬6) الأقصى أن ينزل في المقدمة مع صاحبه، والشرط فيما بينهما باطل في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. [قلت:] أرأيت رجلاً تكارى داراً ليسكنها هو بنفسه وأهله، فلم ينزلها هو، وأنزل فيها أناساً آخرين، وجعل (¬7) فيها دواباً له (¬8) أو إبلاً أو بقراً، فانهدمت الدار من عملهم، أو من غير عملهم، أترى هذا خلافاً، ويضمن؟ قال: لا ضمان عليه في هذا، وليس بخلاف، وعليه الأجر في قياس ¬

_ (¬1) الدكان هنا بمعنى المكان المرتفع الذي يبنى للجلوس عليه. انظر: لسان العرب، "دكن". (¬2) الحانوت أي: البيت الذي استأجره كحانوت. ولذلك قال السرخسي: فإن تكارى بيتاً ودكاناً على بابه. انظر: المبسوط، 15/ 152. (¬3) م ص ف: فجعل. والتصحيح من ب، والكافي، 1/ 206 و؛ والمبسوط، 15/ 152. (¬4) ص: فاشترط. (¬5) ف: أوقعت. (¬6) م ص: لصاحب. (¬7) ف: أو جعل. (¬8) م: دوابا غنما.

قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد (¬1). قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجلين منزلاً، فمات أحدهما قبل أن يحل الأجل، وإنما تكاراها سنة، فمات أحدهما قبل انقضاء السنة، هل تنتقض الإجارة، أو تنتقض إجارة نصف المنزل؟ أرأيت إن قالوا له ورثة الميت: قد رضينا، أو قال الوصي: قد رضينا، هل تكون الإجارة جائزة لهما؟ قال: قد انتقضت الإجارة في حصة الميت، فإن رضي الورثة وهم كبار ورضي المستأجر بالإجارة، فهو جائز، وكذلك الوصي والمستأجر، وإن أبى أحدهما (¬2) لم يجبر المستأجر على حصة الميت. قلت: أرأيت رجلين استأجرا منزلاً من رجل كل سنة بمائة درهم، فمات أحد المستأجرين أو أفلس أو غاب هل تفسد الإجارة؟ أرأيت إن أعطى هذا الشاهد أجر الدار كلها، أيرجع به على صاحبه الذي تكارى معه، أو يكون متطوعاً (¬3) في ذلك؟ قال: لا تفسد الإجارة لما ذكرت، وأيهما أفلس أو غاب فأدى صاحبه الأجر كله فهو متطوع (¬4) في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلين استأجرا منزلاً من رجل كل سنة بمائة درهم، فلما حل الأجل جحدا وقالا: ما لك قِبَلَنا قليل ولا كثير، وإنما الدار لفلان، وأقرا بذلك، فجاء (¬5) المقر له بالدار فطلب الأجر، فقالا: إنما كنا فيها بغير أجر، هل يوجب عليهما بقولهما للأول (¬6): إنما الدار لفلان، أجراً أو شيئاً، وقد أقرا (¬7) بالنزول فيها سنة؟ وهل عليهما يمين إذا ادعيا أنهما كانا فيها بغير أجر؟ أرأيت إن قالا: إنما الأجر للأول، ثم جحدا؟ ¬

_ (¬1) قال السرخسي: وقيل: هذا إذا كان منزلاً تدخل الدواب مثل ذلك المنزل عادة، فإن كان بخلاف ذلك فهو غاصب ضامن لما ينهدم بعمله. انظر: المبسوط، 15/ 153. (¬2) م: احذها. (¬3) م ص: مقطوعا. (¬4) ص: مقطوع. (¬5) ص: وجاء. (¬6) ص: الأول. (¬7) ف: افترى.

قال: القول قولهما، وهما ساكنان بغير أجر، ويحلفان على ذلك، فإن أقرا بالأجر أخذا به في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل داراً سنة بمائة درهم على أن يعجل له الأجر، فسكن في الدار شهراً، فقال رب المنزل: عجل في الأجر كما شرطت عليك، فأبى المستأجر أن يعطيه، قال (¬1): إنما (¬2) أعطيك أجر ما سكنت، ولا أعجل لك، وإن أراد رب المنزل أن يخرجه قبل السنة أله ذلك؟ قال: يأخذه بالأجر حتى يعجله له، وليس له أن يخرجه حتى تمضي السنة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى منزلاً في دار من رجل كل شهر بدرهم، فعمل المستأجر فيها تنوراً فوق البيت يخبز فيه، فاحترق بعض بيوت الجيران من تنوره ذلك، أو احترق بعض بيوت الدار أو بعض متاعهم، أرأيت إن أذن له رب المنزل أو لم يأذن له أهو سواء؟ قال: هذا كله سواء، ولا ضمان عليه في شيء من ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى منزلاً من رجل كل شهر بدرهم، فنزله عشرة أيام، ثم خرج، هل له عليه أجر الشهر كله (¬3)، أو بحساب ما سكن، وإنما خرج هو ولم يخرجه رب الدار؟ أرأيت إن نزل المنزل شهراً أو أياماً من الشهر الآخر هل عليه أجر ذلك الشهر وتلك (¬4) الأيام، أو عليه هاهنا أجر شهر، وليس (¬5) لتلك (¬6) الأيام أجر؟ قال: ليس له أن يخرج إلا من عذر، فإن خرج من غير عذر فعليه ¬

_ (¬1) م ص - قال. (¬2) م ص ف: وإنما. (¬3) ص + بحسابه. (¬4) ص: وذلك. (¬5) ص + له. (¬6) م: لك؛ ص: تلك.

أجر الشهر كله، وإن (¬1) خرج من عذر فعليه من الأجر بحساب ما سكن، وإن نزلها أياماً من الشهر الداخل فهو مثل الباب الأول في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً وكل رجلاً يؤاجر منزلاً له، فأكراه الوكيل من أبي رب المنزل ولم يعرفه أو عرفه، فلما حل عليه الأجر طلب الوكيل منه الأجر، فأبى الأب أن يعطيه، وقال: المنزل لابني، فلا أجر لك علي، هل له ذلك؟ أرأيت إن أجرها من أبيه أو من أمه أو من ابنته فهو بهذه المنزلة؟ أرأيت إن أجرها من عبد مأذون له في التجارة أو مكاتب له أو مدبر أو عبد له غير تاجر أله أن يأخذهم بالأجر، وهم يأبون أن يعطوه، أيقضى عليهم بالأجر أم لا؟ قال: الأجر على المستأجر في جميع ما ذكرت، إلا أن يكون عبداً لرب الدار، فإن كان عبدا لرب الدار فلا أجر عليه. وإن كان المولى هو المستأجر ورب الدار عبده فلا أجر عليه (¬2) أيضاً إلا أن يكون على العبد دين، فإن كان على العبد دين فعلى المولى الأجر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً وكل رجلاً (¬3) بكراء منزل (¬4) بأجر معلوم، فأكراه الوكيل من أبيه (¬5) أو من أمه أو من ابنه أو من ابنته، هل يجوز الكراء على هذا؟ أرأيت إن غاب الوكيل وجاء رب المنزل يطلب الأجر، أله على الساكن سبيل؟ أرأيت لو قال الساكن: إنما آجرني فلان، ولصاحب الدار البينة أن الدار داره؟ أرأيت إن كان يعلم الساكن ذلك فأبى أن يعطيه؟ أرأيت إن أعطى الساكن الأجر ثم جاء الوكيل، فقالوا له: إنا قد أعطينا الأجر رب المنزل، فقال لهم: لم أعطيتموه، وإنما أنا (¬6) آجرتكم المنزل، وقد علم ¬

_ (¬1) ف: فإن. (¬2) ص - وإن كان المولى هو المستأجر ورب الدار عبده فلا أجر عليه. (¬3) ص - وكل رجلا. (¬4) ص: تكارى منزلا. (¬5) أي: من أبي الوكيل. (¬6) ف - أنا.

أنهم قد أعطوا رب الدار الأجر أو لا يعلم أنهم أعطوا رب الدار الأجر؟ قال: لا خصومة بين رب الدار وبين الساكن في شيء مما ذكرت، وإن أعطاه الأجر فهو بريء منه، وإن آجره من ولد له كبير فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك الأب والأم. ولا يجوز في قياس قول أبي حنيفة (¬1) أن يؤاجر الوكيل من أبيه أو من أمه أو من ابنه وكل من لا تجوز شهادته (¬2) له. وكذلك زوجته. قلت: أرأيت رجلاً وكل رجلاً أن يؤاجر منزلاً له، وأكراه الوكيل بحيوان أو إجارة فاسدة مما لا تجوز فيه الإجارة، هل يضمن الوكيل شيئاً من ذلك؟ وإنما يرجع رب الدار على الساكن، وقد سكن فيها سنة؟ وهل لصاحب المنزل سبيل على المستأجر أم على الوكيل؟. قال: لا شيء على الوكيل، وعلى المستأجر أجر مثل الدار في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً دفع داره إلى رجل يسكنها ويقوم عليها ويَرُمُّها ولا أجر لها، فعمد فآجرها من رجل بأجر معلوم، فانهدمت الدار من سكنى الآجِر، هل لصاحب الدار سبيل على الذي آجرها، أو على المستأجر؟ قال: يضمن رب الدار المستأجر، ويرجع المستأجر بذلك على الذي آجره، ولا يكون لرب الدار أن يضمن المؤاجر في قول أبي حنيفة، ولكنه يضمن في قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً وكل رجلاً (¬3) يؤاجر له منزلاً، فعمد الوكيل فوهب الدار لرجل، أو أعارها إياه عارية، أو أعمرها إياه عمرى، فسكنها الرجل سنتين، ثم جاء صاحب المنزل ليطلب (¬4) الأجر من الوكيل، فقال الوكيل: ما قبضت من أجرها درهماً ولا دانقاً، ولصاحب الهبة البينة على الهبة أو ¬

_ (¬1) ف - وأبي يوسف ومحمد وكذلك الأب والأم ولا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. (¬2) ص - شهادته؛ صح هـ. (¬3) ف - وكل رجلا. (¬4) م: أيطلب؛ ص: يطلب.

على العارية، هل لصاحب الدار عليه سبيل أم على الوكيل؟ قال: ليس على الوكيل ولا على المستأجر أجر في شيء من ذلك في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، والهبة باطل لا تجوز، من قبل أنه وهب ما لا يملك. قلت: أرأيت رجلاً استأجر بيتاً من رجل في دار كل شهر بدرهم، وفي الدار بيت آخر، فسكنه المستأجر، فطلب رب البيت منه أجره مع أجر البيت الذي معه، وقال: إنما أكريتك بيتاً واحداً، وهو مقر بذلك، وقال المستأجر: إنما وجدت في الدار بيتاً فارغاً فانتفعت به فلا أجر لك عليه؟ قال: عليه أجر بيت واحد، وهو البيت الذي تكارى منه، وليس عليه في البيت الآخر أجر في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل منزلاً، والمنزل مقفل، فقال له رب المنزل: خذ المفتاح فافتحه واسكن البيت، ففتح الرجل المنزل، وأعطى أجر الحداد نصف درهم، وأجر البيت كل شهر درهم، على من يكون أجر الحداد؟ أرأيت إن انكسر القفل من معالجة الحداد والقفل لرب المنزل هل يضمن الذي استأجر المنزل أو الحداد؟ قال: أجر الحداد على الذي استأجره إن كسر القفل، والحداد ضامن لقيمته، ولا يضمن المستأجر القفل، مِن قِبَل أن صاحب القفل قد أذن له في فتحه إذا عالجه بما يعالج به مثله في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً استأجر منزلاً من رجل سنة بثلاثة أثواب يهودية ذَرْعاً معلوماً وعرضاً معلوماً ورُقْعةً (¬1) معلومةً وأجلاً معلوماً وطولاً معلوماً، على أن يعطيه ذلك عند انقضاء الإجارة، هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن قال صاحب المنزل: لا آخذ منك إلا ثياباً جياداً، وقال المستأجر: ليس ذلك، ما يعطيه من ذلك؟ ¬

_ (¬1) أي: غِلَظاً وثخانةً، كما تقدم.

باب إجارة الحمامات

قال: يعطيه شرطه أدنى ما يكون من ذلك الجنس الذي سمى (¬1) من الطول والعرض والرُّقْعة، ويجبر صاحب المنزل على أخذ ذلك، وليس لرب المنزل أن يخرجه من المنزل حتى يستكمل الأجل في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب إجارة الحمامات محمد قال: حدثنا الوليد بن عيسى بن (¬2) عمارة عن أبيه عن جده عمارة بن عقبة، قال: قدمت على عثمان بن عفان، فسألني عن مالي، فأخبرته أن في غلامين حجامين لهما غلة، وحماماً له غلة، قال: فكره لي غلة الحجامين وغلة الحمام (¬3). وإذا استأجر الرجل حماماً من رجل وحدده شهوراً مسماة بدراهم مسماة فهو جائز. وإن كان حماماً للرجال وحماماً للنساء وقد حددهما جميعاً وقد سمى في كتاب الإجارة حماماً فإنه في القياس إنما استأجر حماماً واحداً، وهو فاسد، لأنه لا يدري أيها استأجر، ولكن أدع القياس في ذلك وأجيز له الحمامين جميعاً. ألا ترى أنك تقول: حمام فلان، وهما حمامان. ومَرَمَّة الحمامين في صَارُوجِهما (¬4) وما لا بد منه لهما (¬5) على رب الحمام، وليس (¬6) على المستأجر من ذلك شيء. وكذلك إصلاح قِدْر الحمام ¬

_ (¬1) ص: سماه. (¬2) ف - عيسى بن، صح هـ. (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة مختصراً. انظر: المصنف له، 4/ 354. ونقله الإمام الشافعي نحوه بدون إسناد. انظر: السنن الكبرى للبيهقي، 9/ 338. (¬4) الصاروج: النورة وأخلاطها تطلى بها الحياض والحمامات. انظر: المغرب، "صرج"؛ ولسان العرب، "صرج". (¬5) ف - لهما. (¬6) ص: فليس.

وحوضه ومسيل مائه فهو على رب الحمام. ولو استأجر رجل حماماً واشترط عليه رب الحمام أن مَرَمَّته على المستأجر فإن هذه الإجارة فاسدة لا تجوز، من قبل أن المرمة مجهولة لا تعرف كم تبلغ. ولو اشترط عليه رب الحمام (¬1) عشرة دراهم كل شهر لمَرَمَّتِه مع الأجر إذا أذن أن ينفقها عليه فإن هذا جائز. فإن قال المستأجر: قد رممت الحمام بها، لم يصدق، لأنه ضامن لها، وهي دين عليه، فلا يبرأ منها بقوله، ولكن للمستأجر أن يستحلف رب الحمام ما يعلم أنه رَمَّ (¬2) بها الحمام (¬3)، فإن حلف أخذها منه، وإن نكل عن اليمين برئ المستأجر منها، وإن أقام المستأجر البينة أنه قوإنفقها في مَرَمَّتِه فهو جائز، وهو بريء منها. ولو كان المستأجر اشترط أنه أمين في هذه النفقة وأن القول قوله فيها فإنه لا يكون أميناً فيها، ولا يكون القول قوله، وهذا مثل الباب الأول، وذلك من قبل أنه ضامن لها، فلا يكون مؤتمناً فيها، وهو ضامن له. ولو جعلا بينهما رجلاً يقبضها وينفقها على الحمام كان جائزاً، فإن قال المستأجر: قد دفعتها إليه وكذبه رب الحمام فإن العدل الذي جعلا بينهما يسأل عن ذلك، فإن أقر أنه قد قبضها فهو مصدق، والمستأجر بريء منها، والعدل مؤتمن فيها، فإن قال: ضاعت، حلف على ذلك ويبرأ منها. وإن قالط: أنفقتها في مرمته، حلف على ذلك (¬4) وبرئ منها، لأنه مؤتمن لا يكون عليه ضمان. ولو كان العدل كفيلاً بالأجر كان مثل المستأجر، ولا يصدق، ولا يكون مؤتمناً فيها. وإذا استأجر الرجل حمامين للرجال والنساء في دار أشهراً مسماة بأجر معلوم فهو جائز. فإن أراد رب الحمام أن يمنعه البئر الذي يستقى (¬5) منه ماء الحمام أو يمنعه مسيل ماء الحمام أو موضع سرقينه فليس له أن يمنعه، لأن ¬

_ (¬1) ف - أن مرمته على المستأجر فإن هذه الإجارة فاسدة لا تجوز من قبل أن المرمة مجهولة لا تعرف كم تبلغ ولو اشترط عليه رب الحمام. (¬2) رَمَّ البناء: أصلحه، رَمًّا ومَرَمَّة انظر: المغرب، "رمم". (¬3) ص - ما يعلم أنه رم بها الحمام. (¬4) ف - ويبرأ منها وإن قال أنفقتها في مرمته حلف على ذلك. (¬5) م ف: يستسقى.

هذا من مرافقه ما لا يصلحه غيره. وكذلك لو لم يشترط المستأجر كان له ذلك. وهذا بمنزلة مدخل الحمام وفنائه. ولو اختلفا في قِدْر الحمام فادعاها المستأجر وادعاها رب الحمام فإنه يقضى بها لرب الحمام، لأنها في بنائه. ولو أراد رب الحمام أن يُقعد مع المستأجر أميناً ليقبض (¬1) غلته يوماً بيوم لم يكن له ذلك، لأنه ليس له من غلة الحمام شيء، إنما [له] أجر مسمى على المستأجر، وليس هو من غلته في شيء. ولو انقضت الإجارة وفي الحمام رماد كثير وسرقين كثير، فقال رب الحمام: السرقين لي، وقال المستأجر: بل (¬2) هو لي، وأنا أنقله، فهو للمستأجر، وله أن ينقله، لأن هذا من أداة الحمام وعُمَالته (¬3)، وهذا مثل النّورة والزِّرْنيخ. ولو باع ذلك السِّرقين من رب الحمام كان بيعه جائزاً، فإذا اختلفا في ذلك فهو للمستأجر. وأما الرماد فإن كان ذلك من عمل المستأجر وكان مقراً بذلك فعليه أن ينقله. فإن جحد ذلك فقال: ليس من عملي ولا من فعلي، فإن على رب الحمام البينة. فإن أقام رب الحمام البينة جبرت المستأجر على نقله. وإن لم تقم بينة حلف المستأجر على ذلك (¬4) بالله، فإن حلف لم يؤخذ بنقله، وإن نكل عن اليمين أخذ بذلك. ولو قال المستأجر: الرماد من فعلي، وأنا أحمله وأنتفع به، وقال رب الحمام: ليس هو ما أحدثت، فدعه في حمامي أنتفع به، فإن القول قول المستأجر مع يمينه، وله أن يحمله. ولو أراد المستأجر أن يترك السرقين ولا ينقله وطلب رب الحمام أن يأخذه بحملانه، وأقرا جميعاً أنه للمستأجر، فإن المستأجر (¬5) يؤخذ بنقله. ولو أن مسيل ماء الحمام كان فارغاً فامتلأ، فأراد رب الحمام ¬

_ (¬1) م ص: لقبض. (¬2) ف - بل. (¬3) يجوز التثليث في العين، والمعنى أجر العمل. انظر: لسان العرب، "عمل". ولعل المقصود هنا أعم من أجر العمال، وهو ما يصرف على العمل عموماً. (¬4) ص - على ذلك؛ صح هـ. (¬5) ص - فإن المستأجر.

أن يأخذ المستأجر بكنسه، والمستأجر ينكر (¬1) أنه امتلأ من عمله، فإنه يؤخذ بذلك حتى يكنسه. ولو أن رب الحمام اشترط على المستأجر نقل الرماد والسرقين والغُسَالة في الإجارة، فإن ذلك لا يفسد الإجارة، لأنه على المستأجر وإن لم يشترط رب الحمام. فإن كان مسيل الماء مسقّفاً ليس بظاهر وهوطاق (¬2) تحت الأرض فهو مثل ذلك، ولا يشبه هذا البالوعة والكِرْياس (¬3). ولو أن المستأجر اشترط كنس ذلك على رب الحمام فالإجارة فاسدة لا تجوز، لأنه ليس على رب المال كنس ذلك. ولو أن رجلاً استأجر حماماً من رجل سنة بكذا وكذا درهماً، فقال رب الحمام: قد تركت (¬4) لك أجر شهر (¬5) لِمَرَمَّةِ (¬6) الحمام، فإن هذا لا يفسد الإجارة. ولو قال: قد أنفقتها في مَرَمَّة الحمام، فإنه (¬7) لا يصدق (¬8) المستأجر على أنه قد أنفقها على الحمام إلا ببينة على ذلك، لأنه ضامن لها ولا يكون مؤتمناً فيها، وحالها مثل حال العشرة دراهم التي وصفنا قبل هذه المسألة. ولو استأجر الرجل من الرجل الحمام أشهراً مسماة بأجر معلوم، واشترط عليه رب الحمام كل شهر (¬9) عشر طَلْيَات (¬10)، فإن هذه الإجارة فاسدة لا تجوز، لأن هذه النُّورة التي اشترط مجهولة، لا يعرف بكم يكون ثمنها إن يَطْلِه، [وَ] بكم يرجع عليه من الإجارة. ¬

_ (¬1) م ص - ينكر. (¬2) الطاق: ما عُطِف من الأبنية، فارسي معرب. انظر: مختار الصحاح، "طوق"؛ ولسان العرب، "طوق". وقد تكون الكلمة محرفة عن "خَافٍ" تفسيراً لقوله: ليس بظاهر. (¬3) هو نوع من الكنيف، وقد تقدم قريباً. (¬4) م ص: قد تركته. (¬5) م ص: شهرى. (¬6) ف: لزمه. (¬7) ص - فإنه. (¬8) ص: لم يصدق. (¬9) ص + كل يوم. (¬10) طليته بالنورة وغيرها: لطخته. واطّليت على افتعلت بترك المفعول إذا فعلت ذلك بنفسك. والطَّلْيَة: المرة، ومنها "استأجره على أن ينوّره في الحمام عشر طَلْيات". انظر: المغرب، "طلي".

وإذا استأجر الرجل من الرجل حمامين أشهراً مسماة كل شهر بأجر معلوم، فانهدم أحدهما، فأراد المستأجر أن يكون الآخر (¬1) معه بحصته من الأجر، وقال رب الحمام: خذه بجميع الأجر أو دَعْ، فإنه يلزم الباقي المستأجر بحصته من الأجر، ولا خيار له. وإنما أبطلت الخيار في هذا إذا كان قبض، بمنزلة بيتين شارعين (¬2) استأجرهما رجل يبيع فيهما، فانهدم أحدهما بعدما قبضهما، فإنه يلزم الآخر بحصته من الأجر. ألا ترى أنه لو استأجر رجل حماماً وعبداً وقبضهما فمات (¬3) العبد فإنه يلزم الحمام بحصته من الأجر، فإن انهدم الحمام وإنما استأجر العبد ليقوم على الحمام في عمله فإن له أن يترك العبد إن شاء، وإن شاء أخذه بحصته من الأجر (¬4). ولو استأجر حمامين فانهدم أحدهما قبل أن يقبض المستأجر فالمستأجر بالخيار، إن شاء قبض الباقي منهما بحصته من الأجر وإن شاء (¬5) ترك. وإذا استأجر الرجل من الرجل حماماً واحداً فانهدم منه بيت بعد القبض أو قبل القبض فإن هذا لا يلزمه، من قبل أنه حمام واحد وأنه لا يستقيم بعضه دون بعض. ولو أن رجلاً دخل الحمام بأجر فأعطى ثيابه صاحب الحمام لحفظها له فضاعت منه لم يكن عليه ضمانها. محمد عن يعقوب عن الحجاج بن أرطأة عن رجل عن شريح أن رجلاً دخل الحمام، فأعطى ثيابه صاحب الحمام ليمسكها، فسرقت منه، فلم (¬6) يضمنها إياه. ¬

_ (¬1) م ص: الاجر. (¬2) بيت وكنيف شارع، أي: قريب من الشارع، وهو الطريق الذي يَشْرَع فيه الناس عامة على الإسناد المجازي، أو من قولهم: شَرَعَ الطريقُ، إذا تبين. انظر: المغرب، "شرع". (¬3) ص: ومات. (¬4) ف - فإن انهدم الحمام وإنما استأجر العبد ليقوم على الحمام في عمله فإن له أن يترك العبد إن شاء وإن شاء أخذه بحصته من الأجر. (¬5) م: إن شاء. (¬6) ص: لم.

ولو أن رجلاً دخل الحمام بدانق على أن ينوّره صاحب الحمام فإن هذا في القياس فاسد. وكذلك لو أعطى فلساً على أن يدخل الحمام فيغتسل كان هذا فاسداً، لأنه لا يدري بكم يغتسل من الماء ومتى يخرج وكم يكفيه من النُّورة، ولكن أستحسنه فيما بينهم فأجيزه. قلت: أرأيت رجلاً أجر حماماً له (¬1) من رجل شهراً بمائة درهم، هل تجوز هذه الإجارة، ولم يسم دار الحمام ولا قِدْره ولا مسيل مائه ولا مستقى مائه ولم يسم شيئاً من ذلك، إلا أنه قال (¬2): أؤاجرك (¬3) حمامي شهراً بمائة درهم؟ قال: الإجارة جائزة، وله مرافق الحمام كلها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل حماماً كل شهر بمائة درهم، فتركه شهراً ثم عمل فيه الشهر الآخر عليه (¬4) أجر شهر واحد أو أجر شهرين؟ أرأيت إن سمى فقال: كل شهر بمائة درهم، أو قال: أستأجره منك شهراً بمائة، أهما سواء؟ قال: إذا كان كل شهر بمائة (¬5) فما عمل فيه فعليه كل شهر بمائة. وإذا قال: أستأجره منك شهراً بمائة درهم، فليس عليه إلا أجر شهر واحد، وهو غاصب في الآخر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل حماماً بألف درهم ومائتي فى رهم، كل شهر بمائة، على كم وقع الكراء، على شهر أو على سنة؟ ¬

_ (¬1) ص - له. (¬2) م - قال، صح هـ.؛ ص + أنا. (¬3) ص: أؤجرك. (¬4) م ص - عليه. (¬5) ص - بمائة.

قال: وقع الكراء على سنة. قلت: لم (¬1) وقد سمى كل شهر، أرأيت قوله: أستأجره منك سنة، كل شهر بكذا وكذا، وقوله: سنة بكذا وكذا، أهما سواء؟ قال: هذا كله باب واحد، والإجارة سنة، وكل شهر بما سمى في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل حماماً بألف درهم سنة، فأقعد معه رب الحمام من عنده رجلاً يأخذ ما يدخل عليه من غلة الحمام الأول فالأول، أله ذلك، وأبى مستأجر (¬2) الحمام أن يعطيه، قال: لا أعطيك حتى رأس الشهر، أله ذلك؟ أرأيت إن قال صاحب الحمام: أنا أخاف أن يذهب بغلته، فأنا أُقعد معه أميناً من عندي ليستوفي (¬3) غلتي من تحت يده، أله ذلك، وما القضاء فيه؟ قال: ليس لرب الحمام أن يُقعد معه أحداً في شيء مما ذكرت، ويكون له أن يأخذ المستأجر بأجر كل يوم بحساب (¬4) ما يصيبه من الشهر في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً استأجر من رجل حماماً كل سنة بألف بقدرها وبئرها ومسيل مائها فاجتمع من رمادها شيء كثير وأراد المستأجر ترك الحمام، فقال له صاحب الحمام: اكنس هذا الرماد الذي جمعته، وقال المستأجر: بل هو عليك، إنما هو في دارك، كيف القضاء فيما بينهما؟ قال: الإجارة على هذا جائزة، وما اجتمع من الرماد من عمله فعلى المستأجر نقل ذلك كله، وليس على رب الحمام من ذلك شيء، إلا أن يكون يُعرَف أنه كان في داره قبل أن يستأجرها هذا، فإن كان كذلك فهو ¬

_ (¬1) ص - لم. (¬2) م ص: المستأجر. (¬3) م ص: للمستوفي. (¬4) م: الحساب.

باب إجارة الراعي

عليه في قياس قول (¬1) أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وإن كان لا يُدرَى فإنه لا يجبر المستأجر على نقله. قلت (¬2): أرأيت رجلاً استأجر حماماً بغير قِدْر واستأجر القِدْر من غيره فانكسرت القدر فلم يعمل في الحمام أشهراً وقد استكراه سنة (¬3)، فطلب صاحب الحمام أجر حمامه، وطلب صاحب القدر أجر قدره، وهو يقول: لم أعمل في حمامك ولا في قدرك، وهم مقرون بذلك، هل عليه [أجر]؟ أرأيت إن يحاجّه أو قامت (¬4) عليهم بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: أما صاحب الحمام فله أجره إذا دفع إليه وخلى بينه وبينه فعمل فيه أو لم يعمل، وأما صاحب القدر فإن كانت (¬5) انكسرت من عمله فلا أجر عليه يوم انكسرت، وإن كانت (¬6) انكسرت من غير عمله فلا أجر عليه أيضاً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب إجارة الراعي محمد عن أبي يوسف قال: حدثنا غالب بن عبيد الله عن مجاهد وطاوس وعطاء أنهم قالوا: لا ضمان على الأجير الراعي وإن اشترطوا (¬7) ذلك عليه (¬8). وإذا استأجر الرجل راعياً ليرعى له غنماً بأجر معلوم فهو جائز. وإن ¬

_ (¬1) ص - قول. (¬2) ف - قلت. (¬3) ف: لنفسه. (¬4) م: أو أقامت. (¬5) ف - كانت. (¬6) م ف: فإن كانت. (¬7) ص: اشترط. (¬8) روي عدم تضمين الراعي عن الشعبي وسعيد بن المسيب والزهري وابن شبرمة. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 220؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 5/ 19 - 20.

كان رب الغنم اشترط عليه أن لا يرعى معها شيئاً غير غنمه فهو جائز (¬1). فإن ماتت منها شاة لم يضمن الراعي، ولم يرفع عنه من الأجر بحساب تلك الشاة. ألا ترى أنه أجير (¬2) هذا وحده، وليس له أن يرعى معها شيئاً غيرها. ولو ضرب منها شاة ففقأ عينها أو كسر يدها كان ضامناً، لأنه لم يأذن في ضربها. ولو سقاها من نهر فغرقت منها شاة لم يضمن. وكذلك لو عطبت منها شاة في يد (¬3) الراعي (¬4) أو أكلها سبع من السباع فإنه لا يضمن، لأنه ليس بأجير مشترك، وهو مصدق فيما هلك منها بعد أن يحلف على ذلك بالله. ولو كان هذا الراعي مشتركاً يرعى لمن شاء ثم مات منها شاة من عمله فإن أبا حنيفة كان لا يضمنه ذلك. وجميع ما كتبنا قبل هذا فهو قياس (¬5) قول أبي حنيفة كله. وأما في قول من يضمن الأجير المشترك فإنه يضمن الراعي ما هلك منها، ولا يضمن فيما مات منها إذا علم ذلك. وأما أبو حنيفة فكان لا يضمنه ما هلك ولا ما مات. وإن ساقها إلى الرعي فعطب منها شاة فإن أبا حنيفة كان يضمنه قيمتها. وكذلك قول من يضمن الأجير المشترك، لأنها عطبت من سياقته (¬6). وهو قول أبي يوسف. ولو أن شاة ماتت فادعى الراعي ذلك وجحد رب الغنم وقال (¬7): استهلكها (¬8)، فإن الراعي ضامن لها في قول من يضمن الأجير المشترك حتى يقيم البينة على الموت. فإن أقام البينة برئ. وكذلك لو أوردها نهراً لسقيها فغرقت منها شاة كان ضامناً. وكذلك إن مر بها على جسر فسقطت منها شاة في الماء فغرقت أو انكسرت فهو ضامن. وإن (¬9) أكل منها سبع شاة فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة، وعليه الضمان في قول من يضمن الأجير المشترك. وكذلك لو سرق منها شاة، لأنه قد ضيع حيث لم يحفظها من السبع والسرق، وهذا في قول من يضمن الأجير المشترك. ¬

_ (¬1) ص - كان كان رب الغنم اشترط عليه أن لا يرعى معها شيئاً غير غنمه فهو جائز. (¬2) م: أخبر. (¬3) م ص ف - يد؛ صح ص فوق السطر. (¬4) ف: الرعي. (¬5) ص + من. (¬6) م ص: من ساقته. (¬7) م ص - وقال. (¬8) م ص: واستهلكها. (¬9) م ص + كان.

ولو كانوا (¬1) الذين دفعوا إليه الغنم اشترطوا عليه ضماناً (¬2) فيما عطب (¬3) من فعله وبصنعه كان ذلك جائزاً عليه في قول أبي حنيفة وغيره، لأنه يضمن ذلك بغير شرط، وكذلك إذا شرط عليه. ولو اشترطوا عليه ضمان ما مات منها كانت الإجارة فاسدة على هذا الشرط في (¬4) قول أبي حنيفة وفي قول من يضمن الأجير. وإذا أتى الراعي بالغنم إلى أهلها فأكل السبع منها شاة وهي في مرابضها عند أهلها فلا ضمان عليه. ولو اشترط رب الغنم على الراعي وهو أجير وحده ضمان ما عطب منها (¬5) لم يضمن، وكانت الإجارة فاسدة في قياس (¬6) قول أبي حنيفة، والراعي الذي ليس له أن يرعى لغيره لا يضمن إلا أن يخالف، والمشترك يضمن ما ضيع (¬7) وما عطب من سياقته في قول أبي حنيفة. وإذا كان الراعي مشتركاً فله أن يبعث بالغنم مع غلامه وأجيره وولده بعد أن يكون ولداً كبيراً في عياله، ولا يكون منه هذاً خلافاً. وإذا كان راعي رجل وحده فبعث بها مع أجيره أو مع ولد له كبير في عياله فلا ضمان عليه أيضاً. وإذا استأجر الرجل راعياً يرعى غنماً له شهراً ولم يذكر له شيئاً غير ذلك، فأراد الراعي أن يرعى لغيره بأجر، وأراد رب الغنم الأول أن يمنعه من ذلك، فليس للراعي أن يؤاجر نفسه من غيره، لأنه قد استأجره شهراً. ولو فعل ذلك ورب الغنم لا يعلم حتى فرغ من الشهر، فإن الأجر له كاملاً، ولا يتصدق منه بشيء، ولا يطرح عنه من الأجر الأول ¬

_ (¬1) ص: كان. (¬2) م ف: ضمان. (¬3) ف: ما أعطب. (¬4) ف + قياس. (¬5) ص - منها. (¬6) ف - قياس، صح هـ. (¬7) م ف: ما صنع.

شيء إذا كان قد رعى غنمه الشهر كله. ولو كان يَبْطُل (¬1) من الشهر (¬2) يوماً واحداً أو يومين لا يرعاها حوسب بذلك من أجره، وإن كان ذلك من مرض أو من بِطالة (¬3) فإنه يحاسب بذلك (¬4) من أجره. ولو أن رجلاً سأل راعياً يرعى له غنمه هذه (¬5) بدرهم في الشهر كان جائزاً، وكان لهذا الراعي أن يرعى بالأجر لغيره. وليس هذا مثل الباب الأول، لأن الأول قد استأجره لنفسه شهراً، وهذا إنما دفع إليه الغنم بدرهم في الشهر، فهذا مخالف (¬6) لذلك. ولو كان حين دفع إليه الغنم بدرهم في الشهر (¬7) اشترط عليه أن لا يرعى معها شيئاً كان جائزاً، وكان بمنزلة الباب الأول. وإذا قال الرجل للرجل: ارع غنمي هذه بدرهم في الشهر، فهذا مشترك وإن لم يرع لغيره. ولو دفع إليه غنمه يرعاها على أن أجرها ألبانها وأصوافها فإن هذا فاسد لا يجوز. ولو دفع رجل غنمه إلى راع واشترط على الراعي جبناً معلوماً وسمناً معلوماً، وما بقي من ألبانها وسمونها وأصوافها للراعي، فهذا فاسد لا يجوز، وما أصاب الراعي من ألبانها وأصوافها وسمونها فهو له ضامن، وله أجر مثله. ولو أن راعياً مشتركاً خلط غنماً للناس بعضها ببعض فلم يعرف أهلها ذلك، فإن القول في ذلك قول الراعي مع يمينه. وإن جهل ذلك الراعي ¬

_ (¬1) بَطَلَ الأجير يَبْطُل، وتَبَطَّل يتبطّل أي عَطَّل، وتكاسل. انظر: المغرب، "بطل"؛ والقاموس المحيط، "بطل". (¬2) ص + الواحد. (¬3) أي: من كسل كما تقدم. (¬4) م: ذلك. (¬5) ف - هذه. (¬6) م: يخالف. (¬7) ف - فهذا مخالف لذلك ولو كان حين دفع إليه الغنم بدرهم في الشهر.

فقال: لا أعرفها، فهو ضامن لقيمة الغنم كلها لأهلها، وتسلم (¬1) له الغنم، والقول قول الراعي في قيمتها (¬2) يوم خلطها مع يمينه. ولو ادعى بعضهم طائفة من الغنم فإن الراعي يحلف: ما هذه (¬3) غنم هذا، فإن لم يحلف (¬4) دفعها إليه، وإن حلف ضمن له القيمة على ما قال الراعي. ولو دفع الرجل الراعي غنم رجل (¬5) إلى غيره فأمسكها وأقر بذلك فإن للرجل أن يضمن الراعي قيمتها، وليس له على الذي قبضها سبيل إلا أن يقيم بينة أنها له، أو يقر بمثل ما أقر به الراعي. ولو كانت الغنم قائمة بأعيانها فأقام البينة أنها له أخذها، ولا يسع المصدق أن يصدق غنماً حتى يحضر صاحبها وإن كانت مع الراعي، لأن الراعي لا يملكها. وإذا أراد راع مشترك أن يرعى في الجبال، فاشترط عليه رب الغنم أن ما (¬6) مات منها فعليه أن يأتيهم بِسِمَتِه (¬7) [وإلا] هو [ضامن، لم يلزمه بهذا ضمان وإن لم يأت بسمته في قول أبي حنيفة؛ وفي قول أبي يوسف هو ضامن] (¬8) إلا أن يقيم بينة على الموت. ولو أخذ المصدق زكاة الغنم من الراعي فلا ضمان على الراعي في ذلك. وإن خاف الراعي الموت على شاة منها فذبحها فهو ضامن لقيمتها يوم ذبحها. ¬

_ (¬1) ص: ويسلم. (¬2) م ص: وقيمتها. (¬3) ف + الغنم. (¬4) ص + فإن لم يحلف. (¬5) ص: الرجل. (¬6) ف - ما. (¬7) ص: بسميه؛ ف: بسمنه. والسِّمَة العلامة التي تعرف بها الدابة من كي أو قطع في الأذن أو نحو ذلك. انظر: لسان العرب، "وسم". (¬8) الزيادتان من الكافي، 1/ 207 و. وانظر: المبسوط، 15/ 162 - 163.

وإذا اختلف رب الغنم والراعي، فقال رب الغنم: دفعت إليك (¬1) مائة شاة، وقال (¬2) الراعي: دفعت إلي تسعين شاة، فإن القول في ذلك قول الراعي مع يمينه، ولا ضمان عليه إذا حلف. وإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة رب الغنم، وضمنت الراعي الفضل، لأنه جحده. وليس للراعي أن يسقي من ألبان الغنم ولا يأكل ولا يبيع ولا يقرض، فإن فعل ذلك فهو ضامن، إلا أن يكون رب الغنم أذن له في ذلك. ولو أن رب الغنم باع نصف غنمه، فإن كان استأجر الراعي شهراً على أن يرعى له، فإنه لا يحط عنه من الأجر شيء، لأن الإجارة على الشهر، فلا يضره أن ينقص من الغنم شيئاً. ولو أن رب الغنم أراد أن يزيد في الغنم ما يطيق الراعي كان ذلك له، لأنه استأجره شهراً يرعى له. وإن سمى له غنماً أو لم يسم له غنماً (¬3) فهو سواء. ولو استأجره شهراً يرعى له هذه الغنم بأعيانها لم يكن له أن يزيد فيها شيئاً في القياس، ولكن أدع القياس وأجعل له أن يزيد فيها. أرأيت لو ولدت الغنم أما كان عليه أن يرعى أولادها معها، أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ولو كان لم يستأجره شهراً، ولكنه دفع إليه غنماً (¬4) مسماة على أن يرعى له في كل شهر بدرهم، فإنه ليس لرب الغنم أن يزيد فيها شيئاً. وإن باع منها طائفة فإنه ينقصه من الأجر بحساب ذلك. فإن ولدت الغنم لم يكن عليه أن يرعى أولادها معها. فإن كانوا اشترطوا عليه حين دفعوا إليه الغنم أن يولدها ويرعى أولادها معها فهو فاسد في القياس، لأنه لا يدري ما أولادها، ولكني أستحسن ذلك وأجيزه. والبقر والإبل والجواميس والبغال والحمير في ذلك كله سواء. وليس للراعي أن يُنْزِي على شيء من ذلك بغير أمر (¬5) رب المال. فإن ¬

_ (¬1) ص: إليه. (¬2) ف: قال. (¬3) ص - أو لم يسم له غنما. (¬4) م: غنماه. (¬5) ص - أمر؛ صح فوق السطر.

فعل فعطب منها شيء من ذلك فإنه ضامن. ولو لم يفعل هو ذلك ولكنه كان في الغنم فحل فنَزَا على بعضها فعطب فلا ضمان على الراعي، لأنه لم يرسله فيها. ولو نَدَّ من الإبل بعير أو من البقر بقرة، فخاف الراعي إن اتبع ما ند منها أن يضيع ما بقي، فإنه في سعة من ترك ذلك الواحد، ولا ضمان عليه في قياس قول أبي حنيفة، وهو ضامن في قول أبي يوسف. ولو تكارى من يجيء بالواحدة فهو متطوع في الكراء. وإن تفرقت الغنم والإبل والبقر عليه فِرَقاً فلم يقدر على اتباعها كلها، فأقبل على فرقة منها وترك ما سوى ذلك، فهو في سعة من ذلك، ولا ضمان عليه في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا استأجر الرجل راعياً يرعى له غنمه وهو راع مشترك، فرعاها في بلد فعطبت (¬1)، فقال رب الغنم: إنما اشترطت عليك أن ترعاها في موضع كذا وكذا لموضع غير ذلك، وقال الراعي: بل شرطت علي هذا الموضع الذي رعيتها فيه، فالقول في ذلك قول رب الغنم مع يمينه، وعلى الراعي البينة. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة الراعي، لأنه المدعي في قياس قول أبي حنيفة. وفي قول أبي يوسف هو ضامن وإن لم يخالف. فإن (¬2) أقام البينة أنها نفقت (¬3) فهو المدعي. وإن كان الراعي أجيراً (¬4) وحده فهو سواء، والقول فيه مثل ذلك في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، لا يضمن إلا أن يخالف، ولا أجر للراعي إذا خالف بعد أن تعطب الغنم، فإن سلمت الغنم استحسنت أن أجعل له الأجر. ... ¬

_ (¬1) م ف: فعطب. (¬2) ف: وإن. (¬3) م ص ف: نفقد. (¬4) م ص: أخبره.

باب إجارة الثياب

باب إجارة الثياب وإذا استأجر الرجل (¬1) ثوباً ليلبسه يوماً إلى الليل بأجر معلوم مسمى فهو جائز، وليس له أن يُلبسه غيره، فإن ألبسه غيره وكان هو الذي أعطاه إياه فهو ضامن للثوب إن أصابه شيء، وإن لم يصبه شيء لم يكن عليه أجر في ذلك اليوم الذي أعطاه فيه غيره فلبسه، لأنه خالف، فصار ضامناً. وإن كان استأجره لِلّبس يوماً إلى الليل ولم يسم من يلبسه فإن هذا فاسد. وإن اختصما فيه قبل أن يلبسه أفسدت (¬2) الإجارة. وإن لبسه أو أعطاه (¬3) غيره فلبسه إلى الليل فهو جائز، وعليه الأجر، ولا ضمان عليه إن ضاع فيه. والقميص والقباء والرداء والسراويل والقلنسوة والجبة والطيلسان والكساء والقطيفة والمنطقة وغير ذلك من جميع أصناف الثياب مما يلبس من ذلك كله سواء. وإنما أفسدت (¬4) الإجارة إذا لم يسم من يلبسه لأن اللبس مختلف، بعض الناس أسوأ لبساً من بعض. وقال أبو حنيفة: إذا استكرى الرجل دابة يوماً إلى الليل ولم يسم ما يعمل عليها، فإن اختصما قبل العمل فهو فاسد، وإن عمل عليها إلى الليل فهو جائز، وعليه الأجر، أستحسن ذلك. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك الثوب. وإذا استأجر الرجل قميصاً ليلبسه يوماً إلى الليل بدرهم، فلم يلبسه، ووضعه في منزله حتى جاء الليل، فطلبه (¬5) صاحبه، فإن عليه الأجر كاملاً، وليس له أن يلبسه بعد ذلك. ولو لم يفعل به ولكنه اتّزر به يوماً إلى الليل فهو ضامن إن تخرّق، لأن هذا يفسد القميص. وإن سَلِمَ جعلت عليه الأجر، أستحسن ذلك. وكان ينبغي في القياس أن لا يكون عليه الأجر لأنه خالف. وإذا استأجرت المرأة درعاً لتلبسه ثلاثة أيام بأجر مسمى فهو جائز. ¬

_ (¬1) م - الرجل. (¬2) ص: فسدت. (¬3) ص: وأعطاه. (¬4) م ص: فسدت. (¬5) ف: وطلبه.

ولو كان أجر اليوم الأول درهماً وأجر اليومين الباقيين دانقاً فهو جائز على ما سمى. ولو كان أجر (¬1) اليومين الأولين دانقاً وأجر اليوم الآخر درهماً كان جائزاً على ما سمى. ولها أن تلبسه النهار كله ومن الليل من أوله وآخره ما يلبس الناس. وإن لبسته الليل كله فتخرق من لبسها في غير الليل فلا ضمان عليها. وليس لها أن تنام فيه، لأن ذلك ليس مما يصنع الناس، وهذا يفسد الثوب. وإن فعلت ذلك فتخرق (¬2) الثوب من ذلك فهي ضامنة. وليس عليها أجر في تلك الساعة التي تخرق فيها الثوب، وعليها الأجر فيما كان قبل ذلك وبعده. وإن سلم ولم يتخرق جعلت عليها الأجر كله. وإن كان الدرع ليس بدرع الصَّيَانَة (¬3) إنما هو درع بِذْلَة ينام في مثله فلا ضمان عليها إن نامت فيه وعليها الأجر. وإن لم تلبسهَ تلك الأيام فعليها الأجر كاملاً. وإن كانت استأجرته لمخرج تخرج فيه يوماً بدرهم فلبسته في بيتها فعليها الأجر وليس هذا بخلاف. وإن لم تخرج في ذلك المخرج ولم تلبسه فعليها الأجر، لأنه قد شرط عليها يوماً ودفعه إليها، فالأجر عليها إذا جاء ترك اللبس من قبلها. ولو كان الدرع ضاع منها ذلك اليوم ثم وجدته بعد ذلك لم يكن عليها أجر إذا صدقها رب الدرع. وإن لبسته في اليوم الثاني (¬4) ضمنتها ولم يكن عليها أجر. وإن كذبها رب الدرع وقال: لم يضع منك، فإن كان في يديها (¬5) حين قالت هذه المقالة فالأجر لها لازم، ولا تصدق أنه ضاع منها. فإن (¬6) جاءت ببينة أنه ضاع منها قبل منها ولا أجر عليها. وإن لم يكن لها بينة أنه ضاع منها فعلى رب المتاع اليمين بالله على علمه ما يعلم أنه ضاع منها. فإن حلف لزمها الأجر كله. وإن نكل عن اليمين بطل عنها الأجر. وإن سرق منها فلا ضمان عليها. وكذلك لو تخرّق عليها مِن لُبسها فلا ضمان عليها. وليس هذا مثل الأجير المشترك الذي يضمن ما ¬

_ (¬1) م - أجر. (¬2) ف + فيها. (¬3) درع الصيانة أي: ما يصان ويلبس نهاراً ولا ينام فيه. أما درع البِذْلة فهو ما يبتذل ويمتهن وينام فيه. انظر: المبسوط، 15/ 167؛ والقاموس المحيط، "بذل". (¬4) م ص ف: الباقي. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 207 ظ. (¬5) ص: في يدها. (¬6) ف: وإن.

جنت يده، لأن هذه إنما استأجرت شيئاً لتلبسه، وهذا مثل رجل استأجر دابة ليركبها فعطبت الدابة فلا ضمان عليه، فهذا مثل ذلك. ولو أصابه في بيتها نجس أو قرض فأره أو حرق نار لم يكن عليها ضمان. ولو أمرت خادمها فلبسته (¬1) كانت ضامنة. وكذلك لو أمرت ابنة لها فلبسته أو أختاً لها فلبسته فتخرق من لبسهن كانت ضامنة، ولا أجر عليها وإن سلم الثوب بعد أن يصدقها رب الثوب بذلك، فلا أجر عليها. وإن كذبها وقال: أنت لبستيه، فالقول قوله مع يمينه على علمه، وعليها الأجر إن حلف. وإن نكل عن اليمين بطل عنها الأجر. وإن أجرت الثوب ممن يلبسه بفضل أو بنقصان فهي ضامنة لذلك، لأنها خالفت، إنما استأجرته لتلبسه هي، فليس لها أن تعطيه غيرها، والأجر لها بالضمان. وفي قياس قول أبي حنيفة ومحمد ينبغي لها أن تصّدق به. وإن لبسته خادمتها أو ابنتها أو أختها بغير أمرها فلا ضمان عليها، وهذا بمنزلة الغصب لو غصبها إياه إنسان لم يكن عليها أجر. ولو تخرق من لبس الخادم كان في عنق الخادم ضمان ذلك، ولا أجر على المولاة لذلك. وكذلك لو تخرق من لبس الابنة. وكذلك لو تخرق من لبس الأخت. وليس لها أن تلبسه يوماً بعد ذلك. وإذا استأجر الرجل قُبَّة (¬2) لينصبها في بيته ويبيت فيها شهراً بأجر مسمى فهو جائز. وإن سمى البيت الذي ينصبها فيه أو لم يسم فهو جائز. وإن سماه فنصبها في غيره فهو جائز، وعليه الأجر، لأنه ليس فيها ضرر على القبة. فإن نصبها في الشمس أو في المطر وكان عليها في ذلك ضرر فإنه ضامن لما أصابها من ذلك، ولا أجر عليه. إذا وقع الضمان بطل الأجر. فإن سَلِمت القبة فلم يدخلها ضرر كان عليه الأجر. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. ولو اشترط (¬3) أن ينصبها في داره فنصبها في دار في قبيلة أخرى فعليه الأجر، ولا ضمان عليه. وليس له أن يخرجها من المصر. فإن أخرجها ¬

_ (¬1) م ص: فلبسه. (¬2) نوع من الخيام معروف عند التركمان والأكراد، أو هو بيت مستدير، وقيل: لا يكون إلا من الجلد. انظر: المصباح المنير، "قبب"؛ ولسان العرب، "قبب". (¬3) ف: شرط.

من المصر إلى السواد فنصبها فسَلِمت أو انكسرت فلا أجر عليه وعليه الضمان. أرأيت إن أراد أن يردها على من الحمولة والأجر. ألا ترى أنه على رب المتاع أن يرد متاعه إذا كان إجارة. فإذا أخرجها من المصر كان عليه في هذا مؤنة. أرأيت لو نقلها إلى مصر آخر وبَلَغَ أجرُها في ذلك المصر أكثرَ من أجرها الذي استأجرها به لم يكن ضامناً ولا أجر عليه. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل رحى ليطحن (¬1) عليها فحملها وذهب بها إلى منزله شهراً بأجر مسمى فهو جائز، وعلى رب الرحى أن يقبض رحاه من منزل المستأجر، وعليه الحملان، وليس على المستأجر شيء من ذلك. وقال أبو حنيفة: لو كانت عارية كان على المستعير أن يردها. وكذلك قال أبو يوسف (¬2) ومحمد. والمصر وغير المصر في ذلك سواء في القياس. وإذا استأجر الرجل عِيدان حَجَلَةٍ (¬3) أو كسوتها أو جمعهما جميعاً أشهراً مسماة فهو جائز. وكذلك الرجل يستأجر البسط أو الوسائد أو الفرش. وكل متاع من متاع البيت يستأجره الرجل بأجر مسمى وأجل مسمى فهو جائز. وكذلك الصندوق والسرير. وكذلك الآنية كلها من الأَخْوِنَة (¬4) والقدور والقِصاع وغير ذلك من المتاع. وكذلك الستور، فإن (¬5) سمى لذلك وقتاً معلوماً فهو جائز. وإن سمى للقدور (¬6) لحماً معلوماً يطبخه فيها فهو جائز. ولو استأجر قدوراً يطبخ فيها لحم جزور بعينها كان جائزاً. ولو انكسرت من ذلك أو احترقت من ذلك العمل لم يضمن المستأجر. ولو كانت القدور بغير ¬

_ (¬1) م ص: فيطحن. (¬2) ص: أبو حنيفة. (¬3) قال المطرزي: الحَجَلة بفتحتين ستر العروس في جوف البيت، والجمع حِجَال. وفي الصحاح: بيت يزين بالثياب والأسرة. وبه يخرَّج قول محمد في عيدان الحَجَلة وكسوتها. انظر: المغرب، "حجل". (¬4) الخِوَان: ما يؤكل عليه، والجمع خُون وأَخْوِنَة. انظر: المغرب، "خون". (¬5) م ص: وإن. (¬6) م: القدور.

عينها لم يجز. فإن جاءه بقدور فقبلها على الكراء الأول فهو جائز والأجر له لازم. ولو استأجر رجل من رجل ستوراً فعلقها على بابه أو على صُفَّتِه بأجر مسمى شهراً أو أقل من ذلك فهو جائز. ولو استأجر رجل من رجل متاعاً معلوماً إلى أجل معلوم وأعطاه كفيلاً بالمتاع فالإجارة جائزة والضمان باطل. ولو أعطى كفيلاً بالأجر كان جائزاً. وإذا استأجر الرجل ميزاناً ليزن فيه دراهم مسماة وسمى يوماً إلى الليل أي ذلك ما سمى بأجر معلوم فهو جائز. وكذلك القَبّان (¬1) وكل ميزان يوزن به. وكذلك السَّنْجات (¬2) إن استأجرها بأجر معلوم يزن به إلى وقت معلوم فهو جائز. وكذلك المكاييل لا بأس بإجارتها إذا سمى أجراً ووقّت وقتاً أو سمى ما يكال بها كم هو، فهو جائز. وإذا استأجر الرجل سَرْجاً (¬3) ليركب به شهراً بأجر مسمى فهو جائز. وإن ركب به غيره وكان (¬4) هو الذي أعطاه إياه فهو ضامن، لأنه قد خالف. وإذا استأجر الرجل إِكَافاً (¬5) لينقل عليه الحنطة شهراً فهو جائز. وحنطته وحنطة غيره في ذلك سواء. وكذلك لو استأجر جُوَالِقاً (¬6) لينقل فيه حنطة فهو جائز. ¬

_ (¬1) القبان هو القسطاس الذي يوزن به. انظر: المغرب، "قبب"؛ ولسان العرب، "قبن". (¬2) سَنْجَة: الميزان معرَّب، والجمع سَنْجَات، مثل سجدة وسجدات، وسِنَج أيضاً مثل قَصْعَة وقِصَع. انظر: المصباح المنير، "سنج". (¬3) ما يوضع على الدابة ليركب عليها، وقد غلب استعماله في الخيل. انظر: لسان العرب، "سرج". (¬4) م ص: فكان. (¬5) ما يوضع على الحمار ليركب عليه. انظر: لسان العرب، "أكف". (¬6) الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق) وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق".

باب إجارة الحلي

وكذلك لو استأجر محملاً (¬1) ليركب عليه فهو جائز. وليس له أن يحمل عليه غيره. فإن حمل عليه غيره فهو ضامن إن أصابه شيء. وكذلك الفسطاط (¬2) يستأجره الرجل ليخرج به إلى مكة يستظل به ويجعل فيه متاعه فهو جائز. وإن استظل به غيره أو أدخله به فهو جائز وعليه الأجر، ولا ضمان عليه. وكذلك الخيمة. وليس إدخالها غيره فيها بخلافٍ (¬3) فيضمن، ولا يضمن هذا. وليس هذا كالمسكن يستأجره الرجل ليسكن فيه فله أن يسكنه من أحب، ولا ضمان عليه في ذلك. ولو أجر الفسطاط بأكثر مما استأجره فهو جائز، ويتصدق بالفضل. وإن أسرج في الفسطاط أو في الخيمة أو في القبة أو علق فيه قنديلاً فأفسد شيئاً فلا ضمان عليه إذا صنع من ذلك ما يصنع الناس. فإن اتخذ مطبخاً أو أوقد فيه حتى صار بمنزلة المطبخ من الدخان والسواد فهو ضامن. ... باب إجارة الحلي محمد عن أبي (¬4) شهاب (¬5) عبد ربه الحناط (¬6) عن عمرو بن عبيد (¬7) ¬

_ (¬1) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الاولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬2) الفسطاط: الخيمة العظيمة. انظر: المغرب، "فسط". (¬3) م ص ف: بخلافه. ولعل الصواب ما أثبتناه. والمعنى أن إدخال غيره في الخيمة لا يعتبر مخالفة لمقتضى العقد، فلا يضمن المستأجر. وانظر: باب إجارة الفسطاط، 2/ 169 و. (¬4) م ص ف: ابن. والتصحيح من كتب الرجال. (¬5) م ص ف + عن. وهي زائدة. وانظر لترجمة أبي شهاب عبد ربه بن نافع الحناط: تهذيب التهذيب، "عبد ربه بن نافع". (¬6) م ص: الخياط. (¬7) م ص: بن عبيدة.

عن الحسن أنه قال: لا بأس بأن يستأجر حلي الذهب بالذهب وحلي الفضة بالفضة. وبه يأخذ محمد. وإذا استأجرت المرأة حلياً معلوماً لتلبسه يوماً إلى الليل فهو جائز. وإن كان الحلي ذهباً والأجر ذهباً فهو جائز. وكذلك إن كان الأجر فضة فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك إن كان الأجر عروضاً. وكذلك لو كان الحلي فضة والأجر فضة وذهب فهو جائز. وكذلك لو كان الحلي لؤلؤاً أو جوهراً والأجر فضة أو ذهب فهو جائز. وكذلك لو كان الأجر لؤلؤاً أو جوهراً بعينه فهو جائز (¬1). وكذلك لو كان الأجر ثوباً بعينه فهو جائز. وإن حبسته المرأة أكثر من يوم فهي ضامنة، وعليها الأجر في ذلك اليوم خاصة. وإن ألبسته (¬2) غيرها في ذلك اليوم فهي ضامنة، ولا أجر عليها. فإن قال رب الحلي: أنت لبستيه في هذا اليوم وقد لزمك الأجر، وقالت هي: بل لبسه أهلي، فإنها لا تصدق على إبطال الأجر، والأجر لها لازم، لأن الحلي قد سَلِم. وإن لك الحلي كان لرب الحلي أن يصدقها ويضمنها الحلي ولا يضمنها الأجر. فإن كذبها وقال: أنت لبستيه، فقد أبرأها من الضمان، ويكون عليها الأجر، لأنها قد أقرت أن الحلي قد كان عندها يومئذ، والأجر لها لازم. وإذا استأجرت المرأة حلياً يوماً إلى الليل بأجر مسمى فحبسته شهراً ثم جاءت فقالت: إني لم ألبسه، فإنها لا تصدق، ويلزمها أجر ذلك اليوم، وهي بمنزلة الغاصب فيما بقي من الأيام، ولا أجر عليها. وإن استأجرت كل يوم بأجر مسمى فحبسته شهراً ثم جاءت به فعليها أجر كل يوم حبسته لو حبسته سنة في قياس (¬3) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا استأجرته يوماً إلى الليل فإن بدا لها أيضاً فحبسته كل يوم بذلك الأجر فلبسته يوماً ولم ترده حتى مضت عشرة أيام، قال: أما الإجارة على هذا الشرط فاسدة في القياس، ولكني أستحسن فأجيزها، وأجعل عليها الأجر ¬

_ (¬1) ف - وكذلك لو كان الأجر لؤلؤا أو جوهرا بعينه فهو جائز. (¬2) م ص: ألبسه. (¬3) ص - قياس؛ صح هـ.

باب إجارة الدواب

لكل يوم حبسته في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب إجارة الدواب وإذا استأجر الرجل دابة بعينها ليركبها إلى مكان معلوم بأجر معلوم فإن أبا حنيفة قال في هذا بأنه جائز. وكذلك (¬1) قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: ليس له أن يحمل عليها غيره. فإن حمل عليها غيره (¬2) فهو ضامن، ولا أجر عليه. وإن ركبها هو وحمل معه عليها (¬3) آخر حتى يبلغ الوَقْت (¬4) فعليه الكراء كله في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن عطبت الدابة بعد بلوغه المكان من الركوب فعليه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد نصف القيمة، وعليه الأجر كله. وإن كان الرجل الذي حمل على الدابة أثقل منه أو أخف فهو سواء. وليس يوزن الرجل بالقَبَّان (¬5) في هذا الوجه. وإذا استأجر الرجل دابة إلى الجَبَّانة (¬6) أو إلى الجنازة فإن هذا فاسد إلا أن يسمي موضعاً معلوماً فيجوز ذلك. وكذلك الرجل يتكارى الدابة ليُشيّع عليها رجلاً ولم يسم موضعاً ولا يوماً فإن هذا فاسد لا يجوز. ¬

_ (¬1) ص: وكذ. (¬2) ف - فإن حمل عليها غيره, (¬3) ف + غيره فإن حمل عليها غيره فهو ضامن ولا أجر عليه وإن ركبها هو وحمل معه عليها. (¬4) أي: المكان المسمى. (¬5) هو نوع من الموازين، وقد تقدم قريباً. (¬6) الأصل في الجَبّانة عند أهل الكوفة أنه اسم للمقبرة، وفي الكوفة عدة مواضع تعرف بالجَبّانة، كل واحدة منها منسوبة إلى قبيلة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "عرزم".

وإذا تكارى الرجل دابة (¬1) من بلد إلى الكوفة ليركبها فإن أبا حنيفة قال: يبلغ بها منزله في أي موضع ما كان من الكوفة. وكذلك لو حمل عليها متاعاً. وقال أبو حنيفة: لو وضع المتاع في ناحية من الكوفة وقال: هذا منزلي، فإذا هو قد أخطأ، فأراد أن يحمله ثانية إلى منزله، فليس له أن يحمله إلى منزله ثانية. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. رجل تكارى حماراً من الكوفة ليركبه إلى الحِيرة ذاهباً وجائياً فإن له أن يبلغ عليه إلى أهله بالكوفة إذا رجع. أرأيت لو تكارى إبلاً إلى مكة ذاهباً وجائياً أما كان له أن يبلغ إلى أهله، بل له أن يبلغ إلى أهله. وكذلك الدواب. وإذا تكارى الرجل دابة بالكوفة من موضع كانت فيه الدابة إلى الكُنَاسة (¬2) ذاهباً وجائياً فأراد أن يبلغ في رجعته إلى أهله فليس له ذلك، وإنما له أن يرجع إلى ذلك الموضع الذي تكارى (¬3) منه الدابة. أرأيت لو تكارى دابة من الكنَاسة إلى جَبَّانة بِشْر (¬4) ليركبها ذاهباً وجائياً ومنزله عند دار عيسى بن موسى (¬5) أو عند دَيْر هِنْد (¬6) ثم ذهب عليها إلى جَبَّانة بِشْر ثم رجع بها ثم أراد أن يبلغ إلى أهله أكان له ذلك، ليس له ذلك. وليس هذا كالدابة يتكاراها الرجل إلى مدينة من المدائن أو إلى قرية من القرى أو إلى ¬

_ (¬1) م: دابته. (¬2) المقصود هنا كُنَاسة كُوفان، وهي موضع قريب من الكوفة قُتل بها زيد بن علي - رضي الله عنه -، وهي المرادة في الإجارات والكفالة، والصواب ترك حرف التعريف. انظر: المغرب، "كنس". (¬3) م ص ف: يكتري. (¬4) تقدم قريباً أنه كان بالكوفة عدة مواضع تعرف بالجبانة. (¬5) هو عيسى بن موسى العباسي الهاشمي، كان ولي العهد بعد أبي جعفر المنصور، لكن عزله المنصور وولى مكانه المهدي، وكان أمير الكوفة ومن قواد العباسيين، توفي سنة 168 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 7/ 434، 454. (¬6) هناك ديران: دير هند الصغرى ودير هند الكبرى، وكلاهما بالحيرة قرب الكوفة. انظر: معجم البلدان، "دير هند".

مصر من الأمصار ذاهباً وجائياً، فله (¬1) أن يرجع عليها إلى أهله. والذي في المصر لا يشبه هذا. وإذا تكارى الرجل دابة إلى موضع معلوم بأجر معلوم ولم يسم ما يحمل عليها فإن أبا حنيفة قال في هذا: إن اختصموا ساعة يقع الكراء فإنه فاسد ويترادان. فإن حمل عليها إلى ذلك الموضع أو ركبها فعليه الكراء فإنه الذي تكارى به. أستحسن ذلك وأدع القياس. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وإذا تكارى الرجل دابة ليحمل عليها حنطة معلومة بأجر معلوم إلى موضع معلوم فحمل عليها شعيراً بمثل ذلك الكيل إلى ذلك الموضع فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وعليه الكراء. وكذلك لو اشترط عليه أن يحمل عليها كذا وكذا ثوباً هروياً فحمل عليها مثل عدده بزاً أو من (¬2) جنس من الثياب هو أخف منه فعليه الكراء، وهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك لو اشترط أن يحمل عليها دهن بنفسج فحمل عليها دهن خِيري (¬3) أو زنبق فهو جائز. وكذلك لو اشترط أن يحمل سمناً عربياً فحمل عليها سمناً جبلياً (¬4). وكذلك لو اشترط أن يحمل عليها زيتاً [فحمل عليها سمناً] (¬5). ولو استأجرها ليحمل عليها شعيراً فحمل عليها حنطة مثل ذلك الكيل فهو مخالف، وهو ضامن إن عطبت الدابة، ولا أجر عليه. وقال أبو حنيفة: إذا استأجرها ليحمل عليها عشرة مخاتيم من حنطة له ¬

_ (¬1) م ص ف: أله. (¬2) م: ومن؛ ص - أو من. (¬3) الخِيرِي هو المنثور، وهو نوع من الخشخاش، وغلب على الأصفر منه لأنه الذي يخرج دهنه ويدخل في الأدوية. انظر: المصباح المنير، "خير"؛ والقاموس المحيط، "خشّ". (¬4) ص: حليا. (¬5) زدنا ما بين المعقوفتين حتى يستقيم الكلام.

فحمل عليها عشرة (¬1) مخاتيم من حنطة لغيره فهو جائز، وعليه الكراء، ولا ضمان عليه، وليس هذا منه بخلاف، إذا حمل عليها حنطة له أو حنطة غيره (¬2) فهو سواء. ولو حمل عليها أحد عشر مختوماً فبلغت الدابة (¬3) ذلك الموضع الذي تكارى إليه ثم عطبت الدابة من ذلك فإن أبا حنيفة قال: عليه الكراء كاملاً، وعليه جزء من أحد عشر جزء من قيمة الدابة بقدر ما زاد عليها من الحمل. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وإذا اختلف رب الدابة والمستأجر، والمستأجر لم يركب الدابة بعد، فقال المستأجر: أكريتك من الكوفة إلى بغداد بعشرة دراهم، وقال رب الدابة: بل أكريتك من الكوفة إلى القصر بعشرة دراهم، والقصر هو المنتصف، فإن أبا حنيفة قال: يتحالفان ويترادان. وقال أبو حنيفة: إن أقاما جميعاً البينة فإنه يؤخذ ببينة المستأجر إلى بغداد بعشرة دراهم؛ لأنه مدع لفضل المسير. وكان يقول قبل ذلك: إنه يكون له (¬4) إلى بغداد بخمسة عشر؛ لأن العشرة (¬5) قد وجبت عليه إلى القصر. ثم رجع عن هذا وجعلها إلى بغداد بعشرة دراهم. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: أرأيت لو تكارى شق محمل (¬6) أو شق زاملة (¬7) إلى مكة بمائة درهم ولم يختلفا في ذلك، وأقام المستأجر البينة أنه زاده عُقْبَةَ الأجير (¬8) لم ¬

_ (¬1) م: عشر. (¬2) ص: لغيره. (¬3) ف + من. (¬4) م + له. (¬5) م ص: العشر. (¬6) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي: نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬7) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه ... ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬8) م: الاخير. العُقْبَة: النوبة. ومنها عاقبه معاقبة وعقابا: ناوبه. وعُقْبَة الأجير: أن ينزل المستأجر صباحا مثلا فيركب الأجير. انظر: المغرب، "عقب".

يؤخذ بعقبة الأجير (¬1)، ولا يُزاد على الكراء شيئاً. فكذلك (¬2) المسألة الأولى. وقال أبو حنيفة: إذا تكارى رجل دابة بسَرْج (¬3) ليركبها، فحمل عليها مكان السرج إكافاً (¬4) وركبها، فإنه ضامن بقدر ما زاد؛ لأنه قد خالف حين وضع السرج عنها وأوكفها. وقال أبو حنيفة: إن كان حماراً مسرجاً بسرج حمار فأسرجه بسرج برذون لا يسرج بمثله الحمر فهو مثل الإكاف. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا استأجر حماراً بإكاف فأسرجه ونزع الإكاف فلا ضمان عليه فيه؛ لأن السرج أخف. وكذلك لو أوكف بإكاف مثل ذلك أو أخف (¬5) منه. وكذلك لو تكارى حماراً عرياناً فأسرجه ثم ركبه كان ضامناً. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل دابة ليركبها إلى مكان معلوم فجاوز ذلك ثم رجع فعطبت الدابة بعدما دخل في الوقت الأول راجعاً فإنه كان يقول: لا ضمان عليه، ثم رجع عن ذلك، وقال: هو ضامن؛ لأنه ضمن حين خالف، فلا يبرأ من الضمان حتى يدفعها إلى صاحبها. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا تكارى الرجل دابة ليركبها فضربها فعطبت الدابة، أو كبحها باللجام فأعطبها ذلك، فإنه ضامن إلا أن يأذن له صاحب الدابة في ذلك. وقال أبو يوسف ومحمد: أستحسن أن لا يضمنه إذا لم يتعد في (¬6) الضرب والكبح، وضرب كما يضرب الناس في الموضع الذي يضربون فيه، فإذا كان ذلك تعدياً (¬7) فهو ضامن. ¬

_ (¬1) م ص: الاخير. (¬2) م: فلذلك. (¬3) ما يوضع على الدابة ليركب عليها، وقد غلب استعماله في الخيل. انظر: لسان العرب، "سرج". (¬4) ما يوضع على الحمار ليركب عليه. انظر: لسان العرب، "أكف". (¬5) ص: وأخف. (¬6) ص - في؛ صح فوق السطر. (¬7) م ص ف: تعدي.

وإذا استأجر دابة بأجر معلوم إلى مكان معلوم يحمل عليها شيئاً معلوماً، فأجرها بأكثر من ذلك إلى ذلك الموضع على أن يحمل عليها مثل ذلك، فهو جائز. فإن كان زاد معها حبلاً أو جُوالِقاً (¬1) أو لجاماً طاب له الفضل. وإن لم يكن زاد معها شيئاً لم يطب له الفضل؛ لأنه ليس فيه رأس مال فيطيب له الفضل به. ولو كان أعلفها (¬2) لم يطب له الفضل؛ لأن العلف ليس بمتاع ينتفع به المستأجر. وإذا ألجم الرجل دابة استأجرها ولم يكن عليها لجام فلا ضمان عليه إذا كان مثلها يلجم بمثل ذلك اللجام. وكذلك لو كان عليها لجام فأبدله. وكذلك لو نزع لجامها وركبها بغير لجام. وإذا استأجر الرجل دابة من رجل ليحمل عليها حمولة معلومة بأجر معلوم فساق (¬3) الدابة فعثرت فأسقطت الحمولة ففسدت فإن أبا حنيفة قال: المكاري ضامن؛ لأن هذا من جناية يده. ولو انقطع الحبل فسقط الحمل ففسد كان مثل ذلك. ولو مطرت السماء ففسد الحمل أو أصابته الشمس ففسد فلا ضمان عليه؛ لأن هذا ليس من جناية يده. وهو ضامن (¬4) في قول من يضمن الأجير المشترك. وكذلك لو هلك الحمل أو سرق. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل حمالاً ليحمل له حملاً فعثر فانكسر ذلك الحمل فهو ضامن. فإن شاء ضمنه في الموضع الذي حمله فيه، ولا أجر عليه. وإن شاء ضمنه قيمته في الموضع الذي انكسر فيه، وعليه الأجر إلى ذلك الموضع. وهكذا كل حمل. وإن سقط من رأس الحمال فتكسر فهو مثل ذلك. وإن زحمه الناس فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة، وهو ضامن في قول من يضمن الأجير. ¬

_ (¬1) الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق): وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق". (¬2) ص: علفها. (¬3) م ص: فساقدب. (¬4) ص: يضمن.

ولو استعار رجل من رجل دابة إلى موضع فجاوز بها ذلك الموضع ثم عاد إليه فعطبت فإن أبا حنيفة كان يقول: لا ضمان عليه. ثم قال بعد ذلك: هو ضامن؛ لأنه ضمن حين خالف، فلا يبرئه من الضمان إلا أن يدفعها إلى صاحبها، وهذا بمنزلة الإجارة. وهكذا قول أبي يوسف ومحمد. ولو كانت وديعة في يديه فركبها بغير أمر صاحبها ثم ردها إلى موضعها من منزله برئ من الضمان في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا يشبه هذا الإجارة والعارية. ألا ترى أن هذا وكيل في حفظها بعد الخلاف، وهو بمنزلة صاحبها، إذا ردها إلى منزله برئ، والمستأجر والمستعير ليسا كذلك كوكيلين في حفظها. وإذا استأجر (¬1) الرجل دابة فحمل عليها عبداً له صغيراً فساق به رب الدابة فعثرت فوقع فعطب العبد وقد أمره رب العبد أن يسوق فلا ضمان عليه؛ لأن هذه ليست (¬2) بجناية (¬3)، ولا يشبه هذا المتاع. أرأيت لو كان مكان العبد رجل حر أو صغير حر فساق به كما يسوق بالناس فعثرت الدابة فعطب أكان يضمن. ألا ترى أنه لو حمل عليها حنطة وحمل عليها صاحبها ثم ساق بهم فعثرت الدابة فعطبت أو غرقت الحنطة لم يضمن رب الدابة؛ لأن صاحب الطعام طعامه في يديه. وكذلك نفسه. وإذا خلى بين متاعه وبين رب الدابة فهذا الذي يقع فيه الضمان. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل كل شهر بعشرة دراهم على أنه متى ما بدا له من ليل أو نهار حاجة ركبها لا يمنعه ذلك فوقع الكراء على ذلك؟ أرأيت إن أعطاه الرجل الدابة بغير سرج ولا لجام أو قال: أكريتك عرياناً ولم (¬4) أكرك (¬5) بسرج ولا لجام، وقال المستكري: بل استكريت منك بسرج ولجام، وليس بينهما بينة، ما القول في ذلك؟ أرأيت ¬

_ (¬1) ف: إذا استأجر. (¬2) م ص - ليست. (¬3) م ص: جناية. (¬4) ص + يقل. (¬5) م ص: أكريتك.

إن كانت (¬1) بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: إن سمى بالكوفة ناحية من نواحيها (¬2) فهو جائز. وإن لم يكن سمى مكاناً فالإجارة فاسدة في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة يوماً يقضي حوائجه في المصر؟ قال: هذا جائز. وله أن يركبها إلى أي نواحي المصر شاء، وإلى الجَبَّانة (¬3) ونحوها، وليس له أن يسافر عليها. قلت: أرأيت رجلاً استأجر دابة إلى واسط ذاهباً أو جائياً بعلفها فركبها فأتى واسط، فلما رجع حمل عليها حملاً وركب عليها فعطبت الدابة، ما القول في ذلك؟ قال: عليه أجر مثلها في الذهاب ونصف أجر مثلها في (¬4) الرجوع (¬5)، وهو ضامن في الحملان بقدر ما زاد عليها، وعليه في ركوبها أجر مثلها، ويحسب له ما علفها به من ذلك. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة عشرة أيام كل يوم بدرهم، فحبسها ولم يركبها، فردها اليوم العاشر، وقد علم بذلك المكاري، أيسعه (¬6) كراء دابته وهو يعلم أن دابته لم تركب، أو يقضى له بشيء، وكيف إن اكتراها يوماً بدرهم فحبسها (¬7) شهراً ثم جاء بها ليردها، كم يكون له من الكراء؟ قال: أما إذا تكاراها عشرة أيام كل يوم بدرهم فإنما يسعه أن يأخذ الأجر كله. وأما إذا تكاراها يوماً بدرهم فإنما عليه أجر يوم ¬

_ (¬1) ص ف: إن كان. (¬2) ص - من نواحيها. (¬3) الأصل في الجَبّانة عند أهل الكوفة أنه اسم للمقبرة، وفي الكوفة عدة مواضع تعرف بالجَبّانة، كل واحدة منها منسوبة إلى قبيلة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "عرزم". (¬4) ص - ونصف أجر مثلها في. (¬5) ص: والرجوع. (¬6) م ص: ليسعه. (¬7) م ص ف: فيحبسها.

واحد، ولا أجر عليه فيما سوى ذلك في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة إلى بغداد بسكنى بيت شهراً أو سكنى دار شهراً هل تجوز الإجارة على هذا؟ وعلى من علفها؟ أرأيت إن عطبت الدابة في نصف الطريق أو في ثلث الطريق كم يكون له من السكنى والخدمة؟ أرأيت إن كان تكاراها (¬1) ذاهباً وجائياً فلما بلغ بغداد نفقت الدابة وقد وقع الكراء على ما وصفت لك؟ وكم يكون للمكاري من السكنى والخدمة؟ قال: أما السكنى والخدمة (¬2) فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن نفقت الدابة في الطريق فعليه من الأجر والسكنى والخدمة بحساب ما سار، ولا شيء له (¬3) عليه من العلف. قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل دابة لعروس يحملها عليها (¬4) إلى بيت زوجها بخمسة دراهم، فانطلق بالدابة فحبسوها (¬5) حتى أصبح ثم ردها ولم تركب؟ (¬6) أرأيت إن حملوا عليها امرأة غير العروس فعطبت أو لم تعطب؟ قال: إن كان تكاراها (¬7) لعروس بعينها فحمل عليها غيرها فهو ضامن ولا كراء عليه. وإن كان إنما تكاراها لعروس بغير عينها فلا ضمان عليه في قولهم جميعاً. وأما حبسهم الدابة حتى أصبحوا فلا كراء عليهم. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل على أن يركب مع فلان يشيعه، فحبسها من غدوة إلى انتصاف النهار، ثم بدا للرجل أن لا يخرج، فرد الدابة عند الظهر، هل يجب عليه الأجر وإنما وقع الكراء على أن يشيع ¬

_ (¬1) ف: أرأيت لو تكاراها. (¬2) ف - قال أما السكنى والخدمة. (¬3) ف - له. (¬4) ف - عليها. (¬5) ص: فحبسها. (¬6) ص: يركب. (¬7) م: تكارها.

فلاناً فلم يخرج فلان؟ قال: إن كان حبسها قدر ما يحبس الناس فلا ضمان عليه ولا أجر. وإن كان حبسها أكثر مما يحبس (¬1) الناس فهو ضامن، ولا أجر عليه في قولهم جميعاً وإن ركبها بعد (¬2) الحبس. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى (¬3) حلوان يسير عليها بغير عينها بعشرين درهماً، فنُتجت الدابة في الطريق، فضعفت الدابة عن الرجل عن حمله (¬4) من أجل الولادة، هل يأخذ المستكري حتى يتكارى له دابة تحمله، أو يقيم عليه المستكري حتى تقوى (¬5) الدابة وهو يخاف الحبس؟ قال: عليه أن يأتيه بدابة غيرها تحمله وتحمل متاعه إلا أن يكون وقع الكراء على هذه الدابة بعينها. فإن كان كذلك لم يكن عليه أن يأتيه بدابة غيرها (¬6) في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً (¬7) تكارى من رجل ثلاث دواب من بغداد إلى الري بأعيانها، ثم إن رب الدواب آجر دابة من غيره، وأعار أخرى، ووهب أخرى [أو باع] (¬8)، فوجد المستكري الدواب في أيديهم، هل له عليهم سبيل؟ أرأيت إن كان مكان الذي أجر كان تصدق بها هل له عليها سبيل، وما حاله وحال الذين وجد (¬9) الدواب في أيديهم ولا يقدر على المكاري وله البينة على الكراء لهن كلهن؟ أرأيت إن كان صاحب الدواب ¬

_ (¬1) م: ما يحبس. (¬2) م ص ف: بغير. والتصحيح من الكافي، 1/ 208 ظ؛ والمبسوط، 15/ 177. (¬3) ص - رجل إلى. (¬4) ص: عن حمل. (¬5) م: حتى تقول. (¬6) ف + تحمله. (¬7) ف: الرجل. (¬8) الزيادة من الكافي، 1/ 208 ظ؛ والمبسوط، 15/ 177. ولا بد منها حتى يطابق السؤال الجواب. (¬9) م ص: وجدوا.

حاضراً وهو مقر (¬1) بالكراء ولكل واحد بينة على ذلك؟ قال: إن كان باعها من عذر فبيعه (¬2) جائز، وانتقفست الإجارة. وإن كان باعها من غير عذر فبيعه مردود لا يجوز. وأما إذا وجد (¬3) بعض الدواب في يدي المستعير فلا خصومة بينهما حتى يحضر رب الدواب. وأما الصدقة والهبة فهو خصم فيها، وهو أحق بها إن أقام بينة. وأما الإجارة فالمستأجر أحق بها حتى يوفي إجارته. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة وغلاماً إلى البصرة بعشرة دراهم ذاهباً وجائياً (¬4) جميعاً (¬5) صفقة واحدة وقد شرط لهم أن يرد الغلام والدابة إلى الكوفة؟ قلت: أرأيت إن لم يردهما، أرأيت إن سرقت الدابة أو أبق الغلام، أرأيت إن أبق الغلام ونفقت الدابة في يدي (¬6) المستكري، ما عليه في هذه الأحوال كلها؟ قال: عليه من الأجر بحساب ما خدمه الغلام وركوب الدابة. وإن ماتت الدابة [أو سرقت] (¬7) فعليه من أجرها بقدر ما سار. ولو أبق الغلام فعليه من الأجر بقدر ما خدمه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى بغداد بعشرة دراهم، فانطلق المكاري معه، وعلف الدابة على المكاري، فراع المكاري منه، فعلّفها المستكري الدابة حتى بلغ بغداد، هل يقضى له على المكاري بعلف الدابة؟ أرأيت إن كان تكاراها بدرهم وأنفق عليها درهمين وله بذلك بينة والمكاري مقر أنه لم يزل يعلف الدابة (¬8) حتى بلغ بغداد؟ أرأيت إن أقاما جميعاً البينة فقال المكاري: لم آمرك أن تنفق (¬9) عليها، وقال المستكري: ¬

_ (¬1) ف: مقيم. (¬2) م ص+ فيه. (¬3) م ص: وجدوا. (¬4) ص: أو جائيا. (¬5) ف: ذاهبا وجميعاً. (¬6) ص: في يد. (¬7) لا بد من هذه الزيادة ليطابق السؤال الجواب. (¬8) ف: بغداد. (¬9) ص: أن ينفق.

بل أمرتني، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ؟ قال: المستكري في العلف متطوع، والقول قول رب الدابة، وعلى المستكري البينة؛ لأنه مدع في قولهم جميعاً. إلا أن يقيم المستكري البينة أنه أمره أن ينفق. وإن أنفق يرجع على المكاري بذلك. قلت: أرأيت رجلاً يستأجر دابة من رجل إلى واسط بعشرة دراهم، فقال المكاري للمستكري: استكر علي غلاماً يتبعك ويتبع الدابة وأجره علي، وأعطه (¬1) الدراهم ينفق على الدابة وينفق على نفسه من كرى الدابة، فانطلق المستكري، فاستأجر غلاماً وأعطاه دراهم ينفق على الدابة وعلى نفسه (¬2) بشهادة شهود، فسرقت النفقة من الغلام، أرأيت إن أقر الغلام أنه أخذ من المستكري نفقة هل يجوز إقراره؟ [قال:] فإن أقام المستكري البينة أنه استأجر الغلام ودفع إليه النفقة أو أقر الغلام بالقبض لزم ذلك المكاري إن ضاعت النفقة أو لم تضع. وإلا فلا شيء له. وعلى المكاري أجر الغلام إذا أقام البينة أنه أمره أن يستأجره في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى بغداد بعشرة دراهم، فأعطاه أجره، حتى إذا بلغ بغداد رد عليه المكاري الدراهم بعينها أو بعضها، وقال: هي زُيُوف (¬3) أو سَتُّوقَة (¬4)، وقال المستكري: لست أعرف ¬

_ (¬1) م ص: ولا أعطه. (¬2) ف + من كرى الدابة فانطلق المستكري فاستأجر غلاما وأعطاه دراهم ينفق على الدابة وعلى نفسه. (¬3) زَافَتْ عليه دراهمُه أي صارت مردودة عليه لِغِشِّ فيها، وقد زُيِّفَتْ إذا رُدَّتْ، ودرهم زَيْف وزائف، ودراهم زُيُوف وزُيَّف، وقيل: هي دون البَهْرَج في الرداءة، لأن الزيف ما يرده بيت المال، والبَهْرَج ما يرده التجار، وقياس مصدره الزُّيُوف، وأما الزَّيَافَة فمن لغة الفقهاء. انظر: المغرب، زيف. وقال السرخسي: ثم الزيوف ما زيّفه بيت المال ولكن يروج فيما بين التجار. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬4) ص - أو ستوقة. قال المطرزي: السَّتُّوق بالفتح أردأ من البَهْرَج، وعن الكرخي: الستّوق عندهم ما كان الصُّفْر أو النحاس هو الغالب الأكثر، وفي الرسالة اليوسفية: =

هذه الدراهم، وقال: أعطيتك جياداً، وليست بينهما بينة، أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: القول قول رب الدابة في الكراء أنه لم يستوف مع يمينه (¬1)، وعلى المستكري البينة أنه أوفاه إياه الدراهم. وكذلك إذا ادعى أنه أعطاه زُيُوفاً أو سَتُوقَةً فالقول قوله مع يمينه، وعلى المستكري البينة في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل بعشرة دراهم إلى بغداد فأعطاه بعض كرائه حتى إذا بلغ بغداد قال المكاري للمستكري: أوف بقية الكراء، فقال: قد أوفيتك، وليست بينهما بينة، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: القول قول المكاري مع يمينه، وعلى المستكري البينة أنه قد أوفاه كراءه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً استأجر دابة من رجل إلى البصرة ذاهباً وجائياً، فمات المكاري في الطريق، فاستأجر المستأجر رجلاً يقوم على الدابة، فكيف القول فيه إن نفقت الدابة في نصف الطريق، كم يكون للمكاري من الكراء؟ أرأيت إن قال المكاري: كاريتها على أن تكفيني مؤنتها وتردها (¬2) علي، وقال المستكري: لم أفعل، وأقاما البينة جميعاً على ذلك، ببينة من يؤخذ؟ أرأيت إن لم تكن بينهما بينة بقول من يؤخذ؟ قال: المستكري متطوع، ولا شيء له (¬3) على ورثة المكاري. وإن نفقت الدابة في الطريق فعليه من الكراء بقدر ما سار في قولهم جميعاً. ¬

_ = البَهْرَجَة إذا غلبها النحاس لم تؤخذ، وأما الستّوقة فحرام أخذها، لأنها فلوس. انظر: المغرب، ستق. وقال السرخسي: الستوقة فلس مموه بالفضة. انظر: المبسوط، 12/ 144. (¬1) ص - مع يمينه. (¬2) ص: وترد. (¬3) ف - له.

والقول قول المستكري، وعلى رب الدابة البينة فيما ادعى من الفضل. فإن أقام البينة أنه اشترط عليه العلف فالكراء فاسد؛ لأن العلف مجهول. قلت: أرأيت رجلاً تكارى حماراً بعينه من رجل بدرهمين إلى بغداد ذاهباً وجائياً فعمد صاحب الحمار فباعه (¬1) هل للذي استكراه أن يأخذ الحمار حيث ما وجده، أو وهب المكاري الحمار، أو أعاره، أو أمهره أو تصدق به على إنسان، هل للذي استكرى الحمار عليه سبيل حيثما وجده، والحمار قائم بعينه عند الذي صار (¬2) إليه؟ قال: يأخذ الحمار حيثما وجده (¬3) إلا أن يكون باعه من عذر أو أعاره، فإنه لا يأخذه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً استكرى دابة بأجر مسمى ثم يؤاجرها من رجل آخر، أو يعيرها، أو يستودعها من رجل، هل لصاحب الحمار أن يأخذ حماره حيثما وجده، وهو مقر أنه قد أجره أو أعاره لإنسان أو استودعه إنساناً، أو أجره الذي استعار منه، أله عليه سبيل أن يأخذ منه؟ قال: إن أقام الذي في يديه (¬4) الحمار البينة أنه أودعه إياه أو أكراه (¬5) رجل لم يكن بينه وبين المستأجر خصومة حتى يَقدم المستكري الأول في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة على أنه بالخيار ساعة من نهار فركبها على ذلك فعطبت الدابة تحته أو نزل عنها (¬6) في منزلة فسُرقت الدابة (¬7)، هل عليه غرم في الدابة؟ ¬

_ (¬1) م ص ف: متاعه. والتصحيح مستفاد من ب. ولا بد منه ليطابق السؤال الجواب وليستقيم المعنى. (¬2) م ص: سار. (¬3) ف - والحمار قائم بعينه عند الذي سار إليه قال يأخذ الحمار حيثما وجده. (¬4) ص: في يده. (¬5) ص + من. (¬6) م ص: عليها. (¬7) ف + فسرقت الدابة.

قال: إن كان الذي استأجر الدابة هو بالخيار فركبها فقد لزمه الأجر كله ولا ضمان عليه. وإن كان صاحب الدابة بالخيار فركبها المستكري فعليه الضمان، ولا أجر عليه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابتين من رجل إحداهما إلى بغداد والأخرى إلى حلوان هل يجوز الكراء على هذا؟ أرأيت إن ماتت إحدى الدابتين قبل أن يبلغ بغداد وحلوان (¬1)، فلما نفقت الدابة قال الذي استكرى الدابة: قد (¬2) نفقت الدابة التي استكريتها إلى بغداد، وقال المكاري: بل نفقت الدابة التي استكريتها إلى حلوان، هل على المكاري أن يستكري له دابة إلى حلوان وقد نفقت الدابة تحته؟ قال: إن كانت الدابة التي استكراها إلى بغداد بعينها وإلى حلوان بعينها فالإجارة جائزة. وإن كانت بغير عينها فيهما (¬3) فالإجارة غير جائزة، ولا ضمان عليه في قولهم جميعاً، وعليه فيما ركب أجر مثله. قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل إبلاً إلى مكة عشرة من الإبل على عبد بعينه أو بغير عينه هل يجوز الكراء على هذا؟ أرأيت إن استحق العبد من يدي المكتري (¬4) بما يرجع به على صاحب (¬5) العبد؟ أرأيت إن تكارى إبلاً على هذا الكراء بغير أعيانها أو بأعيانها أَوَهو سواء؟ قال: الإجارة جائزة على عبد بعينه، وله أجر مثله إن استحق من يده. وأما إذا كان بغير عينه (¬6) فعليه أجر مثله (¬7) في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى بغلاً إلى بغداد بثلاثة دراهم (¬8) ذاهباً فجاءه المكاري فجعل في خرجه متاعاً قد حمله لقوم (¬9) بأجر أو متاعاً له، هل ¬

_ (¬1) م ص: وببغداد؛ صح م هـ. (¬2) م ص: ثم، صح م هـ. (¬3) ص: منهما. (¬4) م: المكري. (¬5) ص - به على صاحب، صح هـ. (¬6) ص: إذنه. (¬7) ف + إن استحق من يده وأما إذا كان بغير عينه فعليه أجر مثله. (¬8) م: الدراهم. (¬9) م ص: القوم.

للمستكري أن يمنعه أن يحمل ذلك المتاع في خُرْجِه (¬1) ويحمله على بغله؟ أرايت إن حمله على بغله الذي أكراه (¬2)، فلما بلغ بغداد قال المستكري: أنا أَخْسِر (¬3) عليك نصف الأجر فيما حملت عليه، أله ذلك وهو (¬4) مثل متاع المستكري في الثقل؟ (¬5) أرأيت إن عطبت الدابة فقال: إنما أَعطبها متاعك، وقال المكاري: بل أنت أعطبتها من ضربك أو عنفك عليها أو خلافك، ولا بينة بينهما، بقول من يؤخذ؟ قال: عليه أن يمنعه من أن يحمل على الدابة (¬6)، [لأن] السياق (¬7) [في] ذلك إلى المستكري، ولا ضمان عليه فيما عطبت إلا أن يقيم المكاري البينة أنه خالف فيضمن في قولهم جميعاً. وإن بلغت الدابة فأراد أن ينقص لذلك شيئاً لم ينقص، ووجب عليه الكراء كله. قلت: أرأيت الرجل يستأجر من الرجلين الدابة (¬8) إلى بغداد ذاهباً وجائياً بعشرة دراهم، فقال أحد الرجلين: أكريناكها بعشرة دراهم، وقال الآخر: بخمسة عشر، ولا بينة بينهما، أرأيت إن كان بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ أرأيت إن قال أحدهما: أكريناك إلى المدائن، والآخر يقول: أكريناك إلى بغداد، واتفقوا على الكراء، ولا بينة بينهما في المسير؟ قال: القول قول (¬9) الذي استأجر الدابة مع يمينه. فإن أقاما صاحبا ¬

_ (¬1) الخُرْج: وعاء ذو عِدلين، وجمعه خِرَجَة. انظر: مختار الصحاح، "خرج". (¬2) ف: اكتراه. (¬3) خَسَرَ الشيءَ: نقصه من باب ضرب. انظر: المصباح المنير، "خسر". (¬4) م ص ف: هو له. (¬5) ف: في البقل. (¬6) م ص ف: دابة. (¬7) م ص ف: يساق. وقد علل السرخسي ذلك بقوله: لأنه بالعقد استحق منافعه، وقام هو في ذلك مقام المالك والمالك مقام الأجنبي. انظر: المبسوط، 15/ 178. (¬8) ف - الدابة. (¬9) ف - قول.

الدابة البينة فلكل واحد منهما نصف ما قامت به البينة في قولهم جميعاً (¬1). قلت: أرأيت رجلاً تكارى حماراً أو ثوراً يطحن عليه فأوثقه في الرحى فساقه أجيره فعَنُفَ عليه حتى عطب الثور من عمله هل يضمن الأجير أو المستأجر؟ أرأيت إن ضمن الأجير هل يرجع على الذي استأجره بما ضمن؟ قال: الأجير ضامن ولا يضمن المستأجر؛ لأنه إنما عطبت الدابة من عمل الأجير فهو ضامن في قولهم. قلت: أرأيت رجلاً تكارى ثوراً ليطحن عليه كل يوم أقفزة معلومة فزاد عليه فعطب الثور أو خَبَطَ (¬2) الثور فقتله أو رَبَضَ (¬3) الثور حين أوثقه في الرحى فكسر المتاع؟ قال: إن كان استأجره كل يوم يطحن أقفزة معلومة فزاد عليه فهو ضامن. وأما ما كسر من متاع الرحى فليس على الأجير من ذلك شيء في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً استأجر ثوراً من رجل يطحن عليه كل يوم عشرين قفيزاً، فوجده المستأجر (¬4) لا يطحن إلا عشرة أقفزة، كم يعطيه من الأجر، وإنما (¬5) استأجره كل يوم بدرهم على أن يطحن له كل يوم عشرين قفيزاً، ¬

_ (¬1) م ص ف + قلت أرأيت رجلاً تكارى دابة على أنه بالخيار ساعة من النهار فركبها على ذلك فعطبت الدابة تحته أو نزل عليها في منزلة فسرقت الدابة هل عليه غرم في الدابة قال إن كان الذي استأجر الدابة بالخيار فركبها فقد لزمه الأجر كله ولا ضمان عليه وإن كان صاحب الدابة بالخيار فركبها المستكري فعليه الضمان ولا أجر عليه في قولهم جميعاً. وقد تقدمت هذه المسألة بنفس العبارة آنفا. (¬2) خبطت الدابة الأرض ضربها بيده. انظر: لسان العرب، "خبط". فلعل المعنى أن الدابة ضربت الأرض برجلها فتعثرت وماتت بسبب ذلك. والجواب يدل على ذلك. (¬3) ربض، الرُّبُوض للشاة والدابة كالجلوس للإنسان. انظر: المغرب، "ربض"؛ ولسان العرب، "ربض". (¬4) م: والمستأجر. (¬5) م ص: إنما.

فلم يطق إلا عشرة، وهما مقران بذلك، أرأيت إن جحده صاحب الثور بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: المستأجر بالخيار. إن شاء أبطل الإجارة، وعليه فيما عمل من الطحن بحساب ما عمل من الأيام، ولا يحط عنه من الأجر شيء في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة (¬1) من رجل إلى بغداد ذاهباً وجائياً بخمسة دراهم، فوجدها لا تبصر بالليل، أو وجدها جَموحاً أو عَثوراً أو تَرْمَح (¬2) أو تخبط أو تعضّ، أله أن يردها ويأخذه بدابة غيرها؟ أرأيت إن ادعى ذلك المستكري، وقال رب الدابة: ليس هو كذلك، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ؟ قال: إن كانت الدابة بعينها فهو بالخيار، وعليه من الأجر بحساب ما سار. وإن كانت دابة بغير عينها فعليه أن يبلغه إلى بغداد على دابة (¬3) غيرها إن قامت البينة أنها عثورة أو جموحة أو عضوضة أو لا تبصر. [قلت:] أرأيت رجلاً تكارى بعيراً (¬4) من رجل ليعمل عليه على النصف أو الثلث هل يجوز ذلك؟ قال: كان أبو حنيفة يقول: إذا نقل على البعير فالأجر كله لصاحب البعير، وللذي يعمل عليه أجر مثله على صاحب البعير. فإن كان الرجل يحمل عليه المتاع فيبيعه فما كسب عليه فهو له، وله أجر مثل البعير فيما عمل. وهو قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابةً وغلاماً ليذهب له بكتاب إلى بغداد فقال الغلام: قد ذهبت بالكتاب، وقال الرجل الذي أرسل إليه بالكتاب: لم ¬

_ (¬1) ص - دابة؛ صح هـ. (¬2) رَمَحَ ذو الحافر رَمْحاً من باب نفع: ضرب برجله. انظر: المصباح المنير، "رمح". (¬3) ص: بدابة (¬4) ف - بعيرا، صح هـ.

يأت به، أو قال: قد جاء به، فأعطاه أجره عشرة دراهم، وقال الذي أرسل الغلام: قد أعطاه المرسل إليه، أو قال: قد أعطيته أنا الأجر، والغلام يجحد ذلك؟ قال: إن أقام الغلام البينة أنه قد دفع إليه الكتاب، وإلا فلا أجر له. وإن أقام الغلام البينة أنه أتى بغداد بالكتاب فلم يجد الرجل فله الأجر؛ لأنه قد دفعه حيث أمر. وأما الذي ببغداد فإنه لا يأخذ منه الرسول شيئاً، والذي أرسله ضامن لأجر الرسول. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى مكان معلوم ولم يقل: اركبها بسَرْج (¬1) ولا إكاف (¬2)، فجاء بها المكاري عريانة ودفعها إليه، فركبها المستكري بإكاف، فعطبت الدابة، وكانت الدابة لا يركب مثلها بإكاف، هل عليه في ذلك ضمان؟ قال: إن كان قد يركب (¬3) في تلك الطريق مثل تلك الدابة بإكاف أو سرج (¬4) فلا ضمان عليه. وإن كان لا يركب في ذلك إلا بسرج فركب بإكاف فهو ضامن في قولهم جميعاً (¬5). قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من الفرات (¬6) إلى جُعْفِي - وجُعْفِي قبيلتان (¬7) بالكوفة - فلم يسم أيهما هي، أو إلى الكُنَاسة ولم يسم أي ¬

_ (¬1) ما يوضع على الدابة ليركب عليها، وقد غلب استعماله في الخيل. انظر: لسان العرب، "سرج". (¬2) ما يوضع على الحمار ليركب عليه انظر: لسان العرب، "أكف". (¬3) ص: قد تركب. (¬4) ف: وسرج. (¬5) والسرج أخف من الإكاف، كما تقدم قريباً في كلام المؤلف. (¬6) م: من العراف؛ ص ف: من العراق. والتصحيح من الكافي، 1/ 209 و؛ والمبسوط، 15/ 180. (¬7) م ص: قبيلتين.

الكُناستين (¬1)، أو سمى بَجِيلَة (¬2) ولم يسم أيتهما هي الباطنة أو الظاهرة، هل يجوز هذا الكراء، وكيف القول في ذلك؟ قال: عليه أجر مثلها إذا لم يسم إلى الظاهرة أو إلى الباطنة في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة يحمل عليها ولم يسم ما يحمل عليها، فاشترى حنطةً أو شعيراً أو ملحاً أو غير ذلك من الحبوب، فحمله عليها أو ركب، فوقع الكراء على ذلك ولم يسميا ما يحمل عليها، هل يجوز الكراء على هذا فعطبت الدابة؟ قال: كان أبو حنيفة يستحسن أن يجعل عليه الأجر الذي سمى إذا ركب أو حمل عليها إلى المكان الذي سمى (¬3)، ولا يضمنه الدابة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل بدرهم إلى الحيرة فأتى عليها النجف هل ترى هذا ضامناً إن سلمت أو عطبت؟ أرأيت إن أردف عليها إنساناً أو لم يردف وقد جاوز الوقت؟ أرأيت إن زاد عليها حملاً فعطبت قبل أن يبلغ الحيرة أو عطبت بعدما رجع من النجف (¬4) إلى الحيرة؟ قال: إن كان هو بالحيرة فعليه الأجر إلى الحيرة، وهو ضامن للدابة فيما جاوز الوقت حتى يردها إلى صاحبها. وإن كان زاد عليها قبل أن يأتي الحيرة ضمن بقدر ما زاد (¬5) في قولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) م ص ف: الكناس. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬2) الكلمة مهملة في م ص ف. ونقطت هكذا في الكافي، 1/ 209 و. وعند السرخسي: بحيلة. انظر: المبسوط، 180/ 15. وبَجِيلَة قبيلة من اليمن سكنت الكوفة. والظاهرة هي التي تسكن خارج عمران الكوفة، والباطنة التي داخلها انظر: طلبة الطلبة، 266؛ والمغرب، "بجل". (¬3) ف: سماه. (¬4) ص ف: إلى النجف. (¬5) م ص: بعدما زاد.

قلت: أرأيت رجلاً تكارى بعيراً من رجل يعمل عليه بالفرات (¬1) بالنصف أو بالثلث أو بالربع هل يجوز ذلك؟ وكيف إن كان صاحب البعير قال للذي يعمل عليه: إنما استكريت بنصف ما يكتسب أو بثلث أو بربع على بعيري هذا، فوقع الكراء على هذا، هل يجوز، أو كيف إن عطب البعير؟ قال: كان أبو حنيفة يقول: إن كان ينقل على البعير فالأجر كله لصاحب البعير، والذي يعمل عليه له (¬2) أجر مثله على صاحب البعير. وإن كان الرجل يحمل عليه المتاع فيبيعه فما كسب عليه من شيء فهو له، وعليه أجر مثل البعير فيما عمل. وهو قول أبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل دابة بالنصف ويعمل عليها بالفرات، وتكارى عبداً من مولاه بدراهم مسماة مأذوناً له في التجارة أو غير مأذون له، أو تكارى من مولاه على ثلث ما تكسب هذه الدابة أو ربع أو نصف، فوقع الكراء على ذلك، هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن عطب الغلام وهو غير مأذون له أو عطب البعير تحته؟ قال: أما في قول أبي حنيفة فهو كما وصفت لك في المسألة الأولى أن لصاحب البعير مثل أجر البعير. وأما الغلام فإن كان استأجره بدراهم مسماة فهو جائز. وإن كان استأجره بثلث أو بربع (¬3) ما يكتسب (¬4) على الدابة فالإجارة فاسدة، وله أجر مثله. وأما الغلام إن (¬5) كان غير مأذون له ولم يستأجره من مولاه فإن سلم الغلام فله الأجر. وإن لم يسلم فهو ضامن لقيمته. استحسن ذلك أبو حنيفة. وأما البعير فلا ضمان عليه فيه. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى بغداد على [أنه] إن يبلغه إليها فله رضاؤه فبلغه، فقال: رضاي عشرون درهماً، أله ذلك؟ وما له من الأجر؟ وهل يجوز الكراء على هذا؟ ¬

_ (¬1) م ص: بالعراف. (¬2) ص - له. (¬3) م: أو ربع. (¬4) م ص: ما يكسب. (¬5) م: وإن؛ ص: فإن.

قال: عليه أجر مثلها إلى بغداد إلا أن يكون أكثر من عشرين درهماً في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجلين إلى بغداد بمثل (¬1) ما تكارى به أصحابه وبمثل ما تكارى فيه (¬2) الناس هل يجوز الكراء على هذا؟ قال: لا يجوز. وعليه أجر مثلها إن ركبها إلى بغداد. فإن كان ذلك مختلفاً فعليه وسط من ذلك في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل ولم يسم بغلاً أو حماراً فجاءه بحمار فركبه فقال: إنما استكريت بغلاً بخمسة دراهم، وقال المكاري: بل أكريتك هذا الحمار بخمسة دراهم، واختلفا في ذلك وليس بينهما بينة، أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: إن قال الذي استأجر الدابة: إنما استأجرت هذا الحمار بدرهم، أو قال: إنما استأجرت هذا البغل بخمسة دراهم، فالقول قوله مع يمينه، وعلى صاحب الدابة البينة في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابةً حماراً أو بغلاً إلى القادسية فأردف رجلاً خلفه فعطبت الدابة هل يضمن شيئاً؟ أرأيت إن عطبت الدابة ما على الذي تكارى، هل يضمن شيئاً من أجل الردف أم لا؟ قال: عليه الأجر كاملاً إن كان بلغ القادسية، وهو ضامن بقدر ما زاد عليها إن عطبت الدابة، وليس عليه من الردف أجر؛ لأنه خالف وضمن. فلا أجر عليه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من الكوفة إلى فارس بدراهم مسماة، وسمى مدينة منها، بدراهم معلومة في الدرهم ثَمَّ تَزِنُ خمسة دوانيق أو درهماً ودانقين، تكاراها (¬3) بعشرة دراهم، فلما بلغ فارس قال: أعطني نقد ¬

_ (¬1) ف: مثل. (¬2) ص: به. (¬3) ص: تكارها.

الكوفة، وقال المستكري: لا أعطيك إلا نقد فارس، فقال المكاري: أعطني درهماً ودانقين كل درهم نقد فارس، وقال الآجر (¬1): أعطيك نقد الكوفة، كيف القول في ذلك فيما بينهما؟ أرأيت إن تكارى منه بدنانير وهي بالكوفة تنقص، وهي ثمان مثاقيل، أي شيء يعطيه؟ قال: عليه أن يعطيه وزن الكوفة يوم تكارى منه الدابة. إن كانت دراهم الكوفة وزن سبعة فعليه وزن سبعة. وإن كانت أقل من ذلك فعليه ذلك. وكذلك الدنانير في قولهم جميعاً. إذا سمى مكاناً معلوماً من فارس فالكراء جائز. فإن لم يسم فالكراء فاسد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة إلى الري ولم يسم مدينتها ولا رُسْتَاقها (¬2) بعينه فوقع الكراء على هذا هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن تكارى إلى الشام ولم يذكر كُورَة (¬3) من كُوَرِها أو إلى خراسان ولم يسم كورة من كورها فوقع الكراء على هذا هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن ركبها على هذا فعطبت الدابة؟ قال: إن سار (¬4) بها إلى أدنى الري (¬5) فله أجر مثله، ولا يجاوز بها ما سمى له. وإن أتى بها أقصى الري (¬6) فله أجر مثله، لا ينقص مما سمى في قياس قولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) ف: الآخر. (¬2) قال الفيومي: الرُّسْتَاق معرَّب، ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم، والرُّزْدَاق بالزاي والدال مثله، والجمع رَسَاتِيق ورَزَادِيق، قال ابن فارس: الرَّزْدَق السطر من النخل والصف من الناس، ومنه الرُّزْدَاق، وهذا يقتضي أنه عربي، وقال بعضهم: الرُّسْتَاق مولَّد وصوابه رُزْدَاق. انظر: المصباح المنير، "رستق". وقال المطرزي: الرَّزْدَق الصف، وفي الواقعات: رَسْتَق الصفّارين والبيّاعين، وكلاهما تعريب رَسْتَه. انظر: المغرب، "رزدق". (¬3) الكورة هي الناحية والجهة والمحلة وتطلق على المدينة. انظر: المصباح المنير، "كور". (¬4) ص: إسار. (¬5) ص: الذي. (¬6) ص: الذي.

قلت: أرإيت رجلاً تكارى دابةً وغلاماً على أن يحمل له كتاباً إلى بغداد بعشرة دراهم، فزعم أنه قد بلغ الكتاب، فقال الذي بعث بالكتاب إليه: لم يأت بشيء، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن قال الذي أتاه الكتاب: قد أعطيته عشرة دراهم أجر الكتاب، وقال الذي استكراه: قد أعطيته عشرة دراهم، وجحد الآجر ذلك، بقول من يؤخذ؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: إذا ادعى الغلام أنه قد أتاه بالكتاب وجحد ذلك فالقول قول الذي أتاه بالكتاب مع يمينه. وأما إذا ادعى الذي استأجر أنه قد دفع إليه عشرة دراهم فإنه لا يصدق، والقول قول الأجير مع يمينه. والإجارة على هذا جائزة إذا أقام البينة أنه أتاه بالكتاب إلى بغداد. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من الكوفة إلى بغداد على أن يسير به في يومين فإن دخل في يومين فله (¬1) عشرة دراهم وإن لم يدخل به في يومين فله درهمان، أو قال: إن دخلت (¬2) في يومين فلك عشرة دراهم وإلا فلا شيء لك، ووقع الكراء على هذا؟ قال: إن دخل به في يومين فله عشرة دراهم. وإن أبطأ به فله أجر مثله، لا ينقصه من درهمين، ولا يجاوز به عشرة في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قول أبي يوسف ومحمد فهو على الشرط إلا في قوله: إن أبطأ به فلا أجر له، وله أجر مثله إن أبطأ به، لا يجاوز به عشرة دراهم. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل بالكوفة من غدوة إلى العشية بدرهم هل يجوز هذا الكراء؟ ومتى وقت العشي؟ أرأيت إن قال المكاري: وقت العشي عند الظهر، وقال المستكري: وقت العشي عند العصر، فركبها إلى العصر، هل عليه كراء فيما بينه وبين الظهر والعصر؟ أرأيت إن عطبت الدابة فيما بين الظهر والعصر هل يضمن؟ قال: يردها عند زوال الشمس؛ لأن الشمس إذا زالت فقد دخل وقت ¬

_ (¬1) م ف: وله. (¬2) ف + بي.

الصلاة، فإذا دخل وقت الظهر فقد دخل وقت العصر (¬1). وهو ضامن إن ركبها فيما زاد على ذلك في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة يوماً بدرهم متى يركبها، ومتى يردها إذا ركبها؟ أرأيت إن قال المستكري: استكريتها ليلة بدرهم، متى يركبها؟ أرأيت إن قال: اركبها يوماً، هل يدخل في ذلك الليلة مع اليوم أو يدخل اليوم مع الليلة؟ قال: إذا تكاراها يوماً ركبها عند طلوع الفجر ويردها عند غروب الشمس، وإذا تكاراها ليلة ركبها عند غروب الشمس ويردها عند طلوع الفجر في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة بدرهم فيقول: أذهب عليها إلى حاجة لي، فوقع الكراء على هذا ويركبها على هذا، هل يجوز هذا الكراء؟ أرأيت إن نفقت الدابة (¬2) على هذا الكراءِ وهذا الشرطِ تحت (¬3) المستكري (¬4) هل يضمن المستكري شيئاً من ذلك؟ قال: إن كان بين إلى أي مكان هو فهو جائز، وإلا فله أجر مثله، ولا يجاوز به الدرهم، إلا أن يكون بالكوفة وبيّن المكان به، فيجوز الكراء على هذا. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة بثوب أو قفيز من طعام أو برطل من زيت أو دهن ولم يسم من ذلك الصنف بعينه أو بشاة أو ببقرة أو ببعير وعمل على الدابة أو سار عليها هل يجوز الكراء على هذا؟ أرأيت إن عطبت الدابة هل يضمن؟ ¬

_ (¬1) يعني أن العشي اسم لما بعد الزوال فهو يجمع الظهر والعصر، فالغاية هي الزوال، والغاية لا تدخل تحت المغيا، فإذا زالت الشمس فقد انتهى العقد، فعليه الرد. انظر: المبسوط، 15/ 182. (¬2) ص + هل. (¬3) م ص: يجب. (¬4) م: لمستكري؛ ف: لمستكر.

قال: على المستأجر أجر مثلها، والإجارة على هذا الشرط فاسدة، ولا ضمان عليه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى من رجل دابة إلى بغداد بخمسة دراهم، وبعث معه صاحب الدابة بغلام يردها من بغداد، فعمد الغلام فأكراها من رجل، ولم يأمره رب الدابة أن يؤاجرها، فعطبت الدابة تحت الرجل؟ أرأيت إن ذهب الغلام ووجد صاحب الدابة دابته في يدي المستكري، فقال: قد استكريتها من غلامك وأعطيته أجرها، هل يلزمه شيء بإقراره؟ قال: الرجل ضامن للدابة إن عطبت، ولا أجر لها (¬1). فإن كان الغلام الذي أجرها رجلاً (¬2) فما أخذ منه صاحب الدابة (¬3) رجع به على الذي أكراه، وهو الغلام في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل فإذا هي سرقة فوجدها صاحبها في يدي (¬4) المستكري وأقام البينة أنها دابته وقد أخذ المكاري أجر الدابة؟ قال: المستأجر ضامن للدابة، ولا أجر للدابة، ولا أجر لصاحبها المكاري فيما عملت. فإن أخذ المستأجر أجر الدابة رجع على الذي أجره بما ضمن وبالأجرة (¬5). قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل على أن يطحن عليها كل شهر بعشرة دراهم ولم يسم كم يطحن عليها كل يوم هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن عطبت الدابة من العمل هل يضمن؟ قال: الإجارة جائزة، وعليه الأجر كاملاً، ولا ضمان عليه إن عطبت ¬

_ (¬1) ص: له. (¬2) ص: رجل. (¬3) ص: الدار. (¬4) ص: في يد. (¬5) ف: بالأجرة؛ ص: في الإجارة.

الدابة من العمل (¬1) إلا أن يكون شيئاً فاحشاً في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل من غدوة إلى الليل بدرهم فحبسها شهراً أي شيء ترى عليه من الأجر؟ أرأيت إن تكاراها سنة كل يوم بدرهم أو بعشرة دراهم أو شهراً بأجر معلوم فحبسها سنة أخرى كم يعطيه؟ قال: عليه أجر يوم واحد وشهر واحد وسنة واحدة، وليس عليه شيء فيما حبسها؛ لأنه ضامن للدابة. وكذلك إجارة سنة في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى بغداد يركبها فخالف المكان (¬2) الذي استأجرها إليه هل عليه كراء فيما خالف وفيما لم يخالف؟ قال: الكراء له لازم في مسيره قبل الخلاف، وهو ضامن للدابة فيما خالف، ولا أجر عليه في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل ليحمل عليها إنساناً بأجر معلوم، فحمل عليها امرأة ثقيلة برَحْل أو سَرْج، فعطبت الدابة من ذلك، وقد علم ثقل المرأة أنها ثقيلة جداً، هل يضمن الذي تكارى الدابة أو يضمن المرأة؟ قال: لا ضمان عليه؛ لأنها إنسان وإن كانت ثقيلة. إلا أن يكون لا تحملها دابة قد علم ذلك فيضمن إذا حملها في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل يوماً إلى الليل بدرهم فجاء به صاحب الدابة فأراه الدابة على آرِيِّه (¬3) وقال: اركبها إذا ¬

_ (¬1) ص - هل يضمن قال الإجارة جائزة وعليه الأجر كاملا ولا ضمان عليه إن عطبت الدابة من العمل. (¬2) ص: المكاري. (¬3) وعبارة الحاكم والسرخسي: على آريها. انظر: الكافي، 1/ 209 ظ؛ والمبسوط، 15/ 183. والآري هو المِعْلَف عند العامة، وهو مراد الفقهاء. وعند العرب الآري: الآخِيّة، وهي عروةُ حبل تُشَد إليها الدابة في محبسها، فاعول مِن تَأَرَّى بالمكان إذا أقام فيه. انظر: المغرب، "أري".

شئت، فلما كان الليل قال صاحب الدابة: هات كراء دابتي، فقال المستأجر: ما ركبتها ولم أستطع أن أركبها، وقال صاحب الدابة: قد ركبتها، وليس بينهما بينة؟ قال: إن كانت الدابة دفعت إلى المستأجر فعليه الأجر إذ جاء بها عند الليل معه. وإن كان لم يقبضها فلا أجر عليه، وعلى رب الدابة البينة أنه قد ركبها. فإن لم يكن له بينة حلف المستأجر ما ركبها في قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى حاجة له بالحيرة فقال رب الدابة: هذه الدابة (¬1) دونك لتركبها في حاجتك، فلما كان بقدر ما يرجع من الحيرة قال: لم أركبها ولم أستطع ركوبها فلا أجر لك علي، لأني لم أذهب إلى الحيرة، بقول من يؤخذ، وببينة من يؤخذ؟ قال: إذا حبسها بقدر ما يذهب إلى الحيرة (¬2) ويرجع فلا أجر عليه إذا لم يذهب. وإن دفعها إليه وقال: لم أذهب، فإن علم أنه قد توجه إلى الحيرة فقال: رجعت ولم أذهب، لم يصدق. وإن ردها من ساعته ولم يركب فلا أجر عليه؛ لأنه قد تكاراها ليذهب عليها إلى الحيرة في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة من رجل إلى بغداد على أن يعطيه الأجر إذا رجع من بغداد، فمات المستأجر ببغداد ولم يرجع منها، هل للمكاري على ورثته شيء، أو هل للمكاري على ميراثه سبيل، وما القول في ذلك وإنما وقعت الإجارة على هذا؟ قال: عليه الأجر إلى بغداد ذاهباً ديناً في ماله إن كان ترك مالاً، والا فلا سبيل له على ورثته في شيء من ذلك في قياس قولهم جميعاً. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابة إلى واسط واشترط عليه وقال: إن ¬

_ (¬1) ف - الدابة. (¬2) ف - بقول من يؤخذ وببينة من يؤخذ قال إذا حبسها بقدر ما يذهب إلى الحيرة.

باب انتقاض الإجارة

بلغت بي إلى (¬1) واسط في يومين فلك أربعون درهماً، وإن بلغت بي في ثلاثة أيام فلك ثلاثون درهماً؟ [قال:] قال أبو حنيفة: الشرط الأول جائز، والثانى باطل. وقال أبو يوسف ومحمد: الأول والثاني جائزان جميعاً. ... باب انتقاض الإجارة محمد عن أبي يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن شريح أنه قال: من استأجر بيتاً فمتى ما ألقى مفاتيحه إلى صاحبه فهو بريء من الإجارة (¬2). وقال أبو حنيفة: ليس له ذلك إلا من عذر، والشرط أملك. محمد عن أبي يوسف عن الحجاج بن أرطاة عن محمد بن خالد القرشي عن رجل من بني كنانة قال: سمعت عمر بن الخطاب حين وضع رجله في الغَرْز (¬3) يقول: إن الناس قائلون غداً: ماذا قال عمر، وإن البيع عن صفقة أو خيار، والمسلمون عند شروطهم. وقال أبو حنيفة: ليس للمستأجر ولا للمؤاجر أن ينقض الإجارة دون الأجل (¬4) إلا من عذر. وقال: العذر أن ينهدم البيت أو ينهدم منه ما لا يستطيع أن يسكن فيه. فإذا أراد صاحبه أن يبيعه فليس هذا بعذر، وليس له ذلك، وليس له أن ينقض الإجارة. فإن باعه (¬5) فإن أبا حنيفة قال: بيعه باطل لا يجوز. فإن كان (¬6) عليه دين فحبس في دينه فباعه ورثته فهذا عذر، ¬

_ (¬1) ص - إلى. (¬2) تقدم بنفس الإسناد في أول كتاب الإجارة بلفظ قريب. انظر: 2/ 120 و. (¬3) م ص: في العرو. والغَرْز ركاب الرحل. انظر: المغرب، "غرز". (¬4) ف: الآخر. (¬5) ف - فإن باعه. (¬6) ف - كان.

وبيعه فيه جائز. وأما بيعه في غير دين لرغبة وحدها أو [خوف] أصابه (¬1) فليس له ذلك. وكدلك لو أراد أن يسكنه هو ولم يكن له منزل إلا منزل فسقط، فليس له ذلك. وكذلك لو أراد التحويل من المصر فليس له أن ينقض الإجارة. وقال (¬2) أبو حنيفة: إن أراد المستأجر أن ينقض الإجارة قبل الأجل فليس له ذلك. وإن كان هذا البيت في السوق يبيع فيه المستأجر ويشتري فلحقه دين أو أفلس فقام عن السوق فإن هدا عذر، وله أن ينقض الإجارة. وكدلك إن أراد أن يتحول من بلد إلى بلد، أو يتحول من تلك التجارة إلى تجارة أخرى، أو أراد الشخوص من ذلك المصر، فهذا عذر، وله أن ينقض الإجارة. فإن لم يكن الأمر على ذلك ولكنه وجد (¬3) بيتاً هو أرخص منه فليس له أن ينقض الإجارة. وكذلك لو كان منزلاً (¬4) يسكنه فوجد منزلا هو أرخص منه أو أوسع منه فليس له أن ينقض الإجارة. وكذلك لو اشترى منزلاً فأراد أن يتحول إليه فليس له ذلك، وليس هذا بعذر. وإذا استأجر الرجل دابة وَهِيَ بعينها إلى بغداد ثم بدا للمستأجر أن يقعد ولا يخرج فإن أبا حنيفة قال: هذا عذر. ولو كان أراد غريماً له ببغداد فقدم غريمه فأقام لقدومه كان هذا عذراً. أو لو (¬5) كان في طلب عبد له أبق فوجده كان هذا عذراً. ولو مرض كان هذا عذراً وكان له أن ينقض الإجارة. وكذلك لو تعثرت الدابة أو أصابها شيء لا يستطيع الركوب عليها معه كان هذا عذراً. وإن لم يكن الأمر على شيء مما ذكرت لك وأراد رب الدابة أن ¬

_ (¬1) زيادة كلمة "خوف" مستفادة من كلام المؤلف الآتي في الفقرة التالية. (¬2) ف - لرغبة وحدها أو إصابة فليس له ذلك وكذلك لو أراد أن يسكنه هو ولم يكن له منزل إلا منزل فسقط فليس له ذلك وكذلك لو أراد التحويل من المصر فليس له أن ينقض الإجارة وقال. (¬3) ف - وجد. (¬4) المنزل موضع النزول، وهو عند الفقهاء دون الدار وفوق البيت، وأقله بيتان أو ثلاثة. انظر: المغرب، "نزل". (¬5) ص: ولو.

ينقض الإجارة فليس له ذلك. ولو عرض له (¬1) عارض لا يستطيع الشخوص مع دابته (¬2) لم يكن له أن ينقض الإجارة، ولكنه يؤمر أن يرسل معه رسولاً يتبع (¬3) الدابة. وكذلك لو عرض له غريم له يلزمه (¬4) أو خوف أصابه كان يؤمر أن يرسل من عنده غلاماً يتبعها (¬5). ولو كانت الدابة بغير عينها كان الحال في ذلك على ما ذكرت لك ولم يكن عذرا. ولو عثرت أو عطبت كان هذا عذراً إذا كانت بعينها. فإن كانت بغير عينها لم يكن هذا عذراً؛ لأنه لم يستأجر دابة بعينها. ويؤمر المؤاجر أن يأتيه بدابة يحمله (¬6) عليها. ولو حمله على دابة فمات المستأجر في بعض الطريق كان عليه من الأجر بحساب ما سار، وبطل عنه بحساب ما بقي. ولو كان أكراه دابة بعينها فعطبت أو نفقت فعليه مثل ذلك أيضاً. وكذلك الكراء إلى مكة، فإن بدا للمستأجر أن يترك الحج فهذا عذر. وإن مرض أو لزمه غريم أو خاف أمراً فهذا عذر. وليس يكون شيء من هذا عذراً للمؤاجر. وإن (¬7) مات رب الإبل في بعض الطريق فإن أبا حنيفة قال: للمستأجر أن يركبها على حاله، ولا يضمن، وعليه (¬8) الكراء حتى يأتي مكة، فيرفع ذلك إلى القاضي، فإن سلم له القاضي الكراء إلى مكة فهو جائز، فإن فسخ الكراء أو باع الإبل فهو جائز. وأحب إلي إن كان المستأجر ثقة أن يُنفذ القاضي الكراء له إلى الكوفة (¬9). وإن أنفق على الإبل شيئاً لم يحتسب له ذلك. فإذا أمره القاضي بذلك حسب له ذلك إذا أقام بينة على ذلك. وإن كان المستأجر غير ثقة ولا مأمون فإني أحب للقاضي أن يفسخ ¬

_ (¬1) أي: لرب الدابة. (¬2) ف: مع دابة. (¬3) م: يبيع؛ ص: تبيع. وهي مهملة في ف. والضبط من الكافي، 1/ 209 ظ؛ والمبسوط، 16/ 4. (¬4) ف: لم يلزمه. (¬5) م: يبيعها. وهي مهملة في ف. والضبط مستفاد من المصدرين السابقين. (¬6) ص: يحمل. (¬7) م: فإن. (¬8) ص: عليه. (¬9) ص: إلى مكة.

الإجارة ويبيع (¬1) الإبل. وكذلك كراء الإبل والسفن والبقر والدواب وجميع الحيوان فهو مثل ذلك. فإن كان المستأجر قد دفع الكراء إلى رب الإبل الميت وفسخ القاضي الإجارة وباع الإبل فإنه ينبغي له (¬2) أن يسأله (¬3) البينة على ما دفع إلى الميت ثم يرد (¬4) عليه بحساب ما بقي. وإنما يَقبل البينة ها هنا لأن الإبل في يده، فلا ينبغي له أن يقبضها حتى يرد عليه ما بقي من الأجر. وهذا قضاء على الورثة نافذ عليهم وهم غُيَّب. ولكن لا بد من هذا؛ لأني آخذ الإبل منه. وإذا استأجر الرجل أرضاً من رجل بالدراهم (¬5) فغرقت فهذا عذر، وله أن يفسخ الإجارة. وكذلك إذا أصابها تراب لا تصلح معه الزراعة فهو مثل ذلك. وإن مات المستأجر ورب الأرض أيهما ما (¬6) مات فقد انتقضت الإجارة. وكذلك القول في جميع الإجارات (¬7). وإن لم يموتا وأراد المستأجر أن يترك الزرع ويأخذ (¬8) في عمل غيره فهذا عذر. وكذلك إن احتاج حتى لا يقدر على ما يزرع فهذا عذر. وإن لم يكن كذلك ولكنه وجد أرضاً أرخص منه (¬9) أجراً وأجود فليس له أن يفسخ الإجارة، وليس هذا عذراً (¬10). وكذلك رب الأرض إن وجد من الأجر أكثر مما أعطاه فليس له أن يفسخ الإجارة، وليس هذا عذراً. وإن مرض المستأجر وهو الذي كان يعمل بنفسه فهذا عذر، وله أن يفسخ الإجارة. وكذلك إن مرض رب الأرض فليس له أن يفسخ الإجارة. وإن كانت الأرض ليتيم أجرها وصيه فكبر اليتيم قبل انقضاء الشرط فليس له أن ينقض الإجارة. وكذلك الدار والعبد. وإن كان الوصي أجر اليتيم في عمل فبلغ وأدرك وأراد أن يفسخ الإجارة فله ذلك، وهذا عذر. وليس نفسه كأرضه وعبده وداره. ¬

_ (¬1) ص: وتبيع. (¬2) م ص - له. (¬3) م ف ص: أن سأله. (¬4) م ص ف: لم يرد. (¬5) ص: بدراهم. (¬6) م ص - ما. (¬7) ص: التجارات. (¬8) م: ويأخذه. (¬9) ص - منه. (¬10) ص: عذر.

وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة أو لعمل من الأعمال فمرض العبد فهذا عذر. وإن أراد المستأجر أن يفسخ الإجارة فله ذلك. وإن لم يرد المستأجر وأراد رب العبد أن يفسخ الإجارة فليس له ذلك. وإن لم يفسخها واحد منهما حتى بَرَأَ العبدُ فالإجارة لازمة ويُطْرَح عنه من الأجر بحساب ما بطل. وإذا أبق العبد فللمستأجر أن يفسخ الإجارة وهذا عذر. وكذلك إن كان العبد سارقاً فللمستأجر أن يفسخ الإجارة؛ لأن هذا فساد. وإن أمسكها المستأجر فليس لمولى العبد أن يفسخها. وإذا أراد المستأجر أن يسافر ويترك ذلك العمل فله أن يفسخ الإجارة، وهذا عذر. وإن أراد رب العبد أن يسافر ويخرج بعبده معه فليس له ذلك، وليس هذا بعذر. وإن وجد له (¬1) أجراً أكثر من ذلك أو أراد أن يجعله في عمل غير ذلك فليس له أن يفسخ الإجارة. وإن وجد المستأجر أجيراً أرخص منه فليس له أن يفسخ الإجارة. وإن كان العبد غير حاذق لذلك العمل فأراد المستأجر أن يفسخ الإجارة فليس له ذلك إلا أن يكون [عمله] (¬2) فاسداً فله أن يفسخ الإجارة بذلك. وإن مات رب العبد انتقضت الإجارة. وليس للمستأجر أن يستعمل العبد في غير ذلك العمل الذي استأجره. وإذا كان المستأجر اثنين فمات أحدهما انتقضت حصته. وكذلك لو كان العبد بين اثنين فأجراه. وكذلك الأرض والدابة والدار فإن الباقي على حصته. وإن كان عبداً (¬3) استعمله يوماً ورفع عنه يوماً. وإن كانت داراً تهاياً هو وصاحبه فسكن نصفها. وكذلك الأرض. وإذا استأجر الرجل داراً بأمة بعينها سنة فسكنها شهراً ثم ماتت الأمة عند المستأجر قبل أن يدفعها فإن أبا حنيفة قال: تنتقض الإجارة ويكون عليه لما سكن (¬4) أجر مثله. وكذلك الحيوان كله والثياب كلها. والإجارة في هذا جائزة لأنه استأجر بشيء بعينه. وإذا استأجر الرجل عبداً سنة بأجر مسمى ثم رجع المستأجر عن ¬

_ (¬1) م ص ف: به. (¬2) الزيادة من الكافي، 1/ 210 و. (¬3) م ف + أو. (¬4) م: لم اسكن؛ ف: إذا سكن.

باب الشهادة في الإجارة

الإسلام ولحق بدار الحرب، فإن لم يختصموا ولم ينقضوا الإجارة حتى رجع مسلماً، وقد (¬1) بقي من مدة الإجارة شيء قليل، فإن الإجارة تلزمه فيما بقي عليه ويرجع بحساب ما يبطل. وكذلك الدار إذا استأجرها ليسكنها بأجر مسمى سنة فهو مثل ذلك أيضاً. ... باب الشهادة في الإجارة وإذا ادعى الرجل قِبَلَ رجل أنه أجره عبده وجحد ذلك رب العبد وقال (¬2) المستأجر: استأجرته شهراً بستة دراهم، وجحد ذلك رب العبد، فأقام المستأجر شاهدين، فشهد أحدهما أنه استأجره هذا الشهر بستة دراهم، وشهد الآخر أنه استأجره بخمسة، فإنه لا تجوز شهادة الشاهد الذي شهد بخمسة؛ لأن المدعي قد أكذبه. ولو شهد أحدهما بستة وشهد الآخر بتسعة فقد أكذب الذي شهد بتسعة. ولو جحد المستأجر فادعى رب العبد أنه أجره هذا الشهر فأقام شاهدين، فشهد أحدهما أنه أجره هذا الشهر بخمسة، وشهد الآخر بستة، والمستأجر يجحد ذلك، فقد أكذب الذي شهد له بستة، فلا (¬3) تجوز شهادته. وكذلك لو شهد له واحد بخمسة، وشهد له آخر بأربعة، فقد أكذب الذي شهد بأربعة، فلا تجوز شهادته. وإن تصادق رب العبد والمستأجر على الإجارة بأنها شهر، وقال رب العبد: بخمسة، وقال المستأجر: بأربعة، ولم يستعمله شيئاً، واختلفا في غرة الشهر قبل أن يمضي منه شيء، فإنهما يتحالفان، ويحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، وتنتقض الإجارة. وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن قامت لهما جميعاً البينة أخذت ببينة (¬4) رب العبد؛ لأنه مدعي الفضل. وهذا في قولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) ف - قد. (¬2) ف: أو قال. (¬3) ص: ولا. (¬4) م: بينة.

وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل دابة فاختلفا قبل أن يركبها فقال رب الدابة: أكريتك إلى الصَّرَاة (¬1) بعشرة دراهم، وقال المستأجر: بل أكريتني إلى بغداد بخمسة، فإنهما يتحالفان ويترادان الإجارة، وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. فإن حلفا جميعاً ثم قامت لأحدهما بينة أخذت ببينته وأبطلت دعوى الآخر. ولو قامت لهما جميعاً البينة أخذت ببينة رب الدابة على الأجر وببينة المستأجر على الفضل؛ لأن كل واحد منهما يدعي ما شهدت به شهوده. وهذا كله قول أبي حنيفة الآخر. وقد (¬2) كان يقول قبل هذا: هو إلى بغداد باثني عشر ونصف، فإن قامت البينة للآخر بعشرة إلى الصَّرَاة (¬3) وهو المنتصف، وشهد شهود الآخر بخمسة إلى بغداد، فعليه درهمان ونصف مع العشرة. ثم رجع عن هذا، وقال: هو بعشرة إلى بغداد. ومثل (¬4) ذلك مثل رجل أقام بينة على رجل أنه تكارى منه محملاً (¬5) وزاملةً (¬6) وعُقْبَةَ الأجير (¬7) إلى مكة بمائة درهم، ¬

_ (¬1) م ص ف: إلى الفراة؛ ب: إلى الفرات. والتصحيح من الكافي، 1/ 210 و. ويدل على ذلك ما يأتي قريبا، حيث يذكر المؤلف في هذه المسألة أن الصراة هي المنتصف أي منتصف الطريق بين الكوفة وبغداد، ويذكر نفس الشيء في مسألة آتية قريبا. انظر: 2/ 160 ظ. والصَّرَاة نهر يسقي من الفرات. انظر: المغرب، "صري". أما الفرات فهو يمر بالكوفة، فلا يعقل أن يكون الأجر إلى الفرات أكثر من الأجر إلى بغداد. (¬2) ف - قد. (¬3) م ص: إلى الفراة؛ ف: إلى الفرات. والتصحيح مستفاد من المصدر السابق. (¬4) ص ف: مثل. (¬5) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬6) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه ... ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬7) العُقْبَة: النوبة. ومنها عاقبه معاقبة وعقاباً: ناوبه. وعُقْبَة الأجير: أن ينزل المستأجر صباحاً مثلاً فيركب الأجير. انظر: المغرب، "عقب".

وأقام (¬1) المكاري البينة أنه أكراه محملاً وزاملة (¬2) بمائة درهم إلى مكة ولم يذكر فيها عقبة الأجير، فقال: آخذ بشهادة المستأجر على ما ادعى من العقبة. وكذلك لو شهدوا أنه أكراه ذاهباً وجائياً بمائة درهم، وادعى المكري (¬3) أنه أكراه بمائة درهم ذاهباً، وأقام البينة، فإنه يؤخذ ببينة المستأجر على البدأة والرجعة؛ لأنه المدعي. وتلزمه مائة درهم. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: إن قال رب الدابة: أكريتك إلى بغداد بدينار، وقال المستأجر: بعشرة دراهم، وأقاما جميعاً البينة، فإنه يؤخذ ببينة رب الدابة على الدينار؛ لأنه مدعي الفضل. وكذلك إذا اختلفا في الأجر جميعاً فقال أحدهما: بشعير، وقال الآخر: بحنطة، أو قال أحدهما (¬4): بثوب مروي، وقال الآخر: بثوب هروي بعينه، وأقاما جميعاً البينة، فإنه يؤخذ ببينة رب الدابة؛ لأنه هو المدعي. وإن جحد المستأجر الإجارة، وقال: أعرتني عارية، وقد ركبها إلى بغداد، وقال رب الدابة: أكريتها بدرهم ونصف، فإن أبا حنيفة قال في هذا: القول قول الراكب ولا ضمان عليه ولا أجر. أما الضمان فلأن رب الدابة قد (¬5) زعم أنه (¬6) ركب بأمره، فقد أبرأه من الضمان. وأما الكراء فرب الدابة فيه مدعي (¬7)، فلا يصدق. وعلى الراكب اليمين، فإن حلف برئ، وإن لم يحلف لزمته الدعوى. فإن أقام رب الدابة شاهدين فشهد أحدهما بدرهم والآخر بدرهم ونصف فإن أبا حنيفة قال: أقضي له بالدرهم؛ لأنهما قد أجمعا على الدرهم. ولو ركب رجل دابة إلى الحيرة فقال رب الدابة: أكريتها (¬8) إلى ¬

_ (¬1) ص ف: فأقام. (¬2) م ص: أو زاملة. (¬3) م: الكري. (¬4) م ف: قال الآخر. (¬5) ف: وقد. (¬6) م + قد. (¬7) ص: مدع. (¬8) ف: أكريها.

الجَبَّانة (¬1) إلى أطراف البيوت بدرهم فجاوزت ذلك، وقال الذي ركب الدابة: ما استأجرتها منك ولكنك أعرتنيها (¬2) عارية، وحلف على ذلك، فإنه يبرأ من الأجر. وإن أقام رب الدابة شاهدين على [أنه] (¬3) أكراه إلى الحيرة بدرهم فإنه لا يلزمه ذلك؛ لأن دعواه فد أكذبت شهوده. وإذا تكارى الرجل دابة من رجل من الكوفة (¬4) إلى القادسية فقال الراكب: تكاريتها إلى القادسية بنصف درهم، وقال رب الدابة: أكريتها (¬5) إلى السالحين (¬6) بدرهم ونصف، فإن القول قول الراكب في الكراء، وليس عليه إلا نصف درهم مع يمينه على ذلك. وإن أقاما جميعاً البينة فالبينة بينة رب الدابة على درهم ونصف، ويؤخذ شهود المستأجر على فضل المسير. فإن لم تقم لهما جميعاً البينة ولكن رب الدابة أقام شاهدين فشهد أحدهما أنه أكراه إلى السالحين بدرهم ونصف فإنه يقضى لرب الدابة بدرهم إذا كان قد ركب به؛ لأنهما قد أجمعا عليه. ولو كان رب الدابة ادعى أول ما ادعى أنه أكراها إلى موضع السواد ليس في ذلك الطريق، وقال المستأجر القول الأول، فلا كراء على المستأجر؛ لأنه قد خالف وصار ضامناً حيث ركبها إلى غير ذلك الموضع. ولو أن رجلاً ادعى قبل رجل أنه أكراه دابتين بأعيانهما بعشرة دراهم إلى بغداد وأقام على ذلك بينة، وأقام رب الدابتين بينة أنه أكراه إحداهما (¬7) بعينه إلى بغداد بعشرة دراهم، فإن قول أبي حنيفة الأول في هذا أن تكون له الدابتان جميعاً بخمسة عشر (¬8) درهماً إذا كان أجر مثلهما (¬9) سواء. ثم رجع عن ذلك، وقال: تكون له الدابتان جميعاً بعشرة دراهم، وهو قول أبي ¬

_ (¬1) الأصل في الجَبّانة عند أهل الكوفة أنه اسم للمقبرة، وفي الكوفة عدة مواضع تعرف بالجَبّانة، كل واحدة منها منسوبة إلى قبيلة. انظر: معجم البلدان لياقوت، "عرزم". (¬2) م ص ف: أجرتنيها. (¬3) الزيادة من ب. (¬4) ص - من الكوفة؛ صح هـ. (¬5) م ص: أكريتنيها. (¬6) السالحون: موضع على أربعة فراسخ من بغداد إلى المغرب. انظر: المغرب، "سلح". (¬7) ص: أحدهما. (¬8) م ص: بخمسة وعشرين. (¬9) ص: مثلها.

يوسف ومحمد؛ لأن المستأجر هو المدعي وعليه البينة، وليس على رب الدابة بينة. فإن أقام رب الدابتين البينة أنه أكراه إحداهما بعينها إلى بغداد بدينار وأقام المستأجر البينة أنه استكراهما (¬1) جميعاً بعشرة دراهم إلى بغداد فإن هذا لا يشبه الأول، لأن (¬2) الأجر قد اختلف. فتكون له الدابتان بدينار وخمسة دراهم (¬3). آخذ ببينة (¬4) رب الدابة على الدينار، وألزم المستأجر خمسة دراهم (¬5) في الدابة الأخرى؛ لأن رب الدابة مدعي للدينار (¬6). وكذلك لو أقام البينة أنه أكراه هذه الدابة بقفيز من حنطة جيدة وأقام المستأجر [البينة] أنه استكراهما جميعاً بقفيز شعير جيد فإنه يجب تسليم (¬7) الدابتين (¬8) جميعاً بقفيز (¬9) من حنطة ونصف قفيز شعير، والحنطة أجر التي (¬10) ادعى رب الدابة، والشعير أجر الأخرى. وكذلك إذا اختلفا في الأجر. ولو أقام رب الدابة البينة أنه أكراه (¬11) بعشرة دراهم إلى بغداد وأقام المستأجر البينة أنه استكراهما جميعاً بخمسة دراهم إلى بغداد جعلتهما جميعاً بعشرة دراهم (¬12) إذا كان الأجر واحداً، وليس (¬13) يشبه (¬14) هذا اختلاف الأجر. وكذلك الذهب في هذا والكيل والوزن. وإذا ادعى المستأجر أنه استكراها (¬15) إلى بغداد بدينار (¬16) وأقام على ذلك بينة وأقام رب الدابة بينة (¬17) أنه أكراها منه إلى الصَّرَاة (¬18) بعشرين درهماً وقد ركبها إلى بغداد والصراة هي المنتصف فإني أقضي ¬

_ (¬1) ص: استكراها. (¬2) ص: فإن. (¬3) م: الدراهم. (¬4) ص: بينة. (¬5) م ص ف: الدراهم. (¬6) ص ف: الدينار. (¬7) م ص - تسليم. (¬8) ص: للدابتين. (¬9) م ص: بقفيزين. (¬10) ص: الذي. (¬11) ص ف: أكراها. (¬12) م ف: الدراهم. (¬13) ص - وليس. (¬14) م ص: ببينة (¬15) أي: دابة واحدة كما صرح الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 210 و. (¬16) م - بدينار، صح هـ. (¬17) ف: الدار البينة. (¬18) الصراة نهر يسقي من الفرات. انظر: المغرب، "صري".

عليه بعشرين درهماً ونصف دينار، وآخذ ببينة (¬1) رب الدابة في العشرين الدرهم، [و] نصفُ (¬2) الدينار في فضل مسيره. وكذلك إذا اختلف في هذا الوجه في الكيل والوزن والعروض والحيوان. فإن كان الأجر حنطة كله فادعى المستأجر أنه خمسة مخاتيم إلى بغداد وأقام البينة، وادعى رب الدابة أنه عشرة مخاتيم إلى الصراة وأقام البينة، فإني أقضي بعشرة مخاتيم إلى الصراة. وإن كان قد ركبها فهي له لازمة. وإن كان لم يركب أوجبت عليه الكراء (¬3)، وليس له أن يتركه إلا من عذر. وإذا ادعى رجل أنه تكارى دابة إلى بغداد بعشرة دراهم وجحد رب الدابة وجاء المستأجر بشاهدين، فشهد أحدهما أنه تكاراها ليركبها بعشرة دراهم، وشد الآخر أنه تكاراها ليركبها ويحمل عليها هذا المتاع بعشرة دراهم (¬4)، وادعى المستأجر أنه استأجرها ليركبها (¬5) ويحمل عليها متاعه، فإنه لا تجوز شهادتهما؛ لأنهما اختلفا وقد أكذب الذي شهد بغير متاع. وقال أبو حنيفة: لو شهد أحدهما أنه تكاراها ليركبها بأجر مسمى إلى بغداد، وشهد آخر أنه تكاراها ليحمل عليها حُمُولَة (¬6) معروفة إلى بغداد بعشرة دراهم (¬7)، أو قال (¬8) الآخر: حُمُولَة أخرى إلى بغداد بعشرة دراهم (¬9)، فقد اختلفت الشهادة، فلا تجوز. ألا ترى أنه إذا ادعى شهادة واحد منهما فقد أكذب الآخر، ولو لم يدع ذلك المستأجر وادعى ذلك رب الدابة أنه كان مثل هذا أيضاً. وقال أبو حنيفة: إذا ادعى رجل أنه أسلم ثوباً إلى صباغ وجحد الصباغ فجاء بشاهدين، فشهد أحدهما أنه دفعه إليه ليصبغه أصفر، وشهد ¬

_ (¬1) م ص ف: منه. (¬2) الواو من ب. (¬3) ص: الكر. (¬4) م ص: الدراهم. (¬5) ف + بعشرة دراهم وادعى المستأجر أنه استأجرها ليركبها. (¬6) الحمولة بالضم هي الأحمال، وبالفتح هي ما يحمل عليه من الدواب. انظر: المغرب، "حمل". (¬7) م ص ف: الدراهم. (¬8) ص: وقال. (¬9) م ص ف: الدراهم.

باب ما يضمن الأجير المشترك وأجير الرجل وحده في الخلاف وغيره

الآخر أنه دفعه إليه بدرهم ليصبغه أحمر، فإن أبا حنيفة قال في هذا: قد اختلفت الشهادة فلا أقبلها. وكذلك إن جحد رب الثوب وادعى الصباغ. ... باب ما يضمن الأجير المشترك وأجير الرجل وحده في الخلاف وغيره محمد قال: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه كان لا يضمن الأجير المشترك وغيره (¬1). والمشترك عندنا القصار والصباغ والخياط والإسكاف وكل من يتقبل الأعمال من غير واحد. وأجير الرجل وحده يكون الرجل فيستأجر (¬2) الرجل يخدمه شهرأ أو ليخرج معه إلى مكة وما أشبه ذلك مما يستأجره فيه شهراً أو سنةً مما لا يستطيع أن يؤاجر نفسه من غيره. محمد عن أبي يوسف عن مطرف عن إبراهيم عن شريح أنه كان يضمن الأجير المشترك، ولا يضمن الأجير وحده (¬3). وقال أبو حنيفة: إذا أسلم الرجل ثوباً إلى القصار بأجر مسمى فدقه القصار فتخرق، أو قَصَرَه (¬4) فتخرّق، أو جعل فيه نُورة فاحترق أو شَمَّسَه فتخرّق (¬5)، فهو ضامن لذلك كله، وهو من جناية يده. وقال أبو حنيفة: إن كان أجير القصار هو الذي فعل ذلك غير متعمد له فالضمان على القصار، ولا ضمان على الأجير؛ لأن الأجير أجير خاص، وليس بأجير مشترك، ولا يضمن فيما أوتي على يديه من ذلك. وقال أبو حنيفة في الصباغ يصيب الثوب عنده مثل ذلك فهو مثل ¬

_ (¬1) تقدم. (¬2) ص: يستأجر. (¬3) تقدم. (¬4) م ص ف: أو عصره. (¬5) ص: فتحرق.

القصار. وكذلك الخياط والإسكاف والصائغ والصناع (¬1) كلهم. وقال أبو حنيفة: لو هلك الثوب عند القصار فلا ضمان عليه، وهو مؤتمن بعد أن يحلف على ذلك، ولا أجر له. وكذلك جميع هؤلاء العمال. وكذلك لو سرق الثوب أو خرقه (¬2) رجل عنده أو قرضه الفأر فلا ضمان عليه، والضمان على الرجل الذي خرقه. وكذلك جميع العمال. وقال أبو حنيفة: لو دفع القصار ثوب رجل إلى غيره فقطعه كان صاحب الثوب بالخيار. إن شاء ضمن القصار قيمة ثوبه، ويرجع القصار بذلك على الذي قطع الثوب، ويرد القصار على الذي قطع الثوب (¬3) ثوبه، ويسلم له الثوب الذي قطع. وإن شاء رب الثوب ضمن الذي قطع الثوب، ويكون له، ولا يضمن القصار شيئاً. وقال أبو حنيفة: إذا خاطه قباء فقال رب الثوب: أمرتك بقميص، وقال الخياط: أمرتني بقباء، فالقول قول رب الثوب في ذلك مع يمينه، والخياط ضامن لقيمة الثوب. وإن شاء لم يضمنه وأخذ رب الثوب ثوبه وأجره، لا يجاوز به (¬4) ما سمى. وكذلك الصباغ يصبغ الثوب أحمر، فقال رب الثوب: أمرتك بأصفر، فالقول قول رب الثوب مع يمينه، وله أن يضمن الصباغ قيمة ثوبه أبيض، ولا يعطيه أجراً. و (ن شاء أخذ الثوب ولم يضمنه، وضمن رب الثوب الصباغ ما زاد العُصْفُر في ثوبه. فإن كان صبغه أسود، فاختار رب الثوب أخذ الثوب لم يكن للصباغ على رب الثوب ضمان صبغه؛ لأن السواد نقصان، والحمرة والصفرة زيادة، إذا كان يزيد في الثوب. وكذلك جميع العمل بعد أن يكون مشتركاً. وقال أبو حنيفة في الملاح إذا أخذ الأجر: فإن غرقت السفينة من ريح أو موج أصابها أو من (¬5) مطر أو من شيء وقع عليها أو من جبل ¬

_ (¬1) م: والصباع؛ ص: والصباغ. (¬2) ص: أو حرقه. (¬3) ف + ويرد القصار على الذي قطع الثوب. (¬4) ف - يجاوز به، صح هـ. (¬5) ف - من.

صدمها (¬1) من غير فعله فلا ضمان على الملاح. وإن غرقت السفينة من مده أو من معالجته أو من عنفه أو من جدفه (¬2) فهو ضامن. وقال أبو حنيفة: إنما سقط الضمان عن الملاح في الباب الأول من قبل أنه من غير عمله، وهذا الباب من عمله ومن معالجته فهو ضامن. وقال أبو حنيفة: إن نقص الطعام فلا ضمان على الملاح بعد أن يحلف بالله ما أخذ شيئاً. وقال أبو حنيفة: فإن زاد الطعام فلرب الطعام. فإن كان رب الطعام دفع (¬3) الطعام إلى الملاح أو خلى (¬4) بينه وبين الطعام فنقص فلا ضمان عليه في قول أبي حنيفة (¬5). وقال أبو حنيفة: إن انكسرت السفينة فدخل الماء فيها فأفسده فإن كان ذلك من عمل الملاح فهو ضامن، وإن كان من غير عمله فلا ضمان عليه. وقال أبو حنيفة: إن كان رب الطعام في السفينة أو وكيله فلا ضمان على الملاح إلا أن يخالف ما أمر به أو يصنع شيئاً يتعمد فيه الفساد. وقال أبو حنيفة في الحمال يحمل دَنّ خل بأجر معلوم فعثر فانكسر فإن صاحب الدَّنّ بالخيار. إن شاء ضمنه قيمة الدَّنّ حيث انكسر وأعطاه من الكراء بحساب ما حمل. وإن شاء ضمنه قيمة الدَّنّ من حيث حمله ولا يعطيه الأجر. وكذلك قوله في الملاح والسفينة وفي كل حُمُولَة. وقال أبو حنيفة: إذا حمل رجل على دابته أو على بعيره بأجر معلوم ثم ساقه فتعثر فسقط الحمل ففسد، أو كان رب الدابة راكباً عليها فعثر فسقط الحمل، فهو ضامن لذلك. ¬

_ (¬1) م ص ف ب: هدمها. واللفظ عند الحاكم والسرخسي: صدمته. انظر: الكافي، 1/ 210 ظ؛ والمبسوط، 16/ 10. (¬2) ص: من جذفه. (¬3) م ص - دفع. (¬4) م ص: على الملاح وخلى. (¬5) ص - في قول أبي حنيفة؛ صح هـ.

وقال أبو حنيفة: إن كان صاحب المتاع يمشي مع رب الدواب فرب الدابة ضامن. فإن كان رب المتاع راكباً على الدابة فلا ضمان على رب الدابة؛ لأن رب المتاع لم يخل بينه وبين المتاع، والمتاع في يدي صاحبه. وكذلك إن كان على الدابة وكيله، فإن كان مع الذي حمل الدَّنّ فإن ذلك لا يبرئه من الضمان. وقال أبو حنيفة: إن انحل الحبل الذي به الحِمْل مربوط فالحمال ضامن. وكذلك إن انقطع من عمله فهو ضامن. فإن زحمه الناس فكسروا ذلك لم يضمن، وضمن الذي زاحمه وكسره. وقال أبو حنيفة: إن كان على الدابة مملوك صغير لرب المتاع استأجر الدابة ليحملهما جميعاً فعثرت فوقعا فمات المملوك وفسد الحِمْل فإنه لا يضمن المملوك، لأنه لم يجن عليه، وضمن الحِمْل. قال: وكان أبو حنيفة يقول: بنو آدم والمتاع في هذا مختلفان. وكذلك السفينة لو حمل فيها رقيقاً له مع متاعه، ومثلهم لا يحفظون شيئاً، فغرقت من مد الملاح أو من جدفه (¬1) أو من عمله، ضمن الملاح المتاع، ولم يضمن الرقيق. وقال أبو حنيفة: إذا حجم الحجام بأجر معلوم أو بَزغَ (¬2) البيطار أو ختن الخاتن بأجر معلوم فمات من ذلك فلا ضمان عليه إلا أن يخالف (¬3). ولا يشبه هذا الثوب الذي يدقه. وإذا دق أجير القصار ثوباً فخرقه أو عصره (¬4) فتخرق فإن (¬5) ضمان ¬

_ (¬1) ص: من جذفه. (¬2) قال المطرزي: بزغ البيطار الدابة، شقها بالمِبْزَغ، وهو مثل مِشْرَط الحجام. انظر: المغرب، "بزغ". (¬3) وفي هامش نسخة ف هذا التعليق: قوله: "إلا أن يخالف" فيضمن دية النفس، وفيه مناقشة. (¬4) كذا في م ف ب. ولعله: أو قصره. (¬5) ف: كان.

ذلك على الأستاذ. ولا ضمان على الأجير عبداً كان أو حراً. وكذلك لو غسله فتخرق. ولو أن أجير القصار وطئ على ثوب ما لا يوطأ عليه فخرقه كان الضمان عليه خاصة، ولا ضمان على الأستًاذ. وإن كان يختلف في عمل القصار فوطئ على الثوب فتخرق فهو ضامن. وكذلك لو (¬1) وطئ ثوباً للقصار (¬2) كان ضامناً. وكذلك لو كان الثوب وديعة عند القصار. ولا يشبه هذا الوطء ما ذكرنا قبله. ولو حمل غلام القصار حِمْلاً في بيت من عمله بأمر أستاذه فسقط الحِمْل فتخرق ثوبه كان ضمانه على القصار، ولا ضمان على الأجير. ولو كان الحِمْل ثياباً من القِصَارة فتخرق بعضها من السقوط فإن ضمان ما تخرق أو ضمان ما سقطت عنه فتخرق على القصار، ولا ضمان (¬3) على الأجير؛ لأن هذا من عمل القِصَارة. وكذلك لو دخل بالنار ليُسْرِج بأمر القصار فوقعت شرارة على ثوب من القِصَارة فأحرقه، أو كان معه سراج يحمله فوقع فأصاب دهنه ثوباً من القِصَارة فأفسده فهو مثل الأول. وكذلك أجير الحائك وجميع العمال كلهم. وكذلك أجير الرجل يخدمه، فإن وقع من يده شيء فتكسر أو فسد شيء (¬4) فيما (¬5) يختلف في خدمة (¬6) صاحبه فلا ضمان عليه في ذلك إذا كان ذلك في ملك صاحبه. ولو أن غلام القصار فيما يدق من الثياب (¬7) انفلتت منه المِدَقَّة (¬8) فوقعت على ثوب من القصارة فخرقته فإن الضمان على القصار، ولا ضمان على الغلام؛ لأن هذا من عمله. ولو وقع ذلك على ثوب غير القصارة كان ضمان ذلك على الغلام. وقال محمد: إن انفلتت المِدَقَّة فوقعت على موضع المِدَقَّة ثم وقعت على شيء بعدها فلا ضمان على الأجير. ولو أصاب ذلك إنساناً فقتله فإن الغلام ضامن ولا ضمان على القصار؛ لأن هذا جنايته. وكذلك لو مر بشيء من متاعه يحمله فوقع على إنسان في البيت فقتله كان ¬

_ (¬1) م - لو. (¬2) م ف: القصار. (¬3) م ف: فلا ضمان. (¬4) م ص: بشيء. (¬5) ص: مما. (¬6) ص: من خدمة. (¬7) ف: من الثوب. (¬8) المدقة اسم لما يدق به انظر: المغرب، "دقق".

ضامناً. ولا تشبه (¬1) الجناية في شيء من بني آدم ما (¬2) سوى ذلك من الحيوان والعروض من متاع القصارة وغيره. ولو دق ثوباً فانفلتت المدقة من يده فأصابت ثوباً وديعة أو من غير القصارة كان الضمان على الغلام، ولا ضمان على القصار. والوديعة والعارية وغير ثياب القصارة سواء. ولا يشبه هذا ثياب القصارة؛ لأن ثياب القصارة من عمله، وليس هذا من عمله. ولو انكسر شيء من أداة القصار على هذا الوجه وكان (¬3) مما يدق به أو يدق عليه فلا ضمان عليه. وإن كان مما لا يدق به ولا يدق (¬4) عليه فهو ضامن. وكل شيء وقع من يدي الخادم أو غلام القصار فأفسد شيئاً من متاع رب البيت أو من متاع القصارة فإن الضمان على القصار. وإن كانت وديعة عند رب البيت فإن الضمان على الغلام. وإن كان وطئ الخادم على شيء فخرقه فإن كان مما يوطأ عليه فلا ضمان عليه؛ لأن رب البيت قد أذن له في المشي على ذلك. وإن كان مما لا يوطأ عليه فهو ضامن. وإن كانت وديعة عند رب البيت وهو مما يوطأ عليه (¬5) ولم يؤذن له في بسطه فهو ضامن، ولا ضمان على رب البيت. وإن كانت عارية عند رب البيت استعاره ليبسطه (¬6) فلا ضمان على واحد منهما. ألا ترى لو أن رجلاً (¬7) دعا قوماً إلى منزله فمشوا على بساطه فتخرق لم يضمنوا. وكذلك لو جلسوا على وسائده (¬8) لم يضمنوا. ولو وطئوا على آنية من آنيته ضمنوا. وإن وطئوا ثوباً لا يبسط مثله ولا يوطأ مثله (¬9) ضمنوا. وكذلك الأجير إذا مشى في البيت في خدمته وعمله فوطئ شيئأ مما يوطأ مثله فلا ضمان عليه. وإن وطئ شيئاً مما لا يوطأ مثله فخرقه (¬10) ضمن. وإن ¬

_ (¬1) م ص ف: ولا تنسب. والتصحيح من ب. (¬2) م ص ف ب: بما. (¬3) ف: فكان. (¬4) ص - به ولا يدق. (¬5) ف + فهو ضامن وإن كانت وديعة عند رب البيت وهو مما يوطأ عليه. (¬6) م: لبسطه. (¬7) ص ف: ألا ترى أن رجلاً لو. (¬8) م ص ف: على وسائد. (¬9) م ص - مثله. (¬10) ف: فخرق.

حمل شيئاً في خدمة أستاذه فسقط منه ففسد لم يضمن. وإن كان عمل عندهم بأجر فالضمان على الأستاذ. وكذلك لو سقط على شيء فخرقه فلا ضمان على الغلام إذا كان ذلك المتاع لرب البيت. فإن كان عمل بالأجر فالضمان على الأستاذ. وإن كان متاعاً عندهم وديعة فالضمان على الغلام. والفرق ما بين الوديعة ومتاع الأستاذ أن الأستاذ أذن له في الاختلاف في خدمته وعمله على متاعه ولم يأذن له صاحب الوديعة. فلذلك اختلف. ولو أن رب البيت نفسه سقط من يده شيء على وديعة في بيته فأفسدها كان ضامناً. وكذلك لو عثر فسقط عليها. وكذلك أجيره. وإن كان بساطاً أو وسادة استعاره ليبسطه فلا ضمان عليه في ذلك ولا على أجيره. وإذا جفف القصار ثوباً على حبل فمر عليه حُمُولة في الطريق فخرقه فلا ضمان عليه، والضمان على سائق الحُمُولة، ولا ضمان على القصار. ولو دق ثوباً في جوفه حصاة فتخرق كان ضامناً. وكذلك لو أمره أن يغسله بالصابون فغسله بالنُّورة كان ضامناً إذا كان ذلك من النُّورة أفسده. ولو أذن رجل لرجل في دخوله بيته والقعود على وسادته فدخل وهو متقلد سيفاً فلما جلس شق السيف وسادته أو بساطه لم يضمن؛ لأنه قد أذن له. ولو أن رجلاً تكارى دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة من الكوفة إلى الحيرة فحمل عليها خمسة عشر مختوماً ولم يعلم صاحبها فلما بلغت الحيرة عطبت الدابة من ذلك فإن أبا حنيفة قال في ذلك: يضمن ثلث قيمتها ويكون عليه الأجر كاملاً. وكذلك قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لو شج رجل عبداً موضحتين وشجه آخر بعد ذلك موضحة فمات منها كلها، كان على الأول عشر قيمته صحيحاً، ويضمن الآخر نصف عشر قيمته مشجوجاً شجتين، وما بقي من قيمته فعليهما نصفين. ولو كانوا شجوه جميعاً كان على صاحب الشجتين عشر، وعلى صاحب الواحد نصف

عشر (¬1)، وما بقي فعليهما نصفين، وليس هذا كالدابة. وقال أبو يوسف ومحمد: لو أن حائطاً مائلاً لرجل ثلثه وللآخر ثلثاه تُقُدِّمَ إليهما فيه فوقع على رجل فجرحه أو قتله كان على كل واحد منهما نصف الدية (¬2). ولو لم يجرحه ولكن قتله ثقل الحائط كان على صاحب الثلث ثلث الدية، وعلى صاحب الثلثين ثلثا الدية، ولا يشبه هذا الجراحة. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً أمر رجلاً أن يضرب عبده عشرة أسواط فضربه أحد عشر سوطاً فمات من ذلك رفع عنه ما نقصه العشرة أسواط، وضمن ما نقصه السوط الآخر وهو مضروب عشرة أسواط، ثم يضمن نصف ما بقي من قيمته مضروباً أحد عشر سوطاً. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر رجل دابة من الكوفة إلى السالحين (¬3) فجاوز به إلى القادسية فعليه الكراء إلى السالحين وهو ضامن فيما جاوز، ولا كراء عليه فيه. وإن ردها إلى السالحين لم يبرأ (¬4) من ضمانه حتى يردها إلى صاحبها. وهذا قوله (¬5) الآخر (¬6). وكان يقول قبل ذلك: إذا ردها (¬7) إلى السالحين برئ منها ثم رجع عن ذلك. وكذلك العارية. وقوله الآخر قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا استوح رجل رجلاً دابة فركبها فهو ضامن. وإذا ردها إلى منزله ونزل عنها برئ من الضمان. ولا يشبه هذا العارية والإجارة؛ لأن المستودع وكيل في إمساكها وحفظها، والمستعير والمستأجر ليسا بوكيلين في إمساكها. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل دابة إلى وقت معلوم بأجر معلوم فضربها فهو ضامن لما أصابها من ذلك الضرب. وقال: إن كَبَحَها باللجام فهو ضامن إلا أن يأذن له صاحبها في ذلك. وقال أبو يوسف ¬

_ (¬1) ص: العشر. (¬2) ف: الداية (مهملة). (¬3) السالحون موضع على أربعة فراسخ من بغداد إلى المغرب. انظر: المغرب، "سلح". (¬4) ص: لم يبر. (¬5) م ص ف: قول. (¬6) م ص: آخر. (¬7) ص: لو ردها.

ومحمد: لا يضمن إذا فعل ذلك كما يفعل الناس. وقال أبو حنيفة: إذا أسلم الرجل غلاماً إلى مُكَتِّب (¬1) أو في عمل غير ذلك، أو أسلم ابنه في عمل إلى رجل، فضربه المُكَتِّب أو الأستاذ، فهو ضامن لما كان من ذلك، فإن أذن له في ذلك فلا ضمان عليه. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد في الإنسان، وقالا: نستحسن في الدابة إذا صنع ما يصنع الناس أن لا يضمن. وإذا تَوَهَّق (¬2) راعي الرَّمَكَة (¬3) ومدها به فوقع الوَهَق في عنقها فجذبها فعطبت الدابة فهو ضامن. وإن كان صاحبه أذن له في ذلك أو أمره بالوَهَق فلا ضمان عليه. وقال أبو حنيفة: إذا بَزَغَ (¬4) البيطار دابة فعطبت فلا ضمان عليه. وإذا حجم الرجل عبداً أو ختنه بأجر معلوم أو فعل ذلك بحر صغير بأمر أبيه وختن العبد بأمر سيده فلا ضمان عليه. وكذلك لو بَطّ (¬5) قرحة أو قطع عِرْقاً. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يقطع إصبعاً من أصابعه لوجع أصابه (¬6) فيها فمات من ذلك لم يكن عليه الضمان. وكذلك لو أمره أن يفعل ذلك بابن له صغير أو بعبده أو أمته (¬7). ولو أن عبداً أتى حجاماً فقال: احجمني محجمة، بأجر أو بغير أجر ¬

_ (¬1) المُكَتِّب والمُكْتِب: هو المعلم. انظر: المغرب، "كتب". (¬2) قال المطرزي: تَوهَّقه جعل الوَهَق في عنقه وأعلقه بها، وهو الحبل الذي في طرفيه أنشوطة تُطرَح في أعناق الدواب حتى تؤخذ. انظر: المغرب، "وهق ". (¬3) قال المطرزي: رَمَكَة وهي الفرس والبرذونة تتخذ للنسل. انظر: المغرب، "رمك". (¬4) قال المطرزي: بزغ البيطار الدابة، شقها بالمِبْزَغ، وهو مثل مِشْرَط الحجام. انظر: المغرب، "بزغ". (¬5) ص: لو ربط. بَطَّ الجرح أي شقه، من باب طلب. انظر: المغرب، "بطط". (¬6) ف + فمات. (¬7) ص - أو بعبده أو أمته.

بغير إذن مولاه فعطب من ذلك كان الحجام ضامناً. وكذلك لو فعل مئل ذلك بالدابة بغير أمر صاحبها كان ضامناً. وكذلك الختان وفَصْد العرق. وكذلك لو بَطَّ قرحة. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يختن عبده فقطع ذكره كان ضامناً. ولو أن رجلاً أمر حجاماً أن يقلع له سنه فقلعه فقال الرجل: أمرتك أن تقلع سناً غير هذا، فالقول قوله في ذلك، والحجام ضامن في قول أبي حنيفة، وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولو أن رجلاً تكارى دابة يحمل عليها عشرة مخاتيم فجعل في جواليقها عشرين مختوماً، ثم أمر رب الدابة فكان هو الذي وضعها على الدابة، لم يكن عليه الضمان؛ لأنه هو الذي حمل على دابته. ولو كانت غِرَارَة (¬1) واحدة (¬2) فحملاها جميعاً حتى وضعاها على الدابة كان المستأجر ضامناً لربع قيمة الدابة. وإن كان الحِمْل في عِدْلين (¬3) فحمل كل واحد منهما عِدْلاً فوضعاهما (¬4) جميعاً على الدابة لم يضمن المستأجر شيئاً. وإذا ساق الراعي الإبل والبقر والغنم فعطبت من سياقته وهو غير مشترك فإنه لا يضمن إذا كان غير مشترك. ولو تناطحت البقر فقتل بعضها بعضاً أو وطئ بعضها بعضاً من سياقته أو في سياقته فقتل بعضها بعضاً وهو غير مشترك وهي لإنسان واحد فلا ضمان عليه. وإن كانت لأقوام (¬5) شياه فهو ضامن مشتركاً كان أو غير مشترك كما يضمن الرجل في سياقته. وكل من وقع عليه الضمان فلا أجر له فيه. وإذا ساق الراعي الإبل أو الغنم أو البقر فعطبت منها شاة فإن كان ¬

_ (¬1) الغِرَارة: الجُوالِق، واحدة الغرائر. قال الجوهري: الغِرارة واحدة الغرائر التي للتبن. قال: وأظنه معرباً. انظر: لسان العرب، "غرر". (¬2) م: فأخذه. (¬3) هما وعاآن يوضعان على جانبي الدابة. وقد تقدمت الكلمة في الكتاب مراراً. (¬4) ص: فوضعاها. (¬5) ص: كان لقوم.

مشتركاً كان ضامناً. وإن كان غير مشترك فلا ضمان عليه. وإن وطئت ناقة منها ناقة وهما لرجلين مختلفين فهو ضامن مشتركاً كان أو غير مشترك؛ لأن السائق ضامن لما أوطأ. وإن كان السائق مشتركاً فساق الغنم أو البقر أو الرَّمَك (¬1) أو الإبل لسقيها من نهر فسقط بعضها في النهر فغرق من ساعته فهو ضامن؛ لأن هذا من عمله. ولو مر بها على جسر فسقط منها شيء في الماء (¬2) في السياق فعطبت كان ضامناً؛ لأن هذا من عمله. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل دابة ليركبها فحمل معه إنساناً آخر فعطبت الدابة فإنه ضامن للنصف. وقال أبو حنيفة: لا يوزنان، ولكن الحاكم يَحْزِر (¬3) ذلك، فإن كان وزن كل واحد منهما مثل وزن صاحبه ضمن نصف القيمة. وقال أبو حنيفة: كيف يزنهما الحاكم بعد الطعام أم قبله أو بعد الخلاء أم قبله. وقال أبو حنيفة: إن حمل عليها رجلاً آخر ضمن قيمة الدابة كلها. قال: وإن حمل معها شيئاً آخر ضمن بحساب ما زاد. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر دابة بسَرْج فنزع السرج وأسرجها بسرج آخر، قال: إن كان يُسرَج مثلها بمثله فلا ضمان عليه. وإن كان سرجاً لا يسرج مثلها بمثله فهو ضامن بحساب السرج. وقال: لو نزع السرج وأَوْكَفَها (¬4) كان ضامناً بحساب ما زاد. قال: وإن استأجرها بإكاف (¬5) فنزع الإكاف وأسرجها بسرج يسرج به مثلها فلا ضمان عليه؛ لأن هذا أخف من الإكاف. وقال أبو حنيفة: لو استأجرها ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة فحمل عليها مثل ذلك شعيراً لم يضمن، وكان عليه الكراء كاملاً، ولم يكن هذا ¬

_ (¬1) تقدم قريباً. (¬2) ف - في الماء. (¬3) حزر من باب ضرب أي: قدَّر. انظر: مختار الصحاح، "حزر". (¬4) أي: وضع عليها إكافاً، وهو ما يوضع على الحمار ليركب عليه، أما السرج فهو ما يوضع على الخيل كما تقدم. (¬5) ما يوضع على الحمار ليركب عليه. انظر: لسان العرب، "أكف".

منه بخلاف. وقال: لو تكاراها ليحمل عليها دهناً (¬1) فحمل عليها دهناً (¬2) مثله أو غير ذلك الجنس لم يضمق ولم يكن هذا منه خلافاً. وكذلك قال في الثياب يحمل عليها شيئاً من ذلك هو أثقل مما اشترط أو أضر بالدابة - وإن كان مثل وزنه أو كيله أو عدده - فهو ضامن. وقال أبو حنيفة: إن تكاراها ليحمل عليها فركب عليها ولبس من الثياب أكثر مما كان عليه حين استأجرها فإن لبس ذلك مثل ما يلبس الناس فلا ضمان عليه. وإن لبس مما لا يلبس الناس فعطبت الدابة فهو ضامن بقدر ما زاده. وإذا تكارى الرجل الناقة ليحمل عليها امرأة (¬3) فولدت المرأة فحملها هي وولدها على الناقة بغير أمر صاحبها فعطبت الدابة فهو ضامن بحساب ما زاد عليها الولد. [ولو] (¬4) نُتجت الدابة فحمل ولدها مع المرأة فهو ضامن. وإذا تكارى بعيراً بمَحْمِل (¬5) فحمل عليه زامِلَة (¬6) فهو ضامن. وإن حمل عليه رَحْلا (¬7) مكان المحمل (¬8) وركبه فلا ضمان عليه مِن قِبَل أن هذا أخف من المحمل، ويضمن في الزاملة لأنه خالف. وإذا سلم (¬9) الرجل ثوباً إلى الصباغ فصبغه فقال رب الثوب: أمرتك ¬

_ (¬1) م ص: ذهبا. (¬2) م: ذهبا؛ ص - فحمل عليها دهنا. (¬3) م ص - امرأة؛ صح م هـ. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 211 و. (¬5) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير. . . وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله. . . ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة. . . انظر: المغرب، "حمل". (¬6) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه. . . ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬7) م ص: رجلاً. والرَّحل للبعير مثل السَّرْج للدابة. انظر: المغرب، "رحل". (¬8) ص: الحمل. (¬9) ف: أسلم.

باب إجارة رحى الماء وغيرها

أن تصبغه أصفر، وقال الصباغ: أمرتني أن أصبغه أحمر، فإن أبا حنيفة قال في هذا: القول قول رب الثوب مع يمينه، ويضمن الصباغ قيمة ثوبه إن شاء. وإن شاء أخذ الثوب وأعطى الصباغ ما زاد فيه العُصفُر. ألا ترى لو أن رجلاً لَتَّ سَوِيقَ رجل بسَمْن أو حَلَّى (¬1) بعسل فقال رب السويق: لم آمرك، وحلف على ذلك، وقال الفاعل: أمرتني أن أجعل فيه بدرهم، فإن الفاعل لا يصدق، ولرب السويق أن يضمنه مثل سويقه. وإن شاء أخذ السويق وأعطاه ما زاد ذلك في سويقه. وقال أبو حنيفة: لو أن رجلاً أخذ جلد رجل فدبغه كان لصاحب الجلد أن يضمنه. فإن ادعى عليه أنه عمله بأجر وكذبه رب الجلد وحلف على ذلك فإن رب الجلد بالخيار. إن شاء ضمنه قيمة الجلد غير مدبوغ. وإن شاء أخذ جلده وأعطاه ما زاد فيه الدباغ. ولو كان الجلد ميتة لم يكن له أن يضمنه في قول أبي حنيفة، ولكنه يأخذه ويعطيه ما زاد الدباغ فيه. ولو كان خمراً فجعله خلًّا (¬2) فإن أبا حنيفة قال في هذا: يأخذه ولا يعطيه شيئاً؛ لأنه ليس فيه زيادة، وفي الجلد زيادة ما دبغ (¬3) به. ... باب إجارة رحى الماء (¬4) وغيرها وإذا استأجر الرجل رحى ماء والبيت الذي هو فيها ومتاعها كل شهر بعشرة دراهم فهو جائز. فإن انقطع الماء عنها فلم يعمل رفع عنه من الأجر بحساب ذلك. فإن أراد المستأجر نقض الإجارة لم لانقطاع الماء ¬

_ (¬1) م ص ف: أو خلا. وقد حذفت الكلمة من ب. والخل لا يخلط بالعسل، ولا يناسبه السياق. وحَلَّيت الطعام جعلته حلوا، وربما قالوا: حلأت السويق، فهمزوا ما ليس بمهموز. انظر: مختار الصحاح، "حلو". (¬2) م: خلافا. (¬3) م ص: ما دفع. (¬4) ف: إجارة الرحى.

فله ذلك. وإن لم يفسخ الإجارة حتى عاد الماء فأراد أن يفسخها فليس له ذلك وإن كان بقي من الشهر يوم واحد، من قبل أن الإجارة لازمة له الشهر كله، ويرفع عنه بحساب ما انقطع عنها. فإن اختلفا في انقطاع الماء فقال المستأجر: انقطع عني عشرة أيام، وقال صاحب الرحى: بل خمسة أيام، فإن القول قول المستأجر مع يمينه. وإن لم يقر رب الرحى بانقطاع الماء فإن كان يوم اختصما الماء منقطعاً فالقول قول المستأجر مع يمينه. وإن كان الماء جارياً يوم اختصما فالقول قول رب الرحى مع يمينه على علمه. وإذا استأجر الرجل رحى بالبيت الذي فيها ومتاعها بعشرة كل شهر ثم طحن فيها طحيناً بثلاثين درهماً في الشهر بربح عشرين درهماً، فإن كان المستأجر هو الذي يقوم على الرحى في الطعام أو أجيره أو في عياله فالربح له طيب. وإن كان رب الطعام هو الذي يلي ذلك لم يطب الربح لصاحب الربح إلا أن يكون عمل فيها عملاً ينتفع به الرحى من كَرْي (¬1) نهرها أو نَقْر (¬2) الرحى أو أصلح شيئاً طاب له الربح. وإذا استأجر الرجل من الرجل (¬3) موضعاً على نهر ليبني عليه بيتاً ويتخذ عليه رحى وعلى أن الحجارة والحديد والمتاع والبناء من عند المستأجر فهو جائز. وإن انقطع ماؤها شهراً (¬4) فلم تطحن الرحى ولم يفسخ (¬5) الإجارة فالإجارة له لازمة، وله أن يفسخ الإجارة؛ لأن ذهاب الماء عذر. ولو أن رجلاً استأجر رحى ماء ببيتها ومتاعها ونهرها بأجر مسمى كان جائزاً. فإن انقطع الماء فله أن يفسخ الإجارة؛ لأن هذا عذر. فإن لم يفسخها (¬6) حتى مضى شهر فلا أجر له في ذلك الشهر. وإن قل (¬7) الماء حتى أضر بالطحن وهي على ذلك تطحن فإن كان ذلك ضرراً فاحشاً فله أن ¬

_ (¬1) كري النهر: حفرها. انظر: المغرب، "كري". (¬2) النقر: ضرب الرحى والحجر وغيره بالمنقار. ونقره ينقره نقراً: ضربه. والمنقار حديدة كالفأس ينقر بها. انظر: لسان العرب، "نقر". (¬3) ص: من رجل. (¬4) م ف: بشهر. (¬5) م: لم يفسخ. (¬6) ص: لم يفسخ. (¬7) ف: أقل.

يترك الإجارة. وإن كان غير فاحش فالإجارة له لازمة. وإذا خاف رب الرحى أن ينقطع الماء ويفسخ (¬1) الإجارة فأكراه (¬2) البيت والحجرين والمتاع خاصة فهو جائز. وإن انقطع الماء فللمستأجر أن يترك الإجارة؛ لأن هذا عذر. ألا ترى لو أن طحاناً استأجر رحى يطحن عليه بجمله فنفق جمله ولم يكن عنده ما يشتري به جملاً أن (¬3) له أن يترك الإجارة وكان هذا عذراً. وإذا استأجر الرجل رحى ماء فانكسر أحد الحجرين أو الدَّوَّارة (¬4) فهذا عذر، وله أن ينقض الإجارة. وكذلك إن انهدم البيت. فإن كان رب الرحى أصلح (¬5) ذلك قبل أن يفسخ الإجارة فليس للمستأجر أن ينقض الإجارة، ولكن يرفع عنه بقدر ذلك من الأجر. فإن اختلفا فقال المستأجر: بَطَلْتَ (¬6) عشرة أيام، وقال رب الرحى: بَطَلْتُ خمسة أيام، فإن القول قول المستأجر مع يمينه؛ مِن قِبَل أن رب الرحى قد أقر بالبَطالة. ولو لم يقر بذلك، وقال: لم تَبْطُل شيئاً ولم ينكسر شيء (¬7)، لم يصدق المستأجر على شيء إلا أن يكون كما (¬8) قال يوم يختصمان. وإذا استأجر الرجل رحى ماء على أن يطحن فيها حنطة ولا يطحن غير ذلك فطحن فيها شعيراً أو غير ذلك من الحبوب غير الحنطة فإني أنظر في ذلك. فإن كان لا يضر بالرحى أجزت الإجارة ولم أضمنه شيئاً. وإن (¬9) كان أضر عليها من الحنطة ضمنته ما نقصها، ولم أجعل عليه من الأجر في ذلك الوقت. وإذا استأجر الرجل رحى من رجل بالكوفة يطحن فيها سمسماً ¬

_ (¬1) م ص: فيفسخ. (¬2) م: فا كراء؛ ص: فأكرا؛ ف: فأكرى. (¬3) ص: فإن. (¬4) قال المطرزي: "استأجر رحى ماء فانكسرت الدوارة"، هي الخشبات التي يديرها الماء حتى تدور الرحى بدورانها. انظر: المغرب، "دور". (¬5) م ص ف: يصلح. (¬6) أي: لم تعمل، كما تقدم. (¬7) ص: شيئاً. (¬8) م - كما. (¬9) ف: فإن.

فطحن فيها البَزْر (¬1) فهو مثل الأول. وإذا استأجر الرجل رحى من رجل وبعيراً من آخر وبيتاً من آخر فاستأجر ذلك كله صفقة واحدة كل شهر بأجر معلوم فذلك جائز، ويقسمون الأجر قَدْرَ ذلك. ولو اشتركوا في هذا الأمر (¬2) وأخذوا الجمل فطحنوا طعاماً وعملوا بأنفسهم جميعاً، والجمل لأحدهم والبيت للآخر والرحى للآخر، على أن يكون الأجر بينهم أثلاثاً، فطحنوا للناس على هذه الشركة، وإنما كانوا يؤاجرون الجمل بعينه، فإن الشركة على هذا فاسدة، والأجر كله لصاحب الجمل، وعلى صاحب الجمل أجر صاحب البيت لنفسه ولبيته، وعليه أجر صاحب الرحى لنفسه ولرحاه. ألا ترى أن رجلاً لو أخرج دابة وأخرج آخر جُوَالِقَين (¬3) وأخرج آخر إكافاً وبَرْذَعَة (¬4) واشتركوا (¬5) على أن يحملوا للناس بالأجر فحملوا للناس وكسبوا مائة درهم فإن هذا الشرط باطل، والكسب كله لصاحب الدابة، وعليه أجر صاحب الجوالق لنفسه ولجواليقه، وعليه الأجر لصاحب الإكاف والبرذعة لنفسه وأجرُ إكافه وبرذعته. وإذا كانت الرحى لرجل والجمل لآخر والبيت لآخر فاشتركوا على أن يطحنوا للناس بأجر، فما طحنوا فأجره بينهم أثلاثاً، فإن أجروا الجمل بعينه ¬

_ (¬1) بَزْر البقل ونحوه بالكسر، والفتح لغة. قال ابن السكيت: ولا تقوله الفصحاء إلا بالكسر، فهو أفصح. والجمع بزور. وقال ابن دريد: قولهم: بَزْر البقل خطأ إنما هو بَذْر، وقد تقدم عن الخليل: كل حب يُبْذَر فهو بَزْر وبَذْر، فلا يعارض بقول ابن دريد. انظر: المصباح المنير، "بزر". (¬2) ف: الأجر. (¬3) الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق): وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق". (¬4) البرذعة: الحِلْس الذي يلقى تحت رحل البعير. والجمع البراذع. انظر: المغرب، "برذع". (¬5) ص: فاشتركوا.

فطحن بأجر (¬1) معلوم، فإن أجر ذلك الطعام لصاحب الجمل، ولهما جميعاً أجر أنفسهما ومتاعهما على صاحب الجمل. فإن تقبّلوا الطعام على أن يطحنوا بأجر معلوم ولم يؤاجروا الجمل بعينه فما اكتسبوا فهو بينهم أثلاثاً. وإذا كان لرجل بيت على نهر قد كان فيه رحى ماء فذهبت، وجاء آخر برحى ومتاعها فنصبها في البيت، واشتركا على أن يتقبّلا من الناس الطعام والشعير فيطحنانه، فما اكتسبا فهو بينهما نصفين، على أن يعملا في بيت أحدهما بأداة الآخر (¬2)، كان جائزاً. وكذلك الصاغة (¬3) والأساكفة والصباغون والخياطون. ولو أجر الرحى بأجر معلوم على طعام معلوم (¬4) كان الأجر كله لصاحب الرحى، وكان (¬5) لصاحب البيت [أجر] مثل بيته ونفسه إذا كان قد عمل في ذلك على صاحب (¬6) الرحى، ولا أجاوز به نصف أجر الرحى، لأنه قد رضي بذلك، في قول أبي يوسف. وإذا كان للرجل بيت ونهر ورحى ومتاعها فانكسر الحجر الأعلى، فجاء رجل فنصب حجراً بغير أمر صاحبه، وجعل يطحن للناس بأجر معلوم ويتقبل الطعام، فهو مسيء (¬7) في ذلك، والأجر له، وهو ضامن لما أفسد من الحجر الأسفل ومتاعه (¬8). ولو كان وضع الحجر الأعلى برضاً من صاحبه على أن الكسب بينهما نصفين وعلى أن يعملا بأنفسهما كان هذا مثل الباب الأول. ولو أن رجلاً بنى على نهر رجل بيتاً ونصب فيه رحى ماء بغير رضا صاحب النهر ثم تقبل الطعام فطحنه وكسب في ذلك مالاً كان له الكسب، ¬

_ (¬1) ص - فما طحنوا فأجره بينهم أثلاثا فإن أجروا الجمل بعينه فطحن بأجر. (¬2) ف: الاجر. (¬3) م ف: الصياغة. (¬4) ص - على طعام معلوم. (¬5) م ص: وإن. (¬6) م: على صاحبه. (¬7) م ص ف ب: مسمى. والتصحيح من المبسوط، 16/ 18. (¬8) أي: إن أفسد شيئاً من ذلك.

باب كراء الإبل إلى مكة

وكان ضامناً لما نقص البيت وساحته وموضعه والنهر، ولا يضمن شيئاً من الماء وكان آثماً في مائه وفي غصبه ما غصب من البقعة والنهر. ولا يضمن شيئاً من الماء إلا أن يكون أفسد من النهر شيئاً فيضمن قيمة ذلك. ولو أن رجلاً له نهر اشترك هو ورجلان على أن جاء أحدهما برحى والآخر بمتاعها على أن يبنوا البيت جميعاً من أموالهم على أن ما اكتسبوا من شيء فبينهم فهذا جائز، وهذا مثل المسألة الأولى. ... باب كراء الإبل إلى مكة وإذا استأجر الرجل بعيرين من الكوفة إلى مكة يحمل على أحدهما مَحْمِلاً (¬1) فيه رجلان وما يصلحهما من الوِطاء والدِّثار، وقد رأى الرجلين ولم ير الوطاء والدثار، وأحدهما زاملة (¬2) يحمل عليه كذا وكذا مختوماً من السويق والدقيق وما يصلحهما من الزيت والخل والمعاليق (¬3) ولم يبين، وشرط عليه ما يكتفي به من الماء ولم يبين ذلك، فإن هذا كله فاسد في القياس. وقال أبو حنيفة: أستحسن هذا وأجيزه. وقال: إن اشترط عليه أن يحمل له من هدايا مكة من صالح ما يحمل الناس فهو جائز. وقال أبو يوسف ومحمد: يسمي لكل محمل قربتين من ماء وإداوتين من أعظم ما يكون من ذلك، ويكتب في الكتاب أن الجَمَّال قد رأى الوطاء ¬

_ (¬1) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الاولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير. . . وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله. . . ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬2) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه. . . ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬3) المِعْلاق: ما يعلَّق به اللحم وغيره. والجمع: المعاليق. ويقال لما يعلَّق بالزاملة من نحو القِرْبة والمِطْهَرة والقُمقمة معاليق أيضاً. انظر: المغرب، "علق".

والدثار والقربتين والإداوتين والقبة والخيمة، فإنه أحوط (¬1). وإن اشترط عُقْبَة الأجير (¬2) فإن أبا حنيفة قال: هو جائز. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ويكتب أنه قد رأى الجَمَّال المحمل (¬3). قال: وإن تكارى شِقّ مَحْمِل وشِقّ زاملة فاختلفا فقال الجَمّال: إنما عنيت عيدان المحمل (¬4)، وقال المستكري: بل عنيت الإبل، فإذا كان الكراء كما يتكارى به الإبل إلى مكة فهو على ذلك. وإذا كان كما يتكارى به شِقّ مَحْمِل خشب فالقول قول الجَمّال. وإذا كان كما يكون كراء الإبل إلى مكة فهو على الإبل ولا يصدق الجَمّال على قوله. وإن كان الكراء بشيء يسير فالقول ما قال الجَمّال مع يمينه. وإذا تكارى الرجل من الكوفة إلى مكة إبلاً مسماة بغير أعيانها فقال الجَمّال: أجّرتك في غرة ذي القعدة، وقال المستأجر: بل أجّرتني في خمس مضين، أو قال: أجّرتك في خمس يمضين، وقال المستكري: بل أجّرتني في غرة الشهر، فإنه يخرجه في خمس يمضين في الوجهين جميعاً؛ لأنا لا نخاف الفوت. فإن أراد المكري أن يتأخر إلى النصف في ذي القعدة وأبى (¬5) عليه المستأجر فليس (¬6) للمكري (¬7) ذلك؛ لأن هذا وقت يخاف فيه الفوت. وإن قال المستأجر: بل أخرني (¬8) إلى النصف، وقال المكري: بل أخرجك (¬9) لخمس يمضين من ذي القعدة، فإنه يوكس (¬10) مؤنته من العلف (¬11)، فإني أؤخره إلى عشر يمضين من ذي القعدة، ولا أؤخره أكثر ¬

_ (¬1) ص - أحوط. (¬2) العُقْبَة: النوبة ومنها عاقبه معاقبة وعقاباً: ناوبه وعُقْبَة الأجير: أن ينزل المستأجر صباحاً مثلاً فيركب الأجير. انظر: المغرب، "عقب". (¬3) ص - المحمل. (¬4) ف + قال. (¬5) ص: وأتى. (¬6) م ص: وليس. (¬7) ص: الكرا. (¬8) م ص: بل أخرجتني. (¬9) ف: بل أجرتك. (¬10) الوكس هو النقص. انظر: لسان العرب، "وكس". (¬11) المبسوط، 16/ 20.

من ذلك. فإن كان (¬1) بينهما (¬2) شرط حملتهما (¬3) على الشرط، فإن (¬4) كان ذلك في النصف جعلتها (¬5) في النصف، وإن كان إلى الخمس أو إلى العشرة جعلتها (¬6) على ذلك. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل محملاً وزاملةً إلى مكة فليس له أخذ الكراء (¬7) حتى يفرغ من الحُمولة. ثم رجع عن ذلك، فقال: يأخذ، كلما سار شيئاً من الطريق تُعرَف له حصة أخَذَ. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إن عجل له المستأجر الأجر فهو جائز. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لا بأس بالسَّلَف في كراء مكة قبل الحج بسنة أو بشهر، فإذا فعل فهو جائز. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا مات الرجل بعدما قضى المناسك ورجع إلى مكة (¬8) فإنما عليه من الأجر بحساب ذلك. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. أقال، (¬9) أبو يوسف ومحمد (¬10): يلزمه الكراء خمسة أعشار ونصف، ويبطل عنه أربعة أعشار ونصف (¬11)؛ لأن الذهاب أربعة أعشار ونصف، والرجعة كذلك، وقضاء المناسك عُشر (¬12). ولو كان شرط الممر (¬13) ¬

_ (¬1) م ص - كان؛ صح م هـ. (¬2) م - بينهما؛ ص: مما. (¬3) م: حملها؛ ص: حملهما. والمعنى أجبرتهما على العمل بما شرطا. (¬4) م ص - فإن. (¬5) م: حملها؛ ص: حملتها. (¬6) م: حملها؛ ص: حملتها. (¬7) م ص ف: اخرل المكرى. والتصحيح من ب. (¬8) أي: رجع إلى مكة بعد أيام منى. (¬9) الزيادة من ب. (¬10) لا خلاف بينهم في هذه المسألة. وإنما قدر الإمامان ذلك شرحا لقول الإمام أبي حنيفة انظر: المبسوط، 16/ 22. (¬11) ص + ويبطل. (¬12) م ص ف: عشرة. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 16/ 22. (¬13) ص: المصر.

على المدينة في الرجعة أو في البدأة فإن كان في البدأة لزمه من الكراء إذا مات بعد الفرك من الحج ستة وثلاثون جزء من ثلاثة وستين جزء (¬1) من جميع الكراء. وإن كان الشرط على المدينة في الرجعة لزمه من الكراء ثلاثة وثلاثون جزء من ثلاثة وستين جزء. وذلك أني جعلت المدينة ثلاثة أجزاء، والمناسك ستة أجزاء، والبدأة سبعة وعشرين جزء، والرجعة مثل ذلك. وإذا تكارى قوم مشاة إلى الكوفة إبلاً واشترطوا على المكري (¬2) أن يحمل من مرض منهم أو أعيا فهو فاسد لا يجوز (¬3). ولو اشترطوا عليه عُقْبَة (¬4) لكل واحد منهم كان هذا جائزاً. وإذا أراد المستأجر أن يبدل محمله فيجعل محملاً غيره فإن لم يكن فيه ضرر فله ذلك. وإن أراد صاحب المحمل أن ينصب على المحمل كَنِيسَة (¬5) فأراد أن يجعل عليها مكانها كنيسة أخرى أو قُبّة فليس له ذلك. وإن أراد أن يجعل كنيسة دونها فله ذلك (¬6). وإذا تكارى بعيرين من رجل بأعيانهما فماتا انتقضت الإجارة. فإن كانا بغير أعيانهما فنفقت إبل الجَمّال أخذه بالكراء. وإن أراد الجَمّال (¬7) أن لا يخرج إلى مكة فليس ذلك بعذر. وإذا أراد المستأجر أن لا يخرج من عامه ذلك فله ذلك (¬8)، وهذا عذر. ¬

_ (¬1) ف: جميعاً. (¬2) م: الكري. (¬3) م ص - لا يجوز. (¬4) تقدم تفسيره قريباً. (¬5) قال المطرزي: الكنيسة في الإجارات: شبه الهودج يغرز في المحمل أو في الرحل قضبان ويلقى عليها ثوب يستظل الراكب ويستتر به، فَعِيلة من الكُنُوس بمعنى الاستتار. انظر: المغرب، "كنس". (¬6) م ص - فله ذلك. (¬7) م ف: المستأجر؛ ص - الجمال. والتصحيح من الكافي، 1/ 212 و؛ والمبسوط، 16/ 23. (¬8) ف - فله ذلك.

[باب من استأجر أجيرا يعمل له فيى بيتة]

وإذا تكارى الرجل إبلاً يحمل عليه الطعام من الكوفة إلى مكة (¬1) بأجر معلوم وكيل معلوم كان جائزاً. فإن بدا للجمّال أن لا يكري وأن يدع الكراء فليس له (¬2) ذلك، وليس هذا بعذر. وإذا أراد صاحب الطعام أن لا يخرج لكسادٍ بَلَغَه أو خوفٍ أو بدا له ترك التجارة في الطعام في ذلك الوجه فله ذلك، وهذا عذر. ... [باب من استأجر أجيراً يعمل له فيى بيتة] وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل أجيراً يعمل عملاً مسمى في بيته بأجر معلوم فهو جائز. فإن فرغ الأجير من العمل في بيت المستأجر ولم يضعه في يده وفسد العمل أو هلك فإن له الأجر تاماً على المستأجر. ولو استأجر الرجل خياطاً يخيط له قميصاً فخاط بعضه في بيت رب الثوب ثم سُرق الثوب (¬3) كان الأجر بقدر ما خاط. وإن كان استأجره ليخيطه في بيت الأجير فخاط بعضه ثم سرق الثوب فإن أبا حنيفة قال: ليس في هذا للأجير أجر (¬4)، لأنه لم يسلم العمل إلى رب الثوب، ولا ضمان عليه فيما سرق. وقال: هذا مخالف للذي يعمل في بيت رب الثوب. ألا ترى أن رجلاً لو (¬5) استأجر أجيراً يبني له حائطاً معلوماً بأجر معلوم فبنى بعضه أو كله ثم انهدم الحائط فإن كان بناه كله فله الأجر تاما. وإن كان بنى بعضه فله بحساب ذلك. وهذا قول أبي حنيفة؛ لأن البناء (¬6) ملك صاحب البناء. وكذلك البئر، الرجل يستأجر أجيراً يحفرها له في داره، فحفرها كلها أو بعضها ثم انهدمت، فإن كان (¬7) حفرها كلها فله الأجر تاماً، وإن كان ¬

_ (¬1) ف: من مكة إلى الكوفة. (¬2) ف: الكراء فله. (¬3) ص - ثم سرق الثوب. (¬4) ص - أجر. (¬5) ص - لو. (¬6) ص ف + في. (¬7) م ص ف: وإن كان.

حفر بعضها فله بحساب ذلك. وكذلك الرجل (¬1) يخبز له في بيته دقيقاً معلوماً بأجر معلوم فخبز له الخبز ثم سُرق بعد فراغه منه فإن له من الأجر بقدر ما عمل. وإن كان يخبز في بيت الخباز لم يكن له من الأجر شيء، ولا ضمان عليه فيما سُرق. وهذا قول أبي حنيفة. وإن احترق الخبز في التنور قبل أن يخرجه فإن أبا حنيفة قال في هذا: هو ضامن. فإن ضمّنه قيمة الخبز مخبوزاً أعطاه الأجر. وإن ضمّنه دقيقاً مثل دقيقه لم يكن له الأجر. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا سلم (¬2) الرجل ثوباً إلى القصار يَقْصُره فقَصرَه ثم هلك بعدما قصره قبل أن يدفعه إلى رب الثوب فلا أجر له؛ لأنه لم يدفع العمل إليه. وإن دق الثوب فأحرقه (¬3) أو خَرَقَه (¬4) فرب الثوب بالخيار. إن شاء ضمنه قيمة الثوب إذا كان الخَرْق مستهلكاً له، ضمنه قيمة الثوب على تلك الحال، ويعطيه من الأجر بقدر ما عمل. وإن شاء ضمنه قيمة ثوبه غير مقصور ولم يكن عليه أجر. وقال أبو حنيفة: لا ضمان عليه فيما هلك. وإذا استأجر الرجل رجلاً يحمل له طعاماً أو تمراً بأجر معلوم من موضع (¬5) إلى موضع ثم حمل فسرق منه في بعض الطريق فإن أبا حنيفة كان يقول (¬6): له من الأجر بحساب ما حمل. ويقول: لا يشبه هذا القصار والصباغ. وكذلك الدابة يستأجرها ليحمل عليها من بلد إلى بلد فحمل عليها (¬7) فله من الأجر بحساب ذلك. وكذلك السفينة يستأجرها ليحمل فيها (¬8) حُمولة فهو مثل هذا أيضاً. ¬

_ (¬1) ف - الرجل. (¬2) ف: إذا أسلم. (¬3) الحَرْق والحَرَق يطلقان على الثقب في الثوب، فإن كان من النار فهو بسكون الراء، وإن كان من دقّ القصار فهو محرك، وقد روي فيه السكون. انظر: المغرب، "حرق". (¬4) الخرق هو الثقب. انظر: المغرب، "خرق". (¬5) م ص: في موضع. (¬6) ص: حنيفة قال. (¬7) م ف + فحمل عليها. (¬8) ص: عليها.

وإذا تمت الحُمولة فأراد رب المتاع أن يأخذ متاعه قبل أن يدفع الأجر، وقال الحمال (¬1): لا أدفعه حتى تعطيني الأجر، كان لصاحب المتاع أن يأخذه قبل أن يعطيه الأجر؛ لأنه لو ضاع كان له الأجر كاملاً. وأما الصباغ والقصار والخياط وكلْ صانع يعمل عملاً بيده في بيته فليس لصاحب المتاع أن يأخذ متاعه حتى يعطيه الأجر. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وذلك لأنه لو هلك لم يكن له أجر. وكل شيء إذا هلك لم يكن له أجر فله أن يحبسه حتى يأخذ الأجر (¬2). وكل شيء إذا هلك كان له الأجر (¬3) فليس له أن يحبسه، ولصاحبه أن يأخذه قبل أن يعطيه الأجر. أفلو حبس الصانع الثوب، (¬4) فهلك من عنده لم يضمن الثوب في قياس قول أبي حنيفة، وإنما يهلك بالأجر، ويبطل الأجر. وأما الحمال الذي يحمل على ظهره أو على (¬5) دابته أو في سفينة فحبس المتاع حتى يستوفي الأجر ولم يدفعه إلى صاحبه فهو ضامن إن هلك؛ لأنه خالف، ولأن الحبس لم يكن له. ولو أن الصباغ والقصار والصائغ والخياط والإسكاف عملوا العمل في بيت الذي استأجرهم لم يكن لهم أن يحبسوا المتاع بالأجر؛ لأنهم قد وجبت لهم حين فرغوا منه قبل أن يدفعوه إلى صاحبه. فلذلك اختلف. وهم ضامنون في قول أبي حنيفة لما جنت أيديهم فيما عملوا في بيت المستأجر مثل (¬6) ما يضمنون ما عملوا في بيوتهم؛ لأن الذي عمل أجير (¬7) مشترك. ولو كان استأجره يوماً ليخيط ثياباً في بيته لم يضمن ما جنت يده؛ لأنه ليس له أن يعمل غير ذلك العمل في يومه. وكذلك كل عامل يعمل بيده. وإذا استأجر الرجل خبازاً ليصنع له طعاماً في وليمة أو ولادة ليخبز له خبزاً شيئاً من ذلك معلوماً بأجر معلوم، فأفسد (¬8) الطعام وأحرقه أو لم ¬

_ (¬1) ص: الجمال. (¬2) م ف: الأجره. (¬3) ص: أجر. (¬4) الزيادة من ب. (¬5) ف: ظهرها وعلى. (¬6) م ص ف: بعمل. والتصحيح من الكافي، 1/ 212 و؛ والمبسوط، 16/ 24. (¬7) ص: أمر. (¬8) م: فأفسده.

ينضجه أو عمل فيه عملاً يكون فيه فساد، فإن هذا ضامن؛ لأنه أجير مشترك، وهذا من جناية يده. ولو لم يفسد الخباز ذلك ولكن رب الدار اشترى راوية (¬1) من ماء، فأمر صاحب البعير فأدخلها، فساق البعير في الدار، فعطب، فخَرّ على القدور، فكسرها، فأفسد الطعام، فلا ضمان على صاحب البعير؛ لأنه ساق فيها بأمر رب الدار. ولا ضمان على رب الدار في سياق ولا قِيَاد، ولا ضمان على الخباز فيما أفسد غيره من الطعام. وكذلك البعير لو كان سقط على صبي ابن رب الدار فقتله أو عبد لرب الدار فلا ضمان عليه. ولو أدخل الخباز بنارٍ ليطبخ بها فوقعت شرارة فاحترقت الدار والخبز فلا ضمان عليه؛ لأن له أن يدخل بالنار يعمل بها ما استؤجر له. ولا ضمان على رب الدار فيما احترق للسكان (¬2)؛ لأنه أدخل النار في ملكه. ¬

_ (¬1) م: رواوية. (¬2) ص: للساكن.

الأَصْلُ للإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنْ الشَّيْبَانِيِّ (189 هـ - 805 م) تحقيق وَدرَاسَة الدكتور محمَّد بوينوكالن الجزء الرابع إصَدارَات وَزَارَة الأَوقاف وَالشّؤون الإسْلاَمية إدارَة الشّؤون الإسْلاَمّية دَولة قَطَر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ طبعه خاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دولة قطر الطبعَة الأولى 1433 هـ - 2012 م دار ابن حزم بيروت - لبنان - ص - ب 6366/ 14 هاتف وفاكس: 701974 - 300227 (009611) البريد الإلكتروني: [email protected] الموقع الإلكتروني: www.daribnhazm.com

الأَصْلُ للإمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الحَسَن الشَّيْبَانِيِّ (4)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

باب إجارة الفسطاط والخيمة والأوتاد والجرب والبيوت ومتاع مكة

باب إجارة الفسطاط (¬1) والخيمة والأوتاد والجُرُب (¬2) والبيوت ومتاع مكة وإذا استأجر الرجل فسطاطاً يخرج به إلى مكة ذاهباً وجائياً ويحج ويخرج من الكوفة في هلال ذي القعدة فهو جائز. وكذلك الخيمة والكَنِيسة (¬3) والرِّوَاق (¬4) والسرادق (¬5) والمَحْمِل (¬6) والجُرُب والجَواليق (¬7) والحبال والقِرَب (¬8) والأَدَاوِي (¬9) والفُرُش والبُسُط فهذا جائز كله. وإن تكارى الفسطاط ليخرج به إلى مكة حاجاً ذاهباً وجائياً ولم يسم متى يخرج به فإن هذا فاسد في القياس. ولكني أدع القياس وأجيزه ويخرج به كما يخرج الناس. ولو تخرق الفسطاط من غير خلاف ولا عنف لم يكن على المستأجر ضمان. ¬

_ (¬1) الفسطاط: الخيمة العظيمة. انظر: المغرب، "فسط". (¬2) جرب جمع جراب وهو وعاء الزاد، وهو مثل كتاب وكتب. انظر: مختار الصحاح، "جرب"؛ والمصباح المنير، "جرب". (¬3) تقدم تفسيره قريباً. (¬4) قال المطرزي: الرواق كساء مرسل على مقدم البيت من أعلاه إلى الأرض. ويقال: رَوْق البيت ورِواقه مقدمه. انظر: المغرب، "روق". لكن قال الفيروزآبادي: الرواق ككتاب وغراب: بيت كالفسطاط. انظر: القاموس المحيط، "روق". ولعله أنسب هنا. (¬5) السرادق ما يدار حول الخيمة من شُقَق بلا سقف. والسرادق أيضاً ما يمد على صحن البيت. وقال الجوهري: كل بيت من كُرْسُف سرادق. وقال أبو عبيدة: السرادق الفسطاط. انظر: المغرب، "سردق"؛ والمصباح المنير، "سردق". (¬6) تقدم تفسيره غير مرة. (¬7) الجِوالِق بكسر الجيم واللام وبضم الجيم وفتح اللام (أي جُوالَق) وكسرها (أي جُوالِق) وعاء، وجمعه جَوَالِق كصحائف، وجَوَالِيق وجُوالِقات. انظر: القاموس المحيط، "جلق". (¬8) جمع القِرية انظر: المصباح المنير،"قرب". (¬9) جمع الإداوة. انظر: لسان العرب، "أدو".

ولو لم يتخرق وقال المستأجر: لم أستظل (¬1) تحته ولم أضربه يوماً واحداً، وقد ذهب به (¬2) ورجع (¬3)، فسئل عن ذلك، فقال: استغنيت عنه وكان معي ما هو أخف منه، فإن الأجر عليه، وليس هذا بعذر، وليس يبرأ من الأجر. ولكن لو انقطعت أطنابه (¬4) فقال: لم أستطع نصبه، كان هذا عذراً، ولم يكن عليه الكراء إلا بقدر ما ضربه، والقول في ذلك قول المستأجر مع يمينه. وكذلك الخيمة. وكذلك المحمل ينكسر فلا يصلح أن يركب فيه فهو مثل ذلك. ولو احترق المحمل فقال المستأجر: لم أركب إلا يوماً، كان القول قوله مع يمينه، وليس عليه الكراء إلا بحساب ذلك. ولو أسرج (¬5) المستأجر سراجاً في الفسطاط حتى اسود الفسطاط من الدخان أو احترق فإني أنظر في ذلك. فإن كان أسرج كما يسرج الناس فلا ضمان عليه. وإن كان تعدى ذلك ضمنته بحساب ما أفسده منه، وكان عليه الكراء إذا كان ما بقي منه يسكن فيه. وإن كان احترق كله أو احترق منه ما لا يسكن فيما بقي منه فعليه الضمان، ولا كراء عليه منذ يوم لزمه الضمان. وإن (¬6) أوقد فيه فهو (¬7) مثل السراج أيضاً. وإن اشترط عليه صاحبه أن لا يوقد فيه ولا يسرج فيه فليس له أن يسرج ولا يوقد. فإن فعل ذلك ضمن، وعليه الأجر. وإن استأجر الرجل قُبّة (¬8) تركية بالكوفة كل شهر بأجر مسمى ليوقد فيها ويبيت فيها فهو جائز، ولا ضمان عليه إن احترقت من الوقود. وإن ¬

_ (¬1) م ص ف: لم أظل. (¬2) م - به. (¬3) ص: رجع. (¬4) الطُّنب بضمتين وسكون الثاني لغة: الحبل تشد به الخيمة ونحوها، والجمع أطناب. انظر: المصباح المنير، "طنب". (¬5) ص - أسرج؛ صح هـ. (¬6) ص: فإن. (¬7) م - فهو. (¬8) أي: خيمة كما تقدم.

أبات (¬1) فيها عبداً له أو ضيفاً له أيضاً فلا ضمان عليه؛ لأنه بمنزلته. وإنما هذا مثل المسكن يسكن فيه (¬2) من شاء (¬3). وكذلك الفسطاط في طريق مكة والخيمة. وإذا استأجر الرجل فسطاطاً من رجل يخرج به إلى مكة، فقعد هو وأعطى أخاه فحج (¬4) ونصبه واستظل فيه، فهو ضامن ولا أجر عليه؛ لأنه دفعه إلى غيره. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: لا ضمان عليه، وعليه الأجر، ولو كان هو الذي خرج (¬5) به ثم أسكن فيه أخاه لم يضمن. والفسطاط مخالف للمسكن في هذا الوجه، لأنه يحول من موضع إلى موضع، في قول أبي يوسف. وقال محمد: هذا مثل خدمة العبد (¬6). وكذلك الخيمة والسرادق. ولو انقطعت أطناب الفسطاط كلها فصنعها المستأجر من عنده ثم نصب الفسطاط حتى رجع كان عليه الكراء كله. وإذا رجع أخذ أطنابه منه. ولو لم يعلق عليه الأطناب ولم ينصبه لم يكن له (¬7) عليه الكراء؛ لأن هذا عذر. والقول في ذلك قول المستأجر إذا كان منقطع (¬8) الأطناب. ولو انكسر عمود الفسطاط كان مثل ذلك أيضاً. ولو انكسرت أوتاده فلم يضربه حتى رجع كان عليه الكراء كاملاً. وليس الأوتاد مثل الأطناب والعمود؛ لأن ¬

_ (¬1) م: بات. (¬2) م ص - فيه. (¬3) م ص ف + فيه. (¬4) ف: يحج.، (¬5) م ص ف: اخرج. (¬6) ص - العبد. قال الحاكم: وقال [محمد]: سكناه وسكنى غيره سواء. ألا ترى أنه لو استأجر عبداً يخدمه في طريق مكة فاجره من غيره يخدمه لم يضمن. ألا ترى أنه لو أخرج الفسطاط فأسكن فيه غيره لم يضمن. انظر: الكافي، 1/ 212 ظ. ونحوه في المبسوط، 16/ 26. (¬7) ف - له. (¬8) ص: متقطع.

الأوتاد من قبل المستأجر، والأطناب والعمود من قبل صاحب الفسطاط. فلذلك اختلف. وإذا تكارى رجل فسطاطاً يخرجه إلى مكة ذاهباً وجائياً فخلْفه بالكوفة وخرج هو بنفسه حتى رجع فإنه ضامن، ولا كراء عليه، والقول في ذلك قوله مع يمينه بالله ما أخرجه؛ لأنه خالف حين خلّفه ووقع عليه الضمان. وكذلك إن أقام بالكوفة فلم يخرج ولم يدفع الفسطاط إلى صاحبه، فهو مثل الأول، لأنه لم يصل إلى صاحبه (¬1). وكذلك لو خقفه عند رجل وحمله إلى بيته أو تركه في منزله. [وكذلك لو خرج ودفع الفسطاط إلى غلامه فقال: ادفعه إلى صاحبه، فلم يدفعه حتى رجع المولى. وكذلك لو دفعه إلى حر] وقال للرجل الحر: احمله إلى صاحبه، فهو مثل الأول. [ولو حمله الرجل إلى صاحب الفسطاط فأبى أن يقبله برئ المستأجر] (¬2) والرجل (¬3) من الضمان، ولا أجر عليه. ولو هلك عند هذا الآخر قبل أن يحمله إلى صاحبه فإن صاحب الفسطاط بالخيار، يضمن أيهما شاء. فإن ضمن الوكيل رجع به على المستأجر. وإن ضمن المستأجر لم يرجع به على الوكيل. وهذا قول أبي يوسف ومحمد. ولو أن المستأجر ذهب بالفسطاط إلى مكة ورجع فقال رب الفسطاط للمستأجر: احمله إلى منزلي، وقال المستأجر: بل احمله أنت إلى منزلك، فإن أبا حنيفة قال في هذا: الحمولة على رب المتاع في كل إجارة، وقال: الحمولة في العارية على المستعير. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا لم يخرج بالفسطاط ولكنه خلفه بالكوفة ضمن وسقط عنه الأجر. فإن أراد رب الفسطاط أن يحمله إلى منزله واختلفا في ذلك فإن الحمولة على المستأجر؛ لأنه مخالف ضامن بمنزلة الغاصب. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل الدابة من الكوفة إلى بلدة ¬

_ (¬1) ص ف - فهو مثل الأول لأنه لم يصل إلى صاحبه. (¬2) الزيادتان السابقتان من الكافي، 1/ 212 ظ. ونحو ذلك في المبسوط، 16/ 28. (¬3) م ف: والأجر؛ ص: والآخر. والتصحيح من المصدرين السابقين.

أخرى فقبضها وذهب صاحب الدابة فإن حبسها بالكوفة على قدر ما يحبسها الناس إلى أن يرتحل فلا ضمان عليه. وإن حبسها ما لا يحبس الناس مثله يومين أو ثلاثة أيام فهو ضامن لها. وهو قول أبي يوسف ومحمد. ولا كراء عليه. وكذلك الفسطاط وجميع ما يتكارى من بلد إلى بلد. وإذا استأجر رجلان فسطاطاً من الكوفة إلى مكة ذاهباً وجائياً بأجر معلوم فهو جائز. فإن اختلفا بمكة فقال أحدهما: أريد أن آتي البصرة، وقال الآخر: أريد أن أرجع إلى الكوفة، وأراد كل واحد منهما أن يأخذ الفسطاط من صاحبه، فإن دفعه الكوفي إلى البصري فذهب به إلى البصرة فلرب الفسطاط أن يضمن البصري قيمة الفسطاط إن هلك (¬1)، ولا أجر عليه. وإذا أراد رب الفسطاط أن يضمن الكوفي، فإن أقر الكوفي أنه أمره أن يذهب به إلى البصرة كان له أن يضمنه نصف قيمته، ولا أجر عليه، ويضمن البصري نصف قيمته (¬2)، ولا أجر عليهما في الرجعة. ولو قال الكوفي: لم آمره أن يذهب به إلى البصرة، ولكني دفعت إليه ليمسكه حتى يرتحل، فلا ضمان عليه بعد أن يحلف على ذلك بالله، ولا كراء عليه في رجعته. وإن ارتفعا إلى القاضي فقصا (¬3) عليه القصة واختصما في ذلك فإن القاضي يمنع البصري أن يذهب به إلى البصرة. وإن رأى القاضي أن يفسخ إجارة البصري ويؤاجر حصته من كوفي مع الكوفي الأول فهو جائز. وإن لم يجد من يستأجره فدفع الفسطاط إلى الكوفي فقال: نصفه معك بالإجارة الأولى، ونصفه معك وديعة حتى تُبلغه معك صاحبه، فهو جائز، وعلى الكوفي نصف الأجر، ولا أجر على البصري في الرجعة ولا ضمان. وإن لم يرتفعا إلى القاضي ولكنهما تشاجرا في ذلك ودفعه البصري إلى الكوفي فرجع به إلى الكوفة فالكراء عليهما جميعاً، على البصري نصفه. وإن ارتفعا إلى ¬

_ (¬1) ص: إذا هلك. (¬2) ف - ولا أجر عليه ويضمن البصري نصف قيمته. (¬3) ف: فقصى.

القاضي فسمع مقالتهم وأبى أن يحكم بينهما لغيبة صاحب الفسطاط فدفعه البصري إلى الكوفي فهو على الجواب الأول. وإن غصبه الكوفي غصباً فجاء به إلى الكوفة فعلى الكوفي حصته من الأجر ذاهباً وجائياً، وعلى البصري أجره ذاهباً، وليس عليه في الرجعة أجر، ولا ضمان على الكوفي في حصة نفسه. فأما حصة البصري فإنه يضمن؛ لأنه غاصب فى ذلك. ولو ارتفعا إلى الحاكم بمكة وأقاما البينة على قصتهما وحلف البصري على ما يريد من الرجعة إلى البصرة فإن عمل القاضي في ذلك بشيء مما وصفت لك فهو جائز. وإن ترك ذلك فلم ينظر فيما بينهما فهو موسع عليه في ذلك؛ لأن رب الفسطاط غائب. وإذا تكارى الرجل فسطاطاً من الكوفة إلى مكة ذاهباً وجائياً ثم خرج إلى مكة ثم خلفه بمكة ورجع فعليه الكراء ذاهباً، وهو ضامن لقيمة الفسطاط يوم خلفه. فإن ضمنه القيمة كان الفسطاط له. ولو لم يضمنه ولم يختصما حتى حج من قابل ورجع بالفسطاط فلا أجر عليه في الرجعة، وإنما الأجر عليه في البدأة (¬1) في هذا، وسقط عنه الأجر في الرجعة؛ لأنه لم يستأجره إلا في العام الماضي، وقد خالف وضمن. وكل مستأجر فسطاط أو ثوب أو متاع أو حيوان أو عقار بذهب أو فضة، ففسد حتى لا ينتفع به أو غصبه سلطان أو غيره، فلا أجر على المستأجر منذ يوم كان ذلك، وعليه الأجر فيما مضى قبل ذلك. والقول فيه قول المستأجر إذا اختصما يوم يختصمان، وهو على مثل ما وصفنا من الهلاك والفساد والغصب مع يمينه بالله على ذلك. فإن قامت لرب المتاع بيِّنة أنه قد استعمله بأكثر مما قال المستأجر أخذت ببيِّنته، ولا أقبل بيِّنة المستأجر على خلاف ذلك؛ لأن القول قول المستأجر في ذلك، والبيِّنة على رب المتاع. قلت: أرأيت رجلاً تكارى دابتين من رجلين صفقة واحدة بعشرة ¬

_ (¬1) م ص ف: في البدأ. وقد تقدمت الكلمة كما أثبتناها غير مرة. انظر: 2/ 160 و، 167 ظ.

باب الإجارة الفاسدة وما لا يجوز منها

دراهم ليحمل عليهما عشرين مختوماً فحمل على كل واحد عشرة مخاتيم؟ قال: يقسم الأجر على أجر مثل كل دابة منها فيعطيه صاحبه. باب الإجارة الفاسدة (¬1) وما لا يجوز منها قال محمد: إذا استأجر الرجل ألف درهم بدرهم كل شهر يعمل بها أو كل يوم فإن هذا فاسد لا يجوز، ولا يكون (¬2) عليه أجر في ذلك، ويكون عليه الضمان. وكذلك الدنانير (¬3). وكذلك لو استأجر حنطة أو شعيراً. وكذلك الكيل والوزن كله. ويكون على المستأجر الضمان في ذلك؛ لأن الإجارة وقعت على فساد (¬4)، فصار بمنزلة العارية، والعارية قرض. وإذا استأجر الرجل ألف درهم ليزن بها دراهم يوماً إلى الليل بأجر مسمى فهو جائز. وكذلك الدنانير. وكذلك لو استأجر حنطة مسماة ليعيّر (¬5) بها مكاييل له يوماً إلى الليل بأجر معلوم فإن هذا جائز؛ لأنه عمل يعمل به، وهذا بمنزلة الإناء يستأجره الرجل يعمل به أو الثوب يلبسه. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل نصف دار غير مقسوم فإنه فاسد لا يجوز؛ لأنه لا يقدر على أن ينتفع به. وقال أبو يوسف ومحمد: هو ¬

_ (¬1) م ص ف: إجارة الفاسد. والتصحيح من ب، ومن الكافي، 1/ 213 و؛ والمبسوط، 16/ 31. (¬2) ص ف: لا يكون. (¬3) ف - وكذلك الدنانير. (¬4) م: على فساده. (¬5) عيرت الدنانير تعييراً امتحنتها لمعرفة أوزانها. وعايرت المكيال والميزان معايرة وعِياراً امتحنته بغيره لمعرفة صحته. وعِيار الشيء ما جُعل نظاماً له. قال الأزهري: الصواب عايرت المكيال والميزان، ولا يقال: عيرت إلا من العار، هكذا يقول أئمة اللغة. وقال ابن السكيت: عايرت بين المكيالين امتحنتهما لمعرفة تساويهما، ولا تقل: عيرت الميزانين، وإنما يقال: عيرته بذنبه. انظر: المغرب، "عير"؛ والمصباح المنير، "عير".

جائز يتهايأ هو وشريكه، ويجبران على ذلك. وكذلك إجارة نصف عبد أو نصف دابة. وقال أبو حنيفة: إن استأجر نصيباً في دار غير مسمى (¬1) فإنه لا يجوز. وكذلك العبد والدابة والأرض. وكذلك قال أبو يوسف. ثم رجع عن هذا، وقال: هو جائز إذا علم كم (¬2) النصيب، إن شاء أخذ، وإن شاء ترك. وهو قول محمد. وإذا استأجر الرجل مائة ذراع مكسَّرة (¬3) من هذه الدار أو جَرِيبين من هذه الأرض فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة. وهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لا تجوز إجارة النخل والشجر والكرم، يقول الرجل للرجل: أستأجر منك هذا النخل والشجر والكرم (¬4) عشر سنين بكذا كذا درهماً (¬5)، فما أثمر فهو لي. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وكذلك ألبان الغنم وأصوافها وسمونها وأولادها. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل أرضاً فيها زرع أو رَطْبَة (¬6) أو شجر أو قصب أو كرم يمنع ذلك من الزراعة فإن الإجارة فاسدة لا تجوز. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ص: مسماة. (¬2) ص: علمكم. (¬3) الذراع من المرفق إلى أطراف الأصابع، ثم سمي بها الخشبة التي يذرع بها، والمذروع أيضاً مجازاً. والذراع المكسَّرة ست قبضات، وهي ذراع العامة، وإنما وصفت بذلك لأنها نقصت عن ذراع المَلِك بقبضة، وهو بعض الأكاسرة لا الأخير، وكانت ذراعه سبع قبضات. انظر: المغرب، "كسر". (¬4) ف - يقول الرجل للرجل أستأجر منك هذا النخل والشجر والكرم؛ صح هـ. (¬5) ص: درهم. (¬6) نوع من العلف كما تقدم غير مرة.

وقال أبو حنيفة: لا تجوز إجارة الآجام (¬1) والأنهار للسمك ولا لغيره. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لو استأجر رجل بئراً شهراً يسقي منها أرضه أو غنمه هذه لم يجز. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وكذلك النهر والعين. وإذا كان للرجل شرب في نهر وأجره من رجل بأجر معلوم فإنه لا يجوز؛ لأنه غرر مجهول لا يعرف. وقال أبو حنيفة: إن استأجر الرجل عبداً كل شهر بأجر مسمى وطعامه لم يجز ذلك. وكذلك رزقه. وكذلك الدابة يستأجرها الرجل بأجر مسمى يوماً أو شهراً بعلفها فإنه فاسد لا يجوز. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وكان أبو حنيفة يقول: لا يجوز في شيء من هذا الطعام والرزق إلا في الظئر. وكان أبو يوسف ومحمد لا يجيزان ذلك في الظئر ولا في غيرها. وكذلك الرجل يستأجر الدار ويشترط عليه رب الدار تطيينها ومَرَمَّتَها وتجصيصها أو تعليق (¬2) باب على بعض (¬3) بيوتها أو إدخال جذع في بعض السقوف فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأنه مجهول. وكذلك الرجل يستأجر الأرض ويشترط عليه رب الأرض أن يَكري (¬4) فيها نهراً أو يضرب عليها مُسَنَّاة (¬5) أو يُسَرْقِنها أو يحفر فيها بئراً فإن ذلك فاسد لا يجوز. ولا يجوز أن يستأجر الرجل أرضاً ليزرعها وفيها ماء أو رَطْبَة أو قصب أو شجر يمنعها ذلك من الزرع. ¬

_ (¬1) الآجام جمع الأَجَمَة، وهي في الأصل الشجر الملتف، لكن المقصود هنا البَطِيحَة التي هي منبت القصب. انظر: المغرب، "أجم". (¬2) ف: وتعليق. (¬3) ص: على أحد. (¬4) كري النهر حفره كما تقدم. (¬5) المسنّاة حائط يبنى في وجه الماء، ويسمى السد. انظر: المصباح المنير، "سنن".

وإذا استأجر الرجل أرضاً وشرط على صاحبها أن يكون له ما فيها من الزرع إذا انقضت (¬1) الإجارة فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأنه مجهول. وكذلك لو اشترط عليه أن يدفعها إليه مكروبة (¬2) فهو سواء. ولو أن رجلاً دفع إلى رجل أرضاً يغرس فيها شجراً أو كرماً على أن ما غرس فيها من شيء فلرب الأرض نصف الشجر ونصف الأرض، ونصف الأرض (¬3) ونصف الشجر للغارس كان هذا باطلاً لا يجوز، من قبل الشركة التي دخلت، ومن قبل أنه لا يدرى ما يغرس فيها. فإن فعل فالشجر كله لرب الأرض، وعليه قيمة الشجر، وأجر ما عمل، ولا آمره أن يقطع الشجر لما يدخل (¬4) ذلك من الفساد عليهما جميعاً. ولو كانا قد أكلا الغلة على هذا الشرط حاسب الغارس بما أكل من هذه الغلة في الأجر. وإذا دفع الرجل غَزْلاً إلى حائك لينسجه بالنصف أو بالثلث أو الربع فنسجه فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد لا يجوز. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد مِن قِبَل الشركة، ومِن قِبَل أن الأجر مجهول. ألا ترى أني إذا أمضيت هذا بينهما جعلت له أجراً على هذا فيما يعمل لنفسه. وكذلك الطعام يحمله الرجل في السفينة أو على دابة بالنصف فإنه لا يجوز في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: له أجر مثله، ولا أجاوز به قيمة النصف من ذلك. وهو قول (¬5) محمد. وإذا كان طعام بين رجلين استأجر أحدهما صاحبه ليطحنه أو ليحمله فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد لا يجوز مِن قِبَل الشركة. وكان يقول: لا يأخذ أجراً على شيء هو فيه شريك. وكذلك الغَزْل والغنم يكون بين الرجلين يرعاها أحدهما بأجر أو ينسج الغزل وهو بينهما بأجر معلوم فإن ¬

_ (¬1) ف: إذا انتقضت. (¬2) كَرَبَ الأرض كِراباً: قَلَبَها للحرث، من باب طلب. انظر: المغرب، "كرب". (¬3) ف - ونصف الأرض. (¬4) ص + في. (¬5) ص + أبي.

ذلك كله فاسد لا يجوز، ولا أجر له. وإذا دفع الرجل طعاماً إلى طحان ليطحنه بدرهم وقفيز من دقيقه فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد لا يجوز مِن قِبَل أنه اشترط دقيقاً لم يخرج بعد، ومِن قِبَل أنه اشترط دقيقاً من شيء يطحنه هو، فيكون له فيه نصيب. وكذلك لو قال: اطحنه بالنصف أو بالثلث أو بالربع وبزيادة فى راهم. ولو أن رجلاً دفع طعاماً له (¬1) إلى رجل ليحمله إلى رحى الماء في موضع معلوم بدرهم على أن يسلمه فيطحنه بأجر معلوم كان جائزاً. فإن طحنه في الرحى بشيء من دقيقه فإنه لا يجوز، وللطحان أجر مثله، ولا أجاوز به قيمة ما سمى من الدقيق. ولو كان الرجل الذي (¬2) حمل الطعام استأجر الرحى بأجر معلوم على أن يلي هو القيام عليه كان (¬3) جائزاً. وإن كان الأجر دقيقاً أوطعاماً ولم يشترط من دقيق هذه الحنطة كان جائزاً. ولو أعطاه من ذلك الأجر كان جائزاً بعد أن لا يكون اشترط ذلك حين استأجره. ولو أن رجلاً استأجر رحى ماء على أنه إن (¬4) انقطع الماء فالأجر عليه فإن هذا فاسد لا يجوز. وإذا استأجر الرجل كتباً ليقرأ فيها فإنه لا يجوز شعراً كانت أو فقهاً أو غيره، ولا تجوز الإجارة فيها. وكذلك إجارة المصاحف يستأجرها الرجل يقرأ (¬5) فيها فإنه فاسد لا يجوز. وإن سمى لذلك يوماً معلوماً أو شهراً معلوماً فإنه لا يجوز، ولا أجر له إن قرأ. وقال أبو حنيفة: لا يجوز أن يستأجر الرجل رجلاً ليُعلِّم له ولده القرآن أو يستأجر الرجل الرجل يؤمهم في رمضان. وكذلك لا تجوز الإجارة على الأذان ولا على تعليم القرآن ولا على الصلاة. ¬

_ (¬1) م ص - له. (¬2) ص - الذي؛ صح هـ. (¬3) ص + ذلك. (¬4) م - إن. (¬5) م: يقر.

أبو يوسف عن أشعث بن سوار عن أبيه عن عثمان بن أبي العاص قال: كان من آخر ما عهد إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "صل بالقوم صلاة أضعفهم، وأن اتَّخِذْ (¬1) مؤذناً لا يأخذ على الأذان أجراً" (¬2). وقال أبو حنيفة: لا تجوز الإجارة على الغناء والنوح. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لا تجوز الإجارة على شيء من اللهو والمزامير أو الطبل. ولا تجوز الإجارة على الحداء ولا على قراءة شعر ولا غيره. ولا تجوز الإجارات في شيء من الباطل. وإن أعطى المستأجر شيئاً من اللهو يلهو به فضاع أو انكسر فلا ضمان عليه. وإذا استأجر الرجل الذمي من المسلم بِيعة يصلي فيها فإن ذلك لا يجوز؛ لأن هذا معصية. وكذلك لو استأجرها ذمي من ذمي. وكذلك الكنيسة وبيت النار. وكذلك المسلم يستأجر من المسلم مسجداً يصلي فيه فإن هذا باطل لا يجوز؛ لأن هذا لله طاعة، ولا تصلح الإجارة فيه. والصلاة المكتوبة والنافلة في ذلك سواء. ألا ترى لو أن رجلاً استأجر رجلاً يصلي بهم مكتوبة أو نافلة لم تجز الإجارة في ذلك. وكذلك الأذان. وكذلك أهل الذمة يستأجرون (¬3) الرجل من أهل الذمة يصلي بهم فإنه لا يجوز؛ لأن هذا معصية. واليهودي والنصراني والمجوسي وغيرهم من أهل الكفر في ذلك سواء. وكذلك لو استأجروا رجلاً يضرب لهم بالناقوس لصلاتهم فإنه لا يجوز؛ لأن هذا معصية. ¬

_ (¬1) م ص: وإن اتخذت. (¬2) سنن ابن ماجه، الأذان، 3؛ وسنن أبي داود، الصلاة، 39؛ وسنن الترمذي، الصلاة، 41؛ وسنن النسائي، الأذان، 32. وقد صححه الترمذي. وانظر: نصب الراية للزيلعي، 4/ 139 - 140. (¬3) ص: يستأجروا.

وإذا استأجر الرجل الذمي من المسلم بيتاً ليبيع فيه الخمر فإن هذا باطل لا يجوز. وليس في شيء من (¬1) هذا أجر قليل ولا كثير في قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك رجل ذمي استأجر رجلاً مسلماً يحمل له خمراً فإن أبا يوسف ومحمداً قالا: لا يجوز ذلك، ولا أجر له. وقال أبو حنيفة: هو جائز، وله الأجر. وقال أبو حنيفة: هو مثل رجل حمل لرجل ميتة أو عذرة أو جيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يشبه هذا الميتة ولا الجيفة، إنما يحمل الميتة لتلقى (¬2) أو ليماط أذاها، وأما (¬3) الخمر إنما يحمل للشرب والمعصية. وكذلك (¬4) الدابة في هذا يستأجرها الذمي من المسلم (¬5) ليحمل عليها خمراً. وكذلك السفينة فهو مثل ذلك. وإن استأجره ذمي من ذمي يحمل له خمراً فهو جائز، أو استأجر منه بيتاً ليبيع فيه الخمر فهو جائز. وكذلك دابته وسفينته. وكذلك لو استأجره يرعى له خنازير. ولو استأجره ليبيع له ميتة لم يجز (¬6). وكذلك لو استأجره ليبيع له دماً لم يجز؛ لأن هذا ليس ببيع وليس له ثمن. وإذا استأجر الذمي من المسلم داراً ليسكنها فلا بأس بذلك. فإن شرب فيها الخمر أو عبد فيها الصليب أو أدخل فيها الخنازير لم يلحق المسلم من ذلك شيء من الإثم؛ لأنه لم يؤاجرها لذلك. والإجارة جائزة لازمة له (¬7). وكذلك لو اتخذ فيها بيعة أو كنيسة أو بيت نار بعد أن يكون ذلك بالسواد فإن الإجارة جائزة، ولا يلحق المسلم من ذلك شيء. وكذلك لو باع فيها الخمر. وكذلك هذا في الأمصار. غير أني أحول بين أهل الذمة وبين أن ¬

_ (¬1) ص - شيء من. (¬2) م - لتلقى. (¬3) م: فأما. (¬4) م: فكذلك. (¬5) ص: من مسلم. (¬6) ف - وكذلك لو استأجره يرعى له خنازير ولو استأجره ليبيع له ميتة لم يجز. (¬7) ف - له.

يتخذوا في الأمصار أمصار المسلمين الكنائس والبيع، وأن يبيعوا فيها الخمر. محمد عن أبي يوسف عن ليث بن سعد عن توبة بن نمر (¬1) الحضرمي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا خصاء في الإسلام ولا كنيسة" (¬2). محمد عن أبي يوسف عن شيخ من أهل الشام عن مكحول أن أبا عبيدة بن الجراح صالحهم بالشام على أن يخلي عن كنائسهم القديمة، وعلى أن لا يتخذوا كنيسة (¬3). وهذا تفسير الحديث الأول. معنى ذلك عندنا (¬4) أن لا تتخذ كنيسة في مصر من أمصار المسلمين. وإذا استأجر الرجل المسلم من المسلم بيتاً ليصلي فيه في رمضان فإن ذلك لا يجوز، ولا أجر له. وكذلك لو اشترطوا أن يصلي فيه المكتوبة. وكذلك الرجل يستأجر الرجل ليقتل له رجلاً أو ليشجه أو ليضربه ظلماً فإن ذلك لا يجوز، ولا أجر له. وكذلك كل إجارة وقعت من رجل إلى رجل في مظلمة فإن الإجارة في ذلك فاسدة، ولا أجر له. ولو أعطاه الذي استأجره سلاحاً ليضرب به رجلاً أو ليقتل به رجلاً فضاع ذلك أو انكسر لم يكن عليه ضمان. ولو أن قاضياً من قضاة المسلمين استأجر رجلاً ليضرب حدًّا قدامه أو ليقتص من رجل أو ليقطع يد رجل أو ليقوم عليه في مجلس القضاء شهراً بأجر معلوم فإن الإجارة جائزة، وله الأجر إذا كان استأجره ليقوم عليه كل ¬

_ (¬1) م ص: بن نهر. (¬2) روي مرفوعاً وموقوفاً. انظر: الأموال لأبي عبيد، 123؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 10/ 24؛ والكامل لابن عدي، 3/ 361؛ ونصب الراية للزيلعي، 3/ 453؛ والدراية لابن حجر، 2/ 135؛ وتلخيص الحبير لابن حجر، 4/ 129. (¬3) روي عن ابن سراقة أن أبا عبيدة ابن الجراح كتب لأهل دير طَبَايَا: أني أمنتكم على دمائكم وأموالكم وكنائسكم أن تهدم. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 6/ 468. وطبايا موضع يقع اليوم بلبنان. (¬4) ف - عندنا.

شهر بشيء (¬1) معلوم، فإن ذلك جائز، ويدخل في ذلك القصاص وضرب الحدود وغير ذلك. ولو استأجره لإقامة الحدود خاصة وللقصاص خاصة فإن ذلك لا يجوز. ولو فعل شيئاً من ذلك أو ضربه كان عليه أجر مثله. ولو استصحبه على أن يجعل له رزقاً كل شهر فإن هذا جائز. وكذلك قاسم القاضي إذا كان استأجره ليقسم له كل شهر بأجر مسمى فهو جائز. محمد عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى عن (¬2) علي بن أبي طالب أنه كان له قاسم يقسم له بالأجر (¬3). ولو أن رجلاً قضى له بالقصاص في قتل فاستأجر رجلاً فقتل لم أجعل له أجراً؛ لأن هذا ليس بعمل. ولو أن رجلاً استأجر رجلاً (¬4) يغزو عنه أبطلت ذلك ولم أجزه. ولو أن رجلاً أتى كاحلاً فشارطه على أن يكحل (¬5) عينه (¬6) شهراً بدرهم أجزت ذلك. وكذلك الدواء في كل داء. وإذا استأجر رجل من رجل فحلاً ليُنْزِيَه فإن ذلك باطل لا يجوز، والفحولة في ذلك كله سواء للأثر الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. محمد عن أبي يوسف عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة عن ¬

_ (¬1) ص: بأجر. (¬2) م ص ف: بن. والتصحيح من كتاب القسمة. انظر: 2/ 58 و. وقد نسب الحاكم والسرخسي أيضاً هذا إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. انظر: الكافي، 1/ 213 ظ؛ والمبسوط، 16/ 40. (¬3) روي القول بجواز ذلك عن ابن سيرين أيضاً كما علقه البخاري عنه. انظر: صحيح البخاري، الإجارة، 16؛ وفتح الباري لابن حجر، 4/ 454. ورويت كراهته عن بعض الصحابة والتابعين. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 8/ 115؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 4/ 475. (¬4) م ص + فقتل لم أجعل له أجرا لأن هذا ليس بعمل ولو أن رجلا؛ م + استأجر رجلا. (¬5) كَحَلَ عينَه كَحْلاً من باب طلب، وكَحَّلَها تكحيلاً، مثله. انظر: المغرب، "كحل". (¬6) ص: عنه.

النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من السحت كسب الحجام ومهر البغي وثمن الكلب" (¬1). محمد عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن ابن أبي نُعْم (¬2) بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن عَسْب (¬3) التيس وقفيز الطحان (¬4). وقال أبو حنيفة: إذا استأجر رجل رجلاً يعلم ولده القرآن كل شهر بأجر (¬5) معلوم فإنه لا يصلح ولا يحل. وكذلك لو اشترط عليه أن يعلمه (¬6) كل سورة من القرآن بكذا وكذا. وكذلك لو اشترط عليه أن يعلمه الفقه والفرائض. وقال أبو حنيفة: لا تجوز الإجارة على تعليم الغناء والنياحة. ومن استأجر نائحة أو مغنية فهو عاص ولا أجر لها. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) روي عن أبي هريرة في سنن النسائي، البيوع، 94؛ وصحيح ابن حبان، 11/ 315، وسنن الدارقطني، 723 - 73. وعن رافع بن خديج في صحيح مسلم، المساقاة، 40 - 41؛ وسنن أبي داود، البيوع، 38؛ وسنن الترمذي، البيوع، 46؛ وسنن النسائي، البيوع، 94. وانظر لتفصيل طرقه ونقدها: نصب الراية للزيلعي، 4/ 52؛ والدراية لابن حجر، 2/ 161. (¬2) م ص: ابن أبي نعيم. (¬3) م ص ف: عن عسيب. (¬4) روي من طريق ابن أبي نُعْم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - بلفظ: عسب الفحل. انظر: سنن الدارقطني، 3/ 47؛ والسنن الكبرى للبيهقي، 5/ 339. وفي مسند أبي يعلى، 2/ 301 بلفظ: عسب الفرس. وانظر للتفصيل والنقد: نصب الراية للزيلعي، 4/ 140؛ والدراية لابن حجر، 2/ 190. والنهي عن عسب الفحل فقط ورد في الصحيح. انظر: صحيح البخاري، الإجارة، 21. وقد فسر المؤلف "قفيز الطحان" فيما سبق بقوله: وإذا أسلم الرجل حنطة إلى طحان يطحنها بدرهم وربع دقيق منها فإن أبا حنيفة -رحمه الله- قال: هذا فاسد، لأن دقيق هذه الحنطة مجهول. وهذا عندنا تفسير الحديث الذي ذكر في صدر هذا الكتاب، قوله: "قفيز الطحان". انظر: 2/ 122 و. (¬5) ص: بأجل. (¬6) م: أن يعمله.

وقال أبو حنيفة: من أسلم غلاماً إلى معلم واشترط عليه أن يحذّقه فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأن التحذيق مجهول لا يعرف. وكذلك لو اشترط عليه في أشهر مسماة. وقال أبو حنيفة: لا يجوز أجر السمسار وإن اشترط على كل ثوب أجراً مسمى أو على كل ألف درهم أجراً مسمى؛ لأن شراءه ذلك مجهول لا يعرف وقته (¬1) كم يكون. وقال أبو حنيفة: لا يجوز أجر الزمّار ولا أجر الطبال ولا شيء مما يغنى به (¬2)، ولا تحل إجارته ولا تصلح. وقال أبو حنيفة: كل إجارة فيها رزق الغلام أو علف الدابة فإنه فاسد لا يجوز؛ لأن هذا مجهول. إلا أنه كان يستحسن ذلك في باب واحد، في طعام الظئر فإنه كان أبو حنيفة (¬3) يجيزه. وقال أبو يوسف ومحمد: الظئر وغيرها سواء، وهو فاسد. وإذا أراد أن يعامل السمسار معاملة صحيحة جائزة استأجره (¬4) يوماً إلى الليل يشتري له بأجر مسمى أو أياماً مسماة، أو يشتري له بغير أجر ولا يشترط ثم يعوضه على قدر ذلك ولا يزيد ذلك على المتاع. وإذا أراد أن يصحح العلف والطعام حتى لا تفسد (¬5) فيه الإجارة جعله دراهم مسماة فيجوز ذلك. وإذا استأجر أرضاً بدراهم مسماة وشرط خراجها على المستأجر فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأن الخراج مجهول لا يعرف. وكذلك لو أجرها بالنصف وشرط أن الخراج عليه كان ذلك فاسداً لا يجوز. وكذلك لو أخذها ¬

_ (¬1) م + فيه. (¬2) ص: يعتا به. (¬3) ص - أبو حنيفة. (¬4) م ص: فاستأجره. (¬5) ص: لا يفسد.

على أن يزرعها بغير أجر إلا أن صاحبها شرط عليه أن يؤدي خراجها كان فاسداً؛ لأنه مجهول لا يعرف. وكذلك لو اشترط (¬1) عليه أن يُسَرْقِنها أو يَكري (¬2) فيها نهراً أو يبني عليها حائطاً. وكذلك لو كانت داراً فشرط (¬3) عليه رب الدار أن يُطيّنها أو يُجضصها أو يغلق عليها بابأ كان ذلك فاسداَ. وكذلك لو كانت أرضاً فأجرها واشترط عليه رب الأرض العشر كان فاسداً. وكذلك لو أجر أرضاً بالنصف وبزيادة دراهم كان فاسداً؛ لأنه مجهول ولأنه شرطان. وهذا كله قول أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: لو أسلم ثوباً إلى خياط يخيطه قميصاً على أنه إن فرغ منه اليوم فله درهم، وإن فرغ منه الغد فله نصف درهم، فإن الأجر الأول جائز، والأجر الآخر فاسد، وله أجر مثله، ولا أجاوز به درهماً، ولا أنقصه من نصف درهم. وقال أبو يوسف ومحمد: هما جائزان جميعاً. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل أرضاً سنة بخادم بغير عينها أو ببعير أو ببقرة أو بشيء من الحيوان أو بثوب من الثياب فإن هذا فاسد لا يجوز وإن سمى جنساً من الثياب، لأنه مجهول. وإن سمى شيئاً من الكيل أو الوزن فسمى كيله أو وزنه ولم يسم صفته فإنه لا يجوز. وإن سمى صفته فهو جائز. وكذلك الذهب التِّبْر والفضة التِّبْر والنحاس والحديد والرصاص. فأما الدراهم والدنانير والفلوس فإذا سمى كذا كذا درهماً أو كذا كذا ديناراً أو كذا كذا فلساً فهو جائز، وله نقد البلد ووزنهم. وإن كان وزنهم مختلفاً فهو فاسد حتى يبين وزنهم. وإذا استأجر رجل داراً أو دابة أو غلاماً أو أرضاً بدراهم مسماة عدداً بغير عينها (¬4) وبغير وزن فإن هذا فاسد لا يجوز؛ مِن قِبَل أن وزن العدد ¬

_ (¬1) ص: لو شرط. (¬2) ص: أو يجري. (¬3) م: يشرط. (¬4) ف: أعيانهم.

مختلف. ولو كانت الدراهم قائمة بعينها فاستأجر بها كان جائزاً. ولو استأجره بمائة درهم عدداً مما يدخل في المائة خمسة كان هذا جائزاً؛ لأنه قد سمى الوزن. وإذا استأجر رجل رجلاً ليكتب له مصحفاً أو فقهاً معلوماً بأجر مسمى (¬1) فهو جائز، وليس هذا كتعليم القرآن. ولو استأجر رجل رجلاً ليكتب له نَوْحاً أو شعراً أو غناءً معلوماً بأجر مسمى لزمه ذلك، وكان جائزاً، ولا يشبه هذا التعليم. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل رجلاً يعمل له عملاً هو بينهما ففعله فلا أجر له؛ لأن العمل بينهما، فلا يكون له أجر في عمل له نصفه. ولو استأجره على أن يخيط ثوباً بينهما أو متاعاً لم يكن له أجر في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: لو استأجر منه نصيبه من دار أو من عبد أو من دابة أو سفينة أو أرض أو بيت فهذا جائز، ولا يشبه هذا الباب الأول. وإذا استأجر الوصي نفسه يعمل لليتيم الذي هو وصيه فلا يجوز. وكذلك عبده والأب يستأجر نفسه لعمل يعمله (¬2) لابنه أو عبده أو أم ولده أو مدبره (¬3) فإنه [لا] (¬4) يجوز ذلك. والوصي يستأجر من نفسه عبداً ليتيم ليعمل (¬5) ليتيم آخر هو في حجره وهو وصيهما جميعاً فإنه لا يجوز. وأجر الأب في عمل ابنه الصغير جائز. والرجل عنده عبد وديعة فيستأجر نفسه ليقوم على ذلك العبد أو يكون عنده متاع فيستأجر نفسه لإصلاح ذلك المتاع فإن ذلك لا يجوز. وكذلك الرهن. وكذلك الصبي يؤاجر نفسه لا يجوز، وإن عمل أوجبت له الأجر. وكذلك العبد المحجور ¬

_ (¬1) ف - بأجر مسمى. (¬2) م ص: يعمل. (¬3) ص: أو مدبرته. (¬4) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 1/ 213 ظ. (¬5) ف: يعمل.

عليه يؤاجر (¬1) نفسه أنه لا يجوز. وإن عمل وأخذ الأجر فإنه لمولاه. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل الدابة ولم يسم ما يحمل عليها فإن اختصموا في ذلك قبل أن يحمل الحمل أفسدت الإجارة. فإن حمل عليها أجزت الإجارة وجعلت عليه (¬2) الأجر الذي سمى له. وكذلك العبد يستأجره الرجل ولم يسم لما يستأجره. وقال أبو حنيفة: لا تجوز إجارة الدراهم والدنانير. وإذا استأجر الرجل نهراً يابساً ليجري فيه (¬3) الماء إلى أرضه أو إلى رحى ماء فإن هذا فاسد لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وكذلك رجل استأجر بالوعة ليصب فيها وضوءه (¬4) وبوله فإنه لا يجوز. وكذلك لو استأجر مسيل ماء ليسيل فيه ماء ميزابه فإنه لا يجوز. وكذلك الرجل يستأجر بئراً ليسقي منها غنمه وإبله كل شهر بأجر مسمى فإن ذلك لا يجوز. وكذلك العين في هذا والنهر. ولو أجره بَكَرَة (¬5) ودلواً وحبلاً ليسقي بها غنمه هذه أو إبله (¬6) فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأن هذا ليس على الشهر ولا على سقي الغنم. وإن كان استأجرها ليسقي بها الشهر كله فهو جائز. وإذا استأجر الرجل من الرجل موضع جذع يضعه في حائط له فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو استأجر منه حائطاً له ليبني عليه سترة فإن هذا فاسد لا يجوز. ولو استأجر الرجل طريقاً في دار ليمر فيه كل شهر بشيء مسمى فإن هذا فاسد لا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. ألا ترى أن أبا حنيفة قال: لو أن رجلاً استأجر نصف دار أو ثلثها أو ربعها أو سهماً من سهامها فإنه لا ¬

_ (¬1) م - يؤاجر؛ صح هـ. (¬2) ف - عليه. (¬3) ف - فيه. (¬4) م: وضو. (¬5) البَكَرَة والبَكْرَة بفتح الكاف وإسكانها ما يستقى عليها. انظر: المصباح المنير، "بكر". (¬6) م ص ف: وإبله. والتصحيح من ب.

يجوز. وكذلك الطريق (¬1). وإذا استأجر الرجل علو منزل ليبني عليه فإن هذا جائز في قول أبي يوسف ومحمد، ولا يجوز في قياس قول أبي حنيفة. وإذا استأجر الرجل موضع كُوّة في حائط لرجل يدخل عليه منها الضوء والرَّوْح (¬2) فإن هذا فاسد لا يجوز. وكذلك لو استأجر موضع وَتِد في حائط يعلق به شيئاً فإنه لا يجوز؛ مِن قِبَل أنه ليس معه أرض. ولو استأجر رجل من رجل موضع ميزاب في حائط لم يجز ذلك. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل رجلاً يعمل له عملاً معلوماً اليوم (¬3) إلى الليل بدرهم خياطة أو صياغة أو خِبازة (¬4) أو غير ذلك من الأعمال فإن الإجارة في ذلك فاسدة. وقال: أرأيت لو لم يفرغ من العمل حتى مضى اليوم أعليه أن يعمل بقيته من الغد. أرأيت إن فرغ من العمل نصف النهار أله أن يستعمله ما بقي من اليوم في عمل آخر. ألا ترى أن الأجر قد وقع على اليوم وعلى العمل. فلذلك فسد. وقال أبو يوسف ومحمد: أستحسن هذا وأجيزه، وأجعله على العمل دون اليوم. فإن فرغ منه نصف النهار فله الأجر كاملاً، ولا يستعمله بقية يومه ذلك في شيء. وإن لم يفرغ منه يومه ذلك فعليه أن يعمل منه ما بقي (¬5) في غد حتى يفرغ منه، إنما الإجارة على هذا العمل أجلاً ووقتاً، وليست عليه الإجارة. ألا ترى لو أن رجلاً استأجر رجلاً على أن يعمل له هذا العمل بدرهم وشرط عليه أن يفرغ منه اليوم فإن هذا جائز. وكذلك الباب الأول. ولو استأجر رجل من رجل دابة من الكوفة إلى بغداد ثلاثة أيام بأجر مسمى كان هذا فاسداً لا ¬

_ (¬1) وذلك للشيوع والجهالة، حيث لا يدرى الموضع الذي يمر فيه أو يسكنه لكنه يجوز عند أبي يوسف ومحمد لأن ذلك معلوم عرفاً. انظر: المبسوط، 16/ 43. (¬2) روح أي: الريح هي التي تهب. انظر: المغرب، "روح". (¬3) ت - اليوم؛ صح هـ. (¬4) م: أو جباره. والكلمة مهملة في ف. والنقط من الكافي، 1/ 214 و. (¬5) ص + منه.

يجوز في قياس قول أبي حنيفة، وهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك الرجل يستأجر رجلاً ينقل له طعاماً من موضع إلى موضع اليوم إلى الليل بأجر مسمى فهو مثل ذلك في القولين جميعاً. وإذا استأجر الرجل أجيراً شهراً في عمل معلوم أو دابة شهراً يعمل عليها شيئاً معلوماً بثوب قد سمى طوله وعرضه ورقعته وأجله وجنسه فهو جائز. وإن ترك شيئاً من ذلك ولم يسمه فهو فاسد لا يجوز. وإذا استأجر الرجل عبداً شهراً بأجر مسمى على أنه إن مرض فعليه أن يعمل بقدر الأيام التي مرض في الشهر الداخل فإن هذا فاسد لا يجوز، وهذا ينقض الإجارة، وأيهما ما اشترط هذا (¬1) فالإجارة منتقضة، وهو سواء لذلك الشرط. وإذا استأجر بيتاً شهراً بعشرة على أنه إن سكنه (¬2) يوماً ثم خرج فعليه عشرة دراهم فإن أبا حنيفة قال: هذا فاسد. وكذلك الرجل يستأجر الدابة بعشرة دراهم (¬3) إلى بغداد على أنه إن بلغ قرية سالحين (¬4) ثم بدا له أن يرجع فعليه الأجر كله فإن هذا فاسد لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل دابة يحمل عليها حملاً مسمى بأجر معلوم إلى موضع معلوم، وعلى أنه إن حمل عليها كذا كذا لحِمل آخر غير ذلك الحِمل إلى ذلك المكان فأجرها كذا كذا، ولم يحمل الحمل (¬5) الأول، فعليه من الأجر كذا وكذا، فإن هذا فاسد لا ¬

_ (¬1) ص: ذلك. (¬2) ص: إن سكن. (¬3) م ص: الدراهم. (¬4) م ص ب: شاهين. والكلمة مهملة في ف. وقال الحاكم والسرخسي: قرية كذا. انظر: الكافي، 1/ 214 و؛ والمبسوط، 16/ 45. والسالحون والسالحين موضع على أربعة فراسخ من بغداد إلى المغرب. انظر: المغرب، "سلح". وقد مر اسم سالحين في الكتاب قريبا عدة مرالد انظر: 2/ 160 و، 160 ظ، 163 ظ. (¬5) ف - الحمل.

يجوز؛ لأنه لم يأخذها على واحد من الحملين، في قوله الأول. وهو جائز في قوله الآخر. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل أرضاً ليزرعها حنطة (¬1) بخمسين درهماً فإن زرعها سمسماً فأجرها مائة درهم فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأنها إجارتان. أرأيت لو استأجر بيتاً على أن يسكنه بدرهم في الشهر، فإن نصب فيه رحى فأجره درهمان في ذلك الشهر، أليس (¬2) يكون هذا فاسداً في قوله الأول. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة بعد: هو جائز، في قوله الآخر. وكذلك لو أخذ أرضاً مزارعة بالنصف على أن يزرعها حنطة، فإن زرعها (¬3) شعيراً فأجرها خمسون درهماً، فإن هذا فاسد في قول أبي حنيفة الأول وأبي يوسف ومحمد. وكذلك إن اشترط (¬4) إن يزرعها (¬5) شعيراً فهي بالثلث فهو (¬6) فاسد في قول أبي حنيفة. رجل تكارى من رجل نصف منزل غير مقسوم، ونصفاً (¬7) هو فيه ساكن، لم يبين لصاحبه (¬8) نصفه من النصف الآخر، ولم يبين أن يسكن في مقدم البيت أو مؤخره، قال: أما أبو حنيفة فإنه قال: الإجارة فاسدة لا تجوز؛ مِن قِبَل أنه غير مقسوم. وأما أبو يوسف ومحمد فقالا: هو جائز يتهايآن فيه. رجل له منزل نازل فيه فأجر رجلاً نصفه وقال: اسكن معي فيه، ولم يبين أين (¬9) يكون من البيت، فنزل المستأجر مكاناً من البيت، فقال رب البيت: لا أرضى أن تنزل هذا، بعدما قد نزله شهراً واستأجر منه سنة، قال (¬10): هذا فاسد ¬

_ (¬1) ص - حنطة. (¬2) م + كان؛ ص: كان. (¬3) ص - حنطة فإن زرعها. (¬4) ص: لو اشترط. (¬5) ف: إن زرعها. (¬6) ص ف: وهو. (¬7) ص: ونصف. (¬8) ص: صاحبه. (¬9) ف: أن. (¬10) ص: فإن.

في قول أبي حنيفة. وإن نزل شهراً فعليه (¬1) أجر مثله. وأما أبو يوسف ومحمد فقالا: هو جائز، ويتهايأ رب المنزل والمستأجر في المنزل. رجل استأجر من رجل داراً سنة على أن يجعل أجرها أن يكسوه هل تجوز الإجارة؟ أرأيت إن قال: أكسوك ثلاثة أثواب ولم يسم من أي جنس هي؟ أرأيت إن ذكر أجناسها؟ وما غاية الكسوة عندك وقد سكنها شهراً؟ قال: الإجارة فاسدة في قياس (¬2) قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. فإن سكنها كان عليه أجر مثلها. رجل استأجر داراً سنة على أن أجرها أن يعمل معه سنة أو شهراً، فسكنها هذا، هل تجوز الإجارة على هذا؟ أرأيت إن قال صاحب الدار: (¬3) أؤاجرك هذه الدار سنة وأجرها أن تؤذن لنا في المسجد سنتين (¬4) أو تقوم بنا في رمضان أو تؤمنا في مسجدنا (¬5) هذا، فوقعت الإجارة على هذا، هل تجوز؟ قال: الإجارة بالأذان والصلاة فاسدة في قول أبي حنيفة. وإن سكن الدار فعليه أجر مثلها، ولا أجر له في الأذان والصلاة. وإن استأجرها بأن يخدمه شهراً أو سنة فوقعت الإجارة على هذا فالإجارة جائزة في قول أبي حنيفة (¬6) وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى دابة عشرة أيام كل يوم بدرهم، فحبسها عشرة أيام، فلم يركبها فردها اليوم (¬7) العاشر، وقد علم بذلك رب الدابة، أيسعه أن يأخذ كراءها وهو يعلم أن دابته لم تركب، أو هل يقضى له بشيء؟ أرأيت إن تكاراها كل يوم بدرهم (¬8) فحبسها شهراً ثم جاء بها ليردها (¬9) كم يكون له من الأجر؟ ¬

_ (¬1) م ص+ أجر شهر. (¬2) ص - قياس. (¬3) م ص ف: الدابة. (¬4) ف: سنين. (¬5) م: في مسجد. (¬6) ص - أبي حنيفة. (¬7) م ص: يوم. (¬8) ف - بدرهم. (¬9) ف - ليردها.

قال: يأخذ منه لكل يوم درهماً كما تكاراها في القضاء، ويسعه أن يأخذ أجر الدابة وإن كان يعلم أنه لم يركبها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى دابة من رجل إلى بغداد على أن يعطيه المستكري دابة يعمل عليها فوقع الكراء على هذا هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن نفقت الدابة الذاهبة إلى بغداد أو نفقت هذه الدابة الأخرى كيف القول في ذلك؟ قال: الإجارة فاسدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وعليه أجر مثلها. رجل تكارى دابة بِرْذَوْناً أو فرساً يَعْتَرِض (¬1) عليه فإن جاز فله عشرة دراهم، وإن لم يجز فله خمسة دراهم، فوقع الكراء على هذا، هل يجوز الكراء، وكيف إن نفقت الدابة أو أخذه السلطان حيث علم أنه استأجرها؟ قال: الإجارة فاسدة، وعليه أجر مثلها إذا ركبها ليَعْتَرِض (¬2) عليها، ولا ضمان عليه (¬3) في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى بغلاً أو برذوناً أو حماراً على أن كلما ركب الأمير ركبه معه أو كلما ركب فلان ركب (¬4) معه، فوقع الكراء على هذا، هل يجوز ذلك؟ أرأيت (¬5) إن ركبه على هذا الشرط فعطبت الدابة ما القول فيه؟ قال: الإجارة فاسدة، وعليه في كل (¬6) ركبة ركبها أجر مثلها في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، ولا ضمان عليه في شيء من ذلك. رجل تكارى دابة (¬7) إلى بغداد بخمسة دراهم على أن العلف عليه هل ¬

_ (¬1) ف: يعرض. ومنه قولهم: "اعترض الجند للعارض" أي: عرضوا أنفسهم عليه لينظر إليهم. انظر: المغرب، "عرض"؛ ولسان العرب، "عرض". (¬2) ف: ليعرض. (¬3) ص: عليها. (¬4) ف - فلان ركب. (¬5) ص - أرأيت. (¬6) ف - كل. (¬7) ص - دابة.

يجوز الكراء على هذا؟ وإن جاء فردها دَبِرَة (¬1) عجفاء هل يضمن؟ فإن ضمن فما (¬2) يضمن؟ قيمتها يوم تكاراها أو يوم جاء بها؟ قال: الإجارة على هذا فاسدة، وعليه أجر مثلها، ولا ضمان عليه فيها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى دابة من رجل إلى بغداد على إن رزقه الله شيئاً من بغداد أعطاه، أو رزقه الله تعالى من رجل سماه رزقاً أعطاه (¬3) من ذلك شيئاً، فوقع الكراء على ذلك وركبها فعطبت الدابة أو لم تعطب؟ قال: الإجارة على هذا فاسدة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وعليه أجر مثلها إن كان ركبها. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا استأجر الرجل خبازاً يخبز له يوماً إلى الليل فالإجارة جائزة. رجل تكارى دابة إلى البصرة أو إلى واسط أو إلى بغداد وجعل أجرها علفها حتى يردها هل يجوز هذا الكراء؟ أرأيت إن ركبها فعطبت الدابة فقال صاحب الدابة: إنما نفقت لأنك لم تعلفها ولم تقم عليها، وقال المستكري: بل قد كنت أعلفها وأحسن القيام عليها، بقول من يؤخذ؟ قال: الإجارة في هذا (¬4) فاسدة، وعليه أجر مثله فيما سار، ولا يصدق فيما قال من العلف إلا أن تقوم بينة، ولا ضمان عليه في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى دابة من رجل وجعل كراءها على أن أعطاه دابة يركبها، ¬

_ (¬1) الدَّبَرَة بالتحريك: قرحة الدابة والبعير. والجمع دَبَر وأدبار، مثل شجرة وشجر وأشجار. ودَبِرَ البعير بالكسر يَدْبَر دَبَراً فهو دَبِر وأدبر، والأنثى دَبِرَة انظر: لسان العرب، "دبر". (¬2) ف - فما؛ ص: فبما. (¬3) ف: فأعطاه. (¬4) ف - في هذا؛ صح هـ.

باب إجارة حفر العيون والآبار وما أشبهه

فصار أجر كل دابة ركوب الأخرى، ووقع الكراء على هذا، هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن نفقت (¬1) إحدى الدابتين قبل أن يصل إلى المكان الذي تكاراها إليه هل على صاحب الدابة أن يستأجر له دابة أخرى يركبها؟ قال: الإجارة على هذا فاسدة، ولكل دابة أجر مثلها على الذي ركبها في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. رجل تكارى دابة من رجل بالكوفة إلى بغداد بخمسة دراهم، إن بلغته (¬2) وإلا فلا شيء له، أرأيت إن قال: إن (¬3) بلغت (¬4) إلى بغداد على هذه الدابة فلك عشرة دراهم، وإلا فلا شيء لك، فوقع الكراء على هذا وركبها فلم تبلغه ونفقت الدابة أو لم تنفق، هل له (¬5) أجر على هذا؟ قال: عليه أجر مثلها بقدر ما سار عليها؛ لأن الإجارة كانت فاسدة على هذا الشرط في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب إجارة حفر العيون والآبار وما أشبهه وإذا استأجر الرجل حفاراً ليحفر له بئراً في داره ولم يسم له البئر (¬6) ولم يصفها فإن هذا فاسد لا يجوز؛ لأنه لم يسمها. ولو سمى عشرة أذرع في الأرض وما يدير بها (¬7) كذا وكذا (¬8) ذراعاً بأجر مسمى أجزت ذلك. فإن حفر ثلاثة أذرع ثم وجد جبلاً أشد عملاً وأشد مئونة وأراد ترك ذلك فليس له ذلك، ويجبر على الحفر إذا كان يطاق. أرأيت لو وجد رملاً أهون له من ¬

_ (¬1) ف: إن أنفقت. (¬2) ص: إن بلغه. (¬3) م - إن. (¬4) ص: إن بلغتني. (¬5) م ص - له. (¬6) م ص: يسم البدن. (¬7) أي: عمقها وقطرها. وعبارة ب: اشترط أن يسمي ذرع عمقها وذرع دورها. (¬8) م ص: كذا كذا.

وجه الأرض مئونة أكان لصاحب الأرض أن يناقضه. فكذلك الجبل. ولو كان شرط عليه أن كل ذراع في سَهلةٍ (¬1) أوطين بدرهم، وكل ذراع في جبل بدرهمين، وكل ذراع في الماء بدرهمين، وسمى طول البئر عشرين (¬2) ذراعاً، فهو جائز كما شرط. ولو استأجره ليحفر له بئراً في عشرة أذرع في جبلٍ مروةٍ (¬3) فحفر ذراعاً ثم استقبله جبل صفا أصم فإن كان ذلك (¬4) يطاق عمله وحفره فهو عليه. وإن كان لا يطاق فله أن يترك الإجارة ويكون له بحساب حفره. وكذلك (¬5) النهر والقناة وكل حَفِيرَة (¬6) والسِّرْداب (¬7) والبالوعة. وإذا ظهر الماء في البئر قبل أن يبلغ المنتهى الذي شرط عليه فإن كان مما لا يستطيع أن يحفر معه فهذا عذر، وله أن يترك الحفر. وإن كان يستطيع الحفر معه فإني أجبره على الحفر. وإذا استأجر الرجل رجلاً يحفر له بئراً في داره بأجر معلوم وذرع معلوم فحفرها ثم انهارت قبل أن يفرغ منها فإن له من الأجر بحساب ذلك؛ مِن قِبَل أنه حفرها في ملك ربها. وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو كان حفرها كلها كان له الأجر كاملاً. وكذلك إذا كانت في فنائه. ولو كانت بئر ماء فشرط عليه مع حفرها طَيَّها بالآجُرِّ والجص فعملها وفرغ منها ثم انهارت فإن له الأجر كاملاً. وإن انهارت قبل أن يطويها فإن ¬

_ (¬1) يقال: أرض سهلة. انظر: المصباح المنير، "سهل". (¬2) م ص: عشر. (¬3) قال المطرزي بعد أن ذكر عبارة المؤلف: الجبل قد يجعل عبارة عن الصلابة وإن لم يكن جبلاً، وأريد هنا الحجر لأنه منه، وإِنما وصف بالمروة والصفا لتضمنهما معنى الرقة والصلابة. انظر: المغرب، "جبل". (¬4) م - ذلك. (¬5) ص: وكذ. (¬6) ص: حفير. الحفيرة والحفرة بمعنى واحد. انظر: المغرب، "حفر". (¬7) السرداب بالكسر: بناء تحت الأرض للصيف، معرَّب. انظر: القاموس المحيط، "سرب".

عليه من الأجر بحساب ذلك. ولو استأجره أن يحفرها في الجبّانة (¬1) في غير فنائه ولا ملكه فحفرها فانهارت فلا أجر له حتى يسلمها إلى صاحبها. أرأيت لو استأجره يحفر قبراً فحفره ثم دفن فيه إنسان (¬2) آخر ولم يأت المستأجر بجنازته أكان يكون على المستأجر الأجر. لا أجر عليه في شيء من ذلك. فلو جاء المستأجر فخلى الأجير بينه وبين القبر فانهارت بعد ذلك أو دفن فيه إنسان (¬3) آخر فللأجير الأجر كاملاً. وإن لم يكن الأمر على ذلك ودفن (¬4) فيه المستأجر ميتة ثم قال للأجير: احث عليه التراب، فأبى الأجير، فإن القياس أن لا يحثو عليه التراب، ولكني أنظر إلى ما يصنع أهل تلك البلاد. فإن كان الأجير هو الذي يحثو (¬5) التراب جَبَرْتُه (¬6) على ذلك. وكذلك يُعمَل بالكوفة. وإن كان الأجير لا يحثو عليه التراب في تلك البلاد فإني لا أجبره. وإن أراد أهل الميت أن يكون الأجير هو يضع الميت في لحده وأن ينصب عليه اللبن فأبى الأجير فليس يجبر على ذلك؛ لأن هذا ليس من عمل الأجير. وإن وصف له موضعاً يحفر فيه فحفر في غيره فليس له أجر. فإن دفنوا في حفرته ولم يعلموا فله الأجر. وإن وصفوا له موضعاً فحفر فيه فوافق (¬7) جبلاً هو أشد من وجه الأرض فحفر حتى فرغ فليس (¬8) يزاد على أجره (¬9) شيئاً. ¬

_ (¬1) الجبّانة: المصلى العام في الصحراء، وربما أطلقت على المقبرة لأن المصلى غالباً تكون في المقبرة. انظر: المغرب، "جبن"؛ والمصباح المنير، "جبن". (¬2) ف: إنساناً. (¬3) ف: إنساناً. (¬4) م - ودفن (مخروم). (¬5) ص+ عليه. (¬6) جبر وأجبر بمعنى واحد. وقد استضعف المطرزي هذه اللغة، لكن ذكر غيره أنها لغة جيدة. انظر: المغرب، "جبر"؛ والمصباح المنير، "جبر". (¬7) م ص ف: فوافوا. وعبارة ب: فوجد. والتصحيح من الكافي، 1/ 214 ظ. (¬8) م ص: وليس. (¬9) ص: على آخره.

وإن استأجر بالكوفة رجلاً (¬1) يحفر له قبراً ولم يبيِّن له في أي موضع يحفره فإني أستحسن إذا حفره في الجَبَّانة التي يدفن فيها أهل ذلك الموضع أن يجعل له الأجر. وإن حفر في غير تلك الناحية فلا أجر له إلا أن يدفنه في حفرته. فإن أرادوه على تطيين القبر أو تجصيصه فليس ذلك عليه. وإن استأجروه ليحفر لهم القبر ولم يسموا له طوله ولا عرضه ولا عمقه في الأرض فإنه فاسد في القياس، ولكني أستحسن فأجيزه، وآخذه بوسط ما يعمل الناس. فإذا وصفوا له موضعاً فوجد وجه الأرض ليناً فلما حفر ذراعاً وجد جبلاً فأبى أن يحفر (¬2) فإني أجبره على أن يحفر إذا كان مثل ما يحفر الناس. فإن وجد جبلاً لا يحفر لم أجبره (¬3). ولو استأجره (¬4) على أن يحفر له قبراً ولم يسم له لحداً ولا شقًّا فلحد لحداً فقالوا: كنا نريد الشق، فإن كان بالكوفة فهو على اللحد؛ لأن عُظْمَ عملهم على ذلك. وإن كان في بلدة عُظْمُ عملهم على الشق فهو على الشق. وإذا استأجر الرجل رجلاً ليكري (¬5) له نهراً (¬6) أو قناة فأراه (¬7) مفتحها ومصبها (¬8) وأراه عرضها وسمى له كم يمكّن لها في الأرض فهذا جائز. وإن شرط طَيَّها بالآجُرّ والجص وأن يكون ذلك من عند الأجير فهذا فاسد لا يجوز؛ مِن قِبَل أنه مجهول، ومِن قِبَل أن فيه شراء الآجر والجص، فهذا شراء ما ليس عنده. فإن شرط أن الآجر والجص (¬9) من عند رب القناة ولم يسم عدد الآجر فإنه فاسد في القياس، ولكني أستحسن وأجيز (¬10) من ذلك على ما يعمل الناس. وإن سمى عدد الآجر وكيل الجص وعرض الطي وطوله في السماء فهو أوثق وأجود. وإن سمى عرضه وطوله في السماء ولم ¬

_ (¬1) م ص - رجلا. (¬2) ص - فأبى أن يحفر. (¬3) ص: لم يجبره. (¬4) ص: استأجر. (¬5) كري النهر حفره. انظر: المغرب، "كري". (¬6) ف: نهارا. (¬7) ص: فأراد. (¬8) م: أو مصبها. (¬9) ص - فهذا شراء ما ليس عنده فإن شرط أن الآجر والجص. (¬10) م: وأجيزه.

يسم عدد الآجر والجص فهو جائز. ألا ترى أن الرجل يستأجر الرجل بالكوفة ليحفر له البئر ويطويها فأجيز ذلك وإن لم يسم عدد الآجر. وإذا استأجر الرجل قوماً يحفرون سرداباً فإنه لا يجوز حتى يسمي طوله وعرضه وقعره في الأرض. فإذا سمى ذلك فهو جائز. فإن عمل بعضهم أكثر مما عمل بعض فإن الأجر بينهم على عدد الرؤوس بعد أن يعملوا جميعاً ويشتركوا في ذلك. فإن لم يعمل واحد منهم شيئاً لمرض أو عذر فإن كان شريكاً لهم في الأصل فله الأجر معهم. وإن لم تكن بينهم شركة (¬1) فلا أجر له، ويرفع عنه من الأجر بحصته، ويكون عملهم في حصته تطوعاً. وهذا في قياس قول أبي حنيفة. وكذلك البئر. وكذلك القناة (¬2). رجل تكارى رجلاً ليحفر له بئراً عشرة أذرع طولاً معلوماً في عرض معلوم بعشرة دراهم، فدفعها إلى الحفار، وزعم الحفار أنه دفعها إليه على أن يحفرها خمسة أذرع طولاً في عرض معروف، وليس لواحد منهم بينة، فإن كان لم يعمل شيئاً فإنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه. فإن (¬3) حلفا تتاركا الإجارة. وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه. فإن كان قد حفر خمسة أذرع فالقول قول المستأجر مع يمينه، يعطيه من الأجر بحساب ما قال، ويحلف الأجير (¬4) على دعوى المستأجر، ويتتاركان فيما بقي. وإذا قال: احفر لي هذا المكان عشرة أذرع في ذراعين، فهو جائز. فإن حفر فانتهى إلى جبل (¬5) لا يطاق فالأجير بالخيار، إن شاء حفر، وإن شاء لم يحفر. وإن كان المستأجر سمى له جبلاً فهو جائز. وهذا على قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ص - شركة. (¬2) ف: البنا. (¬3) م ص: وإن. (¬4) ف: الآخر. (¬5) م: إلى الجبل.

باب كتابة إجارة البناء والتجصيص والتطيين وعمل الجصاص وعمل الرهص وشبهه والآجر والجص

باب كتابة إجارة البناء والتجصيص والتطيين (¬1) وعمل الجصاص وعمل الرِّهْص (¬2) وشبهه والآجر والجص وإذا استأجر رجل رجلاً يبني له حائطاً بالجص والآجر فأعلمه طوله وعرضه وارتفاعه في السماء وسمى الأجر فهو جائز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولو سمى كذا كذا ألف آجرة من هذا الآجر، وكذا كذا كُرًّا (¬3) من جص، ولم يسم الطول والعرض، فإنه في القياس فاسد، ولكني أجيزه. ولو سمى مع ذلك الطول والعرض كان أجود. ولو سمى كذا كذا (¬4) آجرة أو لبنة ولم يسم المِلْبَن (¬5) ولم يره إياه كان فاسداً. غير أني أنظر، فإن كان آجر ذلك البلد واحداً ولبنهم (¬6) واحداً جَبَرْتُه (¬7) عليه وأجزته. ولو كان مختلفاً أفسدته. وإذا استأجر الرجل بناءً ليبني له داراً بالأساس والسراديب والسفل والعلو بالطاقات والأساطين والحيطان على مثل ما يبنى بالكوفة، وكل ألف آجرة وأربعة أكرار جص بكذا كذا، فإن هذا فاسد في القياس؛ لأن السفل والأساس أهون من العلو والطاقات وأشد (¬8) من الحائط والمستطيل (¬9). ولكني أدع القياس وأجيزه عليه، وأجعل الزنابيل (¬10) والدلاء ¬

_ (¬1) ف - والتطيين. (¬2) الرِّهْص هو أسفل عَرَق في الحائط، ويسمى الذي يعمله الرهَّاص. والعَرَق كل صف من اللَّبِن والآجُرّ في الحائط. انظر: المغرب، "رهص". والقاموس المحيط، "عرق". (¬3) نوع من الأكيال، كما تقدم. (¬4) ف + كذا. (¬5) ص: اللبن. الملبن أداة اللبن. انظر: المغرب، "لبن". (¬6) ص: ولبنه. (¬7) جبر بمعنى أجبر، كما تقدم. (¬8) ص: أشد. (¬9) ص: المستطيل. (¬10) جمع الزِّنبيل هو المِكتل بكسر الميم، وهو ما يُعمل من الخُوص يحمل فيه التمر وغيره. انظر: المصباح المنير، "زبل".

وآنية الماء على رب الدار، ولا طعام عليه في شيء من هذه الإجارة. وإذا اشترط رب الدار (¬1) الزِّنبيل (¬2) والدلاء وآنية الماء على المتقبِّل فهو عليه. وأما الماء فهو على رب الدار، وعلى المتقبل أن يسقيه إن كانت في الدار بئر (¬3). وكذلك إن كانت البئر قريبة منها ما لم تكن بعيدة متفاوتة. والمَرّ (¬4) على المتقبل. وإنما اختلفت المَرّ (¬5) والزنبيل (¬6) لأن عمل الناس بالكوفة على ذلك. وإذا تكارى رجل رجلاً يوماً إلى الليل يبني له بالجص والآجُرّ فهو جائز، ويعمل يومه ذلك من حين صلى الغداة إلى غروب الشمس؛ لأنه تكاراه يوماً فله ذلك. والعمال بالكوفة إنما يعملون إلى العصر، وليس لهم ذلك إلا أن يشترطوا به. ولو اشترط رب الدار على البناء وضع الجذوع والحَرَادِيّ (¬7) وكَبْس (¬8) السطوح وتطيينها وسمى الكَبْس وقَدْر التطيين فهو جائز. ¬

_ (¬1) م + ولا طعام عليه في شيء من هذه الإجارة وإذا اشترط رب الدار. (¬2) م: الزنبل. (¬3) ف - بئر. (¬4) م ف ص ب: والمرور. وكذلك في الكافي، 1/ 215 و. لكن صححه في هامش الكافي. وحُرفت عبارة السرخسي إلى: المرء. انظر: المبسوط، 16/ 51. والمَرّ هو الحبل، والمِسْحاة، أو مقبضها. والمَرِيرَة والمِرَار والمُمَرّ والمَرّ بمعنى الحبل الذي أجيد فَتْله. انظر: لسان العرب، "مرر". ولعل المقصود هنا المسحاة، فقد فسر المطرزي المَرّ بأنه الذي يُعمل به في الطين. انظر: المغرب، "مرر". (¬5) ص: المرور. (¬6) م: والزنبل. (¬7) الحَرَادِيّ ما يلقى على خشب السقف من أطنان القصب. الواحد: حُرْدِيّ. انظر: المغرب، "حرد". (¬8) م ف: وكنس. والتصحيح من الكافي، 1/ 215 و. كبس النهر فانكبس، وكذا كل حفرة، إذا طَمَّها أي: ملأها بالتراب ودفنها. وقوله: "ليس عليه وضع الجذوع وكبس السطوح وتطيينها" يعني به إلقاء التراب على السطح وتسويته عليه قبل أن يطيّن، مستعار من الأول. انظر: المغرب، "كبس".

باب إجارة الرقيق في الخدمة وسائر الأعمال

وإذا استأجر رجلاً يبني له باللبن وسمى له ذلك كله فإنه جائز، وعلى (¬1) البنّاء بلّ الطين ونقله إلى الحائط. إلا أن يكون مكاناً بعيداً فيكون بالخيار إذا علم ذلك. فإن كان قد أراه المكان فلا خيار له. وإذا استأجر الرجل رجلاً يبني له حائطاً بالرِّهْص (¬2) وشرط عليه الطول والعرض والرفع في السماء فهو جائز. ... باب إجارة الرقيق في الخدمة وسائر الأعمال وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة كل شهر بأجر مسمى فإن أبا حنيفة قال: هذا جائز. وإن أراد المستأجر أن يستخدمه بالليل والنهار فإن أبا حنيفة قال: يستخدمه من السحر إلى بعد العشاء الآخرة وإلى أن ينام الناس، وإنما يخدمه كما يخدم الناس. وقال أبو حنيفة: أكره أن يستأجر الرجل امرأة حرة يستخدمها يخلو ما. وكذلك الأمة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. فإن فعل ذلك فهو (¬3) جائز في القضاء، وهو مكروه لهما جميعاً. وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل العبد كل شهر بأجر مسمى فأراد العبد أن يتعجل الأجر وأبى ذلك المستأجر فإن أبا حنيفة قال في هذا: لا يأخذ الأجر حتى يستكمل الشهر. ثم رجع عن ذلك بعد فقال: يأخذ يوماً بيوم. وقوله الآخر قول أبي يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إذا أراد الرجل أن يدفع عبداً له إلى حائك يعلمه ¬

_ (¬1) ص: على. (¬2) تقدم تفسيره قريباً. (¬3) ف: وهو.

النسج فإن اشترط عليه أن يحذّقه (¬1) في ثلاثة أشهر بكذا وكذا (¬2) أو لم يجعل لذلك أجلاً فإن أبا حنيفة قال في ذلك: هو فاسد لا يجوز؛ لأن الحِذْق (¬3) ليس يكون مِن قِبَل الأستاذ المعلم، إنما يكون من قبل (¬4) المتعلم، ولا يعلم أيكون ذلك أم لا. وقال: إن دفعه إليه أشهراً مسماة يقوم عليه في تعليم النسج على أن يعطي (¬5) المولى الأستاذ كل شهر شيئاً مسمى فهذا جائز. وقال أيضاً: إن كان الأستاذ هو الذي شرط للمولى أن يعطيه كل شهر شيئاً مسمى ويقوم على غلامه في تعليم ذلك فهو جائز. وقال: إن دفعه إليه عشرة أشهر ثلاثة أشهر منها برزقه وسبعة أشهر منها بأجر مسمى مع رزقه ويقوم عليه في ذلك في تعليمه فإن أبا حنيفة قال في هذا: هو فاسد مِن قِبَل الرزق؛ لأنه مجهول لا يعرف. وقال أبو حنيفة: يقوّم رزقه كل شهر بشيء مسمى كم يكون ثم يجعله (¬6) دراهم، فيشترط ذلك عليه في الشهور الأولى (¬7) كل شهر بذلك (¬8)، وفي الشهور الأخيرة (¬9) يشترط ذلك مع الأجر (¬10)، فإذا فعل ذلك فهو جائز. وكذلك لو اشترط مكان الدراهم دقيقاً معلوماً بكيل معروف وصفة معروفة فهو جائز. فإن جعل عدداً من الخبز لم يجز؛ لأنه مجهول لا يعرف. وكذلك الأعمال كلها والصياغة والقصارة والخياطة وعمل الأساكفة (¬11) والسروج وكل عمل يعمله عامل بيده فهو مثل هذا أيضاً. وكذلك تعليم الخبز والطبخ. وقال أبو حنيفة: إذا دفع رجل غلاماً إلى عامل ليعلمه على أن رزق الغلام على مولاه، وعلى أن الأجر على رب الغلام كل شهر بشيء مسمى، ¬

_ (¬1) م ص ف: ان حذقه. (¬2) م - وكذا؛ ص: بكذا كذا. (¬3) م: الحذاق. (¬4) م - قبل. (¬5) م ف: أن أعطى؛ ص: أن أعطاه. (¬6) م ص: كم يجعله. (¬7) ص: الأول. (¬8) ص - بذلك. (¬9) م: الآخرة؛ ص: الأخر. (¬10) م: مع الآخر. (¬11) الإسكاف: الخفّاف. وقيل: الإسكاف كل صانع سوى الخفّاف، فإنه الأَسْكَف. وقيل: الإسكاف النجار وكل صانع بحديدة. انظر: القاموس المحيط، "سكف".

فدفعه (¬1) إلى العامل، ولم يشترط عليه التحذيق، وشرط عليه أن يقوم عليه في تعليمه ويعلمه فهو جائز. وكذلك هذا الباب في تعليم الكتاب والخط والحساب والهجاء في الحروف فهو جائز مستقيم. وإذا أراد الرجل أن يدفع عبده إلى عامل بأجر مسمى سنة فأراد رب العبد أن يستوثق من الأستاذ فإن أبا حنيفة قال في هذا: يؤاجره الشهر الأول بجميع الأجر إلا درهماً، ويؤاجره بقية السنة بذلك الدرهم. فإن انقضت الإجارة بموت أو مرض أو علة بعد الشهر الأول وجب له الأجر (¬2) كله إلا ذلك الدرهم. وقال أبو حنيفة: إذا أراد الأستاذ أن يستوثق جعل (¬3) السنة كلها إلا الشهر (¬4) الآخر بدرهم، والشهر الآخر ببقية الأجر. وقال أبو يوسف ومحمد مثل ذلك. وقالا: يخالف بين الأجرين أحب إلينا، فيجعل (¬5) أحدهما ديناراً أو دنانير، والآخر فضة، أو يجعل (¬6) أحدهما حنطة حتى يكونا مختلفين. وإنما يحتاط (¬7) في هذا ويخالف (¬8) بين الأجرين لجهل الحاكم لئلا يجعلها إجارة واحدة. وإذا دفع رجل غلاماً إلى رجل عامل ليعلمه عملاً ولم يشترط واحد منهما على (¬9) صاحبه أجراً ودفعه على وجه الإجارة وعلمه، فلما علم ذلك العمل قال الأستاذ: لي الأجر على رب العبد، وقال رب العبد: لي الأجر على الأستاذ، فإني أنظر في ذلك العمل إلى ما يصنع أهل تلك البلاد، فإن كان المولى هو الذي يعطي الأجر جعلت على المولى أجر مثله للأستاذ، فإن كان الأستاذ هو الذي يعطي الأجر على ذلك جعلت على الأستاذ أجر مثله للمولى. ¬

_ (¬1) ص ف: يدفعه. (¬2) ص: الشهر. (¬3) م: يجهل. (¬4) م ص: إلى الشهر. (¬5) ص: فنجعل. (¬6) ص: أو نجعل. (¬7) ص: وإنا نحتاط. (¬8) ص: ونخالف. (¬9) م ص ف + دعوى. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 215 و.

وقال أبو حنيفة: إذا استأجر الرجل غلاماً في عمل مسمى كل شهر بأجر مسمى (¬1) فهو جائز، وهذا على (¬2) شهر واحد وعلى كل شهر يستعمله فيه. وقال أبو حنيفة: إذا دخل من الشهر الثاني يوم واحد فاستعمله فيه فقد لزمته الإجارة في ذلك الشهر، وليس له أن يخرجه إلا من عذر. وكذلك البيت والحيوان كله. وإذا استأجر الرجل عبداً فأبق فأراد المستأجر أن يفسخ الإجارة فله ذلك. وإن لم يفسخها حتى ظفروا بالعبد فإنه يلزم المستأجر فيما بقي من الإجارة بحساب ذلك. وإذا استأجر الرجل عبداً شهرين شهراً بخمسة وشهراً بستة فإن أبا حنيفة قال: هذا جائز، والشهر الأول بخمسة، والشهر الثاني بستة؛ لأنه سمى الخمسة أولاً. ولو كان سمى الستة أولاً كان الشهر الأول بستة (¬3). وإذا استأجر الرجل عبداً شهرين بدرهم وشهراً بخمسة فالشهران الأولان بدرهم والشهر الثالث بخمسة. وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة بالكوفة كل شهر بأجر مسمى فليس له أن يسافر به. وإن سافر به فهو ضامن ولا أجر عليه. وإذا استأجره للخياطة فاستعمله في غير ذلك فهو ضامن ولا أجر عليه. وكذلك كل عمل (¬4) يستأجره له فيستعمله في غيره فهو ضامن ولا أجر عليه. ولو استأجره بالكوفة ليستخدمه كل شهر بأجر مسمى ولم يشترط الخدمة بالكوفة ولا بغيرها فإن الخدمة بالكوفة، وليس له أن يسافر به بغير إذن مولاه. [فإن سافر به بغير إذن مولاه] (¬5) فهو ضامن ولا أجر عليه. ¬

_ (¬1) ص - كل شهر بأجر مسمى. (¬2) ف: وعلى هذا. (¬3) م ص: ستة. (¬4) م: كل عامل. (¬5) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 1/ 215 و.

فإن ضرب المستأجر العبد فليس له ذلك إلا أن يأذن له صاحبه رب العبد. فإن ضربه بغير أمر (¬1) صاحبه فعطب فهو ضامن. وإن دفع الأجر عند غرة الشهر إلى العبد فإن كان المولى هو الذي أجره لم يبرأ (¬2) من الأجر. وإن كان العبد هو أجر نفسه فهو بريء من الأجر. وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة كل شهر بأجر مسمى فأمره أن يغسل ثوبه أو يخيط له ثوباً أو يخبز له وهو يحسن (¬3) ذلك أو يعلف الدابة أو يستقي له ماء من بئر أو ينزل (¬4) بمتاعه من ظهر بيت أو يرقيه أو يحلب شاة (¬5) فإن ذلك كله له. وكل شيء من خدمة البيت فله أن يكلفه ذلك، وليس له أن يقعده خياطاً ولا حواكاً (¬6) ولا قصاراً ولا صائغاً (¬7) ولا إسكافاً ولا في عمل الرحى وإن كان حاذقاً بذلك؛ لأنه إنما استأجره للخدمة، فهذا ليس من الخدمة. فإن كلفه خياطة شيء يسير في بيته كما يخيط الخادم فله ذلك. وإن كلفه أن يستقي كما يستقي الخادم فله ذلك. وإذا استأجر الرجل عبداً بخمسة دراهم كل شهر ولم يذكر طعاماً فإنه ليس على المستأجر طعام. وإن أطعمه الشهر كله فهو متطوع ولا يحسب (¬8) ذلك له؛ لأنه لم يأمره. وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة فنزل به ضيفان فأمره بخدمتهم فإنه يخدمهم ولا يضمن؛ لأن هذا من عمله وخدمته. ولو أن المستأجر أجر العبد من رجل آخر للخدمة كان جائزاً ولا يضمن، ولكنه إن كان استفضل من الأجر شيئاً تصدق به. وإن كان أعان العبد بشيء طاب له الفضل. وليس هذا كالدابة يستأجرها ليركبها فيؤاجرها من آخر بأكثر من [ما استأجرها به]. ¬

_ (¬1) ص: إذن. (¬2) ص: لم يبر. (¬3) ف: يستحسن. (¬4) م: أو يترك. (¬5) ص - شاة. (¬6) هو بمعنى الحائك. (¬7) م: ولا صانعا. (¬8) ص: يجب.

هذا يضمن، ويتصدق بالأجر كله؛ لأنه خالف (¬1). وإذا استأجر الرجل عبداً للخدمة ثم تزوج وحدث له عيال فقال: اخدمني وعيالي، فله ذلك. وإذا تكارت المرأة خادماً ليخدمها كل شهر بأجر مسمى فهو جائز. فإن تزوجت المرأة فقالت: اخدمني واخدم زوجي، فلها ذلك. وإذا استأجرت المرأة رجلاً ليخدمها فهو جائز، وأكره أن يخلو ما وتخلو به. والعبد في ذلك والحر سواء. وإذا استأجر الرجل امرأته (¬2) لتخدمه كل شهر بأجر مسمى فإنه لا يجوز؛ لأنها في عياله. فإن استأجرها لترضع ابناً له من غيرها فهو جائز. وإن استأجرها لترضع ولدها فإنه لا يجوز. وإن استأجرت امرأة زوجها ليخدمها (¬3) بأجر مسمى فإنه جائز (¬4). ولو استأجرته ليرعى لها غنماً أو يقوم على دواب لها أو على أرض لها أو على دار أو على متاع وليس من متاع البيت فهو جائز. وكذلك الرجل يستأجر امرأته لشيء من ذلك فهو جائز. وإذا استأجرها لخدمة البيت فإنه لا يجوز. وإذا استأجر ابنه وهو رجل ليخدمه في خدمة بيته فليس عليه أجر ولا يجوز، ويؤخذ ابنه بخدمته. وكذلك الأم تستأجر ابنها. وإن استأجر الأب ¬

_ (¬1) ف: مخالف. (¬2) م ف: امرأة. (¬3) ص - ليخدمها. (¬4) م هـ+ لأنه ليس عليه خدمة المرأة وفي بعض النسخ الروايات (كذا) أنه لا يجوز وهي رواية أبي سليمان. ومعناه موجود في هامش ب أيضاً. وقال الحاكم: وقال في كتاب الإباق: له أن يمتنع من الخدمة. انظر: الكافي، 1/ 215 ظ. ولم أجده في كتاب الإباق، والمقصود كتاب جعل الآبق. وقال السرخسي: وقال في كتاب الآثار: له أن يمتنع من الخدمة لأنه يلحقه مذلة بأن يخدم زوجته. انظر: المبسوط، 16/ 55. ولم أجد هذا في الآثار للإمام محمد. ويظهر أن نسخ الأصل مختلفة في هذه المسألة. انظر للتفصيل: بدائع الصنائع، 2/ 278.

الابن لرعية غنم أو لقيام على دابة أو على ضياعه (¬1) فهذا جائز. وكذلك الأم. وإن كان الابن هو استأجر الأب للخدمة والأم للخدمة فإن ذلك لا يجوز، ولا يترك الوالد يخدم ولده. وإن كان عمل في ذلك شيئاً كان له أجره. وإذا كان الابن مكاتباً فاستأجره أبوه للخدمة وأبوه حر وهو غني عن خدمته أو محتاج إليها فهذا جائز، وعليه الأجر. ولو كان الأب من أهل الذمة والابن مسلم أو الابن كافر والوالد مسلم لم يجز ذلك في الخدمة. وإن كان الولد عبداً والأب حراً فاستأجره من مولاه جاز ذلك. وإن كان الأب هو العبد والابن هو الحر فاستأجره من مولاه (¬2) ليخدمه أبطلت ذلك ولم أجزه؛ لأنه لا ينبغي للأب أن يخدم الولد ولا يجبره على ذلك. وإن عمل جعلت له الأجر. وأما الأخ يستأجر أخاه أو عمه (¬3) أو الرجل يستأجر خاله أو المرأة تستأجر أخاها للخدمة فإن هذا جائز. وكذلك كل ذي رحم محرم ما خلا الوالد والولد. وإذا استأجر الرجل الذمي الرجل المسلم يخدمه كل شهر بأجر مسمى فهو جائز، وأكره للمسلم خدمة الذمي، وهو جائز. وكذلك الحربي المستأمن يستأجر المسلم للخدمة أو يستأجر الذمي عبداً كان أو حراً فهو سواء، وهو جائز. وكذلك الحر المسلم يستأجر الحربي المستأمن ليخدمه كل شهر بأجر مسمى فهو جائز. وكذلك المسلم يستأجر الذمي. ... ¬

_ (¬1) ص: على صناعة. (¬2) م + جاز ذلك. (¬3) ف: أو عمله.

باب الرجل يستأجر من يضرب له اللبن ويطبخ له الآجر والجص والنورة

باب الرجل يستأجر من يضرب له اللبن ويطبخ له الآجر والجص والنورة وإذا استأجر الرجل [رجلاً] (¬1) يضرب له لبناً (¬2) في دار فإن أبا حنيفة قال في ذلك: إذا كان ذلك بمِلْبَن (¬3) معلوم وشرط له الأجر لكل ألفٍ أجرٌ معلوم فهو جائز. وقال أبو حنيفة: إن لبّنه فأصابه المطر قبل أن يرفعه (¬4) فأفسده فليس له أجر. وكذلك إن تكسر. وقال أبو حنيفة: إذا أقامه فقد برئ اللبان ووجب أجره. وقال أبو يوسف ومحمد: حتى يجف، فإذا جف وأشرجه (¬5) فقد برئ منه. وإذا استأجره يلبن له كل ألف لبنة بأجر مسمى ولم يسم له الملبن فهذا فاسد لا يجوز. فإن (¬6) سمى ملبناً بعينه فهو جائز. وإن سمى عرضاً معلوماً وطولاً معلوماً فهو جائز. وإذا لبنه في دار اللبان فإنه لا يجب له الأجر حتى يدفعه إلى صاحبه. وإذا لبنه في ملك صاحبه فهو بريء منه حتى يقيمه في قول أبي حنيفة، وفي قول أبي يوسف حتى يجف بعدما يقيمه ويشرجه. ألا ترى أن رجلاً لو تكارى خبازاً ليخبز له لم يجب له الأجر حتى يخرجه من التنور. وهذا قول أبي حنيفة في اللبن ما دام رطباً، فليس يحمل، ولا يستطيع تحويله، ولا ينتفع [به]. فإذا بلغ المنفعة فقد برئ منه اللبان. وإن انكسر بعد ¬

_ (¬1) الزيادة من الكافي، 1/ 215 ظ؛ والمبسوط، 16/ 57. (¬2) ص: اللبن. (¬3) ص: بلبن. (¬4) م ف: أن يدفعه؛ ص: أن تدفعه. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬5) أشرج اللبِن وشرّجه؛ أي: نضّده وضمّ بعضه إلى بعض. انظر: المغرب، "شرج"؛ والقاموس المحيط، "شرج". (¬6) ف: وإن.

ذلك أو أصابه مطر فأفسده فلِلَّبّان الأجر تامًّا. ولو أصابه ذلك قبل أن يجف وقبل أن يقيمه لم يكن للّبَّان أجر. ألا ترى لو أن الخبز احترق في التنور لم يكن للخباز أجر وكان ضامناً للعجين إن كان ضيعه أو احترق من عمله. وكذلك الرجل يستأجر خبازاً يصنع له طعاماً لعرس أو غير ذلك فأفسده فهو ضامن لذلك. وإذا استأجر رجل (¬1) رجلاً يضرب له لبناً بملبن معلوم ويطبخه له آجراً وعلى أن الحطب من عند رب اللبن فهو جائز. وإن أفسد اللبن بعدما أدخله الأَتُون (¬2) وتكسر لم يكن له أجر؛ لأنه لم يفرغ منه بعد. ولوطبخه حتى نضج ثم كف عنه النار فاختلف هو وصاحبه في إخراجه، فإن إخراج ذلك على الأجير بمنزلة الخباز، يكون إخراج الخبز من التنور عليه. فإن انكسر قبل أن يخرجه فلا أجر له. وإن أخرجه من الأتون فإن كان الأتون والأرض في ملك رب اللبن وجب له الأجر وبرئ من ضمانه. وإن كان الأتون في ملك اللبّان فلا أجر له حتى يدفعه إلى صاحبه. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شق راوية (¬3) الرجل فهو ضامن لما سال منها ولما عطب بما سال منها ما لم يَسُقْ بها (¬4) صاحبها. إذا كان شيء يحمل فشقه فحمله وهو (¬5) ينظر إلى الشق فهذا رضا بما يصنع. والصغير في هذا والكبير سواء. وإذا سبق رجل راوية فلم يزل يسيل ما فيها ومال الجانب الآخر فوقع فانخرق أيضاً، قال: هو ضامن لهما جميعاً، لأن هذا من فعله، ¬

_ (¬1) ص: الرجل. (¬2) الأتون على وزن فَعُول: موقد النار، وهو للحمّام، ويستعار لما يطبخ فيه الآجر. انظر: المغرب، "أتن". (¬3) أي: ما يوضع على جانبي الدابة من الوعاء كما هو ظاهر من السياق. (¬4) م ص ف: يستعن بها. وفي ب: يستعن به. وفي الكافي: لم يشق بها؛ انظر: 1/ 215 ظ. وفي المبسوط: لم يستوعبها؛ انظر: 16/ 58. والتصحيح مستفاد من المسألتين التاليتين حيث ورد فيهما: "وساق بعيره"، "وساقها". (¬5) ص: فهو.

إلا أن يكون الآجر (¬1) قد مضى وساق بعيره فلا يكون عليه شيئ. أرأيت إن شق فيه ثقباً صغيراً فقال صاحبها: بئس ما صنعت، ثم مضى وساقها فزلق رجل بما (¬2) سال منه أكان يكون على الأول؛ قال: لا؛ فلهذا جعلته (¬3) إذا حمل وهو يرى أو ساق فهذا رضى منه بما صنع (¬4). وقال أبو يوسف ومحمد: إذا استأجر الرجل رجلاً كل شهر بدرهم على أن يطحن له كل يوم قفيزاً إلى الليل فإن (¬5) هذا باطل إلا أن لا يسمي له قفيزاً ولا شيئاً. فإذا قال: على أن تطحن لي يوماً إلى الليل، فهذا جائز (¬6). رجل استأجر من رجل داراً سنة كل شهر بعشرة دراهم على أن ينزلها هو وأهله أو هو بنفسه على أن يعمر الدار ويَرُمّ ما كان فيها من خراب، ويعطي أجر حارسها وما نابها من نائبة سلطان أو غيره، هل تجوز الإجارة على هذا؟ قال: الإجارة على ما ذكرت من الشرط فاسد (¬7) لا يجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن سكنها فعليه أجر مثلها بالغاً ما بلغ مِن قِبَل أنه شرط مع الأجر شيئاً مجهولاً لا يعرف. رجل استأجر داراً من رجل سنة بمائة درهم على أن لا يسكنها ولا ينزل فيها فوقعت الإجارة على هذا هل يجوز ذلك؟ أرأيت إن كملت السنة ¬

_ (¬1) م: الاجر. (¬2) م ص: لما. (¬3) ص - جعلته؛ صح هـ. (¬4) قال السرخسي: وهذه المسألة ليست من مسألة (لعله مسائل) الإجارات. ولعل محمداً -رحمه الله- عند فراغه من هذا الكتاب ذكر هذه المسألة قياساً في هذا الموضع كيلا يفوت. انظر: المبسوط، 16/ 59. (¬5) ص ف: قال. (¬6) ذكر الحاكم والسرخسي أن هذه المسالة زيادة من نسخ أبي حفص. انظر: الكافي، 1/ 215 ظ؛ والمبسوط، 16/ 59. (¬7) ص: فاسدة.

فطلب [رب] الدار الأجر فقال المستأجر: لم أسكنها فلا أجر لك علي؟ أرأيت إن تصادقا على ما ذكرت لك هل يلزمه في ذلك أجر؟ قال: الإجارة فاسدة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإن لم يسكن فلا أجر عليه. فإن سكنها فله أجر مثلها، ولا أنقصه مما (¬1) سمى. رجل تكارى داراً من رجل سنة على أن أنزله داراً له سنة يسكنها فوقعت الإجارة على هذا وسكنها هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن انهدمت إحدى الدارين بما يرجع أحدهما على الآخر؟ أرأيت إن قال: أجرني منزلك هذا وأنزلك حانوتي الذي في السوق، ووقعت الإجارة على هذا وقبضا وسكنا هل تجوز الإجارة؟ قال: لا تجوز الإجارة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في شيء مما ذكرت. ولا ضمان على واحد منهما فيما انهدم. وعلى كل واحد منهما أجر مثله فيما سكن. رجل استأجر منزلاً لرجل في داره على أنّ أَجْرَ منزله أن يكفيه وعياله نفقتهم ومؤنتهم ما دام نازلاً في المنزل هل تجوز هذه الإجارة؟ أرأيت إن قال رب المنزل؛ لم تنفق علي وعلى عيالي درهماً ولا دانقاً مما جعلت لي عليك، فأنا آخذك بأجرها، هل يقضى له عليه بشيء؟ أرأيت إن كانت بينهما بينة ببينة من يؤخذ؟ قال: الإجارة فاسدة في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وعلى المستأجر لرب المنزل أجر مثله. وإن قال رب المنزل: لم ينفق علي شيئاً، فالقول قوله، والبينة بينة المستأجر، ويحسب له ما قامت به البينة من أجر مثلها (¬2). ¬

_ (¬1) ص: ما. (¬2) م + آخر كتاب الإجارات والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله كتبه أبو بكر بن أحمد بن محمد الطلحي الإصفهاني في رجب سنة تسع وثلاثين وستمائة؛ ص+ آخر كتاب الإجارات ويتلوه كتاب الشركة إن شاء الله تعالى كتبه العبد الفقير إلى الله محمد بن نصر بن عز بن علي المختار حامدا لله ومصليا على رسوله محمد وآله في صفر سنة ست وستين وستمائة؛ ف + آخر كتاب الإجارات.

كتاب الشركة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) كتاب الشركة باب شركة العنان وإذا أراد الرجل أن يشارك الرجل شركة عنان في تجارة خاصة فأرادا أن يكتبا بينهما كتاباً كتبا: "هذا ما اشترك عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، اشتركا على تقوى الله تعالى وأداء الأمانة، وعلى أن رأس مال فلان كذا وكذا، ورأس مال فلان كذا وكذا، وذلك كله في أيديهما، يشتريان به ويبيعان، ويعمل كل واحد منهما فيه برأيه جميعاً وشتى، يبيع ويشتري بالنقد والنسيئة، فما كان في (¬2) ذلك من ربح فهو بينهما على قدر رؤوس أموالهما، وما كان في ذلك من وضيعة أو تبعة فهو عليهما على قدر رؤوس أموالهما، اشتركا على ذلك في شهر كذا من سنة كذا". وإذا اشتركا في تجارة وليس لواحد منهما رأس مال وفَضَّلَ أحدهما صاحبه من الربح لفضل بصره، وكانت الشركة بينهما على أن يشتريا ¬

_ (¬1) قد اختلفت النسخ في ذكر البسملة والحمدلة والتصلية في بداية الكتب الفقهية كالصلاة والزكاة وغيرها، وقد التزمنا ذكر البسملة وتركنا ما سواها. (¬2) ف - في.

بوجوههما، فلا خير في ذلك؛ لأنه يأكل ربح ما ضمن الآخر (¬1)، فلا يجوز أن يُفَضِّل أحدهما صاحبه في الربح (¬2). هذا إنما يجوز في الدين (¬3) ليس فيه شراء بتأخير أو في المال العين [أو] (¬4) العمل بأيديهما. وإذا اشتركا بغير رأس مال على أن يشتريا بوجوههما (¬5)، فما ربحا أو وضعا فعليهما، فذلك جائز. فإن أرادا أن يكتبا بذلك كتاباً وكانت تجارتهما تجارة معلومة خاصة في باب دون الأبواب كتبا: "هذا ما اشترك عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، اشتركا على تقوى الله تعالى وأداء الأمانة، وعلى أنه ليس لواحد منهما رأس مال، اشتركا على أن ما اشتريا جميعاً أو شتى من تجارة كذا وكذا بالنقد والنسيئة فهو بينهما نصفين، والوضيعة عليهما نصفين، ويعمل كل واحد منهما في ذلك برأيه، فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان (¬6)، وما كان في ذلك من تبعة أو وضيعة فهو عليهما نصفان (¬7)، اشتركا على ذلك في شهر كذا من سنة كذا". وإذا اشتركا على أن لأحدهما الثلثين مما اشتريا والثلثين من الربح وعليه من الوضيعة الثلث كان ذلك جائزاً. وإذا اشترك الرجلان في عمل بأيديهما فأرادا أن يكتبا بينهما كتاباً كتبا: "هذا ما اشترك عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، اشتركا على تقوى الله تعالى وأداء الأمانة، اشتركا في عمل كذا وكذا، يعملان بأيديهما ويتقبلان العمل من الناس جميعاً وشتى، ويعمل كل واحد منهما في ذلك برأيه، فما رزقهما الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، وما كان في ذلك ¬

_ (¬1) م: بالاجر. (¬2) ف - الربح. (¬3) ص: في اللذين. قال السرخسي: في الذي. انظر: المبسوط، 11/ 156. وذكر أن هذا إشارة إلى شركة الوجوه. انظر: المبسوط، 11/ 157. (¬4) الزيادة من الكافي، 1/ 137 و؛ والمبسوط، 11/ 156. (¬5) ص: بوجوههم. (¬6) ص: نصفين. (¬7) ص: نصفين.

من وضيعة أو تبعة فهو بينهما نصفين، اشتركا على ذلك في شهر كذا من سنة كذا". وإذا اشترك الرجلان في عمل بأيديهما مختلف يعمل أحدهما القِصَارَة والآخر الخياطة فذلك جائز. فما اكتسب أحدهما من شيء فهو بينهما. ولو مرض أحدهما أو غاب أو لم (¬1) يعمل من غير علة كان ما اكتسب الذي (¬2) عمل بينهما نصفين؛ لأنهما قد اشتركا على ذلك. ولو أنهما حيث اشتركا اشترط أحدهما ثلثي الربح والآخر ثلث الربح كان ذلك جائزاً. ألا ترى أن أحدهما يكون أجود عملاً من صاحبه وأبصر بالعمل وأجرى في ذلك من صاحبه، فلا يرضى صاحبه أن يكون للآخر من الربح مثل ما له، فيفضّله صاحبه في الربح لفضل عمله. ولو عمل الذي له الأوكس (¬3) من الربح وغاب الآخر أو كان حاضراً ولم يعمل (¬4) كان الربح بينهما على ما اشتركا عليه. ألا ترى أنهما لو عملا جميعاً لم يكن عملهما (¬5) سواء حتى يكون عمل أحدهما أكثر من عمل الآخر، فيكون لأحدهما ثلثا الربح وللآخر الثلث. وكذلك الغيبة والمرض. ألا ترى أنهما لا يستطيعان أن يُقَدِّرَا عملهما حتى يكونا سواء على قدر شرطهما. أرأيت لو قام أحدهما فصلى المكتوبة وعمل الآخر أليس كان يكون للذي قام يصلي من الربح مما عمل هذا بحصته، لا يَحْسُنُ (¬6) في هذا إلا هذا. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. وإذا اشترك الرجلان فجاء أحدهما بألف درهم والآخر بألفي درهم فاشتركا على أن الربح بينهما نصفين والوضيعة عليهما نصفين فهذه شركة فاسدة لا تجوز، ولا يستقيم أن يكون على صاحب الألف من الوضيعة أكثر من رأس ماله. فإن عملا على هذا فوضعا فالوضيعة عليهما على قدر رؤوس ¬

_ (¬1) ص: ولم. (¬2) ف: للذي. (¬3) أي: الأقل. انظر: لسان العرب، "وكس". (¬4) م ف: أو لم يعمل. (¬5) م ص: عليهما. (¬6) م ص ف: لا يحبس. والتصحيح من ب.

أموالهما. وإن ربحا فالربح بينهما على ما اشترطا. فإن اشتركا على أن الربح بينهما على رأس المال والوضيعة على ذلك كله فذلك كله جائز. وكذلك لو كان أحدهما يعمل بالمال دون صاحبه وكان ذلك في شرطهما أو لم يكن فإن عمل صاحب الألف بالمال أو صاحب (¬1) الألفين فهو سواء وهو جائز؛ لأنه ليس لواحد منهما فضل في ربحه على قدر رأس ماله. ولو اشترطا أن الربح بينهما نصفان (¬2) والوضيعة على قدر رأس المال وعلى أن يعملا بالمال جميعاً كان ذلك جائزاً. وإن عمل أحدهما بالمال دون صاحبه أيهما ما كان بعد أن يكونا قد اشترطا أن يعملا جميعاً في أصل الشركة فإن ذلك جائز، والربح بينهما على ما اشترطا، والوضيعة على المال، وأيهما عمل فهو في ذلك سواء. وإن اشتركا على أن يعمل صاحب الألفين بالمال خاصة دون صاحب الألف على أن الربح بينهما نصفين وعلى أن الوضيعة على قدر رؤوس أموالهما فإن هذه الشركة فاسدة، وما ربح من شيء فهو بينهما على رؤوس أموالهما. وكذلك الوضيعة. وذلك لأنه لا يطيب لصاحب الألف من فضل الألفين شيء إلا أن يعمل معه في المال عملاً قليلاً أو كثيراً. وإن كان الذي اشتركا عليه العمل بالمال من (¬3) صاحب الألف خاصة دون صاحب الألفين فإن هذه الشركة والربح بينهما نصفين على ما اشتركا. يطيب لصاحب الألف الفضل من الربح بعمله فيه. وهذا بمنزلة المضاربة يأخذها الرجل. وإذا أقعد الصانع معه رجلاً في دكانه يطرح عليه العمل بالنصف فإن ذلك في القياس فاسد. ولكنا ندع القياس ونستحسن فنجيزه. وإنما جاز الفضل لرب الدكان لأنه أقعده في دكانه. وكذلك لو أعانه (¬4) بمتاع من متاعه. وكذلك قال أبو حنيفة في الخياط يتقبّل (¬5) المتاع ويَلِي (¬6) قَطْعَه (¬7) ثم ¬

_ (¬1) ص: وصاحب. (¬2) م ف: نصفين. (¬3) م ص - من. (¬4) م + في دكانه وكذلك لو أعانه. (¬5) م ص ف: يفصل. والتصحيح من الكافي، 1/ 137 و؛ والمبسوط، 11/ 159. (¬6) م ص ف: وهي. والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬7) م: قطعته.

يدفعه إلى آخر بالنصف فإن ذلك جائز مِن قِبَل أن القطع (¬1) عمل. وكذلك القصار والإسكاف. وكذلك كل عامل. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وإذا اشترك الرجلان بالعروض فلا شركة بينهما؛ لأن رأس مال كل واحد منهما مجهول لا يعرف. فإن باعا تلك العروض بثمن واحد قسمنا (¬2) الثمن على قيمة متاع كل واحد منهما يوم باعاه. وكذلك كل شيء من العروض مما لا يكال ولا يوزن. وكذلك الحيوان كله لا تجوز (¬3) الشركة فيه. وكذلك لو كان رأس مال أحدهما دراهم ورأس مال الآخر عروضاً (¬4) لم تكن بينهما شركة على هذا. وإذا اشترك الرجلان بشيء مما يكال أو يوزن أو يُعَدّ عدداً وذلك سواء في الكيل والوزن والعدد والصفة فخلطاه فهو بينهما نصفين، وما ربحا فيه فلهما، وما وضعا فيه فعليهما. وإذا لم يخلطاه فليسا بشريكين، ولكل واحد منهما متاعه، له ربحه، وعليه وضيعته. وإذا اشترك الرجلان ولأحدهما حنطة وللآخر شعير أو لأحدهما سمن وللآخر زيت فلا تجوز الشركة. فإن لم يخلطاه فلكل واحد منهما متاعه، له ربحه، وعليه وضيعته. فإن خلطاه فالشركة فاسدة. وإن باعاه فالثمن بينهما على قدر قيمة متاع كل واحد منهما يوم خلطاه مخلوطاً. فإن كان أحدهما يزيده الخلط خيراً فإنه يضرب بقيمته يوم يقتسمون غير مخلوط. وكذلك العروض كلها من الكيل والوزن إذا كانا مختلفين. وإذا اشترك الرجلان ولأحدهما ألف درهم وللآخر مائة دينار فخلطا ذلك أو لم يخلطاه فهو سواء؛ لأن ذلك لا يختلط. فأيهما ما هلك وبقي الآخر فإن الذي هلك هلك من مال صاحبه، والذي بقي هو لصاحبه، وليس للآخر فيه شيء، وليس على الذي بقي ماله من مال الذي هلك شيء؛ (¬5) لأن الشركة لم تقع، لأن المالين لم يختلطا. ¬

_ (¬1) ص - أن القطع. (¬2) م ص: قيمتهما. (¬3) ص: لا يجوز. (¬4) ص: عروض. (¬5) ص: شيئاً.

وإذا اشتريا متاعاً على المال فنقدا الثمن من الدراهم وقد هلكت الدنانير بعد ذلك فإنها تهلك من مال صاحبها الذي كانت له، وليس على صاحب الدراهم منها شيء. وأما المتاع الذي اشتريا (¬1) بالدراهم، فهو بينهما على قدر رؤوس أموالهما في الأصل، ويرجع صاحب الدراهم على صاحب الدنانير من ثمن المتاع بقدر حصته من المتاع؛ (¬2) لأنه نقد ثمن (¬3) المتاع من ماله. وإذا اشتريا بالدراهم والدنانير جميعاً متاعاً فالمتاع بينهما على قدر رؤوس أموالهما في الأصل. وإذا اشتريا جميعاً بالألف متاعاً ثم اشتريا بعد ذلك بالدنانير متاعاً فوضعا في أحد المتاعين وربحا في الآخر فإن ذلك كله بينهما على قدر رؤوس أموالهما، الربح بينهما على قدر ذلك، والوضيعة تقسم بينهما على قدر الدنانير والدراهم يوم يقتسمون. وكذلك لو أن رجلين اشتريا متاعاً بألف درهم وكُرّ حنطة على أن لأحدهما من المتاع بحصة الألف وللآخر بحصة الكُرّ، ونقد الذي له من المتاع بحصة الألف ألف درهم، وكَالَ (¬4) الآخرُ الكُرّ حنطة، فهو جائز على ما اشتركا. وكذلك لو اشتريا متاعاً بكُرّ حنطة وكُرّ شعير، فكال أحدهما كُرّ حنطة على أن له (¬5) من المتاع بحصته (¬6)، وكال الآخر كر شعير على أن له من المتاع بحصته، ثم باعا ذلك بدراهم، فأرادا أن يقتسما ذلك، فإنهما يقتسمان ذلك على قدر قيمة الحنطة والشعير يوم يقتسمان. وكذلك كل ما أشبه الحنطة والشعير مما يكال. وكذلك كل ما ¬

_ (¬1) ص: اشترياه. (¬2) ص - بقدر حصته من المتاع. (¬3) ف: الثمن. (¬4) ف: وكان. (¬5) م - له. (¬6) م ص ف: بعدده. والتصحيح من المبسوط، 11/ 165.

يوزن (¬1). فأما ما سوى ذلك من العروض فإن اشتريا به متاعاً ثم باعا ذلك المتاع بدراهم فإنهما يقتسمان الدراهم على قيمة العروض يوم اشترياها. ولا يشبه هذا الذهب والفضة وما يكال أو يوزن. ألا ترى أنهما إذا اشتريا بالعروض لم يدريا كم رأس مال كل واحد منهما؛ لأنه ليس بكيل ولا وزن. أولا ترى أنهما لا يستطيعان أن يبيعا ما اشتريا بالعروض مرابحة، وقد يبيعان (¬2) ما اشتريا بالدراهم والدنانير والفلوس والكيل والوزن مرابحة. وكذلك العدد هو بمنزلة الكيل والوزن. ألا ترى أنهما لو باعا ذلك مرابحة، والثمن كيل أو وزن، استوفى كل واحد منهما رأس ماله الذي كال أو وزن، ثم اقتسما الربح على قيمة رأس مال كل واحد منهما يوم اقتسما الربح، إن كان الربح كيلاً مسمى أو وزناً مسمى. وإن كانا باعاه مرابحة العشرة أحد عشر كان لكل واحد منهما رأس ماله وحصته من الربح على ما باعا. فأما ما لا يكال ولا يوزن ولا يعد من العروض فلا يستطيعان أن يبيعا ما اشتريا كذلك مرابحة. ولو أن رجلاً اشترى ثوباً بعشرة مخاتيم حنطة قد عرف صفتها، ثم باع ذلك الثوب على ذلك مرابحة، جاز ذلك. ولو أن رجلاً أعطى رجلاً دنانير مضاربة يعمل بها ثم أراد (¬3) القسمة كان لرب المال أن يستوفي دنانيره، ويأخذ من المال بقيمتها يوم يقتسمون الربح. وينبغي لمن خالف ذلك أن يقول: يأخذ بقيمتها يوم أعطاه (¬4). ولو أن رجلين اشتركا ولكل واحد منهما ألف درهم، فاشتركا على أن ¬

_ (¬1) وقد اعتُرِضَ على هذا كما ذكره الحاكم، وقيل: صوابه أن يقتسماه على القيمة يوم وقع البيع. انظر: الكافي، 1/ 137 ظ. وبيَّن السرخسي أن المعترض هو عيسى بن أبان، وشرح المسألة. انظر: المبسوط، 11/ 165. (¬2) ص: يبيعا. (¬3) ص: ثم أرادا. (¬4) قال السرخسي: ولم يبين من المخالف، قيل: المخالف زفر -رحمه الله- ... انظر: المبسوط، 11/ 166.

يشتريا ما ويبيعا وخلطاها، كان ما اشتريا ما (¬1) من شيء فربحا أو وضعا فالربح بينهما والوضيعة عليهما. فكذلك ما اشتريا ببعضها. وكذلك ما هلك منها قبل الشراء فهو بينهما، وما بقي فهو بينهما؛ مِن قِبَل أنها اختلطت ووقعت الشركة بينهما. وإن كان يُعْرَف فيما ضاع شيءٌ بعينه من مال أحدهما فإنه يضيع من ماله خاصة دون مال صاحبه. وإن كان يُعْرَف فيما بقي شيءٌ بعينه من مال أحدهما كان له دون صاحبه، وكان ما ضاع وما بقي بينهما على قدر ما اختلط من رؤوس أموالهما فلم يعرف. وإذا اشترك الرجلان بغير مال على أن ما اشتريا من الرقيق (¬2) فهو بينهما فهو جائز. وإذا اشترك الرجلان بغير مال على أن ما اشتريا اليوم فهو بينهما، أو على أن ما اشتريا هذا الشهر أو هذه السنة فهو بينهما، فخصا صنفاً من الأصناف أو عَمَلاً أو لم يخصا، فهذا جائز. وكذلك لو لم يوقتا للشركة وقتاً كان جائزاً. ولو قال أحدهما: قد اشتريت متاعاً فهلك مني، فعليك أيها الشريك نصف الثمن، فإن صدقه شريكه على مقالته فعليه نصف الثمن. وإن كذبه شريكه لم يصدِّق المدعي على ما ادعى. وكذلك لو أنكر الشريك الشرى كان كذلك بعد أن يحلف ما يعلم ذلك. فإن حلف برئ، ولا شيء عليه. فإن أقام المدعي البيِّنة على الشراء وقبض المتاع ثم قال: قد هلك المتاع، وكذبه الشريك، فإن على المدعي أن يحلف بالله لقد هلك المتاع. فإذا حلف اتبع (¬3) شريكه بنصف الثمن. وإذا اشتريا متاعاً وقبضاه، ثم قبضه أحدهما من شريكه ليبيعه، فقال: قد هلك، فهو مصدق بعد أن يحلف بالله لقد هلك المتاع. وإذا اشترك الرجلان بغير مال على أن ما اشتريا من شيء فهو بينهما ¬

_ (¬1) م: لها. (¬2) م ص ف: من الدقيق. والتصحيح من الكافي، 1/ 137 ظ؛ والمبسوط، 11/ 167. (¬3) ف: اتبعه.

نصفين، ولأحدهما ثلثا الربح، وللآخر الثلث، كانت الشركة جائزة (¬1)، والشرط باطلاً (¬2)، والربح بينهما نصفين. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا ينبغي لأحدهما أن يأكل ربح ما يضمن صاحبه. ألا ترى أن على صاحبه نصف الضمان، فكيف [يكون] له ثلث الربح وعليه نصف الضمان (¬3). ولكن لو اشتركا على أن ما اشتريا من شيء فلفلان ثلثه (¬4) ولفلان ثلثاه، والربح والوضيعة بينهما على قدر ذلك، كان ذلك جائزاً، وهذا بمنزلة قولهما: ما اشترينا من شيء فهو بيننا نصفين. وإذا اشترك الرجلان شركة عنان بأموالهما أو بوجوههما، فاشترى أحدهما متاعاً (¬5)، فقال الشريك (¬6) الذي لم يشتر: هذا المتاع من شركتنا، وقال الذي اشتراه: بل هو لي خاصة، وإنما اشتريته بمالي ولنفسي قبل الشركة، فالقول قول المشتري مع يمينه بالله ما هذا من شركتنا. فإذا حلف كان له خاصة. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يشتري له عبداً بعينه بينه وبينه، فقال: نعم، فخرج المأمور فاشترى وأشهد أنه إنما يشتريه (¬7) لنفسه خاصة، فإن العبد بينه وبين الذي أمره أن يشتريه، ولا يستطيع الذي اشتراه أن يخرج من شركة صاحبه إلا بمحضر منه. ولو كان هذا يستطيع أن يخرج من الشركة كان لكل شريك مفاوض أو غيره أن يخرج من الشركة (¬8) وصاحبه غائب. وكذلك إذا اشترك الرجلان على أن ما اشتريا من شيء فهو بينهما، أو ¬

_ (¬1) ف: باطلة. وانظر للشرح: المبسوط، 11/ 168. (¬2) ص: باطل. (¬3) ص - فكيف له ثلث الربح وعليه نصف الضمان. (¬4) ص - ثلثه. (¬5) م ص ف: مثلها. والتصحيح من الكافي، 1/ 137 ظ؛ والمبسوط، 11/ 168. (¬6) م ص ف: للشريك والتصحيح من المصدرين السابقين. (¬7) ف: اشتراه. (¬8) ف - كان لكل شريك مفاوض أو غيره أن يخرج من الشركة.

على أن ما اشترى كل واحد منهما من شيء فهو بينهما، ثم اشترى أحدهما متاعاً وأشهد أنه يشتريه لنفسه خاصة بغير محضر من صاحبه، فكل ما اشتريا من شيء فهو بينهما. وكذلك لو قالا: على أن كل ما اشترى واحد منا اليوم من شيء فهو بيننا نصفين، لم يستطع أحدهما الخروج مما اشتركا عليه إلا بمحضر منهما جميعاً. ألا ترى أن رجلاً لو (¬1) أمر رجلاً أن يشتري له عبداً بعينه بثمن قد سماه له أو لم يسمه، ودفع إليه الثمن أو لم يدفعه إليه، ففارقه المأمور على أن يشتريه للآمر؛ فلما أراد أن يشتري أشهد عند عقدة الشراء أنه إنما اشترى العبد لنفسه، أن ذلك لا يستقيم، وأن العبد عبد الآمر؛ ولا يستطيع (¬2) المأمور الخروج مما أمر به إلا بمحضر من الآمر. فكذلك الأول. وكذلك لو أن الآمر أشهد أنه قد أخرج المأمور مما أمره به والمأمور غير حاضر لم يجز ذلك. فإن اشتراه المأمور قبل أن يعلم بإخراج الآمر إياه (¬3) من الأمر فهو للآمر. ولو أن رجلاً أمر رجلاً أن يشتري له عبداً بعينه (¬4) بينه وبينه، فقال: نعم، فذهب المأمور ليشتري العبد، فلقيه رجل آخر، فقال: اشتر هذا العبد بيني وبينك، فقال المأمور: نعم، فاشترى المأمور ذلك العبد، فإن للأول نصف العبد، وللآخر نصف العبد، وسقط المشتري المأمور، فلا يملك منه شيئاً؛ لأن الشرى وقع للأول نصفه، وللآخر نصفه. وإذا اشترى الرجل عبداً وقبضه، فطلب إليه رجل آخر الشركة فأشركه، فإن له نصفه. وكذلك لو أشرك رجلين (¬5) في صفقة واحدة كان العبد بينهم أثلاثاً. وإذا كان العبد بين رجلين قد اشترياه فأشركا (¬6) فيه رجلاً فإن القياس أن يكون للرجل النصف. وأما في الاستحسان فله الثلث. وبه نأخذ (¬7). ولو ¬

_ (¬1) م ص - لو. (¬2) ص - الآمر ولا يستطيع؛ صح هـ. (¬3) م: ايا. (¬4) م + ببينه. (¬5) ف: اشترك رجلان. (¬6) ف: فاشتركا. (¬7) ص: يأخذ.

أشركه أحد الرجلين في نصيبه ونصيب صاحبه فأجاز شريكه ذلك كان للرجل النصف وللشريكين النصف. وإذا أشرك (¬1) رجل رجلاً في متاع قد اشتراه قبل أن يقبضه كانت الشركة فاسدة؛ لأنه بيع، فلا يجوز أن يبيع ما لم يقبض. ولو أنه أشركه بعدما قبض المتاع فلم يدفع إليه شيئاً حتى هلك المتاع لم يكن على الشريك من ثمن المتاع شيء؛ لأنه لم يقبض. وكذلك التولية، هو في هذا بمنزلة البيع. وإذا كان العبد بين رجلين فأشرك أحدهما رجلاً في نصيبه، ولم يقل في كم أشركه، ثم (¬2) أشركه الآخر أيضاً في نصيبه، كان للرجل نصف العبد، ولكل واحد من الأولين الربع. وإذا اشترى الرجل عبداً ثم أشرك فيه رجلاً قبل أن يقبضه فإن الشركة لا تجوز؛ لأنها بيع فاسد لأنه لم يقبض العبد. ولو كان قبض (¬3) المشتري العبد ثم أشرك فيه رجلاً، ثم مات العبد عند المشتري قبل أن يُقَبِّضَه المشتري من الشريك الآخر، فإنه من (¬4) مال الذي مات عنده، ولا يكون من مال هذا الشريك؛ لأن هذا الشريك مشتري (¬5)، فلا يكون من ماله حتى يقبضه. وكذلك التولية هو بمنزلة البيع. وإذا اشترك الرجلان في عبد قبل أن يشترياه، فقال كل واحد منهما لصاحبه: أينا اشتراه فهو بينه وبين صاحبه، أو قال كل واحد منهما لصاحبه: أينا اشتراه فقد اشترك (¬6) فيه صاحبه، أو قال: فصاحبه شريكه، فهذا جائز، فأيهما اشتراه فهو بينه وبين الآخر، وقَبْضُ المشتري منهما قَبْضٌ له ولشريكه. فإن مات في يد أحدهما كان من مالهما (¬7) جميعاً. وكذلك لو ¬

_ (¬1) ف: اشترك. (¬2) ص - أشركه ثم؛ صح هـ. (¬3) ص: اقبض. (¬4) ف - من. (¬5) ص: مشتر. (¬6) م ص: أشرك. (¬7) م ص ف: مال أحدهما. والتصحيح من ب؛ والمبسوط، 11/ 171.

اشترياه جميعاً معاً، أو اشترى أحدهما نصفه قبل صاحبه ثم اشترى صاحبه النصف الباقي، كان بينهما. فإن نقد أحدهما الثمن بأمر صاحبه أو بغير أمره، وقد كانا اشتركا فيه قبل الشراء على ما وصفت، فإنه يرجع بنصف الثمن على شريكه. فإن باع أحدهما العبد واستثنى نصفه، وقد أذن كل واحد منهما لصاحبه في بيع العبد، كان جائزاً، وكان العبد بينه وبين الذي اشتراه منه، وكان للشريك الآخر نصف الثمن إذا كان باعه على أن له نصفه، ويأخذ من المشتري نصف الثمن. وإن كان باعه (¬1) إلا نصفه كان للمشتري نصفه بجميع الثمن، وكان ثمن (¬2) نصف العبد بينه وبين شريكه نصفين في قياس قول أبي حنيفة. وأما في قياس قول أبي يوسف ومحمد (¬3) فالبيع على نصف المأمور الذي يملك من العبد (¬4) خاصة. ولو أن رجلاً اشترى عبداً وقبضه ثم قال لرجل آخر: قد أشركتك في هذا العبد على أن تنقد (¬5) عني، ففعل ذلك ونقد (¬6) عنه أو لم ينقد (¬7)، كانت هذه الشركة فاسدة لا تجوز؛ مِن قِبَل أنه اشترط فيها على أن ينقد (¬8) عنه، فهو كالشرط في البيع. فإن نقد (¬9) عنه الرجل فإنه يرجع بما نقد (¬10) على الذي أمره، ولا شيء له في العبد. ¬

_ (¬1) ف - على أن له نصفه ويأخذ من المشتري نصف الثمن وإن كان باعه. (¬2) م: الثمن؛ ف - ثمن. (¬3) وعبارة الحاكم والسرخسي: في قول أبي يوسف ومحمد. انظر: الكافي، 1/ 138 و؛ والمبسوط، 11/ 172. ولعل الصواب أن محمداً يقول هذا قياساً على قول أبي يوسف. (¬4) ص - الذي يملك من العبد. وهي عبارة الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 138 و. وانظر للشرح: المبسوط، 11/ 172. (¬5) م ص ف: أن تبعد. والتصحيح هنا وفي المواضع التالية من ب؛ والكافي، 1/ 138 و؛ والمبسوط، 11/ 173. (¬6) م ص ف: وبعد. (¬7) م ص ف: لم يبعد. (¬8) م ص ف: أن يبعد. (¬9) ص: بعد. (¬10) ص: بعد.

وإذا اشترى الرجل نصف عبد بمائة درهم، واشترى رجل آخر نصف ذلك العبد بمائتي درهم، ثم باعاه مساومة بثلاثمائة درهم، فإن الثمن بينهما نصفين؛ لأن كل واحد منهما كان له نصف العبد، فله نصف الثمن. ولو باعاه (¬1) مرابحة بربح مائة درهم أو بالعشرة أحد عشر كان الثمن والربح بينهما أثلاثاً. وكذلك لو وَلَّيَاه رجلاً برأس ماله أو باعاه بوضيعة كذا كذا فإن الثمن بينهما أثلاثاً. وإن باعاه مساومة بمائتي درهم أو أقل من ذلك فإن الثمن بينهما نصفين. وإذا اشترك الرجلان في تجارة شركة عنان على أن يشتريا ويبيعا بالنقد والنسيئة فذلك جائز، وأيهما اشترى أو باع فهو جائز (¬2) عليه وعلى شريكه، وما اشترى كل واحد منهما من غير تلك التجارة فهو له خاصة دون صاحبه، وما اشترى أحدهما من تلك التجارة وأشهد عند عقدة الشراء أنه يشتري لنفسه فهو بينه وبين شريكه نصفين. وإن أقر أحدهما بدين في تجارتهما وأنكر الآخر فإنه يجوز على الذي أقر به خاصة، ويؤخذ (¬3) منه جميع الدين، وليس على من أنكر منه شيء. وإذا كان لهما دين على رجل فأخّره (¬4) أحدهما فتأخيره باطل لا يجوز على صاحبه إلا برضاه، وليس هذا كالمفاوضين. ولو باع أحدهما سلعة من الشركة التي بينهما ثم وجد المشتري بها عيباً فإنه لا يستطيع أن يردها على الذي لم يبعه، ولا يكون خصمه فيها. إلا الذي باعها إياه. وكذلك لو اشترى أحدهما سلعة من شريكهما، فأراد أن يردها الذي لم يشترها بعيب، لم يكن له ذلك؛ لأن المشتري غيره. وكذلك لو أخذ أحدهما مالاً مضاربة فربح فيه كان الربح له خاصة، وكل وضيعة لحقت أحدهما من غير شركتهما فهي عليه خاصة، لا يلحق صاحبه منها شيء. وإذا شهد أحدهما لصاحبه بشهادة (¬5) من غير شركتهما فهو جائز. وقال أبو حنيفة: لشريك العنان (¬6) أن يُبْضِعَ وأن يدفع المال مضاربة ¬

_ (¬1) ف: باعا. (¬2) ص - وأيهما اشترى أو باع فهو جائز. (¬3) ص ف: يؤخذ. (¬4) ف: فأجره. (¬5) ف: فيشهادة. (¬6) ف: المضارب.

باب الشركة كيف تصنع في المفاوضة وفي شركة العنان

فإن لم يأذن له شريكه في ذلك، ويجوز له أن يعمل في المال الذي في شركتهما كل شيء يجوز للمضارب أن يعمله. وهذا أيضاً قول أبي يوسف ومحمد. ... باب (¬1) الشركة (¬2) كيف تُصْنَع (¬3) في المفاوضة وفي شركة (¬4) العنان محمد عن أشعث بن سوار عن محمد بن سيرين أنه قال: لا تجوز شركة بعروض ولا بمال غائب (¬5). وبه يأخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد. وعن أبي إسحاق الشيباني عن عامر الشعبي أنه قال: الربح على ما اصطلحا عليه، والوضيعة على المال (¬6). وقال أبو حنيفة: إن اصطلحا في شركة عنان أن الوضيعة على المال (¬7) والربح عليه والمال نصفين فهو جائز، وإن فضّل أحدهما صاحبه في الربح فهو جائز، وإن فضل أحدهما الآخر في الوضيعة فإنه لا يجوز. سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن علي أنه قال: ليس على من قاسم الربح ضمان (¬8). وتفسير هذا أن الوضيعة على المال في المضاربة والشركة. ¬

_ (¬1) م + أو. (¬2) ص - الشركة. (¬3) ص ف: يصنع. (¬4) م ف: الشركة. (¬5) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 482. (¬6) المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 267. (¬7) ف: في المال. (¬8) المصنف لعبد الرزاق، 8/ 253.

وعن بعض أصحابنا عن جابر الجعفي عن علي بن أبي طالب أنه قال: الربح على ما اشترطا عليه، والوضيعة على المال (¬1). وإذا اشترك الرجلان شركة مفاوضة فأرادا أن يكتبا بينهما كتاباً كتبا: "هذا ما اشترك عليه فلان بن فلان وفلان بن فلان، اشتركا على تقوى الله تعالى وأداء الأمانة، اشتركا في كل نبيل ووكيس (¬2) شركة مفاوضة، يبيعان بالنقد والنسيئة، ويشتريان بالنقد والنسيئة، ويعمل كل واحد منهما في ذلك برأيه، على أن رأس مالهما كذا وكذا بينهما نصفين، وذلك كله في أيديهما، فما رزقهما الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفين، وما لحقهما في ذلك من وضيعة أو تبعة فعليهما نصفين، اشتركا على ذلك في شهر كذا من سنة كذا". يكتب كل واحد منهما كتاباً على هذه النسخة، فيكون عنده. إذا اشتركا على هذا فهما متفاوضان في كل قليل وكثير، وذلك كله بينهما نصفين، فما اشترى واحد منهما من شيء بنقد أو نسيئة فهو ماض جائز عليه وعلى صاحبه، يؤخذ به كله. وإذا كان لرجلين لكل واحد منهما ألف درهم لا مال لهما غير ذلك، فاشتركا بمالهما شركة مفاوضة أو شركة عنان ولم يخلطا المال، فالشركة جائزة. وإن خلطا المال فهو جائز. وإن اشترى أحدهما بماله متاعاً في شركة المفاوضة فهو جائز عليه وعلى صاحبه، لهما ربحه وعليهما وضيعته. فإن هلك مال الآخر فهو من مال الذي هلك خاصة دون شريكه، لا يلزم شريكه من ذلك شيء إذا كانا لم يخلطا المال. وشركة المفاوضة وشركة العنان في هذا سواء بعد أن يكون شريك العنان قد أذن كل واحد منهما لصاحبه في الشراء. ولو كان رأس مال أحدهما ألف درهم بِيض، ورأس ¬

_ (¬1) روى ابن أبي شيبة من طريق سفيان عن أبي حصين عن علي في المضاربة أو الشريكين - قال سفيان لا أدري أيهما قال - الربح على ما اصطلحا عليه والوضيعة على المال. انظر: المصنف لابن أبي شيبة، 4/ 268. (¬2) وَكَس؛ أي: نقص، والوكس هو النقص في القيمة والثمن. لكن لم أجد "وكيس" في المعاجم. انظر: لسان العرب، "وكس". وعبارة الحاكم والسرخسي: قليل وكثير. انظر: الكافي، 1/ 138 و؛ والمبسوط، 11/ 177.

مال الآخر سُود، فهو مثل ذلك في شركة (¬1) المفاوضة والعنان، إلا أن يكون للبِيض فضل في الصرف، أو يكون للسُّود فضل في الصرف. فإن كان لأحد المالين فضل في الصرف فإنه لا تجوز شركة المفاوضة بينهما، وتكون شركتهما شركة عنان. وإنما بطلت شركة المفاوضة لأن أحدهما أكثر رأس مال من الآخر. فإذا كان أحدهما أكثر رأس مال من الآخر لم تجز شركة المفاوضة فيما بينهما. ولو كان المالان يوم وقعت الشركة سواء ثم صار في أحد المالين فضل قبل أن يشتريا شيئاً فسدت المفاوضة. وإن كان ذلك بعدما اشتريا بالمالين جميعاً شيئين متفرقين لم تفسد المفاوضة. فأما إذا صار في أحد المالين فضل قبل الشراء فالشركة فاسدة. وإذا صار في أحد المالين فضل بعدما اشتريا بالمالين فإن الشركة جائزة، ويكون لكل واحد منهما على صاحبه نصف رأس ماله ديناً عليه. وكذلك لو كان رأس مال أحدهما ألف درهم ورأس مال (¬2) الآخر مائة دينار قيمتها مثل الألف فهو مثل الباب الأول، وهو جائز. فإن اشترى كل واحد بماله متاعاً لصاحبه وقد أذن كل واحد لصاحبه (¬3) في الشراء والبيع فالربح (¬4) والوضيعة عليهما على (¬5) رؤوس أموالهما يوم وقع الشراء. فأما في المفاوضة فإنه لازم لهما على كل حال. وكذلك لو اشتريا جميعاً بمال أحدهما دون الآخر فإنه يلزمهما جميعاً. وإذا اشتريا بالمالين أو اشترى به أحدهما دون الآخر بإذن شريكه فقد وقعت الشركة وإن لم يكونا خلطا المال. وهذا بمنزلة اختلاط المال. ولو كانت الدنانير أكثر قيمة من الدراهم أو كانت الدراهم أكثر قيمة من الدنانير لم تجز المفاوضة بينهما، وجازت شركة العنان. فإذا اقتسما ¬

_ (¬1) م ص ف: في الشركة. والتصحيح من ب. (¬2) ص - أحدهما ألف درهم ورأس مال. (¬3) م ص - وقد أذن كل واحد لصاحبه؛ صح م هـ. (¬4) ص: والربح. (¬5) ف: وعلى.

وتفرقا ضرب كل واحد منهما برأس ماله أو بقيمة رأس ماله يوم يقتسمون. ولو كان رأس مال أحدهما بِيضاً ورأس مال الآخر سُوداً فخلطا ذلك لم يكن اختلاطاً حتى يشتريا به، وكانت مثل الدنانير والدراهم، ولكن قد وقعت الشركة حين تعاقدا بالكلام، وأيهما هلك من ماله قبل الشراء منهما جميعاً فهو عليه خاصة. ولو كانت الدراهم سُوداً كلها فخلطاها كان ما هلك منهما جميعاً، وما بقي فهو بينهما. ولو قال أحدهما لصاحبه: قد بعتك نصف مالي هذابنصف مالك هذا، فرضي بذلك، فتقابضا ولم يخلطا المالين، كانا مشتركين في ذلك بمنزلة ما قد خلط؛ لأن مال كل واحد بينه وبين شريكه بعد أن لا يكونا قسما كل مال على حدة. وإن كان رأس مال أحدهما دراهم ورأس مال الآخر عروضاً (¬1) فإنه لا تكون بينهما شركة مفاوضة ولا شركة عنان (¬2). وإذا باعه (¬3) نصف العروض بنصف الدراهم وتقابضا (¬4) واشتركا شركة مفاوضة أو شركة عنان جاز ذلك. وجميع العروض من العقار والحيوان (¬5) والمتاع والثياب سواء. وكذلك الفضة (¬6) التبر والذهب التبر وحلي مصوغ من ذهب أو فضة، فهو بمنزلة العروض في ذلك، ولا تجوز الشركة في شيء من ذلك (¬7) إلا بالدراهم (¬8) خاصة أو بالدنانير خاصة. ولكن إن اشترى كل واحد منهما نصف مال صاحبه بنصف مال صاحبه وتقابضا فهما شريكان (¬9) في ذلك، إن شاءا (¬10) مفاوضة وإن شاءا (¬11) عناناً. وكذلك الشركة بالفلوس بمنزلة الدراهم والدنانير. ¬

_ (¬1) ص: عروض. (¬2) ف - عنان. (¬3) ف: باع. (¬4) ف: فتقابضا. (¬5) ف: وللحيوان. (¬6) م ص: فضة. (¬7) م ص ف + لا تجوز الشركة. (¬8) ف: في الدراهم. (¬9) م ص: فيما يشتركان. (¬10) ص: إن شاء. (¬11) ص: وإن شاء.

باب بضاعة المفاوضة

وإذا اشترك الرجلان شركة مفاوضة وليس لهما مال فهو جائز. وإن كانا عاملين بأيديهما أو كانا يشتريان بوجوههما فهو جائز. وكذلك الخياطان إذا اشتركا في الخياطة مفاوضة. وكذلك خياط وقصار، وشبه ذلك من العمال، فهو جائز. فمن كانت أعمالهما مختلفة أو واحدة فتفاوضا في ذلك فهو جائز. وإن تقبّل أحدهما عملاً أُخِذَ الآخر به وإن كان عمله غير ذلك العمل. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ... باب بضاعة المفاوضة وإذا أبضع أحد المتفاوضين بضاعة مع رجل فلا ضمان على المفاوض لشريكه، وله أن يُبْضِع، وله أن يدفع مضاربة وأن (¬1) يستودع (¬2)، وليس له أن يقرض. فإن أقرض فهو ضامن لنصف ذلك، ولا يفسد ذلك المفاوضة، وليس له أن يعير في القياس. فإن فعل فأعار دابة فعطبت الدابة تحت المستعير فإن القياس في هذا أن يَضمن المعير نصف قيمة الدابة لشريكه. ولكني أستحسن ولا أضمنه. وهذا قياس قول أبي حنيفة. وهو قول أبي يوسف ومحمد. وكذلك لو أعار ثوباً فهلك عند المستعير لم يكن على المعير ضمان ولا على المستعير. وإذا أبضع المفاوض بضاعة مع رجل، ثم تفرق المتفاوضان قبل أن يشتري المستبضع بالبضاعة، ثم اشترى بالبضاعة بعد (¬3) فرقتهما (¬4) وهو لا يعلم بفرقتهم، فإن شراءه جائز على الذي أمره وعلى شريكة. ولو كان أمره أحدهما (¬5) أن يبتاع لهما متاعاً وسماه بألف درهم ولم يدفع إليه المال كان ما اشترى من ذلك للآمر دون شريكه. ألا ترى أنه لو مات الذي ¬

_ (¬1) ص - وأن. (¬2) ص: ويستودع. (¬3) م ص: فعمد. (¬4) ص: فرقتها. (¬5) ص - أحدهما.

لم يُبضع وبقي الذي أبضع ثم إن المستبضع اشترى المتاع لزم الحي الآمر، ولم يلزم الميت ولا ورثته من ذلك شيء. فإن كان دفع إليه مالاً فورثة الميت بالخيار، إن شاؤوا ضمّنوا حصتهم الآمر؛ وإن شاؤوا ضمّنوا المستبضع. فإن ضمّنوا المستبضع رجع المستبضع بذلك على الآمر؛ وكان المتاع كله للآخر. ولو أن أحد المتفاوضين وكَّل رجلاً أن يبتاع له جارية بعينها بثمن مسمى أو بغير عينها، أو أمره أن يبتاع له متاعاً، ثم إن الشريك الآخر نهى المأمور (¬1) عن ذلك بعدما أمره الأول، لم يكن للوكيل أن يشتري ذلك. ونهي الشريك الآخر مثل نهي الآمر. فإن اشتراه الوكيل بعد ذلك فهو له دون الآمر. ولو لم ينهه الشريك الآخر حتى اشتراه كان المتاع والجارية بين المتفاوضين جميعاً، وكان للبائع الثمن على الوكيل، ويرجع به الوكيل على أي المتفاوضين شاء. وإن (¬2) شاء رجع به عليهما جميعاً. وله أن يأخذ الذي لم يأمره بذلك كله كما له أن يأخذ الذي أمره. ألا ترى أن أحدهما لو اشترى شيئاً بثمن مسمى وقبضه كان للبائع أن يأخذ الآخر الذي لم يشتر بالثمن. أوَلا ترى أن الذي لم يشتر لو وجد بالبَيْع (¬3) عيباً كان له أن يخاصم فيه ويرده (¬4) على البائع (¬5). أوَلا ترى لو أن رجلاً اشترى من أحد المتفاوضين مبيعاً (¬6) فوجد به عيباً كان له أن يرده على الشريك الذي لم يبعه وكان خصمه في ذلك. أرأيت لو كان قصّاران متفاوضان فأسلم رجل إلى أحدهما ثوباً أما كان له أن يأخذ الآخر بعمله ذلك، وللآخر أن يأخذه بالأجر إذا فرغ من العمل. وهذا يبين لك ما ذكرنا قبله. وكذلك كل (¬7) عمل تفاوض فيه رجلان مسلمان أو ذميان. والنساء في ذلك بمنزلة الرجال. ¬

_ (¬1) م ص: الآمر؛ صح م هـ. (¬2) ص: فإن. (¬3) ص: بالمبيع. بالبيع أي بالمبيع، من باب التسمية بالمصدر. (¬4) ص: ويزده. (¬5) م ص ف: على البيع. والتصحيح من الكافي، 1/ 138 ظ. (¬6) م ص: بيعا. (¬7) م - كل.

وإذا أبضع أحد المتفاوضين بضاعة له ولشريكه، شارك شركة عنان، فأبضع ألف درهم بينهما نصفين مع رجل ليشتري له ما متاعاً برضا الشريك (¬1) شريك عنان، غير أن الذي ولي الدفع أحد المتفاوضين، فمات الذي ولي الدفع، ثم اشترى المستبضع بذلك متاعاً بعد موت الدافع، فإن المستبضع ضامن للمال، والمتاع له، ويكون المال نصفه للشريك بشركة (¬2) عنان، ونصفه للمفاوض الباقي ولورثة (¬3) الميت، وقد انقطعت البضاعة حين مات الدافع. ولو كان الدافع حياً ومات الشريك شريك عنان، ثم اشترى المستبضع المتاع، كان المتاع كله للمتفاوضين (¬4) جميعاً، ويلزمهما حصة الآخر. وإن شاء ورثة الميت ضمنوا المستبضع حصتهم من الثمن. فإن ضمنوا المستبضع حصتهم رجع المستبضع بذلك على المتفاوضين (¬5) على أيهما شاء. وإن شاء رجع عليهما جميعاً. وإنما صار المتاع لهما جميعاً لأن الذي دفع المال أحد المتفاوضين، ولأنه حي لم يمت. وكذلك لو أن أحد المتفاوضين أخذ مالاً من رجل على وجه بيع فاسد، فاشترى به وباع، كان البيع لهما جميعاً، والضمان عليهما جميعاً. ولو لم يمت الشريك شريك عنان في الباب الأول ولكن مات أحد المتفاوضين الذي لم يبضع البضاعة، ثم إن المستبضع اشترى المتاع بذلك البضاعة، فإن المتاع يلزم الآمر، ويكون نصفه للشريك شريك عنان، ويضمن المفاوض الحي لورثة شريكه حصتهم من المال، ولا يكون لهم من المتاع شيء. فإن شاء الورثة ضمنوا ذلك المستبضع. فإن ضمنوا المستبضع رجع المستبضع بذلك على الآمر. وإذا أمر أحد المتفاوضين رجلين أن يشتريا له عبداً بثمن مسمى وسمى (¬6) جنسه فاشترياه له فهو له ولشريكه. فإن افترقا في الشركة فقال الشريك الذي لم يأمر: قد اشترياه (¬7) قبل أن نفترق، وهو بيننا جميعاً، وقال ¬

_ (¬1) ص: الشرك. (¬2) م ص: بشرك. (¬3) ص: ولوورثه. (¬4) م ص: للمفاوضين. (¬5) م ص: على المفاوضين. (¬6) ص: أو سمى. (¬7) م ص: قد اشتريناه.

الآمر: اشترياه بعد الفرقة، هو لي خاصة دونك، فإن القول في ذلك قول الآمر مع يمينه، وعلى الآخر البينة (¬1). فإن أقاما جميعاً البينة (¬2) على ما ادعيا من شرائهما، فإنه يؤخذ ببينة الذي لم يأمر؛ لأنه هو (¬3) المدعي والآخر هو المنكر. ألا ترى أنه لو لم تكن بينهما بينة كان على الآمر اليمين. وإن قال الآمر: اشترياه قبل الفرقة فهو بيننا جميعاً، وقال الذي لم يأمر: اشترياه بعد الفرقة فهو لك، فإن القول في هذا (¬4) للذي (¬5) لم يأمن والآخر مدع، فعليه البينة. ألا ترى أنه يريد أن يلزمه نصف العبد بنصف الثمن. فإن أقاما جميعاً البينة أخذت ببينة الآمر، وقضيت به لهما جميعاً، وألزمتهما الثمن جميعاً، يأخذه الآمر فيدفعه إلى الوكيلين. وإن اجتمعا جميعاً على أنهما لا يدريان متى اشترياه فإنه يلزم الآمر دون الآخر. ولو شهد الوكيلان أنهما اشترياه قبل الفرقة لم تجز شهادتهما، ولا يصدقان على الآمر إذا خالفا قوله، لأن القول قوله، والبينة على الآخر. وكذلك كل هذا من شريكين شركة عنان. وإذا أبضع أحد المتفاوضين ألف درهم من شركتهما مع رجل في متاع، وأمره أن يشتريه له، فخرج الرجل، ثم إن المتفاوضين افترقا في شركتهما، ثم إن المستبضع اشترى المتاع بعد فرقتهما، فقدم به وهو لا يعلم بالفرقة، فهو لهما جميعاً. ولو لم يفترقا ولكن أحدهما مات، ثم اشترى المستبضع وهو لا يعلم، فإن كان الذي مات هو الذي لم يبضع، فإن شرى المستبضع جائز على الآمر؛ يلزمه ذلك دون الميت، ولكن ورثة الميت بالخيار، إن شاؤوا رجعوا على الشريك الآمر بنصف الثمن؛ لأن المتاع قد صار له. وإن شاؤوا رجعوا بذلك على المستبضع، ويرجع به المستبضع على الآمر. وإن كان الميت منهما هو الآمر فما اشترى المستبضع فهو لنفسه، وهو ضامن للثمن بين الشريك الحي وورثة الميت. ولا يشبه ¬

_ (¬1) ف - فإن القول في ذلك قول الآمر مع يمينه وعلى الآخر البينة. (¬2) ص - فإن أقاما جميعاً البينة. (¬3) ص - هو. (¬4) ص+ قول. (¬5) م ص: الذي.

الموت الفرقة؛ لأن الفرقة لا تجوز على المأمور (¬1) حتى يضمن الثمن وهو لا يعلم بها. ولو كانا افترقا ثم اشترى المستبضع المتاع وهو لا يعلم ثم هلك المال كان المتاع لهما جميعاً، وكان (¬2) الثمن للمشتري عليهما جميعاً، ولا يبطل فرقتهما البضاعة. ولو مات أحدهما كان الموت مخالفاً للفرقة. فإن اشترى المستبضع بالمال بعد موت الذي لم يبضعه كان المتاع للحي الذي ولي دفع المال إليه، وكان ورثة الميت بالخيار. إن شاؤوا ضمنوا الآمر حصتهم. وإن شاؤوا ضمنوا المستبضع. فإن ضمنوا المستبضع رجع المستبضع بذلك على الآمر. وإنما كان لهم أن يضمنوا الآمر لأن المتاع قد صار له. وإذا أبضع أحد المتفاوضين رجلاً بضاعة، وأمره أن يشتري له متاعاً قد سماه بألف درهم، ولم يدفع إليه المال، فلما ذهب المستبضع تفرق المتفاوضان في شركتهما، ثم إن المستبضع اشترى المتاع، فإن المتاع كله يكون للآمر دون شريكه؛ لأنه أمره ولم يدفع إليه المال (¬3)، وهذا مخالف لدفع المال. ألا ترى أن رجلاً لو أعطى (¬4) رجلاً مالاً مضاربة، فأبضعه المضارب رجلاً، ثم إن رب المال نهى المضارب عن البيع والشراء به، وناقضه المضاربة (¬5)، ثم إن المستبضع اشترى بالمال ولم يعلم بالمناقضة، أن ذلك جائز، وهو على المضاربة على حاله. ولو كان رب المال يستطيع أن ينقض ذلك بغير علم المستبضع كان المستبضع ضامناً، فهذا قبيح، لا يجوز أن يضمن المستبضع وهو غائب، ينهى رب المال المضارب عن الشراء، والمستبضع لا يعلم بنهيه إياه. ولو لم يكن المستبضع قبض المال، وكان المضارب إنما أمره بذلك، ولم يدفع إليه المال، ثم إن ¬

_ (¬1) ف: على الآمر؛ صح هـ. (¬2) م ص: وإن كان؛ ف: كان. (¬3) ف - فلما ذهب المستبضع تفرق المتفاوضان في شركتهما ثم إن المستبضع اشترى المتاع فإن المتاع كله يكون للآمر دون شريكه لأنه أمره ولم يدفع إليه المال. (¬4) ص: لو أن رجلاً أعطى. (¬5) م ص: المضارب.

باب خصومة المتفاوضين فيما بينهما إذا أنكر أحدهما الشريك أو أقر به أو مات أحدهما

رب المال قبض ماله من المضارب، وناقضه المضاربة، ثم اشترى المستبضع البضاعة، لزمت الآمر المضارب دون رب المال. وكذلك الشريك شريك عنان (¬1). وكذلك المفاوض. ودفع المال في ذلك وغير دفعه مختلف. ولو كان رب المال لم يناقضه المضاربة، ولكنه مات، ثم اشترى المستبضع المتاع بالمال، وهو لا يعلم، وقد كان المال دفع إليه، فإن شراءه جائز، ويلزم المال المضارب دون رب المال، وورثة رب المال بالخيار. إن شاؤوا رجعوا بالمال على المضارب؛ لأن المتاع قد صار له. وإن شاؤوا رجعوا على المستبضع، ورجع بذلك على المضارب. وموت رب المال مخالف للنهي في دفع المال إلى الوكيل. وكذلك موت أحد المفاوضين بعد أن يكون المستبضع قد قبض المال. فإن لم يكن قبض المال فنهيه (¬2) وموته سواء. وكذلك موت المستبضع الذي سلطه رب المال على أن يبضع ماله مع من شاء فهو مثل ذلك. ... باب خصومة المتفاوضين فيما بينهما إذا أنكر أحدهما الشريك أو أقر به أو مات أحدهما وإذا ادعى رجل قِبَلَ رجل أنه شاركه وجحد المدعى عليه ذلك، والمال في يد الجاحد، فإن البينة على المدعي، واليمين على المنكر. فإن أقام المدعي البينة أنه مفاوضة وأن هذا المتاع وهذا الرقيق هو في يد المنكر، وقال الشهود: هو في شركتهما، أو قالوا: هو بينهما نصفين، أو لم يقولوا: من شركتهما (¬3) ولا بينهما نصفين، غير أنهم شهدوا أنه في يديه وأنه مفاوضة، فإنه يقضى للمدعي بنصف ذلك كله. فإن ادعى الذي هو في ¬

_ (¬1) ص: العنان. (¬2) ف: فهنيه. (¬3) ص: من شركهما.

يديه في ذلك ميراثاً لم يقبل ذلك منه. وإن أقام البينة على ذلك لم يقبل منه؛ لأنه في يديه وهو يجحد، وقد قضي عليه ببينة قامت عليه، فلا تقبل منه البينة على شيء من ذلك. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: إذا لم يشهد الشهود إلا بالمفاوضة لم يزيدوا على ذلك ولم يذكروا المتاع بشيء قبلت بينة الذي المتاع في يديه إن (¬1) ادعى بعض ذلك المتاع أنه له ميراث أو هبة أو صدقة عليه ممن يملكه. ولو كانوا شهدوا على المتاع أنه في يديه، وادعى أن شريكه وهب له حصته من عبد في يديه، والعبد قائم بعينه، وأقام البينة على الهبة والقبض، قُبِلَ ذلك منه في قولهما جميعاً. وكذلك الصدقة والنحلى والعطية. ولا يشبه دعواه ذلك مِن قِبَل شريكه دعواه مِن قِبَل عبده في قول أبي يوسف. ألا ترى أنهم لو شهدوا أن هذا العبد من شركتهما، فأقام البينة الذي هو في يديه أن المدعي وهبه له أو تصدق به عليه، أجزت (¬2) ذلك. ولو أقام البينة أنه ورثه عن أبيه وهو يملكه، أو أن رجلاً آخر وهبه له أو تصدق به عليه وقبضه، لم أقبل ذلك منه؛ لأنه لا بينة عليه. إنما البينة على المدعي الذي يخاصمه. فإذا ادعاه من قِبَل المدعي - والذي في يديه هو المدعي هاهنا- فعليه البينة، والذي ليس في يديه هو المنكر، فلا بينة عليه. ولو أن رجلاً ادعى قِبَلَ رجل أنه شريكه شركة مفاوضة، وفي يد المدعى عليه متاع ومال، فأقر المدعى عليه (¬3) بالمفاوضة، وادعى عبداً في يديه أنه ميراث له، وأقام على ذلك (¬4) البينة، فإن ذلك يقبل منه، ويقضى له بالعبد؛ لأنه مقر بالمفاوضة، مدع للميراث، فهو المدعي في هذا الوجه (¬5)، وعليه البينة. ولو لم تكن له بينة كان على صاحبه اليمين. ألا ترى أن المتاع لو كان في أيديهما وهما مقران بالمفاوضة، فادعى أحدهما شيئاً مما في أيديهما من العروض أنه له من ميراث، وأقام البينة، قبلت بينته (¬6)، ¬

_ (¬1) ص: وإن. (¬2) ص + له. (¬3) ص - عليه. (¬4) ف - على ذلك. (¬5) ف - الوجه. (¬6) م: ببينته.

فإن لم تكن له بينة استحلفت صاحبه على ما يدعي. فكذلك إذا كان المتاع في يدي المدعي، وهو مقر بالمفاوضة. والباب الأول الذي أنكر فيه المفاوضة لا يمين على صاحبه فيه؛ لأنه قد أقام البينة على الشركة، فهو المدعي، وعليه البينة، ولا يمين عليه، ولا يكون المنكر مدعياً. وكذلك إذا أقر بالمفاوضة، ثم ادعى داراً في يديه هبة من رجل أو صدقة، وأقام على ذلك البينة، فإنه تقبل منه البينة على ذلك، ويقضى له بالدار. وإذا ادعى رجل قِبَلَ رجل شركة في عبد (¬1) خاصة، وجحد الذي في يديه العبد، فأقام المدعي البينة أن العبد بينهما نصفين، فإنه يقضى له بنصفه، ولا يقبل من الذي في يديه العبد البينة أن العبد ميراث له. وشركة العنان والمفاوضة في هذا سواء. أرأيت رجلاً ادعى عبداً في يدي رجل أنه بينهما نصفين، وأنهما شريكان مفاوضان، وأقام على ذلك البينة، فقضي له بنصف العبد، أيقبل من الذي في يديه العبد البينة أنه ميراث. أرأيت لو أقام البينة أنهما اشتريا العبد جميعاً من فلان بألف درهم، ونقداه الثمن، وقبض الذي في يديه العبد العبد برضا من شريكه، فشهد الشهود على هذا، فقضيت له بنصف العبد، أكنت أقبل من الذي في يديه العبد البينة أنه ميراث. لا أقبل منه في شيء من هذه المسائل في قول أبي يوسف. وإذا مات أحد المتفاوضين والمال في يد الباقي، فادعى ورثة الميت المفاوضة، وجحد ذلك الحي، فأقاموا على ذلك البينة أن أباهم كان شريكه شركة مفاوضة، فإنه لا يقضى لورثة الميت بشيء مما في يد هذا الحي، إلا أن يقيموا البينة أنه كان في يديه في حياة الميت، أو يقيموا البينة أنه من شركة ما بينهما. فإن أقاموا البينة أنه كان في يديه في حياة (¬2) الميت أو أنه من شركة ما بينهما فإنه يقضى لهم بنصفه. فإن أقام الحي البينة أنه ميراث من أبيه (¬3) فإنه لا تقبل منه البينة؛ لأنه المدعى عليه، وإنما البينة على ¬

_ (¬1) م: في عين. (¬2) م ص: من حياة. (¬3) ف: من ابنه.

المدعي. ولو كان المال في يد الورثة وجحدوا الشركة، فادعى الرجل الحي الشركة، وأقام البينة على شركة (¬1) المفاوضة، وأن هذا المال كان في يد صاحبهم قبل موته، وأقام على ذلك البينة، وأقام الورثة البينة أن أباهم مات وترك هذا ميراثاً من غير شركة ما بينهما، لم أقبل منهم البينة على ذلك، وأقضي للمدعي بنصفه. وكذلك لو قالوا: مات جدنا فتركه ميراثاً لأبينا، وأقاموا البينة على ذلك، فإنه لا يقبل ذلك منهم. ألا ترى أن المدعي الذي ليس في يديه هو الذي عليه البينة، واليمين على من أنكر الذي في يديه المتاع. وهذا قول أبي يوسف. وقال محمد: أقبل البينة من الورثة على ذلك إذا لم يشهد الشهود على شيء بعينه أنه من شركتهما. وإذا اختصما (¬2) المتفاوضان وتفرقا، فقال أحدهما والمال في يديه: إنما كنتَ شريكي بالثلث، وقال الآخر: بالنصف، إلا أن كليهما قد أقرا بالمفاوضة، فإن الشركة بينهما نصفين، وكل متاع أو رقيق أو دور أو شيء من متاع التجارة فهو بينهما نصفين، وما كان من ثياب كسوة أو متاع بيت أو رزق العيال أو خادم مدبَّرةٍ أو أم ولد يطؤها فإني (¬3) أجعل ذلك لمن كان في يديه، ولا أجعله في الشركة. أستحسن ذلك وأدع القياس فيه. وكان ينبغي في القياس أن يدخل هذا كله في الشركة. وإذا مات أحد المتفاوضين وكان المال في يديه وفي يدي الباقي، فقال الباقي وهو الذي بقي المال في يديه لورثة الميت: كان صاحبكم شريكي شركة مفاوضة بالثلث، وقال الورثة: بالنصف، فإن القول قول الورثة، وهو بالنصف؛ لأن الحي قد أقر بالمفاوضة، والمفاوضة لا تكون إلا بالنصف. وكذلك لو كان المال في يدي الورثة، فأقروا أن الحي كان شريك الميت مفاوضة بالثلث، وقال الحي: بالنصف، فهو بالنصف (¬4). ¬

_ (¬1) م ص ف: على الشركة. (¬2) على لغة أكلوني البراغيث. وهو كثير في الكتاب. وقد أجاز الكوفيون ذلك، والإمام محمد كوفي النشأة. (¬3) م: فان. (¬4) ص - فهو بالنصف.

ومن أقر بالمفاوضة فهو على النصف، ولا يصدق على دعوى أكثر من ذلك ولا أقل. ولو كان الشريكان حيين (¬1) جميعاً، والمال في يد أحدهما، وهو يجحد الشركة، فأقام الآخر البينة أنه شريكه شركة مفاوضة، له الثلثان، وللذي (¬2) في يديه المال الثلث، فإني أستحسن أن أجيز شهادتهم، وأجعل المال بينهما نصفين. وكان ينبغي في القياس حيث أقروا (¬3) بالمفاوضة أن يكون قد أكذب شهوده حين شهدوا له بالثلثين. ولكني أدع القياس فيه وأجعل المال بينهما نصفين. وكذلك لو مات (¬4) المدعي فكان ورثته هم المدعين (¬5) وأقاموا البينة على ذلك فهو (¬6) على ما وصفت لك. ولو أن متفاوضين تفرقا، ثم أقام أحدهما البينة أن المال كان كله في يدي (¬7) صاحبه، وأن قاضي كذا وكذا قد قضى بذلك عليه، وسموا المال، وشهدوا أن القاضي قضى به بينهما نصفين، وأقام الآخر البينة على صاحبه بمثل ذلك على ذلك القاضي بعينه، أو على قاض آخر، فإن عُلِمَ (¬8) القضيةُ الآخرة وقد كان القضاء من قاض واحد فهذا رجوع عن القضاء الأول، ويؤخذ بقضائه الآخر. وإن (¬9) كان الأمر من قاضيين لزم كل واحد منهما القضاء الذي نفذ عليه، ويحاسب كل واحد منهما صاحبه بما عليه، ويترادان الفضل. وكذلك لو كان من قاض واحد ولم تُعلَم (¬10) أي القضيتين أول فهو مثل ذلك. وإذا افترق المتفاوضان أو مات أحدهما، وبينهما أموال عظيمة فيها الدور والعروض والرقيق والدواب والغنم والبز والقطن، من ذلك في يد ¬

_ (¬1) ص: جين. (¬2) ص: والذي. (¬3) م ص: أقر. (¬4) ص: لو كان. (¬5) م ص ف: المدعون. (¬6) ص - فهو. (¬7) م: في يد. (¬8) م ص: على. (¬9) ف: ولو. (¬10) ص: يعلم.

أحدهما دون الآخر، ومن ذلك ما سواه باسم أحدهما دون الآخر (¬1)، وهما يتجاحدان المفاوضة، وقد أوصى الميت بالثلث، وعليهما دين من التجارة أو على أحدهما، وعلى كل واحد منهما دين من مهر امرأته، وقامت البينة على المفاوضة، فإنه يقضى بذلك كله بينهما نصفين. وما كان من دين عليهما أو على أحدهما من التجارة فهو عليهما جميعاً. وما كان من ذلك من مهر امرأة أو جناية فهو على (¬2) الذي ولي ذلك خاصة. وما أوصى به الميت فهو في ثلث حصته بعدما يقضى (¬3) الدين كله، ولا يلزم صاحبه من الوصية شيء. وما كان من ميراث ورثه أحدهما دون الآخر كان (¬4) له خاصة. وكذلك كل جائزة أجازه بها سلطان أو هبة أو هدية إن كان ذلك قبل موت الميت أو بعد موته فهو سواء. ولا يُفْسِدُ شيء من ذلك المفاوضة إلا أن تكون دراهم أو دنانير قد قبضها (¬5). وكل وديعة كانت عند أحدهما فهي عندهما جميعاً. فإن مات المستودع قبل أن يبين لزمتهما جميعاً. وإن كان المستودع حيًّا فقال: قد دفعتها، كان مصدقًا. ولو قال بعد موت صاحبه: أكلتها في حياة الميت، فهي (¬6) عليه خاصة، ولا يصدق على صاحبه. ولو قامت البينة أنه أنفقها في حياة الميت كانت عليهما جميعاَ. وإن قال الحي منهما: ضاعت من يد الميت قبل موته، وكان الميت هو المستودع، أو كان المستودع (¬7) هو الحي منهما، فإن كان (¬8) الميت المستوح، لزم الحي الضمان بإقراره بالوديعة، لأنا (¬9) لا نعلم ما قال؛ وإن كانت الوديعة عند الحي وهو الذي استودعها فهو مصدق، ولا ضمان عليه ولا على (¬10) الميت في تركته. ... ¬

_ (¬1) وعبارة ب هكذا: وبعضه في يد أحدهما خاصة وبعضه باسم أحدهما خاصة. (¬2) ف - على. (¬3) ص: انقضى. (¬4) م ص: فان. (¬5) م ص ف: قد قبضه. (¬6) م ص: وهي. (¬7) ص - أو كان المستودع. (¬8) م ص - كان. (¬9) م ص: أنا. (¬10) م: ولا أهل.

باب وديعة المفاوض

باب وديعة المفاوض وإذا استودع أحد المتفاوضين وديعة من مالهما فلا ضمان عليه في ذلك، وله أن يستودع كما له أن يستبضع، لأن الوديعة من التجارة. ولو جحد المستودع ولا بينة له حلّفه بالله، فإن حلف برئ، ولا ضمان على المفاوض بجحود المستودع. ولو أقر المستودع بالوديعة، وقال: دفعتها إلى المفاوض الذي أودعني أو إلى صاحبه، كان بريئاً بقوله، وهو مصدَّق؛ فإن جحد الذي ادعى عليه ذلك فلا ضمان على واحد منهما بقول المستودع. ولا ضمان على المستودع بقوله: دفعت الوديعة إلى الشريك، لأنه يبرأ إذا دفع الوديعة إلى أحدهما أيهما ما (¬1) كان. ولو قال: دفعتها إلى الذي أودعني، وجحد ذلك المفاوض المودع، وادعى ذلك المفاوض الذي لم يودع، فإنهما لا يصدَّقان على المفاوض المودع بعد أن يحلف بالله: ما (¬2) قبضت. ولو حلف المستودع بالله: لقد دفعت إليك، برئ من الضمان، ولم يصدق على هذا. ولو مات المودع المفاوض، فقال المستودع: قد كنت دفعتها إليه في حياته، برئ المستودع، ولا يصدق على ورثة المودع، ولا يصدق على تركته. وكذلك لو مات الذي لم يودع، فقال المستودع: قد كنت دفعتها إليه، فإنه يبرأ من ذلك بعد أن يحلف، ولا يصدق على الميت إذا (¬3) جحد الورثة ذلك بعد أن يحلفوا على علمهم. ولو قال المستودع: قد دفعتها إلى ورثة الميت، فكذّبوه وحلفوا ما قبضوا، فإن المستودع يضمن (¬4) الحي نصف المال، فيكون ذلك بين الحي وبين ورثة الميت نصفين. ¬

_ (¬1) ص - ما. (¬2) ف - ما. (¬3) م ص ف: وإذا. والتصحيح من ب. (¬4) م ص + حصة.

ولو كان قال: قد دفعت ذلك إلى الحي الذي أودعني بعد موت الذي لم يودعني، وحلف على ذلك، فإنه بريء، ولا يصدق على الحي بعد أن يحلف الحي بالله ما قبض. ولو كان المودع هو الذي مات، فقال المستودع: قد دفعتها إلى ورثته، وحلف (¬1) على ذلك، وجحد الورثة وحلفوا على ذلك، فإن المستودع يضمن نصف المال حصة الحي، فيكون ذلك بين الحي وورثة الميت نصفين، من قِبَل أنه إنما خالف في النصف، لأن النصف للورثة، فلا ضمان عليه في الذي لهم، والنصف للشريك الباقي (¬2)، فإذا دفعه إلى غير من أودعه إياه ضمن، فيكون ذلك بينهم، ولا يصدق على إبطال حق ورثة الميت من هذا الذي أدى. ولو قال: قد دفعت المال إليكما جميعاً، إلى الحي نصفه، وإلى ورثة الميت نصفه، وجحدوا جميعاً ذلك، فإن المستودع يحلف على ذلك، وإن حلف برئ. وإن أقر أحد الفريقين بقبض نصفِ شَرِكَه الفريقُ الآخر فيما أخذ، لأن المال بينهم نصفين. ولو مات المستودع والمفاوضان حيان كانت الوديعة ديناً في مال المستودع لهما. فإن ماتا أو مات أحدهما بعد ذلك أو قبل ذلك فهو سواء، والمال دين في مال المستودع. فإن أقر المستودع عند موته أن المال قد هل كأو أنه قد دفعه إلى الذي أودعه إياه فهو مصدَّق، وهو بريء. فإن صدقه المفاوض كان المال بينه وبين شريكه. فإن جحد ذلك لم يلزم المال بقول المستودع. وإن قال المستودع: قد دفعت المال إلى المفاوضين جميعاً، فأقر أحدهما بذلك وجحد الآخر، فإن المستودع بريء، والمقر بذلك مصدق على نفسه وعلى شريكه. ¬

_ (¬1) ص: حلف. (¬2) م ص ف: والباقي.

باب عارية المفاوض

وإن افترق المتفاوضان، ثم قال المستودع: قد دفعت المال إلى الذي أودعني، وكذبه بذلك، فالمستودع (¬1) بريء، ولا ضمان على الآخر بعد أن يحلف. ولو قال المستودع: دفعته إلى الآخر بعد الفرقة، وكذبه الآخر، ضمن نصف المال الذي أودعه إياه، فيكون بينهما نصفين. ولو صدقه الآخر كان المودع بالخيار، إن شاء ضمن المستودع حصته، وإن شاء رجع به على شريكه. ... باب عارية المفاوض وإذا استعار رجل (¬2) من أحد المتفاوضين دابة فركبها فعطبت الدابة، ولم يأذن له الآخر (¬3) في ذلك، فإنه يضمن في القياس نصف قيمتها للآخر إذا كانت الدابة من المفاوضة، ولكني أستحسن وأدع القياس فيه (¬4)، فلا أضمن المعير ولا الراكب. ألا ترى أن العبد المأذون له في التجارة يعير (¬5) الدابة فلا يضمن الراكب وإن كان على العبد دين. ولا يشبه (¬6) العارية القرض. ألا ترى أن العبد ليس له أن يقرض. وكذلك إذا أعار أحد المتفاوضين ثوباً من المفاوضة رجلاً فلبسنه الرجل حتى تخرّق فلا ضمان عليه في ذلك. وكذلك لو أعار داراً (¬7) من المفاوضة فأسكنها رجلاً فانهدمت من سكناه لم يضمن (¬8) الساكن ولا المعير. وكذلك الطعام يهديه أحد المتفاوضين لرجل أو يدعوه إليه وهو من المفاوضة فلا ضمان على الآكل ولا على الداعي. ألا ترى أن العبد التاجر يهدي الطعام ويدعو إليه، فلا يكون بذلك بأس، ولا ضمان على الآكل. ¬

_ (¬1) ص: فإن المستودع. (¬2) ص: استأجر الرجل. (¬3) ف: له في الأجر. (¬4) ص - فيه. (¬5) ص: يقبض. (¬6) ص: تشبه. (¬7) م ص: ولدا. (¬8) م: ولم يضمن.

الأحوص بن حكيم عن أبيه (¬1) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أجاب دعوة عبد (¬2). يعقوب بن إبراهيم عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد عن ابن عباس عن سلمان الفارسي أنه قال: أهديت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا عبد قبل أن أكاتب، فقبل ذلك مني (¬3). يعقوب قال: حدثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: أعرست وأنا عبد، فدعوت رهطًا من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فيهم أبو ذر، فأجابوني (¬4). فعارية المفاوض وأكل طعامه وقبول هديته وإجابة دعوته بغير أمر شريكه جائز لا بأس به. ولو كسا المفاوض رجلاً ثوباً أو وهب له دابة لم تجز [في] حصة (¬5) شريكه من ذلك، ولشريكه أن يضمنه، وإن شاء ضمن قابض ذلك. ولا يجوز ذلك في الذهب والفضة ولا في الأمتعة ولا في الحيوان كله ولا في الحنطة والحب كله. إنما أستحسن ذلك في الفاكهة واللحم والخبز وأشباه ذلك مما يؤكل. ¬

_ (¬1) الأحوص بن حكيم قريب من طبقة الإمام أبي حنيفة على ما يظهر من ترجمته. أما أبوه حكيم بن عمير فهو تابعي يروي عن عمر وغيره. انظر: تهذيب التهذيب لابن حجر، 1/ 168، 2/ 387. (¬2) عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجيب دعوة المملوك. انظر: سنن ابن ماجه، التجارات، 66؛ الزهد، 16؛ وسنن الترمذي، الجنائز، 32. (¬3) هو في الحديث الطويل في إسلام سلمان الفارسي - رضي الله عنه - من طريق محمد بن إسحاق نحواً من هذا. انظر: مسند أحمد، 5/ 439، 442 - 443. وانظر: المصدر السابق، 5/ 354، 438. (¬4) رواه عبدالرزاق وابن أبي شيبة مطولاً من طريق داود بن أبى هند. انظر: المصنف لعبد الرزاق، 6/ 191؛ والمصنف لابن أبي شيبة، 6/ 92. (¬5) م ص + شركه؛ ف هـ + شركه. والتصحيح من ب؛ والكافي، 1/ 139 ظ؛ والمبسوط، 11/ 193.

وإذا استعار الرجل دابة من أحد المتفاوضين فعطبت تحته، فقال الذي لم يعره: إنه جاوز الوقت، وقال الذي أعاره: قد وَقَّتُ (¬1) حيث ذهب، فلا ضمان عليه. فإن قال الذي أعاره: قد جاوز الوقت، وقال الذي لم يعره: قد وَقَّتَّ (¬2) له حيث بلغ، فلا ضمان على الراكب، أيهما أقر له بذلك الوقت الذي عطبت فيه الدابة فلا ضمان عليه. وكذلك الثوب والمتاع وكلما يستعار أعار أحدهما صاحبه وهو من شركتهما فعطبت في العارية، فقال أحدهما: خالف، وقال الآخر: لم يخالف، فلا ضمان على المستعير. ولو أن رجلاً أعار أحد المتفاوضين دابة ليركبها إلى مكان معلوم فركبها شريكه فعطبت فهما ضامنان، يأخذ رب الدابة أيهما شاء. وكذلك الثوب. فإن كان الذي ركبها إنما ركبها في حاجتهما فالضمان عليهما في أموالهما. وإن كان ركبها في حاجة لنفسه (¬3) خاصة فالضمان عليهما (¬4) جميعاً، ويرجع الشريك إن أدى المال من شركتهما على الراكب بنصف ما أدى، فيكون ديناً (¬5) له عليه، لأن الشريك الراكب ركبها على غير تجارتهما، فكان (¬6) بمنزلة غصب اغتصبه أوطعام اشتراه فأكله. فإن كان الراكب أدى ثمن الدابة الغصب من شركتهما فنصف ذلك دين عليه لشريكه. وإذا استعار أحد المتفاوضين دابة ليحمل عليها طعاماً (¬7) له خاصة لرزقه من مكان معلوم، فحمل عليها شريكه طعاماً مثل ذلك من ذلك الموضع، من تجارتهما أو شركتهما أو لنفسه خاصة لرزقه، إلى موضعه الذي سماه المستعير، فلا ضمان عليه، إن كان من شركتهما أو كان اشتراه لرزقه فهو سواء، من قبل أن حمل (¬8) أحدهما مثل حمل الآخر. ألا ترى أن الشريك لو حمل طعاماً من شركتهما لم يضمن. وكذلك لو حمل عليها ¬

_ (¬1) ف: قد وقف. (¬2) م ص ف: قد دفعت. (¬3) ص: لنفس. (¬4) ف - في أموالهما وإن كان ركبها في حاجة لنفسه خاصة فالضمان عليهما. (¬5) م: دينارا. (¬6) ف: وكان. (¬7) م: متاعا؛ صح هـ. (¬8) ف - حمل؛ صح هـ.

طعاماً لغيرهما فهو مثل ذلك. ألا ترى لو أن رجلاً استعار من رجل دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة (¬1)، فبعث الدابة مع وكيل له ليحمل عليها الطعام، فحمل الوكيل طعاماً لنفسه مثله، أنه لا يضمن، فالمفاوضة (¬2) أوجب من الوكالة. وإذا استعار أحد المتفاوضين دابة ليحمل عليها عِدْل زُطِّي (¬3)، فحمل عليها شريكه مثل ذلك العدل من ذلك الموضع إلى الموضع الذي سمى، فلا ضمان على واحد منهما إن كان العدل الأول من تجارتهما أو بضاعة أو كان العدل الآخر من تجارتهما أو بضاعة. ولكنه لو حمل عليها طَنَافِسَهُ (¬4) أو أَكْسِيَة (¬5) كان ضامناً إن عطبت الدابة. فإن كان ذلك من تجارتهما فالضمان عليهما. وإن كانت بضاعة عند الذي حمل فالضمان عليهما، ويرجع الشريك على الذي حمل بنصف ذلك، لأنه بمنزلة الغاصب. وإذا استعار أحد المتفاوضين دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة، فحمل عليها شريكه مخاتيم شعير فلا ضمان عليهما إن عطبت الدابة، والشعير- في ذلك بمنزلة الحنطة. ولو كانا شريكين شركة عنان في التجارة في البيع والشراء فاستعار أحدهما دابة ليحمل عليها عشرة مخاتيم حنطة من شركتهما، فحمل عليها شريكه عشرة مخاتيم شعير من شركتهما لم يضمن، والمفاوض والعنان في هذا سواء. ولو استعارها الأول ليحمل عليها حنطة رزقاً لأهله، فحمل عليها شريكه شعيراً له خاصة، كان شريكه ضامناً، لأنه لم يأمره بذلك. ¬

_ (¬1) ص - حنطة. (¬2) م ص ف: فالمفاوض. ووقع عند السرخسي "فللمفاوضة" محرفا. انظر: المبسوط، 11/ 194. وعبارة ب: فالمفاوض أولى من الوكيل. (¬3) ص: نطي. العدل واحد العدلين اللذين يكونان على جنبي الدابة. انظر: المغرب، "عدل". والزطي نوع من الثياب. انظر: المغرب، "زطط". (¬4) جمع طنفس، ويقال: للبسط والثياب والحصير. انظر: القاموس المحيط، "طنفس". (¬5) ص: أو أكسيته.

وإذا ادعى رجل أن أحد المتفاوضين باعه خادماً، فجحد ذلك، وحلّفه القاضي على ذلك، فأراد المدعي استحلاف الآخر، فإن القاضي يستحلفه له على علمه، فإن حلف فلا بيع للمدعي، وإن نكل عن اليمين لزمته الجارية بالثمن الذي ادعى المشتري، ونفذ (¬1) البيع (¬2) للمشتري على المفاوضين جميعاً. وكذلك كل أرض أو عقار أو رقيق أو حيوان أو بز أو متاع أو عروض ادعى رجل أن أحد المتفاوضين باعه ذلك بثمن مسمى، أو ادعى أنه أشرك فيه، أو ادعى أنه سلم له داراً بالشفعة، وجحد ذلك المفاوض، واستحلفه القاضي على ذلك فحلف، فإن للمدعي أن يستحلف شريكه على علمه، فإن نكل عن اليمين أمضى ذلك عليهما جميعاً (¬3)، وإن حلف برئا جميعاً من تلك الدعوى ولم تلزمهما (¬4). وإن ادعى المدعي ذلك عليهما جميعاً كان له أن يستحلف كل واحد منهما البتّة (¬5). فأيهما نكل عن اليمين أمضى الأمر عليهما جميعاً. وإن ادعى ذلك على أحدهما وهو غائب كان له أن يستحلف الحاضر على علمه، فإن حلف فهو بريء، وإن (¬6) قدم الغائب كان له أن يستحلفه البتّة. وكذلك لو ادعى أنه باع أحدهما جارية وجحد المفاوض ذلك فإن له أن يستحلفه البتة، ويستحلف شريكه على علمه. وكذلك العروض والحيوان والمتاع. وكذلك لو ادعى أنه استأجر من أحدهما أو أجّره دابة أو أرضاً أو داراً. وكذلك لو ادعى أنه أتجرهما جميعاً أو استأجر منهما جميعاً. ¬

_ (¬1) ص: ونقد. (¬2) م: الثمن؛ صح هـ. (¬3) ف - جميعاً. (¬4) ص: يلزمهما. (¬5) البَتّ هو القطع. انظر: المغرب، "بتت". فيحلف يميناً قاطعة، ولا يحلف على علمه فقط، لأن كل واحد منهما في هذه الحالة يحلف على فعل نفس. انظر: المبسوط، 11/ 195. (¬6) م: فإن.

باب اليمين التي تلزم أحد المتفاوضين دون الآخر

وكذلك لو ادعى أن أحدهما رهنه رهناً وقبضه ثم خاصمه والرهن في يد المفاوض (¬1) وأراد قبضه فله أن يستحلفه البتة، ويستحلف شريكه على علمه. وإن ادعى أنهما وَلِيَا ذلك جميعاً استحلفهما جميعاً البتة. وكذلك لو ادعى على (¬2) أحدهما أنه أخذ منه (¬3) ثمن بَيْع (¬4) أو أنه قضاه نصفه (¬5) وجحد المفاوض ذلك (¬6). وكذلك لو ادعى على أحدهما ديناً كان له أن يستحلفه البتة، ويستحلف الآخر على علمه، فأيهما نكل عن اليمين لزمهما (¬7) الأمر (¬8) جميعاً. وكذلك لو ادعى عبد من تجارتهما الكتابة على أحدهما وجحد الآخر فإن له أن يستحلفه البتة، ويستحلف شريكه الآخر على علمه. ولو أن رجلاً أسلم ثياباً إلى قصار بأجر معلوم، فجحد القصار ذلك، واستحلفه القاضي، فحلف، وللقصار شريك مفاوض، فأراد أن يستحلف شريكه القصار على علمه، كان له ذلك. ولو كان صاحب المتاع له شريك مفاوض لم يكن للشريك أن يستحلف القصار بعد استحلاف شريكه. وكذلك كل خياط وإسكاف (¬9) أو صباغ أو صائغ أو حائك أو صانع من الصناع. ... باب اليمين التي تلزم أحد المتفاوضين دون الآخر وإذا ادعى رجل على أحد المتفاوضين جراحة خطأ لها أرش ولا بينة ¬

_ (¬1) م ف: المتفاوض. والتصحيح من به (¬2) ف - على. (¬3) م ص ف: عنه؛ م ف + الامن؛ ص + الامر. وعبارة ب: قبض منه. (¬4) أي: مبيع. (¬5) ص ف: بنصفه. (¬6) ص - ذلك. (¬7) ص: لزمه. (¬8) ف: الاجر. (¬9) ص: أو إسكاف.

له فإن له أن يستحلفه (¬1) على ذلك البتة، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمه الأرش. وإن حلف (¬2) وأراد (¬3) المدعي أن يستحلف شريكه فليس له ذلك، لأن هذا أرش جناية، ليس من التجارة. ألا ترى أنه لو قامت بينة لم يلزم شريكه منه شيء. وكذلك لو أن امرأة ادعت على أحدهما مهراً أكثر من مهر مثلها وجحد ذلك فإنه يقضى عليه بأن يحلف لها، ولا يمين على شريكه. وكذلك لو ادعى (¬4) رجل على أحدهما من أرش جراحة عمد (¬5) كانا اصطلحا فيها. وكذلك امرأتان متفاوضتان (¬6) اختلعت إحداهما من زوجها بمال فادعى (¬7) أكثر من ذلك فله أن يستحلفها، ولا يمين على شريكتها (¬8). ولو أن رجلاً ادعى على أحد المتفاوضين من كفالة بدين استحلفه (¬9) في قول أبي حنيفة، لأن أبا حنيفة قال: الكفالة لازمة للشريك، وهي من التجارة. وقال أبو حنيفة: لو أن أحد المتفاوضين كفل عن رجل بمال لزم شريكه من ذلك ما يلزم الذي وليه. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يلزم الشريك الكفالة، ولا يمين على شريكه (¬10)، لأن الكفالة معروف (¬11)، ولا تلزم إلا من صنعه ووليه. ولو ادعى قِبَلَه كفالة بنفس فاستحلفه القاضي فحلف فليس للمدعي أن يستحلف شريكه، لأن هذا لو قامت به بينة لم يلزم شريكه منه شيء في قولهم جميعاً. ¬

_ (¬1) ص ف: أن يستحلف. (¬2) ص - حلف. (¬3) م - وأراد؛ ص: أراد. (¬4) م ص: لو ادعاه. (¬5) ص: عبد. (¬6) ف: متفاوضاتان. (¬7) ص + أحدهما. (¬8) ص: على شريكها. (¬9) م ص: فاستحلفه. (¬10) م ص: على شريك. (¬11) م ص ف: معروفة. والمعنى أن الكفالة تبرع. انظر: المبسوط، 11/ 196.

باب اليمين تجب للمتفاوضين على رجل

باب اليمين (¬1) تجب للمتفاوضين على رجل وإذا ادعى أحد المتفاوضين على رجل ديناً أو سَلَماً أو خادماً ذكر أنه اشتراها منه أو ذكر أنها له ولشريكه، فجحد المدعى قِبَلَه ذلك، فقدمه إلى القاضي، فاستحلفه على ذلك فحلف، ثم جاء الشريك فأراد أن يستحلفه، فليس له ذلك. واستحلاف صاحبه إياه بمنزلة استحلاف الآخر. ألا ترى أن اليمين على واحد، ولا يحلّف الواحد مرتين. وكذلك لو ادعى عليه أنه باعه جِرَاب هَرَوِي (¬2) أو قُوهِي أو عِدْل زُطِّي (¬3) أو ادعى قِبَلَه إجارة حانوت في السوق أو إجارة عبد من تجارتهما وجحد الآخر فاستحلفه القاضي فحلف على ذلك ثم جاء الآخر فليس له أن يستحلفه، واليمين لهما جميعاً. وكذلك لو كانا مشتركين في هذا الباب شركة عنان لم يكن للشريك أن يستحلفه. وكذلك المضارب والمستبضع يشتري بالبضاعة أو بالمضاربة بَيْعاً (¬4) أو يستأجر بمتاع (¬5) منها دوابًا فجحد ذلك، فحقفه القاضي، ثم جاء رب المال، فليس له أن يستحلفه، لأنه وكيله وقد استحلفه، وليس عليه أن يحلِّف في أمر واحد رجلاً (¬6) مرتين. ... ¬

_ (¬1) ص + التي. (¬2) ص: هرويا. (¬3) تقدمت هذه الكلمات غير مرف فالجراب والعدل نوعان من الأوعية. أما الهروي والقوهي والزطي فهي أنواع من الثياب. (¬4) أي: مبيعاً كما تقدم مراراً. (¬5) م ف: لمتاع. (¬6) ص + واحدا.

باب المفاوضة الفاسدة

باب المفاوضة الفاسدة وإذا تفاوض الذمي والمسلم فإن ذلك فاسد لا يجوز، ولا يلزم كما يلزم المسلمين. أرأيت لو اشترى الذمي خمراً أو خنزيراً أكان يجوز ذلك (¬1) على المسلم. أرأيت لو باعه الذمي بعدما اشتراه هل كان يكون للمسلم في ثمنه شرك. ألا ترى أن الذمي يشتري ويبيع ما لا يلزم المسلم. فإذا كان هذا هكذا لم تستقم المفاوضة. أرأيت لو اشترى الذمي بَيْعاً (¬2) من ذمي بخمر (¬3) وسمى أرطالاً مسماة إلى أجل ألم (¬4) يكن جائزاً ذلك عليه، فهل يجوز ذلك على المسلم. لا يجوز على المسلم شيء من هذا. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: أجيز المفاوضة بين المسلم والذمي كما أجيزها بين المسلمين، وأكره ذلك. وأما الحر والعبد يتفاوضان فإن ذلك لا يجوز. وكذلك العبدان، فإنه لا يجوز. ألا ترى أن المولى لو أقر على عبده بدين لزمه، فهل يلزم المفاوض الآخر إقرار المولى. ألا ترى أن مال العبد لمولاه، فكيف تجوز له المفاوضة فيما لا يملك. وكذلك عبدان تفاوضا في عمل، فإنه لا يجوز، ولا يكونان متفاوضين، ولكنهما يكونان شريكين شركة عنان. وكذلك المسلم والذمي يتفاوضان، فإنهما لا يكونان متفاوضين، وهما شريكان شركة عنان في قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك الحر والمكاتب لا يجوز أن يتفاوضا. وكذلك المدبر وأم الولد لا يجوز أن يتفاوضا. وأما المدبر الذي يسعى في بعض قيمته فإنه لا يجوز أن يفاوض عبداً مثله ولا حراً في قول أبي حنيفة، ويجوز في قول أبي يوسف ومحمد. ¬

_ (¬1) ف: أكان ذلك يجوز. (¬2) أي: مبيعاً. (¬3) ف: بخمره. (¬4) ص: لم.

وإذا تفاوض الذميان كانت مفاوضتهما جائزة كالحرين المسلمين. وكذلك إن كان أحدهما نصرانياً والآخر مجوسياً فذلك جائز. ولا تجوز مفاوضة المكاتبين. ولا تجوز المفاوضة على أن لأحدهما من الربح أكثر مما لصاحبه ورأس المال سواء. ولا تجوز المفاوضة على أن أحدهما (¬1) أكثر رأس مال من الآخر والربح سواء، أو على قدر رؤوس أموالهما، من قِبَل أن كل شيء يلزم أحد المتفاوضين يلزم الآخر، فلا يستقيم أن يكون على أحدهما الثلث وعلى الآخر الثلثان. وإذا اشترك المتفاوضان ورؤوس أموالهما سواء، ثم وَرِثَ أحدُهما دنانير أو دراهم، فإن المفاوضة تفسد إذا كان ما ورث عينًا. وإن كان ما ورث ديناً لم يفسد حتى يقبض الدراهم. وإذا وَرِثَ أحدُهما ذهباً أو فضةً أو جوهرًا أو عقارًا أو شيئاً من الحيوان أو العروض لم تفسد المفاوضة، إلا أن يبيع ذلك بدراهم أو دنانير، فإن باعه بدراهم أو دنانير فسدت المفاوضة إذا قبض الثمن. وإذا اشترك الرجلان شركة مفاوضة وأحدهما أكثر رأس مال من الآخر فإن ذلك لا يجوز، ولا يكونان متفاوضين. وإذا شارك المسلم الذمي شركة مفاوضة فإن ذلك لا يجوز، ولا يكونان متفاوضين في (¬2) قول أبي حنيفة ومحمد. وكذلك الرجل المسلم يفاوض الذمية. وكذلك الذمي يشارك المسلمة. وكذلك الحر يشارك العبد. وكذلك العبدان يشتركان شركة مفاوضة. وكذلك المكاتب يشارك الحر شركة مفاوضة فمانه لا يجوز وإن أذن له مولاه. وكذلك المكاتبان والمدبران وأم الولد. وكذلك الصبي يشارك الصبي شركة مفاوضة بإذن أبيهما، فإنه لا يجوز ¬

_ (¬1) م: أن لأحدهما. (¬2) ص - في.

من قبل أن المفاوضة فيها ضمان. ألا ترى أن ما لزم أحد المتفاوضين فالاَخر له ضامن، وأن الصبي لا يجوز ضمانه وإن أذن له أبوه. ويجوز في هذا كله شركة العنان غير أني أكره للمسلم شركة أهل الكفر، وهو جائز. ولا تجوز شركة المسلم المرتد مفاوضة ولا شركة عنان إذا قتل على ردته أو لحق (¬1) بدار الحرب في قياس قول أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: لا تجوز شركة العبد والحر مفاوضة، ولا الحر والمكاتب مفاوضة، ولا المكاتبين ولا العبدين بإذن مولاهما. وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. وقال أبو يوسف ومحمد: إذا شارك المسلم المرتد شركة عنان فهو جائز، فإن قُتِلَ على ردته أو لحق بالدار (¬2) فقَتْلُه ولُحُوقُه بدار الحرب يقطع الشركة. وأما في (¬3) قياس قول أبي حنيفة: فإن أسلم فهو على شركته، وإن قتل على ردته أو لحق بدار الحرب فشركته باطل. فأما المفاوضة فإنها لا تجوز في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد إن قتل أو لحق بدار الحرب (¬4)، وإن أسلم فهو جائز. وإذا شارك المسلم المرتدة شركة عنان أو مفاوضة فهو جائز في شركة العنان في قولهم جميعاً، ولا تجوز في المفاوضة، إلا أن تسلم المرأة المرتدة، فإن أسلمت فهو جائز. وشركته (¬5) إياها مكروهة في قياس قول أبي حنيفة ومحمد، وينبغي في قياس قول أبي يوسف أن يكون جائزاً في التجارة ويكرهها (¬6). ¬

_ (¬1) م: ولحق. (¬2) ص: بدار الحرب. (¬3) ص - في. (¬4) م ص: بالدار. (¬5) م: وشركه. (¬6) ف: ولا يكرهها. وتقدم في أول فقرة في هذا الباب أن أبا يوسف قال: أجيز المفاوضة بين المسلم والذمي كما أجيزها بين المسلمين، وأكره ذلك. انظر: 2/ 196 ظ.

باب إذن أحد المتفاوضين للعبد في التجارة

باب إذن أحد المتفاوضين للعبد في التجارة وإذا أَذِنَ أحد المتفاوضين لعبد من تجارتهما (¬1) في التجارة أو في أداء الغلة فهو جائز عليه وعلى شريكه. وكذلك لو أذنا له جميعاً. وكذلك لو كاتب أحدهما عبداً من تجارتهما فهو جائز. وإن أعتق (¬2) أحدهما عبداً من تجارتهما على مال لم يجز ذلك على شريكه. ألا ترى أن الوصي يكاتب عبد اليتيم، وأن الأب يكاتب عبد ابنه الصغير، وليس لواحد منهما أن يعتقه على مال. وإذا زَؤَجَ أحد المتفاوضين أمة من تجارتهما على مال فهو جائز. وإذا زوج عبداً من تجارتهما لم يجز، مِن قِبَلِ أنه يأخذ في الأمة لها مهراً أو يوجب لها نفقة وأن يبوّئها (¬3) بيتاً، وأما العبد فإنه يوجب في عنقه ديناً من غير التجارة، ويوجب عليه النفقة لامرأته. وإذا كان عبد تاجر للمتفاوضين فأدانه أحدهما ديناً من تجارتهما لم يلزمه من ذلك شيء، لأن العبد والمال لهما. وكذلك شريكان (¬4) شركة عنان (¬5) في البيع والشراء. فأما شريكان (¬6) في عبد ألهما، (¬7) خاصة أذنا له في التجارة ثم أدانه كل واحد منهما ديناً فإنه يلزمه نصف دين كل واحد منهما في حصة الآخر. ولا تجوز (¬8) مكاتبة الشريك شركة (¬9) عنان، ولا تزويجه أمة من تجارتهما، وكذلك المضارب. وإذا كان العبد التاجر بين المتفاوضين فباعه أحدهما ثوباً من ميراث ¬

_ (¬1) ص - من تجارتهما. (¬2) ص: عتق. (¬3) م ف: وإن بوأها. (¬4) ص: شريكين. (¬5) وعبارة الحاكم: وكذلك في شركة العنان. انظر: الكافي، 1/ 140 و؛ والمبسوط، 11/ 200. (¬6) ص: شريكين. (¬7) الزيادة من المصدرين السابقين. (¬8) م ص ف: تكون. والتصحيح من ب. (¬9) ص: شرك.

باب إجارة المفاوض

ورثه فإنه يلزمه نصف (¬1) ذلك الدين في نصيب الآخر. ولو كان العبد ميراثاً لأحدهما فأذن له الآخر في البيع والشراء لم يجز ذلك، لأنه ليس من التجارة. ولو أذن له مولى العبد جاز ذلك. ولو أدانه الآخر ديناً من ميراثه خاصة بعدما أذن له مولاه لزمه ذلك كله. ولو أدانه ديناً من التجارة لزمه نصف ذلك، وهو نصيب الذي أدانه. ... باب إجارة المفاوض وإذا استأجر أحد المتفاوضين أجيراً في تجارتهما أو في نخلهما فهو جائز عليهما جميعاً، يأخذ الأجير أيهما (¬2) شاء. وكذلك إذا استأجر دابة في عملهما أو في تجارتهما أو بيتاً أو سفينةً أو إبلاً. وكذلك كل أجير استأجره أحدهما لشيء (¬3) من الأشياء من تجارتهما، فهو لازم لهما جميعاً، يأخذ الأجير أيهما شاء. وإن استأجره أحدهما في شيء من أمره خاصة فالأجر (¬4) عليهما جميعاً يأخذ الأجير أيهما شاء، ويكون ذلك في مال الذي استأجره خاصة. وكذلك لو استأجر دابة يحمل عليها متاعاً من متاع بيته خاصة، فحمله، فإن رب الدابة يأخذ أيهما شاء، وذلك في مال الذي استأجره خاصة. ¬

_ (¬1) م ص: صاحب؛ ف - نصف. والتصحيح من الكافي، 1/ 140 و؛ والمبسوط، 11/ 200. (¬2) م ص: بأيهما. (¬3) م ص: ليس. (¬4) م: والأجر.

ولو استأجر أحدهما إبلاً إلى مكة فحج عليها فإن للمكري أن يأخذ بذلك (¬1) أيهما شاء، ويكون ذلك في مال الذي استأجره خاصة. ولا يكون شريك العنان في هذا مثل المفاوض. ولا يلزم شريك العنان مما استأجر صاحبه شيء إذا كان استأجره لشيء له خاصة. وكذلك لو استأجر شيئأ لتجارتهما فإنما يأخذ المؤاجر بالأجر الذي استأجره، ولا سبيل له على الآخر، ولكن الذي استأجره يرجع على شريكه بنصف ذلك إذا كان استأجر لشيء (¬2) من تجارتهما، بعد أن يكونا شريكين في البيع والشراء. فإذا كانا شريكين في سلعة خاصة فاستأجر أحدهما للسلعة شيئاً بغير أمر صاحبه كان الأجر كله عليه، ولا يرجع على شريكه منه بشيء. ولو أن أحد المتفاوضين أجّر عبداً من تجارتهما من رجل أو دابةً كان للآخر (¬3) أن يأخذه بالأجر، وكان للمستأجر إذا غاب الذي أخجّره أن يأخذ الآخر (¬4) بما لزم صاحبَه حتى يدفع إليه الذي أجّره صاحبه. ولو أن أحدهما أخر عبداً له من ميراث له خاصة لم يكن للآخر أن يأخذ المستأجر بالأجر. ألا ترى أنه لو كان لأحدهما دين من ميراث له لم يكن للآخر أن يتقاضاه. وليس الدين الذي يلزم (¬5) أحدهما فيؤخذان به جميعاً كدين يجب لأحدهما خاصة دون الآخر. وإذا أجّر أحد المتفاوضين عبداً له خاصة من ميراث فليس [للآخر أن يأخذ الأجر، وليس] (¬6) للمستأجر أن ياخذ الآخر (¬7) بتسليم العبد. ¬

_ (¬1) ص: بدرك. (¬2) م ص: بشيء. (¬3) ص: للاجر. (¬4) ص: الاجر. (¬5) م: لزم. (¬6) الزيادة مستفادة من ب؛ والكافي، 1/ 140؛ والمبسوط، 11/ 201. (¬7) م ف: الأجر. والتصحيح مستفاد من الكافي، 1/ 140 و؛ والمبسوط، 11/ 201.

وإذا استأجر أحد المتفاوضين شِقَّ مَحْمِل (¬1) وشِقَّ زَامِلَة (¬2) إلى مكة وذهب ولم ينقده الكراء فللمُكري أن يأخذ أيهما شاء بذلك، ويكون ذلك من حصة المستأجر. وليس هذا في شركة عنانٍ هكذا، لأن في شركة العنان لا يأخذ الكراء إلا أمن، الذي استأجر منه. ألا ترى أن المتفاوضين لو استأجرا منه رواحل إلى مكة يحملان عليها طعاماً من تجارتهما ويحجان أن للمكري أن يأخذ أيهما شاء بالأجر كله، ويكون على كل واحد منهما حصة محمله، وحصة الطعام عليهما جميعاً. ولو كانا شريكين شركة عنان لم يكن له أن يأخذ كل واحد منهما إلا بالنصف. أرأيت لو استأجر أحدهما مَحْمِلاً وزَامِلَة لرجل من إخوانه أكان للمكري أن يأخذ شريكه بالأجر. فإذا كانت الشركة مفاوضة فإن له ذلك. ألا ترى أنه لو اشترى جارية لرجل أمره بها كان للبائع أن يأخذ شريكه بالثمن. فكما كان له أن يأخذ شريكه بالثمن (¬3) إذا اشترى لغيره فكذلك له أن يأخذ شريكه بالأجر إذا كان استأجر لنفسه. ولا يكون شريك عنان مثل هذا، ليس للمكري أن يأخذ إلا الذي ولي الكراء خاصة. ولو استأجر أحد المتفاوضين بعيراً يحمل عليه طعاماً ورزقاً لأهله ثم بدا له فحمل عليه طعاماً من تجارتهما ألم يكن للمكري أن يلزمهما جميعاً. أرأيت لو استأجره بطعام من تجارتهما ثم بدا له فحمل طعاماً لحاجة نفسه أليس هذا وذاك سواء، ويأخذ المكري (¬4) أيهما شاء بجميع الكراء. ... ¬

_ (¬1) قال المطرزي: المحمل بفتح الميم الأولى وكسر الثاني أو على العكس الهودج الكبير ... وأما تسمية بعير المحمل به فمجاز وإن لم نسمعه، ومنه قوله ... ما يكترى به شق محمل أي نصفه أو رأس زاملة ... انظر: المغرب، "حمل". (¬2) قال المطرزي: زَمَلَ الشيءَ حمله، ومنه الزاملة: البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه ... ثم سمي بها العدل الذي فيه زاد الحاج من كعك وتمر ونحوه، وهو متعارف بينهم، أخبرني بذلك جماعة من أهل بغداد وغيرهم. انظر: المغرب، "زمل". (¬3) م ص: الثمن. (¬4) م: الكري.

باب شركة أحد المتفاوضين

باب شركة أحد المتفاوضين وإذا شارك أحد المتفاوضين رجلاً في سلعة خاصة أو في متاع أو شارك شركة عنان في تجارة فهو جائز عليه وعلى شريكه، إن كان أذن له شريكه في ذلك أو لم يأذن له فهو سواء. وكذلك لو شارك رجلاً (¬1) شركة مفاوضة بإذن صاحبه فهو جائز عليه وعلى شريكه إن كان أذن له في ذلك، وإن كان لم يأذن له في ذلك لم يجز. ولا يشبه العنان في هذا المفاوضة. وكذلك لو وَلَّى (¬2) أحدهما رجلاً سلعة أو وَلَّاه نصفها فهو جائز عليه وعلى شريكه. وكذلك لو كان الذي شاركه أخاً له أو عماً (¬3) له أو ابن عم له أو ابن أخ له. وكذلك لو كان الذي شاركه أباه أو ابنه أو أمه أو زوجته إذا كانت الشركة عنانًا. فإذا كانت مفاوضة لم تكن مفاوضة وكانت شركة عنان. وإذا أجر أحد المتفاوضين نفسه لحفظ شيء أو نقل (¬4) شيء فالأجر بينه وبين شريكه. وكذلك لو خاط ثوباً أو عمل عملاً بأجر فالأجر بينهما نصفين. وإن كان ذلك العمل من غير تجارتهما فهو سواء. وإن كانا شريكين شركة عنان لم يكن هذا؛ لأن ما اكتسب المفاوض من كسب فهو بينهما، وما كسب شريك العنان فهو له خاصة إلا ما كان من شركتهما. ولو أن أحد المتفاوضين أجّر عبداً له من ميراث خاصة أو دابةً أو أرضاً أو داراً كان (¬5) الأجر له خالصًا، ولا تفسد المفاوضة حتى (¬6) يقبض (¬7) الأجر، فإذا قبض الأجر فسدت المفاوضة إن كان ما قبض من الأجر دراهم أو دنانير. ¬

_ (¬1) م ص: لو شاركه رجل. (¬2) أي: باعه تولية. (¬3) م ف: أخ له أو عم. (¬4) م ص: أو بنقل. (¬5) ف + له. (¬6) م - حتى. (¬7) ص: يفيض.

باب رهن المفاوضين

باب رهن المفاوضين وإذا رهن أحد المفاوضين (¬1) رهناً والرهن عبد من المفاوضة بدين عليه في المفاوضة فهو جائز عليه وعلى شريكه. وكذلك لو رهن متاعاً من متاعهما. وكذلك لو رهن متاعاً من خاصة متاعه بدين من التجارة كان جائزاً. فإن هلك المتاع وقيمته والدين سواء فهو بما فيه، ويرجع الراهن على شريكه بنصف ذلك الدين. ولو كان الدين على أحدهما من مهر امرأته فرهنها بذلك متاعاً من تجارتهما كان (¬2) ذلك جائزاً على شريكه. فإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء فهو بما فيه، ويضمن الراهن نصف قيمة الرهن لشريكه. ألا ترى أنه لو باع من امرأته بمهرها عبداً من المفاوضة أو متاعاً جاز ذلك عليهما، وضمن نصف الثمن لشريكه؛ وكذلك الرهن. ولو كان لهما أو لأحدهما دين من تجارتهما على رجل فارتهن أحدهما به رهناً كان ذلك جائزاً، وكان إن هلك بما فيه، بعد أن تكون قيمته والدين سواء، أو تكونَ قيمته أكثر من الدين. ولو كان أحدهما وَلِيَ البيعَ ووَلِيَ الآخرُ الرهنَ وقبضه كان جائزاً. وليس هذا كالشريك شريك عنان، لا يجوز أن يرهن الشريك شريك عنان رهناً إلا أن يكون هو الذي ولي المبايعة أو أمره الذي ولي المبايعة (¬3) منهما بذلك. فإن كان هو الذي ولي المبايعة فله أن يرتهن، وليس للآخر أن يرتهن، وليس لأحدهما أن يرتهن رهناً بمال هما وَلِيَاه جميعاً. فإن فعل وهلك (¬4) الرهن وقيمته والدين سواء ذهب نصف الحق، وضمن نصف الرهن في ماله خاصة، ويبقى نصف الحق للآخر. ولو أقر أحد المتفاوضين أنه رهن هذا المتاع من رجل وجحد الآخر ¬

_ (¬1) ص: المتفاوضين. (¬2) ف: فإن. (¬3) ص - أو أمره الذي ولي المبايعة. (¬4) م ص ف: وذلك. والتصحيح من الكافي، 1/ 140 ظ؛ والمبسوط، 11/ 203.

باب غصب أحد المتفاوضين

ذلك جاز عليهما جميعاً إذا كان الذي أقر بالرهن أقر بالقبض. وكذلك لو أقر أنه ارتهن وقبض. ولو افترق المتفاوضان ثم أقر أحدهما أنه كان رهن متاعاً من تجارتهما بدين عليهما وكذبه الآخر لم يجز ذلك. وكذلك لو مات أحدهما. وكذلك الشريكان شركة عنان إذا أقر أحدهما بالرهن وكذبه الآخر فإنه لا يجوز إن أقر أنه رهن هو أو ارتهن بعد أن يقر بذلك بعد الفرقة. فإن أقر به في الشركة فهو جائز عليهما إذا كان هو الذي ارتهن، بعد أن يكون هو الذي وَلِيَ البيع. ولو كان ارتهن ولم يَلِ البيع لم يجز ذلك على شريكه في شركة العنان. ... باب غصب أحد المتفاوضين وإذا (¬1) اغتصب أحد المتفاوضين مالاً فاستهلكه أو عقر دابة أو خرق ثوباً فإنه يلزمه ذلك هو وصاحبه جميعاً، يأخذ الطالب أيهما شاء، ويكون على الفاعل خاصة. ألا ترى أن أحدهما لو ابتاع بيعاً فاسداً فقبضه واستهلكه كان للبائع أن يأخذ أيهما شاء بالقيمة. أوَلا ترى أنه لو كانت عند أحدهما وديعة فعمل بها كان ضامناً، والربح لهما، ويأخذ رب الوديعة أيهما شاء بالمال. أوَلا ترى أنه لو كان عندهما مال مضاربة في نوع من المتاع فخالف أحدهما فاشترى غير ذلك بغير أمر رب (¬2) المال أن الضمان عليهما جميعاً والربح لهما جميعاً. ولو كانا شريكي عنان لم يضمن الآخر ما اغتصب صاحبه ولا (¬3) ما أفسد. ولو كان بيعاً فاسداً اشتراه أحدهما في الشركة فهلك ضمن ذلك هو، ورجع بنصفه على شريكه. ... ¬

_ (¬1) ص: ولو. (¬2) م ص ف: عند ذلك بعيرا من رب. ولعل الصواب ما أثبتناه. (¬3) ص: ولو.

باب جناية المفاوض

باب جناية المفاوض وإذا جنى أحد المتفاوضين جناية خطأً أو عمداً فلا شيء على شريكه من ذلك، إن كان ذلك ببينة أو بإقرار فهذا سواء. وكذلك كل جناية في نفس أو دونها، لأن هذا ليس من التجارة. ولو صالحه الجاني على مال من أرش الجناية لم يكن لصاحب الجناية على الآخر من ذلك شيء، لأن هذا ليس من التجارة، فلا شيء على شريكه. ولو كفل رجل عن الجاني بأرش الجناية لم يضمن الشريك من ذلك شيئاً. ولو كفل أحد الشريكين بأرش جناية عن رجل لزمه ذلك، ولم يلزم شريكه شيء، لأن هذا ليس من التجارة. ألا ترى أنه أرش الجناية. أرأيت لو قَتَلَ [أحدهما] (¬1) ابنَ شريكه أكان يكون على الأب من ذلك شئ. ألا ترى أن لابنه القصاص إن كان عمداً، والدية إن كان خطأ، لأنه غير قاتل، فكيف يكون عليه من الدية شيء وليس بقاتل ولا ضَمِين (¬2)، في قول أبي يوسف ومحمد (¬3). وإذا أدى الجاني أرش الجناية من مالهما فحصة (¬4) الآخر من ذلك عليه، ولا تفسد المفاوضة، لأنه صار عليه ديناً. ألا ترى أن أحدهما لو أنفق أكثر مما أنفق صاحبه كان ديناً عليه، ولم تفسد المفاوضة حتى يقبضها، فكذلك أرش الجناية. ... ¬

_ (¬1) الزيادة من ب. (¬2) ضَمِن المال ضماناً فهو ضامن وضَمِين، أي: التزمه وكفل به. انظر: مختار الصحاح، "ضمن"؛ والمصباح المنير، "ضمن". (¬3) وذكر السرخسي أنه يؤاخذ به في قول أبي حنيفة. انظر: المبسوط، 11/ 204. ولم يذكر ذلك الحاكم. انظر: الكافي، 1/ 140 ظ. (¬4) م ص: بحصة.

باب نكاح المتفاوضين

باب نكاح المتفاوضين وإذا تزوج أحد المتفاوضين امرأة ودخل بامرأته ولزمه المهر، أوطلقها قبل الدخول فلزمه نصف المهر إن كان فرض لها مهراً، أو المتعة إن لم يكن فرض لها مهراً، فلا شيء على شريكه من ذلك، لأن المهر والمتعة ليس من تجارتهما، وهذا بمنزلة الجناية. ولو كفل أحد المتفاوضين بمهر امرأة عن رجل لم يلزم شريكه من ذلك شيء في قول أبي يوسف ومحمد، لأن هذا مهر (¬1). ولو أقر أحد المتفاوضين لامرأته بمهوها لم يلزم شريكه من ذلك شيء. وكذلك لو صالحها على نفقة كل شهر لم يلزم الشريك من ذلك شيء. وكذلك لو فرض عليه القاضي نفقة امرأته أو نفقة خادمها كل شهر لم يلزم الشريك من ذلك شيء. وكذلك لو فرض عليه نفقة ولده أو ذي (¬2) رحم محرم منه ممن تلزمه (¬3) نفقته لم يلزم الشريك من هذا شيء. ولو أقر أحد المتفاوضين لامرأته بدين من غير المهر فإنه لا يلزم الآخر من ذلك شيء في قول أبي حنيفة، ويلزم ذلك المقر خاصة. وكذلك لو أقر أنه من ثمن متاع اشتراه منها أو من قرض لم يلزم الشريك من ذلك شيء. وكذلك لو أقر لابنه بدين أو لمكاتبه أو لأبيه أو لأمه أو لجدته أو لجده، لكل من لا تجوز شهادته من هؤلاء له، فإنه لا يلزم الشريك من الدين بإقراره لهؤلاء شيء، ويلزم المقر ذلك كله خاصة. ولو طلق امرأته ثلاثاً أو واحدة بائنة ثم