icon ONLINE ARABIC KEYBOARD ™
Advertisement

عبد العظيم محمود الديب

نشأته وُلد العالم الجليل الدكتور عبد العظيم محمود الديب (بالإنكليزية: Prof. Dr. Abd Al-Azim Mahmoud El-DEEB) في قرية كفر إبري التابعة لمركز زفتى محافظة الغربية بمصر في عام 1929م، وحفظ القرآن الكريم منذ صغره في كتّاب القرية وهو دون العاشرة، التحق بالمدرسة الإلزامية لمدة 5 سنوات تمهيدًا للالتحاق بالأزهر؛ حيث كان لزامًا على من يدخلون الأزهر أن يكونوا من حفظة القرآن، ثم أتمَّ تعليمه في المعهد الديني الثانوي بمدينة طنطا في محافظة الغربية، أنهى دراسته الثانوية بمعهد طنطا الديني بعد 9 سنوات دراسية وهو في سن الثامنة عشرة، التحق بكليتي أصول الدين بجامعة الأزهر ودار العلوم في وقت واحد، وفي السنة النهائية علمت إدارة كلية دار العلوم أنه يدرس في كليتين في آنٍ واحد فخيرته بين إحداهما، فاختار استكمال الدراسة في كلية دار العلوم وتخرَّج فيها عام 1956م. التحق بكلية التربية لمدة عام، وحصل منها على الليسانس حتى يكون مؤهلاً للعمل بالتدريس، حصل على الماجستير عام 1970م في تحقيق كتاب "البرهان" لإمام الحرمين الجويني، ثم حصل على الدكتوراه عام 1975 عن "الإمام الجويني: علمه ومكانته وأثره ومنزلته"، وغادر مصر متوجهًا إلى قطر عام 1976م؛ حيث أصبح أستاذًا ورئيس قسم الفقه والأصول بكلية الشريعة جامعة قطر سابقًا، ومدير مركز بحوث السيرة والسنة فيها بالنيابة. كان يمقت الخلاف، ويكره العنف، ويكف يده ولسانه، لا يجهل على جاهل، أو يرد على متطاول، قضى ما يقرب من عشرين عامًا في التنقيب في حروف كتاب واحد كبير لإمام الحرمين الجويني- هو نهاية المطلب في فقه الشافعية- وهو أحد الكتب التي قام على خدمتها. بدأ وعيه السياسي واهتمامه بقضايا وطنه مبكرًا، فقد شارك منذ التحاقه بالأزهر في المظاهرات ضد الاحتلال البريطاني لمصر، التحق بدعوة الإخوان في وقت مبكر، وتربَّى على يد الأستاذ البهي الخولي، والذي كان أحد تلاميذ الإمام البنا وصاحب جهد بارز في نشر الدعوة بطنطا، يقول الدكتور يوسف القرضاوي: لقد تلاقينا منذ حوالي ثلثي قرن من الزمان، في المعهد الديني في طنطا، ونحن في مقتبل العمر، وريعان الشباب، وجمعتنا الدراسة الأزهرية، كما جمعنا الانضمام إلى دعوة الإخوان المسلمين، والتتلمذ على إمام الجماعة في طنطا الداعية الكبير الشيخ البهي الخولي الذي كنا نلتقي عنده بعد صلاة الفجر من كلِّ أسبوع، في حلقة أطلق عليها كتيبة (الذبيح)، إشارة إلى إسماعيل عليه السلام، الذي قال له أبوه: يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَإذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ (الصافات: من الآية 102). كان موجعًا بقضية فلسطين وعبر عنها بقوله: "هي القضية التي ملكت عليّ شعوري وعواطفي، وسَرَت مع الدماء في عروقي حتى آخر لحظات عمري"، فقد شارك بجهده في حرب فلسطين عام 1948م، كما شارك علماء الأمة وقادة الحركات الإسلامية في إصدار بيان في الإثنين 2 جمادى الآخرة 1422 هـ، الموافق 21 أغسطس 2001م، تحت شعار: "أقصانا لا هيكلهم" للتضامن والمناصرة مع أهل فلسطين، وفي 26 رجب 1428 هـ، الموافق 9 أغسطس 2007م، أصدر مع لفيف كبير من علماء الأمة نداء لفك الحصار الخانق عن شعب غزة وعن العالقين في رفح. تربى عبد العظيم الديب على العلامة المحقق شيخ العروبة فريد العصر إمام العربية أبي فهر محمود محمد شاكر تعالى، كما تتلمذ أيضًا على يد العلامة المحقق عبد السلام هارون، والعلامة الفقيه مصطفى أبو زيد، والعلامة الأصولي عبد الغني عبد الخالق رحمهم الله تعالى. إن العلامة الدكتور عبد العظيم الديب من تلك المدرسة التي أنشأها آل شاكر رحمهم الله تعالى، وأهم ما يميز تلك المدرسة أن كل من تخرج فيها علماء مشايخ أفراد بين أقرانهم. فإذا كان العلامة المحدث الفقيه الأصولي اللغوي محدث الديار المصرية باعث النهضة الحديثية شمس الأئمة أبو الأشبال أحمد بن محمد شاكر أشهر هذه المدرسة ومنشئها، فإن أخاه وربيبه وتلميذه العلامة المحقق شيخ العروبة فريد العصر إمام العربية أبا فهر محمود محمد شاكر هو الذي فرخ التلاميذ ورباهم ورعاهم. جهوده العلمية ومؤلفاته: اشتهر العلامة عبد العظيم الديب بملازمته لكتب ومؤلفات الإمام الجويني تعالى، واعتنى بها عناية كبيرة حتى يصح له بلا منازع أن يُلقب بـ"صاحب إمام الحرمين"، فلقد اختار الدكتور الديب منذ وعى طريقًا للعلم لا يقدم عليها إلا الأفذاذ من أولي الهمم العالية، فاختار طريق التحقيق العلمي، واختار معه الفهم والوعي لما يحقق وينشر من علم بخلاف كثير من الذين ينشرون الكتب ويحققونها ولم يفهموها، ولو أنه اكتفى بذلك لكفاه، ولكن أبت عليه همته وعلو نفسه إلا أن يختار ملازمة ومصاحبة كتب إمام من أئمة الدين يصعب على كثير من أهل العلم قراءة كتبه بل فهمها وتحقيقها، ومكانة إمام الحرمين بين أئمة الدين في غنى عن التنويه بها، فأخرج تعالى كتاب "البرهان" في أصول الفقه لإمام الحرمين، ومن قرأ مقدمة الكتاب ناله العجب من معاناة محققه العظيمة لإخراج الكتاب، ومن قرأ الكتاب ففهمه وفهم كلام المحقق علم الفرق بين التحقيق والادعاء. نهاية المطلب في دراية المذهب أكبر كتاب مطبوع في الفقه الشافعي نهاية المطلب في دراية المذهب لأبي المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني،، ركن الدين، الملقب بإمام الحرمين، المتوفى سنة 478 هذا الكتاب الذي طالما انتظره طلاب الفقه الشافعي. وكنا نسمع به كثيرا وعن مدى أهميته وضخامة حجمه. صدر الآن عن دار المنهاج للنشر والتوزيع - جدة، بتحقيق الدكتور عبد العظيم الديب المتخصص في حياة وفقه إمام الحرمين وهو مكون من 21 مجلداً .. ولعله يكون الآن أكبر كتاب مطبوع في الفقه الشافعي .. «نهاية المطلب في دراية المذهب» والتي تسمى أيضا «المذهب الكبير» هي شرح لمختصر المزني،، واشتهر عند فقهاء الشافعية أنه (منذ صنف الإمام «نهاية المطلب» لم يشتغل الناس إلا بكلام الإمام) وصرَّح في بداية كتابه بأنه قصد به تحرير المذهب وتنقيحه، كما يدل على ذلك عنوانه «نهاية المطلب في دراية المذهب» فقال في مقدمته: (وأبتهل إلى الله سبحانه وتعالى في تيسير ما هممت بافتتاحه من تهذيب مذهب الإمام الشافعي المطلبي) يقول النووي: (نقل إمام الحرمين هو عمدة المذهب).قال ابن النجار عن «نهاية المطلب»: (إنه يشتمل على أربعين مجلدا) تتجلى أهمة هذا الكتاب كون كثير من الكتب الفقهية للشافعية اعتمدت عليه، فاختصره الغزالي في البسيط، ثم اختصر البسيط في الوسيط، ثم اختصره في الوجيز، ثم شرح الرافعي الوجيز في (فتح العزيز)، ثم اختصر فتح العزيز القزويني في (الحاوي الصغير)، ثم اختصر الحاوي الصغير ابن المقرئ اليمني في (الإرشاد)، ونظم الحاوي الصغير ابن الوردي في (البهجة) التي شرحها شيخ الإسلام زكريا بشرحين كبير وصغير .. وهما من أهم كتب المتأخرين .. وشرح ابن حجر الهيتمي الإرشاد بشرحين أيضا وهما من أهم كتب المتأخرين أيضا .. وإنك لتعجب كيف بقي هذا الكنز دفيناً حتى الآن رغم حاجة الأمة إليه ومكانته المرموقة بين كتب المذهب، والتي تنتسب إليه نسبةَ الكواكب إلى القمر المنير ولكن الله جل جلاله ادَّخر هذا الفضل وأخَّره ثم أجراه على يد محقِّقنا الفذِّ ودارنا المتميزة ولله الحمد؛ وذلك الفضلُ من الله؛ ? قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ? من غير سبق تصميمٍ من محقِّقنا - كما سترى في مقدمة التحقيق - أراد الله عزَّ وجلَّ لهذا المحقق الكبير أن يتَّجه نحو خدمة إمام الحرمين الجويني وكتبِه التي كانت مطمورةً؛ كالكنوز العتيقة التي تنتظر من يستخرجها ويمسح الغبار عنها حتى تصير في أبهى محاسنها، ويتحف بها أولي المعرفة، ويسرَّ به مكتبة الإمام الشافعي. كتابٌ نفيسٌ نادرٌ غالٍ، ومؤلفٌ إمامٌ مجتهدٌ مبدعٌ، ومحققٌ خبيرٌ عريقٌ غوَّاصٌ، ومنهج تحقيق غايةٌ في الدقة والكمال. وهو يبرز لأول مرة إلى عالم الطباعة الرحيب بعد ما يقارب نحو ألف سنة على تأليفه، وتكتحل أعين الفقهاء بمباحثه، بعد طول انتظار. فطوبى لمن حقق، وطوبى لمن نشر ودقق، وهنيئاً للجميع بما حازوه من شرف الخدمة للفقه الشرعيّ. نفعنا الله وإياكم وكافة المسلمين، ووفقنا لخدمة دينه، إنه سميع قريب أما الكتاب: فذخيرةٌ ثمينةٌ من ذخائر تراثنا الفقهي، وهو من أمَّات كتب الشافعيَّة الكبار؛ يحوي تقرير القواعد، وتحرير الضوابط والمقاصد، وتبيين مآخذ الفروع، وهو خلاصة مذهب الشافعية، وخلاصة حياة إمام الحرمين وفكره؛ كما جَلَّى ذلك عن الكتاب بقوله: (نتيجةُ عمري، وثمرةُ فكري في دهري). قال عنه المؤرخ الكبير ابن عساكر في «تبيين كذب المفتري»: (ما صُنِّف في الإسلام مثله). واعتبره الإمام النووي في «المجموع» أحد كتب أربعة تعدُّ أساساً في المذهب. وقال الإمام ابن حجر في «التحفة»: (إنه منذ صنف الإمام كتابه «النهاية» لم يشتغل الناس إلا بكلام الإمام)؛ وذلك لأن الكتب المعتمدة التي ألفت بعد إنما استمدت منه واعتمدت عليه أصلاً. وهذا الكتاب وإن كان على «مختصر المزني» إلا أنه لم ينهج فيه منهج الشرح المكرر، وإنما كانت غايته تهذيب المذهب وتقعيده، وتأصيل الأبواب والفصول ووضع الضوابط؛ كما قال: (فإن غرضي الأظهر في وضع هذا الكتاب: التنبيه على قواعد الأحكام ومثاراتها؛ فإن صور الأحكام والمسائل فيها غير معدومة في المصنفات، فهذا أصل الباب ومنه تتشعب المسائل). يقول الدكتور القرضاوي: جَهَد د. الديب جُهده حتى جمع من الكتاب عشرين نسخةً، صورها من مكتبات العالم في القاهرة والإسكندرية وسوهاج من مصر، ودمشق وحلب من سوريا، والسلطان أحمد وآيا صوفيا من تركيا، ولكن لم توجد منه نسخة كاملة، وبلغ عدد مجلداتها (44)، وعدد أوراقها (10336)، ونسخت بخط اليد في (14590) صفحة"، "بالإضافة إلى المختصرات والنصوص المساعدة، وهي 9 نسخ، بلغ عدد مجلداتها (15) وعدد أوراقها (3750) تقريبًا". وبين أن الدكتور الديب ينتمي إلى مدرسة متميزة في التحقيق، شيوخها الكبار: آل شاكر: أحمد ومحمود، وعبد السلام هارون، والسيد أحمد صقر- رحمهم الله- وأمثالهم. وكتاب (نهاية المطلب في دراية المذهب) تمَّ في 19 مجلدًا موسوعة المذهب الشافعي لإمام الحرمين، دليل صبره على البحث العلمي، ومضاء عزمه، أمضى في تحقيقه ما يزيد على 20 عامًا، وبذل له من المال والجهد، وسهر الليالي الطوال ما تضيق به همم الرجال، أخرجه في غاية الضبط والإتقان، وهو ديوان فقهي قل نظيره. من جهده أيضًا كتاب (الغياثي غياث الأمم في التياث الظلم) وهو من أعظم ما ألف في السياسة الشرعية، أخرجه إخراجًا علميًّا محققًا، مثاليًّا. وكتاب (الدرة المضيئة فيما فيه الخلاف بين الشافعية والحنفية) يُنشر لأول مرة عن نسخة وحيدة نادرة. ورسالة الدكتوراه بعنوان (فقه إمام الحرمين). كان العلامة عضوًا في لجنة جائزة الشيخ علي بن عبد الله آل ثانٍ الوقفية العالمية لسنوات طويلة، ورئيس قسم الفقه والأصول بكلية الشريعة بجامعة قطر ومدير مركز بحوث السيرة والسنة بها بالنيابة، وعضو لجنة إحياء التراث بوزارة الأوقاف. من مؤلفاته أيضًا: إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله

مؤلفات عبد العظيم الديب

  • المستشرقون والتراث