منار الهدى في بيان الوقف والابتدا ت عبد الرحيم الطرهوني

الأُشْمُوني، المقرئ

منار الهدى في بيان الوقف والابتدا تأليف أحمد بن محمد بن عبد الكريم الأشموني من علماء القرن الحادي عشر الهجري تحقيق الشيخ عبد الرحيم الطرهوني تخصص في القراءات وعلوم القرآن الكريم ومدرس القراءات والتجويد بالأزهر الشريف دار الحديث الجزء الأول

مقدمة المحقق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ المقدمة الحمد لله رب العالمين، أنزل القرآن الكريم تبيانًا لكل شىء، فكان المعجزة الخالدة على مر الأزمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسوله الأمين تلقى القرآن العظيم وبلَّغه كما أُنزل إليه من ربه، فقرأه على الناس على مُكْث ورتّله كما أحب الله أن يرتله، فأعطى الحروف حقها ومستحقها مما يليق عند النطق، ورضى الله عن آله وصحبه الذين سمعوه منه، ونقلوه عنه كما سمعوه، فأدّوا الأمانة خير أداء إعظامًا للكلام والمتكلم وإجلالاً للخطاب والمخاطب -سبحانه-، ورضى الله عَمَّنْ تلقوه عنهم من التابعين وتابعي التابعين ومن والاهم بإحسان جيلاً بعد جيل، حتى وصل إلينا كتاب الله في كماله، محفوظًا من التغيير والتبديل، مصونًا من كل تحريف منطوقًا به على الوجه الصحيح، مؤدًى كما نزل بلسان عربي مبين. ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليمًا. {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)} [المائدة: 15، 16]. وبعد: فقد خلق الله الإنسان، وميّزه بالبيان، وجعل له اللسان أداة للنطق، والأذن أداة للسمع، والعقل أداة للفهم، والروح أداة للتأثير والتأثر، والقرآن المجيد أعلى الكلام وأحلاه، وما ظنك بكلام ربِّ العالمين وقد منَّ به على أمّة أحبّ أحبابه وأصفى أصفيائه، سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فكانت أمته أمّة القرآن الكريم، وكانت خير أمّة أخرجت للناس. وقد تكفل الله بحفظ القرآن الكريم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]. لينتفع به الآخرون كما انتفع به الأولون، فكان من كل جيل الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله. وقد قرأ الأولون القرآن، فأدوا القراءة أحسن أداء، وكان حسن الأداء سبيلهم لحسن الاستماع، وكان حسن الاستماع سبيلاً لحسن التدبر، وحسن التدبر سبيلاً لحسن الانتفاع، وكيف لا يفعلون والكلام عزيز من عزيز وعلىٌّ من علىًّ وحكيم من حكيم، أحكمت آياته وفصِّلت كلماته، وبهرت

بلاغته العقول، وظهرت فصاحته على كل مقول. وهو مع قوة بيانه وشدة سلطانه، عميق البحار واسع الأقطار، يقول القارئ إذا قرأه والسامع إذا سمعه: قد فهمته لتجلى فحواه فإذا تأمله كأنه ما قرأه أو سمعه لقوة مبناه، ودقة معناه، فلزم أن يقرأه القارئ على روية وإحكام، كما كان يفعلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد أعطى الحروف حقها فى قراءته الشريفة على الأصول الصحيحة، فلم تكن قراءته هذًّا ولا عجلة بل كانت مفسرّة حرفًا حرفًا. كما كان - صلى الله عليه وسلم - يقطِّع قراءته كل آية فيقول مثلا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ويقف، ثم يقول {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ويقف، ثم يقول {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، وهكذا. وقد روى الزهري أن قراءته - صلى الله عليه وسلم - كانت آية آية، وروى ذلك البيهقى أيضًا في «شُعَب الإيمان» وغيره كثيرون ممن رجَّحوا الوقوف على رؤوس الآي، وإن تعلقت في المعنى بما بعدها. ولا شك في أنّ إتباع هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته أولى من اتباع الرأي القائل بتسجيل اتباع الأغراض والمقاصد للوقوف عند انتهائها، وقد قال -تَعَالَى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21]. وقال -تَعَالَى-: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: 54]. وكما كان - صلى الله عليه وسلم - يقرأ القرآن بنفسه كان يحب أن يسمعه من غيره، وفى كلٍّ من قراءته واستماعه كان أحيانًا يذرف الدمع من عينيه إجلالاً وهيبة من عظمته واستعظامًا لقدرته وإشفاقًا على أمته، وقد طلب - صلى الله عليه وسلم - من ابن مسعود - رضي الله عنه - أن يقرأ عليه فقال: أأقر وعليك أنزل؟! فقال: «إني أحب أن أسمعه من غيري»، فقرأ عليه سورة النساء حتى إذا بلغ قول الله -تَعَالَى-: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]. بكى - صلى الله عليه وسلم - حتى ذرفت عيناه بالدموع. وكان - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على جميع أحيانه، وكان يقرأ القرآن قائمًا وقاعدًا ومضطجعًا ومتوضئا ومحدثًا، ولم يكن يمنعه شىء من قراءة القرآن إلا الجنابة. ويجب أن يتلو المؤمن القرآن الكريم حق تلاوته كما كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقد أخرج ابن خزيمة في صحيحه عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب أن يقرأ القرآن كما أنزل». وقال حجة الإسلام الإمام الغزالي - رضي الله عنه -: «وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب، فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل تفسير المعاني، وحظ القلب الاتعاظ، والتأثر بالأزجار والائتمار،

فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ». وقال -سبحانه وتعالى-: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)} [ص: 29]. وقد جعل الله فى قلوب عباده من القوة ما شاء فضلاً منه ورحمة، ليتدبَّروه وليتذكروا ما فيه من طاعته وعبادته وأداء حقوقه، فلقد قال -سبحانه وتعالى-: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [الحشر: 21]. وهذا تمثيل وتخييل لعلو شأن القرآن، وقوة تأثير ما فيه من المواعظ كما ينطق به قوله -سبحانه وتعالى-: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21]. أريد به توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وعدم خشوعه عند تلاوته وقلة تدبُّره فيه. ومن الصحابة الذين علّمهم الرسول -عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلام- عن سيدنا جبريل -عَلَيْهِ السَّلام- أُبى بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، ولقد قال - صلى الله عليه وسلم - في أولهم: «أقرؤُكُم أُبىٌ»، وفى ثانيهم: «من أحب أن يقرأ القرآن غضًّا طريًّا كما أُنزل فليقرأ قراءة ابن أُم عبد»، يعنى عبد الله بن مسعود. وقال أيضًا «خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبى حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأُبىّ ابن كعب». وقد أخذ عن الصحابة المجيدين للتلاوة من تلاميذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - كثيرون من الصحابة والتابعين، فمثلاً أخذ عن أُبىٌ بن كعب من الصحابة: أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن السائب، ومن التابعين: عبد الله بن عياش ابن أبى ربيعة المخزومى، وأبو عبد الرحمن عبد الله ابن حبيب السلمي، وأبو العالية الرياحى حتى انتهى الأمر إلى أسانيد تسعة من الأئمة العشرة المتواترة قراءاتهم إلى اليوم وهم: نافع وأبو جعفر المدنيان، وعبد الله بن كثير المكي، وأبو عمرو، ويعقوب البصريان، وعاصم وحمزة والكسائى وخلف الكوفيون. أما السند العاشر فهو عبد الله بن عامر الدمشقي، وقد أخذ قراءته عن أبى الدرداء وقيل عن عثمان بن عفان. ولأنه كتاب الله الكريم وفرقانه المبين الذي يفرق بين الحق والباطل وهو نبراس البشرية الهادي لها في الظلمات فإن أهل الضلال الخائضين في الظلمات تحروا نقضه وتربصوا له يبغون رفضه فقام لهم سدنة الحق من العلماء، فشمروا عن ساعد الجد، وقاموا يدفعون عنه كل زيغ وضلال، ومن ثَم لم يحظ كتاب عبر تاريخ البشرية بمثل ما حظي به كتاب الله -تعالى- قراءة وحفظًا، وتجويدًا، وأداء،

ورسمًا وضبطًا، وفهمًا واستنباطًا. فمن حيث قراءاته، اتجهت همم السلف من علماء الأمة إلى العناية بعلم تجويده وترتيله، رواية ودراية، فألَّفوا فيه التآليف البديعة، وصنفوا التصانيف المفيدة، مؤصِّلين أصوله، ومقعدِّين قواعده، فكثرت التآليف وانتشرت التصانيف، واختلفت أغراضهم بحسب الإيجاز والتطويل والتقليل. ومن ثَم عزيزي القارئ الكريم أردنا أن نضع بين يديك هذا السِفر الجليل: * منار الهدى في بيان الوقف والابتدا * وموضوع هذا الكتاب إنما يتبين بمعالجته لظاهرة الوقف والإبتداء، وهوجانب مهم في أداء العبارة القرآنية، فهو يوضح كيف وأين يجب أن ينتهي القارئ لآي القرآن الكريم بما يتفق مع وجوه التفسير واستقامة المعنى وصحة اللغة وما تقتضيه علومها من نحوٍ وصرفٍ ولغةٍ، حتى يستتم القارئ الغرض كله من قراءته، فلا يخرج على وجه مناسب من التفسير والمعنى من جهة، ولا يخالف وجوه اللغة، وسبل أدائها التي تُعين على أداء ذلك التفسير والمعنى، وبهذا يتحقق الغرض الذي من أجله يقرأ القرآن؛ ألا وهو الفهم والإدراك. أما مؤلفه! فإننا لم نعثر على ترجمة له، ويبدو أن هذه المشكلة قديمة، إذ عندما أرادت مطبعة البابي الحلبي عام (1934م) أن تطبع هذا الكتاب نسبته إلى أبي الحسن نور الدين علي بن محمد الأُشموني المتوفى في أوائل القرن العاشر، والمعاصر للإمام السخاوي الذي ترجم له في كتابه: الضوء اللامع؛ وذلك لأنها لم تعثر على ترجمة لأحمد بن عبد الكريم الأشموني على ما يبدو. وكل ما عثرت عليه هو ما ذكره عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين 2/ 121: أحمد الأشموني من علماء القرن الحادي عشر الهجري، الموافق للقرن السابع عشر الميلادي، أحمد ابن محمد بن عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم الأشموني، الشافعي، فقيه، مقرئ، من تصانيفه: منار الهدى في بيان الوقف والابتداء، والقول المتين في بيان أمور الدين. اهـ ولقد أخرجنا هذا الكتاب في ثوبٍ قشيبٍ فيه من الجدة ما يثلج الصدور، وهو عون للقاري المبتدي وتذكرة للمقري المنتهي، يُعين العقول على فهم هذا العلم الجليل، وإدراك مبهمة، وإيضاح ما استغلق منه، وكان منهجنا في هذا السِفر ما سنوضحه فيما يلي: منهج العمل بكتابنا هذا: 1 - قمنا بنسخ الأصول المتوفرة لدينا على ما يوافق قواعد الإملاء الحديثة. 2 - أثبتنا علامات الترقيم والأقواس حسب المتعارف عليه الآن.

3 - نظمنا النص على نسقٍ واحدٍ من أوله إلى آخره بما يفيد فهم النص فهمًا جيدًا، فتظهر معانيه ودِلالاته واضحة جلية. 4 - وقع في بعض نصوص كتابنا أخطاء لغوية، وفي بعضها الآخر إسقاط في نص القرآن، فقد قمنا بإصلاح ذلك كله داخل النصوص؛ وذلك لكونها من أخطاء النُّساخ. 5 - عُنينا عناية بالغة بمقابلة أسماء الأعلام، وكذا المادة التراجمية الواردة عنهم، ومقابلتها بما احتوته أمهات كتب التراجم المعنية بها، ولا سيما كتب تراجم القراء، فإذا وجدناها متفقة معها سكتنا، ولم نعلِّق على صحة الاسم أو المادة، أما إذا وجدنا خلافا فقد عُنينا بالتعليق عليه، ورجّحنا الصواب بعد التحليل، وأحلنا على الموارد التي أدت إلينا هذا الترجيح. 6 - ترجمنا للأعلام؛ تتميمًا لعموم النفع. 7 - بينّا المصطلحات الواردة بكتابنا هذا؛ شارحين لها ومعلِّقين عليها. 8 - ذكرنا معاني الكلمات الغريبة التي تحتاج إلى شرح وإيضاح. 9 - جعلنا ترقيم الآيات القرآنية ضمن مادة كتابنا، ولم نجعلها في الهامش؛ وذلك لعدم ثقل الهوامش، كما ذكرنا أرقام الآيات عند ورود كل سورة بجانبها ولم نذكرها بالهامش إلا في حالة إشارة المؤلف إلى ورود حرف ما بمواضع عديدة، فعند ذلك فقط نشير إلى أرقام تلك الآيات في الهامش. 10 - وأما القسم الخاص بفرش السور داخل كتابنا فإننا اكتفينا فيه بذكر رقم الآية بجانبها اعتمادًا منا على أن المصنف يناقش آيات سورةٍ واحدةٍ، فلا داعي لتكرار اسم السورة إلا إذا دعت الحاجة إلى عكس ذلك. 11 - في ضبط الآيات القرآنية، قمنا بضبطها على ما يوافق قراءة حفص عن عاصم إلا إذا عمد المصنف إلى غير ذلك. 12 - خرَّجنا القراءات القرآنية على الكتب المعنية بها من كتب القراءات، وكتب حُجج القراءات وعللها، وكتب إعراب القرآن، والتفاسير، وكل ما له صلة بذلك. 13 - نظرنا في الشواهد الشعرية فضبطناها بالشكل وعزوناها إلى قائليها، وبينّا مواضعها في الدواوين، أو كتب اللغة والصرف والنحو. 14 - خرّجنا الأحاديث النبوية الشريفة من مظانها: (الصحاح، السنن، المسانيد). 15 - عرضنا النص وأخرجناه بصورة تُعين القارئ وتسهل عليه الرجوع إلى ما يريد.

وفي الخاتمة فاللهَ أسألُ أن يكتبَ السداد والرشاد، وأن يُلْهِمَ الإخلاص في القول والعمل، فإن أصبت فذلك الفضل من الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، وما أجمل ما قاله القاضي البيساني رحمه الله: (إني رأيت أنه لا يكتب إنسانٌ كتاباً في يومه، إلا قال في غده: لو غُيِّرَ هذا لكان أحسن، ولو زِيدَ كذا لكان يُستحسن، ولو قُدِّمَ هذا لكان أفضل، ولو تُرِكَ هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليلٌ على استيلاء النقص على جملة البشر وصلِّ اللهمَّ وسلِّم وبارِك على عبدك ونبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -،،، المحقق عبد الرحيم الطرهوني سوهاج في التاسع والعشرين من صفر سنة 1423هـ الموافق: الحادي عشر من مايو سنة 2002م

مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي نوَّر قلوب أهل القرآن بنور معرفته تنويرًا، وكسا وجوههم من إشراق ضياء بهجته نورًا، وجعلهم من خاصة أحبابه إكرامًا لهم وتوقيرًا، فجعل صدورهم أوعية كتابه، ووفَّقهم لتلاوته آناء الليل وأطراف النهار؛ ليعظم لهم بذلك أجورًا، فترى وجوههم كالأقمار تتلألأ من الإشراق، وتبتهج سرورًا، وقد أخبر عنهم الصادق المصدوق ممثلًا بأنهم جراب مملوء مسكًا، وأَعْظِم بذلك فخرًا وتبشيرًا، فيا لها من نعمة طُهِّروا بها تطهيرًا! وحازوا بها عزًّا ومهابة وتحبيرًا؛ فهم أعلى الناس درجات في الجنان تخدمهم فيها الملائكة الكرام عشيًّا وبكورًا، ويقال لهم في الجنة تهنئة لهم وتبشيرًا: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22)} [الإنسان: 22]. فسبحانه من إله عظيم تعالى في ملكه عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا، {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)} [الإسراء: 44]. أحمده سبحانه وتعالى حمد من قام بواجب تجويد كلامه، ومعرفة وقوفه، ونسأله من فيض فضله وإحسانه لطفًا وعناية وتيسيرًا، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له شهادة يغدو قلب قائلها مطمئنًا مستنيرًا، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - عبده ورسوله الذي اختاره الله من القدم حبيبًا ونبيًّا ورسولًا، وأرسله إلى الثقلين بشيرًا ونذيرًا، وقد أخذ له العهد والميثاق على سائر المخلوقات، وكتب له بذلك منشورًا. أما بعد: فيقول العبد الفقير، القائم على قدمي العجز والتقصير، الراجي عفو ربه القدير أحمد ابن الشيخ عبد الكريم ابن الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الكريم عامل الله الجميع بفضله العميم، وأسكنهم من إحسانه جنات النعيم، هذا تأليف لم يسألني فيه أحد؛ لعلمهم أني قليل البضاعة، غير دريٍّ بهذه الصناعة، فإني والله لست أهلًا لقول ولا عمل، وإني والله من ذلك على وَجَل، لكن الكريم يقبل من تطفل، ولا يخيب من عليه عوَّل؛ فإني بالعجز معلوم، ومثلي عن الخطأ غير معصوم، وبضاعتي مزجاة، وتسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فشرعت فيما قصدت، وما لغيري وجدت، وذلك بعد لبثي حينًا من الدهر أتروَّى وأتأمل، وأنا إلى جميع ما تشتت من ذلك أميل، قادني إلى ذلك أمل ثواب الآخرة سائلًا من المولى الكريم الصواب والإعانة، متبرئًا من حولي وقوتي إلى من لا حول ولا قوة إلَّا به، والمأمول من ذي العزة والجلال أن ينفع به في الحال والمآل، وأن يكون تذكرة لنفسي في حياتي وأثرًا لي بعد وفاتي، فلا تكن ممن إذا رأى صوابًا غطَّاه، وإذا وجد سهوًا نادى عليه وأبداه، فمن رأى خطأ منصوصًا عليه فليضفه بطرته إليه، والنص عليه: يَا مَنْ غَدَا نَاظِرًا فِيمَا كَتَبْتُ وَمَنْ ... أَضْحَى يُرَدِّدُ فِيمَا قُلْتُه النَّظَرَا

سَأَلْتُكَ اللهَ إِنْ عَايَنْتَ لِي خَطًا ... فَاسْتُرْ عَلَيَّ فَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ سَتَرَا فالموفَّق تكفيه الإشارة، ولا ينفع الحسود تطويل العبارة، وعلى الله اعتمادي في بلوغ التكميل، وهو حسبي ونعم الوكيل، وسميته: * منار الهدى في بيان الوقف والابتدا * مقدمًا أمام المقصود فوائد وتنبيهات تنفع القارئ وتعينه على معرفة الوقف والابتداء؛ ليكون على بصيرة إذا خاض في هذا البحر الزخَّار، الذي لا يدرك له قرار، ولا يسلك إلى قنته ولا يصار، من أراد السبيل إلى استقصائه لم يبلغ إلى ذلك وصولًا، ومن رام الوصول إلى إحصائه لم يجد إلى ذلك سبيلًا، قد أودع الله فيه علم كل شيء، وأبان فيه كل هدى وغي، فترى كل ذي فن منه يستمد، وعليه يعتمد، جعله للحكم مستودعًا، ولكل علم منبعًا، وإلى يوم القيامة نجمًا طالعًا، ومنارًا لامعًا، وعلمًا ظاهرًا، ولا يقوم بهذا الفن إلَّا من له باع في العربية، عالم بالقراءات، عالم بالتفسير، عالم باللغة التي نزل القرآن بها على خير خلقه، مزيل الغمة، بعثه به بشيرًا ونذيرًا إلى خير أمة، شهد به كتابه المبين عن لسان رسوله الصادق الأمين، جعله كتابًا فارقًا بين الشك واليقين، أعجز الفصحاء معارضته، وأعيا الألباء مناقضته، وأخرس البلغاء مشاكلته، جعل أمثاله عبرًا للمتدبرين، وأوامره هدى للمستبصرين، ضرب فيه الأمثال، وفرَّق فيه بين الحرام والحلال، وكرر القصص والمواعظ بألفاظ لا تمل، وهي مما سواها أعظم وأجل، ولا تخلق على كثرة الترديد، بل بكثرة تلاوتها حسنًا وحلاوة تزيد، قد حثنا على فهم معانيه، وبيان أغراضه ومبانيه، فليس المراد حفظ مبناه، بل فهم قارئه معناه، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)} [محمد: 24]. فقد ذم الله اليهود؛ حيث يقرءون التوراة من غير فهم، فقال: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78)} [البقرة: 78]. فعلى العاقل الأديب، والفطن اللبيب أن يربأ بنفسه عن هذه المنزلة الدنية، ويأخذ بالرتبة السَّنيَّة، فيقف على أهم العلوم وآكدها المتوقف عليها فهم الكتاب والسُّنَّة وهي بعد تجويد ألفاظه خمسة: علم العربية، والصرف، واللغة، والمعاني، والبيان.

فوائد مهمة تحتاج إلى صرف الهمة

فوائد مهمة تحتاج إلى صرف الهمة [الأئمة الذين اشتهر عنهم هذا الفن] الفائدة الأولى: في ذكر الأئمة الذين اشتهر عنهم هذا الفن وهو فن جليل قال عبد الله ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما: لقد عشنا برهة من دهرنا، وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد - صلى الله عليه وسلم -، فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن، ولقد رأينا اليوم رجالًا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده، وكل حرف منه ينادي: أنا رسول الله إليك؛ لتعمل بي وتتعظ بمواعظي. قال النحاس (¬1): فهذا يدل على أنهم كانوا يتعلمون الوقوف كما يتعلمون القرآن، حتى قال بعضهم: إن معرفته تُظْهِر مذهب أهل السنة من مذهب المعتزلة، كما لو وقف على قوله: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68] فالوقف على «يختار» هو مذهب أهل السنة؛ لنفي اختيار الخلق لاختيار الحق؛ فليس لأحد أن يختار، بل الخيرة لله تعالى، أخرج هذا الأثر البيهقي في سننه، وقال علي -كرم الله وجهه- في قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4)} [المزمل: 4]: الترتيل تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف. وقال ابن الأنباري (¬2): من تمام معرفة القرآن معرفة الوقف والابتداء؛ إذ لا يتأتى لأحد معرفة معاني القرآن إلَّا بمعرفة الفواصل، فهذا أدل دليل على وجوب تعلمه وتعليمه. وحُكي أن عبد الله بن ¬

_ (¬1) وهو: أحمد بن محمد بن إسماعيل المرادي المصري، أبو جعفر النحاس، مفسر، أديب، مولده ووفاته بمصر، كان من نظراء نفطويه وابن الأنباري، زار العراق واجتمع بعلمائه، وصنف: تفسير القرآن، وإعراب القرآن، وتفسير أبيات سيبويه، وناسخ القرآن ومنسوخه، والقطع والاستئناف، ومعاني القرآن، الجزء الأول منه، وشرح المعلقات السبع (ت338 هـ). انظر: ابن خلّكان (1/ 29)، النجوم الزاهرة (3/ 300)، البداية والنهاية (11/ 222)، إنباه الرواة (1/ 101)، آداب اللغة (2/ 182). (¬2) محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، أبو بكر الأنباري، من أعلم أهل زمانه بالأدب واللغة، ومن أكثر الناس حفظا للشعر والأخبار، قيل: كان يحفظ ثلاثمائة ألف شاهد في القرآن. أخذ عن أبيه وثعلب وطائفة، وعنه الدارقطني وغيره، ولد في الأنبار (على الفرات)، وتوفي ببغداد، وكان يتردد إلى أولاد الخليفة الراضي بالله، يعلمهم. من كتبه: الزاهر في اللغة، وشرح القصائد السبع الطوال الجاهليات، وإيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل، الهاءات في كتاب الله عز وجل، والكافي في النحو، وعجائب علوم القرآن، وشرح الألفات، وخلق الإنسان، والأمثال، والأضداد، وأجل كتبه: غريب الحديث، وله: الأمالي (ت328 هـ). انظر: تاريخ بغداد (3/ 181 - 186)، معجم الأدباء (18/ 306 - 313)، الكامل في التاريخ (8/ 118)، تذكرة الحفاظ (3/ 57 - 59)، البداية والنهاية (11/ 196)، نزهة الألباء (ص: 330 - 342)، المختصر في أخبار البشر (2: 92)، طبقات القراء (2/ 230 - 232)، الأعلام (7/ 226، 227).

عمر قد قام على حفظ سورة البقرة ثمان سنين، وعند تمامها نحر بدنة، أخرجه مالك في الموطأ. وقول الصحابي كذا له حكم المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أي: ولم يخالفه غيره ولم يكن للرأي فيه مجال، وهذا لا دخل للرأي فيه فلو خالفه غيره أو كان للرأي فيه مجال -لا يكون قوله حجة. واشتهر هذا الفن عن جماعة من الخلف، وهم: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني القارئ (¬1)، وعن صاحبه يعقوب بن إسحاق الحضرميِّ البصريِّ (¬2)، وعن أبي حاتم السجستاني (¬3)، وعن محمد بن عيسى، وعن أحمد بن موسى (¬4)، وعن علي بن حمزة الكسائي (¬5)، وعن القراء الكوفيين، وعن الأخفش سعيد (¬6)، وعن أبي عبيدة معمر بن ¬

_ (¬1) مولى جعونة بن شعوب الليثي حليف حمزة بن عبد المطلب المدني أحد القراء السبعة والأعلام ثقة صالح، أخذ القراءة عرضًا عن جماعة من تابعي أهل المدينة منهم عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وأبي جعفر القارئ وشيبة بن نصاح ويزيد بن رومان ومسلم بن جندب، وروى القراءة عنه عرضًا وسماعًا إسماعيل بن جعفر وعيسى بن وردان وسليمان بن مسلم بن جماز ومالك بن أنس وعيسى بن مينا قالون (ت169هـ).انظر: التاريخ الكبير (8/ 87)، ميزان الاعتدال (4/ 242)، عبر الذهبي (1/ 257)، طبقات القراء لابن الجزري (2/ 330 – 334)، تهذيب التهذيب (10/ 407، 408). (¬2) الإمام المجود الحافظ، مقرئ البصرة، أبو محمد الحضرمي مولاهم البصري، أحد القراء العشرة، تلا على أبي المنذر سلام الطويل، وأبي الأشهب العطاردي، ومهدي بن ميمون، وشهاب بن شرنفة، وسمع أحرفا من حمزة الزيات، وسمع الكثير من شعبة، وهمام، وأبي عقيل الدورقي (ت205هـ). انظر: طبقات ابن سعد (7/ 304)، التاريخ الكبير (8/ 399، 400)، التاريخ الصغير (2/ 304)، معرفة القراء الكبار للذهبي (1/ 130)، غاية النهاية في طبقات القراء (2/ 386 – 389). (¬3) سهل بن محمد بن عثمان الجشمي السجستاني، من كبار العلماء باللغة والشعر، من أهل البصرة كان المبرد يلازم القراءة عليه، له نيف وثلاثون كتابا، منها كتاب: المعمرين، والنخلة، وما تلحن فيه العامة، والشجر والنبات، والطير، والأضداد، والوحوش، والحشرات، والشوق إلى الوطن، والعشب والبقل، والفرق بين الآدميين، وكل ذي روح، والمختصر في النحو على مذهب الأخفش وسيبويه، وله شعر جيد (ت248 هـ). (¬4) ابن مجاهد التميمي البغدادي شيخ الصنعة وأول من سبَّع السبعة، قرأ على عبد الرحمن بن عبدوس وقنبل المكي وعبد الله ابن كثير المؤدب وغيرهم، قرأ عليه وروى عنه الحروف أحمد بن محمد بن بشر الشارب وأحمد بن نصر الشذائي وأحمد بن موسى بن عبد الرحمن وغيرهم كثير (ت324هـ).انظر: معجم الأدباء (5/ 65 – 73)، معرفة القراء (1/ 216 – 218)، البداية والنهاية (11/ 185)، غاية النهاية (1/ 139 - 142). (¬5) الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد حمزة الزيات، وأحد الأئمة السبعة، أخذ القراءة عرضا عن حمزة أربع مرات وعليه اعتماده وعن عيسى بن عمر الهمداني، وروى الحروف عن أبي بكر ابن عياش وإسماعيل ويعقوب ابني جعفر عن نافع، أخذ عنه القراءة عرضا وسماعا إبراهيم ابن زاذان وأحمد بن جبير وأحمد بن أبي سريج وحفص بن عمر الدوري (ت189هـ). انظر: التاريخ الكبير (6/ 268)، طبقات النحويين (138، 142)، معجم الأدباء (13/ 167، 203)، دول الإسلام (1/ 120)، البداية والنهاية (11/ 201، 202). (¬6) الأخفش الأوسط: سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء، البلخي ثم البصري، أبو الحسن، المعروف بالأخفش الأوسط، نحوي، عالم باللغة والأدب، من أهل بلخ، سكن البصرة، وأخذ العربية عن سيبوية، وصنف كتبا منها: تفسير معاني القرآن، وشرح أبيات المعاني، والاشتقاق، ومعاني الشعر، وكتاب الملوك، والقوافي، وزاد في العروض بحر (المتدارك)، وكان الخليل قد جعل البحور خمسة عشر فأصبحت ستة عشر (ت215 هـ). انظر: سير أعلام النبلاء (7/ 188).

المثنى (¬1)، وعن محمد بن يزيد (¬2)، والقتبيِّ الدينوريِّ (¬3)، وعن أبي محمد الحسن بن علي العماني (¬4)، وعن أبي عمرو عثمان الداني (¬5)، وعن أبي جعفر محمد بن طيفور السجاوندي (¬6)، وعن أبي جعفر يزيد بن ¬

_ (¬1) معمر بن المثني معمر بن المثنى التيمي بالولاء، البصري (أبو عبيدة) أديب، لغوي، نحوي عالم بالشعر والغريب والاخبار والنسب، ولد وتوفي بالبصرة، من تصانيفه الكثيرة: معاني القرآن، نقائض جرير والفرزدق، مقاتل الفرسان، أخبار قضاة البصرة، وغريب بطون العرب (ت209 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (12/ 309). (¬2) المبرد، إمام النحو، أبو العباس، محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الأزدي، البصري، النحوي، الإخباري، صاحب «الكامل»، أخذ عن: أبي عثمان المازني، وأبي حاتم السجستاني، وعنه: أبو بكر الخرائطي، ونفطويه، وأبو سهل القطان، وإسماعيل الصفار، والصولي، وأحمد بن مروان الدينوري، وعدة، صاحب نوادر وطرف، قال ابن حماد النحوي: كان ثعلب أعلم باللغة، وبنفس النحو من المبرد، وكان المبرد أكثر تفننا في جميع العلوم من ثعلب. يقال: إن المازني أعجبه جوابه، فقال له: قم فأنت المبرد، أي: المثبت للحق، ثم غلب عليه: بفتح الراء. وكان آية في النحو، كان إسماعيل القاضي يقول: ما رأى المبرد مثل نفسه (ت286هـ). انظر: طبقات النحويين واللغويين (ص: 101–110)، معجم الأدباء (19/ 111 – 122)، البداية والنهاية (11/ 79 – 80)، طبقات القراء لابن الجزري (2/ 280). (¬3) عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، أبو محمد: من أئمة الأدب، ومن المصنفين المكثرين، ولد ببغداد وسكن الكوفة، ثم ولي قضاء الدينور مدة، فنسب إليها، وتوفي ببغداد، من كتبه: «تأويل مختلف الحديث»، و «أدب الكاتب» و «المعارف» وكتاب «المعاني» ثلاثة مجلدات، و «عيون الأخبار» و «الشعر والشعراء» و «الإمامة والسياسة» و «الأشربة» و «الرد على الشعوبية» و «فضل العرب على العجم» و «الرحل والمنزل» و «الاشتقاق» و «مشكل القرآن»، «المشتبه من الحديث والقرآن» و «العرب وعلومها» و «تفسير غريب القرآن» (ت 276 هـ). انظر: غاية النهاية (1/ 458)، البدء والتاريخ (5/ 97)، صفة الصفوة (1/ 154)، حلية الأولياء (1/ 124)، الأعلام للزركلي (4/ 137). (¬4) أبو محمد الحسن بن علي بن سعيد العماني، مقرئ، من تصانيفه: المقصد، والمرشد في الوقف والابتداء، وهو الذي اختصره شيخ الإسلام زكريا الأنصاري بـ «المقصد لتلخيص ما في المرشد، توفي بعد سنة (500 هـ). انظر: غاية النهاية (1/ 223). (¬5) أبو عمرو الداني عثمان بن سعيد بن عثمان، أبو عمرو الداني، ويقال له ابن الصيرفي، من موالي بني أمية، أحد حفاظ الحديث، ومن الأئمة في علم القرآن ورواياته وتفسيره، من أهل دانية بالأندلس، دخل المشرق، فحج وزار مصر، وعاد فتوفي في بلده، وله من المصنفات ما يزيد على مائة وعشرين مصنفًا (ت444 هـ). انظر: جذوة المقتبس (ص: 305)، الصلة (2/ 405 – 407)، بغية الملتمس (ص: 411 – 412)، معجم البلدان (2/ 434)، معجم الأدباء (12/ 124 – 128)، إنباه الرواة (2/ 341 – 342)، معرفة القراء الكبار (1/ 325 – 328). (¬6) أبو عبد الله السجاوندي، مفسر، مقرئ، نحوي، من آثاره: علل القراءات في عدة مجلدات، عين المعاني في تفسير السبع المثاني، والوقف والابتداء (ت560 هـ). انظر: طبقات القراء لابن الجزري (2/ 157)، الوافي للصفدي (3/ 178)، طبقات المفسرين للسيوطي (ص: 32، 33)، كشف الظنون لحاجي خليفة (ص: 1182)، الأعلام للزركلي (6/ 179).

القعقاع (¬1) أحد أعيان التابعين، وغيرهم من الأئمة الأعلام، والجهابذة العظام، فكان أحدهم آخذًا بزمام التحقيق والتدقيق وتضرب إليه أكباد الإبل من كل مكان سحيق: أُولَئِكَ آبَائِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ ... إِذَا جَمَعَتْنَا يَا جَرِيرُ المَجَامِعُ (¬2) وما حكاه ابن برهان (¬3) عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة (¬4): من أن تسمية الوقوف بالتام والحسن والقبيح بدعة، ومتعمد الوقف على ذلك مبتدع؛ قال: لأن القرآن معجز وهو كالقطعة ¬

_ (¬1) أحد القرّاء العشرة، تابعي مشهور كبير القدر، عرض القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة وعبد الله بن عباس وأبي هريرة وروى عنهم، روى القراءة عنه نافع بن أبي نعيم وسليمان بن مسلم بن جماز وعيسى بن وردان وإسماعيل ويعقوب ابناه وميمونة بنته (ت130هـ). انظر: طبقات ابن سعد (6/ 352)، التاريخ الكبير (8/ 353، 354)، تاريخ الإسلام (5/ 188)، طبقات القراء (2/ 382). (¬2) البيت من بحر الطويل، وقائله الفرزدق، من قصيدة يقول في مطلعها: مِنّا الَّذي اِختيرَ الرِجالَ سَماحَةً ... وَخَيرًا إِذا هَبَّ الرِياحُ الزَعازِعُ الفَرَزدَق (38 - 110هـ/658 - 728م) همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس، شاعر من النبلاء، من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللغة، يشبه بزهير بن أبي سلمى وكلاهما من شعراء الطبقة الأولى، زهير في الجاهليين، والفرزدق في الإسلاميين، وهو صاحب الأخبار مع جرير والأخطل، ومهاجاته لهما أشهر من أن تذكر، كان شريفًا في قومه، عزيز الجانب، يحمي من يستجير بقبر أبيه، لقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظه، وتوفي في بادية البصرة، وقد قارب المائة.-الموسوعة الشعرية (¬3) ابن برهان (479 - 518 هـ = 1087 - 1124 م) أحمد بن علي بن برهان، أبو الفتح: فقيه بغدادي، غلب عليه علم الأصول، كان يضرب به المثل في حل الإشكال، من تصانيفه: البسيط، والوسيط، والوجيز -في الفقه والأصول، وكان يقول: إن العامي لا يلزمه التقيد بمذهب معين، ودرَّس بالنظامية شهرًا واحدًا وعُزل، ثم تولاها ثانيًا يومًا واحدًا وعُزل أيضًا، مولده ووفاته ببغداد. انظر: الأعلام (1/ 173). (¬4) أبو يوسف (113 - 182 هـ = 731 - 798 م) يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، أبو يوسف: صاحب الإمام أبي حنيفة، وتلميذه، وأول من نشر مذهبه، كان فقيهًا علامة، من حفاظ الحديث، ولد بالكوفة، وتفقه بالحديث والرواية، ثم لزم أبا حنيفة، فغلب عليه "الرأي" وولي القضاء ببغداد أيام المهدي والهادي والرشيد، ومات في خلافته، ببغداد، وهو على القضاء، وهو أوّل من دعي "قاضي القضاة"، ويقال له: قاضي قضاة الدنيا! وأوّل من وضع الكتب في أصول الفقه، على مذهب أبي حنيفة، وكان واسع العلم بالتفسير والمغازي وأيام العرب، من كتبه: الخراج، والآثار -وهو مسند أبي حنيفة، والنوادر، واختلاف الأمصار، وأدب القاضي، والأمالي في الفقه، والرد على مالك ابن أنس، والفرائض، والوصايا، والوكالة، والبيوع، والصيد والذبائح، والغصب والاستبراء، والجوامع -في أربعين فصلا، ألفه ليحيى بن خالد البرمكي، ذكر فيه اختلاف الناس والرأي المأخوذ به. انظر: الأعلام للزركلي (8/ 193).

الواحدة؛ فكله قرآن وبعضه قرآن، فليس على ما ينبغي. وضعف قوله: غني عن البيان بما تقدم عن العلماء الأعلام، ويبعده قول أهل هذا الفن: الوقف على رءوس الآي سُنَّة متبعة، والخير كله في الاتباع، والشر كله في الابتداع، ومما يبيَّن ضعفه ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى الخطيب؛ لما قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما. ووقف، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بئس خطيب القوم أنت، قل ومن يعص الله ورسوله فقد غوى» (¬1) ففي الخبر دليل واضح على كراهة القطع، فلا يجمع بين من أطاع ومن عصى، فكان ينبغي للخطيب أن يقف على قوله: فقد رشد، ثم يستأنف: ومن يعصهما فقد غوى، وإذا كان مثل هذا مكروهًا مستقبحًا في الكلام الجاري بين الناس -فهو في كلام الله أشد كراهة وقبحًا، وتجنبه أولى وأحق. وفي الحديث: أنَّ جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اقرأ القرآن على حرف فقال ميكائيل استزده حتى بلغ سبعة أحرف كل شاف ما لم تختم آية عذاب بآية رحمة، أو آية رحمة بآية عذاب» (¬2). فالمراد بالحروف: لغات العرب، أي: أنها مفرقة في القرآن فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه، على أنه قد جاء في القرآن ما قد قرئ بسبعة أوجه، وعشرة أوجه كـ «مالك يوم الدين» (¬3)، وفي البحر إنّ قوله: «وعبد الطاغوت» اثنتين وعشرين قراءة (¬4)، وفي «أف» لغات أوصلها الرماني (¬5) إلى سبع وثلاثين لغة، قال في فتح الباري: قال أبو شامة (¬6): ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم (3/ 12، 13)، وأبو داود (1/ 172)، والنسائي (2/ 79)، والبيهقي (3/ 216)، وأحمد (4/ 256، 379). (¬2) أخرجه أحمد في المسند (5/ 41)، برقم (20696)، قال: حدَّثنا عبد الرَّحْمان بن مهدي، وفي (5/ 51)، برقم: (20788)، قال: حدَّثنا عَفَّان. (¬3) انظر: معجم القراءات القرآنية، للدكتور: عبد العال سالم مكرم، والدكتور: أحمد مختار عمر (1/ 7)، طبعة الكويت. (¬4) انظر: البحر المحيط (3/ 519)، ومعجم القراءات القرآنية، للدكتور: عبد العال سالم مكرم، والدكتور: أحمد مختار عمر (2/ 222، 226)، طبعة الكويت. (¬5) أبو الحسن الرماني (296 - 384 هـ = 908 - 994 م) علي بن عيسى بن علي بن عبد الله، أبو الحسن الرماني: باحث معتزلي مفسر، من كبار النحاة، أصله من سامراء، ومولده ووفاته ببغداد، له نحو مائة مصنف، منها الأكوان، والمعلوم والمجهول، والأسماء والصفات، وصنفة الاستدلال -في الاعتزال، وكتاب: التفسير، وشرح أصول ابن السراج، وشرح سيبويه، ومعاني الحروف، والنكت في إعجاز القرآن. انظر: الأعلام للزركلي (4/ 317). (¬6) أبو شامة (599 - 665 هـ = 1202 - 1267 م) عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي، أبو القاسم، شهاب الدين، أبو شامة: مؤرخ، محدث، باحث، أصله من القدس، ومولده في دمشق، وبها منشأه ووفاته، ولي بها مشيخة دار الحديث الأشرفية، ودخل عليه اثنان في صورة مستفتيين فضرباه، فمرض ومات، له: كتاب الروضتين في أخبار الدولتين: الصلاحية والنورية، وذيل الروضتين، ومختصر تاريخ ابن عساكر، والمرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز، وله: إبراز المعاني -في شرح الشاطبية، والباعث على إنكار البدع والحوادث، وكشف حال بني عبيد -الفاطميين، والوصول في الأصول، ومفردات القراء، ونزهة المقلتين في أخبار الدولتين: دولة علاء الدين السلجوقي، ودولة ابنه جلال الدين خوارزمشاه. انظر: الأعلام للزركلي (3/ 299).

الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وقال مكي بن أبي طالب (¬1): وأما من ظن أن قراءة هؤلاء القراء السبعة، وهم: نافع، وابن كثير (¬2)، وأبو عمرو (¬3)، وابن عامر (¬4)، وعاصم (¬5)، ¬

_ (¬1) أبو محمد الأندلسي القيسي، مقرئ، عالم بالتفسير والعربية، من أهل القيروان، ولد فيها، وطاف في بعض بلاد المشرق، وعاد إلى بلده، وأقرأ بها، ثم سكن قرطبة (سنة: 393)، وخطب وأقرأ بجامعها وتوفى فيها، له كتب كثيرة، منها: مشكل إعراب القرآن، والكشف عن وجوه القراءات وعللها، والهداية إلى بلوغ النهاية، في معاني القرآن وتفسيره، والتبصرة في القراءات السبع، والمنتقى- في الأخبار، والإيضاح للناسخ والمنسوخ، والموجز -في القراءات، والإيجاز -في الناسخ والمنسوخ، والرعاية -لتجويد التلاوة، والإبانة -في القراءات، وشرح «كلا وبلى ونعم» (ت 437 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (7/ 286). (¬2) عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان، الإمام أبو معبد المكي الداري، إمام أهل مكة في القراءة، وأحد الأئمة السبعة (ت120هـ). انظر: التاريخ الكبير (5/ 181)، الجرح والتعديل (5/ 144)، تاريخ الإسلام (4/ 268، 269)، تهذيب التهذيب (5/ 367)، طبقات القراء (1/ 433، 444)، غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 443). (¬3) أبو عمرو ابن العلاء بن عمار بن العريان المازني المقرئ، النحوي البصري الإمام، مقرئ أهل البصرة، أحد الأئمة السبعة، اسمه: زبّان، على أصح الأقوال، أخذ القراءة عن أهل الحجاز وأهل البصرة، فعرض بمكة على مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء وعكرمة بن خالد وابن كثير، وعرض بالبصرة على يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم والحسن وغيرهم، وحدّث عن أنس ابن مالك وعطاء بن أبي رباح (ت154هـ). انظر: تاريخ البخاري (9/ 55)، طبقات الزبيدي (ص: 28–126)، مراتب النحويين (ص: 13)، تذهيب التهذيب (4/ 225)، تاريخ الإسلام (6/ 322)، العبر للذهبي (1/ 223)، أخبار النحويين البصريين (ص: 22)، طبقات القراء لابن الجزري (1/ 288). (¬4) عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة بن عامر بن عبد الله بن عمران اليحصُبي، نسبةً إلى يحصب بن دهمان، أحد الأئمة السبعة، وإمام أهل الشام في القراءة، والذي انتهت إليه مشيخة الإقراء بها، أخذ القراءة عرضًا عن أبي الدرداء، وعن المغيرة بن أبي شهاب صاحب عثمان بن عفان، روى القراءة عنه عرضًا يحيى بن عامر وربيعة بن يزيد وجعفر بن ربيعة (ت118هـ). انظر: التاريخ الصغير (1/ 100، و164)، الجرح والتعديل (5/ 122)، تاريخ الإسلام (3/ 267)، ميزان الاعتدال (2/ 449)، طبقات القراء (1/ 423)، تهذيب التهذيب (5/ 274). (¬5) عاصم بن بهدلة، أبي النَّجُود أبو بكر الأسدي مولاهم الكوفي الحناط، شيخ الإقراء بالكوفة، وأحد القراء السبعة، وهو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد أبي عبد الرحمن السلمي، أخذ القراءة عرضًا عن زر بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي، روى القراءة عنه أبان بن تغلب وأبان بن يزيد العطار وحفص بن سليمان وأبو بكر شعبة بن عياش (ت127هـ). انظر: التاريخ الكبير (6/ 487)، الجرح والتعديل (6/ 340)، تاريخ ابن عساكر (3/ 26)، وفيات الأعيان (3/ 9)، تاريخ الإسلام (5/ 89)، ميزان الاعتدال (2/ 357)، طبقات القراء (1/ 346).

وحمزة (¬1)، والكسائي -هي الأحرف السبعة التي في الحديث، فقد غلط غلطًا عظيمًا. قال: ويلزم من هذا أن ما خرج عن قراءة هؤلاء السبعة مما ثبت عن الأئمة، ووافق خط المصحف العثماني لا يكون قرآنًا، وهذا غلط عظيم؛ إذ لا شك أن هذه القراءات السبع مقطوع بها من عند الله تعالى وهي التي اقتصر عليها الشاطبي (¬2)، وبالغ النووي (¬3) في أسئلته؛ حيث قال: لو حلف إنسان بالطلاق الثلاث: إن قرأ القراءات السبع لا حنث عليه، ومثلها الثلاث التي هي قراءة: أبي جعفر، ويعقوب، وخلف (¬4). ¬

_ (¬1) حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل، الإمام أبو عمارة الكوفي التيمي مولاهم، أحد القراء السبعة، أخذ القراءة عرضًا عن سليمان الأعمش وأبي إسحاق السبيعي ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وجعفر بن محمد الصادق، وقرأ الحروف على الأعمش، وعرض على الأعمش وأبي إسحاق وابن أبي ليلى، قرأ عليه وروى القراءة عنه إبراهيم بن أدهم وإبراهيم ابن إسحاق بن راشد وإبراهيم بن طعمة وإبراهيم ابن علي الأزرق وإسحاق بن يوسف الأزرق وإسرائيل بن يونس السبيعي وسليم بن عيسى وهو أضبط أصحابه (ت156هـ). انظر: طبقات ابن سعد (6/ 385)، التاريخ الكبير (3/ 52)، مشاهير علماء الأمصار (ص: 168)، وفيات الأعيان (2/ 216)، تاريخ الإسلام (6/ 174 – 175)، طبقات القراء لابن الجزري (1/ 261 – 263). (¬2) القاسم بن فِيرُّه بن خلف بن أحمد الرعيني، أبو محمد الشاطبي: إمام القراء، كان ضريرًا، ولد بشاطبة في الأندلس وتوفي بمصر، وهو صاحب «حرز الأماني»، وكان عالمًا بالحديث والتفسير واللغة، قال ابن خلّكان: «كان إذا قرئ عليه صحيح البخاري ومسلم والموطأ، تصحح النسخ من حفظه». والرعيني نسبة إلى ذي رعين أحد أقيال اليمن (ت590 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (5/ 180). (¬3) يحيى بن شرف بن مري بن حسن الحزامي الحوراني، النووي، الشافعي، أبو زكريا، محيي الدين: علامة بالفقه والحديث، مولده ووفاته في نوا «من قرى حوران، بسورية»، وإليها نسبته، تعلم في دمشق، وأقام بها زمنًا طويلًا، من كتبه: تهذيب الأسماء واللغات، ومنهاج الطالبين، والدقائق، وتصحيح التنبيه -في فقه الشافعية، والمنهاج في شرح صحيح مسلم، والتقريب والتيسير -في مصطلح الحديث، وحلية الأبرار -يُعرف بالأذكار النووية، وخلاصة الأحكام من مهمات السنن وقواعد الإسلام، ورياض الصالحين من كلام سيد المرسلين، وبستان العارفين، والإيضاح -في المناسك، وشرح المهذب للشيرازي، وروضة الطالبين -فقه، والتبيان في آداب حملة القرآن، والمقاصد -رسالة في التوحيد، ومختصر طبقات الشافعية لابن الصلاح، ومناقب الشافعي، والمنثورات -فقه، وهو كتاب فتاويه، ومختصر التبيان -مواعظ، ومنار الهدى -في الوقف والابتداء، تجويد، والإشارات إلى بيان أسماء المبهمات -رسالة، والأربعون حديثا النووية -شرحها كثيرون (ت676 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (8/ 149). (¬4) خلف بن هشام بن ثعلب بن خلف بن ثعلب بن هشيم أبو محمد الأسدي، الإمام العلم أبو محمد البزار البغدادي، أحد القراء العشرة، وأحد الرواة عن سليم عن حمزة، روى القراءة عنه عرضًا وسماعًا أحمد بن إبراهيم وراقه وأخوه إسحاق بن إبراهيم وأحمد بن يزيد الحلواني وإدريس بن عبد الكريم الحداد (ت229هـ). انظر: القراء الكبار (1/ 208)، غاية النهاية (1/ 274)، تاريخ بغداد (8/ 322)، سير أعلام النبلاء (10/ 476).

وكلها متواتر تجوز القراءة به في الصلاة وغيرها، واختلف فيما وراء العشرة وخالف خط المصحف الإمام، فهذا لا شك فيه أنه لا تجوز قراءته في الصلاة ولا في غيرها، وما لا يخالف تجوز القراءة به خارج الصلاة، وقال ابن عبد البر (¬1): لا تجوز القراءة بها ولا يصلى خلف من قرأ بها، وقال ابن الجزري (¬2): تجوز مطلقًا إلَّا في الفاتحة للمصلي، انظر: شرح العباب للرملي (¬3). ¬

_ (¬1) ابن عبد البر (368 - 463 هـ = 978 - 1071 م) يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي، أبو عمر: من كبار حفاظ الحديث، مؤرخ، أديب، بحاثة، يقال له: حافظ المغرب، ولد بقرطبة، ورحل رحلات طويلة في غربي الأندلس وشرقيها، وولي قضاء لشبونة وشنترين، وتوفي بشاطبة، من كتبه: الدرر في اختصار المغازي والسير، والعقل والعقلاء، والاستيعاب -في تراجم الصحابة، وجامع بيان العلم وفضله، والمدخل -في القراءات، وبهجة المجالس وأنس المجالس -في المحاضرات، واختصره ابن ليون وسماه: بغية المؤانس من بهجة المجالس، والانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء -ترجم به مالكًا وأبا حنيفة والشافعي، والتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، والاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار -وهو اختصار: التمهيد، والقصد الأمم -في الأنساب، والإنباه على قبائل الرواه، والتقصي لحديث الموطأ، أو تجريد التمهيد، والإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف، والكافي في الفقه، ونزهة المستمتعين وروضة الخائفين، وذكر التعريف بجماعة من الفقهاء أصحاب مالك، وفي من عُرف من الصحابة بكنيته، والثاني: المعروفون بالكُنى من حملة العلم، والثالث: من لم يذكر له اسم سوى كنيته، من رجال الحديث. انظر: الأعلام للزركلي (8/ 240). (¬2) محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف، أبو الخير، شمس الدين، العمري الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي، الشهير بابن الجزري: شيخ الإقراء في زمانه، من حفاظ الحديث، ولد ونشأ في دمشق، وابتنى فيها مدرسة سماها: (دار القرآن)، ورحل إلى مصر مرارًا، ودخل بلاد الروم، وسافر مع تيمورلنك إلى ما وراء النهر، ثم رحل إلى شيراز فولي قضاءها، ومات فيها، نسبته إلى (جزيرة ابن عمر)، من كتبه: النشر في القراءات العشر، وغاية النهاية في طبقات القراء، اختصره من كتاب آخر له اسمه: نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات، والتمهيد في علم التجويد، وملخص تاريخ الإسلام، وذات الشفاء في سيرة النبي والخلفاء -منظومة، وفضائل القرآن، وسلاح المؤمن -في الحديث، ومنجد المقرئين، والحصن الحصين -في الأدعية والأذكار المأثورة، وحاشية عليه سماها: مفتاح الحصن الحصين، ومختصر عدة الحصن الحصين، والتتمة في القراءات، وتحبير التيسير -في القراءات العشر، وتقريب النشر في القراءات العشر، والدرة المضية -في القراءات، وطيبة النشر في القراءات العشر -منظومة، والمقدمة الجزرية -أرجوزة في التجويد، وأسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب، والهداية في علم الرواية -في المصطلح، والمصعد الأحمد في ختم مسند الأمام أحمد -في الحديث، وله نظم، أكثره أراجيز في القراءات (ت833 هـ). الأعلام للزركلي (7/ 45). (¬3) الرملي (773 - 844 هـ = 1371 - 1440 م) أحمد بن حسين بن حسن بن علي بن أرسلان، أبو العباس، شهاب الدين، الرملي: فقيه شافعي، ولد بالرملة (بفلسطين) وانتقل في كبره إلى القدس، فتوفي بها، وكان زاهدًا متهجدًا، له: الزبد -منظومة في الفقه، ويقال لها: صفوة الزبد، وشرح سنن أبي داود، ومنظومة في علم القراءات، وشرح البخاري، وطبقات الشافعية -تراجم، وتصحيح الحاوي -فقه، وإعراب الألفية -نحو. انظر: الأعلام للزركلي (1/ 117).

والشاذ: ما لم يصح سنده نحو: «لقد جاءكم رسول من أنفَسكم» بفتح الفاء (¬1)، و «إنما يخشى اللهُ من عباده العلماءَ» برفع (اللهُ)، ونصب (العلماءَ) (¬2)، وكذا كل ما في إسناده ضعف؛ لأن القرآن لا يثبت إلَّا بالتواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سواء وافق الرسم أم لا. قال مكي: ما روي في القرآن ثلاثة أقسام: قسم يقرأ به ويكفر جاحده وهو ما نقله الثقات ووافق العربية وخط المصحف، وقسم صح نقله عن الأجلاء وصح في العربية وخالف لفظه الخط فيقبل ولا يقرأ به، وقسم نقله ثقة ولا وجه له في العربية، أو نقله غير ثقة فلا يقبل، وإن وافق خط المصحف؛ فالأول: كـ «ملك»، و «مالك». والثاني: كقراءة ابن عباس: «وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة» (¬3) واختلف في القراءة بذلك، فالأكثر على المنع؛ لأنها لم تتواتر وإن ثبتت بالنقل فهي منسوخة بالعرضة الأخيرة. ومثال الثالث وهو ما نقله غير ثقة كثير، وأما ما نقله ثقة ولا وجه له في العربية فلا يكاد يوجد. وقد وضع السلف علم القراءات دفعًا للاختلاف في القرآن، كما وقع لعمر بن الخطاب مع أُبَيِّ بن كعب (¬4) حين سمعه يقرأ سورة الفرقان على غير ما سمعها هو من النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخذه ومضى به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - كل واحد أن يقرأ، فقرأ كل واحد ما سمعه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هكذا أنزل» (¬5)، ولا ¬

_ (¬1) وهي قراءة محبوب وعبد الله بن قسيط، ويعقوب في غير المتواتر. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 246)، تفسير القرطبي (8/ 301)، الكشاف (2/ 223)، المحتسب لابن جني (1/ 306). (¬2) وقرأ بها عمر بن عبد العزيز- أبو حيوة- أبو حنيقة. انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (2/ 108)، البحر المحيط (7/ 312)، تفسير القرطبي (14/ 344)، الكشاف (3/ 308)، تفسير الرازي (26/ 21). (¬3) وكذا رويت عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وأُبيّ، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (6/ 154)، تفسير الطبري (16/ 3)، تفسير القرطبي (11/ 34)، الكشاف (2/ 495). (¬4) لم أقف عليه في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها من كتب السنن، أن ما حدث كان مع أُبي، ولكن ما وجدته فقد حدث بين عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم، وليس أُبي بن كعب!!. (¬5) وقد وقفت على نحوه في المسند الجامع: عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ يَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ، فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَمَعْتُ قِرَاءَتَهُ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكِدْتُ أَنْ أُسَاوِرَهُ فِي الصَّلاَةِ، فَنَظَرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلمَّا سَلَّمَ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي تَقْرَؤُهَا؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ، فَوَاللهِ، إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي تَقْرَؤُهَا، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ أَقُودُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَأَنْتَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَرْسِلْهُ يَا عُمَرُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: اقْرَأْ يَا عُمَرُ، فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ. أخرجه مالك «الموطأ» (ص:540)، وأحمد (1/ 40)، برقم: (277)، قال: حدَّثنا عَبْد الرَّحْمان. والبُخَارِي (3/ 160)، برقم: (2419)، قال: حدَّثنا عَبْد الله بن يُوسُف. ومسلم (2/ 202)، برقم: (1851)، قال: حدَّثنا يَحيى ابن يَحيى. وأبو داود برقم: (1475)، قال: حدَّثنا القَعْنَبِي. والنَّسائي (2/ 150)، وفي الكبرى برقم: (1011، و7931)، قال: أَخْبَرنا مُحَمد بن سَلَمَة، والحارث بن مِسْكين، قراءةً عليه وأنا أَسْمع، عن ابن القاسم. وبرقم: (11302)، قال: أَخْبَرنا مُحَمد بن سَلَمَة، أَخْبَرنا ابن القاسم.

شك أن القبائل كانت ترد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يترجم لكل أحد بحسب لغته، فكان يمد قدر الألف والألفين والثلاثة لمن لغته كذلك، وكان يفخم لمن لغته كذلك، ويرقق لمن لغته كذلك، ويميل لمن لغته كذلك. وأما ما يفعله قراء زماننا من أن القارئ كل آية يجمع ما فيها من اللغات فلم يبلغنا وقوعه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من أصحابه، قاله الشعرواي (¬1) في (الدرر المنثورة في بيان زبدة العلوم المشهورة). وينبغي للقارئ أن يقطع الآية التي فيها ذكر النار، أو العقاب عما بعدها إذا كان بعدها ذكر الجنة، ويقطعها أيضًا عما بعدها إن كان بعدها ذكر النار، نحو قوله: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6)} هنا الوقف، ولا يوصل ذلك بقوله: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ}، ونحو: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} هنا الوقف، ولا يوصله بما بعده، ونحو: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} هنا الوقف، فلا يوصله بما بعده من قوله: {لِلْفُقَرَاءِ}، ونحو قوله في التوبة: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} هنا الوقف، فلا يوصله بما بعده من قوله: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا}، وكذا كل ما هو خارج عن حكم الأول -فإنه يقطع. ¬

_ (¬1) الشعراني (898 - 973 هـ = 1493 - 1565 م) عبد الوهاب بن أحمد بن علي الحنفي، نسبة إلى محمد ابن الحنفية، الشعراني، أبو محمد: من علماء المتصوفين، ولد في قلقشندة (بمصر)، ونشأ بساقية أبي شعرة (من قرى المنوفية)، وإليها نسبته: (الشعراني، ويقال الشعراوي) وتوفي في القاهرة، له تصانيف منها: الأجوبة المرضية عن أئمة الفقهاء والصوفية، وأدب القضاة، وإرشاد الطالبين إلى مراتب العلماء العالمين، والأنوار القدسية في معرفة آداب العبودية، والبحر المورود في المواثيق والعهود، والبدر المنير -في الحديث، وبهجة النفوس والأسماع والأحداق فيما تميز به القوم من الآداب والأخلاق، وتنبيه المغترين في آداب الدين، وتنبيه المفترين في القرن العاشر، على ما خالفوا فيه سلفهم الطاهر، والجواهر والدرر الكبرى، والجواهر والدرر الوسطى، وحقوق أخوة الإسلام -مواعظ، والدرر المنثورة في زبد العلوم المشهورة -رسالة، ودرر الغواص -من فتاوى الشيخ علي الخواص، وذيل لواقح الأنوار، والقواعد الكشفية -في الصفات الإلهية، والكبريت الأحمر في علوم الشيخ الأكبر، وكشف الغمة عن جميع الأمة، ولطائف المنن -يُعرف بالمنن الكبرى، ولواقح الأنوار في طبقات الأخيار -يُعرف بطبقات الشعراني الكبري، ولواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية، ومختصر تذكرة السويدي -في الطب، ومختصر تذكرة القرطبي -مواعظ، وإرشاد المغفلين من الفقهاء والفقراء، إلى شروط صحبة الأمراء، ولطائف المنن والأخلاق، والسالكين إلى رسوم طريق العارفين، ومشارق الأنوار، والمنح السنية -شرح وصية المتبولي، ومنح المنة التلبس بالسنة، والميزان الكبرى، واليواقت والجواهر في عقائد الأكابر. انظر: الأعلام للزركلي (4/ 181).

قال السخاوي (¬1): ينبغي للقارئ أن يتعلم وقف جبريل؛ فإنه كان يقف في سورة آل عمران عند قوله: {صَدَقَ اللَّهُ}، ثم يبتدئ: {فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يتبعه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقف في سورة البقرة، وسورة المائدة عند قوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وكان يقف على قوله: {قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ}، وكان يقف: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ}، ثم يبتدئ: {عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}، وكان يقف: {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ}، ثم يبتدئ: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى}، وكان يقف: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا}، ثم يبتدئ: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ}، وكان يقف: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا}، ثم يبتدئ: {لَا يَسْتَوُونَ}، وكان يقف: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فحشر}، ثم يبتدئ: {فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)}، وكان يقف: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، ثم يبتدئ: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ}، فكان - صلى الله عليه وسلم - يتعمد الوقف على تلك الوقوف، وغالبها ليس رأس آية، وما ذلك إلَّا لعلم لدنيٍّ عَلِمَه مَنْ عَلِمَه، وجهله من جهله، فاتباعه سُنَّة في جميع أقواله وأفعاله. الفائدة الثانية في الوقف والابتداء: وهو لغةً: الكف عن الفعل والقول، واصطلاحًا: قطع الصوت آخر الكلمة زمنًا ما، أو هو قطع الكلمة عما بعدها، والوقف والقطع والسكت بمعنى، وقيل: القطع عبارة عن قطع القراءة رأسًا، والسكت عبارة عن قطع الصوت زمنًا ما دون زمن الوقف عادة من غير تنفس، والناس في اصطلاح مراتبه مختلفون كل واحد له اصطلاح، وذلك شائع؛ لما اشتهر أنه لا مشاحة في الاصطلاح، بل يسوغ لكل أحد أن يصطلح على ما شاء كما صرح بذلك صدر الشريعة وناهيك به، فقال ابن الأنباري (¬2)، والسخاوي: مراتبه ثلاثة: تام، وحسن، وقبيح. وقال غيرهما: أربعة: تام مختار، وكاف جائز، وحسن مفهوم، وقبيح متروك، وقال السجاوندي: خمسة: لازم، ومطلق، وجائز، ومجوز لوجه، ومرخص ضرورة، وقال غيره: ثمانية: تام، وشبيه، وناقص، وشبيه، ¬

_ (¬1) علي بن محمد بن عبد الصمد الهمداني المصري السخاوي الشافعي، أبو الحسن، علم الدين: عالم بالقراءات والأصول واللغة والتفسير، وله نظم، أصله من صخا (بمصر) سكن دمشق، وتوفي فيها، ودفن بقاسيون، من كتبه: جمال القرء وكمال الإقراء -في التجويد، وهداية المرتاب -منظومة في متشابه كلمات القرآن، مرتبة على حروف المعجم، والمفضل، شرح المفصل للزمخشري، والمفاخرة بين دمشق والقاهرة، وسفر السعادة، وشرح الشاطبية -وهو أول من شرحها، وكان سبب شهرتها، والكوكب الوقاد -في أصول الدين (ت643 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (4/ 332). (¬2) ابن الأنباري (271 - 328 هـ = 884 - 940 م) محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، أبو بكر الأنباري: من أعلم أهل زمانه بالأدب واللغة، ومن أكثر الناس حفظًا للشعر والأخبار، قيل: كان يحفظ ثلاثمائة ألف شاهد في القرآن، ولد في الأنبار (على الفرات)، وتوفي ببغداد، وكان يتردد إلى أولاد الخليفة الراضي بالله يعلمهم، من كتبه: الزاهر -في اللغة، وشرح القصائد السبع الطوال الجاهليات، وإيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عزوجل، والهاءات، وعجائب علوم القرآن، وشرح الألفات، وخلق الإنسان، والأمثال، والأضداد، وأجل كتبه: غريب الحديث، قيل: إنه 45000 ورقة. وله: الأمالي. انظر: الأعلام للزركلي (6/ 334).

وحسن، وشبيه، وقبيح، وشبيه. وجميع ما ذكروه من مراتبه غير منضبط ولا منحصر؛ لاختلاف المفسرين والمعربين؛ لأنه سيأتي أن الوقف يكون تامًّا على تفسير وإعراب وقراءة، غير تام على آخر؛ إذ الوقف تابع للمعنى، واختلفوا فيه أيضًا فمنهم من يطلق الوقف على مقاطع الأنفاس؛ على القول بجواز إطلاق السجع في القرآن ونفيه منه أجدر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أسجع كسجع الكهان؟» (¬1) فجعله مذمومًا، ولو كان فيه تحسين الكلام دون تصحيح المعنى، وفرق بين أن يكون الكلام منتظمًا في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود منه، وبين أن يكون منتظمًا دون اللفظ؛ لأن في القرآن اللفظ تابع للمعنى، وفي السجع المعنى تابع للفظ، ومنهم من يطلقه على رءوس الآي، وأن كل موضع منها يسمى وقفًا وإن لم يقف القارئ عليه؛ لأنه ينفصل عنده الكلامان، والأعدل أن يكون في أواسط الآي، وإن كان الأغلب في أواخرها كما في آيتي المواريث؛ ففيهما ثلاثة عشر وقفًا، فـ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ}، وما عطف عليه فيه تعلق معنوي؛ لأن عطف الجمل -وإن كان في اللفظ منفصلًا- فهو في المعنى متصل؛ فآخر الآية الأولى: {عَلِيمًا حَكِيمًا}، وآخر الثانية: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} كما سيأتي مفصَّلًا في محله إن شاء الله تعالى. وليس آخر كل آية وقفًا، بل المعتبر المعاني، والوقف تابع لها؛ فكثيرًا ما تكون آية تامة وهي متعلقة بآية أخرى ككونها استثناء، والأخرى مستثنى منها، أو حالًا مما قبلها، أو صفة، أو بدلًا كما يأتي التنبيه عليه في محله، وإذا تقاربت الوقوف بعضها من بعض لا يوقف عند كل واحد إن ساعده النَّفَس، وإن لم يساعده وقف عند أحسنها؛ لأن ضيق النفس عن بلوغ التمام يسوغ الوقف، ولا يلزم الوقف على رءوس الآي كذا جعل شيخ الإسلام طول الكلام مسوغًا للوقف، قال الكواشي (¬2): وليس هذا العذر بشيء، بل يقف عند ضيق النفس، ثم يبتدئ من أول الكلام حتى ينتهي الوقف المنصوص عليه، كما سيأتي في سورة الرعد؛ ليكون الكلام متصلًا بعضه ببعض، وهذا هو الأحسن ولو كان في وسع القارئ أن يقرأ القرآن كله في نَفَس واحد ساغ له ذلك. ¬

_ (¬1) قال الألباني في السلسلة الضعيفة: موضوع، رواه ابن قتيبة في غريب الحديث: (1/ 135/1)، وعنه الديلمي في مسند الفردوس: (2/ 116) مختصرًا، فقال في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه سأل جرير بن عبد الله عن منزله بـ «بيشة» فوصفها جرير، فقال: سهل ودكداك، وسكم ولداك، وحمض وعلاك، بين نخلة ونحلة، ماؤنا ينبوع، وجنابنا يريع، وشتاؤنا ربيع، فقال له: يا جرير! إياك وسجع الكهان. (¬2) أحمد بن يوسف بن الحسن بن رافع ابن الحسين بن سويدان الشيباني الموصلي، موفق الدين أبو العباس الكواشي: عالم بالتفسير، من فقهاء الشافعية، من أهل الموصل، كان يزوره الملك ومن دونه فلا يقوم لهم ولا يعبأ بهم، من كتبه: تبصرة المتذكر -في تفسير القرآن، وكشف الحقائق -ويُعرف بتفسير الكواشي (ت680هـ). انظر: الأعلام للزركلي (1/ 274).

مطلب تنوع الوقف

مطلب تنوع الوقف ويتنوع الوقف نظرًا للتعلق خمسة أقسام؛ لأنه لا يخلو إما أن لا يتصل ما بعد الوقف بما قبله لا لفظًا ولا معنى -فهو التام. أو يتصل ما بعده بما قبله لفظًا ومعنى -وهو القبيح. أو يتصل ما بعده بما قبله معنى لا لفظًا -وهو الكافي. أو لا يتصل ما بعده بما قبله معنى ويتصل لفظًا -وهو الحسن. والخامس متردد بين هذه الأقسام فتارة يتصل بالأول، وتارة بالثاني على حسب اختلافهما قراءة وإعرابًا وتفسيرًا؛ لأنه قد يكون الوقف تامًّا على تفسير وإعراب وقراءة، غير تام على غير ذلك، وأمثلة ذلك تأتي مفصلة في محلها. مطلب مراتب الوقف وأشرت إلى مراتبه بتام وأتم، وكافٍ وأكفى، وحسن وأحسن، وصالح وأصلح، وقبيح وأقبح، فالكافي والحسن يتقاربان، والتام فوقهما، والصالح دونهما في الرتبة؛ فأعلاها الأتم، ثم الأكفى، ثم الأحسن، ثم الأصلح ويعبر عنه بالجائز. وأما وقف البيان وهو أن يبين معنى لا يفهم بدونه كالوقف على قوله تعالى: {وَتُوَقِّرُوهُ} فرق بين الضميرين، فالضمير في: {وَتُوَقِّرُوهُ} للنبي - صلى الله عليه وسلم - وفي {وَتُسَبِّحُوهُ} لله تعالى، والوقف أظهر هذا المعنى المراد، والتام على قوله: {وَأَصِيلًا}، وكالوقف على قوله: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ}، ثم يبتدئ: {الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} بين الوقف على: {عَلَيْكُمْ} أن الظرف بعده متعلق بمحذوف وليس متعلقًا باسم لا؛ لأن اسمها حينئذ شبيه بالمضاف، فيجب نصبه وتنوينه. قاله في (الإتقان). فالتام سُمِّي تامًّا؛ لتمام لفظه بعد تعلقه وهو ما يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده ولا يتعلق ما بعده بشيء مما قبله لا لفظًا ولا معنى، وأكثر ما يوجد عند رءوس الآي غالبًا، وقد يوجد قرب آخرها كقوله: {وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} هنا التمام؛ لأنه آخر كلام بلقيس، ثم قال تعالى: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} وهو أتم، ورأس آية أيضًا، ولا يشترط في التام أن يكون آخر قصة كقوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} فهو تام؛ لأنه مبتدأ وخبر وإن كانت الآيات إلى آخر السورة قصة واحدة، ونحوه: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} هنا التام؛ لأنه آخر كلام الظالم أُبَيِّ بن خلف، ثم قال تعالى: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} وهو أتم، ورأس آية أيضًا، وقد يوجد بعد رأس الآية كقوله: {مُصْبِحِينَ (66) وَبِاللَّيْلِ} هنا التام؛ لأنه معطوف على المعنى، أي: تمرون عليهم بالصبح وبالليل، فالوقف عليه تام، وليس رأس آية وإنما رأسها: {مُصْبِحِينَ}، و {أَفَلَا تَعْقِلُونَ} أتم؛ لأنه آخر القصة، ومثله: {يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا} رأس الآية: {يَتَّكِئُونَ}، {وَزُخْرُفًا} هو التمام؛ لأنه معطوف على: {سَقْفًا}، ومن مقتضيات الوقف التام الابتداء بالاستفهام ملفوظًا به، أو مقدَّرًا. ومنها أن يكون آخر كل قصة وابتداء أخرى كل سورة، والابتداء بياء النداء غالبًا، أو الابتداء بفعل الأمر، أو الابتداء بلام القسم، أو الابتداء بالشرط؛

لأن الابتداء به ابتداء كلام مؤتنف، أو الفصل بين آية عذاب بآية رحمة، أو العدول عن الإخبار إلى الحكاية، أو الفصل بين الصفتين المتضادتين، أو تناهي الاستثناء، أو تناهي القول، أو الابتداء بالنفي، أو النهي، وقد يكون الوقف تامًّا على تفسير وإعراب وقراءة، غير تام على آخر نحو: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} تام إن كان {وَالرَّاسِخُونَ} مبتدأ خبره {يَقُولُونَ} على أن الراسخين لم يعلموا تأويل المتشابه. غير تام إن كان معطوفًا على الجلالة، وإن الراسخين يعلمون تأويل المتشابه كما سيأتي بأبسط من هذا في محله. والكافي: ما يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده إلَّا أن له به تعلقًا ما من جهة المعنى؛ فهو منقطع لفظًا متصل معنى، وسمي كافيًا لاكتفائه واستغنائه عما بعده واستغناء ما بعده عنه بأن لا يكون مقيدًا له، وعود الضمير على ما قبل الوقف لا يمنع من الوقف؛ لأن جنس التام والكافي جميعه كذلك، والدليل عليه ما صح عن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرأ عليَّ»، فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أنزل؟ فقال: «إني أحب أن أسمعه من غيري» قال: فافتتحت سورة النساء فلما بلغت: {شَهِيدًا}، فقال لي: «حسبك» (¬1)، ألا ترى أن الوقف على شهيدًا كاف وليس بتام؟ والتام: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}؛ لأنه آخر القصة وهو في الآية الثانية، وقد أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقف دون التام مع قربه فدل هذا دلالة واضحة على جواز الوقف على الكافي؛ لأنَّ قوله: يومئذ إلخ ليس قيدًا لما قبله، وفي الحديث نوع إشارة إلى أن ابن مسعود كان صيتًا. قال عثمان النهدي (¬2) صلى بنا ابن مسعود المغرب بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فوددنا أنه لو قرأ سورة البقرة من حسن صوته وترتيله، وكان أبو موسى الأشعري كذلك. ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع صوته وهو يقرأ القرآن، فقال: «لقد أوتي هذا مزمارًا من مزامير آل داود» (¬3) كان داود - عليه السلام - إذا قرأ الزبور تدنو ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في المسند (1/ 374)، برقم: (3551). (¬2) أبو عثمان النهدي، الإمام، الحجة، شيخ الوقت، عبد الرحمن بن مل، وقيل: ابن ملي، ابن عمرو بن عدي البصري، مخضرم معمر، أدرك الجاهلية والإسلام، وغزا في خلافة عمر وبعدها غزوات، وحدّث عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وأُبي بن كعب، وبلال، وسعد ابن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وحذيفة ابن اليمان، وأبي موسى الأشعري، وأسامة بن زيد، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي هريرة، وابن عباس، وطائفة سواهم، حدّث عنه قتادة، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وسليمان التيمي، وأيوب السختياني، وداود بن أبي هند، وخالد الحذاء، وعمران بن حدير. انظر: سير أعلام النبلاء (4/ 175). (¬3) أخرجه الحُميدي برقم: (282)، قال: حدثنا سُفيان، وأحمد (6/ 37)، قال: حدثنا سُفيان، وفي (6/ 167) وقال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا مَعْمر، وعَبْد بن حُميد برقم: (1476)، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا مَعْمر، والدارِمِي برقم: (1497)، قال: أخبرنا أبو نُعيم، قال: حدثنا ابن عُيَيْنَة، والنَّسائي (2/ 180)، وفي الكبرى برقم: (1002)، قال: أخبرنا عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار، عن سُفيان، وفي (2/ 181)، وفي الكبرى برقم: (1003)، قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا مَعْمر، وفي فضائل القران برقم: (76)، قال: أخبرنا محمد بن رافع، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبانا مَعْمر.

إليه الوحوش حتى تؤخذ بأعناقها. والمراد بقوله: وآتاه الله الملك هو الصوت الحسن قاله السمين، وعلامته أن يكون ما بعده مبتدأ، أو فعلًا مستأنفًا، أو مفعولًا لفعل محذوف نحو: {وَعَدَ اللَّهُ}، و {سُنَّةَ اللَّهِ}، أو كان ما بعده نفيًا، أو أن المكسورة، أو استفهامًا، أو بل، أو ألَا المخففة، أو السين، أو سوف؛ لأنها للوعيد، ويتفاضل في الكفاية نحو: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} صالح. {فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} أصلح منه. {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} أصلح منهما، وقد يكون كافيًا على تفسير وإعراب وقراءة، غير كاف على آخر نحو: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} كاف إن جعلت ما نافية. حسن إن جعلتها موصولة، وتأتي أمثلة ذلك مفصلة في محالها. والحسن: ما يحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده؛ إذ كثيرًا ما تكون آية تامة وهي متعلقة بما بعدها؛ ككونها استثناء، والأخرى مستثنى منها؛ إذ ما بعده مع ما قبله كلام واحد من جهة المعنى -كما تقدم- أو من حيث كونه نعتًا لما قبله، أو بدلًا، أو حالًا، أو توكيدًا، نحو: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} حسن؛ لأنه في نفسه مفيد يحسن الوقف عليه دون الابتداء بما بعده؛ للتعلق اللفظي، وإن رُفِع: {رَبِّ} على إضمار مبتدأ، أو نُصِب على المدح وبه قرئ (¬1). وحكى سيبويه: (الحمد لله أهل الحمد) برفع اللام ونصبها فلا يقبح الابتداء به، كأن يكون رأس آية، نحو: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} يجوز الوقف عليه؛ لأنه رأس آية، وهو سُنَّة وإن تعلق ما بعده بما قبله؛ لِمَا ثبت متصل الإسناد إلى أم سلمة -رضي الله عنها-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ قطَّع قراءته، يقول: «بسم الله الرحمن الرحيم»، ثم يقف، ثم يقول: «الحمد لله رب العالمين»، ثم يقف، ثم يقول «الرحمن الرحيم»، ثم يقف (¬2). وهذا أصل معتمد في الوقف على رءوس الآي، وإن كان ما بعد كل مرتبطًا بما قبله ارتباطًا معنويًّا، ويجوز الابتداء بما بعده؛ لمجيئه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد يكون الوقف (حسنًا) على قراءة، غير حسن على أخرى، نحو الوقف على: {مُتْرَفِيهَا}، فمن قرأ: {أَمْرِنَا} بالقصر والتخفيف (¬3)، وهي قراءة العامة من الأمر، أي: أمرناهم بالطاعة فخالفوا، فلا ¬

_ (¬1) قرأ أبو جعفر بالرفع في غير المتواتر، وقرأ الكسائي بالنصب في غير المتواتر، وكذا زيد بن علي، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 121)، الإملاء للعكبري (1/ 3)، تفسير القرطبي (1/ 139). (¬2) وقال الدارقطني: إسناده صحيح وكلهم ثقات، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة فأخرجه في صحيحه كما في تفسير ابن كثير: (1/ 17)، وكذا صححه النووي في المجموع: (3/ 333)، وأخرجه الطحاوي (1/ 117)، والحاكم أيضًا (1/ 232) من طريق حفص بن غياث: ثنا ابن جريج به ولفظه: (كان يصلي في بيتها فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين .. الخ الفاتحة. (¬3) القراء العشرة سوى يعقوب. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 282)، البحر المحيط (6/ 20)، تفسير الطبري (15/ 42)، تفسير القرطبي (10/ 233)، السبعة (ص: 379)، النشر (2/ 306).

يقف على: {مُتْرَفِيهَا}، ومن قرأ (¬1): {أَمْرِنَا} بالمد والتخفيف بمعنى: كثرنا، أو قرأ: {أَمْرِنَا} بالقصر والتشديد (¬2)، من الإمارة بمعنى: سلَّطنا حسن الوقف على: {مُتْرَفِيهَا} وهما شاذتان لا تجوز القراءة بهما، وقد يكون الوقف حسنًا، والابتداء قبيحًا، نحو: {يخرجون الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} الوقف حسن، والابتداء بـ {إِيَّاكُمْ} قبيح لفساد المعنى؛ إذ يصير تحذيرًا عن الإيمان بالله تعالى، ولا يكون الابتداء إلَّا بكلام موفٍّ للمقصود. والجائز: هو ما يجوز الوقف عليه وتركه، نحو: {وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} فإنَّ واو العطف تقتضي عدم الوقف، وتقديم المفعول على الفعل يقتضي الوقف؛ فإن التقدير ويوقنون بالآخرة؛ لأن الوقف عليه يفيد معنى، وعلامته أن يكون فاصلًا بين كلامين من متكلمين، وقد يكون الفصل من متكلم واحد كقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} الوقف جائز فلما لم يجبه أحد أجاب نفسه بقوله: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}، وكقوله: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} هنا الوقف، ثم يبتدئ: {رَسُولَ اللَّهِ} على أنه منصوب بفعل مقدر؛ لأنَّ اليهود لم يقروا بأن عيسى رسول الله فلو وصلنا {عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} بـ {رَسُولَ اللَّهِ} -لذهب فهم من لا مساس له بالعلم: أنه من تتمة كلام اليهود، فيفهم من ذلك أنهم مقرون أنه رسول الله، وليس الأمر كذلك، وهذا التعليل يرقيه ويقتضي وجوب الوقف على ابن مريم، ويرفعه إلى التام. والقبيح: وهو ما اشتد تعلقه بما قبله لفظًا ومعنى، ويكون بعضه أقبح من بعض، نحو: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي}، {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}؛ فإنه يوهم غير ما أراده الله تعالى؛ فإنه يوهم وصفًا لا يليق بالباري سبحانه وتعالى، ويوهم أن الوعيد بالويل للفريقين، وهو لطائفة مذكورين بعده، ونحو: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} يوهم إباحة ترك الصلاة بالكلية، فإن رجع ووصل الكلام بعضه ببعض غير معتقد لمعناه فلا إثم عليه، وإلَّا أثم مطلقًا وقف أم لا، ومما يوهم الوقف على الكلام المنفصل الخارج عن حكم ما وصل به، نحو: {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى}؛ لأن الموتى لا يسمعون، ولا يستجيبون، إنما أخبر الله عنهم أنهم يبعثون، ومنه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا}، ونحو: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ}، ¬

_ (¬1) وهي قراءة يعقوب من العشر فهي متواترة عنه، ومن غير العشر الحسن وعلي بن أبي طالب وابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وسلام والأعرج والكلبي وابن عباس وقتادة وغيرهم. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 282)، البحر المحيط (6/ 20)، تفسير الطبري (15/ 42)، تفسير القرطبي (10/ 233)، السبعة (ص: 379)، المعاني للفراء (2/ 119)، النشر (2/ 306). (¬2) وهي قراءة السُدّي وابن عباس وزيد بن علي وعليّ والحسن والباقر ومجاهد ومحمد بن علي وغيرهم، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (2/ 49)، البحر المحيط (6/ 20)، الحجة لابن خالويه (ص: 214)، الكشاف (2/ 442)، تفسير الرازي (20/ 177).

ونحو: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ}، ونحو: {فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا}، ونحو: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي}، وشبه ذلك من كل ما هو خارج عن حكم الأول من جهة المعنى؛ لأنه سوَّى بالوقف بين حال من آمن ومن كفر، وبين من ضل ومن اهتدى؛ فهذا جليُّ الفساد، ويقع هذا كثيرًا ممن يقرأ تلاوتة؛ لحرصه على النَّفَس فيقف على بعض الكلمة دون بعض، ثم يبني على صوت غيره ويترك ما فاته، ومثل ذلك ما لو بنى كل واحد على قراءة نفسه؛ إذ لابد أن يفوته ما قرأه بعضهم، والسُّنَّة: المدارسة؛ وهو أن يقرأ شخص حزبًا، ويقرأ آخر عين ما قرأه الأول، وهكذا فهذه هي السُّنَّة التي كان يدارس جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - بها في رمضان، فكان جبريل يقرأ أوَّلًا، ثم يقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - عين ما قرأه جبريل، قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} أي: على لسان جبريل {فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ}. وأما الأقبح: فلا يخلو إما أن يكون الوقف والابتداء قبيحين، أو يكون الوقف حسنًا، والابتداء قبيحًا؛ فالأول كأن يقف بين القول والمقول، نحو: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ}، ثم يبتدئ: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ}، أو: {وَقَالَتِ النَّصَارَى}، ثم يبتدئ: {الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ}، أو: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ}، ثم يبتدئ: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}، أو: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا}، ثم يبتدئ: {إِن اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ}، وشبه ذلك من كل ما يوهم خلاف ما يعتقده المسلم. قال أبو العلاء الهمذاني (¬1): لا يخلو الواقف على تلك الوقوف: إما أن يكون مضطرًا، أو متعمدًا؛ فإن وقف مضطرًا، وابتدأ ما بعده غير متجانف لإثم، ولا معتقد معناه -لم يكن عليه وزر. وقال شيخ الإسلام (¬2): عليه وزر إن عرف المعنى؛ لأنَّ الابتداء لا يكون إلَّا اختياريًّا. ¬

_ (¬1) أبو العلاء الهمذاني (488 - 569 هـ = 1095 - 1173 م) الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد ابن سهل العطار: شيخ همذان، وإمام العراقيين في القراءات، وله باع في التفسير والحديث والأنساب والتواريخ، كان لا يخشى السلاطين ولا يقبل منهم شيئا، ولا تأخذه في الله لومة لائم، مع التقشف في الملبس، له تصانيف، منها: زاد المسير -في التفسير، والوقف والابتداء -في القراءات، ومعرفة القراءة، والهادي في معرفة المقاطع والمبادي -قراءات. انظر: الأعلام للزركلي (2/ 181). (¬2) وهو: زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري، المصري، الشافعي، أبو يحيى: شيخ الإسلام، قاضٍ مفسر، من حفاظ الحديث، ولد في سنيكة (بشرقية مصر)، وتعلم في القاهرة وكُفّ بصره سنة (906 هـ)، نشأ فقيرا معدمًا، قيل: كان يجوع في الجامع، فيخرج بالليل يلتقط قشور البطيخ، فيغسلها ويأكلها، ولما ظهر فضله تتابعت إليه الهدايا والعطايا، بحيث كان له قبل دخوله في منصب القضاء كل يوم نحو ثلاثة آلاف درهم، فجمع نفائس الكتب وأفاد القارئين عليه علما ومالا، وولاه السلطان قايتباي الجركسي (826 - 901) قضاء القضاة، فلم يقبله إلا بعد مراجعة وإلحاح، ولما ولي رأى من السلطان عدولًا عن الحق في بعض أعماله، فكتب إليه يزجره عن الظلم، فعزله السلطان، فعاد إلى اشتغاله بالعلم إلى أن توفي، له تصانيف كثيره، منها: فتح الرحمن -في التفسير، وتحفة الباري على صحيح البخاري، وفتح الجليل -تعليق على تفسير البيضاوي، وشرح إيساغوجي -في المنطق، وشرح ألفية العراقي -في مصطلح الحديث، وشرح شذور الذهب -في النحو، وتحفة نجباء العصر -في التجويد، واللؤلؤ النظيم في روم التعلم والتعليم -رسالة، والدقائق المحكمة -في القراءات، وفتح العلام بشرح الأعلام بأحاديث الأحكام، وتنقيح تحرير اللباب -فقه، وغاية الوصول -في أصول الفقه، ولب الأصول -اختصره من جمع الجوامع، وأسنى المطالب في شرح روض الطالب -فقه، والغرر البهية في شرح البهجة الوردية -فقه، ومنهج الطلاب -في الفقه، والزبدة الرائقة -رسالة في شرح البردة (ت926 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (3/ 46).

وقال أبو بكر بن الأنباري: لا إثم عليه وإن عرف المعنى؛ لأن نيته الحكاية عمن قاله، وهو غير معتقد لمعناه، وكذا لو جهل معناه، ولا خلاف بين العلماء أن لا يحكم بكفره من غير تعمد واعتقاد لمعناه، وأما لو اعتقد معناه -فإنه يكفر مطلقًا وقف أم لا، والوصل والوقف في المعتقد سواء. إذا علمت هذا عرفت بطلان قول من قال: لا يحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقف على سبعة عشر موضعًا، فإن وقف عليها وابتدأ ما بعدها -فإنه يكفر ولم يفصِّل. والمعتمد ما قاله العلامة النكزاوي (¬1): أنه لا كراهة إن جمع بين القول والمقول؛ لأنه تمام قول اليهود والنصارى، والواقف على ذلك كله غير معتقد لمعناه، وإنما هو حكاية قول قائلها حكاها الله عنهم، ووعيد ألحقه الله بالكفار، والمدار في ذلك على القصد وعدمه. وما نسب لابن الجزري من تكفير مَن وقف على تلك الوقوف ولم يفصِّل -ففي ذلك نظر. نعم إن صح عنه ذلك حُمِل على ما إذا وقف عليها معتقدًا معناها -فإنه يكفر سواء وقف أم لا، والقارئ والمستمع المعتقدان ذلك سواء، ولا يكفر المسلم إلَّا إذا جحد ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وما نُسب لابن الجزري من قوله: مَغْلُولَةٌ فَلَا تَكُنْ بِوَاقِفِ ... فَإِنَّهُ حَرَامٌ عِنْدَ الْوَاقِف مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ ضَاقَ مِنْكَ النَّفَسُ ... فَإِنْ تَكُنْ تُصْغِي فَأَنْتَ الْقَبَسُ وَلَا عَلَى إِنَّا نَصَارَى قَالُوا ... أَيْضًا حَرَامٌ فَاعْرِفَنْ مَا قَالُوا وَلَا عَلَى الْمَسِيحِ ابْنِ اللهِ ... فَلَا تَقِفْ وَاسْتَعِذَنَّ بِالله فَإِنَّهُ كُفْرٌ لِمَنْ قَدْ عَلِمَا ... قَدْ قَالَهُ الْجَزَرِيُّ نَصًّا حَسْبَمَا وَقِسْ عَلَى الْأَحْكَامِ فِيمَا قَدْ بَقي ... فَإِنَّهُ الْحَقُّ فَعِي وَحَقِّق وَلَا تَقُلْ يَجُزْ عَلَى الْحِكَايَةِ ... فَإِنَّهُ قَوْلٌ بِلَا دِرَايَة ¬

_ (¬1) عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر النكزاوي المدني، الأنصاري، معين الدين، أبو محمد، مقرئ، نحوي، ولد بالإسكندرية، وقرأ بها القراءات، من مصنفاته: الكامل في القراءات، والاقتضاء في معرفة الوقف والابتداء، والشامل في القراءات السبع (ت683 هـ). انظر: بغية الوعاة (ص: 288، 289)، لسان الميزان (3/ 352)، هدية العارفين (1/ 462 729).

مخالف للأئمة الأعلام، وما جزاء من خالفهم إلَّا أن يمحى اسمه من ديوان العقلاء فضلًا عن الفضلاء، وما علمت وجه تكفيره الواقف على قوله: {فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} وهو وقف جائز على أن جواب {لَمَّا} محذوف، وعليه فلا كراهة في الابتداء بقوله: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}. قال السمين (¬1): قال ابن عصفور (¬2): يجوز أن يكون الله قد أسند إلى نفسه ذهابًا يليق بجلاله، كما أسند المجيء والإتيان على معنى يليق به تعالى، فلعل تكفيره الواقف لاحظ أن الله لا يوصف بالذهاب ولا بالمجيء، وكذلك لا وجه لتكفيره الواقف على قوله: {لَفِي خُسْرٍ} مع أنَ الهمداني والعبادي (¬3) قالا: إنه جائز، والكتابة على بقية ما نسب لابن الجزري تطول -أضربنا عنها تخفيفًا. ويدخل الواقف على الوقوف المنهي عنها في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - في حق من لم يعمل بالقرآن: «رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه» كأن يقرأه بالتطريب والتصنع فهذه تخل بالمروءة وتسقط العدالة. قال التتائي (¬4): ومما يردُّ الشهادة التغني بالقرآن. أي: بالألحان التي تفسد نص القرآن ومخارج حروفه بالتطريب وترجيع الصوت، من لحن بالتشديد طرب، وأما الترنم بحسن الصوت فهو حسن؛ فقد ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع صوت عبد الله بن قيس المكنى بأبي موسى الأشعري وهو يقرأ القرآن، فقال: «لقد أوتي هذا مزمارًا من مزامير آل داود» (¬5). ¬

_ (¬1) أحمد بن يوسف بن عبد الدايم الحلبي، أبو العباس، شهاب الدين، المعروف بالسمين: مفسر، عالم بالعربية، والقراءات، شافعي، من أهل حلب، استقر واشتهر في القاهرة، من كتبه: تفسير القرآن، والقول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز، والدر المصون -في إعراب القرآن، وعمدة الحفاظ، في تفسير أشرف الألفاظ -في غريب القرآن، وشرح الشاطبية -في القراءات، قال ابن الجزري: لم يسبق إلى مثله (ت756 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (1/ 274). (¬2) ابن عصفور (597 - 669 هـ = 1200 - 1271 م) علي بن مؤمن بن محمد، الحضرمي الإشبيلي، أبو الحسن المعروف بابن عصفور: حامل لواء العربية بالأندلس في عصره، من كتبه: المقرب -في النحو، والممتع -في التصريف، والمفتاح، والهلال، والمقنع، والسالف والعذار، وشرح الجمل، وشرح المتنبي، وسرقات الشعراء، وشرح الحماسة، ولد بإشبيلية، وتوفي بتونس. انظر: الأعلام للزركلي (5/ 27). (¬3) العبادي (375 - 458 هـ = 985 - 1066 م) محمد بن أحمد بن محمد العبادي الهروي، أبو عاصم: فقيه شافعي، من القضاة، ولد بهراة وتفقه بها وبنيسابور، وتنقل في البلاد، وصنف كتباً، منها: أدب القضاة، والمبوسط، والهادي إلى مذهب العلماء، وطبقات الشافعيين. انظر: الأعلام للزركلي (5/ 315). (¬4) التتائي (000 - 942 هـ = 000 - 1535 م) محمد بن إبراهيم بن خليل التتائي: فقيه من علماء المالكية، نسبته إلى (تتا) من قرى المنوفية بمصر، نعته الغزي: بقاضي القضاة بالديار المصرية. من كتبه: فتح البديع الوهاب شرح التفريغ لابن الجلاب -فقه مالك، فتح الجليل -شرح به مختصر خليل في الفقه شرحًا مطولًا، وجواهر الدرر -في شرحه أيضًا، وتنوير المقالة -في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني -فقه، وخطط السداد والرشد بشرح نظم مقدمة ابن رشد -فقه. انظر: الأعلام للزركلي (5/ 302). (¬5) سبق تخريجه.

تنبيهات

تنبيهات [اتباع رسم المصحف] الأول: يجب اتباع ما رُسِم في المصحف العثماني من المقطوع والموصول، وما كُتِب بالتاء المجرورة، وما كتب بالهاء، وتأتي مفصلة في محالها. [ذكر إنما] كل ما في القرآن من ذكر: (إنما)، من كل حرفين ضم أحدهما إلى الآخر فهو في المصحف الإمام حرف واحد، فلا تفصل (أن) عن (ما) إن كان لا يحسن موضع (ما) الذي نحو: {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} فلا يقال: إن الذي نحن مصلحون، وإن كان يحسن موضع (ما) الذي نحو: {إِن مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ} فهما حرفان، ولم يقطع في القرآن غيره. [ذكر عمّا] وكل ما في القرآن من ذكر: (عما)، فهو حرف واحد إلا قوله تعالى: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ} فهما حرفان؛ لأن المعنى: الذي نهوا عنه، ولم يقطع في القرآن غيره. [ذكر ماذا] وكل ما في القرآن من ذكر: (ماذا)، فلك فيه وجهان: أحدهما: أن تجعل (ما) مع (ذا) كلمة واحدة، و (ذا) ملغاة. والثاني: أن تجعل (ما) وحدها استفهامًا محلها رفع على الابتداء، و (ذا) اسمًا موصولًا بمعنى: الذي محله خبر (ما)؛ لأنها لم تلغ فهما كلمتان، واشترطوا في استعمال (ذا) موصولة أن تكون مسبوقة بـ (ما)، أو (مَن) الاستفهاميتين. نحو قوله: وَقَصِيدَةً تَأْتِي الْمُلُوكَ غَرِيبَةً ... قَدْ قُلْتُهَا لِيُقَالُ: مَنْ ذَا قَالَهَا؟ (¬1) أي: من الذي قالها؟ وإن لم يتقدم على (ذا) (ما)، ولا (من) الاستفهاميتان -لم يجز أن تكون موصولة، وأجازه الكوفيون تمسكًا بقول الشاعر: ¬

_ (¬1) البيت من بحر الكامل، ولم أقف على قائله.

ذكر أينما

عَدْسُ مَا لِعَبَّادِ عَلَيْكَ إِمَارَةٌ ... نَجَوْتَ وَهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ (¬1) فزعموا أن التقدير: والذي تحملينه طليق، فـ (ذا) موصول مبتدأ، وتحملين صلة، والعائد محذوف، وطليق خبر، وعدس اسم صوت تزجر به البغلة، وفيه الشاهد على مذهب الكوفيين: أن (هذا) بمعنى (الذي)، ولم يتقدم على (ذا) (ما)، ولا (مَن) الاستفهاميتان، ومن ذلك: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} فمن نصب (العفو) له وجهان: أحدهما: جعل (ماذا) كلمة واحدة، ونصبه بـ (ينفقون)، ونصب (العفو) بإضمار (ينفقون) أي: ينفقون العفو. الثاني: جعل (ماذا) حرفين (ما) وحدها استفهامًا محلها رفع على الابتداء، و (ذا) اسمًا موصولًا بمعنى: الذي محله رفع خبر (ما)؛ لأنها لم تلغ ونصب (العفو) بإضمار ينفقون. [ذكر أينما] وكل ما فيه من ذكر: (أينما)، فهو في الإمام كلمة واحدة في قوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} في البقرة، و {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ} في النحل، و {أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92)} في الشعراء. [ذكر كل ما] وكل ما فيه من ذكر: (كل ما)، فـ (كل) مقطوعة عن (ما) قال الزجاجي (¬2): إن كانت (كلما) ظرفًا فهي موصولة، وإن كانت شرطًا فهي مقطوعة كقوله: {وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} فـ (كل) مقطوعة من غير خلاف، وما عدا ذلك فيه خلاف، وكل ما فيه من ذكر (أمَّن) فهو بميم واحدة إلَّا أربعة مواضع فبميمين، وهي: 1 - {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109)} في النساء. ¬

_ (¬1) قائله يزيد بن مفرغ الحميري، والبيت جاء في مطلع قصيدة من بحر الطويل، يقول فيها: طَليقُ الَّذي نَجّى مِنَ الكَربِ بَعدَما ... تَلاحَمَ في دَربٍ عَلَيكِ مَضيقُ ذَري وَتَناسَي ما لَقيتِ فَإِنَّهُ ... لِكُلِّ أُناس خَبطَةٌ وَحَريقُ يزيد بن مفرغ الحميري (? - 69 هـ /? - 689 م) يزيد بن زياد بن ربيعة الحميري، من أصل يمني من قبيلة يحصب، كانت أسرته في حلف مع قريش، ولد في البصرة، ونشأ بها، كان يعرف العربية والفارسية، بدأ اتصاله بالبلاط نديمًا لسعيد بن عثمان بن عفان، وأصبح بعد ذلك من شعراء البلاط، اشتهر بشعره الساخر من عبّاد وعبيد الله بن زياد بن أبيه، وله شعر في المدح والغزل.-الموسوعة الشعرية (¬2) عبد الرحمن بن إسحاق النهاوندي الزجاجي، أبو القاسم: شيخ العربية في عصره، ولد في نهاوند، ونشأ في بغداد، وسكن دمشق وتوفي في طبرية (من بلاد الشام)، نسبته إلى أبي إسحاق الزجاج، له كتاب: الجمل الكبرى، والإيضاح في علل النحو، والزاهر -في اللغة، وشرح الألف واللام للمازني، وشرح خطبة أدب الكاتب، والمخترع، في القوافي، والأمالي، واللامات، ومجالس العلماء، والإبدال والمعاقبة والنظائر، (ت337 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (3/ 299).

ذكر فإن لم

2 - و {أَمْ مَنْ أَسَّسَ} في التوبة. 3 - و {أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} في الصافات. 4 - و {أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا} في فصلت. [ذكر فإن لم] وكل ما فيه من ذكر: (فإن لم)، فهو بنون إلَّا قوله: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ} في هود. [ذكر إمَّا] وكل ما فيه من ذكر (إمَّا) فهو بغير نون إلَّا قوله: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ} في الرعد فبنون. [ذكر إلَّا] وكل ما فيه من ذكر (إلَّا) فبغير نون كلمة واحدة إلَّا عشرة مواضع فبنون: 1، 2 - اثنان في الأعراف: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ}، و {أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ}. 3 - و {أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ} في التوبة. 4، 5 - واثنان في هود: {وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، و {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} الثاني. 6 - و {أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا} في الحج. 7 - و {أَن لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} في يس. 8 - و {وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ} في الدخان. 9 - و {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} في الممتحنة. 10 - و {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ} في نون. [ذكر كيلا، لكيلا] وكل ما فيه من ذكر (كيلا)، و (لكيلا) فموصول كلمة واحدة في آل عمران: 1 - {لِكَيْلَا تَحْزَنُوا}. 2 - وفي الحج: {لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا}. 3 - وثانيه الأحزاب: {لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ}. 4 - وفي الحديد: {لِكَيلَا تَأْسَوْا}. 5 - وأما: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً} في الحشر. 6 - و {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} في الأحزاب -فهما كلمتان. [ذكر نعمة] وكل ما فيه من ذكر (نعمة) فبالهاء إلَّا في أحد عشر موضعًا فهي بالتاء المجرورة: 1 - {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} في البقرة وآل عمران.

ذكر امرأة مقرونة بزوجها

2 - {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ} في المائدة. 3، 4 - و {بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ} في إبراهيم، وفيها: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}. وثلاثة في النحل: 5 - {وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)}. 6 - و {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ}. 7 - و {وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ}. 8 - و {بِنِعْمَةِ اللَّهِ} في لقمان. 9 - و {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} في فاطر. 10 - و {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29)} في الطور. [ذكر امرأة مقرونة بزوجها] وكل امرأة ذكرت فيه مع زوجها فهي بالتاء المجرورة كـ (امرأت عمران، وامرأت العزيز) معًا بيوسف، و (امرأت فرعون، وامرأت نوح، وامرأت لوط)، ولم تذكر امرأة باسمها في القرآن إلَّا مريم في أربعة وثلاثين موضعًا (¬1). [كراهة التأكل بالقرآن] التنبيه الثاني: يُكره اتخاذ القرآن معيشة وكسبًا، والأصل في ذلك ما رواه عمران بن حصين مرفوعًا: «من قرأ القرآن فليسأل الله به؛ فإنه سيأتي قوم يقرءون القرآن يسألون الناس به» (¬2)، وفي (تاريخ البخاري) بسند صالح: «من قرأ القرآن عند ظالم؛ ليرفع منه لعن بكل حرف عشر لعنات» (¬3) قاله السيوطي في (الإتقان) أي: لأن في قراءته عنده نوع إهانة ينزه القرآن عنها، ونصب (عشر) على أنه مفعول (لعن)، ونائب الفاعل مستتر يعود إلى (من)، وللسيوطي في (الجامع): «من أخذ على القرآن أجرًا فذاك حظه من القرآن» (¬4). حل عن أبي هريرة، وفيه: «من قرأ القرآن يتأكل به الناس جاء يوم ¬

_ (¬1) وهي بالسور التالية: البقرة: 87، 253، وسورة آل عمران: 36، 37، 42، 43، 44، 45، والنساء: 156، 157، 171، والمائدة: 17، 46، 72، 75، 78، 110، 112، 114، 116، والتوبة: 31، ومريم: 16، 27، 34، والمؤمنون: 50، الأحزاب: 7، الزخرف: 57، والحديد: 27، والصف: 6، 14، والتحريم: 12. (¬2) أخرجه الترمذي، برقم (2917)، وفي المسند لأحمد (4/ 439)، والمصنف لابن أبي شيبة (10/ 480)، برقم (10051). (¬3) وذكر نحوه في الكنز بلفظ: «من قرأ عند أميرٍ كتاب الله، لعنه الله بكل حرف قرأ عنده لعنة، ولعن عشر لعنات ويحاجه القرآن يوم القيامة فينادي هنالك ثبورًا، فهو ممن يقال له: لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا الآية»، برقم (2445). (¬4) قال الألباني في السلسلة الضعيفة والموضوعة (3/ 613): موضوع، أخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 142): من طريق إسحاق بن العنبري: حدثنا عبد الوهاب الثقفي: حدثنا سفيان عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال. وهو غريب من حديث الثوري، تفرد به إسحاق، قلت: قال الذهبي في الضعفاء والمتروكين: كذاب، ولذلك قال المناوي عقبه: فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب، يعني: الجامع الصغير، للسيوطي، وبهذا الكذاب أعلّه في التيسير.

تعلق الكلم بعضه ببعض

القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم» (¬1). هب عن بريدة، ويدخل في الوعيد كل من ركن إلى ظالم وإن لم يرفع منه شيئا؛ لعموم قوله: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}، وقراءة القرآن أو غيره عنده تُعدُّ ميلًا وركونًا، قال السمين: ولما كان الركون إلى الظالم دون مشاركته في الظلم، واستحق العقاب على الركون دون العقاب على الظلم أتى بلفظ المس دون الإحراق، وهذا يسمى في علم البديع: الاقتدار؛ وهو أن يبرز المتكلم المعنى الواحد في عدة صور اقتدارًا على نظم الكلام، وركن من بابي علم وقتل، قرأ العامة (¬2): {وَلَا تَرْكَنُوا} بفتح التاء والكاف ماضيه ركِن بكسر الكاف من باب علِم، وقرأ قتادة (¬3) بضم الكاف مضارع: ركَن بفتح الكاف من باب قَتَل، والمراد بالظالم: من يوجد منه الظلم سواء كان كافرًا أو مسلمًا. [تعلُّق الكلم بعضه ببعض] التنبيه الثالث: اعلم أن كل كلمة تعلقت بما بعدها، وما بعدها من تمامها لا يوقف عليها كالمضاف دون المضاف إليه، ولا على المنعوت دون نعته ما لم يكن رأس آية، ولا على الشرط دون جوابه، ولا على الموصوف دون صفته، ولا على الرافع دون مرفوعه، ولا على الناصب دون منصوبه، ولا على المؤكد دون توكيده، ولا على المعطوف دون المعطوف عليه، ولا على البدل دون المبدل منه، ولا على (أنَّ، أو كان، أو ظن) وأخواتهن دون اسمهنَّ، ولا اسمهنَّ دون خبرهنَّ، ولا على المستثنى منه دون المستثنى، لكن إن كان الاستثناء منقطعًا فيه خلاف: المنع مطلقًا لاحتياجه إلى ما قبله لفظًا، والجواز مطلقًا؛ لأنه في معنى مبتدأ حذف خبره للدلالة عليه، الثالث التفصيل فإن صرح بالخبر جاز، وإن لم يصرح به فلا. قاله ابن الحاجب (¬4) في أماليه. ولا يوقف على الموصول دون صلته، ولا على الفعل دون مصدره، ولا ¬

_ (¬1) فضائل القرآن لأبي عبيد (ص:140)، رقم (352)، المصنف لابن أبي شيبة (10/ 479) رقم (10048)، الحلية لأبي نعيم (4/ 199). (¬2) أي: جمهور القراء متواترًا، أي: العشرة أئمة المجمع على تواتر قراءتهم، وليس بينهم خلاف فيه. (¬3) وهي قراءة غير متواترة وريت أيضا عن طلحة والأشهب. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (2/ 116)، الإملاء للعكبري (2/ 26)، البحر المحيط (5/ 269)، الكشاف (2/ 296). (¬4) عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، أبو عمرو جمال الدين ابن الحاجب: فقيه مالكي، من كبار العلماء بالعربية، كردي الأصل، ولد في أسنا (من صعيد مصر)، ونشأ في القاهرة، وسكن دمشق، ومات بالأسكندرية، وكان أبوه حاجبا فعرف به، من تصانيفه: الكافية -في النحو، والشافية -في الصرف، ومختصر الفقه - استخرجه من ستين كتابا، في فقه المالكية، ويسمى: «جامع الأمهات»، والمقصد الجليل -قصيدة في العروض، والأمالي النحوية، ومنتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل -في أصول الفقه، ومختصر منتهى السول والأمل، والإيضاح -في شرح المفصل للزمخشري، والأمالي المعلقة عن ابن الحاجب، (ت646 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (4/ 211).

الوقف الاضطراري

على حرف دون متعلقه، ولا على شرط دون جوابه سواء كان الجواب مقدمًا أو مؤخرًا؛ فالمقدم كقوله: {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}؛ لأنَّ قوله: {إِنْ عُدْنَا} متعلق بسياق الكلام، والافتراء مقيد بشرط العود، والمؤخر كقوله: {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ}؛ فإن قوله: {فَإِن اللَّهَ} جزاء (مَن) في: {فَمَنِ اضْطُرَّ}، ولا على الحال دون ذيها، ولا على المبتدأ دون خبره، ولا على المميز دون مميزه، ولا على القسم دون جوابه، ولا على القول دون مقوله؛ لأنهما متلازمان كل واحد يطلب الآخر، ولا على المفسر دون مفسره؛ لأن تفسير الشيء لاحق به، ومتتم له، وجار مجرى بعض أجزائه، ويأتي التنبيه على ذلك في محله. [الوقف الاضطراري] التنبيه الرابع: إذا اضطر القارئ ووقف على ما لا ينبغي الوقف عليه حال الاختيار -فليبتدئ بالكلمة الموقوف عليها إن كان ذلك لا يغير المعنى، فإن غيَّر فليبتدئ بما قبلها؛ ليصح المعنى المراد، فإن كان وقف على مضاف فليأت بالمضاف إليه، أو وقف على المفسَّر فليأت بالمفسِّر، أو على الأمر فليأت بجوابه، أو على المترجَم فليأت بالمترجِم، نحو: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} فلا يوقف عليه حتى يأتي بالمترجم. [المُتَعَسَّفُ الموقوف عليه] التنبيه الخامس: قال ابن الجزري: ليس كل ما يتعسفه بعض القراء مما يقتضي وقفًا يوقف عليه، كأن يقف على قوله: {أَمْ لَمْ تُنْذِرْ}، ويبتدئ: {هُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} على أنها جملة من مبتدأ وخبر، وهذا ينبغي أن يردَّ، ولا يلتفت إليه، وإن كان قد نقله الهذلي (¬1) في (الوقف والابتداء)، وكأن يقف على قوله: {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ}، ثم يبتدئ: {بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا}، ونحو: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ}، ثم يبتدئ: {اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}، ونحو: {فَلَا جُنَاحَ}، ثم يبتدئ: {عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، ونحو: {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بحقٍ}، ثم يبتدئ: {بحقٍ} وهو خطأ من وجهين: أحدهما: أن حرف الجر لا يعمل فيما قبله، قال بعضهم: إن صح ذلك عن أحد كان معناه: إن كنت قلته فقد علمته بحق. الثاني: أنه ليس موضع قسم، وجواب آخر أنه إن كانت الباء غير متعلقة بشيء فذلك غير جائز، وإن كانت للقسم لم يجز؛ لأنه لا جواب ههنا، وإن كان ينوي بها التأخير كان خطأ؛ لأن التقديم والتأخير مجاز، ولا يستعمل ¬

_ (¬1) روح بن عبد المؤمن، أبو الحسن الهذلي، البصري، المقرئ، صاحب يعقوب الحضرمي، كان متقنًا مجودًا، روى أيضا عن أبي عوانة وحماد بن زيد، وعنه البخاري في صحيحه، قرأ عليه أحمد بن يزيد الحلواني، وأبو الطيب بن حمدان، له كتاب في الوقف التمام، (ت235هـ). انظر: القراء الكبار (1/ 214)، الفهرست (ص: 39).

المجاز إلَّا بتوقيف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو حجة قاطعة، ونحو: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ}، ثم يبتدئ: {بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ}، وجعل الباء حرف قسم، ونحو: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ}، ثم يبتدئ: {إِن الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)}، وذلك خطأ؛ لأن باء القسم لا يحذف معها الفعل، بل متى ما ذكرت الباء تعين الإتيان بالفعل كقوله: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ} يحلفون بالله، ولا تجد الباء مع حذف الفعل، ونحو: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ}، ثم يبتدئ: {رَأَيْتَ نَعِيمًا} وليس بشيء؛ لأنَّ الجواب بعده، و (ثَم) ظرف لا يتصرف فلا يقع فاعلًا ولا مفعولًا، وغلط من أعربه مفعولًا لرأيت، أو جعل الجواب محذوفًا، والتقدير: إذا رأيت الجنة رأيت فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ونحو: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ}، ثم يبتدئ: {عِلْمَ الْيَقِينِ} بنصب (علم) على إسقاط حرف القسم وبقاء عمله وهو ضعيف، وذلك من خصائص الجلالة فلا يشركها فيه غيرها عند البصريين، وجواب القسم {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} أي: والله لترون الجحيم كقول امرئ القيس: فَقَالَتْ يَمِينُ اللهِ مَا لَكَ حِيلَةً ... وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الْغِوَايَةَ تَنْجَلِي (¬1) فهذا كله تعنت وتعسف لا فائدة فيه، فينبغي تجنبه وتحريه؛ لأنه محض تقليد، وعلم العقل لا يعمل به إلَّا إذا وافقه نقل، وسقت هذا هنا؛ ليُجتنب فإني رأيت من يدَّعي هذا الفن يقف على تلك الوقوف، فيلقي في أسماع الناس شيئًا لا أصل له، وأنا محذر من تقليده واتباعه، وكذا مثله ممن يتشبه بأهل العلم وهم عنهم بمعزل، اللهم أرنا الحق حقًّا فنتبعه، والباطل باطلًا فنجتنبه. ¬

_ (¬1) البيت من معلقة امرؤ القيس، وهو من بحر الطويل. وامرؤ القَيس (130 - 80 ق. هـ/496 - 544 م) امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي، شاعر جاهلي، أشهر شعراء العرب على الإطلاق، يماني الأصل، مولده بنجد، كان أبوه ملك أسد وغطفان وأمه أخت المهلهل الشاعر، قال الشعر وهو غلام، وجعل يشبب ويلهو ويعاشر صعاليك العرب، فبلغ ذلك أباه، فنهاه عن سيرته فلم ينته، فأبعده إلى حضرموت، موطن أبيه وعشيرته، وهو في نحو العشرين من عمره. أقام زهاء خمس سنين، ثم جعل ينتقل مع أصحابه في أحياء العرب، يشرب ويطرب ويغزو ويلهو، إلى أن ثار بنو أسد على أبيه فقتلوه، فبلغه ذلك وهو جالس للشراب فقال: رحم الله أبي! ضيعني صغيرًا وحملني دمه كبيرًا، لا صحو اليوم ولا سكر غدًا، اليوم خمر وغدًا أمر، ونهض من غده فلم يزل حتى ثأر لأبيه من بني أسد، وقال في ذلك شعرًا كثيرًا، كانت حكومة فارس ساخطة على بني آكل المرار (آباء امرؤ القيس) فأوعزت إلى المنذر ملك العراق بطلب امرئ القيس، فطلبه فابتعد وتفرق عنه أنصاره، فطاف قبائل العرب حتى انتهى إلى السموأل، فأجاره ومكث عنده مدة، ثم قصد الحارث بن أبي شمر الغسَّاني والي بادية الشام لكي يستعين بالروم على الفرس فسيره الحارث إلى قيصر الروم يوستينيانس في القسطنطينية فوعده وماطله ثم ولاه إمارة فلسطين، فرحل إليها، ولما كان بأنقرة ظهرت في جسمه قروح، فأقام فيها إلى أن مات.-الموسوعة الشعرية.

المراعة في الوقف

[المراعة في الوقف] التنبيه السادس: ينبغي للقارئ أن يراعي في الوقف الازدواج، والمعادل، والقرائن، والنظائر. قال ابن نصير النحوي (¬1): فلا يوقف على الأول حتى يأتي بالمعادل الثاني؛ لأن به يوجد التمام، وينقطع تعلقه بما بعده لفظًا نحو: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}، {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}، {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ}، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا}، والأولى الفصل والقطع بين الفريقين، ولا يخلط أحدهما مع الآخر، بل يقف على الأول، ثم يبتدئ بالثاني. [ذكر الذين، الذي] التنبيه السابع: كل ما في القرآن من ذكر (الذين)، و (الذي) يجوز فيه الوصل بما قبله نعتًا، والقطع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ حذف خبره، إلَّا في سبعة مواضع فإنه يتعين الابتداء بها: 1 - {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ} في البقرة. 2 - وفيها أيضًا: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ}. 3 - وفيها أيضًا: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا}. 4 - وفي التوبة: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا}. 5 - وفي الفرقان: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ}. 6 - وفي غافر: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} لا يجوز وصلها بما قبلها؛ لأنه يوقع في محظور، كما بيَّن فيما تقدم. 7 - وفي سورة الناس: {الَّذِي يُوَسْوِسُ} على أنه مقطوع عما قبله. وفصّل الرمّاني: إن كانت الصفة للاختصاص امتنع الوقف على موصوفها؛ لأنها لتعريفه، فيلزم أن تتبعه في إعرابه ولا تقطع، وإن كانت للمدح لا لتعريفه جاز القطع والاتباع، والقطع أبلغ من إجرائها؛ لأن عاملها في المدح غير عامل الموصوف. [أصل بلى] التنبيه الثامن: أصل (بلى) عند الكوفيين (بل) التي للإضراب، زيدت الياء في آخرها علامة لتأنيث الأداة؛ ليحسن الوقف عليها، يعنون بالياء الألف، وإنما سمَّوها ياءً؛ لأنها تمال وتكتب بالياء؛ لأنها للتأنيث كألف حبلى، وقال البصريون: (بلى) حرف بسيط، وتحقيق المذهبين في غير هذا، وهي للنفي ¬

_ (¬1) أحمد بن إبراهيم بن نصير، أبو القاسم: شاعر، أصله من شوذر (من أعمال جيان)، وسكن قرطبة، وتوفي بمالقة (ت 602 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (1/ 86).

ذكر بلى، نعم، كلا

المتقدم في اثنين وعشرين موضعًا في ست عشرة سورة (¬1)، يمتنع الوقف على سبعة، وخمسة فيها خلاف، وعشرة يوقف عليها أشار إلى ذلك العلامة السيوطي نظمًا، فقال: حُكْمُ بَلَى فِي سَائِرِ القُرْآنِ ... ثَلَاثَةٌ عَنْ عَابِدِ الرَّحْمَن أَعْنِي السُّيوطِي جَامِعَ الْإتْقَانِ ... عَنْ عُصْبَةِ التَّفْسِيرِ وَالبُرْهَان فَالوَقْفُ فِي سَبْعٍ عَلَيْهَا قَدْ مَنَعَ ... لِمَا لَهَا تَعَلُّقٌ بِمَا جَمَعَ قَالُوا بَلْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ ... وَالنَّخْلِ وَعْدًا عَنْ ذَوِي الَأَفْهَام وَقُلْ بَلَى فِي سَبَأٍ قَدِ اسْتَقَرْ ... كَذَا بَلَى قَدْ فَاتْلُونَهَا فِي الزُّمَرْ قَالُوا بَلَى فِي آَخِرِ الْأَحْقَافِ ... وَفِي التَّغَابُنِ لِلذَّكِيِّ الْوَافِي وَقُلْ بَلَى فِي سُورَةِ الْقِيَامَةِ ... فَاحْذَرْ مِنَ التَّفْرِيطِ وَالْمَلَامَة وَخَمْسَةٌ فِيهَا خِلَافَ زُبُرًا ... بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ حَيْثُ حُرِّرَا بَلَى وَلَكِنْ قَدْ أَتَى فِي الْبَقَرَهْ ... وَفِي الزُّمَرِ بَلَى وَلَكِنْ حَرَّرَهْ بَلَى وَرُسُلُنَا أَتَى فِي الزُّخْرُفِ ... وَفِي الْحَدِيدِ مِثْلُهَا عَنْهُمُ قُفِي قَالُوا بَلَى فِي الْمُلْكِ ثُمَّ جَوَّزُوا ... فِي ثَالِثِ الْأَقْسَامِ وَقْفًا أَبْرَزُوا وَعَدَّهَا عَشْرٌ سِوَى مَا قَدْ ذُكِرْ ... لَمْ تَخْفَ عَنْ فَهْمِ الذَّكِيِّ الْمُسْتَقِرّ قوله: وعدها، أي: ما الاختيار جواز الوقف عليه وهو العشرة الباقية. [ذكر بلى، نعم، كلّا] التنبيه التاسع: اعلم أن (كلَّا) حرف لا حظَّ له في الإعراب، وكذا جميع الحروف لا يوقف عليها، إلَّا (بلى، ونعم، وكلا)، وحاصل الكلام عليها: أن فيها أربعة أقوال يوقف عليها في جميع القرآن، لا يوقف عليها في جميعه، لا يوقف عليها إذا كان قبلها رأس آية، الرابع التفصيل: إن كانت للردع والزجر وقف عليها، وإلَّا فلا. قاله الخليل (¬2) ........................ ¬

_ (¬1) ومواضعها: البقرة: 81، 112، 260، آل عمران: 76، 125، الأنعام: 30، الأعراف: 172، النحل: 28، 38، طه: 120، سبأ: 3، يس: 81، الزمر: 51، 71، غافر:50، الزخرف: 80، الأحقاف: 33،34، الحديد: 14، التغابن:7، الملك: 9، القيامة: 4، الانشقاق: 15. (¬2) الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي، أبو عبد الرحمن، من أئمة اللغة والأدب، وواضع علم العروض، أخذه من الموسيقى وكان عارفًا بها وهو أستاذ سيبويه النحوي، ولد ومات في البصرة، وعاش فقيرًا صابرًا وكان شعثَ الرأس، شاحب اللون، قشف الهيئة، متمزّق الثياب، متقطّع القدمين، مغمورًا في الناس لا يُعرَف، وهو الذي اخترع علم العروض وأحدثَ أنواعًا من الشعر ليست من أوزان العرب وكان سبب موته أنه فكر في ابتكار طريقة في الحساب تُسَهِّلُهُ على العامة فدخل المسجد وهو يعمل فكره فصدمته سارية وهو غافل فكانت سبب موته، والفراهيدي نسبة إلى بطن من الأزد، وكذلك اليحمدي، من مؤلفاته: كتاب العين -في اللغة، وجملة آلات العرب، والنغَم، وغير ذلك (170 هـ). انظر: التاريخ الكبير (3/ 199 – 200)، طبقات النحويين للزبيدي (ص: 47 – 51)، معجم الأدباء (11/ 72 – 77)، الكامل لابن الأثير (6/ 50)، البداية والنهاية (10/ 161 – 162)، طبقات القراء لابن الجزري (1/ 275).

سور القرآن: أسمائها، ترتيبها، عدد آيها

وسيبويه (¬1)، وهي في ثلاثة وثلاثين موضعًا في خمس عشرة سورة في النصف الثاني (¬2)، وسئل جعفر ابن محمد عن (كلَّا) لِمَ لم تقع في النصف الأول منه؟ فقال: لأنَّ معناها الوعيد، فلم تنزل إلَّا بمكة إيعاد للكفار. [سور القرآن: أسمائها، ترتيبها، عددها، آيها] التنبيه العاشر: اعلم أن ترتيب السورة، وتسميتها، وترتيب آيها، وعدد السور -مسموع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومأخوذ عنه، وهو عن جبريل، فكان جبريل يعلمه عند نزول كل آية أن هذه تكتب عقب آية كذا في سورة كذا، وجمعته الصحابة من غير زيادة ولا نقصان، وترتيب نزوله في التلاوة والمصحف، وترتيبه في اللوح المحفوظ كما هو في مصاحفنا، كل حرف كجبل قاف، ولم يزل يتلقى القرآن العدول عن مثلهم إلى أن وصل إلينا وأدوه أداءً شافيًا، ونقله عنهم أهل الأمصار، وأدوه إلى الأئمة الأخيار، وسلكوا في نقله وأدائه الطريق التي سلكوها في نقل الحروف وأدائها من التمسك بالتعليم والسماع دون الاستنباط والاختراع، ولذلك صار مضافًا إليهم وموقوفًا عليهم إضافة تمسك، ولزوم، واتباع، لا إضافة استنباط ورأي واختراع، بل كان بإعلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه، فعنه أخذوا رءوس الآي آية آية، وقد أفصح الصحابة بالتوقيف بقولهم: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا العشر، فلا نتجاوزها إلى عشر أخر، حتى نتعلم ما فيها من العلم والعمل. وتقدم أن عبد الله بن عمر قام على حفظ سورة البقرة ثمان ¬

_ (¬1) عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر، الملقب سيبويه: إمام النحاة، وأول من بسط علم النحو، ولد في إحدى قرى شيراز، وقدم البصرة، فلزم الخليل بن أحمد ففاقه، وصنف كتابه المسمى: «كتاب سيبويه» في النحو، لم يصنع قبله ولا بعده مثله، ورحل إلى بغداد، فناظر الكسائي، وأجازه الرشيد بعشرة آلاف درهم، وعاد إلى الأهواز فتوفي بها، وقيل: وفاته وقبره بشيراز، و «سيبويه» بالفارسية رائحة التفاح، وكان أنيقًا جميلا، توفي شابًا، وفي مكان وفاته والسنة التي مات بها خلاف (ت180 هـ).انظر: سير النبلاء (6/ 238، 239)، معجم الأدباء (16/ 114 – 127)، البداية والنهاية (10/ 176، 177)، أخبار النحويين البصريين (ص: 48 - 50)، المختصر من تاريخ اللغويين والنحويين (ص: 15، 16)، بغية النحاة (ص: 366، 367). (¬2) تقدم ذكر (بلى) قريبًا، وأما مواضع (نعم) فهي: الأعراف: 44، 114، الشعراء: 42، الصافات: 18، ومواضع (كلا): المؤمنون: 100، الشعراء: 15، 62، سبأ: 27، النبأ: 5، التكاثر: 4.

تسبيع السبعة

سنين. أخرجه مالك في موطأه، وما نقل عن الصحابة فالنفس إليه أميل مما نقل عن التابعين؛ لأن قول الصحابي كذا له حكم المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - خصوصًا من دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - كابن عباس، حيث قال له: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» (¬1) قال ابن عباس: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لما رأيت جبريل لم يره خلق إلا عمي إلَّا أن يكون نبيًّا، ولكن يكون ذلك في آخر عمرك» (¬2). [تسبيع السبعة] التنبيه الحادي عشر: أول من اقتصر على جمع قراءة السبعة المشهورين أثناء المائة الرابعة أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد (¬3)، واختلاف القراء اختلاف تنوع وتغاير، لا اختلاف تضاد وتناقض؛ فإن هذا محال أن يكون في كلام الله تعالى، وهو إما في اللفظ فقط والمعنى واحد، وإما فيهما مع جواز اجتماعهما في شيء واحد، أو اختلافهما معًا مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان من وجه آخر لا يقتضي التضاد؛ فالأول: كالاختلاف في {الصِّرَاطَ}. والثاني: نحو: {مَالِكِ} بالألف، و {مَلِكِ} بغيرها. والثالث: نحو: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} مشددًا ومخففًا، فمعنى المشدد: أن الرسل تيقنوا أن قومهم قد كذبوهم، ومعنى المخفف: أن الرسل توهموا أن قومهم قد كذبوهم فيما أخبروهم به، فالظن في الأولى يقين، وفي الثانية شك، والضمائر الثلاثة للرسل؛ فكل قراءة حق وصدق نزلت من عند الله نقطع بذلك ونؤمن به. [عدّ الآي، ومن قام به] التنبيه الثاني عشر: قد عدَّ أربعة من الصحابة الآي: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأنس بن مالك، وعائشة، ونقله عنهم التابعون. فمن أهل المدينة: عروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز. ومن أهل مكة: عطاء بن أبي رباح، وطاوس. ومن أهل الكوفة: أبو عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش، وسعيد بن جبير، والشعبي، وإبراهيم ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (1/ 266)، برقم: (2397)، قال: حدثنا حسن بن موسى، حدثنا زُهير أبو خَيْثَمة، وفي (1/ 314)، برقم: (2881)، قال: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا زهير، وفي (1/ 328)، وبرقم: (3033)، قال: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، وفي (1/ 335)، برقم: (3102) قال: حدثنا عبد الصمد. (¬2) المستدرك على الصحيحين (3/ 618). (¬3) أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي البغدادي شيخ الصنعة وأول من سبَّع السبعة، قرأ على عبد الرحمن ابن عبدوس وقنبل المكي وعبد الله ابن كثير المؤدب وغيرهم، قرأ عليه وروى عنه الحروف أحمد بن محمد بن بشر الشارب وأحمد بن نصر الشذائي وأحمد بن موسى بن عبد الرحمن وغيرهم كثير (ت324هـ). انظر: تاريخ بغداد (5/ 144 – 148)، معجم الأدباء (5/ 65 – 73)، معرفة القراء (1/ 216 – 218)، البداية والنهاية (11/ 185)، غاية النهاية (1/ 139 - 142).

عدد كلماته، حروفه، نقطه

النخعي، ويحيى بن وثاب. ومن أهل البصرة: الحسن البصري، وابن سيرين، ومالك بن دينار، وثابت البناني، وأبو مجلز. ومن أهل الشام: كعب الأحبار، فكان هؤلاء لا يرون بأسًا بعدِّ الآي، ورُوي أن عليًّا عدَّ {الم} آية، و {كهيعص} آية، و {حم} آية، وكذا بقية الحروف أوائل السور -فهي عنده كلمات لا حروف؛ لأن الحرف لا يسكت عليه، ولا ينفرد وحده في السورة، وقد يطلق الحرف على الكلمة، والكلمة على الحرف مجازًا، فما عدَّه أهل الكوفة عن أهل المدينة ستة آلاف آية ومائتا آية وسبع عشرة آية، ثم عدَّ ثانيًا ستة آلاف آية ومائتي آية وأربع عشرة آية. وعدَّه المكيون: ستة آلاف آية ومائتي آية وتسع عشرة آية. وعده الكوفيون: ستة آلاف آية ومائتي آية وثلاثين وست آيات. وعده البصريون ستة آلاف ومائتين وأربع آيات. [عدد كلماته، حروفه، نقطه] وأما عدد كلمه وحروفه على قول عطاء بن يسار: فسبعة وسبعون ألفًا وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة. وحروفه: ثلاثمائة ألف وثلاثة وعشرون ألفًا وخمسة عشر حرفًا. وقال ابن عباس: حروف القرآن ثلاثمائة ألف وثلاثة وعشرون ألف حرف وستمائة حرف وأحد وسبعون حرفًا. فحروف القرآن متناهية ومعانيها غير متناهية، وفي (الجامع الصغير): «القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابرًا محتسبًا كان له بكل حرف زوجان من الحور العين» (¬1). طس عن عمر قال أبو نصر: غريب الإسناد والمتن. أول من جمع الناس في القرآن على حرف واحد ورتب سوره: عثمان بن عفان. ¬

_ (¬1) واللفظ الذي وقفت عليه هو: «القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف فمن قرأه صابرًا محتسبًا فله بكل حرف زوجة من الحور العين». أخرجه الطبرانى فى الأوسط (6/ 361، رقم: 6616)، وقال: لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد تفرد به حفص بن ميسرة. قال الهيثمى (7/ 163): رواه الطبرانى فى الأوسط عن شيخه محمد بن عبيد بن آدم بن أبى إياس ذكره الذهبى فى الميزان لهذا الحديث ولم أجد لغيره فى ذلك كلامًا وبقية رجاله ثقات. وأخرجه أيضًا: الديلمى (3/ 230، رقم: 4680). قال الذهبى فى الميزان (6/ 251، ترجمة: 7924، محمد بن عبيد بن آدم بن أبى إياس العسقلانى)، والحافظ فى اللسان (5/ 276، رقم: 949): خبر باطل. قال الألباني في السلسلة الضعيفة والموضوعة (9/ 70): باطل.

وأول من نقطه: أبو الأسود الدؤلي (¬1) بأمر عبد الملك بن مروان (¬2). وعدد نقطه: مائة ألف وخمسون ألفًا وإحدى وخمسون نقطة. وعدد جلالاته: ألفان وستمائة وأربعة وتسعون. وليس الاختلاف في عدد الحروف اضطرابًا في عدها، بل هو إما باعتبار اللفظ دون الخط؛ لأن الكلمة تزيد حروفها في اللفظ، والشارع إنما اعتبر رسمها دون لفظها؛ لقوله في الحديث: «اقرءوا القرآن؛ فإنكم تؤجرون عليه، أما إني لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» (¬3). وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تعلموا القرآن واتلوه؛ فإنكم تؤجرون فيه بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف، ولام، وميم ثلاثون حسنة» (¬4). أما ترى أن (الم) في الكتابة ثلاثة أحرف، وفي اللفظ تسعة أحرف، فلو كانت الكلمة تعد حروفها لفظًا على سبيل البسط دون رسمها -لوجب أن يكون لقارئ: (الم) تسعون حسنة؛ إذ هي في اللفظ تسعة ¬

_ (¬1) ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الدؤلي الكناني، تابعي، واضع علم النحو، كان معدودًا من الفقهاء والأعيان والأمراء والشعراء والفرسان والحاضري الجواب، قيل أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - رسم له شيئًا من أصول النحو، فكتب فيه أبو الأسود، وفي صبح الأعشى: أن أبا الأسود وضع الحركات والتنوين لا غير. سكن البصرة في خلافة عمر - رضي الله عنه -، وولي إمارتها في أيام علي - رضي الله عنه -، ولم يزل في الإمارة إلا أن قتل علي - رضي الله عنه -، وكان قد شهد معه: (صفين) ولما تم الأمر لمعاوية قصده فبالغ معاوية في إكرامه، وهو في أكثر الأقوال أول من نقط المصحف، مات بالبصرة سنة (69هـ).-الموسوعة الشعرية (¬2) عبد الملك بن مروان عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، أبو الوليد: من أعاظم الخلفاء ودهاتهم، نشأ في المدينة، فقيها واسع العلم، متعبدا، ناسكا، وشهد يوم الدار مع أبيه، واستعمله معاوية على المدينة وهو ابن (16 سنة)، وانتقلت إليه الخلافة بموت أبيه (سنة 65 هـ) فضبط أمورها وظهر بمظهر القوة، فكان جبارا على معانديه، قوي الهيبة، واجتمعت عليه كلمة المسلمين بعد مقتل مصعب وعبد الله ابني الزبير في حربهما مع الحجاج الثقفي، ونقلت في أيامه الدواوين من الفارسية والرومية إلى العر بية، وضبطت الحروف بالنقط والحركات، وهو أول من صك الدنانير في الإسلام، وأول من نقش بالعربية على الدارهم، وكان عمر بن الخطاب قد صك الدراهم، وكان يقال: معاوية للحلم، وعبد الملك للحزم، ومن كلام الشعبي: ما ذاكرت أحدا إلا وجدت لي الفضل عليه، إلا عبد الملك، فما ذاكرته حديثا ولا شعرا إلا زادني فيه، توفي في دمشق سنة (86 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (4/ 165). (¬3) الدر المنثور للسيوطي (1/ 22)، وروي بروايات عدة منها: عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». رواه الترمذي رقم (2910)، الطبراني في الكبير (9/ 139، 140)، رقم (8646، 8649). وعن ابن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اقرءوا القرآن فإن بكل حرف عشر حسنات، لا أقول: (الم) ولكن ألف عشر ولام عشر، وميم عشر»، المصنف لابن أبي شيبة (10/ 461)، رقم (9981). وغيرهما من الروايات. (¬4) الدر المنثور للسيوطي (1/ 22).

الخلاف في فواتح السور

أحرف، فلما قال الصحابي: وبعضهم يرفعه أنها ثلاثة أحرف، وإن لقارئها ثلاثين حسنة لكل حرف عشر حسنات ثبت أن حروف الكلمة إنما تعد خطًّا لا لفظًا، وإن الثواب جارٍ على ذلك، والمضاعفة مختلفة: فنوع إلى عشرة، ونوع إلى خمسين كما هو في لفظ: «من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف خمسون حسنة» (¬1) والمعتبر ما يرسم في المصحف الإمام. [الخلاف في فواتح السور] التنبيه الثالث عشر: اختُلِف في الحروف التي في أوائل السور: قال الصدِّيق، والشعبي، والثوري، وغيرهم: هي سرّ الله تعالى في القرآن، وهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه. قال الأخفش: كل حرف من هذه الأحرف قائم بنفسه يحسن الوقف عليه، والأَوْلَى الوقف على آخرها اتباعًا للرسم العثماني. وبعضهم جعلها أسماء للسور، وحاصل الكلام فيها: أن فيها أقوالًا توجب الوقف عليها، وأقوالًا توجب عدمه وهي مأخوذة من أسماء الله تعالى فـ (الر، وحم، ون) هي حروف الرحمن مفرقة، وكل حرف مأخوذ من اسم من أسمائه تعالى. زاد الشعبي: لله تعالى في كل كتاب سرّ، وسره في القرآن فواتح السور في ثمانية وعشرين حرفًا، في فواتح تسع وعشرين سورة، عدد حرف المعجم، وهي مع التكرير خمسة وسبعون حرفًا، وبغير تكرير أربعة عشر حرفًا، وهي نصف جميع الحروف، وتسمى الحروف النورانية جمعها بعضهم في قوله: (من قطعك صله سحيرا). فبعضها أتى على حرف كـ (ص، وق، ون)، وبعضها على حرفين كـ (طه، وطس، ويس، وحم)، وبعضها على ثلاثة أحرف كـ (الم، وطسم)، وبعضها على أربعة أحرف كـ (المص، والمر)، وبعضها على خمسة نحو: (كهيعص، حم عسق) (¬2)، ولم تزد على الخمسة شيئًا ما كتبت على شيء، أو ذكرت عليه إلَّا حفظ من كل شيء. مطلب علوم القرآن ثلاثة وفيها أسرار وحكم أودعها الله فيها معلومة عند أهلها؛ لأنَّ علوم القرآن ثلاثة: علم لم يُطلع الله عليه أحدًا من خلقه؛ وهو ما استأثر الله به كمعرفة ذاته وأسمائه وصفاته. والثاني: ما أَطلع الله عليه نبيه. ¬

_ (¬1) ووقفت على نحوه بلفظ: (من قرأ القرآن فأعربه كله كان له بكل حرف أربعون حسنة، ومن أعرب بعضه، ولحن فى بعض، كان له بكل حرف عشرون حسنة، ومن لم يعرب منه شيئًا كان له بكل حرف عشر حسنات). أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان (2/ 428، رقم: 2296)، وأخرجه أيضًا: ابن عدى (7/ 41، ترجمة: 1975، نوح بن أبى مريم)، وقال: عامة ما يرون لا يتابع عليه، وقد روى عنه شعبة، وهو مع ضعفه يكتب حديثه. (¬2) وحكم هذه الحروف مبسوطة في كتب التجويد.

مطلب استخراج عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من القرآن

والثالث: علوم عَلَّمها نبيه وأمره بتعليمها. قال بعض العلماء: لكل آية ستون ألف فهم؛ لأنَّ معاني القرآن لا تتناهى، والتعرض لحصر جزئياتها غير مقدور للبشر: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}. قال الشافعي (¬1): جميع ما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو ما فهمه من القرآن، وما من شيء إلَّا ويمكن استخراجه من القرآن لمن فهَّمه الله. وقال بعضهم: ما من شيء في العالم إلَّا وهو في كتاب الله تعالى. وقال ابن برهان: ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من شيء فهو في القرآن، أو فيه أصله قرب أو بعد، فهمه من فهمه وعمه عنه من عمه. مطلب استخراج عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من القرآن وقد استخرج بعضهم عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا وستين سنة من قوله تعالى في سورة المنافقون: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا}؛ فإنها رأس ثلاث وستين سورة، وعقبها بالتغابن؛ ليظهر التغابن في فقده. ومن أراد البحر العذب فعليه بـ (الإتقان) ففيه العجب العجاب. مطلب ثواب القارئ التنبيه الرابع عشر: في بيان ثواب القارئ، أخرج البيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه» (¬2). وأخرج أيضًا من حديث ابن عمر مرفوعًا: «من قرأ القرآن فأعربه كان له بكل حرف عشرون حسنة، ومن قرأه بغير إعراب كان له بكل حرف عشر حسنات» (¬3). والمراد بإعرابه: معرفة معاني ألفاظه، وليس المراد الإعراب المصطلح عليه، وهو ما يقابل اللحن؛ ¬

_ (¬1) محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان ابن شافع الهاشمي القرشي المطلبي، أبو عبد الله: أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، وإليه نسبة الشافعية كافة، ولد في غزة (بفلسطين)، وحمل منها إلى مكة وهو ابن سنتين، وزار بغداد مرتين، وقصد مصر سنة (199هـ) فتوفي بها، وقبره معروف في القاهرة، قال المبرد: كان الشافعي أشعر الناس وآدبهم وأعرفهم بالفقه والقراءات، وقال الإمام ابن حنبل: ما أحد ممن بيده محبرة أو ورق إلا وللشافعي في رقبته منة، وكان من أحذق قريش بالرمي، يصيب من العشرة عشرة، برع في ذلك أولا كما برع في الشعر واللغة وأيام العرب، ثم أقبل على الفقه والحديث، وأفتى وهو ابن عشرين سنة، وكان ذكيًّا مفرطا، له تصانيف كثيرة، أشهرها كتاب: الأم -في الفقه، ومن كتبه: المسند -في الحديث، وأحكام القرآن، والسنن، والرسالة -في أصول الفقه، واختلاف الحديث، والسبق والرمي، وفضائل قريش، وأدب القاضي، والمواريث، (ت204 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (6/ 26). (¬2) المصنف لابن أبي شيبة (10/ 456) رقم (9961)، المسند لأبي يعلى (11/ 436) رقم (6560). (¬3) البيهقي في الشعب (5/ 241)، رقم (2096).

مطلب أهل الجنة يقرءون فيها

إذ القراءة به ليست قراءة ولا ثواب فيها، وإطلاق الإعراب على النحو اصطلاح حادث؛ لأنه كان لهم سجية لا يحتاجون إلى تعلمها. وتفسير القرآن لا يُعلم إلَّا بأن يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه كلام متكلم لم تصل الناس إلى مراده بالسماع منه بخلاف كلام غيره، ولهذا كان كلام الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل له حكم المرفوع، فلا يفسر بمجرد الرأي والاجتهاد لخبر: «من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ» (¬1) أخرجه أبو داود، والنسائي، والترمذي،. وثبت متصل الإسناد إلى شدَّاد بن أوس: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مسلم يأخذ مضجعه فيقرأ سورة من كتاب الله إلَّا وَكَّل الله به ملكًا يحفظه؛ فلا يقربه شيء يؤذيه حتى يهب متى هب» (¬2)، وفيه: «ما من رجل يُعَلِّم ولده القرآن إلَّا توِّج يوم القيامة بتاج في الجنة» (¬3)، وفيه: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتقِ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند الله آخر آية تقرؤها» (¬4). مطلب أهل الجنة يقرءون فيها وفيه دليل على أن أهل الجنة يقرءون فيها، وفيه: «من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ مائة آية أو مائتي آية كتب من القانتين، ومن قرأ خمسمائة آية إلى ألف آية أصبح وله قنطار من الأجر» (¬5). مطلب كيفية قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - وصح عن عائشة كيفية قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان يصلي النافلة جالسًا حين أسن قبل موته بسنة، فكان يقرأ قاعدًا حتى إذا أراد أن يركع قام، وقرأ نحوًا من ثلاثين، أو أربعين آية. وفيه: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين» (¬6)، قوله: (أقوامًا) أي: درجة أقوام، وهم: من آمن به وعمل ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود (3/ 320)، برقم: (3652)، والترمذى (5/ 200)، برقم: (2952)، والنسائى فى الكبرى (5/ 31)، برقم: (8086)، والطبرانى (2/ 163)، برقم: (1672)، وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (3/ 90)، برقم: (1520). (¬2) أخرجه أحمد (4/ 125)، برقم: (17173)، قال المنذرى (1/ 234)، رواته رواة الصحيح، والترمذى (5/ 476)، برقم: (3407)، والطبرانى (7/ 293)، برقم: (7176). (¬3) وتمامه: « ... يعرِّفه به أهل الجنة بتعليم ولده القرآن في الدنيا» انظر: مجمع الزوائد: (7/ 343)، برقم: (11672). (¬4) أخرجه أحمد (2/ 192)، برقم: (6799)، وأبو داود (2/ 73)، برقم: (1464)، والترمذى (5/ 177)، برقم: (2914)، وقال: حسن صحيح. والنسائى فى الكبرى (5/ 22)، برقم: (8056)، وابن حبان (3/ 43)، برقم: (766)، والحاكم (1/ 739)، برقم: (2030)، والبيهقى (2/ 53)، برقم: (2253). (¬5) وذكر نحوه في كنز العمال برقم: (21459)، بزيادة: (القيراط منه مثل التل العظيم). (¬6) أخرجه أحمد (1/ 35)، برقم: (232)، والدارمى (2/ 536)، برقم: (3365)، ومسلم (1/ 559)، برقم 817)، وابن ماجه (1/ 79)، برقم: (218)، وأبو عوانة (2/ 444)، برقم: (3762)، وابن حبان (3/ 49)، برقم: (772)، وأخرجه أيضًا: عبد الرزاق عن معمر فى الجامع (11/ 439)، برقم: (20944)، والبزار (1/ 371)، برقم: (249)، والبيهقى (3/ 89)، برقم: (4904).

مطلب ما لقارئ القرآن في بيت المال

بمقتضاه، و (يضع به آخرين) وهم: مَن أعرض عنه ولم يحفظ وصاياه. وفيه: «أُعطِيت مكان التوراة السبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل السبع المثاني وفضلت بالمفصل» (¬1). وفيه دلالة على أن القرآن كان مؤلفًا من ذلك الوقت، وإنما جمع في المصحف على شيء واحد، وفيه دلالة على أن سورة الأنفال سورة مستقلة، وليست من براءة، والسبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، ويونس. والمئون: ما كان فيه مائة آية أو قريب منها بزيادة يسيرة، أو نقصان يسير. مطلب ما لقارئ القرآن في بيت المال وعن عليٍّ وابن عباس -رضي الله عنهم- أنهما قالا: ليس من مسلم قرأ القرآن إلَّا وله في بيت مال المسلمين في كل سنة مائتا دينار، فإن أخذها في الدنيا وإلَّا أخذها غدًا بين يدي الله عزَّ وجلَّ. وكان عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- لا يفرض من بيت المال إلَّا لمن قرأ القرآن. مطلب الاستعاذة اعلم أن الاستعاذة يستحب قطعها من التسمية، ومن أول السورة؛ لأنها ليست من القرآن، وكذا آمين يستحب قطعه من {وَلَا الضَّالِّينَ (7)} [الفاتحة: 7]؛ لئلَّا يصل القرآن بما ليس منه. قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)} [النحل: 98]، أي: إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ؛ لأن الاستعاذة إنما تكون قبل القراءة، دلت الآية أن الله أمرنا بالاستعاذة عند قراءة القرآن، وليس المعنى: إذا استعذت فاقرأ، ولو كان المعنى كذلك لم تكن الآية تدل على أنَّا أُمرنا بالاستعاذة قبل القراءة، بل كانت تدل على أنَّا أمرنا بالقراءة بعد الاستعاذة، وجائز أن نستعيذ من الشيطان الرجيم، ثم لا نقرأ شيئًا. قال أبو بكر الأنباري: فلو كان كما قال السجستاني: إن الآية من المقدم والمؤخر، أي: إذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم فاقرأ القرآن -لوجب على كل مستعيذ بالله من الشيطان أن يقرأ القرآن، وليس الأمر كذلك. وأما أول التوبة فمن كان مذهبه التسمية وصل آخر الأنفال بأول التوبة معربًا، ومنهم من وصل ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (4/ 107)، برقم: (17023). قال الهيثمى (7/ 46): فيه عمران القطان، وثقه ابن حبان وغيره وضعفه النسائى وغيره وبقية رجاله ثقات. وأخرجه الطبرانى (22/ 75)، برقم: (186)، والبيهقى فى شعب الإيمان (2/ 465)، برقم: (2415 مكرر). وأخرجه أيضًا: الطيالسى (ص: 136)، رقم: (1012)، وأبو نعيم فى معرفة الصحابة (5/ 2716)، برقم: (6485). وقال المناوى (1/ 566): فيه عمرو بن مرزوق، أورده الذهبى فى الضعفاء، وقال: كان يحيى بن سعيد لا يرضاه.

مطلب البسملة

غير معرب كأنه واقف واصل كراهة أن يأتي بالتسمية في أول التوبة. والوقف على آخر التعوذ تام؛ لأن الاستعاذة لا تعلق لها بما بعدها لا لفظًا ولا معنى؛ لأنَّا مأمورون به عند التلاوة، وإن لم يكن من القرآن. مطلب البسملة واختلف في البسملة، فقيل: إنها ليست من القرآن، وإنما كتبت للفصل بين السور، وهو قول ابن مسعود، ومذهب مالك، والمشهور من مذهب قدماء الحنفية، وعليه قراء المدينة والبصرة والشام وفقهاؤها، وقيل: آية من القرآن أنزلت للفصل والتبرك بها وهو الصحيح، وقيل: آية تامة من كل سورة، وهو قول ابن عباس، وابن عمر، وسعيد بن جبير، والزهري، وعطاء، وعبد الله بن المبارك، وعليه قراء مكة والكوفة وفقهاؤهما، وهو القول الجديد للشافعي، وقيل: آية تامة في الفاتحة، وبعض آية في البواقي، وقيل: بعض آية في الكل قاله المفتي أبو السعود في تفسيره. والوقف على آخر البسملة تام؛ لأن الحمد مبتدأ لانقطاعه عما قبله لفظًا ومعنى. مطلب وصل أوائل السور بأواخرها واعلم أن لك في وصل أوائل السور بأواخرها، ووصل الآيات بعضها ببعض أربعة أوجه: وهي: أن تقول: «الرحيمْ * الحمد لله» فتسكن الميم وتقطع الهمزة من «الحمد»، وهذه قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه كان يقف على آخر كل آية، ويبتدئ بالذي بعدها. الثاني: أن تقول: «الرحيمِ * الحمد لله» فتكسر الميم وتحذف الألف من «الحمد»؛ لأنها ألف وصل. الثالث: «الرحيمَ * الحمد لله» بفتح الميم من «الرحيم»؛ لأنك تقدر الوقف على الميم؛ لأنها رأس آية، ثم تلقي حركة همزة الوصل عليها وتحذفها، وهذا الوجه رديء لم يقرأ به أحد، وإنما سمعه الكسائي من العرب، ولا يجوز لأحد أن يقرأ به؛ لأنه لا إمام له. الرابع: أن تقول: «الرحيمِ* أَلحمد لله» فتكسر الميم وتقطع الهمزة، كقول الشاعر (¬1): أَرَى كُلَّ ذِي مَالٍ يَعْظُمُ أَمْرُهُ ... وَإِنْ كَانَ نَذْلًا خَامِلَ الذَّكْرِ وَالِاسْم ¬

_ (¬1) لم أستدل على قائله.

بيان الوقف والابتداء

سورة الفاتحة مكية مدنية لأنها نزلت مرتين: مرة بمكة حين فرضت الصلاة، ومرة بالمدينة حين حوِّلت القبلة. - آياتها: وهي سبع آيات إجماعًا، لكن عد بعضهم البسملة منها، والسابعة: {صِرَاطَ الَّذِينَ} إلى آخرها. وإن لم تكن منها فالسابعة: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ (7)} إلى آخرها. - وكلمها: وكلمها مع البسملة تسع وعشرون كلمة، وبغيرها خمس وعشرون كلمة. - وحروفها: بالبسملة، وبقراءة «ملك» بغير ألف- مائة وأحد وأربعون حرفًا. قاله الإسنوي على أنَّ ما حذف رسمًا لا يحسب؛ لأنَّ الكلمة تزيد حروفها في اللفظ دون الخط، وبيان ذلك أن الحروف الملفوظ بها ولو في حالة كألفات الوصل، وهي بها مائة وسبعة وأربعون حرفًا، وقد اتفق علماء الرسم على حذف ست ألفات: ألف اسم من «بسم»، وألف بعد لام الجلالة مرتين، وبعد ميم {الرَّحْمَنِ} مرتين، وبعد عين {الْعَالَمِينَ}، والحق الذي لا محيص عنه اعتبار اللفظ، وعليه فهل تعتبر ألفات الوصل نظرًا إلى أنها قد يتلفظ بها في حالة الابتداء، أو لأنها محذوفة من اللفظ غالبًا؟ كلٌّ محتمل، والأوَّل أوجه فتحسب مائة وسبعة وأربعين حرفًا غير شداتها الأربعة عشر، وفيها أربعة وقوف تامة على أنَّ البسملة آية تامة منها لا تعلق لها بما بعدها؛ لأنها جملة من مبتدأ وخبر، أي: ابتدائي بسم الله، أو في محل نصب، وعلى كل تقدير هو تام، قال المازري (¬1) في (شرح التلقين): وإذا كانت قرآنًا فهلَّا كفَّر الشافعي مالكًا (¬2) وأبا حنيفة (¬3) في مخالفتهما له في ذلك، كما يكفِّر هو وغيره من خالف في كون ¬

_ (¬1) المازري (453 - 536 هـ = 1061 - 1141 م) محمد بن علي بن عمر التميمي المازري، أبو عبد الله: محدث، من فقهاء المالكية، نسبته إلى (مازر) بجزيرة صقلية، ووفاته بالمهدية، له: المعلم بفوائد مسلم -في الحديث، وهو ما عَلّق به على صحيح مسلم، حين قراءته عليه سنة (499)، وقيّده تلاميذه، فمنه ما هو بحكاية لفظه وأكثره بمعناه، ومن كتبه: التلقين -في الفروع، والكشف والإنباء -في الردّ على الإحياء للغزّالي، وإيضاح المحصول في الأصول، وكتب في الأدب. انظر: الأعلام للزركلي (6/ 227). (¬2) مالك بن أنس (93 - 179 هـ = 712 - 795 م) مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحي، المدني، أبو عبد الله، أحد أئمة المذاهب المتبعة في العالم الإسلامي، وإليه تنسب المالكية، ولد بالمدينة وكان بعيدًا عن الأمراء والملوك، فوجه إليه هارون الرشيد ليأتيه فيحدثه، فقال العلم يؤتى، فقصد الرشيد منزله، واستند إلى الجدار، فقال مالك: يا أمير المؤمنين من إجلال رسول الله إجلال العلم، فجلس بين يديه، فحدَّثه، وسأله المنصور أن يضع كتابًا للناس يحملهم على العمل به، فصنف: الموطأ، وله رسالة في: الوعظ، وكتاب في: المسائل، ورسالة في: الرد على القدرية، وكتاب في: النجوم، وتفسير غريب القرآن، وتوفي بالمدينة ودفن بالبقيع. انظر: الأعلام للزركلي (5/ 257)، ومعجم المؤلفين (8/ 168). (¬3) أبو حنيفة (80 - 150 هـ = 699 - 767 م) النعمان بن ثابت، التيمي بالولاء، الكوفي، أبو حنيفة: إمام الحنفية، الفقيه المجتهد المحقق، أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، قيل: أصله من أبناء فارس، ولد ونشأ بالكوفة، وكان يبيع الخز ويطلب العلم في صباه، ثم انقطع للتدريس والإفتاء، وأراده عمر بن هبيرة (أمير العراقين) على القضاء، فامتنع ورعًا، وأراده المنصور العباسي بعد ذلك على القضاء ببغداد، فأبى، فحلف عليه ليفعلن، فحلف أبو حنيفة أنه لا يفعل، فحبسه إلى أن مات، (قال ابن خلكان: هذا هو الصحيح)، وكان قوي الحجة، من أحسن الناس منطقًا، قال الإمام مالك، يصفه: رأيت رجلًا لو كلّمته في السارية أن يجعلها ذهبًا لقام بحجته! وكان كريمًا في أخلاقه، جوادًا، حسن المنطق والصورة، جهوري الصوت، إذا حدَّث انطلق في القول وكان لكلامه دويٌّ، وعن الإمام الشافعي: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة. له: مسند -في الحديث، جمعه تلاميذه، والمخارج -في الفقه، صغير، رواه عنه تلميذه أبو يوسف، وتنسب إليه رسالة: الفقه الأكبر -ولم تصح النسبة. توفي ببغداد وأخباره كثيرة. انظر: الأعلام للزركلي (8/ 36).

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [2] قرآنًا، قيل: لم يثبتها الشافعي قرآنًا مثل ما أثبت غيرها، بل أثبتها حكمًا وعملًا لأدلة اقتضت ذلك عنده، ومعنى حكمًا: أنَّ الصلاة لا تصح إلَّا بها فهي آية حكمًا لا قطعًا. واختلف هل ثبوت البسملة قرآنًا بالقطع أو بالظن؟ الأصح أن ثبوتها بالظن؛ حتى يكفي فيها أخبار الآحاد وتعلق الأحكام مظنون، ولا يحكم بكونها قرآنًا إلَّا بالنقل المتواتر قطعًا ويقينًا، بل ولا نكفِّر بيقيني لم يصحبه تواتر، ولما لم ينقلوا إلينا كون البسملة قرآنًا، كما نقلوا غيرها ولا ظهر ذلك منهم، كما ظهر في غيرها من الآي وجب القطع بأنها ليست من الفاتحة، ولم يقل أحد من السلف أنَّ البسملة آية من كل سورة إلَّا الشافعي، وقد أثبتها نصف القراء السبعة، ونصفهم لم يثبتها، والمصحح للقسمة أنَّ لنافع راويين أثبتها أحدهما، والآخر لم يثبتها، وقوة الشبهة بين الفريقين منعت التكفير من الجانبين. اهـ وفيها ثلاثة وعشرون وقفًا: أربعة تامة، وستة جائزة يحسن الوقف عليها، ولا يحسن الابتداء بما بعدها؛ لأنَّ التعلق فيها من جهة اللفظ، والوقف حسن؛ إذ الابتداء لا يكون إلَّا مستقلًّا بالمعنى المقصود، وثلاثة عشر يقبح الوقف عليها والابتداء بما بعدها؛ فالتامة أربعة: «البسملة»، و «الدين»، و «نستعين»، و «الضالين» على عد أهل الكوفة، وثلاثة على عد أهل المدينة والبصرة هو: «الدين»، و «نستعين»، و «الضالين»، ومن قوله: {اهْدِنَا} إلى آخرها سؤال من العبد لمولاه متصل بعضه ببعض فلا يقطع؛ لشدة تعلق بعضه ببعض. والجائزة: «الحمد لله»، و «العالمين»، و «الرحيم»، و «إياك نعبد»، و «المستقيم»، و «أنعمت»، و «عليهم»؛ لكونه رأس آية، وإنما جاز الوقف عليها على وجه التسامح، ولا ينبغي الوقف على الأخير سواء نصب «غير» بدلًا، أو نعتًا، أو حالًا، أو على الاستثناء، قال أبو العلاء الهمداني: ومن قرأ (¬1): «غيرُ» بالرفع خبر مبتدأ محذوف حسن الابتداء به، وهي قراءة شاذة. ¬

_ (¬1) لم أستدل عليها في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها.

والثلاثة عشر: التي يقبح الوقف عليها والابتداء بما بعدها: «الحمد»، و «مالك»، و «رب»، و «يوم»، و «إياك» فيهما، و «اهدنا»، و «الصراط»، و «صراط»، و «الذين»، و «غير»، و «المغضوب» و «عليهم» الثاني. ولا شك أنَّ الواقف على تلك الوقوف أحق أن يوسم بالجهل كما لا يخفى، وبيان قبحها يطول.

سورة البقرة

سورة البقرة مدنية -[آياتها:] وهي مائتا آية، وثمانون وخمس آيات، في المدني والشامي والمكي، وست في الكوفي، وسبع في البصري. - وكلمها: ستة آلاف كلمة، ومائة وإحدى وعشرون كلمة. - وحروفها: خمسة وعشرون ألف حرف، وخمسمائة حرف. وفيها مما يشبه رءوس الآي وليس معدودًا منها بإجماع -اثنا عشر موضعًا: 1 - {مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [102]. 2 - {وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ (} [113]. 3 - {فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} [137]. 4 - {وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ (} [155]. 5 - {في بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ} [174]. 6 - {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [184]. 7 - {مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [185]. 8 - {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ (} [194]. 9 - {عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [198]. 10 - {الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [267]. 11 - {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ} [215] الأول. 12 - {وَلَا شَهِيدًا} [143]، والمكي يعدها. يُبنى الوقف على {الم (1)} [1]، والوصل على اختلاف المعربين في أوائل السور هل هي مبنية أو معربة؟ وعلى أنها معربة عدها الكوفيون آية؛ لأنَّ هذه الحروف إذا وقف عليها كان لها محل من الإعراب وتصير جملة مستقلة بنفسها، ففيها ونظائرها ستة أوجه وهي: 1 - لا محل لها. 2 - أو لها محل، وهو الرفع بالابتداء. 3 - أو الخبر. 4 - والنصب بإضمار فعل. 5 - أو النصب على إسقاط حرف القسم كقوله: إِذَا مَا الخَبْرُ تَأْدُمُه بِلَحْمٍ ... فَذَاكَ أَمَانَةُ اللهِ الثَّرِيدُ (¬1) ¬

_ (¬1) وهذا البيت مجهول القائل، وقد ذكره الزمخشري في كتابه المفصل في صنعة الإعراب، ومثله أنشد سيبويه في كتابه: إذا ما الخبزُ تأدمه بلحمٍ ... فذاك أمانة اللهِ الثريدُ انظر: المفصل في صنعة الإعراب للزمخشري، الكتاب لسيبويه.- الموسوعة الشعرية

وكقوله: فَقالَت يَمينُ اللَهِ ما لَكَ حيلَةٌ ... وَما إِن أَرى عَنكَ الغِوايَةَ تَنجَلي (¬1) وكقوله: تَمُرُّونَ الدِّيَارَ فَلَمْ تَعُوجُوا ... كَلَامُكُمْ عَلَيَّ إذًا حَرَامُ (¬2) 6 - أو الجر بإضمار حرف القسم، أي: أنها مقسم بها حذف حرف القسم، وبقي عمله، ونحو: الله لأفعلن، وذلك من خصائص الجلالة فقط لا يشركها فيه غيرها. {الم (1)} [1] تام، إن رفع ذلك بـ «هدى»، أو «هدى» به، أو رفع بما عاد من الهاء المتصلة بفي، أو رفع بموضع {لا رَيْبَ فِيهِ} [2] كأنك قلت: «ذلك الكتاب حق بهدى»، أو رفع ذلك «بالكتاب»، أو «الكتاب» به، أو رفع ذلك بالابتداء و «الكتاب» نعت أو بدل، و «لا ريب فيه» خبر المبتدأ، (وكاف) إن جعلت خبر مبتدأ محذوف، أي: هذه، أو هذا «الم». (وحسن) إن نصبت بمحذوف، أي: اقرأ: {الم}، وليست بوقف إن جعلت على إضمار حرف القسم، وأن «ذلك الكتاب» قد قام مقام جوابها، وكأنه قال: وحق هذه الحروف «إن هذا الكتاب يا محمد هو الكتاب الذي وُعِدت به على لسان النبيين من قبلك»، فهي متعلقة بما بعدها؛ لحصول الفائدة فيه فلا تفصل منه؛ لأنَّ القسم لا بد له من جواب، وجوابه بعده، والقسم يفتقر إلى أداة، وهنا الكلام عارٍ من أداة القسم وليست «الم» وقفًا أيضًا إن جعلت مبتدأ، و «ذلك» خبره، وكذا لا يكون «الم» وقفًا إن جعل ذلك مبتدأ ثانيًا، و «الكتاب» خبره، والجملة خبر «الم»، وأغنى الربط باسم الإشارة، وفيه نظر من حيث تعدد الخبر وأحدهما جملة، لكن الظاهر جوازه كقوله: {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20)} [طه: 20] إن جعل «تسعى» خبرًا، وأما إن جعل صفة فلا، وإن جعل «الم» مبتدأ، و «ذلك» مبتدأ ثانيًا، و «الكتاب» بدل أو عطف بيان حَسُن الوقف على «الكتاب»، وليس بوقف إن جعل «ذلك» مبتدأ خبره «لا ريب»، أو جعل «ذلك» مبتدأ، و «الكتاب» و «لا ريب فيه» خبران له، أو جعل «لا ريب فيه» خبرًا ¬

_ (¬1) والبيت من بحر الطويل، وهو من معلقة امرؤ القيس برقم: «26».-الموسوعة الشعرية (¬2) البيت من بحر الوافر، وقائله جرير، من قصيدة يقول في مطلعها: مَتى كانَ الخِيامُ بِذي طُلوحٍ ... سُقيتِ الغَيثَ أَيَّتُها الخِيامُ جرير: (28 - 110 هـ/648 - 728 م) جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي، أبو حزرة، من تميم، أشعر أهل عصره، ولد ومات في اليمامة، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم فلم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل، كان عفيفًا، وهو من أغزل الناس شعرًا. انظر: الكامل في اللغة والأدب.- الموسوعة الشعرية

عن المبتدأ الثاني، وهو وخبره خبر عن الأول، وهكذا يقال في جميع الحروف التي في أوائل السور على القول بأنها معربة وإن لها محلًّا من الإعراب، ولا يجوز الوقف على ذلك؛ لأنَّ «الكتاب» إما بيانًا لذلك وهو الأصح، أو خبرًا له أو بدلًا منه فلا يفصل مما قبله. والوقف على {لا} قبيح؛ لأنَّ «لا» صلة لما بعدها مفتقرة إليه. والوقف على {رَيْبَ} تام؛ إن رفع «هُدًى» بـ «فيه»، أو بالابتداء، و «فيه» خبره، (وكاف) إن جعل خبر «لا» محذوفًا؛ فلأنَّ العرب يحذفون خبر «لا» كثيرًا، فيقولون: «لا مثل زيد» أي: في البلد، وقد يحذفون اسمها ويبقون خبرها يقولون: لا عليك، أي: لا بأس عليك، ومذهب سيبويه أنها واسمها في محل رفع بالابتداء، ولا عمل لها في الخبر إن كان اسمها مفردًا، فإن كان مضافًا أو شبيهًا به فتعمل في الخبر عنده كغيره، ومذهب الأخفش أن اسمها في محل رفع، وهي عاملة في الخبر، والتقدير هنا: (لا ريب فيه، فيه هدى)، فـ «فيه» الأول هو الخبر، وبإضمار العائد على «الكتاب» يتضح المعنى، وردَّ هذا أحمد بن جعفر وقال: لابدَّ من عائد، ويدل على خلاف ذلك قوله تعالى في سورة السجدة: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [السجدة: 2]؛ لأنَّه لا يوقف على «ريب» اتفاقًا؛ لأنهم يشترطون لصحة الوقف، صحة الوقف على نظير ذلك الموضع، وهذا تعسف من جماعة من النحاة أضمروا محلًّا متصلًا به خبر «لا»، واكتفى بالمحل؛ لأنَّ خبر «لا» التبرئة لا يستنكر إضماره في حال نصب الاسم ولا رفعه، نقول: (إن زرتنا فلا براحُ) بالرفع، و «إن زرتنا فلا براح»، بنصبه، وهم يضمرون في كلا الوجهين، وهذا غير بعيد في القياس عندهم ولو ظهر المضمر لقيل: (لا ريب فيه فيهِ هدى)، وهذا صحيح في العربية. والوقف على {فِيهِ} تام؛ إن رفع «هدى» بالابتداء، خبره محذوف، أو رفع بظرف محذوف غير المذكور تقديره: فيه فيهِ هدى، (وكاف) إن جعل خبر مبتدأ محذوف أي: هو، (وحسن) إن انتصب مصدرًا بفعل محذوف، وليس بوقف إن جعل «هدًى» خبرًا لـ «ذلك الكتاب» أو حالًا منه، أو من الضمير في «فيه» أي: هاديًا، أو من «ذلك»؛ ففي «هدى» ثمانية أوجه الرفع من أربعة، والنصب من أربعة. لِلْمُتَّقِينَ {(2)} تام؛ إن رفعت «الذين» بالابتداء، وفي خبره قولان أحدهما: «أولئك» الأولى، والثاني: «أولئك» الثانية، والواو زائدة، وهذان القولان منكران؛ لأنَّ و «الذين يؤمنون» يمنع كون «أولئك» الأولى خبرًا، ووجود الواو يمنع كون «أولئك» الثانية خبرًا أيضًا، والأولى تقديره محذوفًا، أي: «هم المذكورون»، (وحسن) إن نصب «الذين» بأعني أو أمدح أو أذكر؛ لأنَّ النصب إنما يكون بإضمار فعل، فنصبه بالفعل المضمر، وهو في النية عند ابتدائك بالمنصوب، فلا يكون فاصلًا بين العامل والمعمول؛ لأنَّك إذا ابتدأت بالمعمول فكأنك مبتدئ بالعامل معه، وتضمره حال ابتدائك بالمعمول،

وليس «المتقين» بوقف إن جر «الذين» صفة لهم، أو بدلًا منهم، أو عطف بيان؛ لأنه لا يفصل بين النعت والمنعوت، ولا بين البدل والمبدل منه؛ لأنهما كالشيء الواحد، ومن حيث كونه رأس آية يجوز، ففي محل «الذين» ثلاثة أوجه: 1 - الجر من ثلاثة: أ- وهو كونه صفة «للمتقين». ب- أو بدلًا منهم. ج- أو عطف بيان. 2 - والنصب من وجه واحد: وهو كونه مفعولًا لفعل محذوف. 3 - والرفع من وجهين: أ- كونه خبر المبتدأ محذوف. ب- أو مبتدأ والخبر ما ذكرناه فيما تقدم. بِالْغَيْبِ {} [3]، و {الصَّلَاةَ} [3] جائزان، والأولى وصلهما لعطف «يقيمون الصلاة» على «يؤمنون». ({يُنْفِقُونَ (3)} [3] تام؛ على استئناف ما بعده، و (كاف) إن جعل «الذين» الأول منصوبًا على المدح، أو مجرورًا على الصفة، أو مرفوعًا خبر مبتدأ محذوف، أي: هم المذكورون، فعلى هذه التقديرات الثلاث يكون «والذين يؤمنون» مستأنفًا جملة مستقلة من مبتدأ وخبر، ولا وقف من قوله: «والذين يؤمنون» إلى «يوقنون»، فلا يوقف على «أولئك»؛ لأنَّ «ما» الثانية عطف على «ما» الأولى، ولا على «من قبلك»؛ لأنها عطف على ما قبلها، ولا على «الآخرة»؛ لأنَّ الباء من صلة «يوقنون»، وموضع «بالآخرة» نصب بالفعل بعدها، وقدم المجرور اعتناءً به أو للفاصلة، وتقديم المفعول على الفعل يقطع النظم، وتقدير الكلام: «وهم يوقنون بالآخرة»، وإن جعل «الذين يؤمنون بالغيب» مبتدأ والخبر محذوفًا تقديره: هم المذكورون، و «الذين» الثاني عطفًا على «الذين» الأول -جاز الوقف على «من قبلك». يُوقِنُونَ {(4)} [4] تام؛ إن جعل «أولئك» مبتدأ خبره «على هدى من ربهم»، وليس بوقف إن جعل «الذين يؤمنون بالغيب» مبتدأ خبره «أولئك على هدى» للفصل بين المبتدأ والخبر، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {مِنْ رَبِّهِمْ} [5] ليس بوقف منصوص عليه فلا يحسن تعمده، فإن وقف عليه واقف جاز قاله العماني. {الْمُفْلِحُونَ (5)} [5] تام؛ وجه تمامه أنه انقضاء صفة «المتقين» وانقطاعه عما بعده لفظًا ومعنًى، وذلك أعلى درجات التمام، و «أولئك» مبتدأ أول و «هم» مبتدأ ثان، و «المفلحون» خبر الثاني والجملة خبر الأول، ويجوز أن يكون «هم» فصلًا، والخبر «المفلحون» فيكون من قبيل الإخبار بالمفرد، وهو أولى؛ إذ الأصل في الخبر الإفراد، ويجوز أن يكون بدلًا من «أولئك» الثانية، أو مبتدأ كما تقدم هذا ما يتعلق بالوقوف. وأما ما يتعلق بالرسم العثماني فقد اتفق علماء الرسم على حذف الألف التي بعد الذال التي

للإشارة في نحو: {ذلك}، و {ذَلِكُمْ} حيث وقع. ومن {ولكنه}، و {لكن} حيث وقع. ومن {أولئك}، و {أولئكم} حيث وقع. ورسموا: {أُولَئِكَ} بزيادة واو قبل اللام، قيل: للفرق بينها وبين «إليك» جارًّا ومجرورًا. قال أبو عمرو في (المقنع) (¬1): كل ما في القرآن من ذكر: {الْكِتَابُ}، و {كتاب} معرفًا ومنكرًا؛ فهو بغير ألف، إلَّا أربعة مواضع فإنها كتبت بالألف: أولها في الرعد: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد: 38]. وفي الحجر: {إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4]. وفي الكهف: {مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ} [الكهف: 27]. وفي النمل: {تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1)} [النمل: 1]. ورسموا الألف واوًا في: {الصَّلَاةَ}، و {الزَّكَاةَ}، و {الْحَيَاةِ}، و {وَمَنَاةَ}، حيث وقعت؛ لأنهم يرسمون ما لا يتلفظ به لحِكَمٍ ذكروها، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، فلا يسئل عنها، ولذا قالوا: خطان لا يقاس عليهما: 1 - خط المصحف الإمام. 2 - وخط العروض»، كما يأتي التنبيه على ذلك في محله. قال مجاهد (¬2): أربع آيات من أول البقرة في صفة المؤمنين، و «المفلحون» آخرها (¬3)، وآيتان في نعت الكفار، و «عظيم» آخرهما (¬4)، وفي المنافقين ثلاث عشرة آية كلها متصل بعضها ببعض، و «قدير» آخرها (¬5). ¬

_ (¬1) وهو: «المقنع في القراءات والتجويد»، وطبع باسم: «المقنع في معرفة رسوم مصاحف أهل الأمصار»، بتحقيق محمد أحمد دهمان - مطبعة الترقي بدمشق 1960. (¬2) مجاهد بن جبر، أبو الحجاج المكي، مولى بني مخزوم، تابعي، مفسر، وهو من أهل مكة، قال الذهبي: «شيخ القراء والمفسرين». أخذ التفسير عن ابن عباس، قرأه عليه ثلاث مرات، يقف عند كل آية يسأله: «فيم نزلت وكيف كانت؟»، وتنقل في الأسفار، واستقر في الكوفة، وكان لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب فنظر إليها: ذهب إلى: «بئر برهوت» بحضرموت، وذهب إلى: «بابل»، يبحث عن هاروت وماروت، أما كتابه في: «التفسير»، فيتقيه المفسرون، وسُئل الأعمش عن ذلك، فقال: «كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب»، يعني النصارى واليهود، ويقال: إنه مات وهو ساجد (ت104 هـ). انظر: الطبقات لابن سعد (5/ 466)، تاريخ البخاري (7/ 411)، تاريخ الإسلام (4/ 190)، البداية والنهاية (9/ 224). (¬3) وأما الآيات التي يقصدها، فهي من الآية رقم: (2: 5). (¬4) والآيات التي يقصدها، فهي من الآية رقم: (6: 7). (¬5) والآيات التي يقصدها، فهي من الآية رقم: (8: 20).

«إنَّ» حرف توكيد ينصب الاسم ويرفع الخبر، «الذين» اسمها، و «كفروا» صلة وعائد، و «لا يؤمنون» خبر، «إنَّ» وما بينهما جملة معترضة بين اسم «إنَّ» وخبرها، فعلى هذا الوقف على «لا يؤمنون» تام؛ وإن جعلت «سواء» خبر «إنَّ» كان الوقف على «أم لم تنذرهم» تامًّا أيضًا؛ لأنك أتيت بإنَّ واسمها وخبرها؛ كأنه قال: «لا يؤمنون أأنذرتهم أم لم تنذرهم»، فإن قلت: إذا جعلت «لا يؤمنون» خبر «إنَّ» فقد عم جميع الكفار، وأخبر عنهم على وجه العموم «أنهم لا يؤمنون»، قيل: الآية نزلت في قوم بأعيانهم، وقيل: عامة، نزلت في جميع الكفار، كأنه سَلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنْ أخبر عنهم أنَّ جميعهم لا يؤمنون، وإن بذل لهم نصحه، ولم يسلم من المنافقين أحد إلَّا رجلان، وكان مغموصًا عليهما في دينهما، أحدهما: أبو سفيان، والثاني: الحكم بن العاصي، وإن جعلت «سواء» مبتدأ، و «أنذرتهم» وما بعده في قوة التأويل بمفرد خبرًا، والتقدير: سواء عليهم الإنذار وعدمه -كان كافيًا. {أَأَنْذَرْتَهُمْ} [6] ليس بوقف؛ لأنَّ «أم لم تنذرهم» عطف عليه؛ لأنَّ ما قبل «أم» المتصلة وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر، وهما بمنزلة حرف واحد، وقيل: الوقف على «تنذرهم»، ثم يبتدئ «هم لا يؤمنون» على أنها جملة من مبتدأ وخبر، وهذا ينبغي أن يُردَّ ولا يلتفت إليه وإن كان قد نقله الهذلي (¬1) في الوقف والابتداء (¬2)، ومفعول «أأنذرتهم» الثاني محذوف تقديره: العذاب على كفرهم، وإن لم تجعل «لا يؤمنون» خبر «إنَّ» كان الوقف على «أم لم تنذرهم»، ويكون «ختم» حالًا متعلقًا بـ «لا يؤمنون» أي: لا يؤمنون خاتمًا الله على قلوبهم. قاله العماني، أي: لأنَّ «ختم» متعلق بالأول من جهة المعنى، وإن جعلته استئنافًا فادعاء عليهم، ولم تنو الحال -كان الوقف على «لا يؤمنون» تامًّا. {عَلَى قُلُوبِهِمْ} [7] صالح؛ إن قدرت الختم على القلوب خاصة، وإن قدرته بمعنى: «وختم على سمعهم» أيضًا لم يكن على «قلوبهم» وقفًا؛ لأنَّ الثاني معطوف على الأول. فإن قيل: إذا كان الثاني معطوفًا على الأول فلِمَ أعيد حرف الجر؟ فالجواب: إنَّ إعادة الحرف لمعنى المبالغة في الوعيد، أو أنَّ المعنى: «وختم على سمعهم» فحذف الفعل، وقام الحرف مقامه. {وَعَلَى سَمْعِهِمْ} [7] تام؛ إن رفعت «غشاوة» بالابتداء، أو بالظرف، أي: ترفع «غشاوة» بالفعل المضمر قبل الظرف؛ لأنَّ الظرف لا بد له أن يتعلق بفعل، إما ظاهر، أو مضمر، فإذا قلت: في الدار زيد ¬

_ (¬1) روح بن عبد المؤمن أبو الحسن الهذلي، مولاهم البصري النحوي، مقرئ جليل ثقة ضابط مشهور، عرض على يعقوب الحضرمي وهو من جُلة أصحابه، وروى الحروف عن أحمد بن موسى ومعاذ ابن معاذ وابنه عبيد الله بن معاذ ومحبوب كلهم عن أبي عمرو، وحماد بن شعيب صاحب خالد بن جبلة، عرض عليه الطيب بن الحسن بن حمدان القاضي وأبو بكر محمد بن وهب الثقفي ومحمد بن الحسن بن زياد وأحمد بن يزيد الحلواني وأحمد ابن يحيى، وسمع منه الحروف حسين بن بشر بن معروف الطبري، وروى عنه البخاري في صحيحه (ت234هـ). (¬2) أي: في كتابه «الوقف التمام».

فكأنك قلت: استقر في الدار زيد، وقال الأخفش والفراء (¬1): إنَّ معنى الختم قد انقطع ثم استأنف، فقال: «وعلى أبصارهم غشاوة»، وكرر لفظ «على»؛ ليشعر بتغاير الختمين، وهو إنَّ ختم القلوب غير ختم الأسماع، وقد فرَّق النحويون بين: مررت بزيد وعمرو، وبين مررت بزيد وبعمرو، فقالوا في الأول: وهو مرور واحد، وفي الثاني: هما مروران. وقرأ عاصم، وأبو رجاء العطاردي (¬2): {غِشَاوَةٌ} [7]، بالنصب (¬3) بفعل مضمر، أي: وجعل على أبصارهم غشاوة فلا يرون الحق. فحذف الفعل؛ لأنَّ ما قبله يدل عليه كقوله: يَا ليتَ زَوجَكِ قَد غَدا ... مُتَقَلِّدًا سَيفًا وَرُمحا (¬4) ¬

_ (¬1) يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي، مولى بني أسد، أبوزكرياء، المعروف بالفراء: إمام الكوفيين، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب، كان يقال: الفراء أمير المؤمنين في النحو، ومن كلام ثعلب: «لولا الفراء ما كانت اللغة»، ولد بالكوفة، وانتقل إلى بغداد، وعهد إليه المأمون بتربية ابنيه، فكان أكثر مقامه بها، فإذا جاء آخر السنة انصرف إلى الكوفة فأقام أربعين يومًا في أهله يوزع عليهم ما جمعه ويبرهم. وتوفي في طريق مكة، وكان مع تقدمه في اللغة فقيها متكلما، عالما بأيام العرب وأخبارها، وكان يتفلسف في تصانيفه، واشتهر بالفراء، ولم يعمل في صناعة الفراء، فقيل: «لأنه كان يفري الكلام»، ولما مات وجد «كتاب سيبويه» تحت رأسه، فقيل: «إنه كان يتتبع خطأه ويتعمد مخالفته»، من مصنفاته: المصادر في القرآن، آلة الكتاب، الوقف والابتداء، المقصور والممدود، واختلاف أهل الكوفة والبصرة والشام في المصاحف، (ت 207 هـ). انظر: وفيات الأعيان (2/ 228)، وغاية النهاية (2/ 371)، مراتب النحويين (ص: 86 – 89)، معجم الأدباء (20/ 9 14)، وأخبار النحويين البصريين (ص:51)، تذكرة الحفاظ (1/ 338). (¬2) أبو رجاء العطاردي، الإمام الكبير، شيخ الإسلام، عمران بن ملحان التميمي البصري، من كبار المخضرمين، أدرك الجاهلية، وأسلم بعد فتح مكة، ولم ير النبي - صلى الله عليه وسلم -، حدَّث عن عمر، وعلي، وعمران بن حصين، وعبد الله بن عباس، وسمرة بن جندب، وأبي موسى الأشعري - وتلقن عليه القرآن، ثم عرضه على ابن عباس، وهو أسن من ابن عباس، وكان خير التلاء لكتاب الله، قرأ عليه أبو الأشهب العطاردي وغيره، وحدَّث عنه: أيوب، وابن عون، وعوف الأعرابي، وسعيد بن أبي عروبة، وسلم بن زرير، وصخر بن جويرية، ومهدي بن ميمون، وخلق كثير (ت105هـ). انظر: الطبقات لابن سعد (7/ 138)، تاريخ البخاري (6/ 410)، تاريخ الإسلام (4/ 217). (¬3) لم يرد عن عاصم ولا عن رجاء النصب، وإنما الوارد هو الرفع فاعلمه. (¬4) والبيت من مجزوء الكامل، وهو لعبد الله بن الزبعرى (? - 15 هـ /? - 636 م) عبد الله بن الزبعرى السهمي القرشي، وأمه عاتكة الجمحية بنت عبد الله بن عمير، شاعر قريش في الجاهلية، وكان شديدًا على المسلمين إلى أن فتحت مكة، فهرب إلى نجران، فقال حسان فيه أبياتًا، فلما بلغته عاد إلى مكة فأسلم واعتذر ومدح النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر له بحلة، وقد سجل في شعره حادثة الفيل، وحرمة مكة ومنعتها، وتحدث عن حرب الفجار وبلاء بني المغيرة فيها، ومن الأحداث التي أثَّرت في نفسه وسجلَّها في شعره أن أناسًا من قُصَيّ دخلوا دار النَّدوة لبعض أمرهم، فأراد عبد الله أن يدخل معهم فيسمع مشورتهم فمنعوه فكتب شعرًا في باب النَّدوة، فلما أصبح الناس وقرؤوا شعره أنكروه وقالوا: (ما قالها إلا ابن الزبعرى)، فضربوه وحلقوا شعره وربطوه إلى صخرة بالحجون حتى أطلقه بنو عبد مناف، وروى كعب بن مالك في شعره يتهم الزبعرى أنه هجا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، غير أنه لم يرد في شعره ما يدل على ذلك. ذكره المبرد في الكامل في اللغة والأدب، وعبد القادر البغدادي في خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب.- الموسوعة الشعرية

أي: وحاملًا رمحًا؛ لأنَّ التقليد لا يقع على الرمح، كما أنَّ الختم لا يقع على العين، وعلى هذا يسوغ الوقف على «سمعهم»، أو على إسقاط حرف الجر، ويكون «وعلى أبصارهم» معطوفًا على ما قبله، أي: ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم بغشاوة، فلما حذف حرف الجر وصل الفعل إليه فانتصب كقوله: تَمُّرونَ الدِّيَارَ فَلَمْ تَعُوجُوا ... كَلَامُكُمْ عَلَيَّ إذًا حَرَامُ (¬1) أي: تمرون بالديار، وقال الفراء: أنشدني بعض بني أسد يصف فرسه: عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا ... حَتَّى غَدَتْ هَمَّالَة عَيْنَاهَا (¬2) فعلى هذا لا يوقف على سمعهم؛ لتعلق آخر الكلام بأوله، وقال آخر: إذا ما الغانياتُ برزنَ يومًا ... وزجّجنَ الحواجبَ والعيونَا (¬3) والعيون لا تُزَجَّج، وإنما تُكَحَّل، أراد: وكَحِّلْنَّ العيون، فجواز إضمار الفعل الثاني، وإعماله مع الإضمار في الأبيات المذكورة؛ لدلالة الفعل الأول عليه. {غِشَاوَةٌ} [7]، حسن؛ سواءً قُرِأ: «غشاوة» بالرفع، أو بالنصب (¬4). {عَظِيمٌ (7)} [7]، تام؛ لأنه آخر قصة الكفار. ورسموا: {أَأَنْذَرْتَهُمْ}، بألف واحدة كما ترى، وكذا جميع ما وقع من كل استفهام فيه ألفان أو ثلاثة؛ اكتفاء بألف واحدة كراهة اجتماع صورتين متفقتين، نحو: {أَأَمِنْتُمْ}، {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ}، {وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ}. ورسموا: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} بحذف الألف التي بعد الصاد. وحذفوا الألف التي بعد الشين في: {غِشَاوَةٌ}. ولا وقف من قوله: «ومن الناس» إلى قوله: «بمؤمنين»، فلا يوقف على «آمنا بالله»، ولا على «وباليوم الآخر»؛ لأنَّ الله أراد أن يعلمنا أحوال المنافقين أنهم يظهرون خلاف ما يبطنون، والآية دلت ¬

_ (¬1) والبيت من بحر الوافر، وقائله جرير كما سبق وأن بيناه. (¬2) هو من الرجز، مجهول القائل، وذكره ابن جني في كتابه: التمام في تفسير أشعار هذيل، عن أحمد بن يحي، وكذا ذكره عبد القادر البغدادي في خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب- الموسوعة الشعرية (¬3) والبيت مجهول القائل، وذكره أبو هلال العسكري في الصناعتين- الموسوعة الشعرية (¬4) الوارد في «غشاوة» هو الرفع عن الأئمة العشرة، ولم يرد النصب إلا شاذًا.

على نفى الإيمان عنهم، فلو وقفنا على «وباليوم الآخر»، لكُنَّا مخبرين عنهم بالإيمان، وهو خلاف ما تقتضيه الآية، وإنما أراد تعالى أن يُعْلِمَنا نفاقهم، وأنَّ إظهارهم للإيمان لا حقيقة له. {بِمُؤْمِنِينَ (8)} [8] تام؛ إن جعل ما بعده استئنافًا بيانيًّا؛ كأنَّ قائلًا يقول: ما بالهم قالوا آمنا ويظهرون الإيمان وما هم بمؤمنين؟! فقيل: «يخادعون الله». وليس بوقف إن جعلت الجملة بدلًا من الجملة الواقعة صلة لمن، وهي: يقول، وتكون من بدل الاشتمال؛ لأنَّ قولهم مشتمل على الخداع، أو حال من ضمير «يقول»، ولا يجوز أن يكون «يخادعون» في محل جر صفة لـ «مؤمنين»؛ لأنَّ ذلك يوجب نفي خداعهم، والمعنى: على إثبات الخداع لهم، ونفي الإيمان عنهم، أي: وما هم بمؤمنين مخادعين. وكل من الحال والصفة قيد يتسلط النفي عليه وعليهما، فليس بوقف، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {وَالَّذِينَ آَمَنُوا} [9] حسن؛ لعطف الجملتين المتفقتين مع ابتداء النفي، ومن قرأ: «وما يخدعون» بغير ألف بعد الخاء كان أحسن، وقرأ أبو طالوت عبد السلام بن شداد (¬1): {وما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ}، بضم الياء وسكون الخاء، ورفع «أنفسهم» بدلًا من الضمير في «يُخْدعون»؛ كأنه قال: وما يخدعون إلَّا أنفسهم، أو بفعل مضمر، كأنه قال: وما يخدعون إلا نخدعهم أنفسهم. ولا يجوز الوقف على «أنفسهم»؛ لأنَّ ما بعد «هم» جملة حالية من فاعل، «وما يخادعون»، أي: وما يخادعون إلَّا أنفسهم غير شاعرين بذلك؛ إذ لو شعروا بذلك ما خادعوا الله ورسوله والمؤمنين. وحذف مفعول «يشعرون» للعلم به، أي: وما يشعرون وبال خداعهم. {وَمَا يَشْعُرُونَ (9)} [9] كاف؛ ورسموا: {يَخْدَعُونَ} في الموضعين بغير ألف بعد الخاء كما ترى. {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [10] صالح؛ وقول ابن الأنباري: حسن ليس بحسن؛ لتعلق ما بعده به؛ لأنَّ الفاء للجزاء فهو توكيد. {مَرَضًا} [10] كاف؛ لعطف الجملتين المختلفتين. {أَلِيمٌ} [10] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «بما» متعلقة بالموصوف. {يَكْذِبُونَ (10)} [10] كاف؛ ولا وقف إلى: «مصلحون»، فلا يوقف على «تفسدوا»؛ لأنَّ «في الأرض» ظرف للفساد، ولا على «في الأرض»؛ لأنَّ «قالوا» جواب إذا، ولا على «قالوا»؛ لأنَّ «إنما نحن» حكاية. {مُصْلِحُونَ} [11] كاف؛ لفصله بين كلام المنافقين، وكلام الله عزَّ وجلَّ في الرد عليهم. {الْمُفْسِدُونَ} [12] ليس بوقف؛ لشدة تعلقه بما بعده عطفًا واستدراكًا. ¬

_ (¬1) روى القراءة عن أبيه، وروى القراءة عنه الحسن بن دينار، سُئل عنه أحمد بن حنبل فقال: «لا أعلمه إلا ثقة».

{لَا يَشْعُرُونَ (12)} [12] كاف. {النَّاسُ} [13] ليس بوقف؛ لأنَّ قالوا جواب إذا. {السُّفَهَاءُ} [13] الأول كاف؛ لحرف التنبيه بعده. {السُّفَهَاءُ} [13] الثاني ليس بوقف؛ للاستدراك بعده. {لَا يَعْلَمُونَ (13)} [13] أكفى، قال أبو جعفر: وهذا قريب من الذين قبله من جهة الفصل بين الحكاية عن كلام المنافقين، وكلام الله في الرد عليهم. {قَالُوا آَمَنَّا} [14]، ليس بوقف؛ لأنَّ الوقف عليه يوهم غير المعنى المراد، ويثبت لهم الإيمان، وإنما سمَّوهُ النطق باللسان إيمانًا، وقلوبهم معرضة، تورية منهم وإيهامًا، والله سبحانه وتعالى أطلع نبيه على حقيقة ضمائرهم، وأعلمه أنَّ إظهارهم للإيمان لا حقيقة له، وإنه كان استهزاءً منهم. {إِنَّا مَعَكُمْ} [14] ليس بوقف؛ إن جعل ما بعده من بقية القول، (وجائز) إن جعل في جواب سؤال مقدر تقديره: كيف تكونون معنا، وأنتم مسالمون أولئك بإظهار تصديقكم؟ فأجابوا: إنما نحن مستهزئون. {مُسْتَهْزِئُونَ (14)} [14] كاف؛ وقال أبو حاتم السجستاني: لا أحب الابتداء بقوله: «الله يستهزئ بهم»، ولا «والله خير الماكرين» حتى أصله بما قبله. قال أبو بكر بن الأنباري: ولا معنى لهذا الذي ذكره؛ لأنه يحسُن الابتداء بقوله: «الله يستهزئ بهم»، على معنى: الله يجهلهم ويخطئ فعلهم، وإنما فصل «الله يستهزئ بهم»، ولم يعطفه على «قالوا»؛ لئلَّا يشاركه في الاختصاص بالظرف، فيلزم أن يكون استهزاء الله بهم مختصًّا بحال خلوهم إلى شياطينهم، وليس الأمر كذلك. يَسْتَهْزِئُ {بِهِمْ} [15] صالح؛ ووصله أبين لمعنى المجازاة؛ إذ لا يجوز على الله الاستهزاء، وظهور المعنى في قول الله: «الله يستهزئ بهم» مع اتصاله بما قبله يظهر في حال الابتداء بضرب من الاستنباط، وفي حال الاتصال يظهر المعنى من فحوى الكلام، كذا وجه أبو حاتم، وأما وجه الوقف على «مستهزءون» فإنه معلوم أنَّ الله لا يجوز عليه معنى الاستهزاء، فإذا كان ذلك معلومًا عرف منه معنى المجازاة، أي: يجازيهم جزاء الاستهزاء بهم. وقيل معنى: «الله يستهزئ بهم» بجهلهم، وبهذا المعنى يكون الوقف على «يعمهون» كافيًا، وعلى الأول يكون تامًّا. انظر: النكزاوي. {يَعْمَهُونَ (15)} [15] كاف؛ لأنَّ {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى (16)} [16] منفصل لفظًا؛ لأنه مبتدأ وما بعده الخبر، ومتصل معنى؛ لأنه إشارة لمن تقدم ذكرهم. {بِالْهُدَى} [16] صالح؛ لأنَّ ما بعده بدون ما قبله مفهوم. {تِجَارَتُهُمْ} [16] أصلح. {مُهْتَدِينَ (16)} [16] كاف.

اتفق علماء الرسم على حذف الألف التي بعد اللام من: {أُولَئِكَ}، و {وأولئكم} حيث وقع، والألف التي بعد اللام من: {الضلالة}، والألف التي بعد الجيم من: {تِجَارَتُهُمْ} كما ترى. {نَارًا (17)} [17]، وكذا {مَا حَوْلَهُ (17)} [17] ليسا بوقف؛ لأنهما من جملة ما ضربه الله مثلًا للمنافقين بالمستوقد نارًا، وبأصحاب الصيب، والفائدة لا تحصل إلَّا بجملة المثل. {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [17] كاف؛ على استئناف ما بعده، وأن جواب «لما» محذوف تقديره: خمدت، وليس بوقف إن جعل هو وما قبله من جملة المثل. {لا يُبْصِرُونَ (17)} [17] كاف؛ إن رفع ما بعده خبر مبتدأ محذوف، أي: هم، وليس بوقف إن نصب على أنه مفعول ثان لـ «ترك»، وإن نصب على الذم جاز كقوله: سَقُونِي الخَمْرَ ثُمَّ تَكَنَّفُونِي ... عُدَاةَ اللهِ مِنْ كَذِبٍ وَزُورِ (¬1) فنصب «عداة» على الذم، فمنهم من شبه المنافقين بحال «المستوقد»، ومنهم من شبههم بحال ذوى صيب، أي: مطر، على أنَّ أو للتفصيل. {لَا يَرْجِعُونَ (18)} [18] صالح، وقيل: لا يوقف عليه؛ لأنه لا يتم الكلام إلَّا بما بعده؛ لأنَّ قوله: «أو كصيب» معطوف على «كمثل الذي استوقد نارًا»، أو كمثل أصحاب صيب، فـ «أو» للتخيير، أي: أبحناكم أن تشبهوا هؤلاء المنافقين بأحد هذين الشيئين أو بهما معًا، وليست للشك؛ لأنه لا يجوز على الله تعالى. {من السَّمَاءِ} [19] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: {فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ}، من صفة الصيب، وكذا «من الصواعق»؛ لأنَّ «حذر» مفعول لأجله، أو منصوب بـ «يجعلون»، وإن جعل «يجعلون» خبر مبتدأ محذوف، أي: هم يجعلون، حسُن الوقف على «برق». {حَذَرَ الْمَوْتِ} [19] حسن، وقيل: كاف. {بِالْكَافِرِينَ (19)} [19] أكفى. اتفق علماء الرسم على حذف الألف التي بعد الميم من: {ظُلُمَات}، وما شاكله من جمع المؤنث ¬

_ (¬1) وقائل هذا البيت عروة بن الورد العبسي في سلمى امرأته الغفارية، حيث رهنها على الشراب وقال في ذلك: وقالوا لست بعد فداء سلمى ... بمفنٍ ما لديك ولا فقير فلا والله لو ملكت أمري ... ومن لي بالتدبر في الأمور إذًا لعصيتهم في حب سلمى ... على ما كان من حسك الصدور فيا للناس كيف غلبت أمري ... على شيءٍ ويكرهه ضميري انظر: الأغاني لأبي فرج الأصبهاني، والكامل في اللغة والأدب للمبرد- الموسوعة الشعرية

السالم. وحذفوا الألف التي بعد الصاد من: {أَصَابِعَهُمْ}، والتي بعد الكاف من: {بالكافرين}، وما كان مثله من الجمع المذكر السالم: {الصالحين}، {وَالْقَانِتِينَ} ما لم يجئ بعد الألف همزة، أو حرف مشدد، نحو: {والسائلين}، و {الضالين} فتثبت الألف في ذلك اتفاقًا. {أَبْصَارِهِمْ} [7] حسن. {كُلَّمَا} [20] وردت في القرآن على ثلاثة أقسام: 1 - قسم مقطوع اتفاقًا من غير خلاف، وهو قوله تعالى: {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إبراهيم: 34]. 2 - وقسم مختلف فيه، وهو: {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ} [النساء: 91]، {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ} [الأعراف: 38]، {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا} [المؤمنون: 44]، {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} [الملك: 8]. 3 - وما هو موصول من غير خلاف، وهو: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} [البقرة: 20]. {مَشَوْا فِيهِ} [20] ليس بوقف؛ لمقابلة ما بعده له فلا يفصل بينهما. {قَامُوا} [20] حسن. وقال أبو عمرو: كاف. {وَأَبْصَارِهِمْ} [20] كاف؛ للابتداء بـ «إن». {قَدِيرٌ (20)} [20] تام؛ باتفاق؛ لأنه آخر قصة المنافقين. {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [21] كاف؛ إن جعل «الذي» مبتدأ، وخبره «الذي جعل لكم الأرض»، أو خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الذي، وحسُن إن نصب بمقدر، وليس بوقف إن جعل نعتًا لـ «ربكم»، أو بدلًا منه، أو عطف بيان. {خَلَقَكُمْ} [21] ليس بوقف؛ لأنَّ «والذين من قبلكم» معطوف على الكاف، وإن جعل «الذي جعل لكم» الثاني منصوبًا بـ «تتقون» كان الوقف على «والذين من قبلكم» حسنًا، وكان قوله: «لعلكم تتقون» ليس بوقف لفصله بين البدل والمبدل منه وهما كالشيء الواحد، ومن حيث كونه رأس آية يجوز، «الذي جعل لكم الأرض» يحتمل في «الذي» النصب والرفع؛ فالنصب من خمسة أوجه: 1 - نصبه على القطع. 2 - أو نعت لـ «ربكم». 3 - أو بدل منه. 4 - أو مفعول «تتقون». 5 - أو نعت النعت، أي: الموصول الأول. والرفع من وجهين: أحدهما: أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الذي. ] ثانيهما: [أو مبتدأ خبره: «فلا تجعلوا»، فإن جعل «الذي جعل لكم» خبرًا عن «الذي» الأول، أو نعتًا لـ «ربكم»، أو بدلًا من الأول، أو نعتًا، لم يوقف على «تتقون»، وإن جعل الثاني خبر مبتدأ محذوف،

أو في موضع نصب بفعل محذوف كان الوقف كافيًا. {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} [22] حسن؛ إن جعل ما بعده مستأنفًا، وليس بوقف؛ إن عطف على ما قبله، وداخلًا في صلة «الذي جعل لكم» فلا يفصل بين الصلة والموصول. {رِزْقًا لَكُمْ} [22] صالح، وليس بحسن؛ لأنَّ ما بعده متعلق بما قبله. {أَنْدَادًا} [22] ليس بوقف؛ لأنَّ جملة «وأنتم تعلمون» حال، وحذف مفعول «تعلمون»، أي: وأنتم تعلمون أنه إله واحد في التوراة والإنجيل. {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} [22] كاف. {مِنْ مِثْلِهِ} [23] جائز، وليس بوقف إن عطف «وادعوا» على «فأتوا بسورة». {صَادِقِينَ (23)} [23] كاف. {وَلَنْ تَفْعَلُوا} [24] ليس بوقف؛ لأنَّ «فاتقوا» جواب الشرط،، وقوله: «ولن تفعلوا» معترضة بين الشرط وجزائه، وحذف مفعول «لم تفعلوا ولن تفعلوا» اختصارًا، والتقدير: فإن لم تفعلوا الإتيان بسورة من مثله، ولن تفعلوا الإتيان بسورة من مثله. والوقف على «النار» لا يجوز؛ لأن التي صفة لها. {النَّاسُ} [24] صالح؛ لما ورد أنَّ أهل النار إذا اشتد أمرهم يبكون ويشكون، فتنشأ لهم سحابة سوداء مظلمة فيرجون الفرج، ويرفعون الرءوس إليها فتمطرهم حجارة كحجارة الزجاج، وتزداد النار إيقادًا والتهابًا. وقيل: الوقف على {وَالْحِجَارَةُ} [24] حسن، إن جعل «أعدت» مستأنفًا، أي: هي أعدت. قال ابن عباس: هي حجارة الكبريت؛ لأنها تزيد على سائر الأحجار بخمس خصال: 1 - سرعة وقودها. 2 - وبطء طفئها. 3 - ونتن ريحها. 4 - وزرقة لونها. 5 - وحرارة جمرها. {لِلْكَافِرِينَ (24)} [24] تام. {الْأَنْهَارُ} [25] حسن؛ إن جعلت الجملة بعدها مستأنفة؛ كأنه قيل: لما وصفت الجنات ما حالها؟ فقيل: كلما رزقوا قالوا؛ فليس لها محل من الإعراب، وقيل: محلها رفع، أي: هي كلما ... ، وقيل: ومحلها نصب على الحال، وصاحبها إما «الذين آمنوا»، وإما «جنات»، وجاز ذلك وإن كانت نكرة؛ لأنها تخصصت بالصفة، وعلى هذين تكون حالًا مقدرة؛ لأنَّ وقت البشارة بالجنات لم يكونوا مرزوقين ذلك، وقيل: صفة لـ «جنات» أيضًا، وعلى كون الجملة حالًا أو صفة لا يكون حسنًا. {رِزْقًا} [25] ليس بوقف؛ لأنَّ قالوا: جواب «كلما». {مِنْ قَبْلُ} [25] جائز. {مُتَشَابِهًا} [25] قال أبو عمرو: كاف، ومثله: «مطهرة»، إن جعل ما بعده مستأنفًا. {خَالِدُونَ (25)} [25] تام.

وكتبوا {كلما} [25]، هنا و {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ} [20]، متصلة. وحذفوا: الألف التي بعد النون من: {جَنَّاتٍ} [25]. والألف التي بعد الهاء من: {الْأَنْهَارُ} [25]. والألف التي بعد الشين من: {مُتَشَابِهًا} [25]. والألف التي بعد الخاء من: {خالدون (25)} [25] كما ترى «مثلًا ما بعوضة» يُبنى الوقف على «ما» وعدمه على اختلاف القراء والمعربين لـ «ما». و {بَعُوضَةً} [26]، قُرئ: «بعوضة» بالرفع، والنصب، والجر (¬1)؛ فنصبها من سبعة أوجه: 1 - كونها منصوبة بفعل محذوف، تقديره: أعني بعوضة. 2 - أو صفة لـ «ما». 3 - أو عطف بيان لـ «مثلًا». 4 - أو بدلًا منه. 5 - أو مفعولًا بـ «يضرب»، و «مثلًا» حال تقدمت عليها. 6 - أو مفعولًا ثانيًا لـ «يضرب». 7 - أو منصوبة على إسقاط «بين»، والتقدير: ما بين بعوضة، فلما حذفت «بين» أعربت «بعوضة» كإعرابها، أنشد الفراء: يا أَحسَنَ النَّاسِ ما قَرْنًا إِلى قَدَمٍ ... ولا حبالَ مُحبٍّ واصلٍ تَصِلُ (¬2) أراد: ما بين قرن إلى قدم، وعليه لا يصلح الوقف على «ما»؛ لأنه جعل إعراب «بين» فيما بعدها؛ ليعلم أنَّ معناها مراد فـ «بعوضة» في صلة «ما». ورفعها، أي: «بعوضةٌ» من ثلاثة أوجه: 1 - كونها خبر المبتدأ محذوف، أي: ما هي بعوضة. 2 - أو أنَّ «ما» استفهامية، و «بعوضة» خبرها، أي: أيُّ شيء بعوضة. 3 - أو المبتدأ محذوف، أي: هو بعوضة. وجرها من وجه واحد: 1 - وهي كونها، أي: «بعوضة» بدلًا من «مثلًا»، على توهم زيادة الباء والأصل: «إن الله لا يستحي بضرب مثل بعوضة»، وهو تعسف ينبو عنه بلاغة القرآن العظيم، والوقف يبين المعنى المراد. فمن رفع «بعوضةٌ» على أنها مبتدأ محذوف الخبر، أو خبر مبتدأ محذوف، كان الوقف على «ما» تامًّا، ومن نصبها، أي: «بعوضةً» بفعل محذوف كان كافيًا؛ لعدم تعلق ما بعدها بما قبلها لفظًا لا معنى، وكذلك يكون الوقف على «ما» كافيًا؛ إذا جعلت «ما» توكيد؛ لأنها إذا جعلت تأكيدًا لم يوقف على ما ¬

_ (¬1) لم يرد متواترًا سوى النصب، وهو بالإجماع عن الإئمة العشرة، وما عدا ذلك فهو شاذ، ولم أقف على قراءة الجر، وأما قراءة الرفع فرويت عن: الضحاك، وقطرب، ورؤبة ابن العجاج، وإبراهيم بن أبي عبلة، وزاد بعضهم: مالك ابن دينار، وابن السماك. انظر: الإعراب للنحاس (1/ 153)، البحر المحيط (1/ 123)، تفسير القرطبي (1/ 243)، المحتسب لابن جني (1/ 64)، تفسير الرازي (1/ 238). (¬2) ذكره عبد القادر البغدادي في خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب- الموسوعة الشعرية

قبلها، وأما لو نصبت «بعوضةً» على الاتباع لـ «ما»، ونصبت «ما» على الاتباع لـ «مثلًا» فلا يحسن الوقف على «ما»؛ لأنَّ «بعوضة» متممة لـ «ما»، كما لو كانت «بعوضة» صفة لـ «ما»، أو نصبت بدلًا من «مثلًا»، أو كونها على إسقاط الجار، أو على أنَّ «ما» موصولة؛ لأنَّ الجملة بعدها صلتها، ولا يوقف على الموصول دون صلته، أو أنَّ «ما» استفهامية و «بعوضة» خبرها، أو جرت «بعوضة» بدلًا من «مثلًا»، ففي هذه الأوجه السبعة لا يوقف على «ما»؛ لشدة تعلق ما بعدها بما قبلها، وإنما ذكرت هذه الأوجه هنا لنفاستها؛ لأنها مما ينبغي تحصيله وحفظه هذا ما أردناه أثابنا الله على ما قصدناه وهذا الوقف جدير بأن يخص بتأليف. {فَمَا فَوْقَهَا} [26] كاف. {مِنْ رَبِّهِمْ} [26] جائز؛ لأنَّ «أما» الثانية معطوفة على الأولى؛ لأنَّ الجملتين وإن اتفقتا فكلمة «أما» للتفصيل بين الجمل. {بِهَذَا مَثَلًا} [26] كاف؛ على استئناف ما بعده جوابًا من الله للكفار، وإن جعل من تتمة الحكاية عنهم كان جائزًا. {كَثِيرًا} [26] الثاني حسن، وكذا {الْفَاسِقِينَ (26)} [26] على وجه، وذلك أنَّ في «الذين» الحركات الثلاث: الجر من ثلاثة أوجه: 1 - كونه صفة ذم «للفاسقين». 2 - أو بدلًا منهم. 3 - أو عطف بيان. والنصب من وجه واحد، وهو كونه مفعولًا لفعل محذوف. والرفع من وجهين: 1 - كونه خبر مبتدأ محذوف. 2 - أو مبتدأ، والخبر جملة «أولئك هم الخاسرون»، فإن رفع بالابتداء كان الوقف على «الفاسقين» تامًّا؛ لعدم تعلق ما بعده بما قبله لا لفظًا ولا معنى، وإن رفع خبر مبتدأ، أي: هم الذين، كان كافيًا، وإن نصب بتقدير: أعني، كان حسنًا، وليس بوقف إن نصب صفة «للفاسقين»، أو بدلًا منهم، أو عطف بيان، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {مِيثَاقِهِ} [27] جائز؛ لعطف الجملتين المتفقتين. {في الْأَرْضِ} [27] صالح، إن لم يجعل «أولئك» خبر «الذين»، وإن جعل خبرًا عن «الذين» لم يوقف عليه؛ لأنه لا يفصل بين المبتدأ وخبره. {الْخَاسِرُونَ (27)} [27] تام. {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [28] ليس بوقف؛ لأنَّ بعده واو الحال، فكأنه قال: كيف تكفرون بالله؟ والحال: إنكم تقرون أنَّ الله خالقكم ورازقكم. {فَأَحْيَاكُمْ} [28] كاف عند أبي حاتم؛ على أنَّ ما بعده مستأنف، وبخهم بما يعرفونه ويقرون به، وذلك أنهم كانوا يقرون بأنهم كانوا أمواتًا؛ إذ كانوا نطفًا في أصلاب آبائهم، ثم أُحيوا من النطف ولم يكونوا يعترفون بالحياة بعد الموت، فقال تعالى موبخًا لهم: «كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتًا

فأحياكم»، ثم ابتدأ، فقال: «ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون»، وقيل: «ثم يميتكم» ليس مستأنفًا، وقال أبو حاتم: مستأنف، وإنَّ «ثم»؛ لترتيب الأخبار، أي: ثم هو يميتكم، وإذا كان كذلك، كان ما بعدها مستأنفًا، قال الحلبي على الأزهرية: إذا دخلت «ثم» على الجمل لا تفيد الترتيب. وقد خطَّأ ابن الأنباري أبا حاتم، واعترض عليه اعتراضًا لا يلزمه، ونقل عنه: إنَّ الوقف على قوله: «فأحياكم» فأخطأ في الحكاية عنه، ولم يفهم عن الرجل ما قاله، وقوله: إنَّ القوم لم يكونوا يعترفون بأنهم كفار، ليس بصحيح، بل كانوا مقرين بالكفر، مع ظهور البراهين والحجج ومعاينتهم إحياء الله البشر من النطف، ثم إماتته إياهم. {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [28] حسن. {تُرْجَعُونَ (28)} [28] تام. {جَمِيعًا} [29] حسن؛ لأنَّ «ثم» هنا وردت على جهة الإخبار؛ لتعداد النعم، لا على جهة ترتيب الفعل، كقوله: الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم، فتجاوز هذا، ووصله أحسن. {سَبْعَ سَمَوَاتٍ} [29] كاف. {عَلِيمٌ (29)} [29] تام، ورسموا «فأحييكم» بالياء، قال أبو عمرو في باب ما رسم بالألف من ذوات الياء من الأسماء والأفعال، فقال: يكتب بالياء على مراد الإمالة سواء اتصل بضمير، أم لا، نحو: «المرضى» و «الموتى»، و «أحديها» و «مجريها»، و «آتيكم» و «آتيه» و «آتيها»، و «لا يصليها». واتفقوا على حذف الألفين من لفظ: «السموت»، و «سموت» حيث وقع، وسواء كان معرفًا أو منكرًا إلَّا في سورة فصلت، فإنهم اتفقوا على إثبات الألف التي بين الواو والتاء في قوله: {سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12]. {خَلِيفَةً} [30] قيل: تام، ورد بأن ما بعده جواب له، ووصله أولى. {الدِّمَاءَ} [30] حسن؛ لأنه آخر الاستفهام. {وَنُقَدِّسُ لَكَ} [30] أحسن. {مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)} [30] تام، قيل: علم الله من إبليس المعصية قبل أن يعصيه، وخلقه لها ولا وقف من قوله: «وعلم» إلى «ما علمتنا» فلا يوقف على «الملائكة»؛ لأنَّ «قال» متعلق بما قبله، ولا على «صادقين»؛ لأنَّ «قالوا سبحانك» جواب «الملائكة»، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {(إِلَّامَا عَلَّمْتَنَا} [32] حسن. {الْحَكِيمُ} [32] كاف. {بأسمائهم} [33] الأول حسن. والثاني ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «قال ألم أقل لكم» جواب لـ «ما». {وَالْأَرْضِ} [33] جائز.

{تَكْتُمُونَ} [33] تام. {اسْجُدُوا لِآَدَمَ} [34] صالح، وقيل: لا يوقف عليه للفاء. {إِلَّا إِبْلِيسَ} [34] أصلح؛ لأنَّ «أبى واستكبر» جملتان مستأنفتان جوابًا لمن قال: فما فعل؟ وهذا التقدير يرقيه إلى التام. وقال أبو البقاء (¬1): في موضع نصب على الحال من «إبليس» أي: ترك السجود كارهًا ومستكبرًا؛ فالوقف عنده على «واستكبر». {الْكَافِرِينَ (34)} [34] كاف؛ على استئناف ما بعده، وجائز إن جعل معطوفًا على ما قبله. فائدة: أخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن ضمرة قال: بلغني أن أول من سجد لآدم إسرافيل، فأثابه الله أن كتب القرآن في جبهته. اهـ من (الحبائك). {الْجَنَّةَ} [35] جائز، ومثله {حَيْثُ شِئْتُمَا} [35] على استئناف النهي. {الظَّالِمِينَ (35)} [35] كاف، وقيل: حسن؛ لأنَّ الجملة بعده مفسرة لما أجمل قبلها. {فِيهِ} [36] حسن؛ لعطف الجملتين المتفقتين. {اهْبِطُوا} [36] حسن، إن رفع «بعضكم» بالابتداء، وخبره «لبعض عدو»، وليس بوقف إن جعل ما بعده جملة في موضع الحال من الضمير في «اهبطوا» أي: اهبطوا متباغضين بعضكم لبعض عدو، والوقف على {عَدُوٌّ} [36] أحسن. {إِلَى حِينٍ (36)} [36] كاف. {كَلِمَاتٍ} [37] ليس بوقف؛ لأن الكلمات كانت سببًا لتوبته. {فَتَابَ عَلَيْهِ} [37] كاف. {الرَّحِيمُ (37)} [37] تام. {مِنْهَا جَمِيعًا} [38] حسن، ولا وقف من قوله: «فأما» إلى «عليهم»؛ فلا يوقف على «هدى»، ولا ¬

_ (¬1) عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي، أبو البقاء، محب الدين: عالم بالأدب واللغة والفرائض والحساب، أصله من عكبرا (بليدة على دجلة)، ومولده ووفاته ببغداد، أصيب في صباه بالجدري، فعمي، وكانت طريقته في التأليف أن يطلب ما صنف من الكتب في الموضوع، فيقرأها عليه بعض تلاميذه، ثم يملي من آرائه وتمحيصه وما علق في ذهنه، من كتبه: شرح ديوان المتنبي، واللباب في علل البناء والإعراب، وشرح اللمع لابن جني، والتبيان في إعراب القرآن، ويسمى: إملاء ما منَّ به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن، والترصيف في الترصيف، وترتيب إصلاح المنطق، واسمه: المشوف في ترتيب الإصلاح، لابن السكيت، على حروف المعجم، وإعراب الحديث -على حروف المعجم، والمحصل في شرح المفصل للزمخشري، والتلقين -في النحو، وشرح المقامات الحريرية، والموجز في إيضاح الشعر الملغز، والاستيعاب في علم الحساب، (ت 616 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (4/ 80).

على «هداي»؛ لأنَّ «فمن تبع» جواب «أما» فلا يُفصَل بين الشرطين، وهما «إن، ومن» وجوابهما، وقال السجاوندي: جواب الأول وهو «إن» محذوف، تقديره: فاتبعوه، وجواب «من» «فلا خوف عليهم»، والوقف على «عليهم» -حينئذ- جائز. {يَحْزَنُونَ (38)} [38] تام. {أَصْحَابُ النَّارِ} [39] صالح؛ بأن يكون «هم فيها» مبتدأ وخبرًا بعد خبر لـ «أولئك»، نحو: الرمان حلو حامض. {خَالِدُونَ (39)} [39] تام، اتفق علماء الرسم على حذف الألف بعد الياء من «آيتنا، وآيت الله، وآيتي، والآيت» حيث وقع، وسواء كان معرفًا بالألف واللام، أو منكرًا، واستثنوا من ذلك موضعين في سورة يونس: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ} [15]، و {إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آَيَاتِنَا} [21] فاتفقوا على إثبات الألف فيهما، وحذفوا الألف التي بعد الخاء في «خلدون» حيث وقع كما ترى. {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [40] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «اذكروا» أمر لهم وما قبله تنبيه عليهم. {أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [40] جائز، ومثله «أوف بعهدكم»، وقيل: لا يوقف عليه؛ لإيهام الابتداء بـ «إياي» أنه أضاف الرهبة إلى نفسه في ظاهر اللفظ، وإن كان معلومًا أن الحكاية من الله، والمراد بالعهد الذي أمرهم بالوفاء به: هو ما أخذ عليهم في التوراة من الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وما أمرهم به على ألسنة الرسل؛ إذ كان اسمه - صلى الله عليه وسلم - وصفاته -موجودة عندهم في التوراة، والإنجيل. {فَارْهَبُونِ (40)} [40] كاف. {(لِمَامَعَكُمْ} [41] جائز. {كَافِرٍ بِهِ} [41] حسن، والضمير في «به» للقرآن، أو للتوراة؛ لأنَّ صفة محمد - صلى الله عليه وسلم - فيها فبكتمانهم لها صاروا كفارًا بالتوراة، فنهوا عن ذلك الكفر. {ثَمَنًا قَلِيلًا} [41] جائز، وفيه ما تقدم من الإيهام بالابتداء بـ «إياي». {فَاتَّقُونِ (41)} [41] كاف. {بِالْبَاطِلِ} [42] ليس بوقف؛ لأنه نهى عن اللبس والكتمان معًا، أي: لا يكن منكم لبس ولا كتمان؛ فلا يفصل بينهما بالوقف. {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)} [42] تام. {الزَّكَاةَ} [43] جائز. {الرَّاكِعِينَ (43)} [43] تام، اتفق علماء الرسم على حذف الألف بعد (يا) النداء من قوله: «يبني، أو يبني آدم» حيث وقع، وكذا حذفوا الألف التي بعد الباء من «البطل» كما ترى، ورسموا الألف واوًا في «الصلوة، والزكوة، والنجوة، ومنوة، والحيوة» كما تقدم، وحذفوا الألف بعد الراء من «الراكعين»

كما ترى. {الْكِتَابَ} [44] حسن، والكتاب: التوراة. {أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)} [44] تام، ومفعول «تعقلون» محذوف، أي: قبح ما ارتكبتم من ذلك. {وَالصَّلَاةِ} [45] حسن. {الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ} [45، 46]، و «الذين» يحتمل الحركات الثلاث -فتام إن رفع موضعه، أو نصب، وليس بوقف إن جُرَّ نعتًا لما قبله. {مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [46] ليس بوقف؛ لأنَّ «وأنهم» معطوف على «أنَّ» الأولى، فلا يفصل بينهما بالوقف. {رَاجِعُونَ (46)} [46] تام؛ للابتداء بعد بالنداء. {أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [47] ليس بوقف؛ لأنَّ «وأني» وما فيها حيزها -في محل نصب؛ لعطفها على المفعول وهو «نعمتي»، كأنه قال: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، وتفضيلي إياكم على العالمين. والوقف على {الْعَالَمِينَ (47)} [47] حسن غير تام؛ لأنَّ قوله: «واتقوا يومًا» عطف على «اذكروا نعمتي» لا استئناف. والوقف على {شَيْئًا} [48]، وعلى {عَدْلٌ} [48] جائز. {يُنْصَرُونَ (48)} [48] كاف إن علق «إذ» باذكروا مقدرًا مفعولًا به، فيكون من عطف الجمل، وتقديره: واذكروا إذ أنجيناكم. {مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ} [49] ليس بوقف؛ لأنَّ «يسومونكم» حال من «آل فرعون»، ولا يفصل بين الحال وذيها بالوقف، وإن جعل مستأنفًا جاز. {سُوءَ الْعَذَابِ} [49] ليس بوقف؛ لأنَّ «يذبحون» تفسير لـ «يسومونكم»، ولا يوقف على المفسَّر دون المفسِّر، وكذلك لو جعل جملة «يذبحون» بدلًا من «يسومونكم» لا يوقف على ما قبله؛ لأنَّه لا يفصل بين البدل والمبدل منه. {نِسَاءَكُمْ} [49] حسن. {عظيم (49)} [49] كاف، ومثله «تنظرون» قال جبريل: يا محمد ما أبغضت أحدًا كفرعون، لو رأيتني وأنا أدس الطين في فيِّ فرعون مخافة أن يقول كلمة يرحمه الله بها. {تهتدون (51)} [51] كاف، ومثله «تشكرون» إن علق «إذ» باذكر مقدرًا، وليس بوقف إن عطف على ما قبله، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {تَهْتَدُونَ (53)} [53] كاف. {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [54] حسن إن كانت التوبة في القتل، فيكون «فاقتلوا» بدلًا من «فتوبوا».

{عِنْدَ بارِئِكُم} [54] كاف إن كانت الفاء في قوله: «فتاب» متعلقة بمحذوف، أي: فامتثلتم وفعلتم فتاب عليكم، أو قتلكم فتاب عليكم. {فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [54] كاف. {الرَّحِيمُ (54)} [54] أكفى منه، وقال أبو عمرو: تام. فائدة: ذُكِر موسى في القرآن في مائة وعشرين موضعًا {نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [55] جائز، و «جهرة» مصدر نوعي في موضع الحال من الضمير في «نرى»، أي: ذوي جهرة أو جاهرين بالرؤية. {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55)} [55]، و {تَشْكُرُونَ (56)} [56]، و {وَالسَّلْوَى} [57] و {رَزَقْنَاكُمْ} [57] كلها حسان. {يَظْلِمُونَ (57)} [57] كاف. {خَطَايَاكُمْ} [58] حسن. {الْمُحْسِنِينَ (58)} [58] كاف. {قِيلَ لَهُمْ} [59] جائز، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن علق بما قبله. {مِنَ السَّمَاءِ} [59] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده متعلق بما قبله. {يَفْسُقُونَ (59)} [59] تام، ورسموا: «خطاياكم» بوزن: قضاياكم، وبها قرأ أبو عمرو هنا، وفي نوح «مما خطاياهم» بألف قبل الياء وألف بعدها في اللفظ محذوفة في الخط (¬1)، جمع تكسير مجرورًا بالكسرة المقدرة على الألف وهو بدل من ما، وقرأ الباقون: «خطيآتكم، ومما خطيآتهم» بالياء والهمز والتاء (¬2)، جمع تصحيح مجرورًا بالكسرة الظاهرة، ورسموا «يا قوم اذكروا، يا قوم استغفروا، يا عباد فاتقون» من كل اسم منادى أضافه المتكلم إلى نفسه بلا ياء -فالياء منه ساقطة وصلًا ووقفًا اتباعًا للمصحف الإمام. {الْحَجَرَ} [60] جائز، وإنما انحطت مرتبته؛ لأنَّ الفاء داخلة على الجزاء المحذوف، والتقدير: فضرب فانفجرت، وكانت العصا من آس الجنة طولها عشرة أذرع على طول موسى، لها شعبتان يتقدان في الظلمة نورًا. {عَيْنًا} [60] حسن. {مَشْرَبَهُمْ} [60] أحسن منه. {مِنْ رِزْقِ اللَّهِ} [60] صالح. ¬

_ (¬1) انظر: هذه القراءة في: السبعة (ص: 156). (¬2) انظر: المصادر السابقة.

{مُفْسِدِينَ (60)} [60] كاف. {وَبَصَلِهَا} [61] حسن غير تام؛ لأنَّ «أتستبدلون» الآية فيها جملتان: الأولى من كلام الله لبني إسرائيل على جهة التوبيخ فيما سألوه، وقيل: من كلام موسى؛ وذلك أنه غضب لما سألوه هذا، فقال: «أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير»، والثانية: وهي «اهبطوا مصرًا» من كلام الله، وهذا هو المشهور، وعليه فيكون الوقف على {خَيْرٌ} [61] تامًّا؛ لأنهما كلامان، ومن جعلهما كلامًا واحدًا كان الوصل أولى. {مَا سَأَلْتُمْ} [61] حسن، ويقارب التام؛ لأنَّ الواو بعده للاستئناف، وليست عاطفة. {وَالْمَسْكَنَةُ} [61] حسن. {مِنَ اللَّهِ} [61] أحسن منه. {بِغَيْرِ الْحَقِّ} [61] كاف. {يَعْتَدُونَ (61)} [61] تام، ولا وقف من قوله: «إن الذين آمنوا» إلى قوله: «عند ربهم»، فلا يوقف على «هادوا»، ولا على «الصابئين»، ولا على «صالحًا»؛ لأنَّ «فلهم» خبر «إن»؛ فلا يفصل بين اسمها وخبرها. {عِنْدَ رَبِّهِمْ} [62] كاف؛ على أنَّ الواوين بعده للاستئناف، وليس بوقف إن جعلتا للعطف. {يَحْزَنُونَ (62)} [62] تام؛ إن علق «إذ» باذكر مقدرًا، وجائز إن عطف ما بعده على ما قبله. {فَوْقَكُمُ الطُّورَ} [63] حسن؛ على مذهب البصريين؛ لأنهم يضمرون القول، أي قلنا: «خذوا ما آتيناكم بقوة»، فهو منقطع مما قبله، والكوفيون يضمرون أنْ المفتوحة المخففة، تقديره: أن خذوا، فعلى قولهم لا يحسن الوقف على «الطور». {بِقُوَّةٍ} [63] جائز. {تَتَّقُونَ (63)} [63] تام. {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} [64] جائز، قوله: «من بعد ذلك» أي: من بعد قيام التوراة، أو من بعد الميثاق، أو من بعد الأخذ. {الْخَاسِرِينَ (64)} [64] تام، ومثله «خاسئين». {لِلْمُتَّقِينَ (66)} [66] كاف، إن علق «إذ» باذكر مقدرًا، فيكون محل «إذ» نصبًا بالفعل المقدر، وصالح إن عطف على قوله: «اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم»؛ لتعلق المعطوف بالمعطوف عليه. {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [67] حسن، ومثله «هزوًا» بإبدال الهمزة واوًا اتباعًا لخط المصحف الإمام. {مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)} [67] كاف. {مَا هِيَ} [68] حسن.

{وَلَا بِكْرٌ} [68] كاف، إن رفع «عوان» خبر مبتدأ محذوف، أي: هي عوان، فيكون منقطعًا من قوله: «لا فارض ولا بكر»، وليس بوقف إن رفع على صفة لـ «بقرة»؛ لأنَّ الصفة والموصوف كالشيء الواحد، فكأنه قال: إنها بقرة عوان قاله الأخفش، قال أبو بكر بن الأنباري: وهذا غلط؛ لأنها إذا كانت نعتًا لها لوجب تقديمها عليهما، فلما لم يحسن أن تقول: إنها بقرة عوان بين ذلك لا فارض ولا بكر -لم يجز؛ لأنَّ ذلك كناية عن الفارض والبكر، فلا يتقدم المكنى على الظاهر فلما بطل في المتقدم بطل في المتأخر، انظر السخاوي، وكررت «لا»؛ لأنها متى وقعت قبل خبر، أو نعت، أو حال -وجب تكريرها، تقول، زيد لا قائم ولا قاعد، ومررت به لا ضاحكًا ولا باكيًا، ولا يجوز عدم التكرار إلَّا في الضرورة خلافًا للمبرد، وابن كيسان (¬1). {بَيْنَ ذَلِكَ} [68] كاف، وكذا «ما تؤمرون»، ومثله «ما لونها». والوقف على {صَفْرَاءُ} [69] حسن غير تام؛ لأن «فاقع لونها» من نعت البقرة، وكذا «فاقع لونها»؛ لأنه نعت البقرة، ومن وقف على «فاقع»، وقرأ (¬2): «يَسُرُّ» بالتحتية صفة للون لا للبقرة لم يقف على «لونها»؛ لأن الفاقع من صفة الأصفر لا من صفة الأسود، واختلف الأئمة في «صفراء»، قيل: من الصفرة المعروفة ليس فيها سواد ولا بياض، حتى قرنها وظلفها أصفران، وقيل: صفراء بمعنى سوداء. {(لَوْنُهَا} [69] جائز. {النَّاظِرِينَ (69)} [69] كاف. {مَا هِيَ} [70] جائز، ومثله «تشابه علينا». {لَمُهْتَدُونَ (70)} [70] كاف، ومثله «لا ذلول» إن جعل «تثير» خبر مبتدأ محذوف، وقال الفراء: لا يوقف على «ذلول»؛ لأنَّ المعنى ليست بذلول فلا تثير الأرض؛ فالمثيرة هي الذلول، قال أبو بكر، وحُكي عن السجستاني أنه قال: الوقف «لا ذلول»، والابتداء «تثير الأرض»، وقال: هذه البقرة وصفها الله بأنها تثير الأرض ولا تسقي الحرث، قال أبو بكر: وهذا القول عندي غير صحيح؛ لأنَّ التي تثير الأرض لا يعدم منها سقي الحرث، وما روي عن أحد من الأئمة: إنهم وصفوها بهذا الوصف ولا ادَّعوا لها ما ذكره هذا الرجل، بل المأثور في تفسيرها: ليست بذلول فتثير الأرض وتسقي الحرث، وقوله أيضًا يفسد بظاهر الآية؛ لأنها إذا أثارت الأرض كانت ذلولًا، وقد نفى الله هذا ¬

_ (¬1) محمد بن أحمد بن إبراهيم، أبو الحسن، المعروف بابن كيسان: عالم بالعربية، نحوًا ولغة، من أهل بغداد، أخذ عن المبرد وثعلب، من كتبه: تلقيب القوافي وتلقيب حركاتها، والمهذب -في النحو، وغريب الحديث، ومعاني القرآن، والمختار في علل النحو (ت299 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (5/ 308). (¬2) وهي قراءة شاذة، ولم أعثر عليها في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها.

الوصف عنها، فقول السجستاني لا يؤخذ به ولا يعرج عليه. والوقف على {تُثِيرُ الْأَرْضَ} [71] كاف، ومثله «الحرث» إن جعل ما بعدهما خبر مبتدأ محذوف. {لَا شِيَةَ فِيهَا} [71] أكفى منهما. {بِالْحَقِّ} [71] جائز؛ لأن «فذبحوها» عطف على ما قبله، ولا يوقف على «كادوا»؛ لأن خبرها لم يأتِ. {يَفْعَلُونَ (71)} [71] كاف. {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} [72] حسن. {تَكْتُمُونَ (72)} [72] كاف. {بِبَعْضِهَا} [73] جائز، والأولى وصله؛ لأن في الكلام حذفًا، أي: اضربوه يحيى، أو فضرب فحيي، ثم وقع التشبيه في الإحياء المقدر، أي: مثل هذا الإحياء للقتيل يحيي الله الموتى، وإن جعل ما بعده مستأنفًا، وأن الآيات غير إحياء الموتى، وأن المعجزة في الإحياء، لا في قول الميت: قتلني فلان؛ فموضع الحجة غير موضع المعجزة، وقول الميت حق لا يحتاج إلى يمين، وعلى هذا يكون كافيًا. {الْمَوْتَى} [73] حسن، على استئناف ما بعده، وتكون الآيات غير إحياء الموتى، وليس بوقف إن جعل ويريكم آياته بإحيائه الموتى فلا يفصل بينهما. {تَعْقِلُونَ (73)} [73] تام، و «ثم»؛ لترتيب الأخبار، و «قسوة»، و «الأنهار»، و «منه الماء»، و «من خشية الله» كلها حسان، وقال أبو عمرو في الأخير: كاف؛ للابتداء بالنفي. {تَعْمَلُونَ} [74] كاف لمن قرأ بالفوقية، وتام لمن قرأ: «يعملون» بالتحتية (¬1)؛ لأنه يصير مستأنفًا. {أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} [75] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «وقد كان فريق منهم يسمعون» في موضع الحال، أي: فتطمعون في إيمانهم، والحال أنهم كاذبون محرفون لكلام الله، وعلامة واو الحال أن يصلح موضعها إذ. {وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)} [75] كاف. {قَالُوا آَمَنَّا} [76] حسن. {بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [76] ليس بوقف؛ لأنَّ بعده لام العلة والصيرورة. {عِنْدَ رَبِّكُمْ} [76] كاف. ¬

_ (¬1) قرأ ابن كثير بالياء وحده، والباقون بالتاء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 139)، البحر المحيط (1/ 267)، الحجة لابن زنجلة (ص: 101)، السبعة (ص: 160)، الغيث للصفاقسي (ص: 120)، الكشف للقيسي (1/ 248)، النشر (2/ 217).

{تَعْقِلُونَ (76)} [76] تام. {وَمَا يُعْلِنُونَ (77)} [77] كاف. {أَمَانِيَّ} [78] حسن، على استئناف ما بعده. {يَظُنُّونَ (78)} [78] أحسن. {ثَمَنًا قَلِيلًا} [79] حسن، ومثله «أيديهم» على استئناف ما بعده. {يَكْسِبُونَ (79)} [79] كاف. {مَعْدُودَةً} [80] حسن. {عَهْدًا} [80]، وكذا {فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ} [80] ليسا بوقف؛ لأن ما قبل أم المتصلة وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر، وهما بمنزلة حرف واحد. {مَا لَا تَعْلَمُونَ (80)} [80] كاف، ثم تبتدئ: «بلى من كسب سيئة» قال شيخ الإسلام: بلى هنا، وفي «بلى من أسلم» الوقف على «بلى» خطأ؛ لأن «بلى» وما بعدها جواب للنفي السابق قبلهما، وهو «لن» في قوله: «لن تمسنا»، وفي الثاني: «لن يدخل الجنة»، وقال أبو عمرو: يوقف على بلى في جميع القرآن ما لم يتصل بها شرط أو قسم، والتحقيق التفصيل والرجوع إلى معناها، وهي حرف يصير الكلام المنفي مثبتًا بعد أن كان منفيًا عكس نعم؛ فإنها تقرر الكلام الذي قبلها مطلقًا سواء كان نفيًا أو إثباتًا على مقتضى اللغة؛ فبلى هنا رد لكلام الكفار «لن تمسنا النار إلَّا أيامًا معدودة»، فرد عليهم بلى تمسكم النار بدليل قوله: «هم فيها خالدون»؛ لأنَّ النفي إذا قصد إثباته أجيب ببلى، وإذا قصد نفيه أجيب بنعم، تقول: ما قام زيد؟ فتقول: بلى، أي: قد قام، فلو قلت: نعم فقد نفيت عنه القيام، وبذلك فرق النووي بينهما بقوله: ما استفهم عنه بالإثبات كان جوابه نعم، وما استفهم عنه بالنفي كان جوابه بلى، ونقل عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: «ألست بربكم قالوا بلى» لو قالوا: نعم –لكفروا؛ يريد أن النفي إذا أجيب بنعم كان تصديقًا، فكأنهم أقروا بأنه ليس ربهم، وكذا نقل عنه، وفيه نظر إن صح عنه؛ وذلك أن النفي صار إثباتًا، فكيف بتصديق التقرير وهو حمل المخاطب على الإقرار، وصارت نعم واقعة بعد الإثبات، فتفيد الإثبات بحسب اللغة، وهذا إذا كان النفي إنكاريًّا أما لو كان تقريريًّا فلا يكون في معنى النفي إجماعًا، ولا يجوز مراعاة المعنى إلَّا في الشعر كقوله: أَلَيْسَ اللَّيْلُ يَجْمَعُ أُمَّ عَمْرٍو ... وَإِيَّانَا فَذَاكَ بِنَا تَدَانِي نَعَمْ وَتَرَى الهِلَالَ كَمَا أَرَاهُ ... وَيَعْلُوهَا المَشِيبُ كَمَا عَلَانِي (¬1) ¬

_ (¬1) البيت من بحر الوافر، وقائله جُحدُر العُكَلي، من قصيدة يقول في مطلعها: تَأَوَّبَني فَبِتُّ لَها كَنيعًا ... هَمومٌ لا تُفارِقُني حَواني جُحدُر العُكَلي (? - 100 هـ /? - 718 م) جُحدُر المَحرِزي العُكَلي، شاعر من أهل اليمامة، كان في أيام الحجاج بن يوسف الثقفي، يقطع الطريق وينهب الأموال ما بين حجر واليمامة، فأمسكه عامل الحجاج في اليمامة وسجنه في سجن بها اسمه (دوّار) نظم فيه قصائد-الموسوعة الشعرية

فأجاب بالنفي المقرون بالاستفهام بنعم، وهو قليل جدًّا مراعاة للمعنى؛ لأنه إيجاب، كأنه قال: الليل يجمعنا، قيل: هو ضرورة، وقيل: نُظِر إلى المعنى، وقيل: نعم ليست جوابًا لأليس، بل جوابًا لقوله: فذاك بنا تداني، والفقهاء سووا بينهما فيما لو قال شخص لآخر: أليس عندك عشرة، فقال الآخر: نعم، أو بلى -لزمه الإقرار بذلك على قول عند النحاة أن نعم كبلى، لكن اللزوم في بلى ظاهر، وأما نعم فإنما لزم بها الإقرار على عرف الناس لا على مقتضى اللغة؛ لأنها تقرر الكلام الذي قبلها مطلقًا نفيًا أو إثباتًا، وعليه قول ابن عباس، فالوقف تابع لمعناها، والتفصيل أبين فلا يفصل بين بلى وما بعدها من الشرط كما هنا، أو اتصل بها قسم نحو: «قالوا بلى وربنا» فلا يفصل بينها وبين الشيء الذي توجبه؛ لأنَّ الفصل ينقص معنى الإيجاب كما جزم بذلك العلامة السخاوي، وأبو العلاء الهمداني، وأبو محمد الحسن بن علي العماني بفتح العين المهملة وتشديد الميم نسبة إلى عمان مدينة بالبلقاء بالشأم دون دمشق، لا العماني بالضم والتخفيف نسبة إلى عمان قرية تحت البصرة، وبها جبل جمع الله الذوات عليه، وخاطبهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا أنك ربنا، لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا سواك، كذا يستفاد من السمين، وغيره. {أَصْحَابُ النَّارِ} [81] جائز. {خَالِدُونَ (81)} [81] تام. {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [82] جائز. {هُمْ فِيهَا} [82] فيه وجهان؛ وذلك أن «أولئك» في الموضعين مبتدأ و «أصحاب» بعدهما خبر، و «هم فيها» خبر ثان، فهما خبران، وهذا يتوجه عليه سؤال؛ وذلك أنهم قالوا: الجملة إذا اتصلت بجملة أخرى فلا بد من واو العطف؛ لتعلق إحداهما بالأخرى، فالجواب: إن قوله: «أصحاب النار» خبر، و «هم فيها» خبر، فهما خبران عن شيء واحد، فاستغني عن إدخال حرف العطف بينهما نحو: الرمان حلو حامض، ففي قوله: «هم فيها» وجهان: الوقف على أنها جملة مستأنفة من مبتدأ وخبر بعد كل منهما، وليس وقفًا إن أعربت حالًا. {خَالِدُونَ (82)} [82] تام. {إِلَّا اللَّهَ} [83] حسن، و «إحسانًا» مصدر في معنى الأمر، أي: وأحسنوا، أو استوصوا بالوالدين إحسانًا، وكذا يقال في «قولوا للناس حسنًا». {وَالْمَسَاكِينِ} [83] جائز، ووصله أولى؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله.

{حُسْنًا} [83] صالح، ومثله «الصلاة»، وكذا «الزكاة». {مُعْرِضُونَ (83)} [83] كاف، ومثله «تشهدون» على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل جملة في موضع الحال بمعنى متظاهرين. {وَالْعُدْوَانِ} [85] حسن، ومثله «إخراجهم»، وكذا «ببعض»، وكذا «الحياة الدنيا»، وقال أبو عمرو في الثلاثة: كاف. {الْعَذَابِ} [85] كاف. {تَعْمَلُونَ (85)} [85] تام، سواء قرئ بالفوقية أو بالتحتية (¬1)، وتمامه على استئناف ما بعده، وجائز إن جعل ما بعده صفة لما قبله. {بِالْآَخِرَةِ} [86] جائز، على أن الفعل بعده مستأنف، وعلى أن الفاء للسبب والجزاء يجب الوصل. {يُنْصَرُونَ (86)} [86] أتم مما قبله. {بِالرُّسُلِ} [87] حسن. {الْبَيِّنَاتِ} [87] صالح. {الْقُدُسِ} [87] كاف. {اسْتَكْبَرْتُمْ} [87] صالح، وقوله: «ففريقًا» منصوب بالفعل بعده، أي: كذبتم وقتلتم فريقًا. {تَقْتُلُونَ (87)} [87] كاف. {غُلْفٌ} [88] صالح؛ لأنَّ «بل» إعراض عن الأول، وتحقيق للثاني. {بِكُفْرِهِمْ} [88] ليس بوقف إن نصب «قليلًا» حالًا من فاعل «يؤمنون»، أي: فجمعًا قليلًا يؤمنون، أي: المؤمن منهم قليل، وجائز إن نصب بمصدر محذوف أي: فإيمانًا قليلًا، أو نصب صفة لزمان محذوف، أي: فزمانًا قليلًا يؤمنون. {مَا يُؤْمِنُونَ (88)} [88] كاف. {مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} [89] ليس بوقف؛ لأنَّ الواو بعده للحال، ومثله في عدم الوقف «كفروا»؛ لأنَّ جواب «لما» الأولى دل عليه جواب الثانية. {كَفَرُوا بِهِ} [89] حسن، وقيل: كاف، على استئناف ما بعده. ¬

_ (¬1) قرأ بالياء نافع وابن كثير وشعبة ويعقوب وخلف في اختياره، وقرأ الباقون بالتاء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 141)، الإملاء للعكبري (1/ 29)، البحر المحيط (1/ 294)، التيسير (ص: 74)، تفسير الطبري (2/ 315)، الحجة لابن زنجلة (ص: 105)، الغيث للصفاقسي (ص: 122)، الكشاف (180/)، الكشف للقيسي (1/ 252، 253)، النشر (2/ 218).

{الْكَافِرِينَ (89)} [89] تام. {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [90] تام إن جعل محل أن رفعًا خبر مبتدأ محذوف، أي: هو أن يكفروا، أو جعل مبتدأ محذوف الخبر، وليس بوقف إن جعلت أن مبتدأ محذوف وما قبلها خبرًا، أو جعلت بدلًا من الضمير في «به» إن جعلت «ما» تامة. {مِنْ عِبَادِهِ} [90] حسن. {عَلَى غَضَبٍ} [90] أحسن. {مُهِينٌ (90)} [90] تام. {عَلَيْنَا} [91] جائز؛ لأنَّ ما بعده جملة مستأنفة الأخبار، وكذا بما رواه لفصله بين الحكاية وبين كلام الله، قال السدي (¬1): «بما وراءه»، أي: القرآن. {لِمَا مَعَهُمْ} [91] حسن. {مِنْ قَبْلُ} [91] ليس بوقف؛ لأن ما بعده شرط جوابه محذوف، أي: إن كنتم آمنتم بما أنزل عليكم -فلِمَ قتلتم أنبياء الله؟ فهي جملة سيقت توكيدًا لما قبلها، وقيل: إنْ نافية بمعنى: ما، أي: ما كنتم مؤمنين؛ لمنافاة ما صدر منكم الإيمان. {مُؤْمِنِينَ (91)} [91] تام، اتفق علماء الرسم على وصل «بئسما»، والقاعدة في ذلك أن كل ما في أوله اللام فهو مقطوع، كما يأتي التنبيه عليه في محله. {ظَالِمُونَ (92)} [92] كاف، و «ثم»؛ لترتيب الأخبار. {الطُّورَ} [93] جائز؛ لأن ما بعده على إضمار القول، أي قلنا: خذوا. {وَاسْمَعُوا} [93] حسن. {وَعَصَيْنَا} [93] صالح. {بِكُفْرِهِمْ} [93] حسن. {مُؤْمِنِينَ (93)} [93] تام، ومثله «صادقين». {أَيْدِيهِمْ} [95] كاف. {بِالظَّالِمِينَ (95)} [95] تام، وقال أبو عمرو: كاف. {عَلَى حَيَاةٍ} [96] تام عند نافع؛ لأنَّ قوله: «يود أحدهم» عنده جملة في موضع الحال من قوله: «ومن الذين أشركوا»، ويجوز أن يكون «ومن الذين أشركوا» في موضع رفع خبرًا مقدمًا تقديره: ومن ¬

_ (¬1) السدي (000 - 128 هـ = 000 - 745 م) إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدي: تابعي، حجازي الأصل، سكن الكوفة، قال فيه ابن تغري بردي: (صاحب التفسير، والمغازي والسير، وكان إمامًا عارفًا بالوقائع وأيام الناس). انظر: الأعلام للزركلي (1/ 317).

الذين أشركوا قوم يود أحدهم لو يعمر ألف سنة، فعلى هذا يكون الوقف على «حياة» تامًّا، والأكثر على أن الوقف على «أشركوا» وهم المجوس، كان الرجل منهم إذا عطس قيل له: زي هزا رسال، أي: عش ألف سنة؛ فاليهود أحرص على الحياة من المجوس الذين يقولون ذلك؛ وذلك أن المجوس كانت تحية ملوكهم هذا عند عطاسهم ومصافحتهم. {أَلْفَ سَنَةٍ} [96] حسن، وقيل: كاف؛ لأن ما بعده يصلح أن يكون مستأنفًا وحالًا. {أَنْ يُعَمَّرَ} [96] أحسن منه. {يَعْمَلُونَ (96)} [96] تام. {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [97] حسن؛ إن رفعت «هدى». {لِلْمُؤْمِنِينَ (97)} [97] تام. {وَمِيكَالَ} [98] ليس بوقف؛ لأن جواب الشرط لم يأت. {لِلْكَافِرِينَ (98)} [98] تام. {بَيِّنَاتٍ} [99] كاف. {الْفَاسِقُونَ (99)} [99] تام؛ للاستفهام بعده. {عَهْدًا} [100] ليس بوقف؛ لأن «نبذه» جواب لما قبله. {فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [100] جائز. {لَا يُؤْمِنُونَ (100)} [100] تام، وقال أبو عمرو: كاف. {مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} [101] ليس بوقف؛ لأن جواب «لما» منتظر. {أُوتُوا الْكِتَابَ} [101] جائز إن جعل مفعول «أوتوا» الواو، والثاني «الكتاب»، وليس بوقف إن جعل «الكتاب» مفعولًا أول، و «كتاب الله» مفعول «نبذ»، كما أعربه السهيلي (¬1)، و «وراء» منصوب على الظرفيةـ، كذا في (السمين). {وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [101] ليس بوقف؛ لأن «كأنهم لا يعلمون» جملة حالية، وصاحبها «فريق»، والعامل فيها «نبذ»، والتقدير: مشبهين للجهال. ¬

_ (¬1) عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الخثعمي السهيلي: حافظ، عالم باللغة والسير، ضرير، ولد في مالقة، وعمي وعمره (17 سنة)، ونبغ، فاتصل خبره بصاحب مراكش فطلبه إليها وأكرمه، فأقام يصنف كتبه إلى أن توفي بها، نسبته إلى سهيل (من قرى مالقة)، وهو صاحب الأبيات التي مطلعها: يامن يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المعد لكل ما يتوقع من كتبه: الروض الأنف -في شرح السيرة النبوية لابن هشام، وتفسير سورة يوسف، والتعريف والإعلام في ما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام، والإيضاح والتبيين لما أبهم من تفسير الكتاب المبين، ونتائج الفكر (ت581 هـ).

{لَا يَعْلَمُونَ (101)} [101] كاف، ومثله «على ملك سليمان». والوقف على {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [102] قال نافع، وجماعة: تام، وقال أبو عمرو: ليس بتام، ولا كاف، بل حسن، وعلى كل قول فيه البداءة بـ «لكن»، وهي كلمة استدراك، يستدرك بها الإثبات بعد النفي، أو النفي بعد الإثبات، وواقعة بين كلامين متغايرين فما بعدها متعلق بما قبلها استدراكًا وعطفًا. {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} [102] حسن، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع نصب على الحال، أو خبر «لكن». {السِّحْرَ} [102] كاف، إن جعلت «ما» نافية، ثم يبتدئ: «وما أنزل على الملكين»، أي: لم ينزل عليهما سحر ولا باطل، وإنما أنزل عليهما الأحكام، وأمرًا بنصرة الحق وإبطال الباطل، وليس بوقف إن جعلت «ما» بمعنى الذي، أي: «ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر والذي أنزل على الملكين» بفتح اللام (¬1)، ومن قرأ بفتحها وقف على «الملكين»، ويبتدئ «ببابل هاروت وماروت»، والذي قرأ بكسر اللام (¬2)؛ أراد بهما داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام. قوله: «هاروت وماروت» هما في موضع خفض عطف بيان في الأول، والثاني عطف عليه، أو بدلان من «الملكين»، و «بابل»، قال ابن مسعود: هي في سواد الكوفة، وهما لا ينصرفان؛ للعلمية والعجمة، أو العلمية والتأنيث. والوقف على {هَارُوتَ وَمَارُوتَ} [102] تام، سواء جعلت «ما» نافية، أو بمعنى الذي، و «بابل» لا ينصرف أيضًا وهو في موضع خفض للعلمية والتأنيث؛ لأنه اسم بقعة، وقرأ الزهري والضحاك: «هاروتُ وماروتُ» برفعهما (¬3)، خبر مبتدأ محذوف، فعلى هذه القراءة يوقف على «بابل»، أو مرفوعان بالابتداء، و «ببابل» الخبر، أي: هاروت وماروت ببابل، فعلى هذه القراءة بهذا التقدير -يكون الوقف على «الملكين»، وهذا الوقف أبعد من الأول؛ لبعد وجهه عند أهل التفسير، ونصبهما بإضمار أعني -فيكون الوقف على «بابل» كافيًا، ونصبهما بدلًا من «الشياطينَ» على قراءة نصب النون (¬4)، وعلى هذه القراءة لا يفصل بين المبدل والمبدل منه بالوقف، قوله: «وما كفر سليمان» رد على الشياطين؛ لأنهم ¬

_ (¬1) وهي قراءة الأئمة العشرة. (¬2) وهي قراءة ابن عباس والضحاك وابن أبزي والحسن البصري وابن مزاحم، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (1/ 32)، البحر المحيط (1/ 329)، تفسير الطبري (2/ 435)، تفسير القرطبي (2/ 52)، الكشاف (1/ 85). (¬3) وهي قراءة شاذة، ورويت أيضا عن الحسن. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (1/ 330)، الكشاف (1/ 86). (¬4) وهي قراءة نافع - ابن كثير - أبوعمر. انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص:144)، البحر المحيط (1/ 327)، التيسير (ص:75)، الحجة لابن خالويه (ص:86)، الحجة لأبي زرعة (ص:108)، السبعة (ص:167)، الغيث للصفاقسي (ص:127)، الكشاف (1/ 256)، تفسير الرازي (1/ 436).

زعموا أن سليمان استولى على الملك بالسحر الذي ادعوه عليه، فعلى هذا يكون قوله: «وما كفر سليمان» ردًّا على اليهود، والسبب الذي من أجله أضافت اليهود السحر إلى سليمان بزعمهم، فأنزل الله براءته، وما ذاك إلَّا أن سليمان كان جمع كتب السحرة تحت كرسيه؛ لئلَّا يُعمَل به، فلما مات ووجدت الكتب قالت الشياطين: بهذا كان ملكه، وشاع في اليهود أن سليمان كان ساحرًا، فلما بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة -خاصموه بتلك الكتب، وادعوا أنه كان ساحرًا فأنزل الله: «واتبعوا ما تتلوا الشياطين» الآية فأنزل الله براءته {حَتَّى يَقُولَا} [102] ليس بوقف؛ لفصله بين القول والمقول، و «حتى» هنا حرف جر، وتكون حرف عطف، وتكون حرف ابتداء تقع بعدها الجمل كقوله: فَمَا زَالَتِ الْقَتْلَى تَمُجُّ دَاءَهَا ... بِدِجْلَةَ حَتَّى مَاءَ دِجْلَةَ أَشْكَلَ (¬1) والغاية معنى لا يفارقها في هذه الأحوال الثلاثة إما في القوة، أو الضعف، أو غيرها. {فَلَا تَكْفُرْ} [102] كاف إن جعل ما بعده معطوفًا على «يعلمون الناس السحر»، وعلى المعنى أي: فلا تكفر فيأتون فيتعلمون، وقيل: عطف على محل «ولكن الشياطين كفروا»؛ لأن موضعه رفع، أو على خبر مبتدأ محذوف، أي: فهم يتعلمون، و {وَزَوْجِهِ} [102]، و {بِإِذْنِ اللَّهِ} [102]، و {وَلَا يَنْفَعُهُمْ} [102] كلها حسان. {لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [102] ليس بوقف؛ لأن قوله: «ماله» جواب القسم؛ فإن اللام في «لمن اشتراه» موطئة للقسم، و «من» شرطية في محل رفع بالابتداء، و «ماله في الآخرة من خلاق» جواب القسم. {مِنْ خَلَاقٍ} [102] حسن، وكذا «يعلمون» الأول، و «اتقوا» ليس بوقف؛ لأن جواب «لو» بعد «ويعلمون» الثاني (تام)؛ لأنه آخر القصة. {رَاعِنَا} [104] ليس بوقف لعطف ما بعده على ما قبله، وجائز لمن قرأ (¬2): «راعنًا» بالتنوين، وتفسيرها: لا تقولوا حمقًا؛ مأخوذ من الرعونة، والوقف عليها في هذه القراءة سائغ. ¬

_ (¬1) البيت من الطويل، ونسبه إلى جرير، ابن سلام الجمحي في: طبقات فحول الشعراء، والبيت جاء ضمن أبيات له يقول في مطلعها: فإنك والجحاف حين تعضه ... أردت بذاك المكث والورد أعجل كما ذكر في: خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، لعبد القادر البغدادي، وخلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي-الموسوعة الشعرية (¬2) وهي قراءة ابن محيصن والحسن ومجاهد وابن أبي ليلى، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 145)، الإعراب للنحاس (1/ 205)، الإملاء للعكبري (1/ 33)، البحر المحيط (1/ 338)، تفسير الطبري (2/ 465)، تفسير القرطبي (2/ 60)، الكشاف (1/ 86).

{وَاسْمَعُوا} [104] حسن. {أَلِيمٌ (104)} [104] تام. {مِنْ رَبِّكُمْ} [105] كاف. {مَنْ يَشَاءُ} [105] أكفى. {الْعَظِيمِ (105)} [105] تام. {أَوْ نُنْسِهَا} [106] ليس بوقف؛ لأن قوله: «نأت بخير منها» جواب الشرط، كأنه قال: أي آية ننسخها أو ننسأها نأت بخير منها. {أَوْ مِثْلِهَا} [106] حسن، وقال أبو حاتم السجستاني: تام، وغلطه ابن الأنباري، وقال: لأن قوله «ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير» تثبيت وتسديد لقدرة الله تعالى على المجيء بما هو خير من الآية المنسوخة، وبما هو أسهل فرائض منها. {قَدِيرٌ (106)} [106] تام؛ للاستفهام بعده. {وَالْأَرْضِ} [107] كاف؛ للابتداء بعده بالنفي. {وَلَا نَصِيرٍ (107)} [107] تام؛ للابتداء بالاستفهام بعده. {مِنْ قَبْلُ} [108] تام؛ للابتداء بالشرط. {السَّبِيلِ (108)} [108] تام. {كُفَّارًا} [109] كاف؛ إن نصب «حسدًا» بمضمر غير الظاهر؛ لأن حسدًا مصدر فعل محذوف، أي: يحسدونكم حسدًا، وهو مفعول له، أي: يرونكم من بعد إيمانكم كفارًا لأجل الحسد، وليس بوقف إن نصب «حسدًا» على أنه مصدرًا، أو أنه مفعول له؛ إذ لا يفصل بين العامل والمعمول بالوقف. {الْحَقُّ} [109] حسن. {بِأَمْرِهِ} [109] أحسن منه. {قَدِيرٌ (109)} [109] تام. {الزَّكَاةَ} [110] حسن. {عِنْدَ اللَّهِ} [110] أحسن منه. {بَصِيرٌ (110)} [110] تام. {أَوْ نَصَارَى} [111] حسن. {أَمَانِيُّهُمْ} [111] أحسن منه. {صَادِقِينَ (111)} [111] تام. {بَلَى} [112] ليس بوقف؛ لأن «بلى» وما بعدها جواب للنفي السابق، والمعنى: أن اليهود قالوا:

لن يدخل الجنة أحد إلَّا من كان يهوديًّا، والنصارى قالوا: لن يدخل الجنة إلَّا من كان نصرانيًّا -فقيل لهم: بلى يدخلها من أسلم وجهه، فقوله: «بلى» رد للنفي في قولهم: لن يدخل الجنة أحد، وتقدم ما يغني عن إعادته. {عِنْدَ رَبِّهِ} [112] جائز، وقرئ شاذًّا، و «لا خوفَ عليهم» (¬1) بحذف المضاف إليه وإبقاء المضاف على حاله بلا تنوين، أي: ولا خوف شيء عليهم. {يَحْزَنُونَ (112)} [112] تام. {عَلَى شَيْءٍ} [113] في الموضعين (جائز)، والأول أجود؛ لأن الواو في قوله: «وهم يتلون الكتاب» للحال. {وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} [113] حسن، على أن الكاف في «كذلك» متعلقة بقول أهل الكتاب، أي: قال الذين لا يعلمون -وهم مشركو العرب- مثل قول اليهود والنصارى؛ فهم في الجهل سواء، ومن وقف على «كذلك» ذهب إلى أن الكاف راجعة إلى تلاوة اليهود، وجعل «وهم يتلون الكتاب» راجعًا إلى النصارى، أي: والنصارى يتلون الكتاب كتلاوة اليهود، وأن أحد الفريقين يتلو الكتاب كما يتلو الفريق الآخر؛ فكلا الفريقين أهل كتاب، وكل فريق أنكر ما عليه الآخر، وهما أنكرا دين الإسلام كإنكار اليهود النصرانية، وإنكار النصارى اليهودية من غير برهان ولا حجة، وسبيلهم سبيل من لا يعرف الكتاب من مشركي العرب؛ فكما لا حجة لأهل الكتاب لإنكارهم دين الإسلام -لا حجة لمن ليس له كتاب -وهم مشركو العرب- فاستووا في الجهل. {مِثْلَ قَوْلِهِمْ} [113] حسن؛ لأنَّ «فالله» مبتدأ مع فاء التعقيب قاله السجاوندي. {يَخْتَلِفُونَ (113)} [113] تام. {فِي خَرَابِهَا} [114] حسن. {خائفين} [114] كاف؛ لأنَّ ما بعده مبتدأ وخبر، ولو وُصِل لصارت الجملة صفة لهم. {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} [114] جائز. {عَظِيمٌ (114)} [114] تام. {وَالْمَغْرِبُ} [115] حسن. {تُوَلُّوا} [115] ليس بوقف؛ لأن ما بعده جواب الشرط؛ لأن أين اسم شرط جازم، وما زائدة، و «تولوا» مجزوم بها، وزيادة ما ليست لازمة لها بدليل قوله: ¬

_ (¬1) لم أستدل علي هذه القراءة في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها.

أين تصرف بنا العداة تجدنا (¬1) وهي ظرف مكان، والناصب لها ما بعدها. {وَجْهُ اللَّهِ} [115] كاف. {عَلِيمٌ (115)} [115] تام، على قراءة ابن عامر (¬2): «قالوا» بلا واو، أو بها، وجعلت استئنافًا، وإلَّا فالوقف على ذلك حسن؛ لأنه من عطف الجمل. {سُبْحَانَهُ} [116] صالح، أي: تنزيهًا له عما نسبه إليه المشركون؛ فلذلك صلح الوقف على «سبحانه». {وَالْأَرْضِ} [116] كاف؛ لأن ما بعده مبتدأ وخبر. {قَانِتُونَ (116)} [116] تام. {وَالْأَرْضِ} [117] جائز؛ لأنَّ «إذا» إِذا أجيبت بالفاء كانت شرطية. {كُنْ} [117] جائز، إن رفع «فيكون» خبر مبتدأ محذوف تقديره: فهو، ليس بوقف لمن نصب «فيكون» (¬3)؛ على جواب الأمر، أو عطفًا على «يقول»؛ فعلى هذين الوجهين لا يوقف على «كن»؛ لتعلق ما بعده به من حيث كونه جوابًا له. {فَيَكُونُ (117)} [117] تام على القراءتين (¬4). {أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ} [118] حسن، ومثله «مثل قولهم». {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [118] كاف. {يُوقِنُونَ (118)} [118] تام. {وَنَذِيرًا} [119] حسن، على قراءة: «ولا تَسألْ» بفتح التاء والجزم، وهي قراءة نافع (¬5)، وهي ¬

_ (¬1) لم أستدل عليه. (¬2) وقرأ الباقون بالواو: «وقالوا». انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 146)، الإملاء للعكبري (1/ 35)، البحر المحيط (1/ 362)، التيسير (ص: 76)، الحجة لابن خالويه (ص: 88)، الحجة لابن زنجلة (ص: 110)، السبعة (ص: 168)، الغيث للصفاقسي (ص: 133)، الكشاف (1/ 90)، الكشف للقيسي (1/ 260)، النشر (2/ 220). (¬3) والرفع قراءة الأئمة العشرة سوى ابن عامر، والنصب لابن عامر وحده. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 146)، الإملاء للعكبري (1/ 35)، البحر المحيط (1/ 366)، التيسير (ص: 76)، الحجة لابن خالويه (ص: 88)، الحجة لابن زنجلة (ص: 110)، السبعة (ص: 168)، الغيث للصفاقسي (ص: 134)، النشر (2/ 220). (¬4) أي: قراءتي الرفع والنصب في «فيكون»، المشار إليها سابقًا. (¬5) انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص: 146)، الإعراب للنحاس (1/ 209)، الإملاء للعكبري (1/ 36)، البحر المحيط (1/ 368)، التيسير (ص: 76)، الحجة لابن خالويه (ص: 87)، الحجة لأبي زرعة (ص:111)، السبعة (ص:169)، الغيث للصفاقسي (ص: 134)، الكشاف (1/ 91)، تفسير الرازي (1/ 471).

تحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون أمره الله بترك السؤال، والثاني: أن يكون المعنى على تفخيم ما أعد لهم من العقاب، أو هو من باب تأكيد النهي، نحو: لا تأكل السمك ولا تشرب اللبن، ومن قرأ بضم التاء والرفع (¬1)، استئنافًا -له وجهان أيضًا: أحدهما: أن يكون حالًا من قوله: «إنا أرسلناك بالحق» فيكون منصوب المحل، معطوفًا على «بشيرًا ونذيرًا» أي: أرسلناك بالحق بشيرًا ونذيرًا وغير مسئول عن أصحاب الجحيم؛ فعلى هذه القراءة لا يوقف على «ونذيرًا» إلَّا على تسامح، الثاني: أن تكون الواو للاستئناف، ويكون منقطعًا عن الأول على معنى: ولن تسأل، أو ولست تسأل، أو ولست تؤاخذ؛ فهو على هذا منقطع عما قبله، فيكون الوقف على «ونذيرًا» كافيًا. {الْجَحِيمِ (119)} [119] تام. {مِلَّتَهُمْ} [120] حسن، ومثله «الهدى». {مِنَ الْعِلْمِ} [120] ليس بوقف، لأنَّ نفي الولاية والنصرة متعلق بشرط اتباع أهوائهم، فكان في الإطلاق خطر؛ فلذلك جاء الجواب «مالك من الله من ولي ولا نصير»؛ لأنَّ اللام في «ولئن اتبعت» مؤذنة بقسم مقدر قبلها، فلا يفصل بين الشرط وجوابه بالوقف، وكذا يقال فيما يأتي. {وَلَا نَصِيرٍ (120)} [120] تام. {يُؤْمِنُونَ بِهِ} [121] حسن، وقيل: تام، «الذين» مبتدأ، وفي خبره قولان: أحدهما: أنه «يتلونه»، وتكون جملة «أولئك» مستأنفة، والثاني: أن الخبر هو «أولئك يؤمنون به»، ويكون «يتلونه» في محل نصب حالًا من المفعول في «آتيناهم»، وعلى كلا القولين هي حال مقدرة؛ لأنَّ وقت الإيتاء لم يكونوا تالين، ولا كان الكتاب متلوًّا، وقال أبو البقاء: ولا يجوز أن يكون «يتلون» خبرًا؛ لئلَّا يلزم أن كل مؤمن يتلو الكتاب حق تلاوته بأي تفسير فسرت التلاوة، وكذا جعله حالًا؛ لأنه ليس كل مؤمن على حالة التلاوة بأي تفسير فسرت التلاوة. {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ} [121] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت؛ فلا يفصل بين الشرط وجوابه بالوقف. {الْخَاسِرُونَ (121)} [121] تام. {الْعَالَمِينَ (122)} [122] كاف. {عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [123] جائز. ¬

_ (¬1) وهم ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي. انظر: المصادر السابقة.

{يُنْصَرُونَ (123)} [123] تام. قرأ ابن عامر «إبراهام» بألف بعد الهاء في جميع ما في هذه السورة ومواضع أخر، وجملة ذلك ثلاثة وثلاثون موضعًا، وما بقي بالياء (¬1). {فَأَتَمَّهُنَّ} [124]، و {إِمَامًا} [124]، و {ذُرِّيَّتِي} [124] كلها حسان. {الظَّالِمِينَ (124)} [124] كاف. {وَأَمْنًا} [125] حسن، على قراءة «واتخِذوا» بكسر الخاء أمرًا (¬2)؛ لأنه يصير مستأنفًا، ومن قرأ بفتح الخاء (¬3)، ونسق التلاوة على جعلنا -فلا يوقف على «وأمنًا»؛ لأن «واتخذوا» عطف على «وإذ جعلنا» كأنه قال: واذكروا إذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنًا وإذا اتخذوا. {مُصَلًّى} [125] حسن، على القراءتين (¬4). {السُّجُودِ (125)} [125] تام. {مِنَ الثَّمَرَاتِ} [126] ليس وقفًا؛ لأنَّ «من آمن» بدل بعض من كل من «أهله». {وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} [126] حسن، وقيل: تام؛ لأنَّ ما بعده من قول الله؛ لما روي عن مجاهد في هذه الآية قال: استرزق إبراهيم لمن آمن بالله واليوم الآخر، قال تعالى: ومن كفر فأرزقه. {عَذَابِ النَّارِ} [126] جائز. {الْمَصِيرُ (126)} [126] تام. {وَإِسْمَاعِيلُ} [127] كاف، إن جعل «ربنا» مقولًا له ولإبراهيم، أي: يقولان: ربنا، ومن قال: إنه ¬

_ (¬1) وأما مواضع البقرة فهي خمسة عشر موضعًا، وهي جميع ما فيها، وأما بقية الثلاثة والثلاثين موضعًا فقد وقعت في السور التالية: في النساء: {واتبع مِلَّةَ إبراهيم} [163]، و {واتخذ الله إبراهيم} [125]، و {وأوحينا إلى إبراهيم} [163]، وفي الأنعام: {ملة إبراهيم} [116]، وفي التوبة: {وما كَانَ اسْتِغْفَارُ إبراهيم} [114]، و {إن إبراهيم} [114]، وفي إبراهيم: {وإذ قال إبراهيم} [35]، وفي النحل: {إن إِبْرَاهِيمَ كان} [120]، و {ياإبراهيم} [46]، و {ومن ذُرِّيَّةِ إبراهيم} [58]، وفي العنكبوت: {رسلنا إبراهيم} [31]، وفي الشورى: {وصينا به إبراهيم}] 13]، وفي الذاريات: {ضيف إبراهيم} [24]، وفي النجم: {وإبراهيم الذِي وفى} [37]، وفي الحديد: {نوحاً وإبراهيم} [26]، وفي الممتحنة: {حسنةً في إبراهيم} [4]. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 147)، الإملاء للعكبري (1/ 36)، البحر المحيط (1/ 372، 374)، السبعة (ص: 169)، الغيث للصفاقسي (135)، النشر (2/ 221، 222). (¬2) وهم ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 147)، الإعراب للنحاس (1/ 210)، الإملاء للعكبري (1/ 36)، البحر المحيط (1/ 384)، تفسير الطبري (3/ 32)، تفسير القرطبي (2/ 112). (¬3) وهما نافع وابن عامر. انظر: المصادر السابقة. (¬4) وهما المشار إليهما سابقًا في «واتخذوا».

مقول «إسماعيل» وحده -وقف على «البيت» ويكون قوله: «وإسمعيل» مبتدأ، وما بعده الخبر، وقد أنكر أهل التأويل هذا الوجه، ولم يذكر أحد منهم فساده، والذي يظهر -والله أعلم- أنه من جهة أن جمهور أهل العلم أجمعوا على أن إبراهيم وإسمعيل كلاهما رفعا القواعد من البيت، فمن قال: إنه من مقول إسماعيل وحده، وأن إسماعيل كان هو الداعي، وإبراهيم هو الباني، وجعل الواو للاستئناف -فقد أخرجه من مشاركته في رفع القواعد، والصحيح أن الضمير لإبراهيم وإسماعيل. {تَقَبَّلْ مِنَّا} [127] حسن. {الْعَلِيمُ (127)} [127] تام. {مُسْلِمَةً لَكَ} [128] حسن. {مَنَاسِكَنَا} [128] صالح، ومثله علينا. {الرَّحِيمُ (128)} [128] تام. {مِنْهُمْ} [129] ليس بوقف؛ لأن «يتلو» صفة للرسول كأنه قال: رسولًا منهم تاليًا. {وَيُزَكِّيهِمْ} [129] حسن. {الْحَكِيمُ (129)} [129] تام. {نَفْسَهُ} [130] كاف؛ لفصله بين الاستفهام والإخبار. {فِي الدُّنْيَا} [130] حسن، وليس منصوصًا عليه. {الصَّالِحِينَ (130)} [130] أحسن منه، وقيل: كاف على أن العامل في «إذ» قال أسلمت، أي: حين أمره بالإسلام قال: أسلمت، أو يجعل ما بعده بمعنى اذكر إذ قال له ربه: أسلم، وليس بوقف إن جعل منصوب المحل من قوله قبله: «ولقد اصطفيناه في الدنيا»، كأنه قال: ولقد اصطفيناه حين قال له ربه: أسلم، فـ «إذا» منصوب المحل؛ لأنه ظرف زمان، واختلفوا في قوله: «إذ قال له ربه أسلم» متى قيل له ذلك؟! أبعد النبوة، أم قبلها؟ والصحيح أنه كان قبلها حين أفلت الشمس، فقال: «إني بريء مما تشركون»، وكان القول له إلهامًا من الله تعالى، فأسلم لما وضحت له الآيات، وأتته النبوة وهو مسلم، وقال قوم: معنى قوله: «إذ قال له ربه أسلم»، أي: استقم على الإسلام، وثبِّت نفسك عليه، وكان القول له بوحي، وكان ذلك بعد النبوة، والله أعلم بالصواب، قاله النكزاوي. {أَسْلِمْ} [131] كاف. {الْعَالَمِينَ (131)} [131] تام. {بَنِيهِ} [132] حسن، إن رفع «ويعقوب» على الابتداء، أي: ويعقوب وصى بنيه؛ فالقول والوصية منه، وليس بوقف إن عطف على «إبراهيم»، أي: ووصى يعقوب بنيه؛ لأنَّ فيه فصلًا بين

المعطوف والمعطوف عليه، وكذا لا يوقف على «بنيه» على قراءة «يعقوب» بالنصب (¬1)، عطفًا على «بنيه»، أي: ووصى إبراهيم يعقوب ابن ابنه إسحق بجعل الوصية من إبراهيم، والقول من يعقوب. {وَيَعْقُوبُ} [132] أحسن منه؛ للابتداء بعده بـ «يا» النداء. {يَا بَنِيَّ} [132] ليس بوقف؛ لأن في الكلام إضمار القول عند البصريين وعند الكوفيين؛ لإجراء الوصية مجرى القول، وإن الله هو القول المحكي؛ فلذا لم يجز الوقف على ما قبله؛ لفصله بين القول والمقول. {مُسْلِمُونَ (132)} [132] تام؛ لأنَّ «أم» بمعنى ألف الاستفهام الإنكاري، أي: لم تشهدوا وقت حضور أجل يعقوب، فكيف تنسبون إليه ما لا يليق به، وقيل: «لا تموتن إلَّا وأنتم مسلمون» أي: محسنون الظن بالله تعالى. {الْمَوْتُ} [133] ليس بوقف؛ لأنَّ «إذ» بدل من «إذ» الأولى، ومن قطعها عنها وقف على الموت. {إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ} [133] ليس بوقف أيضًا؛ لفصله بين القول والمقول. {مِنْ بَعْدِي} [133] حسن، ومثله «آبائك» إن نصب ما بعده بفعل مقدر، وليس بوقف إن جرت الثلاثة بدل تفصيل من «آبائك». {وَإِسْحَاقَ} [133] ليس بوقف؛ لأن «إلهًا» منصوب على الحال، ومعناه: نعبد إلهًا في حال وحدانيته، فلا يفصل بين المنصوب وناصبه، وكذا لا يوقف على «إسحق» إن نصب «إلهًا» على أنه بدل من «إلهك» بدل نكرة موصوفة من معرفة كقوله: «بالناصية ناصية»، والبصريون لا يشترطون الوصف مستدلين بقوله: فَلَا وَأَبِيكَ خَيرٌ مِنْكَ إِنِّي ... ليؤذِيَني التَّحَمْحُمُ وَالصَّهِيلُ (¬2) فخير بدل من أبيك، وهو نكرة غير موصوفة. {وَاحِدًا} [133] حسن، وقيل: كاف إن جعلت الجملة بعده مستأنفة، وليس بوقف، إن جعلت حالًا، أي: نعبده في حال الإسلام. {مُسْلِمُونَ (133)} [133] تام. {خَلَتْ} [134] حسن هنا، وفيما يأتي؛ لاستئناف ما بعده، ومثله «كسبت» هنا، وفيما يأتي، وكذا ¬

_ (¬1) وقراءة النصب قراءة شاذة، ورويت عن: إسماعيل بن عبد الله المكي، وعمرو بن فائد الأسواري، الضرير. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (1/ 399)، الكشاف (1/ 95)، تفسير الرازي (1/ 498). (¬2) البيت من بحر الوافر، وهو مجهول القائل، والبيت من شواهد سيبويه كما ذكر عبد القادر البغدادي في خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب-الموسوعة الشعرية

«كسبتم» هنا، وفيما يأتي؛ على استئناف ما بعده، وقال أبو عمرو في الثلاثة: كاف. {يَعْمَلُونَ (134)} [134] تام. {أَوْ نَصَارَى} [135] ليس بوقف؛ لأن «تهتدوا» مجزوم على جواب الأمر، والأصل فيه تهتدون، فحذفت النون للجازم عطفًا على جواب الأمر. {تَهْتَدُوا} [135] حسن، وقال أبو عمرو: تام. {حَنِيفًا} [135] صالح، إن جعل ما بعده من مقول القول، أي: قل بل ملة إبراهيم، وقل ما كان إبراهيم، وعلى هذا التقدير لا ينبغي الوقف على «حنيفًا» إلَّا على تجوز؛ لأن ما بعده من تمام الكلام الذي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقوله، وكاف إن جعل ذلك استئنافًا، وانتصب «ملة» على أنه خبر كان، أي: بل تكون ملة إبراهيم، أي: أهل ملة، أو نصب على الإغراء، أي: الزموا ملة، أو نصب بإسقاط حرف الجر، والأصل نقتدي بملة إبراهيم، فلما حذف حرف الجر انتصب. {مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)} [135] تام. {مِنْ رَبِّهِمْ} [136] جائز، ومثله «منهم». {مُسْلِمُونَ (136)} [136] تام. {فَقَدِ اهْتَدَوْا} [137] حسن، ومثله «في شقاق»؛ للابتداء بالوعد مع الفاء. {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} [137] صالح؛ لاحتمال الواو بعده للابتداء والحال. {الْعَلِيمُ (137)} [137] تام إن نصب ما بعده على الإغراء، أي: الزموا، والصبغة دين الله، وليس بوقف إن نصب بدلًا من «ملة». {صِبْغَةَ اللَّهِ} [138] حسن. {صِبْغَةً} [138] أحسن منه؛ لاستئناف ما بعده، وليس بوقف إن جُعِل جملة في موضع الحال. {عَابِدُونَ (138)} [138] تام. {وَرَبُّكُمْ} [139] حسن، ومثله «أعمالكم». {مُخْلِصُونَ (139)} [139] كاف، إن قرئ: «أم يقولون» بالغيبية، وجائز على قراءته بالخطاب (¬1)، ولا وقف من قوله: «أم يقولون»، إلى قوله: «أو نصارى» فلا يوقف على «أم يقولون»، ولا على «الأسباط»؛ لأنَّ «كانوا» خبر «إن» فلا يوقف على اسمها دون خبرها. {أَوْ نَصَارَى} [140] كاف على القراءتين، وقال الأخفش: تام على قراءة من قرأ: «أم تقولون» ¬

_ (¬1) قرأ ابن عامر وعاصم في رواية حفص وحمزة والكسائي: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ} بالتاء، وقرأ الباقون بالياء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 149)، الإعراب للنحاس (1/ 219)، الإملاء للعكبري (1/ 39)، البحر المحيط (1/ 414)، التيسير (ص: 77).

بالخطاب؛ لأنَّ من قرأ به جعله استفهامًا متصلًا بما قبله، ومن قرأ بالغيبة جعله استفهامًا منقطعًا عن الأول؛ فساغ أن يكون جوابه ما بعده (¬1). {أَمِ اللَّهُ} [140] تام. {مِنَ اللَّهِ} [140] حسن. {تَعْمَلُونَ (140)} [140] تام. {يَعْمَلُونَ (141)} [141] تام. {عَلَيْهَا} [142] كاف؛ للابتداء بالأمر. {وَالْمَغْرِبُ} [142] جائز، وليس منصوصًا عليه. {مُسْتَقِيمٍ (142)} [142] تام. {شَهِيدًا} [143]، و {عَقِبَيْهِ} [143]، و {هَدَى اللَّهُ} [143] كلها حسان. {إِيمَانَكُمْ} [143] كاف؛ للابتداء بـ «إن». {رَحِيمٌ (143)} [143] تام. {فِي السَّمَاءِ} [144] صالح؛ لأن الجملتين -وإن اتفقتا- فقد دخل الثانية حرفا توكيد يختصان بالقسم، والقسم مصدر، قاله السجاوندي. {تَرْضَاهَا} [144] جائز؛ لأن الفاء لتعجيل الموعود. {الْحَرَامِ} [144] حسن. {شَطْرَهُ} [144] أحسن منه. {مِنْ رَبِّهِمْ} [144] كاف. {يَعْمَلُونَ (144)} [144] تام. {بِكُلِّ آَيَةٍ (145)} [145] ليس بوقف؛ لأن قوله: «ما تبعوا قبلتك» جواب الشرط. {قِبْلَتَكَ} [145] جائز. {قِبْلَتَهُمْ} [145] حسن. {بَعْضٍ} [145] أحسن منه. {مِنَ الْعِلْمِ} [145] ليس بوقف؛ لأن «إنك» جواب القسم، ولا يفصل بين القسم وجوابه بالوقف. {الظَّالِمِينَ (145)} [145] تام. ¬

_ (¬1) سبق الإشارة إليها.

{أَبْنَاءَهُمْ} [146] حسن. {وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)} [146] تام على أن «الحق» مبتدأ، وخبره «من ربك»، أو مبتدأ والخبر محذوف، أي: الحق من ربك يعرفونه، أو «الحق» خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الحق من ربك، أو مرفوع بفعل مقدر، أي: جاءك الحق من ربك، فعلى هذه الوجوه يكون تامًّا، وليس بوقف إن نصب «الحق» بدلًا من الحق، أي: ليكتمون الحق من ربك، وعلى هذا لا يوقف على «يعلمون»؛ لأنه لا يفصل بين البدل والمبدل منه. {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [147] جائز. {الْمُمْتَرِينَ (147)} [147] تام. {الْخَيْرَاتِ} [148] حسن، ومثله «جميعًا». {قَدِيرٌ (148)} [148] تام. {الْحَرَامِ} [149] كاف، ومثله «من ربك». {عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)} [149] تام؛ سواءٌ قرئ بتاء الخطاب، أو بياء الغيبة (¬1). {الْحَرَامِ} [150] الأخير حسن. {شَطْرَهُ} [150] ليس بوقف؛ للام العلة بعده، ولا يوقف على حجة إن كان الاستثناء متصلًا، وعند بعضهم يوقف عليه إن كان منقطعًا؛ لأنه في قوة لكن، فيكون ما بعده ليس من جنس ما قبله. {وَاخْشَوْنِي} [150] بإثبات الياء وقفًا ووصلًا. ومثله في إثبات الياء {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]. و {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي} [الأنعام: 161]. و {فَهُوَ الْمُهْتَدِي} [الأعراف: 178]. و {فَكِيدُونِي} [هود: 55]. و {مَا نَبْغِي} [يوسف: 65]. و {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108]. و {أَبَشَّرْتُمُونِي} [الحجر: 54]. و {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي} [الكهف: 70]. و {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ} [مريم: 43]. ¬

_ (¬1) قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بالتاء، والباقون بالياء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 150)، البحر المحيط (1/ 430)، التيسير (ص: 77)، تفسير القرطبي (2/ 161)، الحجة لأبي زرعة (ص: 116)، النشر (2/ 223).

و {فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)} [طه: 90]. و {أَنْ يَهْدِيَنِي} [القصص: 22]. و {وَأَنِ اعْبُدُونِي} [يس: 61]. {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي} [المنافقون: 10] هذه كلها بالياء الثابتة كما هي في مصحف عثمان بن عفان، وما ثبت فيه لم يجز حذفه في التلاوة بحال لا في الوصل ولا في الوقف، وقطعوا: «حيث» عن «ما» في: «وحيث ما كنتم» في الموضعين (¬1). {وَاخْشَوْنِي} [البقرة: 150] جائز، وتبتدئ «ولأتم نعمتي» وكذا كل لام قبلها واو، ولم يكن معطوفًا على لام كي قبلها، فإن عطف على لام قبلها، كقوله تعالى: «ولتعلموا عدد السنين»؛ فإنه معطوف على «لتبتغوا فضلًا»؛ لأن لام العلة في التعلق كلام كي، فلا يوقف على «فضلًا من ربكم»، ولا على «مبصرة»؛ لشدة التعلق كما سيأتي. {تَهْتَدُونَ (150)} [150] تام، إن علق كما بقوله: «فاذكروني»، وليس بوقف إن علق بقوله قبل: «ولأتم»، أي: فاذكروني كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم؛ فإن جزاء هذه النعمة هو: ذكري والشكر لي، وعلى هذا لا يوقف على «تعلمون»؛ لتعلق الكاف بما بعدها من قوله: «فاذكروني»، ولا يوقف على «تهتدون» إن علقت الكاف بما قبلها من «ولأتم»، والمعنى على هذا: أن الله أمرهم بالخشية؛ ليتم نعمته عليهم في أمر القبلة، كما أنعم عليهم بإرسال الرسول، وعلى هذا التأويل يوقف على «تعلمون». {أَذْكُرْكُمْ} [152] كاف، على أن الكاف من قوله: «كما» متعلقة بما قبلها. {وَلَا تَكْفُرُونِ (152)} [152] تام؛ للابتداء بالنداء. {وَالصَّلَاةِ} [153] جائز عند بعضهم، وبعضهم لم يوقف عليه، وجعل قوله: «إن الله» جواب الأمر، ومثله يقال في «وأحسنوا إنّ الله يجب المحسنين»، وفي النهي «ولا تعتدوا». {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} [153] كاف، ومثله «أموات»، وكذا «لا تشعرون»، و «الثمرات». {الصَّابِرِينَ (153)} [153] تام إن رفع «الذين» مبتدأ، وخبره «أولئك»، أو رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: هم الذين، وكاف إن نصب بأعني مقدرًا، وليس بوقف إن جعل نعتًا لـ «الصابرين»، أو بدلًا منهم؛ لأنه لا يفصل بين النعت والمنعوت، ولا بين البدل والمبدل منه بالوقف. {مُصِيبَةٌ} [156] ليس بوقف؛ لأن «قالوا» جواب «إذا». {رَاجِعُونَ (156)} [156] تام، ما لم يجعل «أولئك» خبرًا لقوله: «الذين إذا أصابتهم مصيبة»؛ فلا يفصل بين المبتدأ والخبر بالوقف. ¬

_ (¬1) وهما الآيتان [144، 150]، من سورة البقرة.

{وَرَحْمَةٌ} [157] جائز. {الْمُهْتَدُونَ (157)} [157] تام. {شعائِرِ اللَّهِ} [158] كاف، ومن وقف على «جناح»، وابتدأ «عليه أن يطوف بهما»؛ ليدل على أن السعي بين الصفا والمروة واجب -فعليه إغراء، أي: عليه الطواف، وإغراء الغائب ضعيف، والفصيح إغراء المخاطب. يُروى أن المسلمين امتنعوا من الطواف بالبيت؛ لأجل الأصنام التي كانت حوله للمشركين، فأنزل الله هذه الآية، أي: فلا إثم عليه في الطواف في هذه الحالة، وقيل: إن الصفا والمروة كانا آدميين، فزنيا في جوف الكعبة فمسخا فكره المسلمون الطواف بهما، فأنزل الله الرخصة في ذلك. {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [158] حسن، وقيل: كاف. {شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} [158] تام. {فِي الْكِتَابِ} [159] ليس بوقف؛ لأن «أولئك» خبر «إن»؛ فلا يفصل بين اسمها وخبرها بالوقف، ومثله «اللاعنون»؛ للاستثناء بعده. {أَتُوبُ عَلَيْهِمْ} [160] جائز. {الرَّحِيمُ (160)} [160] تام. {وَهُمْ كُفَّارٌ} [161] ليس بوقف؛ لأن خبر «إن» لم يأت بعد. {أَجْمَعِينَ (161)} [161] ليس بوقف، ولم ينص أحد عليه، ولعل وجه عدم حسنه أن «خالدين» منصوب على الحال من ضمير «عليهم»، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {خَالِدِينَ فِيهَا} [162] حسن، وقال أبو عمرو: صالح؛ لأن ما بعده يصلح أن يكون مستأنفًا وحالًا. {يُنْظَرُونَ (162)} [162] تام. {إِلَهٌ وَاحِدٌ} [163] جائز؛ لأن ما بعده يصلح أن يكون صفة، أو استئناف إخبار. {الرَّحِيمُ (163)} [163] تام، ولا وقف من قوله: «إن في خلق السموات» إلى «يعقلون»؛ فلا يوقف على «الأرض»، ولا على «النهار»، ولا على «الناس»، ولا «بعد موتها»، ولا «بين السماء والأرض»؛ لأن العطف يصيِّر الأشياء كالشيء الواحد. {يَعْقِلُونَ (164)} [164] تام، فإن قيل: لِمَ ذَكَر في هذه الآية أدلة ثمانية، وختمها بـ «يعقلون»، وفي آخر آل عمران ذكر ثلاثة، وختمها بـ «أولي الألباب»؟ فلِمَ لا عكس؟ لأن ذا اللب أحض وأقوى على إتقان الأدلة الكثيرة والنظر فيها من ذي العقل، كذا أفاده بعض مشايخنا. {كَحُبِّ اللَّهِ} [165] حسن، ومثله «حبًا لله»، وقال أبو عمرو فيهما: تام.

{الْعَذَابَ} [165] حسن لمن قرأ: «ولو ترى» بالتاء الفوقية، وكسر الهمزة من «أن القوة لله ... وأن الله شديد العذاب»، وهو نافع ومن وافقه من المدينة (¬1)، وحذف جواب «لو» تقديره: لرأيت كذا وكذا، والفاعل السامع مضمرًا، كقول الشاعر: فلو أنَّها نفسٌ تموتُ سويةً ... ولكنَّها نفسٌ تساقطُ أنفسًا (¬2) أراد: لو ماتت في مرة واحدة لاستراحت، ومن فتح «أن» فالوصل أولى؛ لأن التقدير: ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب لعلموا أن القوة لله؛ فـ «أن» من صلة الجواب إلَّا أنه حذف الجواب؛ لأن في الكلام ما يدل عليه، أو هي منصوبة بـ «يرى»، أي: ولو يرى الذين ظلموا وقت رؤيتهم العذاب أن القوة لله جميعًا -لرأيتهم يقولون: إن القوة لله جميعًا، فعلى هذين لا يوقف على «العذاب». {شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)} [165] حسن؛ من حيث كونه رأس آية، وليس وقفًا؛ لأن «إذ» بدل من «إذ» قبله. {الْأَسْبَابُ (166)} [166] كاف. {مِنَّا} [167] حسن، قاله الكلبي (¬3)؛ لأن العامل في «كذلك يريهم»؛ فكأنه قال: يريهم الله أعمالهم السيئة كتبرى بعضهم من بعض، والمعنى: تمني الاتباع لو رجعوا إلى الدنيا؛ حتى يطيعوا، وتبرءوا من المتبوعين مثل ما تبرأ المتبوعون منهم أولًا. {حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} [167] كاف؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل حالًا. {مِنَ النَّارِ (167)} [167] تام؛ للابتداء بالنداء. {طَيِّبًا} [168] حسن. {الشَّيْطَانِ} [168] أحسن منه. {مُبِينٌ (168)} [168] تام. {وَالْفَحْشَاءِ} [169] ليس بوقف؛ لعطف ما بعده على ما قبله. {تَعْلَمُونَ (169)} [169] كاف، {آَبَاءَنَا} [170] كذلك؛ للابتداء بالاستفهام. {يَهْتَدُونَ (170)} [170] تام. {وَنِدَاءً} [171] كاف. {لَا يَعْقِلُونَ (171)} [171] تام؛ للابتداء بالنداء. {مَا رَزَقْنَاكُمْ} [172] جائز، وليس منصوصًا عليه. {تَعْبُدُونَ (172)} [172] تام. {لِغَيْرِ اللَّهِ} [173] جائز. {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [173] كاف. {رَحِيمٌ (173)} [173] تام. {ثَمَنًا قَلِيلًا} [174] ليس بوقف؛ لأن خبر «إن» لم يأت بعد. {النَّارَ} [174] جائز. {وَلَا يُزَكِّيهِمْ} [174] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل في موضع الحال لا يوقف عليه، ولا على «النار» قبله. {أَلِيمٌ (174)} [174] تام، ومثله «بالمغفرة»، وكذا «على النار». {بِالْحَقِّ} [176] كاف. {بَعِيدٍ (176)} [176] تام. ولا وقف من قوله: «ليس البر» إلى «وآتى الزكاة»؛ لاتصال الكلام بعضه ببعض، فلا يوقف على «والمغرب»؛ لاستدراك ما بعده، ولا يوقف على «من آمن بالله»؛ لأن الإيمان بالله منفردًا من غير تصديق بالرسل، وبالكتب، وبالملائكة -لا ينفع، ولا على «واليوم الآخر»، ولا على «النبيين»؛ لأن ما بعده معطوف على ما قبله، وأجاز بعضهم الوقف عليه؛ لطول الكلام، ولا يوقف على «وابن السبيل»؛ لأن ما بعده معطوف على ما قبله. {وَآَتَى الزَّكَاةَ} [177] تام. «والموفون» مرفوع خبر مبتدأ محذوف، أي: وهم الموفون، والعامل في «إذا» الموفون، أي: لا يتأخر إيفاؤهم بالعهد عن وقت إيقاعه، قاله أبو حيان (¬4)، وليس بوقف إن عطف على الضمير المستتر في ¬

_ (¬1) الكسر لأبي جعفر ويعقوب والفتح لباقي القراء، وهذا خطأ من المصنف، لأن نافع لم يرد عنه الكسر حتى في غير المتواتر. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 151)، الإعراب للنحاس (1/ 228)، البحر المحيط (1/ 471)، تفسير الطبري (3/ 282)، تفسير القرطبي (2/ 205)، تفسير الرازي (2/ 75)، النشر (2/ 224). (¬2) البيت من بحر الطويل، وقائله امرؤ القيس، من قصيدة يقول في مطلعها: أَلِمّا عَلى الرَبعِ القَديمِ بِعَسعَسا ... كَأَنّي أُنادي أَو أُكَلِّمُ أَخرَسا - الموسوعة الشعرية (¬3) أبو ثور الكلبي (000 - 240 هـ = 000 - 854 م) إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي، أبو ثور: الفقيه صاحب الإمام الشافعي، قال ابن حِبّان: كان أحد أئمة الدنيا فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلًا، صنّف الكتب وفرّع على السنن، وذبَّ عنها، يتكلم في الرأي فيخطئ ويصيب. مات ببغداد شيخًا. وقال ابن عبد البر: له مصنفات كثيرة منها: كتاب ذكر فيه اختلاف مالك والشافعي وذكر مذهبه في ذلك، وهو أكثر ميلًا إلى الشافعي في هذا الكتاب وفي كتبه كلها. انظر: الأعلام للزركلي (1/ 37). (¬4) أبو حيان النحوي (654 - 745 هـ = 1256 - 1344 م) محمد بن يوسف بن على بن يوسف ابن حيان الغرناطي الأندلسي الجيانى، النفزي، أثير الدين، أبو حيان: من كبار العلماء بالعربية والتفسير والحديث والتراجم واللغات، ولد في إحدى جهات غرناطة، ورحل إلى مالقة، وتنقل إلى أن أقام بالقاهرة، وتوفى فيها، بعد أن كف بصره، واشتهرت تصانيفه في حياته وقرئت عليه، من كتبه: البحر المحيط -في تفسير القرآن، والنهر -اختصر به البحر المحيط، ومجاني العصر -في تراجم رجال عصره، وطبقات نحاة الأندلس، وزهو الملك في نحو الترك، والإدراك للسان الأتراك، ومنطق الخرس في لسان الفرس، ونور الغبش في لسان الحبش وتحفة الأريب -في غريب القرآن، ومنهج السالك في الكلام على ألفية ابن مالك، والتذييل والتكميل -في شرح التسهيل لابن مالك، نحو، وعقد اللآلي -في القراءات، والحلل الحالية في أسانيد القرآن العالية، والتقريب، والمبدع -في التصريف، والنضار -مجلد ضخم ترجم به نفسه وكثيرًا من أشياخه، وارتشاف الضرب من لسان العرب، واللمحة البدرية في علم العربية، وله شعر في ديوان. انظر: الأعلام للزركلي (7/ 152).

«من آمن»، كأنه قال: ولكن ذوي البر من آمن ومن أقام الصلاة، ومن آتى الزكاة، ومن أوفى. {إِذَا عَاهَدُوا} [177] حسن، و «الصابرين» منصوب على المدح كقول الشاعر: لَا يَبْعُدَنَّ قَوْمِي الَّذِين هُمُ ... سُمُّ العَدَاةِ وَآفَةُ الجزِر النَّازِلِينَ بِكُلِّ مُعْتَرَكٍ ... وَالطَّيِّبُونَ مَعَاقِدَ الأُرْزِ (¬1) وقد ينصبون ويرفعون على المدح {وَحِينَ الْبَأْسِ} [177] كاف غير تام، وقال أبو حاتم السجستاني: تام، قال السخاوي: وما قاله خطأ؛ لأن قوله: «أولئك الذين صدقوا» خبر، وحديث عنهم فلا يتم الوقف قبله. {الْمُتَّقُونَ (177)} [177] تام. {فِي الْقَتْلَى} [178] حسن إن رفع ما بعده بالابتداء، وليس بوقف إن رفع بالفعل المقدر، والتقدير: أن يقاص الحر بالحر، ومثله «الأنثى بالأنثى». {بِإِحْسَانٍ} [178] جائز. {وَرَحْمَةٌ} [178] كاف. {عَذَابٌ أَلِيمٌ (178)} [178] تام. {فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [179] كاف، كذا قيل، وليس بشيء؛ لأن الابتداء بالنداء المجرد لا يفيد، إلَّا أن يقترن بالسبب الذي من أجله نودي، فتقول: يأيها الناس اتقوا ربكم، يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله، ومن قال: يضمر قبل النداء فعل تقديره: اعلموا يا أولي الألباب -قوله فاسد؛ لأن الأوامر ¬

_ (¬1) البيت من بحر الطويل، والبيت جاء في مطلع قصيدة للخِرنِقِ بِنتِ بَدر. الخِرنِقِ بِنتِ بَدر (? - 50 ق. هـ/? - 574 م) الخرنق بنت بدر بن هفان بن مالك من بني ضبيعة، البكرية العدنانية، شاعرة من الشهيرات في الجاهلية، وهي أخت طرفة ابن العبد لأمه، وفي المؤرخين من يسميها الخرنق بنت هفان بن مالك بإسقاط بدر، تزوجها بشر بن عمرو بن مَرْشَد سيد بني أسد، وقتلهُ بنو أسد يوم قلاب (من أيام الجاهلية)، فكان أكثر شعرها في رثائه ورثاء من قتل معه من قومها ورثاء أخيها طرفة.-الموسوعة الشعرية

والنواهي التي تقترن بالنداء لا نهاية لها، فإذا أضمر أحدها لم يتميز عن أخواته، رسموا «أولي» بواو بعد الهمزة في حالتي النصب والجر فرقًا بينها وبين إلى التي هي حرف جر، كما فرق بين أولئك التي هي اسم إشارة، وبين إليك جارًا ومجرورًا، «أولي» منادى مضاف وعلامة نصبه الياء. {تَتَّقُونَ (179)} [179] تام، حذف مفعوله تقديره: القتل بالخوف من القصاص {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [180] حسن، كذا قيل: وليس بشيء؛ لأن قوله: «الوصية» مرفوعة بـ «كتب» الذي هو فعل ما لم يسم فاعله، وأقيمت «الوصية» مقام الفاعل فارتفعت به، والمعنى: فرض عليكم الوصية، أي: فرض عليكم أن توصوا وأنتم قادرون على الوصية، أو مرفوعة باللام في «للوالدين» بمعنى: فقيل لكم الوصية للوالدين بإضمار القول، ولا يجوز الفصل بين الفعل وفاعله، ولا بين القول ومقوله، لكن بقي احتمال ثالث، وهو أنها مرفوعة بالابتداء وما بعدها، وهو قوله: «للوالدين» خبرها، ومفعول «كتب» محذوف، أي: كتب عليكم أن توصوا، ثم بيََّن لمن الوصية، أو خبره محذوف، أي: الإيصاء كتب، أي: فرض عليكم الوصية للوالدين والأقربين، فعلى هذا يحسن الوقف على خيرًا. {بِالْمَعْرُوفِ} [180] كاف، إن نصب «حقًّا» على المصدر، كأنه قال: أحق ذلك اليوم عليكم حقًّا، أو وجب وجوبًا، أو كتب عليكم الوصية حقًّا. {عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)} [180] كاف. و {يُبَدِّلُونَهُ} [181]، و {سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)} [181]، و {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [182] كلها حسان. {رَحِيمٌ (182)} [182] تام؛ للابتداء بالنداء. {تَتَّقُونَ (183)} [183] جائز؛ لأنه رأس آية، وليس بحسن؛ لأن ما بعده متعلق بـ «كتب»؛ لأن «أيامًا» منصوب على الظرف، أي: كتب عليكم الصيام في أيام معدودات؛ فلا يفصل بين الظرف وبين ما عمل فيه من الفعل، وقيل: منصوب؛ على أنه مفعول ثان لـ «كتب»، أي: كتب عليكم أن تصوموا أيامًا معدودات. والوقف على {مَعْدُودَاتٍ} [184]، و {مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [184]، و {طَعَامُ مِسْكِينٍ} [184] كلها حسان. {فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [184] أحسن مما قبله. {تَعْلَمُونَ (184)} [184] تام، إن رفع «شهر» بالابتداء، وخبره «الذي أنزل فيه القرآن»، وكاف إن رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: المفترض عليكم، أو هي، أو الأيام شهر رمضان، ومثل ذلك من نصبه على الإغراء، أو حسن إن نصب بفعل مقدر، أي: صوموا شهر رمضان، وليس بوقف إن جعل بدلًا من «أيام معدودات»، كأنه قال: أيامًا معدودات شهر رمضان، والبدل والمبدل منه كالشيء الواحد، أو بدلًا من «الصيام» على أن تجعله اسم ما لم يسم فاعله، أي: كتب عليكم شهر رمضان.

{وَالْفُرْقَانِ} [185] كاف، وقيل: تام؛ للابتداء بالشرط. {فَلْيَصُمْهُ} [185]، و {مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [185]، و {الْعُسْرَ} [185] كلها (حسان)، وقال أحمد بن حسان: «ولا يريد بكم العسر» كاف، على أن اللام في قوله: «ولتكملوا العدة» متعلقة بمحذوف تقديره: وفعل هذا لتكملوا العدة، وهو مذهب الفراء، وقال غيره: اللام متعلقة بيريد مضمرة، والتقدير: ويريد لتكملوا العدة قاله النكزاوي. {تَشْكُرُونَ (185)} [185] تام. {فَإِنِّي قَرِيبٌ} [186] حسن، ومثله «إذا دعان» والياءان من «الداع»، و «دعان» من الزوائد؛ لأن الصحابة لم تثبت لها صورة في المصحف العثماني؛ فمن القراء من أسقطها للرسم وقفًا ووصلًا، ومنهم من يثبتها في الحالين، ومنهم من يثبتها وصلًا ويحذفها وقفًا، وجملة هذه الزوائد اثنان وستون فأثبت أبو عمرو وقالون هاتين الياءين وصلًا وحذفاها وقفًا، كما سيأتي مبينًا في محله. {يَرْشُدُونَ (186)} [186] تام. {نسائكم} [187] حسن، وقيل: كاف؛ لأن «هن» مبتدأ. والوقف على {لَهُنَّ} [187] و {عَنْكُمْ} [187]، و {لَكُمُ} [187] كلها (حسان)، وقيل: الأخير أحسن منهما؛ لعطف الجملتين المتفقتين مع اتفاق المعنى. {مِنَ الْفَجْرِ} [187] جائز. {إِلَى اللَّيْلِ} [187] حسن، وكذا «المساجد». {فَلَا تَقْرَبُوهَا} [187] حسن، وقال أبو عمرو: كاف. {يَتَّقُونَ (187)} [187] تام. {إِلَى الْحُكَّامِ} [188]، و {بِالْإِثْمِ} [188] ليسا بوقف؛ للام العلة في الأول، ولواو الحال في الثاني. {تَعْلَمُونَ (188)} [188] تام. {عَنِ الْأَهِلَّةِ} [189] جائز، وأبى الوقف عليه جماعة؛ لأنَّ ما بعده جوابه فلا يفصل بينهما. {وَالْحَجِّ} [189] كاف. {مِنْ ظُهُورِهَا} [189] ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده به عطفًا، واستدراكًا. {مَنِ اتَّقَى} [189] كاف، ومثله «من أبوابها». {تُفْلِحُونَ (189)} [189] تام. {وَلَا تَعْتَدُوا} [190] صالح؛ لأن قوله: «إن الله» جواب للنهي قبله فله به بعض تعلق. {الْمُعْتَدِينَ (190)} [190] تام.

{مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ} [191] حسن، ومثله «من القتل». {حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} [191] كاف؛ للابتداء بالشرط مع الفاء. {فَاقْتُلُوهُمْ} [191] جائز؛ لأنَّ قوله: «كذلك جزاء الكافرين» منقطع في اللفظ متصل المعنى. {الْكَافِرِينَ (191)} [191] كاف. {رَحِيمٌ (192)} [192] أكفى منه. {فِتْنَةٌ} [193] ليس بوقف؛ لأن ما بعده معطوف على ما قبله. {الدِّينُ لِلَّهِ} [193] حسن. {الظَّالِمِينَ (193)} [193] تام. {قِصَاصٌ} [194] كاف. {عَلَيْكُمْ} [194] حسن. {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [194] أحسن. {الْمُتَّقِينَ (194)} [194] تام. {إِلَى التَّهْلُكَةِ} [195] حسن. {وَأَحْسِنُوا} [195] جائز؛ لأنَّ «إن» جواب الأمر؛ فهو منقطع لفظًا متصل معنى. {الْمُحْسِنِينَ (195)} [195] كاف. {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ} [196] حسن لمن رفع و «العمرةُ» على الاستئناف، فلا تكون العمرة واجبة، وبها قرأ الشعبي (¬1) وعامر (¬2)، وتأولها أهل العلم بأن الله أمر بتمام الحج إلى انتهاء مناسكه، ثم استأنف الأخبار بأن العمرة لله؛ ليدل على كثرة ثوابها، وللترغيب في فعلها، وليس بوقف لمن نصبها عطفًا على «الحج»، فتكون داخلة في الوجوب وبهذه القراءة قرأ العامة (¬3). {((} [196] كاف، ومثله «من الهدى»، و «محله»، و «أو نسك»، و «من الهدى»، و «إذا» للشرط مع ¬

_ (¬1) الشعبي (19 - 103 هـ = 640 - 721 م) عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار، الشعبي الحميري، أبو عمرو: راوية، من التابعين، يضرب المثل بحفظه، ولد ونشأ ومات فجأة بالكوفة، اتصل بعبد الملك بن مروان، فكان نديمه وسميره ورسوله إلى ملك الروم، وكان ضئيلا نحيفًا، ولد لسبعة أشهر، وسئل عما بلغ إليه حفظه، فقال: ما كتبت سوداء في بيضاء، ولا حدثني رجل بحديث إلا حفظته، وهو من رجال الحديث الثقات، وكان فقيهًا. انظر: الأعلام للزركلي (3/ 251). (¬2) وهي قراءة شاذة ورويت أيضا عن: الحسن، وعلي، وابن عباس، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عمر. انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص: 155)، الإعراب للنحاس (1/ 243)، الإملاء للعكبري (1/ 50)، البحر المحيط (2/ 154)، الكشاف (1/ 120)، تفسير الرازي (2/ 158). (¬3) أي: عامة القراء، أي: العشرة.

الفاء، وجوابها محذوف، أي: فإذا أمنتم من خوف العدوِّ، أو المرض فامضوا. {إِلَى الْحَجِّ} [196] ليس بوقف؛ لأن قوله: «فما استيسر» جواب الشرط، وموضع «ما» رفع، فكأنه قال: فعليه ما استيسر من الهدى، فحذف الخبر؛ لأن الكلام يدل عليه، وقيل: موضعها نصب بفعل مضمر، كأنه قال: فيذبح ما استيسر من الهدي. {إِذَا رَجَعْتُمْ} [196] حسن. {كَامِلَةٌ} [196] أحسن منه. فائدة: من الإجمال بعد التفصيل قوله: «فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة»، أعيد ذكر العشرة؛ لدفع توهم أن الواو في «وسبعة» بمعنى: أو، فتكون الثلاثة داخلة فيها، وأتى بـ «كاملة»؛ لنفي احتمال نقص في صفاتها، وهي أحسن من تامة؛ فإن التمام من العدد قد علم، قاله الكرماني (¬1). {الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [196] حسن. فائدة تنفع القارئ: حذفت النون في «حاضري» في حالتي النصب والجر؛ للإضافة مع إثبات الياء خطًّا ساقطة في اللفظ وصلًا، ومثله «غير محلي الصيد» في المائدة، و «المقيمي الصلاة» في الحج، وفي التوبة «غير معجزي الله» في الموضعين، وفي مريم «إلَّا آتي الرحمن عبدًا»، وفي القصص «وما كنا مهلكي القرى»، فالياء في هذه المواضع كلها ثابتة خطًّا ولفظًا في الوقف وساقطة وصلًا؛ لالتقاء الساكنين، وأجمعوا على أن ما بعد الياء مجرور مضاف إليه؛ لأن الوصف المقرون بـ (أل) لا يضاف إلَّا لما فيه (أل)، أو لما أضيف لما فيه (أل)، نحو: «المقيمي الصلاة»، ونحو: الضارب رأس الجاني، ومن لا مساس له بهذا الفن يعتقد أو يقلد من لا خبرة له -أن النون تزاد حالة الوقف، ويظن أن الوقف على الكلمة يزيل ¬

_ (¬1) الكرماني ( .. - نحو 505 هـ = .. - نحو 1110 م) محمود بن حمزة بن نصر، أبو القاسم برهان الدين الكرماني، عالم بالقراءات، نقل في التفسير، آراء مستنكرة، في معرض التحذير منها، كان الأّوْلّى إهمالها، أثنى عليه ابن الجزرى وذكر بعض كتبه، ومنها: لباب التفاسير -وهو المعروف بكتاب: العجائب والغرائب -ضمّنه أقوالًا في معاني بعض الآيات، قال السيوطي في الإتقان: (لا يحل الاعتماد عليها ولا ذكرها إلّا للتحذير منها)، ومن ذلك أنه نقل قول: أبي مسلم في: (حم عسق): أنّ الحاء: حرب علي ومعاوية، والميم: ولاية المروانية، والعين: ولاية العباسية، والسين: ولاية السفيانية، والقاف: قدرة مهدى)، وقال: (أردت بذلك أن يعلم أن فيمن يدعى العلم حمقى!)، ومنه نقله قول من قال في: «ألم»، معنى ألف: ألف الله محمدًا فبعثه نبيًا، ومعنى لام: لامه الجاحدون وأنكروه، ومعنى ميم: الجاحدون المنكرون، من الموم، وهو البرسام!)، وثَمّة ترهات أخرى حكاها في تفسيره، نقل السيوطي بعضها ونقل طاش كبرى بعضًا آخر، واستنكرا إيراده لها، ومن كتبه: خط المصاحف، ولباب التأويل، والبرهان في متشابه القرآن، وشرح اللمع لابن جني، واختصاره، والإيجاز -مختصر الإيضاح للفارسي. انظر: الأعلام للزركلي (7/ 168).

حكم الإضافة، ولو زال حكمها لوجب أن لا يجر ما بعد الياء؛ لأن الجر إنما أوجدته الإضافة، فإذا زالت وجب أن يزول حكمها، وأن يكون ما بعدها مرفوعًا، فمن زعم رد النون فقد أخطأ، وزاد في القرآن ما ليس منه. {الْعِقَابِ (196)} [196] تام. {مَعْلُومَاتٌ} [197] كاف، يبني الوقف على «فسوقٌ»، ووصله على اختلاف القراء والمعربين في رفع «رفثٌ» وما بعده، فمن قرأ برفعهما والتنوين وفتح «جدالَ»، وبها قرأ أبو عمرو وابن كثير (¬1)، فوقفه على «فسوق» تام، ولا يوقف على شيء قبله، ثم يبتدئ «ولا جدال في الحج»، وليس «فسوق» بوقف لمن نصب الثلاثة، وهي قراءة الباقين (¬2)، واختلف في رفع «رفث»، و «فسوق»، فقيل بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: كائن أو مستقر في الحج، أو رفعهما على أن «لا» بمعنى: ليس، والخبر محذوف أيضًا، ففي «الحج» على الأول خبر ليس، وعلى الثاني خبر المبتدأ. وعليهما الوقف على {فُسُوقَ} [197] كاف، ومن نصب الثلاثة لم يفصل بوقف بينهما. {وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [197] كاف، وقيل: تام على جميع القراءات، أي: لا شك في الحج أنه ثبت في ذي الحجة. {مِنْ خَيْرٍ} [197] ليس بوقف؛ لأن «يعلمه الله» جواب الشرط. {يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [197] تام، ووقف بعضهم على «وتزودوا» فارقًا بين الزادين؛ لأن أحدهما زاد الدنيا، والآخر زاد الآخرة. {التَّقْوَى} [197] كاف، وعند قوم «واتقون»، ثم يبتدئ: «يا أولي الألباب»، وليس بشيء؛ لأن الابتداء بالنداء المجرد لا يفيد إلَّا أن يقرن بالسبب الذي من أجله نودي. و {الْأَلْبَابِ (197)} [197] تام. {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ} [198] ليس بوقف. {مِنْ رَبِّكُمْ} [198] حسن، ومثله «الحرام». {كَمَا هَدَاكُمْ} [198] ليس بوقف؛ لأن الواو بعده للحال، وقال الفراء: إن «أن» بمعنى: «ما»، واللام بمعنى إلَّا، أي: وما كنتم من قبله إلَّا من الضالين، والهاء في قبله راجعة إلى الهدى، أو إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعند قوم كما هداكم؛ لأنَّ الواو تصلح حالًا واستئنافًا، و «أن» بمعنى: قد، قاله ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص: 135)، الإعراب للنحاس (1/ 245)، الإملاء للعكبري (1/ 50)، البحر المحيط (2/ 88)، التيسير (ص: 80)، الحجة لابن خالويه (ص: 94)، الحجة لأبي زرعة (ص: 129)، السبعة (ص: 180)، الغيث للصفاقسي (ص: 155)، الكشاف (1/ 122)، تفسير الرازي (2/ 168). (¬2) وهم نافع وابن عامر وعاصم والكسائي وحمزة. انظر: المصادر السابقة.

السجاوندي، وعلى هذا يجوز الوقف عليه، والصحيح أنها مخففة من الثقيلة. {الضَّالِّينَ (198)} [198] كاف، و «ثم» لترتيب الأخبار. {أَفَاضَ النَّاسُ} [199] جائز. {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} [199] كاف. {رَحِيمٌ (199)} [199] تام، ومثله «ذكرًا». {مِنْ خَلَاقٍ (200)} [200] كاف، وكذا «عذاب النار»، ومثله «كسبوا». {الْحِسَابِ (202)} [202] تام باتفاق. {مَعْدُودَاتٍ} [203] كاف؛ لأن الشرط في بيان حكم آخر، والمعدودات هي صيام ثلاثة أيام بعد يوم النحر، والأيام المعلومات هي يوم النحر ويومان بعده؛ فيوم النحر معلوم للنحر غير معدود للرمي إلَّا العقبة الأولى، واليومان بعده معدودان معلومان، والرابع معدود غير معلوم. {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [203] الأول جائز، وقال يحيى بن نصير النحوي: لا يوقف على الأول حتى يؤتى بالثاني، وهذا جار في كل معادل، كما تقدم. و {عَلَيْهِ} [203] الثاني ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده به، أي: لمن اتقى الله في حجه وغيره. {لِمَنِ اتَّقَى} [203] حسن، وقال أبو عمرو: كاف. {تُحْشَرُونَ (203)} [203] تام. {عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} [204] قيل: ليس بوقف؛ لأن الواو بعده للحال. {الْخِصَامِ (204)} [204] كاف، ومثله «ليفسد» فيها لمن رفع، و «يهلك» بضم الياء، والكاف من «أهلك» على الاستئناف، أو خبر مبتدأ، أي: وهو يهلك. و {الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} [205] مفعولان بهما، أي: ليفسد فيها ويهلك، وليس بوقف لمن رفعه عطفًا على «يشهد»، أو نصبه نسقًا على «ليفسد»، وحكى ابن مقسم عن أبي حيوة الشامي: أنه قرأ: «ويَهلكَ» بفتح الياء والكاف معًا، و «الحرثُ والنسلُ» برفعهما (¬1)، كأنه قال: ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل على يده، والوقف إذًا على «والنسلَ» كقراءة الجماعة، و «يُهلكَ» بضم الياء وفتح الكاف، ونصب «الحرثَ والنسلَ» عطفًا على «ليفسد» (¬2)، والرابعة «ويهلكُ» بضم الكاف مضارع هلك، ورفع ما بعده، وكذا مع فتح اللام وهي لغة شاذة (¬3)؛ لفتح عين ماضيه، وليست عينه ولا لامه حرف حلق. ¬

_ (¬1) وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص: 155، 156)، الإعراب للنحاس (1/ 250)، الإملاء للعكبري (1/ 52)، البحر المحيط (2/ 116)، الكشاف (1/ 127). (¬2) وهي قراءة باقي القراء. انظر: المصادر السابقة. (¬3) وهي رواية شاذه، رويت عن الحسن وأبي بن كعب وابن أبي إسحاق وابن محيصن وعبد الوارث. انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (1/ 52)، البحر المحيط (2/ 116)، الكشاف (1/ 127)، تفسير الرازي (2/ 190).

{وَالنَّسْلَ} [205] كاف، ومثله «الفساد». {بِالْإِثْمِ} [206] جائز. {جَهَنَّمُ} [206] كاف. {الْمِهَادُ (206)} [206] تام. {مَرْضَاةِ اللَّهِ} [207] كاف. {بِالْعِبَادِ (207)} [207] تام. {كَافَّةً} [208] جائز، و «كافة» حال من الضمير في «ادخلوا»، أي: ادخلوا في الإسلام في هذه الحالة. {الشَّيْطَانِ} [208] كاف؛ للابتداء بـ «إنه»، ومثله «مبين». {حَكِيمٌ (209)} [209] تام؛ للابتداء بالاستفهام. {مِنَ الْغَمَامِ} [210] كاف لمن رفع «الملائكة» على إضمار الفعل، أي: وتأتيهم الملائكة. والوقف على {وَالْمَلَائِكَةُ} [210] حسن، سواء كانت «الملائكة» مرفوعة، أو مجرورة؛ لعطفها على فاعل «يأتيهم»، أي: وأتتهم الملائكة، وليس بوقف لمن قرأ بالجر (¬1)، وهو أبو جعفر يزيد بن القعقاع عطفًا على «الغمام»، كأنه قال: في ظلل من الغمام وفي الملائكة، وعليه فلا يوقف على «الغمام»، ولا على «الملائكة»، بل على «وقضي الأمر»، وهو حسن. {الْأُمُورُ (210)} [210] تام. {بَيِّنَةٍ} [211] حسن؛ لانتهاء الاستفهام. {الْعِقَابِ (211)} [211] تام. {آَمَنُوا} [212] حسن، ومثله «يوم القيامة». {بِغَيْرِ حِسَابٍ (212)} [212] تام. {وَاحِدَةً} [213] ليس بوقف؛ لفاء العطف بعده. {وَمُنْذِرِينَ} [213] جائز؛ لأن «مبشرين ومنذرين» حالان من «النبيين» حال مقارنة؛ لأن بعثهم كان وقت البشارة والنذارة، وقيل: حال مقدرة. {فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [213] حسن، ومثله «بغيًا بينهم». ¬

_ (¬1) قرأ السبعة بالرفع، وقرأ أبو جعفر بالكسر. انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص: 156)، الإعراب للنحاس (1/ 251)، الإملاء للعكبري (1/ 53)، البحر المحيط (2/ 125).

{بِإِذْنِهِ} [213] كاف، فإن قلت: ما معنى الهداية إلى الاختلاف والهداية إلى الاختلاف ضلال؟ فالجواب: أن أهل الكتاب اختلفوا وكفر بعضهم بكتاب بعض، فهدى الله المؤمنين فآمنوا بالكتب كلها؛ فقد هداهم الله لما اختلفوا فيه من الحق؛ لأن الكتب التي أنزلها الله تعالى حق وصدق، أو اختلفوا في القبلة فمنهم من يصلي إلى المشرق، ومنهم من يصلي إلى المغرب، ومنهم من يصلي إلى بيت المقدس فهدانا الله إلى الكعبة، واختلفوا في عيسى فجعلته اليهود ولد زنا، وجعلته النصارى إلهًا، فهدانا الله للحق فيه. فائدة: الذي في القرآن من الأنبياء ثمانية وعشرون نبيًّا، وجملتهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا، والمرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر نبيًّا، وكانت العرب على دين إبراهيم إلى أن غيَّره عمرو بن لُحيّ. {مُسْتَقِيمٍ (213)} [213] تام. {مِنْ قَبْلِكُمْ} [214] حسن؛ للفصل بين الاستفهام والإخبار، لأن «ولما يأتكم» عطف على «أم حسبتم» أي: حسبتم وألم يأتكم، قاله السجاوندي، و «لمَّا» أبلغ في النفي من لم، والفرق بين لمَّا ولم أن لمَّا قد يحذف الفعل بعدها بخلاف لم، فلا يجوز حذفه فيها إلَّا لضرورة. {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} [214] حسن، وقال أبو عمرو: كاف؛ للابتداء بأداة التنبيه. {قَرِيبٌ (214)} [214] تام. {يُنْفِقُونَ} [215] حسن. {وَابْنِ السَّبِيلِ} [215] أحسن منه؛ للابتداء بالشرط، و «ما» مفعول، أي: أيُّ شيء تفعلوا. {عَلِيمٌ (215)} [215] تام. {كُرْهٌ لَكُمْ} [216] حسن. {خَيْرٌ لَكُمْ} [216] كاف، ومثله «شر لكم». {لَا تَعْلَمُونَ (216)} [216] تام. {قِتَالٍ فِيهِ} [217] حسن. {كَبِيرٌ} [217] تام؛ لأن «وصد» مرفوع بالابتداء، وما بعده معطوف عليه، وخبر هذه الأشياء كلها «أكبر عند الله»؛ فلا يوقف على «المسجد الحرام»؛ لأن خبر المبتدأ لم يأت فلا يفصل بينهما بالوقف. {أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} [217] حسن، وقال الفراء: «وصد» معطوف على «كبير» ورد لفساد المعنى؛ لأن التقدير: عليه قل قتال فيه كبير، وقتال فيه كفر، قال أبو جعفر: وهذا القول غلط من وجهين: أحدهما: أنه ليس أحد من أهل العلم يقول: القتال فيه الشهر الحرام كفر، وأيضًا فإن بعده «وإخراج أهله منه أكبر عند الله»، ولا يكون إخراج أهل المسجد منه عند الله أكبر من القتل، والآخر: أن يكون «وصد عن سبيل الله» نسقًا على قوله: «قل قتال» فيكون المعنى: قل قتال فيه وصد عن سبيل الله وكفر به كبير،

وهذا فاسد؛ لأن بعده «وإخراج أهله منه أكبر عند الله» قاله النكزاوي. {مِنَ الْقَتْلِ} [217] أحسن منه. {إِنِ اسْتَطَاعُوا} [217] كاف. {وَهُوَ كَافِرٌ} [217] ليس بوقف؛ لأن ما بعده إشارة إلى من اتصف بالأوصاف السابقة. {وَالْآَخِرَةِ} [217] صالح؛ لأن ما بعده يجوز أن يكون عطفًا على الجزاء، ويجوز أن يكون ابتداء إخبار عطفًا على جملة الشرط، قاله أبو حيان. {أَصْحَابُ النَّارِ} [217] جائز، ويجوز في «هم» أن يكون خبرًا ثانيًا لـ «أولئك»، وأن يكون «هم فيه خالدون» جملة مستقلة من مبتدأ، وخبر، أو تقول: «أصحاب» خبر، و «هم فيها» خبر آخر، فهما خبران عن شيء واحد، وتقدم ما يغني عن إعادته. {خَالِدُونَ (217)} [217] تام. {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [218] ليس بوقف؛ لأن ما بعده خبر إن. {رَحْمَةَ اللَّهِ} [218] بالتاء المجرورة كاف. {رَحِيمٌ (218)} [218] تام. {وَالْمَيْسِرِ} [219] جائز. {لِلنَّاسِ} [219] حسن. {نَفْعِهِمَا} [219] كاف. {يُنْفِقُونَ} [219] حسن لمن قرأ: «العفوُ» بالرفع (¬1). {الْعَفْوَ} [219] كاف. {تَتَفَكَّرُونَ (219)} [219] ليس بوقف؛ لأن ما بعده متعلق به؛ لأنه في موضع نصب بما قبله، وهو «تتفكرون»، أو متعلق بقوله: «يبين الله»، فعلى هذين الوجهين لا يوقف على «تتفكرون»؛ لأن في الوقف عليه فصلًا بين العامل والمعمول. {وَالْآَخِرَةِ} [220] تام. {وَالْآَخِرَةِ} [220] حسن عند بعضهم. {خَيْرٌ} [220] أحسن منه. ¬

_ (¬1) قرأ أبوعمرو بالرفع وحده، وقرأ الباقون بالنصب. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 157)، الإعراب للنحاس (1/ 260)، الإملاء للعكبري (1/ 55)، البحر المحيط (2/ 159)، تفسير الطبري (4/ 346)، تفسير القرطبي (3/ 61)، الحجة لابن خالويه (ص: 96)، الحجة لابن زنجلة (ص: 133)، السبعة (ص: 182)، الغيث للصفاقسي (ص: 161)، النشر (2/ 227).

{فَإِخْوَانُكُمْ} [220] كاف. {مِنَ الْمُصْلِحِ} [220] حسن، ومثله «لأعنتكم». {حَكِيمٌ (220)} [220] تام. {حَتَّى يُؤْمِنَّ} [221] حسن؛ لأن بعده لام الابتداء. {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [221] كاف، و «لو» هنا بمعنى: إن، أي: وإن أعجبتكم. {حَتَّى يُؤْمِنُوا} [221] حسن؛ لأن بعده لام الابتداء. {وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [221] كاف. {إِلَى النَّارِ} [221] حسن؛ للفصل بين ذكر الحق والباطل، والوصل أولى؛ لأن المراد بيان تفاوت الدعوتين مع اتفاق الجملتين. {بِإِذْنِهِ} [221] كاف. {يَتَذَكَّرُونَ (221)} [221] تام. {الْمَحِيضِ} [222] جائز، وكذا «فاعتزلوا النساء في المحيض حتى يطهرن» بالتخفيف والتشديد (¬1)؛ فمن قرأ بالتخفيف، فإن الطهر يكون عنده بانقطاع الدم، فيجوز له الوقف عليه؛ لأنه وما بعده كلامان، ومن قرأ بالتشديد، فإن الطهر عنده يكون بالغسل، فلا يجوز له الوقف عليه؛ لأنه وما بعده كلام واحد. {أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [222] حسن. {يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [222] جائز. {الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [222] تام. {حَرْثٌ لَكُمْ} [223] ليس بوقف؛ لأن قوله: «نساؤكم» متصل بقوله: «فائتوا»؛ لأنه بيان له؛ لأن الفاء كالجزاء، أي: إذا كنَّ حرثًا فأتوا. {أَنَّى شِئْتُمْ} [223] حسن، ومثله «لأنفسكم». {مُلَاقُوهُ} [223] كاف. {الْمُؤْمِنِينَ (223)} [223] تام. {عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} [224] حسن، إن جعل موضع «أن تبروا» رفعًا بالابتداء، والخبر محذوف، ¬

_ (¬1) قرأ بالتشديد حمزة والكسائي، وقرأ الباقون بالتخفيف. انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص: 157)، الإملاء للعكبري (1/ 55)، البحر المحيط (2/ 168)، التيسير (ص: 80)، الحجة لابن خالويه (ص: 96)، الحجة لأبي زرعة (ص: 134)، السبعة (ص: 182)، الغيث للصفاقسي (ص: 161)، الكشاف (1/ 134)، تفسير الرازي (2/ 243).

أي: أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس -أفضل من اعتراضكم باليمين، وليس بوقف إن جعل موضع «أن» نصبًا بمعنى: العرضة، كأنه قال: ولا تعترضوا بأيمانكم لأن تبروا، فلما حذف اللام وصل الفعل فنصب، فلا يوقف على «لأيمانكم»؛ للفصل بين العامل والمعمول، ولو جعل -كما قال أبو حيان- «أن تبروا» وما بعده بدلًا من «أيمانكم» -لكان أولى في عدم الوقف؛ لأنه لا يفصل بين البدل والمبدل منه بالوقف (¬1). {بَيْنَ النَّاسِ} [224] كاف. {عَلِيمٌ (224)} [224] تام. {قُلُوبُكُمْ} [225] كاف. {حَلِيمٌ (225)} [225] تام. {أَشْهُرٍ} [226] حسن. {رَحِيمٌ (226)} [226] كاف. {عَلِيمٌ (227)} [227] تام. {قُرُوءٍ} [228]، و {وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} [228]، و {إِصْلَاحًا} [228]، و {بالمعروف} [228]، و {درجةً} [228] كلها حسان، والأخير أحسن مما قبله. {حَكِيمٌ (228)} [228] تام. {مَرَّتَانِ} [229] حسن. {بِإِحْسَانٍ} [229] أحسن منه. {حُدُودَ اللَّهِ} [229] الأول كاف، دون الثاني؛ لأن الفاء فيه للجزاء. {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [229] أكفى مما قبله. {فَلَا تَعْتَدُوهَا} [229] تام. {الظَّالِمُونَ (229)} [229] كاف، ومثله «غيره»، و «حدود الله». {يَعْلَمُونَ (230)} [230] تام. {بِمَعْرُوفٍ} [231] حسن. {لِتَعْتَدُوا} [231] تام. {نَفْسَهُ} [231] كاف، ومثله «هزوًا»، و «يعظكم به». {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [231] صالح. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (4/ 427)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{عَلِيمٌ (231)} [231] تام. {بِالْمَعْرُوفِ} [232] حسن، ومثله «واليوم الآخر». {وَأَطْهَرُ} [232] كاف. {لَا تَعْلَمُونَ (232)} [232] تام. {الرَّضَاعَةَ} [233] حسن، وكذا «وكسوتهن بالمعروف»، و «وسعها» على القراءتين، لكن من قرأ: «لا تضارَ» بالفتح أحسن (¬1)؛ لأنهما كلامان، ومن قرأ: بالرفع فالوصل أولى (¬2)؛ لأنه كلام واحد. {مِثْلُ ذَلِكَ} [233] أحسن. {عَلَيْهِمَا} [233] كاف. {بِالْمَعْرُوفِ} [233] حسن. {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [233] جائز. {بَصِيرٌ (233)} [233] تام. {وَعَشْرًا} [234] حسن، ومثله «بالمعروف». {خَبِيرٌ (234)} [234] تام. {فِي أَنْفُسِكُمْ} [235] حسن. {عَلِمَ اللَّهُ} [235] ليس بوقف؛ لأن ما بعده مفعول «علم». {قَوْلًا مَعْرُوفًا} [235] كاف. {أَجَلَهُ} [235] حسن. {فَاحْذَرُوهُ} [235] كاف. {حَلِيمٌ (235)} [235] تام. {فَرِيضَةً} [236] كاف على القراءتين في «تماسوهن»؛ قرأ حمزة والكسائي بالألف، والباقون «تمسوهن» من غير ألف (¬3). {وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [236] حسن عند أبي حاتم إن نصب متاعًا على المصدر بفعل مقدر، وأنه ¬

_ (¬1) وهم نافع وعاصم وحمزة قرءوا بنصب الراء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 158)، الإعراب للنحاس (1/ 268)، الإملاء للعكبري (1/ 57)، البحر المحيط (2/ 214)، التيسير (ص: 81)، تفسير الطبري (5/ 47)، تفسير القرطبي (3/ 167). (¬2) وهم ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والكسائي قرءوا برفع الراء. انظر: المصادر السابقة. (¬3) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 159)، الإملاء للعكبري (1/ 58)، البحر المحيط (2/ 231)، التيسير (ص: 81)، تفسير الطبري (5/ 118)، تفسير القرطبي (3/ 199)، النشر (2/ 228).

غير متصل بما يليه من الجملتين، وليس بوقف إن نصب على الحال من الواو في «ومتعوهن»، وقرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص: «قدَره» بفتح الدال (¬1). {الْمُحْسِنِينَ (236)} [236] كاف، ومثله «عقدة النكاح»، و «أقرب للتقوى»، و «بينكم». {بَصِيرٌ (237)} [237] تام. {الْوُسْطَى} [238] حسن، وإن كان ما بعده معطوفًا على ما قبله؛ لأنه عطف جملة على جملة، فهو كالمنفصل عنه، «الوسطى» عند الإمام مالك هي: الصبح، وعند أبي حنيفة، وأحمد، وفي رواية عن مالك إنها: العصر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب: «شغلونا عن الصلاة الوسطى، ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارًا» (¬2)، قاله النكزاوي. {قَانِتِينَ (238)} [238] كاف. {أَوْ رُكْبَانًا} [239] حسن؛ لأنَّ «إذا» في معنى الشرط. {تَعْلَمُونَ (239)} [239] تام. {أَزْوَاجًا} [240] حسن، إن رفع ما بعده بالابتداء، أي: فعليهم وصية لأزواجهم، أو رفعت «وصية» بكتب، أي: كتب عليهم وصية، و «لأزواجهم» صفة، والجملة خبر الأول، وليس بوقف لمن نصب «وصية» على المصدر، أي: يوصون وصية، وقال العماني: «والذين» مبتدأ، وما بعده صلة إلى قوله: «أزواجًا»، وما بعد «أزواجًا» خبر المبتدأ سواء نصبت أو رفعت، فلا يوقف على «أزواجًا»؛ لأن هذه الجملة في موضع خبر المبتدأ، فلا يفصل بين المبتدأ وخبره. و {لِأَزْوَاجِهِمْ} [240] حسن، إن نصب ما بعده بفعل مقدر من لفظه، أي: متعوهن متاعًا، أو من غير لفظه، ويكون مفعولًا، أي: جعل الله لهن متاعًا إلى الحول، وليس بوقف إن نصب حالًا مما قبله. {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [240] كاف، ومثله «من معروف». {حَكِيمٌ (240)} [240] تام. اتفق علماء الرسم على قطع «في» عن «ما» الموصولة في قوله هنا: {فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ} ¬

_ (¬1) وقرأ الباقون بسكون الدال. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 159)، البحر المحيط (2/ 233)، التيسير (ص: 81)، الحجة لابن خالويه (ص: 98)، الحجة لأبي زرعة (ص: 137). (¬2) أخرجه أحمد (1/ 144)، برقم: (1220)، وأبو يعلى (1/ 312)، برقم: (385)، ومسلم (1/ 436)، برقم: (627)، والدارمى (1/ 306)، برقم: (1232)، وأبو داود (1/ 112)، برقم: (409)، والترمذى (5/ 217)، برقم: (2984)، وابن خزيمة (2/ 289)، برقم: (1335)، وابن الجارود (1/ 49)، برقم: (157)، وأبى عوانة (1/ 296)، برقم: (1044)، والبيهقى (1/ 459)، برقم: (1998).

[240] الثاني في البقرة دون الأول. وفي قوله: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} [الأنعام: 145]. وفي قوله: {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ} [النور: 14]. وفي قوله: {فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ} [الأنبياء: 102]. وفي قوله: {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ} [المائدة: 48، والأنعام: 165]. وفي قوله: {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (61)} [الواقعة: 61]. وفي قوله: {فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ} [الروم: 28]. وفي قوله: {فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الزمر: 3]. وأما قوله: {فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ (146)} [الشعراء: 146] فهو من المختلف فيه، وغير ما ذكر موصول بلا خلاف، فمن ذلك: أول موضع في البقرة {فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [234]. و {فِيمَ كُنْتُمْ} [النساء: 97]. و {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43)} [النازعات: 43] فموصول باتفاق. {بِالْمَعْرُوفِ} [241] جائز، إن نصب «حقًّا» بفعل مقدر، أي: أحق ذلك حقًّا، وليس بمنصوص عليه. {الْمُتَّقِينَ (241)} [241] كاف. {تَعْقِلُونَ (242)} [242] تام. {حَذَرَ الْمَوْتِ} [243] ليس بوقف؛ لوجود الفاء، وفي الحديث: «إذا سمعتم أن الوباء بأرض فلا تقدموا عليها، وإن وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارًا منه» (¬1)، وفُهِم من قوله: «فرارًا منه» أنه لو كان الخروج لا على وجه الفرار، بل لحاجة فإنه لا يكره، وهذه الآية نزلت في قوم فروا من ¬

_ (¬1) أخرج نحوه مالك في الموطأ: (2611)، وعبد الرزاق برقم: (20159) عن معمر، وأحمد (1/ 194)، برقم: (1679)، قال: حدَّثنا عبد الرزاق، أنبأنا مَعْمر، وفي رقم: (1683)، قال: حدَّثنا إسحاق بن عيسى، أخبرني مالك، والبُخَارِي (7/ 168)، برقم: (5729)، قال: حدَّثنا عبد الله بن يوسف، أَخْبَرنا مالك، ومسلم (7/ 29)، برقم: (5837)، قال: حدَّثنا يحيى بن يحيى التميمي، قال: قرأت على مالك، وفي (7/ 130)، برقم: (5838)، قال: وحدَّثنا إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن رافع، وعبد بن حميد، قال ابن رافع: حدَّثنا، وقال الآخران: أَخْبَرنا عبد الرزاق، أَخْبَرنا مَعْمر، وفي رقم: (5839)، قال: وحدثنيه أبو الطاهر، وحرملة بن يحيى، قالا: أَخْبَرنا ابن وهب، أخبرني يونس، وأبو داود برقم: (3103)، قال: حدَّثنا القعنبي، عن مالك، والنَّسَائي في الكبرى برقم: (7480)، قال: أخبرني هارون بن عَبْد اللهِ، قال: حدَّثنا معن، قال: حدَّثنا مالك (ح) والحارث بن مسكين، قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم، قال: أَخْبَرنا مالك.

الطاعون، وقالوا: نأتي أرضًا لا نموت فيها، فأماتهم الله فمر بهم نبي فدعا الله، فأحياهم بعد ثمانية أيام حتى نتنوا، وكانوا أربعين ألفًا، وبعض تلك الرائحة موجودة في أجساد نسلهم من اليهود إلى اليوم، وهذه الموتة كانت قبل انقضاء آجالهم، ثم بعثهم ليعلمهم أن الفرار من الموت لا يمنعه إذا حضر الأجل. {ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [243] حسن. {عَلَى النَّاسِ} [243] ليس بوقف؛ للاستدراك بعده. {لَا يَشْكُرُونَ (243)} [243] تام. {سَبِيلِ اللَّهِ} [244] جائز، وليس بمنصوص عليه. {عَلِيمٌ (244)} [244] تام. {حَسَنًا} [245] حسن لمن رفع ما بعده على الاستئناف، وليس بوقف لمن نصبه جوابًا للاستفهام. {كَثِيرَةً} [245] حسن، ومثله «ويبسط»، وقال أبو عمرو فيهما: كاف. {تُرْجَعُونَ (245)} [245] تام. {مِنْ بَعْدِ مُوسَى} [246] جائز؛ لأنه لو وصله لصار «إذ» ظرفًا لقوله: «ألم تر»، وهو محال؛ إذ يصير العامل في «إذ تر»، بل العامل فيها محذوف، أي: إلى قصة الملأ، ويصير المعنى: ألم تر إلى ما جرى للملأ. {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [246] حسن. {أَلَّا تُقَاتِلُوا} [246] كاف. {أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [246] ليس بوقف؛ لأن الجملة المنفية بعده في محل نصب حال مما قبله، كأنه قيل: مالنا غير مقاتلين. {وأبنائنا} [246] حسن، ومثله «قليلًا منهم». {بِالظَّالِمِينَ (246)} [246] تام. {مَلِكًا} [247] حسن، ومثله «من المال». {وَالْجِسْمِ} [247] كاف، ومثله «من يشاء». {عَلِيمٌ (247)} [247] تام. {مِنْ رَبِّكُمْ} [248] جائز، وليس بمنصوص عليه. {الْمَلَائِكَةُ} [248] كاف، ومثله «مؤمنين»، وقال أبو عمرو: تام. {بِالْجُنُودِ} [249] ليس بوقف؛ لأن قال جواب لما.

{بِنَهَرٍ} [249] حسن؛ للابتداء بالشرط مع الفاء. {فَلَيْسَ مِنِّي} [249] جائز؛ للابتداء بشرط آخر مع الواو. {فَإِنَّهُ مِنِّي} [249] حسن؛ لأن ما بعده من الاستثناء في قوة لكن، فيكون ما بعده ليس من جنس ما قبله. {بِيَدِهِ} [249] كاف، ومثله «قليلًا منهم». {آَمَنُوا مَعَهُ} [249] ليس بوقف؛ لأن «قالوا» جواب لما فلا يفصل بينهما. {وَجُنُودِهِ} [249] كاف. {مُلَاقُو اللَّهِ} [249] ليس بوقف؛ للفصل بين القول ومقوله. {بِإِذْنِ اللَّهِ} [249] كاف، ومثله «الصابرين». {وَجُنُودِهِ} [250] الثاني ليس بوقف؛ لأن قالوا جواب لما. {صَبْرًا} [250] جائز، ومثله «وثبت أقدامنا». {الْكَافِرِينَ (250)} [250] كاف؛ لفصله بين الإنشاء والخبر؛ لأن ما قبله دعاء، وما بعده خبر. {بِإِذْنِ اللَّهِ} [251] حسن، وإن كانت الواو في «وقتل» للعطف؛ لأنه عطف جملة على جملة، فهو كالمنفصل عنه، وبعضهم وقف على «فهزموهم بإذن الله» دون ما قبله لمكان الفاء؛ لأن الهزيمة كانت قتل داود جالوت، وفي الآية حذف استغنى عنه بدلالة المذكورة عليه، ومعناه: فاستجاب لهم ربهم ونصرهم فهزموهم بنصر؛ لأن ذكر الهزيمة بعد سؤال النصر دليل على أنه كان معنى الإجابة، فيتعلق قوله: «فهزموهم» بالمحذوف، وتعلق المحذوف الذي هو الإجابة بالسؤال المتقدم، وعلى هذا لم يكن الوقف على الكافرين تامًّا، قاله النكزاوي، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {مِمَّا يَشَاءُ} [251] تام. {لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [251] ليس بوقف؛ للاستدراك بعده. {الْعَالَمِينَ (251)} [251] تام. {نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} [252] جائز. {الْمُرْسَلِينَ (252)} [252] تام، ومثله «على بعض» وجه تمامه أنه لما قال: «فضلنا بعضهم على بعض»، أي: بالطاعات -انقطع الكلام، واستأنف كلامًا في صفة منازل الأنبياء مفصلًا فضيلة كل واحد بخصيصية ليست لغيره كتسمية إبراهيم خليلًا، وموسى كليمًا، وإرسال محمد إلى كافة الخلق، أو المراد: فضلهم بأعمالهم؛ فالفضيلة في الأول شيء من الله تعالى لأنبيائه، والثانية: فضلهم بأعمالهم التي استحقوا بها الفضيلة، فقال في صفة منازلهم في النبوة غير الذي يستحقونه بالطاعة منهم من كلم الله يعني: موسى -عليه السلام-، و «رفع بعضهم درجات» يعني: محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ولو وصل لصار الجار وما

عطف عليه صفة لـ «بعض»، فينصرف الضمير في بيان المفضل بالتكليم إلى «بعض»، فيكون موسى من هذا البعض المفضل عليه غيره، لا من البعض المفضل على غيره بالتكليم، وقيل: الوقف على «بعض» حسن، ومثله «من كلم الله»، ومن وقف عليه ونوى بما بعده استئنافًا -كان كافيًا، وإن نوى به عطفًا كان صالحًا. {دَرَجَاتٍ} [253] حسن، ومثله «البينات»، و «بروح القدس»، و «اختلفوا». {مَنْ كَفَرَ} [253] أحسن. {مَا اقْتَتَلُوا} [253] الأولى وصله؛ لأن «لكن» حرف استدراك يقع بين ضدين، والمعنى: ولو شاء الله الاتفاق لاتفقوا، ولكن شاء الاختلاف فاختلفوا. {مَا يُرِيدُ (253)} [253] تام؛ للابتداء بعده بالنداء. {وَلَا شَفَاعَةٌ} [254] كاف. {الظَّالِمُونَ (254)} [254] تام؛ لأنَّ ما بعده مبتدأ، و «لا إله إلَّا هو» خبر. {إِلَّا هُوَ} [255] كاف، إن رفع ما بعده مبتدأ وخبرًا، أو خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الحي، أو جعل «الحي» مبتدأ، وخبره «لا تأخذه»، وليس بوقف إن جعل بدلًا من «لا إله إلَّا هو»، أو بدلًا من «هو» وحده، وإذا جعل بدلًا حل محل الأول، فيصير التقدير: الله لا إله إلَّا الله، وكذا لو جعل بدلًا من «الله»، أو جعل خبرًا ثانيًا للجلالة، السابع جعل «الحي» صفة لله، وهو أجودها؛ لأنه قرئ «الحيَّ القيومَ» بنصبهما على القطع (¬1)، والقطع إنما هو في باب النعت، تقول: جاءني عبد الله العاقل بالنصب وأنت تمدحه، وكلمني زيد الفاسق بالنصب تذمه، ولا يقال في هذا الوجه: الفصل بين الصفة والموصوف بالخبر؛ لأنا نقول: إن ذلك جائز، تقول: زيد قائم العاقل، ويجوز الفصل بينهما بالجملة المفسرة في باب الاشتغال، نحو: زيدًا ضربته العاقل؛ على أن العاقل صفة لـ «زيدًا» أجريت الجملة المفسرة مجرى الجملة الخبرية في قولك: زيد ضربته العاقل فلما جاز الفصل بالخبر جاز بالمفسرة. {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [255] كاف. {وَلَا نَوْمٌ} [255] حسن؛ السِّنَة: ثقل في الرأس، والنعاس في العينين، والنوم في القلب، وكررت «لا» في قوله: «ولا نوم» تأكيدًا، وفائدتها انتفاء كل منهما، قال زهير بن أبي سلمى (¬2): ¬

_ (¬1) وهي قراءة شاذة ذكرت في: الإملاء للعكبري (1/ 62)، والبحر المحيط (2/ 277)، ولم يذكر من رويت عنهم. (¬2) زُهَير بن أبي سُلمَى (? - 13 ق. هـ/? - 609 م) زهير بن أبي سلمى ربيعة بن رباح المزني، من مُضَر، حكيم الشعراء في الجاهلية وفي أئمة الأدب من يفضّله على شعراء العرب كافة، قال ابن الأعرابي: كان لزهير من الشعر ما لم يكن لغيره: كان أبوه شاعرًا، وخاله شاعرًا، وأخته سلمى شاعرة، وابناه كعب وبجير شاعرين، وأخته الخنساء شاعرة، ولد في بلاد مُزَينة بنواحي المدينة وكان يقيم في الحاجر (من ديار نجد)، واستمر بنوه فيه بعد الإسلام، قيل: كان ينظم القصيدة في شهر وينقحها ويهذبها في سنة فكانت قصائده تسمّى (الحوليات)، أشهر شعره معلقته التي مطلعها: (أمن أم أوفى دمنة لم تكلم)، ويقال: إن أبياته في آخرها تشبه كلام الأنبياء.-الموسوعة الشعرية

لَا سِنَةٌ فِي طُوَالِ الدَّهْرِ تَأْخُذُهُ ... وَلَا نِيَامَ وَلَا فِي أَمْرِهِ فَنَدُ {وَمَا فِي الْأَرْضِ} [255] كاف؛ للاستفهام بعده. {بِإِذْنِهِ} [255] حسن؛ لانتهاء الاستفهام. {وَمَا خَلْفَهُمْ} [255] كاف، وكذا بـ «ما شاء»، و «الأرض»، و «حفظهما»، وقيل: كلها حسان. {الْعَظِيمُ (255)} [255] تام. {فِي الدِّينِ} [256] حسن، ومثله «من الغي». {وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ} [256] ليس بوقف؛ لأن جواب الشرط لم يأتِ بعد. {الْوُثْقَى} [256] وصله أولى؛ لأن الجملة بعده حال للعروة، أي: استمسك بها غير منفصمة. {لَا انْفِصَامَ لَهَا} [256] كاف، ورسموا «لا انفصام» كلمتين لا كلمة، و «انفصام» كلمة. {عَلِيمٌ (256)} [256] تام. {وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا} [257] ليس بوقف؛ لأن «يخرجهم»، و «يخرجونهم» حال، أو تفسير للولاية، والعامل معنى الفعل في «وليُّ»، أي: الله يليهم مخرجًا لهم، أو مخرجين إلى النور، قاله السجاوندي. {إِلَى النُّورِ} [257] حسن. {الطَّاغُوتُ} [257] حسن عند نافع. {إِلَى الظُّلُمَاتِ} [257] كاف. {أَصْحَابُ النَّارِ} [257] جائز. {خَالِدُونَ (257)} [257] تام. {فِي رَبِّهِ} [258] ليس بوقف؛ لأن «أن آتاه الله الملك» مفعول من أجله. {الْمُلْكَ} [258] جائز، إن علق «إذ» باذكر مقدرًا، وليس بوقف إن علق بقوله: «ألم تر»، كأنه قال: ألم تر إلى الذي حاجَّ إبراهيم في الوقت الذي قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت؛ فـ «إذ» في موضع نصب على الظرف، والعامل فيه «ألم تر»، وليس ظرفًا لإيتاء الملك؛ إذ المحاجة لم تقع وقت أن آتاه الله الملك، بل إيتاء الله الملك إياه سابق على المحاجة. {وَيُمِيتُ} [258] حسن. {وَأُمِيتُ} [258] أحسن مما قبله، وقيل: ليس بوقف؛ لأنَّ «قال» عاملة في «إذ».

{فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [258] كاف. {الظَّالِمِينَ (258)} [258] جائز، ووصله أحسن؛ لأن التقدير: أرأيت كالذي حاج إبراهيم، أو كالذي مر على قرية، فلما كان محمولًا عليه في المعنى اتصل به، أو لأن قوله: «أو كالذي مر على قرية» جملة حالية مقرونة بالواو، وقد سوغت مجيء الحال؛ لأن من المسوغات كون الحال جملة مقرونة بواو الحال، أو «كالذي» معطوف على معنى الكلام؛ فموضع الكاف نصب بـ «تر»، أو زائدة للتأكيد، أو «أن» بمعنى الواو، كأنه قال: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه، والذي مرَّ على قرية -فهو عطف قصة على قصة. {عَلَى عُرُوشِهَا} [259] جائز؛ لأن ما بعده من تتمة ما قبله، قاله السجاوندي. {بَعْدَ مَوْتِهَا} [259] حسن؛ لأنه آخر المقول. {ثُمَّ بَعَثَهُ} [259] صالح. {كَمْ لَبِثْتَ} [259] كاف، ومثله «أو بعض يوم». {مِئَةَ عَامٍ} [259] جائز، ومثله «لم يتسنه». {آَيَةً لِلنَّاسِ} [259] حسن، وكذا «نكسوها لحمًا»؛ لأنه آخر البيان، وقيل: «من طعامك» إلى «لحمًا» كلام معطوف بعضه على بعض، ومن وصل «يتسنه» بما بعده حسن له الوقف على «حمارك»، ومن جعل الواو في «ولنجعلك» مقحمة لم يقف على «حمارك». {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ} [259] ليس بوقف؛ لأن «قال» جواب «لمَّا». {قَدِيرٌ (259)} [259] تام. {الْمَوْتَى} [260] جائز. {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} [260] كاف. {قَالَ بَلَى} [260] لا يجوز الوقف على «بلى»، ولا الابتداء بها، أما الوقف عليها -فإنك إذا وقفت عليها كنت مبتدئًا بـ «لكن»، وهي كلمة استدراك؛ يستدرك بها الإثبات بعد النفي، أو النفي بعد الإثبات، وأما الابتداء بها فإنك لو ابتدأت بها كنت واقفًا على «قال» الذي قبلها؛ وهو كلمة لا يوقف عليها بوجه؛ لأن القول يقتضي الحكاية بعده، ولا ينبغي أن يوقف على بعض الكلام المحكي دون بعض، هذا كله مع الاختيار، قاله النكزواي، ولو وقع الجواب بنعم بدل «بلى» كان كفرًا؛ لأن الاستفهام قد أكد معنى النفي، و «بلى» إيجاب النفي سواء كان مع النفي استفهام أم لا، كما تقدم الفرق بينهما بذلك، وإبراهيم لم يحصل له شك في إحياء الموتى وإنما شك في إجابة سؤاله. {قَلْبِي} [260] كاف، أي: ليصير له علم اليقين وعين اليقين، ومن غرائب التفسير: ما ذكره ابن

فورك (¬1) في تفسيره في قوله: «ولكن ليطمئن قلبي»، أن السيد إبراهيم عليه السلام كان له صديق وصفه بأنه قلبه، أي: ليسكن هذا الصديق إلى هذه المشاهدة إذا رآها عيانًا، قاله السيوطي في (الإتقان). {سعياً} [260] حسن، وقيل: كاف. {حَكِيمٌ (260)} [260] تام. {سَبْعَ سَنَابِلَ} [261] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل متعلقًا بما قبله. {مِئَةُ حَبَّةٍ} [261] كاف، ومثله «لمن يشاء». {عَلِيمٌ (261)} [261] تام، إن جعل «الذين» بعده مبتدأ، وخبره «لهم أجرهم»، وجائز إن جعل بدلًا مما قبله. {وَلَا أَذًى} [262] حسن، ثم تبتدئ «لهم أجرهم»، وليس بوقف إن جعل «لهم» خبر «الذين». {لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [262] كاف. {يَحْزَنُونَ (262)} [262] تام. {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [263] كاف، على أن «قول» خبر مبتدأ محذوف، أي: المأمور به قول معروف، أو جعل مبتدأ خبره محذوف تقديره: قول معروف أمثل بكم، وليس وقفًا إن رفعت «قول» بالابتداء، و «معروف» صفة، وعطفت «مغفرة» عليه، و «خير» خبر عن «قول»، وكذا ليس وقفًا إن جعل «خير» خبرًا عن «قول»، وقوله: «يتبعها أذى» في محل جر صفة لـ «صدقة»، كذا يستفاد من (السمين). {أَذًى} [263] حسن، وقيل: كاف. {حَلِيمٌ (263)} [263] تام؛ للابتداء بالنداء. {وَالْأَذَى} [264] ليس بوقف؛ لفصله بين المشبه والمشبه به، أي: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كإبطال الذي ينفق ماله رئاء الناس، وإن جعلت الكاف نعتًا لمصدر، أي: إبطالًا كإبطال الذي ينفق ماله رئاء الناس كان حسنًا. {وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} [264] كاف. {صَلْدًا} [264] صالح، وقال نافع: تام، وخولف لاتصال الكلام بعضه ببعض. ¬

_ (¬1) محمد بن الحسن بن فورك الأنصاري الأصبهاني، أبو بكر: واعظ عالم بالأصول والكلام، من فقهاء الشافعية، سمع بالبصرة وبغداد، وحدث بنيسابور، وبنى فيها مدرسة، وتوفي على مقربة منها، فنقل إليها، وفي النجوم الزاهرة: قتله محمود بن سبكتكين بالسم، لقوله: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسولا في حياته فقط، وإن روحه قد بطل وتلاشى. له كتب كثيرة، قال ابن عساكر: بلغت تصانيفه في أصول الدين وأصول الفقه ومعاني القرآن قريبا من المائة، منها: مشكل الحديث وغريبه، والنظامي -في أصول الدين، والحدود -في الأصول، وأسماء الرجال، والتفسير، وحل الآيات المتشابهات، وغريب القرآن، ورسالة في علم التوحيد، والإملاء في الإيضاح، والكشف عن وجوه الأحاديث (ت 406 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (6/ 83).

{مِمَّا كَسَبُوا} [264] كاف. {الْكَافِرِينَ (264)} [264] تام، ولما ضرب المثل لمبطل صدقته، وشبهه بالمنافق -ذكر من يقصد بنفقته وجه الله تعالى، فقال: «ومثل الذين ... » الآية. {بِرَبْوَةٍ} [265] ليس بوقف؛ لأن «أصابها» صفة ثانية لـ «جنة»، أو لـ «ربوة». {ضِعْفَيْنِ} [265] جائز؛ للابتداء بالشرط مع الفاء. {فَطَلٌّ} [265] كاف. {بَصِيرٌ (265)} [265] تام، ولا وقف من قوله: «أيود» إلى «فاحترقت»؛ لأنه كلام واحد صفة لـ «جنة». {الثَّمَرَاتِ} [266] ليس بوقف؛ لأن هذا مثل من أمثال القرآن، والمثل يؤتى به على وجهه إلخ؛ ليفهم الكلام، فإذا وقف على بعضه لم يفد المعنى المقصود بالمثل؛ لأن الواو للحال. {فَاحْتَرَقَتْ} [266] كاف؛ لأنه آخر قصة نفقة المرائي والمانِّ في ذهابها، وعدم النفع بها. {تَتَفَكَّرُونَ (266)} [266] تام. {الْأَرْضِ} [267] حسن، ووقف بعضهم على «الخبيث» وليس بشيء؛ لإيهام المراد بالقصد؛ لأنه يحتمل أن يكون المعنى: لا تقصدوا أكله، أو لا تقصدوا كسبه، وإذا احتمل واحتمل وقع اللبس، فإذا قلت منه علم أن المراد به: لا تقصدوا إنفاق الخبيث الذي هو الرديء من أموالكم، فإذا كان كذلك علم أن الوقف على «الخبيث» ليس جيدًا، ووقف نافع على «تنفقون»، وخولف؛ لاتصال ما بعده به، قال أبو عبيدة: سألت علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن قوله تعالى: «ولا تيمموا الخبيث ... » الآية، فقال: كانوا يصرمون الثمرة فيعزلون الخبيث، فإذا جاءت المساكين أعطوهم من الرديء، فأنزل الله هذه الآية، وقيل: «منه تنفقون» مستأنف ابتداء إخبار، وأن الكلام تم عند قوله: «الخبيث»، ثم ابتدأ خبرًا آخر، فقال: «منه تنفقون»، وهذا يرده المعنى. {تُنْفِقُونَ} [267] حسن، وكذا «فيه». {حَمِيدٌ (267)} [267] تام. {بِالْفَحْشَاءِ} [268] كاف، ومثله «فضلًا». {عَلِيمٌ (268)} [268] تام، ومثله «من يشاء»؛ للابتداء بالشرط على قراءة: «ومن يؤتَ» بفتح الفوقية (¬1)، وكاف على قراءة يعقوب (¬2): «يؤتِ» بكسر الفوقية، قالوا: وعلى قراءته للعطف أشبه إلَّا ¬

_ (¬1) وقراءة الفتح للأئمة العشرة سوي يعقوب. انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص: 164)، البحر المحيط (2/ 320)، الكشاف (1/ 163)، تفسير الرازي (2/ 348). (¬2) انظر: المصادر السابقة.

أنه من عطف الجمل، وعلى قراءة من فتح الفوقية يحتمل الاستئناف والعطف، وقراءة من فتح الفوقية معتبرة بما بعد الكلام، وهو قوله: «فقد أوتي خيرًا» فكان ما بعده على لفظ ما لم يسم فاعله بالإجماع، وقراءة من كسر الفوقية معتبرة بما قبلها، وهو قوله: «يؤتي الحكمة من يشاء»، أي: يؤتى الله الحكمة من يشاء، ومن يؤته الله الحكمة، فحذف الهاء كما حذف في قوله تعالى: «أهذا الذي بعث الله رسولًا» أراد بعثه الله رسولًا، والهاء مرادة في الآيتين، والحذف عندهم كثير منجلي، أي: حذف العائد المنصوب المتصل جائز، قال عبد الله بن وهب: سألت الإمام مالكًا عن الحكمة في قوله تعالى: «ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا»، فقال: هي المعرفة بدين الله تعالى، والتفقه فيه، والاتباع له، والياء من «يؤت» الثانية محذوفة على القراءتين (¬1). {خَيْرًا كَثِيرًا} [269] كاف. {الْأَلْبَابِ (269)} [269] تام. {يَعْلَمُهُ} [270] كاف. {مِنْ أَنْصَارٍ (270)} [270] تام. {فَنِعِمَّا هِيَ} [271] كاف. {خَيْرٌ لَكُمْ} [271] تام، على قراءة من قرأ: «ونكفر» بالنون والرفع (¬2)، أي: نحن نكفر، وكاف لمن قرأه بالتحتية والرفع (¬3)، أي: والله يكفر، وليس بوقف لمن قرأ: «نُكفرْ» بالجزم (¬4)، وعطفه على محل الفاء من قوله: «فهو»، وكذا من قرأه بالياء والرفع، أو النون والرفع (¬5)، وجعله معطوفًا على ما بعد الفاء إلَّا أن يجعله من عطف الجمل؛ فيكون كافيًا، وفيها إحدى عشرة قراءة انظرها وما يتعلق بها في المطولات، وإظهار الفريضة خير من إخفائها بخمس وعشرين ضعفًا، ولا خلاف أن إخفاء النافلة خير من إظهارها. {مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} [271] كاف. {خَبِيرٌ (271)} [271] تام. ¬

_ (¬1) والقراءتان هما فتح التاء وكسرها. (¬2) وهم ابن كثير وأبو عمرو وشعبة عن عاصم. انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص: 165)، الإعراب للنحاس (1/ 291)، الإملاء للعكبري (1/ 68)، البحر المحيط (2/ 325)، التيسير (ص: 84)، الحجة لابن خالويه (ص: 102)، الحجة لأبي زرعة (ص: 148، 148)، السبعة (ص: 191)، الغيث للصفاقسي (ص: 170)، الكشاف (1/ 163)، تفسير الرازي (2/ 352). (¬3) وهما ابن عامر وحفص. انظر: المصادر السابقة. (¬4) وهم أهل المدينة وحمزة والكسائي وخلف. انظر: المصادر السابقة. (¬5) وهما السابق الإشارة إليهما.

{هُدَاهُمْ} [272] ليس بوقف؛ للاستدراك بعده. {مَن يَشَاءُ} [272] حسن، وعند أبي حاتم تام؛ للابتداء بالشرط. {فَلِأَنْفُسِكُمْ} [272] حسن، ومثله «وجه الله». {لَا تُظْلَمُونَ (272)} [272] تام إن علق ما بعده بمحذوف متأخر عنه، أي: للفقراء حق واجب في أموالكم، وكاف إن علق ذلك بمحذوف متقدم، أي: والإنفاق للفقراء. {فِي الْأَرْضِ} [273] حسن، ومثله «من التعفف»، وكذا «بسيماهم». {إِلْحَافًا} [273] كاف؛ للابتداء بالشرط. {عَلِيمٌ (273)} [273] تام، و «الفقراء» هم: أهل الصفة أحصرهم الفقر والضعف في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تكن لهم عشائر، ولا منازل يأوون إليها، كانوا قريبًا من أربعمائة رجل، كانوا يتعلمون القرآن بالليل، ويتفهمون بالنهار، ويجاهدون في سبيل الله. {سِرًّا وَعَلَانِيَةً} [274] ليس بوقف؛ لأن ما بعد الفاء خبر لما قبلها، وكل ما كان من القرآن يستقبله فاء -فالوقف عليه أضعف منه إذا استقبله واو. {عِنْدَ رَبِّهِمْ} [274] جائز، وكذا «فلا خوف عليهم». {يَحْزَنُونَ (274)} [274] تام. {مِنَ الْمَسِّ} [275] حسن، ومثله «الربا»، وكذا «وحرم الربا»، وقيل: كاف؛ للابتداء بالشرط، كان الرجل يداين الرجل إلى أجل، فإذا جاء الأجل قال المداين: أخرني إلى أجل كذا، وأزيدك في مالك كذا، فإذا قيل له: هذا الربا –قالوا: إن زدناهم وقت البيع، أو وقت الأجل -فكله سواء، فهذا قولهم: «إنما البيع مثل الربا»، فأكذبهم الله عزَّ وجلَّ فقال: «وأحل الله البيع وحرم الربا»، ورسموا «الربا»، بواو وألف في المواضع الأربعة كما ترى. {فَلَهُ مَا سَلَفَ} [275] حسن. {وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [275] كاف؛ للابتداء بالشرط. {أَصْحَابُ النَّارِ} [275] جائز. {خَالِدُونَ (275)} [275] تام. {الصَّدَقَاتِ} [276] كاف. {أَثِيمٍ (276)} [276] تام. {عِنْدَ رَبِّهِمْ} [277] جائز، و «لا خوف عليهم» كذلك. {يَحْزَنُونَ (277)} [277] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء، ومثله «مؤمنين». {وَرَسُولِهِ} [279] جائز على القراءتين، «فآذنوا» بالمد وكسر الذال من آذن، أي: أعلموا غيركم

بحرب من الله ورسوله، وبها قرأ حمزة، «فأْذَنوا» بإسكان الهمزة، وفتح الذال، والقصر من: أذن بكسر الذال، وهي قراءة الباقين (¬1). {رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [279] حسن؛ لاستئناف ما بعده. {تُظْلَمُونَ (279)} [279] تام. {إِلَى مَيْسَرَةٍ} [280] حسن، وقال الأخفش: تام؛ لأن ما بعده في موضع رفع بالابتداء، تقديره: وتصدقكم على المعسر بما عليه من الدين خير لكم، قاله الزجاج (¬2)، وقال غيره: وتصدقكم على الغريم بالإمهال عليه خير لكم، أي: أن الثواب الذي يناله في الآخرة بالإمهال، وترك التقضي خير مما يناله في الدنيا. {تَعْلَمُونَ (280)} [280] تام. {إِلَى اللَّهِ} [281] حسن، على قراءة أبي عمرو و «تَرجِعون» ببناء الفعل للفاعل بفتح التاء وكسر الجيم، و «توفى» مبني للمفعول بلا خلاف، فحسن الفصل بالوقف؛ لاختلاف لفظ الفعلين في البناء، وأما على قراءة الباقين: «تُرجَعون» ببناء الفعل للمفعول موافقة لـ «توفي»، فالأحسن الجمع بينهما بالوصل؛ لأن الفعلين على بناء واحد (¬3). {لَا يُظْلَمُونَ (281)} [281] تام. {فَاكْتُبُوهُ} [282] حسن، ومثله «بالعدل»، و «علمه الله»، و «فليكتب» إذا علقنا الكاف في «كما» بقوله: «فليكتب»، ومن وقف على «ولا يأب كاتب أن يكتب»، ثم يبتدئ «كما علمه الله فليكتب» فقد تعسف. و {عَلَيْهِ الْحَقُّ} [282]، و {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [282]، و {مِنْهُ شَيْئًا} [282]، و {وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [282] كلها حسان، ووقف بعضهم على «أن يمل هو»، ووصله أولى؛ لأن الفاء في قوله: «فليملل» ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 165)، الإملاء للعكبري (1/ 68)، البحر المحيط (2/ 338)، التيسير (ص: 84)، تفسير الطبري (6/ 24)، تفسير القرطبي (3/ 364)، الكشف للقيسي (1/ 318). (¬2) إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج: عالم بالنحو واللغة، ولد ومات في بغداد، كان في فتوته يخرط الزجاج ومال إلى النحو فعلمه المبرد، وطلب عبيد الله بن سليمان (وزير المعتضد العباسي) مؤدبًا لابنه القاسم، فدله المبرد على الزجاج، فطلبه الوزير، فأدب له ابنه إلى أن ولى الوزارة مكان أبيه، فجعله القاسم من كتابه، فأصاب في أيامه ثروة كبيرة، وكانت للزجاج مناقشات مع ثعلب وغيره، من كتبه: معاني القرآن، والاشتقاق، وخلق الإنسان، والأمالي -في الأدب واللغة، وفعلت وأفعلت -في تصريف الألفاظ، والمثلث -في اللغة، وإعراب القرآن (ت 311 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (1/ 40). (¬3) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 131)، البحر المحيط (2/ 341)، التيسير (ص: 85)، الحجة لأبي زرعة (ص: 149)، السبعة (ص: 193).

جواب الشرط، وأول الكلام: «فإن كان الذي عليه الحق». {مِنْ رِجَالِكُمْ} [282] حسن؛ للابتداء بالشرط مع الفاء. {مِنْ الشُّهَدَاءِ} [282] كاف، إن قرئ «إن تضل» بكسر الهمزة؛ على أنها شرطية، وجوابها «فتذكّرُ» بشد الكاف ورفع الراء استئنافًا، وبها قرأ حمزة (¬1) ورفع الفعل؛ لأنه على إضمار مبتدأ، أي: فهي تذكر، وليس بوقف إن قرئ بفتح الهمزة على أنها أن المصدرية، وبها قرأ الباقون (¬2)؛ لتعلقها بما قبلها، واختلفوا بماذا تتعلق! فقيل: بفعل مقدر، أي: فإن لم يكونا رجلين فاستشهدوا رجلًا وامرأتين؛ لأن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، وقيل: تتعلق بفعل مضمر على غير هذا التقدير، وهو أن تجعل المضمر قولًا مضارعًا تقديره: فإن لم يكونا رجلين فليشهد رجل وامرأتان؛ لأن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، وقيل: تتعلق بخبر المبتدأ الذي في قوله: «فرجل وامرأتان»، وخبره فعل مضمر تقديره: فرجل وامرأتان يشهدون لأن تضل إحداهما، فلا يحسن الوقف على «الشهداء»؛ لتعلق «أن» بما قبلها، فالفتحة في قراءة حمزة فتحة التقاء الساكنين؛ لأن اللام الأولى ساكنة؛ للإدغام في الثانية، والثانية مسكنة للجزم، ولا يمكن إدغام في ساكن، فحركت الثانية بالفتحة هروبًا من التقائهما، وكانت الحركة فتحة؛ لأنها أخف الحركات، والقراءة الثانية أن فيها مصدرية ناصبة للفعل بعدها، والفتحة فيها حركة إعراب بخلافها؛ فإنها فتحة التقاء ساكنين، وإن وما في حيزها في محل نصب أو جر بعد حذف حرف الجر، والتقدير: لأن تضل، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتخفيف الكاف، ونصب الراء (¬3)؛ من أذكرته أي جعلته ذاكرًا للشيء بعد نسيانه، انظر: (السمين). {الْأُخْرَى} [282] كاف، ومثله «إذا ما دعوا»؛ لإثبات الشهادة وبذل خطوطهم إذا دعاهم صاحب الدين إلى ذلك، وهذا قول قتادة، وقيل: إذا ما دعوا لإقامة الشهادة عند الحاكم -فليس لهم أن يكتموا شهادة تحملوها، وهو قول مجاهد، والشعبي، وعطاء؛ لأن الشخص إذا تحملها تعين عليه أداؤها -إذا دُعِي لذلك، ويأثم بامتناعه، ولا يتعين عليه تحملها ابتداء، بل هو مخير. {إِلَى أَجَلِهِ} [282] حسن، ومثله «تديرونها بينكم»، وكذا «ألَّا تكتبوها»، وقيل: كاف؛ للابتداء بالأمر. {تَبَايَعْتُمْ} [282] كاف؛ للابتداء بالنهي بعده، ومثله «ولا شهيد»، وكذا «فسوق بكم». {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [282] جائز، وليس بمنصوص عليه. ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 166)، الإملاء للعكبري (1/ 70)، البحر المحيط (2/ 349)، تفسير الطبري (6/ 63). (¬2) انظر: المصادر السابقة. (¬3) انظر: المصادر السابقة.

{وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [282] كاف. {عَلِيمٌ (282)} [282] تام. {مَقْبُوضَةٌ} [283] كاف؛ للابتداء بالشرط، واستئناف معنى آخر، ورسموا «اؤتمن» بواو؛ لأنه فعل مبني لما لم يسم فاعله، فيبتدأ به بضم الهمزة؛ لأنها ألف افتعل، وكان أصله: اأتمن، جعلت الهمزة الساكنة واوًا؛ لانضمام ما قبلها، فإن قيل: لِمَ صارت ألف ما لم يسم فاعله مضمومة؟ فقل: لأن فعل ما لم يسم فاعله يقتضي اثنين فاعلًا ومفعولًا، وذلك أنك إذا قلت: ضرب -دل الفعل على ضارب ومضروب، فضموا أوله؛ لتكون الضمة دالة على اثنين، أو يقال: إذا ابتدئ بالهمز الساكن -فإنه يكتب بحسب حركة ما قبله أولًا، أو وسطًا، أو آخر، نحو: «ائذن لي»، و «اؤتمن»، و «البأساء»، ومثله «ابتلى» و «اضطر». {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [283]، و {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [283]، و {قَلْبُهُ} [283] كلها حسان. {عَلِيمٌ (283)} [283] تام. {وَمَا فِي الْأَرْضِ} [284] كاف، ومثله «به الله» إن رفع ما بعده على الاستئناف، أي: فهو يغفر، وليس بوقف إن جزم عطفًا على «يحاسبكم» فلا يفصل بينهما بالوقف. {لِمَنْ يَشَاءُ} [284] جائز، وقال يحيى بن نصير النحوي: لا يوقف على أحد المتقابلين حتى يؤتى بالثاني. {مَنْ يَشَاءُ} [284] كاف. {قَدِيرٌ (284)} [284] تام. {مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} [285] تام، إن رفع «والمؤمنون» بالفعلية عطفًا على الرسول، ويدل لصحة هذا قراءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: «وآمن المؤمنون» (¬1)، فأظهر الفعل، ويكون قوله: «كل آمن» مبتدأ وخبر يدل على أن جميع من ذكر «آمن» بمن ذكر، أو «المؤمنون» مبتدأ أول، و «كل» مبتدأ ثانٍ، و «آمن» خبر عن «كل»، وهذا المبتدأ وخبره خبر الأول، والرابط محذوف تقديره: منهم، وكان الوقف على «من ربه حسنًا»؛ لاستئناف ما بعده، والوجه كونها للعطف؛ ليدخل المؤمنون فيما دخل فيه الرسول من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، بخلاف ما لو جعلت للاستئناف، فيكون الوصف للمؤمنين خاصة بأنهم آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله دون الرسول، والأولى أن نصف الرسول والمؤمنين بأنهم آمنوا بسائر هذه المذكورات. {وَرُسُلِهِ} [285] حسن؛ لمن قرأ «نفرِّق» بالنون، وليس بوقف لمن قرأ «لا يفرق» بالياء (¬2)، ¬

_ (¬1) وهي قراءة شاذة، ورويت أيضا عن عبد الله بن مسعود. انظر: البحر المحيط (2/ 365). (¬2) وقرأ أبو عمرو ويعقوب بالياء، وقرأ الباقون بالنون. انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص: 167)، البحر المحيط (2/ 365)، التيسير (ص:)، الكشاف (1/ 172)، تفسير الرازي (2/ 384).

بالبناء للفاعل، أي: لا يفرق الرسول، كأنه قال: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه، والمؤمنون كلهم آمن، فحذف الضمير الذي أضاف «كل» إليه، ومن أرجع الضمير في «يفرق» بالياء لله تعالى كان متصلًا بما بعدها، فلا يوقف على «رسله»؛ لتقدم ذكره تعالى فلا يقطع عنه. {وَأَطَعْنَا} [285] كاف؛ لأن ما بعده منصوب على المصدر بفعل مضمر، كأنهم قالوا: اغفر لنا غفرانًا، أي: مغفرة، أو نسألك غفرانك، أو أوجب لنا غفرانك، أي: مغفرتك، فيكون منصوبًا على المفعول به، فلا يكون له تعلق بما قبله على كل تقدير. {الْمَصِيرُ (285)} [285] تام. {إِلَّا وُسْعَهَا} [286] صالح، ومثله «ما كسبت»، وكذا «وعليها ما اكتسبت»، وقال يحيى بن نصير النحوي: لا يوقف على الأول حتى يؤتى بالثاني، وهو أحسن؛ للابتداء بالنداء. {أَوْ أَخْطَأْنَا} [286]، و {مِنْ قَبْلِنَا} [286]، و {مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [286] كلها حسان، وقال أبو عمرو: كافية؛ للابتداء فيها بالنداء، ولكن الواو لعطف السؤال على السؤال، وتؤذن بأن كل كلمة «ربنا» تكرار. و {وَاعْفُ عَنَّا} [286]، و {وَاغْفِرْ لَنَا} [286]، و {وَارْحَمْنَا} [286] كلها حسان، واستحسن الوقف على كل جملة منها؛ لأنه طلب بعد طلب، ودعاء بعد دعاء. {أَنْتَ مَوْلَانَا} [286] ليس بوقف؛ لمكان الفاء بعده، واتصال ما بعدها بما قبلها على جهة الجزاء، ولو كان بدل الفاء واو لحسن الوقف والابتداء بما بعدها. {الْكَافِرِينَ (286)} [286] تام، وفي الحديث: «إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام، وأنزل فيه آيتين ختم بهما سورة البقرة، فلا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان» (¬1). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (4/ 274)، برقم: (18438)، وأبو عبيد فى فضائل القرآن (2/ 37)، برقم: (425)، والدارمى (2/ 542)، برقم: (3387)، والترمذى (5/ 159)، برقم: (2882)، وقال: حسن غريب، والنسائى فى الكبرى (6/ 240)، برقم: (10803)، ومحمد بن نصر فى قيام الليل كما فى مختصره للمقريزى (ص: 259)، برقم: (172)، وابن حبان (3/ 61)، برقم: (782) مختصرًا، والحاكم (2/ 286)، برقم: (3031)، وقال: صحيح على شرط مسلم، والبيهقى فى شعب الإيمان (2/ 460)، برقم: (2400)، وأخرجه أيضًا: الطبرانى فى الأوسط (2/ 281)، برقم: (1988)، والبزار (8/ 236)، برقم: (3296): حديث أسماء عن شداد بن أوس، أخرجه الطبرانى (7/ 285)، برقم: (7146)، قال الهيثمى (6/ 312): رجاله ثقات.

سورة آل عمران

سورة آل عمران -[آيها:] مائتا آية اتفاقًا. - وكلمها: ثلاثة آلاف وأربعمائة وثمانون كلمة. - وحروفها: أربعة عشر ألفًا وخمسمائة وعشرون حرفًا. وفيها ما يشبه الفواصل، وليس معدودًا باتفاق تسعة مواضع: 1 - {لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [4]. 2 - {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [19]. 3 - {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} [75]. 4 - {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [83]. 5 - {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [91]. 6 - {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [97]. 7 - {مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} [152]. 8 - {يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [155]. 9 - {مَتَاعٌ قَلِيلٌ} [197]. {الم (1)} [1]، تقدم ما يغني عن إعادته، ونظائرها مثلها في فواتح السور، واختُلِف: هل هي مبنية، أو معربة؟ َ! وسكونها للوقف؟ أقوال. {إِلَّا هُوَ} [2] تام، إن رفع ما بعده على الابتداء، «ونزل عليك» الخبر، أو رفع ما بعده خبر مبتدأ محذوف، وليس بوقف إن جعلت «الله» مبتدأ، وما بعده جملة في موضع رفع صفة «الله»؛ لأنَّ المعنى يكون: الله الحي القيوم لا إله إلَّا هو، و «الحي القيوم» الخبر، فلا يفصل بين المبتدأ وخبره بالوقف، وكذا لو أعربت «الحي» بدلًا من الضمير لا يفصل بين البدل والمبدل منه بالوقف. {الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)} [2] تام إن جعلته خبرًا، ولم تقف على ما قبله، وليس بوقف إن جعلته مبتدأ وخبره «نزل عليك الكتاب»، والوقف على «بالحق» لا يجوز؛ لأنَّ «مصدقًا» حال مما قبله، أي: حال مؤكدة لازمة، أي: نزل عليك الكتاب في حال التصديق للكتب التي قبله. {لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [3] كاف؛ على استئناف ما بعده، وإن كان ما بعده معطوفًا على ما قبله على قول، «والإنجيل من قبل» ليس بوقف، قال أبو حاتم السجستاني: ولا ينظر إلى ما قاله بعضهم: إن «من قبل» تام، ويبتدئ «هدى للناس» أي: وأنزل الفرقان هدى للناس، وضعف هذا التقدير؛ لأنه يؤدي إلى تقديم المعمول على حرف النسق، وهو ممتنع لو قلت: قام زيد مكتوفًا، وضربت هندًا يعني: مكتوفة -لم يصح، فكذلك هذا، والمراد بالمعمول: الذي قدم على النسق هو قوله: «هدى للناس»، والمراد بالنسق:

هو واو قوله: «وأنزل الفرقان» الذي هو صاحب الحال، فتقدير الكلام: وأنزل الفرقان هدى، أي: هاديًا، وإن جعل محل «هدى» رفعًا جاز، أي: هما هدى للناس قبل نزول القرآن، أو هما هدى للناس إلى الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. {هُدًى لِلنَّاسِ} [4] تام عند أبي حاتم. {وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} [4] أتم؛ لانتهاء القصة. {عَذَابٌ شَدِيدٌ} [4] تام عند نافع، ومثله «ذو انتقام». {فِي الْأَرْضِ} [5] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده معطوف عليه، أو أنَّ السامع ربما يتوهم أنه لا يخفى عليه شيء في الأرض فقط، فينفي هذا التوهم بقوله: «ولا في السماء». والوقف على {وَلَا فِي السَّمَاءِ (5)} [5] تام. {فِي الْأَرْحَامِ} [6] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «كيف يشاء» متعلق بالتصوير. {كَيْفَ يَشَاءُ} [6] تام، ومثله «الحكيم». {الْكِتَابَ} [7] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «منه آيات» متعلق به كتعلق الصفة بالموصوف، و «آيات محكمات» متعلق بـ «منه» على معنى: من الكتاب آيات محكمات، ومنه أخر متشابهات، ولو جاز هذا الوقف لجاز أن يقف على قوله: «ومن قوم موسى»، ثم يبتدئ «أمة يهدون بالحق»، ولا يقول هذا أحد؛ لأنهم يشترطون لصحة الوقف صحة الوقف على نظير ذلك الموضع، ونقل بعضهم أنَّ الوقف عند نافع على «منه»، ولم يذكر له وجهًا، ووجهه -والله أعلم- إنه جعل الضمير في «منه» كناية عن الله، أي: هو الذي أنزل عليك الكتاب من عنده، فيكون «منه» بمعنى: من عنده، ثم يبتدئ «آيات محكمات»، أي: هو آيات محكمات. والوقف على {مُحْكَمَاتٌ} [7] جائز. {أُمُّ الْكِتَابِ} [7] حسن. {مُتَشَابِهَاتٌ} [7] كاف؛ لاستئناف التفصيل، معللًا اتباع أهل الزيغ المتشابه بعلتين: ابتغاء فتنة الإسلام، وابتغاء التأويل، وكلاهما مذموم، فقال: «ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله». والوقف على {تَأْوِيلِهِ} [7] حسن، وقال أبو عمرو: كاف. {إِلَّا اللَّهُ} [7] وقف السلف، وهو أسلم؛ لأنه لا يصرف اللفظ عن ظاهره إلَّا بدليل منفصل، ووقف الخلف على «العلم»، ومذهبهم أعلم، أي: أحوج إلى مزيد علم؛ لأنهم أيدوا بنور من الله؛ لتأويل المتشابه بما يليق بجلاله، والتأويل المعين لا يتعين؛ لأنَّ من المتشابه ما يمكن الوقوف عليه، ومنه ما لا يمكن، وبين الوقفين تضاد ومراقبة، فإن وقف على أحدهما امتنع الوقف على الآخر، وقد قال بكل منهما طائفة من المفسرين، واختاره العز بن عبد السلام، وقد روى ابن عباس: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف

على «إلَّا الله»، وعليه جمع من السادة النجباء كابن مسعود، وغيره، أي: أنَّ الله استأثر بعلم المتشابه كنزول عيسى ابن مريم، وقيام الساعة، والمدة التي بيننا وبين قيامها، وليس بوقف لمن عطف «الراسخون» على الجلالة، أي: ويعلم الراسخون تأويل المتشابه أيضًا، ويكون قوله: «يقولون» جملة في موضع الحال من «الراسخون»، أي: قائلين آمنا به، وقيل: لا يعلم جميع المتشابه إلَّا الله تعالى، وإن كان الله قد أطلع نبيه - صلى الله عليه وسلم - على بعضه وأهَّل قومًا من أمته لتأويل بعضه، وفي المتشابه ما يزيد على ثلاثين قولًا، وهذا تقريب للكلام على هذا المبحث البعيد المرام الذي تزاحمت عليه أفهام الإعلام، وقال السجستاني: «الراسخون» غير عالمين بتأويله، واحتج بأن «والراسخون» في موضع «وأما»، وهي لا تكاد تجيء في القرآن حتى تثنى وتثلث، كقوله: {أَمَّا السَّفِينَةُ} [الكهف: 79]، و {وَأَمَّا الْغُلَامُ} [الكهف: 80]، و {وَأَمَّا الْجِدَارُ} [الكهف: 82]، و {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)} [الضحى: 9]، و {وَأَمَّا السائلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)} [الضحى: 10]، وهنا قال: «فأما الذين في قلوبهم زيغ»، ولم يقل بعده، وأما ففيه دليل على أنَّ قوله: «والراسخون» مستأنف منقطع عن الكلام قبله، وقال أبو بكر: وهذا غلط؛ لأنَّه لو كان المعنى وأما الراسخون في العلم فيقولون لم يجز أن تحذف أما والفاء؛ لأنَّهما ليستا مما يضمر. {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7] صالح، على المذهب الثاني على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل جملة في موضع نصب على الحال، وإن جعل «آمنا به كل من عند ربنا» كلامًا محكيًّا عنهم، فلا يوقف على «آمنا به»، بل على قوله: «كل من عند ربنا» وهو أحسن؛ لأنَّ ما بعده من كلام الله، أي: كل من المحكم والمتشابه فهو انتقال من الكلام المحكي عن الراسخين إلى شيء أخبر الله به ليس بحكاية عنهم. {آَمَنَّا بِهِ} [آل عمران: 7] حسن، على المذهبين. {مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [7] كاف، وقوله: «وما يذكر إلَّا أولو الألباب» معترض، ليس بمحكي عنهم؛ لأنَّه من كلام الله. {الْأَلْبَابِ (7)} [7] تام، وقيل: كاف؛ لأنَّ ما بعده من الحكاية آخر كلام الراسخين. {بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [8] حسن، ومثله «رحمة»؛ للابتداء بإن. {الْوَهَّابُ (8)} [8] تام، وإن كان ما بعده من الحكاية داخلًا في جملة الكلام المحكي؛ لأنَّه رأس آية، وطال الكلام. {لَا رَيْبَ فِيهِ} [9] كاف؛ لأنَّ ما بعده من كلام الله، لا من كلام الراسخين، وحسن إن جعل التفاتًا من الخطاب إلى الغيبة، أي: حيث لم يقل: إنك، بل قال: إنَّ الله، والاسم الظاهر من قبيل الغيبة. {الْمِيعَادَ (9)} [9] تام. {شَيْئًا} [10] جائز، ومثله «وقود النار» يبنى الوقف والوصل، على اختلاف مذاهب المعربين في الكاف من «كدأب» بماذا تتعلق؟! فقيل: في محل رفع خبر مبتدأ محذوف، أي: دأبهم في ذلك كدأب آل فرعون، أو في محل نصب، وفي الناصب لها تسعة أقوال: 1 - أنَّها نعت لمصدر محذوف، والعامل فيه «كفروا» أي: أنَّ الذين كفروا به كفرًا كدأب آل فرعون، أي: كعادتهم في الكفر. 2 - أو منصوبة بـ «كفروا» مقدرًا. 3 - أو الناصب مصدر مدلول عليه بـ «لن تغني»، أي: توقد النار بهم كما توقد بآل فرعون. 4 - أو منصوبة بـ «لن تغني»، أي: بطل انتفاعهم بالأموال والأولاد كعادة آل فرعون. 5 - أو منصوبة بوقود، أي: توقد النار بهم كما توقد بآل فرعون. 6 - أو منصوبة بـ «لن تغني»، أي: لن تغني عنهم مثل ما لم تغن عن أولئك. 7 - أو منصوبة بفعل مقدر مدلول عليه بلفظ الوقود، أي: توقد بهم كعادة آل فرعون، ويكون التشبيه في نفس الإحراق. 8 - أو منصوبة بكذبوا، والضمير في كذبوا لكفار قريش وغيرهم من معاصري الرسول عليه الصلاة والسلام، أي: كذبوا تكذيبًا كعادة آل فرعون في ذلك التكذيب. 9 - أنَّ العامل فيها فـ «أخذهم الله»، أي: فأخذهم الله كأخذه آل فرعون، وهذا مردود؛ فإنَّ ما بعده فاء العطف لا يعمل فيما قبلها. {كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ} [11] تام، إن جعل ما بعده مبتدأ منقطعًا عما قبله، وخبره «كذبوا»، أو خبر مبتدأ، وليس بوقف إن عطف على ما قبله. {بِذُنُوبِهِمْ} [11] كاف. {الْعِقَابِ (11)} [11] تام. {إِلَى جَهَنَّمَ} [12] جائز. {الْمِهَادُ (12)} [12] تام. {الْتَقَتَا} [13] كاف لمن رفع «فئة» بالابتداء (¬1)، وسوغ الابتداء بها التفصيل، وثَمَّ صفة محذوفة تقديرها: فئة مؤمنة تقاتل في سبيل الله، وأخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت، فحذف من الجملة الأولى ما أثبت مقابله في الجملة الثانية، ومن الثانية ما أثبت مقابله في الأولى، وهو من النوع المسمى بالاحتباك من أنواع البديع، وهي قراءة العامة (¬2)، وليس بوقف لمن قرأ: «فئةٍ» بالجر (¬3)، ¬

_ (¬1) وهي قراءة الأئمة العشرة بالإجماع. (¬2) أي: الأئمة العشرة. (¬3) وهي قراءة الحسن ومجاهد والزهري وحميد، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 314)، الإملاء للعكبري (1/ 74)، البحر المحيط (2/ 393)، تفسير القرطبي (4/ 25)، المعاني للأخفش (1/ 195)، تفسير الرازي (2/ 414).

«تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة» صفة أو بدل من «فئتين» بدل تفصيل، نحو: حَتَّى إِذَا مَا اسْتَقَلَّ النَّجْمُ فِي غَلَسٍ ... وَغُودِرَ البَقْلُ مَلْوِيٌّ وَمَحْصُودُ (¬1) أي: بعضه ملوي، وبعضه محصود، ويجوز عربية نصب «فئةً»، و «كافرةً» على الحال من الضمير، أي: التقتا مختلفتين، وقرئ (¬2): «فئةً» بالنصب على المدح، أي: أمدح فئة، وأخرى كافرة بالنصب على الذم، أي: وأذم أخرى، وعلى القراءتين ليس بوقف، والوصل أولى. {رَأْيَ الْعَيْنِ} [13] حسن، وقيل: كاف. {مَنْ يَشَاءُ} [13] تام. {لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13)} [13] أتم منه، ولا وقف من قوله: «زين للناس» إلى «والحرث»؛ لأنَّ العطف صيرها كالشيء الواحد. {وَالْحَرْثِ} [14] حسن، ومثله «الدنيا». {الْمَآَبِ (14)} [14] تام، قال السدي: حسن المنقلب هو الجنة، أصل المآب: المأوب، نقلت حركة الواو إلى الهمزة الساكنة قبلها، فقلبت الواو ألفًا، وهو هنا اسم مصدر، أي: حسن الرجوع. {مِنْ ذَلِكُمْ} [15] كاف؛ لتناهي الاستفهام إلى الإخبار، ثم يبتدئ «للذين اتقوا عند ربهم جنات» برفع «جنات» على الابتداء، و «للذين» خبره، والكلام مستأنف في جواب سؤال مقدر، كأنَّه قيل: ما الخير؟ فقيل: للذين اتقوا عند ربهم جنت، مثل قوله: «قل أفأنبئكم بشر من ذلكم»، ثم قال: النار وعدها الله الذين كفروا، ويضعف هذا الوقف من جعل قوله: «عند ربهم» متعلقًا بـ «خير»، وإن رفع (¬3): «جناتٌ» خبر مبتدأ محذوف تقديره: ذلك جنات -كان الوقف على «عند ربهم» حسنًا، وليس بوقف لمن خفض (¬4): «جناتٍ» بدلًا من «خير»، ولا يوقف على ما قبل «جنات»، ولا «عند ربهم»، ¬

_ (¬1) البيت من بحر البسيط، وقائله ذو الرُمَّة من قصيدة يقول في مطلعها: يا دارَ مَيَّةَ لَم يَترُك لَنا عَلَما ... تَقادُمُ العَهدِ وَالهوجُ المَراويدُ - الموسوعة الشعرية (¬2) وهي قراءة ابن السميفع وابن أبي عبلة، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 314)، الإملاء للعكبري (1/ 74)، البحر المحيط (2/ 393)، تفسير القرطبي (4/ 25)، تفسير الرازي (2/ 414). (¬3) وهي قراءة الأئمة العشرة بالإجماع. (¬4) وهي قراءة أبي حاتم ويعقوب في غير المتواتر، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 315)، الإملاء للعكبري (1/ 75)، البحر المحيط (2/ 399)، تفسير الرازي (2/ 419).

و «أزواج مطهرة»، و «رضوان» بالجر في الجميع؛ لعطفه على ما قبله. {جَنَّاتٌ} [15] جائز؛ لأنَّ «تجري» في محل رفع، أو نصب، أو جر على حسب القراءتين (¬1). {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ} [15] كاف. {بِالْعِبَادِ (15)} [15] تام، قال (صاحب الدر النظيم): أؤنبئكم، رسموها بواو بعد ألف الاستفهام صورة للهمزة المضمومة كما ترى، وحذفوا الألف بعد النون في «جنات» في جميع القرآن اتفاقًا، وفي محل «الذين يقولون» الحركات الثلاث الرفع والنصب والجر؛ فمن رفعه خبر مبتدأ محذوف، أو نصبه بمقدر -كان الوقف على «بالعباد» تامًّا، أو كافيًا، وليس بوقف لمن جره بدلًا من قوله: «للذين اتقوا»، أو نعتًا للعباد، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {ذُنُوبَنَا} [16] جائز. {وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16)} [16] كاف إن نصب ما بعده على المدح بإضمار أعني، أو أمدح، وليس بوقف إن جعل بدلًا من «الذين يقولون»، أو مخفوضًا نعتًا، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {بِالْأَسْحَارِ (17)} [17] تام. إن قرئ (¬2): «شَهِدَ اللهُ» فعلًا ماضيًا بمعنى: أعلم بانفراده بالوحدانية، أو قضى الله، أو قرئ (¬3): «شُهَدَاءُ للهِ» بالرفع، على إضمار مبتدأ محذوف والإضافة، أي: هم شهداء الله، وليس بوقف إن قرئ (¬4): «شُهِدَ» مبنيًّا للمفعول، أي: شهد انفراده بالألوهية، أو قرئ (¬5): «شُهَدَاءَ للهِ» جمعًا منصوبًا مضافًا إلى الله حالًا، أو على المدح جمع شهيد أو شاهد، أو قرئ (¬6): «شُهُدًا اللهَ» بضم الشين والهاء، وفتح الدال منونًا، ونصب الجلالة، أو قرئ (¬7): «شُهُدَ اللهِ» بضم الشين والهاء، وفتح الدال وضمها مضافًا لاسم الله، فالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هم شهد الله، والنصب على الحال، وهو جمع شهيد، كنذير ونذر، أو قرئ (¬8): «شهد لله» بضم الدال ونصبها وبلام الجر، ونسبت هذه القراءة للإمام عليٍّ كرم الله وجهه. ¬

_ (¬1) وهما المشار إليهما في «جنات» سابقًا. (¬2) وهي قراءة الأئمة العشرة. (¬3) وهي قراءة أبي المهلب وأبي نهيك، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 316)، الإملاء للعكبري (1/ 75)، البحر المحيط (2/ 403). (¬4) وهي قراءة أبي الشعثاء، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 403). (¬5) وهي قراءة أبي المهلب، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 316)، البحر المحيط (2/ 403). (¬6) لم أستدل عليها في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها. (¬7) وهي قراءة أبو المهلب، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 403). (¬8) لم أستدل عليها في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها.

{بِالْقِسْطِ} [18] حسن. {الْحَكِيمُ (18)} [18] تام لمن قرأ: «إن الدين» بكسر الهمزة، وليس بوقف لمن فتحها، وهو الكسائي (¬1)؛ لأنَّ محلها نصب؛ لأنها مع مدخولها معمول لـ «شهد»، وإن المعمولة لعامل يجب فتح همزتها ما لم تكن لقول، أو بإضمار حرف الجر، كأنَّه قال: شهد الله أنَّه لا إله إلَّا هو؛ لأنَّ الدين عند الله الإسلام، أو بأنَّ الدين عند الله الإسلام، وعلى هذا فلا يوقف على «بالقسط»، ولا على «الحكيم»؛ لئلَّا يفصل بين العامل ومعموله بالوقف. {الْإِسْلَامُ} [19] كاف، ومثله «بغيًا بينهم». {الْحِسَابِ (19)} [19] تام؛ للابتداء بالشرط. {وَمَنِ اتَّبَعَنِ} [20] حسن؛ للابتداء بأمر يشمل أهل الكتاب والعرب، والأول مختص بأهل الكتاب، فلم يكن الثاني من جملة الشرط، قاله السجاوندي. {أَأَسْلَمْتُمْ} [20] حسن؛ لتناهي الاستفهام إلى الشرط. {فَقَدِ اهْتَدَوْا} [20] حسن؛ للابتداء بشرط آخر، وقال أبو عمرو فيهما: كاف. {الْبَلَاغُ} [20] كاف. {بِالْعِبَادِ (20)} [20] تام؛ للابتداء بـ «إن». {بِغَيْرِ حَقٍّ} [21] جائز لمن قرأ: «ويقاتلون» بألف بعد القاف؛ لعدول المعنى عن قوله: «ويقتلون» بغير ألف، وليس بوقف لمن قرأ: «ويقتلون» بغير ألف (¬2)؛ لفصله بين اسم «إنَّ» وخبرها، وقوله: «فبشرهم» في موضع خبر إن، وإن جعل خبر إن «أولئك الذين حبطت أعمالهم» -فلا يوقف على «أليم»، ولا على «الناس» للعلة المذكورة. {أَلِيمٍ (21)} [21] كاف. {وَالْآَخِرَةِ} [22] صالح، وقال أبو عمرو: كاف؛ للابتداء بالنفي، مع اتحاد المقصود. ¬

_ (¬1) وقرأ الباقون بكسرها. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 172)، الإملاء للعكبري (1/ 75)، البحر المحيط (2/ 407)، التيسير (ص: 87)، تفسير الطبري (6/ 268)، الحجة لابن خالويه (ص: 107)، الحجة لابن زنجلة (ص: 157)، السبعة (ص: 203)، الغيث للصفاقسي (ص: 175)، الكشف للقيسي (1/ 338)، النشر (2/ 238). (¬2) قرأ حمزة وحده: {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ} [21] بألف مع ضم الياء وكسر التاء، وقرأ الباقون بفتح الياء وإسكان القاف بغير ألف وضم التاء، وجه من قرأ بزيادة الألف فهو من المقاتلة، ووجه من قرأ بفتح الياء وإسكان القاف بغير ألف وضم التاء، من القتل. انظر: الإعراب للنحاس (1/ 317)، البحر المحيط (2/ 413)، التبيان للطوسي (2/ 422)، التيسير (ص: 87) تفسير الطبري (6/ 284) الحجة لأبي زرعة (ص: 158)، الغيث للصفاقسي (175) الكشاف (1/ 181).

{مِنْ نَاصِرِينَ (22)} [22] تام، ومثله «معرضون». {مَعْدُودَاتٍ} [24] صالح؛ لأنَّ الواو بعده تصلح للعطف وللحال، أي: وقد غرهم، أو قالوا مغرورين. {يَفْتَرُونَ (24)} [24] كاف. {لَا رَيْبَ فِيهِ} [25] جائز، وقال نافع: تام، وخولف في هذا؛ لأنَّ ما بعده معطوف على الجملة قبله، فهو من عطف الجمل. {لَا يُظْلَمُونَ (25)} [25] تام. {مَنْ تَشَاءُ} [26] جائز في المواضع الأربعة، وقد نص بعضهم على الأول منها والأخير، والوجه أنها شيء واحد. {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} [26] كاف. {قَدِيرٌ (26)} [26] تام. {فِي النَّهَارِ} [27] جائز، وقال يحيى بن نصير النحوي: لا يوقف على أحد المتقابلين حتى يؤتى بالثاني، ومثله «من الميت»، و «من الحي». {بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)} [27] تام. {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [28] تام؛ للابتداء بالشرط. {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} [28] قال أبو حاتم السجستاني: كاف، ووافقه أبو بكر بن الأنباري، ولم يمعن النظر، وأظنه قلده، وكان يتحامل على أبي حاتم، ويسلك معه ميدان التعصب تغمدنا الله وإياهم برحمته، ولعل وجه هذا الوقف أنه رأى الجملة مركبة من الشرط والجزاء، وهو قوله: «ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء»، استأنف بعده «إلا»، على معنى: إلَّا أن يكون الخوف يحمله عليه، فعلى هذا التأويل يسوغ الوقف على شيء، وأجاز الابتداء بـ «إلَّا» هنا، وفيه ضعف؛ لأنَّ «إلَّا» حرف استدراك يستدرك بها الإثبات بعد النفي، أو النفي بعد الإثبات؛ فهي متعلقة بما قبلها في جميع الأحوال، مع أنَّ أبا حاتم في باب الوقف والابتداء هو الإمام المقتدى به في هذا الفن، ووافقه الكواشي، وقال: إلَّا أن يجعل حرف الاستثناء بمعنى: اللهم، والله أعلم بكتابه، وفصل أبو العلاء الهمداني؛ حيث قال: من العلماء من قال: إذا كان بعد الاستثناء كلام تام -جاز الابتداء بإلَّا إذا لم يتغير معنى ما قبلها، نحو: 1 - {أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)} [التين: 5]. 2 - وقوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا} [الانشقاق: 24، 25]. 3 - وكقوله: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 159، 160]. وأما لو تغير بالوقف معنى ما قبله نحو:

1 - {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14]. 2 - و {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأحقاف: 3]. 1 - {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [البقرة: 249]. 2 - {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ} [الحجر: 30، 31]-فلا يبتدأ بـ «إلَّا»، وأما إذا لم يكن بعد (إلَّا) كلام تام، بل كان متعلقًا بما قبله- فلا يوقف دونه، وقال ابن مقسم: إذا كان الاستثناء متصلًا فالوقف على ما بعدها أحسن، نحو: 1 - {تولوا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [البقرة: 246]. 2 - {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [البقرة: 249]. 3 - {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14]. إلَّا أن يكون الاستثناء بعد الآية فيوقف على ما قبل إلَّا لتمام الآية وعلى ما بعدها؛ لتمام الكلام، نحو: 1 - {وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ} [الحجر: 39، 40]. 2 - {إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلَّا عَجُوزًا} [الصافات: 134، 135]. وإن كان منقطعًا عما قبله فالوقف على ما قبل «إلَّا» أجود، وعلى ما بعدها حسن، ثم ما كان منه رأس آية ازداد حسنًا في الوقف، فمن المنقطع قبل تمام الآية قوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} [البقرة: 150] هنا الوقف، ثم يبتدئ: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [البقرة: 150]، وكذلك: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148]، {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا} [مريم: 62]، {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: 56]، والتام في ذلك كله آخر الآية، وأما المنقطع بعد تمام الآية فقوله: {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا} [الحجر: 58 - 60]، {عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات: 9، 10]، {بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا} [النبأ: 24، 25]، {أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا} [التين: 5، 6]؛ فإنَّ اللفظ لفظ الاستثناء، والتقدير: الرجوع من إخبار إلى إخبار، ومن معنى إلى معنى، وللعلماء في ذلك اختلاف كبير يطول شرحه، وحاصله: أنَّ الاستثناء إن كان يتعلق بالمستثنى منه لم يوقف قبل الأوان كان بمعنى لكن، وإن ما بعده ليس من جنس ما قبله، نحو: {لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة: 78]، {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20)} [الليل: 20]، {إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: 157]؛ إذ لم يستثن «الظن» من العلم؛ لأنَّ «اتباع الظن» ليس بعلم المعنى، لكنهم يتبعون الظن، والنحويون يجعلون هذا الاستثناء منقطعًا؛ إذ لم يصح دخول ما بعد «إلَّا» فيما قبلها، ألا ترى أنَّ «الأماني» ليست من الكتاب، وتكون «إلَّا» بمعنى الواو عند قوم، نحو قوله: {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}

[العنكبوت: 46]، وكقوله: {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا} [النمل: 11]، ونحو قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء: 92] قال أبو عبيدة بن المثنى: «إلَّا» بمعنى الواو؛ لأنه لا يجوز للمؤمن قتل المؤمن عمدًا ولا خطأ، ومن الاستثناء ما يشبه المنقطع كقوله: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)} [يونس: 61]، فقوله: «إلَّا في كتاب» منقطع عما قبله؛ إذ لو كان متصلًا لكان بعد النفي تحقيقًا، وإذا كان كذلك وجب أن يعزب عن الله تعالى مثقال ذرة وأصغر وأكبر منها إلَّا في الحال التي استثناها، وهو قوله: «إلَّا في كتاب مبين»، وهذا لا يجوز أصلًا، بل الصحيح الابتداء بـ «إلَّا» على تقدير الواو، أي: وهو أيضًا في كتاب مبين، ونحو ذلك قوله: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام: 59]، ومعنى «فليس من الله في شيء»، أي: ليس من توفيق الله وكرامته في شيء، أو ليس فيه لله حاجة، أي: لا يصلح لطاعته، ولا لنصرة دينه، وقال الزجاج: معناه من يتول غير المؤمنين فالله بريء منه. {تُقَاةً} [28] حسن، وقال أبو عمرو: كاف. {نَفْسَهُ} [28] كاف. {الْمَصِيرُ (28)} [28] تام. {يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [29] كاف؛ لاستئناف ما بعده، وليس معطوفًا على جواب الشرط؛ لأنَّ علمه تعالى بما في السموات وما في الأرض غير متوقف على شرط، ومثله «وما في الأرض». {قَدِيرٌ (29)} [29] كاف إن نصب «يوم» باذكر مقدرًا مفعولًا به، وليس بوقف إن نصب بـ «يحذركم» الأولى، وكذا إن نصب بـ «المصير»؛ للفصل بين المصدر ومعموله، كأنه قال: تصيرون إليه يوم تجد كل، ومن حيث كونه رأس آية يجوز، ويضعف نصبه بـ «قدير»؛ لأنَّ قدرته تعالى على كل شيء لا تختص بيوم دون يوم، بل هو متصف بالقدرة دائمًا، ويضعف نصبه بـ «تودُّ»، أي: تودُّ يوم القيامة حين تجد كل نفس خيرها وشرها تتمنى بُعْدَ ما بينها وبين ذلك اليوم وهوله. {مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا} [30] تام إن جعلت «ما» مبتدأ، وخبرها «تود»، ومن جعلها شرطية وجوابها «تود» لم يصب، ولم يقرأ أحد إلَّا بالرفع، ولو كانت شرطية لجزم «تود»، ولو قيل: يمكن أن يقدر محذوف، أي: فهي تود، أو نوى بالمرفوع التقديم، ويكون دليلًا للجواب لا نفس الجواب -لكان في ذلك تقديم المضمر على ظاهره في غير الأبواب المستثناة، وذلك لا يجوز، وقراءة عبد الله (¬1): «من سوء ودت» تؤيد كون ما شرطية مفعولة بعملت، وفي الكلام حذف تقديره: تسر به، ومن سوء محضرًا ¬

_ (¬1) وهو عبد الله بن مسعود، وكذا رويت عن ابن أبي عبلة، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 430)، الكشاف (1/ 184)، المعاني للفراء (1/ 207)، تفسير الرازي (2/ 437).

حذف تسر من الأول، ومحضرًا من الثاني، والمعنى وتجد ما عملت من سوء محضرًا تكرهه، وليس بوقف إن عطف «وما عملت من سوء» على «ما عملت من خير». {أَمَدًا بَعِيدًا} [30] حسن، وكرر التحذير تفخيمًا وتوكيدًا، كما في قوله: لَا أَرَى المَوْتَ يَسْبِقُ المَوْتَ شَيءٌ ... نَغَصَ المَوْتُ ذَا الغِنَى وَالفَقِيرَا (¬1) {نَفْسَهُ} [30] كاف. {بِالْعِبَادِ (30)} [30] تام. {يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [31] ليس بوقف؛ لعطف ما بعده على ما قبله. {ذُنُوبَكُمْ} [31] كاف. {رَحِيمٌ (31)} [31] تام. {وَالرَّسُولَ} [32] حسن؛ للابتداء بالشرط مع الفاء. {فَإِنْ تَوَلَّوْا} [32] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأتِ بعد. {الْكَافِرِينَ (32)} [32] تام. {الْعَالَمِينَ (33)} [33] جائز؛ من حيث كونه رأس آية، وليس بمنصوص عليه؛ لأنَّ «ذرية» حال من «اصطفى»، أي: اصطفاهم حال كونهم ذرية بعضها من بعض، أو بدل من «آدم» وما عطف عليه على قول من يطلق الذرية على الآباء والأبناء، فلا يفصل بين الحال وذيها، ولا بين البدل والمبدل منه، فإن نصبت «ذرية» على المدح كان الوقف على «العالمين» كافيًا. {مِنْ بَعْضٍ} [34] كاف. {عَلِيمٌ (34)} [34] تام، على قول أبي عبيدة معمر بن المثنى أن «إذ» زائدة لا موضع لها من الإعراب، والتقدير: عنده قالت امرأة عمران رب إني نذرت؛ على أنه مستأنف، وهذا وهم من أبي عبيدة، وذلك أنَّ «إذ» اسم من أسماء الزمان فلا يجوز أن يلغى؛ لأنَّ اللغو إنَّما يكون في الحروف، وموضع «إذ» نصب بإضمار فعل، أي: اذكر لهم وقت إذ قالت، قاله المبرد، والأخفش فهي مفعول به، ¬

_ (¬1) البيت من بحر الخفيف، وقائله عدي بن زيد، من قصيدة يقول في مطلعها: إِنَّ لِلدَهرِ صَولَةً فَاِحذَرنَها ... لا تَنامَنَّ قَد أَمِنتَ الدُهورا عدي بن زيد (? - 36 ق. هـ /? - 587 م) عدي بن زيد بن حمّاد بن زيد العبادي التميمي، شاعر من دهاة الجاهليين، كان قرويًا من أهل الحيرة، فصيحًا، يحسن العربية والفارسية، والرمي بالنشاب، وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى، الذي جعله ترجمانًا بينه وبين العرب، فسكن المدائن ولما مات كسرى وولي الحكم هرمز أعلى شأنه ووجهه رسولًا إلى ملك الروم طيباريوس الثاني في القسطنطينية، فزار بلاد الشام، ثم تزوج هندًا بنت النعمان، وشى به أعداء له إلى النعمان بما أوغر صدره فسجنه وقتله في سجنه بالحيرة.-الموسوعة الشعرية

لا ظرف، وقال الزجاج: الناصب له اصطفى مقدرًا مدلولًا عليه باصطفى الأول، أي: اصطفى آل عمران إذ قالت، فعلى هذين الوجهين لا يوقف على «عليم»؛ لتعلق ما بعده بما قبله، أي: سمع دعاءها ورجاءها؛ فـ «إذ» متعلقة بالوصفين معًا. {مُحَرَّرًا} [35] جائز، وهو حال من الموصول، وهو «ما في بطني»، والعامل فيها «نذرت»، ولا يستحسن؛ لتعلق الفاء بما قبلها. {فَتَقَبَّلْ مِنِّي} [35] تام، عند نافع؛ للابتداء بـ «إن». {الْعَلِيمُ (35)} [35] كاف، ومثله «أنثى» لمن قرأ «وضعتْ» بسكون التاء (¬1)؛ لأنه يكون إخبارًا من الله عن أم مريم، وما بعده من كلام الله فهو منفصل من كلام مريم ومستأنف، وبها قرأ أبو جعفر، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم، وحمزة، والكسائي، وليس بوقف لمن قرأ بضم التاء، وهو ابن عامر، وأبو بكر عن عاصم (¬2)، وعليه فلا يوقف على «أنثى» الأول والثاني؛ لأنهما من كلامها، فلا يفصل بينهما، فكأنها قالت اعتذارًا: إنَّي وضعتها وأنت يا رب أعلم بما وضعت. {بِمَا وَضَعَتْ} [36] جائز، على قراءة سكون التاء (¬3)، وليس بوقف لمن ضمها (¬4). {كَالْأُنْثَى} [36] جائز، إن جعل من كلام الله، وليس بوقف إن جعل ما قبله من كلام أم مريم، ولا وقف من «وإنِّي سميتها مريم» إلى «الرجيم» فلا يوقف على «مريم» سواء قرئ «وضعت» بسكون التاء أو بكسرها (¬5)، على خطاب الله لها؛ لأنَّه معطوف على «إنِّي وضعتها»، وما بينهما معترض بين المعطوف والمعطوف عليه، مثل: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76)} [الواقعة: 76] اعترض بجملة «لو تعلمون» بين المنعوت الذي هو «لقسم»، وبين نعته الذي هو «عظيم»، وهنا بجملتين الأولى «والله أعلم بما وضعت»، والثانية «وليس الذكر كالأنثى»، قرأ نافع (¬6): «وإني» بفتح ياء المتكلم التي قبل الهمزة المضمومة، وكذلك كل ياء وقع بعدها همزة مضمومة إلَّا في موضعين، فإنَّ الياء تسكن فيهما: ... {بِعَهْدِي أُوفِ} [البقرة: 40]، و {آَتُونِي أُفْرِغْ} [الكهف: 96]. {الرَّجِيمِ (36)} [36] كاف، وقيل: تام. ¬

_ (¬1) بتاء التأنيث الساكنة. (¬2) انظر: إتحاف الفضلاء (ص: 173)، الإعراب للنحاس (1/ 325)، الإملاء للعكبري (1/ 77)، السبعة (ص: 204). (¬3) وهي القراءة المشار إليها سابقا. (¬4) وهي قراءة ابن عامر وشعبة عن عاصم. انظر: المصادر السابقة. (¬5) وهي قراءة شاذة رويت عن عبد الله بن عباس. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 325)، الإملاء للعكبري (1/ 77)، البحر المحيط (2/ 439)، الكشاف (1/ 186). (¬6) راجعها في أصول الإمام نافع بالشاطبية والطيبة.

{نَبَاتًا حَسَنًا} [37] حسن، عند من خفف «وكفّلها»؛ لأنَّ الكلام منقطع عن الأول بتبدل فاعله؛ فإنَّ فاعل المخفف «زكريا»، وفاعل المشدد ضمير اسم الرب عزَّ وجلَّ، أي: وكفلها الله زكريا، وليس بوقف لمن شدد؛ لأنَّ الفعلين معًا لله تعالى، أي: أنبتها الله نباتًا حسنًا، وكفلها الله زكريا، وبها قرأ حمزة، والكسائي، وعاصم (¬1)، وقصر «زكريا» غير عاصم (¬2)؛ فإنه قرأ بالمد، فمن مدَّ أظهر النصب، ومن قصر كان في محل النصب، وخفف الباقون، ومدُّوا «زكريا» مرفوعًا (¬3)، أي: ضمها زكريا إلى نفسه، ومن حيث إنه عطف جملة على جملة يجوز عند بعضهم. {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [37] جائز، على القراءتين (¬4)، ومثله «رزقًا»، وكذا هذا منصوص عليهما. {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [37] كاف، إن جعل ما بعده من كلام الله، وجائز إن جعل من الحكاية عن مريم أنَّها قالت: «إن الله يرزق من يشاء بغير حساب»، والأولى وصله بما بعده. {بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)} [37] تام، وقيل: كاف؛ لأنَّ ما بعده متعلق به من جهة المعنى، روى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه قال لما رأى زكريا - عليه السلام - فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء –قال: إنَّ الذي يفعل هذا قادر على أن يرزقني ولدًا، فعند ذلك دعا زكريا ربه. {طَيِّبَةً} [38] حسن؛ للابتداء بـ «إن». {الدُّعَاءِ (38)} [38] تام. {الْمِحْرَابِ} [39] حسن، على قراءة من كسر همزة «إن» (¬5)، على إضمار القول، أي: قالت: إنَّ الله، وقد جاء إضمار القول كثيرًا، من ذلك قوله: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [الرعد: 24] أي: يقولون سلام عليكم، فإن تعلقت «إن» المكسورة بفعل مضمر، ولم تتعلق ¬

_ (¬1) وهم أهل الكوفة وقرءوا بتشديد الفاء، ولا أعلم إن كان قصد المؤلف بالتخفيف أم التشديد؟، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بتشديد الفاء. انظرهذه القراءة: إتحاف الفضلاء (ص: 173)، الإملاء للعكبري (1/ 77)، البحر المحيط (2/ 422)، السبعة (ص: 204)، الغيث للصفاقسي (ص: 175)، الكشف للقيسي (1/ 341)، التبيان للطوسي (2/ 435)، المعاني للأخفش (1/ 200)، المعاني للفراء (1/ 208)، النشر (2/ 239)، الإرشاد (ص: 261). (¬2) قرأ عاصم وحمزة والكسائي -وهم أهل الكوفة- بالقصر، ولا أعلم من أين أتى المؤلف بوجه مد «زكريا» لعاصم. انظرهذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 173)، الإملاء للعكبري (1/ 77)، السبعة (ص: 204)، الغيث للصفاقسي (ص: 175)، الكشف للقيسي (1/ 341)، المعاني للأخفش (1/ 200)، النشر (2/ 239). (¬3) وهم نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر. انظر: المصادر السابقة. (¬4) أي: تخفيف الفاء وتشديدها من «كفلها»، وقصر ومد «زكرياء»، وهما المشار إليهما سابقًا. (¬5) وهي قراءة ابن عامر، وحمزة وهي من قوله تعالى: {أَنَّ الله يُبَشِّرُكَ} [39]. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 174)، الإملاء للعكبري (1/ 78)، البحر المحيط (2/ 446)، التيسير للداني (ص: 87)، تفسير الطبري (6/ 366)، الغيث للصفاقسي (ص: 175)، الكشف للقيسي (1/ 343)، المعاني للفراء (1/ 210).

بما قبلها من الكلام -حسن الابتداء بها، والوقف على ما قبلها، وليس بوقف لمن فتحها (¬1)؛ لأنَّ التقدير: بأن الله، فحذف الجار، ووصل الفعل إلى ما بعده، فهو منصوب المحل بقوله: فنادته؛ لأنَّه فعل يتعدى إلى مفعولين أحدهما: الهاء، والثاني: «أنَّ الله»، وأما من أقام النداء مقام القول فلا يقف على «المحراب»، وكذا على قراءة من قرأ: «أنَّ الله» بفتح الهمزة (¬2)، على تقدير: بأنَّ الله، أي: بهذا اللفظ؛ لتعلق ما بعد المحراب بما قبله، انظر: النكزاوي. {الصَّالِحِينَ (39)} [39] كاف، وقيل: تام {عَاقِرٌ} [40] حسن، ووقف بعضهم على «كذلك»، على أن الإشارة بكذلك إلى حال زكريا وحال امرأته، كأنه قال: رب على أيِّ وجه يكون لنا غلام ونحن بحال كذا؟ فقال له: كما أنتما يكون لكما الغلام، والكلام تم في قوله: «كذلك»، وقوله: «الله يفعل ما يشاء» جملة مبينة مقررة في النفس وقوع هذا الأمر المستغرب، وعلى هذا يكون «كذلك» متعلقًا بمحذوف، «والله يفعل ما يشاء» جملة منعقدة من مبتدأ وخبر، وليس بوقف إن جعلت الكاف في محل نصب حال من ضمير ذلك، أي: يفعله حال كونه مثل ذلك، أو جعلت في محل رفع خبر مقدم، والجلالة مبتدأ مؤخر. اهـ سمين {مَا يَشَاءُ (40)} [40] تام، وهو رأس آية. {اجْعَلْ لِي آَيَةً} [41] حسن، ومثله «رمزًا»، وقيل: تام؛ للابتداء بالأمر. {وَالْإِبْكَارِ (41)} [41] تام، على أنَّ «إذ» منصوبة المحل بمضمر، تقديره: واذكر، وحسن إن جعل ما بعده معطوفًا على ما قبله من عطف الجمل. {الْعَالَمِينَ (42)} [42] تام؛ للابتداء بالنداء. {الرَّاكِعِينَ (43)} [43] حسن. {نُوحِيهِ إِلَيْكَ} [44] كاف عند أبي حاتم، ومثله «يكفل مريم»، و «يختصمون». {بِكَلِمَةٍ مِنْهُ} [45] جائز، ويبتدئ اسمه «المسيح» بكسر الهمزة، ومثله «عيسى ابن مريم» إن جعل «عيسى» خبر مبتدأ محذوف، أي: هو عيسى، وليس بوقف إن جعل اسمه المجموع من قوله: «المسيح عيسى ابن مريم» كما في (الكشاف)، أو جعل «عيسى» بدلًا من المسيح، أو عطف بيان، و «ابن مريم» صفة لـ «عيسى». {وَالْآَخِرَةِ} [45] جائز، ومثله «المقربين» عند من جعل «ويكلم» مستأنفًا على الخبر، والأَوْجَهُ أنَّ «وجيهًا»، «ومن المقربين»، «ويكلم»، «من الصالحين»، هذه الأربعة أحوال انتصبت عن قوله: «بكلمة»، والمعنى: إنَّ الله يبشرك بهذه الكلمة موصوفة بهذه الصفات الجميلة، ولا يجوز أن تكون من ¬

_ (¬1) وهي قراءة نافع - ابن كثير - أبو عمرو - والكسائي. انظر: المصادر السابقة. (¬2) وهي القراءة المشار إليها آنفًا.

«المسيح»، ولا من «عيسى»، ولا من «ابن مريم» ولا من الهاء في «اسمه»، انظر تعليل ذلك في: المطولات فلا يوقف على «كهلًا»؛ لأنَّ «ومن الصالحين» معطوف على وجهين، أي: وجيهًا، ومقربًا، وصالحًا، أو يبشرك بعيسى في حال وجاهته، وكهولته، وتقريبه، وصلاحه. {الصَّالِحِينَ (46)} [46] تام. {بَشَرٌ} [47] كاف، ومثله «ما يشاء». {كُنْ} [47] جائز. {فَيَكُونُ (47)} [47] تام لمن قرأ: «ونعلمه» بالنون، على الاستئناف، وكاف لمن قرأ بالياء التحتية عطفًا على «يبشرك» من عطف الجمل (¬1). {وَالْإِنْجِيلَ (48)} [48] حسن إن نصب «ورسولًا» بمقدر، أي: ونجعله رسولًا، وليس بوقف لمن عطفه على «وجيهًا»، فيكون حالًا، أي: ومعلمًا الكتاب، وهو ضعيف؛ لطول الفصل بين المتعاطفين، وكذا على قراءة البزي، و «رسولٍ» بالجر عطفًا على «بكلمة منه»، أي: يبشرك بكلمة منه ورسول؛ لبعد المعطوف عليه والمعطوف (¬2). {مِنْ رَبِّكُمْ} [49] كاف لمن قرأ: «إني أخلق» بكسر الهمزة، وهو نافع (¬3)؛ على الاستئناف، أو على التفسير، فسر بهذه الجملة قوله: «بآية» كأنَّ قائلًا قال: وما الآية؟ فقال: إني أخلق، ونظيرها يأتي في قوله: {إِن مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ} [59]، فجملة «خلقه» مفسرة للمثل، وكما في قوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائدة: 9]، ثم فسّر الوعد بقوله: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} [المائدة: 9]، فالاستئناف يؤتى به تفسيرًا لما قبله، وليس بوقف لمن قرأ بفتحها بدلًا من «أني قد جئتكم»، أو جعله في موضع خفض بدلًا من آية؛ بدل كل من كل إن أريد بالآية الجنس، أو جعلت خبر مبتدأ محذوف، أي: هي أني؛ فقوله: «أني» يجوز أن يكون في موضع رفع، أو نصب، أو جر، على اختلاف المعنى، وفتحها ¬

_ (¬1) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي بالنون، والباقون بالياء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 174)، الإعراب للنحاس (1/ 334)، الإملاء للعكبري (1/ 79)، البحر المحيط (2/ 463)، التيسير (ص: 88)، تفسير الطبري (6/ 422)، الحجة لابن خالويه (ص: 109)، الحجة لابن زنجلة (ص: 163)، السبعة (ص: 206)، الغيث للصفاقسي (ص: 176)، الكشف للقيسي (1/ 344)، المعاني للأخفش (1/ 205)، تفسير الرازي (2/ 457)، النشر (2/ 240). (¬2) قراءة الجماعة بالنصب، ولا أعلم من أين أتى المؤلف بالجر للبزي؟ وإنما قرأ بالجر شاذًا لليزيدي. انظر: البحر المحيط (2/ 465)، والكشاف (1/ 190). (¬3) وقرأ الباقون بفتح الهمزة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 175)، الإملاء للعكبري (1/ 79)، البحر المحيط (2/ 465)، التبيان للطوسي (2/ 467)، التيسير (ص: 88)، المجمع للطبرسي (2/ 444)، تفسير الرازي (2/ 458).

على إسقاط الخافض، فموضعها جر، أي: بأني، ويجري الخلاف المشهور بين سيبويه والخليل في محل «أني» نصب عند سيبويه، وجر عند الخليل. {بِإِذْنِ اللَّهِ} [49] جائز في الموضعين. {فِي بُيُوتِكُمْ} [49] كاف، ومثله «مؤمنين» إن نصب «ومصدقًا» بفعل مقدر، أي: وجئتكم مصدقًا لما بين يديَّ، وليس بوقف إن نصب عطفًا على «رسولًا»، أو على الحال مما قبله، ومن حيث كونه رأس آية يجوز، وجواب «إن كنتم» محذوف، أي: انتفعتم بهذه الآية وتدبرتموها. {حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [50] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن عطف ما بعده على ما قبله. {مِنْ رَبِّكُمْ} [50] حسن. {وَأَطِيعُونِ (50)} [50] كاف. {فَاعْبُدُوهُ} [51] حسن، وقيل: كاف. {مُسْتَقِيمٌ (51)} [51] تام. {إِلَى اللَّهِ} [52] الأول حسن، والثاني ليس بوقف؛ لأنَّ «آمنا» في نظم الاستئناف، مع إمكان الحال، أي: قد آمنا كذلك. {مُسْلِمُونَ (52)} [52] كاف، ومثله «الشاهدين». {وَمَكَرَ اللَّهُ} [54] حسن. {الْمَاكِرِينَ (54)} [54] كاف. {مُتَوَفِّيكَ} [55] جائز، ومثله «ورافعك إليَّ»، وليس منصوصًا عليهما، والأولى وصلهما، وقيل: هو من المقدم والمؤخر، أي: رافعك إليَّ حيًّا، ومتوفيك. {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [55] حسن، إن جعل الخطاب في «اتبعوك» للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والذين اتبعوه هم المسلمون، أي: وجاعل الذين اتبعوك يا محمد فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، فهو منقطع عما قبله في اللفظ، وفي المعنى؛ لأنَّه استئناف خبر له، ومعنى قوله: «فوق الذين كفروا»، أي: في الحجة وإقامة البرهان، وقيل: في اليد والسلطنة والغلبة، ويؤيد هذا ما في الصحيح: عن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» (¬1)، وقيل: يراد بالخطاب عيسى، وليس بوقف إن جعل الخطاب لعيسى عليه وعلى نبينا أفضل ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (5/ 278، رقم: 22448)، ومسلم (4/ 2215، رقم: 2889)، وأبو داود (4/ 97، رقم: 4252)، والترمذى (4/ 472، رقم: 2176)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (2/ 1304، رقم: 3952)، وأبو عوانة (4/ 508، رقم: 7509)، وابن حبان (16/ 220، رقم: 7238)، وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/ 311، رقم: 31694).

الصلاة والسلام، ولا يخفى أنَّ المذكور في الآية الشريفة إنما هو عيسى؛ لكون الكلام مع اليهود الذين كفروا به، وراموا قتله، وما في خط شيخ الإسلام، وفي النسخ القديمة موسى، لعله سبق قلم، أو تصحيف من النساخ، وفي ترتيب هذه الأخبار الأربعة أعني: «متوفيك»، «ورافعك إليَّ»، «ومطهرك»، و «وجاعل» ترتيب حسن؛ وذلك أنَّ الله تعالى بشره أولًا بأنه متوفيه ومتولي أمره، فليس للكفار المتوعدين له بالقتل سلطان ولا سبيل، ثم بشره ثانيًا بأنه رافعه إليه، أي: إلى سمائه محل أنبيائه وملائكته، ومحل عبادته؛ ليسكن فيها، ويعبد ربه مع عابديه، ثم ثالثًا بتطهيره من أوصاف الكفرة وأذاهم، وما قذفوه به، ثم رابعًا برفعة تابعيه على من خالفه؛ ليتم بذلك سروره، وقدم البشارة بنفسه؛ لأنَّ الإنسان بنفسه أهم، قال تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} [التحريم: 6]، وفي الحديث: «ابدأ بنفسك، ثم بمن تعول» (¬1). {يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [55] جائز. {تَخْتَلِفُونَ (55)} [55] كاف؛ للتفصيل بعده. {وَالْآَخِرَةِ} [56] كاف أيضًا؛ للابتداء بالنفي. {مِنْ نَاصِرِينَ (56)} [56] تام. {أُجُورَهُمْ} [57] حسن. {الظَّالِمِينَ (57)} [57] كاف؛ لأنَّ «ذلك» مبتدأ، و «من الآيات» في محل رفع خبر. {الْحَكِيمِ (58)} [58] تام. {كَمَثَلِ آَدَمَ} [59] حسن، وليس بتام، ولا كاف؛ لأنَّ «خلقه من تراب» تفسير للمثل، وهو متعلق به، فلا يقطع منه، وقال يعقوب: تام، و «خلقه من تراب» مستأنف، وإنما لم يكن خلقه متصلًا به؛ لأنَّ الإعلام لا يتصل بها الماضي، فلا تقول: مررت بزيد قام؛ لأنَّ قام لا يكون صفة لزيد ولا حالًا؛ لأنه قد وقع وانقطع، فإن أضمرت في الكلام قد جاز أن يتصل الماضي بالإعلام؛ لأنَّ الجمل بعد المعارف أحوال، وفي جملة «خلقه من تراب» وجهان: أظهرهما: أنها مفسرة لوجه التشبيه، فلا محل لها من الإعراب، والثاني: أنها في محل نصب على الحال من «آدم»، و «قد» معه مقدرة؛ لتقربه من الحال؛ والعامل فيها معنى التشبيه والضمير في «خلقه» عائد على «آدم»، لا على «عيسى»؛ لفساد المعنى. {كُنْ} [59] جائز؛ لاستئناف ما بعده، وما بعد الأمر ليس جوابًا له، وإنما أراد تعالى، فهو يكون ¬

_ (¬1) قال الألباني: حديث "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" صحيح. وهو مركب من حديثين في الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: (أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ)، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ الْمُدَبَّرِ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، (ابْدَأْ بِنَفْسِك فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِك).

على الاستئناف؛ فلذلك انقطع عما قبله، وليس بوقف على قراءة الكسائي من نصب ما بعد الفاء (¬1)، وذلك أن ما بعدها معطوف على ما عملت فيه «كن»، واختلف في المقول له «كن»، فالأكثر على أنَّه «آدم»، وعليه يسئل، ويقال: إنما يقال له: «كن» قبل أن يخلقه، لا بعده، وهنا «خلقه»، ثم قال له: «كن»، ولا تكوين بعد الخلق؟ فالجواب: أنه تعالى أخبرنا أولًا بأنه خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، ثم ابتدأ خبرًا آخر فقال: إني مخبركم بعد خبري الأول أني قلت له: كن فكان مثل قوله: إنَّ مَنْ سَادَ ثُمَّ سَادَ أَبُوهُ ... ثُمَّ قَدْ سَادَ قَبْلَ ذَلِكَ جَدُّهُ (¬2) ومعلوم أن الأب متقدم عليه، والجد متقدم على الأب، فالترتيب يعود إلى الخبر، لا إلى الوجود. {فَيَكُونُ (59)} [59] تام. {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [60] جائز، أي: الذي أنبأك به في قصة عيسى الحق من ربك، أو هو الحق من ربك، أو أمر عيسى فهو خبر مبتدأ محذوف. {الْمُمْتَرِينَ (60)} [60] تام، ولا وقف من قوله: «فمن حاجك» إلى «الكاذبين»، فلا يوقف على «من العلم»؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت بعد. {الْكَاذِبِينَ (61)} [61] تام. {الْحَقُّ} [62] كاف. {إِلَّا اللَّهُ} [62] حسن؛ لأنَّ «من إله» مبتدأ، و «من» زائدة، و «إلَّا الله» خبر، أي: ما إله إلَّا الله. {الْحَكِيمُ (62)} [62] تام، ومثله «بالمفسدين»، وكذا «بيننا وبينكم» عند نافع إن رفع ما بعده؛ على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ فإنَّ العادة أنه لا يبتدأ بـ «إلَّا»؛ لأنَّ الغالب أنها تكون في محل نصب أو جر، فهي مفتقرة إلى عاملها، وهنا كأنَّ قائلًا قال: ما الكلمة؟ فقيل: هي ألَّا نعبد إلَّا الله، وهذا وإن كان جائزًا عربية رفعه -فالأحسن وصله، وليس بوقف إن جعلت «أن» وما في حيزها في محل رفع بالابتداء، والظرف قبلها خبر، وكذا لا يوقف على «بينكم» إن جعلت «أن» فاعلًا بالظرف قبلها، وحينئذ يكون الوقف على «سواء»، ثم يبتدأ «بيننا وبينكم ألَّا نعبد إلَّا الله»، وهذا فيه بعد من حيث المعنى، وكذا لا يوقف عليه إن جر على أنه بدل من كلمة بتقدير: تعالوا إلى كلمة، وإلى «ألَّا نعبد إلَّا الله»؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله، ورسموا «ألَّا نعبد» بغير نون بعد الألف. ¬

_ (¬1) روي نصب النون بعد الفاء من «فيكون»، ابن عامر وحده من العشر، أما ما ذكره المصنف فلا أصل له إن كان يقصد ما ذكرته؟!. انظر هذه القراءة في: التيسير (ص: 76، 88)، الحجة لابن خالويه (ص: 110)، السبعة (ص: 207). (¬2) البيت من بحر الخفيف، مجهول القائل، وذكره عبد القادر البغدادي في خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب-الموسوعة الشعرية

{دُونِ اللَّهِ} [64] تام؛ للابتداء بعده بالشرط، ومثله «مسلمون». {إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ} [65] كاف؛ للابتداء بالاستفهام. {تَعْقِلُونَ (65)} [65] تام. {فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} [66] جائز؛ للاستفهام بعده. {لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} [66] كاف؛ لاستئناف ما بعده. {وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66)} [66] تام؛ للابتداء بالنفي بعده. {وَلَا نَصْرَانِيًّا} [67] ليس بوقف؛ لأنَّ «لكن» حرف يقع بين نقيضين، وهما هنا اعتقاد الباطل والحق. {مُسْلِمًا} [67] جائز. {مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)} [67] تام. {لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا} [68] كاف، فـ «أولى الناس» في محل نصب اسم «إنَّ»، و «للذين» في محل رفع خبرها، واللام في «للذين» لام التوكيد، و «هذا النبي» عطف على «للذين»، و «الذين آمنوا» في محل رفع بالعطف على «النبي» والوقف على «آمنوا»، وقال النكزاوي: اختلف في ضمير «اتبعوه»، فقيل: هو ضمير جماعة المسلمين راجع إلى «الذين»، وقيل: راجع إلى القوم الذين كانوا في زمن إبراهيم، فآمنوا به واتبعوه كقس بن ساعدة، وزيد بن عمرو، وقال يعقوب: الوقف على «اتبعوه» كاف، ويبتدأ «وهذا النبي» على الاستئناف، والأجود العطف، ويدل على صحته الحديث المسند: «إنَّ لكل بيت وليًّا، وإنَّ ولييَّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام»، ثم قرأ هذه الآية اهـ (¬1). مع حذف، وقرأ أبو السَمَّال العدوي (¬2): «وهذا النبيَّ» بالنصب (¬3)؛ عطفًا على الهاء في «اتبعوه»، كأنه قال: اتبعوه واتبعوا هذا النبي، ذكره ابن مقسم، والوقف على هذا الوجه على «آمنوا»، ومن نصب «النبي» على الإغراء وقف على «اتبعوه» ثم يبتدئ «وهذا النبي» بالنصب، كأنه قال: واتبعوا هذا النبي على لفظ الأمر، وهذا أضعف الأوجه، وقرئ بالجر (¬4)؛ عطفًا على إبراهيم، أي: إنَّ أولى الناس بإبراهيم وبهذا النبي، وعلى هذا كان ينبغي أن يثني الضمير في «اتبعوه»، فيقول: اتبعوهما، اللهمّ إلَّا أن يقال: هو من ¬

_ (¬1) لم أعثر عليه. (¬2) قعنب بن أبي قعنب أبو السّمَّال، العدوي البصري، له اختيار في القراءة شاذ عن العامة، رواه عنه أبو زيد سعيد بن أوس، وأسند الهذلي قراءة أبي السَمَّال عن هشام البربري عن عباد بن راشد عن الحسن عن سمرة عن عمر وهذا سند لا يصح. انظر: غاية النهاية -الموسوعة الشاملة (¬3) وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 341)، الإملاء للعكبري (1/ 81)، البحر المحيط (2/ 488)، الكشاف (1/ 94). (¬4) لم أستدل على من قرأ بها، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 488).

باب والله ورسوله أحق أن يرضوه. {وَالَّذِينَ آَمَنُوا} [68] حسن. {وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)} [68] تام. {لَوْ يُضِلُّونَكُمْ} [69] حسن. {وَمَا يَشْعُرُونَ (69)} [69] تام، ومثله «تشهدون»، وكذا «وأنتم تعلمون». آخره ليس بوقف؛ لحرف الترجي بعده؛ لأنَّ الإنسان يترجى بها شيئًا يصل إليه بسبب من الأسباب. {يَرْجِعُونَ (72)} [72] صالح؛ لأنَّ ما بعده من جملة الحكاية عن اليهود، وأنَّ الواو بعده للعطف، فإن جعلت للاستئناف كان الوقف على «ترجعون» كافيًا. {دِينَكُمْ} [73] تام، يبنى الوقف على «هدى الله»، ووصله بما بعده على اختلاف القراء والمعربين، فللقراء في محل «أن يؤتى» خمسة أوجه، وللمعربين فيه تسعة أوجه، والوقف تابع لها في تلك الأوجه، ولهذا قال الواحدي (¬1): وهذه الآية من مشكلات القرآن، وقال غيره: هي أشكل ما في السورة، قرأ العامة: «أَن يؤتى» بفتح الهمزة والقصر (¬2)، ومعناها: قالت اليهود بعضهم لبعض: لا تصدقوا، ولا تقروا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من العلم والحكمة إلَّا لمن اتبع اليهودية، وقرأ ابن محيصن (¬3)، وحميد (¬4) .............................................. ¬

_ (¬1) علي بن أحمد بن محمد بن علي، أبو الحسن الواحدي: مفسر، عالم بالأدب، نعته الذهبي بإمام علماء التأويل، كان من أولاد التجار أصله: من ساوة (بين الري وهمذان) ومولده ووفاته بنيسابور، له: البسيط، والوسيط، والوجيز -كلها في التفسير، وقد أخذ الغزالي هذه الأسماء وسمى بها تصانيفه، وشرح ديوان المتنبي، وأسباب النزول، وشرح الأسماء الحسنى، وغير ذلك وهو كثير، والواحدي نسبة إلى الواحد بن الديل ابن مهرة (ت 468 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (4/ 255). (¬2) وهي قراءة متواترة رويت عن جمهور القراء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 176)، البحر المحيط (2/ 496)، التيسير (ص: 89)، تفسير القرطبي (4/ 114)، الحجة لابن خالويه (ص: 110، 111)، الحجة لابن زنجلة (ص: 165)، السبعة (ص: 207)، الغيث للصفاقسي (ص: 178)، الكشاف (1/ 196)، تفسير الرازي (2/ 480). (¬3) محمد بن عبد الرحمن ابن محيصن السهمي بالولاء، أبو حفص المكي: مقرئ أهل مكة بعد ابن كثير، وأعلم قرائها بالعربية، انفرد بحروف خالف فيها المصحف، فترك الناس قراءته ولم يلحقوها بالقراءات المشهورة، وكان لا بأس به في الحديث، روى له مسلم والترمذي والنسائي حديثا واحدا (ت 123 هـ). انظر: غاية النهاية (2/ 167)، العبر (1/ 157)، تهذيب التهذيب (7/ 474)، الأعلام للزركلي (6/ 189). (¬4) حميد بن قيس الأعرج، أبو صفوان المكي القارئ ثقة، أخذ القراءة عن مجاهد بن جبر، وعرض عليه ثلاث مرات، روى القراءة عنه سفيان بن عيينة، وأبو عمرو بن العلاء وإبراهيم بن يحيى ابن أبي حية وجنيد بن عمرو العدواني وعبد الوارث بن سعيد، (ت 130هـ). انظر: غاية النهاية ترجمة رقم: 1200 - الموسوعة الشاملة

فوق العشرة بمد الهمزة (¬1)؛ على الاستئناف التوبيخي الإنكاري، وقرأ ابن كثير في السبع على قاعدته بتسهيل الثانية بَيْنَ بَيْنَ من غير مدٍّ بينهما على الاستفهام (¬2)، ولام العلة والمعلل محذوفان، أي: إلا أن يؤتى أحد دبرتم ذلك وقلتموه، فحذفت اللام، ونصبت أن ومدخولها، أي: محلهما، كأنه قال: لا تؤمنوا إلَّا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، وقرأ الأعمش (¬3)، وشعيب بن أبي حمزة، وسعيد بن جبير (¬4): «إن يؤتى» بكسر الهمزة (¬5)؛ على أنها نافية، أي: ما يؤتى أحد مثل ما أوتيتم خطاب من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته، والوقف على «دينكم»؛ لأنَّ ما بعده يكون منقطعًا عن الأول، وقرأ الحسن (¬6): «أن ¬

_ (¬1) وهي قراءة شاذة ورويت أيضا عن الحسن. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 497)، تفسير القرطبي (4/ 114)، المحتسب لابن جني (1/ 163). (¬2) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 176)، البحر المحيط (2/ 496)، التيسير (ص: 89)، تفسير القرطبي (4/ 114)، الحجة لابن خالويه (ص: 110، 111)، الحجة لابن زنجلة (ص: 165)، السبعة (ص: 207)، الغيث للصفاقسي (ص: 178)، الكشاف (1/ 196)، تفسير الرازي (2/ 480). (¬3) سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، أبو محمد، الملقب بالأعمش: تابعي، مشهور، أصله من بلاد الري، ومنشأه ووفاته في الكوفة، كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض، يروي نحو (1300) حديث، قال الذهبي: كان رأسا في العلم النافع والعمل الصالح، وقال السخاوي: قيل: لم ير السلاطين والملوك والأغنياء في مجلس أحقر منهم في مجلس الأعمش مع شدة حاجته وفقره (ت 148 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (3/ 153). (¬4) سعيد بن جبير الأسدي، بالولاء، الكوفي، أبو عبد الله: تابعي، كان أعلمهم على الإطلاق، وهو حبشي الأصل، من موالي بني والبة بن الحارث من بني أسد، أخذ العلم عن عبد الله بن عباس وابن عمر، ثم كان ابن عباس، إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه، قال: أتسألونني وفيكم ابن أم دهماء؟ يعني سعيدا، ولما خرج عبد الرحمن ابن محمد بن الأشعث، على عبد الملك بن مروان، كان سعيد معه إلى أن قتل عبد الرحمن، فذهب سعيد إلى مكة، فقبض عليه واليها (خالد القسري)، وأرسله إلى الحجاج، فقتله بواسط، قال الإمام أحمد بن حنبل: قتل الحجاج سعيدا وما على وجه الأرض أحد إلا وهو مفتقر إلى علمه (ت 95 هـ). انظر الأعلام للزركلي (3/ 93). (¬5) وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (2/ 497)، تفسير القرطبي (4/ 114)، المحتسب لابن جني (1/ 163). (¬6) الحسن البصري (21 - 110 هـ = 642 - 728 م) الحسن بن يسار البصري، أبو سعيد: تابعي، كان إمام أهل البصرة، وحبر الأمة في زمنه، وهو أحد العلماء الفقهاء الفصحاء الشجعان النساك، ولد بالمدينة، وشبّ في كنف علي بن أبي طالب، واستكتبه الربيع ابن زياد والي خراسان في عهد معاوية، وسكن البصرة، وعظمت هيبته في القلوب فكان يدخل على الولاة فيأمرهم وينهاهم، لا يخاف في الحق لومة، وكان أبوه من أهل ميسان، مولى لبعض الأنصار، قال الغزّالي: كان الحسن البصري أشبه الناس كلامًا بكلام الأنبياء، وأقربهم هديًا من الصحابة، وكان غاية في الفصاحة، تتصبب الحمكة من فيه، وله مع الحجاج ابن يوسف مواقف، وقد سلم من أذاه، ولما ولي عمر ابن عبد العزيز الخلافة كتب إليه: إني قد ابتليت بهذا الأمر فانظر لي أعوانًا يعينونني عليه، فأجابه الحسن: أما أبناء الدنيا فلا تريدهم، وأما أبناء الآخرة فلا يريدونك، فاستعن بالله. أخباره كثيرة، وله كلمات سائرة وكتاب في: فضائل مكة، توفي بالبصرة. انظر: الأعلام للزركلي (2/ 226).

يؤتِىَ» (¬1) بفتح الهمزة، وكسر الفوقية، وفتح التحتية مبنيًّا للفاعل، و «أحد» فاعل، والمفعول الأول محذوف، أي: أحدًا وأبقى الثاني وهو مثل، والتقدير: أن يؤتى أحد أحدًا مثل ما أوتيتم هذا توجيه القراءات، وأما توجيه الإعراب ففي محل أن يؤتى تسعة أوجه: ثلاثة من جهة الرفع، وأربعة من جهة النصب، وواحد من جهة الجر، وواحد محتمل للنصب والجر، ويوقف على «هدى الله» في أربعة منها، وهي إن قرئ (¬2): «ءأن يؤتى» بالاستفهام؛ لأنَّ الاستفهام له صدر الكلام سواء قرئ بهمزة محققة، أو مسهلة، أو نصب «أن» على الاشتغال، أو علق بالهدى، أو أنَّ «إن» بمعنى ما، وليس بوقف إن أعرب «أن» بدلًا من «هدى الله»، أو خبرًا لـ «أن»، أو معمولًا لما قبله، أو متعلقًا بما قبله، أو متعلقًا بلا تؤمنوا، أو قرئ: «أن يؤتَى» بالفتح والقصر؛ لأنه يصير علة لما قبله، كما ستراه. فالأول من أوجه الرفع: أن «يؤتى» يصح أن يكون محله رفعًا؛ على أنه مبتدأ على قول من يرفع، نحو: أزيد ضربته، والخبر محذوف، أي: إيتاء أحد مثل ما أوتيتم تصدقونه، أو تقرون به، أي: لا تصدقوا بذلك، فهو إنكار أن يؤتى أحد مثل الذي أوتوه من التوراة وغيرها، فهو حينئذ من كلام اليهود بعضهم لبعض، والوقف على «هدى الله» تام؛ لأنه من كلام الله. والثاني من أوجه الرفع: أن «يؤتى» بدل من «هدى الله» الذي هو خبر «إن»، أي: إنَّ الهدى هدى الله هو أن يؤتى أحد كالذي جاءنا نحن، فيكون من كلام اليهود. والثالث من أوجه الرفع: أن «أن يؤتى» خبر إن. وأما أوجه النصب: فأحدها: أنَّ «أن» بفتح الهمزة بمعنى: لا، نقل ذلك بعضهم عن الفراء، فأقام «أن» مقام ما، و «أو» بمعنى: إلَّا، فـ «أن» ومدخولها في محل نصب بالقول المحذوف، أي: وقولوا لهم لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلَّا أن يحاجوكم، وردَّ بأن جعل «أن» المفتوحة للنفي غير محفوظ، بل هو قول مرغوب عنه. والثاني من أوجه النصب: أن يكون مفعولًا بمحذوف، أي: إذا كان الهدى هدى الله فلا تنكروا أن ¬

_ (¬1) وهي قراءة متواترة رويت عن جمهور القراء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 176)، البحر المحيط (2/ 496)، التيسير (ص: 89)، تفسير القرطبي (4/ 114)، الحجة لابن خالويه (ص: 110، 111)، الحجة لابن زنجلة (ص: 165)، السبعة (ص: 207)، الغيث للصفاقسي (ص: 178)، الكشاف (1/ 196)، تفسير الرازي (2/ 480). (¬2) وهي قراءة ابن كثير المكي. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 176)، الإعراب للنحاس (2/ 496)، التيسير (ص: 89)، تفسير القرطبي (4/ 114)، الحجة لابن خالويه (ص: 110، 111)، الحجة لابن زنجلة (ص: 165)، السبعة (ص: 207)، الغيث للصفاقسي (ص: 178)، الكشاف (1/ 196).

يؤتى أحد، واستبعده أبو حيان بأنَّ فيه حذف حرف النهي، وحذف معموله، وهو غير محفوظ، وردّ عليه تلميذه السمين (¬1) بأنه متى دل دليل على حذف العامل جاز على أي وجه كان. والثالث من أوجه النصب: هو «أن يؤتى» مفعول لأجله، أي: ولا تؤمنوا إلَّا لمن تبع دينكم مخافة أن يؤتى أحد، أو مخافة أن يحاجوكم، أو أن آن يؤتى بالمد على الاستفهام مفعول لأجله أيضًا، فليس هو من قول اليهود، أي: الخوف أن يؤتى أحد قلتم ذلك، ونقل ابن عطية الإجماع على أنَّ ولا تؤمنوا من مقول اليهود غير سديد. والرابع من أوجه النصب: أنَّ «أن يؤتى» منصوب على الاشتغال، أي: تذكرون أن يؤتى أحد تذكرونه، فتذكرونه مفسر بكسر السين، ولكونه في قوة المنطق صح أن يفسر. وأما وجه الجر: فـ «أن» أصلها لأن فأبدلت لام الجر مدة كقراءة ابن عامر: «آن كان ذا مال» بهمزة محققة ومسهلة، أو محققتين، وبها قرأ حمزة، وعاصم، أي: لأن كان ذا مال (¬2). والوجه المحتمل: هو أنَّ «أن يؤتى» متعلق بـ «لا تؤمنوا» على حذف حرف الجر، أي: ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحد، ولا يؤمنوا بأن يحاجوكم، فيكون «أن يؤتى» وما عطف عليه مفعولًا لقوله: «ولا تؤمنوا»، وعلى هذا لا يوقف على «من تبع دينكم»؛ لأنَّ «أن» متصلة بما قبلها، فلا يفصل بين الفعل والمفعول، ويجوز أن لا تقدر الباء، فتقول: ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد النبوة والكتاب إلَّا لمن اتبع دينكم، فـ «أن يؤتى» من تمام الحكاية عن اليهود، وقوله: «قل إن الهدى هدى الله» اعتراض بين الفعل والمفعول، وإن جعل «أن يؤتى» متصلًا بـ «الهدى» بتقدير: قل إنَّ الهدى هدى الله أن لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أيها المسلمون وأن لا يحاجوكم -كان الوقف على «لمن تبع دينكم» اهـ من أبي حيان، وتلميذه السمين ملخصًا، وهذا الوقف جدير بأن يخص بتأليف، ولكن ما ذكر فيه كفاية، غفر الله لمن نظر بعين الإنصاف وستر ما يرى من الخلاف. {عِنْدَ رَبِّكُمْ} [73] حسن. ¬

_ (¬1) السمين (000 - 756 هـ = 000 - 1355 م) أحمد بن يوسف بن عبد الدايم الحلبي، أبو العباس، شهاب الدين، المعروف بالسمين: مفسِّر، عالم بالعربية، والقراءات، شافعي، من أهل حلب، استقر واشتهر في القاهرة، من كتبه: تفسير القرآن، والقول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز، والدر المصون -في إعراب القرآن، وعمدة الحفاظ، في تفسير أشرف الألفاظ -في غريب القرآن، وشرح الشاطبية -في القراءات، قال ابن الجزري: لم يسبق إلى مثله. انظر: الأعلام للزركلي (1/ 274). (¬2) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 421)، الإعراب للنحاس (3/ 485)، التيسير (ص: 213)، تفسير الطبري (29/ 18)، تفسير القرطبي (18/ 336)، الحجة لابن خالويه (ص: 351)، الحجة لابن زنجلة (ص: 717)، السبعة (ص: 646)، الغيث للصفاقسي (ص: 371)، الكشاف (4/ 143)، الكشف للقيسي (2/ 331)، المعاني للفراء (3/ 173)، تفسير الرازي (30/ 86)، النشر (1/ 367).

{بِيَدِ اللَّهِ} [73] كاف؛ لأنَّ «يؤتيه» لا يتعلق بما قبله، مع أنَّ ضميري فاعله ومفعوله عائدان إلى الله وإلى الفضل، قاله السجاوندي. {مَنْ يَشَاءُ} [73] كاف، ومثله «واسع عليم»، وكذا «من يشاء». {الْعَظِيمِ (74)} [74] تام. {يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [75] حسن. {قائِماً} [75] كاف؛ لأنَّ «ذلك» مبتدأ. {سَبِيلٌ} [75] حسن. {يَعْلَمُونَ (75)} [75] كاف، وقيل: تام. {بَلَى} [76] ليس بوقف، وقيل: وقف؛ لأنَّ «بلى» جواب للنفي السابق، أي: بلى عليهم سبيل العذاب بكذبهم، وتقدم في البقرة ما يغني عن إعادته. {الْمُتَّقِينَ (76)} [76] تام. {فِي الْآَخِرَةِ} [77] جائز. {وَلَا يُزَكِّيهِمْ} [77] كاف. {أَلِيمٌ (77)} [77] تام. {وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ} [78] كاف؛ على استئناف ما بعده، ومثله «ويقولون هو من عند الله». وقوله: {وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [78] أكفى منهما. {يَعْلَمُونَ (78)} [78] تام، ولا وقف من قوله: «ما كان لبشر» إلى «تدرسون»، فلا يوقف على «النبوة»؛ لاتساق ما بعده على ما قبله؛ لأنَّ ما بعده جملة سيقت توكيدًا للنفي السابق، أي: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة، ولا له أن يقول كما تقول: ما كان لزيد قيام ولا قعود؛ على انتفاء كل منهما، فهي مؤكدة للجملة الأولى، والجملة -وإن كانت في اللفظ منفصلة- فهي في المعنى متصلة؛ إذ شرط عطف الجملة على الجملة أن يكون بينهما مناسبة بجهة جامعة، نحو: زيد يكتب، ويشعر، وسبب نزولها: أنَّ أبا رافع القرظي اليهودي، والرئيس من نصارى نجران قالا: يا محمد، تريد أن نعبدك ونتخذك ربًّا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «معاذ الله ما بذلك أمرت ولا إليه دعوت» (¬1) فانتفاء القول معطوف على أن يؤتيه، فلا يفصل بينهما بالوقف، ولا يوقف على «من دون الله»؛ لتعلق ما بعده بما قبله استدراكًا وعطفًا، وما رأيت أحدًا دعم هذين الوقفين بنقل تستريح النفس به. ¬

_ (¬1) وهذه الرواية ذكرت في: البحر المحيط وتفسير الثعالبي والمحرر الوجيز، عند تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ الله الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ الله وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79].

{تَدْرُسُونَ (79)} [79] كاف؛ على قراءة «ولا يأمركم» بالرفع، وليس بوقف لمن قرأه بالنصب (¬1)، عطفًا على أن يؤتيه الله، أي: ولا أن يأمركم؛ ففاعل «يأمركم» في الرفع الله تعالى، أي: ولا يأمركم الله، وفي النصب لبشر، أي: ما كان لبشر أن يأمركم. {أَرْبَابًا} [80] كاف. {مُسْلِمُونَ (80)} [80] تام. {وَالنَّبِيِّينَ} [80] صالح، فرقًا بين «النبيين»، وضمير الأمم على قول من يقول: إن الكاف والميم في «آتيتكم» ضمير الأمم، وتقدير ذلك: واذكر يا محمد حين أخذ الله العهد على النبيين والميثاق، فأمرهم أن يخبروا الأمم عن الله تعالى، فقال لهم: قولوا للأمم عني: مهما أوتيتم من كتاب وحكمة، ثم يجيئكم رسول مصدق لما معكم من ذلك الكتاب والحكمة لتؤمنن به ولتنصرنه، وقال بعضهم: إنَّ قوله: «ثم جاءكم» بمعنى: أن جاءكم رسول، يعني: أن أتاكم ذكر محمد لتؤمنن به، أو ليكونن إيمانكم به كالذي عندكم في التوراة، وقيل: الكاف والميم ضمير الأنبياء، كأنه أوجب على كل نبي إن جاءه رسول بعده أن يؤمن به، ويصدقه، وينصره، وعلى هذا لا يوقف على النبيين؛ لأنَّ الخطاب للأنبياء، لا للأمم، ولا يوقف على قوله: «وحكمة»، ولا على قوله: «لما معكم»؛ لأنَّ جواب القسم لم يأت، وهو قوله: لتؤمنن به، ولتنصرنه، وهذا أوفى بتأدية المراد؛ إذ ليس فيه الفصل بين المتلازمين، وهما القسم وجوابه، وأحدهما يطلب الآخر. {وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [81] كاف. {إِصْرِي} [81] صالح، وقيل: كاف. {قَالُوا أَقْرَرْنَا} [81] كاف. {مِنَ الشَّاهِدِينَ (81)} [81] تام. {الْفَاسِقُونَ (82)} [82] كاف. {يَبْغُونَ} [83] حسن، لمن قرأه بالياء التحتية (¬2)، وقُرِأ: «ترجعون» بالتاء الفوقية (¬3)؛ لانتقاله من الغيبة إلى الخطاب، وليس بوقف لمن قرأهما بالتحتية، أو بالفوقية، والأولى الوصل؛ لأنَّ التقدير: ¬

_ (¬1) قرأ حمزة وابن عامر وعاصم بنصب الراء، وقرأ الباقون بالرفع. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 177)، الإعراب للنحاس (1/ 347)، الإملاء للعكبري (1/ 83)، البحر المحيط (2/ 507)، التبيان للطوسي (2/ 512)، التيسير (ص: 89)، علل القراءات (1/ 121)، الكشف للقيسي (1/ 350). (¬2) قرأ أبو عمرو وحفص بالياء، وقرأ الباقون بالتاء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 177)، البحر المحيط (2/ 515، 516)، التيسير (ص: 89)، تفسير الطبري (6/ 563، 564)، تفسير القرطبي (4/ 127)، النشر (2/ 241)، السبعة (ص:214)، الإرشاد (ص: 26). (¬3) وقرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشعبة وحمزة والكسائي، وقرأ الباقون بالياء. انظر: المصادر السابقة.

أتبغون غير دين إله هذه صفته، وهو الله تعالى؟ فلا يفصل بينهما، كذلك: «من في السموات والأرض». {طَوْعًا وَكَرْهًا} [83] جائز لمن قرأ: «يرجعون» بالتحتية، وكاف لمن قرأه بالفوقية (¬1). {يُرْجَعُونَ (83)} [83] تام، ولا وقف من: «قل آمنا» إلى: «من ربهم»، فلا يوقف على «الأسباط»؛ لعطف ما بعده على ما قبله. {مِنْ رَبِّهِمْ} [84] جائز؛ لأنَّ ما بعده حال، أي: آمنا غير مفرقين. {مِنْهُمْ} [84] صالح؛ لأنَّ ما بعده يصلح مستأنفًا وحالًا. {مُسْلِمُونَ (84)} [84] تام. {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [85] جائز. {مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [85] تام. {حَقٌّ} [86] تام عند نافع، وخولف في هذا؛ لأنَّ قوله: «وجاءهم البينات» معطوف على ما قبله، ولكن هو من عطف الجمل فيجوز. {الْبَيِّنَاتُ} [86] كاف، وكذا: «الظالمين». {أَجْمَعِينَ (87)} [87] جائز؛ لأنه رأس آية، وليس بمنصوص عليه، غير أنَّ «خالدين» حال من الضمير في «عليهم»، والعامل الاستقرار، أو الجار؛ لقيامه مقام الفعل. {خَالِدِينَ فِيهَا} [88] أحسن، ومعنى خلودهم في اللعنة: استحقاقهم لها دائمًا. {وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88)} [88] جائز عند بعضهم، وقيل: لا يجوز؛ للاستثناء، وتقدم ما فيه. {غَفُورٌ رَحِيمٌ (89)} [89] تام، ومثله: «الضآلون». {وَلَوِ افْتَدَى بِهِ} [91] حسن، وقال أبو عمرو: كاف، وقرأ عكرمة: «لن نقبل» بنون العظمة، و «توبتَهم» بالنصب (¬2)؛ أيضًا مفعول به، ورسموا «ملء» بلام واحدة، ومثلها: «الخبء، ودفء» من كل ساكن قبل الهمز. {أَلِيمٌ} [91] كاف. {مِنْ نَاصِرِينَ (91)} [91] تام، ومثله «تحبون»؛ للابتداء بالنفي، وهو رأس آية عند أهل الحجاز. {بِهِ عَلِيمٌ (92)} [92] تام. {عَلَى نَفْسِهِ} [93] ليس بوقف؛ لتعلق حرف الجر بما قبله. {التَّوْرَاةُ} [93] كاف عند أبي حاتم، وقال نافع: تام. {صَادِقِينَ (93)} [93] كاف، وقيل: تام؛ للابتداء بالشرط بعده. ¬

_ (¬1) سبق وأن أشرنا إليه. (¬2) وهي قراءة شاذة وذكرت في البحر المحيط (2/ 520).

{الظَّالِمُونَ (94)} [94] تام. {صَدَقَ اللَّهُ} [95] حسن عند بعضهم. {حَنِيفًا} [95] أحسن منه. {مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)} [95] تام؛ للابتداء بـ «إن». {مُبَارَكًا} [96] كاف إن جعل ما بعده في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: وهو هدى مستأنفًا، وليس بوقف إن جعل في موضع نصب معطوفًا على «مباركًا». {لِلْعَالَمِينَ (96)} [96] كاف، ومثله «بينات» على أنَّ ما بعده خبر مبتدأ، أي: منها مقام إبراهيم، أو أحدها مقام إبراهيم، ارتفع «آيات» بالفاعلية بالجار والمجرور؛ لأنَّ الجار متى اعتمد رفع الفاعل، وهذا أولى من جعلها جملة من مبتدأ وخبر؛ لأنَّ الحال، والنعت، والخبر الأصل فيها أن تكون مفردة، فما قرب منها كان أولى، والجار قريب من المفرد، ولذلك يقدم المفرد، ثم الظرف، ثم الجملة، قال تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} [28]، فقدم الوصف بالمفرد، وهو «مؤمن»، وثنى بما قرب منه، وهو «من آل فرعون»، وثلث بالجملة، وهو «يكتم إيمانه»، وليس «بينات» بوقف إن جعل «مقام» بدلًا من «آيات»، أو عطف بيان. {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} [97] كاف؛ للابتداء بالشرط مع الواو؛ لأنَّ الأمن من الآيات، وهذا إن جعل مستأنفًا، وليس بوقف إن عطف عليه «ومن دخله كان آمنًا» لمن قرأ: «آيات» بالجمع، ومن أفرده كان وقفه «مقام إبراهيم» (¬1)، كأنَّه قال: فيه آية بينة هي مقام إبراهيم الذي هو الحجر، أو المقام الحرم كله كما فسر ذلك مجاهد؛ لأنَّ الآية مفردة، فوجب أن يكون تفسيرها كذلك. والوقف على {آَمِنًا} [97] تام. {حِجُّ الْبَيْتِ} [97] كاف، إن جعل «من» خبر مبتدأ محذوف، كأنَّه قيل: من المفروض عليه؟ قيل: هو من استطاع، وليست «من» فاعلًا بالمصدر، لما يلزم عليه أنَّه إذا لم يحج المستطيع تأثم الناس كلهم، وذلك باطل باتفاق، على أنَّ «حج» مصدر مضاف لمفعوله، أي: ولله على الناس أن يحج من استطاع منهم البيت، والأفصح أن يضاف المصدر لفاعله كقوله: أَفْنَى تِلَادِي وَمَا جَمَعتُ مِنْ نَشَبٍ قَرْعُ القَواقِيزَ أَفْوَاهُ الأَبَارِيقِ (¬2) ¬

_ (¬1) وقرأ جمهور القراء بالجمع «آيات»، وقُرأ بالإفراد شاذا لمجاهد وابن عباس وسعيد بن جبير وأُبيّ وقتيبة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (3/ 8)، تفسير الطبري (7/ 26)، تفسير القرطبي (4/ 139)، الكشاف (1/ 204)، المعاني للفراء (1/ 227)، تفسير الرازي (3/ 10). (¬2) البيت من بحر البسيط، وقائله الأُقَيشِرِ الأَسَدِيّ، من قصيدة يقول في مطلعها: أَقولُ وَالكَأسُ في كَفّي أُقَلِّبُها ... أُخاطِبُ الصيدَ أَبناءَ العَماليق الأُقَيشِرِ الأَسَدِيّ (? - 80 هـ /? - 699 م) المغيرة بن عبد الله بن مُعرض، الأسدي، أبو معرض، شاعر هجاء، عالي الطبقة من أهل بادية الكوفة، كان يتردد إلى الحيرة، ولد في الجاهلية ونشأ في أول الإسلام وعاش وعمّر طويلًا وكان (عثمانيًا) من رجال عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وأدرك دولة عبد الملك بن مروان وقتل بظاهر الكوفة خنقًا بالدخان، لُقّب بالأقيشر؛ لأنه كان أحمر الوجه أَقشر وكان يغضب إذا دُعي به، قال المرزباني: هو أحد مُجّان الكوفة وشعرائهم، هجا عبد الملك ورثى مصعب بن الزبير.-الموسوعة الشعرية.

يروى بنصب «أفواه» على إضافة المصدر، وهو «قرع» إلى فاعله، وبالرفع على إضافته إلى مفعوله، وإذا اجتمع فاعل ومفعول مع المصدر العامل فيهما -فالأولى إضافته لمرفوعه، فيقال: يعجبني ضرب زيدٍ عمرًا، ولا يقال: ضرب عمرو زيد، وليس البيت بوقف إن جعل «من» بدلًا من الناس؛ بدل بعض من كل، والتقدير: ولله حج البيت على من استطاع إليه سبيلًا من الناس. {سَبِيلًا} [97] كاف. {الْعَالَمِينَ (97)} [97] تام؛ لأنَّه آخر القصة. {بِآَيَاتِ اللَّهِ} [98] كاف. {تَعْمَلُونَ (98)} [98] تام. {مَنْ آَمَنَ} [99] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده جملة حالية، أي: باغين لها عوجًا، ومثله «عوجًا». {وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ} [99] كاف؛ للابتداء بعده بالنفي. تَعْمَلُونَ (99)} [99] تام. {كَافِرِينَ (100)} [100] كاف. {وَفِيكُمْ رَسُولُهُ} [101] حسن، وقال أبو عمرو: كاف؛ لتناهي الاستفهام، وللابتداء بالشرط. {مُسْتَقِيمٍ (101)} [101] تام. {حَقَّ تُقَاتِهِ} [102] جائز. {مُسْلِمُونَ (102)} [102] كاف؛ للابتداء بالأمر. {بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [103] كاف؛ على استئناف ما بعده، وقيل: صالح، وهو الأظهر؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله. {وَلَا تَفَرَّقُوا} [103] أكفى مما قبله، ولا يوقف على «عليكم»؛ لأنَّ ما بعده تفسير، ولا يفصل بين المفسِّر والمفسَّر بالوقف؛ فالناصب لـ «إذ» الفعل الذي بعده، وهو قوله: «فألف بين قلوبكم»، كأنه قال: واذكروا نعمة الله عليكم، قيل: ما هذه النعمة؟ قال: هي تأليفه بين قلوبكم في الوقت الذي كنتم فيه أعداء، فيكون الكلام خرج على وجه التفسير للنعمة، ويجوز أن تكون «إذ» منصوبة باذكروا، يعني: مفعولًا به، ولا يجوز أن تكون ظرفًا؛ لفساد المعنى؛ لأنَّ «اذكروا» مستقبل، و «إذ» ظرف لما مضى من

الزمان، وعلى كل حال لا يوقف على «عليكم»، انظر: العماني، والسمين. {فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [103] صالح؛ على أنَّ الواو في «وكنتم» عاطفة. {فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [103] حسن. {تَهْتَدُونَ (103)} [103] كاف، ومثله «المنكر» على استئناف ما بعده، وجائز إن جعلت الواو بعده للعطف؛ لأنَّه من عطف الجمل. {الْمُفْلِحُونَ (104)} [104] تام. {الْبَيِّنَاتُ} [105] كاف؛ على استئناف ما بعده، وجائز إن عطف ما بعده على ما قبله. {عَظِيمٌ (105)} [105] جائز، وليس بحسن؛ لأنَّ ما بعده عامل فيه ما قبله، وإنَّما جاز؛ لكونه رأس آية، أي: وأولئك لهم عذاب عظيم يوم كذا، ولا يجوز نصبه بـ «عذاب»؛ لأنَّه مصدر، وقد وصف قبل أخذ متعلقاته، وشرطه أن لا يتبع قبل العمل، ومعمولاته من تمامه، فلا يجوز إعماله، فلو أعمل وصفه -وهو «عظيم» - جاز، ولا يجوز الوقف على «عذاب»؛ لفصله بين الصفة والموصوف. {وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [106] كاف إن لم يوقف على «عظيم»، وجائز إن وقف عليه. {بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [106] جائز. {تَكْفُرُونَ (106)} [106] كاف. {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ} [107] كاف؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال، كأنَّه قال: في حال الخلود ينعمون. {خَالِدُونَ (107)} [107] تام، وقيل: كاف. {بِالْحَقِّ} [108] كاف. {لِلْعَالَمِينَ (108)} [108] تام. {وَمَا فِي الْأَرْضِ} [109] كاف. {الْأُمُورُ (109)} [109] تام. {وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [110] حسن. {خَيْرًا لَهُمْ} [110] أحسن منه. {الْفَاسِقُونَ (110)} [110] كاف. {إِلَّا أَذًى} [111] أكفى منه، و «أذى» منصوب بالاستثناء المتصل، وهو مفرغ من المصدر المحذوف، أي: لن يضروكم ضررًا إلَّا ضررًا يسير إلَّا نكاية فيه، ولا غلبة. {الْأَدْبَارَ} [111] حسن، قوله: «وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار»، «إن» حرف شرط جازم، وعلامة الجزم فيهما حذف النون.

وقوله: {ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)} [111] كاف؛ لأنَّه مستأنف؛ لرفع الفعل بالنون التي هي علامة رفعه، فهو منقطع عما قبله؛ لأنَّ ما قبله مجزوم؛ لأنَّه ليس مترتبًا على الشرط، بل التولية مترتبة على المقاتلة، فإذا وجد القتال وجدت التولية، والنصر منفي عنهم أبدًا سواء قاتلوا، أولم يقاتلوا؛ لأنَّ مانع النصر هو الكفر، فإذا وجد الكفر منع صاحبه النصر، فهي جملة معطوفة على جملة الشرط والجزاء. {ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)} [111] كاف. {مِنَ النَّاسِ} [112] حسن، فسر حبل الله بالإسلام، وحبل الناس بالعهد والذمة. {بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [112] أحسن منه. {الْمَسْكَنَةُ} [112] أحسن منهما. {بِغَيْرِ حَقٍّ} [112] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده سببًا لما قبله. {يَعْتَدُونَ (112)} [112] كاف. {لَيْسُوا سَوَاءً} [113] تام، على أنَّ الضمير في «ليسوا» لأحد الفريقين، وهو من تقدم ذكره في قوله: «منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون»، أي: ليس الجميع سواء، أي: ليس من آمن كمن لم يؤمن، وترتفع «أمة» بالابتداء، والجار والمجرور، وقبله الخبر، وهذا قول نافع، ويعقوب، والأخفش، وأبي حاتم، وهو الأصح، وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: لا يجوز الوقف عليه؛ لأنَّ «أمة» مرفوعة بـ «ليسوا»، وجمع الفعل على اللغة المرجوحة نحو: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62)} [طه: 62] قالوا: وفي «ليسوا» للفريقين اللذين اقتضاهما سواء؛ لأنَّه يقتضي شيئين، والصحيح: أنَّ الواو ضمير من تقدم ذكرهم، وليست علامة الجمع، فعلى قول أبي عبيدة الوقف على «يعتدون» تام، ولا يوقف على «سواء»، والضمير في «ليسوا» عائد على أهل الكتاب، و «سواء» خبر ليس يخبر به عن الاثنين وعن الجمع، وسبب نزولها: إسلام عبد الله بن سلام، وغيره، وقول الكفار: ما آمن بمحمد إلَّا شرارنا، ولو كانوا أخيارًا ما تركوا دين آبائهم، قاله ابن عباس. {وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)} [113] تام، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده- وهو «يؤمنون» - بدلًا من «يسجدون»، أو جعل «يؤمنون» في موضع الحال من الضمير في «يسجدون»، ويكون الفعل المتصل بالضمير العامل في الحال، فلا يوقف على «يسجدون»؛ لأنَّه لا يفصل بين البدل والمبدل والمبدل منه، ولا بين الحال وصاحبها ولا العامل فيها، ولا يصح؛ لأنَّ الإيمان، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر أوصاف لهم مطلقة غير مختصة بحال السجود. {فِي الْخَيْرَاتِ} [114] كاف.

{مِنَ الصَّالِحِينَ (114)} [114] تام إن قرئ ما بعده بالفوقية فيهما؛ لانتقاله من الغيبة إلى الخطاب، فكأنه رجع من قصة إلى قصة أخرى، وكاف إن قرئ بالتحتية فيهما جريًا على نسق الغيبة ردًّا على قوله: «من أهل الكتاب أمة قائمة» (¬1). {فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [115] كاف. {بِالْمُتَّقِينَ (115)} [115] تام. {شَيْئًا} [116] جائز، وضعِّف هذا الوقف؛ لأنَّ الواو في «وأولئك» للعطف. {أَصْحَابُ النَّارِ} [116] جائز. {خَالِدُونَ (116)} [116] تام. {فَأَهْلَكَتْهُ} [117] حسن، وقال أبو عمرو: كاف. {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ} [117] ليس بوقف؛ للاستدراك، والعطف. {يَظْلِمُونَ (117)} [117] تام؛ للابتداء بعده بالنداء. {مِنْ دُونِكُمْ} [118] ليس بوقف؛ لأنَّ جملة «لا يألونكم خبالًا» مفسرة لحال البطانة الكافرة، والتقييد بالوصف يؤذن بجواز الاتخاذ عند انتفائهما، وقد عتب عمر أبا موسى الأشعري على استكتابه ذميًّا، وتلا هذه الآية عليه، وقد قيل لعمر في كاتب يجيد من نصارى الحيرة: ألا يكتب عنك؟ فقال: إذًا أتخذ بطانة سوء؛ لأنَّه ينبغي استحضار ما جبلوا عليه من بعضنا، وتكذيب نبينا، وإنهم لو قدروا علينا لاستولوا على دمائنا، وما أحسن قول الطرطوشي (¬2) لما دخل على الخليفة بمصر، وكان من الفاطميين، ورآه سلَّم قياده لوزيره الراهب، ونفذ كلمته المشئومة حتى في الطرطوشي، ورآه مغضبًا عليه، فأنشده: ¬

_ (¬1) قرأ بالياء فيهما حفص وحمزة والكسائي وخلف، وقرأ الباقون بتاء الخطاب. انظر: الإملاء للعكبري (1/ 86)، البحر المحيط (3/ 36)، التبيان للطوسي (2/ 566)، التيسير (ص: 90)، تفسير الطبري (7/ 131، 132)، السبعة (ص: 215)، الحجة لابن خالويه (ص: 113)، الحجة لأبي زرعة (ص: 170)، الغيث للصفاقسي (182)، الكشاف (1/ 211)، الإرشاد (ص: 267)، النشر (2/ 241). (¬2) الطرطوشي (451 - 520 هـ = 1059 - 1126 م) محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشى الفهرى الأندلسي، أبو بكر الطرطوشى، ويقال له ابن أبى رندقة: أديب، من فقهاء المالكية، الحفاظ، من أهل طرطوشة بشرقي الأندلس، تفقّه ببلاده، ورحل إلى المشرق سنة (476هـ) فحجَّ وزار العراق ومصر وفلسطين ولبنان، وأقام مدة في الشام، وسكن الإسكندرية، فتولى التدريس واستمر فيها إلى أن توفى، وكان زاهدًا لم يتشبث من الدنيا بشئ، من كتبه: سراج الملوك، والتعليقة -في الخلافيات، وكتاب كبير عارض به إحياء علوم الدين للغزالي، وبر الوالدين، والفتن، والحوادث والبدع، ومختصر تفسير الثعلبي، والمجالس. انظر: الأعلام للزركلي (7/ 133).

يَا أَيُّهَا المَلِكُ الَّذِي جُودُهُ ... يَطْلُبُه القَاصِدُ وَالرَّاغِبُ إنَّ الَّذِي شُرِّفْتَ مِنْ أَجْلِهِ ... يَزْعُمُ هَذَا إنَّهُ كَاذِبُ (¬1) فغضب الخليفة عند سماع ذلك، فأمر بالراهب، فسحب، وضرب، وقتل، وأقبل على الطرطوشي، وأكرمه بعد عزمه على أذيته، وإذا كانوا هم الظلمة كما هم بمصر، فهم كما قيل فيهم: لُعِنَ النَّصَارَى وَاليَهُودُ لأنَّهُمْ ... بَلَغُوا بِمَكْرِهِمْ بِنَا الآمَالَا جُعِلُوا أطباءَ وحُسَّابًا لِكَي ... يَتَقَاسَمُوا الْأَرْوَاحَ وَالْأَمْوَالَا (¬2) وجاءت لهذا الملك امرأة -وكان وزيره يهوديًّا، وكاتبه نصرانيًّا- وقالت له: فبالذي أعز اليهود بموسى، والنصارى بعيسى، وأذل المسلمين بك إلَّا نظرت في ظلامتي. {مَا عَنِتُّمْ} [118] حسن، فـ «ما» مصدرية، أي: ودوا عنتكم، أي: هم لا يكتفون ببغضكم، حتى يصرحوا بذلك بأفواههم. {أَكْبَرُ} [118] أحسن مما قبله؛ للابتداء بـ «قد». {تَعْقِلُونَ (118)} [118] كاف. {بِالْكِتَابِ كُلِّهِ} [119] صالح. {آَمَنَّا} [119] الأولى وصله؛ لأنَّ المقصود: بيان تناقض أحوالهم في النفاق. {مِنَ الْغَيْظِ} [119] كاف، ومثله «بغيظكم»؛ للابتداء بـ «إن». {الصُّدُورِ (119)} [119] تام. {تَسُؤْهُمْ} [120] حسن؛ للابتداء بالشرط. {يَفْرَحُوا بِهَا} [120] أحسن منه؛ لتناهي وصف الذم لهم، وللابتداء بالشرط. {كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [120] كاف؛ للابتداء بـ «إن». {مُحِيطٌ (120)} [120] تام. {لِلْقِتَالِ} [121] كاف. {عَلِيمٌ (121)} [121] تام إن نصبت «إذ» باذكر مقدرًا، وليس بوقف إن جعل العامل في «إذ» ما قبلها، والتقدير: والله سميع عليم إذ همت طائفتان، أي: سمع ما أظهروه، وعلم ما أضمروه حين ¬

_ (¬1) البيتان من بحر السريع، وذكرا في: أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض، للمقري التلمساني، المستطرف في كل فن مستظرف، للأبشيهي، النجوم الزاهرة في ملزك مصر والقاهرة، لابن تغري بردي، الوافي بالوفيات، لصلاح الدين الصفدي.-الموسوعة الشعرية. (¬2) لم أستدل عليهما.

هموا. {تَفْشَلَا} [122] حسن؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعلت الواو بعده للحال. {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} [122] أحسن مما قبله. {الْمُؤْمِنُونَ (122)} [122] كاف. {أَذِلَّةٌ} [123] حسن عند نافع. {تَشْكُرُونَ (123)} [123] كاف؛ إن نصبت «إذ» باذكر مقدرًا، وليس بوقف إن جعلت «إذ» متعلقة بما قبلها، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {مُنْزَلِينَ (124)} [124] كاف، و «بلى» وما بعدها جواب للنفي السابق الذي دخلت عليه ألف الاستفهام، وما بعد «بلى» في صلته فلا يفصل بينهما، ولا وقف من قوله: «بلى» إلى «مسومين»، فلا يوقف على «فورهم»، ولا على «هذا»؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت بعد وهو «يمددكم»، فلا يفصل بين الشرط وجوابه بالوقف. {مُسَوِّمِينَ (125)} [125] كاف، ومثله «قلوبكم به». {الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)} [126] جائز؛ لأنه رأس آية، والأولى وصله؛ لأنَّ لام كي في قوله: «ليقطع» متعلقة بما قبلها بقوله: «ولقد نصركم»، أي: ولقد نصركم الله ببدر؛ ليقطع طرفًا من الذين كفروا، وقيل معناه: إنَّما وقع التأييد من الله تعالى في إمدادكم بالملائكة؛ ليقطع طرفًا من الذين كفروا، فعلى كل حال اللام متعلقة بما قبلها، فلا يفصل بينها وبين ما قبلها بالوقف. {مسومين (127)} [127] تام إن جعل «أو يتوب عليهم» عطفًا على شيء، أي: ليس لك من الأمر شيء، أو من أن يتوب عليهم، فليس منصوبًا بما قبله، أو إنَّما كان تامًّا؛ لاختلاف نزول الآيتين في غزوتين؛ لأنَّ من أوَّل القصة إلى «خائبين» نزل في غزوة بدر، ومن قوله: «ليس لك من الأمر شيء» إلى «ظالمون» نزل في غزوة أحد، وبينهما مدة، روي عن أنس بن مالك: أنه قال: لما كان يوم أحد كسرت رباعية النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشج وجهه، فجعل الدم يسيل على وجهه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح الدم عن وجهه، وهو يقول: «كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى الله؟!»، فأنزل الله: «ليس لك من الأمر شيء» (¬1)، وكاف إن جعلت «أو» بمعنى: إلَّا، أو حتى كأنه قا، ل ليس يؤمنون إلَّا أن يتوب عليهم، فجعلوا «أو» بمعنى: إلَّا، وقد أجازه الزجاج، وأجاز أيضًا أن تكون «أو» بمعنى: حتى، كأنه قال: ليس يؤمنون حتى يتوب عليهم، كما قال الشاعر: ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (7/ 197: 199)، بتحقيق: أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

فَقُلْتُ لَهُ لَا تَبْكِ عينكَ إِنَّمَا ... تُحَاوِلُ مِلْكًا أَوْ نَمُوتُ فَنُعْذَرَا (¬1) بتقدير: حتى، فعلى هذين الوجهين يكون الوقف على «خائبين» كافيًا، وليس بوقف إن عطف ذلك على «ليقطع»، وهذا قول أبي حاتم، والأخفش؛ لأنهما جعلا «أو يتوب» منصوبًا عطفًا على «ليقطع»، وجعلا «ليس لك من الأمر شيء» اعتراضًا بين المتعاطفين. {ظَالِمُونَ (128)} [128] تام. {وَمَا فِي الْأَرْضِ} [129] كاف على استئناف ما بعده. {لِمَنْ يَشَاءُ} [129] جائز، وقال يحيى بن نصير النحوي: لا يوقف على الأول حتى يؤتى بالثاني، وهو «ويعذب من يشاء». {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [129] كاف. {رَحِيمٌ (129)} [129] تام. {مُضَاعَفَةً} [130] كاف. {تُفْلِحُونَ (130)} [130] تام. {لِلْكَافِرِينَ (131)} [131] كاف. {تُرْحَمُونَ (132)} [132] تام على قراءة «سارعوا» بلا واو؛ لأنه يصير منقطعًا عما قبله، فهو كلام مستأنف، وبها قرأ نافع، وابن عامر، وكاف على قراءته بواو (¬2)، وإنما نقصت درجته عن التمام مع زيادة الواو؛ لأنه يكون معطوفًا على ما قبله إلَّا إنه من عطف الجمل. {عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [133] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده صفة «جنة»، أي: جنة واسعة معدة للمتقين. {لِلْمُتَّقِينَ (133)} [133] تام إن جعل «الذين ينفقون» مبتدأ خبره «أولئك جزاؤهم مغفرة»، وجائز إن جعل «الذين» في محل جر نعتًا، أو بدلًا من «المتقين»، ففي محل «الذين» الرفع والجر، وإن نصب بتقدير: أعني، أو أمدح كان كافيًا. {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [134] كاف. ¬

_ (¬1) البيت من بحر الطويل، وقائله امرؤ القيس، والبيت جاء في قصيدة يقول في مطلعها: سَما لَكَ شَوقٌ بَعدَما كانَ أَقصَرا ... وَحَلَّت سُلَيمى بَطنَ قَوِّ فَعَرعَرا - الموسوعة الشعرية. (¬2) وقرأ الباقون بالواو «وسارعوا». انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 179)، الإعراب للنحاس (1/ 364)، البحر المحيط (3/ 57)، التبيان للطوسي (2/ 591)، التيسير (ص: 90)، تفسير القرطبي (4/ 203)، الحجة لأبي زرعة (ص: 174)، المقنع (ص: 102)، النشر (2/ 242).

{الْمُحْسِنِينَ (134)} [134] تام إن جعل «الذين ينفقون» نعتًا، أو بدلًا للمتقين، وجعل «والذين إذا فعلوا فاحشة» مبتدأ، وإن جعل معطوفًا لم يحسن الوقف على «المحسنين» سواء جعل «الذين ينفقون» نعتًا، أو مبتدأ؛ للفصل بين المتعاطفين، أو بين المبتدأ والخبر، ومع ذلك هو جائز؛ لأنه رأس آية. {لِذُنُوبِهِمْ} [135] حسن، وقيل: كاف؛ للابتداء بالاستفهام، ومثله «إلَّا الله»، والجمع بين «فاستغفروا»، و «من يغفر» أولى؛ لشدة اتصالهما. {وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)} [135] تام إن جعل «الذين ينفقون» الأول نعتًا، أو بدلًا، والثاني عطفًا عليه، وليس بوقف إن جعل «أولئك» خبر «الذين» الأول؛ للفصل بين المبتدأ والخبر بالوقف. {خَالِدِينَ فِيهَا} [136] حسن. {الْعَامِلِينَ (136)} [136] تام؛ لانقضاء القصة. {سُنَنٌ} [137] جائز، وليس بمنصوص عليه؛ لمكان الفاء. {الْمُكَذِّبِينَ (137)} [137] تام، ومعنى الآية: قد مضى من قبلكم قوم كانوا أهل سنن، فأهلكوا بمعاصيهم وافتياتهم على أنبيائهم. {لِلْمُتَّقِينَ (138)} [138] تام. {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [139] ليس بوقف؛ لأنَّ «إن كنتم» شرط فيما قبله. {قَرْحٌ مِثْلُهُ} [140] حسن، ومثله «بين الناس»؛ على أنَّ اللام في «وليعلم» متعلقة بنداولها المحذوف بتقدير: وليعلم الله الذين آمنوا، ويتخذ منكم شهداء نداولها بينكم، وليس بوقف إن جعلت اللام متعلقة بـ «نداولها» الظاهر، قاله أبو جعفر، ونقله عنه النكزاوي. {شُهَدَاءَ} [140] كاف. {الظَّالِمِينَ (140)} [140] تام، ومثله «الكافرين». {أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ} [142] تام عند نافع، وخولف؛ لأنَّ ما بعده متعلق به؛ لأنَّ الله أراد أن يعلمنا أن الطمع في دخول الجنة مع تضييع الجهاد، وغيره -هو الطمع الكاذب، والظن الفاسد، فقال: «أم حسبتم» الآية، أي: لا تدخلون الجنة إلَّا بوجود الجهاد منكم، والمصابرة عليه، وبفعل الطاعات، فعلى هذا لا معنى للوقف؛ لأنَّ فائدة الكلام فيما بعده. {جَاهَدُوا} [142] حسن لمن قرأ: «ويعلمُ» بالرفع، وهو أبو حيوة، على الاستئناف، أي: وهو يعلم، والوقف على «منكم»، وليس بوقف لمن نصبه على جواب النفي، وكذا على قراءة من قرأ:

«ويعلمِ» بالجر (¬1)؛ عطفًا على «ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم». {الصَّابِرِينَ (142)} [142] كاف. {أَنْ تَلْقَوْهُ} [143] ليس بوقف؛ لمكان الفاء. {تَنْظُرُونَ (143)} [143] تام. {إِلَّا رَسُولٌ} [144] جائز؛ لأنَّ الجملة بعده تصلح أن تكون صفة، أو مستأنفة. {الرُّسُلُ} [144] حسن. {أَعْقَابِكُمْ} [144] كاف؛ لتناهي الاستفهام، والابتداء بالشرط، وهذان يقربانه إلى التمام. {شَيْئًا} [144] حسن. {الشَّاكِرِينَ (144)} [144] تام. {إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [145] حسن عند نافع، والأخفش، على أنَّ «كتابًا» منصوب بمقدر تقديره: كتب الله كتابًا، و «مؤجلًا» نعته. {مُؤَجَّلًا} [145] كاف، وقيل: تام. {نُؤْتِهِ مِنْهَا} [145] الأول حسن. و {نُؤْتِهِ مِنْهَا} [145] الثاني أحسن منه. {الشَّاكِرِينَ (145)} [145] تام. {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ} [146] كاف، قرئ: «قُتِل» بغير ألف (¬2)، و «قَاتَل» بألف (¬3)، فمن قرأ: «قتل» بغير ألف مبنيًّا للمفعول بإسناد القتل للنبي فقط عملًا بما شاع يوم أُحد: ألا إنَّ محمدًا قد قتل؛ فالقتل واقع على النبي فقط، كأنه قال: كم من نبي قُتِل ومعه ربيون كثير، فحذف الواو، كما تقول: جئت مع زيد، بمعنى: ومعي زيد، أي: قُتِل ومعه جموع كثيرة فما وهنوا بعد قتله، هذا بيان هذا الوقف، ثم يبتدئ: «معه ربيون كثير»، فـ «ربيون» مبتدأ ومعه الخبر، فما وهنوا لقتل نبيهم، ولو وصله لكان ربيون مقتولين أيضًا، فقتل خبر لـ «كأيٍّ» التي بمعنى: كم، و «من نبي» تمييزها، وبها قرأ ابن عباس، وابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وليس بوقف لمن قرأ: «قاتل» بألف مبنيًّا للفاعل بإسناد القتل للربيين؛ لأنَّ رفعهم بقاتل، فكأنه قال: كم من نبي قاتل معه ربيون، وقتل بعضهم فما وهن الباقون؛ لقتل من ¬

_ (¬1) ونسب هذه الرواية الشاذة ابن خالويه في مختصر الشواذ (ص: 22)، والطبري في تفسيره: (4/ 108)، والنحاس في إعرابه (1/ 409) إلى الحسن. انظر: معاني الفراء (1/ 235)، التبيان للعكبري (1/ 295). (¬2) وهي قراءة نافع - ابن كثير - أبو عمرو. انظر: إتحاف الفضلاء (ص: 180)، البحر المحيط (3/ 72)، الحجة لأبي زرعة (ص: 175)، السبعة (ص: 217)، الغيث للصفاقسي (ص: 183)، النشر (2/ 242). (¬3) وهي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي. انظر: المصادر السابقة.

قتل منهم، وما ضعفوا، وما استكانوا، وما جبنوا عن قتال عدوهم، فلا يفصل بين الفعل وفاعله بالوقف، وعليها يكون الوقف على «استكانوا»، وعلى الأولى على «قتل». {الصَّابِرِينَ (146)} [146] تام على القراءتين (¬1). {فِي أَمْرِنَا} [147] جائز، ومثله «أقدامنا»، وليس منصوصًا عليهما. {الْكَافِرِينَ (147)} [147] كاف؛ لفصله بين الإنشاء والخبر؛ لأنَّ ما قبله دعاء، وهو إنشاء، وما بعده خبر، وذلك من مقتضيات الوقف، كما تقدم نظيره في البقرة، ومثله «الآخرة» {الْمُحْسِنِينَ (148)} [148] تام. {خَاسِرِينَ (149)} [149] كاف. {مَوْلَاكُمْ} [150] صالح؛ لأنَّ الواو تصلح أن تكون للاستئناف، وللحال. {خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)} [150] تام. {سُلْطَانًا} [151] جائز. {وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} [151] كاف. {الظَّالِمِينَ (151)} [151] تام. {بِإِذْنِهِ} [152] حسن؛ للابتداء بـ «حتى»؛ لأنها حرف يبتدأ بما بعده على وجه الاستئناف، وجواب «إذا» محذوف تقديره: انهزمتم، أو انقسمتم، وقدره الزمخشري (¬2): منعكم نصره، وقيل: امتحنتم. {مَا تُحِبُّونَ} [152] حسن، ومثله «الآخرة»؛ لفصله بين من عصى ومن ثبت، وقيل: كاف؛ لأنَّ الذي بعده مخاطبة للذين تقدموا؛ لأنَّ الذين عصوا ليس هم الذين صرفوا، والذين صرفوا هم الذين ثبتوا، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينحازوا؛ لينضم إلى بعض، قاله النكزاوي؛ لأنَّ الرسول أجلس الرماة ¬

_ (¬1) وهما المشار إليهما في «قاتل» سابقًا. (¬2) محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشري، جار الله، أبو القاسم: من أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة والأداب، ولد في زمخشر (من قرى خوارزم)، وسافر إلى مكة فجاور بها زمنا فلقب بجار الله، وتنقل في البلدان، ثم عاد إلى الجرجانية (من قرى خوارزم) فتوفى فيها، أشهر كتبه: الكشاف -في تفسير القرآن، وأساس البلاغة، والمفصل، ومن كتبه: المقامات، والجبال والأمكنة والمياه، والمقدمة -معجم عربي فارسي، ومقدمة الأدب -في اللغة، والفائق -في غريب الحديث، والمستقصى -في الأمثال، ورؤوس المسائل، ونوابغ الكلم -رسالة، وربيع الأبرار، والمنتقى من شرح شعر المتنبي، للواحدي، والقسطاس -في العروض، ونكت الأعراب في غريب الإعراب -رسالة، والأنموذج -اقتضبه من المفصل، وأطواق الذهب، وأعجب العجب في شرح لامية العرب، وله: ديوان شعر، وكان معتزلي المذهب، مجاهرًا، شديد الإنكار على المتصوفة، أكثر من التشنيع عليهم في الكشاف وغيره. انظر: الأعلام للزركلي (7/ 187).

بسفح الجبل، وقال لهم: الزموا هذا المكان غُلِبنا، أو نُصِرنا، فقال بعضهم: نذهب؛ فقد نُصِر أصحابنا، فتركوا المركز؛ لطلب الغنيمة، وبعضهم ثبت به حتى قتل، ثم صرفكم معشر المسلمين عنهم يعني: عن المشركين، أي: ردكم بالهزيمة عن الكفار؛ ليظهر المخلص من غيره (¬1). {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [152] كاف، راجع إلى الذين عصوا. {الْمُؤْمِنِينَ (152)} [152] تام على استئناف ما بعده، وقيل: لا يوقف عليه؛ لأنَّ قوله: «إذ تصعدون» العامل في «إذ»، و «لقد عفا عنكم»، أي: الوقت الذي انهزمتم، وخالفتم أمر نبيكم، فعلى هذا التأويل لا يوقف على «عنكم»؛ لأنَّ فيه فصلًا بين العامل والمعمول (¬2). {وَلَا تَلْوُونَ} [153] كاف على استئناف ما بعده. {مَا أَصَابَكُمْ} [153] كاف. {تَعْمَلُونَ (153)} [153] تام. {طائفةً مِنْكُمْ} [154] كاف؛ لأنَّ «وطائفة» مبتدأ، والخبر «قد أهمتهم»، وسوغ الابتداء بالنكرة التفصيل. {أَنْفُسُهُمْ} [154] جائز؛ إن جعل خبر «وطائفة»، وليس بوقف إن جعل الخبر «يظنون بالله»، والوقف على «الجاهلية». {الْجَاهِلِيَّةِ} [154] جائز، وقال أحمد بن جعفر: تام إن جعل ما بعده مستأنفًا، وليس بوقف إن جعل «يقولون» في موضع الحال من الضمير في «يظنون»، أو خبرًا بعد خبر. {مِنْ شَيْءٍ} [154] كاف. {كُلَّهُ لِلَّهِ} [154] حسن؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال من «يظنون» أيضًا، ويكون حالًا بعد حال، وكذا لو جعل «يخفون» نعتًا لـ «طائفة». {مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ} [154] حسن؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل نعتًا بعد نعت، أو خبرًا بعد خبر. {هَاهُنَا} [154] كاف؛ للابتداء بالأمر بعدُ. {إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [154] حسن إن علقت اللام في «وليبتلي» بمحذوف، أي: فعل ذلك؛ لينفذ الحكم فيكم، وليبتلي ... إلخ، وليس بوقف إن علقت (لام كي) بما قبلها. {مَا فِي قُلُوبِكُمْ} [154] كاف. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (7/ 254)، بتحقيق: أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) انظر: المصدر السابق (7/ 281).

{بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)} [154] تام. {الْجَمْعَانِ} [155] ليس بوقف؛ لأنَّ «إنما» خبر إن. {مَا كَسَبُوا} [155] حسن. {عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} [155] كاف؛ للابتداء بعدُ بإن. {حَلِيمٌ (155)} [155] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء. {وَمَا قُتِلُوا} [156] تام عند الأخفش؛ لأنه آخر كلام المنافقين، واللام في «ليجعل» متعلقة بمحذوف، أي: لا تكونوا كهؤلاء؛ ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم دونكم، وقدّره الزمخشري: لا تكونوا مثلهم في النطق بذلك القول واعتقاده ليجعل، وليس بوقف إن علقت بـ «قالوا»، أي: أنهم لم يقولوا لجعل الحسرة، إنما قالوا ذلك لعلة، فصار مآل ذلك إلى الحسرة والندامة. {فِي قُلُوبِهِمْ} [156] كاف، ومثله: «ويميت»، و «بصير»، و «تجمعون»، و «تحشرون»، ورسموا «لانفضوا» كلمة واحدة، وهي لام التوكيد دخلت على انفضوا، ورسموا «لا إلى الله» بألف بعد لام ألف؛ لأنهم يرسمون ما لا يتلفظ به، وذلك لا يخفى على العظماء الذين كتبوا مصحف عثمان بن عفان، أشار الشاطبي إليه في الرائية بقوله (¬1): وَكُلُّ مَا فِيهِ مُشْهُورٌ بسُنَّته ... وَلَمْ يُصِبْ مَنْ أَضَافَ الوَهْمَ والغِيرَا رد بذلك على الملحدة الذين يقولون: إنَّ القرآن غيَّره الذين كتبوه، وحرَّفوه، فأضافوا الوهم والتغيير لكتاب المصحف، فكيف وهم السادة الأبرار، وهم: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبان بن سعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ومجمع بن حارثة؟! فكيف يصح تفريط هؤلاء النجباء؟! {لِنْتَ لَهُمْ} [159] حسن. {مِنْ حَوْلِكَ} [159] أحسن. {فِي الْأَمْرِ} [159] صالح. {عَلَى اللَّهِ} [159] كاف. {الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} [159] تام، ومثله «فلا غالب لكم»؛ للابتداء بعده بالشرط. {مِنْ بَعْدِهِ} [160] كاف. {الْمُؤْمِنُونَ (160)} [160] تام. {أَنْ يَغُلَّ} [161] كاف؛ للابتداء بالشرط، قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم: «أن يَغُل» بفتح ¬

_ (¬1) وهي قصيدته الشهيرة المسمى: عقيلة أتراب القصائد في معرفة رسوم المصاحف.

التحتية وضم الغين، أي: يخون، والباقون بضم الياء وفتح الغين (¬1)، قيل: معناه أن يخون، أي: ينسب إلى الخيانة، وقيل: أن يخان يعني: أن يؤخذ من غنيمته. {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [161] جائز. {لَا يُظْلَمُونَ (161)} [161] تام. {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ} [162] حسن. {الْمَصِيرُ (162)} [162] تام. {عِنْدَ اللَّهِ} [163] كاف. {بِمَا يَعْمَلُونَ (163)} [163] تام. {عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [164] ليس بوقف؛ لأنَّ العامل في «إذ منَّ» بتقدير: لمن منَّ الله على المؤمنين منه أو بعثه، فبعثه مبتدأ، ومحل الظرف خبر، وقرئ شاذًّا (¬2): «لمن منَّ الله». {مُبِينٍ (164)} [164] تام. {مِثْلَيْهَا} [165] ليس بوقف؛ لأنَّ الاستفهام الإنكاري دخل على «قلتم»، أي: أقلتم أنى هذا لما أصابتكم مصيبة، وهي ما نزل بالمؤمنين يوم أحد من قتل سبعين منهم، والمثلان: هو قتلهم يوم بدر سبعين، وأسرهم سبعين (¬3). {أَنَّى هَذَا} [165] حسن. {مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [165] كاف؛ للابتداء بإن. {قَدِيرٌ (165)} [165] تام، ولا وقف من قوله: «وما أصابكم» إلى «أو ادفعوا»، فلا يوقف على «الجمعان»، ولا على «فبإذن الله»؛ لأنَّ اللام في «وليعلم المؤمنين» من تمام خبر المبتدأ الذي هو «وما أصابكم»؛ لأنَّ «ما» بمعنى: الذي، وهي مبتدأ، وخبرها «فبإذن الله»، وقوله: «وليعلم المؤمنين» عطف على «فبإذن الله» من جهة المعنى، والتقدير: وهو بإذن الله، وهو ليعلم المؤمنين، ودخلت الفاء في الخبر؛ لأنَّ «ما» بمعنى: الذي يشبه خبرها الجزاء، ومعنى «فبإذن الله»، أي: ما أصابكم كان بعلم الله، «وليعلم المؤمنين»، أي: ليظهروا إيمان المؤمنين، ويظهر نفاق المنافقين، وإذا كان «وليعلم المؤمنين» من جملة الخبر لم يفصل بينه وبين المبتدأ، أي: فلا يوقف على «فبإذن الله»، ولا «على المؤمنين»، ولا على «نافقوا»؛ لما ذكره. ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 181)، الإعراب للنحاس (1/ 375)، التبيان للطوسي (3/ 34)، التيسير (ص: 61)، تفسير الطبري (7/ 350)، السبعة (ص: 218)، الإرشاد (ص: 271)، النشر (2/ 243). (¬2) لم أستدل على هذه القراءة في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها. (¬3) انظر: تفسير الطبري (7/ 371)، بتحقيق: أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{أَوِ ادْفَعُوا} [167] كاف، ومثله «لاتبعناكم». {لِلْإِيمَانِ} [167] حسن. {فِي قُلُوبِهِمْ} [167] كاف، ومثله: «يكتمون» إن رفع ما بعده خبر مبتدأ محذوف، أو جعل في موضع رفع بالابتداء، وما بعده الخبر، أو في موضع نصب بإضمار أعني، وليس بوقف إن نصب ذلك بدلًا من «الذين نافقوا»، أو جعل في موضع رفع بدلًا من الضمير في «يكتمون»، أو جعل نعتًا لما قبله، ففي محل «الذين» الحركات الثلاث: الجر على أنه تابع لما قبله نعتًا، والرفع والنصب على القطع. {وَقَعَدُوا} [168] ليس بوقف؛ لأنَّ «لو أطاعونا ما قتلوا» معمول «قالوا»، والتقدير: قالوا لإخوانهم: لو أطاعونا ما قتلوا وقعدوا عن القتال؛ على التقديم والتأخير. {مَا قُتِلُوا} [168] كاف على القراءتين: تشديد التاء، وتخفيفها (¬1). {صَادِقِينَ (168)} [168] تام. {أَمْوَاتًا} [169] كاف عند أبي حاتم، وتام عند محمد بن عيسى؛ لأنَّ «بل» بعد «أمواتًا» ليست عاطفة، ولو كانت عاطفة لاختل المعنى، وتقدير الكلام: بل هم أحياء، وهو عطف جملة على جملة، وهو في حكم الاستئناف. {بَلْ أَحْيَاءٌ} [169] جائز إن جعل «عند ربهم» ظرفًا لـ «يرزقون»، كأنه قال: يرزقون عند ربهم، وليس بوقف إن جعل ذلك ظرفًا لقوله: «أحياء»، كأنه قال: بل هم عند ربهم أحياء؛ لأنَّ فيه الفصل بين الظرف وما عمل فيه، والوقف على «بل أحياء عند ربهم»؛ لأنك جعلت الظرف لـ «أحياء»، ثم ابتدأت بـ «يرزقون فرحين»، وهذا الوقف ينبئ عن اجتماع الرزق والفرح في حالة واحدة، فلا يفصل بينهما وكثير من القراء يتعمده، وليس بخطأ، وهو منصوص عليه، والله أعلم بكتابه، قاله الكواشي تبعًا لغيره، وفيه شيء؛ إذ التعلق هنا من جهة اللفظ، وإن كان الوقف في نفسه حسنًا دون الابتداء بما بعده؛ إذ الابتداء لا يكون إلَّا اختياريًّا مستقلًّا بالمعنى المقصود، وهنا ليس كذلك، وتعمد الوقف لا يكون إلَّا لمعنى مقصود كمن لم يقبل شهادة القاذف وإن تاب، فإنه يقف على «أبدًا»، ومن ذلك تعمد الوقف على رءوس الآي للسُّنَّة، وهنا لا معنى للوقف؛ لشدة تعلق ما بعده بما قبله، والنص عليه من غير بيان كالعدم. والوقف على {(يُرْزَقُونَ (169)} [169] جائز؛ لكونه رأس آية، وليس بجيد؛ لأنَّ «فرحين» حال من فاعل «يرزقون». ¬

_ (¬1) فقراءة التشديد لهشام، وقراءة التخفيف للباقين. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 182)، البحر المحيط (3/ 111)، التيسير (ص: 91)، الغيث للصفاقسي (ص: 185)، الكشف للقيسي (1/ 364)، النشر (2/ 243).

{مِنْ فَضْلِهِ} [170] جائز. {مِنْ خَلْفِهِمْ} [170] ليس بوقف؛ لأنَّ أن وما بعدها في تأويل مصدر مجرور؛ على أنه بدل اشتمال من «الذين»، فلا يفصل بين البدل والمبدل منه بالوقف. {يَحْزَنُونَ (170)} [170] كاف. {وَفَضْلٍ} [171] تام على قراءة من كسر همزة «إنَّ» على الاستئناف، وبها قرأ الكسائي، وليس بوقف على قراءة من فتحها (¬1)؛ عطفًا على ما قبلها، والتقدير: يستبشرون بنعمة من الله وفضل، وبأنَّ الله لا يضيع، وعلى هذا فلا يوقف على «وفضل»؛ لعطفه على ما قبله. {أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)} [171] تام إن رفع «الذين» بالابتداء، وما بعده الخبر، أو رفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين استجابوا، وكاف إن نصب على المدح، بتقدير: أعني، وليس بوقف إن جر نعت المؤمنين، أو بدلًا منهم. {أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [172] حسن إن جعل «الذين استجابوا» نعت المؤمنين، أو نصب على المدح، وليس بوقف إن جعل ذلك مبتدأ، و «للذين أحسنوا منهم واتقوا» خبرًا؛ لأنه لا يفصل بين المبتدأ والخبر بالوقف، يرتفع «أجر عظيم» بقوله: «للذين أحسنوا». والوقف على {أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)} [172] تام؛ على أنَّ ما بعده مبتدأ، وخبر مبتدأ محذوف، وليس بوقف إن جعل ذلك بدلًا من «الذين استجابوا» قبله، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {فَاخْشَوْهُمْ} [173] جائز، ومثله «إيمانًا»؛ لأنَّ هذا عطف جملة على جملة، وهو في حكم الاستئناف. {الْوَكِيلُ (173)} [173] كاف. {وَفَضْلٍ} [174] ليس بوقف؛ لأنَّ «لم يمسسهم سوء» في موضع الحال تقديره: فانقلبوا سالمين لم يمسهم سوء. والوقف على {لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} [174] تام عند نافع؛ على استئناف ما بعده، وعند أبي حاتم: «رضوان الله» أتم منه. {عَظِيمٍ (174)} [174] تام. {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} [175] كاف، وتام، عند أبي حاتم، قال: لأنَّ المعنى: يخوف الناس أولياءه، أو يخوفونكم أولياءه، أو بأوليائه، وقال غيره: بل الوقف على قوله: «فلا تخافوهم»، وقال نافع: بل الوقف ¬

_ (¬1) وقرأ الباقون بفتح الهمزة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 182)، تفسير الطبري (7/ 398)، التيسير (ص: 91)، السبعة (ص: 219)، النشر (2/ 244).

على «وخافون»، قاله النكزاوي. {مُؤْمِنِينَ (175)} [175] كاف، ومثله «في الكفر»؛ للابتداء بـ «إن». {شَيْئًا} [176] الأول جائز؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال من اسم بالله، والعامل «لن يضروا»، والتقدير: مريدًا لإحباط أعمالهم، وأعيد ذكر الله تفخيمًا وتوكيدًا لإزالة الشك؛ إذ جائز أن يتوهم أنَّ المراد غيره، فلا يوقف على «شيئًا». {فِي الْآَخِرَةِ} [176] حسن. {عَظِيمٌ (176)} [176] تام. {شَيْئًا} [177] جائز. {أَلِيمٌ (177)} [177] تام. {لِأَنْفُسِهِمْ} [178] كاف، وقال الأخفش: تام. {إِثْمًا} [178] صالح. {مُهِينٌ (178)} [178] كاف؛ للابتداء بالنفي. {مَنْ يَشَاءُ} [179] كاف؛ للابتداء بالأمر. {وَرُسُلِهِ} [179] كاف؛ للابتداء بالشرط. {عَظِيمٌ (179)} [179] تام. {خَيْرًا لَهُمْ} [180] كاف. {بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ} [180] أكفى منه. {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [180] حسن. {وَالْأَرْضِ} [180] كاف. {خَبِيرٌ (180)} [180] تام. {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا} [181] ليس بوقف؛ لقبح الابتداء بما بعده، ويوهم الوقوع في محذور، وإن اعتقد المعنى كفر، سواء وقف أم لا، وإن اعتقد حكايته عن قائليه غير معتقد معناه فلا يكفر؛ لأنَّ حاكي الكفر لا يكفر، ووصله بما بعده أسلم، وينبغي أن يخفض بها صوته حذرًا من التشبيه بالكفر. {وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [181] تام؛ إذ لو وصله بما بعده لصار ما بعده من مقولهم، وهو إخبار من الله عن الكفار.

{بِغَيْرِ حَقٍّ} [181] صالح لمن قرأ (¬1): «سيُكتَب» بالياء التحتية، وبالبناء للمفعول، ورفع «قتلُهم» وما عطف عليه، و «يقولُ» بالياء، أي: ويقول الله، أو الزبانية، وليس بوقف لمن قرأ (¬2): «سنَكتُب» بالنون، وبناء الفعل للفاعل، ونصب «قتلَهم»، و «نقولُ» بالنون. {الْحَرِيقِ (181)} [181] كاف. {لِلْعَبِيدِ (182)} [182] تام، إن رفع ما بعده خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين، أو نصب بتقدير: أعني، وليس بوقف إن جعل بدلًا من الذين الأول، أو جعل في محل جر نعتًا «للعبيد»، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {تَأْكُلُهُ النَّارُ} [183] كاف، وتام عند نافع. {وَبِالَّذِي قُلْتُمْ} [183] كاف؛ للابتداء بعده بالاستفهام. {صَادِقِينَ (183)} [183] تام؛ للابتداء بالشرط، ومثله «المنير»، و «ذائقة الموت»، و «يوم القيامة»، و «فاز» كلها حسان عند أبي حاتم. {الْغُرُورِ (185)} [185] تام. {وَأَنْفُسِكُمْ} [186] جائز. {أَذًى كَثِيرًا} [186] كاف. {الْأُمُورِ (186)} [186] تام. {وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [187] جائز. {ثَمَنًا قَلِيلًا} [187] حسن. {مَا يَشْتَرُونَ (187)} [187] تام. {بِمَا أَتَوْا} [188] ليس بوقف؛ لعطف ما بعده على ما قبله. {بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [188] جائز، كذا نقل عن نافع، وهو غير جيد، والأولى وصله؛ لأنَّ قوله: «فلا تحسبنهم» بدل مما قبله سواء قرئ بالتحتية (¬3)، أو بالفوقية (¬4)، أو على قراءة من قرأ الأول بالتحتية، ¬

_ (¬1) وهي قراءة حمزة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 183)، الإعراب للنحاس (1/ 382)، الإملاء للعكبري (1/ 93)، البحر المحيط (3/ 131)، التبيان للطوسي (3/ 65)، التيسير (ص: 92)، تفسير الطبري (7/ 444، 445)، المعاني للأخفش (1/ 249). (¬2) وهي قراءة الباقين. انظر: المصادر السابقة. (¬3) وهي قراءة ابن كثير - أبو عمرو. انظر هذه القراءة في: السبعة (ص: 60)، الإرشاد (ص: 273)، النشر (2/ 246). (¬4) وهي قراءة الباقين من القراء. انظر: المصادر السابقة.

والثاني بالفوقية (¬1)؛ على اختلاف المعاني والإعراب، وجعل الثاني معطوفًا على الأول؛ لأنَّ المعطوف والمعطوف عليه كالشيء الواحد؛ لأنه قد استغنى عن مفعولي «يحسب» الأولى بذكر مفعولي الثانية، على قراءته بالتحتية، وعلى قراءته بالفوقية حذف الثاني فقط، وقال ابن عطية: لا يصح أن يكون بدلًا؛ لوجود الفاء؛ فإنها تمنع من البدل. {بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ} [188] كاف. {عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)} [188] تام. {وَالْأَرْضِ} [189] كاف. {قَدِيرٌ (189)} [189] تام. {لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)} [190] تام إن جعل ما بعده خبر مبتدأ محذوف تقديره: لهم الجنة، أو الخبر «ربنا ما خلقت هذا باطلًا» بتقدير: يقولون، كما قدره شيخ الإسلام، وحسن إن جعل في موضع نصب بإضمار أعني، وليس بوقف إن جعل نعتًا له، أو بدلًا منه، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {جُنُوبِهِمْ} [191] جائز إن جعل «الذين يذكرون الله» نعتًا، أو بدلًا، أو خبر مبتدأ محذوف، وليس بوقف إن جعل مبتدأ، وكذا الكلام على «والأرض». {بَاطِلًا} [191] ليس بوقف؛ لاتحاد الكلام في تنزيه الباري عن خلقه الباطل. {النَّارِ (191)} [191] كاف، ومثله: «فقد أخزيته»، و «من أنصار»، و «فآمنا»، و «الأبرار» كلها وقوف كافية. {عَلَى رُسُلِكَ} [194] جائز، ومثله «يوم القيامة». {الْمِيعَادَ (194)} [194] كاف؛ لأنه آخر كلامهم. {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [195] صالح على قراءة عيسى بن عمر: «لا أضيع» بكسر الهمزة على الاستئناف (¬2)، وليس بوقف على قراءة الجماعة بفتحها (¬3). {أَوْ أُنْثَى} [195] كاف، وقال أبو حاتم: تام، ثم يبتدئ «بعضكم من بعض»، أي: في المجازاة بالأعمال، أي: مجازاة النساء على الأعمال كالرجال، وإنه لا يضيع لكم عملًا، وإنه ليس لأحد على أحد فضل إلَّا بتقوى الله، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، فعلى هذا ¬

_ (¬1) وهي قراءة شاذة رويت عن الضحاك وعيسى بن عمر. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (3/ 137)، وتفسير القرطبي (4/ 307). (¬2) أي: همزة «إني»، وهي رواية شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 386)،البحر المحيط (3/ 143)، تفسير القرطبي (4/ 318). (¬3) أي: جمهور القراء.

«بعضكم من بعض» مبتدأ وخبر. {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [195] تام؛ لأنه كلام مستقل بنفسه كقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وكقوله: «كلكم من آدم»، فـ «بعضكم» مبتدأ، وخبره «من بعض»، وقوله: «فالذين هاجروا» مبتدأ، وخبره «لأكفرنَّ عنهم»، وقوله: و «لأدخلنهم» عطف على الخبر. {الْأَنْهَارُ} [195] ليس بوقف؛ لأنَّ «ثوابًا» منصوب على الحال، والعامل فيه «ولأدخلنهم»، أو مفعولًا له، أو مصدرًا. {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [195] كاف. {الثَّوَابِ (195)} [195] تام. {فِي الْبِلَادِ (196)} [196] كاف؛ لأن ما بعده خبر مبتدأ محذوف، أي: هو متاع، أو مبتدأ محذوف الخبر، أي: تقلبهم متاع قليل، وقال أبو حاتم: تام، وغلط؛ لأنَّ ما بعده متعلق بما قبله؛ لأنَّ المعنى: تقلبهم في البلاد، وتصرفهم فيها متاع قليل، وقال أبو العلاء الهمداني: الوقف على «قليل»، ثم يبتدئ «ثم مأواهم جهنم»، وضعف للعطف بثم إلَّا أنه عطف جملة على جملة، وهو في حكم الاستئناف عند بعضهم. {ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} [197] كاف. {الْمِهَادُ (197)} [197] جائز؛ لحرف الاستدراك بعده، ومن حيث كونه رأس آية. {خَالِدِينَ فِيهَا} [198] ليس بوقف؛ لأنَّ «نزلًا» حال من «جنات» قبله، وإن جعل مصدرًا، والعامل فيه ما دل عليه الكلام؛ لأنه لما قال لهم: ذلك دل على انزلوا نزالًا -كان الوقف على «خالدين فيها» كافيًا. {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [198] كاف؛ للابتداء بالنفي، نص عليه أبو حاتم السجستاني. {لِلْأَبْرَارِ (198)} [198] تام. {خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [199] حسن عند الأكثر، وزعم بعضهم أن الوقف على «خاشعين»، ثم يبتدئ لله، وهو خطأ؛ لأنَّ اللام في «لله» لا تتصل بما بعدها؛ لأنَّ لله من صلة خاشعين فلا يقطع عنه. {ثَمَنًا قَلِيلًا} [199] حسن، وقيل: كاف؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده خبرًا بعد خبر؛ لأنَّ «ولمن» اسمها دخلت عليها اللام، وحمل على لفظ من فأفرد الضمير في «يؤمن»، ثم حمل على المعنى، فجمع في «وما أنزل إليهم»، وفي «خاشعين»، وعلى هذا فلا يوقف على «قليلًا»، ولا على «لله»؛ لأنَّ «لا يشترون» حال بعد حال، أي: خاشعين غير مشترين. {عِنْدَ رَبِّهِمْ} [199] كاف. {الْحِسَابِ (199)} [199] تام.

{وَرَابِطُوا} [200] جائز. {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [200] ليس بوقف لحرف الترجي، وهو في التعلق كلام «كي». آخر السورة تام. سورة النساء مدنية -[آيها:] وهي مائة آية وخمس وسبعون آية في المدني والمكي والبصري، وست في الكوفي، وسبع في الشامي. - وكلمها: ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمس وأربعون كلمة. - وحروفها: ستة عشر ألف حرف وثلاثون حرفًا. وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودًا منها إجماعًا ستة مواضع: 1 - {فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} [34]. 2 - {إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} [77]. 3 - {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} [79]. 4 - {وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} [81]. 5 - {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [125]. 6 - {وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [172]. ولا وقف من أولها إلى «ونساء»؛ فلا يوقف على من «نفس واحدة»؛ لاتساق ما بعده على ما قبله، ومثله «كثيرًا». {وَنِسَاءً} [1] تام. {وَالْأَرْحَامَ} [1] كاف على قراءتي: نصبه، وجره (¬1)؛ فمن قرأ بالنصب؛ عطف على لفظ الجلالة، أي: واتقوا الأرحام، أي: لا تقطعوها، أو على محل به، نحو: مررت بزيد وعمرًا بالنصب؛ لأنه في موضع نصب؛ لأنه لما شاركه في الاتباع على اللفظ تبعه على الموضع، وانظر هذا، مع ما قاله السمين في سورة الإنسان لا يعطف إلَّا على محل الحرف الزائد، وما هنا ليس كذلك، وقرأه بالجر عطفًا على الضمير في «به» على مذهب الكوفيين، وهي قراءة حمزة، وحمزة أخذها عن سليمان بن مهران الأعمش، وحمران بن أعين (¬2)، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (¬3)، وجعفر بن ¬

_ (¬1) قرأ حمزة وحده بالجر وقرأ الباقون بالفتح. انظر هذه القراءة في: تفصيل ذلك في إبراز المعاني (ص:410)، النشر (2/ 247)، إتحاف الفضلاء (ص: 185)، الإعراب للنحاس (1/ 390)، الإملاء للعكبري (1/ 96)، البحر المحيط (3/ 157)، التيسير (ص: 93). (¬2) أبو حمزة الكوفي، مقرئ كبير، أخذ القراءة عرضًا عن عبيد بن نضلة ويحيى بن وثاب، وروى القراءة عنه عرضًا حمزة الزيات، وكان ثبتًا في القراءات ضعيفًا في الحديث رمي بالرفض (ت 130هـ). انظر: غاية النهاية (1/ 161). (¬3) ابن أبي ليلى (74 - 148 هـ = 693 - 765 م) محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار، وقيل: داود ابن بلال الأنصاري الكوفي: قاض، فقيه، من أصحاب الرأي، ولي القضاء والحكم بالكوفة لبني أمية، ثم لبني العباس، واستمر (33 سنة)، له أخبار مع الإمام أبي حنيفة وغيره، مات بالكوفة. انظر: الأعلام للزركلي (6/ 189).

سورة النساء

محمد الصادق (¬1)، وعرض القرآن على جماعة منهم: سفيان الثوري (¬2)، والحسن بن صالح (¬3)، ومنهم إمام الكوفة في القراءات والعربية أبو الحسن الكسائي، ولم يقرأ حرفًا من كتاب الله إلَّا بأثر صحيح، وكان حمزة إمامًا ضابطًا، صالحًا جليلًا، ورعًا مثبتًا، ثقةً في الحديث وغيره، وهو من الطبقة الثالثة، ولد سنة ثمانين، وأحكم القرآن وله خمس عشرة سنة، وأمَّ الناس سنة مائة، وعرض عليه القرآن من نظرائه جماعة، وما قرأ به حمزة مخالف لأهل البصرة؛ فإنهم لا يعطفون على الضمير المخفوض إلَّا بإعادة الخافض، وكم حكم ثبت بنقل الكوفيين من كلام العرب لم ينقله البصريون، ومن ذلك قول الشاعر: إِذَا أَوْقَدُوا نَارًا لِحَرْبِ عَدُوِّهِمْ ... فقْدُ خَابَ مَنْ يَصْلَى بِهَا وَحَمِيمِهَا (¬4) بجر حميمها عطفًا على الضمير المخفوض في بها، وكم حكم ثبت بنقل البصريين لم ينقله الكوفيون، ولا التفات لمن طعن في هذه القراءة كالزجاج، وابن عطية، وما ذهب إليه البصريون، وتبعهم الزمخشري من امتناع العطف على الضمير المجرور إلَّا بإعادة الجار غير صحيح، بل الصحيح مذهب الكوفيين في ذلك، وعلى هاتين القراءتين أعني: نصبه، وجره: كاف، وقرئ ¬

_ (¬1) جعفر الصادق (80 - 148 هـ = 699 - 765 م) جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط، الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، الملقب بالصادق: سادس الأئمة الاثنى عشر عند الإمامية، كان من أجلاء التابعين، وله منزلة رفيعة في العلم، أخذ عنه جماعة، منهم الإمامان أبو حنيفة ومالك، ولقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب قط، له أخبار مع الخلفاء من بني العباس وكان جريئًا عليهم صدّاعًا بالحق، له: رسائل، مجموعة في كتاب، مولده ووفاته بالمدينة. انظر: الأعلام للزركلي (2/ 126). (¬2) سفيان الثوري (97 - 161 هـ = 716 - 778 م) سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، من بني ثور بن عبد مناة، من مضر، أبو عبد الله: أمير المؤمنين في الحديث، كان سيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى، ولد ونشأ في الكوفة، ورَاوَدَهُ المنصور العباسي على أن يلي الحكم، فأبى، وخرج من الكوفة (سنة 144 هـ) فسكن مكة والمدينة، ثم طلبه المهدي، فتوارى، وانتقل إلى البصرة فمات فيها مستخفيًا، له من الكتب: الجامع الكبير، والجامع الصغير -كلاهما في الحديث، وكتاب في الفرائض، وكان آية في الحفظ، من كلامه: ما حفظت شيئا فنسيته. انظر: الأعلام للزركلي (3/ 104). (¬3) ابن حي (100 - 168 هـ = 718 - 785 م) الحسن بن صالح بن حي الهمداني الثوري الكوفي، أبو عبد الله: من زعماء الفرقة البترية، من الزيدية، كان فقيهًا مجتهدًا متكلمًا، أصله من ثغور همدان، وتوفي متخفيًا في الكوفة، قال الطبري: كان اختفاؤه مع عيسى بن زيد في موضع واحد سبع سنين، والمهدي جادٌّ في طلبهما، له كتب منها: التوحيد، وإمامة ولد علي من فاطمة، والجامع -في الفقه، وهو من أقران سفيان الثوري، ومن رجال الحديث الثقات، وقد طعن فيه جماعة لما كان يراه من الخروج بالسيف على أئمة الجور. انظر: الأعلام للزركلي (2/ 192). (¬4) لم أستدل عليه.

«والأرحامُ» بالرفع (¬1)؛ على أنَّه مبتدأ حذف خبره، كأنه قيل: والأرحام محترمة، أي: واجب حرمتها، فلا تقطعوها، حثهم الشارع على صلة الأرحام، ونبههم على أنَّه كان من حرمتها عندهم أنهم يتساءلون، أي: يحلفون بها، فنهاهم عن ذلك، وحرمتها باقية، وصلتها مطلوبة، وقطعها محرم إجماعًا، وعلى هذا يكون الوقف حسنًا، وليس بوقف لمن خفض «الأرحام» على القسم، والتقدير بالله وبالأرحام، كقولك: أسألك بالله وبالرحم، وقيل: الوقف على «به»، وإن نصب ما بعده على الإغراء بمعنى: عليكم الأرحام فصلوها، فالوقف على «به» كاف عند يعقوب، وتام عند الأخفش، وخالفهما أبو حاتم، ووقف على «تساءلون به والأرحام» على قراءتي: النصب، والجر. {رَقِيبًا (1)} [1] كاف. {الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [2] جائز. {بِالطَّيِّبِ} [2] كاف عند نافع. {إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [2] حسن. {كَبِيرًا (2)} [2] كاف. {وَرُبَاعَ} [3] حسن. {أَيْمَانُكُمْ} [3] حسن. {أَلَّا تَعُولُوا (3)} [3] كاف، وقال نافع: تام، وهو رأس آية. {نِحْلَةً} [4] كاف؛ للابتداء بالشرط. {مَرِيئًا (4)} [4] حسن، ومن وقف على «فكلوه»، وجعل «هنيًّا مريًّا» دعاء، أي: هنأكم الله وأمرأكم -كان جائزًا، ويكون «هنيًّا مريًّا» من جملة أخرى غير قوله: «فكلوه» لا تعلق له به من حيث الإعراب، بل من حيث المعنى، وانتصب «مريَّا» على أنه صفة، وليس وقفًا إن نصب نعتًا لمصدر محذوف، أي: فكلوه أكلًا هنيًّا، وكذلك إن أعرب حالًا من ضمير المفعول، فهي حال مؤكدة لعاملها، وعند الأكثر معناه الحال، ولذلك كان وصله أولى. {قِيَامًا} [5] جائز؛ لاتفاق الجملتين. {مَعْرُوفًا (5)} [5] كاف. {النِّكَاحَ} [6] حسن عند بعضهم، وبعضهم وقف على «وابتلوا اليتامى»، وجعل «حتى» لانتهاء الابتداء، لا للابتداء، أي: غيًا الابتداء بوقت البلوغ؛ لأنَّ الآية لم تتعرض لسن البلوغ، ثم ابتدأ حتى إذا بلغوا النكاح، والجواب مضمر، أي: حتى إذا بلغوا النكاح زوِّجوهم وسلِّموا إليهم أموالهم، فحذف ¬

_ (¬1) وهي قراءة عبد الله بن يزيد، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (1/ 96)، البحر المحيط (3/ 157)، تفسير القرطبي (5/ 5)، الكشاف (1/ 241)، المحتسب لابن جني (1/ 179).

الجواب؛ لأنَّ في قوله: «فإن آنستم منهم رشدًا» دلالة عليه. {رُشْدًا} [6] ليس بوقف؛ لشدة اتصاله بما بعده. {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [6] حسن. {أَنْ يَكْبَرُوا} [6] أحسن منه، وقال أبو عمرو: كاف. {فَلْيَسْتَعْفِفْ} [6] حسن. {بِالْمَعْرُوفِ} [6] كاف؛ للابتداء بالشرط. {فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [6] حسن. {حَسِيبًا (6)} [6] تام. {وَالْأَقْرَبُونَ} [7] الأول حسن، وقيل: كاف؛ على استئناف ما بعده، ومثله «أو كثر» إن نصب «نصيبًا» بمقدر. {مَفْرُوضًا (7)} [7] تام. {فَارْزُقُوهُمْ} [8] حسن، وقال ابن عامر: كاف. {قَوْلًا مَعْرُوفًا (8)} [8] تام، وقيل: كاف. {عَلَيْهِمْ} [9] حسن؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعلت الفاء في قوله: «فليتقوا لله» جواب قوله: «وليخش الذين». {سَدِيدًا (9)} [9] تام. {نَارًا} [10] حسن. {وَسَيَصْلَوْنَ} [10] قرئ بفتح الياء وضمها (¬1)، فمن قرأ: «وسيُصلون» بضم الياء مبنيًّا -كان أحسن مما قبله. {سَعِيرًا (10)} [10] تام على القراءتين (¬2). {فِي أَوْلَادِكُمْ} [11] حسن؛ على استئناف ما بعده. {الْأُنْثَيَيْنِ} [11] كاف، ومثله «ما ترك» لمن قرأ «واحدةٌ» بالرفع؛ على أنَّ «كان» تامة، وحسن لمن قرأ بنصبها على أنها خبر كان (¬3). ¬

_ (¬1) قرأ شعبة ابن عامر وشعبة بالضم، وقرأ الباقون بالفتح. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 186)، الإعراب للنحاس (1/ 398)، الإملاء للعكبري (1/ 98)، البحر المحيط (3/ 179)، التيسير (ص: 94)، الحجة لابن خالويه (ص: 120)، الحجة لأبي زرعة (ص: 191)، السبعة (ص: 227)، الغيث للصفاقسي (ص: 188). (¬2) أي: الفتح والضم في الياء السابق الإشارة إليها. (¬3) قرأ نافع بالرفع، وقرأ الباقون بالنصب. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 186)، الإملاء للعكبري (1/ 97)، البحر المحيط (3/ 182)، التيسير (ص: 94)، تفسير القرطبي (5/ 64)، الحجة لابن خالويه (ص: 120)، الحجة لأبي زرعة (ص: 192).

{فَلَهَا النِّصْفُ} [11] حسن؛ لانتهاء حكم الأول. {السُّدُسُ} [11] ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده بما قبله. {لَهُ وَلَدٌ} [11] حسن، ومثله «فلأمه الثلث»، وكذا «فلأمه السدس»، وعند أبي حاتم لا يحسن الوقف حتى يقول: «من بعد وصية يوصي بها أو دين»؛ لأنَّ هذا الفرض كله إنما يكون بعد الوصية والدَّيْن، قاله النكزاوي. {أَوْ دَيْنٍ} [11] تام؛ إن جعل ما بعده مبتدأ خبره «لا تدرون»، وكاف إن رفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هم آباؤكم، و «أيهم أقرب» مبتدأ وخبر علق عنه «تدرون»؛ لأنه من أفعال القلوب، والجملة في محل نصب. {أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [11] حسن عند من نصب «فريضةً» على المصدر، أي: فرض ذلك فريضة، أو نصبها بفعل مقدر، أي: أعني، وليس بوقف إن نصب على الحال مما قبلها. {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} [11] كاف؛ للابتداء بـ «إن». {حَكِيمًا (11)} [11] أكفى، ولم يبلغ درجة التمام؛ لاتصال ما بعده بما قبله معنًى. {لَهُنَّ وَلَدٌ} [12] حسن، وكذا «أو دين»، ومثله «إن لم يكن لكم ولد»، وكذا «أو دين»، وكذا «منهما السدس»؛ كلها حسان. {أَوْ دَيْنٍ} [12] الأخير ليس بوقف؛ لأنَّ «غير» منصوب على الحال من الفاعل في «يوصي». {غَيْرَ مُضَارٍّ} [12] حسن إن نصب بعده بفعل مضمر، أي: يوصيكم الله وصية. والوقف على {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ} [12] كاف. {حَلِيمٌ (12)} [12] حسن، أي: حيث لم يعجل العقوبة حين ورثتم الرجال دون النساء –قلتم: لا نورث إلَّا من قاتل بالسيف، أو طاعن برمح. {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [13] تام؛ للابتداء بالشرط بعده. {خَالِدِينَ فِيهَا} [13] حسن. {الْعَظِيمُ (13)} [13] تام؛ للابتداء بعده بالشرط. {خَالِدًا فِيهَا} [14] جائز. {مُهِينٌ (14)} [14] تام؛ لأنه آخر القصة. {أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [15] حسن؛ للابتداء بالشرط مع الفاء.

{سَبِيلًا (15)} [15] تام. {فَآَذُوهُمَا} [16] حسن. {عَنْهُمَا} [16] أحسن مما قبله، وقيل: كاف؛ للابتداء بـ «إن». {رَحِيمًا (16)} [16] تام. {بِجَهَالَةٍ} [17] ليس بوقف؛ لأنَّ «ثم» لترتيب الفعل، وكذا «من قريب»؛ لمكان الفاء. {يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [17] كاف. {حَكِيمًا (17)} [17] أكفى مما قبله، ولا وقف من قوله: «وليست التوبة» إلى «أليمًا»، فلا يوقف على «السيئات»، ولا على «الموت»، ولا على «إني تبت الآن»؛ لأنَّ قوله: «ولا الذين يموتون» عطف على «وليست»، والوقف على المعطوف عليه دون المعطوف قبيح، فكأنه قال: وليست التوبة للذين يعملون السيئات الذين هذه صفتهم، ولا الذين يموتون وهم كفار، «فالذين» مجرور المحل عطفًا على الذين يعملون، أي ليست: التوبة لهؤلاء، ولا لهؤلاء، فسوَّى بين من مات كافرًا، وبين من لم يتب إلَّا عند معاينة الموت -في عدم قبول توبتهما، وإن جعلت «وللذين» مستأنفًا مبتدأ، وخبره «أولئك» -حسن الوقف على «الآن»، ويبتدئ «وللذين يموتون»، واللام في «وللذين» لام الابتداء، وليست لا النافية، وإن جعلت قوله: «أولئك» مبتدأ، و «أعتدنا» خبره -حسن الوقف على «كفار»، وقيل: إن «أولئك» إشارة إلى المذكورين قبل «أولئك». {أَلِيمًا (18)} [18] تام؛ للابتداء بالنداء. {كَرْهًا} [19] كاف؛ على استئناف ما بعده، وجعل قوله: «ولا تعضلوهن» مجزومًا بلا الناهية، وليس بوقف إن جعل منصوبًا عطفًا على «أن ترثوا»، فتكون الواو مشركة عاطفة فعلًا على فعل، أي: ولا أن تعضلوهنَّ، وإن قدرت أن بعد لا كان من باب عطف المصدر المقدر على المصدر المقدر، لا من باب عطف الفعل على الفعل، انظر: أبا حيان. {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [19] ليس بوقف؛ للام العلة. {مُبَيِّنَةٍ} [19] جائز. {بِالْمَعْرُوفِ} [19] تام؛ للابتداء بالشرط والفاء. {خَيْرًا كَثِيرًا (19)} [19] كاف، وقيل: تام. {مَكَانَ زَوْجٍ} [20] ليس بوقف؛ لأنَّ الواو بعده للحال، أي: وقد آتيتم. {مِنْهُ شَيْئًا} [20] حسن. {مُبِينًا (20)} [20] كاف. {غَلِيظًا (21)} [21] تام.

{إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [22] كاف؛ للابتداء بعده بـ «إن». {سَبِيلًا (22)} [22] تام. {أُمَّهَاتُكُمْ} [23] كاف، ومثله ما بعده؛ لأنَّ التعلق فيما بعده من جهة المعنى فقط، قال أبو حاتم السجستاني: الوقف على كل واحدة من الكلمات إلى قوله في الآية الثانية: «إلَّا ما ملكت أيمانكم» كاف. {وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [23] جائز؛ للفرق بين التحريم النسبي والسببي، والوقف على «من الرضاعة»، و «في حجوركم»، و «دخلتم بهن»، و «فلا جناح عليكم»، و «من أصلابكم»، و «إلَّا ما قد سلف»، و «رحيما» كلها وقوف جائزة؛ لأنَّ التعلق فيها من جهة المعنى، والنَّفَس يقصر عن بلوغ التمام. {أَيْمَانُكُمْ} [24] كاف إن انتصب «كتابًا» بإضمار فعل، أي: الزموا كتاب الله، وعند الكوفيين أنه منصوب على الإغراء، وهو بعيد، والصحيح أنَّ الإغراء إذا تأخر لم يعمل فيما قبله، وتأول البصريون قول الشاعر: يَا أَيُّهَا المَائِحُ دَلْوِي دُونَكَا ... إِنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ يَحْمَدُونَكَا (¬1) على أنَّ دلوي منصوب بالمائح، أي: الذي ماح دلوي، والمشهور: أنَّ ذلك من باب المبتدأ والخبر، وأن دلوي مبتدأ، ودونك خبره، وما استدل به الكسائي على جواز تقديم معمول اسم الفعل عليه، وأنَّ دونك اسم فعل، ودلوي معموله -لا يتعين في الصحاح المائح بالمثناة الفوقية المستقى من أعلى البئر، والمائح بالتحتية الذي يملأ دلوه من أسفلها. {كِتَابَ اللَّهِ} [24] كاف إن قرئ: «وأحل» ببنائه للفاعل، وليس بوقف إن قرئ بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول عطف على «حرمت» (¬2). {غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [24] جائز. {فَرِيضَةً} [24] كاف، ومثله «من بعد الفريضة». {حَكِيمًا (24)} [24] تام؛ لأنَّه تمام القصة. ¬

_ (¬1) قائل هذا البيت كما ورد في بعض المصادر رؤبة، وذكر في: الأزمنة والأمكنة، للمرزوقي، الوساطة بين المتنبي وخصومه، لأبي الحسن الجرجاني، خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، لعبد القادر البغدادي، مجمع الأمثال، للميداني.-الموسوعة الشعرية (¬2) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ببنائه للفاعل، وقرأ الباقون ببنائه للمفعول. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 189)، الإعراب للنحاس (1/ 406)، الإملاء للعكبري (1/ 102)، البحر المحيط (3/ 216)، التيسير (ص: 95)، تفسير الطبري (8/ 173)، تفسير القرطبي (5/ 124)، الحجة لابن خالويه (ص: 122)، الحجة لابن زنجلة (ص: 198)، السبعة (ص: 231)، الغيث للصفاقسي (ص: 190)، الكشاف (1/ 262)، الكشف للقيسي (1/ 315)، تفسير الرازي (3/ 190)، النشر (2/ 249).

{الْمُؤْمِنَاتِ} [25] كاف. {بِإِيمَانِكُمْ} [25] جائز، وقيل: كاف على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل جملة في موضع الحال على المعنى، أي: فانكحوا مما ملكت أيمانكم غير معايرين بالأنساب؛ لأنَّ بعضكم من جنس بعض في النسب والدين، فلا يترفع الحر عن نكاح الأمة عند الحاجة إليه (¬1)، وما أحسن قول أمير المؤمنين عليٍّ كرم الله وجهه: النَّاسُ مِنْ جِهَةِ التَّمْثِيلِ أَكْفَاءُ ... أَبُوهُمُ آدَمُ وَالأُمُّ حَوْاءُ (¬2) {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [25] جائز، ومثله «بإذن أهلهن». {بِالْمَعْرُوفِ} [25] ليس بوقف؛ لأنَّ «محصنات غير مسافحات» حالان من مفعول «وآتوهن». {أَخْدَانٍ} [25] حسن، وقيل: تام سواء قرئ: «أحصن» مبنيًّا للفاعل، أو للمفعول، قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: «أُحصِن» بضم الهمزة، وكسر الصاد مبنيًّا للمفعول، والباقون بفتحهما بالبناء للفاعل (¬3)، ومعنى الأولى: فإذا أحصن بالتزويج -فالمحصن لهن: هو الزوج، ومعنى الثانية: فإذا أحصن فروجهن، أو أزواجهن (¬4). {مِنَ الْعَذَابِ} [25] جائز. {مِنْكُمْ} [25] حسن، ومثله «خير لكم»، أي: وصبركم عن نكاح الإماء خير لكم؛ لئلَّا يرق ولدكم، ويبتذل، وفي سنن أبي داود، وابن ماجه من حديث أنس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أراد أن يلقى الله طاهرًا مطهرًا فليتزوج الحرائر» (¬5). {رَحِيمٌ (25)} [25] تام. {عَلَيْكُمْ} [26] حسن. {حَكِيمٌ (26)} [26] تام، ومثله «عظيمًا». ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (8/ 182)، بتحقيق أحمد محمد شاكر-مؤسسة الرسالة. (¬2) وهو مذكور في: زهر الأكم في الأمثال والحكم، لليوسي، نهاية الأرب في فنون الأدب، للنويري. -الموسوعة الشعرية. (¬3) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 189)، الإعراب للنحاس (1/ 407)، الإملاء للعكبري (1/ 103)، البحر المحيط (3/ 224)، التيسير (ص: 95)، تفسير الطبري (8/ 187)، تفسير القرطبي (5/ 143)، الحجة لابن زنجلة (ص: 198)، السبعة (ص: 231)، الغيث للصفاقسي (ص: 190)، الكشف للقيسي (1/ 385)، تفسير الرازي (3/ 201)، النشر (2/ 249). (¬4) انظر: تفسير الطبري (8/ 182)، بتحقيق أحمد محمد شاكر-مؤسسة الرسالة. (¬5) قال الألباني في السلسلة الضعيفة والموضوعة (3/ 611): ضعيف، رواه ابن ماجه، برقم: (1862)، وابن عدي (164/ 2)، وعنه ابن عساكر (4/ 284/1).

{عَنْكُمْ} [28] كاف على قراءة «وخُلق» بضم الخاء، وعلى قراءته بفتحها (¬1)، الوصل أولى؛ لأنهما كلام واحد. {ضَعِيفًا (28)} [28] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء. {عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [29] حسن. {أَنْفُسَكُمْ} [29] كاف؛ للابتداء بـ «إن». {رَحِيمًا (29)} [29] تام. {نُصْلِيهِ نَارًا} [30] حسن. {يَسِيرًا (30)} [30] تام؛ للابتداء بالشرط، ومثله «كريما». {عَلَى بَعْضٍ} [32] حسن. {مِمَّا اكْتَسَبُوا} [32]، ومثله {مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [32]، وكذا {مِنْ فَضْلِهِ} [32]. {عَلِيمًا (32)} [32] تام، ووقف بعضهم على «مما ترك» إن رفع «الوالدان» بخبر مبتدأ محذوف جوابًا لسؤال مقدر، كأنه قيل: ومن الوارث؟ فقيل: هم الوالدان، والأقربون، أي: لكل إنسان موروث جعلنا موالي، أي: ورَّاثًا مما ترك، ففي «ترك» ضمير يعود على «كل»، وهنا تم الكلام، ويتعلق «مما ترك» بـ «موالي»؛ لما فيه من معنى الوراثة، و «موالي» مفعول أول لـ «جعل»، و «لكل» جار ومجرور وهو الثاني قدِّم على عامله، ويرتفع «الوالدان» على أنه خبر مبتدأ محذوف إلى آخر ما تقدم، وعلى هذا فالكلام جملتان، ولا ضمير محذوفًا في «جعلنا»، وإن قدرنا: ولكل إنسان وارث مما تركه الوالدان والأقربون جعلنا موالي، أي: مورثين، فيراد بالمولى: الموروث، ويرتفع «الوالدان» بـ «ترك»، وتكون «ما» بمعنى: من، والجار والمجرور صفة للمضاف إليه «كل»، والكلام على هذا جملة واحدة، وفي هذا بعد، وهذا غاية في بيان هذا الوقف، ولو أراد الإنسان استقصاء الكلام لاستفرغ عمره ولم يحكم أمره. {وَالْأَقْرَبُونَ} [33] كاف؛ لأنَّ «والذين» بعده مبتدأ، والفاء في خبره؛ لاحتمال عمومه معنى الشرط. {نَصِيبَهُمْ} [33] كاف؛ للابتداء بعده بـ «إن». {شَهِيدًا (33)} [33] تام. {مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [34] حسن، وقيل: تام؛ لأنَّ «فالصالحات» مبتدأ، وما بعده خبر إن، و «للغيب» متعلق بـ «حافظات». {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [34] كاف، ومثله «واضربوهن»؛ للابتداء بالشرط مع اتحاد الكلام، ومثله «سبيلاً». ¬

_ (¬1) وقراءة الضم هي قراءة الجمهور، وقراءة الفتح قراءة شاذة رويت عن ابن عباس ومجاهد. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (3/ 228)، الكشاف (1/ 264).

{كَبِيرًا (34)} [34] تام. {بَيْنِهِمَا} [35] الأول ليس بوقف؛ لمكان الفاء. {بَيْنَهُمَا} [35] الثاني كاف. {خَبِيرًا (35)} [35] تام. {بِهِ شَيْئًا} [36] كاف؛ على استئناف ما بعده، على معنى: وأحسنوا بالوالدين إحسانًا، وقال الأخفش: لا وقف من قوله: «واعبدوا الله» إلى «أيمانكم»؛ لأنَّ الله أمركم بهذه، فلا يوقف على «شيئا»، ولا على «إحسانًا»، ولا على «وابن السبيل»؛ لاتساق ما بعده على ما قبله. {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [36] كاف؛ للابتداء بـ «إن». {فَخُورًا (36)} [36] تام إن رفع «الذين» مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: أولئك قرناء السوء، وكذا إن جعل مبتدأ خبره «إنَّ الله لا يظلم مثقال ذرة»، وكذا إن جعل في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: هم الذين، وإن جعل في موضع نصب بتقدير: أعني -كان الوقف على «فخورًا» كافيًا، وليس بوقف إن جعل «الذين» منصوبًا بدلًا من الضمير المستكن في «فخورًا»، أو من «من»، أو نعتًا لـ «من»؛ لأنه لا يفصل بين البدل والمبدل منه، ولا بين النعت والمنعوت. {مِنْ فَضْلِهِ} [37] حسن. {مُهِينًا (37)} [37] تام إن جعل ما بعده مستأنفًا مبتدأ، والكلام فيه كالذي قبله من الرفع والنصب والجر؛ فالرفع بالابتداء، والنصب بتقدير: أعني، والجر عطفًا على «للكافرين». {وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ} [38] تام؛ للابتداء بالشرط. {فَسَاءَ قَرِينًا (38)} [38] كاف، ومثله «رزقهم الله». {عَلِيمًا (39)} [39] تام، ومحل هذه الوقوف الأربعة ما لم يجعل الذين يبخلون مبتدأ، وخبره «إن الله لا يظلم» فإن كان كذلك لم يوقف عليها؛ لأنَّه لا يفصل بين المبتدأ وخبره بالوقف. {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [40] حسن، ومن قرأ (¬1): «حسنةٌ» بالرفع كان أحسن. {أَجْرًا عَظِيمًا (40)} [40] حسن، وقال بعضهم: لا يوقف عليه؛ لأنَّ قوله: «فكيف» توكيد لما قبله، معناه: إنَّ الله لا يظلم مثقال ذرة في الدنيا فكيف في الآخرة إذا جئنا من كل أمة بشهيد (¬2). ¬

_ (¬1) وهي قراءة المدنيان وابن كثير، وقرأها الباقون بالنصب. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 190)، البحر المحيط (3/ 251)، التيسير (ص: 96)، تفسير الطبري (8/ 365)، تفسير القرطبي (5/ 195)، الحجة لابن خالويه (ص: 123)، الحجة لابن زنجلة (ص: 203)، السبعة (ص: 233)، الغيث للصفاقسي (ص: 191)، الكشف للقيسي (1/ 389، 390)، النشر (2/ 249). (¬2) انظر: تفسير الطبري (8/ 359)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{عَظِيمًا (40)} [40] حسن، ومثله «بشهيد». {شَهِيدًا (41)} [41] كاف. {الْأَرْضُ} [42] جائز إن كان ما بعده داخلًا في التمني، وإلَّا فالوقف عليه حسن، قرأ نافع، وابن عامر: «تسّوي» بتشديد السين، وقرأ أبو عمرو، وابن كثير، وعاصم بضم التاء وتخفيف السين مبنيًّا للمفعول، وقرأ حمزة، والكسائي بفتح التاء والتخفيف (¬1)، وجواب: «لو» محذوف تقديره: لسروا بذلك. {حَدِيثًا (42)} [42] تام. {تَغْتَسِلُوا} [43] كاف، أي: لا تقربوا مواضع الصلاة جنبًا حتى تغتسلوا. {صَعِيدًا طَيِّبًا} [43] ليس بوقف؛ لمكان الفاء، أو لما كانت الجمل معطوفة بـ «أو» صيرتها كالشيء الواحد. {وَأَيْدِيكُمْ} [43] كاف؛ للابتداء بعد بـ «ان». {غَفُورًا (43)} [43] تام. {السَّبِيلَ (44)} [44] كاف. {بأعدائكم} [45] حسن. {وَلِيًّا} [45] جائز؛ للفصل بين الجملتين المستقلتين. {نَصِيرًا (45)} [45] كاف؛ إن جعل «من الذين» خبرًا مقدمًا، و «يحرفون» جملة في محل رفع صفة لموصوف محذوف، أي: من الذين هادوا ناس، أو قوم، أو نفر يحرفون الكلم عن مواضعه، فحذف الموصوف، واجتزأ بالصفة عنه، أو تقول حذف المبتدأ، وأقيم النعت مقامه، وكذا إن جعل «من الذين» خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين هادوا، وليس بوقف إن جعل «من الذين» حالًا من فاعل «يريدون»، أو جعل بيانًا للموصول في قوله: «ألم تر إلى الذين أوتوا»؛ لأنهم يهود ونصارى، أو جعل بيانًا لأعدائكم، وما بينهما اعتراض، أو علق بـ «نصيرًا»، وهذه المادة تتعدى بـ «من»، قال تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ} [الأنبياء: 77]، {فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ} [غافر: 29]، وأما على تضمين النصر معنى المنع، أي: منعناه من القوم، وكذلك وكفى بالله مانعًا ينصره من الذين هادوا، فهي ستة أوجه يجوز الوقف على «نصيرًا» في وجهين، وفي هذا غاية في بيان هذا الوقف،،، ولله الحمد {وَرَاعِنَا} [46] حسن إن جعل «ليًّا» مصدرًا، أي: يلوون ليًّا بألسنتهم، ودل المصدر على فعله، ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 190)، الإملاء للعكبري (1/ 106)، البحر المحيط (3/ 253)، التيسير (ص: 96) تفسير الطبري (8/ 372)، تفسير القرطبي (5/ 198)، الحجة لابن خالويه (ص: 124)، الحجة لأبي زرعة (ص: 204).

وليس بوقف إن جعل مفعولًا من أجله، أي: يفعلون ذلك من أجل اللي، وقرئ (¬1): «راعنًا» بالتنوين، وخُرِّج على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: قولًا راعنًا متصفًا بالرعن. {فِي الدِّينِ} [46] حسن. {وَأَقْوَمَ} [46] ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده به استدراكًا، وعطفًا. {إِلَّا قَلِيلًا (46)} [46] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء. {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ} [47] ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده بما قبله. {أَصْحَابَ السَّبْتِ} [47] كاف. {مَفْعُولًا (47)} [47] تام. {أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [48] جائز. {لِمَنْ يَشَاءُ} [48] كاف؛ للابتداء بالشرط. {عَظِيمًا (48)} [48] تام. {أَنْفُسَهُمْ} [49] كاف، وقال الأخفش: تام، وقيل: ليس بتام؛ لأنَّ ما بعده متصل به، والتفسير يدل على ذلك، قال مجاهد: كانوا يقدمون الصبيان يصلون بهم، ويقولون هؤلاء أزكياء لا ذنوب لهم، «بل الله يزكي من يشاء»، أي: ليست التزكية إليكم؛ لأنَّكم مفترون، «والله يزكي من يشاء» بالتطهير، فبعض الكلام متصل ببعض، قاله النكزاوي (¬2). {مَنْ يَشَاءُ} [49] جائز. {فَتِيلًا (49)} [49] كاف. {عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [50] جائز. {مُبِينًا (50)} [50] تام. {سَبِيلًا (51)} [51] كاف، ومثله «لعنهم الله»؛ للابتداء بالشرط. {نَصِيرًا (52)} [52] كاف؛ لأنَّ «أم» بمعنى: ألف الاستفهام الإنكاري. {نَقِيرًا (53)} [53] كاف، النقير: النقرة التي في ظهر النواة، والفتيل: خيط رقيق في شق النواة، والقطمير: القشرة الرقيقة فوق النواة، وهذه الثلاثة في القرآن ضرب بها المثل في القلة، والثفروق بالثاء المثلثة والفاء: غلافة بين النواة والقمع الذي يكون في رأس التمرة كالغلافة، وهذا لم يذكر في القرآن (¬3). {مِنْ فَضْلِهِ} [54] حسن؛ لتناهي الاستفهام، وقيل: ليس بوقف؛ لمكان الفاء. ¬

_ (¬1) وهي قراءة الحسن وابن محيصن، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 191). (¬2) انظر: تفسير الطبري (8/ 452)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬3) انظر: تفسير الطبري (8/ 472)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{عَظِيمًا (54)} [54] كاف. {مَنْ صَدَّ عَنْهُ} [55] كاف. {سَعِيرًا (55)} [55] تام. {نَارًا} [56] كاف؛ لاستئناف ما بعده؛ لما فيه من معنى الشرط. {العذاب} [56] كاف؛ للابتداء بـ «إن». {حَكِيمًا (56)} [56] تام. {الْأَنْهَارُ} [57] ليس بوقف؛ لأنَّ «خالدين» حال مما قبله. {أَبَدًا} [57] حسن، وقيل: كاف؛ على استئناف ما بعده. {مُطَهَّرَةٌ} [57] كاف. {ظَلِيلًا (57)} [57] تام. {إِلَى أَهْلِهَا} [58] حسن إن كان الخطاب عامًّا؛ لأنَّ قوله: «أن تحكموا» معطوف على «أن تؤدوا»، أي: أن تؤدوا، وأن تحكموا بالعدل إذا حكمتم، فـ «أن تؤدوا» منصوب المحل إما على إسقاط حرف الجر؛ لأنَّ حذفه يطرد مع أن، وليس بوقف إن كان الخطاب لولاة المسلمين. {بِالْعَدْلِ} [58] كاف، ومثله «يعظكم به». {بَصِيرًا (58)} [58] تام. {مِنْكُمْ} [59] كاف؛ للابتداء بالشرط مع الفاء، و «اليوم الآخر» كذلك. {تَأْوِيلًا (59)} [59] تام. {وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [60] جائز؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال من الضمير في «يزعمون» وهو العامل في الحال. {إِلَى الطَّاغُوتِ} [60] حسن. {أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [60] أحسن مما قبله. {بَعِيدًا (60)} [60] حسن. {وَإِلَى الرَّسُولِ} [61] ليس بوقف؛ لأن جواب إذا لم يأت وهو رأيت، فلا يفصل بينهما بالوقف. {صُدُودًا (61)} [61] تام، ولا وقف من قوله: «فكيف» إلى «وتوفيقًا»، فلا يوقف على «أيديهم»، ولا على «يحلفون»، وبعضهم تعسف ووقف على «يحلفون»، وجعل «بالله» قسمًا، و «إن أردنا» جواب القسم، و «إن» نافية بمعنى: ما، أي: ما أردنا في العدول عنك عند التحاكم إلَّا إحسانًا وتوفيقًا، وليس بشيء؛ لشدة تعلقه بما بعده؛ لأنَّ الأقسام المحذوفة في القرآن لا تكون إلَّا بالواو، فإن ذكرت الباء أتى بالفعل، كقوله: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ} [الأنعام: 109] أي، يحلفون بالله، ولا تجد الباء مع حذف الفعل

أبدًا، والمعتمد أنَّ الباء متعلقة بـ «يحلفون»، وليست باء القسم كما تقدم، ويأتي إن شاء الله تعالى في سورة لقمان في قوله: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: 13] بأوضح من هذا. {وَتَوْفِيقًا (62)} [62] كاف. {مَا فِي قُلُوبِهِمْ} [63] جائز، ومثله «وعظيم». {بَلِيغًا (63)} [63] تام. {بِإِذْنِ اللَّهِ} [64] كاف، ومثله «توابًا رحيما»، وبعضهم وقف على قوله: «فلا»، وابتدأ «وربك لا يؤمنون»، وجعل «لا» ردًّا لكلام تقدمها تقديره: فلا يفعلون، أو ليس الأمر كما زعموا من أنهم آمنوا بما أنزل إليك، ثم استأنف قسمًا بعد ذلك بقوله: «وربك لا يؤمنون» وهو توجيه حسن يرقيه إلى التمام، والأحسن الابتداء بها بناء على أنها توطئة للنفي بعدها؛ فهو آكد. {تَسْلِيمًا (65)} [65] كاف، أكد الفعل بمصدره؛ لرفع توهم المجاز فيه، ومثله «إلَّا قليل منهم» على القراءتين: رفعه بدل من الضمير في «فعلوه»، ونصبه على الاستثناء. {تَثْبِيتًا (66)} [66] حسن، قال الزمخشري: و «إذا» جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: وماذا يكون لهم بعد التثبيت؟ فقيل: وإذا لو ثبتوا لآتيناهم؛ لأنَّ «إذا» جواب وجزاء، وعليه فلا يوقف على «تثبيتًا»، ولا على «عظيمًا»؛ لأنَّ قوله: «وإذا لآتيناهم»، «ولهديناهم» من جواب لو، قاله السجاوندي مع زيادة للإيضاح. {مُسْتَقِيمًا (68)} [68] تام. {وَالصَّالِحِينَ} [69] حسن. {رَفِيقًا (69)} [69] كاف. {مِنَ اللَّهِ} [70] حسن. {عَلِيمًا (70)} [70] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء. {جَمِيعًا (71)} [71] كاف. {لَيُبَطِّئَنَّ} [72] تام؛ للابتداء بالشرط مع الفاء. {شَهِيدًا (72)} [72] كاف. {مَوَدَّةٌ} [73] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «كأن لم تكن بينكم وبينه مودة» معترضة بين قوله: «ليقولن»، ومعمول القول، وهو: «يا ليتني» سواء جعلت للجملة التشبيهية محلًّا من الإعراب نصبًا على الحال من الضمير المستكن في «ليقولن»، أو نصبًا على المفعول بـ «يقولن»، فيصير مجموع جملة التشبيه، وجملة التمني من جملة المقول، أو لا محل لها؛ لكونها معترضة بين الشرط وجملة القسم وأخرت والنية بها التوسط بين الجملتين، والتقدير: ليقولن يا ليتني، انظر: أبا حيان، وتوسمه شيخ الإسلام

بجائز، لعله فرق به بين الجملتين. {مَعَهُمْ} [73] كاف؛ لمن رفع ما بعد الفاء على الاستئناف، أي: فأنا أفوز، وبها قرأ الحسن (¬1)، وليس بوقف لمن رفعه عطفًا على «كنت»، وجعل «كنت» بمعنى: أكون على معنى: يا ليتني أكون فأفوز، فيكون الكون معهم، والفوز العظيم متمنيين معًا؛ لأنَّ الماضي في التمني بمنزلة المستقبل؛ لأنَّ الشخص لا يتمنى ما كان، إنما يتمنى ما لم يكن؛ فعلى هذا لا يوقف على «معهم»؛ لاتساق ما بعده على ما قبله، ونصبه على جواب التمني، والمصيبة: الهزيمة، والفضل: الظفر والغنيمة؛ لأنَّ المنافقين كانوا يوادون المؤمنين في الظاهر تهكمًا، وهم في الباطن أعدى عدو لهم، فكان أحدهم يقول وقت المصيبة: {قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72)} [72]، ويقول وقت الغنيمة والظفر: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)} [73]، فهذا قول من لم تسبق منه مودة للمؤمنين (¬2). {فَوْزًا عَظِيمًا (73)} [73] تام؛ للأمر بعده. {بِالْآَخِرَةِ} [74] تام؛ للابتداء بالشرط، ومثله «عظيما». {الظَّالِمِ أَهْلُهَا} [75] حسن. {وَلِيًّا} [75] جائز، وقال يحيى بن نصير النحوي: لا يوقف على أحد المزدوجين حتى يؤتى بالثاني، والأولى الفصل بين الدعوات. {نَصِيرًا (75)} [75] تام. {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [76] جائز، وكذا «الطاغوت». {أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ} [76] كاف؛ للابتداء بـ «إن». {ضَعِيفًا (76)} [76] تام. {وَآَتُوا الزَّكَاةَ} [77] جائز، ومثله «أو أشدَّ خشية»، وكذا «القتال»؛ لأنَّ لولا بمعنى: هلَّا وهلَّا بمعنى الاستفهام، وهو يوقف على ما قبله، و «قريب»، و «قليل» كلها وقوف جائزة، وقال نافع: تام؛ لأنَّ الجملتين -وإن اتفقتا- فالفصل بين وصفي الدارين؛ لتضادهما مستحسن. {لِمَنِ اتَّقَى} [77] حسن على القراءتين في «يظلمون»، وقرأ ابن كثير، والأخوان (¬3): «ولا يظلمون» بالغيبة جريًا على الغائبين قبله، والباقون بالخطاب التفاتًا (¬4). ¬

_ (¬1) وكذا رويت عن يزيد النحوي: «فأفوزُ»، برفع الزاي، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (3/ 292)، تفسير القرطبي (5/ 277)، الكشاف (1/ 280)، المحتسب لابن جني (1/ 193). (¬2) انظر: تفسير الطبري (8/ 540)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬3) وهما حمزة والكسائي، الكوفيان. (¬4) انظر هذه القراءة في: السبعة (ص: 235)، النشر (2/ 250).

{فَتِيلًا (77)} [77] كاف. {أَيْنَمَا تَكُونُوا} [78] جائز، يجوز أن يتصل بقوله: «ولا تظلمون»، ثم يبتدئ بـ «يدرككم الموت»، والأولى وصله، انظر: ضعفه في أبي حيان. {الْمَوْتُ} [78] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده مبالغة فيما قبله، فلا يقطع عنه. {مُشَيَّدَةٍ} [78] حسن. {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [78] حسن، ومثله «من عندك». {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [78] كاف، أي: خلقًا وتقديرًا. {حَدِيثًا (78)} [78] تام، اتفق علماء الرسم على قطع اللام هنا عن «هؤلاء»، وفي: 1 - {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ} [الكهف: 49]. 2 - و {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ} [الفرقان: 7]. 3 - و {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [المعارج: 36]، وقال أبو عمرو في هذه الأربعة: اللام منفصلة عما بعدها، ووجه انفصال هذه الأربعة ما حكاه الكسائي من أنَّ مال فيها جارية مجرى: ما بال، وما شأن، وأنَّ قوله: مال زيد، وما بال زيد؛ بمعنى واحد، وقد صح أنَّ اللام في الأربعة لام جر. اهـ أبو بكر (اللبيب على الرائية) باختصار، وأبو عمرو يقف على ما وقف بيان؛ إذ لا يوقف على لام الجر دون مجرورها، والكسائي قال: عليها وعلى اللام: منفصلة عما بعدها اتباعًا للرسم العثماني، وليست اللام في هذه الأربعة متصلة بما، كما قد يتوهم أنها حرف واحد. {فَمِنَ اللَّهِ} [79] حسن؛ فصلًا بين النقيضين. {فَمِنْ نَفْسِكَ} [79] كاف، أي: وأنا كتبتها عليك، قيل في قوله: «فمن نفسك»: إنَّ همزة الاستفهام محذوفة، والتقدير: أفمن نفسك؟ نحو قوله: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ} [الشعراء: 22] على التقدير: أو تلك نعمة؟ وقرأت عائشة -رضي الله عنها-: «فمَن نفسُك» بفتح ميم «مَن» ورفع السين (¬1)، على الابتداء والخبر، أي: أيّ شيء نفسُك حتى تنسب إليها فعلًا؟ {رَسُولًا} [79] حسن. {شَهِيدًا (79)} [79] تام. {فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [80] كاف؛ للابتداء بالشرط. {حَفِيظًا (80)} [80] حسن. {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} [81] كاف؛ على استئناف ما بعده، وارتفع «طاعة» على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: أمرنا طاعةٌ لك، وقيل: ليس بوقف؛ لأنَّ الوقف عليه يوهم أنَّ المنافقين موحدون، ¬

_ (¬1) وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (3/ 302)، تفسير الرازي (3/ 267).

وليس كذلك، وسياق الكلام في بيان نفاقهم، وذلك لا يتم إلَّا بوصله إلى «تقول». {غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} [81] حسن، ومثله «ما يبيتون». {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [81] كاف. {وَكِيلًا (81)} [81] تام. {الْقُرْآَنَ} [82] حسن؛ لانتهاء الاستفهام على قول من قال: المعنى ولو كان ما تخبرونه مما ترون من عند غير الله -لاختلف فيه، ومن قال: المعنى ولو كان القرآن من عند غير الله -لوجدوا فيه اختلافًا كثيرا، فعلى هذا يكون كافيا؛ لأنَّ كلام الناس يختلف فيه، ويتناقض إما في اللفظ والوصف، وإما في المعنى بتناقض الأخبار، أو الوقوع على خلاف المخبر به، أو اشتماله على ما يلتئم وما لا يلتئم، أو كونه يمكن معارضته، والقرآن ليس فيه شيء من ذلك، كذا في أبي حيان. {اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)} [82] كاف. {أَذَاعُوا بِهِ} [83] يبنى الوقف على ذلك، والوصل على اختلاف المفسرين في المستثنى منه، فقيل: مستثنى من فاعل «اتبعتم»، أي: لاتبعتم الشيطان إلَّا قليلًا منكم؛ فإنه لم يتبعه قبل إرسال محمد - صلى الله عليه وسلم -، وذلك القليل كقس بن ساعدة، وعمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل ممن كان على دين عيسى - عليه السلام - قبل البعثة، وعلى هذا فالاستثناء منقطع؛ لأنَّ المستثنى لم يدخل تحت الخطاب، وقيل: الخطاب في قوله: «لاتبعتم» لجميع الناس على العموم، والمراد بالقليل: أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصةً، أي: هم أمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا طائفة منهم، ويؤيد هذا القول حديث: «ما أنتم في من سواكم من الأمم إلَّا كالرقمة البيضاء في الثور الأسود» (¬1)، وقيل: مستثنى من قوله: «لعلمه الذين يستنبطونه منهم»، وقيل: مستثنى من الضمير في «أذاعوا به»، وقيل: مستثنى من الاتباع، كأنه قال: لاتبعتم الشيطان اتباعًا غير قليل، وقيل: مستثنى من قوله: «ولولا فضل الله عليكم ورحمته»، أي: إلَّا قليلًا منكم لم يدخله الله في فضله ورحمته، فيكون الممتنع من اتباع الشيطان ممتنعًا بفضله ورحمته، فعلى الأول يتم الكلام على «أذاعوا به»، ولا يوقف على «منهم» حتى يبلغ قليلًا؛ لأنَّ الأمر إذا ردوه إلى الرسول، وإلى أولي الأمر منهم -لعلمه الجماعة، ولم يكن للاستثناء من المستنبطين معنا، وجعله مستثنى من قوله: «ولولا فضل الله عليكم ورحمته» بعيد؛ لأنه يصير المعنى: ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبع الجماعة الشيطان، والكلام في كونه استثناءً منقطعًا أو متصلًا، وعلى كل قول مما ذكر يطول شرحه، ومن أراد ذلك فعليه بـ (البحر المحيط) ففيه العذب العذاب، والعجب العجاب، وما ذكرناه هو ما يتعلق بما نحن فيه، وهذا الوقف جدير بأن ¬

_ (¬1) أخرج نحوه أحمد (2/ 378)، برقم: (8900)، قال: حدَّثنا قُتَيبة، قال: حدَّثنا عبد العزيز بن محمد، والبُخاري (8/ 137)، برقم: (6529).

يخص بتأليف (¬1). {يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [83] كاف. {إِلَّا قَلِيلًا (83)} [83] تام؛ للابتداء بالأمر. {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [84] جائز؛ لأنَّ ما بعده يصلح مستأنفًا وحالًا. {الْمُؤْمِنِينَ} [84] حسن. {كَفَرُوا} [84] كاف. {تَنْكِيلًا (84)} [84] تام؛ للابتداء بالشرط. {نَصِيبٌ مِنْهَا} [85] جائز؛ للابتداء بالشرط، وعلى قاعدة يحيى بن نصير: لا يوقف على أحد المزدوجين حتى يأتي بالثاني، وهو «كفل منها». {كِفْلٌ مِنْهَا} [85] كاف. {مُقِيتًا (85)} [85] تام. {أَوْ رُدُّوهَا} [86] كاف. {حَسِيبًا (86)} [86] تام. {إِلَّا هُوَ} [87] جائز. {لَا رَيْبَ فِيهِ} [87] كاف. {حَدِيثًا (87)} [87] تام. {فِئَتَيْنِ} [88] جائز عند أبي حاتم، قاله الهمداني، وقال النكزاوي: ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: والله أركسهم بما كسبوا من تمام المعنى؛ لأنَّ هذه الآية نزلت في قوم هاجروا من مكة إلى المدينة سرًّا، فاستثقلوها فرجعوا إلى مكة سرًّا، فقال بعض المسلمين: إن لقيناهم قتلناهم، وصلبناهم؛ لأنهم قد ارتدوا، وقال قوم: أتقتلون قومًا على دينكم من أجل أنهم استثقلوا المدينة، فخرجوا عنها، فبين الله نفاقهم، فقال: «فما لكم في المنافقين فئتين»، أي: مختلفين، والله أركسهم بما كسبوا، أي: ردهم إلى الكفر، فعتب الله على كونهم انقسموا فيهم فرقتين، و «فئتين» حال من الضمير المتصل بحرف الجر (¬2). {مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ} [88] كاف؛ لانتهاء الاستفهام. {سَبِيلًا (88)} [88] أكفى مما قبله. {سَوَاءً} [89] حسن. {فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [89] حسن مما قبله؛ للابتداء بالشرط. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (9/ 8)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) انظر: تفسير الطبري (9/ 13)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{وَجَدْتُمُوهُمْ} [89] كاف. {وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89)} [89] تقدم ما يغني عن إعادته، فلا وقف من قوله: «ولا تتخذوا منهم وليًّا» إلى «أو يقاتلوا قومهم»، فلا يوقف على «نصيرًا»، ولا على «ميثاق»، ولا «على صدورهم»؛ لاتصال الكلام بعضه ببعض. {أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ} [90] كاف، ومثله «فلقاتلوكم»؛ للابتداء بالشرط مع الفاء. {السَّلَمَ} [90] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب «فإن» لم يأت بعد. {سَبِيلًا (90)} [90] كاف. {قَوْمَهُمْ} [91] جائز. {أُرْكِسُوا فِيهَا} [91] حسن، تقدم أنَّ «كلما» أنواع ثلاثة: ما هو مقطوع اتفاقًا وهو قوله: {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إبراهيم: 34]، ونوع مختلف فيه، وهو: {كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ} [91]، و {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ} [الأعراف: 38]، و {كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً} [المؤمنون: 44]، و {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} [الملك: 8]، والباقي موصول اتفاقًا. {حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [91] صالح. {مُبِينًا (91)} [91] تام. {إِلَّا خَطَأً} [92] ليس بوقف، جعل أبو عبيدة، والأخفش «إلَّا» في معنى: ولا، والتقدير: ولا خطًا، والفراء جعل «إلَّا» في قوّة لكن، على معنى الانقطاع، أي: لكن من قتله خطًا فعليه تحرير رقبة، فعلى قوله يحسن الابتداء بـ «إلَّا»، ولا يوقف على خطًا؛ إذ المعنى فيما بعده. {إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [92] كاف؛ للابتداء بحكم آخر، ومثله «مؤمنة» في الموضعين. {مُتَتَابِعَيْنِ} [92] جائز إن نصب «توبة» بفعل مقدر، أي: يتوب الله عليه توبة، وليس بوقف أن نصب بما قبله؛ لأنه مصدر وضع موضع الحال. {تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ} [92] كاف. {حَكِيمًا (92)} [92] تام؛ للابتداء بالشرط، ومثله «عظيمًا»؛ للابتداء بـ «يا» النداء. {فَتَبَيَّنُوا} [94] حسن. {لَسْتَ مُؤْمِنًا} [94] صالح؛ لأنَّ ما بعده يصلح أن يكون حالًا، أي: لا تقولوا مبتغين، أو استفهامًا بإضمار همزة الاستفهام، أي: أتبتغون؟ قاله السجاوندي. {الدُّنْيَا} [94] حسن، ومثله «كثيرة». {فَتَبَيَّنُوا} [94] كاف؛ للابتداء بـ «إن». {خَبِيرًا (94)} [94] تام.

{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [95] ليس بوقف، سواء قرئ: بالرفع صفة لقوله: «القاعدون»، أو بالنصب حالًا مما قبله، أو بالجر صفة «للمؤمنين» (¬1). {وَأَنْفُسِهِمْ} [95] الأول حسن، وقال الأخفش: تام؛ لأنَّ المعنى: لا يستوي القاعدون والمجاهدون؛ لأنَّ الله قسم المؤمنين قسمين: قاعد، ومجاهد، وذكر عدم التساوي بينهما. {دَرَجَةً} [95] حسن، ومثله «الحسنى». {أَجْرًا عَظِيمًا (95)} [95] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده بدل من «أجرًا»، وإن نصب بإضمار فعل حسن الوقف على «عظيمًا». {وَرَحْمَةً} [96] حسن. {رَحِيمًا (96)} [96] تام. {فِيمَ كُنْتُمْ} [97] جائز، ومثله «في الأرض». {فِيهَا} [97] كاف؛ لتناهي الاستفهام بجوابه. {جَهَنَّمُ} [97] حسن. {مَصِيرًا (97)} [97] تقدم ما يغني عن إعادته، وهو رأس آية، وما بعده متعلق بما قبله؛ لأنَّ قوله: «إلَّا المستضعفين» منصوب على الاستثناء من الهاء والميم في «مأواهم»، وصلح ذلك؛ لأنَّ المعنى: فأولئك في جهنم، فحمل الاستثناء على المعنى، فهو متصل، وأيضًا فإن قوله: «لا يستطيعون حيلة» جملة في موضع الحال من «المستضعفين»، والعامل في الحال هو العامل في المستثنى بتقدير: إلَّا المستضعفين غير مستطيعين حيلة، وإن جعل منقطعًا، وأنَّ هؤلاء المتوفين إما كفار، أو عصاة بالتخلف، فلم يندرج فيهم المستضعفون، وهذا أوجه وحسن الوقف على «مصيرا» (¬2). {سَبِيلًا (98)} [98] جائز. {عَنْهُمْ} [99] حسن، قال أبو عمرو في (المقنع): اتفق علماء الرسم على حذف الألف بعد الواو الأصلية في موضع واحد، وهو هنا: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} [99] لا غير، وأما قوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي} [البقرة: 237]، وقوله: {وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31)} [محمد: 31]، و {لَنْ نَدْعُوَ} [الكهف: 14] فإنهن كتبن بالألف بعد الواو. {عَفُوًّا غَفُورًا (99)} [99] تام؛ للابتداء بالشرط. ¬

_ (¬1) قرأ بالرفع ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة ويعقوب، وقرأ الباقون: بالنصب، وقرأ أبو حيوة والأعمش بالجر، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 447)، البحر المحيط (3/ 330)، تفسير القرطبي (5/ 344)، الكشاف (1/ 291)، تفسير الرازي (3/ 294). (¬2) انظر: تفسير الطبري (9/ 100)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{وَسَعَةً} [100] كاف؛ للابتداء بالشرط أيضًا، ولا وقف من قوله: «ومن يخرج من بيته» إلى «فقد وقع أجره على الله»، فلا يوقف على «ورسوله»، ولا على «الموت»؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت، وهو «فقد وقع أجره على الله»، وهو كاف. {رَحِيمًا (100)} [100] تام. {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [101] تام؛ لتمام الكلام على قصر صلاة المسافر، وابتدئ «إن خفتم»؛ على أنهما آتيان، والشرط لا مفهوم له؛ إذ يقتضي أن القصر مشروط بالخوف، وأنها لا تقصر مع الأمن، بل الشرط فيما بعده وهو صلاة الخوف، وإن أمنوا في صلاة الخوف أتموها صلاة أمن، أي: إن سفرية فسفرية، وإن حضرية فحضرية، وليس الشرط في صلاة القصر، ثم افتتح تعالى صلاة الخوف، فقال تعالى: «إن خفتم» على إضمار الواو، أي: وإن خفتم كما تقدم في «معه ربيون»، ولا ريب لأحد في تمام القصة، وافتتاح قصة أخرى، ومن وقف على «كفروا»، وجعلها آية مختصة بالسفر معناه: خفتم أم لم تخافوا، فلا جناح عليكم أن تقصروا الصلاة في السفر، فقوله: «من الصلاة» مجمل؛ إذ يحتمل القصر من عدد الركعات، والقصر من هيئات الصلاة، ويرجع في ذلك إلى ما صح في الحديث (¬1)، انظر: أبا العلاء الهمداني. {مُبِينًا (101)} [101] تام. {أَسْلِحَتَهُمْ} [102] حسن، ومثله «من ورائكم»، وكذا «أسلحتهم»، وهو أحسن؛ لانقطاع النظم مع اتصال المعنى. {مَيْلَةً وَاحِدَةً} [102] حسن. {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} [102] كاف؛ للابتداء بـ «إن». {مُهِينًا (102)} [102] تام. {وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [103] كاف؛ للابتداء بالشرط، ومثله «فأقيموا الصلاة». {مَوْقُوتًا (103)} [103] تام. {فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ} [104] كاف. {كَمَا تَأْلَمُونَ} [104] حسن؛ لأنَّ قوله: «وترجون» مستأنف، غير متعلق بقوله: «إن تكونوا»، وليس بوقف إن جعلت الواو للحال، أي: والحال أنتم ترجون. {مَا لَا يَرْجُونَ} [104] كاف. {حَكِيمًا (104)} [104] تام. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (9/ 123)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [105] حسن. {خَصِيمًا (105)} [105] كاف، ومثله «واستغفر الله»؛ للابتداء بـ «إن». {رَحِيمًا (106)} [106] تام. {أَنْفُسَهُمْ} [107] كاف، ومثله «أثيمًا»؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل «يستخفون» نعتًا لقوله: «خوَّانًا»؛ لأنه لا يفصل بين النعت والنعوت بالوقف، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {مِنَ الْقَوْلِ} [108] حسن. {مُحِيطًا (108)} [108] تام إن جعل «ها أنتم» مبتدأ، و «هؤلاء» خبرًا، و «أنتم» خبرًا مقدمًا، و «هؤلاء» مبتدأ مؤخرًا، أو «أنتم» مبتدأ، و «هؤلاء» منادى، و «جادلتم» خبر. {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [109] كاف؛ للاستفهام بعده. {وَكِيلًا (109)} [109] تام، قال علماء الرسم: كل ما في كتاب الله من ذكر «أمن» فهو بميم واحدة إلَّا في أربعة مواضع فبميمين: 1 - {أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109)} [109]. 2 - {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ} [التوبة: 109]. 3 - {أَمْ مَنْ خَلَقْنَا} [الصافات: 11]. 4 - {أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا} [فصلت: 40]. وما سوى ذلك فبميم واحدة. {غَفُورًا رَحِيمًا (110)} [110] كاف، ومثله «على نفسه». {حَكِيمًا (111)} [111] تام. {بِهِ بَرِيئًا} [112] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت بعد. {مُبِينًا (112)} [112] تام. {أَن يُضِلُّوكَ} [113] حسن، ومثله «من شيء»، و «ما لم تكن تعلم». {عَظِيمًا (113)} [113] تام. {بَيْنَ النَّاسِ} [114] حسن. {عَظِيمًا (114)} [114] تام. {وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} [115] حسن. {مَصِيرًا (115)} [115] تام. {أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [116] جائز.

{لِمَنْ يَشَاءُ} [116] كاف؛ للابتداء بالشرط. {بَعِيدًا (116)} [116] كاف. {إِلَّا إِنَاثًا} [117] جائز؛ للابتداء بالنفي. {مَرِيدًا (117)} [117] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده نعت له. {لَعَنَهُ اللَّهُ} [118] حسن؛ لأنَّ ما بعده غير معطوف على «لعنه الله». {نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118)} [118] ليس بوقف؛ لعطف الخمس التي أقسم إبليس عليها، وهي: اتخاذ نصيب من عباد الله، وإضلالهم، وتمنيته لهم، إلى قوله: «خلق الله»؛ لأنَّ العطف صيرها كالشيء الواحد، قوله: «فليغيرنّ خلق الله»، أي: دين الله، وقيل: الخصاء، قالهما ابن عباس، وقال مجاهد: الفطرة يعني: أنهم ولدوا على الإسلام، فأمرهم الشيطان بتغييره، وعن الحسن: أنَّه الوشم، وهذه الأقوال ليست متناقضة؛ لأنها ترجع إلى الأفعال، فأما قوله: «لا تبديل لخلق الله»، وقال هنا: «فليغيرنّ خلق الله» -فإن التبديل: هو بطلان عين الشيء، فهو هنا مخالف للتغيير، قال محمد بن جرير (¬1): أولاها أنه دين الله، وإذا كان معناه فقد دخل فيه كل ما نهى الله عنه من: خصاء، ووشم، وغير ذلك من المعاصي؛ لأنَّ الشيطان يدعو إلى جميع المعاصي (¬2). اهـ نكزاوي {خَلْقَ اللَّهِ} [119] حسن. {مُبِينًا (119)} [119] كاف؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال من الضمير المستتر في «خسر»، والعامل في الحال «خسر»؛ لأنه لا يجوز الفصل بين الحال والعامل فيها، والاستئناف في ذلك أظهر، قاله النكزاوي. {وَيُمَنِّيهِمْ} [120] حسن. {إِلَّا غُرُورًا (120)} [120] كاف، ومثله «محيصا». {أَبَدًا} [122] ليس بوقف؛ لأنَّ «وعد» منصوب بما قبله، فهو مصدر مؤكد لنفسه، و «حقًّا» مصدر مؤكد لغيره، فـ «وعد» مؤكد لقوله: «سندخلهم»، و «حقًّا» مؤكد لقوله: «وعد الله»، و «قيلًا» تمييز. ¬

_ (¬1) ابن جرير الطبري (224 - 310 هـ = 839 - 923 م) محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبو جعفر: المؤرخ المفسّر الإمام، ولد في آمل طبرستان، واستوطن بغداد وتوفي بها، وعرض عليه القضاء فامتنع، والمظالم فأبى، له: أخبار الرسل والملوك، يُعرف بتاريخ الطبري، وجامع البيان في تفسير القرآن -يُعرف بتفسير الطبري، واختلاف الفقهاء، والمسترشد -في علوم الدين، وجزء في الاعتقاد، والقراءات، وغير ذلك، وهو من ثقات المؤرخين، قال ابن الأثير: أبو جعفر أوثق من نقل التاريخ، وفي تفسيره ما يدل على علم غزير وتحقيق، وكان مجتهدًا في أحكام الدين لا يقلد أحدًا، بل قلّده بعض الناس وعملوا بأقواله وآرائه، وكان أسمر، أعين، نحيف الجسم، فصيحًا. انظر: الأعلام للزركلي (6/ 69). (¬2) انظر: تفسير الطبري (9/ 212)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{حَقًّا} [122] حسن. {قِيلًا (122)} [122] تام؛ إن جعل «ليس بأمانيكم» مخاطبة للمسلمين مقطوعًا عما قبله مستأنفًا، وإن جعل مخاطبة للكفار الذين تقدم ذكرهم كان الوقف حسنًا، وبكلا القولين قال أهل التفسير، فمن قال: إنه مخاطبة للمسلمين –مسروق، قال: احتج المسلمون، وأهل الكتاب، فقال المسلمون: نحن أهدى منكم، فقال تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [123]، ومن قال: إنه مخاطبة للكفار، وإنه متصل بما قبله –مجاهد، قال مشركو العرب: لن نعذب، ولن نبعث، وقال أهل الكتاب: نحن أبناء الله وأحباؤه، ولن تمسنا النار إلَّا أيامًا معدودة، وديننا قبل دينكم، ونبينا قبل نبيكم، واختار هذا القول محمد بن جرير؛ ليكون الكلام متصلًا بعضه ببعض، ولا يقطع ما بعده عما قبله إلَّا بحجة قاطعة (¬1)، قاله النكزاوي. {أَهْلِ الْكِتَابِ} [123] كاف، وقال ابن الأنباري: تام؛ لأنه آخر القصة على قول من جعل قوله: من يعمل سوءًا يجز به عامًّا للمسلمين وأهل الكتاب، ومن جعله خاصًّا للمشركين جعل الوقف على ما قبله كافيًا، فمن قال: إنه عام لجميع الناس، وإن كل من عمل سيئة جوزي بها -أبيُّ بن كعب، وعائشة؛ فمجازاة الكافر النار، ومجازاة المؤمن نكبات الدنيا، ومن قال: إنه خاص بالكفار -ابن عباس، والحسن البصري، واختار الأول ابن جرير، وقال: إن التخصيص لا يكون إلَّا بتوقيف، وقد جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على أنَّه عام (¬2). {نَصِيرًا (123)} [123] تام؛ للابتداء بالشرط. {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [124] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت بعد. {نَقِيرًا (124)} [124] تام. {وَهُوَ مُحْسِنٌ} [125] ليس بوقف؛ لعطف ما بعده على ما قبله. {حَنِيفًا} [125] حسن، وقال أبو عمرو: تام. {خَلِيلًا (125)} [125] تام. {وَمَا فِي الْأَرْضِ} [126] حسن. {مُحِيطًا (126)} [126] تام. {فِي النِّسَاءِ} [127] جائز. {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} [127] جائز عند بعضهم، وقيل: ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «وما يتلى» معطوف على اسم الله، ويبنى الوقف والوصل على إعراب «ما» من قوله: «وما يتلى عليكم»؛ فمحلها ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (9/ 226)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) انظر: المصدر السابق (9/ 228).

يحتمل الرفع، والنصب، والجر؛ فالرفع عطف على لفظ «الله»، أو عطف على الضمير المستكن في «يفتيكم»، أو على الابتداء، والخبر محذوف، أي: ما يتلى عليكم في يتامى النساء يبين لكم أحكامهن، والنصب على تقدير: ويبين الله لكم ما يتلى عليكم، والجر على أن الواو للقسم، أو عطف على الضمير المجرور في «فيهن»، قاله محمد بن أبي موسى، قال: أفتاهم الله فيما سألوا عنه، وفيما لم يسألوا عنه، إلَّا أنَّ هذا ضعيف؛ لأنه عطف على الضمير المجرور، ومن غير إعادة الجار، وهو رأي الكوفيين، ولا يجيزه البصريون إلَّا في الشعر، فمن رفع «ما» على الابتداء كان الوقف على «فيهن» كافيًا، وليس بوقف لمن نصبها، أو جرها، والوقف على «ما كتب لهن»، و «أن تنكحوهنَّ»، والوالدان» لا يسوغ؛ لأنَّ العطف صيرهن كالشيء الواحد (¬1). {بِالْقِسْطِ} [127] حسن، وقال أحمد بن موسى: تام. {عَلِيمًا (127)} [127] تام. {صُلْحًا} [128] حسن. {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [128] أحسن منه. {الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [128] كاف؛ للابتداء بالشرط. {خَبِيرًا (128)} [128] تام. {وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [129] كاف عند أبي حاتم، وتام عند نافع. {كَالْمُعَلَّقَةِ} [129] كاف، ومثله «رحيمًا»؛ للابتداء بالشرط. {كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [130] كاف. {حَكِيمًا (130)} [130] تام. {وَمَا فِي الْأَرْضِ} [131] كاف، أي: ولله ما حوته السموات والأرض، فارغبوا إليه في التعويض ممن فارقتموه؛ فإنه يسد الفاقة، ويلم الشعث، ويغني كلًّا من سعته: يغني الزوج بأنَّ يتزوج غير من طلق، أو برزق واسع، وكذا المرأة، فعلى هذا تم الكلام على قوله: «من قبلكم» (¬2). {وَإِيَّاكُمْ} [131] تام عند نافع، وخالفه أهل العربية في ذلك، قال الأخفش: لا يتم الكلام إلَّا بقوله: «وإياكم أن اتقوا الله»؛ للابتداء بالشرط، وليس ما بعده داخلًا في معمول الوصية؛ فهي جملة مستأنفة، وقيل: معطوفة على «اتقوا الله»، وضعف؛ لأنَّ تقدير القول ينفي كون الجملة الشرطية، سواء جعلت أن مفسرة أو مصدرية. {وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [131] أي: ليس به حاجة إلى أحد، ولا فاقة ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (9/ 253)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) انظر: تفسير الطبري (9/ 295)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

تضطره إليكم، وكفركم يرجع عليكم عقابه. {حَمِيدًا (131)} [131] تام. {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [132] كاف. {وَمَا فِي الْأَرْضِ} [132] كاف إذا فهمت هذا علمت ما أسقطه شيخ الإسلام، وهو ثلاثة وقوف وهو: «وما في الأرض» مرتين، و «حميدًا»، والحكمة في تكرير «ولله ما في السموات وما في الأرض»؛ أنَّ ذلك لاختلاف معنى الخبرين عما في السموات والأرض؛ فإنَّ لله تعالى ملائكة، وهم أطوع له تعالى منكم؛ ففي كل واحدة فائدة، وقال ابن جرير: كررت تأكيدًا. {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132)} [132] تام؛ للابتداء بالشرط. {وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ} [133] كاف؛ لانتهاء الشرط بجوابه، لكن أجمع العادون على ترك عدِّ هذا، ومثله {وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [172]؛ حيث لم يتشاكل طرفاهما. {قَدِيرًا (133)} [133] تام. {وَالْآَخِرَةِ} [134] كاف. {بَصِيرًا (134)} [134] تام. {((} [135] ليس بوقف؛ لأنَّ «ولو على أنفسكم» مبالغة فيما قبله. {وَالْأَقْرَبِينَ} [135] كاف؛ للابتداء بالشرط. {أَوْلَى بِهِمَا} [135] جائز. {أَنْ تَعْدِلُوا} [135] كاف. {خَبِيرًا (135)} [135] تام. {أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [136] كاف. {بَعِيدًا (136)} [136] تام، ولا وقف من قوله: «إنَّ الذين آمنوا» إلى «سبيلًا»، فلا يوقف على «ثم ازدادوا كفرًا»؛ لأنَّ خبر إن لم يأت بعد. {سَبِيلًا (137)} [137] تام؛ لانتهاء خبر إن. {أَلِيمًا (138)} [138] كاف إن جعل ما بعده مبتدأ خبره «أيبتغون عندهم العزة»، أو جعل خبر مبتدأ محذوف، أو نصب على الذم، كأنه قال: أذم الذين، وليس بوقف إن جعل صفة للمنافقين، أو بدلًا منهم، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [139] كاف، على القول الثاني أعني: إنَّ الذين نعت، أو بدل، وليس بوقف إن جعل «الذين» مبتدأ، والخبر «أيبتغون»؛ للفصل بين المبتدأ والخبر. {عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ} [139] جائز، عند نافع.

{جَمِيعًا (139)} [139] كاف. {فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [140] جائز. {مِثْلُهُمْ} [140] حسن، وقال أبو عمرو: تام. {جَمِيعًا (140)} [140] كاف؛ إن جعل ما بعده مبتدأ خبره «فالله يحكم بينكم»، أو خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ حذف خبره، أو نصب بتقدير: أعني، وليس بوقف إن جر نعتًا للمنافقين على اللفظ، أو تابع لهم على المحل؛ لأنَّ اسم الفاعل إذا أضيف إلى معموله جاز أن يتبع معموله لفظًا وموضعًا، تقول: هذا ضارب هند العاقلة بجر العاقلة ونصبها، لكن إن رفع «الذين يتربصون» على الابتداء، و «فالله يحكم بينكم يوم القيامة» الخبر، لا يوقف على «بكم»، ولا «معكم»، ولا على «المؤمنين»؛ لأنَّه لا يفصل بين المبتدأ والخبر بالوقف، وإن نصب أو جر ساغ الوقف على الثلاث، فيسوغ على «بكم»؛ للابتداء بالشرط، وعلى «ألم نكن معكم»؛ لانتهاء الشرط بجوابه، وللابتداء بشرط آخر، «وإن كان للكافرين نصيب» ليس بوقف؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت، وهو: «قالوا». {وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [141] حسن؛ إن جعل «الذين يتخذون» نعتًا، أو بدلًا. {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [141] حسن؛ إن جعل ما بعده عامًّا للكافرين، أي: ليس لهم حجة في الدنيا ولا في الآخرة، وليس بوقف إن جعل ذلك لهم في الآخرة فقط. {سَبِيلًا (141)} [141] تام. {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [142] حسن. {كُسَالَى} [142] كاف؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل جملة في موضع الحال، والعامل فيها «قاموا». {إِلَّا قَلِيلًا (142)} [142] كاف؛ إن نصب ما بعده بإضمار فعل على الذم، وليس بوقف إن نصب على الحال من فاعل «يراءون»، أو من فاعل «ولا يذكرون»، قال أبو زيد: مذبذبين بين الكفر والإسلام، روي في الحديث عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه قال: «مثل المنافق كمثل الشاة العائرة (¬1) بين غنمين» (¬2)، أي: المترددة إلى هذه مرة، وإلى هذه مرة، لا تدري أيهما تتبع، إذا جاءت إلى هذه نطحتها، وإذا جاءت إلى هذه نطحتها، فلا تتبع هذه ولا هذه (¬3). {وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} [143] الثانية كاف. ¬

_ (¬1) العائرة: أى المترددة الحائرة. (¬2) أخرجه أحمد (2/ 143)، برقم: (6298)، ومسلم (4/ 2146)، برقم: (2784)، والنسائى (8/ 124)، برقم: (5037). (¬3) انظر: تفسير الطبري (9/ 329)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{سَبِيلًا (143)} [143] تام. {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [144] حسن. {مُبِينًا (144)} [144] تام. {مِنَ النَّارِ} [145] حسن؛ للابتداء بالنفي. {نَصِيرًا (145)} [145] ليس بوقف؛ إذ لا يبتدأ بحرف الاستثناء، وتقدم التفصيل فيه في قوله: «إلَّا أن تتقوا منهم تقاة». {مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [146] كاف؛ للابتداء بـ «سوف»، واتفق علماء الرسم على حذف الياء من «يؤت» اتباعًا للمصحف العثماني، وحذفت في اللفظ؛ لالتقاء الساكنين، وبني الخط على ظاهر التلفظ به في الإدراج، وسوغ لهم ذلك استغناؤهم عنها؛ لانكسار ما قبلها، والعربية توجب إثباتها؛ إذ الفعل مرفوع وعلامة الرفع فيه مقدرة؛ لثقلها، فكان حقها أن تثبت لفظًا وخطًّا، إلَّا أنها حذفت؛ لسقوطها في الدرج، وكذا مثلها في: 1 - {يَقُصُّ الْحَقَّ} [الأنعام: 57]. 2 - {نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (103)} [يونس: 103]. 3 - {لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا} [الحج: 54]. 4 - {بِهَادِي الْعُمْيِ} [الروم: 53]. 5 - {إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163)} [الصافات: 163]. 6 - {يُنَادِ الْمُنَادِ} [ق: 41]. 7 - {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (5)} [القمر: 5]. كل هذه كتبت بغير ياء، والوقف عليها كما كتبت، ويعقوب أثبتها حال الوقف، ولا يمكن إثباتها حال الوصل؛ لمجيء الساكنين بعدها. {أَجْرًا عَظِيمًا (146)} [146] تام. {وَآَمَنْتُمْ} [147] حسن. {شَاكِرًا عَلِيمًا (147)} [147] تام إن قرئ: «إلَّا من ظلم» بالبناء للمفعول، وبها قرأ أبو جعفر، وشيبة، ونافع، وعاصم، وحمزة، وأبو عمرو، والكسائي، وابن كثير، وابن عامر (¬1)؛ لأنَّ موضع «من» نصب على الاستثناء، والاستثناء منقطع فعلى قراءة هؤلاء يتم الوقف على «عليما». ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 195)، الإعراب للنحاس (1/ 465)، الإملاء للعكبري (1/ 116)، البحر المحيط (3/ 382)، تفسير الطبري (9/ 343)، تفسير القرطبي (6/ 1، 3)، المحتسب لابن جني (1/ 203)، تفسير الرازي (3/ 335).

{مِنَ الْقَوْلِ} [148] ليس بوقف إن جعلت «من» فاعلًا بالجهر، كأنه قال: لا يحب الله أن يجهر بالسوء من القول إلَّا المظلوم فلا يكره جهره به، والمصدر إذا دخلت عليه أل، أو أضيف عمل عمل الفعل، وكذلك إذا نون، نحو قوله: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا} [البلد: 14، 15]، وقرأ الضحاك، وزيد بن أسلم: «إلَّا من ظَلَم» بفتح الظاء واللام (¬1)، فعلى هذه القراءة يصح في «إلَّا» الاتصال والانقطاع، ويكون من التقديم والتأخير، وكأنَّه قال: ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم إلَّا من ظلم، فعلى هذا لا يوقف على «عليمًا» (¬2). {إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [148] كاف. {عَلِيمًا (148)} [148] حسن؛ لأنَّ ما بعده متصل به من جهة المعنى. {قَدِيرًا (149)} [149] تام، ولا وقف من قوله: «إنَّ الذين يكفرون» إلى «حقًّا»، فلا يوقف على «ورسله»، ولا على «ببعض»، ولا على «سبيلًا»؛ لأنَّ خبر «إن» لم يأت، وهو «أولئك». {حَقًّا} [151] كاف. {مُهِينًا (151)} [151] تام. {أُجُورَهُمْ} [152] كاف. {رَحِيمًا (152)} [152] تام. {مِنَ السَّمَاءِ} [153] حسن. {مِنْ ذَلِكَ} [153] ليس بوقف؛ لمكان الفاء. {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [153] جائز، ومثله «بظلمهم»، و «ثم»؛ لترتيب الأخبار، لا لترتيب الفعل. {فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ} [153] حسن. {مُبِينًا (153)} [153] كاف. {فِي السَّبْتِ} [154] جائز. {غَلِيظًا (154)} [154] كاف، وقيل: تام؛ على أنَّ الباء تتعلق بمحذوف تقديره: فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم، قاله الأخفش، وقتادة، وقال الكسائي: هو متعلق بما قبله، وقول قتادة ومن تابعه أولاها بالصواب، قاله النكزاوي. {غُلْفٌ} [155] جائز. {قَلِيلًا (155)} [155] كاف، ومثله «عظيمًا»، والوقف على «ابن مريم» وقف بيان، ويبتدئ «رسول ¬

_ (¬1) وهي قراءة شاذة، ورويت أيضًا عن الحسن وابن عباس وابن جبير وابن عمر وعطاء بن السائب. انظر: المصادر السابقة. (¬2) انظر: تفسير الطبري (9/ 343)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

الله»؛ على أنه منصوب بإضمار أعني؛ لأنهم لم يقروا بأنَّ عيسى ابن مريم رسول الله، فلو وصلنا «عيسى ابن مريم» بقوله: «رسول الله» -لذهب فهم السامع إلى أنَّه من تتمة كلام اليهود الذين حكى الله عنهم، وليس الأمر كذلك، وهذا التعليل يرقيه إلى التمام؛ لأنَّه أدل على المراد، وهو من باب صرف الكلام لما يصلح له، ووصله بما بعده أولى؛ فإنَّ رسول الله عطف بيان، أو بدل، أو صفة لعيسى كما أنَّ عيسى بدل من المسيح، وأيضًا فإنَّ قولهم: «رسول الله» هو على سبيل الاستهزاء منهم به كقول فرعون: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27)} [الشعراء: 27]، وهذا غاية في بيان هذا الوقف لمن تدبر،،، ولله الحمد (¬1). {وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [157] حسن، ووقف نافع على «لفي شك منه»، أي: وما قتلوا الذي شبه لهم يقينًا أنَّه عيسى، بل قتلوه على شك، ومنهم من وقف على «ما لهم به من علم»، وجعل الاستثناء منقطعًا، ووقف على «قتلوه»، وجعل الضمير لعيسى، وابتدأ «يقينًا»، وجعل «يقينًا» متعلقًا بما بعده، أي: يقينًا لم يقتلوه، فـ «يقينًا» نعت لمصدر محذوف، فهو تقرير لنفي القتل، وليس «قتلوه» بوقف إن نصب «يقينًا» برفعه لما فيه أن ما بعد بل يعمل فيما قبلها، وذلك ضعيف، وقيل: الضمير في «قتلوه» يعود على «العلم»، أي: ما قتلوا العلم يقينًا، على حد قولهم قتلت العلم يقينًا، والرأي يقينًا، بل كان قتلهم عن ظن وتخمين، وقيل: يعود على الظن، فكأنه قيل: وما صح ظنهم، وما تحققوه يقينًا، فهو كالتهكم بهم، والذي نعتقده أنَّ المشبه هو الملك الذي كان في زمان عيسى، لما رفعه الله إليه، وفقدوه -أخرج لهم شخصًا، وقال لهم: هذا عيسى فقتله وصلبه، ولا يجوز أن يعتقد أنَّ الله ألقى شبه عيسى على واحد منهم، كما قال وهب بن منبه: لما هموا بقتل عيسى، وكان معه في البيت عشرة –قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل، ويدخل الجنة؟ فكل واحد منهم بادر، فألقى شبهه على العشرة، ورفع عيسى، فلما جاء الذين قصدوا القتل، وشبه عليهم، فقالوا: ليخرج عيسى، وإلَّا قتلناكم كلكم، فخرج واحد منهم، فقتل وصلب، وقيل: إنَّ اليهود لما هموا بقتله دخل عيسى بيتًا، فأمر الله جبريل أن يرفعه من طاق فيه إلى السماء، فأمر ملك اليهود رجلًا بإخراجه، فدخل عليه البيت فلم يجده فألقى الله شبه عيسى على ذلك الرجل، فلما خرج ظنوا أنَّه عيسى فقتلوه وصلبوه، ثم قالوا: إن كان هذا عيسى فأين صاحبنا؟ وإن كان صاحبنا فأين عيسى؟ واختلفوا فأنزل الله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [157]، وهذا وأمثاله من السفسطة، وتناسخ الأرواح الذي لا تقول به أهل السُّنَّة (¬2). {وَمَا قَتَلُوهُ} [157] تام إن جعل «يقينًا» متعلقًا بما بعده كما تقدم، أي: بل رفعه الله إليه يقينًا، وإلَّا فليس بوقف. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (9/ 363)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) انظر: المصدر السابق (9/ 367).

{بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [158] كاف، ومثله «حكيما». {قَبْلَ مَوْتِهِ} [159] جائز؛ لأنَّ قوله: «ويوم القيامة» ظرف كونه شهيد إلَّا ظرف إيمانهم، قالوا: وللاستئناف، والضمير في «به»، وفي «موته» لعيسى، وقيل: إنه في «به» لعيسى، وفي «موته» للكتابي، قالوا: وليس بموت يهودي حتى يؤمن بعيسى، ويعلم أنَّه نبي، ولكن ذلك عند المعاينة والغرغرة، فهو إيمان لا ينفعه. {شَهِيدًا (159)} [159] كاف، ولا وقف من قوله: «فبظلم» إلى قوله: «بالباطل»، فلا يوقف على «أحلت لهم»؛ لاتساق ما بعده على ما قبله، ولا على «كثيرًا»، ولا على «نهوا عنه». {بِالْبَاطِلِ} [161] حسن. {أَلِيمًا (161)} [161] تام، وقال بعضهم: ليس بعد قوله: «فبما نقضهم» وقف تام إلى «أليما» على تفصيل في لكن، إذا كان بعدها جملة صلح الابتداء كما هنا، وإذا تلاها مفرد فلا يصلح الابتداء بها. {وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} [162] حسن إن نصب ما بعده على المدح، أي: أمدح المقيمين، وإنما قطعت هذه الصفة عن بقية الصفات؛ لبيان فضل الصلاة على غيرها، وهو قول سيبويه، والمحققين، وليس بوقف إن عطف على «بما أنزل إليك»، أي: يؤمنون بالكتب وبالمقيمين، أو عطف على «ما من» قوله: «وما أنزل من قبلك» فإنها في موضع جر، أو عطف على الضمير في «منهم». {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} [162] حسن؛ على استئناف ما بعده بالابتداء، والخبر فيما بعده، أو جعل خبر مبتدأ محذوف، أي: هم المؤتون، وليس بوقف إن عطف على «الراسخون». {وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ} [162] كاف؛ إن جعل «أولئك» مبتدأ وخبر، وليس بوقف إن جعل خبر «الراسخون». {أَجْرًا عَظِيمًا (162)} [162] تام. {مِنْ بَعْدِهِ} [163] كاف، وتام عند نافع. {وَسُلَيْمَانَ} [163] حسن، ومثله «زبورًا» إن نصب «رسلًا» بإضمار فعل يفسره ما بعده، أي: قصصنا رسلًا عليك، أي: قصصنا أخبارهم، فهو على حذف مضاف، فهو من باب الاشتغال، وجملة «قد قصصناهم» مفسرة لذلك الفعل المحذوف، وليس بوقف إن عطف على معنى ما قبله؛ لأنَّ معناه: إنا أوحينا إليك وبعثنا رسلًا، وقرأ الجمهور (¬1): «زَبورًا» بفتح الزاي جمع جمع؛ لأنك تجمع زبورًا زبرًا، ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 169)، الإملاء للعكبري (1/ 118)، البحر المحيط (3/ 397)، التيسير (ص: 98)، تفسير الطبري (9/ 401)، تفسير القرطبي (6/ 17)، الحجة لابن خالويه (ص: 128)، الحجة لابن زنجلة (ص: 219)، السبعة (ص: 240)، الغيث للصفاقسي (ص: 197)، الكشاف (1/ 313)، الكشف للقيسي (1/ 402، 403)، تفسير الرازي (3/ 343)، النشر (2/ 253).

ثم تجمع زبرًا زبورًا، وقرأ حمزة (¬1): بضم الزاي جمع زبر، وهو الكتاب يعني: أنه في الأصل مصدر على فعل جمع على فعول، نحو: فلس وفلوس، فهو مصدر واقع موقع المفعول به، وقيل: على قراءة العامة جمع: زبور، على حذف الزوائد يعني: حذفت الواو منه، فصار زبر، كما قالوا: ضرب الأمير ونسج اليمن، قاله أبو علي الفارسي (¬2). {عَلَيْكَ} [164] حسن، ومثله «تكليمًا» إن نصب «رسلًا» على المدح، وليس بوقف إن نصب ذلك على الحال من مفعول «أوحينا»، أو بدلًا من «رسله» قبله؛ لأنه تابع لهم، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {بَعْدَ الرُّسُلِ} [165] كاف. {حَكِيمًا (165)} [165] تام؛ لأنَّ «لكن» إذا كان بعدها ما يصلح جملة -صلح الابتداء بما بعدها، كذا قيل. {بِعِلْمِهِ} [166] صالح؛ لأنَّ ما بعده يصلح أن يكون مبتدأ، وحالًا مع اتحاد المقصود. {يَشْهَدُونَ} [166] حسن. {شَهِيدًا (166)} [166] تام. {بَعِيدًا (167)} [167] كاف. {طَرِيقًا (168)} [168] ليس بوقف إن أريد بالطريق الأولى العموم، وكان استثناء متصلًا، وإن أريد بها شيئًا خاصًّا وهو العمل الصالح -كان منقطعًا. {أَبَدًا} [169] كاف. {يَسِيرًا (169)} [169] تام؛ للابتداء بعد بالنداء. {خَيْرًا لَكُمْ} [170] حسن. {وَالْأَرْضِ} [170] كاف. ¬

_ (¬1) انظر: المصادر السابقة. (¬2) الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي الأصل، أبو علي: أحد الأئمة في علم العربية، ولد في فسا (من أعمال فارس)، ودخل بغداد سنة (307 هـ)، وتجول في كثير من البلدان، وفدم حلب سنة (341 هـ)، فأقام مدة عند سيف الدولة، وعاد إلى فارس، فصحب عضد الدولة ابن بويه، وتقدم عنده، فعلمه النحو، وصنف له كتاب: الإيضاح -في قواعد العربية، ثم رحل إلى بغداد فأقام إلى أن توفي بها، كان متهما بالاعتزال، وله شعر قليل، من كتبه: التذكرة -في علوم العربية، وتعاليق سيبويه، والشعر، والحجة -في علل القراءات، وجواهر النحو، والإغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني، والمقصور والممدود، والعوامل -في النحو، وسئل في حلب وشيراز وبغداد والبصرة أسئلة كثيرة فصنف في أسئلة كل بلد كتابا، منها المسائل الشيرازية، والمسائل البصريات (ت 377 هـ). انظر: الأعلام للزركلي (2/ 179).

{حَكِيمًا (170)} [170] تام. {إِلَّا الْحَقَّ} [171] كاف. {رَسُولُ اللَّهِ} [171] حسن. {وَكَلِمَتُهُ} [171] أحسن مما قبله إن عطف «وروح منه» على الضمير المرفوع في «ألقاها»، وليس بوقف إن جعل «ألقاها» نعتًا لقوله: «وكلمته»، وهي معرفة، والجملة في تأويل النكرة، وفي موضع الحال من الهاء المجرورة، والعامل فيها معنى الإضافة، أي: وكلمة الله ملقيًا إياها، وقيل: «ألقاها» لا يصلح نعتًا لـ «كلمته»؛ لما ذكر، ولا حالًا لعدم العامل، فكان استئنافًا مع أنَّ الكلام متحد، ومن غريب ما يحكى: أن بعض النصارى ناظر عليَّ بن الحسين بن واقد المروزي، وقال: في كتاب الله ما يشهد أنَّ عيسى جزء من الله، وتلا: «وروح منه»، فعارضه ابن واقد بقوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13]، وقال: يلزم أن تكون تلك الأشياء جزأ من الله تعالى، وهو محال بالاتفاق، فانقطع النصراني وأسلم، وروي عن أبيِّ بن كعب أنه قال: لما خلق الله أرواح بني آدم أخذ عليهم الميثاق، ثم ردها إلى صلب آدم، وأمسك عنده روح عيسى، فلما أراد خلقه أرسل ذلك الروح إلى مريم، فكان منه عيسى، فلهذا قال: «وروح منه»، ومعنى كون عيسى روح الله: أنَّ جبريل نفخ في درع مريم بأمر الله، وإنَّما سمى النفخ روحًا؛ لأنَّه ريح يخرج عن الروح، قاله بعض المفسرين، أو أنه ذو روح، وأضيف إلى الله تشريفًا (¬1). {وَرُوحٌ مِنْهُ} [171] تام؛ لأنه آخر القصة. {فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [171] جائز، ومثله «ثلاثة»، أي: هم ثلاثة؛ فالنصارى زعموا أن الأب إله، والابن إله، والروح إله، والكل إله واحد، وهذا معلوم البطلان ببديهة العقل أنَّ الثلاثة لا تكون واحدًا، وأنَّ الواحد لا يكون ثلاثة. {خَيْرًا لَكُمْ} [171] حسن، وقيل: كاف، وقيل: تام. {إِلَهٌ وَاحِدٌ} [171] حسن، ووقف نافع على «سبحانه»، وخولف في ذلك؛ لأنَّ «أن» متعلقة بما قبلها. {وَلَدٌ} [171] تام، ولا يجوز وصله بما بعده؛ لأنه لو وصله لصار صفة له، فكان المنفي ولدًا موصوفًا بأنه يملك السموات والأرض، والمراد: نفي الولد مطلقًا. {وَمَا فِي الْأَرْضِ} [171] كاف. {وَكِيلًا (171)} [171] تام. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (9/ 415)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{الْمُقَرَّبُونَ} [172] كاف؛ للشرط بعده. {جَمِيعًا (172)} [172] تام. {مِنْ فَضْلِهِ} [173] كاف. {عَذَابًا أَلِيمًا} [173] ليس بوقف؛ لعطف ما بعده على ما قبله. {وَلَا نَصِيرًا (173)} [173] تام، وكذا «مبينًا»، ولا وقف من قوله: «فأما الذين» إلى «مستقيمًا»، فلا يوقف على «واعتصموا به»، ولا على «وفضل»؛ لاتساق ما بعدهما على ما قبلهما. {مُسْتَقِيمًا (175)} [175] تام. {فِي الْكَلَالَةِ} [176] كاف؛ على استئناف ما بعده؛ لأنَّ «في الكلالة» متعلق بـ «يفتيكم»، وهو من أعمال الثاني؛ لأنَّ «في الكلالة» يطلبها «يستفتونك»، و «يفتيكم» فأعمل الثاني، ورسم الهمداني «يستفتونك» بالحسن تبعًا لبعضهم تقليدًا، ولم يدعمه بنقل يبين حسنه، ومقتضى قواعد هذا الفن إنه لا يجوز؛ لأنَّ جهتي الأعمال مثبتة إحداهما بالأخرى، فلو قلت: ضربني زيد وسكت، ثم قلت: وضربت زيدًا -لم يجز، ونظيره في شدة التعلق قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا} [المائدة: 10]، {آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)} [96] فـ «قطرًا» منصوب بـ «أفرغ» على إعمال الثاني؛ إذ تنازعه «آتوني»، و «أفرغ»، ... {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 5] فـ «يستغفر» مجزوم على جواب الأمر، و «رسول الله» يطلبه عاملان: أحدهما: «يستغفر». ... والآخر: «تعالوا»، فأعمل الثاني عند البصريين، ولذلك رفعه، ولو أعمل الأول لكان التركيب: تعالوا يستغفر لكم إلى رسول الله اهـ أبو حيان بزيادة للإيضاح، وهذا غاية في بيان ترك هذا الوقف،،، ولله الحمد (¬1) {نِصْفُ مَا تَرَكَ} [176] كاف؛ لأنَّ ما بعده مبتدأ. {إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [176] حسن. {مِمَّا تَرَكَ} [176] كاف؛ للابتداء بالشرط بحكم جامع للصنفين. {الْأُنْثَيَيْنِ} [176] حسن. {أَنْ تَضِلُّوا} [176] كاف، ووقف يعقوب على قوله: «يبين الله لكم»، وخولف في ذلك؛ لأنَّ «أن» متعلقة بما قبلها على قول الجماعة، وحمله البصريون على حذف مضاف، أي: يبين الله لكم كراهة أن تضلوا، وحمله الكوفيون على حذف لا بعد «أن»، أي: لئلَّا تضلوا، ونظيرها: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: 41] أي: لئلَّا تزولا، فحذفوا إلَّا بعد أن، وحذفها شائع ذائع قال الشاعر: ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (9/ 430)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

رَأَيْنَا مَا رَأَى البُصَرَاءُ مِنْهَا ... فَآلَيْنَا عَلَيْهَا أن تُبَاعَا (¬1) أي: أن لا تباعا، وقيل: مفعول البيان محذوف، أي: يبين الله لكم الضلالة؛ لتجتنبوها؛ لأنه إذا بين الشر اجتنب، وإذا بين الخير ارتكب؛ فالوقف على هذه الأقوال كلها على قوله: «أن تضلوا». وعلى آخر السورة تام، ورسموا «إن امرؤا» بواو وألف، ومثله الربوا حيث وقع، كما مر التنبيه عليه. ¬

_ (¬1) البيت من بحر الوافر، وقائله القطامي التغلبي، والبيت جاء في قصيدة له يقول في مطلعها: قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ضُباعا ... ولا يَكُ مَوقِفٌ مِنك الوَداعا القطامي التغلبي (? - 130 هـ /? - 747 م) عُمير بن شُييم بن عمرو بن عبّاد، من بني جُشَم بن بكر، أبو سعيد، التغلبي الملقب بالقطامي، شاعر غزل فحل، كان من نصارى تغلب في العراق، وأسلم، وجعله ابن سلّام في الطبقة الثانية من الإسلاميين، وقال: الأخطل أبعد منه ذكرًا وأمتن شعرًا، وأورد العباسي (في معاهد التنصيص) طائفة حسنة من أخباره يفهم منها أنه كان صغيرًا في أيام شهرة الأخطل، وأن الأخطل حسده على أبيات من شعره. ونقل أن القطامي أول من لُقب (صريع الغواني) بقوله: صريع غوان راقهنّ ورقنه ... لدن شبَّ حتى شاب سود الذوائب من شعره البيت المشهور: قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل له: ديوان شعر، والقطامي: بضم القاف وفتحها. قال الزبيدي: الفتح لقيس، وسائر العرب يضمون.-الموسوعة الشعرية

سورة المائدة

سورة المائدة مدنية إلَّا بعض آية منها، نزلت عشية عرفة يوم الجمعة، وهو قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [3]. -[آيها:] وهي مائة وعشرون آية في المكي، واثنتان وعشرون في المدني والشامي، وعشرون وثلاث آيات في البصري. - وكلمها: ألف وثمانمائة وأربع كلمات. - وحروفها: أحد عشر ألفًا وسبعمائة وثلاثة وثلاثون حرفًا. وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودًا بإجماع خمسة مواضع: 1 - {اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} [12]. 2 - {جَبَّارِينَ} [22]. 3 - {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ} [41]. 4 - {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [50]. 5 - {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ} [107] على قراءة من قرأ بالجمع (¬1). {بِالْعُقُودِ} [1] تام؛ للاستئناف بعده. {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [1] ليس بوقف؛ لأنَّه غير منصوب على الحال من الواو في «أوفوا»، أو من الكاف في «أحلت لكم». {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [1] كاف، وقال نافع: تام. {مَا يُرِيدُ (1)} [1] تام. {وَرِضْوَانًا} [2] حسن، ومثله «فاصطادوا»، ورسموا «غير محلي الصيد»، و «غير معجزي الله» في الموضعين، و «المقيمي الصلاة» بياء، وكان الأصل: محلين الصيد، وغير معجزين الله، والمقيمين الصلاة، فسقطت النون؛ للإضافة، وسقطت الياء؛ لسكونها وسكون اللام، ولا وقف من قوله: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ} [2] إلى {أَنْ تَعْتَدُوا} [2] فلا يوقف على «المسجد الحرام». والوقف على: «تعتدوا»، و «التقوى»، و «والعدوان»، و «واتقوا الله» كلها حسان. ¬

_ (¬1) قرأ حمزة وشعبة عن عاصم وخلف، ويعقوب: {الأَوَّلِينَ} [107] بتشديد الواو وكسر اللام وفتح النون على الجمع؛ على أنه جمع أول والتقدير: من الأولين الذين استحق عليهم الإيصاء أو الإثم فيكون على البدل من الذين استحق. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 203)، الإعراب للنحاس (1/ 257)، البحر المحيط (4/ 45)، تفسير القرطبي (6/ 359) المعاني للفراء (1/ 324)، تفسير الرازي (3/ 463) النشر (2/ 256).

وقال أبو عمرو في الأربعة: كاف. {الْعِقَابِ (2)} [2] تام، ولا وقف من قوله: «حرمت عليكم» إلى «الأزلام»؛ فلا يوقف على «به»، ولا على «أكل السبع»، ولا على «ما ذكيتم»، ولا على «النصب»؛ لاتساق بعضها على بعض. {بِالْأَزْلَامِ} [3] حسن. {فِسْقٌ} [3] أحسن منه، وقال أحمد بن موسى، ومحمد بن عيسى: تام، وقال الفراء: «ذلكم فسق» انقطع الكلام عنده. حكي أنه قيل للكندي: أيها الحكيم! اعمل لنا مثل هذا القرآن، فقال: نعم أعمل لكم مثل بعضه، فاحتجب أيامًا، ثم خرج فقال: والله لا يقدر أحد على ذلك؛ إنِّي افتتحت المصحف، فخرجت سورة المائدة فإذا هو نطق بالوفاء، ونهي عن النكث، وحلل تحليلًا عامًّا، ثم استثنى بعد استثناء، ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين. {مِنْ دِينِكُمْ} [3] جائز، وكذا «واخشون»، وقال أبو عمرو في الأول: تام، وفي الثاني: كاف. {دِينًا} [3] حسن. {لِإِثْمٍ} [3] ليس بوقف؛ لاتصال الجزاء بالشرط. {رَحِيمٌ (3)} [3] تام. {أُحِلَّ لَهُمْ} [4] حسن؛ فصلًا بين السؤال والجواب، وقيل: لا يوقف عليه حتى يؤتى بالجواب. {الطَّيِّبَاتُ} [4] ليس بوقف للعطف؛ فإن التقدير: وصيد ما علمتم، بحذف المضاف، قاله السجاوندي. {مُكَلِّبِينَ} [4] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل في موضع الحال من الضمير في «مكلبين»، و «مكلبين» حال من الضمير في «علمتم» فلا يوقف على ذلك كله، وفي الحديث: «إذا أرسلت كلبك فأمسك فكل، وإن أكل فلا تأكل، وإذا لم ترسله فأخذ وقتل فلا يكون حلالًا إلَّا أن تدركه حيًّا فتذبحه فحلال» (¬1). {مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [4] حسن. {اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [4] كاف. {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [4] أكفى منه. {الْحِسَابِ (4)} [4] تام. ¬

_ (¬1) أخرج نحوه أحمد (4/ 193، رقم: 17772)، والبخاري (5/ 2090، رقم: 5170)، ومسلم (3/ 1532، رقم: 1930)، وأبو داود (3/ 109، رقم: 2852)، والترمذي (4/ 255، رقم: 1797)، وقال: حسن صحيح، والنسائى (7/ 181، رقم: 4266).

{الطَّيِّبَاتُ} [5] كاف؛ لأنَّ ما بعده مبتدأ خبره «حل لكم»، ومثله «وطعامكم حلَّ لهم» إن جعل «والمحصنات» مستأنفًا، وليس بوقف إن عطف على «الطيبات»، ولا يوقف على شيء بعده إلى «أخدان». والوقف على «أخدان» تام عند أحمد بن موسى؛ للابتداء بعدُ بالشرط، قيل: المراد بالإيمان: المؤمن به، وهو الله تعالى وصفاته، وما يجب الإيمان به فهو مصدر واقع موقع المفعول كضرب الأمير، ونسج اليمن، وقيل: ثَم محذوف، أي: بموجب الإيمان، وهو الله سبحانه وتعالى. {فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [5] جائز. {مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)} [5] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء. {بِرُءُوسِكُمْ} [6] جائز، لمن قرأ (¬1): «وأرجلَكم» بالنصب عطفًا على «فاغسلوا وجوهكم وأيديكم»؛ إيذانًا بأنَّ فرض الرجلين الغسل، لا المسح وهو الثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث المتواترة (¬2). {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [6] حسن؛ لابتداء شرط في ابتداء حكم. {فَاطَّهَّرُوا} [6] كاف، ولا وقف من قوله: «وإن كنتم مرضى» إلى «وأيديكم منه»؛ فلا يوقف على «سفر»، ولا على «الغائط»، ولا على «طيبًا»؛ لاتساق الكلام بعضه ببعض. {وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [6] تام عند نافع، والأخفش؛ للابتداء بالنفي. {مِنْ حَرَجٍ} [6] ليس بوقف؛ لحرف الاستدراك بعده. {تَشْكُرُونَ (6)} [6] حسن. {وَاثَقَكُمْ بِهِ} [7] ليس بوقف؛ لأنَّ «إذ» ظرف المواثقة. {وَأَطَعْنَا} [7] حسن. {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [7] أحسن منه. {الصُّدُورِ (7)} [7] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء. {بِالْقِسْطِ} [8] صالح، وتام عند نافع. ¬

_ (¬1) وهي قراءة نافع وابن عامر وحفص والكسائي ويعقوب، وقرأ الباقون بالكسر. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 198)، البحر المحيط (3/ 438)، تفسير القرطبي (6/ 91)، الكشاف (1/ 326). (¬2) ومن ذلك ماروي عن ابن أبي مليكة قال: رأيت عثمان بن عفان سُئل عن الوضوء فدعا بماء فأتي بميضأة فأصغاها على يده اليمنى، ثم أدخلها في الماء فتمضمض ثلاثا، وأستنثر ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يده اليمنى ثلاثا، وغسل يده اليسرى ثلاثا، ثم أدخل يده فمسح برأسه وأذنيه، فغسل بطونهما وظهورهما مرة واحدة، ثم غسل رجليه، ثم قال: أين السائلون عن الوضوء؟ هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ. أخرجه أبو داود باب وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم: (108).

{أَلَّا تَعْدِلُوا} [8] كاف، ومثله «للتقوى». {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [8] أكفى منهما، والوقوف إذا تقاربت يوقف على أحسنها، ولا يجمع بينها. {بِمَا تَعْمَلُونَ (8)} [8] تام، ومثله «الصالحات»، وإنَّما كان تامًّا؛ لأنَّ قوله: «لهم مغفرة» بيان وتفسير للوعد، كأنَّه قدم لهم وعدًا، فقيل: أي شيء وعده لهم؟ فقيل: لهم مغفرة وأجر عظيم، قاله الزمخشري، وقال أبو حيان: الجملة مفسّرة لا موضع لها من الإعراب، و «وعد» يتعدى لمفعولين: أولهما الموصول، وثانيهما: محذوف تقديره: الجنة، والجملة مفسرة لذلك المحذوف تفسير السبب للمسبب؛ لأنَّ الجنة مترتبة على الغفران وحصول الأجر، وكونها بيانًا أولى؛ لأنَّ تفسير الملفوظ به أولى من ادعاء تفسير شيء محذوف، وهذا غاية في بيان هذا الوقف، ولله الحمد، انظر: أبا حيان. {عَظِيمٌ (9)} [9] تام، ومثله «الجحيم». {عَنْكُمْ} [11] حسن. {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [11] أحسن منه. كل ما في كتاب الله من ذكر «نعمة» فهو بالهاء إلَّا أحد عشر موضعًا فهو بالتاء المجرورة، وهي: 1 - {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 231]. 2 - {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 103]. 3 - {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 11]. 4 - {بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ} [إبراهيم: 28]. 5 - {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]. 6 - {وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ} [النحل: 72]. 7 - {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ} [النحل: 83]. 8 - {وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ} [النحل: 114]. 9 - {بِنِعْمَةِ اللَّهِ} [لقمان: 31]. 10 - {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ} [فاطر: 3]. 11 - {بِنِعْمَةِ رَبِّكَ} [الطور: 29]. {الْمُؤْمِنُونَ (11)} [11] تام. {بَنِي إِسْرَائِيلَ} [12] جائز؛ للعدول عن الإخبار إلى الحكاية. {نَقِيبًا} [12] جائز؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله؛ لأنه عدول عن الحكاية إلى الإخبار، عكس ما قبله. {إِنِّي مَعَكُمْ} [12] تام؛ للابتداء بلام القسم، وجوابه: «لأكفرن».

{الْأَنْهَارُ} [12] حسن، وقيل: كاف. {السَّبِيلِ (12)} [12] تام. {لَعَنَّاهُمْ} [13] جائز؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله. {قَاسِيَةً} [13] جائز، وقيل: كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع نصب على الحال من الهاء في «لعناهم»، وهو العامل في الحال، أي: لعناهم محرفين، وعليه فلا يوقف عليه، ولا على ما قبله؛ لأنَّ العطف يصير الشيئين كالشيء الواحد. {عَنْ مَوَاضِعِهِ} [13] حسن، ومثله «ذكروا به»، وقال نافع: تام. {إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} [13] حسن، ومثله «واصفح». {الْمُحْسِنِينَ (13)} [13] تام عند الأخفش؛ على أنَّ ما بعده منقطع عما قبله؛ لأنه في ذكر أخذ الميثاق على النصارى؛ وهو الإيمان بالله، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ كان ذكره موجودًا في كتبهم، كما قال تعالى: {يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ} [الأعراف: 157]، وإنما كان تامًّا؛ لأنَّ قوله: «ومن الذين» متعلق بمحذوف؛ على أنه خبر مبتدأ محذوف قامت صفته مقامه، والتقدير: ومن الذين قالوا إنا نصارى قوم أخذنا ميثاقهم؛ فالضمير في «ميثاقهم» يعود على ذلك المحذوف، وهذا وجه من خمسة أوجه في إعرابها، ذكرها السمين، فانظرها إن شئت. {مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [13] الثاني جائز. {يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [14] كاف. {يَصْنَعُونَ (14)} [14] تام. {عَنْ كَثِيرٍ} [15] كاف، وقال أبو عمرو: تام، وهو رأس آية عند البصريين. {مُبِينٌ (15)} [15] كاف؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع رفع نعتًا لـ «كتاب»، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {سُبُلَ السَّلَامِ} [16] حسن، وقيل: تام. {بِإِذْنِهِ} [16] كاف؛ على استئناف ما بعده. {مُسْتَقِيمٍ (16)} [16] تام. {ابْنُ مَرْيَمَ} [17] الأول كاف. {جَمِيعًا} [17] تام. {وَمَا بَيْنَهُمَا} [17] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده خبرًا بعد خبر، على القول به بمعنى: أنَّه مالك وخالق. {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [17] كاف.

{قَدِيرٌ (17)} [17] تام. {وَأَحِبَّاؤُهُ} [18] حسن. {بِذُنُوبِكُمْ} [18] كاف؛ لتناهي الاستفهام. {مِمَّنْ خَلَقَ} [18] تام عند نافع، على استئناف ما بعده. {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} [18] كاف، ومثله و «ما بينهما». {وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)} [18] تام. {عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ} [19] ليس بوقف؛ لتعلق «إن» بما قبلها. {وَلَا نَذِيرٍ} [19] حسن، بجر «نذير» على لفظ «بشير»، ولو قرئ برفعه مراعاة لمحله لجاز؛ لأنَّ من في «من بشير» زائدة وهو فاعل بقوله: «ما جاءنا»، ولكن القراءة سنة متبعة، وليس كل ما تجوّزه العربية تجوز القراءة به. {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} [19] كاف. {قَدِيرٌ (19)} [19] تام، إن علق «إذ» باذكر مقدرًا مفعول به. {عَلَيْكُمْ} [20] ليس بوقف؛ لتعلق «إذ» بما قبلها. {مُلُوكًا} [20] حسن، إن جعل ما بعد لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهو قول سعيد بن جبير، وليس بوقف لمن قال: إنَّه لقوم موسى، وهو قول مجاهد، يعني بذلك: المنِّ، والسلوى، وانفلاق البحر، وانفجار الحجر، والتظليل بالغمام، وعليه فلا يوقف على ملوكًا؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله (¬1). {مِنَ الْعَالَمِينَ (20)} [20] كاف. {كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [21] حسن، ومثله «خاسرين»، و «جبارين»، و «حتى يخرجوا منها» كلها حسان. {دَاخِلُونَ (22)} [22] كاف. {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا} [23] ليس بوقف؛ لأنَّه لا يوقف على القول دون المقول، وهو: «ادخلوا عليهم الباب». {عَلَيْهِمُ الْبَابَ} [23] كاف، وكذا «غالبون» وهو رأس آية عند البصريين. {مُؤْمِنِينَ (23)} [23] كاف. {مَا دَامُوا فِيهَا} [24] جائز. {قَاعِدُونَ (24)} [24] كاف، واعلم أنَّ في «وأخي» ستة أوجه: ثلاثة من جهة الرفع، واثنان من جهة النصب، وواحد من جهة الجر. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (10/ 159)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

فالأول من أوجه الرفع: عطفه على الضمير في «أملك»، ذكره الزمخشري، وجاز ذلك؛ للفصل بينهما بالمفعول المحصور، ويلزم من ذلك أنَّ «موسى وهارون» لا يملكان إلَّا نفس موسى فقط، وليس المعنى على ذلك، بل الظاهر أن موسى يملك أمر نفسه وأمر أخيه، أو المعنى: وأخي لا يملك إلا نفسه، لا يملك بني إسرائيل. وقيل: لا يجوز؛ لأنَّ المضارع المبدوء بالهمز لا يرفع الاسم الظاهر لا تقل: أقوم زيد، الثاني: عطفه على محل «إن» واسمها، أي: وأخي كذلك، أي: لا يملك إلا نفسه كما في قوله: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3]، وكما في قوله: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ} [45] بالرفع على قراءة الكسائي (¬1)، فقوله: «بالنفس» متعلق بمحذوف خبر. الثالث: أن «وأخي» مبتدأ حذف خبره، أي: «وأخي» كذلك لا يملك إلا نفسه، فقصته كقصتي، والجملة في محل رفع خبر، قاله محمد بن موسى اللؤلؤي، وخولف في ذلك؛ لأنَّ المعنى: إنَّ قوم موسى خالفوا عليه إلَّا هارون وحده. الوجه الأول من وجهي النصب: أنه عطف على اسم «إنَّ». والثاني: أنه عطف على «نفسي» الواقع مفعولًا لـ «أملك». السادس: أنه مجرور عطفًا على الياء المخفوضة بإضافة النفس، على القول بالعطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، وهذا الوجه لا يجيزه البصريون؛ فمن وقف على «نفسي»، وقدَّر: وأخي مبتدأ حذف خبره، أي: وأخي كذلك لا يملك إلَّا نفسه -فوقفه تام، ومن وقف على «وأخي» عطفًا على نفسي، أو عطفًا على الضمير في «أملك»، أي: لا أملك أنا وأخي إلَّا أنفسنا، أو على اسم «إن»، أي: أني وأخي -كان حسنًا، وهذا غاية في بيان هذا الوقف،،، ولله الحمد (¬2) {الْفَاسِقِينَ (25)} [25] كاف؛ لأنَّه آخر كلام موسى - عليه السلام -، يبنى الوقف على قوله: «عليهم»، أو على «سنة»، والوصل على اختلاف أهل التأويل في «أربعين»، هل هي ظرف للتيه بعده، أو للتحريم قبله؟! فمن قال: إنَّ التحريم مؤبد، وزمن التيه: أربعون سنة وقف على «محرمة عليهم»، ويكون على هذا «أربعين» منصوبًا على الظرف، والعامل فيه «يتيهون»، ومن قال: إن زمن التحريم، والتيه أربعون سنة، فـ «أربعين» منصوب بـ «محرمة» وقف على «يتيهون في الأرض»، على أن «يتيهون» في موضع ¬

_ (¬1) قرأ الكسائي: {وَالْعَيْنَ}، {وَالأَنْفَ}، {وَالأُذُنَ}، {وَالسِّنَّ} [45] بالرفع فيهن؛ وقرأ الباقون بالنصب؛ وجه من قرأ بالرفع فيهن فذلك على الاستئناف والواو عاطفة جملا اسمية على (أن) وما في حيزها باعتبار المعنى والمحل مرفوع، كأنه قيل: وكتبنا عليهم النفس بالنفس والعين بالعين ... ووجه من قرأ بنصب الكلمات الخمس عطفًا على اسم (أن) لفظًا، والجار والمجرور بعده خبر. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 200)، الإعراب للنحاس (1/ 499)، الإملاء للعكبري (1/ 126)، البحر المحيط (3/ 494). (¬2) انظر: تفسير الطبري (10/ 184)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

الحال، فإن جعل مستأنفًا جاز الوقف على «أربعين سنة»، وهذا قول ابن عباس، وغيره، وقال يحيى بن نصير النحوي: إن كانوا دخلوا الأرض المقدسة بعد الأربعين -فالوقف على «سنة»، ثم حللها لهم بعد الأربعين، وإن لم يكونوا دخلوها بعد الأربعين -فالوقف على «محرمة عليهم» اهـ، وقيل: إنهم أقاموا في التيه أربعين سنة، ثم سار موسى ببني إسرائيل، وعلى مقدمته يوشع بن نون وكالب، حتى قتل من الجبارين عوج بن عنق، فقفز موسى في الهواء عشرة أذرع وطول عصاه عشرة أذرع، فبلغ كعبه فضربه فقتله، وقال محمد بن إسحاق: سار موسى ببني إسرائيل ومعه كالب زوج مريم أخت موسى، وتقدم يوشع ففتح المدينة، ودخل فقتل عوجًا، وقال قوم: إنَّ موسى وهارون ما كانا مع بني إسرائيل في التيه؛ لأنَّ التيه كان عقوبة، وإنَّما اختصت العقوبة ببني إسرائيل لعتوهم وتمردهم، كما اختصت بهم سائر العقوبات التي عوقبوا بها على يد موسى، وكان موسى قال: «فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين»، وكان قدر التيه ستة فراسخ، قال أبو العالية: وكانوا ستمائة ألف، سماهم الله فاسقين بهذه المعصية، قال النكزاوي: ولا عيب في ذكر هذا؛ لأنَّه من متعلقات هذا الوقف، والحكمة في هذا العدد أنهم عبدوا العجل أربعين يومًا، فجعل لكل يوم سنة، فكانوا يسيرون ليلهم أجمع حتى إذا أصبحوا إذا هم في الموضع الذي ابتدءوا منه، ويسيرون النهار جادين حتى إذا أمسوا إذا هم بالموضع الذي ارتحلوا عنه (¬1). {يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} [26] كاف. {الْفَاسِقِينَ (26)} [26] تام. {بِالْحَقِّ} [27] حسن إن علق «إذ» باذكر مقدرًا، وليس بوقف إن جعل ظرفًا لقوله: «اتل»؛ لأنَّه يصير الكلام محالًا؛ لأنَّ «إذ» ظرف لما مضى، لا يعمل فيه اذكر؛ لأنَّه مستقبل، بل التقدير: اذكر ما جرى لابني آدم وقت كذا. {مِنَ الْآَخَرِ} [27] جائز. {لَأَقْتُلَنَّكَ} [27] حسن. {مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)} [27] كاف. {لَأَقْتُلَنَّكَ} [27] جائز. {رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)} [28] كاف. {النَّارِ} [29] حسن. {الظَّالِمِينَ (29)} [29] كاف، وكذا «من الخاسرين». {فِي الْأَرْضِ} [31] ليس بوقف؛ للام العلة بعده. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (10/ 187)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{سَوْأَةَ أَخِيهِ} [31] حسن. {سَوْأَةَ أَخِي} [31] صالح. {مِنَ النَّادِمِينَ (31)} [31]، و {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} [32] وقفان جائزان. والوقوف إذا تقاربت يوقف على أحسنها، ولا يجمع بينها، وتعلق من أجل ذلك يصلح بقوله: «فأصبح»، ويصلح بقوله: «كتبنا»، وأحسنها «النادمين»، وإن تعلق «من أجل ذلك» بـ «كتبنا»، أي: من أجل قتل قابيل أخاه كتبنا على بني إسرائيل؛ فلا يوقف على الصلة دون الموصول، قال أبو البقاء: لأنَّه لا يحسن الابتداء بـ «كتبنا» هنا، ويجوز تعلقه بما قبله، أي: فأصبح نادمًا بسبب قتله أخاه وهو الأولى، أو بسبب حمله؛ لأنَّه لما قتله وضعه في جراب، وحمله أربعين يومًا حتى أروح، فبعث الله غرابين فاقتتلا، فقتل أحدهما الآخر، ثم حفر بمنقاره ورجليه مكانًا، وألقاه فيه وقابيل ينظر فندمه من أجل أنَّه لم يواره -أظهر لكن يعارضه خبر الندم توبة؛ إذ لو ندم على قتله لكان توبة، «والتائب من الذنب كمن لا ذنب له»؛ فندمه إنَّما كان على حمله لا على قتله، كذا أجاب الحسين بن الفضل لما سأله عبد الله بن طاهر والي خراسان، وسأله عن أسئلة غير ذلك، انظر: تفسير الثعالبي، وحينئذ فالوقف على «النادمين» هو المختار (¬1). والوقف على {النَّادِمِينَ (31)} [31] تام. {قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [32] كاف؛ للابتداء بالشرط. {أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [32] حسن، وقال الهمداني: تام في الموضعين. {بِالْبَيِّنَاتِ} [32] جائز؛ لأنَّ «ثم» لترتيب الأخبار. {لَمُسْرِفُونَ (32)} [32] تام. {فَسَادًا} [33] ليس بوقف؛ لفصله بين المبتدأ، وهو «جزاء»، وخبره وهو «أن يقتلوا». {مِنَ الْأَرْضِ} [33] كاف، ومثله «في الدنيا»، و «عظيم» فيه التفصيل السابق. {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} [34] جائز؛ لتناهي الاستثناء مع فاء الجواب. {رَحِيمٌ (34)} [34] تام؛ للابتداء بعدُ بـ «يا» النداء. {الْوَسِيلَةَ} [35] جائز، ومثله «في سبيله»، قال النكزاوي: والأولى وصله؛ لأنَّه لا يحسن الابتداء بحرف الترجي؛ لأنَّ تعلقه كتعلق لام كي. {تُفْلِحُونَ (35)} [35] تام. {يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [36] ليس بوقف. {مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ} [36] كاف؛ لتناهي خبر «إن». ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (10/ 231)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{أَلِيمٌ (36)} [36] تام، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال من قوله: «ليفتدوا»، وهو العامل في الحال. {مِنْهَا} [37] كاف. {مُقِيمٌ (37)} [37] تام. {مِنَ اللَّهِ} [38] كاف، ومثله «حكيم»، وكذا «يتوب عليه». {رَحِيمٌ (39)} [39] تام؛ للاستفهام بعدُ. {وَالْأَرْضِ} [40] جائز. {لِمَنْ يَشَاءُ} [40] كاف. {قَدِيرٌ (40)} [40] تام. {فِي الْكُفْرِ} [41] ليس بوقف. {قُلُوبُهُمْ} [41] حسن، وقال أبو عمرو: كاف على أنَّ «سماعون» مبتدأ، وما قبله خبره، أي: ومن الذين هادوا قوم سماعون؛ فهو من حذف الموصوف، وإقامة الصفة مقامه، ونظيرها قول الشاعر: وما الدَّهْرُ إلَّا تارتانِ فمِنْهُمَا ... أموتُ وأُخْرى أَبْتَغِي العَيْشَ أكدحُ (¬1) أي: تارة أموت فيها، وليس بوقف إن جعل خبر مبتدأ محذوف، أي: هم سماعون راجعًا إلى الفئتين، وعليه فالوقف على «هادوا» الأول أجود؛ لأنَّ التحريف محكي عنهم، وهو مختص باليهود، ومن رفع «سماعون» على الذم، وجعل «ومن الذين هادوا» عطفًا من «الذين قالوا» -كان الوقف على «هادوا» أيضًا. {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} [41] كاف، على استئناف ما بعده، أي: يسمعون ليكذبوا، والمسموع حق، وإن جعل «سماعون لقوم آخرين» تابعًا للأول -لم يوقف على ما قبله. ¬

_ (¬1) البيت من الطويل، وروي البيت عن كل من تميم بن أُبي، والعجير السلولي، فروي عن العجير منفردا، وروي عن تميم في قصيدة يقول في مطلعها: سَلِ الدَّار مِنْ جَنَبْي حِبِرٍّ فَوَاهِبِ ... إلى مَا رَأَى هَضْبَ القَلِيبِ المُضَيَّحُ تميم بن أبيّ (70 ق. هـ - 37 هـ/554 - 657 م) تميم بن أبيّ بن مقبل من بني العجلان من عامر بن صعصعة أبو كعب، شاعر جاهلي أدرك الإسلام وأسلم فكان يبكي أهل الجاهلية!! عاش نيفًا ومائَة سنة وعدَّ في المخضرمين وكان يهاجي النجاشي الشاعر، له (ديوان شعر -ط) ورد فيهِ ذكر وقعة صفين سنة (37هـ) ‍. العجير السلولي (? - 90 هـ/? - 708 م) العجير بن عبد الله بن عبيدة بن كعب، من بني سلول، من شعراء الدولة الأموية، كان من أيام عبد الملك بن مروان، كنيته أبو الفرزدق، وأبو الفيل، وقيل: هو مولى لبني هلال، واسمه عمير، وعجير لقبه، كان جوادًا كريمًا، عدّه ابن سلام في شعراء الطبقة الخامسة من الإسلاميين، وأورد له أبو تمام مختارات في الحماسة، وقال ابن حزم: هو من بني سلول بنت ذهل بن شيبان.-الموسوعة الشعرية

{لِقَوْمٍ آَخَرِينَ} [41] ليس بوقف؛ لأنَّ الجملة بعده صفة لهم. {لَمْ يَأْتُوكَ} [41] تام، على استئناف ما بعده، فإن جعل «يحرفون» في محل رفع نعتًا «لقوم آخرين»، أي: لقوم آخرين محرفين لم يوقف على ما قبله، وكذا إن جعل في موضع نصب حالًا «من الذين هادوا» لم يوقف على ما قبله. {مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} [41] جائز. {فَاحْذَرُوا} [41] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في محل نصب حالًا بعد حال، أو في موضع رفع نعتًا لقوله: «سماعون»، أو في موضع خفض نعتًا لقوله: «لقوم آخرين». {شَيْئًا} [41] كاف، على أنَّ «أولئك» مستأنف مبتدأ، خبره الموصول مع صلته، و «أن يطهر» محله نصب مفعول يرد، و «قلوبهم» المفعول الثاني. {قُلُوبَهُمْ} [41] كاف، وليس بوقف إن جعل خبر «أولئك». {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} [41] جائز. {عَظِيمٌ (41)} [41] كاف، «سماعون للكذب»، أي: هم سماعون، أو أكالون للسحت. {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [42] حسن، ومثله «أو أعرض عنهم»، وقيل: كاف؛ للابتداء بالشرط. {فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} [42] حسن. {بِالْقِسْطِ} [42] كاف، ومثله «المقسطين»، و «من بعد ذلك»؛ لتناهي الاستفهام. {بِالْمُؤْمِنِينَ (43)} [43] تام. {هُدًى وَنُورٌ} [44] جائز، ولا وقف من قوله: «يحكم بها» إلى «شهداء»، و «شهداء»، و «اخشون»، و «ثمنًا» كلها وقوف كافية. {الْكَافِرُونَ (44)} [44] تام. {بِالنَّفْسِ} [45] حسن، على قراءة من رفع ما بعده بالابتداء وهو الكسائي (¬1)، وجعله مستأنفًا مقطوعًا عما قبله، ولم يجعله مما كتب عليهم في التوراة، وليس بوقف إن جعل «والعين» وما بعده معطوفًا على محل «النفس»؛ لأنَّ محلها رفع، أي: وكتبنا عليهم فيها النفس بالنفس، أي: قلنا لهم النفس بالنفس، أو جعل معطوفًا على ضمير النفس، أي: أنَّ النفس مأخوذة هي بالنفس، والعين معطوفة على ¬

_ (¬1) وهو قوله تعالي: «والعينُ»، فقد قرأها وما بعدها بالرفع، وهي قراءة الكسائي وحده من العشر. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 200)، الإعراب للنحاس (1/ 499)، الإملاء للعكبري (1/ 126)، البحر المحيط (3/ 494)، التيسير (ص: 99)، تفسير القرطبي (6/ 193)، الحجة لابن زنجلة (ص: 226)، السبعة (ص: 244)، الغيث للصفاقسي (ص: 203)، النشر (2/ 254).

هي، فلا يوقف على قوله: «بالنفس»، وليس وقفًا أيضًا لمن نصب «والجروح» وما قبله؛ لأنَّ العطف يصير الأشياء كالشيء الواحد (¬1). {بِالسِّنِّ} [45] حسن، على قراءة من رفع (¬2): «والجروحُ قصاص»، ثم يبتدئ به؛ لأنه غير داخل في معنى ما عملت فيه «أن» معطوفة بعضها على بعض، وهي كلها مما كتب عليهم في التوراة. {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [45] كاف مطلقًا سواء نصب «والجروح»، أو رفعها (¬3). {فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [45] كاف، ومثله «الظالمون». {مِنَ التَّوْرَاةِ} [46] الأول حسن، ولا وقف من قوله: «وآتيناه الإنجيل» إلى «المتقين»؛ فلا يوقف على «ونور»؛ لأنَّه في موضع الحال، و «مصدقًا» عطف عليه، ولا يوقف على المعطوف عليه دون المعطوف، ولا على «التوراة» الثاني؛ لأنَّ «هدى» بعده حال من «الإنجيل»، أو من «عيسى»، أي: ذا هدى، أو جعل نفس الهدى مبالغة. {لِلْمُتَّقِينَ (46)} [46] كاف على قراءة الجماعة، «ولْيحكمْ» بإسكان اللام وجزم الفعل استئناف أمر من الله تعالى، وليس بوقف على قراءة حمزة (¬4)؛ فإنه يقرأ: «ولِيحكمَ» بكسر اللام ونصب الميم؛ على أنَّها (لام كي)، وإن جعلت اللام على هذه القراءة متعلقة بقوله: «وآتيناه الإنجيل»، فلا يوقف على «للمتقين» أيضًا، وإن جعلت اللام متعلقة بمحذوف تقدير الكلام فيه: وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه أنزلناه عليهم -جاز الوقف على «للمتقين»، والابتداء بما بعده؛ لتعلق (لام كي) بفعل محذوف. {بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ} [47] كاف. {الْفَاسِقُونَ (47)} [47] تام. {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [48] جائز، ومثله «بما أنزل الله». {مِنَ الْحَقِّ} [48] كاف، ومثله «ومنهاجًا». {أُمَّةً وَاحِدَةً} [48] ليس بوقف؛ لحرف الاستدراك بعده. {فِي مَا آَتَاكُمْ} [48] حسن، ومثله «فاستبقوا الخيرات». ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (10/ 358)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر والكسائي: {وَالْجُرُوحَ} [45] بالرفع، وقرأ نافع وعاصم وحمزة وخلف ويعقوب بالنصب عطفًا على لفظ (النفس)، وقرأ الباقون بالرفع عطفا على ما قبله إن كان يقرأ برفع ما قبله، وإن كان يقرأ بنصب ما قبله فرفعه على الابتداء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 200)، الإعراب للنحاس (1/ 499)، الإملاء للعكبري (1/ 126)، البحر المحيط (3/ 494). (¬3) على حسب ما أشرنا إليه في القراءة السابقة. (¬4) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 200)، الإعراب للنحاس (1/ 500)، الإملاء للعكبري (1/ 126)، البحر المحيط (3/ 500)، التيسير (ص: 99).

{جَمِيعًا} [48] ليس بوقف؛ لفاء العطف بعده. {تَخْتَلِفُونَ (48)} [48] تام، على استئناف ما بعده، وقطعه عما قبله، ويكون موضع «وأن احكم» رفعًا بالابتداء، والخبر محذوف تقديره: ومن الواجب أن احكم بينهم بما أنزل الله، وليس بوقف إن جعل «وأن احكم» في موضع نصب عطفًا على الكتاب، أي: وأنزلنا إليك الكتاب أن احكم بينهم، ومن حيث كونه رأس آية يجوز، ورسموا «في» مقطوعة عن «ما» في «ليبلوكم في ما» باتفاق. {بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [49] تام عند نافع. {ذُنُوبِهِمْ} [49] حسن. {لَفَاسِقُونَ (49)} [49] كاف، على قراءة: «تبغون» بالفوقية؛ لأنَّه خطاب بتقدير: قل لهم أفحكم الجاهلية تبغون؛ فهو منقطع عما قبله، وليس بوقف لمن قرأ: «يبغون» بالتحتية (¬1)؛ لأنَّه راجع إلى ما تقدمه من قوله: «وإنَّ كثيرًا من الناس لفاسقون»؛ فهو متعلق به، فلا يقطع عنه، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {يُوقِنُونَ (50)} [50] تام، وكذا «أولياء» ينبغي أن يوقف هنا؛ لأنَّه لو وصل لصارت الجملة صفة لـ «أولياء»، فيكون النهي عن اتخاذ أولياء صفتهم: إنَّ بعضهم أولياء بعض، فإذا انتفى هذا الوصف جاز اتخاذهم أولياء، وهو محال، وإنما النهي عن اتخاذهم أولياء مطلقًا، قاله السجاوندي، وهو حسن، ومثله «بعض». {فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [51] كاف، ومثله «الظالمين». {دَائِرَةٌ} [52] حسن. {مِنْ عِنْدِهِ} [52] ليس بوقف؛ لفاء العطف بعده. {نَادِمِينَ (52)} [52] قرئ: «يقول» بغير واو ورفع اللام، وقرئ: بالواو ورفع اللام (¬2)، وقرئ: بالواو ونصب اللام (¬3). ¬

_ (¬1) قرأ ابن عامر: {تَبْغُونَ} [50] بالتاء، وقرأ الباقون بالياء؛ وجه من قرأ بالتاء؛ أي: بتاء الخطاب والمخاطب أهل الكتاب، ووجه من قرأ بياء الغيب إخبارًا عنهم. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 201)، الإملاء للعكبري (1/ 126)، البحر المحيط (3/ 505)، التيسير (ص: 99)، تفسير القرطبي (6/ 16). (¬2) قرأ نافع وابن كثير وابن عامر وأبوجعفر: {يَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا} [53] بغير واو، وهي كذلك في مصاحف أهل المدينة ومكة والشام، وقرأ الباقون بالواو وهي كذلك في بقية المصاحف. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 201)، الإملاء للعكبري (1/ 127)، البحر المحيط (3/ 509)، النشر (2/ 254). (¬3) قرأ أبو عمرو ويعقوب: {وَيَقُولَ} بالواو ونصب اللام، وهي كذلك في مصاحفهم؛ وجه من قرأ بنصب اللام فذلك عطفًا على: {أَنْ يَأَتِيَ} أو عطفا على: {فَيُصْبِحُوا}. ووجه من قرأ بالرفع فعلى الاستئناف. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 201)، الإملاء للعكبري (1/ 127)، البحر المحيط (3/ 509).

{نَادِمِينَ (52)} [52] كاف، لمن قرأ: «ويقول» بالرفع مع الواو، وبها قرأ الكوفيون وبدونها، وبها قرأ الحرميون، وابن عامر على الاستئناف، وليس بوقف لمن قرأ بالنصب عطفًا على «يأتي»، وبها قرأ أبو عمرو، ومن حيث كونه رأس آية يجوز (¬1). {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} [53] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «إنهم» جواب القسم، فلا يفصل بين القسم وجوابه بالوقف. {إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ} [53] حسن. {خَاسِرِينَ (53)} [53] تام، ولا يوقف على «ويحبونه»؛ لأنَّ «أذلة» نعت لقوله: «بقوم»، واستدل بعضهم على جواز تقديم الصفة غير الصريحة على الصفة الصريحة بهذه الآية؛ فإن قوله: «يحبهم» صفة، وهي غير صريحة؛ لأنها جملة مؤولة، وقوله: «أذلة» و «أعزة» صفتان صريحتان؛ لأنهما مفردتان، و «يحبهم ويحبونه» معترض بين الصفة وموصوفها. {عَلَى الْكَافِرِينَ} [54] تام، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل في موضع النعت لقوله: «بقوم»؛ لأنَّه لا يفصل بين النعت والمنعوت بالوقف، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {لَوْمَةَ لائمٍ} [54] كاف، ومثله «من يشاء». {عَلِيمٌ (54)} [54] تام، ومثله «راكعون»، و «الغالبون»، و «أولياء»؛ لأنَّه لو وصله لصارت الجملة صفة لـ «أولياء» كما تقدم. {مُؤْمِنِينَ (57)} [57] كاف. {وَلَعِبًا} [58] حسن. {لَا يَعْقِلُونَ (58)} [58] تام. {مِنْ قَبْلُ} [59] ليس بوقف؛ لعطف «وأنَّ أكثركم» على «أنَّ آمنا»، أي: لا يعيبون منا شيئًا إلَّا الإيمان بالله، ومثل هذا لا يعد عيبًا، كقول النابغة: وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهُمْ ... بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الكَتَائِبِ (¬2) ¬

_ (¬1) هي القراءات المشار إليها سابقًا. (¬2) البيت من الطويل، وقائله النابغة الذبياني، من قصيدة يقول في مطلعها: كِليني لِهَمٍّ يا أُمَيمَةَ ناصِبِ ... وَلَيلٍ أُقاسيهِ بَطيءِ الكَواكِب النابِغَة الذُبياني (? - 18 ق. هـ/? - 605 م) زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، أبو أمامة، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، من أهل الحجاز، كانت تضرب له قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ فتقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها، وكان الأعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة، كان حظيًا عند النعمان بن المنذر، حتى شبب في قصيدة له بالمتجردة (زوجة النعمان) فغضب منه النعمان، ففر النابغة ووفد على الغسانيين بالشام، وغاب زمنًا، ثم رضي عنه النعمان فعاد إليه، شعره كثير وكان أحسن شعراء العرب ديباجة، لا تكلف في شعره ولا حشو، عاش عمرًا طويلًا.-الموسوعة الشعرية

يعني: إن وجد فيهم عيب فهو هذا، وهذا لا يعده أحد عيبًا، فانتفى العيب عنهم بدليله. {فَاسِقُونَ (59)} [59] تام. {مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ} [60] كاف؛ لتناهي الاستفهام، وعلى أنَّ ما بعده مرفوع خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو من لعنة الله، وليس بوقف إن جعل «من» في موضع خفض بدلًا من قوله: «بشر»، وفي موضع نصب بمعنى: قل هل أنبئكم من لعنه الله، أو في موضع نصب أيضًا بدلًا من قوله: «بشر» على الموضع. {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [60] حسن لمن قرأ: «وعَبَدَ الطاغوت» فعلًا ماضيًا (¬1). {السَّبِيلِ (60)} [60] كاف، وكذا «خرجوا به»، ومثله «يكتمون». {السُّحْتَ} [62] جائز. {يَعْمَلُونَ (62)} [62] كاف. {السُّحْتَ} [63] جائز. {يَصْنَعُونَ (63)} [63] تام، ورسموا: «لبئس» وحدها، و «ما» وحدها كلمتين، وقالوا: كل ما في أوله لام فهو مقطوع. {مَغْلُولَةٌ} [64] جائز عند بعضهم، أي: ممنوعة من الإنفاق، وهذا سبٌّ لله تعالى بغير ما كفروا به، وتجاوزه أولى؛ ليتصل قوله: «غلت أيديهم»، وهو جزاء قولهم: «يد الله مغلولة» (¬2). {بِمَا قَالُوا} [64] حسن، ولا يجوز وصله بما بعده؛ لأنَّه يصير قوله: «بل يداه مبسوطتان» من مقول اليهود، ومفعول «قالوا»، وليس كذلك، بل هو ردٌّ لقولهم: «يد الله مغلولة». {مَبْسُوطَتَانِ} [64] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «ينفق» من مقصود الكلام، فلا يستأنف، وفي الاتفاق قال النووي: ومن الآداب إذا قرأ نحو: «وقالت اليهود يد الله مغلولة»، أو «قالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله» من كل ما يوهم أن يخفض صوته بذلك اهـ؛ إذ كل ما خطر بالبال، أو توهم بالخيال -فالرب جل جلاله على خلافه، وقيل: «ينفق كيف يشاء» مستأنف، ومفعول ¬

_ (¬1) وهي قراءة الجمهور إلا حمزة وحده، فإنه قرأها: {وَعُبِدَ} بضم الباء وكسر التاء من {الطَّاغُوتَ}؛ وجه من قرأ {وَعَبُدَ} بضم الباء و {الْطَاغُوتِ} بجر التاء على أن: «عَبُدَ» واحد، مراد به الكثرة، وليس بجمع «عبد»، و {الْطَاغُوتِ} مجرور بالإضافة؛ أي: وجعل منهم: «عَبَدَ الطَاغُوتِ» أي: خدمه. ووجه من قرأ بفتح العين والباء على أنه فعل ماض ونصب: {الطَاغُوتِ} مفعولا به. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 201)، تفسير الرازي (3/ 422)، النشر (2/ 55). (¬2) انظر: تفسير الطبري (10/ 450)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

«يشاء» محذوف، وجواب «كيف» محذوف أيضًا، والتقدير: ينفق كيف يشاء أن ينفق، ولا يجوز أن يعمل في «كيف» «ينفق»؛ لأنَّ اسم الشرط لا يعمل فيه ما قبله، بل العامل فيه «يشاء»؛ لأنَّ «كيف» لها صدر الكلام، وما كان له صدر الكلام لا يعمل فيه إلَّا حرف الجر والمضاف (¬1). {كَيْفَ يَشَاءُ} [64] كاف. {وَكُفْرًا} [64] جائز. {يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [64] حسن، ومثله «أطفأها الله»؛ على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعلت الواو للحال، أي: وهم يسعون. {فَسَادًا} [64] كاف. {الْمُفْسِدِينَ (64)} [64] تام. {النَّعِيمِ (65)} [65] كاف، ومثله «أرجلهم». {مُقْتَصِدَةٌ} [66] حسن. {يَعْمَلُونَ (66)} [66] تام؛ للابتداء بعد بـ «يا» النداء. {مِنْ رَبِّكَ} [67] حسن؛ للابتداء بالشرط. {رِسَالَتَهُ} [67] كاف، ومثله «من الناس». {الْكَافِرِينَ (67)} [67] تام. {مِنْ رَبِّكُمْ} [68] كاف. {وَكُفْرًا} [68] جائز. {الْكَافِرِينَ (68)} [68] تام. {وَالنَّصَارَى} [69] ليس بوقف؛ لأنَّ خبر إن لم يأت بعده. {يَحْزَنُونَ (69)} [69] تام. {رُسُلًا} [70] كاف. {بِمَا لَا تَهْوَى} [70] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده جواب كلما، أي: كلما جاءهم رسول كذبوه وقتلوه، أي: كذبوا فريقًا، وقتلوا فريقًا. {يَقْتُلُونَ (70)} [70] كاف، ومثله: «وصموا» إذا رفع «كثير» على الاستئناف خبر مبتدأ محذوف، أي: ذلك كثير منهم، وليس بوقف إن جعل بدلًا من الواو في «عموا وصموا»؛ لأنَّه لا يفصل بين المبدل والمبدل منه، فمن أضمر المبتدأ جعل قوله: «كثير» هو العمى والصمم، ومن جعله بدلًا جعل ¬

_ (¬1) انظر: المصدر السابق (10/ 450).

قوله: «كثيرًا» راجعًا إليهم، أي: ذوو العمي والصمم، ولا يحمل ذلك على لغة (أكلوني البراغيث)؛ لقلة استعمالها وشذوذها. {مِنْهُمْ} [71] كاف. {بِمَا يَعْمَلُونَ (71)} [71] تام. {ابْنُ مَرْيَمَ} [72] حسن. {وَرَبَّكُمْ} [72] كاف، ومثله «النار». {مِنْ أَنْصَارٍ (72)} [72] تام. {ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [73] حسن، ولا يجوز وصله بما بعده؛ لأنَّه يوهم السامع أنَّ قوله: «وما من إله إلَّا إله واحد» من قول النصارى الذين يقولون بالتثليث، وليس الأمر كذلك، بل معناه: ثالث ثلاثة آلهة؛ لأنهم يقولون: الآلهة ثلاثة: الأب، والابن، وروح القدس، وهذه الثلاثة إله واحد، ومستحيل أن تكون الثلاثة واحدًا، أو الواحد ثلاثة، وتقدم ما يغنى عن إعادته، ومن لم يرد الآلهة لم يكفر؛ لقوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} [المجادلة: 7]، وفي الحديث: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما» (¬1)، وتجنب ما يوهم مطلوب (¬2). {إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ} [73] كاف، واللام في قوله: «ليمسنّ» جواب قسم محذوف تقديره: والله. {أَلِيمٌ (73)} [73] كاف، وكذا «يستغفرونه». {رَحِيمٌ (74)} [74] تام. {الرُّسُلُ} [75] جائز؛ لأنَّ الواو للاستئناف، ولا محل للعطف. {وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} [75] جائز، ولا يجوز وصله؛ لأنَّه لو وصله لاقتضى أن تكون الجملة صفة لها، ولا يصح ذلك؛ لتثنية ضمير «كان». {الطَّعَامَ} [75] حسن. {يُؤْفَكُونَ (75)} [75] كاف، وكذا «ولا نفعًا». {الْعَلِيمُ (76)} [76] تام. {غَيْرَ الْحَقِّ} [77] كاف. ¬

_ (¬1) ولفظه: عن أبى بكر قال: قلت للنبى - صلى الله عليه وسلم - وهو فى الغار لو أنَّ أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه؟! فقال: (يا أبا بكر ما ظنَّك باثنين الله ثالثهما). أخرجه أحمد (1/ 4، رقم: 911)، والبخاري (3/ 1337، رقم: 3453)، ومسلم (4/ 1854، رقم: 2381)، والترمذى (5/ 278، رقم: 3096)، وقال: حسن صحيح غريب. وأخرجه أيضًا: ابن أبى شيبة (6/ 348، رقم: 31929)، وعبد بن حميد (ص: 30، رقم: 2)، وأبو يعلى (1/ 68، رقم: 66). (¬2) انظر: تفسير الطبري (10/ 481)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ (} [77] تام عند نافع، وقال: جائز؛ لأنَّ ما بعده معطوف عليه، والظاهر أنَّه جائز؛ لاختلاف معنى الجملتين. {السَّبِيلِ (77)} [77] تام. {وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [78] حسن. {يَعْتَدُونَ (78)} [78] كاف. {فَعَلُوهُ} [79] كاف، ومثله «يفعلون». {كَفَرُوا} [80] جائز. {خَالِدُونَ (80)} [80] كاف. {أَوْلِيَاءَ} [81] ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده به استدراكًا، وعطفًا. {فَاسِقُونَ (81)} [81] تام. {أَشْرَكُوا} [82] حسن، ومثله «نصارى»؛ للابتداء بـ «ذلك بأن». {وَرُهْبَانًا} [82] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده عطف على «بأن منهم» المجرورة بالياء. {لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)} [82] كاف. {الْحَقِّ} [83] الأول حسن؛ لأن «يقولون» يصلح حالًا لقوله: «عرفوا»، ويصلح مستأنفًا. و {الْحَقِّ} [84] الثاني ليس بوقف؛ لأنَّ الواو للحال، أي: ونحن نطمع، وإن جعلت للاستئناف حسن الوقف على الثاني أيضًا. {الشَّاهِدِينَ (83)} [83] تام؛ لأنَّ «وما لنا» «ما» استفهامية مبتدأ، و «لنا» خبر، أي: أيُّ شيء كائن لنا، و «لا نؤمن» جملة حالية. {الصَّالِحِينَ (84)} [84] كاف. {خَالِدِينَ فِيهَا} [85] حسن. {الْمُحْسِنِينَ (85)} [85] تام، ومثله «الجحيم». {وَلَا تَعْتَدُوا} [87] كاف، ومثله «المعتدين»، وقيل: تام. {طَيِّبًا} [88] كاف. {مُؤْمِنُونَ (88)} [88] تام. {فِي أَيْمَانِكُمْ} [89] ليس بوقف؛ للاستدراك بعده. {الْأَيْمَانَ} [89] حسن، ومثله «رقبة»، وكذا «أيام»، وقيل: كاف. {إِذَا حَلَفْتُمْ} [89] حسن. {أَيْمَانَكُمْ} [89] أحسن منه إن جعلت الكاف في «كذلك» نعتًا لمصدر محذوف، أي: يبين الله

لكم آياته تبيينًا مثل ذلك التبيين، وليس بوقف إن جعلت حالًا من ضمير المصدر. {تَشْكُرُونَ (89)} [89] تام. {الشَّيْطَانِ} [90] حسن. {تُفْلِحُونَ (90)} [90] أحسن. {وَعَنِ الصَّلَاةِ} [91] حسن؛ للابتداء بالاستفهام. {مُنْتَهُونَ (91)} [91] كاف، ومثله «واحذروا»، وقال نافع: تام؛ للابتداء بالشرط. {الْمُبِينُ (92)} [92] تام. {وَأَحْسَنُوا} [93] كاف. {الْمُحْسِنِينَ (93)} [93] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء بعده. {بِالْغَيْبِ} [94] كاف؛ للابتداء بالشرط. {أَلِيمٌ (94)} [94] تام. {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [95] كاف. {مِنَ النَّعَمِ} [95] جائز، قرأ أهل الكوفة: «فجزاء مثل» بتنوين «جزاء» ورفعه، ورفع «مثل»، وباقي السبعة برفعه مضافًا إلى «مثل» (¬1)، وقرأ محمد بن مقاتل بتنوين (¬2): «جزاءً» ونصبه، ونصب «مثلَ» و «من النعم» صفة لـ «جزاء» سواء رفع «جزاء»، و «مثل» وأضيف «جزاء» إلى «مثل»، أي: كائن من النعم. {وَبَالَ أَمْرِهِ} [95] حسن، ومثله «عما سلف». {مِنْهُ} [95] كاف. {ذُو انْتِقَامٍ (95)} [95] تام. {وَطَعَامُهُ} [96] حسن، إن نصب «متاعًا» بفعل مقدر، أي: متعكم به متاعًا، وليس بوقف إن نصب «متاعًا» مفعولًا له، أي: أحل لكم تمتيعًا لكم؛ لأنَّه يصير كله كلامًا واحدًا، فلا يقطع؛ لأنَّ متاعًا مفعول له مختص بالطعام، كما أنَّ «نافلة» في قوله: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء: 72] مختصة بـ «يعقوب»؛ لأنَّه ولد الوالد بخلاف «إسحاق»؛ فإنَّه ولده لصلبه، و «النافلة» إنما تطلق على ولد الولد دون الولد؛ فقد خصص الزمخشري كونه مفعولًا له بكون أحل مسندًا لطعامه، وليس علة لحل الصيد، وإنما هو علة لحل الطعام فقط؛ لأنَّ مذهبه أن «صيد البحر» منه ما يؤكل وما لا يؤكل، وأنَّ «طعامه» هو المأكول، وأنَّه لا يقع التمثيل إلَّا بالمأكول منه، طريًا وقديدًا، ومذهب غيره أنه مفعول له ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 203)، تفسير الرازي (3/ 450)، النشر (2/ 255). (¬2) وهي قراءة شاذة وذكرت في البحر المحيط (4/ 19).

باعتبار صيد البحر وطعامه. {وَلِلسَّيَّارَةِ} [96] حسن، ومثله «حرمًا». {تُحْشَرُونَ (96)} [96] تام. {وَالْقَلَائِدَ} [97] حسن. {وَمَا فِي الْأَرْضِ} [97] ليس بوقف؛ لعطف «وأن الله» على ما قبله، ومثله الوقف على «العقاب»؛ لعطف ما بعده على ما قبله. {رَحِيمٌ (98)} [98] تام. {إِلَّا الْبَلَاغُ} [99] كاف. {تَكْتُمُونَ (99)} [99] تام. {وَالطَّيِّبُ} [100] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده مبالغة فيما قبله، فلا يقطع عنه. {الْخَبِيثِ} [100] كاف، وجواب «لو» محذوف، أي: ولو أعجبك كثرة الخبيث لما استوى مع الطيب، أو لما أجدى. {تُفْلِحُونَ (100)} [100] تام؛ للابتداء بعده بـ «يا» النداء. {تَسُؤْكُمْ} [101] تام؛ للابتداء بعده بالشرط. {تُبْدَ لَكُمْ} [101] حسن. {عَنْهَا} [101] كاف، وكذا «حليم». {كَافِرِينَ (102)} [102] تام، وقيل: لا يوقف من قوله: «يأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء» إلى قوله: «عفا الله عنها»؛ لأنَّ التقدير: لا تسألوا عن أشياء عفا الله عنها؛ لأنَّ الجملة من قوله: «إن تبد لكم تسؤكم»، وما عطف عليها من الشرط والجزاء في محل جر صفة لـ «أشياء»، والأشياء التي نهوا عن السؤال عنها ليست هي الأشياء التي سألها القوم، فهو على حذف مضاف تقديره: قد سأل مثلها قوم، وقيل: الضمير في «عنها» للمسألة المدلول عليها بقوله: «لا تسألوا» أي: قد سأل هذه المسألة قوم من الأولين، قيل: الضمير في «سألها» لأشياء، ولا يتجه؛ لأنَّ المسئول عنه مختلف قطعًا؛ فإنَّ سؤالهم غير سؤال من قبلهم؛ فإنَّ سؤالهم: أين ناقتي، وما في بطن ناقتي (¬1)، وسؤال أولئك غير هذا نحو: 1 - {أَنْزِلْ عَلَيْنَا مائدةً مِنَ السَّمَاءِ} [114]. 2 - {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: 153]. 3 - {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ} [الأعراف: 138]. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (11/ 115)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

ولا يوقف من قوله: «ما جعل الله من بحيرة» إلى قوله: «لا يعقلون»، والبحيرة: هي الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن في آخرها ذكر شقوا أذنها، وخلوا سبيلها لا تركب ولا تحلب، ولا تطرد عن ماء ولا مرعى، والسائبة: هي التي تسيب للأصنام، أي: تعتق، والوصيلة: هي الشاة التي تنتج سبعة أبطن، فإن كان السابع أنثى لم تنتفع النساء منها بشيء إلَّا أن تموت، فيأكلها الرجال والنساء، وإن كان ذكرًا ذبحوه وأكلوه جميعًا، وإن كان ذكرًا وأنثى قالوا: وصلت أخاها فتترك مع أخيها، فلا تذبح ومنافعها للرجال دون النساء، فإذا ماتت اشترك الرجال والنساء فيها، والحام: الفحل من الإبل الذي ينتج من صلبه عشرة أبطن فيقولون: قد حمى ظهره فيسيبونه لآلهتهم، فلا يحمل عليه شيء، قاله أبو حيان (¬1). {وَلَا حَامٍ} [103] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده استدراك بعد نفي، والمعنى: ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب يجعلون البحيرة وما بعدها من جعل، نسبوا ذلك الجعل لله تعالى افتراء على الله. {لَا يَعْقِلُونَ (103)} [103] كاف. {آَبَاءَنَا} [104] حسن. {وَلَا يَهْتَدُونَ (104)} [104] تام. {أَنْفُسَكُمْ} [105] صالح، أي: يصلح أن يكون ما بعده مستأنفًا وحالًا، أي: احفظوا أنفسكم غير مضرورين، قرأ الجمهور: «يضرُّكم» بضم الراء مشددة، وقرأ الحسن (¬2): «لا يضُرْكم» بضم الضاد وإسكان الراء، وقرأ إبراهيم النخعي (¬3): «لا يضِرْكم» بكسر الضاد وسكون الراء، وقرأ أبو حيوة (¬4): «لا يضْرُرُكم» بإسكان الضاد وضم الراء الأولى والثانية، و «من» فاعل، أي: لا يضركم الذي ضل وقت اهتدائكم. {إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [105] حسن. {تَعْمَلُونَ (105)} [105] تام، ولا وقف من قوله: «يأيها الذين آمنوا شهادة» إلى «مصيبة الموت»؛ فلا يوقف على «حين الوصية»، ولا على «منكم»، ولا على «من غيركم»، ولا على «في الأرض»؛ لأنَّ خبر المبتدأ، وهو: «شهادة» لم يأت، وفي خبره خمسة أوجه: أحدها أنه اثنان على حذف مضاف، إما من الأول أو من الثاني؛ لأنَّ شهادة معنى من المعاني، واثنان جثمان، أو الخبر محذوف، واثنان مرفوعان ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (11/ 116)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 523)، الإملاء للعكبري (1/ 132)، البحر المحيط (4/ 37)، المحتسب لابن جني (1/ 220). (¬3) وهي قراءة شاذة أيضًا. انظر هذه القراءة في: اتحاف فضلاء البشر (ص: 203)، الإعراب للنحاس (1/ 523)، الإملاء للعكبري (1/ 133)، البحر المحيط (4/ 37)، المحتسب لابن جني (1/ 220). (¬4) وهي قراءة شاذة أيضًا. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (4/ 37)، الكشاف (1/ 369).

بالمصدر الذي هو شهادة، والتقدير: فيما فرض الله عليكم أن يشهد اثنان، أو الخبر إذا حضر، أو الخبر حين الوصية، أو اثنان فاعل سد مسد الخبر، ورفع اثنان من خمسة أوجه أيضًا كونه خبر الشهادة، أو فاعلًا بشهادة، أو فاعلًا بيشهد مقدرًا، أو خبر مبتدأ، أي: الشاهدان اثنان، أو فاعل سد مسد الخبر. {مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [106] حسن. {مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [106]، {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [106] ليسا بوقف؛ للعطف في الأول وفي الثاني؛ لأنَّ «ولا نكتم شهادة الله» عطف على قوله: «لا نشتري»، فتكون من جملة المقسم عليه فلا يفصل بينهما بالوقف. {شَهَادَةَ اللَّهِ} [106] جائز، وكاف عند يعقوب على قراءته بالإضافة، وقال يحيى بن نصير، ومثلها من قرأ (¬1): «شهادةً» منونة منصوبة، ثم يبتدئ «آلله» بالمد على القسم، أي: والله إنا إذًا لمن الآثمين، وقرئ (¬2): «شهادةٌ اللهَ» بالتنوين والضم ونصب الجلالة، وقرئ (¬3): «شهادةً» بالتنوين والنصب، «اللهَِ» بالمد والجر، وقرئ (¬4): «شهادهْ» بإسكان الهاء والوقف، ويبتدئ «آللهِ» بالمد والجر، وقرئ (¬5): «شهادهْ» بإسكان الهاء أيضًا، والوقف من غير مد والجر، فالأول قراءة الجمهور مفعول به، وأضيفت إلى الله؛ لأنَّه هو الآمر بها ويحفظها، «ولا نكتم شهادة الله»، و «لا نضيع»، و «ما سواها» شاذ، وبيان هذه القراءات يطول، أضربنا عنه تخفيفًا. {لَمِنَ الْآَثِمِينَ (106)} [106] حسن. {الْأَوْلَيَانِ} [107] كاف، وبعضهم وقف على «فيقسمان» بتقدير يقولان: بالله لشهادتنا، والأجود تعلق الله بـ «يقسمان». {الظَّالِمِينَ (107)} [107] كاف. {بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} [108] حسن. {وَاسْمَعُوا} [108] أحسن منه. {الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108)} [108] تام، إن نصب «يوم» باذكر مقدرًا مفعولًا به، وليس بوقف إن ¬

_ (¬1) ورويت عن زيد عن يعقوب والشعبي، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: المحتسب لابن جني (1/ 221). (¬2) انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (1/ 133)، البحر المحيط (4/ 44)، تفسير الطبري (11/ 177)، الكشاف (1/ 369)، المحتسب لابن جني (1/ 221). (¬3) ورويت هذه القراءة عن علي والشعبي ونعيم بن أبي ميسرة، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (1/ 133)، البحر المحيط (4/ 44)، تفسير الطبري (11/ 178)، المحتسب لابن جني (1/ 221). (¬4) وهي رويت عن الشعبي، وهي شاذة أيضًا. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (4/ 44)، المحتسب لابن جني (1/ 221). (¬5) وهي رويت عن الشعبي أيضًا، وهي رواية شاذة. انظر هذه القراءة في: المحتسب لابن جني (1/ 221).

نصب بـ «اتقوا»، أي: اتقوا الله يوم جمعه الرسل؛ لأنَّ أمرهم بالتقوى يوم القيامة لا يكون؛ إذ لا تكليف فيه، وإن جعل بدلًا من الجلالة كان غير جيد؛ لأنَّ الاشتمال لا يوصف به الباري. {مَاذَا أُجِبْتُمْ} [109] جائز. {لَا عِلْمَ لَنَا} [109] حسن. {الْغُيُوبِ (109)} [109] تام إن علق «إذ» باذكر مقدرًا. {وَعَلَى وَالِدَتِكَ} [110] كاف إن علق «إذ» باذكر مقدرة، لا بـ «اذكر» المذكورة قبل، أي: واذكر إذ أيدتك. {وَكَهْلًا} [110] حسن، ومثله «الإنجيل». {بِإِذْنِي} [110] في المواضع الأربعة جائز، على أنَّ «إذ» في كل من الأربعة منصوبة باذكر مقدرة، فيسوغ الوقف على «الإنجيل»، وعلى «بإذني» في المواضع الأربعة؛ لتفصيل النعم، وإن لم تعلق «إذ» بمقدرة فلا يوقف على واحدة منها. {بِالْبَيِّنَاتِ} [110] جائز. {مُبِينٌ (110)} [110] كاف إن علق «إذ» باذكر مقدرة، أي: اذكر إذ، أو حيث. {وَبِرَسُولِي} [111] صالح؛ لاحتمال أن عامل «إذ» كلمة «قالوا»، ويحتمل أنَّ كلمة «قالوا» مستأنفة. {مُسْلِمُونَ (111)} [111] كاف. {مِنَ السَّمَاءِ} [112] الأولى كاف، ومثله «مؤمنين»، و «من الشاهدين». {مِنَ السَّمَاءِ} [114] الثانية ليس بوقف؛ لأنَّ جملة «تكون لنا» في محل نصب صفة لـ «مائدة»، والصفة والموصوف كالشيء الواحد فلا يفصل بينهما بالوقف. {وَآَيَةً مِنْكَ} [114] حسن، وعند بعضهم «وارزقنا». {الرَّازِقِينَ (114)} [114] كاف. {عَلَيْكُمْ} [115] حسن؛ للابتداء بالشرط مع الفاء. {الْعَالَمِينَ (115)} [115] تام إن علق «إذ» باذكر مقدرًا مفعولًا به. {مِنْ دُونِ اللَّهِ} [116] حسن، ومثله «بحق»، ووقف بعضهم على «ما ليس لي»، ثم يقول: «بحق»، وهذا خطأ من وجهين أحدهما: أن حرف الجر لا يعمل فيما قبله، الثاني: أنه ليس موضع قسم، وجواب آخر: أنه إن كانت الباء غير متعلقة بشيء فذلك غير جائز، وإن كانت للقسم لم يجز؛ لأنَّه لا جواب هنا، وإن كان ينوي بها التأخير، وإن الباء متعلقة بـ «قلته»، أي: إن كنت قلته فقد علمته بحق، فليس خطأ على المجاز، لكنه لا يستعمل، كما صح سنده عن أبي هريرة قال: «لقن عيسى -عليه الصلاة

والسلام- حجته ولقنه الله في قوله لما قال: «يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس» الآية قال أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقنه الله حجته» بقوله: «سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق سبحانك» (¬1)، أي: تنزيهًا لك أن يقال هذا أو ينطق به (¬2). {فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [116] حسن، ومثله «ما في نفسك». {الْغُيُوبِ (116)} [116] تام. {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ} [117] جائز بناءً على أنَّ قوله: ربي وربكم من كلام عيسى على إضمار أعني، لا على أنَّه صفة. {رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [117] حسن؛ على استئناف ما بعده. {فِيهِمْ} [117] حسن. {الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [117] أحسن مما قبله. {شَهِيدٌ (117)} [117] تام؛ للابتداء بالشرط. {عِبَادُكَ} [118] حسن. {الْحَكِيمُ (118)} [118] تام. {صِدْقُهُمْ} [119] كاف؛ لاختلاف الجملتين من غير عطف. {أَبَدًا} [119] حسن، وقيل: كاف، على استئناف ما بعده. {وَرَضُوا عَنْهُ} [119] كاف. {الْعَظِيمُ (119)} [119] تام. {وَمَا فِيهِنَّ} [120] كاف. آخر السورة تام. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذى (5/ 260، رقم: 3062)، وقال: حسن صحيح. وأخرجه أيضًا: النسائى فى الكبرى (6/ 340، رقم: 11162). (¬2) انظر: تفسير الطبري (11/ 233)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

سورة الأنعام

سورة الأنعام مكية روى سليمان بن مهران عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنَّه قال: نزلت سورة الأنعام ليلًا بمكة جملة واحدة يقودها -أو معها- سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح، من قرأها صلى الله عليه أولئك ليله ونهاره (¬1)، قال الصاغاني في العباب في حديث ابن مسعود: الأنعام من نواجب، أو من نجائب القرآن، قال: نجائبه أفضله، ونواجبه لبابه الذي ليس عليه نجب (¬2). -[آيها:] وهي مائة وخمس وستون آية في الكوفي، وست في البصري، وسبع في المدني والمكي، اختلافهم في أربع آيات، «وجعل الظلمات والنور» عدها المدنيان والمكي، «قل لست عليكم بوكيل» وكلهم عدّ إلى صراط مستقيم الأول. - وكلمها: ثلاثة آلاف واثنان وخمسون كلمة. - وحروفها: اثنا عشر ألفًا وأربعمائة واثنان وخمسون حرفًا. وفيها مما يشبه الفواصل، وليس معدودًا بإجماع خمسة مواضع: 1 - {مِنْ طِينٍ} [2]. 2 - {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} [36]. 3 - {إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [48]. 4 - {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا} [126]. 5 - {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [135] {وَالنُّورَ} [1] حسن، عدَّها المدنيان والمكي آية؛ لأنَّ «الحمد» لا يكون واقعًا على «ثم الذين كفروا بربهم يعدلون»؛ فـ «ثم» لترتيب الأخبار وليست عاطفة، بل هي للتعجب والإنكار، قال الحلبي على الأزهرية عن بعضهم: إذا دخلت «ثُمَّ» على الجمل لم تفد الترتيب، وليست لترتيب الفعل، كقوله: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ} [الروم: 40] فهذا وصله وتجاوزه أحسن، ويبتدأ بـ «ثم» إذا كان أول قصة كقوله: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الأعراف: 103]، {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} [المؤمنون: 44]، فليست هنا عاطفة، بل هي تعجب وإنكار. {يَعْدِلُونَ (1)} [1] تام. {مِنْ طِينٍ} [2] ليس منصوصًا عليه. ¬

_ (¬1) المعجم الكبير (12/ 215)، ورواه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص: 129)، وابن الضريس في فضائل القرآن (ص: 157) من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد به، وفي إسناده علي بن زيد وهو ضعيف. (¬2) انظر: تفسير الطبري (11/ 247)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{أَجَلًا} [2] حسن، قال مجاهد: هو أجل الدنيا، وأجل مسمى: أجل البعث، أي: ما بين الموت والبعث لا يعلمه غيره، أو أجل الماضين، والثاني أجل الباقين، أو الأول النوم، والثاني الموت، قاله الصفدي في تاريخه (¬1). {تَمْتَرُونَ (2)} [2] كاف. {وَهُوَ اللَّهُ} [3] حسن، إن جعل «هو» ضميرًا عائدًا على الله تعالى، وما بعده خبر، وجعل قوله: «في السموات وفي الأرض» متعلقًا بـ «يعلم»، أي: يعلم سركم وجهركم في السموات وفي الأرض، فتكون الآية من المقدم والمؤخر، نظيرها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَاً (1)} [الكهف: 1]، أي: أنزل على عبده الكتاب قيمًا، ولم يجعل له عوجًا، وليس بوقف إن جعلت الجملة خبرًا ثانيًا، أو جعلت هي الخبر و «الله» بدل، أو جعل ضمير «هو» ضمير الشأن وما بعده مبتدأ خبره «يعلم»، انظر: أبا حيان. {وَفِي الْأَرْضِ} [3] حسن، أي: معبود فيهما. {وَجَهْرَكُمْ} [3] جائز. {تَكْسِبُونَ (3)} [3] كاف، ومثله «معرضين». {لَمَّا جَاءَهُمْ} [5] جائز؛ لأنَّ «سوف» للتهديد، فيبتدأ بها؛ لأنَّها لتأكيد الواقع. {يَسْتَهْزِئُونَ (5)} [5] تام، ولا وقف من قوله: «ألم يروا» إلى «بذنوبهم»؛ فلا يوقف على «من قرن»، ولا على «ما لم نمكن لكم»؛ لعطف ما بعده على ما قبله، ولا على «مدرارًا». {بِذُنُوبِهِمْ} [6] حسن. {آَخَرِينَ (6)} [6] أحسن مما قبله. {مُبِينٌ (7)} [7] كاف. {عَلَيْهِ مَلَكٌ} [8] حسن. {لَا يُنْظَرُونَ (8)} [8] كاف، ومثله «ما يلبسون» ماضيه (لبَس) مفتوح الموحدة، ومضارعه بكسرها مأخوذ من الإلباس في الأمر، لا من اللبس الذي ماضيه مكسور الباء، ومضارعه بفتحها. {مِنْ قَبْلِكَ} [10] حسن عند بعضهم. {يَسْتَهْزِئُونَ (10)} [10] تام، ومثله «المكذبين». {قُلْ لِلَّهِ} [12] كاف. {الرَّحْمَةَ} [12] حسن إن جعلت اللام في «ليجمعنكم» جواب قسم محذوف كأنه قال: والله ليجمعنكم، وليس بوقف إن جعلت اللام جوابًا لـ «كتب»؛ لأنَّ كتب أجري مجرى القسم، فأجيب ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (11/ 254)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

بجوابه، وهو: «ليجمعنكم» كما في قوله: {لَأَغْلِبَنَّ} [المجادلة: 21]، قال السجاوندي: قال الحسن: أقسم وأحلف وأشهد ليس بيمين حتى يقول: بالله أو نواه، والأصح أنها في جواب قسم محذوف؛ لأنَّ قوله: «كتب» وعد ناجز، و «ليجمعنكم» وعيد منتظر. {لَا رَيْبَ فِيهِ} [12] تام إن رفع «الذين» على الابتداء، والخبر «فهم لا يؤمنون»، وليس بوقف إن جعل «الذين» في موضع خفض نعتًا للمكذبين، أو بدلًا منهم. {لَا يُؤْمِنُونَ (12)} [12] تام. {وَالنَّهَارِ} [13] كاف. {الْعَلِيمُ (13)} [13] تام. {وَالْأَرْضِ} [14] حسن. {وَلَا يُطْعَمُ} [14] كاف. {مَنْ أَسْلَمَ} [14] حسن. {مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14)} [14] كاف، ومثله «عظيم». {فَقَدْ رَحِمَهُ} [16] كاف. {الْمُبِينُ (16)} [16] تام؛ للابتداء بالشرط. {إِلَّا هُوَ} [17] حسن. {قَدِيرٌ (17)} [17] تام. {فَوْقَ عِبَادِهِ} [18] حسن. {الْخَبِيرُ (18)} [18] تام. {أَكْبَرُ شَهَادَةً} [19] حسن، وقال نافع: الوقف على «قل الله»، ثم يبتدئ «شهيد بيني وبينكم». والوقف على {وَبَيْنَكُمْ} [19] حسن. {وَمَنْ بَلَغَ} [19] أحسن، والتفسير يدل على ما قاله محمد بن كعب القرظي (¬1): من بلغته آية من كتاب الله، فكأنما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم تلا: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [19]، وقيل: «ومن بلغ»، أي: احتلم؛ لأنَّ من لم يبلغ الحلم غير مخاطب، وقال نافع: الوقف على «قل الله»، فيكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: قل هو الله، ويبتدئ: «شهيد» على أنَّه خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو شهيد بيني وبينكم (¬2). ¬

_ (¬1) محمد بن كعب بن سليم، وقال ابن سعد: محمد بن كعب بن حيّان بن سليم، الإمام العلامة الصادق أبو حمزة، وقيل: أبو عبد الله القرظي المدني، من حلفاء الأوس، وكان أبوه كعب من سبي بني قريظة، سكن الكوفة، ثم المدينة، قيل: ولد محمد بن كعب في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يصح ذلك (ت 108هـ). انظر: سير أعلام النبلاء (5/ 65). (¬2) انظر: تفسير الطبري (11/ 289)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{قُلْ لَا أَشْهَدُ} [19] حسن، وقال أبو عمرو: كاف. {تُشْرِكُونَ (19)} [19] تام. {أَبْنَاءَهُمُ} [20] كاف، وقيل: تام، إن جعل «الذين» في محل رفع على الابتداء، والخبر «فهم لا يؤمنون»، ودخلت الفاء في الخبر؛ لما في إبهام الذين من معنى الشرط، وليس بوقف إن جعل «الذين» نعتًا لقوله: «الذين آتيناهم الكتاب»، أو بدلًا منهم. {لَا يُؤْمِنُونَ (20)} [20] تام. {بِآَيَاتِهِ} [21] كاف، ومثله «الظالمون»، وقيل: تام إن علق «يوم» باذكر محذوفة مفعولًا به، وليس بوقف إن علق بمحذوف متأخر تقديره: ويوم نحشرهم كان كيت وكيت، فترك ليبقى على الإبهام الذي هو أدخل في التخويف. {تَزْعُمُونَ (22)} [22] كاف، ومثله «مشركين»، و «يفترون». {إِلَيْكَ} [25] تام عند الأخفش، ومثله «وقرًا». {لَا يُؤْمِنُوا بِهَا} [25] حسن. {أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (25)} [25] كاف، على استئناف ما بعده. {وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [26] حسن؛ للابتداء بالنفي مع واو العطف. {وَمَا يَشْعُرُونَ (26)} [26] كاف. {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ} [27] حسن، وجواب «لو» محذوف، أي: لرأيت أمرًا فظيعًا شنيعًا، وحذف ليذهب الوهم إلى كل شيء، فيكون ذلك أبلغ في التخويف. {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ} [27] جائز، على قراءة رفع الفعلين بعده على الاستئناف، أي: ونحن لا نكذب، ونحن من المؤمنين رددنا أم لا، وأيضًا العامل قد أخذ معموليه؛ لأنَّ «نا» اسم «ليت»، وجملة «نُردُّ» في محل رفع خبر؛ وذلك من مقتضيات الوقف، وليس بوقف على قراءة نصبهما جوابًا للتمني، ولا على قراءة رفعهما عطفًا على «نرد» فيدخلان في التمني، ولا على قراءة رفع الأول ونصب الثاني؛ إذ لا يجوز الفصل بين التمني وجوابه (¬1). ¬

_ (¬1) قرأ حمزة ويعقوب وحفص: {وَلا نُكَذِّبَ}، {وَنَكُونَ} [27] بالنصب فيهما، وافقهم ابن عامر في {نَكُونَ} فقط. وقرأ الباقون بالرفع فيهما؛ وجه من قرأ بنصب الباء والنون فيهما؛ فذلك على أن الفعل الأول منصوب بأن مضمرة بعد واو المعية في جواب التمني والثاني معطوف عليه. وأما على قراءة ابن عامر فيرفع الفعل الأول عطفًا على: {نُرَدُّ} وينصب الفعل الثاني بعد واو المعية في جواب التمني، وقرأ الباقون: برفعهما عطفا على: {نُرَدُّ} أي ليتنا نرد ونوفق للتصديق والإيمان والواو للحال. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 206)، الإعراب للنحاس (1/ 541)، الإملاء للعكبري (1/ 139)، التيسير (ص: 102)، تفسير الطبري (11/ 318)، تفسير القرطبي (6/ 418)، النشر (2/ 257).

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27)} [27] كاف. {مِنْ قَبْلُ} [28] حسن. {لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [28] جائز، على أنَّ التكذيب إخبار من الله على عادتهم، وما هم عليه من الكذب في مخاطبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيكون منقطعًا عما قبله، وليس بوقف إن رجع إلى ما تضمنته جملة التمني بالوعد بالإيمان؛ إذ التقدير: يا ليتنا يكون لنا رد مع انتفاء التكذيب، وكوننا من المؤمنين (¬1). {لَكَاذِبُونَ (28)} [28] كاف. {الدُّنْيَا} [29] حسن؛ للابتداء بالنفي. {بِمَبْعُوثِينَ (29)} [29] كاف، وقيل: تام، ونقل عن جماعة ممن يجهل اللغة أنهم يكرهون الوقف على هذا وأشباهه، كقوله: 1 - {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140]. 2 - {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70)} [يوسف: 70]. 3 - {فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)} [إبراهيم: 30]. 4 - {وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20)} [الكهف: 20]. 5 - {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} [البقرة: 116]. وليس كما ظنوا، وذلك جهل منهم، لأنَّ الوقف على ذلك كله وما أشبهه مما ظاهره كفر، تقدم أنَّ الابتداء بما ظاهره ذلك غير معتقد لمعناه لا يكره ولا يحرم؛ لأنَّ ذلك حكاية قول قائلها، حكاها الله عنهم، ووعيد ألحقه الله بالكفار، والوقف والوصل في ذلك في المعتقد سواء، بل ومثل ذلك المستمع أيضًا، وتقدم ما يغني عن إعادته. {عَلَى رَبِّهِمْ} [30] حسن، ومثله «بالحق»، وكذا «وربنا». {تَكْفُرُونَ (30)} [30] تام. {بِلِقَاءِ اللَّهِ} [31] جائز، إن جعلت «حتى» ابتدائية، وليس بوقف إن جعلت غائية؛ لتكذيبهم، لا لخسرانهم؛ لأنَّه لا يزال بهم التكذيب إلى قولهم: يا حسرتنا وقت مجيء الساعة، فالساعة ظرف للحسرة، والعامل في «إذا» قوله: «يا حسرتنا». {فَرَّطْنَا فِيهَا} [31] تام عند نافع، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده جملة حالية، وذو الحال الضمير في «قالوا». {عَلَى ظُهُورِهِمْ} [31] حسن. {مَا يَزِرُونَ (31)} [31] أحسن مما قبله، و {وَلَهْوٌ} [32]، و {يَتَّقُونَ} [32] كلها حسان. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (11/ 321)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{تَعْقِلُونَ (32)} [32] تام، وعند من قرأ (¬1): «تعقلون» بالفوقية أتم. {الَّذِي يَقُولُونَ} [33] جائز، ومثله «فإنهم لا يكذبونك» قال بعضهم: لكن إذا كان بعدها جملة صلح الابتداء بها. {يَجْحَدُونَ (33)} [33] تام. {نَصْرُنَا} [34] حسن. {لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} [34] أحسن مما قبله. {الْمُرْسَلِينَ (34)} [34] كاف، اتفق علماء الرسم على زيادة الياء في تسعة مواضع: 1 - {أَفَإِنْ مَاتَ} [آل عمران: 144]. 2 - {مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34)} [34]. 3 - {مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} [يونس: 15]. 4 - {وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل: 90]. 5 - {وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ} [طه: 130]. 6 - {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34)} [الأنبياء: 34]. 7 - {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الشورى: 51]. 8 - {بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47]. 9 - {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ (6)} [القلم: 6]. ورسموا هذه كلها بزيادة الياء، وترسم بالحمرة كما ترى؛ لحكم علمها من علمها، وجهلها من جهل سنة متبعة. {بِآَيَةٍ} [35] حسن؛ لأنَّ جواب الشرط محذوف تقديره: فافعل أحد الأمرين ابتغاء النفق، وابتغاء السلم، ومثله «الهدى». {مِنَ الْجَاهِلِينَ (35)} [35] كاف. {يَسْمَعُونَ} [36] حسن. {يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ} [36] جائز. {يُرْجَعُونَ (36)} [36] تام. ¬

_ (¬1) قرأ نافع وأبو جعفر وابن عامر وحفص ويعقوب: بالتاء، وقرأ الباقون: بالياء؛ وجه من قرأ: بالتاء، أي: بتاء الخطاب على الالتفات. وقرأ الباقون: بياء الغيب؛ لمناسبة قوله: {خَيرٌ للذينَ يَتَّقُونَ}. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 207)، البحر المحيط (4/ 110)، التيسير (ص: 102)، تفسير الرازي (4/ 34)، النشر (2/ 257).

{آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} [37] حسن. {عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً} [37] ليس بوقف؛ لحرف الاستدراك. {لَا يَعْلَمُونَ (37)} [37] تام. {أَمْثَالُكُمْ} [38] حسن، ومثله «من شيء». {يُحْشَرُونَ (38)} [38] تام. {الظُّلُمَاتِ} [39] كاف؛ للابتداء بالشرط. {يُضْلِلْهُ} [39] حسن. {مُسْتَقِيمٍ (39)} [39] تام. {صَادِقِينَ (40)} [40] كاف. {إِيَّاهُ تَدْعُونَ} [41] جائز؛ لأنَّ جواب «إن» الشرطية منتظر محذوف تقديره: إن كنتم صادقين فأجيبوا. {إِنْ شَاءَ} [41] حسن، ومفعول «شاء» محذوف تقديره: إن شاء كشفه. {مَا تُشْرِكُونَ (41)} [41] تام. {يَتَضَرَّعُونَ (42)} [42] كاف. {تَضَرَّعُوا} [43] جائز، كذا قيل. {قُلُوبُهُمْ} [43] مثله، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعلت الجملة داخلة تحت الاستدراك، فيكون الحامل على ترك التضرع قسوة قلوبهم، وإعجابهم بأعمالهم التي كان الشيطان سببًا في تحسينها لهم، وهذا أولى (¬1). {يَعْمَلُونَ (43)} [43] كاف، وقيل: تام. {أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} [44] حسن. {مُبْلِسُونَ (44)} [44] كاف، على استئناف ما بعده. {الَّذِينَ ظَلَمُوا} [45] جائز. {رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)} [45] تام. {يَأْتِيكُمْ بِهِ} [46] حسن، وقيل: كاف، وقيل: تام. {يَصْدِفُونَ (46)} [46] تام. {أَوْ جَهْرَةً} [47] لم ينص أحد عليه، لكن نصوا على نظيره، ووسموه بالتمام في قوله: {ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ} [يونس: 52]؛ للاستفهام بعده، وشرطوا في النظير أن يكون ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (11/ 356)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

منصوصًا عليه، فهذا مثله؛ لأنَّ جملة «هل يهلك» معناها النفي، أي: ما يهلك إلَّا القوم الظالمون، ولذلك دخلت «إلَّا»، فهو جائز. {الظَّالِمُونَ (47)} [47] كاف. {وَمُنْذِرِينَ} [48] حسن. {عَلَيْهِمْ} [48] جائز. {يَحْزَنُونَ (48)} [48] تام، ومثله «يفسقون». {خَزَائِنُ اللَّهِ} [50] حسن. {الْغَيْبَ} [50] أحسن مما قبله. {إِنِّي مَلَكٌ} [50] جائز، وهذه الأجوبة الثلاثة لما سأله المشركون: فالأول جواب لقولهم: إن كنت رسولًا فاسأل الله يوسع علينا خيرات الدنيا. والثاني جواب: إن كنت رسولًا فأخبرنا بما يقع في المستقبل من المصالح والمضار، فنستعد لتحصيل تلك ودفع هذه. والثالث جواب قولهم: مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق (¬1). {مَا يُوحَى إلي} [50] كاف، ومثله «البصير»؛ للابتداء بالاستفهام. {تَتَفَكَّرُونَ (50)} [50] تام. {إِلَى رَبِّهِمْ} [51]، و {وَلَا شَفِيعٌ} [51] ليسا بوقف؛ لأن ليس لهم في موضع الحال وذو الحال الواو في «يحشرون»، والعلة في الثاني الابتداء بحرف الترجي وهو في التعلق كـ (لام كي)، أي: وأنذرهم رجاء أن تحصل لهم التقوى. {يَتَّقُونَ (51)} [51] تام، ولا وقف من قوله: «ولا تطرد الذين» إلى «الظالمين»؛ فلا يوقف على «من شيء» فيهما؛ لأنَّ «فتطردهم» جواب للنفي، و «فتكون» جواب النهي؛ لأنَّ «ولا تطرد» نهي، وجوابه «فتكون»، و «بعده» في التقدير: ما عليك من حسابهم من شيء، فهو نفي مقدم من تأخير؛ لأنَّه لو تأخر لكان في موضع الصفة، و «عليك» في موضع خبر المبتدأ، كأنَّه قال: ما شيء من حسابهم عليك، وجواب النفي «فتطردهم» على التقديم والتأخير، فينتفي الحساب والطرد، وصار جواب كل من النهي والنفي على ما يناسبه؛ فجملة النفي وجوابه معترضة بين النهي وجوابه. {الظَّالِمِينَ (52)} [52] كاف. {مِنْ بَيْنِنَا} [53] حسن؛ للاستفهام بعده. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (11/ 371)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{بِالشَّاكِرِينَ (53)} [53] كاف. {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [54] حسن. {الرَّحْمَةَ} [54] كاف على قراءة من قرأ: «إنَّه» بكسر الهمزة استئنافًا، وبها قرأ ابن كثير، وحمزة، وأبو عمرو، والكسائي بكسر الهمزة فيهما (¬1)، وعاصم، وابن عامر يفتحان الأولى والثانية، وليس بوقف لمن فتحهما (¬2)؛ بجعله مع ما بعده بيانًا للرحمة، فلا يوقف على ما قبل الأولى، ولا على ما قبل الثانية؛ لأنَّ الثانية معطوفة على الأولى، فهي منصوبة من حيث انتصبت، فلو أضمر مبتدأ، أي: فأمره أنه غفور رحيم، أو هو أنه غفور رحيم –حسن، وقال أبو عمرو: تام. {نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ} [55] ليس بوقف؛ لأنَّ اللام في «ولتستبين» متعلقة بما قبلها. {الْمُجْرِمِينَ (55)} [55] تام. {مِنْ دُونِ اللَّهِ} [56] كاف. {أَهْوَاءَكُمْ} [56] ليس بوقف؛ لأنَّ «إذا» متعلقة بقوله: «لا أتبع»، و «إذا» معناها: الجزاء، أي: قد ضللت إن اتبعت أهواءكم. {الْمُهْتَدِينَ (56)} [56] كاف. {مِنْ رَبِّي} [57] جائز. {وَكَذَّبْتُمْ بِهِ} [57] حسن، ومثله «ما تستعجلون به». {إِلَّا لِلَّهِ} [57] جائز، ومثله «يقض الحق»، وعند من قرأ (¬3): «يقصُّ» بالصاد أحسن، وتقدم أن رسم «يقض» بغير ياء بعد الضاد. {الْفَاصِلِينَ (57)} [57] كاف، وقيل: تام. {بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [58] كاف. ¬

_ (¬1) أي: هما في قوله: {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ}، {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [54]. (¬2) من قرأ بفتح الهمزة في: {أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ} فالهمزة بدل من: {الرَّحْمَةَ} ومن فتح في قوله: {فَإِنَّهُ} فعلى إضمار خبر مقدم كأنه قال: فله أنه غفور له، أي: فله غفران الله. وقرأ الباقون بالكسر فيهما فتكون الأولى تفسيرا للرحمة والثانية حكمها الابتداء والاستئناف لأنها مسبوقة بفاء الجواب ويجوز أن يكون الكسر في الموضعين على مذهب الحكاية. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 208)، الإعراب للنحاس (1/ 550)، الإملاء للعكبري (1/ 142)، البحر المحيط (4/ 141)، التيسير (ص: 102)، النشر (2/ 258). (¬3) قرأ نافع وابن كثير وأبو جعفر وعاصم بالصاد، أي: بالصاد مشددة مرفوعة مع ضم القاف. وقرأ الباقون: {يَقُصُّ} بالضاد وهي مخففة مكسورة مع سكون القاف من القضاء. انظر: إتحاف الفضلاء (ص: 209)، الإعراب للنحاس (1/ 551)، الإملاء للعكبري (1/ 142)، البحر المحيط (4/ 143)، تفسير الطبري (11/ 199)، تفسير القرطبي (6/ 439).

{بِالظَّالِمِينَ (58)} [58] تام. {إِلَّا هُوَ} [59] حسن، وقال العباس بن الفضل: تام. {وَالْبَحْرِ} [59] حسن، ومثله «في ظلمات الأرض» لمن قرأ: «ولا رطبٌ ولا يابسٌ» بالرفع على الابتداء، وبها قرأ الحسن وهي قراءة شاذة (¬1)، وليس بوقف لمن رفع ذلك على أنَّه معطوف على المحل في قوله: «من ورقة»؛ لأنَّ «من» زائدة، و «ورقة» فاعل «تسقط»، ويعلمها مطلقًا قبل السقوط ومعه وبعده، و «يعلمها» في موضع الحال من «ورقة» وهي حال من النكرة، كما تقول: ما جاء أحد إلَّا راكبًا، بعضهم وقف على قوله: «ولا يابس»، ثم استأنف خبرًا آخر بقوله: «إلَّا في كتاب مبين» بمعنى: وهو في كتاب مبين أيضًا، قال: لأنَّك لو جعلت قوله: «إلَّا في كتاب» متصلًا بالكلام الأول لفسد المعنى إن اعتقد أنَّه استثناء آخر مستقل يعمل فيه «يعلمها»، فينقلب معناه إلى الإثبات، أي: لا يعلمها إلَّا في كتاب، وإذا لم يكن إلَّا في كتاب وجب أن يعلمها في كتاب؛ فإذًا الاستثناء الثاني بدل من الأول، أي: وما تسقط من ورقة إلَّا هي في كتاب ويعلمها. اهـ سمين، أما لو جعله استثناءً مؤكدًا للأول لم يفسد المعنى، وجعله أبو البقاء استثناءً منقطعًا تقديره: لكن هو في كتاب مبين، وبهذا التقدير يزول الفساد (¬2). {إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [59] تام. {أَجَلٌ مُسَمًّى} [60] جائز؛ لأنَّ «ثم» لترتيب الأخبار مع اتحاد المقصود. {تَعْمَلُونَ (60)} [60] تام. {فَوْقَ عِبَادِهِ} [61] جائز، ومثله «حفظة». {وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61)} [61] حسن. {مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} [62] كاف؛ للاستفهام بعده. {الْحَاسِبِينَ (62)} [62] تام. {وَخُفْيَةً} [63] جائز؛ لاحتمال الإضمار، أي يقولون: لئن أنجيتنا، وتعلق «لئن» بمعنى القول في «تدعونه» أصح، وفي «لئن أنجيتنا» اجتماع الشرط والقسم، وقرأ الكوفيون: «أنجانا»، والباقون: «أنجيتنا» بالخطاب (¬3)، وقد قرأ كلٌّ بما رسم في مصحفه. {الشَّاكِرِينَ (63)} [63] كاف، وكذا «تشركون»، و «بأس بعض»، و «يفقهون»، و «وهو الحق»، و «بوكيل»، و «مستقر»؛ للابتداء بالتهديد مع شدة اتصال المعنى، و «تعلمون»؛ للابتداء بالشرط، و «في ¬

_ (¬1) ورويت أيضًا عن ابن السميفع وابن أبي إسحاق. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 552)، الإملاء للعكبري (1/ 142)، البحر المحيط (4/ 146)، تفسير القرطبي (7/ 5)، المعاني للفراء (1/ 337). (¬2) انظر: تفسير الطبري (11/ 401)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬3) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 210)، الإعراب للنحاس (1/ 553)، الإملاء للعكبري (1/ 143)، البحر المحيط (4/ 150)، السبعة (ص: 259، 260).

حديث غيره»، و «الظالمين» كلها وقوف كافية، وقيل: كلها حسان. {مِنْ شَيْءٍ} [69] جائز، ولكن إذا كان بعدها جملة صلح الابتداء بها، أي: ولكن هي ذكرى. {يَتَّقُونَ (69)} [69] تام. {الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [70] جائز. {بِمَا كَسَبَتْ} [70] جائز، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعلت صفة «نفس». {وَلَا شَفِيعٌ} [70] حسن، وقيل: كاف؛ للابتداء بالشرط مع العطف. {لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا} [70] حسن. {بِمَا كَسَبُوا} [70] كاف، على استئناف ما بعده. {يَكْفُرُونَ (70)} [70] تام، ولا وقف إلى «حيران»، فلا يوقف على قوله: «ولا يضرنا»، ولا على «بعد إذ هدانا الله». {حَيْرَانَ} [71] تام، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل صفة لـ «حيران»، وهو أولى؛ لأنَّ تمام التمثيل «حيران»، والمعنى: أنَّ أبويه والمسلمين يقولون له: تابعنا على الهدى. {ائْتِنَا} [71] حسن، ومثله «الهدى». {الْعَالَمِينَ (71)} [71] جائز، قال شيخ الإسلام: وليس بحسن وإن كان رأس آية؛ لتعلق ما بعده بما قبله؛ لأنَّ التقدير: وأمرنا بأن نسلم. {وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ} [72] حسن، وقال أبو عمرو: كاف. {تُحْشَرُونَ (72)} [72] كاف، ومثله «بالحق» إن نصب «يوم» باذكر مقدرًا مفعولًا به، وليس بوقف إن عطف على هاء «واتقوه» أو جعل «يوم» خبر قوله: «قوله الحق»، و «الحق» صفة، والتقدير: قوله الحق كائن يوم يقول كما تقول اليوم القتال، أو الليلة الهلال، أو عطف على «السموات» للفصل بين المتعاطفين. {كُنْ} [73] جائز، و «كن» معمول لقوله: «يقول»، وقوله: «فيكون» خبر مبتدأ محذوف تقديره: فهو يكون، وهذا تمثيل لإخراج الشيء من العدم إلى الوجود بسرعة لا أنَّ ثم شيئًا يؤمر أو يرجع إلى القيامة، يقول للخلق: موتوا فيموتون، وقوموا فيقومون (¬1). {فَيَكُونُ} [73] حسن، ومثله: «قوله الحق». {فِي الصُّورِ} [73] كاف، إن رفع ما بعده خبر مبتدأ محذوف، وليس بوقف إن رفع نعتًا «للذي خلق»، أو قريء بالخفض بدلًا من الهاء في قوله: «وله الملك»، وهي قراءة الحسن، والأعمش، ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (11/ 458)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

وعاصم (¬1). {وَالشَّهَادَةِ} [73] كاف. {الْخَبِيرُ (73)} [73] تام، إن علق «إذ» باذكر مقدرًا مفعولًا به. {لِأَبِيهِ} [74] جائز، لمن رفع «آزرُ» على النداء (¬2)، ثم يبتدئ «آزر»، وليس بوقف لمن خفضه بدلًا من الهاء في «أبيه»، أو عطف بيان، وبذلك قرأ السبعة (¬3)، وهو مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنَّه اسم لا ينصرف، والمانع من الصرف: العلمية، ووزن الفعل، وكذا إن جعل «آزر» خبر مبتدأ محذوف، أي: هو آزر، فيكون بيانًا لأبيه نحو: {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ} [الحج: 72] على معنى: هي النار. {أَصْنَامًا آَلِهَةً} [74] حسن؛ للابتداء بـ «أن» مع اتحاد المقول. {مُبِينٍ (74)} [74] حسن، ومثله «الأرض»، «وليكون من الموقنين»، واللام متعلقة بمحذوف، أي: أريناه الملكوت، وبعضهم جعل الواو في «وليكون» زائدة، فلا يوقف على «الأرض»، بل على «الموقنين»، واللام متعلقة بالفعل قبلها إلَّا أنَّ زيادة الواو ضعيفة، ولم يقل بها إلَّا الأخفش، أو أنها عاطفة على علة محذوفة، أي: ليستدل، وليكون، أو ليقيم الحجة على قومه بإفراد الحق، وكونه لا يشبه المخلوقين. {الْمُوقِنِينَ (75)} [75] كاف. {هَذَا رَبِّي} [76] حسن. {الْآَفِلِينَ (76)} [76] كاف. {هَذَا رَبِّي} [77] حسن، على حذف همزة الاستفهام، أي: أهذا ربي؟ كقوله: طَرِبْتُ وَمَا شَوْقًا إِلَى البِيضِ أَطْرَبُ ... وَلَا لَعِبًا مِنِّي وَذُو الشَّيْبِ يَلْعَبُ (¬4) ¬

_ (¬1) أي: خفض «عالِمِ»، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (7/ 557)، الإملاء للعكبري (1/ 144)، البحر المحيط (4/ 161)،تفسير القرطبي (7/ 21). (¬2) وهي قراءة يعقوب الحضرمي. انظر هذه القراءة في: المعاني للفراء (1/ 340). (¬3) وقرأ السبعة وأبو جعفر وخلف بالنصب في موضع الخفض؛ لأنه لم ينصرف، ووجهه أنه على البدل من «أبيه». انظر: المعاني للفراء (1/ 340). (¬4) البيت من الطويل، وقائله الكميت الأسدي، من قصيدة يقول فيها: ولم يُلهِنِي دارٌ ولا رَسمُ مَنزِلٍ ... ولم يَتَطَرَّبنِي بَنضانٌ مُخَضَّبُ وَلاَ أنَا مِمَّن يَزجرُ الطَّيرُ هَمُّهُ ... أصَاحَ غُرَابٌ أم تَعَرَّضَ ثَعلَبُ الكميت بن زيد الأسدي (60 - 126 هـ/680 - 744 م) الكميت بن زيد بن خنيس الأسدي أبو المستهل، شاعر الهاشميين، من أهل الكوفة، اشتهر في العصر الأموي، وكان عالمًا بآداب العرب ولغاتها وأخبارها وأنسابها، ثقة في علمه، منحازًا إلى بني هاشم، كثير المدح لهم، متعصبًا للمضرية على القحطانية، وهو من أصحاب الملحمات، أشهر قصائده (الهاشميات - ط)، وهي عدة قصائد في مدح الهاشميين، ترجمت إلى الألمانية، قال أبو عبيدة: (لو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت، لكفاهم)، وقال أبو عكرمة الضبي: (لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان، اجتمعت فيه خصال لم تجتمع لشاعر: كان خطيب بني أسد، وفقيه الشيعة، وكان فارسًا شجاعًا، سخيًا، راميًا لم يكن في قومه أرمى منه)، له (الهاشميات).-الموسوعة الشعرية.

وقوله: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ} [الشعراء: 22] على تقدير: أذو الشيب؟ وأتلك؟ {الضَّالِّينَ (77)} [77] كاف. {هَذَا أَكْبَرُ} [78] حسن. {تُشْرِكُونَ (78)} [78] كاف، وكذا «حنيفًا»، و «من المشركين». {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ} [80] حسن. {وَقَدْ هَدَانِ} [80] أحسن مما قبله؛ لانتهاء الاستفهام؛ لأنَّ «وقد هدان» جملة حالية، وصاحبها الياء في «أتحاجونني»، أي: أتحاجونني فيه حال كوني مهديًّا من عنده، «ولا أخاف» استئناف إخبار، وقوله: «في الله»، أي: في شأنه ووحدانيته، قاله نافع، قال: المعرب والظاهر انقطاع الجملة القولية عما قبلها. {شَيْئًا} [80] حسن، ومثله «علمًا»، وقيل: كاف. {أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80)} [80] كاف. {سُلْطَانًا} [81] حسن. {تَعْلَمُونَ (81)} [81] تام؛ لتناهي الاستفهام إلى ابتداء الأخبار، ولو وصله بما بعده لاشتبه بـ «أن الذين آمنوا» متصل بما قبله، بل هو مبتدأ خبره أولئك لهم إلَّا من؛ لأنَّ جواب «إن» منتظر محذوف تقديره: إن كنتم من أهل العلم فأخبروني أيُّ الفريقين المشركين، أم الموحدين أحق بالأمن؟ وأضاف أيًّا إلى الفريقين، ويعني فريق المشركين، وفريق الموحدين، وعدل عن أينا أحق بالأمن أنا، أم أنتم احترازًا من تجريد نفسه، فيكون ذلك تزكية لها (¬1). {بِظُلْمٍ} [82] ليس بوقف؛ لأنَّ خبر المبتدأ لم يأت، وهو: «أولئك لهم الأمن»، أو «الذين» مبتدأ، و «أولئك» مبتدأ ثان، و «لهم الأمن» خبر «أولئك»، والجملة من «أولئك» وما بعده خبر عن الأول، لا إن جعل «الذين» خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين، ووقف نافع على «بظلم» كان التقدير عنده: فأي الفريقين أحق بالأمن الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم، أم الذين لم يؤمنوا؟ فعلى هذا وصلت «الذين» بما قبله، وابتدأت بـ «أولئك». ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (11/ 490)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{لَهُمُ الْأَمْنُ} [82] جائز. {وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)} [82] تام. {عَلَى قَوْمِهِ} [83] كاف، على استئناف ما بعده، «من نشاء» كذلك. {عَلِيمٌ (83)} [83] تام. {وَيَعْقُوبَ} [84] حسن، ومثله «كلًّا هدينا»؛ لأنَّ «نوحًا» مفعول لما بعده، ولو وصل بما بعده لا لتبس بأنَّه مفعول لما قبله. {وَنُوحًا هَدَيْنَا} [84] حسن. {مِنْ قَبْلُ} [84] كاف، على أنَّ الضمير في «ومن ذريته» عائد على نوح؛ لأنَّه أقرب مذكور؛ لأنَّه ذكر لوطًا، وليس هو من ذرية إبراهيم؛ لأنَّ لوطًا ابن أخي إبراهيم، فهو من ذرية نوح، والمعنى: ونوحًا هدينا من قبل إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، وعدَّ من جملة الذرية يونس، وليس هو أيضًا من ذرية إبراهيم إلَّا أن يقال: أرادوا هدى يونس ولوطًا، فعلى هذا التقدير يكون الوقف على «وإليسع» كافيًا، وقال ابن عباس: هؤلاء الأنبياء مضافون إلى ذرية إبراهيم، وإن كان منهم من لم تلحقه ولادة من جهتين من قبل أب وأم؛ لأنَّ لوطًا ابن أخي إبراهيم، والعرب تجعل العم أبًا، كما أخبر الله عن ولد يعقوب: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة: 133] فإسمعيل عم يعقوب، فعلى هذا لم يكن الوقف على «كلًّا هدينا»، ولا على «نوحًا هدينا من قبل»، والوقف على هذا التأويل على قوله: وإلياس وإسمعيل» منصوب بفعل مضمر، وما بعده معطوف عليه بتقدير: ووهبنا له اهـ نكزاوي (¬1). {وَهَارُونَ} [84] حسن. {الْمُحْسِنِينَ (84)} [84] كاف. {وَإِلْيَاسَ} [85] حسن. {الصَّالِحِينَ (85)} [85] كاف. {وَلُوطًا} [86] حسن. {الْعَالَمِينَ (86)} [86] كاف، على استئناف ما بعده، ويكون التقدير: ومن هو من آبائهم، وكذا إن قدرته: وهدينا بعض آبائهم، فـ «من» على هذا التقدير للتبعيض؛ لأنَّ هذه الأسماء ترتب آخرها على أولها. {وَإِخْوَانِهِمْ} [87] جائز، على إضمار الخبر، المعنى: ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم من هو صالح، ثم قال: «واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم». ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (11/ 507)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{مُسْتَقِيمٍ (87)} [87] كاف. {مِنْ عِبَادِهِ} [88] حسن. {يَعْمَلُونَ (88)} [88] كاف. {وَالنُّبُوَّةَ} [89] كاف؛ للابتداء بالشرط مع الفاء. {بِكَافِرِينَ (89)} [89] تام. {اقْتَدِهِ} [90] حسن، وقيل: تام، وأكثر القراء يستحسنون الوقف على كل هاء سكت؛ لأنَّ هاء السكت إنَّما اجتلبت للوقف خاصة. {أَجْرًا} [90] حسن؛ للابتداء بالنفي؛ لأنَّ «أن» بمعنى: ما. {لِلْعَالَمِينَ (90)} [90] تام. {مِنْ شَيْءٍ} [91] حسن، ومثله «للناس» سواء قرئ ما بعده بالغيبة، أم بالخطاب (¬1)، وقيل: إن قرئت أي الأفعال الثلاثة وهي: «يجعلونه قراطيس»، و «يبدونها»، و «يخفون» بالغيبة مخاطبة لليهود، وقوله: {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ} [91] مخاطبة للمسلمين كان كافيًا؛ لأنَّ ما بعده استئناف، وهي قراءة مجاهد، وابن كثير، وأبي عمرو، ومخاطبة لمشركي العرب، وإن قرئت بالتاء الفوقية فليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده خطاب متصل بالخطاب الذي تقدم في قوله: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ} [91] فلا يقطع بعضه من بعض. {قُلِ اللَّهُ} [91] حسن، الجلالة فاعل بفعل محذوف، أي: قل أنزله الله، أو هو مبتدأ، والخبر محذوف، أي: الله أنزله. {يَلْعَبُونَ (91)} [91] تام، وقال نافع: التام «قل الله». {وَمَنْ حَوْلَهَا} [92] حسن. {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [92] جائز، و «الذين» مبتدأ خبره «يؤمنون»، ولم يتحدِ المبتدأ والخبر؛ لتغاير متعلقهما. {يُحَافِظُونَ (92)} [92] كاف، وقيل: تام. {مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [93] حسن، وقيل: تام. ¬

_ (¬1) أي: في الأفعال الثلاثة. وجه من قرأ بالياء فيهن أي: بياء الغيب على إسناده للكفار مناسبة لقوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ}. وقرأ الباقون: بتاء الخطاب، أي: قل لهم ذلك. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 213)، الإملاء للعكبري (1/ 146)، البحر المحيط (4/ 187)، التيسير (ص: 105)، النشر (2/ 260)، الكشف (1/ 440).

{غَمَرَاتِ الْمَوْتِ} [93] كاف، وجواب «لو» محذوف تقديره: لرأيت أمرًا عظيمًا، و «الظالمون» مبتدأ خبره «في غمرات الموت». {بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ} [93] جائز، قال ابن عباس: باسطو أيديهم بالعذاب. {أَنْفُسَكُمُ} [93] حسن، على تقدير محذوف، أي يقولون: أخرجوا أنفسكم، وهذا القول في الدنيا، وقيل: في الآخرة، والمعنى: خلصوا أنفسكم من العذاب، والوقف على قوله: «اليوم»، والابتداء بقوله: «تجزون عذاب الهون»، وقيل: «اليوم» منصوب بـ «تجزون»، والوقف حينئذ على «أنفسكم»، والابتداء بقوله: «اليوم»، والمراد بـ «اليوم»: وقت الاحتضار، أو يوم القيامة. {غَيْرَ الْحَقِّ} [93] كاف، إن جعل ما بعده مستأنفًا، وليس بوقف إن عطف على بـ «ما كنتم»، معللًا جزاء العذاب بكذبهم على الله، وباستكبارهم عن آياته (¬1). {تَسْتَكْبِرُونَ (93)} [93] كاف، وقيل: تام؛ لأنَّه آخر كلام الملائكة. {وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} [94] حسن؛ للابتداء بالنفي. {شُرَكَاءُ} [94] أحسن. {بَيْنَكُمْ} [94] كاف. {تَزْعُمُونَ (94)} [94] تام. {وَالنَّوَى} [95] حسن، وقيل: كاف، على استئناف ما بعده. {مِنَ الْحَيِّ} [95] كاف. {تُؤْفَكُونَ (95)} [95] حسن، وقيل: وصله أحسن؛ لأنَّ «فالق الإصباح» تابع لما قبله. {فَالِقُ الْإِصْبَاحِ} [96] حسن، على قراءة: «وجعل» فعلًا ماضيًا، أي: فلق وجعل ونصب الليل والشمس والقمر، وهي قراءة الكوفيين، وأما على قراءة الباقين: «وجاعل» (¬2)، فالوقف على «حسبانًا»، فعلى قراءة غير الكوفيين: الناصب للشمس والقمر فعل مقدر، تقول: هذا ضارب زيدًا الآن أو غدًا وعمرًا، فنصب عمرًا بفعل مقدر، لا على موضع المجرور باسم الفاعل، وعلى رأي الزمخشري: النصب على محل الليل، ومنه قول: ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (11/ 537)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) وجه من قرأ: {وَجَعَلَ} بغير ألف وفتح اللام، و {الليلَ} بالنصب؛ على أن «جعل» فعل ماض و «الليل» مفعول به. وقرأ الباقون: {جَاعِلُ} بالألف بعد الجيم وكسر العين ورفع اللام و «الليل» بالخفض، على أن «جاعل» اسم فاعل أضيف إلى مفعوله. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 214)، الإعراب للنحاس (1/ 567)، البحر المحيط (4/ 226)، تفسير الطبري (11/ 556)، التيسير (ص: 105).

هَل أَنتَ باعِثُ دينارٍ لِحاجَتِنا ... أَو عَبدَ رَبٍّ أَخا عَونِ بنِ مِخراقِ (¬1) بنصب عبد. {حُسْبَانًا} [96] حسن، على القراءتين (¬2). {الْعَلِيمِ (96)} [96] كاف. {وَالْبَحْرِ} [97] حسن. {يَعْلَمُونَ (97)} [97] تام. {وَمُسْتَوْدَعٌ} [98] حسن. {يَفْقَهُونَ (98)} [98] تام، قال ابن عباس (¬3): مستقر في الأرض ومستودع عند الله، وقال ابن مسعود (¬4): مستقر في الرحم، ومستودع في القبر، أو مستودع في الدنيا. {كُلِّ شَيْءٍ} [99] جائز. والوقف على {خَضِرًا} [99]، وعلى {مُتَرَاكِبًا} [99] حسن. {دَانِيَةٌ} [99] كاف، لمن رفع «جناتٌ» مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: لهم جنات، أو مبتدأ والخبر محذوف تقديره: وجنات من أعناب أخرجناها، وهي قراءة الأعمش (¬5)، ولا يصح رفعه عطفًا على «قنوان»؛ لأنَّ الجنة من الأعناب لا تكون من القنوان، ومعنى «دانية» أي: قريبة تدنو بنفسها لمن يجنيها، وليس بوقف لمن نصب «جنات» عطفًا على «حبًّا»، أو على «نبات»، وإن نصبتها بفعل مقدر، أي: وأخرجنا به جنات كانت الوقوف على {خَضِرًا} [99]، وعلى {مُتَرَاكِبًا} [99]، وعلى {دَانِيَةٌ} [99] كافية. {مِنْ أَعْنَابٍ} [99] جائز. ¬

_ (¬1) البيت من البسيط، وقائله ثابت بن جابر بن سفيان، وهو مشهور بـ (تَأبَط شَرًا)، تَأبَط شَرًا (? - 85 ق. هـ /? - 540 م) ثابت بن جابر بن سفيان، أبو زهير، الفهمي، من مضر، شاعر عدّاء، من فتاك العرب في الجاهلية، كان من أهل تهامة، شعره فحل، قتل في بلاد هذيل وألقي في غار يقال له رخمان فوجدت جثته فيه بعد مقتله.-الموسوعة الشعرية (¬2) أي: قراءتي «وجعل، وجاعل» المشار إليهما سابقًا. (¬3) انظر: تفسير القرطبي (7/ 47). (¬4) انظر: المصدر السابق (3/ 172). (¬5) وقرأها معه محمد بن أبي ليلى والمطوعي والأعمش ويحيى بن يعمر والبرجمي، وهي رواية شاذة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 214)، الإعراب للنحاس (1/ 569)، الإملاء للعكبري (1/ 148)، البحر المحيط (4/ 190)، تفسير الطبري (11/ 577)، الحجة لابن خالويه (ص: 146)، الحجة لابن زنجلة (ص: 264)، الكشاف (2/ 31).

{وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} [99] حسن، وقيل: كاف. {وَيَنْعِهِ} [99] كاف، و «ينعه» من باب ضرب، يقال: ينع الثمر يينع ينعًا، وينوعًا إذا نضج وأدرك وأينع مثله، أي: وانظروا إلى إدراكه واحمراره، قرأ الأخوان: «إلى ثُمُره» بضمتين، والباقون: بفتحتين (¬1). {يُؤْمِنُونَ (99)} [99] تام. {شُرَكَاءَ الْجِنَّ} [100] كاف، ومثله «وخلقهم»، وهو أكفى لمن قرأ، و «خلَقهم» بفتح اللام، وفي «الجن» الحركات الثلاث؛ فالرفع على تقدير: هم الجن، جوابًا لمن قال: من الذين جعلوا لله شركاء؟ فقيل: هم الجن، وبها قرأ أبو حيوة (¬2)، والنصب على أنَّه مفعول ثان لـ «جعل»، وضعف قول من نصبه بدلًا من «شركاء»؛ لأنَّه لا يصح للبدل أن يحل محل المبدل منه، فلا يصح «وجعلوا لله الجنَّ» بالنصب قرأ العامة، و «الجنِّ» بالجر والإضافة وبها قرأ شعيب بن أبي حمزة، ويزيد بن قطيب (¬3). {بِغَيْرِ عِلْمٍ} [100] كاف، وقيل: تام؛ للابتداء بالتنزيه. {يَصِفُونَ (100)} [100] تام، على استئناف ما بعده خبر مبتدأ محذوف، أي: هو بديع، أو مبتدأ وخبره ما بعده من قوله: «أنى يكون له ولد»، وعليه فلا يوقف على «الأرض»؛ لئلاَّ يفصل بين المبتدأ وخبره، وإن جعل «بديع» بدلًا من قوله: «لله»، أو من الهاء في «سبحانه»، أو نصب على المدح -جاز الوقف على «الأرض». {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [101] حسن، ومثله «كل شيء». {عَلِيمٌ (101)} [101] أحسن منهما. {إِلَّا هُوَ} [102]، و {فَاعْبُدُوهُ} [102]، و {وَكِيلٌ (102)} [102] كلها حسان، ومثلها «الأبصار» الثاني. {الْخَبِيرُ (103)} [103] تام. {مِنْ رَبِّكُمْ} [104] حسن؛ للابتداء بالشرط. ¬

_ (¬1) وجه من قرأ بضم الثاء والميم فيهن؛ أنه جمع: ثمرة، كخشبة وخشب. وقرأ الباقون: بفتحهما فيهن، اسم جنس، كشجر وشجرة، غير أن رواية عبد الوارث هذه لا يقرأ بها لأبي عمرو من طرق النشر والشاطبية. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 214)، الإعراب للنحاس (1/ 570)، الإملاء للعكبري (1/ 148)، البحر المحيط (4/ 191)، تفسير الطبري (11/ 579)، النشر (2/ 260)، تفسير الرازي (4/ 147). (¬2) أي: برفع «الجنُّ»، وقرأها معه يزيد بن قطيب، وهي رواية شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (4/ 193)، الكشاف (2/ 31)، تفسير الرازي (4/ 109). (¬3) ورويت أيضًا عن أبي حيوة، وهي رواية شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (4/ 193)، تفسير الرازي (4/ 109).

{فَعَلَيْهَا} [104] كاف؛ للابتداء بالنفي، ومثله «بحفيظ». {يَعْلَمُونَ (105)} [105] تام؛ للابتداء بالأمر. {مِنْ رَبِّكَ} [106] كاف. {إِلَّا هُوَ} [106] حسن. {الْمُشْرِكِينَ (106)} [106] كاف. {مَا أَشْرَكُوا} [107] حسن، ومثله «حفيظًا». {بِوَكِيلٍ (107)} [107] تام. {مِنْ دُونِ اللَّهِ} [108] ليس بوقف؛ لمكان الفاء. {بِغَيْرِ عِلْمٍ} [108] كاف. {عَمَلَهُمْ} [108] حسن، و «ثم» لترتيب الأخبار، لا لترتيب الفعل. {يَعْمَلُونَ (108)} [108] كاف، ومثله «ليؤمنن بها». {عِنْدَ اللَّهِ} [109] تام. {وَمَا يُشْعِرُكُمْ} [109] أتم، على قراءة «إنها» بكسر الهمزة، وبها قرأ ابن كثير، وأبو عمرو (¬1)، استئناف أخبار عنهم أنهم لا يؤمنون إذا جاءت الآية، «وما يشعركم»، أي: وما يدريكم إيمانهم إذا جاءت، فأخبر الله عنهم بما علمه منهم، فقال: إنَّها إذا جاءت «لا يؤمنون» على الاستئناف، وليس بوقف على قراءتها بالفتح (¬2)، و «ما» استفهامية مبتدأ، والجملة بعدها خبرها، وهي تتعدى لمفعولين: الأول ضمير الخطاب، والثاني محذوف، أي: وأي شيء يدريكم إذا جاءتهم الآيات التي يقترحونها؟ لأنَّ التقدير على فتحها؛ لأنَّها إذا جاءت لا يؤمنون، أو بأنها، وقد سأل سيبويه الخليل عنها، فقال: هي بمنزلة قول العرب: أين السوق إنك تشتري لنا شيئًا، أي: لعلك، فعلى قوله وقفت على «يشعركم»، كما وقفت في المكسورة أيضًا، فمن أوجه الفتح كونها بمعنى: لعل، أو كونها على تقدير: العلة قال الزمخشري: وما يشعركم وما يدريكم أنَّ الآيات التي يقترحونها إذا جاءت لا يؤمنون، يعني: أنا أعلم إنها إذا جاءت لا يؤمنون بها وأنتم لا تدرون، وذلك أنَّ المؤمنين كانوا طامعين إذا جاءت تلك الآيات، ويتمنون مجيئها، فقال تعالى: وما يدريكم أنَّهم لا يؤمنون لما سبق في علمي أنهم لا يؤمنون، فعلى هذا لا ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص: 215)، الإعراب للنحاس (1/ 573)، الإملاء للعكبري (1/ 149)، البحر المحيط (4/ 201، 202)، التيسير (ص: 106)، المعاني للأخفش (285)، المعاني للفراء (1/ 365)، النشر (2/ 261). (¬2) وهي قراءة الباقين، وجه من قرأ بكسر الهمزة استئناف إخبار بعدم إيمان من طبع على قلبه ولو جاءتهم كل آية. ووجه الفتح أنها بمعنى لعل، أو على تقدير لام العلة. انظر: المصادر السابقة.

يوقف على «يشعركم»، وقد قرأ أبو عمرو بإسكان الراء، وقرأ الدوري راويه بالاختلاس مع كسر همزة «إنها» فيهما، وقرأ ابن كثير بصلة الميم بالضم مع كسر همزة «إنَّها»، وقرأ الباقون بضم الراء مع فتح همزة «إنها» وإما بإسكان الراء وفتح الهمزة فلا يقرؤها أحد لا من السبعة، ولا من العشرة (¬1)، والكلام على سؤال سيبويه لشيخه الخليل بن أحمد، وما يتعلق بذلك يطول أضربنا عنه تخفيفًا، وفيما ذكرنا غاية،،، ولله الحمد (¬2) وروي عن قنبل أنه قال: سمعت أحمد بن محمد القواس يقول: نحن نقف حيث انقطع النفس إلَّا في ثلاثة مواضع نتعمد الوقف عليها: 1 - {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7]، ثم نبتدئ {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7]. 2 - {وَمَا يُشْعِرُكُمْ} [109]، ثم نبتدئ {أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109)} [109] بكسر الهمزة. 3 - {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103]، ثم نبتدئ {لِسَانُ الَّذِي} [النحل: 103]. 4 - وزيد عنه موضع رابع في: {مِنْ مرقدنا} [يس: 52]، ثم نبتدئ {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ} [يس: 52] اهـ النكزاوي. {لَا يُؤْمِنُونَ (109)} [109] كاف. {أَوَّلَ مَرَّةٍ} [110] حسن. {يَعْمَهُونَ (110)} [110] تام. {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [111] ليس بوقف؛ لحرف الاستدراك بعده. {يَجْهَلُونَ (111)} [111] كاف، ومثله «غرورًا». {مَا فَعَلُوهُ} [112] جائز. {وَمَا يَفْتَرُونَ (112)} [112] كاف، على أنَّ قوله: «ولتصغى» متعلق بمحذوف تقديره: وفعلوا ذلك، وقيل: لا يوقف على هذه المواضع الثلاثة؛ لأنَّ قوله: «ولتصغى» معطوف على «زخرف القول»، وهو من عطف المصدر المسبوك على المصدر المفكوك، فلا يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه؛ لأنَّ ترتيب هذه المفاعيل في غاية الفصاحة؛ لأنَّه أوَّلًا يكون الخداع فيكون الميل، فيكون الرضا، فيكون فعل الاقتراف، فكأنَّ كل واحد مسبب عما قبله فلا يفصل بينهما بالوقف. {مُقْتَرِفُونَ (113)} [113] كاف. {حَكَمًا} [114] حسن عند نافع، على استئناف ما بعده، ومثله مفصلًا. {مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)} [114] تام. ¬

_ (¬1) انظر: المصادر السابقة. (¬2) انظر: تفسير الطبري (12/ 39)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{وَعَدْلًا} [115] حسن. {لِكَلِمَاتِهِ} [115] كاف؛ للابتداء بالضمير المنفصل. {الْعَلِيمُ (115)} [115] تام. {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [116] حسن. {يَخْرُصُونَ (116)} [116] كاف، وكذا «عن سبيله»؛ للابتداء بالضمير المنفصل. {بِالْمُهْتَدِينَ (117)} [117] تام. {مُؤْمِنِينَ (118)} [118] كاف، ومثله «إليه»، و «بغير علم»، و «بالمعتدين»، «وباطنه» كلها وقوف كافية. {يَقْتَرِفُونَ (120)} [120] تام. {لَفِسْقٌ} [121] حسن. {لِيُجَادِلُوكُمْ} [121] حسن. {لَمُشْرِكُونَ (121)} [121] تام. {بِخَارِجٍ مِنْهَا} [122] حسن. {يَعْمَلُونَ (122)} [122] كاف. {لِيَمْكُرُوا فِيهَا} [123] حسن. {وَمَا يَشْعُرُونَ (123)} [123] كاف. {رُسُلُ اللَّهِ} [124] تام. {رِسَالَتَهُ} [124] كاف. {يَمْكُرُونَ (124)} [124] كاف، وقيل: تام؛ للابتداء بالشرط. {لِلْإِسْلَامِ} [125] كاف، ومثله «في السماء». {لَا يُؤْمِنُونَ (125)} [125] تام. {مُسْتَقِيمًا} [126] كاف. {يَذَّكَّرُونَ (126)} [126] تام. {عِنْدَ رَبِّهِمْ} [127] حسن. {يَعْمَلُونَ (127)} [127] تام لمن قرأ: «نحشرهم» بالنون؛ لأنَّه استئناف، وإخبار من الله تعالى بلفظ الجمع، فهو منقطع عما قبله، ومن قرأه بالتحتية (¬1): يقف على «يعملون» أيضًا؛ لأنَّه إخبار عن الله في ¬

_ (¬1) وقرأها حفص ويعقوب بالياء، والباقون بالنون، وجه من قرأ بالياء أن الفاعل ضمير يعود على: «ربهم». وقرأ الباقون: بالنون إسنادًا إلى اسم الله تعالى على وجه العظمة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 217)، البحر المحيط (4/ 220)، التيسير (ص: 107)، السبعة (ص: 299)، الغيث للصفاقسي (ص: 216)، الكشف للقيسي (1/ 541، 452).

قوله: «وهو وليهم»، فهو متعلق به من جهة المعنى، فهو أنزل من التام فلا يقطع عنه. {مِنَ الْإِنْسِ} [128] الأول حسن، ومثله «أجلت لنا»، وفي السجاوندي يسكت على «قال»، ثم يبتدئ بقوة الصوت «النار»؛ إشارة إلى أنَّ «النار» مبتدأ بعد القول، وليست فاعلة بـ «قال»؛ إيماء لأنَّه واقف واصل، وأن «قال» منفصل عما بعده لفظًا. {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [128] كاف. {عَلِيمٌ (128)} [128] تام، وكذا «يكسبون»، ومعنى «نولي»: نسلط بعضهم على بعض؛ حتى ننتقم من الجميع، وكذلك ظلمة الجن على ظلمة الإنس، وقيل: نكل بعضهم إلى بعض فيما يختارونه من الكفر، كما نكلهم غدًا إلى رؤسائهم الذين لا يقدرون على تخليصهم من العذاب، أي: كما نفعل ذلك في الآخرة كذلك نفعل بهم في الدنيا، وهذا أولى، قاله النكزاوي (¬1). {هَذَا} [130] حسن، ومثله «على أنفسنا». {الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [130] جائز. {كَافِرِينَ (130)} [130] تام، ومثله «غافلون»، وكذا «درجات مما عملوا»، على قراءة «تعملون» بالفوقية؛ لأنه استئناف خطاب، على معنى: قل لهم يا محمد، وليس بوقف على قراءته بالتحتية (¬2)؛ حملًا على ما قبله من الغيبة؛ لتعلقه بما قبله وهو «ولكل درجات مما عملوا»، فلا يفصل بعضه من بعض. {يَعْمَلُونَ (132)} [132] تام، على القراءتين (¬3). {ذُو الرَّحْمَةِ} [133] حسن. {آَخَرِينَ (133)} [133] تام. {لَآَتٍ} [134] حسن، وقيل: كاف، اتفق علماء الرسم على أنَّ «إن ما» كلمتان: إنَّ كلمة، وما كلمة في هذا المحل، وليس في القرآن غيره. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (12/ 115)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) قرأ ابن عامر: {عَمَّا يَعْمَلُونَ} [132] بالتاء، والباقون بالياء، وجه من قرأ بالتاء أي: بتاء الخطاب لمناسبة قوله: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}. وقرأ الباقون: بياء الغيب لمناسبة قوله: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ}. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 217)، البحر المحيط (4/ 225)، التيسير (ص: 107)، تفسير القرطبي (7/ 88)، النشر (2/ 262، 263). (¬3) أي: قراءتي الغيب والخطاب في «تعملون»، المشار إليها سابقًا.

{بِمُعْجِزِينَ (134)} [134] تام. {إِنِّي عَامِلٌ} [135] حسن؛ لأنَّ «سوف» للتهديد، فيبتدأ بها الكلام؛ لأنها لتأكيد الواقع. {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [135] كاف إن جعلت «من» مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: من له عاقبة الدار فله جزاء الحسنى، وليس بوقف إن جعلت «مَن» في موضع نصب؛ لأنَّ «مَن» للاستفهام، ووقوع «تعلمون» على الجملة الاستفهامية، أي: فسوف تعلمون أيكم تكون له عاقبة الدار، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {عَاقِبَةُ الدَّارِ} [135] حسن. {الظَّالِمُونَ (135)} [135] تام. {نَصِيبًا} [136] حسن. {بِزَعْمِهِمْ} [136] جائز، ومثله «لشركائنا»، وكذا «فلا يصل إلى الله»؛ للفصل بين الجملتين المتضادتين. {إِلَى شركائهم} [136] حسن. {مَا يَحْكُمُونَ (136)} [136] كاف، ومثله «دينهم». {مَا فَعَلُوهُ} [137] جائز. {يَفْتَرُونَ (137)} [137] كاف، وكذا «حجر»، ومثله «افتراء عليه». {يَفْتَرُونَ (138)} [138] كاف. {عَلَى أَزْوَاجِنَا} [139] حسن؛ للابتداء بالشرط. {شُرَكَاءُ} [139] كاف، ومثله «وصفهم». {حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139)} [139] تام. {عَلَى اللَّهِ} [140] حسن. {مُهْتَدِينَ (140)} [140] تام. {أُكُلُهُ} [141] تام عند نافع، وخولف؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله. {وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} [141] كاف. {حَصَادِهِ} [141] حسن. {وَلَا تُسْرِفُوا} [141] أحسن. {الْمُسْرِفِينَ (141)} [141] كاف، على استئناف ما بعده، وإن عطف على «جنات»، أي: وأنشأ من الأنعام حمولة وفرشًا -كان جائزًا؛ لكونه رأس آية، ومثل هذا يقال في «مبين»؛ لأنَّ «ثمانية» منصوب بإضمار: أنشأ، كأنَّه قال: وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات ومن الأنعام

ثمانية أزواج (¬1). {حَمُولَةً وَفَرْشًا} [142] جائز عند نافع. {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [142] كاف. {مُبِينٌ (142)} [142] حسن، إن نصب «ثمانية» بالعطف على معمول «أنشأ»، أو نصب بفعل مقدر، وليس بوقف إن نصب بدلًا من «حمولة»، أو «مما رزقكم الله»؛ لتعلق ما بعده بما قبله. {وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [143] جائز؛ لأنَّ ما بعده استئناف أمر من الله تعالى، ومثله «أم الأنثيين» إن كان حرَّم الذكور فكل ذكر حرام، وإن كان حرم الإناث فكل أنثى حرام، واحتج عليهم بهذا؛ لأنهم أحلوا ما ولد حيًّا ذكرًا للذكور، وحرموه على الإناث، وكذا إن قالوا: الأنثيان، وكانوا يحرمون أيضًا الوصيلة وأخاها على الرجال والنساء، وإن قالوا: حرم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين -فكل مولود منها حرام، وكلها مولود، فكلها إذًا حرام فتخصيص التحريم للبعض دون البعض تحكم -فمن أين جاء هذا التحريم؟! (¬2) {أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} [143] جائز؛ لأنَّ «أم الأنثيين» منصوب بـ «أنشأ». {صَادِقِينَ (143)} [143] حسن، أي: أنَّ الله حرم ذلك. {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [144] جائز أيضًا، وكذا «الأنثيين»، ومثله «أرحام الأنثيين». {إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا} [144] كاف؛ فإنَّه لم يأتكم نبيٌّ به، ولستم تؤمنون بكتاب، فهل شهدتم الله حرم هذا، وقيل: لا وقف من قوله: «ثمانية أزواج» إلى قوله: «إذ وصاكم الله بهذا»؛ لأنَّ ذلك كله داخل في قوله: «أم كنتم شهداء»؛ أي: على تحريم ذلك؛ لأنَّه لو جاء التحريم بسبب الذكور لحرم جميع الذكور، ولو جاء التحريم بسبب الإناث لحرم جميع الإناث، ولو جاء بسبب اشتمال الرحم عليه لحرم الكل، اتفق علماء الرسم على أنَّ ما كان من الاستفهام فيه ألفان أو ثلاثة نحو: {آَلذَّكَرَيْنِ} [144]، و {أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل: 60] فهو بألف واحدة اكتفاء بها؛ كراهة اجتماع صورتين متفقتين (¬3). {بِغَيْرِ عِلْمٍ} [144] كاف. {الظَّالِمِينَ (144)} [144] تام. {يَطْعَمُهُ} [145] جائز إن جعل الاستثناء منقطعًا؛ لأنَّ المستثنى منه ذات، والمستثنى معنى، وذلك لا يجوز، وكذا لا يجوز إن جعل مفعولًا من أجله، والعامل فيه «أهل» مقدمًا عليه، نظيره في ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (11/ 155)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) انظر: تفسير الطبري (12/ 183)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬3) انظر: المصدر السابق (12/ 188).

تقديم المفعول من أجله على عامله قوله: طَرِبْتُ وما شَوقًا إلى البِيضِ أَطْرَبُ ... ولَا لَعِبًا مِنِّي وَذُو الشَّيْبِ يلْعَبُ (¬1) فاسم «يكون» ضمير مذكر يعود على «محرمًا»، أي: إلَّا أن يكون المحرم ميتة، وليس بوقف إن جعل الاستثناء متصلًا، أي: إلَّا أن يكون ميتة، وإلا دمًا مسفوحًا، وإلَّا لحم خنزير (¬2). {رِجْسٌ} [145] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «أو فسقًا» مقدم في المعنى، كأنَّه قال: إلَّا أن يكون ميتة، أو دمًا مسفوحًا، أو فسقًا؛ فهو منصوب عطفًا على خبر «يكون»، أي: إلَّا أن يكون فسقًا، أو نصب على محل المستثنى، وقيل: وقف إن نصب «فسقًا» بفعل مضمر تقديره: أو يكون فسقًا، وقرأ ابن عامر (¬3): «إلَّا أن تكون ميتة» بالتأنيث، ورفع «ميتة» فتكون تامة، ويجوز أن تكون ناقصة، والخبر محذوف، أي: إلَّا أن تكون تلك ميتة. {أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [145] حسن. {رَحِيمٌ (145)} [145] كاف. {ظُفُرٍ} [146] حسن، وهو للإبل والنعام، وعند أهل اللغة: أن ذا الظفر من الطير: ما كان ذا مخلب، وقوله: شحومهما، قال ابن جريج: هو كل شحم لم يكن مختلطًا بعظم، ولا على عظم، وهذا أولى؛ لعموم الآية وللحديث المسند عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها» (¬4)، «إلَّا ما حملت ظهورهما»، أي: إلَّا شحوم الجنب، وما علق بالظهر؛ فإنَّها لم ¬

_ (¬1) البيت من الطويل، وقائله الكميت الأسدي، وقد سبق الإشارة إليها عند الحديث عن الآية رقم: (77)، من هذه السورة. (¬2) انظر: تفسير الطبري (12/ 190)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬3) وكذا قرأ ابن كثير وحمزة وأبو جعفر: {إِلا أَنْ تَكُونَ} [145] بالتاء، وقرأ الباقون بالياء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 219)، الإعراب للنحاس (1/ 588)، الإملاء للعكبري (1/ 153)، البحر المحيط (4/ 241)، النشر (2/ 266). (¬4) وروي في أحمد، والبخارى، ومسلم، وأبو داود، والترمذى، والنسائى، وابن ماجه عن جابر. أحمد، والدارمى، والعدنى، والبخارى، ومسلم، والنسائى، وابن ماجه، وابن الجارود، وابن حبان عن عمر. البخارى، ومسلم عن أبى هريرة، الطبرانى عن ابن عمر، أحمد، والبيهقى عن ابن عمرو. فحديث جابر: أخرجه أحمد (3/ 326، رقم: 14535)، والبخارى (4/ 1695، رقم: 4357)، ومسلم (3/ 1207، رقم: 1581)، وأبو داود (3/ 279، رقم: 3486)، والترمذى (3/ 591، رقم: 1297)، وقال: حسن صحيح. والنسائى (7/ 309، رقم: 4669). وحديث عمر: أخرجه أحمد (1/ 25، رقم: 170)، والدارمى (2/ 156، رقم: 2104)، والبخارى (2/ 774، رقم: 2110)، والنسائى فى الكبرى (6/ 342، رقم: 11172)، وابن ماجه (2/ 1122، رقم: 3383)، وابن الجارود (ص 149، رقم: 577)، وابن حبان (14/ 145، رقم: 6252). وحديث أبى هريرة: أخرجه البخارى (2/ 775، رقم: 2111)، ومسلم (3/ 1208، رقم: 1583). وحديث ابن عمرو: أخرجه أحمد (2/ 13، رقم: 6997). قال الهيثمى (4/ 90): رجاله ثقات.

تحرم عليهم، «أو الحوايا» واحدتها: حاوية بتخفيف الياء، وحويَّة بتشديد الياء: هي ما تحوي من البطن، أي: ما استدار منها (¬1). {بِعَظْمٍ} [146] حسن، ومثله «ببغيهم». {لَصَادِقُونَ (146)} [146] تام، أي: حرمنا عليهم هذه الأشياء؛ لأنهم كذبوا، فقالوا: لم يحرمها الله علينا، وإنَّما حرمها إسرائيل على نفسه فاتبعناه. {وَاسِعَةٍ} [147] كاف. {الْمُجْرِمِينَ (147)} [147] تام. {مِنْ شَيْءٍ} [148] حسن، ومثله «بأسنا»، وكذا «فتخرجوه لنا». {تَخْرُصُونَ (148)} [148] تام. {الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} [149] حسن؛ للابتداء بالمشيئة. {أَجْمَعِينَ (149)} [149] كاف. {هَذَا} [150] حسن، ومثله «معهم»، وكذا «بالآخرة»، على استئناف ما بعده، وقطعه عما قبله، وليس بوقف إن عطف على ما قبله. {يَعْدِلُونَ (150)} [150] تام، أي: يجعلون له عديلًا وشريكًا. {مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ} [151] حسن، ثم يبتدئ «عليكم أن لا تشركوا»، على سبيل الإغراء، أي: الزموا نفي الإشراك، وإغراء المخاطب فصيح، نقله ابن الأنباري، وأما إغراء الغائب فضعيف، والوقف على «عليكم» جائز إن جعل موضع «أن» رفعًا مستأنفًا تقديره: هو أن لا تشركوا، أو نصبًا، أي: وحرم عليكم أن لا تشركوا، و «لا» زائدة، ومعناه: حرم عليكم الإشراك، وليس بوقف إن علق «عليكم» بـ «حرم»، وهو اختبار البصريين، أو علق بـ «أتل»، وهو اختيار الكوفيين، فهو من باب الإعمال؛ فالبصريون يعملون الثاني، والكوفيون يعملون الأول، وكذا إن جعلت «أن» بدلًا من «ما»، أو جعلت «أن» بمعنى: لئلَّا تشركوا، أو بأن لا تشركوا لتعلق الثاني بالأول. {شَيْئًا} [151] حسن، ومثله «إحسانًا»، على استئناف النهي بعده، أي: وأحسنوا بالوالدين إحسانًا؛ فـ «إحسانًا» مصدر بمعنى الأمر. {مِنْ إِمْلَاقٍ} [151] جائز. {وَإِيَّاهُمْ} [151] كاف، ومثله «وما بطن»؛ للفصل بين الحكمين، وكذا «بالحق». {تَعْقِلُونَ (151)} [151] كاف. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (12/ 198)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{أَشُدَّهُ} [152] حسن، ومثله: «بالقسط» على استئناف ما بعده؛ للفصل بين الحكمين، وليس بوقف إن جعل ما بعده حالًا، أي: أوفوا غير مكلفين. {إِلَّا وُسْعَهَا} [152] جائز، ولا يوقف على «فاعدلوا»؛ لأنَّ قوله ولو كان مبالغة فيما قبله بالأمر بالعدل. {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [152] جائز. {أَوْفُوا} [152] كاف؛ لأنَّه آخر جواب «إذا». {تَذَكَّرُونَ (152)} [152] تام على قراءة حمزة والكسائي: «وإن هذا» بكسر همزة «إنّ»، وتشديد النون، ويؤيدها قراءة الأعمش (¬1): «وهذا صراطي» بدون «إن»، وجائز على قراءة من فتح الهمزة وشدد «أنّ»، وبها قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن كثير، وعاصم، وكذا على قراءة ابن عامر، ويعقوب (¬2): «وأنْ هذا» بفتح الهمزة، وإسكان النون، وعلى قراءتهما تكون «أن» معطوفة على «أن لا تشركوا»، فلا يوقف على «تعقلون»، وجائز أيضًا على قراءة ابن عامر غير أنه يحرك الياء من «صراطيَ» (¬3)، وإن عطفتها على «أتل ما حرم»، أي: وأتل عليكم إنَّ هذا، فلا يوقف على ما قبله إلى قوله: فاتبعوه. والوقف على {فَاتَّبِعُوهُ} [153] حسن، ومثله «عن سبيله». {تَتَّقُونَ (153)} [153] كاف. {وَرَحْمَةً} [154] ليس بوقف؛ لأنَّه لا يبدأ بحرف الترجي. {يُؤْمِنُونَ (154)} [154] تام. {فَاتَّبِعُوهُ} [155] حسن. {تُرْحَمُونَ (155)} [155] جائز، وما بعده متعلق بما قبله، أي: فاتبعوه؛ لئلَّا تقولوا؛ لأنَّ «أن» منصوبة بالإنزال، كأنه قال: وهذا كتاب أنزلناه لئلَّا تقولوا إنما أنزل. ¬

_ (¬1) وهذه القراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (4/ 254)، الكشاف (2/ 48)، تفسير الرازي (4/ 170). (¬2) وجه من قرأ بكسر الهمزة مع تشديد النون؛ على الاستئناف و «هذا» اسمها و «صراطي» خبرها. وخفف النون وأسكنها ابن عامر؛ وهي مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، و «هذا» مبتدأ و «صِرَاطِي» خبر والجملة خبر «أن». وقرأ الباقون بفتح الهمز وتشديد النون؛ وذلك على تقدير اللام، أي: ولأن هذا ... إلخ، و «هذا» اسم و «صراطي» خبرها. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 220)، الإعراب للنحاس (1/ 592)، الإملاء للعكبري (1/ 54)، التيسير (ص: 108)، تفسير الطبري (12/ 231)، المعاني للفراء (1/ 364)، تفسير الرازي (4/ 170)، النشر (2/ 266). (¬3) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 202)، التيسير (ص: 108)، تفسير الطبري (12/ 231)، تفسير الرازي (4/ 170)، النشر (2/ 267).

{مِنْ قَبْلِنَا} [156] جائز. {لَغَافِلِينَ (156)} [156] ليس بوقف؛ لعطف «أو تقولوا» على «أن تقولوا»، ومن حيث كونها رأس آية يجوز. {وَرَحْمَةٌ} [157] حسن، وقيل: كاف؛ للابتداء بالاستفهام. {وَصَدَفَ عَنْهَا} [157] كاف. {يَصْدِفُونَ (157)} [157] تام؛ للابتداء بالاستفهام. {آيات رَبِّكَ} [158] الأولى حسن، و «يوم» منصوب بـ «لا ينفع»، و «إيمانها» فاعل «ينفع» واجب تأخيره؛ لعود الضمير على المفعول نحو: ضرب زيدًا غلامه، ونحو: وإذ ابتلى إبراهيم ربه. {خَيْرًا} [158] كاف. {مُنْتَظِرُونَ (158)} [158] تام. {فِي شَيْءٍ} [159] كاف. {يَفْعَلُونَ (159)} [159] تام؛ للابتداء بالشرط. {أَمْثَالِهَا} [160] كاف، على القراءتين، أعني: تنوين «عشرٌ»، ورفع «أمثالُها»، أو بالإضافة (¬1). {إِلَّا مِثْلَهَا} [160] حسن، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع الحال من «الفريقين»، ولا يوقف على «أمثالها»؛ لأنَّ العطف يصير الشيئين كالشيء الواحد. {لَا يُظْلَمُونَ (160)} [160] تام. {مُسْتَقِيمٍ} [161] جائز، إن نصب «دينًا» بإضمار فعل تقديره: هداني دينًا قيمًا، أو على أنَّه مصدر على المعنى، أي: هداني هداية دين قيم، أو نصب على الإغراء، أي: ألزموا دينًا، وليس بوقف إن جعل بدلًا من محل إلى «صراط مستقيم»؛ لأنَّ هدى تارة يتعدى بإلى، كقوله: «إلى صراط»، وتارة بنفسه إلى مفعول ثان، كقوله: {وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (118)} [الصافات: 118]. {حَنِيفًا} [161] كاف؛ للابتداء بالنفي. {الْمُشْرِكِينَ (161)} [161] تام. {الْعَالَمِينَ (162)} [162] حسن. {لَا شَرِيكَ لَهُ} [163] أحسن منه؛ لانتهاء التنزيه. {وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ} [163] أحسن منهما. ¬

_ (¬1) وهي قراءة يعقوب وحده، والتنوين على أن: «عشرٌ» صفة والتقدير: فله حسنات عشر أمثالها، وحذف التاء من عشر، لأن الأمثال في المعنى مؤنثة. وقرأ الباقون: «عشرُ» بغير تنوين «أمثالِها» بالجر على الإضافة أي: فله عشر حسنات أمثالها. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (2/ 110)، التبيان للعكبري (1/ 552).

{أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} [163] تام. {كُلِّ شَيْءٍ} [164] حسن. {إِلَّا عَلَيْهَا} [164] كاف. {وِزْرَ أُخْرَى} [164] حسن؛ لأنَّ «ثم»؛ لترتيب الأخبار مع اتحاد المقصود. {تَخْتَلِفُونَ (164)} [164] تام، هو من الوقوف المنصوص عليها، ولعل إسقاط شيخ الإسلام له سبق قلم، أو أنه تبع فيه الأصل الذي اختصره. {فِي مَا آَتَاكُمْ} [165] كاف. {سَرِيعُ الْعِقَابِ} [165] جائز؛ فصلًا بين التحذير والتبشير، وارتضاه بعضهم فرقًا بين الفريقين المقابلين، ولا يخلط أحدهما بالآخر، وقال أبو حاتم السجستاني: لا أقف على «سريع العقاب»، حتى أقول: «وإنه لغفور رحيم»، ومثله ما في سورة الأعراف؛ لأنَّ الكلام مقرون بالأول، وهو بمنزلة قوله: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)} [الحجر: 49، 50]؛ فإنَّ الثاني مقرون بالأول، ومحمول عليه، فلا يوقف على أحدهما حتى يؤتى بالثاني، هذا ما ذهب إليه أبو حاتم السجستاني، ووافقه على ذلك يحيى بن نصير الشهير بالنحوي، رحم الله الجميع، وجزاهما الله أحسن الجزاء (¬1). {رَحِيمٌ (165)} [165] تام، اتفق علماء الرسم على قطع: «في ما أوحي»، (في) وحدها، و (ما) وحدها، «وفي ما آتاكم»، (في) وحدها، و (ما) وحدها، كما مر التنبيه عليه. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (12/ 289)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

سورة الأعراف

سورة الأعراف مكية إلَّا قوله: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ} [163] الثمان، أو الخمس آيات إلى قوله: {* وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ} [171] فمدني. -[آيها:] وهي مائتان وخمس آيات في البصري والشامي، وست في المدني والمكي والكوفي، اختلافهم في خمس آيات: 1 - {المص (1)} [1] عدها الكوفي. 2 - {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [29] عدها البصري والشامي. 3 - {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)} [29] عدها الكوفي. 4 - {ضِعْفًا مِنَ النَّارِ} [38] عدها المدنيان والمكي. 5 - {الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [137] الثالث عدها المدنيان، وكلهم عد «بني إسرائيل» الأول والثاني، ولم يعدوا الرابع، ولا قوله: «من الجنِّ والإنس». وفيها ما يشبه الفواصل، وليس معدودًا بإجماع أربعة مواضع: 1 - {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} [22]. 2 - {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} [130]. 3 - {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [143]. 4 - {عَذَابًا شَدِيدًا} [164]. - وكلمها: ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمس وعشرون كلمة. - وحروفها: أربعة عشر ألفًا وثلاثمائة وعشرة أحرف. {المص (1)} [1] تقدم أنَّ في الحروف التي في فواتح السور الحركات الثلاث: الرفع، والنصب، والجر؛ فالرفع من وجهين، والنصب من وجه، والجر من وجه؛ فالرفع كونها مبتدأ والخبر فيما بعدها، أو خبر مبتدأ محذوف، والنصب كونها مفعولًا لفعل محذوف، والجر على إضمار حرف القسم، أو هي قسم؛ فعلى أنَّها مبتدأ أو خبر مبتدأ، أو مفعول فعل محذوف؛ فالوقف عليها كاف، وإن جعل «كتاب» خبر مبتدأ محذوف تقديره: هذا كتاب -كان الوقف على «المص» تامًّا، وإن جعل في موضع جر على القسم، والجواب محذوف -جاز الوقف عليها، وليس بوقف إن جعل قسمًا وما بعده جوابه، والتقدير: وهذه الحروف إنَّ هذا الكتاب يا محمد هو ما وعدت به، وحينئذ فلا يوقف على «المص»، وهكذا يقال في جميع الحروف التي في أوائل السور، على القول بأنها معربة، وأنَّ لها محلًّا من الإعراب (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (12/ 291)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [2] جائز؛ لأنَّ «كتاب» خبر مبتدأ محذوف، و «أنزل» جملة في موضع رفع صفة لـ «كتاب»، أي: كتاب موصوف بالإنزال إليك. {حَرَجٌ مِنْهُ} [2] كاف، إن علقت (لام كي) بفعل مقدر، أي: أنزلناه إليك؛ لتنذر به، وليس بوقف إن علقت بـ «أنزل». {لِتُنْذِرَ بِهِ} [2] حسن، إن جعل ما بعده مستأنفًا خبر مبتدأ محذوف، أي: وهو ذكرى للمؤمنين، وحذف مفعول لتنذر، أي: الكافرين، وليس بوقف إن عطفت «وذكرى» على «كتاب»؛ لتعلق اللام بـ «أنزل»، أو عطفته على «لتنذر»، أي: وتذكرهم. {وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)} [2] تام، إن جعل الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، والمراد: أمته، وليس بوقف إن جعل الخطاب للأمة وحدها؛ لأنَّه يكون الإنذار بمعنى القول، أي: لتقول يا محمد: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم، ومن حيث كونه رأس آية يجوز (¬1). {مِنْ رَبِّكُمْ} [3] جائز. {أَوْلِيَاءَ} [3] كاف، وقال أبو حاتم: تام. {تَذَكَّرُونَ (3)} [3] تام. {قائلون (4)} [4] كاف، وقيل: تام. {ظَالِمِينَ (5)} [5] كاف، ومثله «المرسلين»، قيل: ليس بكاف؛ لعطف «فلنقصن» على «فلنسألن». {بِعِلْمٍ} [7] أكفى منهما. {غائبين (7)} [7] تام. {الْحَقُّ} [8] حسن، وقيل: كاف؛ للابتداء بالشرط. {الْمُفْلِحُونَ (8)} [8] كاف. {يَظْلِمُونَ (9)} [9] تام. {مَعَايِشَ} [10] كاف، وقيل: تام، و «معايش» جمع معيشة، فلا يهمز؛ لأنَّ ياءه أصلية، عين الكلمة غير زائدة ولا منقلبة، وأما الهمز في (بضائع، ورسائل) فمنقلب عن ألف، وفي عجائز عن واو. {تَشْكُرُونَ (10)} [10] تام. {ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} [11] جائز، ومثله «لآدم»، والوصل أوضح؛ لعطف الماضي على فعل الأمر بفاء التعقيب. {إِلَّا إِبْلِيسَ} [11] جائز. {مِنَ السَّاجِدِينَ (11)} [11] كاف. ¬

_ (¬1) انظر: المصدر السابق (12/ 295).

{إِذْ أَمَرْتُكَ} [12] حسن؛ لما فيه من الفصل بين السؤال والجواب، وذلك أنَّ الفعل الذي بعده جواب إلَّا أن الفاء حذفت منه، و «ما» استفهامية مبتدأ، والجملة بعدها خبر «ما» أي: أيُّ شيء منعك من السجود، أو أن لا تسجد؟ أو ما الذي دعاك أن لا تسجد؟! (¬1) {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [12] جائز. {مِنْ طِينٍ (12)} [12] كاف، ومثله «من الصاغرين»، و «يبعثون»، و «المنظرين». {الْمُسْتَقِيمَ (16)} [16] جائز. {وَعَنْ شمائلهم} [17] كاف، عند العباس بن الفضل، وقال غيره: ليس بكاف؛ لاتصال ما بعده به، قاله النكزاوي. {شَاكِرِينَ (17)} [17] كاف. {مَدْحُورًا} [18] تام عند نافع، وأبي حاتم، على أن اللام التي بعده لام الابتداء، و «من» موصولة، و «لأملأنَّ» جواب قسم محذوف بعد «من تبعك»؛ لسد جواب القسم مسده، وذلك القسم المحذوف، وجوابه في موضع خبر «من» الموصولة. {أَجْمَعِينَ (18)} [18] كاف. {مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا} [19] جائز. {الظَّالِمِينَ (19)} [19] كاف. {مِنْ سَوْآَتِهِمَا} [20] جائز، وقيل: كاف. {الْخَالِدِينَ (20)} [20] كاف. {النَّاصِحِينَ (21)} [21] حسن، وقيل: ليس بوقف؛ للعطف. {بِغُرُورٍ} [22] أحسن مما قبله. {وَرَقِ الْجَنَّةِ} [22] كاف؛ لأنَّه آخر جواب «لما». {مُبِينٌ (22)} [22] حسن. {أَنْفُسَنَا} [23] صالح، وقيل: ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده متصل به. {مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)} [23] كاف. {اهْبِطُوا} [24] حسن، وقال الأخفش: تام، إن جعل ما بعده مبتدأ خبره «لبعض عدو»، وليس بوقف إن جعل ما بعده جملة في موضع الحال من الضمير في «اهبطوا»، أي: اهبطوا متباغضين. {عَدُوٌّ} [24] كاف. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (12/ 223)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{إِلَى حِينٍ (24)} [24] تام، ومثله «تخرجون». {وَرِيشًا} [26] كاف، على قراءة: «ولباسُ التقوى» بالرفع خبر مبتدأ محذوف، وبها قرأ حمزة، وعاصم، وابن كثير، وأبو عمرو (¬1)، وليس بوقف على قراءته بالنصب عطفًا على «لباسًا»، أي: أنزلنا لباسًا، وأنزلنا لباس التقوى، وبها قرأ نافع، وابن عامر، والكسائي (¬2). {ذَلِكَ خَيْرٌ} [26] كاف، على القراءتين (¬3)، أي: لباس التقوى خير من الثياب؛ لأنَّ الفاجر -وإن لبس الثياب الفاخرة- فهو دنس، وقيل: لباس التقوى الحياء. {مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ} [26] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده حرف ترجٍ، وهو لا يبدأ به. {يَذَّكَّرُونَ (26)} [26] تام. {مِنَ الْجَنَّةِ} [27] ليس بوقف؛ لأنَّ «ينزع» حال من الضمير في «أخرج»، أو «من أبويكم»؛ لأنَّ الجملة فيها ضمير «الشيطان»، وضمير الأبوين ونسبة النزع والإرادة إلى الشيطان؛ لتسببه في ذلك. {سَوْآَتِهِمَا} [27] كاف، وقال أبو حاتم: تام؛ للابتداء بعده بـ «إنَّه»، وليس بوقف على قراءة عيسى بن عمران «أنه» بفتح الهمزة (¬4)، والتقدير؛ لأنَّه {مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [27] تام. {لَا يُؤْمِنُونَ (27)} [27] كاف. {أَمَرَنَا بِهَا} [28] حسن، وجه حسنه إنَّه فاصل بين الاعتقادين؛ إذ تقليد الكفار آباءهم ليس طريقًا؛ لحصول العلم، وقولهم: «والله أمرنا بها» افتراء عليه تعالى؛ إذ كل كائن مراد لله تعالى، وإن لم يكن مرضيًّا له ولا آمرًا به، وما ليس بكائن ليس بمراد له تعالى؛ إذ قد أمر العباد بما لم يشأه منهم، كأمره بالإيمان من علم موته على الكفر كإبليس، ووزيريه: أبوي جهل ولهب؛ إذ هم مكلفون بالإيمان نظرًا للحالة الراهنة؛ لقدرتهم ظاهرًا، وإن كانوا عاجزين عنه باطنًا؛ لعلم الله تعالى بأنهم لا يؤمنون؛ إذ قد علم تعالى ممن يموت على الكفر عدم إيمانه، فامتنع وجود الإيمان منه، وإذا كان وجود الإيمان ممتنعًا -فلا تتعلق الإرادة به؛ لأنَّها تخصيص أحد الشيئين بالفعل، أو الترك بالوقوع تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد (¬5). {بِالْفَحْشَاءِ} [28] أحسن مما قبله، وقال نافع: تام. ¬

_ (¬1) وجه من قرأ بالنصب؛ فذلك عطفا على: {لِبَاسًا}. ووجه من قرأ بالرفع؛ على أنها مبتدأ، و {ذَلِكَ} مبتدأ ثان. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 223)، الإعراب للنحاس (1/ 606)، الإملاء للعكبري (1/ 157)، البحر المحيط (4/ 283)، التيسير (ص: 109). (¬2) انظر: المصادر السابقة. (¬3) وهما المشار إليهما سابقًا في «ولباس». (¬4) وهي قراءة شاذة، ولم أستدل عليها في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها. (¬5) انظر: تفسير الطبري (12/ 377)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{مَا لَا تَعْلَمُونَ (28)} [28] كاف، وكذا «بالقسط». {كُلِّ مَسْجِدٍ} [29] جائز، ومثله «له الدين»، على أنَّ الكاف في محل نصب نعت لمصدر محذوف تقديره: تعودون عودًا مثل ما بدأكم، وتام إن نصب «فريقًا» بـ «هدى»، أو جعلت الجملتان مستأنفتين، وليس بوقف إن نصبتا حالين من فاعلين «تعودون»، أي: تعودون فريقًا مهديًّا، وفريقًا حاقًّا عليه الضلالة، فنصب «فريقًا» الثاني بإضمار فعل يفسره ما بعده، أي: وأضلَّ فريقًا، فهو من باب الاشتغال، وروي عن محمد بن كعب القرظي أنَّه قال في هذه الآية: يختم للمرء بما بدئ به، ألا ترى أنَّ السحرة كانوا كفارًا، ثم ختم لهم بالسعادة، وأنَّ إبليس كان مع الملائكة مؤمنًا، ثم عاد إلى ما بدئ به، فعلى هذه التأويلات لا يوقف على «تعودون» (¬1)، قاله النكزاوي. {الضَّلَالَةُ} [30] حسن. {مِنْ دُونِ اللَّهِ} [30] جائز. {مُهْتَدُونَ (30)} [30] تام. {مَسْجِدٍ} [31] جائز. {وَاشْرَبُوا} [31] حسن. {وَلَا تُسْرِفُوا} [31] أحسن مما قبله. {الْمُسْرِفِينَ (31)} [31] تام. {مِنَ الرِّزْقِ} [32] حسن، وكذا «في الحياة الدنيا»، على قراءة نافع (¬2): «خالصةٌ» بالرفع استئنافًا خبر مبتدأ محذوف تقديره: هي خالصة للمؤمنين يوم القيامة، أو الرفع خبر بعد خبر، والخبر الأول هو: للذين آمنوا، والتقدير: قل الطيبات مستقرة للذين آمنوا في الحياة الدنيا، وهي خالصة لهم يوم القيامة، وإن كانوا في الدنيا تشاركهم الكفار فيها، وليس بوقف على قراءة باقي السبعة بالنصب على الحال من الضمير المستكن في الجار والمجرور الواقع خبرًا لهي، والتقدير: قل هي مستقرة للذين آمنوا في حال خلوصها لهم يوم القيامة (¬3). {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [32] حسن. {يَعْلَمُونَ (32)} [32] كاف، ولا وقف من قوله: «قل إنَّما حرم ربي» إلى «ما لا تعلمون»؛ فلا يوقف ¬

_ (¬1) انظر: المصدر السابق (12/ 379). (¬2) وقرأ الباقون بالنصب. وجه من قرأ بالرفع؛ على أنها خبر {هِيَ}. والباقون بالنصب على الحال من الضمير المستقر في الظرف. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 223)، الإعراب للنحاس (1/ 609)، الإملاء للعكبري (1/ 157)، البحر المحيط (4/ 291)، التيسير (ص: 109)، تفسير الطبري (12/ 401). (¬3) انظر: تفسير الطبري (12/ 395)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

على «بطن»، ولا على «بغير الحق»، ولا على «سلطانًا»؛ لاتساق الكلام بعضه ببعض؛ لأنَّ العطف يصيِّر الأشياء كالشيء الواحد. {مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)} [33] تام. {أَجَلٌ} [34] جائز. {أَجَلُهُمْ} [34] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب «إذا» لم يأت بعدُ. {وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34)} [34] تام؛ لانتهاء الشرط بجوابه. {آَيَاتِي} [35] ليس بوقف؛ لأنَّ الفاء في جواب «إن» الشرطية في قوله: «إما يأتينكم». {عَلَيْهِمْ} [35] جائز. {يَحْزَنُونَ (35)} [35] تام. {أَصْحَابُ النَّارِ} [36] جائز. {خَالِدُونَ (36)} [36] تام. {بِآَيَاتِهِ} [37] حسن، وكاف عند أبي حاتم. {مِنَ الْكِتَابِ} [37] حسن، وتام عند نافع. {يَتَوَفَّوْنَهُمْ} [37] ليس بوقف؛ لأنَّ «قالوا» جواب «إذا». {مِنْ دُونِ اللَّهِ} [37] حسن. {عَنَّا} [37] جائز. {كَافِرِينَ (37)} [37] تام. {فِي النَّارِ} [38] كاف. {لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [38] حسن. {جَمِيعًا} [38] ليس بوقف؛ لأنَّ «قالت» جواب «إذا»، فلا يفصل بينهما بالوقف. {ضِعْفًا مِنَ النَّارِ} [38] حسن. {لَا تَعْلَمُونَ (38)} [38] كاف. {مِنْ فَضْلٍ} [39] حسن. {تَكْسِبُونَ (39)} [39] تام، ولا وقف إلى قوله: «في سم الخياط»؛ فلا يوقف على «عنها»، ولا على «أبواب السماء». {فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [40] حسن. {نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)} [40] كاف. {غَوَاشٍ} [41] حسن.

{الظَّالِمِينَ (41)} [41] تام. {إِلَّا وُسْعَهَا} [42] جائز، إن جعلت جملة «لا نكلف» خبر، «والذين آمنوا»، وليس بوقف إن جعلت جملة «أولئك» الخبر، وتكون جملة «لا تكلف» اعتراضًا بين المبتدأ والخبر، وفائدة الاعتراض تنبيه الكفار على أنَّ الجنة مع عظم محلها يوصل إليها بالعمل اليسير من غير مشقة (¬1). {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [42] جائز. {خَالِدُونَ (42)} [42] كاف. {مِنْ غِلٍّ} [43] جائز، على استئناف ما بعده، قيل: إنَّ أهل الجنة إذا سيقوا إليها وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان، فيشربون من واحدة منهما؛ فينزع ما في صدورهم من غل، فهو الشراب الطهور، ويشربون من الأخرى؛ فتجري عليهم نضرة النعيم، فلن يسغبوا، ولن يشحنوا بعدها أبدًا (¬2). اهـ كواشي. {الْأَنْهَارُ} [43] حسن، وقيل: كاف. {لِهَذَا} [43] كاف، على قراءة من قرأ ما بعده بالواو، حسن على قراءة من قرأه بلا واو (¬3)، وجواب «لولا» الجملة قبلها، وهو: «وما كنا لنهتدي»، أي: من ذوات أنفسنا لولا أن هدانا الله؛ فـ «إن» وما في حيزها في محل رفع بالابتداء، والخبر محذوف، وجواب «لولا» مدلول عليه بقوله: «وما كنا لنهتدي»، وقرأ الجماعة (¬4): «وما كنا» بواو، وهو كذا في مصاحف الأمصار، وفيها وجهان: أظهرهما أنَّها واو الاستئناف، والجملة بعدها مستأنفة، والثاني أنها حالية، وقرأ ابن عامر: «ما كنا لنهتدي» بدون واو، الجملة محتملة الاستئناف والحال، وهي في مصحف الشاميين، كذا فقد قرأ كلٌّ بما في مصحفه. اهـ سمين {لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [43] حسن، ومثله «بالحق». {تَعْمَلُونَ (43)} [43] تام. {حَقًّا} [44] كاف؛ لأنه آخر الاستفهام. {قَالُوا نَعَمْ} [44] أكفى منه. {الظَّالِمِينَ (44)} [44] كاف، وفي محل «الذين» الحركات الثلاث: الرفع، والنصب، والجر؛ فكاف ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (12/ 437)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) انظر: المصدر السابق (12/ 439). (¬3) وذلك في قوله تعالي: {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ} [43]، قرأ ابن عامر بغير واو، وهي كذلك في مصاحف أهل الشام، وقرأ الباقون بالواو، وهي كذلك في مصاحفهم. انظرهذه القراءة في: المقنع (ص: 103)، النشر (2/ 269). (¬4) انظر: المصادر السابقة.

إن جعل «الذين» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: هم الذين، وحسن إن جعل في موضع نصب بإضمار: أعني، وليس بوقف إن جر نعتًا لما قبله، أو بدلًا منه، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {عِوَجًا} [45] جائز، ومثله «كافرون»؛ من حيث كونه رأس آية يجوز. {حِجَابٌ} [46] كاف. {بِسِيمَاهُمْ} [46] حسن، وقيل: كاف. {أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} [46] حسن، وقيل: الوقف «لم يدخلوها»، ثم يبتدئ «وهم يطمعون»، أي: في دخولها، فقوله: «وهم يطمعون» مستأنف غير متصل بالنفي؛ لأنَّ أصحاب الأعراف قالوا لأهل الجنة قبل أن يدخلوها سلام عليكم، أي: سلمتم من الآفات؛ لأنَّهم قد عرفوهم بسيما أهل الجنة، فيكون المعنى على هذا: لم يدخلوها وهم يطمعون في دخولها، فيكون النفي واقعًا على الدخول، لا على الطمع، وهذا أولى، وإن جعلت النفي واقعًا على الطمع لم يجز الوقف على «لم يدخلوها»؛ وذلك أنك تريد لم يدخلوها طامعين، وإنَّما دخلوها في غير طمع، فيكون النفي منقولًا من الدخول إلى الطمع، أي: دخلوها وهم لا يطمعون، كما تقول: ما ضربت زيدًا وعنده أحد، معناه: ضربت زيدًا وليس عنده أحد، والأول أولى عند الأكثر (¬1). {يَطْمَعُونَ (46)} [46] كاف. {الظَّالِمِينَ (47)} [47] تام. {بِسِيمَاهُمْ} [48] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده نعت «رجالًا». {تَسْتَكْبِرُونَ (48)} [48] تام. {بِرَحْمَةٍ} [49] حسن؛ لتناهي الاستفهام والأقسام، وكلام الملائكة قد انقطع، ثم قال الله لهم: ادخلوا الجنة؛ فحسنه باعتبارين: فإن نظرت إلى الانقطاع من حيث الجملة كان تامًّا، وإن نظرت إلى التعلق من حيث المعنى كان حسنًا، وقيل: ليس بوقف؛ لأنَّ أهل الأعراف قالوا لأهل النار: ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون، فأقسم أهل النار أنَّ أهل الأعراف لا يدخلون الجنة، فقال الله تعالى: {أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)} [49]، فعلى هذا لا يوقف على «برحمة»؛ للفصل بين الحكاية والمحكي عنه عن كلام الملائكة، وكلام أهل النار، أو كلام الله تعالى، والحكاية والمحكي كالشيء الواحد. اهـ نكزاوي، مع زيادة للإيضاح (¬2). {تَحْزَنُونَ (49)} [49] تام. {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} [50] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «أن أفيضوا» منصوب ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (12/ 449)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) انظر: تفسير الطبري (12/ 469)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

بـ «أن» المصدرية، أو المفسرة. {مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} [50] حسن، وفي محل «الذين» الحركات الثلاث: الرفع، والنصب، والجر؛ فالرفع على أنه مبتدأ، وخبره «فاليوم ننساهم»، والوقف على «الكافرين» حينئذ تام، ومثله إن رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره: هم الذين، وكاف إن جعل في موضع نصب بإضمار: أعني، وليس بوقف إن جر نعتًا لـ «الكافرين»، أو بدلًا منهم، أو عطف بيان. {الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [51] حسن. {هَذَا} [51] ليس بوقف؛ لأنَّ «وما كانوا» معطوف على ما في «كما نسوا» وما فيهما مصدرية، والتقدير: كنسيانهم وكونهم جحدوا بآيات الله، أي: فاليوم نتركهم في العذاب كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا كما كانوا بآياتنا يجحدون، أي: بجحدهم لآياتنا (¬1). {يَجْحَدُونَ (51)} [51] تام. {يُؤْمِنُونَ (52)} [52] كاف، ومثله «إلَّا تأويله»؛ لأنَّ «يوم» منصوب بما بعده، وهو «يقول»؛ فلذلك انفصل مما قبله، والجملة بعد «يوم» في تقدير مصدر، أي: يوم إتيان تأويله. {بِالْحَقِّ} [53] حسن، ومثله «كنا نعمل». {أَنْفُسَهُمْ} [53] جائز. {يَفْتَرُونَ (53)} [53] تام. {عَلَى الْعَرْشِ} [54] حسن. {حَثِيثًا} [54] أحسن مما قبله، على قراءة ما بعده بالرفع مستأنفًا منقطعًا عما قبله، على الابتداء والخبر، وبها قرأ ابن عامر هنا (¬2)، وفي النحل برفع: «الشمسُ» وما عطف عليها، ورفع «مسخراتٌ»، ووافقه حفص عن عاصم في النحل خاصة على رفع (¬3): {وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} [النحل: 12]، وليس بوقف على قراءة الباقين بالنصب في الموضعين عطفًا على «السموات»؛ لأنَّ ما بعدها معطوف على ما قبله، و «مسخرات» حال من هذه المفاعيل. ¬

_ (¬1) انظر: المصدر السابق (12/ 474). (¬2) قرأ ابن عامر: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ} [54] بالرفع فيهن؛ وجه من قرأ بالرفع فيهن هنا، وفي النحل [الآية: 12]، وكذا حفص في قوله تعالى: {وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ} في النحل؛ وذلك أن «الشمس» مبتدأ، و «القمر والنجوم» معطوفان عليه، و «مسخرات» خبر. وقرأ الباقون: بنصبها وكسر التاء من «مسخرات» على أن «الشمس» و «القمر» و «النجوم» معطوفات على «السموات»، و «مسخرات» حال. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 225)، الإعراب للنحاس (1/ 617)، الإملاء للعكبري (1/ 160)، البحر المحيط (4/ 309)، التيسير (ص: 110). (¬3) انظر: المصادر السابقة.

{بِأَمْرِهِ} [54] حسن، و «قبل» كاف على القراءتين (¬1). {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [54] كاف. {رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)} [54] تام. {وَخُفْيَةً} [55] كاف. {الْمُعْتَدِينَ (55)} [55] تام، أي: في الدعاء بأن يدعو الشخص وهو متلبس بالكبر، أو بالجهر والصياح، وفي الحديث: «لستم تدعون أصم ولا غائبًا، إنَّما تدعون سميعًا قريبًا» (¬2). {وَطَمَعًا} [56] كاف. {الْمُحْسِنِينَ (56)} [56] تام. {رَحْمَتِهِ} [57] جائز. {مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [57] حسن، والكاف في «كذلك» نعت لمصدر محذوف، أي: تخرج الموتى إخراجًا كإخراجنا هذه الثمرات. {تَذَكَّرُونَ (57)} [57] تام. {بِإِذْنِ رَبِّهِ} [58] كاف، على استئناف ما بعده. {إِلَّا نَكِدًا} [58] حسن، و «النكد» في اللغة: النز القليل، قال مجاهد: يعني أن في بني آدم الطيب والخبيث. {يَشْكُرُونَ (58)} [58] تام. {اعْبُدُوا اللَّهَ} [59] حسن. {غَيْرُهُ} [59] أحسن منه، على القراءتين جره نعتًا لـ «إله» على اللفظ، ورفعه نعتًا له على المحل (¬3). {عَظِيمٍ (59)} [59] كاف، ومثله «مبين»، وكذا «العالمين»، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن ¬

_ (¬1) وهما المشار إليهما سابقًا. (¬2) أخرجه البخاري (3/ 1091، رقم: 2830)، ومسلم (4/ 2076، رقم: 2704)، وأبو داود (2/ 87، رقم: 1526)، وأخرجه أيضًا: أحمد (4/ 394، رقم: 19538)، والنسائى فى الكبرى (4/ 398، رقم: 7679)، وأبو يعلى (13/ 231، رقم: 7252)، وابن أبى عاصم (1/ 274، رقم: 618). (¬3) قرأ الكسائي وأبو جعفر: {مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [59] بكسر الراء والهاء ووصلها بياء في اللفظ حيث وقع؛ وجه من قرأ بخفض الراء وصلة الهاء بياء في اللفظ حيث كان؛ وذلك على النعت أو البدل من «إله» لفظًا. وقرأ الباقون: برفع الراء وضم الهاء على النعت أو البدل من موضع «إله» لأن «من» مزيدة وموضعه رفع بالابتداء. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 226)، الإعراب للنحاس (1/ 612)، الإملاء للعكبري (1/ 156)، البحر المحيط (4/ 320)، التيسير (ص: 110)، تفسير الطبري (12/ 498)، تفسير القرطبي (7/ 233)، النشر (2/ 270).

جعل ما بعده في موضع رفع نعت «رسول»؛ للفصل بين النعت والمنعوت. {مَا لَا تَعْلَمُونَ (62)} [62] كاف، ومثله «ترحمون». {فِي الْفُلْكِ} [64] جائز. {بِآَيَاتِنَا} [64] كاف. {عَمِينَ (64)} [64] تام؛ لأنَّه آخر القصة. {هُودًا} [65] حسن، ومثله «اعبدوا الله». {غَيْرُهُ} [65] كاف، ومثله «تتقون»، وكذا «الكاذبين». {الْعَالَمِينَ (67)} [67] حسن، وقيل: كاف على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في محل رفع نعت «رسول». {رِسَالَاتِ رَبِّي} [68] جائز. {أَمِينٌ (68)} [68] كاف؛ للاستئناف الإنكاري التوبيخي. {لِيُنْذِرَكُمْ} [69] حسن، ومثله «بسطة». {تُفْلِحُونَ (69)} [69] كاف. {آَبَاؤُنَا} [70] جائز. {مِنَ الصَّادِقِينَ (70)} [70] كاف، ومثله: «وغضب»، وكذا «من سلطان»؛ لأنه آخر الاستفهام. {فَانْتَظِرُوا} [71] حسن. {مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71)} [71] كاف. {بِرَحْمَةٍ مِنَّا} [72] جائز، ومثله «بآياتنا». {مُؤْمِنِينَ (72)} [72] تام؛ لأنه آخر القصة. {صَالِحًا} [73] جائز، ومثله «اعبدوا الله». {غَيْرُهُ} [73] كاف، ومثله «من ربكم»، و «آية»، و «في أرض الله». {بِسُوءٍ} [73] ليس بوقف؛ لمكان الفاء. {أَلِيمٌ (73)} [73] كاف، ولا وقف من قوله: «واذكروا» إلى «بيوتًا»؛ لاتساق ما بعده. {بُيُوتًا} [74] كاف. {آَلَاءَ اللَّهِ} [74] جائز. {مُفْسِدِينَ (74)} [74] كاف. {مِنْ رَبِّهِ} [75] جائز. {مُؤْمِنُونَ (75)} [75] كاف، ومثله «كافرون»، ومثله «المرسلين».

{جَاثِمِينَ (78)} [78] كاف. {وَنَصَحْتُ لَكُمْ} [79] ليس بوقف؛ لحرف الاستدراك بعده. {النَّاصِحِينَ (79)} [79] تام؛ لأنه آخر القصة، وانتصب «لوطًا» بإضمار «وأرسلنا». {الْفَاحِشَةَ} [80] جائز. {الْعَالَمِينَ (80)} [80] حسن. {مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} [81] جائز. {مُسْرِفُونَ (81)} [81] كاف، ومثله «من قريتكم». {يَتَطَهَّرُونَ (82)} [82] أكفى. {الْغَابِرِينَ (83)} [83] كاف. {مَطَرًا} [84] جائز. {الْمُجْرِمِينَ (84)} [84] تام. {شُعَيْبًا} [85] جائز، ومثله «اعبدوا الله». {غَيْرُهُ} [85] كاف. {مِنْ رَبِّكُمْ} [85] جائز. {وَالْمِيزَانَ} [85] كاف، ومثله «أشياءهم»، وكذا «بعد إصلاحها»، و «مؤمنين»، و «عوجًا»، و «فكثركم». {الْمُفْسِدِينَ (86)} [86] تام؛ للابتداء بالشرط. {لَمْ يُؤْمِنُوا} [87] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب الشرط لم يأت، وهو: «فاصبروا»، فلا يفصل بين الشرط وجوابه بالوقف. {بَيْنَنَا} [87] حسن. {الْحَاكِمِينَ (87)} [87] تام، وفي قوله: «أو لتعودنّ في ملتنا» جواز إطلاق العود على من لم يتقدم فعله؛ لأنَّ الرسل لم تكن في ملتهم قبل؛ لأنَّهم لم يدخلوا في ملة أحد من الكفار، فالمراد بالعود: الدخول، ومنه حديث الجهنميين (¬1): «عادوا حممًا»، أي: صاروا إلَّا أنَّهم كانوا حممًا، ثم عادوا حممًا. {فِي مِلَّتِنَا} [88] حسن، ومثله «كارهين»، وقيل: ليس بوقف؛ لبشاعة الابتداء بما بعده، وإذا كان محكيًّا عن السيد شعيب كان أشنع، ولكن الكلام معلق بشرط هو بعقبه، والتعليق بالشرط إعدام. ¬

_ (¬1) وله روايات عدة منها: «إنّ أناسًا يدخلون جهنم حتى إذا كانوا حممًا أدخلوا الجنة، فيقول: أهل الجنة من هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء الجهنميون. أخرجه أحمد (3/ 125، رقم: 12280)، والحسين المروزى فى زوائده على الزهد لابن المبارك (1/ 447، رقم: 1267)، والطبرانى فى الأوسط (2/ 36، رقم: 1155).

{نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا} [89]، و {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} [89]، و {كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [89]، و {عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا} [89]، و {وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} [89] كلها وقوف حسان. {الْفَاتِحِينَ (89)} [89] تام. {لَخَاسِرُونَ (90)} [90] كاف، ومثله «جاثمين» على استئناف ما بعده مبتدأ خبره، «كأن لم يغنوا فيها»، وليس بوقف إن جعل ما بعده نعتًا لما قبله، أو بدلًا من الضمير في «أصبحوا»، أو حالًا من فاعل «كذبوا»، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} [92] حسن، وقيل: تام، إن جعل ما بعده مبتدأ خبره «كانوا هم الخاسرين»، وليس بوقف إن جعل ذلك بدلًا من الذين قبله. {الْخَاسِرِينَ (92)} [92] كاف. {وَنَصَحْتُ لَكُمْ} [93] جائز؛ لأنَّ «كيف» للتعجب، فتصلح للابتداء، أي: فكيف أحزن على من لا يستحق أن أحزن عليه. {كَافِرِينَ (93)} [93] تام. {يَضَّرَّعُونَ (94)} [94] كاف. {حَتَّى عَفَوْا} [95] جائز، وقال الأخفش: تام، قال أبو جعفر: وذلك غلط؛ لأن «وقالوا» معطوف على «عفوا» إلَّا أنَّه من عطف الجمل المتغايرة المعنى. {لَا يَشْعُرُونَ (95)} [95] كاف، ومثله «يكسبون»، وكذا «نائمون» لمن حرك الواو، وليس بوقف على قراءة من سكنها، وهم: نافع، وابن عامر، وابن كثير، وقرأ الباقون بفتحها (¬1)، ففي قراءة من سكن الواو جعل «أو» بجملتها حرف عطف، ومعناها: التقسيم، ومن فتح الواو، وجعلها للعطف، ودخلت عليها همزة الاستفهام مقدمة عليها؛ لأنَّ الاستفهام له صدر الكلام، وإن كانت بعدها تقديرًا عند الجمهور. {وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98)} [98] كاف، ومثله «مكر الله». {الْخَاسِرُونَ (99)} [99] تام؛ للاستفهام بعده. {بِذُنُوبِهِمْ} [100] جائز؛ للفصل بين الماضي والمستقبل، فإنَّ «نطبع» منقطع عما قبله؛ لأنَّ «أصبناهم» ماض، و «نطبع» مستقبل، وقال الفراء: تام؛ لأنَّ «نطبع على قلوبهم» ليس داخلًا في جواب ¬

_ (¬1) وذلك في قوله تعالى: {أَوَأَمِنَ} [98]. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 227)، الإعراب للنحاس (1/ 626)، الإملاء للعكبري (1/ 162)، البحر المحيط (4/ 349)، التيسير (ص: 111)، تفسير القرطبي (7/ 253)، الحجة لابن خالويه (ص: 158)، الحجة لابن زنجلة (ص: 289)، السبعة (ص: 286)، الغيث للصفاقسي (ص: 226)، الكشاف (2/ 78)، الكشف للقيسي (1/ 468)، النشر (2/ 270).

لو، ويدل على ذلك قوله: «فهم لا يسمعون». والوقف على {لَا يَسْمَعُونَ (100)} [100] تام. {مِنْ أنبائها} [101] حسن، ومثله «بالبينات»؛ لعطف الجملتين المختلفتين؛ لأنَّ ضمير «فما كانوا ليؤمنوا إلَّا» أهل مكة، وضمير «جاءتهم» للأمم السابقة، مع أنَّ الفاء توجب الاتصال، وكذا «من قبل». {الْكَافِرِينَ (101)} [101] كاف؛ للابتداء بالنفي، ومثله «من عهد». {لَفَاسِقِينَ (102)} [102] تام، و «ثم» وردت؛ لترتيب الأخبار، فيبتدأ بها؛ لأنَّها جاءت أول قصة أخرى. {فَظَلَمُوا بِهَا} [103] حسن؛ للفصل بين الماضي والمستقبل، مع العطف بالفاء. {الْمُفْسِدِينَ (103)} [103] تام. {الْعَالَمِينَ (104)} [104] حسن، ورأس آية. كل ما في كتاب الله من ذكر (أن لا) فهو بغير نون إلَّا في عشرة مواضع فهو بنون، منها: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ} [105] (¬1)، والوقف على {حَقِيقٌ} [105] أحسن على قراءة نافع (¬2): «عليَّ» بتشديد ياء المتكلم؛ على أنَّ الكلام تم عند قوله: «حقيق»؛ لأنَّ «حقيق» نعت «رسول»، أي: رسول حقيق من رب العالمين أرسلت، وعلى هذا لا يوقف على «العالمين»؛ لأنَّ «حقيق» صفة «رسول»، أو خبر بعد خبر، وليس «حقيق» وقفًا إن جعلت «أن لا أقول» أن وصلتها مبتدأ، و «حقيق» خبرًا، أو «حقيق» ¬

_ (¬1) ووقعت «أَن لَّا» في القرآن الكريم على ثلاثة أقسام وهى كالتالى: أولها: مقطوع بالاتفاق. ثانيها: موصول بالاتفاق. ثالثها: مختلف بين القطع والوصل. أولًا: قطعت «أن» مفتوحة الهمزة ساكنة النون عن «لا» النافية للجنس، فى عشرة مواضع: {أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [الأعراف: 169]، {لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} [الأعراف: 105]، {وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [هود: 14]، {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} [هود: 26]، {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ} [التوبة: 118]، {أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا} [الحج: 26]، {أَن لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس: 60]، {وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ} [الدخان: 19]، {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا} [القلم: 24]، {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ} [الممتحنة: 12]. ثانيًا: اختلفت المصاحف فى قوله -تَعَالَى-: {أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ} [الأنبياء: 87] فروى بالقطع وروى بالوصل، والعمل بالقطع. ثالثًا: غير المواضع المذكورة موصول؛ أى: تدغم فيه النون فى اللام لفظًا وخطًّا؛ وأول ما وقع منه فى القرآن الكريم هو قوله -تعالى-: {أَلَّا تَعْبُدُوا} [هود: 2]. (¬2) وجه من قرأ بتشديد الياء وفتحها؛ أنه على الإضافة. والباقون بالألف لفظا على أن «على» التي هي حرف جر دخلت على «أن»، وتكون «على» بمعنى: إلى، أي: حقيق يقول الحق ليس إلا. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 227)، الإعراب للنحاس (1/ 628)، الإملاء للعكبري (1/ 162)، البحر المحيط (4/ 355).

مبتدأ، و «أن لا أقول» خبرًا، أو «أن لا أقول» فاعل بـ «حقيق»، وهذا أعذب الوجوه؛ لوضوحه لفظًا ومعنى، وقرأ العامة (¬1): «على» حرف جر مجردًا من ياء المتكلم. {إِلَّا الْحَقَّ} [105] حسن. {مِنْ رَبِّكُمْ} [105] جائز. {بَنِي إِسْرَائِيلَ (105)} [105] كاف، ورأس آية. {الصَّادِقِينَ (106)} [106] حسن. {مُبِينٌ (107)} [107] جائز. {لِلنَّاظِرِينَ (108)} [108] حسن، ومثله «لساحر عليم»، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل في موضع الصفة لما قبله. {مِنْ أَرْضِكُمْ} [110] حسن، إن جعل «فماذا تأمرون» من كلام فرعون، ويؤيد كونه من كلامه «قالوا أرجه»، و «يريد أن يخرجكم من أرضكم»؛ فهو قول الملأ، وليس بوقف إن جعل من كلام الملأ، وخاطبوا فرعون وحده بقولهم: «تأمرون» تعظيمًا له، كما تخاطب الملوك بصيغة الجمع، أو قالوا ذلك له ولأصحابه، ويجوز أن تكون «ماذا» كلها اسمًا واحدًا مفعولًا ثانيًا لـ «تأمرون»، والمفعول الأول محذوف وهو ياء المتكلم، والتقدير: بأي شيء تأمرونني؟ ويجوز أن تكون «ما» وحدها استفهامًا، «ما» مبتدأ، و «ذا» اسم موصول بمعنى: الذي خبر عنها، و «تأمرون» صلة «ذا»، ومفعول «تأمرون» محذوف، وهو ضمير المتكلم، والثاني الضمير العائد على الموصول، والتقدير: فأي شيء تأمروننيه؟ أي: تأمرونني به (¬2). {تَأْمُرُونَ (110)} [110] كاف، «حاشرين» رأس آية، وليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده من تمام الحكاية عن الملأ، ولا يوقف على «حاشرين»؛ لأنَّ قوله: «يأتوك» جواب قوله: «وأرسل»، فلا يفصل بين الأمر وجوابه. {سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)} [112] كاف، ومثله «نحن الغالبين». {قَالَ نَعَمْ} [114] جائز. {الْمُقَرَّبِينَ (114)} [114] حسن. {الْمُلْقِينَ (115)} [115] كاف. {قَالَ أَلْقُوا} [116] حسن، ومثله «واسترهبوهم». {بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116)} [116] تام. ¬

_ (¬1) انظر: المصادر السابقة. (¬2) انظر: تفسير الطبري (13/ 18)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{عَصَاكَ} [117] جائز عند بعضهم، وقيل: ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده يفسر ما قبله. {مَا يَأْفِكُونَ (117)} [117] كاف، ومثله «يعملون»، و «صاغرين»، و «ساجدين» على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده حالًا من فاعل «انقلبوا». {الْعَالَمِينَ (121)} [121] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده بدل مما قبله. {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)} [122] تام، وقدم «موسى» هنا على «هارون»، وإن كان «هارون» أسن منه؛ لكبره في الرتبة، أو لأنَّه هنا وقع فاصلة، كما قدم «هارون» على «موسى» في طه؛ لوقوعه فاصلة، ومات «هارون» قبل موسى بثلاث سنين (¬1). {قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ} [123] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده داخلًا في القول. {أَهْلَهَا} [123] جائز، على أنَّ اللام في قوله: «لتخرجوا منها أهلها» من صلة «مكرتموه»، ومن جعلها متعلقة بمحذوف تقديره: فعلتم ذلك لتخرجوا -وقف على «المدينة»، وقال نافع: تام. {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123)} [123] كاف، ومثله «أجمعين»، وكذا «منقلبون». {لَمَّا جَاءَتْنَا} [126] حسن. {صَبْرًا} [126] جائز. {مُسْلِمِينَ (126)} [126] تام. {فِي الْأَرْضِ} [127] جائز، إن نصب «ويذرك» عطفًا على جواب الاستفهام، وهو «ليفسدوا» بإضمار أن، والمعنى: أنى يكون الجمع بين تركك موسى وقومه للإفساد وبين تركهم إياك وعبادة آلهتك؟ أي: إنَّ هذا مما لا يمكن، وليس قصد الملأ بذلك زندقة فرعون على موسى وقومه، وليس بوقف إن قرئ بالرفع على «أتذر»، كما يروى عن الحسن أنَّه كان يقرأ (¬2): «ويذرُك» بالرفع، وكذا إن نصب عطفًا على ما قبله، أو جعل جملة في موضع الحال؛ فلأهل العربية في إعراب «ويذرك» خمسة أوجه، انظرها إن شئت (¬3). {وَآَلِهَتَكَ} [127] حسن، ومثله «نساءهم». {قَاهِرُونَ (127)} [127] تام. ¬

_ (¬1) انظر: المصدر السابق (13/ 32). (¬2) وكذا رويت عن نعيم بن ميسرة، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 229)، الإملاء للعكبري (1/ 162)، البحر المحيط (4/ 367)، تفسير الطبري (13/ 37)، تفسير القرطبي (7/ 261)، الكشاف (2/ 82)، المعاني للفراء (1/ 391)، تفسير الرازي (4/ 274). (¬3) انظر: تفسير الطبري (13/ 36)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{وَاصْبِرُوا} [128] كاف؛ للابتداء بـ «أن». {مِنْ عِبَادِهِ} [128] حسن. {لِلْمُتَّقِينَ (128)} [128] كاف. {مَا جِئْتَنَا} [129] حسن. {فِي الْأَرْضِ} [129] ليس بوقف؛ لأنَّ بعده فاء السببية. {تَعْمَلُونَ (129)} [129] تام. {يَذَّكَّرُونَ (130)} [130] كاف. {لَنَا هَذِهِ} [131] حسن، والمراد بـ «الحسنة»: العافية، والرخاء. و «السيئة»: البلاء، والعقوبة. {وَمَنْ مَعَهُ} [131] كاف، «عند الله» الأولى وصله. {لَا يَعْلَمُونَ (131)} [131] كاف، ومثله «بمؤمنين»، و «مفصلات»، و «قومًا مجرمين»، ومن وقف على «ادع لنا ربك»، وابتدأ «بما عهد عندك»، وجعل الباء حرف قسم -فقد تسعف، وأخطأ؛ لأنَّ باء القسم لا يحذف معها الفعل، بل متى ذكرت الباء لابد من الإتيان بالفعل بخلاف الواو. {بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ} [134] جائز. {بَنِي إِسْرَائِيلَ (134)} [134] حسن، ورأس آية أيضًا. {يَنْكُثُونَ (135)} [135] كاف. {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [136] جائز، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده نفس الانتقام. {غَافِلِينَ (136)} [136] كاف. {يُسْتَضْعَفُونَ} [137] ليس بوقف؛ لأنَّ «مشارق الأرض» منصوب، على أنه مفعول ثان لـ «أورثنا»، قال السجستاني: نصبوا «مشارق» بـ «أورثنا»، ولم ينصبوها بالظرف، ولم يريدوا في مشارق الأرض وفي مغاربها، قال أبو بكر بن الأنباري: فإنكاره النصب على الظرفية خطأ؛ لأنَّ في مشارق ومغارب وجهين: أحدهما أنَّها منصوبة بـ «أورثنا» على غير معنى مخل، وهو الذي يسميه الكسائي صفة، ويسميه الخليل ظرفًا. والوجه الثاني: أن تنصب «التي» بـ «أورثنا»، وتنصب مشارق ومغارب على المحل، كأنك قلت: وأورثنا القوم الأرض التي باركنا فيها مشارق الأرض ومغاربها، فلما حذف الجار نصبا، وإذا نصبت مشارق ومغارب بوقوع الفعل عليها على غير معنى المحل -جعلت «التي باركنا فيها» نعت مشارق ومغارب، وعليهما فلا يوقف على «يستضعفون» (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (13/ 76)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

والوقف على {وَمَغَارِبَهَا} [137] حسن، إن جعلت «التي باركنا فيها» منقطعًا عما قبله، قال الأخفش: «باركنا فيها» هو تمام الكلام. {بِمَا صَبَرُوا} [137] كاف، ومثله «يعرشون»، و «أصنام لهم»، و «كما لهم آلهة» كلها حسان. {تَجْهَلُونَ (138)} [138] كاف. {مَا هُمْ فِيهِ} [139] جائز. {يَعْمَلُونَ (139)} [139] كاف، ومثله «العالمين» على قراءة الجماعة غير ابن عامر في قوله: «وإذ أنجيناكم» بالنون على لفظ الجمع؛ لأنَّ كلام موسى قد تم، وليس بوقف على قراءة ابن عامر: «وإذ أنجاكم» على لفظ الواحد الغائب (¬1)؛ لأنَّ ما بعده متصل بكلام موسى وإخباره عن الله تعالى في قوله: «أغير الله أبغيكم إلهًا»، فهو مردود عليه، فلا يقطع منه، اهـ نكزاوي. {سُوءَ الْعَذَابِ} [141] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل بدلًا من «يسومونكم». {نِسَاءَكُمْ} [141] حسن. {عَظِيمٌ (141)} [141] تام. {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [142] حسن. {وَأَصْلِحْ} [142] جائز، على استئناف النهي، نهاه عن اتباع سبيلهم وأمره إياه بالإصلاح على سبيل التأكيد، لا لتوهم أنَّه يقع منه خلاف الإصلاح؛ لأنَّ منصب النبوة منزه عن ذلك. {الْمُفْسِدِينَ (142)} [142] تام. {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [143] ليس بوقف؛ لأنَّ «قال» جواب «لما». {إِلَيْكَ} [143] حسن، ومثله «لن تراني»، ومثله «إلى الجبل»؛ للابتداء بالشرط مع الفاء، ومثله «فسوف تراني»، و «صعقا»، قرأ الأخوان: «دَكَّاءَ» بالمد بوزن حمراء، والباقون: «دكًّا» بالقصر والتنوين (¬2). {أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)} [143] تام. ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 229)، البحر المحيط (4/ 379)، التيسير (ص: 113)، الحجة لابن خالويه (ص: 162)، الحجة لابن زنجلة (ص: 294)، الغيث للصفاقسي (ص: 228)، النشر (2/ 271). (¬2) وجه من قرأ بالمد والهمز من غير تنوين ومثله في الكهف [الآية: 98]؛ أنه بوزن حمراء، من قولهم: ناقة دكاء منبسطة السنام غير مرتفعة، أي: أرضًا مستوية. وقرأ الباقون: بالتنوين بلا مد ولا همز مصدر واقع موقع المفعول به: أي مدكوكًا مفتتًا. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 230)، الإعراب للنحاس (1/ 636)، الإملاء للعكبري (1/ 164)، البحر المحيط (4/ 384)، التيسير (ص: 113).

{وَبِكَلَامِي} [144] جائز. {الشَّاكِرِينَ (144)} [144] كاف. {مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [145] حسن، إن نصب ما بعده بفعل مقدر، وليس بوقف إن نصب بما قبله، أو أبدل منه، أو نصب على المفعول من أجله، أي: كتبنا له تلك الأشياء؛ للاتعاظ والتفصيل. {لِكُلِّ شَيْءٍ} [145] حسن، ومثله «بأحسنها». {الْفَاسِقِينَ (145)} [145] تام. {بِغَيْرِ الْحَقِّ} [146] كاف؛ للابتداء بالشرط. {لَا يُؤْمِنُوا بِهَا} [146] كاف؛ للابتداء بالشرط أيضًا. {سَبِيلًا} [146] حسن. {يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} [146] كاف. {غَافِلِينَ (146)} [146] تام. {أَعْمَالُهُمْ} [147] حسن. {يَعْمَلُونَ (147)} [147] تام. {لَهُ خُوَارٌ} [148] حسن، ومثله «سبيلًا»؛ لئلَّا تصير الجملة صفة «سبيلًا»؛ فإن الهاء ضميرًا لـ «العجل»، وكذا «ظالمين»، وقال أبو جعفر فيهما: تام. {قَدْ ضَلُّوا} [149] ليس بوقف؛ لأنَّ «قالوا» بعده جواب «لما». {الْخَاسِرِينَ (149)} [149] كاف. {أَسِفًا} [150] ليس بوقف؛ لأنَّ «قال» جواب «لما»، ورسموا «بئسما» موصولة كلمة واحدة باتفاق، وتقدم الكلام على ذلك. {مِنْ بَعْدِي} [150] كاف؛ للابتداء بالاستفهام، ومثله «أمر ربكم». {يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} [150] حسن، اتفق علماء الرسم على رسم «ابن أم»: «ابن» كلمة، و «أم» كلمة، على إرادة الاتصال، ويأتي الكلام على التي في طه. {يَقْتُلُونَنِي} [150] جائز، ووصله أحسن؛ لأنَّ الفاء في جواب شرط مقدر، أي: إذا هموا بقتلي فلا تشمتهم بضربي. {الظَّالِمِينَ (150)} [150] تام. {فِي رَحْمَتِكَ} [151] حسن. {الرَّاحِمِينَ (151)} [151] تام. {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [152] كاف، وقيل: تام، إن جعل «إنَّ الذين اتخذوا العجل» وما بعده من

كلام موسى، وهو أشبه بسياق الكلام، وقوله: «في الحياة الدنيا» آخر كلامه، ثم قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152)} [152]، ولا يبلغ درجة التمام إن جعل ذلك من كلام الله تعالى إخبارًا عما ينال عُبَّاد العجل، ومخاطبة لموسى بما ينالهم، ويدل عليه قوله: «وكذلك نجزي المفترين»، وعلى هذا لم يتم الوقف على قوله: «في الحياة الدنيا»، ولكنه كاف. {الْمُفْتَرِينَ (152)} [152] تام. {وَآَمَنُوا} [153] كاف. {رَحِيمٌ (153)} [153] تام. {الْغَضَبُ} [154] ليس بوقف؛ لأنَّ جواب «لما» لم يأت، وهو قوله: «أخذ الألواح» فلا يفصل بينهما بالوقف. {الْأَلْوَاحَ} [154] حسن، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل «وفي نسختها» جملة في محل نصب حالًا من «الألواح»، أو من ضمير «موسى». {يَرْهَبُونَ (154)} [154] كاف، وقيل: تام. {لِمِيقَاتِنَا} [155] حسن. {وَإِيَّايَ} [155] كاف، ومثله «السفهاء منا». {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} [155] جائز؛ لأنَّ الجملة لا توصف بها المعرفة، ولا عامل يجعلها حالًا، قاله السجاوندي. {وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [155] حسن، ومثله «وارحمنا». {الْغَافِرِينَ (155)} [155] كاف. {هُدْنَا إِلَيْكَ} [156] حسن، ومثله «من أشاء»؛ للفصل بين الجملتين. {كُلَّ شَيْءٍ} [156] كاف، في محل «الذين» بعد «يؤمنون» الحركات الثلاث: الرفع، والنصب، والجر؛ فالرفع من وجهين، والنصب من وجهين، والجر من ثلاثة؛ فتام إن رفع على أنَّه خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ، والخبر إما الجملة الفعلية من قوله: «يأمرهم بالمعروف»، أو الجملة الاسمية، وكاف إن نصب «الذين»، أو رفع على المدح، وليس بوقف إن جر بدلًا من «الذين يتقون»، أو نعتًا، أو عطف بيان، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {وَالْإِنْجِيلِ} [157] كاف، على استئناف ما بعده، وقيل: تام؛ لأنَّ ما بعده يحتمل أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هو يأمرهم، وأن يكون نعتًا لقوله: «مكتوبًا»، أو بدلًا، أي: يجدونه آمرًا، أو صلة لـ «الذي» قائمًا مقام «يجدونه» كالبدل من تلك الجملة، أي: الأمي الذي يأمرهم، قاله السجاوندي مع زيادة للإيضاح، و «الأمي» بضم الهمزة، وهي قراءة العامة نسبة إلى الأمة، أو إلى الأم؛ فهو مصدر

لـ (أمَّ- يؤم) أي: (قصد- يقصد)، والمعنى: أنَّ هذا النبي مقصود لكل أحد، وفيه نظر؛ لأنَّه لو كان كذلك لقيل: الأمي بفتح الهمزة، وقد يقال: إنَّه من تغيير النسبة، أو نسبة لـ (أمَّ القرى) وهي مكة، أول من أظهر الكتابة أبو سفيان بن أمية عم أبي سفيان بن حرب (¬1). {كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [157] حسن. {أُنْزِلَ مَعَهُ} [157] ليس بوقف؛ لأنَّ «أولئك» خبر قوله: «فالذين». {الْمُفْلِحُونَ (157)} [157] تام. {جَمِيعًا} [158] حسن، إن رفع ما بعده، أو نصب على المدح، وليس بوقف إن جر نعتًا للجلالة، أو بدلًا منها، لكن فيه الفصل بين الصفة والموصوف بقوله: «إليكم جميعًا»، وأجاز ذلك الزمخشري، واستبعده أبو البقاء. {وَالْأَرْضِ} [158] حسن؛ لأنَّ الجملة بعده تصلح أن تكون مبتدأ، أو حالًا. {يُحْيِي وَيُمِيتُ} [158] حسن. {وَكَلِمَاتِهِ} [158] جائز؛ للأمر بعده. {تَهْتَدُونَ (158)} [158] تام. {يَعْدِلُونَ (159)} [159] كاف. {أُمَمًا} [160] حسن، وإن اتفقت الجملتان، لكن «أوحينا» عامل «إذ استسقاه»، فلم يكن معطوفًا على «قطعنا»؛ فإنَّ تفريق الأسباط لم يكن في زمن الاستسقاء. {الْحَجَرَ} [160]، و {عَيْنًا} [160]، و {مَشْرَبَهُمْ} [160]، و {وَالسَّلْوَى} [160]، و {رَزَقْنَاكُمْ} [160] كلها حسان. {يَظْلِمُونَ (160)} [160] كاف. {خَطِيئَاتِكُمْ} [161] حسن. {الْمُحْسِنِينَ (161)} [161] كاف. {غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} [162] ليس بوقف؛ لمكان الفاء. {يَظْلِمُونَ (162)} [162] كاف. {شُرَّعًا} [163] جائز. {لَا تَأْتِيهِمْ} [163] تام، على القول بعدم الإتيان بالكلية؛ فإنهم كانوا ينظرون إلى الحيتان في البحر يوم السبت، فلم يبق حوت إلَّا اجتمع فيه، فإذا انقضى السبت ذهبت، فلم تظهر إلى السبت ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (13/ 161)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

المقبل، فوسوس إليهم الشيطان، وقال لهم: إنَّ الله لم ينهكم عن الاصطياد، وإنَّما نهاكم عن الأكل، فاصطادوا، وقيل: قال لهم: إنَّما نهيتم عن الأخذ، فاتخذوا حياضًا على ساحل البحر، فتأتي إليها الحيتان يوم السبت، فإذا كان يوم الأحد خذوها، ففعلوا ذلك، ثم اعتدوا في السبت، فاصطادوا فيه وأكلوا وباعوا، فمسخ الله: شبانهم قردة، ومشايخهم خنازير، فمكثوا ثلاثة أيام، ثم هلكوا، ولم يبق ممسوخ فوق ثلاثة أيام أبدًا (¬1)، وأما من قال: إنَّ الإتيان في غير يوم السبت كان أقل من يوم السبت، أو بطلب ونصب؛ لأنَّ التشبيه من تمام الكلام -فالوقف على كذلك، قال مجاهد: حرمت عليهم الحيتان يوم السبت، فكانت تأتيهم فيه شرعًا لأمنها، ولا تأتيهم في غيره، إلَّا أن يطلبوها، فقوله: «كذلك»، أي: تأتيهم شرعًا، وهنا تم الكلام، «ونبلوهم» مستأنف، ومحل الكاف نصب بالإتيان على الحال، أي: لا نأتي مثل ذلك الإتيان، أو الكاف صفة مصدر بعده محذوف، أي: نبلوهم بلاء كذلك، فالوقف على «كذلك» حسن فيهما، أو تام (¬2). {يَفْسُقُونَ (163)} [163] كاف، إن علق «إذ» باذكر مقدرًا مفعولًا به. {قَوْمًا} [164] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده صفة لقوله: «قومًا»، كأنَّه قال: لم تعظون قومًا مهلكين؟ {عَذَابًا شَدِيدًا} [164] حسن. {يَتَّقُونَ (164)} [164] كاف، إن رفع «معذرة» على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: قالوا: موعظتنا معذرة، وقرأ حفص عن عاصم (¬3): «معذرةً» بالنصب بفعل مقدر، أي: نعتذر معذرة، أو نصب بالقول؛ لأنَّ المعذرة تتضمن كلامًا، والمفرد المتضمن لكلام إذا وقع بعد القول نصب المفعول به، كقلت: قصيدة وشعرًا. {يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} [165] جائز. {يَفْسُقُونَ (165)} [165] كاف، كل ما في كتاب الله من ذكر «عما» فهو بغير نون بعد العين إلَّا هنا في قوله: {عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ} [166] فهو بنون، كما ترى. {خَاسِئِينَ (166)} [166] حسن، وقيل: كاف. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (2/ 168: 171 - 13/ 196:176)، بتحقيق شاكر –مؤسسة الرسالة، وتفسير ابن كثير (1/ 288 - 3/ 493: 496)، بتحقيق سامي سلامة –دار طيبة، وتفسير القرطبي (7/ 304: 306). (¬2) انظر: تفسير الطبري (13/ 179)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬3) وقرأ الباقون بالرفع. وجه من قرأ بالنصب؛ فعلى أنه مفعول من أجله، أي: وعظناهم لأجل المعذرة. وقرأ الباقون: بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي: موعظتنا معذرة، أو هذه معذرة. انظر هذه القراءة في: اتحاف الفضلاء (ص: 232)، الإعراب للنحاس (1/ 645)، الإملاء للعكبري (1/ 166)، البحر المحيط (4/ 412)، التيسير (ص: 114)، تفسير الطبري (13/ 185)، تفسير القرطبي (7/ 307)، المعاني للفراء (1/ 3989، الكشف للقيسي (1/ 481)، النشر (2/ 372).

{سُوءَ الْعَذَابِ} [167] حسن، وقال أبو عمرو: كاف. {لَسَرِيعُ الْعِقَابِ} [167] جائز، ووصله أولى للجمع بين الصفتين ترغيبًا وترهيبًا، كما تقدم. {رَحِيمٌ (167)} [167] كاف، ومثله «أممًا»، و «دون ذلك»، و «يرجعون». {سَيُغْفَرُ لَنَا} [169] جائز. {يَأْخُذُوهُ} [169] حسن. {إِلَّا الْحَقَّ} [169] كاف، ومثله «ما فيه»، وكذا «يتقون». {تَعْقِلُونَ (169)} [169] تام، إن جعل «والذين يمسكون» مبتدأ، وليس بوقف إن عطف على قوله: «الذين يتقون» فلا يوقف على «يتقون»، ولا على «تعقلون»، وإن جعل «والذين» مبتدأ، وخبره «أنَّا لا نضيع» -لم يوقف على قوله: «وأقاموا الصلاة»؛ لأنَّه لا يفصل بين المبتدأ والخبر بالوقف؛ لأنَّ المصلحين هم الذين يمسكون بالكتاب، وفي قوله: «وأقاموا الصلاة» إعادة المبتدأ بمعناه، والرابط بينهما العموم في المصلحين، أو ضمير محذوف تقديره: المصلحين منهم. {الْمُصْلِحِينَ (170)} [170] تام. {وَاقِعٌ بِهِمْ} [171] حسن. {تَتَّقُونَ (171)} [171] تام إن علق «إذ» باذكر مقدرًا مفعولًا به، وإن عطف على «ما»، أو على «وإذ نتقنا الجبل» لم يتم الكلام على ما قبله، واختلف في «شهدنا» هل هو من كلام الله، أو من كلام الملائكة، أو من كلام الذرية؟! فعلى أنَّه من كلام الملائكة، وأنَّ الذرية لما أجابوا بـ «بلى» قال الله للملائكة: اشهدوا عليهم، فقالت الملائكة: شهدنا؛ فـ «بلى» آخر قصة الميثاق فاصلة بين السؤال والجواب. فالوقف على {بَلَى} [172] تام؛ لأنَّه لا تعلق له بما بعده لا لفظًا، ولا معنى، وعلى أنَّه من كلام الذرية -فالوقف على «شهدنا»، و «أن» متعلقة بمحذوف، أي: فعلنا ذلك أن تقولوا يوم القيامة، فإذًا لا يوقف على «بلى»؛ لتعلق ما بعدها بما قبلها لفظًا ومعنى، وقال ابن الأنباري: لا يوقف على «بلى»، ولا على «شهدنا»؛ لتعلق «إن» بقوله: «وأشهدهم»؛ فالكلام متصل بعضه ببعض. {غَافِلِينَ (172)} [172] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده معطوف على ما قبله. {مِنْ بَعْدِهِمْ} [173] حسن؛ للابتداء بالاستفهام. {الْمُبْطِلُونَ (173)} [173] كاف. {يَرْجِعُونَ (174)} [174] تام. {الْغَاوِينَ (175)} [175] كاف. {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [176] حسن، وقيل: كاف؛ لأنَّ ما بعده مبتدأ. {أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [176] حسن؛ فهو لا يملك ترك اللهث.

{بِآَيَاتِنَا} [176] كاف. {يَتَفَكَّرُونَ (176)} [176] تام. {مَثَلًا} [177] جائز، إن جعل الفاعل مضمرًا تقديره: ساء مثلهم مثلًا، ويكون «القوم» خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هم القوم، وليس بوقف إن جعل «القوم» فاعلًا بـ «ساء»؛ لأنَّه لا يفصل بين الفعل والفاعل. {يَظْلِمُونَ (177)} [177] تام. {فَهُوَ الْمُهْتَدِي} [178] حسن، بإثبات الياء وصلًا ووقفًا باتفاق القراء هنا، خلافًا لما في سورتي الكهف والإسراء؛ فإنَّ أبا عمرو، ونافعًا يثبتانها وصلًا، والباقون يحذفونها فيهما وقفًا ووصلًا. {الْخَاسِرُونَ (178)} [178] تام. {وَالْإِنْسِ} [179] كاف، على استئناف ما بعده، وليس بوقف إن جعل ما بعده في موضع النعت لقوله: «كثيرًا». {لَا يَسْمَعُونَ بِهَا} [179] حسن. {أَضَلُّ} [179] كاف. {الْغَافِلُونَ (179)} [179] تام. {فَادْعُوهُ بِهَا} [180] كاف، ومثله: «في أسمائه». {يَعْمَلُونَ (180)} [180] تام، ومثله «يعدلون». {لَا يَعْلَمُونَ (182)} [182] كاف، على استئناف ما بعده. {وَأُمْلِي لَهُمْ} [183] كاف؛ للابتداء بعده بـ «أن». {مَتِينٌ (183)} [183] تام. {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا} [184] أتم؛ للابتداء بعده بالنفي. {مِنْ جِنَّةٍ} [184] حسن، وقال أبو عمرو: كاف؛ للابتداء بعدُ بالنفي، والمعنى: أو لم يتأملوا ويتدبروا في انتقاء هذا الوصف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّه منتف عنه بلا محالة، ولا يمكن لمن أمعن الفكر أن ينسب ذلك إليه. {مُبِينٌ (184)} [184] تام. {مِنْ شَيْءٍ} [185] ليس بوقف؛ لأنَّ «وأن عسى» متعلق بـ «ينتظروا»، فهو في محل جر عطفًا على «ملكوت»، أي: أو لم ينظروا في أنَّ الأمر والشأن؟ عسى أن يكون، فـ «أن يكون» فاعل «عسى»، وهي حينئذ تامة؛ لأنَّها متى رفعت «أن» وما في حيزها -كانت تامة. {أَجَلُهُمْ} [185] كاف؛ للابتداء بالاستفهام، أي: إذا لم يؤمنوا بهذا الحديث فكيف يؤمنون

بغيره؟ {يُؤْمِنُونَ (185)} [185] تام. {فَلَا هَادِيَ لَهُ} [186] كاف، على قراءة: «ونذرُهم» بالنون والرفع على الاستفهام؛ لأنَّه منقطع عنه، وبها قرأ ابن كثير، وابن عامر، ونافع (¬1)، وليس بوقف لمن قرأ (¬2): «ويذرْهم» بالياء والجزم؛ لأنَّه معطوف على موضع الفاء، وذلك أنَّ موضعها جزم؛ لأنَّها جواب الشرط، وجوابه مجزوم، أنشد هشام: أيَّا صدقتَ فإنَّني لك كاشحٌ ... وعلى انتقاصِكَ في الجبايةِ أزددي (¬3) فجزم (أزددي) عطفًا على محل الفاء، وأنشد الأخفش البصري: دَعني وَاِذهَب جانِبًا ... يَومًا وَأَكفِك جانِبًا (¬4) فجزم (وأكفك) عطفًا على محل الفاء، وقرأ حمزة، والكسائي (¬5): «ويذرْهم» بالياء والجزم. وقرأ عاصم، وأبو عمرو (¬6): «ويذرُهم» بالياء والرفع، فإن جعلته معطوفًا على ما بعد الفاء لم يجز الوقف على ما قبله، وإن جعلته مستأنفًا وقفت على ما قبله. ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 233)، الإعراب للنحاس (1/ 654)، الإملاء للعكبري (1/ 167)، البحر المحيط (4/ 433)، التيسير (ص: 115)، تفسير القرطبي (7/ 334)، الحجة لابن خالويه (ص: 167)، السبعة (ص: 299)، الغيث للصفاقسي (ص: 230)، الكشاف (2/ 106)، الكشف للقيسي (1/ 485)، المحتسب لابن جني، تفسير الرازي (4/ 326)، النشر (2/ 273). (¬2) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف. انظر: المصادر السابقة. (¬3) لم أستدل عليه. (¬4) هو من مجزء الكامل، وقائله عمرو الزبيدي، وعمرو بن معدي كرب الزَبيدي (75 ق. هـ - 21 هـ/547 - 642 م) عمرو بن معدي كرب بن ربيعة بن عبد الله الزبيدي، فارس اليمن، وصاحب الغارات المذكورة، وفد على المدينة سنة (9هـ)، في عشرة من بني زبيد، فأسلم وأسلموا، وعادوا، ولما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، ارتد عمرو في اليمن، ثم رجع إلى الإسلام، فبعثه أبو بكر إلى الشام، فشهد اليرموك، وذهبت فيها إحدى عينيه، وبعثه عمر إلى العراق، فشهد القادسية، وكان عصيّ النفس، أبيّها، فيه قسوة الجاهلية، يُكنَّى أبا ثور، وأخبار شجاعته كثيرة، له شعر جيد أشهره قصيدته التي يقول فيها: إذا لم تستطع شيئًا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع توفي على مقربة من الريّ، وقيل: قتل عطشًا يوم القادسية.-الموسوعة الشعرية (¬5) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 233)، الإعراب للنحاس (1/ 654)، الإملاء للعكبري (1/ 167)، البحر المحيط (4/ 433)، التيسير (ص: 115)، تفسير القرطبي (7/ 334)، الحجة لابن خالويه (ص: 167)، السبعة (ص: 299)، الغيث للصفاقسي (ص: 230)، الكشاف (2/ 106)، الكشف للقيسي (1/ 485)، تفسير الرازي (4/ 326)، النشر (2/ 273). (¬6) انظر: المصادر السابقة.

{يَعْمَهُونَ (186)} [186] تام. {مُرْسَاهَا} [187] حسن. {عِنْدَ رَبِّي} [187] جائز؛ لاختلاف الجملتين. {إِلَّا هُوَ} [187] كاف، عند أبي عمرو، وعند نافع: تام. {وَالْأَرْضِ} [187] حسن. {إِلَّا بَغْتَةً} [187] تام. {حَفِيٌّ عَنْهَا} [187] كاف؛ للأمر بعده، أي: عالم، ومعتن بها، وبالسؤال عنها. {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} [187] الأولى وصله؛ للاستدراك بعده. {لَا يَعْلَمُونَ (187)} [187] تام. {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [188] حسن، وقيل: كاف. {مِنَ الْخَيْرِ} [188] ليس بوقف؛ لعطف «وما مسني السوء» على جواب «لو». {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} [188] تام إن فسر «السوء» بالجنون الذي نسبوه إليه، فكان ابتداء بنفي بعد وقف، أي: ما بي جنون إن أنا إلَّا نذير وبشير لقوم يؤمنون، أو المعنى: لو علمت الغيب من أمر القحط لاستكثرت من الطعام، وما مسني الجوع، والأولى أن يحمل السوء على الجنون الذي نسبوه إليه (¬1). {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)} [188] تام. {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [189] حسن، ومثله «فمرت به». {الشَّاكِرِينَ (189)} [189] كاف. {فَلَمَّا آَتَاهُمَا} [190] كاف أيضًا؛ لانقضاء قصة آدم وحواء -عليهما السلام-، وما بعده تخلص إلى قصة العرب وإشراكهم، ولو كانت القصة واحدة لقال عما يشركون، كقوله: {دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} [189]، {فَلَمَّا آَتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آَتَاهُمَا} [190]. {يُشْرِكُونَ (190)} [190] كاف، ومثله «يخلقون»، و «ينصرون»، و «لا يتْبعوكم» قرأ نافع بتخفيف الفوقية (¬2)، ومثله: {يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224)} [الشعراء: 224]، والباقون بالتشديد (¬3)؛ فهما لغتان. {صَامِتُونَ (193)} [193] تام، ومثله «أمثالكم». ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (13/ 301)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) وجه من قرأ: {لاَ يَتْبِعُوكُم} [193]، وفي الشعراء: {يَتَّبِعُهُمْ} [224] بالتخفيف فيهما. ومن قرأ: بفتح التاء مشددة وكسر الموحدة فيهما؛ أنهما لغتان. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 234)، البحر المحيط (4/ 441)، التيسير (ص: 115)، النشر (2/ 274). (¬3) انظر: المصادر السابقة.

{صَادِقِينَ (194)} [194] كاف، وكذا «بها» الأخيرة، وفي المواضع الثلاثة لا يجوز الوقف؛ لأنَّ «أم» عاطفة، والمعنى: يقتضي الوصل؛ لأنَّ الاستفهام قد يحمل على الابتداء به. {فَلَا تُنْظِرُونِ (195)} [195] تام. {الْكِتَابَ} [196] كاف، على استئناف ما بعده. {الصَّالِحِينَ (196)} [196] تام، على القراءتين، قرأ العامة (¬1): «ولييَ» مضافًا لياء المتكلم المفتوحة؛ أضاف الولي إلى نفسه، وقرئ (¬2): «وليَّ الله» بياء مشددة مفتوحة، وجر الجلالة بإضافة الولي إلى الجلالة. {يَنْصُرُونَ (197)} [197] كاف. {لَا يَسْمَعُوا} [198] جائز. {لَا يُبْصِرُونَ (198)} [198] تام. {الْجَاهِلِينَ (199)} [199] كاف، ومثله «بالله». {عَلِيمٌ (200)} [200] تام. {مُبْصِرُونَ (201)} [201] كاف؛ لأنَّ «وإخوانهم» مبتدأ، و «يمدونهم» خبر. {لَا يُقْصِرُونَ (202)} [202] كاف، ومثله «اجتبيتها»، وكذا «من ربي». {وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} [203] ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده بما قبله. {يُؤْمِنُونَ (203)} [203] تام. {وَأَنْصِتُوا} [204] ليس بوقف؛ لحرف الترجي بعده، وتعلقه كتعلق (لام كي). {تُرْحَمُونَ (204)} [204] تام. {وَالْآَصَالِ} [205] جائز. {الْغَافِلِينَ (205)} [205] تام. {وَيُسَبِّحُونَهُ} [206] جائز. {وَلَهُ يَسْجُدُونَ ((206)} [206] تام. ¬

_ (¬1) أي: الأئمة العشرة في المتواتر. (¬2) وهي قراءة أبو عمرو وعاصم في غير المتواتر وابن حبش وأبو خلاد وابن اليزيدي؛ ووجه قراءتها فعلى حذف لام الفعل في: {وَلِيِّيَ} وهي الياء الثانية وإدغام ياء «فعيل» في ياء الإضافة، وحذف اللام كثير ومطرد في اللامات. انظر هذه القراءة في: السبعة (ص: 301)، النشر (2/ 274).

سورة الأنفال

سورة الأنفال مدنية إلَّا سبع آيات أولها: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ} [30] الآيات السبع فمكي. -[آيها:] وهي سبعون وخمس آيات في الكوفي، وست في المدني والمكي والبصري، وسبع وسبعون في الشامي، اختلافهم في ثلاث آيات: 1 - {ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [36] عدها البصري والشامي. 2 - {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [42] الأول لم يعدها الكوفي. 3 - {بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62)} [62] لم يعدها البصري. - وكلمها: ألف ومائتان واحد وثلاثون كلمة. - وحروفها: خمسة آلاف ومائتان وأربعة وتسعون حرفًا، وفيها مما يشبه الفواصل، وليس معدودًا بإجماع ثمانية مواضع: 1 - {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ} [4]. 2 - {رِجْزَ الشَّيْطَانِ} [11]. 3 - {فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} [12]. 4 - {عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [34]. 5 - {إِلَّا الْمُتَّقُونَ} [34] 6 - {يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} [41]. 7 - {أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا} [44] الثاني بعده. 8 - {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44)} [44]. {عَنِ الْأَنْفَالِ} [1] جائز، وقيل: ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده جواب لما قبله. {وَالرَّسُولِ} [1] كاف؛ لأنَّ عنده انقضى الجواب، وقيل: حسن؛ لعطف الجملتين المختلفتين بالفاء. {ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [1] كاف. {مُؤْمِنِينَ (1)} [1] تام. {وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [2] حسن. {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)} [2] تام، إن رفع «الذين» على الابتداء، والخبر «أولئك هم المؤمنون حقًّا»، أو رفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين، وكاف إن نصب بتقدير: أعني، وليس بوقف إن جعل بدلًا مما قبله، أو نعتًا، أو عطف بيان.

{يُنْفِقُونَ (3)} [3] حسن، إن لم يجعل «أولئك» خبر «الذين»؛ للفصل بين المبتدأ والخبر. {حَقًّا} [4] كاف، وقيل: تام. {كَرِيمٌ (4)} [4] كاف، إن علقت الكاف في «كما» بفعل محذوف، وذكر أبو حيان في تأويل «كما» سبعة عشر قولًا، حاصلها: أن الكاف نعت لمصدر محذوف، أي: 1 - الأنفال ثابتة لله ثبوتًا كما أخرجك ربك. 2 - أو وأصلحوا ذات بينكم إصلاحًا كما أخرجك ربك. 3 - أو وأطيعوا الله ورسوله طاعة محققة كما أخرجك ربك. 4 - أو وعلى ربهم يتوكلون توكلًا حقيقيًا كما أخرجك ربك. 5 - أو هم المؤمنون حقًّا كما أخرجك ربك. 6 - أو استقر لهم درجات استقرارًا ثابتًا كاستقرار إخراجك. فعلى هذه التقديرات الست لا يوقف على ما قبل الكاف؛ لتعلقها بما قبلها، وإن علقت بما بعدها بتقدير: 7 - يجادلونك مجادلة كما أخرجك ربك؛ فهي متعلقة بما بعدها. 8 - أو لكارهون كراهية ثابتة كما أخرجك ربك. 9 - أو أنَّ الكاف بمعنى: إذ، وما زائدة، نحو: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: 77] فمعناه: وأحسن إذا أحسن الله إليك؛ لأنَّ «كما» على هذا متعلقة بمضمر فيسوغ الوقف على ما قبل كما، والتقدير: اذكر إذ أخرجك ربك. 10 - أو إن الكاف بمعنى: على، والتقدير: امض على الذي أخرجك وإن كرهوا ذلك كما في كراهتهم له أخرجك ربك. 11 - أو أنَّ الكاف في محل رفع، والتقدير: كما أخرجك ربك فاتق الله. 12 - أو أنها في محل رفع أيضًا، والتقدير: لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم هذا وعد حق كما أخرجك. 13 - أو هي في محل رفع أيضًا، والتقدير: وأصلحوا ذات بينكم ذلكم خير لكم كما أخرجك ربك. 14 - أو هي في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا الحال من تنفيلك الغزاة على ما رأيت في كراهتهم لها كحال إخراجك للحرب. 15 - أو هي صفة لخبر مبتدأ، وحذف هو وخبره، والتقدير: قسمتك الغنائم حق كما كان إخراجك حقًّا.

16 - أو أنَّ التشبيه وقع بين إخراجين إخراج ربك إياك من مكة وأنت كاره لخروجك، وكان عاقبة ذلك الإخراج النصر والظفر كإخراجهم إياك من المدينة وبعض المؤمنين كاره، يكون عقب ذلك الخروج النصر والظفر كما كان عاقبة ذلك الخروج الأول. 17 - أنها قسم، مثل: {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5)} [الشمس: 5] بجعل الكاف بمعنى الواو، قاله أبو عبيدة، ومعناه: والذي أخرجك، كما قال: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)} [الليل: 3] أي: والذي خلق الذكر والأنثى، وبهذه التقادير يتضح المعنى، ويكون الوقف تابع للمعنى، فإن كانت الكاف متعلقة بفعل محذوف، أو متعلقة بـ «يجادلونك» بعدها، أو جعلت الكاف بمعنى: إذ، أو بمعنى: على، أو بمعنى: القسم -حسن الوقف على «كريم»، وجاز الابتداء بالكاف، وليس بوقف إن جعلتها متصلة بـ «يسألونك»، أو بغير ما ذكر، واستيفاء الكلام على هذا الوقف جدير بأن يخص بتأليف، وفيما ذكر غاية في بيان ذلك، ولله الحمد. {لَكَارِهُونَ (5)} [5] كاف، على استئناف ما بعده. {بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ} [6] جائز. {يَنْظُرُونَ (6)} [6] تام. {أَنَّهَا لَكُمْ} [7] صالح. {تَكُونُ لَكُمْ} [7] حسن. {الْكَافِرِينَ (7)} [7] ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده بما قبله. {الْمُجْرِمُونَ (8)} [8] كاف، وقيل: تام إن علق «إذ» باذكر مقدرة، وكاف إن علق بقوله: «ليحق الحق ويبطل الباطل»، أي: يحق الحق وقت استغاثتكم، وهو قول ابن جرير، وهو غلط؛ لأنَّ «ليحق» مستقبل؛ لأنَّه منصوب بإضمار إن، و «إذ» ظرف لما مضى، فكيف يعمل المستقبل في الماضي؟! قاله السمين. {رَبَّكُمْ} [9] حسن. {مُرْدِفِينَ (9)} [9] كاف، ومثله: «به قلوبكم»؛ للابتداء بالنفي. {إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [10] حسن. {حَكِيمٌ (10)} [10] تام، إن نصب «إذ» باذكر مقدرة، وليس بوقف إن جعل «إذ» بدلًا ثانيًا من «إذ يعدكم»، ومن حيث كونه رأس آية يجوز، قرأ نافع (¬1): «يُغْشيكم النعاسَ» بضم التحتية وسكون ¬

_ (¬1) وجه من قرأ: {يَغْشَاكُمْ} [11] بفتح الياء وسكون الغين وفتح الشين وبعدها ألف من غير تشديد، و {الْنُّعَاسُ} بالرفع؛ أي: بالرفع على الفاعلية من (غشى، يغشى). ووجه من قرأ بضم الياء وسكون الغين وكسر الشين مخففًا من غير ألف؛ أنه من (أغشى)، ووجه من قرأ بضم الياء وفتح الغين وتشديد الشين وكسرها من غير ألف؛ أنه من (أغشى). انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص:236)، الإملاء للعكبري (2/ 3)، البحر المحيط (4/ 467)، التيسير (ص: 116)، تفسير الرازي (4/ 352)، النشر (2/ 276)، الكشاف (2/ 117)، السبعة (ص: 304).

المعجمة، ونصب «النعاسَ»، وقرأ أبو عمرو (¬1): «يغشاكم النعاسُ» برفع «النعاس»، وقرأ الباقون (¬2): «يغشِّيكم النعاسَ» بتشديد الشين المعجمة، ونصب «النعاسَ». {أَمَنَةً مِنْهُ} [11] جائز. {بِهِ الْأَقْدَامَ (11)} [11] كاف، إن علق «إذ» بمحذوف. {فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا} [12] تام. {الرُّعْبَ} [12] حسن. {فَوْقَ الْأَعْنَاقِ} [12] ليس بوقف؛ للعطف. {كُلَّ بَنَانٍ (12)} [12] حسن، ومثله «ورسوله» الأول. {الْعِقَابِ (13)} [13] تام. {فَذُوقُوهُ} [14] جائز، بتقدير: واعلموا أنَّ للكافرين، أو بتقدير: مبتدأ تكون «أن» خبره، أي: وختم أن، وليس بوقف إن جعلت «وأن» بمعنى: مع أن، أو بمعنى: وذلك أن. {عَذَابَ النَّارِ (14)} [14] تام. {الْأَدْبَارَ (15)} [15] كاف؛ للابتداء بالشرط. {مِنَ اللَّهِ} [16] حسن. {وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ} [16] أحسن منه. {الْمَصِيرُ (16)} [16] تام. {قَتَلَهُمْ} [17] حسن. {وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [17] ليس بوقف؛ لتعلق ما بعده بما قبله؛ إذ معناه: ليبصرهم، ويختبرهم، وإن جعلت اللام في «وليبلي» متعلقة بمحذوف بعد الواو، تقديره: وفعلنا ذلك، أي: قتلهم، ورميهم؛ ليبلى المؤمنين -كان وقفًا حسنًا. {بَلَاءً حَسَنًا} [17] كاف، ومثله «عليم». {الْكَافِرِينَ (18)} [18] تام. {الْفَتْحُ} [19] حسن؛ للفصل بين الجملتين المتضادتين مع العطف. ¬

_ (¬1) انظر: المصادر السابقة. (¬2) نفسه.

{خَيْرٌ لَكُمْ} [19] كاف، على استئناف ما بعده. {نَعُدْ} [19] جائز. {وَلَوْ كَثُرَتْ} [19] كاف، على قراءة: «وإن» بكسر الهمزة، وبها قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم (¬1)، وليس بوقف إن قرئ بفتحها؛ لتعلق ما بعدها بما قبلها، وإن قد عمل فيها ما قبل الواو، وبفتحها قرأ أبو جعفر، وشيبة، ونافع، وحفص عن عاصم، وابن عامر (¬2)؛ وذلك على تقدير: مبتدأ تكون «أن» في موضع رفع، أي: ذلكم وأن، أو في موضع نصب، أي: واعلموا أنَّ الله مع المؤمنين. والوقف على {الْمُؤْمِنِينَ (19)} [19] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء. {وَرَسُولَهُ} [20] تام. {تَسْمَعُونَ (20)} [20] كاف، وقيل: جائز؛ لعطف «ولا تكونوا» على قوله: «ولا تولوا». {لَا يَسْمَعُونَ (21)} [21] تام. {لَا يَعْقِلُونَ (22)} [22] كاف، ومثله «لأسمعهم». {مُعْرِضُونَ (23)} [23] تام؛ للابتداء بـ «يا» النداء. {لِمَا يُحْيِيكُمْ} [24] كاف. {وَقَلْبِهِ} [24] حسن بتقدير: واعلموا أنَّه، وليس بوقف إن جعل «وإنه» معطوفًا على ما قبله. {تُحْشَرُونَ (24)} [24] كاف. {خَاصَّةً} [25] حسن. {الْعِقَابِ (25)} [25] كاف. {تَشْكُرُونَ (26)} [26] تام. {تَعْلَمُونَ (27)} [27] كاف. {عَظِيمٌ (28)} [28] تام. {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [29] كاف. {الْعَظِيمِ (29)} [29] تام. {أَوْ يُخْرِجُوكَ} [30] حسن، ومثله: «ويمكرون». ¬

_ (¬1) انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 236)، الإملاء للعكبري (2/ 3)، البحر المحيط (4/ 479)، التيسير (ص: 116)، تفسير الطبري (13/ 457)، الكشف للقيسي (1/ 491)، النشر (2/ 476). (¬2) وجه من قرأ بفتح الهمزة، أن ذلك على تقدير لام العلة. ووجه من قرأ بالكسر فعلى الاستئناف. انظر: المصادر السابقة.

{وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [30] أحسن منه. {الْمَاكِرِينَ (30)} [30] كاف، وقيل: تام. {مِثْلَ هَذَا} [31] حسن، ولا بشاعة في الابتداء بما بعده؛ لأنَّه حكاية عن قائلي ذلك. {الْأَوَّلِينَ (31)} [31] كاف، ومثله «أليم». {وَأَنْتَ فِيهِمْ} [33] حسن، على أنَّ الضمير في «معذبهم» للمؤمنين، والضمير في «ليعذبهم» للكفار؛ ليفرق بينهما، وليس بوقف على قول من جعله فيهما للكفار. {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} [33] تام؛ لأنَّ الله لا يهلك قرية وفيها نبيها، وما كان الله معذبهم لو استغفروه من شركهم، وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم لا يستغفرون من كفرهم، بل هم مصرون على الكفر والذنوب (¬1). {أَوْلِيَاءَهُ} [34] كاف. {إِلَّا الْمُتَّقُونَ} [34] ليس بوقف؛ لحرف الاستدراك بعده. {لَا يَعْلَمُونَ (34)} [34] تام. {وَتَصْدِيَةً} [35] حسن، قرأ العامة (¬2): «صلاتُهُم» بالرفع، و «مكاءً» بالنصب، وقرأ عاصم (¬3): «وما كان صلاتَهم» بالنصب، ورفع «مكاءٌ»، وخطَّأ الفارسي هذه القراءة، وقال: لا يجوز أن يخبر عن النكرة بالمعرفة إلَّا في ضرورة، كقول حسّان: كَأَنَّ خَبيأَةٍ مِن بَيتِ رَأسٍ ... يَكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وَماءُ (¬4) وخرَّجها أبو الفتح على أنَّ المكاء والتصدية اسما جنس، واسم الجنس تعريفه وتنكيره متقاربان، وهذا يقرب من المعرف بـ (أل) الجنسية؛ حيث وصفه بالجملة، كما توصف به النكرة كقوله تعالى: {وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: 37]. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (13/ 509)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) أي: الأئمة العشرة في المتواتر. (¬3) في غير المتواتر وكذا رويت عن أبان بن تغلب والأعمش والحسين الجعفي، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإعراب للنحاس (1/ 675)، الإملاء للعكبري (2/ 4)، البحر المحيط (4/ 492)، الحجة لابن خالويه (ص: 171)، الحجة لابن زنجلة (ص: 171)، السبعة (ص: 305)، الكشاف (2/ 125)، المحتسب لابن جني (1/ 278). (¬4) هو من الوافر، وقائله حسّان بن ثابت، من قصيدة يقول في مطلعها: عَفَت ذاتُ الأَصابِعِ فَالجِواءُ ... إِلى عَذراءَ مَنزِلُها خَلاءُ سبق وأن ترجمنا له.-الموسوعة الشعرية

وقوله: ولقدْ أمرُّ على اللئيمِ يَسبُّني ... فمضيتُ ثُمَّتْ قلتُ لا يعنيني (¬1) وقرأ مكي بالقصر والتنوين (¬2)، وجمع الشاعر بين القصر والمد في قوله: بَكتْ عيني وحُقَّ لها بُكَاها ... وما يُغني البكاءُ ولا العويلُ (¬3) ¬

_ (¬1) هو من الكامل، وقائله شمر الحنفي، من أبيات له يقول في مطلعها: لَوْ كنتُ في ريْمانَ لسْتُ ببارحٍ ... أبدًا وسُدَّ خَصاصُهُ بالطّين شمر الحنفي (? - ? هـ/? - ? م) شمر بن عمرو الحنفي، شاعر من شعراء بني حنيفة باليمامة، روى صاحب الأغاني أن شمرًا قتل المنذر بن ماء السماء غيلة نحو (564م)، وكان الحارث بن جبلة الغسّاني قد بعث إلى المنذر بمائة غلام تحت لواء شمر هذا يسأله الأمان على أن يخرج له من ملكه، ويكون من قبله فركن المنذر إلى ذلك وأقام الغلمان معه فاغتاله شمر وتفرق من كان مع المنذر وانتهبوا عسكره، له شعر في الأَصمعيات.-الموسوعة الشعرية (¬2) ووقفت عليها في الشاذ لأبي عمرو في غير المتواتر. انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (4/ 492)، الكشاف (2/ 125). (¬3) هو من الوافر، وقائله عبد الله بن رواحة، من قصيدة يقول فيها: عَلى أَسَدِ الإِلَهِ غَداةَ قالوا ... أَحَمزَةُ ذاكُمُ الرَجُلُ القَتيلُ أُصيبَ المُسلِمون بِهِ جَميعًا ... هُناكَ وَقَد أُصيبَ بِهِ الرَسولُ وكذا رويت هذه الأبيات عن كعب بن مالك الأنصاري، وحسّان بن ثابت، عبد الله بن رواحة (? - 8 هـ/? - 629 م) عبد الله بن رواحه بن ثعلبة الأنصاري من الخزرج، أبو محمد، صحابي، يعد من الأمراء والشعراء الراجزين، كان يكتب في الجاهلية، وشهد العقبة مع السبعين من الأنصار، وكان أحد النقباء الإثنى عشر وشهد بدرًا وأحدًا والخندق والحديبية، واستخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على المدينة في إحدى غزواته، وصحبه في عمرة القضاء وله فيها رجز، وكان أحد الأمراء في وقعة مؤتة (بأدنى البلقاء في أرض الشام) فاستشهد فيها. وكعب بن مالك الأنصاري (? - 50 هـ/? - 670 م) كعب بن مالك بن عمرو بن القين الأنصاري السلمي الخزرجي، صحابي من أكابر الشعراء من أهل المدينة واشتهر في الجاهلية وكان في الإسلام من شعراء النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد أكثر الوقائع، ثم كان من أصحاب عثمان وأنجده يوم الثورة وحرض الأنصار على نصرته ولما قتل عثمان قعد عن نصرة عليّ فلم يشهد حروبه، وعمي في آخر عمره وعاش سبعًا وسبعين سنة، قال روح بن زنباع: أشجع بيت وصف به رجل قومه قول كعب بن مالك: نصل السيوف إذا قصرن بخطونا يومًا ونلحقها إذا لم تلحق. له (80حديثًا)، و (ديوان شعر -ط) جمعه سامي العدل في بغداد. وحَسّان بن ثابِت (? - 54 هـ/? - 673 م) حسّان بن ثابت ابن المنذر الخزرجي الأنصاري، أبو الوليد، شاعر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام، وكان من سكان المدينة، واشتهرت مدائحه في الغسانيين وملوك الحيرة قبل الإسلام، وعمي قبل وفاته، لم يشهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مشهدًا لعلة أصابته، توفي في المدينة، قال أبو عبيدة: فضل حسّان الشعراء بثلاثة: كان شاعر الأنصار في الجاهلية وشاعر النبي في النبوة وشاعر اليمانيين في الإسلام، وقال المبرد في الكامل: أعرق قوم في الشعراء آل حسان فإنهم يعدون ستةً في نسق كلهم شاعر وهم: سعيد بن عبدالرحمن بن حسّان بن ثابت بن المنذر بن حرام.-الموسوعة الشعرية

ونظير هذه القراءة ما قرئ به قوله: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (197)} [الشعراء: 197] برفع «آيةٌ» (¬1) وهي ضعيفة، وذلك أنه جعل اسم «يكن» نكرة، وخبرها معرفة، وهذا قلب ما عليه الباب، ومن ذلك قول القطامي: قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ضُباعًا ... ولا يَكُ مَوقِفٌ مِنك الوَداعَا (¬2) وذلك أنَّ قوله: «أن يعلمه» في موضع نصب خبر «يكن»، ونصب «آية» من وجهين إما أن تكون خبرًا لـ «يكن»، و «أن يعلمه» اسمها، فكأنه قال: أو لم يكن علم علماء بني إسرائيل آية لهم؟! {تَكْفُرُونَ (35)} [35] تام. {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [36] حسن. {يُغْلَبُونَ} [36] كاف، ورأس آية في البصري والشامي؛ لأنَّ «والذين» مبتدأ. {يُحْشَرُونَ (36)} [36] ليس بوقف؛ لتعلق لام «ليميز» بقوله: «يحشرون»، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {مِنَ الطَّيِّبِ} [37] ليس بوقف؛ لعطف ما بعده على ما قبله. ¬

_ (¬1) وبالتاء في «يكن» وهي قراءة ابن عامر وحده من الأئمة العشرة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 334)، الإملاء للعكبري (2/ 92)، البحر المحيط (7/ 41)، التيسير (ص: 166)، تفسير القرطبي (13/ 139)، الحجة لابن خالويه (ص: 268)، الحجة لابن زنجلة (ص: 521)، السبعة (ص: 473)، الغيث للصفاقسي (ص: 310)، النشر (2/ 336). (¬2) هو من الوافر، وقائله القطامي التغلبي، من قصيدة يقول فيها: قفي فادي أسيرَكِ إنَّ قَومي ... وَقَومَك لا أرى لهُمُ اجتماعا وكيف تجامُعٌ مَعَ ما استحلاَّ ... مِن الحُرَمِ العِظامِ وما أضاعا القطامي التغلبي (? - 130 هـ/? - 747 م) عُمير بن شُييم بن عمرو بن عبّاد، من بني جُشَم بن بكر، أبو سعيد، التغلبي الملقب بالقطامي، شاعر غزل فحل، كان من نصارى تغلب في العراق، وأسلم، وجعله ابن سلّام في الطبقة الثانية من الإسلاميين، وقال: الأخطل أبعد منه ذكرًا وأمتن شعرًا، وأورد العباسي (في معاهد التنصيص) طائفة حسنة من أخباره يفهم منها أنه كان صغيرًا في أيام شهرة الأخطل، وأن الأخطل حسده على أبيات من شعره، ونقل أن القطامي أول من لُقب (صريع الغواني)، بقوله: صريع غوان راقهنّ ورقنه ... لدن شبَّ حتى شاب سود الذوائب ومن شعره البيت المشهور: قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل له (ديوان شعر- خ)، والقطامي بضم القاف وفتحها. قال الزبيدي: الفتح لقيس، وسائر العرب يضمون.-الموسوعة الشعرية.

{فِي جَهَنَّمَ} [37] كاف. {الْخَاسِرُونَ (37)} [37] تام. {مَا قَدْ سَلَفَ} [38] حسن؛ للابتداء بالشرط. {الْأَوَّلِينَ (38)} [38] كاف. كل ما في كتاب الله من ذكر «سنة الله» فهو بالهاء إلَّا في خمسة مواضع فهو بالتاء المجرورة: 1 - {سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (38)} [38]. 2 - {إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ} [فاطر: 43]. 3 - {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [فاطر: 43]. 4 - {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43)} [فاطر: 43]. 5 - {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ} [غافر: 85]. {كُلُّهُ لِلَّهِ} [39] كاف؛ للابتداء بعدُ بالشرط. {بَصِيرٌ (39)} [39] كاف، ومثله «مولاكم». {النَّصِيرُ (40)} [40] تام، ولا وقف من قوله: «واعلموا» إلى «الجمعان»؛ فلا يوقف على «ابن السبيل»؛ لتعلق حرف الشرط بما قبله، أي: واعلموا هذه الأقسام إن كنتم مؤمنين، وإن جعل «إن كنتم» شرطًا جوابه مقدر لا متقدم، أي: إن كنتم آمنتم فاعلموا أنَّ حكم الخمس ما تقدم، أو فأقبلوا ما أمرتم به -كان الوقف على «ابن السبيل» كافيًا (¬1). {الْجَمْعَانِ} [41] كاف، وكذا «قدير»، ومثله «أسفل منكم». {لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} [42] وصله أحسن؛ لحرف الاستدراك، وقيل: يجوز بتقدير: ولكن جمعكم هنا، والأول أولى. {كَانَ مَفْعُولًا} [42] ليس بوقف؛ لتعلق لام «ليهلك» بما قبلها. {عَنْ بَيِّنَةٍ} [42] حسن. {عَلِيمٌ (42)} [42] كاف، على استئناف ما بعده، ولا يوقف عليه إن جعل ما بعده متعلقًا بما قبلها، أي: وإنَّ الله لسميع عليم إذ يريكهم الله في منامك قليلًا. {قَلِيلًا} [43] حسن. {فِي الْأَمْرِ} [43] لا يوقف عليه؛ لتعلق ما بعده بما قبله استدراكًا، وعطفًا. {سَلَّمَ} [43] كاف، وكذا «الصدور». ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (13/ 544)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{قَلِيلًا} [44] تام إن جعل المعنى: واذكر إذ يريكموهم، وإن جعل معطوفًا على ما قبله كان كافيًا. {مَفْعُولًا} [44] حسن. {تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44)} [44] تام؛ للابتداء بعدُ بـ «يا» النداء. {تُفْلِحُونَ (45)} [45] كاف، ومثله «ورسوله». {رِيحُكُمْ} [46] حسن. {وَاصْبِرُوا} [46] أحسن منه. {الصَّابِرِينَ (46)} [46] كاف، ومثله «عن سبيل الله»، وكذا «محيط». {جَارٌ لَكُمْ} [48] حسن، ومثله «بريء منكم»، و «ما لا ترون»، و «أخاف الله» كلها حسان. {الْعِقَابِ (48)} [48] كاف، إن جعلت التقدير: اذكر إذ يقول. {دِينُهُمْ} [49] تام؛ لأنَّه آخر كلام المنافقين. {حَكِيمٌ (49)} [49] تام. {كَفَرُوا} [50] بيان؛ بيَّن بهذا الوقف المعنى المراد على قراءة (¬1): «يتوفى» بالتحتية، أنَّ الفاعل هو ضمير «يتوفى» عائد على «الله»، وأنَّ «الذين كفروا» في محل نصب مفعول «يتوفى»، و «الملائكة» مبتدأ، والخبر «يضربون»، وأن الملائكة هي الضاربة لوجوه الكفار وأدبارهم، وكذا إن جعل «الذين كفروا» فاعل «يتوفى» بالتحتية، والمفعول محذوف تقديره: يستوفون أعمالهم، و «الملائكة» مبتدأ، وما بعده الخبر، فعلى هذين التقديرين الوقف على «كفروا»، وليس بوقف لمن قرأ (¬2): «تتوفى» بالفوقية أو التحتية، و «الملائكة» فاعل، و «يضربون» في موضع نصب حال من «الملائكة»، وحينئذ الوقف على «الملائكة»، ويبتدئ: «يضربون وجوههم»، فبيَّن به أنَّ الملائكة هي التي تتوفاهم، ولم يصل الملائكة بما بعده؛ لئلَّا يشكل بأنَّ الملائكة ضاربة لا متوفية، والأولى أن لا يوقف على «كفروا»، ولا على «الملائكة»، بل على قوله: «وأدبارهم»، أي: حال الإدبار والإقبال، وجواب «لو» محذوف تقديره: لرأيت أمرًا عجيبًا وشيئًا هائلًا فظيعًا (¬3). ¬

_ (¬1) وهي قراءة نافع -ابن كثير -أبو عمرو -عاصم -حمزة -الكسائي -أبو جعفر -يعقوب -خلف. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 238)، الإعراب للنحاس (1/ 680)، البحر المحيط (4/ 506)، التيسير (ص: 116)، الحجة لابن خالويه (ص: 172)، الحجة لابن زنجلة (ص: 311)، السبعة (ص: 307)، الكشاف (2/ 131)، الكشف للقيسي (1/ 493)، النشر (2/ 277). (¬2) وهي قراءة ابن عامر وحده. انظر: المصادر السابقة. (¬3) انظر: تفسير الطبري (14/ 15)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

{الْحَرِيقِ (50)} [50] كاف. {لِلْعَبِيدِ (51)} [51] جائز، والأولى وصله بـ «كدأب آل فرعون»، وتقدم ما يغني عن إعادته في آل عمران، فعليك به إن شئت، والدأب: العادة، أي: كدأب الكفار في مآلهم إلى النار، مثل مآل آل فرعون لما أيقنوا أنَّ موسى نبيٌّ فكذبوه، كذلك هؤلاء جاءهم محمد - صلى الله عليه وسلم - فكذبوه، فأنزل الله بهم عقوبة، كما أنزل بآل فرعون (¬1). {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [52] جائز، ثم يبتدئ: «كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم». {بِذُنُوبِهِمْ} [52] كاف، ومثله «العقاب». {عَلِيمٌ (53)} [53] جائز، وفيه ما تقدم من أنَّ الكاف في محل نصب، أو في محل رفع، «والذين من قبلهم» كأمة شعيب، وصالح، وهود، ونوح. {آَلَ فِرْعَوْنَ} [54] حسن، على استئناف ما بعده. {ظَالِمِينَ (54)} [54] تام. {لَا يُؤْمِنُونَ (55)} [55] تام، إن جعل «الذين» بعده مبتدأ، والخبر فيما بعده، وكذا إن جعل خبر مبتدأ محذوف تقديره: هم الذين، أو في موضع نصب بتقدير: أعني الذين، وليس بوقف إن جعل بدلًا من «الذين» قبله، وهو الأحسن، ومن حيث كونه رأس آية يجوز. {لَا يَتَّقُونَ (56)} [56] كاف، ومثله «يذكرون»، وكذا «على سواء». {الخائنين (58)} [58] تام. {سَبَقُوا} [59] حسن، لمن قرأ (¬2): «إنَّهم» بكسر الهمزة مستأنفًا، وهذا تمام الكلام، أي: لا تحسب من أفلت من الكفار يوم بدر فاتونا، بل لابد من أخذهم في الدنيا، وليس بوقف لمن قرأ (¬3): بفتحها؛ بتقدير: لأنهم لا يعجزون؛ فهي متعلقة بالجملة التي قبلها. {لَا يُعْجِزُونَ (59)} [59] كاف، ومثله «من رباط الخيل». {وَعَدُوَّكُمْ} [60] حسن، وتام عند الأخفش، ويجعل قوله: «وآخرين» منصوبًا بإضمار فعل غير معطوف على ما قبله؛ لأنَّ النصب بالفعل أولى، وليس بوقف إن جعل «وآخرين» معطوفًا على «وأعِدُّوا لهم ما استطعتم من قوة»، أي: وتؤتوا آخرين، أو معطوفًا على «وعدوكم»، أي: وترهبون ¬

_ (¬1) انظر: المصدر السابق (14/ 17). (¬2) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر ويعقوب وخلف. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 238)، الإعراب للنحاس (1/ 683)، البحر المحيط (4/ 510)، النشر (2/ 277). (¬3) وهي قراءة ابن عامر وحده؛ وجه من قرأ بفتح الهمزة؛ أن ذلك على إسقاط لام العلة. ووجه من قرأ: بكسرها؛ فعلى الاستئناف. انظر: المصادر السابقة.

آخرين، والتفسير يدل على هذين التقديرين (¬1). {لَا تَعْلَمُونَهُمُ} [60] حسن؛ لأنَّهم يقولون: لا إله إلَّا الله، ويغزون معكم، وقيل: «وآخرين من دونهم لا تعلمونهم» هم: الجن، تفر من صهيل الخيل، وإنَّهم لا يقربون دارًا فيها فرس، والتقدير على هذا: وترهبون آخرين لا تعلمونهم وهم الجن، وكان محمد بن جرير يختار هذا القول لا بني قريظة وفارس هم يعلمونهم؛ لأنَّهم كفار، وهم حرب لهم (¬2)، قاله النكزاوي. {اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [60] تام. {يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} [60] جائز. {لَا تُظْلَمُونَ (60)} [60] كاف، ومثله «على الله»، وكذا «العليم»، و «حسبك الله». {بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [63] كاف، ومثله «ألف بينهم». {حَكِيمٌ (63)} [63] تام. {حَسْبُكَ اللَّهُ} [64] كاف، على استئناف ما بعده، «ومن اتبعك» في محل رفع بالابتداء، أي: ومن اتبعك حسبهم الله، وليس بوقف إن جعل ذلك في محل رفع عطفًا على اسم الله، أو في محل جر عطفًا على الكاف. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)} [64] تام. {عَلَى الْقِتَالِ} [65] حسن، ومثله «مائتين»؛ للابتداء بالشرط، و «لا يفقهون» كذلك. {ضَعْفًا} [66] كاف، وقيل: تام. {مِائَتَيْنِ} [66] حسن؛ للابتداء بالشرط، ومثله «بإذن الله». {مَعَ الصَّابِرِينَ (66)} [66] تام. {فِي الْأَرْضِ} [67] كاف، على استئناف ما بعده؛ لأنَّ المعنى: حتى يقتل من بها من المشركين، أو يغلب عليها، أو هو على تقدير أداة الاستفهام، أي: أتريدون؟ {عَرَضَ الدُّنْيَا} [67] حسن؛ لأنَّ ما بعده مستأنف مبتدأ. {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ} [67] أحسن منه. {حَكِيمٌ (67)} [67] كاف، ومثله «عظيم». {طَيِّبًا} [69] حسن. {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [69] أحسن. {رَحِيمٌ (69)} [69] تام. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (14/ 31)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة. (¬2) انظر: المصدر السابق (14/ 31).

{مِنَ الْأَسْرَى} [70] ليس بوقف؛ لأنَّ ما بعده مقول قول، قرأ أبو عمرو (¬1): «من الأُسَارى» بزنة (فُعَالِى) بضم الفاء وكسر اللام، والباقون (¬2): بزنة (فَعْلَى) بفتح الفاء وإسكان العين وفتح اللام، وقرأ أبو جعفر من العشرة (¬3): «أيديكمو من الأسارى» بألف بعد السين بغير إمالة، وقرأ ابن عامر، وعاصم بعدم الصلة (¬4)، وبالقصر من غير إمالة، وأما بغير الصلة، وضم الهمزة، وفتح السين، وبغير إمالة فلم يقرأ بها أحد لا من العشرة، ولا من السبعة (¬5). {وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [70] كاف، ومثله «رحيم»، وقيل: تام. {فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} [71] كاف. {حَكِيمٌ (71)} [71] تام، ولا وقف من قوله: «إنَّ الذين آمنوا» إلى «أولياء بعض»؛ فلا يوقف على «في سبيل الله». {أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [72] حسن، وقيل: كاف، وقيل: تام. {حَتَّى يُهَاجِرُوا} [72] حسن؛ للابتداء بالشرط. {مِيثَاقٌ} [72] كاف. {بَصِيرٌ (72)} [72] تام. {أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [73] حسن، وقيل: كاف؛ للابتداء بالشرط، أي: إن لم تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير. {كَبِيرٌ (73)} [73] كاف، ولا وقف من قوله: «والذين آمنوا» إلى «حقًّا»؛ فلا يوقف على «في سبيل الله»، ولا على «ونصروا»؛ لأنَّ خبر «والذين» «أولئك»، فلا يفصل بين المبتدأ وخبره بالوقف. {حَقًّا} [74] كاف. {كَرِيمٌ (74)} [74] تام. {فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} [75] كاف، ومثله «في كتاب الله». {عَلِيمٌ (75)} [75] تام. ¬

_ (¬1) وجه من قرأ: {لَهُ أُسَارى} [67]، و {مِنَ الأُسَارى} [70] بضم الهمزة فيهما وبألف بعد السين؛ أنهما جمع: أسير، ووجه من قرأ: بفتح الهمزة وسكون السين من غير ألف في الموضعين؛ أنهما بمعنى واحد. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص:239)، الإملاء للعكبري (2/ 6)، البحر المحيط (4/ 518)، المعاني للفراء (1/ 418)، النشر (2/ 277). (¬2) انظر: المصادر السابقة. (¬3) نفسه. (¬4) نفسه. (¬5) وهي قراءة شاذة، ولم أستدل عليها في أيٍّ من المصادر التي رجعت إليها.

سورة التوبة

سورة التوبة مدنية إلَّا آيتين من آخرها: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ} [128] إلى آخرها، فإنَّهما نزلتا بمكة. وإنَّما تُرِكت البسملة في براءة؛ لأنَّها نزلت لرفع الأمان، قال حذيفة بن اليمان: إنَّكم تسمونها التوبة، وإنَّما هي سورة العذاب، واللهِ ما تركت أحدًا إلَّا نالت منه. أو لأنَّها تشبه الأنفال وتناسبها؛ لأنَّ الأنفال ذكر العهود، وفي براءة نبذها؛ فضمت إليها، وقيل: لما اختلف الصحابة في أنهما سورة واحدة هي سابعة السبع الطوال، أو سورتان -تركت بينهما فرجة، ولم تكتب البسملة (¬1). -[آيها:] وهي مائة وتسع وعشرون آية في الكوفي، وثلاثون في عد الباقين، اختلافهم في ثلاث آيات: 1 - {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [3] عدها البصري. 2 - {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [39] عدها الشامي. 3 - {وَعَادٍ وَثَمُودَ} [70]، وعدها المدنيان والمكي. - وكلمها: ألفان وأربعمائة وسبع وتسعون كلمة، وعلى قراءة ابن كثير ثمانية وتسعون كلمة. - وحروفها: عشرة آلاف وثمانمائة وسبعة وثلاثون حرفًا. وفيها ما يشبه الفواصل، وليس معدودًا بإجماع ستة عشر موضعًا: 1 - {عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1)} [1] بعده. 2 - {ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا} [4]، على أنَّ أهل البصرة قد جاء عنهم خلاف فيه، وفي قوله: «بريء من المشركين»، والصحيح عنهم ما قدمناه، والذي في أول السورة مجمع على عده. 3 - {بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ} [21]. 4 - {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ} [36]. 5 - {وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ} [48]. 6 - {وَفِي الرِّقَابِ} [60]. 7 - {مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [58]. 8 - {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [61]. 9 - {عَذَابًا أَلِيمًا} [74]، وهو الثاني. 10 - {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [91]. 11 - {أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (92)} [92]. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري (14/ 93)، بتحقيق أحمد محمد شاكر -مؤسسة الرسالة.

12 - {مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [100]. 13 - {وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} [107]. 14 - {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [111]. 15 - {أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [113]. 16 - {مَا يَتَّقُونَ} [115]. 17 - {أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ} [126]. 18 - {عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1)} [1] كاف، ورأس آية. 18 - {غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} [2] ليس بوقف؛ لعطف «وأنَّ الله» على ما قبله. 19 - {الْكَافِرِينَ (2)} [2] كاف، إن لم يعطف «وأذان» على «براءة». 20 - {يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ} [3] حسن، على قراءة الحسن البصري (¬1): «إنَّ الله» بكسر الهمزة على إضمار القول، وليس بوقف لمن فتحها على تقدير: بأن؛ لأنَّ «أن» متعلقة بما قبلها، وموضعها إما نصب أو جر، وهي قراءة الجماعة. {وَرَسُولِهِ} [3] كاف، إن رفع «ورسوله» عطفًا على مدخول «إن» قبل دخولها؛ إذ هو قبلها رفع على الابتداء، أو رفع عطفًا على الضمير المستكن في «بريء»، أي: بريء هو ورسوله، وإن رفع على الابتداء، والخبر محذوف تقديره: ورسوله بريء منهم، وحذف الخبر؛ لدلالة ما قبله عليه، فعليه يحسن الوقف على «المشركين»، ولا يحسن على «ورسوله»، وقد اجتمع القراء على رفع «ورسولَه» إلَّا عيسى بن عمر، وابن أبي إسحاق (¬2)؛ فإنَّهما كانا ينصبان، فعلى مذهبهما يحسن الوقف على «ورسوله»، ولا يحسن على «المشركين»؛ لأنَّ «ورسوله» عطف على لفظ الجلالة، أو على أنَّه مفعول معه، وقرأ الحسن (¬3): «ورسولِه» بالجرِّ؛ على أنه مقسم به، أي: ورسوله إنَّ الأمر كذلك، وحذف جوابه؛ لفهم المعنى، وعليها يوقف على «المشركين» أيضًا، وهذه القراءة يبعد صحتها عن الحسن؛ للإيهام، حتى يحكى أنَّ أعرابيًّا سمع رجلًا يقرأ: «ورسوله» بالجر -فقال الأعرابي: إن كان الله بريئًا من رسوله -فأنا بريء، فنفذه القارئ إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فحكى الأعرابي الواقعة، فحينئذ أمر بتعليم ¬

_ (¬1) وهي قراءة الأعرج أيضًا، وهي رواية شاذة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص: 204)، الإعراب للنحاس (2/ 4)، البحر المحيط (5/ 6)، تفسير القرطبي (8/ 70)، الكشاف (2/ 173). (¬2) وقرأها معهما زيد بن علي والحسن وروح، وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: إتحاف الفضلاء (ص:240)، الإعراب للنحاس (2/ 5)، الإملاء للعكبري (2/ 6)، البحر المحيط (5/ 6)، تفسير القرطبي (8/ 70)، الكشاف (2/ 173)، تفسير الرازي (15/ 223). (¬3) وهي قراءة شاذة. انظر هذه القراءة في: الإملاء للعكبري (2/ 6)، البحر المحيط (5/ 6)، تفسير القرطبي (8/ 70)، الكشاف (2/ 173)، تفسير الرازي (1/ 223).

العربية، ويحكى أيضًا عن عليٍّ -كرم الله وجهه- وعن أبي الأسود الدؤلي. قال أبو البقاء: ولا يكون «ورسوله» عطفًا على «من المشركين»؛ لأنَّه يؤدي إلى الكفر، وهذا من الواضعات اهـ سمين، مع زيادة للإيضاح (¬1). {فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [3] جائز. {غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ} [3] حسن. {بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3)} [3] ليس بوقف؛ للاستثناء بعده، وقيل: يجوز بجعل «إلَّا» بمعنى: الواو، ويبتدأ بها، ويسند إليها. {إِلَى مُدَّتِهِمْ} [4] كاف، ومثله «المتقين»، وقيل: تام. {كُلَّ مَرْصَدٍ} [5] كاف، ومثله «سبيلهم». {رَحِيمٌ (5)} [5] تام. {كَلَامَ اللَّهِ} [6] جائز. {مَأْمَنَهُ} [6] حسن. {لَا يَعْلَمُونَ (6)} [6] كاف. {الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [7] حسن. {فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [7] كاف. {الْمُتَّقِينَ (7)} [7] تام. {وَلَا ذِمَّةً} [8] حسن. {قُلُوبُهُمْ} [8] جائز. {فَاسِقُونَ (8)} [8] كاف، ومثله «عن سبيله»، وكذا «يعملون». {وَلَا ذِمَّةً} [10] حسن. {الْمُعْتَدُونَ (10)} [10] كاف، ومثله «في الدين»، و «يعلمون»، و «أئمة الكفر»، قرأ