المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة

الريمي

مقدمة التحقيق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة التحقيق إن الحمد للَّه نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ باللَّهِ من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102). (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1). (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71). أما بعد: فإن الله عز وجل أراد بهذه الأمة خيرًا حين قيَّض لها أئمة هداة صالحين، جعلوا نصب أعينهم قول الحبيب - صلى الله عليه وسلم -: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين". وقد لقى الفقه الْإِسْلَامى من عناية هؤلاء النفر من العلماء وحرصهم ودأبهم وإخلاصهم ما يسر الله به لكل ذي حاجة طلبها ولكل ذي مسألة جوابها. وكان من ذلك نقل الصحابة رضى الله عنهم أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - والعمل بمدلول ألفاظها وما تقتضيه، فكانوا أئمة هداة، ونقلت أقوالهم وفتاويهم وحفظت عن طريق أتباعهم وتلاميذهم، فحفظوا أقوالهم وأفتوا، لأنهم خير من فهم عن رب العزة وعن نبيه - صلى الله عليه وسلم - وصارت فتاويهم وأقوالهم نبراسًا لمن بعدهم من التلاميذ والاتباع، فتوارث الأتباع جهد المتبوعين وعلمهم، ثم توارث أتباع الأتباع علم الأتباع وأقوالهم التي خرجت من المشكاة الأولى فحفظوها وتداولوها إلى أن وصل علمهم أئمة فقهاء جهابذة ناصرين للسنة وقامعين للبدعة، وهؤلاء هم الإمام أبو حَنِيفَةَ رحمه الله، والإمام مالك رحمه الله، والإمام العلم القدوة الشَّافِعِيّ رحمه الله،

والإمام المبجَّل، إمام أهل السنة ناصر الحديث وقامع البدعة الإمام أَحْمَد بن حنبل عليه رحمة الله، فحفظ هؤلاء علمهم، واستناروا بأفهامهم وأقوالهم، مع حيازتهم التامة لأدوات الاستنباط وعلوم الاستدلال فجاء علمهم محكمًا متينًا. ومن تمام فضل اللَّه علينا أن قيَّض لنا علماء حفظوا أقوال هؤلاء الأئمة ونقحوها وبينوا مشكلها والصحيح، وما كان ذلك إلا بعد جهد جهيد وعمل مضن شديد، سهروا من أجله الليالى، وطووا لأجله المفاوز، فحفظ اللَّه لهم جهدهم وأفاد الله الخلق بعلمهم، فاللهم اجزهم عنا خير الجزاء. ومن هؤلاء الأئمة الذين اهتموا بجمع أقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المقتدين: 1 - الإمام العلامة المحقق المتقن الحافظ المفسر الكبير الشأن ابن المنذر - رحمه الله - فى كتابه الأوسط، وهو بحق كتاب الْإِسْلَام الذي من وعاه كان إمامًا في الْإِسْلَام. 2 - الإمام الكبير مُحَمَّد بن جرير الطبري في كتابه اختلاف الفقهاء. 3 - كذلك ابن المنذر في كتابه الإشراف على مذاهب الأشراف، واختلاف الفقهاء. 4 - كذلك الإمام الحافظ المجتهد مُحَمَّد بن نصر المروزي في كتابه اختلاف الفقهاء. 5 - كذلك الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتابه اختلاف الفقهاء. 6 - كذلك الإمام سيف الدين القفّال الشاشي في كتابه حلية العلماء. 7 - كذلك القاضي عبد الوهاب في كتابه الإشراف. وغيرها كثير. 8 - كذلك الإمام الوزير ابن هبيرة في كتاب الإفصاح. 9 - والإمام المبجل المحقق العلامة موفق الدين بن قدامة في كتابه العظيم المغني. 10 - والإمام المحقق الحافظ ابن حزم الأندلسي في كتابه الكبير المحلَّى. ثم جاء خاتمة هؤلاء وهو الإمام الريمي في كتابه "المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة" فضمن كتابه كل ما جمعه هؤلاء الأئمة واعتمد عليهم وأتى ما تفرق في كتبهم فكان كتابًا جامعًا وأضفى على التراث الْإِسْلَامى المجيد لبنة جديدة في لبناته الشامخة.

منهج الإمام الريمي فى الكتاب

منهج الإمام الريمي في الكتاب 1 - ذكر الإمام الريمي في بداية الكتاب أنه رتبه على ترتيب المهذب للشيخ الإمام العلامة أبي إِسْحَاق الشيرازي، إلا أنه خالف أحيانًا وسار على ترتيب الحلية للقفال الشاشي. 2 - كما ذكر أنه سيبدأ بالشَّافِعِيّ في بداية كل مسألة، وهذا طبعًا لأنه شافعي، وكأنه لتقرير المذهب الشَّافِعِيّ أولاً. 3 - قليل ما كان يعلق الإمام الريمي على المسائل لأنه ذكر في مقدمة الكتاب أنه أعرض عن ذكر الأدلة، وهذا طبعًا يقتضي قلة التعليق. 4 - لم يهتم الإمام بتفسير الألفاظ المبهمة إلا القليل النادر. 5 - اعتمد الإمام في ذكر المذاهب على الشاشي وابن الصباغ في كتابه الشامل وكذلك ابن أبي الخير العمراني في كتابه البيان، وكذلك صاحب الدر الشفاف. 6 - كذلك اعتمد في نقل مذاهب الصحابة والتابعين على كتب ابن المنذر، وإن لم يصرح بذلك، إلا أني كنت أجد هذه النقولات كما هي في كتاب الأوسط لابن المنذر. هذا وأرجوا من اللَّه السميع العليم أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يثيبنى عليه يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأرجو أن أكون وفقت في تخريج الكتاب في صورة طيبة، ولا يدعى أحد لنفسه الكمال، إنما الكمال لله وحده، فمن وجد خطأ فليصوب ويسامح، ومن وجد صوابًا فأرجو من الله وحده الثواب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وكتبه الفقير إلى عفو ربه سيد مُحَمَّد مهنى

عملي فى الكتاب

عملي في الكتاب 1 - قمت بفضل الله تعالى بنسخ المخطوط حسب القواعد الإملائية المتعارف عليها. 2 - قمت بإصلاح بعض الأخطاء التي قد تكون سبق يد من الناسخ كتكرار كلمة أو كتابتها زائدة حرفًا أو ناقصة حرفًا كالكوسج كتب والكوشى وغيرها. وقد اعتمدت في قراءة بعض الكلمات الصعبة على المراجع التي اعتمد عليها المؤلف نفسه كحلية العلماء وغيره. 3 - قمت بتخريج وعزو الأقوال لأصحابها، وذكرت عند الاختلاف في العزو نص الكتب التي ذكرت قول الإمام سواء كان الشَّافِعِيّ أو غيره من الصحابة والأئمة، وذلك حسب الجهد والوقت. 4 - كما قمت بالتعليق على بعض المسائل التي تحتاج إلى البسط، وعندما وجدت كلامًا لأحد الأئمة وهو الحق في المسألة فكنت أذكره كشيخ الْإِسْلَام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وابن المنذر وابن قدامة والماوردي - رحمهم الله جميعًا -. 5 - كما قمت بشرح بعض الألفاظ الغامضة والمبهمة، واعتمدت في ذلك على لسان العرب وترتيب القاموس وغيرهم. توثيق الكتاب لا شك في نسبة الكتاب للإمام الريمي، فقد جاء في غلاف المخطوطة ما نصه: كتاب المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة للإمام الهمام الكامل العامل المحقق المتقن جمال الدين مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر بن أبي السعود المشهور بالريمي. كما ذكره كل من ترجم له كالحافظ ابن حجر، وابن العماد، وصاحب هدية العارفين، والزركلي. * * * وصف المخطوطة المخطوطة تقع في 216 ورقة من القطع الكبير، وهو واضحة الخط مقروءة، وإن كان فيها بعض الكلمات الصعبة التي بفضل الله استطعت قراءتها. وتاريخ نسخها سنة (807 هـ) وهي بخط قلم معتاد مهملة النقط أحيانًا، وعلى حواشيها بعض التعليقات مذكور في أغلبها مذهب أهل البيت. وهي محفوظة في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء (كتب الوقف) 660 أئمة المذاهب وغيرهم.

ترجمة المصنف

ترجمة المصنف اسمه: ترجم له الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر بقوله: مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي بكر الحثيثى -بمهملة ومثلثتين مصغر- الصردفي. وقال ابن العماد في الشذرات: مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الله بن أبي بكر، وذكره فى الدرر أيضًا بمثل ما ذكره في إنباء الغمر. وقال في الأعلام: مُحَمَّد بن عبد الله. كنيته: وكناه في الدرر بقوله أبو عبد الله. لقبه: يلقب بـ "جمال الدين" كما ذكر الحافظ وابن العماد والزركلي. نسبه: قال الحافظ: الصردفي الريمي، وكذا ذكر ابن العماد، وكذا الزركلي - رحمهم الله تعالى -. وصردف: بلد في شرق الجند من اليمن. وريمة: قال ياقوت: بفتح الراء، ريمة الأشابط: مخلاف باليمن كبير. وريمة أيضًا: من حصون صنعاء لبني ربيد غير الأول، والظاهر أنها التي منها الإمام الريمي، لأنه ذكر في الصفحة الأولى من المخطوط أنه ربيدي مسكنًا. مولده: ولد الريمي سنة 710 هـ كما ذكر ذلك الحافظ،. شيوخه: لم تسعفني المصادر التي وجدت فيها ترجمة الريمي عن شيء من شيوخ الريمي الذين أخذ منهم إلا ما ذكره الحافظ ابن حجر، قال: وتفقه على جماعة من مشايخ اليمن وسمع الحديث من الفقيه إبراهيم بن عمر العلوي. تلاميذه: كذلك لم تسعفني المصادر بشيء من تلاميذ الريمي إلا ما ذكره الحافظ ابن حجر في الدرر، قال: وكثرت طلبته ببلاد اليمن واشتهر ذكره وبعد صيته. ثناء العلماء عليه: قال ابن العماد: اشتغل بالعلم وتقدم في الفقه فكانت إليه الرحلة في زمانه. وقال الحافظ ابن حجر: اشتغل بالعلم وتقدم في الفقه فكانت إليه الرحلة في زمانه، وكأن ابن العماد نقل هذه الجملة عن الحافظ ابن حجر - رحمهما الله. توليه القضاء: قال الحافظ: ولي قضاء الأقضية بزبيد دهرًا من ذي الحجة سنة تسع وثمانين إلى أن

وفاته:

مات في أواخر المحرم، وقيل في أول صفر. مؤلفاته: 1 - المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة، وهو كتابنا هذا، ووقع في إنباء الغمر والشذرات: المعاني الشريفة، ولكن كتب على غلاف المخطوطة المعاني البديعة، وكذا ذكره بهذه التسمية صاحب كشف الظنون. 2 - شرح التنبيه لأبي إِسْحَاق الشيرازي، وسماه في الأعلام وكشف الظنون التفقيه فى شرح التنبيه، ذكر الحافظ أنه يقع في أربعة وعشرين سفر، وذكر في الدرر "وشرح التنبيه في نحو من عشرين مجلدًا". وذكر الحافظ وابن العماد أن الملك الأشرف أثابه على إهدائه إليه أربعة وعشرين ألف دينار ببلادهم، يكون قدرها ببلادنا أربعة مثقال ذهبًا. 3 - خلاصة الخواطر، ذكره الحافظ في الإنباء. 4 - بغية الناسك في المناسك، ذكره الحافظ أيضًا. 5 - اتفاق العلماء، ذكره صاحب هدية العارفين. 6 - المضان، ذكره صاحب هدية العارفين أيضًا. وفاته: توفى الريمي سنة 792 كما ذكر ذلك صاحب هدية العارفين، الزركلي في الأعلام، والحافظ في الإنباء، إلا أن الحافظ في الدرر ذكر أنه توفى سنة 791 فالله أعلم. حادثة وقعت للإمام الريمي - رحمه الله: قال الحافظ في إنباء الغمر: قال لي الجمال المصري: كان الرَّيمي كثير الإزدراء بالنووي، فرأيت لسانه في مرض موته، وقد اندلع لسانه واسود، فجاءت هرة فخطفته، فكان ذلك آية للناظرين، رب سلِّم. مصادر الترجمة: 1 - إنباء الغمر بأنباء العمر (3/ 4). ط/ دار الكتب العلمية. للحافظ ابن حجر. 2 - الدرر الكامنة للحافظ ابن حجر (3/ 106). ط / دار الكتب الحديثة. 3 - الأعلام للزركلي (6/ 236). ط/ دار العلم للملايين. 4 - شذرات الذهب لابن العماد (5/ 325). ط/ دار الفكر. 5 - هدية العارفين (6/ 173). ط/ دار الكتب العلمية.

صور المخطوط

صور المخطوط

مقدمة المصنف

[مقدمة المصنف] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه نستعين وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد وآله وسلم الحمد لله الذي رفع أقدار العلماء وشرفها بمعاليها الذاتية والاسمية. ونور بمانيرهم بالعلوم الشرعية والحكمية. وأيدهم بالحقائق العلمية والفقهية، ونزههم بفضله عن الأمور الوهمية. نحمده حمد من فاز بالأمنية والقسمية. ونشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، شهادة تمحو الحادثات الإثمية. ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث بشرف الهمة والحمية، صلى الله عليه وعلى آله ما أشرقت الأنوار الشمسية والنجمية. أما بعد: فإنه لما كان خلاف العلماء في الشريعة المطهرة واقعًا بين الصحابة والتابعين والأئمة المهديين رضي الله عنهم أجمعين. كان ذلك من اتساع الرحمة، وتيسيرًا من الله تعالى للأمة. قال اللَّه تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت بالحنيفية السمحة السهلة" وقال ابن عَبَّاسٍ رضى اللَّه عنه "الرحمة صدقة من الله تعالى فلا تردوا على اللَّه صدقته". وقيل: إن الله تعالى يحاسب العبد على أيسر الوجوه. ولما نظرت في كتاب ابن حزم رحمه الله، الذي جمعه في إجماع الأئمة، وأورد ما فيه الخلاف ظاهرًا، وادعى الوفاق فيه، وأورد ما فيه الوفاق ظاهرًا، وادعى الخلاف فيه. وجاء في كل من الأمرين بما ينافيه، وقد نبهت على ذلك في نسختي منه بالحواشي إزاء المسائل التي ذكرها في الكتاب. وجئت بما فيه إن شاء الله تعالى عين الصواب، رجاء فضل اللَّه وجزيل الثواب. أحببت أن آتي بكتاب فيه الخلاف بين الصحابة، والتابعين، والأئمة الأربعة رضي الله عنهم أجمعين، وإلى نحو ذلك بالأقوال القوية الأكيدة. والوجوة الضعيفة البعيدة،

لئلا تحرج الأمة، ولا يقع مسكين في غياهب الظلمة. وسميته: "المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة". كتابًا شافيًا، وكلامًا وافيًا، يحتوي على الكمال ويبعد عن مقاربة الإشكال، ورتبته على ترتيب المهذب للشيخ أبي إِسْحَاق الشيرازي تبركًا به. وجعلت أول كل مسألة ميمًا بالحمرة علامة لأولها، وانفصالاً عما يقدمها، ليسهل على الطالب. وأهملت ذكر دلائل الترجيح. إذ عند كل من الأئمة أن نظره الصحيح، فلا حاجة إلى ذكر التفصيل والتصحيح. وإنَّما اعتمدت في الترتيب على الشيخ أبي إِسْحَاق المذكور، لأنه في الشَّافِعِيَّة من الصدور، وبدأت بذكر الشَّافِعِيّ في المسطور، وتوكلت على الله في كل الأمور وأسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق، والهداية إلى أرشد طريق التحقيق، إنه ولي ذلك والقادر على ما هنالك. ثم اعلم أن السبب الذي أوجب الخلاف بين العلماء، وإن كان الكتاب واحدًا والنبي - صلى الله عليه وسلم - واحدًا، إنما هو في الطريق المؤدية إلى الحق لا في الحق نفسه، والموجب لذلك في كل مسألة يطول شرحه، ونحن نشير إلى ما تيسر من ذلك. وهو ثمانية أسباب: وكل ضرب متولد منها، ومتفرع عنها: الأول: اشتراك الألفاظ مثل لفظ القرء في الآية، لأن العرب تطلقه تارة على الطهر وتارة على الحيض، وغير ذلك من الألفاظ الواقعة على الشيء وضده، وكذا لفظ الأمر هل يحمل على الوجوب أو الندب، ولفظ النهي هل يحمل على التحريم أو كراهة التنزيه، وكذا اشتراك المعاني كاللمس فإن العرب تطلقه تارة على اللمس باليد، وتارة تكنى بها عن الجماع، فحمله الشَّافِعِيّ رضي الله عنه في الآية على اللمس باليد، فينقض به الوضوء في لمس الأجنبية، وحمله أبو حَنِيفَةَ على الجماع فلم ينقض الوضوء إلا بذلك. الثاني: الحقيقة والمجاز، مثل لفظ النكاح هل هو حقيقة في العقد مجاز في الوطء أو عكس ذلك، أو مشترك. الثالث: إطلاق اللفظ أو تقييده مثل تقييد الرقبة في العتق بالإيمان تارة وإطلاقها أخرى.

الرابع: ما يعرض من جهة العموم والخصوص. الخامس: ما يعرض من قبيل الرِّوَايَة، كالإرسال والرفع والإسناد، وغير ذلك مما يقدح فيها. السادس: ما يعرض من قبيل القياس فيما عدم النص فيه من الكتاب وهو أشهر الأسباب وبه قطع البندنيجى في خطبة كتابه. السابع: ما يعرض من جهة النسخ، كالخلاف في الأخبار، هل يجوز نسخها كالأمر والنهي أم لا؟ وهل يجوز نسخ السنة بالقرآن وبالعكس أم لا؟ وكالخلاف في مواضع في القرآن والسنة، ذهب بعضهم إلى نسخها، وبعضهم إلى عدمه. الثامن: ما يعرض من قبيل الإباحة كالخلاف في القراءات السبع، والتكبير على الجنازة، وتكبير أيام التشريق، ونحو ذلك. فهذه أسباب الخلاف الواقع بين العلماء لا يسع أحد جهلها ولم يخل منها هذا الكتاب. والله الموفق للصواب. * * *

كتاب الطهارة

كتاب الطهارة باب المياه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الطهور: هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره، والطاهر: هو الطاهر في نفسه غير مطهر لغيره. وعند الأصم وبعض الحنفية وأبي بكر بن داود الطهور والطاهر بمعنى واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك ومُحَمَّد وزفر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجزئ إزالة النجاسة بشيء من المائعات، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يجوز.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الوضوء بشيء من الأنبذة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة، وعند الثَّوْرِيّ والحسن والْأَوْزَاعِيّ يجوز إذا عدم الماء في السفر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في الأصح عنه. وعند مُحَمَّد نجمع لذلك بين الوضوء به والتيمم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء لا يجوز رفع الحدث وإزالة النجس بالمائع الطاهر، وعند ابن أبي ليلى والأصم يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وابن عَبَّاسٍ وأكثر الصحابة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز رفع الحدث وإزالة النجس بماء البحر، وعند عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو لا تجوز عند عدمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تكره الطهارة بما قصد إلى تشميسه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومالك َوَأَحْمَد لا يكره وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة واختاره النواوي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تكره الطهارة بالماء المسخن وعند مجاهد يكره، وعند أَحْمَد إن سخن بوقود نجس كره وإن سخن بطاهر فلا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقع البرد والثلج على أعضاء الطهارة وهو صلب لا يحل منه الماء لم يجزئه، وعند الْأَوْزَاعِيّ يجزئه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره رفع الحدث بماء زمزم وعند أَحْمَد يكره في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر العلماء لا يكره الطهارة بما تغير بطول المكث، وعند ابن سِيرِينَ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز بالماء المتغير أحد أوصافه بالطاهر ما لم يرد إجراؤه على أجزائه، أو يثخن بحيث يمنع من جريانه، وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، وعند الزُّهْرِيّ إذا بل فيه كسر الخبز جاز والوضوء به تغير أو لم يتغير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقع في الإناء ما لا نفس له سائلة في تنجيسه قَوْلَانِ: أصحهما لا ينجس، وبه قال الْمُزَنِي وأبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وعامة العلماء، والثاني: ينجسه، وبه قال مُحَمَّد بن المنكدر ويَحْيَى بن أبي كثير.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ موت الضفدع والسرطان في الماء يفسده إذا كثر، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يفسده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز رفع الحدث بالماء المستعمل في فرض الطهارة، وبه قال مالك في رِوَايَة، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم، وعند الحسن البصري وعَطَاء ومَكْحُول والزُّهْرِيّ وأَبِي ثَورٍ والنَّخَعِيّ وداود ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر يجوز، وبه قال مالك في الرِوَايَة الصحيحة، والشَّافِعِيّ في قول قديم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد وَأَحْمَد وإِسْحَاق، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان الماء أقل من قلتين وهو راكد ووقعت فيه نجاسة نجسته وإن لم يتغير، وإن كان قلتين أو أكثر لم ينجس إلا إذا تغيَّر، وعند ابن عباس وحذيفة وأبي هريرة والحسن البصري وسعيد بن المسيب وعكرمة وابن أبي ليلى وجابر ابن زيد وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وداود والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ، واختاره ابن المنذر أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، وسواء كان قليلاً أو كثيرًا، وعند عبد الله بن عمر ومُحَمَّد بن المنكدر إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس، وعند مَسْرُوق والحسن بن صالح بن حُيي والْإِمَامِيَّة إن كان كثيرًا لم ينجس، وعند ابن سِيرِينَ إن كان كرًا نجس، وعند ابن عبَّاس إذا كان الماء ذنوبين لم ينجس، وعند عكرمة أيضًا إن كان ذنوبًا أو ذنوبين لم ينجس، وعند الزُّهْرِيّ إذا كان أربعين دلوًا لم ينجس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأكثر

الزَّيْدِيَّة وأبي العبَّاس وعَطَاء كلما وصلت إليه النجاسة، أو غلب على الظن وصولها إليه حكم بنجاسته وإن لم يتغير، سواء كان قليلاً أو كثيرًا، قال أبو حَنِيفَةَ: والطريق إلى معرفة وصولها إليه إن كان الماء إذا حُرِّك أحد جانبيه تحرك الجانب الآخر، فإن النجاسة إذا حصلت في أحد جانبيه غلب على الظن أنها وصلت إلى الجانب الآخر، وإن كان لا يتحرك الجانب الآخر لم يغلب على الظن وصولها إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو كان هناك قلتان منفردتان، في كل قلة واحدة منهما نجاسة، فخلطتا وهما غير متغيرتين أو كانتا متغيرتين وهما منفردتان فخلطتا، وزال التغير حكم بطهارتهما، وعند الحنفية والحنبلية لا يحكم بطهارتهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن وجماعة من الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الماء المستعمل في الأحداث طاهر يجوز شربه واستعماله في غير الطهارة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة ونصره مشايخ بلخ، وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة أنه نجس وبه قال أبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة، ونصره مشايخ بلخ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ القلتان خمسمائة رطل بالبغدادي، وعند إِسْحَاق القلتان ست قرب، وعند أَبِي ثَورٍ خمس قرب ولم يذكر صغارًا ولا كبارًا، وعند أبي عبيد القلال هى الحباب، ولم يحدوها بشيء، وعند عبد الرحمن بن مهدي ووكيع ويَحْيَى بن

آدم القلة هي الجرة، ولم يحدوها بشيء، وعند الثَّوْرِيّ القلة هي الكوز، وعند بعض أهل اللغة هي مأخوذة من استقلال الإنسان بحمله، وأقله إذا أطاقه وحمله، ولذلك تسمى الكيزان قلالاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا وقعت في الماء الكثير نجاسة ولم تغيره فهو طاهر موضع النجاسة وغيره، سواء كان الماء جارٍ أو راكد، وعند سائر الزَّيْدِيَّة موضع النجاسة ينجس وما جاوره، أو جاور مجاوره، وأما المجاور الثالث فيكون طاهرًا، وإنَّما يعرف المجاور الثاني والثالث بقدر النجاسة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد، إلا أن عندهما أن المجاور الثاني طاهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا وقع في بئر نجاسة فالحكم فيها إن تغير الماء نجس، وكذا إن كان دون قلتين نجس وإن تغيّر، وإن كان قلتين أو أكثر لم ينجس، وعند علي وابن الزبير وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة أنها تنزح ما لم تغلب، وعند الحسن والثَّوْرِيّ في الإنسان يموت في بئر تنزح كلها، وعند أَحْمَد إذا كان الماء يمكن نزحه ووقع فيه بول الآدميين وعذرتهم المائعة فإنه ينجس بكل حال تغير أو لم يتغير في أصح الروايتين، ولا فرق عنده بين أن يكون قلتين أو أكثر، وعند عَطَاء في الجرذ تنزح عشرون دلوًا إن لم ينفسخ، وإن تفسَّخ فأربعون دلوًا، وعند النَّخَعِيّ في الفأرة تنزح

أربعون دلوًا، وعند الشَّافِعِيّ في الدجاجة تنزح تسعون دلوًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ في الفأرة والعصفور تخرج حين تموت ويستقى عشرون أو ثلاثون، وإن كان سنورًا أو دجاجة أخرجت حين موتها ينزح أربعون دلوًا أو خمسون. وإن كانت شاة فانزحها حتى يعليك الماء، فإن انتفخ شيء من ذلك أو تفسَّخ فانزحها، وعند الْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث في الماء المغير إذا وجد فيه ميتة ولم يتغير الماء استقى منه دلوًا، وإن تغير طعمه أو ريحه استقى منه حتى تصفو أو يطيب، وعند الثَّوْرِيّ في الوزغ تقع في بئر ينزح منها دلوًا، وعند الْإِمَامِيَّة أن ماء البئر تنجس بما يقع فيها من النجاسة، وإن كان كرم ويطهر ماءها بنزح بعضه. * * *

باب الشك في نجاسة الماء والتحري فيه

بابُ الشكِ في نَجَاسَةِ المَاءِ والتَحَرِي فيهِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا لم تأكل الهرة نجاسة جاز الوضوء بسؤرها ولم يكره، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سؤر البغل والحمار طاهر فيجوز الوضوء به، وعرقه طاهر، وعند أَبِي حَنِيفَةَ سؤرهما مشكوك فيه، فلا يجوز الوضوء به عند وجود غيره، وعرقهما نجس، وعند أَحْمَد سؤرهما نجس في أصح الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره سؤر الفرس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ويَحْيَى وسعيد والثَّوْرِيّ وبكير الأشج سؤر السباع كلها طاهر إلا الكلب والخنزير، وبه قال مالك، إلا أنه لا يترك سؤر الكلب لنجاسته وإنما استحسانًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد سؤرها كلها نجس إلا الهرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر إذا اشتبه عليه الماء الطاهر بالنجس، أو الثوب الطاهر بالنجس جاز له التحري في ذلك سواء كان عدد الطاهر أكبر أو النجس، أو كانا سواء، وعند الْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ وداود لا يتحرى في المياه، ولا في الثياب، بل

ينتقل في المياه إلى التيمم، وبه قال أَحْمَد في المياه، وعنه في التيمم قبل إراقة الماء رِوَايَتَانِ، وقال في الثياب: يصلي في كل واحد منها بعدد النجس وزيادة صلاة، وعند الْمَاجِشُون ومُحَمَّد بن مسلمة يتوضأ بأحدهما ويصلي ثم يتوضأ بالثاني ويصلي، وكذا في الثياب يصلي بكل واحدة منهما، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتحرَّى في الثياب، وكذا في المياه إن كان عدد الطاهر أكثر تحرى فيها، وإن كانا سواء، أو عدد النجس أكثر لم يتحرّ وبه قال جماعة من الحنابلة، واختلف أصحاب مالك، فمنهم من جوز التحري، ومنهم من منعه، وقالوا: يتيمم، ومنهم من قال: يصلي بطهارة من كل إناء، ومنهم من قال: يتوضأ ويصلي، ثم يعود فيغسل الأعضاء بالإناء الآخر ويتوضأ ويصلي، وهكذا في جميع الأواني، وعند مالك لا ينجس الماء إلا إذا تغيّر أحد أوصافه كما سبق، وعند يَحْيَى القطان وابن المنذر يتوضأ بهما، وبكل واحد منهما إذا لم يتغير الماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا توضأ بماء نجس، ثم علم به أعاد الوضوء والصلاة بعد غسل ما أصابه من الماء النجس، وعند مالك يعيد في الوقت ولا يعيد بعد خروجه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجن العجين بماء نجس لم يجز أكله ويطعم البهائم، سواء ما يؤكل لحمها وما لا يؤكل، وعند الحسن بن صالح بن حيي وَأَحْمَد يطعم ما لا يؤكل لحمها دون ما يؤكل لحمها. * * *

باب الآنية

بَابُ الآنِية مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن مسعود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يطهر بالدباغ جميع جلود الميتات، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ في رِوَايَة عنهما إلا جلد الكلب والخنزير، وعند أَبِي حَنِيفَةَ في الرِوَايَة الصحيحة عنه أنه يطهر جلد الكلب بالدباغ، وبه قال مالك في رِوَايَة، وعند داود يطهر بالدباغ جلود الميتات، وعند أَبِي يُوسُفَ يطهر جلد الخنزير بالدباغ، وعند أَحْمَد في الرِوَايَة الصحيحة عنه والْإِمَامِيَّة لا يطهر شيء منها بالدباغ، وبه قال عمر وابن عمر وعائشة، وكذا مالك في رِوَايَة، وعنه رِوَايَة أخرى أنه يطهر ظاهر الجلد دون باطنه، فتجوز الصلاة عليه ولا تجوز فيه، ويجوز عنده استعماله في الأشياء اليابسة دون الرطبة، وعند أَبِي ثَورٍ والْأَوْزَاعِيّ يطهر جلد ما يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يطهر بالذكاة جلد ما لا يؤكل لحمه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يطهر جلد السباع والكلب بذلك، وكذا عند أَبِي حَنِيفَةَ يطهر بذلك جلد الحمار وسائر ما لا يؤكل لحمه غير الآدمي والخنزير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز الانتفاع بجلد الميتة قبل الدباغ ولا بيعه، وعند الزُّهْرِيّ يجوز الانتفاع به قبل الدباغ، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز بيعه قبل الدباغ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ولا يجوز الدباغ بالتراب والشمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز بيع جلد الميتة بعد الدباغ في قوله الجديد، ولا يجوز في قوله القديم، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ماتت شاة وفي ضرعها لبن، أو لها أنفحة ينجس اللبن بموتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وداود لا ينجس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا ماتت دجاجة وفي جوفها بيضة قد فصلت قشرتها نجس ظاهر القشر، ويطهر بالغسل، ويحل أكلها، وعند علي رضي الله عنه لا يحل أكلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة العلماء يكره استعمال أواني الذهب والفضة للرجال والنساء في الأكل والشرب والبخور والوضوء وغير ذلك من وجوه الاستعمال. وعند داود وأهل الظاهر لا يكره غير الشرب وحده. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن المضبَّب بالفضة إن كان قليلاً للحاجة لم يكره، وإن كان للزينة كره، وإن كان كثيرًا للحاجة كره، وإن كان للزينة حرم. وعند

أَبِي حَنِيفَةَ أنه مكروه بكل حال ولا يحرم، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد لا يجوز إذا كثر، وإن قل لم يجز إلا فيما لا حاجة إليه كالحلقة، ويجوز في الضبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز اتخاذ أواني الذهب والفضة لغير الاستعمال في أحد الوجهين، ويجوز في الآخر، وهو مذهب مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه يصح الوضوء من أواني المشركين الذين لا يتدينون باستعمال النجاسة والصلاة في أثيابهم. وعند أَحْمَد لا يصح. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ في الذين يتدينون باستعمال النجاسة من المشركين وجهان: الصحيح أنه يجوز استعمال أوانيهم وثيابهم التي لا يعلم طهارتها ولا نجاستها وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ، ومن الزَّيْدِيَّة السيد أبو طالب والمؤيد بالله. والوجه الثاني: لا يجوز، وبه قال أَحْمَد وإِسْحَاق. وعند الْإِمَامِيَّة سؤر اليهودي والنصراني وكذا كل كافر نجس، وكذا عند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة الكافر نجس وكذلك سؤره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة صوف الميتة ووبرها وشعرها وعظامها وسنها وقرنها وريشها وظلفها وظفرها نجس. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْمُزَنِي هو طاهر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيد بالله. وعند الحسن

البصري واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وحماد وعَطَاء يطهر شعرها وصوفها ووبرها بالغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأنفحة تنجس بالموت، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تنجس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد عظم الفيل وأنيابه نجسة فإذا ذُكّي طهر. وعند مالك وعند أَبِي حَنِيفَةَ الكل طاهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ العظام فيها حياة وتنجس بالموت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا حياة فيها ولا تنجس بالموت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الزَّيْدِيَّة شعر الكلب والخنزير نجس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ شعر الكلب طاهر. وعند بعض الشَّافِعِيَّة والزَّيْدِيَّة شعرها طاهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز الانتفاع بشعر الخنزير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيد. وعند مُحَمَّد من الزَّيْدِيَّة يجوز ذلك. * * *

باب السواك

بَابُ السُّوَاكِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء السواك سنة ولا يجب. وعند داود وأهل الظاهر هو واجب ولا يمنع تركه صحة الصلاة. وعند إِسْحَاق إن تركه عامدًا بطلت صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره السواك للصائم بعد الزوال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وجماعة لا يكره. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يكره ذلك آخر النهار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئ السواك بالأصبع. وعند مالك يجزئ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الختان واجب في حق الرجال والنساء. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ هو سنة في حق الجميع. * * *

باب نية الطهارة

باب نية الطهارة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك ورَبِيعَة واللَّيْث وإِسْحَاق وداود وأَبِي ثَورٍ وعلي رضى اللَّه عنه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه لا تصح طهارة الحدث في الوضوء والغسل والتيمم إلا بالنية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يصح الوضوء والغسل بغير نية ولا يصح التيمم إلا بالنية. وعند الحسن بن صالح بن حُيي يصح الجميع بغير نية. وعند الْأَوْزَاعِيّ رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الحسن، والأخرى كقول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا توضأ الكافر أو تيمم ثم أسلم لم يصح وضوءه ولا تيممه وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح وضوءه دون تيممه بناءً على أصله أن الوضوء يصح بغير نية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى قطع الوضوء أو الخروج منه لم يبطل، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يبطل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي أبو عبد الله. * * *

باب صفة الوضوء

بابُ صِفَة الوُضُوءِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وضَّأه غيره ولم يوجد منه غير النية أجزأه، وعند داود لا يجزئه، وعند الْإِمَامِيَّة يجزئه إذا كان متمكنًا من تولى ذلك بنفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ورَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة التسمية في الطهارة غير واجبة، وعند داود وأهل الظاهر هي واجبة، فإن تركها عمدًا أو سهوًا لم تصح طهارته. وعند إِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة هي واجبة، فإن تركها عمدًا لم تصح طهارته، وإن تركها سَهوًا صَحت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة غسل الكفين فى أول الوضوء مستحب ولا يجب، سواء قام من النوم أم لا. وعند الحسن وداود هو واجب، وعند أَحْمَد هو مستحب في نوم النهار واجب في نوم الليل، فإن غمسهما

فى الماء قبل الغسل أراقه. وعند الحسن إن غمسهما فيه قبل الغسل نجس الماء، سواء كان من نوم الليل أو نوم النهار. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا أدخل غير يديه من الأعضاء في الماء نجس الماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا نوى بوضوئه رفع الحدث صح وضوءه وجاز له أداء الفرض الثاني والنفل، وكذا إذا نوى بوضوئه أداء النوافل أو صلاة الجنازة، أو أداء صلاة بعينها صح وضوءه وجاز له أن يؤدي به ما شاء من الفرائض والنوافل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم يحيى ومُحَمَّد بن يحيى إذا نوى بوضوئه رفع الحدث لا يصح وضوءه، وإذا نوى أداء فرض بعينه لا يجوز له أداء الفرض الثاني، ويجوز له أداء النفل، وإذا نوى النفل أو صلاة الجنازة لا يجوز له أداء الفرائض، ويجوز له أداء النوافل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اعتقد أنه على وضوء فجدَّد الوضوء، ثم بان أنه كان محدثًا أجزأه. وعند مالك لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والزُّهْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الاستنشاق والمضمضة في الوضوء والغسل سنة ولا يجبان. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند ابن أبي ليلى وعَطَاء وحماد وابن جريج وإِسْحَاق وعبد الله بن الْمُبَارَك وسائر الزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد في الرِوَايَة الصحيحة يجبان في ذلك. وعند أَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي ثَورٍ وداود يجب الاستنشاق

فى ذلك دون المضمضة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وزيد بن علي يجبان في الغسل دون الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جمع المضمضة والاستنشاق في كف واحد جاز، وإن فرقهما فهو مستحب. وعند بعض العلماء يجزئ ذلك. وعند بعضهم لا يجزئ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب غسل باطن العين في الوضوء، ولا يستحب. وعند بعض أصحابه وبعض الزَّيْدِيَّة يستحب. وعند بعض الزَّيْدِيَّة يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ البياض الذي بين العذار والأذن هو من الوجه. وعند مالك هو من الرأس. وعند أَبِي يُوسُفَ إن كان قد حال بين البياض والوجه شعر لم يجب غسلهما، وإن كان أمرد وجب غسله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كانت بشرة الوجه ظاهرة تصفها اللحية وجب

غسلهما وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وزيد بن علي من كان شعر لحيته وعارضيه كثيفًا استحب له تخليل ذلك، ولا يجب عليه. وعند أَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي وعَطَاء وسعيد بن جبير وسائر الزَّيْدِيَّة يجب عليه ذلك. وعند أَحْمَد إن سها عن التخليل فهو جائز. وعند إِسْحَاق إن تركه ناسيًا أو متأولا أجزأه، وإن تركه عمدًا أعاد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب إفاضة الماء على ما استرسل من اللحية طولاً وعرضًا قَوْلَانِ: أصحهما: يجب، وبه قال أَحْمَد وَمَالِك وأبو يوسف وجماعة من الزَّيْدِيَّة. والثاني: لا يجب وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة واختاره الْمُزَنِي وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة إن أمكن تخليل اللحية دون غسلها، وإن لم يمكن تخليلها إلا بغسل ما استرسل وجب غسلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يجب الترتيب بين غسل اليدين في الوضوء وعند فقهاء الشيعة والْإِمَامِيَّة يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّة وكافة العلماء أن المتوضئ مخير بين الابتداء في اليدين

بالأصابع أو بالمرافق، وعند الْإِمَامِيَّة تجب البداية بالمرافق والانتهاء بالأصابع وعند بعض الْإِمَامِيَّة أنه مسنون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يجب إدخال المرفقين في غسل الوضوء. وعند زفر وابن داود لا يجب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجزئ في مسح الرأس ما يقع عليه الاسم، وعند مالك والْمُزَنِي وأكثر الزَّيْدِيَّة يجب مسح جميعه، وهو رِوَايَة عن أحمد. وعند مُحَمَّد بن مسلمة إن ترك ثلثه جاز، وهو الرِوَايَة الثانية عن أحمد. وعند بعض المالكية إن ترك اليسير منه ناسيًا جاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ثلاث روايات: إحداهن يجب مسح ربعه، والثانية: مسح الناصية، وبها قال زيد بن علي والباقر والصادق، والثالثة: مسح قدر ثلاث أصابع بثلاث أصابع، وعند زفر وأبي يوسف لا يجوز أقل من الثلث أو الربع، وعند الْإِمَامِيَّة يجب مسحه ببلة اليد، فإن استأنف ماءً جديدًا لم يجزئه، حتى أنهم يقولون: إذا لم يبق في يده بلة أعاد الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وجماعة من الزَّيْدِيَّة أن غسل موضع الريح من القبل أو الدبر في الوضوء سنة ولا يجب. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة يجب ذلك، ومنهم مُحَمَّد بن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وسائر العلماء أنه إذا حلق شعر رأسه أو لحيته لا تبطل طهارته بذلك. وعند ابن جرير وعبد العزيز بن سلمة ومجاهد والحكم وحماد أنه تبطل طهارته بذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يسن التثليث في غسل الأعضاء. وعند مالك يسن الاقتصار على مرة مرة. وعند ابن أبي ليلى التثليث واجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأنس وعَطَاء وَأَحْمَد في رِوَايَة يسن مسح الرأس ثلاثًا، كل مرة بماء جديد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ والحسن ومجاهد وَمَالِك وابن الْمُبَارَك وجعفر بن مُحَمَّد وسفيان وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة فمن بعدهم يسن الاقتصار فى ذلك على مرة واحدة، واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة. وعند ابن سِيرِينَ يمسحه مرتين مرة فرضًا، ومرة سنة. وعند الْإِمَامِيَّة المسنون في تطهير العضوين المغسولين وهما الوجه واليدان مرتان، ولا تكرار في الممسوحين عندهم وهما الرأس والرجلان. مسألة: الصحيح من الوجهين في مذهب الشَّافِعِيّ أن غسل الرأس بدل عن المسح يجزئ عن المسح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والوجه الثاني: لا يجزئ، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة وجماعة من الصحابة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا اقتصر على مسح العمامة في الوضوء ولم يمسح على الرأس لم يجزئه. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وحكيم بن جابر وداود وعمر بن عبد العزيز ومَكْحُول والحسن وقتادة وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق وأبي بكر وعمر وسعد بن أبي وقاص وأبي الدرداء وأبي أمامة وأنس يجزئه. وعند أَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ يجزئه إذا لبسها على طهارة كالخف. وعند بعض أصحاب أَحْمَد لا يجزئه إلا إذا كان شيء منها تحت الحنك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر والحسن وعَطَاء أن الأذنين ليسا من الرأس ولا من الوجه. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وسائر الزَّيْدِيَّة وسعيد بن المسيب والحسن وعمر بن عبد العزيز والنَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ وسعيد بن جبير وقتادة والثَّوْرِيّ

وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من أصحابه ومن بعدهم هما من الرأس، فيمسحان معه إلا أن مالكًا يقول: إن الأفضل أن يأخذ لهما ماء جديدًا ويمسحان مع الرأس. وعند الزُّهْرِيّ هما من الوجه فيغسلان معه. وعند الشعبي والحسن بن صالح وإِسْحَاق ما أقبل منهما من الوجه فيغسل مع الوجه، وما أدبر منهما من الرأس فيمسح معه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر مسح الأذنين سنة وليس بفرض. وعند إِسْحَاق وسائر الزَّيْدِيَّة هو فرض. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجب ذلك ولا يسن، بل هو بدعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز تفريق الوضوء في أحد القولين، وهو الجديد الصحيح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وداود وابن عمر وسائر الزَّيْدِيَّة، ولا يجوز في القول القديم، وبه قال عمر واللَّيْث وَمَالِك وجماعة من الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين. وعند قتادة والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد يجوز في الغسل، ولا يجوز في الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وجمهور الفقهاء والمفسرين يجب غسل الرجلين في الوضوء. وعند ابن عَبَّاسٍ وأنس وعكرمة وأبي جعفر مُحَمَّد بن علي الباقر وأبي العالية والشعبي وغيرهم والْإِمَامِيَّة من الرافضة يجب مسحهما ولا يجزئ غسلهما. وعند ابن جرير والحسن البصري هو مخيَّر بين غسلهما ومسحهما. وعند بعض أصحاب داود يجمع بين الغسل والمسح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب إدخال الكعبين في الغسل. وعند زفر وابن داود لا يجب.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ أن الكعبين هما العظمان الناتئان فى مفصل الساق من القدم. وعند الحنفية ومُحَمَّد وبعض أصحاب الحديث وبعض المالكية وثعلب: في ظهر الرجل ومقدمها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وقتادة وأبي عبيد يجب الترتيب في الوضوء. وعند مالك والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وسعيد بن المسيب والحسن وعلي وابن مسعود وعَطَاء والزُّهْرِيّ ومَكْحُول وداود وعامة أهل العلم أنه لا يجب، واختاره الْمُزَنِي وصاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تنشيف الأعضاء من بلل الوضوء والغسل جائز ولا يستحب ولا يكره. وعند مالك والثَّوْرِيّ أنه لا يكره، وبه قال عثمان وأنس والحسن بن علي وبشير بن أبي مسعود. وعند ابن أبي ليلى وابن المسيب والزُّهْرِيّ أنه يكره، وبه قال ابن عمر. وعند ابن عَبَّاسٍ لا يكره في الغسل ويكره في الوضوء. * * *

باب المسح على الخفين

باب المسح على الخفين مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وابن عباس وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز المسح على الخفين في الوضوء. وعند الخوارج والْإِمَامِيَّة وابن داود لا يجوز ذلك. وعند مالك في ذلك روايات: إحداهن: يجوز المسح عليه مؤقتًا كقول الشَّافِعِيّ الجديد. والثانية: يجوز المسح عليه أبدًا كقول الشَّافِعِيّ في القديم. والثالثة: يمسح عليه في الحضر دون السفر. والرابعة: أنه يمسح عليه في السفر دون الحضر، وهي الصحيحة عنده. والخامسة: أنه يكره المسح على الخفين. والسادسة: أنه أبطل المسح في آخر أيامه كقول الْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ غسل الرجلين أفضل من المسح على الخفين وعند الشعبي وإِسْحَاق والحكم وحماد المسح عليهما أفضل من الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في القول الجديد الصحيح أن المسح على الخفين بتوقيت فيمسح المقيم يومًا وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وبه قال علي وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وعَطَاء وشريح والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق والصحابة والتابعين وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والقول القديم للشافعي أنه غير مؤقَّت، وبه قال عمر وابن عمر وعائشة والشعبي وأبو سلمة واللَّيْث ورَبِيعَة ومالك، وحكى عن الشعبي أنه قال: يمسح خمس صلوات، وهو قول أبي إِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ. وعند سعيد بن جبير يمسح من غدوة إلى الليل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن ابتداء المدة من حين يحدث بعد لبس الخف لا من حين اللبس ولا من حين الطهارة بعد الحدث. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي ثَورٍ وداود أن ابتداءها من حين المسح. وعند الحسن البصري أن ابتداءها من حين اللبس.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق أنه إذا مسح في الحضر ثم سافر أتم مسح مقيم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ له أن يمسح مسح مسافر، وهي رِوَايَة أخرى عن أحمد. وعند مالك ليس للمسح حد محدود لا لمقيم ولا لمسافر، بل يمسح ما شاء ما لم ينزعهما أو تصبه جنابة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو أحدث في الحضر، ثم سافر قبل المسح وقبل خروج وقت الصلاة مَسَح مَسح مسافر. وعند الْمُزَنِي يمسح مسح مقيم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مسح في السفر ثم أقام قبل إكمال مدة مسح المقيم أتم مسح مقيم. وعند الْمُزَنِي يمسح ثلث ما بقي له من المدة من حين الإقامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز المسح على الخف المخرق الذي لا يمكن متابعة المشي عليه قَوْلَانِ: القديم جوازه، وبه قال داود وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وأبو ثور. والجديد الصحيح لا يجوز، وبه قال أحمد. وعند مالك وسفيان الثَّوْرِيّ إن كبر الخرق وتفاحش لم يجز المسح عليه، وإن كان دون ذلك جاز المسح عليه، وهو قول قديم للشافعي أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن تخرَّق قدر ثلاث أصابع لم يجز المسح عليه، وإن كان دونها جازه. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن ظهر منه أصبع أو طائفة من رجله أو كلها مسح على الخف وعلى كل ما ظهر من الرجل. وعند الحسن إذا خرج الأكثر من أصابعه لم يجز المسح عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ أن الجورب الذي لا يمكن متابعة المشي عليه، بأن لا يكون منعَّلاً، أو كان منعَّلاً لكنه من خِرِقٍ رقيقة لا يجوز المسح عليه.

وعند عَطَاء والحسن البصري وابن المسيب وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ والأعمش والثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد والحسن بن صالح بن حُيي وابن الْمُبَارَك يجوز المسح عليه على أي حال كان. وبه قال عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وعمار وبلال وأبو أمامة وأنس والبراء وسهل ابن سعد. وعند أَبِي ثَورٍ إذا أمكن المشي عليه جاز المسح. وعند أَحْمَد يجوز المسح عليه إذا كان رقيقًا. وعند أكثر المتأخرين من أصحاب أَحْمَد لا يجوز المسح عليه. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يجوز إذا كان ثخينًا بحيث لا يشف. وعند مالك في رِوَايَة يجوز المسح عليه إذا كان مجلدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز المسح على الجرموق، وهو خف كبير فوق خف صغير قَوْلَانِ: القديم جوازه، وبه قال الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ والحسن ابن صالح وَمَالِك في رِوَايَة وإِسْحَاق والْمُزَنِي، والقول الجديد الصحيح لا يجوز، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز المسح على الخف إلا أن يلبس على طهارة كاملة، فلو غسل إحدى رجليه وأدخلها الخف، ثم غسل الرجل الأخرى وأدخلها الخف لم يجز المسح حتى ينزع الخف الذي لبسه قبل كمال الطهارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ويَحْيَى بن آدم والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ وداود يجوز المسح.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء يجوز للمستحاضة أن تتوضأ وتمسح على الخفين وتصلي به فريضة واحدة وما شاءت من النوافل. وعند زفر لها أن تصلي به يومًا وليلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وعمر بن عبد العزيز والزُّهْرِيّ وَمَالِك وإِسْحَاق وغير واحد من الصحابة والتابعين وابن الْمُبَارَك السنة أن يمسح أعلى الخف وأسفله. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والحسن وعروة بن الزبير وعَطَاء والنَّخَعِيّ والشعبي وأنس وجابر بن عبد الله السنة مسح أعلاه دون أسفله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجزئه مسح القليل من أعلى الخف، سواء كان بيده أو ببعضها أو بخشبة أو بخرقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجزئه إلا أن يمسح قدر ثلاث أصابع بثلاث أصابع، حتى لو مسح قدر ثلاث أصابع بأصبع واحد لم يجزئه عنده. وعند زفر إذا مسح قدر ثلاث أصابع بأصبع واحد أجزأه. وعند أَحْمَد لا يجزئه إلا أن يمسح أكثر القدم. وعند إِسْحَاق يمسح بكفيه إلا أن يكون بإحدى يديه علة فيجزئه أن يمسح بما أمكنه منها للضرورة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئه إلا المسح حتى لو أصاب الخف بلل مطر أو نضح عليه الماء لا يجزئه. وعند أصحابه في قيام غسل الخف مكان مسحه وجهان، وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ يجزئه بلل المطر ونضح الماء. وعند إِسْحَاق إن نوى بذلك المسح أجزأه وإلا فلا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأهل الرأي إذا فاض الماء وأصاب ظاهر الخف أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انقضت مدة المسح وهو على طهارة المسح أو خلع خفيه في أثناء المدة وهو على طهارة المسح لم يجز له أن يصلي بتلك الطهارة. وعند الحسن

البصري وقتادة وسليمان بن حرب لا يبطل المسح ويصلي بها إلى أن يُحدث، فإذا أحدث لم يمسح. واختاره ابن المنذر وعند داود يجب عليه نزع الخفين إذا انقضت مدة المسح ولا يصلي فيهما، فإذا نزعهما صلى بطهارته إلى أن يحدث. وعند أبي حَنِيفَةَ وعَطَاء والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب عليه غسل قدميه، وهو أصح القولين عند الشَّافِعِيّ، وهو قول أَحْمَد في رِوَايَة. والقول الثاني: يستأنف الوضوء، وهو قول الزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ ومَكْحُول وابن أبي ليلى والحسن بن صالح والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة أيضًا وإِسْحَاق. وعند مالك إن غسل رجليه عقيب الخلع أجزأه وإن تطاول الفصل استأنف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج رجله من قدم الخف إلى ساق الخف ولم يبن شيء من محل الفرض إن مسح لا يبطل، وإن ظهر منها شيء من محل الفرض بطل مسحه. وعند القاضي أبي حامد والقاضي أبي الطيب من أصحابه أنه يبطل، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ ما لم يخرجها من الساق لا يبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ أنه إذا نزع إحدى الخفين من إحدى الرجلين لا يجوز له المسح على الثانية. وعند الزُّهْرِيّ وأَبِي ثَورٍ له أن يمسح عليها. * * *

باب الأحداث التي تنقض الوضوء

باب الأحداث التي تنقض الوضوء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ينتقض الوضوء بخروج النادر من أحد السبيلين. وعند مالك والنَّخَعِيّ ورَبِيعَة وقتادة لا ينتقض الوضوء بذلك إلا بدم الاستحاضة. وعند داود لا ينتقض الوضوء بخروج الدم والدود. وعند الْإِمَامِيَّة أن المذي والودي لا ينقضان الوضوء بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق إذا خرج ريح من فرج المرأة أو ذكر الرجل انتقض الوضوء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينتقض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء وَأَحْمَد في رِوَايَة أنه إذا نام زائلاً عن مستوى الجلوس في غير الصلاة مضطجعًا على جنبه، أو مستلقيًا على قفاه، أو متكئًا على أحد جنبيه، أو مستندًا على حائط أو غيره انتقض وضوءه، وإن نام جَالسًا متمكنًا من الأرض بمقعدته لم ينتقض وضوءه. وعند أبي موسى الأشعري وأبي مجلز وحميد الأعرج وعمرو بن دينار وابن المسيب أن النوم لا ينقض حتى يتحقق خروج الخارج منه، وهو قول فقهاء الشيعة الْإِمَامِيَّة. وعند الحسن البصري وعائشة وابن عَبَّاسٍ وأنس بن مالك وأبي هريرة رضي الله عنهم والْمُزَنِي وإِسْحَاق أن النوم ينقض الوضوء على أي حال كان، وبه قالت الْإِمَامِيَّة أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وداود وأهل الرأي لا ينقض إلا إذا نام مضطجعًا، فإن نام على حالة من أحوال الصلاة لم ينتقض وضوءه. وعند مالك وَأَحْمَد ورَبِيعَة والزُّهْرِيّ أنه إذا نام قليلاً قاعدًا لا ينتقض وضوءه،

وإن تطاول انتقض. وعن أَحْمَد رِوَايَة أخرى أنه ينتقض بالنوم اليسير في حق الراكع والساجد خاصة، وهو قول مالك. ورِوَايَة أخرى أيضًا عن أَحْمَد أنه لا ينتقض بالنوم اليسير في أي حالةٍ كان من أحوال الصلاة، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وداود. وعند إِسْحَاق إذا نام حتى غلب على عقله وجب عليه الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وابن عمر والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وزيد بن أسلم إذا لمس امرأة يحل له الاستمتاع بها بلا حائل بينهما انتقض وضوء اللامس منهما، سواء كان بشهوة أو بغير شهوة، عامدًا كان أو ساهيًا، وهو رِوَايَة عن أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وعَطَاء وطاوس والحسن ومَسْرُوق وابن داود وابن عباس، وهو رِوَايَة عن أَحْمَد أنه لا ينتقض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ أيضًا إذا وطئها فيما دون الفرج وأنشر، أو وضع فرجه على فرجها وإن لم يولج انتقضت الطهارة. وعند مالك وَأَحْمَد فى رِوَايَة والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق والشعبي والنَّخَعِيّ والحكم وحماد ورَبِيعَة واللَّيْث إن لمسها بشهوة انتقض، وبغير شهوة فلا. وعند داود وأهل الظاهر إن قصد لمسها انتقض، وإن لم يقصد فلا. وعند الْأَوْزَاعِيّ اللمس باليد ينقض الوضوء، وبغير اليد لا ينقض الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وَمَالِك وغير واحد من الصحابة والتابعين أنه يجب الوضوء من قبلة المرأة الأجنبية. وعند سفيان الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأهل الكوفة أنه لا يجب الوضوء من ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لمس شعر المرأة أو سنها لا ينقض الوضوء. وعند مالك ينقض.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا ينتقض الوضوء بغسل الميت. وعند أحمد ينتقض بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا ينتقض الوضوء بلمس ذوات المحارم على أحد القولين. وينتقض في القول الثاني، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ينتقض وضوء الملموس على القول الأصح، وهو قول مالك ولا ينتقض على القول الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لمسها من وراء حائل لم ينتقض الوضوء، سواء كان صفيقًا أو رقيقًا، بشهوة أم بغير شهوة. وعند مالك إن لمسها بشهوة من وراء حائل رقيق انتقض وضوءه، وإن كان صفيقًا لم ينتقض. وعند اللَّيْث ورَبِيعَة إذا لمسها بشهوة انتقض وضوءه وإن كان بينهما حائل، سواء كان صفيقًا أو رقيقًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وابن المسيب وأبان بن عثمان وعروة بن الزبير وسليمان ابن يسار والزُّهْرِيّ ومجاهد وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ أن الرجل إذا مس ذكره ببطن كفه، أو مست المرأة فرجها ببطن كفها انتقض وضوءهما بذلك، وبه قال عمر وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وعائشة وأبو هريرة وابن عباس. وعند مالك إن مسه بشهوة انتقض وإلا فلا، وسواء عنده كان ذلك ببطن كفه أو بظهره أو بغيره من سائر أعضائه هذا هو الرِوَايَة الصحيحة عنه، وفي رِوَايَة عنه ينتقض وضوء الرجل دون وضوء المرأة وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والحسن البصري وقتادة ورَبِيعَة والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد فى رِوَايَة لا ينتقض الوضوء بذلك، وبه قال علي وابن مسعود وعمار وعمران بن الحصين وأبي الدرداء، وإحدى الروايتين عن سعد بن أبي وقاص وابن عباس. وعند جابر بن زيد ومَكْحُول، ورِوَايَة عن مالك إن تعمد مسه انتقض وضوءه، وإن لم يتعمده

فلا، وعند أَحْمَد وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ إن مس ذكره بساعده أو بباطن يده أو بظاهرها انتقض. وعند طاوس وسعيد بن جبير وحميد الطويل إن مسه لا يريد وضوءً فلا شيء عليه. وعند داود ينتقض وضوءه بمس ذكره دون ذكر غيره. واعتبر أَحْمَد أن يكون المس بظاهر اليد أو باطنها بشهوة. وعند أَحْمَد رِوَايَة توافق الشَّافِعِيّ في اعتبار باطن الكف لنقض الوضوء. وعند داود وأهل الظاهر إذا مس ذكره أو ذكر غيره عامدًا انتقض وضوءه، وإن مسهما غير عامد لم ينتقض. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا مس ذكره بيده أو برجله أو بعضو يجب غسله عند الحدث انتقض وضوءه، وإن مس ذلك بفخذه أو ساقه لم ينتقض. وعند عَطَاء انتقض الوضوء إذا مس ذكره بأي موضع من بدنه كان، إلا بفخذه فإنه لا ينتقض للضرورة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مس فرج غيره من كبير أو صغير أو حي أو ميت انتقض وضوء الماس. وعند داود لا ينتقض وضوءه بمس ذلك من غيره. وعند الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك لا ينتقض الوضوء بمس ذلك من الصغير. وعند إِسْحَاق بن راهويه لا ينتقض بمس ذلك من ميت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في القول الجديد الصحيح ينتقض الوضوء بمس حلقة الدبر، والقديم لا ينتقض بذلك، وهو مذهب مالك وداود. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالقولين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مس أنثييه، أو أليته، أو عانته لم ينتقض وضوءه، وعند ابن الزبير أنه ينتقض وضوءه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا ينتقض الوضوء بمس فرج البهيمة على القول الصحيح

والقول الثاني ينتقض، وهو قول اللَّيْث وعند عَطَاء ينتقض بمس فرج الحمار دون فرج الجمل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن المسيب ومَكْحُول ورَبِيعَة وَمَالِك أن دم الفصد والحجامة والرعاف والقيح والقيء لا ينقض الوضوء، سواء كان قليلاً أو كَثيرًا، وبه قال ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وابن أبي أوفى وأبو هريرة وعائشة وجابر بن زيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وزفر وعَطَاء وعلقمة وقتادة وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن كل نجس خرج من البدن فإنه ينقض الوضوء إذا سال، وإن وقف على رأس الجرح لم ينقض، وقالوا في القيء إن ملأ الفم نقض الوضوء، وإن كان دونه لم ينقض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر وأبي موسى وداود وعَطَاء وعروة والزُّهْرِيّ ومَكْحُول وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه ليس في قهقهة المصلي وضوء. وعند الشعبي والحسن والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه، وكذا الْأَوْزَاعِيّ في رِوَايَة أنها تنقض الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والخلفاء الأربعة وابن عَبَّاسٍ وأبي أمامة وأبي الدرداء وابن مسعود وعامر بن أبي رَبِيعَة وأبي بن كعب وأكثر الصحابة ومن بعدهم من التابعين وأبي حَنِيفَةَ وَمَالِك وسفيان وإِسْحَاق وَأَحْمَد أنه لا يجب الوضوء بكل ما مسته النار. وعند الحسن البصري والزُّهْرِيّ وعمر بن عبد العزيز وأبي مجلز وأبي قلابة وابن عمر وأبي طلحة وأنس وأبي موسى وعائشة وزيد بن ثابت وأبي هريرة ويَحْيَى بن أبي يعمر

أنه يجب الوضوء بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في القول الجديد الصحيح أنه لا ينتقض الوضوء بأكل لحم الجزور، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وفي القديم ينتقض بذلك، وهو قول أَحْمَد وداود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي لا يجب الوضوء من الغيبة والشتم وقذف المحصنات والكبائر، وكذا الصغائر وإن كثرت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وعائشة والشعبي يجب الوضوء بذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على يقين الطهارة، سواء كان في الصلاة أو خارجها. وعند مالك يبني على الحدث سواء كان في الصلاة أو خارجها. وعند الحسن إن كان في الصلاة بنى على يقين الطهارة، وإن كان في غيرها بنى على يقين الحدث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز مس المصحف وحمله، بعلاقة وبغير علاقة إلا لطاهر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم. وعند داود ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد يجوز ذلك لغير الطاهر. وعند الحكم وحماد يجوز حمله لغير الطاهر. وعند أَحْمَد يجوز له حمله بعلاقة وغير علاقة، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وحماد وعَطَاء والحسن يجوز حمله بعلاقة ولا يجوز بغير علاقة. وعند بعض أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ الخراسانيين يجوز مس حواشيه التي لا كتاب فيها ومس جلده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا توضأ أو تيمم، ثم ارتد لم تبطل طهارته وتيممه في وجه، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والوجه الثاني: أنهما تبطلان بذلك، وهو قول الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ. وعند أَبِي ثَورٍ أيضا أنه يستحب له الغسل. * * *

باب الاستطابة

بَابُ الاسْتِطَابةَ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإِسْحَاق وابن عمر والعبَّاس بن عبد المطلب وجماعة من الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز استقبال القبلة واستدبارها عند البول والغائط في الصحراء، ويجوز في البناء، وهو رِوَايَة عن أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة أخرى وأَبِي ثَورٍ وأبي أيوب الأنصاري لا يجوز في البناء ولا في الصحراء. وعند عروة ورَبِيعَة وداود وجماعة من الزَّيْدِيَّة يجوز في البناء والصحراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة أنه يجوز الاستدبار في البناء والصحراء، ولا يجوز الاستقبال فيهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الجماع مستقبل القبلة ولا مستدبرها، وهو قول ابن القاسم المالكي. وعند ابن حبيب المالكي يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر ورافع بن خديج وحذيفة وسفيان الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأفضل أن يستنجي بالأحجار أولا ثم بالماء بعده. وعند ابن المنذر وسعد بن أبي وقاص وابن الزبير وحذيفة أيضًا، أنهم كانوا لا يرون استعمال الماء. وعند سعيد بن المسيب ما يفعل ذلك إلا النساء. وعند عَطَاء غسل الدبر محدث. وعند الحسن أنه لا يغسل ذلك الموضع بالماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأكثر الصحابة إذا أراد الاقتصار على الأحجار جاز سواء كان الماء موجودًا أو معدومًا. وعند قوم من الزَّيْدِيَّة

والقاسمية لا يجوز الاقتصار على الأحجار مع وجود الماء. وعند الْإِمَامِيَّة أنه لا يجوز الاقتصار على الأحجار مع وجود الماء في البول خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وداود يجب الاستنجاء من الغائط، وهي رِوَايَة عن مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب ذلك إذا لم تكن النجاسة متعدية للموضع، وهي الرِوَايَة الأخرى عن مالك، وحكى ذلك عن الْمُزَنِي وابن سِيرِينَ، وجعل أبو حَنِيفَةَ ذلك أصلاً لجميع النجاسات. وقدَّر المخرج بالدرهم البغلى، فقال: لا يجب إزالة قدر ذلك إذا كان على البدن والثوب، ويعتبر ذلك عنده بالدور والمساحة لا بالسمك والعلو. وعند الزَّيْدِيَّة الاستنجاء بالأحجار سنة مع وجود الماء واجب عند عدمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب الاستنجاء من البول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز الاستنجاء بما يقوم مقام الحجر من الطاهرات الجامدات وعند داود وأهل الظاهر وَأَحْمَد وزفر لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وبعض الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الاستنجاء إلا بثلاثة أحجار أو بحجر له ثلاثة أحرف، فيَستنجى بكل حرف منها، فإن أنقى وإلا زاد رابعة أو خامسة حتى ينقى، وعند مالك وأهل العراق إذا أنقى بحجر واحد أجزأه. وعند داود يكفيه الإنقاء ولا يعتبر العدد. وروى عنه أنه يعتبر العدد ولا يكفيه عنده حجر له ثلاثة أحرف تعبدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الاستنجاء مستحب، ويعتبر في ذلك عنده بالإنقاء، وبه قال زيد بن علي وجماعة من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز الاستنجاء بالجامد النجس، ولا بالطعام، ولا بما له حرمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجوز الاستنجاء بالعظم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومالك وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انتشر الخارج إلى باطن الأليتين لم يجز فيه الحجر في أحد القولين، وبه قال مالك، ويجزئ في الآخر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ يكره أن يذكر الله تعالى في الخلاء، وعند عكرمة يذكر الله تعالى بقلبه ولا يذكره بلسانه. وعند النَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ لا بأس بذكر الله تعالى في الخلاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه في أصبعه خاتم عليه اسم الله تعالى وأراد دخول الخلاء خلعه. وعند ابن المسيب والحسن وابن سِيرِينَ يرخص في ذلك. وعند عكرمة َوَأَحْمَد وإِسْحَاق يجعل فصه في كفه ويقبض عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يبول جَالِسًا، ويكره ذلك قائمًا. وعند ابن سرِين وعروة بن الزبير وعلي وأنس وأبي هريرة وزيد بن ثابت وابن عمر وسهل بن سعد الساعدي يبول قائمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وقوم من العلماء يكره البول في المغتسل فإن عامة الوسواس منه. وعند ابن سِيرِينَ وبعض العلماء لا يكره ذلك. وعند ابن الْمُبَارَك لا يكره إذا جرى الماء في المغتسل. * * *

باب ما يوجب الغسل

باب ما يوجب الغسل مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وعائشة وأبي هريرة والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وكافة العلماء من الفقهاء والتابعين فمن بعدهم أنه إذا أولج في الفرج وجب الغسل، سواء أنزل أم لم ينزل. وعند عروة وداود وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبي أيوب الأنصاري ورافع بن خديج وأبي سعيد الخدري أنه لا غسل عليه إذا لم ينزل، وقيل: إن أبيًّا وزيد بن أرقم رجعا عن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الاعتبار في الجنابة بالتقاء الختانين وهو التحاذي لا الانضمام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة جماعة منهم النَّاصِر والمؤيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا اغتسل ثم خرج منه المني ثانيًا وجب عليه الغسل سواء خرج قبل البول أو بعده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ والحسن وزيد بن علي وجماعة من الزَّيْدِيَّة إن خرج قبل البول وجب إعادة الغسل، وإن خرج بعده لم يوجب وعند مالك والزُّهْرِيّ واللَّيْث وعَطَاء وسعيد بن جبير وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي يوسف لا غسل عليه، وإنَّما عليه الوضوء، سواء خرج قبل البول أو بعده. وعند المؤيد من الزَّيْدِيَّة وجماعة منهم لا يصح الاغتسال من الجنابة حتى يبول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق إذا وجد في ثوبه بللاً ولم يذكر أنه احتلم فلا غسل

عليه، إلا أن يتيقن أنه مني وعند عَطَاء والشعبي وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ وابن عباس وسفيان وَأَحْمَد يجب عليه الغسل وعند الحسن إذا تنفس إلى أهله في أول الليل ثم وجد فلا غسل عليه، وإن لم يكن ذلك فعليه الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أولج ذكره في دبر بهيمة، أو في فرجها، أو في فرج امرأة ميتة، أو في دبرها وجب عليه الغسل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خروج المني يوجب الغسل، سواء خرج بشهوة أو بغير شهوة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأكثر الزَّيْدِيَّة لا يوجب الغسل، إلا إذا خرج بتدفق وشهوة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج المني من فرج المرأة وجب عليها الغسل. وعند النَّخَعِيّ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استدخلت المرأة المني، ثم خرج لم يجب عليها الغسل. وعند الحسن البصري يجب عليها الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ فيما دون الفرج فسبق الماء إلى فرج المرأة لم يجب عليها الغسل وعند عَطَاء والزُّهْرِيّ وعمرو بن شعيب يجب عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحس الإنسان بانتقال المني منه من الظهر إلى الإحليل ولم يخرج فلا غسل عليه. وعند أَحْمَد عليه الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج ماء الرجل من فرج المرأة بعد الغسل فلا غسل عليها وعند الحسن عليها الغسل. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ولدت المرأة ولم ترى دمًا في وجوب الغسل عليها

وجهان: أحدهما لا يجب، والثاني يجب، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المغمى عليه لا غسل عليه إذا أفاق وعند بعض المتقدمين عليه الغسل وعند ابن حبيب عليه الغسل إذا طال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب الغسل بخروج المذي ولا بخروج الودي، ويجب منه الوضوء وغسل الموضع الذي يصيبه لا غير. وعند مالك يجب عليه غسل جميع الذكر، وهو رِوَايَة عن أحمد، وزاد غسل الأنثيين مع الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أسلم الكافر ولم يجب عليه في حال كفره غسل فلا غسل عليه. وعند أَحْمَد وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ وابن المنذر يجب عليه الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر العلماء إذا ارتد عن الْإِسْلَام لم يجب عليه الغسل وعند مالك يجب عليه الغسل.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والصحابة والتابعين والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجوز للجنب أن يقرأ شيئًا من القرآن. وعند أَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق له قراءة صدر الآية ولا يتمها. وعند مالك يقرأ الآية والآيتين على سبيل التعوذ وعند داود والزُّهْرِيّ وابن المسيب وابن المنذر يقرأ ما شاء من القرآن وعند الْإِمَامِيَّة يجوز لهما قراءة ما شاءا من القرآن إلا عزائم السجود، وهي سجدة لقمان عندهم، وسجدة الحواميم، وسورة النجم، وسورة العلق وعند ابن عَبَّاسٍ يقرأ ورده، وعند الْأَوْزَاعِيّ يقرأ آية الركوب والنزول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأكثر الصحابة والتابعين والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للحائض ولا للنفساء قراءة القرآن، وعند مالك يجوز لهما ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن الحنفي وَمَالِك والنَّخَعِيّ لا يكرهُ قراءة القرآن في الحمام، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا تنجس فمه، ففي تحريم القراءة عليه وجهان، ويكره له ذلك، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود وعَطَاء وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود يجوز للجنب العبور في المسجد، وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز له ذلك، إلا أن يحتلم فى المسجد فيعبر فيه ليخرج وعند الثَّوْرِيّ يتيمم ثم يخرج منه وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إذا

توضأ الجنب جاز له اللبث في المسجد. وعند الْمُزَنِي وداود لا يجوز له اللبث فيه، واختاره ابن المنذر. * * *

باب صفة الغسل

بابُ صِفَة الغُسْلِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الواجب في غسل الجنابة النية وإيصال الماء إلى البشرة الظاهرة وما عليها من الشعر، وما زاد على ذلك سنة وعند داود وأَبِي ثَورٍ يجب الوضوء، واختاره أهل العلم وعند مالك والْمُزَنِي يجب إمرار اليد على ما تعاله اليد من البدن وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب المضمضة والاستنشاق وعند الْإِمَامِيَّة يجب ترتيب غسل الجنابة، فيبدأ بغسل الرأس أولًا ثم الميامن من الجسد ثم المياسر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الدلك في الوضوء والاغتسال سنة وعند مالك يجب، وبه قال يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة إن أمكن تدليك الأعضاء وتنقية البدن بدون الدلك لم يجب الدلك، وإن لم يمكن إلا بالدلك وجب الدلك وادَّعى بعض الزَّيْدِيَّة أن هذا أحد قولين للشافعي، ولم يعرف أصحاب الشَّافِعِيّ هذا عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان للمرأة ضفائر، فإن كان الماء يصل إليها من غير نقض لم يجب عليها نقضها، وإن كان لا يصل إليها إلا بنقضها وجب عليها نقضها وعند النَّخَعِيّ يجب عليها نقضها بكل حال، وعند أَحْمَد أن الحائض تنقض شعرها وفي الجنابة لا تنقضه وعند الحسن وطاوس يجب عليها نقضها في غسل الجنابة دون الحيض، كذا نقله عنهما صاحب البيان ونقل عنهما صاحب المعتمد وجوب النقض في غسل الحيض دون الجنابة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا توضأ بدون المد، أو اغتسل بدون الصاع وأسبغ أجزأه وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يجزئه الوضوء بدون المد ولا الغسل بدون الصاع، وبه قال عمر في الغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وسائر الزَّيْدِيَّة أن الغسل هو ما جرى عليه الماء، والمسح هو دون ذلك وعند أَبِي يُوسُفَ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق وأبو عبد الله الداعي والحكم، الغسل: هو استيعاب البدن بالدلك كالدهن للأعضاء، والمسح دون ذلك، وهو أصاب ما أصاب وأبقى ما أبقى والفرق بين المسح والغسل أن ما يكون بالاستيعاب فهو الغسل، وما يعدم الاستيعاب فهو المسح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وسفيان وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يتوضأ الرجل والمرأة أحدهما بفضل الآخر وعند أَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ يجوز للمرأة أن تتوضأ وتغتسل

بفضل الرجل وبفضل المرأة، ولا يجوز للرجل أن يتوضأ أو يغتسل بفضل المرأة إذا خلت به وعن أَحْمَد رِوَايَة أخرى أنه يكره ذلك وعند أبي هريرة أنه ينهى الرجل والمرأة عن الاغتسال من إناء واحد وعند الحسن وسعيد بن المسيب وعبد الله بن سرجس أن المرأة تتوضأ وتغتسل بفضل طهور الرجل، ولا يتوضأ الرجل ويغتسل بفضل طهورها وروى عن الحسن وغنيم بن قيس أنهما قالا: لا بأس بفضل شراب المرأة وبفضل وضوئها ما لم تكن جنبًا أو حائضًا، فإذا خلت به فلا يقربه وعند الْأَوْزَاعِيّ لا بأس أن يتوضأ كل واحد بفضل صاحبه ما لم يكن أحدهما جنبًا، أو المرأة حائضًا وعنده أنه يتوضأ به عند عدم غيره، ولا يتيمم وعند جابر بن زيد لا يتوضأ بسؤر الحائض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يدخل الحدث الأصغر في الأكبر، وبه قال النَّاصِر للحق من الزَّيْدِيَّة، واستحسنه غيره منهم، وعند بعض الشَّافِعِيَّة والزَّيْدِيَّة وصححه منهم يَحْيَى أنه لا يدخل، بل يجب إعادة الوضوء إذا أراد الصلاة عقيب الاغتسال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع على المرأة غسل جنابة وغسل حيض كفاها لهما غسل واحد وعند داود تحتاج إلى غسلين، وكذا عند الحسن والنَّخَعِيّ وعَطَاء في إحدى الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يندب للمغتسل تأخير غسل الرجلين إلى آخر الغسل فيه

قَوْلَانِ وعند أَبِي حَنِيفَةَ يندب له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا أحدث في أثناء الغسل لا يلزمه استئناف الغسل وعند الحسن البصري يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الكتابية إذا كانت تحت مسلم أجبرها على غسل الحيض، ولا يجبرها على غسل الجنابة وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجبرها على واحد منهما وعند الْأَوْزَاعِيّ يجبرها على الغسلين جميعًا، ورواه ابن المنذر عن الشَّافِعِيّ، وليس بمعروف عن الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اغتسل الجنب أجزأه عن الوضوء وعند أَبِي ثَورٍ وداود لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب غسل داخل اللحية في الجنابة وعند مالك في رِوَايَة لا يجب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الوضوء والشرب بسؤر الحائض وعند النَّخَعِيّ يكره الشرب ولا يكره الوضوء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وعلي وابن عباس وأبي سعيد وشداد بن أوس وعائشة يستحب للجنب إذا أراد النوم أن يتوضأ وعند سعيد بن المسيب وأهل الرأي إن شاء توضأ، وإن شاء لم يتوضأ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا توضأ الجنب لم يجز له اللبث في المسجد وعند أَحْمَد يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر يستحب للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أن يتوضأ، وبه قال ابن عمر، إلا أنه قال: لا يغسل قدميه وعند مجاهد والزُّهْرِيّ يغسل كفيه وعند سعيد بن المسيب وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأهل رأى يغسل كفيه ويتمضمض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ إذا وطئ ثم أراد العود قبل الغسل فلا بأس به وعند عمر وابن عمر إذا أراد العود توضأ وعند أَحْمَد يعجبه أن يتوضأ فإن لم يفعل فلا بأس به، وبه قال إِسْحَاق، وقال لابد من غسل فرجه. * * *

باب التيمم

باب التيمم مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والشعبي والحسن وإبراهيم وَمَالِك في رِوَايَة والثَّوْرِيّ وأبي حَنِيفَةَ وسفيان وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن التيمم هو مسح الوجه واليدين إلى المرفقين بضربتين فصاعدًا، وبه قال ابن عمر وجابر، وهو رِوَايَة عن علي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيد بالله، وكذا القاسم على الصحيح من مذهبه وعند الزُّهْرِيّ أنه ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المنكبين وعند ابن سِيرِينَ وابن المسيب أنه ضربة للوجه وضربة للكفين وضربة للذراعين وعند عَطَاء ومَكْحُول والْأَوْزَاعِيّ والشعبي َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود وابن جرير وعلي وعمار وابن عَبَّاسٍ ضربة واحدة للوجه واليدين إلى الكفين، واختاره ابن المنذر من الشَّافِعِيَّة وعند علي أنه ضربة للوجه وضربة لليدين إلى الكفين، وهي الرِوَايَة الأخرى عن مالك، وهذا قول قديم للشافعي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الباقر والصادق والنَّاصِر، وكذا القاسم في رِوَايَة عنه

وعند مالك أيضًا الاختيار ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، فإن اقتصر على ضربة واحدة للوجه واليدين واقتصر على مسحهما إلى الكوعين جاز وعند الْإِمَامِيَّة هو مسح الوجه إلى طرف الأنف من غير استيعاب له ومسح ظاهر الكف، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ في الاقتصار على ظاهر الكف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ التيمم ضربتان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند أَبِي حَنِيفَةَ أنه ثلاث ضربات، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيد والقاسم وعند الْإِمَامِيَّة أنه ضربة واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الصادق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وَمَالِك وعامة العلماء يجوز التيمم عن الحدث الأصغر والأكبر، وبه قال علي وابن عَبَّاسٍ وابن ياسر وأبي موسى الأشعري وعند النَّخَعِيّ أنه لا يجوز التيمم للحدث الأكبر، وبه قال عمر وابن مسعود، وقيل: إنهما رجعا عن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح التيمم بتراب مستعمل وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يجوز، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّة وكافة العلماء أن الجنب إذا وجد الماء بعد التيمم لزمه

استعماله وعند أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه لا يلزمه استعماله بل يصلي بتيممه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يصح التيمم عن النجاسة، فإذ لم يجد الماء صلى على حسب حاله وأعاد وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصلي وعند أَحْمَد يصح التيمم عنها إذا كان متطهرًا ويصلي ولا يعيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وداود وأَبِي يُوسُفَ لا يجوز التيمم إلا بتراب طاهر له غبار يَعْلَقُ بالوجه واليدين وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز التيمم بالتراب، وبكل ما كان من جنس الأرض، كالكحل والنورة والزرنيخ والحصى، والغبار عنده ليس بشرط، بل لو ضرب يده على صخرة ملساء أو حائطًا أملس أجزأه، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ولا يُجزئه أيضًا عنده التيمم بالشجر والذهب والفضة والحديد والرصاص وعند مالك يجوز التيمم بالأرض، وبما كان متصلاً بها أو غير متصل وهذا أعم المذاهب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز التيمم بتراب خالطته نجاسة وعند داود أنه إذا لم يتغير بالنجاسة صح التيمم به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز التيمم بالتراب السبخ وعند إِسْحَاق لا يجوز، وبه قال بعض الناس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ضرب بيده على ثيابه أو على أداته أو ظهره فعلق بهما غبار فتيمم به صح وعند أَبِي يُوسُفَ وَمَالِك لا يصح.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن التيمم لا يرفع الحدث وعند الكرخي وداود وأصحابه وبعض أصحاب مالك أنه يرفع الحدث، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه لا يصح التيمم إلا بالنية وعند الْأَوْزَاعِيّ والحسن بن صالح يصح بغير نية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والهادي من الزَّيْدِيَّة لا يصح التيمم للفريضة إلا بنية الفريضة وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح للفريضة بنية استباحة الصلاة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الزَّيْدِيَّة إذا بقي في التيمم لمعة من وجهه يمر التراب عليها لا يصح تيممه وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا مسح أكثر وجهه صح تيممه، وبه قال من

الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند سليمان بن داود هو كمسح الرأس إذا لم يصب بعض وجهه بعض بدنه أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ للمسافر الذي لا ماء معه وللمُغرب في إبله أن يجامع أهله وإن لم يكن معه ماء، وبه قال ابن عَبَّاسٍ وعند علي وابن عمر وابن مسعود أنه ليس له أن يصيب أهله وعند مالك يستحب له أن لا يصيب أهله إلا ومعه الماء وعند الزُّهْرِيّ المسافر لا يصيب أهله، والمغرب يصيبهم وعند عَطَاء إن كان بينه وبين الماء أربعة أيام فأكثر فله أن يصيب أهله، وإن كان بينه وبين الماء ثلاثة أيام فما دونها فليس له إصابتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا تيمم للفريضة معتقدًا أنه محدث، ثم ذكر أنه كان جنبًا أجزأه وعند مالك وَأَحْمَد لا يجزئه وعند الحنفية رِوَايَتَانِ كالمذهبين وعند ابن القصَّار أنه يجزئه، وإن فعل ذلك ذاكرًا للجنابة ففيه رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة وداود لا يصح التيمم للصلاة إلا بعد دخول وقتها وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يصح ذلك قبل دخول وقتها

وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح التيمم إلا عند ضيق الوقت والخوف من فوت الصلاة متى لم يتيمم، فإن عدمه على الوقت لم يجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز التيمم للنافلة وعند أبي مخرمة وأصحابه لا يتيمم إلا للمكتوبة وكره الْأَوْزَاعِيّ أن يمس المصحف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نوى بتيممه صلاة النافلة لم يستبح الفرض وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستبيح بذلك الفرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم للفريضة صلى الفريضة وما شاء من النوافل قبلها وبعدها، وفيه قول أنه لا يصلي قبلها، وهو قول مالك وَأَحْمَد وعند مالك يجوز أن يصلي عقبيها، ولا يصلي إن أخرها عن الفريضة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يصح التيمم إلا لعادم الماء والخوف من استعماله وأما الواجد له القادر على استعماله فلا يصح تيممه، سواء خاف أو لم يخف وعند مالك أيضًا رِوَايَة أنه يصلي بالتيمم ويعيده وعند أَبِي حَنِيفَةَ

إذا خاف فوت صلاة الجنازة أو العيد جاز له التيمم لهما، وإن كان واجدًا للماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يصح التيمم لعادم الماء إلا بعد الطلب وإعواز الماء، وهو رِوَايَة عن أَحْمَد وعن أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يحتاج إلى الطلب، بل إذا كان مسافرًا لا يعلم وجود الماء جاز له التيمم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يلزمه الطلب إلا في مواضعه وحواليه، فإن أخبر بموضع الماء وجب عليه المضي إليه إذا لم يخف فوت الرفقة وخروج الوقت وأمن على نفسه ورحله وعند ابن عمر أنه إذا كان الماء منه على غلوتين عدل عنه ولم يمض إليه ويتيمم وعند الْأَوْزَاعِيّ ينتاب الماء على غلوتين من طريقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يلزمه الطلب أنه إذا عدم الماء بعد الطلب جاز له التيمم والصلاة، سواء علم وجود الماء آخر الوقت أم لا وعند الزُّهْرِيّ لا يجوز له التيمم إلا إذا خاف فوت الوقت قبل وجود الماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا لم يجد الجنب الماء إلا في المسجد جاز له الدخول وإخراجه والاغتسال خارج المسجد، وجاز له الاغتسال في المسجد وعند الزَّيْدِيَّة يجب عليه التيمم خارج المسجد، ثم يدخل المسجد لاستقاء الماء ويغتسل خارجه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ واللَّيْث ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في أصح الروايتين

وَمَالِك في رِوَايَة أنه إذا عدم الماء والتراب، أو وجدهما وهما نجسان وجب عليه أن يصلي على حسب حاله ويعيد وعند مالك في رِوَايَة أخرى وداود لا يجب عليه أن يصلي ولا يقضي وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ يحرم عليه أن يصلي، ولكن يقضي، وأصح الروايتين عن أَحْمَد أنه يصلي ولا يعيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وُهِبَ لعادم الماء ثمنه، أو وهب للعاري السترة لم يلزمه قبوله، وكذا لو وهب له مالاً ليقضي به دينه لم يلزمه قبوله، وبهذا قال بعض الزَّيْدِيَّة، وهو الظاهر من مذهبهم وعند مالك يلزمه القبول في ذلك كله، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق، وبعض الشَّافِعِيَّة في مسألة السترة لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه إذا خاف من استعمال الماء تلف نفس أو عضو، أو حدوث مرض يخاف منه ذلك جاز له التيمم مع وجود الماء وعند عَطَاء والحسن أنه لا يجوز له التيمم مع وجود الماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بعض بدنه صحيحًا وبعضه جريحًا غسل الصحيح،

ويتيمم عن الجريح ولا إعادة عليه وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الصحيح أكثر اقتصر على غسله ولا يلزمه التيمم، وإن كان الجريح أكثر اقتصر على التيمم ولا يلزمه غسل الصحيح وعند مالك إن كان أكثر أعضائه جريحًا يتيمم وأجزأه عن الغسل، وإن كان أكثرها صحيحًا فغسل الصحيح، ومسح على العصائب والجبائر المشدودة على جراحه وقروحه أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يخف من المرض تلف نفس ولا عضو ولكن يخاف إبطاء البرء، فقَوْلَانِ: أصحهما يجوز له التيمم، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والثاني لا يجوز له ذلك، وبه قال أَحْمَد وعَطَاء والحسن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا لم يجد المريض من يناوله الماء صلى على حسب حاله وأعاد ولا يتيمم، وإذا لم يستطع أن يتوضأ بنفسه وضَّأه غيره، وإن لم يجد من يوضئه صلى وأعاد ولا يتيمم وعند مالك والثَّوْرِيّ إذا لم يجد من يناوله الماء تيمم وصلى ولا يعيد، واختاره الْمُزَنِي والطحاوي وعند الحسن إذا لم يجد من يوضئه وخاف خروج الوقت تيمم وعند إِسْحَاق وأصحاب الرأي إذا لم يستطع المريض الوضوء بنفسه يتيمم وعند زفر لا يتيمم ولا يصلي حتى يجد الماء، وهي رِوَايَة شاذة عن أَبِي حَنِيفَةَ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّخَعِيّ وقتادة ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وعبد اللَّه بن عمرو وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه ليس للمتيمم أن يصلي بتيمم واحد فريضتين من فرائض الأعيان، سواء كان ذلك في وقت أو وقتين، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة، ومنهم النَّاصِر، وزيد بن علي، والصادق، والباقر وعند أبي حَنِيفَةَ وأصحابه والْمُزَنِي وَأَحْمَد في رِوَايَة والثَّوْرِيّ وداود والحسن وابن سِيرِينَ ويزيد ابن هارون له أن يصلي بذلك ما شاء من الفرائض إلى أن يحدث كالوضوء، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة على الصحيح من مذهبه وعند أَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد له أن يجمع بين فوائت في وقت، ولا يجمع بين فرائض في أوقات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز أن يصلي بتيمم واحد ما شاء من النوافل، وصل بعضها ببعض، أو قطع بعضها عن بعض وعند مالك إذا قطع بعضها عن بعض لم يجز أن يصلي بتيمم واحد، ويعيد لكل صلاة تيمم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه إذا تيمم لعدم الماء ثم وجده، أو توهم وجوده قبل الدخول في الصلاة بطل تيممه وعند أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه لا يبطل.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ وكذا أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة أن المتيمم إذا عدم الماء في الحضر تيمم وصلى وأعاد وعند زفر أنه لا يصلي، وهي الرِوَايَة الأخرى عن أَبِي حَنِيفَةَ وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي والطحاوي يصلي ولا يعيد واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أن المتيمم في السفر الطويل لعدم الماء إذا صلى ثم وجد الماء لا يعيد الصلاة وعند طاوس عليه أن يتوضأ ويعيده وعند مالك والحسن البصري وعَطَاء ومَكْحُول والقاسم بن مُحَمَّد والزُّهْرِيّ وابن سِيرِينَ ورَبِيعَة أنه يعيد إذا كان الوقت باقيًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وداود أن المتيمم في السفر الطويل لعدم الماء إذا وجده وهو في الصلاة لا تبطل صلاته، وهي رِوَايَة عن أَحْمَد وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي وكذا ابن سريج من الشَّافِعِيَّة أنها تبطل، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: لا تبطل صلاة الجنازة والعيدين، ولا تبطل الصلاة عنده بروثة

سؤر البغل والحمار وعند الْأَوْزَاعِيّ تصير صلاته بديلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ من سبقه الحدث في صلاة العيد توضأ واستأنف وعند أَبِي حَنِيفَةَ له أن يتيمم ويبني عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجد بعض ما يكفيه من الماء هل يلزمه استعماله؟ فيه قَوْلَانِ: القديم: لا يلزمه ذلك، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وداود والْمُزَنِي وبعض الزَّيْدِيَّة والقول الجديد الصحيح يلزمه ذلك، وبه قال أحمد ومعمر بن راشد والحسن بن صالح وعَطَاء وسائر الزَّيْدِيَّة وعند الحسن البصري وعَطَاء أيضًا إذا وجد من الماء ما يكفيه لوجهه ويديه غسلهما به وأغناه عن التيمم وعند عَطَاء وحده إذا كان معه ما يكفي وجهه غسله، ومسح بدنه بالتراب، وأجزأه وعند أحمد أيضًا الجنب يستعمل الماء ولا يستعمله المحدث، ومن أصحابه من سوى بينهما وعند أصحاب الظاهر رِوَايَتَانِ كالقولين.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن من نسي الماء في رحله ثم تيمم وصلى هل يجزئه؟ قَوْلَانِ: القديم يجزئه، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وداود والقول الجديد لا يجزئه، وبه قال أَحْمَد وأبو يوسف وَمَالِك في رِوَايَة أخرى، والمؤيد من الزَّيْدِيَّة وعند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إن كان في الوقت أعاد، وإن كان بعده لم يعده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم ثم علم أن في رحله ماء، فقَوْلَانِ: أحدهما: يعيده، وبه قال أبو يوسف وَأَحْمَد وكذا مالك إذا كان في الوقت، والثاني: لا يعيد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تيمم ولم يذكر الجنابة صح تيممه، وعند مالك لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المتيمم إذا وجد الماء في آخر الوقت فهل له الأفضل التقديم أو التأخير؟ قَوْلَانِ: أصحهما التقديم له أفضل والثاني: التأخير أفضل، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وعلى رضي الله عنه وعند مالك يتيمم في وسط

الوقت لا يعجله ولا يؤخره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع ميت وجنب وحائض وهناك ماء مباح أو للغير، وأراد أن يجود به على أحدهما والماء لا يكفي إلا لأحدهما فالميت أولى وعند أبي حَنِيفَةَ الحي أولى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أن المرض اليسير لا يبيح التيمم وعند داود وبعض المالكية أنه يبيحه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم لأجل البرد في الحضر وجبت الإعادة، وإن كان في سفر طويل فقَوْلَانِ في الإعادة وعند عَطَاء والحسن لا يتيمم ويغتسل وإن مات وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وَمَالِك لا إعادة عليه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يجد الماء في الحضر تيمم وصلى وأعاد: وعند أَبِي حَنِيفَةَ يؤخر الصلاة إلى أن يجد الماء ولا يتيمم، فإن صلى بالتيمم لم يعد. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ كالمذهبين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء المسح على الجبائر مشروع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى وعند الظاهر من الزَّيْدِيَّة أنه لا يمسح عليها، واختاره منهم المؤيد بالله. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يقتصر في المسح على الجبائر على ما يقع عليه الاسم في وجه، ويجب الاستيعاب في الوجه الثاني، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الماسح على الجبيرة إذا وضعها على غير طهر أعاد، وإن وضعها على طهر ففي الإعادة قَوْلَانِ: أحدهما: يلزمه، والثاني: لا يلزمه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة والْمُزَنِي لا يعيد بحال وعند أكثر العلماء وكذا أَحْمَد وَمَالِك في روايتهما لا تعتبر الطهارة في وضعها، ولا يصلي ولا يعيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ من تيمم وهو محبوس في مصر فعليه الإعادة إذا قدر على الماء وعند مالك لا إعادة عليه، وهو رِوَايَة أخرى عن أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تيمم ثم نزع الخف لا يبطل تيممه وعند أَحْمَد يبطل تيممه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الطهارة شرط في صلاة الجنازة، ولا يجوز أن يتيمم لها في

الحضر مع وجود الماء، وإن خيف فواتها مع الإمام لو اشتغل بالوضوء، بل يتوضأ ويصليها منفردًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى على الصحيح في مذهبه وعند الشعبي وابن جرير ليس من شرطها الطهارة وعند اللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز التيمم لها إذا خيف فواتها مع الإمام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند ابن عمر وابن عَبَّاسٍ والحسن والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ ويَحْيَى بن سعيد ورَبِيعَة وسعد بن إبراهيم إذا حضرت الجنازة ولم يكن على طهارة تيمم لها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاف الحاضر خروج الوقت إذا ذهب إلى الماء لم يجزئه التيمم، ويلزمه المضي إليه وإن خرج الوقت وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ يتيمم ويصلي، وحكى ذلك عن مالك، إلا أنه يحكى عنه أنه يعيد إذا توضأ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بذل له الماء بأكثر من ثمن المثل لم يلزمه شراؤه، وكان له أن يتيمم قلَّت الزيادة أو كَثرت وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إن كانت الزيادة قليلة لزمه الشراء، وإن كانت كثيرة لم يلزمه وعند الحسن إذا لم يجده إلا بماله كله وجب عليه شراؤه وعند مالك إن كان مضيَّقًا لم يلزمه شراؤه إذا أغلى عليه، وإن كان متسعًا لزمه شراؤه ما لم يجحف بماله وعند أَحْمَد يلزمه شراؤه إن كان متسعًا، إلا أن يخاف على نهبته فلا بأس وعن أَحْمَد أيضًا رِوَايَة لا يلزمه الشراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاف فوات صلاة العيد مع الإمام لو اشتغل بالوضوء لم يجز له التيمم، بل يتوضأ ثم يصليها منفردًا، وهذا هو الصحيح من مذهب يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يتيمم لها، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. * * *

باب الحيض

باب الحيضِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحرم على الحائض قراءة القرآن وعند مالك لا يحرم عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز مباشرة الحائض فيما بين السرة والركبة وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق والصحابة والتابعين وأَبِي ثَورٍ ومُحَمَّد بن الحسن وأصبغ المالكي وداود وابن المنذر والنَّخَعِيّ والشعبي وعَطَاء وعكرمة والحكم أنه يجوز، وهو قول أبي إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه ورَبِيعَة واللَّيْث بن سعد

وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة أن زوج الحائض إذا وطئها وهو عالم بتحريمه فلا شيء عليه سوى الاستغفار لأنه كبيرة، وعند الْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق والحسن وسعيد بن جبير وَأَحْمَد إن كان ذلك في أول الدم لزمه أن يتصدق بدينار، وإن كان فى آخره فبنصف دينار، وإن كان في وسطه فبثلثي دينار، وهو قول قديم للشافعي وعند الْإِمَامِيَّة يتصدق بدينار، وفي وسطه بنصف دينار، وفي آخره بربع دينار وعند محمد ابن الحسن يتصدق بدينار أو بنصف دينار وعند بعض الْإِمَامِيَّة أيضًا أنه يلزمه أن يتصدق بثلاثة أمداد من طعام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هذا الدينار هو مثقال الْإِسْلاَم وعن الحسن البصري وعَطَاء وسعيد بن جبير يجب في ذلك ما يجب على المجامع في رمضان، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة الخراسانيين، كذا نسبه إليهم صاحب الشاشي، ونسبه صاحب المعتمد إلى عَطَاء الخراساني، وهذه النسبة الأخيرة هي الصواب إن شاء الله تعالى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة والثَّوْرِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ

وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طهرت الحائض لا يحل وطؤها حتى تغتسل وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن انقطع دمها لأكثر الحيض جاز وطؤها قبل الاغتسال، وإن انقطع لدون ذلك لم يحل وطؤها حتى تغتسل وعند داود والْأَوْزَاعِيّ إذا غسلت فرجها حل وطؤها وعند جماعة من أهل الظاهر إذا طهرت حل وطؤها، وإن لم تمس الماء، وبه قالت الشيعة الْإِمَامِيَّة وعند طاوس ومجاهد وعَطَاء إذا توضأت حل وطؤها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم تجد الماء تيممت وحل وطؤها وعند مَكْحُول وَمَالِك لا يحل وطؤها بالتيمم وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحل وطؤها حتى تصلي به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحيض له سن مخصوص وقدر مخصوص والمرجع فيه إلى الوجود وعند بعض الناس لا يرجع في ذلك إلى الوجود. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن أقل الحيض يوم وليلة، وبه قال أحمد

والطريقة الثانية في مذهب الشَّافِعِيّ أنه يوم، وهو قول داود وأَبِي ثَورٍ وعَطَاء بن أبي رباح وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأهل الكوفة ثلاثة أيام وهذا هو الأصح عند الزَّيْدِيَّة وعن أَبِي يُوسُفَ يومان، وعند مالك وداود أيضًا وجماعة من الزَّيْدِيَّة ليس لأقله حد ويجوز أن يكون ساعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وداود والْأَوْزَاعِيّ وكذا أَحْمَد في رِوَايَة أن أكثر الحيض خمسة عشر يومًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وكافة الزَّيْدِيَّة عشرة أيام وعند سعيد بن جبير تسعة عشر يومًا وهي رِوَايَة أيضًا عن مالك وَأَحْمَد وعن مالك رِوَايَة أيضًا أنه لا حد لأكثره وعند مَكْحُول والشعبي أكثره سبعة أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن مسلمة المالكي أن أقل الطهر الفاصل بين الحيضتين خمسة عشر يومًا وعند عبد الملك الْمَاجِشُون خمسة أيام وعند أَحْمَد ثلاثة أيام، وعنه ثلاثة عشر يومًا وعند يَحْيَى بن أكثم سبعة عشر يومًا وعند

ابن حبيب المالكي والْإِمَامِيَّة والزَّيْدِيَّة عشرة أيام وعند مالك أنه لا يعلم بين الحيضتين وقتًا يعتمد عليه وروى عن ابن القاسم أنه قال: ما تعلم النساء أزمنة تكون طهرًا أو أن الخمسة والسبعة لا تكون طهرًا وحكى عن مالك أيضًا أن أقله خمسة أيام وعند بعضهم أقله ثمانية أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الدم الذي تراه الحامل قَوْلَانِ: أصحهما أنه حيض، وبه قال مالك، والثاني: دم فساد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد والزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رأت يومًا وليلة دمًا ويومًا وليلة نقاءً لم تعتبر الخمسة عشر فقَوْلَانِ: أصحهما أن الجميع حيض، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، وأهل العراق والثاني أيام النقاء طهر، وهو قول مالك وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الصفرة والكدرة في أيام العادة أو غيرها حيض وعند أبي ثور إن تقدم الصفرة أو الكدرة دم أسود كانت حيضًا وعند أَبِي يُوسُفَ الصفرة حيض

والكدرة إن تقدمها دم أسود فهي حيض وعند داود لا تكون الصفرة والكدرة حيضًا بحال وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إن كان في أيام الحيض فهو حيض بكل حال، وإن لم يكن فيها فليس بحيض، وكذا في أيام إمكان الحيض، وبه قال زيد بن علي ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد ويَحْيَى وعند القاسم من الزَّيْدِيَّة إن كان فيما بين دفعات الدم كان حيضًا وإن لم يكن بين دفعاتها لم يكن حيضًا وعند النَّاصِر منهم إن كان في أيام الحيض التي هى أيام العادة كان حيضًا، وإن كان ذلك في أيام الإمكان كان فيه التفصيل الذي ذكره القاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المبتدأة وهي التي ترى الدم أول ما طرقها بصفة واحدة، وغير الخمسة عشر يومًا فيها قَوْلَانِ: أحدهما ترد إلى أقل الحيض، وهو يوم وليلة، وبه قال زفر وأبو ثور، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة والثاني إلى غالبه وهو ست أو سبع، وهو الصحيح، وبه قال الثَّوْرِيّ وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرد إلى أكثر الحيض، وهي عشرة أيام، وهي رِوَايَة ثالثة عن أَحْمَد وعند أَبِي يُوسُفَ يؤخذ في الصلاة والصوم بأقل الحيض، وفي تحريم الوطء بأكثر الحيض وعند مالك ثلاث روايات: إحداهن ترد إلى عادة لداتها والثانية إلى عادة نسائها،

وتستطهر بعد ذلك بثلاثة أيام ما لم يجاوز مجموع ذلك خمسة عشر يومًا والثالثة أنها تقعد خمسة عشر يومًا، وهذه الرِوَايَة تجرى في المعتادة التي لا تمييز لها، وهي رِوَايَة عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طهرت الحائض واغتسلت ثم رأت بعد يوم أو أيام دمًا فهو حيض ما لم يجاوز خمسة عشر يومًا وعند عَطَاء وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد لا تدع الصلاة وتفعل ما تفعل المستحاضة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأصحابه أن لانقطاع الدم غاية، وهو خمسة عشر يومًا وعند أَحْمَد ما زاد على الستين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك أن المستحاضة المميزة، وهي التي ترى الدم وتجاوز الخمسة عشر، وكان في مدة الخمسة عشر على لونين قوى وضعيف، فإنها تحيض أيام القوى بشرط أن لا تنقص القوى عن أقل الحيض، ولا يزيد على أكثره وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد لا اعتبار بالتمييز، وإنما الاعتبار بالعادة، فإن لم يكن لها عادة ردت إلى أكثر الحيض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تثبت العادة في قدر الحيض بمرة على الصحيح والثاني تثبت بمرتين، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ المستحاضة المعتادة التي لا تمييز لها ترد إلى عادتها وعند مالك لا اعتبار بالعادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المعتادة إذا كان عادتها أن تحيض الخمس الثانية من الشهر، فرأت الدم في أيام عادتها، وخمسًا قبلها، وخمسًا بعدها أن الجميع حيض وعند أبي حَنِيفَةَ الخمسة التي بعدها حيض، والتي قبلها لا تكون حيضًا، إلا أن تتكرر وعند أحمد الذي تراه قبل العادة أو بعدها لا يكون حيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المعتادة المميزة ترد إلى التمييز على الصحيح، وبه قال

مالك والْأَوْزَاعِيّ والثاني: ترد إلى العادة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وعَطَاء والشعبي وداود أن أكثر النفاس ستون، وغالبه أربعون يومًا وعند ابن سريج وأبي علي الطبري الشَّافِعِيّين أكثره أربعون يومًا، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق واللَّيْث بن سعد وأبو عبيد وأكثر الفقهاء وابن الْمُبَارَك، واختاره الْمُزَنِي وعند الحسن البصري خمسون يومًا وعند ابن عمر وابن

عبَّاس وعثمان بن أبي العاص وأنس بن مالك وعائذ بن عمرو وأم سلمة وَمَالِك في رِوَايَة تجلس أقصى ما تجلس النساء، ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة منهن وعند قتادة وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ تقعد كامرأة من نسائها وعند الضحاك ينتظر إذا ولدت سبع ليال أو أربع عشرة، ثم تغتسل وتصلي وعند أهل دمشق أن النفاس من الغلام ثلاثون ليلة، ومن الجارية أربعون ليلة وعند بعض الناس سبعون يومًا وعند الْإِمَامِيَّة ثمانية عشر يومًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس لأقل النفاس حد، وقد تلد المرأة ولا ترى الدم وعند الثَّوْرِيّ أقله ثلاثة أيام وعند أَبِي يُوسُفَ أقله أحد عشر يومًا؛ ليزيد أقله على أكثر الحيض عنده وعند أَبِي حَنِيفَةَ أقله خمسة عشر يومًا وعند الحسن إذا رأت النفساء الطهر بعد عشرين يومًا فإنها طاهر فتصلي وعند الضحاك إذا رأت النفساء الطهر في سبعة أيام اغتسلت يوم السابع وصلت.

مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ولدت توأمين بينهما الدم فثلاثة أوجه: أحدها يعتبر أول النفاس وآخره بالولد الأول، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وأبو يوسف الثاني: يعتبر أول النفاس وآخره بالثاني، وهو الصحيح، وبه قال مُحَمَّد وزفر. والثالث يعتبر ابتداؤها من الأول ثم تستأنف المدة من الثاني. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا رأت النفساء ساعة دمًا، ثم طهرت خمسة عشر يومًا، ثم رأت يومًا وليلة دمًا فوجهان: أحدهما أن الدم الأول نفاس. والثاني حيض وما بينهما طهر، وبه قال أبو يوسف ومُحَمَّد وسائر الزَّيْدِيَّة. والثاني أن الجميع نفاس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وزيد بن علي والنَّاصِر للحق وعند أَحْمَد الدم الأول نفاس، والثاني مشكوك فيه، فتصوم وتصلي ولا يطأها الزوج، وتقضي الصوم والصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رأت النفساء يومًا وليلة دمًا، ثم طهرت ثلاثة عشر يومًا ونصفًا، ثم رأت الدم نصف يوم، فإنه يضم إلى الأول وعند أَحْمَد أن الدم الأول نفاس، والثاني مشكوك فيه فتصوم وتصلي، ولا يأتيها زوجها، وتقضي الصوم والصلوات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طهرت النفساء واغتسلت ثم رأت الدم في زمان النفاس كان نفاسًا وعند مالك إن كان الدم الثاني بعد الطهر بيوم أو يومين وثلاثة ونحو ذلك كان ذلك نفاسًا، وإن تباعد ما بين الدمين كان حيضًا وعند أَبِي ثَورٍ إن رأت الدم بعد الطهر بأيام كان دم فساد، ولا تدع الصلاة إلى خمسة عشر ليلة، وإن رأت بعدها دمًا فهو دم حيض. مسألة: ومذهب الشَّافِعِيّ إذا رأت النفساء ساعة دمًا، ثم طهرت خمسة عشر يومًا، ثم رأت ساعة دمًا فوجهان: أحدهما أنه نفاس، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ

والثاني أنه دم فساد؛ وهو قول زفر ومحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انقطع دم النفساء لدون الستين ثم عاد، فإن كان ما بينهما من النقاء مدة طهر كامل فالأول نفاس، والثاني حيض، والنقاء بينهما طهر، وإن كان ما بينهما ليس بطهر صحيح فالأول والثاني نفاس، وما بينهما فيه قَوْلَانِ، بناءً على الطهر بين دمي الحيض وعند أَحْمَد الأول نفاس والثاني مشكوك فيه، وما بينهما من النقاء طهر وعند أَبِي حَنِيفَةَ الجميع نفاس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا انقطع دم النفاس لدون أربعين يومًا لم يكره وطؤها وعند أَحْمَد وعلي وابن عَبَّاسٍ وعائذ بن عمرو يكره واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: لا يتعجل وطئها، وعند الهادي والقاسم والمؤيد لا يتعجل وطئها حتى يكمل طهرها عشرًا، فإذا مضت العشر فحينئذ يطأها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وعلي وعائشة وابن مسعود وابن عبَّاس وسائر الصحابة والتابعين أن المستحاضة غير المتحيرة لا يجب عليها إلا غسل واحد عندما يحكم لها بانقطاع دم الحيض، وأنما يجب عليها الوضوء وعند ابن عمر وابن الزبير يجب عليها أن تغتسل لكل صلاة، وهو رِوَايَة أيضًا عن علي وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعند عائشة في رِوَايَة عنها أنها تغتسل لكل يوم غسلاً واحدًا وعند ابن المسيب والحسن تغتسل من طهر إلى طهر وتتوضأ لكل صلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ أن المستحاضة لا يجوز لها أن تصلي بالوضوء أكثر من فريضة واحدة وما شاءت من النوافل، سواء كان ذلك في وقت أو وقتين وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز لها أن تجمع بين فرضين في وقت واحد، وتبطل طهارتها بخروج

وقت الصلاة وعند أَحْمَد تبطل طهارتها بدخول الوقت وعند رَبِيعَة وَمَالِك لا وضوء على المستحاضة وعند الْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث تجمع في طهارتها بين الظهر والعصر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة مفروضة وعند أَحْمَد تتوضأ لكل صلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن طهارة المستحاضة لا تصح إلا بعد دخول الوقت وعند أبي حَنِيفَةَ تصح إذا لم يكن ذلك وقت صلاة، فإن كان وقت صلاة بأن توضأت لصلاة العصر عند صلاة الظهر وأرادت أن تصلي بهذا الوضوء العصر لم يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز لزوج المستحاضة وطؤها، وإن كان الدم جاريًا وعند الحكم وابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ لا يجوز له وطؤها وعند أَحْمَد لا يجوز له وطؤها إلا أن يخاف على نفسه العنت.

باب إزالة النجاسات

بابُ إِزَالة النَّجَاسَاتِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن بول بني آدم وعذرتهم نجسة. وعند داود بول الغلام الذي لم يطعم الطعام طاهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وعمر وابن عَبَّاسٍ يجب غسل المذي وعند أَحْمَد يجزئ فيه النضح، والغسل مستحب مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر والْأَوْزَاعِيّ أبوال البهائم، وأوراثها نجسة، سواء في ذلك ما يؤكل وما لا يؤكل. وعند النَّخَعِيّ أبوال البهائم كلها طاهرة وعند مالك

والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وزفر بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر، وهذا وجه لبعض الشَّافِعِيَّة، وعند اللَّيْث ومُحَمَّد بوله طاهر وروثه نجس وعند أَبِي حَنِيفَةَ الكل نجس إلا ذرق الحمام والعصافير وما لا يمكن الاحترار منه فإنه طاهر وعند اللَّيْث بن سعد ومُحَمَّد بن الحسن بول ما يؤكل لحمه طاهر، وروثه نجس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ذرق الطيور نجسة وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد طاهر، إلا أن مالكًا يقول: إذا أكلت الخرء فأصاب الثوب من ذرقها أعاد الصلاة في الوقت استحسانًا وعند الحسن لا تعاد الصلاة من خرء الدجاج وعند أبي جعفر والحكم وحماد أنه يرخص في ذرق الطير وعند أكثر الزَّيْدِيَّة خرء الدجاج والبط والأوز نجس وعند يَحْيَى منهم أنه طاهر، إلا خرء الجلَّالة التي تأكل النجاسات فإنها نجس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن البلغم الخارج من المعدة نجس وعن أَبِي حَنِيفَةَ ومحمد طاهر، كذا نقله صاحب البيان، والشاشي وصاحب المعتمد، والشيخ أبي إِسْحَاق في كتب الخلاف ونقل الشيخ أبي علي في شرح التلخيص في ذلك وجهين، والأظهر أنه طاهر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ والثاني أنه نجس، وهو قول أَبِي يُوسُفَ. مسألة: عن الشَّافِعِيّ المشهور أن مني الآدمي طاهر ما لم يصبه نجاسة، وبه قال من

الصحابة ابن عَبَّاسٍ وسعد بن أبي وقاص وعائشة، وبه قال داود، وهو أظهر الروايتين عند أَحْمَد وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ والْإِمَامِيَّة هو نجس يجب غسله رطبًا ويابسًا وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق هو نجس يجب غسله إن كان رطبًا، وإن كان يابسًا أجزأه الفرك، وهذا هو الرِوَايَة الأخرى عن أَحْمَد وعند الحسن بن صالح أنه لا تعاد الصلاة من المني فى الثوب، وتعاد في المني في البدن وإن قل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الآدمي لا ينجس بالموت على أصح القولين، والقول الثاني أنه ينجس، وبه قال أبو حَنِيفَةَ غير أنه يطهر بالغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ جميع الدماء نجسه، وكذا دم السمك على وجه، وبه قال أبو يوسف في رِوَايَة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد والوجه الثاني: أنه طاهر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ ومحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والشَّافِعِيّ ومن الزَّيْدِيَّة جماعة دم ما لا نفس له سائلة كالنمل والبراغيث والبق طاهر في إحدى الروايتين عن أحمد وعند أكثر الزَّيْدِيَّة هو نجس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الزَّيْدِيَّة الخمر نجسة وعند اللَّيْث ورَبِيعَة والحسن

البصري والْإِمَامِيَّة هي طاهرة، وإن حرم شربها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النبيذ نجس، وعند أَبِي حَنِيفَةَ طاهر، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وعروة بن الزبير وعمر وعمرو بن العاص وأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَد في إحدى الروايتين والقاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة أن الكلب والخنزير وما تَوَلَّدَ منهما أو من أحدهما نجس الذات ونجس السؤر، وما سواهما طاهر

الذات والسؤر، ولا يكره سؤر الهرة عند الشَّافِعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعند الزُّهْرِيّ ومالك وداود أنها كلها طاهرة الذات وسؤرها طاهر، غير أنه يجب الغسل من ولوغ الكلب تعبدًا لا للنجاسة واختاره ابن المنذر وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ سؤر ما لا يؤكل لحمه نجس سوى الآدمي وعند أَبِي حَنِيفَةَ الآسار أربعة أضرب: نجس، وهو سؤر الكلب والخنزير وسائر السباع فإنها نجسة عنده، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق وزيد بن علي وضرب مكروه، وهو حشرات الأرض وجوارح الطير والهرة وضرب مشكوك فيه، وهو سؤر البغل والحمار وضرب طاهر غير مكروه، وهو سؤر ما يؤكل وعند أَحْمَد كل حيوان يؤكل لحمه فسؤره طاهر، وكذلك الهرة وحشرات الأرض وعنه في السباع رِوَايَتَانِ، وبالطهارة قال الشَّافِعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وكذا في البغل والحمار رِوَايَتَانِ أصحهما: أنه نجس والثانية أنه مشكوك فيه يتوضأ به ويتيمم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه طاهر، وبه قال الشَّافِعِيّ وعند ابن عمر ويَحْيَى الأنصاري وابن أبي ليلى يكره التوضأ بسؤر الهرة وعند أبي هريرة وابن المسيب يغسل مرة أو مرتين وعند الحسن وابن سِيرِينَ يغسل مرة وعند طاوس يغسل سبع مرات وعند عَطَاء هو بمنزلة الكلب وعند النَّخَعِيّ والشعبي وابن سِيرِينَ وابن عمر يكره الوضوء بسؤر الحمار وعند الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ يكره الوضوء بسؤر البغل والحمار وعند الثَّوْرِيّ إذا لم يجد إلا سؤر البغل والحمار توضأ به وتيمم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز تخليل الخمر، وإذا خللت بخل وملح وما أشبه ذلك لم تطهر وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستحب تخليلها لتطهر، وإذا خللت، فتخللت حتى لو ألقى خمر أو خل فغلب عليها بحيث لم يوجد طعم الخمر فإنه يحل بذلك وعند مالك يكره تخليلها، إلا أنها إذا خللت فتخللت طهرت وعند الْإِمَامِيَّة إذا انقلبت بنفسها خلاً أو بفعل آدمي إذا طرح فيها ما تنقلب به إلى الخل حلَّت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحرقت العذرة أو السروجين أو عظام الميتة فصار رمادًا، أو طرح كلبًا ميتًا في مملحة فصار ملحًا، أو طرح السروجين في التراب فصار ترابًا لم يطهر شيء من ذلك وعند أَبِي حَنِيفَةَ يطهر جميع ذلك، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وأكثر العلماء أنه إذا ولغ الكلب في إناء فيه مائع أو ماء دون القلتين، أو دخل فيه عضوًا، أو

وقع فيه شيء من دمه أو بوله أو روثه وجب غسله للنجاسة سبع مرات إحداهن بالتراب وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب غسله، إلا أن السبع لا تجب، بل يغسل حتى يغلب على الظن طهارته، فلو غلب على الظن طهارته بمرة أو مرتين حكم بطهارته وعند مالك وداود يغسل من الولوغ كذلك تعبدًا، ولا يغسل مما عدا الولوغ وعند الحسن وَأَحْمَد في رِوَايَة يغسل سبعًا بالماء والثامنة بالتراب وعند الزُّهْرِيّ والْإِمَامِيَّة يغسل ثلاث مرات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حكم الخنزير حكم الكلب في غسل الإناء وعند مالك في إحدى الروايتين لا يغسل من ولوغه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب أن يكون التراب في غسله ثامنة، بل في أي السبع جعل التراب جاز، والأفضل أن يكون فيما قبل السابعة وعند الحسن وَأَحْمَد يجب أن يكون التراب في غسلة ثامنة وعن مالك رِوَايَة أنه يجب الغسل من ولوغه ثماني مرات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ولغ الكلب في إناء فيه طعام وشراب كالماء واللبن وغيرهما نجس الإناء، ونجس ما فيه ووجب إراقته، ولا يحل شربه ولا أكله وعند مالك والزُّهْرِيّ وداود ينجس ما في الإناء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وعلي وأم سلمة وغير واحد من الصحابة والتابعين أنه يجزئ في بول الصبي الذي لم يطعم الطعام النضح، وهو أن يبله بالماء، وإن لم يزل عنه، ويغسل من بول الجارية، فيصب عليه الماء حتى يزل عنه وعند الْأَوْزَاعِيّ يطهر بولهما جميعًا بالرش عليه وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب غسل بول الصبي أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ سائر النجاسات يستحب غسلها ثلاثًا، ويجب مرة واحدة وعند أَحْمَد يجب في جميع النجاسات سبع مرات وعنه في رِوَايَة ثلاث مرات، إلا الأرض إذا أصابتها نجاسة واختلف أصحابه في ضم التراب إليه وعند أبي حَنِيفَةَ إن كانت النجاسة مرئية فإنها تغسل إلى أن يغلب على الظن زوالها كالكلب سواء، ومن أصحابه من قدَّره بثلاث وعند بعض الزَّيْدِيَّة في النجاسة الحكمية إلى أن يغلب على ظنه طهارتها ولا اعتبار بالعدد وعند بعض الزَّيْدِيَّة أيضًا يجب الغسل ثلاثًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأكثر العلماء إذا أصاب الأرض نجاسة ذائبة وكاثرها الماء أجزأه وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إن كانت الأرض رخوة ينزل فيها الماء وصبه عليها

أجزأه، وإن كانت صلبة لم تجزه إلا بحفرها ونقل التراب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه إذا أصاب الثوب دم الحيض أو غيره من الدماء استحب حته بعود، ثم يقرصه بين أصبعيه، ثم يغسله بالماء، فإن غسله من غير حت ولا قرص أجزأه وعند أهل الظاهر لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا غسل ذلك وبقي له أثر لا يزول إلا بالقطعفإنه يعفى عنه وعند ابن عمر يقطع بالمقراض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصابت النجاسة الأشياء الصقيلة كالمرآة والسكين والسيف لم تطهر بالمسح، وإنما تطهر بالغسل وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد تطهر بالمسح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصابت الأرض نجاسة ذائبة فطلعت عليها الشمس وهبت عليها الريح فذهب أثرها بالشمس والريح طهرت في القديم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومحمد، والقول الجديد الصحيح أنها لا تطهر، وبه قال مالك وَأَحْمَد وأكثر العلماء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصاب أسفل الخف نجاسة فلا تطهر إلا بالماء في قوله الجديد، وبه قال مالك في العذرة والبول، وفي أرواث الدواب رِوَايَتَانِ: إحداهما تغسل والثانية تمسح. والقول القديم عند الشَّافِعِيّ أنه إذا دلكه بالأرض كان عفوًا وعند أبي حَنِيفَةَ إن كان يابسًا جاز الاقتصار فيه على الدلك، وإن كان رطبًا لم يجز وعند أحمد رِوَايَتَانِ كالقولين. وعنه رِوَايَة ثالثة يعفى عنه، إلا أن يكون بولاً أو عذرة رطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الماء المزال به النجاسة إذا انفصل غير متغير ثلاثة أوجه: أحدها طهارته والثاني: إن حكم بطهارة المحل فهو طاهر، وهو قول مالك، وإن لم يحكم بطهارة المحل فهو نجس والثالث: الحكم بنجاسته، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. * * *

كتاب الصلاة

كتاب الصلاة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المرتد تجب عليه الصلاة في حال الردة، ويؤمر بقضائها إذا أسلم وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الردة تسقط عنه فرض الصلاة في حال الردة، فلا يؤمر بقضائها بعد الْإِسْلَام وعن أَحْمَد رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة أن المرتد إذا أسلم، وكان قد أتى بحجة الْإِسْلَام في إسلامه قبل الردة أنه لا يلزمه القضاء وعند أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ترك المسلم الصلاة، ثم ارتد، ثم أسلم لزمه القضاء وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يلزم الصبي فعل الطهارة ولا فعل الصلاة وعند أحمد وإِسْحَاق يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الإغماء إذا كان بغير معصية أسقط فرض القضاء، وإن كان بمعصية لم يمنع الوجوب ولا القضاء وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا زاد الإغماء على يوم وليلة يسقط فرض القضاء، وإن كان في يوم وليلة فما دون لم يمنع الوجوب وعند أَحْمَد وعَطَاء وطاوس ومجاهد الإغماء لا يمنع وجوب القضاء وعند مالك وسائر الزَّيْدِيَّة يصلي صلاة وقته الذي أفاق فيه وعند زيد بن علي يلزمه قضاء ثلاثة أيام، وإن

زاد عليها سقطت الزيادة وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يصلي صلاة يومه الذي أفاق فيه، فإن أفاق ليلاً أعاد صلاة ليلته التي أفاق فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المجنون إذا أفاق لم يجب عليه قضاء ما فاته في أيام الجنون وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ في ذلك. والمعروف عنه موافقة الشَّافِعِيّ وعند أَحْمَد يلزمه القضاء قل الجنون أو كثر. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن الصبي إذا بلغ في أثناء الصلاة أو الصوم، أو بلغ بعد الفراغ من الصلاة وقبل خروج وقتها أنه يجزئه ذلك عن الفرض، ولا إعادة عليه وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة يجب عليه الإعادة بكل حال في الصوم والصلاة، واختار الْمُزَنِي أنه يعيد الصلاة، ولا يعيد الصوم وعند أَحْمَد يكون نافلة أيضًا وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح للصبي صلاة أصلاً، وأصل الاختلاف بين أَبِي حَنِيفَةَ والشَّافِعِيّ في ذلك يعود إلى أن للصبي صلاة شرعية أم لا؟ فعند الشَّافِعِيّ له صلاة شرعية وعند أَبِي حَنِيفَةَ إنما يؤمر بها ليتمرن على فعلها، وليست بصلاة شرعية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك أن من ترك الصلاة بعد اعتقاد وجوبها كسلاً وأصر على ذلك قتل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى وَأَحْمَد بن عيسى ومُحَمَّد بن يَحْيَى وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والْمُزَنِي لا يقتل، فأبو حَنِيفَةَ يقول: يحبس حتى يصلي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي والمؤيد، والْمُزَنِي يقول: يضرب ولا يقتل، والثَّوْرِيّ يقول: لا يتعرض له؛ لأنها أمانة في عنقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن هذا التارك للصلاة بعد اعتقاد وجوبها كسلًا إذا قتل فإن قتله يكون حدًا لا كفرًا وعند أَحْمَد وداود وإِسْحَاق وعمر وعلي وبعض الشَّافِعِيَّة أنه يقتل لكفره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أنه إذا ترك الصلاة في حال فسقه وجب عليه القضاء، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة وعند داود وعبد الرحمن ابن بنت الشَّافِعِيّ لا قضاء عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب والقاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم الحربي في دار الحرب، ولم يعلم بوجوب الصلاة عليه ومضى عليه زمان ثم علم بذلك لم يلزمه القضاء وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى وعند المؤيد منهم يلزمه القضاء.

باب مواقيت الصلاة

بابُ مَواقِيتُ الصَّلاةِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن أول الظهر إذا زالت الشمس وعند بعض الناس لا يجوز أن يصلي حتى يصير الفيء مثل الشراك بعد الزوال وعند مالك المستحب أن يؤخر الظهر بعد الزوال بقدر ما يصير الظل ذراعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يجوز افتتاح صلاة الظهر قبل الزوال، وعن ابن عَبَّاسٍ رِوَايَة أنه يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعائشة وابن عَبَّاسٍ وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة أن الدلوك هو الزوال وعند أَبِي حَنِيفَةَ وعلي وابن مسعود أن الدلوك هو الغروب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وداود أن آخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله، ويعتبر المثل من حد

الزيادة على الظل الذي كان عند الزوال، وهو رِوَايَة عن أَبِي حَنِيفَةَ وعنه رِوَايَتَانِ أخرتان سنذكرهما وعند عَطَاء وطاوس وَمَالِك يدخل وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثله، ولا يذهب وقت الظهر بل يمتزج الوقتان إلى غروب الشمس وعن مالك أيضا رِوَايَة إذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقت الظهر وأول وقت العصر، فإذا زاد على المثل زيادة بينة خرج وقت الظهر واختص الوقت بالعصر وعن مالك أيضًا وقت الظهر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله وقتًا مختارًا، ووقت الأداء آخره إذا بقي إلى غروب الشمس بقدر أربع ركعات وعند عَطَاء أنه لا يكون مفرطًا بتأخيرها حتى تصير فى الشمس صفرة وعند طاوس أنه لا يفوت حتى الليل وعند ابن جرير الطبري والْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق يمتزج الوقتان بقدر أربع ركعات من حين يصير ظل كل شيء مثله، ثم يصير الوقت بعد ذلك للعصر وحده وعند أَبِي حَنِيفَةَ ثلاث روايات: إحداهن وعليها يعتمدون، أن وقت الظهر باق إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه والثانية أنه باق إلى أن يصير ظل كل شيء دون مثليه. والثالثة أن آخره إذا صار ظل كل شيء مثله، ويدخل وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثليه ويكون ما بينهما فصلاً بين الوقتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ أن أول وقت العصر إذا صار ظل كل شيء مثله غير الظل الذي يكون له وقت الزوال، وزاد أدنى زيادة وآخر وقتها المختار إذا صار ظل كل شيء مثليه وعند أَبِي حَنِيفَةَ أن أول وقت العصر إذا

صار ظل كل شيء مثليه، وآخره إذا اصفرت الشمس وعند ابن المنذر وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد آخر وقت العصر إذا تغيبت الشمس وعند إِسْحَاق آخر وقت العصر إذا بقي إلى غروب الشمس قدر ركعة وعند ابن عَبَّاسٍ وعكرمة آخر وقت العصر غروب الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة أهل العلم من الصحابة والتابعين وقت المغرب يدخل بغروب الشمس بتواري القرص وشعاع الشمس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يدخل وقتها إلا بظهور كوكب من كواكب الليل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في امتداد وقت المغرب قَوْلَانِ: الجديد أنه بعد غروب الشمس بمقدار ما يتوضأ ويستر العورة ويقصد المسجد ويؤذن ويقيم ويدخل فيها، فإن فاته الابتداء في هذا الوقت أثم، وكان قاضيًا، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ وابن الْمُبَارَك والقول القديم وهو الصحيح أنه يمتد وقتها إلى غيبوبة الشفق الأحمر، واختاره من أصحابه ابن المنذر والزبيري، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود ويَحْيَى بن آدم وأبو ثور وعند مالك يمتد وقت المغرب إلى طلوع الفجر

الثاني، فيكون إلى غيبوبة الشفق يختص بالمغرب، ثم من بعد ذلك تشترك هي والعشاء وروى أيضًا عن مالك أنه قائل بما قال به القول الجديد وروى عن مالك أيضًا أن وقت اختيار المغرب وقت واحد ويتسع إلى وقت العشاء، ووقت الأداء باق إلى أن يبقى من الليل قبل طلوع الفجر قدر أربع ركعات وعند طاوس لا يفوت المغرب والعشاء إلا بطلوع الفجر وعند عَطَاء لا يفوت المغرب والعشاء إلا بالنهار. مسألة: لا خلاف بين العلماء أن وقت العشاء يدخل بغيبوبة الشفق واختلفوا في ذلك الشفق ما هو؟ فقال الشَّافِعِيّ وَمَالِك وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وداود وأبو يوسف ومُحَمَّد وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبو هريرة وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس: أنه الأحمر وقال أبو حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ والْمُزَنِي وزفر: أنه الأبيض ورواه ابن المنذر عن أنس بن مالك وأبي هريرة وابن عَبَّاسٍ وعمر بن عبد العزيز وعن أَحْمَد رِوَايَة أيضًا

أنه إن كان في الصحراء فهو الأحمر، وإن كان في البنيان فهو الأبيض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في آخر وقتها المختار قَوْلَانِ: القديم إلى نصف الليل، وبه قال أهل العراق وأبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأبو ثور في رِوَايَة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إن ذلك لا يخرج وقت العشاء. والجديد إلى ثلث الليل، وبه قال مالك وعمر ابن الخطاب وأبو هريرة وعمر بن عبد العزيز، وهي رِوَايَة عن أَحْمَد وعند النَّخَعِيّ إذا ذهب ربع الليل وعند ابن عَبَّاسٍ وطاوس وعَطَاء وعكرمة يمتد وقتها إلى طلوع الفجر، وبه قال الزَّيْدِيَّة في حق أهل الضرورات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره النوم قبل صلاة العشاء قال ابن الْمُبَارَك: وعليه أكثر الأحاديث وعند بعض العلماء لا يكره وعند بعض العلماء لا يكره في رمضان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره السهر بعد صلاة العشاء، إلا إذا كان في معنى العلم والخير فلا يكره وعند بعض العلماء يكره مطلقًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن صلاة الصبح من صلاة النهار وعند بعض الناس أن من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ليس من الليل، ولا من النهار وعند

حذيفة والأعمش والشعبي أن الليل من غروب الشمس إلى طلوعها، فصلاة الصبح عندهم من صلوات الليل وعندهم لا يحرم على الصائم الطعام والشراب حتى تطلع الشمس، وعند مالك أن وقت الظهر المختص به بعد الزوال إلى مضى أربع ركعات لا مدخل للعصر فيه، وما بين هذين وقت مشترك بينهما في باب الإجزاء لأهل الضرورات، وكذا بعد المغرب ثلاث ركعات خاص بها؛ لأنها لا تشركها فيه العشاء، وقبل الفجر أربع ركعات خاص للعشاء، وما بينهما وقت مشترك بينهما وبين المغرب وخالفه في ذلك الشَّافِعِيّ وأبو حَنِيفَةَ وقد قدمناه في صدر الباب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك ومُحَمَّد بن شجاع من الحنفمِة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الصلوات المفروضة تجب بأول الوقت وجوبًا موسعًا على معنى جواز التأخير إلى آخر الوقت حتى يستقر الوجوب بإمكان الأداء، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر للحق وأبو الطاهر ويَحْيَى وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تجب الصلاة بآخر الوقت، وإنَّما أول الوقت وقت لجواز فعل الصلاة فيه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم واختلفوا في وقت الوجوب، فذهب أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومُحَمَّد إلى أنها تجب إذا بقي من آخر الوقت قدر تكبيرة وذهب زفر إلى أنها تجب إذا بقي مقدار ما يصلي فيه صلاة الوقت، فأمَّا إذا صلى في أوله، فذهب أكثرهم إلى أنها تقع مراعاة، فإن بقي إلى آخر الوقت وهو على صفة

تلزمه الصلاة تبين بذلك أنها كانت فريضة، وإن خرج عن أن يكون من أهل وجوب الصلاة في آخر الوقت تبين بذلك أنها كانت نفلاً، ومنهم من يقول؛ إنها تقع نفلاً بكل حال، غير أنها تمنع توجه الفرض عليه في آخر الوقت، فعلى هذه الطريقة يخرج من صلى في أول الوقت من الذنب، ولم يتوجه عليه فريضة في الصلاة بحال، وقال الكرخي: لا يختلف قولهم أن الوجوب يتعلق بقدر صلاة الوقت، وما ذكره من قدر التكبيرة إنما هو في حق المعذورين ثم اختلف النقل عن الكرخي فنقل عنه الشاشي وصاحب الشامل والشيخ أبي إِسْحَاق في كتب الأصول أنه إذا فعلها في أول الوقت تقع واجبة، فيكون الوجوب عنده متعلقًا بوقت معين وهو أحد أمرين: بالدخول في الصلاة، أو بآخر الوقت ونقل عنه صاحب البيان أنه إذا صلَّى في أول الوقت كان نفلًا، فإن بقي إلى آخر الوقت وهو من أهل الوجوب منع ذلك النفل وجوب الفرض عليه، وهذا الثقل عنه من صاحب البيان ليس بصحيح، بل هذا قول بعض الحنفية غير الكرخي كما قدمناه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وابن الزبير وأنس وأبي موسى وأبي هريرة وعلي وابن مسعود وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الأفضل تقديم صلاة الصبح في أول وقتها إذا تحقق طلوع الفجر وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وابن مسعود أيضًا الإسفار بها أفضل، إلا أن يحس بطلوع الشمس فيكره تأخيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق أن الإسفار الوارد في الحديث معناه أن يتضح الفجر ولا يشك فيه، وليس معناه تأخير الصلاة وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ معنى الإسفار: تأخير الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق من أدرك ركعة قبل طلوع الشمس كان مدركًا للصبح وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يكون مدركًا، ولو أدرك قبل غروب الشمس ركعة كان

مدركًا للعصر باتفاق العلماء؛ لأنه خرج إلى وقت تحل فيه الصلاة، بخلاف مسألة إدراك الصبح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أنّ المستحب الإبراد بالظُّهِر في الحَرِّ وعند مالك التعجيل أفضل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الظهر في غير وقت الحر تقديمها أفضل وعند مالك الأفضل تأخيرها حتى يصير الفيء قدر الذراع وعند أَبِي حَنِيفَةَ تعجيلها في الشتاء أفضل، وتأخيرها في الصيف أفضل، ولا يراعى الإبراد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ شرط الإبراد بالظهر أن يكون في موضع ينتابه الناس من البعد، فأمَّا المصلي وحده والذي يصلي في مسجد قومه فلا يستحب له تأخير الصلاة فى شدة الحر وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك لا يشترط ذلك، وبه قال جماعة

من أهل العلم قال الترمذي: وفي الحديث ما يدل على خلاف ما ذهب إليه الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعبد الله بن مسعود وعائشة وأنس وعبد الله ابن الْمُبَارَك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق تعجيل العصر في أول وقتها أفضل وعند مالك يؤخرها يسيرًا وعند الثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ وأبي هريرة وابن مسعود تأخيرها إلى آخر الوقت أفضل ما دامت الشمسُ بيضَاء واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه الشاشي وصاحب المعتمد وغيرهما أن تقديمها في الغيم أفضل، وتأخيرها في الصحو أفضل ما دامت الشمس بيضاء نقية، ونقل صاحب البيان والدر الشفاف عنه موافقة الثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك وكافة العلماء والصحابة والتابعين تقديم المغرب فى أول وقتها أفضل وعند الروافض تأخيرها إلى اشتباك النجوم أفضل وعند أبي حَنِيفَةَ تأخيرها في الغيم أفضل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل الأفضل تقديم العشاء في أول الوقت أو تأخيرها؟ قَوْلَانِ: القديم وهو الصحيح أن تقديمها أفضل. والقول الجديد تأخيرها أفضل، وبه قال

أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والصحابة والتابعين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه إذا كان يوم غيم استحب تأخير الصلاة إلا أن يخشى إن أخر عن ذلك خرج وقت الصلاة وعند عمر يؤخر الظهر ويعجل العصر، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء وعند ابن مسعود يعجل الظهر والعصر ويؤخر المغرب وعند ابن سِيرِينَ يعجل العصر ويؤخر المغرب وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يؤخر الظهر ويعجل العصر ويؤخر المغرب ويعجل العشاء وينور بالفجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والمؤيد بالله من الزَّيْدِيَّة إذا اجتهد المجتهد في وجوب الوقت وصلى أجزأه، سواء وقعت صلاته في الوقت أو بعد خروجه، ولا يراعى بقاء الوقت ومضيه وعند أَبِي حَنِيفَةَ وجماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر ويَحْيَى والقاسم والمؤيد أيضًا أنه يراعى بقاء الوقت ومضيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فيما نقله المتقدمون من أصحابه عنه أن الصلاة الوسطى هي الصبح، وبه قال ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وجابر وعلي وَمَالِك وعند عائشة وزيد بن ثابت وأسامة بن زيد وعبد الله بن شداد وأكثر الزَّيْدِيَّة أنها الظهر، وذكر القدُّوري أنه مذهب أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه، وهي رِوَايَة أخرى عن ابن عمر وعند أبي هريرة وَأَحْمَد وأبي أيوب وأبي سعيد الخدري وعبيدة السلماني والحسن والضحاك وابن مسعود ومُحَمَّد بن منصور وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم، ومن الزَّيْدِيَّة السيد أنها العصر، وهي الرِوَايَة الأخرى عن علي وحكاه الطحاوي عن أَبِي حَنِيفَةَ وحكى المتأخرون من الشَّافِعِيَّة أنه مذهب الشَّافِعِيّ وعند أَحْمَد في رِوَايَة وقبيصة بن ذؤيب أنها المغرب.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طلعت الشمس وهو يصلي لم تبطل صلاته وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك من الوقت قدر تكبيرة فهل يلزمه صلاة ذلك الوقت؟ قَوْلَانِ: أحدهما يلزمه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ والثاني لا يلزمه، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أنه إذا أدرك ركعة قبل غروب الشمس لزمه العصر والظهر، وإذا أدرك ركعة قبل طلوع الفجر لزمه العشاء والمغرب، وكذا لو أدرك في الوقت الأول قدر تكبيرة على قول لزمه الثانية، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، إلا أن عند أبي حَنِيفَةَ لا تلزمه الأولى بإدراك وقت الثانية وعند مالك إذا أدرك من العصر خمس ركعات بعد فراغه مما يصلح للصلاة كالطهارة والستارة، وغير ذلك لزمه الظهر والعصر، وإذا أدرك أربع ركعات من وقت العشاء بعد الفراغ مما يصلح للصلاة لزمه المغرب والعشاء، وإن أدرك دون ذلك لم يلزمه الظهر ولا المغرب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة من الزَّيْدِيَّة إذا طرأ عليه العذر بعد أن أدرك ما يتمكن فيه من فعل الصلاة وجب عليه القضاء عند زوال العذر، والحاصل من هذا: أن الاعتبار بدخول الوقت وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وقتادة وإِسْحَاق يجب عليه القضاء بكل حال وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وحماد وابن سِيرِينَ لا يجب عليه حتى يدرك آخر الفرض من غير عذر، وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة، والحاصل من هذا: أن الاعتبار باستغراق الوقت وعند أَحْمَد يستقر وجوب الصلاة بأول الوقت وعند سائر الزَّيْدِيَّة إذا طرأ من العذر وعاد من الوقت ما يمكن فيه الصلاة لا يكون مُقَصِّرًا فلا قضاء، وإن لم يبق ذلك فعليه القضاء، والحاصل من هذا: أن الاعتبار ببقاء الوقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا فاتته صلوات استحب له قضاؤها مرتبًا، فإن ترك الترتيب جاز، وإن ذكر الفائتة وهو في وقت صلاة حاضرة، فإن كان قد ضاق وقت الحاضرة لزمه أن يبدأ بها ثم يصلي الفائتة، وإن كان وقت الحاضرة متسعًا استحب أن يبدأ بالفائنة ثم بالحاضرة، فإن بدأ بالحاضرة قبل الفائتة صح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم والمؤيد وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه يجب الترتيب بكل حال، فيصلي الفائتة ثم الحاضرة، فإن بدأ بالحاضرة بطلت وعند مالك

واللَّيْث أنه لو أدرك الفائتة وقد أحرم بالحاضرة استحب له إتمامها ثم يقضي الفائتة، ثم يجب عليه أن يصلي الحاضرة إلا أن تكون الفوائت ست صلوات فيسقط الترتيب وعند زيد بن علي وزفر يجب الترتيب بين قضاء الفوائت، وفرض الوقت مع سعة الوقت وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه أنه إن ذكر الفائتة بعد فراغه من الحاضرة أجزأته، ويقضي الفائتة، سواء كان الوقت ضيقًا أو واسعًا، وإن ذكرها وقد أحرم بصلاة وقته، فإن كان الوقت واسعًا بطلت فيصلي الفائتة ثم يصلي الحاضرة، وإن كان الوقت ضيقًا مضى عليها ولم تبطل، ثم يقضي الفائتة، وإن كان الفوائت ستًّا سقط الترتيب، وفي الخمس عنه رِوَايَتَانِ إحداهما أنهن كالست والثانية أنهن كالأربع وعند أَحْمَد لا فرق بين الصلوات اليسيرة والكثيرة أن الترتيب واجب وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجب ذلك في خمس صلوات فما دون، هذا حقيقة مذهبهما وعند أَحْمَد وإِسْحَاق أنه إن ذكر الفائتة وهو مع الإمام في الحاضرة وجب عليه المضي فيها، ثم يقضي الفائتة، ثم يعيد الحاضرة حتى قال أحمد: إنه إذا ترك الصلاة في شبابه إلى أن شاخ فعليه أن يقضي الفائتة ثم يعيد كل صلاة صلاها قبل قضائها وهل يسقط الترتيب عند ضيق الوقت؟ فيه عند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما يسقط، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ والثانية لا يسقط، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا نسي صلاة من خمس صلوات، ولم يعرف عينها لزمه أن يصلي الخمس الصلوات بخمس نيات وعند محمد ابن الحسن والثَّوْرِيّ أنه يتحرى، فإن لم يغلب على ظنه شيء صلى ركعتين بنية الفجر، وأربعا بنية الظهر والعصر والعشاء إن كان عليه، ثم ثلاثًا ينوي بها المغرب، إن كان عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من نام عن صلاة العشاء حتى فاتت وجب عليه القضاء، ولا كفارة عليه وعند الْإِمَامِيَّة إذا نام عنها حتى مضى النصف الأول من الليل أنه يجب عليه القضاء إذا استيقظ، وأن يصبح صائمًا كفارة عن تفريطه وعند الْمُزَنِي يجوز أن ينوي الفائتة ويصلي أربع ركعات فيجلس في ركعتين، ويجلس في الثالثة، جلس في الرابعة، ويسجد للسهو ويسلم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد والنَّاصِر. * * *

باب الأذان

باب الأذان مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الأذان ثبت برؤيا عبد اللَّه بن زيد وعند الزَّيْدِيَّة ثبت بوحي نزل به جبريل عليه السلام من الله إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: وأما ثبوته برؤيا عبد الله بن زيد فبعيد، فإن صح فإنَّا نقول: الله أراه بعد ثبوته. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن الأذان والإقامة سنتان مؤكدتان، فإن تركها ترك السنة وصلاته صحيحة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ والنَّاصِر للحق من الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وقال بعض أصحاب الشَّافِعِيّ: هما فرض كفاية، وبه قال أَحْمَد وداود وسائر الزَّيْدِيَّة وعند الْأَوْزَاعِيّ ليس بواجب، والإقامة واجبة، فإن

تركها فإن كان الوقت باقيًا أعاد الصلاة، وإن خرج الوقت لم يعدها وروى عن الْأَوْزَاعِيّ أيضًا: إن نسي الأذان وصلى أعاد الصلاة في الوقت وعند عَطَاء إن نسي الإقامة أعاد الصلاة. وعند أهل الظاهر الأذان والإقامة واجبان لكل صلاة، فمنهم من قال: هما شرط في صحة الصلاة، ومنهم من قال: ليستا بشرط. وعند مالك هو واجب في مساجد الجماعات، ومن صلى بغير أذان أجزأه إذا كان في بلد قد أذن فيها، ولا تجزئه إقامتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الصحابة لا يسن الأذان لصلاة الجنازة والعيد والخسوف والتراويح والاستسقاء. وعند معاوية وعمر بن عبد العزيز يسن الأذان لصلاة العيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يسن الأذان للفوائت؟ قَوْلَانِ: الجديد لا يسن، وبه قال مالك والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق. والقديم وهو الأصح يسن ذلك، وبه قال أَحْمَد وأبو ثور، واختاره ابن المنذر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أذّن لكل فائتة فحسن، وإن ترك فجائز. وروى عنه أيضًا أنه إذا فاتته صلوات أذن وأقام لكل واحدة منهن. وعند مالك يقيم لكل صلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جمع بسفر أو مطر جمع تقديم أذن وأقام للأولى، وأقام للثانية من غير أذان، وإن جمع بينهما جمع تأخير أقام لكل واحدة منهما. وفي الأذان للأولى الخلاف الماضي في الأذان للفوائت، ولا يسن الأذان للثانية قطعًا. وعند أبي

حَنِيفَةَ لا يجمع إلاَّ في موضعين: بمزدلفة بين العشائين في وقت الثانية بأذان وإقامة، فإن تطوع بينهما فبأذان وإقامتين. والموضع الثاني: بين الظهر والعصر بعرفة في وقت الأولى، ويكون بأذان وإقامتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى في بيته هل يصلي بلا أذان ولا إقامة؟ قَوْلَانِ: أحدهما يصلي بغير ذلك، وبه قال الشعبي والأسود وأبو مجلز ومجاهد والنَّخَعِيّ وعكرمة. والثاني الجديد يؤذن ويقيم. وعند ميمون بن مهران وسعيد بن جبير وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وعَطَاء تجزئه الإقامة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ يجزئه أذان المصر. وعند الحسن إن شاء أقام. وعند ابن سِيرِينَ تجزئه الإقامة، إلا في الفجر فإنه يؤذن ويقيم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل مسجد قد صُلِّيَ فيه أذن وأقام في نفسه، وبه قال أسلمة، بن الأكوع. وحكى ابن المنذر عن الشَّافِعِيّ أنه قال: أذان المؤذنين وإقامتهم

كافية. وعند عَطَاء وطاوس ومجاهد والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك يقيم ولا يؤذن. وعند الحسن والشعبي وعكرمة وأَبِي حَنِيفَةَ لا يؤذن ولا يقيم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وداود وأَبِي يُوسُفَ وأبي ثور وإِسْحَاق وأهل الشام وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يؤذن للصبح قبل دخول وقتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ ومُحَمَّد لا يجوز ذلك قبل وقتها. وعند بعض أصحاب الحديث إذا كان للمسجد مؤذنان جاز أن يؤذن أحدهما قبل الفجر والآخر بعده. وعند أَحْمَد يكره ذلك في رمضان خاصة لئلا يمنع من السحور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب الأذان للمنفرد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يستحب له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأذان تسع عشرة كلمة في غير الصبح، وهو: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول اللَّه أشهد أن محمدًا رسول الله يخفض صوته ثم يقول بهؤلاء الأربع كلمات من الشهادة، ثم يرجع فيمد صوته فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول اللَّه حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح اللَّه أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. وعند مالك الأذان تسع عشرة كلمة، فأسقط من التكبير في أول الأذان تكبيرتين، وأثبت الترجيع. وكذا أثبته أيضًا إِسْحَاق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ الأذان خمس عشرة كلمة، فأسقط

الترجيع، وهو أربع كلمات. وعند أَبِي يُوسُفَ الأذان ثلاثة عشر كلمة، فأسقط تكبيرتين في أول الأذان كمالك، وأسقط الترجيع. وعند أَحْمَد إن رجَّع فلا بأس، وإن ترك فلا بأس. وعند الخرقي الأذان من غير ترجيع. وعند إِسْحَاق أنه قد ثبت أذان بلال، وأذان أبي محذورة، وكلٌّ سنة. وعند الْإِمَامِيَّة يقول بعد قوله حي على الصلاة حي على خير العمل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن لفظ التكبير في أول الأذان أربعًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق والسيد المؤيد. وعند مالك هو دفعتان كآخره، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم وزيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أن التهليل في آخر الأذان مرة واحدة. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والباقر والصادق وموسى وإسماعيل بن جعفر وعلي بن موسى الرضى أن التهليل في آخره مرتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وزيد وعمر وابن عمر وعمار وأنس وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن التثويب في أذان الصبح سنة، وهو أن يقول: حي على الصلاة، الصلاة خير من النوم مرتين. وعند النَّخَعِيّ يستحب التثويب لكل صلاة. وعند الحسن يثوب للعشاء والصبح. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في النقل عنه، فحكى الطحاوي عنه في التثويب كقول الشَّافِعِيّ. وحكى عنه مُحَمَّد بن شجاع الثلجي التثويب الأول في نفس الأذان، والثاني بين الأذان والإقامة. وقال مُحَمَّد بن الحسن: كان التثويب الأول الصلاة خير من النوم مرتين بين الأذان والإقامة، ثم أحدث الناس بالكوفة حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين بين الأذان والإقامة وهو حسن. واختلف أصحابه فيه فمنهم من اختار ما ذكره مُحَمَّد بن شجاع. ومنهم من اختار ما ذكره الطحاوي ولا يحفظ. وعند الْإِمَامِيَّة يكره التثويب في أذان الصبح وغيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وبعض الصحابة وبعض التابعين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الإقامة إحدى عشر كلمة فرادى، سوى لفظ الإقامة فإنها مرتين.

وفى قول قديم للشافعي لفظ الإقامة أيضًا مرة، وبه قال مالك وداود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن الْمُبَارَك وأهل الكوفة والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة الإقامة مثنى مثنى كالأذان، ويزيد على الأذان بلفظ الإقامة مرتين، فتصير الإقامة عندهما تسع عشرة كلمة أكثر من الأذان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب لمن سمع المؤذن أن يقول مثل ما يقول، إلا أن يكون السامع في الصلاة فيؤخر ذلك ويقول بعدها. وعند مالك واللَّيْث إن كان السامع في صلاة النفل قال مثل ما يقول إلا في الحيعلتين، وإن كان السامع في صلاة الفرض لم يقل ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يصح أذان الصبي الذي تصح صلاته ويعتد به للرجال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وداود وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يعتد بأذانه للبالغين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن لا يزيد على أربعة مؤذنين. وعند مالك يزيد على ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة يصح أذان المحدث والجنب وإقامتهما، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي عن يَحْيَى. وعند مجاهد وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة أخرى وإِسْحَاق لا يعتد بأذانهما وإقامتهما. وعند مالك يعتد بأذانه ولا يعتد بإقامته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وبعض العلماء يكره الأذان على غير وضوء. وعند أَحْمَد وسفيان الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وبعض العلماء لا يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بلغ المؤذن إلى الحيعلة لَوَّى عنقه ورأسه يمينًا وشمالاً، وأما سائر بدنه وقدميه فلا تلتوي، وذلك سواء كان على الأرض أو على المنارة. وعند ابن سِيرِينَ لا يستحب ذلك. وعند أَحْمَد إن كان على المنارة فعل ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق لا يكره له أن يدور في مجال المنارة، ويكره له ذلك على الأرض. وعند مالك أنه لا بأس باستدارة المؤذن على يمينه وشماله إذا أراد الإسماع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ يستحب أن يُدخِلَ المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان والإقامة. وعند جماعة يدخل أصبعيه في أذنيه في الأذان لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة أهل العلم أنه إذا تكلم في الإقامة لم تبطل: وعند

الزُّهْرِيّ تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان وسائر الصحابة والتابعين يكره الخروج من المسجد قبل الصلاة، وبعد الأذان إلا لعذر. وعند النَّخَعِيّ يخرج ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يستحب للمؤذن أن يجلس بين الأذان والإقامة للمغرب جلسة خفيفة بقدر ركعتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجلس. مسألة: إذا ارتد في أثناء أذانه، ثم عاد في الحال إلى الْإِسْلَام بنى على أذانه على الأصح. والثاني لا يبني لأنه قد بطل بالردة، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره أذان الراكب وإقامته. وعند مالك في رِوَايَة يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب الأذان قائمًا ويكره قاعدًا، إلا أن يكون به علة فلا يكره. وعند عَطَاء وَأَحْمَد لا يؤذن قاعدًا إلا أن يكون به علة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق يسن الأذان والإقامة في السفر. وعند الثَّوْرِيّ وعلي هو بالخيار إن شاء أذن وإن شاء أقام وعند القاسم بن مُحَمَّد والحسن تجزئه الإقامة. وعند ابن عمر يقتصر على الإقامة، إلا في الصبح فإنه يؤذن ويقيم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعتد بأذان المرأة للرجال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتد به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يسن للمرأة الإقامة. وعن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم. وعند إِسْحَاق أنهن يؤذن ويقمن لصلواتهن. وعند الْأَوْزَاعِيّ يقمن. وعند أنس وابن عمر ليس عليهن أذان ولا إقامة، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري ومُحَمَّد بن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأبو ثور وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأولى أن يكون المقيم هو المؤذن وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إقامة غير المؤذن كإقامة المؤذن. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أنه يجوز عقد الإجارة على الأذان، وبه قال مالك، والثاني لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. * * *

باب طهارة البدن وما يصلي فيه وعليه

باب طهارة البدن وما يصلي فيه وعليه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن طهارة البدن والثوب التي يصلي عليها شرط فى صحة الصلاة. وعند مالك إذا صلَّى مع النجاسة أعاد في الوقت، ولا يعيد بعد فواته. وحكى عنه أن إزالة النجاسة واجبة إلا يسير الدم. وعند ابن عَبَّاسٍ وأبيّ وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ أنه ليس على الثوب جنابة، وروى عنهم خلاف هذا. وروى عن ابن عَبَّاسٍ أنه إذا تفاحش الدم يعيد الصلاة. وعن النَّخَعِيّ يعيد من قدر الدرهم من الدم. وعن سعيد بن جبير أنه ينصرف من الصلاة إذا كان من الدم أكثر من الدرهم. وعن ابن مسعود أنه نَحْر جزورًا فأصابه من فرثه ودمه فصلى ولم يغسله. وعن سعيد بن جبير أيضًا أنه إذا صلى وفي ثوبه نجاسة أنه لا تضره، وقال: اقرأ الآية التي فيها غسل [الثوب] من النجس. وعند مالك إذا كان الحيض كثيرًا وجب غسله، وإن كان قليلًا فرِوَايَتَانِ: إحداهما يعفى عنه. والثانية يجب غسله. وعن طاوس أنه رأي

فى ثوبه دمًا كثيرًا فصلى ولم يبال به. وعند ابن أبي ليلى والعكلى لا تعاد الصلاة من ذلك. وعند أهل الرأي أن دم الحلمة نجس. وعند الشعبي والحكم وحماد وحبيب لا بأس بدم الخفاش ودم البق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الدم أقل من الدرهم وجب غسله. وعند الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وبعض التابعين إذا كان أكثر من الدرهم أو قدر الدرهم فلم يغسله وصلى فيه أعاد الصلاة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وبعض التابعين لا إعادة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن دم غير ما لا نفس له سائلة، وغير دم الكلب والخنزير يعفى عن قليله، وهو القدر الذي يتعافاه الناس في الأصح. وعند مالك يعفى عن قليل الدم، ولا يعفى عما تفاحش. وعنه في دم الحيض رِوَايَتَانِ: إحداهما كغيره من الدماء. والثانية أنه يستوى قليله وكثيره. وعند أَحْمَد أن اليسير متفاحش، وعنه أيضًا أنه يعفى عن النقطة والنقطتين. واختلف عنه فيما بين ذلك. واختلف الزَّيْدِيَّة في اليسير من الدم هل هو نجس أو طاهر؟ فعند النَّاصِر والصادق والباقر والمؤيَّد هو نجس لكنه معفو عنه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند يَحْيَى هو طاهر، واليسير عندهم هو مقدار حب الخردل، ومثل رءوس الإبر. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يعفى عن ما لا يتفاحش من غير الدم كالبول والعذرة، واختلفوا في قدر التفاحش، فقال الطحاوي: التفاحش ربع

الثوب. ومنهم من قال: ذراع في ذراع. وقال أبو بكر الرازي: شبر في شبر. وعند مالك يعفى عما دون النصف من الثوب. وعند النَّخَعِيّ وحماد يعفى عما دون الدرهم. وعند سعيد بن جبير يعفى عن قدر الدرهم. وعن قتادة يعفى عما دون درهم، وعنه عما دون الظفر. وعند الْإِمَامِيَّة أن الدم الذي ليس بدم حيض يجوز الصلاة في ثوب أو بدن أصابه منه ما ينقص مقداره عن سعة الدرهم الوافي المضروب من درهم وثلث، وما زاد على ذلك لا تجوز له الصلاة فيه وفرقوا بين الدم في هذا الحكم وبين سائر النجاسات من بول وعذرة ومني، وحرَّموا الصلاة في القليل منه والكثير، فصارت التفرقة بين الدم وسائر النجاسات منفردين بها. ويقرب بما قالوه ما ذكره زفر أن الدم إذا كان أكثر من درهم لا تجوز الصلاة معه، وإن كان دون ذلك جازت الصلاة معه، ولم يعتبر ذلك من النوافل، بل قال: لا تصح الصلاة مع قليله وكثيره. ويوافق ما ذكروه ما ذكره الحسن بن صالح بن حيي أن الصلاة لا تصح مع قدر الدرهم من الدماء، وتصح مع دون ذلك، وأنها لا تصح مع قليل البول والغائط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعفى عن قليل البول. وعند مُحَمَّد بن الحسن ينضح على الثوب من البول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان على فرجه دم يخاف من غسله صلى وأعاد على أصح القولين. وفي القديم لا يعيد، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، واختاره المزني. وعند الزَّيْدِيَّة عليه الإعادة وفي الوقت ولا يجب خارج الوقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جبر عظمه بعظم نجس والتحم عليه اللحم، ولم يخف

التلف من قلعه لزمه قلعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه، وبه قطع الغزالي في كتبه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاف التلف من قلعه لزمه قلعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يلزمه قلعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه ثوب بعضه طاهر وبعضه نجس فلبسه وصلى فيه، والموضع النجس منه موضوع في الأرض لم تصح صلاته. وعند أَبِي ثَورٍ تصح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إن لم يتحرك بحركته صحت صلاته. وعند الزَّيْدِيَّة إذا بسط على النجاسة صحت صلاته إذا لم تلتصق النجاسة بالمبسوط ولم تتحرك تحته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى وعلى رأسه عمامة وطرفها على نجاسة لم تصح صلاته، سواء كانت متضاعفة فوق النجاسة أو غير متضاعفة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن لم تتحرك بحركته صحت صلاته. وعند الْإِمَامِيَّة تصح صلاة من في قلنسوته نجاسة أو نكتة أو ما جرى مجراهما مما لا تتم الصلاة به على الانفراد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تصح الصلاة في ثوب الصوف والشعر والوبر إذا كان طاهرًا. وعند الْإِمَامِيَّة والشيعة لا تصح الصلاة إلا على ما تخرج الأرض من قطن أو كتان أو قصب أو حشيش، ولا تصح في وبر الأرانب والثعالب، ولا في جلودها وإن ذبحت ودبغت الجلود. وعندهم أيضًا لا يصح السجود على الثوب المنسوج من أي جنس كان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للمرأة أن تصل شعرها بشعر نجس، ولا بشعر آدمي، وما سوى ذلك من الشعور فيجوز لها وصله بشعرها إذا كان لها زوج أو سيد، وإن لم يكن لها ذلك كره لها ذلك. وعند أَحْمَد يكره لها ذلك بكل حال، قال: ولا بأس بالقرامل، وهي الخيوط التي توصل في شعر الصغار ليطول، وهو قول سعيد بن جبير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه ثوب عليه نجاسة غير معفو عنها، ولم يجد ما يغسلها به، ولم يجد سترة غيره فقَوْلَانِ: الصحيح أنه يجب عليه أن يصلي عريانًا ولا

يعيد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والطاهر عن يَحْيَى. والثاني: يصلي فيه ويعيد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن شاء صلى عريانًا، وإن شاء صلى في الثوب النجس من غير اعتبار مقادير النجاسة، وهذه رِوَايَة أَبِي يُوسُفَ عنه. ورَويَ عنه مُحَمَّد أنه إذا كان الدم في بعض الثوب لم يجزئه أن يصلي عريانًا ويصلي فيه. وإن كان جميعه نجسًا بالدم، فإن شاء صلى فيه، وإن شاء صلى عريانًا. وعند أبي يوسُف أيضًا إن كان ربعه طاهرًا صلى فيه، وإن نقص عن ذلك فهو بالخيار إن شاء صلى فيه، وإن شاء صلى عريانًا. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ ومُحَمَّد يصلي في الثوب النجس ولا يعيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه ثوبان أحدهما نجس واشتبها تحرى فيهما، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند أَحْمَد لا يتحرى فيهما ويصلي في كل واحد منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ طهارة الموضع الذي يصلي فيه شرط في صحة الصلاة. وعند مالك ليست بشرط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن وضع قدميه على نجاسة أكثر من الدرهم لم تصح صلاته، وإن وضع ركبتيه أو راحتيه على ذلك صحت صلاته، وإن وضع جبهته على أكثر من الدرهم فعنه رِوَايَتَانِ: إحداهما رِوَايَة مُحَمَّد أنها تبطل. وراوية أبي يوسف لا تبطل استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى على موضع طاهر من البساط، وفي موضع منه نجاسة لا تحاذيه صحت صلاته، وإن كان تتحرك بحركته لم تصح صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه إذا كان مربوطًا على خشبة أو محبوسًا في حش أو موضع نجس، وهو متوضأ أنه يلزمه أن يصلي على حسب حاله. وحكى الطحاوي عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يلزمه أن يصلي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا صلى في المواضع السبعة المنهي عن الصلاة فيها صحت صلاته. وعن أَحْمَد ثلاث رويات: الصحة والفساد، والثالثة إن كان عالمًا بالنهي أعاد الصلاة وإلا فلا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الصلاة في المقبرة التي يتحقق عدم نبشها مكروهة وتصح. وعند مالك تجوز الصلاة في المقبرة ما لم يعلم فيها نجاسة. وعند أَحْمَد لا تصح، وفي كراهية استقبالها رِوَايَتَانِ. وعند بعض أهل الظاهر لا تجوز الصلاة في المقبرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى في موضع طاهر من الحمام صحت صلاته. وعند أَحْمَد لا تصح الصلاة فيه ولا على سطحته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء تصح صلاة الغاصب في الأرض المغصوبة، والثوب المغصوب. وعند داود وَأَحْمَد لا تصح. وعند الزَّيْدِيَّة لا يصلي في الثوب المغصوب إلا إذا خاف التلف من نزعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى وفرغ من صلاته، ثم رأى على ثوبه أو موضع صلاته نجاسة غير معفو عنها كانت موجودة حال الصلاة، ولم يكن علم بحالها وجبت الإعادة على أصح القولين، وبه قال أبو قلابة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني: لا يعيد، وبه قال عَطَاء وابن المسيب وطاوس وسالم بن عبد الله ومجاهد والشعبي والزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ ويَحْيَى الأنصاري وإِسْحَاق وأبو ثور والْأَوْزَاعِيّ. وعن أَحْمَد روايتين كالقولين. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه الشاشي موافقة القول الأصح. ونقل عنه صاحب المعتمد موافقة القول الآخر. * * *

باب ستر العورة

بَابُ ستر العَوْرة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأهل العراق وأَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ سترة العورة عن العيون شرط في صحة الصلاة. وعند مالك سترها واجب في الصلاة وغيرها، وليس شرط في صحة الصلاة. فإن صلى مكشوف العورة صحت صلاته. وعند بعض المالكية هي شرط في صحة الصلاة مع الذكر خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والخرقي الحنبلي إذا انكشف شيء من العورة مع القدرة على السترة لم تصح الصلاة. وعند أَحْمَد إذا بان اليسير من العورة لم تبطل الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا بان من عورة الرجل المغلظة، وهي القبُل والدبر قدر الدرهم في الصلاة لم تبطل الصلاة، وإن بان منها أكثر من ذلك بطلت، وإن بان من العورة المخففة، وهي ما عداهما أقل من الربع لم تبطل، وإن بان الربع فما زاد بطلت، ويعتبر ذلك من العضو الواحد. وأما المرأة فإن انكشف ربع رأسها، أو ربع فخذها، أو ربع بطنها بطلت صلاتها، وإن كان أقل من ذلك لم تبطل. وعند أَبِي يُوسُفَ إن انكشف أقل من النصف من عورتها لم تبطل، وإن كان النصف فما زاد بطلت.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وإحدى الروايتين عن أَحْمَد أن عورة الرجل ما بين السرة إلى الركبة، وليست الركبة والسرة من العورة. وعند أبي حَنِيفَةَ وعَطَاء الركبة من العورة دون السرة. وعند داود وإحدى الروايتين عن أَحْمَد أن العورة هي القبل والدبر لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك أن جميع بدن الحرة عورة إلا الوجه والكفين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم والمؤيد. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه أن قدمها ليس بعورة، واختاره الْمُزَنِي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي والباقر والنَّاصِر والصادق، وكذا الداعي عن يَحْيَى والقاسم. وعند داود وَأَحْمَد أن جميع بدنها عورة إلا الوجه. وعند أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أحد الفقهاء السبعة أن جميع بدنها عورة حتى ظفرها.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ تقبيل اليد وما بين العينين والرأس جائز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند المؤيد منهم يكره تقبيل اليد كتقبيل الرجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الأمة ومن فيها جزء من الرق لا يجب عليها تغطية رأسها. وعند الحسن إذا تزوجت الأمة، أو اشتراها سيدها، أو ولدت وجب عليها تغطية رأسها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن حكم أم الولد في العورة حكم الأمة القنية. وعند ابن سِيرِينَ وَمَالِك أنها تتقنَّع بثوب يثبت الحرية لها، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين أقل ما يجزئ الرجل في الستر مئزرًا وسراويل. وعند أَحْمَد لا يجزئه حتى يطرح على عاتقه منه شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى في قميص واسع الجيب تُرَى العورة منه من غير سراويل ولم يزره عليه لم تصح صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للرجل أن يصلي في ثوب حرير ولا على ثوب حرير، فإن صلى فيه أو عليه صحت صلاته. وعند أَحْمَد والْإِمَامِيَّة لا تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والمؤيد إذا لم يجد إلا الثوب الحرير وصلى عريانًا مع وجوده لم تصح صلاته. وعند أَحْمَد تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا صلى في ثوب حرير لا يعيد. وعند داود يعيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك يكره السدل في الصلاة. وعند أَحْمَد لا يكره ذلك فوق القميص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يجد السترة صلى عريانًا قائمًا. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة والْمُزَنِي يلزمه أن يصلي قاعدًا. وحكى أنه قول للشافعي. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب البيان والمعتمد موافقة الْأَوْزَاعِيّ، ونقل عنه الشاشي موافقة الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن شاء صلى قاعدًا، وإن شاء قائمًا، وهو رِوَايَة عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وجد العريان السترة تريبة منه لم تبطل صلاته بأخذها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل بذلك.

باب استقبال القبلة

باب استقبال القبلة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا تجب النية في استقبال القبلة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وأبو طالب، وعند بعض الشَّافِعِيَّة تجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد بالله وأبو عبد اللَّه الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تصح صلاة الفرض والنفل فى الكعبة. وعند ابن جرير لا يصح ذلك. وعند مالك وَأَحْمَد يصح فيها النفل دون الفرض، وعن مالك رِوَايَة أخرى أنه تصح صلاة الفرض في جوفها. وعند الزَّيْدِيَّة الصلاة في جوفها أفضل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى على ظهر الكعبة ولم يكن بين يديه سترة متصلة بالبيت لم تصح صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختلف اجتهاد رجلين في القبلة فلا يقلد أحدهما الآخر، ولا يجوز أن يأتم أحدهما بالآخر. وعند أَبِي ثَورٍ يجوز أن يأتم أحدهما بالآخر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من لا يعرف أدلة القبلة، أو إذا عُرّف لا يعرف، فحكمه حكم الأعمى يقلد من يجتهد لهما. وعند داود يسقط عنهما استقبال القبلة، ويصليان حيث شاءا. واختلفت الرِوَايَة في ذلك فقال النَّاصِر وأبو طالب يرجعان إلى خبر غيرهما، فإن لم يجدا من يخبرهما رجعا إلى محاريب البلد التي نصبها أهل المعرفة. وقال المؤيد بالله يرجعان أولاً إلى محاريب البلد، فإن لم يكن فإلى من يخبرهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل الفرض في القبلة إصابة العين أو الجهة؟ قَوْلَانِ: أصحهما

إصابة العين، وهو قول الجرجاني من الحنفية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي. والثاني الجهة، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وسائر أصحابه وعمر وعلي وابن عبَّاس وابن عمر وابن الْمُبَارَك وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا اجتهد في القبلة فأداه اجتهاده إلى جهة فصلى إلى غيرها، أو صلى من غير اجتهاد ثم بان أنها القبلة لم تصح صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد بالله. وعند أَبِي يُوسُفَ تصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب ويَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى إلى جهة بالاجتهاد، فلما فرغ من صلاته تيقن أنه إلى غير جهة القبلة فقَوْلَانِ: أصحهما تلزمه الإعادة، وبه قال المؤيد باللَّهِ من الزَّيْدِيَّة. والثاني لا تلزمه، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وَأَحْمَد وأكثر العلماء، ومن الزَّيْدِيَّة الباقر والقاسم ويَحْيَى، واختاره الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز التنفل على الراحلة في السفر الطويل وفي القصير على أصح القولين، وبه قال أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني لا يجوز، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يصلي على راحلته في الماء والطين. وعند مالك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان المسافر ماشيًا جاز له التنفل إلى جهة مقصده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المتنفل على الراحلة يلزمه أن يستقبل القبلة حال الإحرام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق والباقر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة لا يلزمه ذلك. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الصحيح عدم جواز ترك استقبال القبلة في النفل في الحضر. والثاني يجوز، وهو رِوَايَة عن أَبِي يُوسُفَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وكافة العلماء من الصحابة والتابعين إذا مر بين يدي المصلي مار لم تبطل صلاته. وعند الحسن تبطل صلاته. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق ومجاهد وعَطَاء وطاوس ومَكْحُول أن من مر بين يديه كلب أسود أو امرأة حائض أو أتان بطلت صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للمصلي إذا لم يكن مصلى ولا غيره أن يخط بين يديه خطًّا في الطول. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يكره له ذلك.

باب صفة الصلاة

بابُ صفة الصلاة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن من صلّى قبل دخول الوقت لا تصح صلاته. وعند الحسن تصح صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب القيام في السفينة السائرة، وفي صلاة يعجز في بعضها يجب عليه القيام فيما يقدر عليه منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب القيام في المسألتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ إذا فرغ المؤذن من الإقامة قام الإمام والمأموم إلى الصلاة. قال أحمد: هذا إذا كان الإمام حاضرًا، فإن كان غائبًا فهل يقومون أو ينتظرون حتى يروه؟ على روايتين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إذا قال المؤذن حي على الصلاة قاموا في الصف، فإذا قال: قد قامت الصلاة كبَّر الإمام وكبَّر القوم. وعند زفر إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة مرة نهض الإمام. وقامُوا في الصف، فإذا ثنى المؤذن وقال: قد قامت الصلاة كبَّر الإمام وكبر القوم، فإذا قال المؤذن: الله أكبر إلى آخره، أخذ الإمام في القراءة، وهو قول الحسن بن زياد. وعند الطحاوي أن محمدًا موافق لأَبِي يُوسُفَ في هذه المسألة. وعند أبي بكر الرازي أن محمدًا موافق لأَبِي حَنِيفَةَ فى هذه المسألة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد لا يكبر المأموم حتى يفرغ الإمام

من التكبير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسفيان الثَّوْرِيّ ومُحَمَّد يجوز أن يكبر مع تكبير الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي تكبيرة الإحرام لم تجز الصلاة. وعند سعيد بن المسيب والحسن وقتادة والنَّخَعِيّ والحكم والْأَوْزَاعِيّ لا إعادة عليه وتجزئه تكبيرة الركوع، وهو رِوَايَة عن حماد بن أبي سليمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي الإمام تكبيرة الإحرام فإنه يقطعها بالتسليم ويستأنف التكبير ويتابعه. وعند مالك أنه يعتد بتكبيرته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك المسبوق الإمام راكعًا كبر تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، فإن كبر تكبيرةً واحدة نوى بها الافتتاح والركوع لم يجزئه. وعند سعيد بن المسيب والحسن وعَطَاء والنَّخَعِيّ وميمون والحكم والثَّوْرِيّ وابن عمر وزيد بن ثابت يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ينوي حال التكبير لا قبله ولا بعده. ومعناه أن تكون نيته ذكرًا بقلبه مقترنة بالتكبير من أوله إلى آخره، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة في رِوَايَة عنه. وعند داود يجب أن تتقدم النية على التكبير، وإن نوى مع التكبير لم

يجزئه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا تقدمت النية على التكبير بزمان يسير انعقدت الصلاة، كذا ذكره أبو بكر الرازي، وبه قال أكثر الزَّيْدِيَّة. وذكر الطحاوي والكرخي أن مذهب أَبِي حَنِيفَةَ كمذهب الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن إذا نوى الفرض والنفل لم تنعقد صلاته وعند أَبِي حَنِيفَةَ تنعقد بالفرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك إذا نوى الخروج من الصلاة أو قطعها أو شك هل يخرج منها أم لا، بطلت صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تبطل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن تكبيرة الإحرام فرض لا تنعقد الصلاة إلا بها. وعند الزُّهْرِيّ والحسن بن صالح أنها تنعقد بمجرد النية من غير لفظ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وسفيان وداود وأَبِي ثَورٍ لا يجزئه في تكبيرة

الإحرام إلا قوله: اللَّه أكبر أو الله الأكبر. وعند مالك وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة لا تنعقد بقوله اللَّه الأكبر، وتنعقد بقوله الله أكبر لا غير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيَّد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد تنعقد بكل اسم لله على وجه التعظيم، كقوله الله العظيم، أو الله الجليل، وكقوله الحمد للَّهِ أو سبحان الله، وبهذا قال زيد بن علي. فأمَّا الدعاء كقوله: اللهم ارحمني واغفر لي فلا تنعقد به الصلاة، وإن قال: الله أو الرحمن فعن أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ، روى الحسن بن زياد عنه أنه يجوز، وظاهر رِوَايَة الأصول عنه أنه لا يجوز، فلابد من ذكر الصفة، وبه قال مُحَمَّد بن الحسن. وعند أَحْمَد بن يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة تنعقد بقوله: الله أجل أو أعظم. وعند أبي عبد الله الداعي منهم إن سبح أو هلل لم يكن داخلاً في الصلاة. وعند أبي طالب منهم الأولى انعقادها بالتهليل، وإن لم تنعقد بالتسبيح. وعند أَبِي يُوسُفَ تنعقد بلفظ التكبير، فيضيف الله الكبير، ولا تنعقد بما سوى ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تكبيرة الإحرام من الصلاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والمؤيد من الزَّيْدِيَّة أنه ليس منها، وإنما هو شرط من شروطها.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النية من الصلاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والمؤيد من الزَّيْدِيَّة أنها ليست من الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز أن يكبر بالفارسية ولا بغيرها مع القدرة على العربية. وكذا سائر الأذكار فيها مثل التسبيح والتشهد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يكبر بغير العربية مع قدرته على العربية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي سعيد الخدري وابن الزبير وأنس والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وَمَالِك يستحب أن يرفع يديه في تكبيرة الإحرام وعند الركوع والرفع منه. وعند داود يجب ذلك. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة لا يرفع يديه فى شيء من الصلاة. وعند الْإِمَامِيَّة يجب رفع اليدين في كل تكبيرات الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى وَمَالِك في رِوَايَة يرفع يديه في تكبيرة الافتتاح، ولا يرفع في الركوع، ولا في الرفع منه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. قال المؤيد: إلا في صلاة الجنازة فإنه يرفع فيها في التكبيرات كلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق والقاسم من الزَّيْدِيَّة والْأَوْزَاعِيّ وعمر وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب رفع يديه حتى تجاوز كفَّاه منكبيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرفعهما حيال أذنيه. وعند الثَّوْرِيّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يرفع يديه حتى يكون إبهامه حذو أذنيه. وعند بعض أصحاب الحديث وَأَحْمَد أيضًا في رِوَايَة هو بالخيار بين أن يرفع يديه حذو منكبيه أو يرفع حيال أذنيه. وعند بعض الزَّيْدِيَّة يرفع يديه إلى الهامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء والمؤيد من الزَّيْدِيَّة أن المرأة كالرجل فى هذا الرفع. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة ترفع إلى حذاء صدرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين فمن بعدهم يأخذ كوعه الأيسر بكفه الأيمن، وبه قال مالك في رِوَايَة، والرِوَايَة الثانية عنه أنه مباح. وعند الحسن البصري وابن سِيرِينَ وابن الزبير يرسل يديه إرسالاً، وهو رِوَايَة أخرى عن مالك. وعند اللَّيْث بن سعد أنه يرسل يديه إلا أن يطيل القيام فيغير. وعند الْأَوْزَاعِيّ من شاء فعل، ومن شاء ترك. وعند الْإِمَامِيَّة يكره وضع الْيَمِين على الشمال في الصلاة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يضعهما تحت صدره وفوق سرته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق يجعلهما تحت سرته، وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة وَمَالِك في رِوَايَة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ فى ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يستحب أن يكون نظره في جميع صلاته إلى موضع سجوده. وعند مالك ينظر أمام قبلته. وعند شريك بن عبد اللَّه ينظر في القيام إلى موضع سجوده، وفي الركوع إلى قدميه، وفي السجود إلى أنفه، وفي القعود إلى حجره، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يسن أن يأتي بدعاء الاستفتاح عقب الإحرام، وهو قوله: "وجهت وجهي للذى فطر السماوات والأرض .. إلى آخره"، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الباقر والصادق والمؤيد وزيد بن علي. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والقاسم ويَحْيَى وأبي طالب وأبي عبد الله الداعي يفتتح قبل التكبير. وعند مالك لا يسن ذلك، بل يكبر ويفتتح القراءة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وعمر وابن مسعود ومُحَمَّد بن الحسن السنة أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك. وعند أَبِي يُوسُفَ وجماعة من الشَّافِعِيَّة يسن أن يجمع بين هذا الدعاء وبين ما قبله. وعند أَحْمَد بن عيسى والقاسم من الزَّيْدِيَّة أنه يخير بينهما. وعند جماعة منهم أبو ثور يقول بعد التكبير: الله أكبر كبيرًا والحمد للَّهِ كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلاً. وعند الْإِمَامِيَّة يستحب استفتاح الصلاة بسبع تكبيرات يفصل بينهن بتسبيح وذكر للَّهِ تعالى فهو مسطور، وهو من السنن الذكور عندهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يسن أن يتعوذ قبل القراءة وبعد دعاء الاستفتاح. وعند النَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ وأبي هريرة يتعوذ بعد القراءة وعند مالك لا يتعوذ إلا في قيام رمضان بعد القراءة. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: التعوذ بعد الافتتاح كقول الشَّافِعِيّ، وقال يَحْيَى: قبل الافتتاح. وحاصل مذهبهم: أنه يقرأ وجهت وجهي ثم يتعوذ ثم ينوي ويكبر. وعند يَحْيَى منهم يؤذن ويقيم، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم، ثم يقرأ وجهت وجهي ثم ينوي ويكبر. وعند القاسم منهم يقرأ وجهت وجهي، ثم ينوي ويكبر، ثم يتعوذ، ثم يقرأ فاتحة الكتاب. وعند المؤيد كقول الشَّافِعِيّ، وهو أن يؤذن ويقيم، ثم ينوي ويكبر، ثم يقرأ وجهت وجهي، ثم يتعوذ، ثم يقرأ فاتحة الكتاب.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن صفة التعوذ أن يقول: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم. وعند الثَّوْرِيّ يقول: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم. وعند الحسن بن صالح وابن سِيرِينَ يقول: أعوذ باللَّه السميع العليم من الشيطان الرجيم. وعند أحمد يقول: أعوذ باللَّهِ السميع العليم من الشيطان الرجيم إنه هو السميع العليم. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أنه يتعوذ في كل ركعة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وابن سِيرِينَ، وهو في الأولى آكد. والثاني لا يتعوذ إلا في الأولى، وقطع به الشيخ أبو إِسْحَاق في التنبيه، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك قراءة فاتحة الكتاب فرض فى الصلاة، وبه قال عمر وابن عَبَّاسٍ وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين وعثمان بن أبي العاص وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وخوّاتُ بن جبير وغيرهم. وعند الحسن بن صالح والأصم القراءة في الصلاة سنة ولا تجب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه القراءة واجبة في الصلاة، إلا أنها لا تتعين. واختلفوا في ما يجزئه منها، فالمشهور من مذهبه أن الواجب آية طويلة أو قصيرة ورُوِيَ عنه ما يقع عليه اسم القراءة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إن قرأ آية طويلة كآية الكرسي، أو آية الدين أجزأه، وإن كانت قصيرة لم يجزئه إلا ثلاث آيات وعند أبي العالية الرياحي أنه تجزئه آية قصيرة كـ (مُدْهَامَّتَانِ). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعَطَاء والزُّهْرِيّ وإِسْحَاق وعبد الله بن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه يجب أن يبتدئ القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، وهي آية من الفاتحة، ومن وسط النمل، وليست آية من أول براءة، وهل هي آية من أول كل سورة غير ما ذكرناه؟ فيه خلاف في مذهب الشَّافِعِيّ، والصحيح أنها آية في كل سورة. وعلى هذا هل هي آية مستقلة بنفسها أو بانضمام شيء إليها من تلك السورة؟ فيه وجهان. إذا قلنا إنها آية مستقلة. وأما بانضمام شيء إليها فهل ذلك على سبيل القطع

أو على سبيل الحكم؟ وجهان. فإن قلنا على سبيل القطع كفَّرنا رادها، وإن قلنا على سبيل الحكم فسَّقناه لا غير. هذا تحقيق مذهب الشَّافِعِيّ. وكان ابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد بن حنبل والفراء وابن عباس يقولون: من ترك بسم اللَّه الرحمن الرحيم فقد ترك مائة آية وثلاث عشرة آية من القرآن. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنها ليست من القرآن، إلا في سورة النمل فإنها بعض آية منها، وفي سائر السور إنما ذكرت تبركًا بها، ولا تقرأ في الصلاة إلا في قيام رمضان فإنها تقرأ في ابتداء السورة بعد الفاتحة، ولا تقرأ في ابتداء الفاتحة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه أنها ليست بآية من الفاتحة، وليست شرطًا في صحة الصلاة؛ لأن القراءة لا تتعين عندهم، إلا أنه يستحب له قراءتها في نفسه سرًّا. واختلف أصحابه في مذهبه، فقال بعضهم: مذهبه كمذهب مالك وأنها ليست من القرآن إلا في النمل بعض آية، وهو الظاهر من مذهبه وقال بعضهم: مذهبه أنها آية تامة في كل موضع ذكرت فيه، إلا أنها ليست من السورة، ويختارون هذا ويناظرون عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعبد الله بن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عَبَّاسٍ وإحدى الروايتين عن عمر وابن الزبير، وبه قال عَطَاء وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير أنه يجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم في أول الفاتحة، وفي أول السورة فيما يجهر به من القراءة في الصلاة ويسر بها فيما يسر بالقراءة في الصلاة، وإلى هذا كان يميل إِسْحَاق ابن راهويه. وعند الشَّافِعِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعلي وابن مسعود وعمار وأبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم ومن بعدهم من التابعين وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وبه قال أَحْمَد إلا أنه يقول هي من القرآن ولكن يسر بها. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ لا يقرأها في الصلاة، لأنها ليست من القرآن عندهما، إلا في النمل فإنها بعض آية منها.

وعند ابن أبي ليلى والحكم وإِسْحَاق إن جهر بها فحسن، وإن أسر بها فحسن. وعند النَّخَعِيّ الجهر بها بدعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وَأَحْمَد وابن أبي أوفى وداود أن التأمين عقب الفاتحة يسن لكل قارئ للفاتحة، سواء كان في الصلاة أو في غيرها، وسواء كان إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا، وبه قال غير واحد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وَأَحْمَد بن عيسى من الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يؤمن الإمام والمأموم. وعند مالك في رِوَايَة لا يؤمن الإمام، ويؤمن المأموم، وهي الأظهر عندهم. وعند الْإِمَامِيَّة يكره التأمين. وعند النَّاصِر وسائر الزَّيْدِيَّة تبطل الصلاة بالتأمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كانت الصلاة يجهر فيها جهر المنفرد والإمام بالتأمين قطعًا، وكذا المأموم على الصحيح. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه

يخفيه الإمام والمأموم. وعند مالك المأموم يقولها في نفسه، وفي رِوَايَة يخفيه الإمام. وعند عَطَاء وداود يجهر به الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعلي وجابر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تجب قراءة الفاتحة في كل ركعة. وعند مالك تجب القراءة على الإمام والمنفرد في معظم الصلاة. فإن كانت رباعية قرأ في ثلاث منها، وإن كانت ثلاثية قرأ في ركعتين، وإن كانت ركعتين قرأ فيهما. وروى عنه أيضًا كقول الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد في رِوَايَة القراءة إنما تجب في الركعتين الأولتين، فأمَّا الأخرتان فهو فيهما بالخيار إن شاء قرأ، وإن شاء سبَّح أو سكت، فإن لم يقرأ في الأولتين قرأ في الأخرتين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي. وعند علي أنه يقرأ في الأولتين ويسبح في الأخرتين، وبه قال النَّخَعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة تجب القراءة في الركعتين الأولتين، ويتخير في الركعتين الأخرتين بين القراءة والتسبيح. واختلفت الزَّيْدِيَّة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية، والثالثة من الثلاثية: فقال النَّاصِر والمؤيد: يستحب قراءة الفاتحة فى ذلك، وهو أولى من التسبيح. قال الباقر أيضًا إنما إن سبح في ذلك. وعند أحمد والحسن البصري وبعض أهل الظاهر تجب القراءة في الصلاة في ركعة واحدة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإحمد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأكثر الصحابة والتابعين

تجب القراءة على المأموم خلف الإمام في الصلاة السرية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب عليه القراءة خلف الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية على الجديد الصحيح، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ وابن عون وأبو ثور والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومالك، هكذا نقله الترمذي في جامعه، وبهذا قال جماعة من الصحابة والتابعين. وفي القديم: لا تجب عليه القراءة، وهو قول مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وسفيان بن عيينة وابن مسعود وابن عمر وأنس وسائر الزَّيْدِيَّة أنه لا يجب على المأموم القراءة، سواء كانت سرية أو جهرية، وبه قال أحمد أيضًا. فإن قلنا: إن القراءة لا تجب على المأموم استحب له أن يقرأ فيما لا يجهر فيه الإمام خاصة، وبه قال مالك. وقال أبو حَنِيفَةَ لا يستحب له القراءة أصلاً، فإن قرأ، قال أبو عبد الله الداعي من الزَّيْدِيَّة: بطلت صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وعامة الفقهاء لا يقوم تفسير القراءة ولا

العبارة عنها بالفارسية مقامها، ولا تجزه في الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ المصلي بالخيار إن شاء قرأ القرآن، وإن شاء قرأ معنى القرآن وتفسيره بالعربية أو الفارسية وغير ذلك، سواء كان يحسن القراءة أم لا يحسنها. واختلف أصحابه إذا قرأ المصلي معنى القرآن وتفسيره هل يكون قد قرأ القرآن؟ فمنهم من قال: إذا قرأ معنى القرآن فقد قرأ القرآن، وعلى هذا يناظرون. ومنهم من قال: لا يكون قرأ القرآن، وإنما يكون في الحكم يقوم مقامه. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إن كان المصلي يحسن القرآن لم يجز أن يقرأ معنى القرآن، وإن كان لا يحسنه جاز أن يقرأ معناه، ومعبر عن القرآن بعبارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان لا يحسن شيئًا من الفاتحة ولا من غيرها فإنه يأتي مكانها بالذكر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه ويقوم ساكتًا. وعند مالك لا يلزمه الذكر ولا القيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يسن بعد الفاتحة قراءة سورة. وعند عمر ابن الخطاب تجب القراءة بعد الفاتحة وأقله ثلاث آيات. وعند سائر الزَّيْدِيَّة تجب سورة من المفصل، أو ثلاث آيات، وتجزئ آية طويلة كآية الدَّين. وعند عثمان بن أبي العاص تجب القراءة بعد الفاتحة، وأقله ما يقع عليه الاسم. وعند الْإِمَامِيَّة تجب قراءة السورة

بعد الفاتحة. وعندهم أيضًا إذا ابتدأ بسورة الإخلاص، أو بـ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) كره له الرجوع إلى غيرهما، وإن كان له أن يرجع عن كل سورة إلى غيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وسائر العلماء المستحب في صلاة الصبح أن يقرأ بطوال المفصل، وهو السبع الأخير من القرآن، مثل الحجرات وقاف والواقعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقرأ في الأولى من ثلاثين آية إلى ستين آية، وفي الثانية من عشرين إلى ثلاثين آية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي حنيفة أنه يقرأ في الظهر مثل ما يقرأ في الصبح. وعند الشَّافِعِيّ يقرأ في العصر والعشاء بأوساط المفصل كسورة "الجمعة" والمنافقون، وما أشبه ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقرأ في العصر في الأولتين في كل ركعة بعد الفاتحة عشرين آية وكذا في العشاء. وعند أَحْمَد يقرأ خمسة عشر آية، وذلك نحو قول الشَّافِعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة يستحب أن يقرأ ليلة الجمعة بسورة الجمعة وسبح اسم ربك الأعلى في المغرب وفي العشاء الآخرة، وفي صلاة الغداة بالجمعة وسورة وفي الظهر والعصر إذا صلاهما من غير قصر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تكره القراءة المنكوسة في الصلاة، كما إذا قرأ فى المغرب في الركعة الأولى بعد الفاتحة بالإخلاص ثم يقرأ بعد الفاتحة في الثانية بـ قل يا

أيها الكافرون. وعند علي والزَّيْدِيَّة أن هذه القراءة على هذا الوضع لا تكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في استحباب قراءة السورة بعد فيما زاد على الركعتين قَوْلَانِ: القديم: وهو الصحيح لا يستحب، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والجديد: يستحب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يسوِّي بين الركعات في القراءة ولا يفضل أولى على ثانية، ويستحب في الآخر من الحذف والإيجاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يستحب أن يطيل الأولى على الثانية في الفجر خاصة. وعند الثَّوْرِيّ ومُحَمَّد يستحب فى جميع الصلوات تطويل كل ركعة على التي بعدها، وهو قول الماسرجسي من الشَّافِعِيَّة. وعند أَحْمَد يطيل في الأولتين من الظهر والعصر، ويطيل الأولى من الفجر على الثانية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز في الصلاة قراءة الآية أو السورة التي فيها سجدة من السجدات. وعند مالك يكره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقرأ ذلك فيما يجهر به من الصلوات دون ما لا يجهر فيه. وعند الْإِمَامِيَّة يمنع في صلاة الفريضة من القراءة بعزائم السجود، وهي سجدة لقمان، وسجدة الحواميم، وسورة النجم، وسورة العلق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للمنفرد أن يجهر بالقراءة في الصبح، والأولتين من المغرب، والأولتين من العشاء، ويسر فيما سوى ذلك من الصلوات الخمس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد الله الداعي والمؤيد. وادعى صاحب البيان الإجماع في ذلك، وليس كما ادعى، بل عند أَبِي حَنِيفَةَ أنه لا يسن له الجهر في ذلك. وعند ابن أبي ليلى، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى يجب الجهر والمخافتة في ركعة واحدة، إمامًا كان أو

منفردًا إذا كان ذلك أو قضاء. وقال الداعي منهم: لو ترك الجهر في موضع الجهر والمخافتة في موضعها بطلت صلاته عند يَحْيَى. مسألة: الصحيح من الوجهين في مذهب الشَّافِعِيّ أن فائتة الليل والمقضية بالنهار أنه يسر بها. والثاني: أنه يجهر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ في الإمام وأبو ثور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن فائتة الليل المقضية بالليل يجهر فيها. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن شاء جهر، وإن شاء أسر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وجابر بن عبد الله ومن بعدهم من التابعين وعامة الفقهاء والعلماء يستحب التكبير في كل خفض ورفع إلا عند الرفع من الركوع فإنه يقول سمع اللَّه لمن حمده. وعند سعيد ابن جبير وعمر بن عبد العزيز والقاسم وسالم لا يكبر إلا عند الافتتاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وابن الْمُبَارَك وبعض العلماء من الصحابة ومنهم ابن عمر وجابر بن عبد الله وأبو هريرة وأنس وابن عَبَّاسٍ وابن الزبير، ومن التابعين الحسن البصري وعَطَاء وطاوس ومجاهد ونافع وسالم بن عبد الله وسعيد بن جبير وغيرهم يستحب أن يرفع يديه حذو منكبيه في هذا التكبير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والثَّوْرِيّ لا يرفع يديه إلا في تكبيرة الافتتاح. وعند

مالك في ذلك رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وداود تجب الطمأنينة في الركوع والسجود، وهو أن يلبث بعد أن بلغ حد الإجزاء لبثًا ما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب الطمأنينة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر أكمل الركوع أن يقبض على ركبتيه بيديه، ويفرق أصابعه، ويجافي مرفقيه عن جنبيه، ويمد ظهره وعنقه، ولا يقنع رأسه، ولا يخفضه، ولا يطبق يديه بين ركبتيه. وعند ابن مسعود والأسود بن يزيد وعبد الرحمن بن الأسود وشريك وأبي عبيدة يطبق بين يديه ويجعلهما بين ركبتيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثًا. وعند الحسن البصري يقول خمسًا أو سبعًا. وعند الثَّوْرِيّ يقول الإمام ذلك خَمسًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب التسبيح في الركوع والسجود، وهو قول كافة أهل العلم. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة التسبيح واجب مرة واحدة، وكذلك التكبيرات، وكذلك سمع الله لمن حمده ورب اغفر لي ما بين السجدتين، فإن تركه ناسيًا لم تبطل صلاته، إلا أن يكون عامدًا، وبه قال داود، إلا أنه قال: إذا تركه لم تبطل صلاته وإن كان عامدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأولى أن يقول سبحان ربي العظيم وبحمده، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى والقاسم والصادق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يقول وبحمده، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد باللَّه وزيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب إذا رفع رأسه من الركوع أن يعتدل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب، بل لو انحط من الركوع إلى السجود أجزأه. واختلف أصحاب مالك في مذهبه فمنهم من قال: هو واجب عنده كقول الشَّافِعِيّ. ومنهم من قال: مذهبه أنه ليس بواجب عنده كقول أَبِي حَنِيفَةَ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء ومُحَمَّد بن سِيرِينَ وإِسْحَاق بن راهويه يستحب للإمام والمأموم عند الرفع من الركوع أن يقول سمع اللَّه لمن حمده، وعند الاستواء ربنا لك الحمد ملء السموات إلى آخر الدعاء المشهور. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الإمام يقول: سمع الله لمن حمده لا يزيد عليه، والمأموم يقول ربنا لك الحمد، ولا يقول سمع اللَّه لمن حمده، واختاره ابن المنذر. واختلف الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر وزيد بن علي يجمع بين قوله سمع الله لمن حمده وقوله ربنا لك الحمد إمامًا كان أو منفردًا، إن كان مؤتمًا اقتصر على قوله ربنا لك الحمد. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يقتصر على قوله سمع الله لمن حمده، إلا المؤتم فإنه لا يقول ذلك، ولكن يقتصر على قوله ربنا لك الحمد. واختلف النقل عن الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومحمد، فنقل صاحب الشامل والدر الشفاف عنهم أن الإمام يقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، والمأموم يقول ربنا لك الحمد لا يزيد عليه. ونقل عنهم صاحب البيان فقال: إن الإمام يأتي بهما، والمأموم يقتصر على قوله سمع اللَّه لمن حمده. ونقل عنهم الشاشي فقال: الإمام لا يزيد على قوله سمع اللَّه لمن حمده، ولا يزيد على قوله ربنا لك الحمد. ونقل عنهم صاحب المعتمد أن الإمام يأتي بهما، والمأموم يقتصر على قوله ربنا لك الحمد. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب الشامل والمعتمد موافقة أَبِي حَنِيفَةَ، ونقل عنه صاحب البيان موافقة الْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وموافقوهما. ونقل الشاشي عن أَحْمَد وَمَالِك موافقة أَبِي حَنِيفَةَ فيما نقلناه عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يمد التكبير من ابتداء انحنائه إلى السجود حتى تكون آخر تكبيره مع أول السجود على الأصح. والقول الثاني: أنه لا يمد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن الخطاب وابن عمر والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه َوَأَحْمَد وإِسْحَاق والنَّخَعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب أن يكون أول ما وقع منه على الأرض فى السجود ركبتاه، ثم يداه، ثم جبهته وأنفه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يستحب أن يضع يديه ثم ركبتيه. وعند مالك وأصحابه إن شاء وضع اليدين أولا، وإن شاء وضع الركبتين أولاً، ووضع اليدين أحسن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يستحب أن يقول في سجوده سبحان ربي الأعلى، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي والمؤيد. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة وهم النَّاصِر ويَحْيَى

والقاسم والصادق يقول سبحان ربي الأعلى وبحمده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك والثَّوْرِيّ والحسن وابن سِيرِينَ وعَطَاء وطاوس وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إن اقتصر في السجود على الجبهة دون الأنف أجزأه. وعند الْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق وَأَحْمَد في رِوَايَة وسعيد بن جبير وعكرمة والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وابن أبي ليلى يجب السجود عليهما، ولا يجوز الاقتصار على أحدهما. قال ابن المنذر: ولا أعلم أحدًا سبقه بهذا القول ولا قال به أحد بعده، لهذا قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الاقتصار على الأنف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يكره السجود على المنسوج واللبود، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد والمؤيد. وعند يَحْيَى منهم يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر وعبادة بن الصامت وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجزئه السجود على حائل متصل به مثل كور عمامته، أو طرف منديله أو ذيله أو كفّه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق والحسن ومَكْحُول وعبد الرحمن بن يزيد وشريح وعمر وعَطَاء وطاوس وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجزئه السجود على ذلك. واختلف النقل عن مالك َوَأَحْمَد، فنُقِلَ في البيان عنهما كقول الشَّافِعِيّ، ونقل صاحب الشامل والمعتمد والشاشي عنهما كقول أَبِي حَنِيفَةَ. وعند الزَّيْدِيَّة لا يجوز السجود على كور العمامة، فإن خشي من الحرِّ والبرد وثنى طرف العمامة، أو أرسل طرفها على الجبهة عند السجود فله ذلك، وأما إذا ثنى طرفيها واسترسل على الجبهة من غير عذر فسدت صلاته عند النَّاصِر، وعند المؤيد لا تفسد ولو كان لغير عذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب السجود على اليدين والركبتين والقدمين قَوْلَانِ: أحدهما لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأكثر الفقهاء. والثاني يجب، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق ومَسْرُوق وسليمان بن داود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب كشف الكفين في السجود قَوْلَانِ: أحدهما لا يجب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب الطمأنينة في السجود، وهو أن يلبث لبثًا مَا. وعند أبي حَنِيفَةَ لا تجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْإِمَامِيَّة يرفع رأسه من السجود مكبرًا حتى يعتدل

جالسًا، ويجب عليه الطمأنينة في هذا الاعتدال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب عليه الطمأنينة فيه، فمتى رفع رأسه رفعًا ما أجزأه، حتى حكى عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه قال لو رفع جبهته بقدر ما يدخل بين جبهته والأرض سمك سيف أجزأه. ومالك يعتبر ما كان أقربه إلى الجلوس، وكذلك يقول في الاعتدال في الركوع ما كان أقربه إلى القيام. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هل الأفضل كثرة الركوع والسجود أم القيام أفضل منهما؟ فيه خلاف. وعند إِسْحَاق هما بالنهار أفضل من القيام، وبالليل هو أفضل منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره الإقعاء في الجلوس، وبه قال على وابن عمر وأبو هريرة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند العبادلة عبد الله بن عمر وعبد الله بن العبَّاس وعبد الله بن الزبير أنه من السنة، وبه قال نافع وطاوس ومجاهد وعَطَاء وسالم. وقال أحمد: أهل مكة يفعلونه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وَأَحْمَد وإِسْحَاق يسن أن يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لي وارحمني وأجبُرني وارفعنى واهدني وارزقني واهدني للسبيل الأقوم وعافني، هكذا ورد به الحديث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس فيه ذكر مسنون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تسن جلسة الاستراحة على أصح القولين، وبه قال بعض

العلماء. والثاني لا تسن، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند الزَّيْدِيَّة هو بالخيار إن شاء جلس للاستراحة، وإن شاء لم يجلس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعمر بن عبد العزيز وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق يستحب إذا أراد القيام إلى الركعة الثانية إما من السجدة الثانية وإما من جلسة الاستراحة أن يقوم معتمدًا على الأرض بيديه. وعند الثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وعلي وابن مسعود رضي الله عنهما وَأَحْمَد أنه لا يعتمد على الأرض بيديه، وإنَّما يعتمد على صدور قدميه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة أهل العلم أن التشهد الأول

والجلوس فيه سنتان. وعند اللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود وأَبِي ثَورٍ والْإِمَامِيَّة هما واجبان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الجلسات في الصلاة أربع، وهن: الجلسة بين السجدتين، وجلسة الاستراحة، والجلسة للتشهد الأول، والجلسة للتشهد الأخير. والسنة عنده في الثلاث الأول أن يجلس مفترشًا، وهو أن يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها ويفضي ببطون أصابعه إلى الأرض. وفي الجلسة الأخيرة يتورك، وهو أن يخرج رجله اليسرى من تحت وركه ويفضي بمقعدته إلى الأرض وينصب قدمه اليمنى، وهو قول أحمد وإِسْحَاق ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك السنة أن يتورك في جميعها. وعند الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ السنة أن يفترش في جميعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ الأفضل أن يتشهد بالمروي عن ابن عَبَّاسٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو: التحيات الْمُبَارَكات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وَأَحْمَد وابن الْمُبَارَك وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين الأفضل أن يتشهد بالمروي عن ابن

مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو: التحيات لله والصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وعند مالك الأفضل أن يتشهد بالمروي عن عمر بن الخطاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو: التحيات لله الزاكيات لله الطيبات للَّه الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله. وعند الزَّيْدِيَّة المختار أن يتشهد بالمروي عن على - رضي الله عنه - وهو بسم الله وخير الأسماء كلها لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإلى رسوله التحيات للَّهِ والصلوات والطيبات الطاهرات الزاكيات الغاديات الرائحات الناميات الحسيبات الْمُبَارَكات للَّه ما طاب وزكى وطهر وما خبث فلغيره اللهم صل على مُحَمَّد وعلى آل مُحَمَّد إلى آخره. واختلف النقل عن الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد، فنقل عنهما الشاشي كقول الشَّافِعِيّ، ونقل عنهما صاحب المعتمد والبيان كقول أَبِي حَنِيفَةَ. ولا خلاف بين العلماء أن له أن يتشهد بما أحب من هذه التشهدات، وإنما الخلاف في الأفضل لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه أن التسمية قبل التشهد ليست بمستحبة. وعند عمر وابن عمر وأبي داود السجستاني ويَحْيَى بن سعيد وهشام وعلى أنها تستحب، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في استحباب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأول قَوْلَانِ: أحدهما لا يستحب، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وعَطَاء والنَّخَعِيّ والشعبي وإِسْحَاق. والثاني يسن، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يدعو في التشهد الأول بل يقتصر على التشهد لا غير. وعند مالك وابن عمر يدعو بما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قام إلى الثالثة ابتدأ بالتكبير من ابتداء القيام ويمده إلى حال استواءه. وعند مالك أنه لا يكبر حتى يستوى قائمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره تقديم إحدى رجليه عند النهوض في الصلاة. وعند مالك لا بأس به. وعند مجاهد وإِسْحَاق أنه يرخص في ذلك للشيخ الكبير.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والحسن البصري والشعبي وعمر وابن عمر وأبي مسعود البدري أن التشهد الأخير والجلوس فيه والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - واجب، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وسعيد بن المسيب والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وعلي بن أبي طالب لا يجب شيء من ذلك، بل إذا فرغ من الركعة الأخيرة فقد تمت صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة أن التشهد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجبان، وبه قال أكثرهم في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما الجلوس فيجب منه بقدر قراءة التشهد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّخَعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يدعو في آخر التشهد الأخير قبيل السلام بما شاء من أمر الدِّين والدنيا، وبما يجوز أن يدعو به خارج الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يدعو إلا بالأدعية المأثورة أو ما شابه ألفاظ القرآن. ومن أصحابه من قال: ما لا يطلب إلا من الله يجوز أن يدعو به في الصلاة وما يجوز أن يطلب من المخلوقين إذا سأله من الله في الصلاة أفسدها وبه قال الحسن البصري، وروى عنه أنه أباح الدعاء في التطوع وكرهه في المكتوبة. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ يكره أن يدعو له باسمه في صلاته. وعند مالك والْإِمَامِيَّة يجوز الدعاء في الصلاة المكتوبة أين شاء المصلي فيها. وعن مالك أنه قال: لا بأس بالدعاء في الصلاة المكتوبة في أولها ووسطها وآخرها، وحكى ابن القاسم عنه أنه يكره الدعاء في الركوع، ولا يرى به بأسًا في السجود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأكثر أهل العلم أن السلام واجب في الصلاة لا تصح الصلاة إلا به، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه

والنَّخَعِيّ والنَّاصِر والمؤيد باللَّه من الزَّيْدِيَّة السلام ليس واجب، وإنما على المصلي إذا وقف قدر التشهد أن يخرج من الصلاة بما ينافيها من قيام أو كلام أو حدث أو سلام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وسائر الزَّيْدِيَّة وأكثر أهل العلم أن السلام من الصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة ليس هو من الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه إذا قال في السلام سلام عليكم لم يجزئه على الصحيح، وهو قول مالك. والثاني يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المصلي إذا كان في مسجد صغير ولا لغط هناك، أو كان منفردًا فقَوْلَانِ: الجديد الصحيح أنه يسن تسليمتان إحداهما عن يمينه والأخرى عن يساره، وبه قال أبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وعمار بن ياسر والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. والقول القديم: يسن تسليمة واحدة تلقاء وجهه، وبه قال ابن عمر وأنس وسلمة بن الأكوع وعائشة والحسن البصري وابن سِيرِينَ وعمر بن عبد العزيز وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة يسلم تسليمة واحدة مستقبل القبلة وينحرف بوجهه قليلًا إلى يمينه، وإن كان مأمومًا يسلم تسليمتين واحدة عن يمينه والأخرى عن شماله، إلا أن تكون جهه شماله خالية من أحد فيقتصر على التسليم عن يمينه، ولا يترك السلام على جهة يمينه على كل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأكثر أهل العلم الواجب تسليمة واحدة. وعند الحسن بن صالح وَأَحْمَد في أصح الروايتين عنه الواجب تسليمتان. وعند مالك

الاختيار للإمام، وللمنفرد الاقتصار على واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ التسليمة الثانية سنة، وهو رِوَايَة عن أحمد والرِوَايَة الثانية عنه أنها واجبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى والحسن بن صالح والخلفاء الأربعة وأنس وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن السنة القنوت في صلاة الصبح في جميع الدهر. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وابن مسعود وأبي الدرداء أنه لا يسن ذلك. وعند أَبِي يُوسُفَ إذا قنت الإمام فاقنت معه. وعند أَحْمَد أيضًا القنوت للأئمة يدعون للجيوش، فإن ذهب ذاهب إليه فلا بأس. وعند إِسْحَاق هو سنة عند

الحوادث لا تدعه الأئمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ محل القنوت في صلاة الصبح بعد الركوع في الثانية، وبعدما يقول سمع الله لمن حمده إلى آخره. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وابن أبي ليلى محله قبل الركوع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا صلى خلف من يقنت في الفجر تابعه في الدعاء، وهو التأمين. وأصحاب الشَّافِعِيّ يقولون: ما كان ثناء على الله فيباركه فيه، وما كان دعاء يُؤَمَّن عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسكت ولا يتابعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْإِمَامِيَّة يسن القنوت في صلوات الفرض للنوازل. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يسن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم لا يقنت في المغرب. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة، وهم النَّاصِر والباقر والصادق يقنت فيها في الركعة الثالثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء من الزَّيْدِيَّة وغيرهم لا يقنت في شيء من الصلوات التي يجهر فيها، ولا في صلاة الجمعة. وعند النَّاصِر عن الزَّيْدِيَّة يقنت في الصلوات التي يجهر فيها، وفي الجمعة، إلا في العتمة فإنه لا يقنت فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الدعاء في القنوت: اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخره. وعند مالك: اللهم إنا نستعينك إلى آخره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن وأَبِي يُوسُفَ يرفع يديه في القنوت. وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند مالك وسائر الزَّيْدِيَّة وبعض الشَّافِعِيَّة لا يرفع يديه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن المرأة كالرجل في أفعال الصلاة إلا في بعض الهيئات، وهو ما يكون في فعله ترك الستر، وقعودها كقعود الرجل. وعند الشعبي تجلس كما تيسر لها، وكان ابن عمر يأمر نساءه أن يجلسن متربعات في التشهد. * * *

باب صلاة التطوع

باب صلاة التطوع مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ السنن التابعة للفرائض غير الوتر ثماني ركعات: ركعتان قبل الصبح، وركعتان قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب. وعند بعض أصحابه الزيادة على ذلك ركعتان بعد العشاء. وعند بعض أصحابه أيضًا زيادة على هذه العشر ركعتان قبل الظهر. وعند بعض أصحابه ثماني عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، وأربع بعدها، وركعتان قبل الصبح، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وأربع قبل العصر. واختلفت الزَّيْدِيَّة في ذلك فعند النَّاصِر أربع وثلاثون ركعة: ثماني ركعات قبل الظهر، وثمان بعدها، وأربع بعد المغرب، وثماني ركعات في جوف الليل، وثلاث ركعات الوتر، وركعتي الفجر، وركعتان من قعود بعد صلاة العتمة بعد أن يوتر بواحدة. فهذه مع الفرائض إحدى وخمسون ركعة، واختار هذا الباقر والصادق. وعند زيد بن علي خمسون ركعة لا غير. وعند سائر الزَّيْدِيَّة المؤكد من ذلك ركعتان بعد

الظهر، وركعتان بعد المغرب، وثلاث للوتر، وركعتا الفجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض الصحابة يسن ركعتين قبل صلاة المغرب بين الأذان والإقامة. وعند بعض الصحابة لا يسن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد وأكثر أهل العلم أن الوتر سنة، وليس بواجب ولا فرض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وحده أنه واجب، وليس بفرض؛ لأن الواجب عنده ما ثبت بدليل غير مقطوع به، والفرض ما ثبت بدليل مقطوع به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أقل الوتر ركعة، وأكثره إحدى عشرة ركعة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات. وعند مالك أقله ركعة، وليس لما بعدها من الشفع حد، وأقله ركعتان ويكره أن يوتر بثلاث ركعات بتسليمة، إلا أن يكون مع إمام فيوتر بوتره ولا يخالفه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وعمر وعلي وأبي بن كعب وأنس وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وأبي أمامة وعمر بن عبد العزيز الوتر ثلاث لا يسلم إلا في الأخيرة، ولا تجوز الزيادة عليها ولا النقصان، وعند أَحْمَد أقله ركعة، وأفضله ثلاث

ويفصل بينهما سلام، فإن أوتر بأكثر من ذلك من أربع أو ست أو تسع أو نحو ذلك لم يجلس إلا في الأخيرة، ثم يجلس ويسلم ويوتر بواحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وابن عمر الأفضل أن يفصل بين ركعة الوتر وما قبلها من الشفع. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن فصل بينهما فحسن، وإن لم يفصل فحسن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يفصل بين الركعة والركعتين. وعند مالك في الإمام الذي يوتر بالناس في رمضان بثلاث لا يسلم أرى أن يصلي خلفه ولا يفارقه. وقال مالك: كنت مرة أصلى معهم فإذا كان الوتر انصرفت فلم أوتر معهم. وعندي أنه إن كان لا يتهجد فالأولى أن يصلي مع الإمام، وإن كان يتهجد فالأولى أن لا يصلي معه. وعند ابن المنذر يوتر معه بكل حال، وهذا أحب إلى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ السنة القراءة في الوتر في الأولى بعد الفاتحة بـ (سبح اسم ربك الأعلى)، وفي الثانية بعد الفاتحة بـ (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثالثة بعد الفاتحة بـ (قل هو الله أحد) والمعوذتين. وعند مالك ليس في الشفع قراءة معينة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقرأ

المعوذتين بل يقتصر على سورة الإخلاص. وعند الزَّيْدِيَّة يقرأ سورة الإخلاص في كل ركعة بعد الفاتحة ثلاث مرات، إلا في الركعة الثالثة فإنه يقرأها خمسًا، فإن قرأها مرة فى كل ركعة أجزأه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر وأبي بن كعب وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ السنة أن يقنت في الركعة الأخيرة من الوتر في النصف الأخير من رمضان لا غير. وروى أيضًا عن أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك يقنت فى الوتر في جميع السنة، وهو قول الزبيري من الشَّافِعِيَّة، وبه قال الحسن والنَّخَعِيّ وإِسْحَاق وأبو ثور وابن مسعود. وروى عن الحسن أنه لا يقنت في جميع السنة كلها، وهو قول قتادة. وروى عن ابن عمر رِوَايَة أخرى أنه لا يقنت في الوتر ولا في الصبح. وعند طاوس القنوت في الوتر بدعة. وعند مالك في رِوَايَة لا يقنت في الوتر. وعند مالك في رِوَايَة لا يسن في رمضان.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك المستحب أن يقنت فيه بالمروي في الصبح، وهو اللهم اهدنا فيمن هديت إلى آخره، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق والمؤيد. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة لا يقنت في شيء من الصلوات إلا بآية من القرآن. وعند أبي حَنِيفَةَ يقنت في الوتر بسورتين في القنوت. مسألة: نص الشَّافِعِيّ على أن محل هذا القنوت بعد الركوع، وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأيوب السختياني وَأَحْمَد. والوجه الثاني محله قبل الركوع

وهو قول علي وابن مسعود وأبي موسى والبراء وأنس وابن عَبَّاسٍ وعبيدة السلماني وعمر بن عبد العزيز وحميد الطويل وعبد الرحمن بن أبي ليلى ومالك وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك إذا أوتر أول الليل ثم نام ثم قام للتهجد لا ينتقض وتره. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وعلي وابن عمر وكذا ابن عَبَّاسٍ في رِوَايَة أنه ينتقض الوتر فيصلي ركعة ويضيفها إلى الوتر ليصير شفعًا، ثم يتهجد، ثم يوتر بركعة بعد التهجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا اعتقد أنه صلى العشاء فأوتر، ثم ذكر أنه لم يكن صلى العشاء يعيد وتره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يعتد بما قد أوتره. وعنده أيضًا يجزئه إذا صلَّاه قبل العشاء عمدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وابن الْمُبَارَك أن التراويح عشرون ركعة بعشر تسليمات. وعند مالك وأهل المدينة وبعض العلماء هي ستة وثلاثون ركعة. ونقل الترمذي عن أَحْمَد أنه قال: نُقِلَ في هذا ألوان، ولم يقض

فيه بشيء. وعند الْإِمَامِيَّة يصلي في كل ليلة من رمضان عشرين ركعة: منها ثمان بعد صلاة المغرب، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الأخيرة. وإذا كان في ليلة تسع عشرة صلى مائة ركعة، ويعود في ليلة العشرين إلى الترتيب الذي تقدم. ويصلي في ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة، وفي ليلة اثنين وعشرين ثلاثين ركعة منها ثمان بعد المغرب، والباقي بعد العشاء، ويصلي في ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة، وفيما بقي من الشهر ثلاثين ركعة في كل ليلة على الترتيب الذي ذكرناه. ويصلي في كل يوم جمعة من الشهر عشر ركعات، أربع منها صلاة علي - عليه السلام - يقرأ في كل ركعة الفاتحة مرة، وسورة الإخلاص خمسين مرة، وركعتين من صلاة فاطمة - عليها السلام - وصفتها أن تقرأ في أول كل ركعة (الحمد) مرة، و (إنا أنزلناه في ليلة القدر) مائة مرة، وفى الثانية (الحمد) مرة وسورة الإخلاص مائة مرة، ثم يصلي أربع ركعات صلاة التسبيح، وتعرف بصلاة جعفر الطيار. وصفتها معروفة، ويصلي في كل آخر جمعة من الشهر عشرين ركعة من صلاة علي - عليه السلام - المتقدم صفتها. وفي ليلة آخر سبت من الشهر عشرين ركعة من صلاة فاطمة - عليها السلام - وقد مضى صفتها فيكمل له بذلك ألف ركعة. مسألة: الصحيح المنصوص في مذهب الشَّافِعِيّ إن فعلها جماعة أفضل، واختاره ابن الْمُبَارَك وَأَحْمَد وإِسْحَاق. والوجه الثاني فعلها في البيت أفضل، وهو قول مالك. والوجه الثالث إن لم يصبه كسل عن ذلك فالبيت أفضل، وإلا فالجماعة أفضل، وهو قول أَبِي يُوسُفَ. وعند الْإِمَامِيَّة يمنع من الاجتماع لهذه الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن آكد الراوتب ركعتا الفجر والوتر. وعند ابن عبد الحكم وأصبغ من أصحاب مالك أن ركعتي الفجر ليست بسنة، وإنَّما هي من الرغائب. وعند أشهب هما سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل الآكد ركعتا الفجر أو الوتر قَوْلَانِ: القديم ركعتا الفجر، وبه قال أحمد. والقول الجديد الصحيح أن الوتر آكد. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه الشاشي موافقة القول الجديد. ونقل عنه صاحب البيان موافقة القديم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره الكلام بعد ركعتي الفجر وإن لم يكن ذكرًا. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وجماعة من العلماء يكره الكلام بعد ركعتي الفجر إذا لم يكن الكلام ذكرًا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وبعض العلماء: الأربع التي قبل الظهر يفصل بينهم بالسلام. وعند الثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصليها بتسليم واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الأربع التي قبل العصر يفصل بينهن بالسلام. وعند إبراهيم النَّخَعِيّ لا يفصل بينهن بالتسليم، بل بالتشهد لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جزأ الليل ثلاثًا، فالثلث الأوسط أفضل. وعند مالك الجزء الأخير أفضل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الأفضل أن يسلم في الركعتين، سواء في ذلك صلاة الليل أو النهار، وهو قول أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وسيأتي خلاف أَبِي حَنِيفَةَ في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ تجوز صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، وثلاثًا وأربعًا، وخمسًا، وستًا، وأكثر بسلام واحد، إلى أي عدد شاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يصلي نوافل النهار مثنى مثنى، وأربعًا أربعًا، فإن زاد على ذلك بطلت صلاته، والأربع أفضل. ونوافل الليل مثنى مثنى، وأربعًا، وستًا، وثمانيًا، ولا تجوز الزيادة على ذلك، والأربع أفضل. وعند مالك لا تجوز الزيادة على ركعتين ليلاً كان أو نهارًا. وعند أبي يوسف ومُحَمَّد صلاة الليل مثنى مثنى. وعند الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق صلاة الليل ركعتين ركعتين، وبالنهار أربعًا. وثبت عن ابن عمر أنه كان يصلي بالنهار أربعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد يجوز أن يتطوع بواحدة لا غير. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وعمر وعلي وابن مسعود وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وابن عَبَّاسٍ وأبي ذر وجماعة من التابعين يكثر تعدادهم وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، واختاره ابن المنذر أنه يجوز التنفل وفعل الرواتب مع الفرائض في السفر. وعند ابن عمر وعلي بن الحسين وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب أنه لا يفعل ذلك في السفر، لا قبل الفريضة ولا بعدها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاته شيء من السنن الراتبة هل يقضيها قَوْلَانِ: أحدهما لا يقضي، وبه قال مالك. والثاني يقضي، وبه قال أَحْمَد في إحدى الروايتين، واختاره الْمُزَنِي، وهو الصحيح. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه صاحب البيان أنها تقضى، ونقل عنه صاحب المعتمد إن فاتت مع الفرائض قضيت، وإن فاتت وحدها فلا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وعمر وابن عمر وأبي هريرة إذا دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة لم يصلِّ التحية ولا غيرها من السنن. وعند ابن مسعود ومَسْرُوق ومَكْحُول والحسن ومجاهد وحماد أنه يصلي ذلك. وعند مالك إن لم يخف أن يفوته الإمام بركعة فليركع خارجًا قبل أن يدخل، وإن خاف فوات الركعة فليدخل مع الإمام. وعند الْأَوْزَاعِيّ وسعيد بن عبد العزيز اركعهما في ناحية المسجد ما تيقنت أنك تدرك الركعة الأخيرة، وإن خشيت فواتها فادخل مع الناس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا خاف فوات الركعة الثانية من صلاة الصبح اشتغل بركعتي الفجر خارج المسجد، ولا يصلي في المسجد خشية أن يحمل ذلك على الوهن عن الجماعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي صلاة الصبح حتى طلعت الشمس صلى ركعتي السنة ثم صلى الصبح. وعند مالك يبدأ بالفرض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن صلى الفرض ولم يكن صلى ركعتي السنة فذكرهما بعد ذلك فلا قضاء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وقت ركعتي الفجر من طلوع الفجر الثاني، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والباقر والصادق وقتهما من طلوع الفجر الأول. وقبل طلوع الفجر الثاني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك إذا فاتته سنة الصبح يصليهما بعد الصبح، ويمتد وقتها إلى الزوال، وبه قال ابن عمر والقاسم بن محمد، ومن أصحابه من قال: يمتد وقتها إلى طلوع الشمس. وعند مالك إن شاء قضاهما إلى نصف النهار، وإن شاء تركهما ولا يقضيهما بعد الزوال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أحب قضاهما عند ارتفاع الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة وقت الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني، فمن أخَّره إلى طلوع الفجر فقد فاته، فيأتي به قضاء. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأيوب السختياني وحميد الطويل وابن عمر وعبادة بن الصامت وأبي الدرداء وحذيفة وعائشة وابن عَبَّاس أنه يوتر بعد طلوع الفجر. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق والحسن والنَّخَعِيّ والشعبي يوتر ما لم يصل الصبح. وعند طاوس وسعيد بن جبير يوتر وإن صلى الصبح. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والصادق والباقر أن وقته من ثلث الليل إلى طلوع الفجر الثاني، وبه قالت الْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي الوتر فذكره وهو في صلاة الصبح مضى في صلاته

وأتى به بعد فراغه من الصلاة. وعند الحسن البصري وَمَالِك ينصرف فيوتر ثم يصلي الصبح، وكذا يفعل إن كان خلف الإمام. مسألة: إذا قلنا محل القنوت قبل الركوع ففي مذهب الشَّافِعِيّ أنه يكبر إذا فرغ من القراءة، ثم يقنت ويكبر للركوع بعده، وبه قال علي وابن مسعود والبراء بن عازب. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد لا يكبر قبل القنوت. وعند سعيد بن جبير أنه يقنت بعد الركوع فى الوتر ويكبر قبل القنوت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يستحب رفع اليدين في هذا القنوت، وهو قول عمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود. وعند مالك بن أنس وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ ويزيد بن أبي مريم أنه لا يرفع اليد فيه. وعند الْأَوْزَاعِيّ أيضًا إن شئت فأشر بأصبعيك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي هذا القنوت سجد للسهو. وعند حماد بن أبي سُليمان وَمَالِك وإسماعيل بن علية لا يسجد. وعند أَحْمَد إن كان ممن تعود القنوت سجد للسهو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس بعد الوتر صلاة. وعند أَحْمَد إن صلى ركعتين بعده فلا أضيق عليه. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن شاء صلاهما، واختاره ابن المنذر. ومن الشَّافِعِيَّة صاحب المعتمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وبعض الصحابة يجوز الوتر على الراحلة. وعند بعض أهل الكوفة. وبعض العلماء لا يجوز ذلك على الراحلة، بل ينزل عنها ويوتر على الأرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز التنفل بركعة واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. * * *

باب سجود التلاوة

باب سجود التلاوة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد وكافة العلماء أن سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق هو واجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من سمع القارئ من غير استماع لا يتأكد السجود في حقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ السامع والمستمع سواء في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا قرأت المرأة السجدة لم يسجد الرجل، ولو قرأ الرجل سجدت المرأة. وعند النَّخَعِيّ يسجد الرجل لقراءة المرأة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان القارئ في الصلاة والمستمع خارجها لم يسجد المستمع معه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان القارئ خارج الصلاة والمستمع في الصلاة لم يسجد

المستمع لذلك بعد فراغه من الصلاة. وعند الحكم وحماد يسجد. وعند النَّخَعِيّ يسجد إلا أن يكون ساجدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن سِيرِينَ يسجد إذا فرغ من الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استمع المتطهر لقراءة المحدث لم يسجد المستمع. وعند أبي حَنِيفَةَ يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سجد للتلاوة في مجلس، ثم أعاد تلك السجدة في ذلك المجلس سجد على الأصح. والثاني لا يسجد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قرأ صبي أو كافر آية سجدة لم يسجد المستمع. وعند أبي حَنِيفَةَ يسجد، قلت: وفيما ذكره الشَّافِعِيّ في الصبي إشكال من حيث أنه يسن له التطوع بالصلاة وتصح إمامته، فكيف لا يسن له ولمن سمعه السجود، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قرأ آية السجدة في الصلاة فلم يسجد حتى خرج منها قضى السجود. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقضيه. قلت: وفيما ذكره الشَّافِعِيّ إشكال من حيث أنه لابد من النظر إلى طول الزمان وقصره، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره للإمام قراءة آية السجدة في الصلاة. وعند مالك يكره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يكره في السرية دون الجهرية، حتى قال أحمد: لو أسر

بها لم يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الجديد الصحيح أن سجدات التلاوة أربع عشرة سجدة، وبه قال أَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وهو رِوَايَة عن مالك. وفي القديم أنها إحدى عشرة سجدة، ولم تثبت سجدات المفصل، وبه قال مالك في الرِوَايَة الأخرى وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن. وعند علي وابن مسعود أربع سجدات من العزائم، سجدتان في الحج وآخر النجم وآخر العلق. وعند ابن عَبَّاسٍ السجدات عشر فأسقط، سجدة (ص) من الأحد عشرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وابن الْمُبَارَك وإِسْحَاق وعمر وابن عمر في الحج

سجدتان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وسعيد بن جبير والحسن والنَّخَعِيّ وجابر ابن زيد وَمَالِك ليس فيها إلا سجدة واحدة، وهي الأولى، وأسقطوا الثانية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن مواضع السجود من هذه السجدات معروفة لا خلاف فيها إلا سجدة (حم) فإن أبا حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومالكًا وابن عَبَّاسٍ وكذا الثَّوْرِيّ في إحدى الروايتين عنه وأهل المدينة وابن عمر والحسن فإنهم قالوا: إنها (ص) عند قوله (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود سجدة (ص) ليست من عزائم السجود، وإنَّما هي سجدة شكر. وعند الثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وكذا أَحْمَد هي من عزائم السجود في رِوَايَة. وعند إِسْحَاق سجدات التلاوة خمس عشرة، وعدَّ سجدة (ص) منها عند

قوله: (وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)، واختاره ابن سريج وأبو إِسْحَاق المروزي الشَّافِعِيّين وأكثر العلماء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هي من عزائم السجود، وعزائم السجود عنده أربع عشرة سجدة فأسقط الثانية من الحج، وجعل هذه من عزائم السجود. وعند أَبِي ثَورٍ سجدات التلاوة أربع عشرة سجدة فعد سجدة (ص) ولم يعد سجدة النجم. وعند مالك أنها إحدى عشرة كما ذكرنا عنه، إلا أنه أسقط الثانية من الحج وجعل عوضها سجدة (ص). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والحسن البصري يكره اختصار السجود. وعند مالك وجماعة لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكبر لسجود التلاوة تكبيرتين، تكبيرة افتتاح وتكبيرة سجود. وعند طائفة من العلماء إنما يكبر للرفع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعتد بالإيماء عن السجود. وعند أَحْمَد والحسن البصري إذا سمع السجدة أومأ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ حكم سجود التلاوة حكم صلاة النفل في الشروط. وعند عثمان بن عفان وسعيد بن المسيب أن الحائض تومئ برأسها إلى السجود وتقول: اللهم لك سجدت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا كان المستمع على غير طهارة لم يسجد. وعند

الشعبي يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا قرأ آية سجدة أو سمع آية سجدة وهو محدث توضأ وسجد. وعند النَّخَعِيّ يتيمم ويسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يقوم الركوع مقام السجود في سجود التلاوة. وعند أبي حَنِيفَةَ هو بالخيار إن شاء ركع وإن شاء سجد استحسانًا لقوله تعالى: (وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي ثَورٍ وأبي بكر وعلي وكعب بن مالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تجددت عنده نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة استحب له أن يسجد شكرًا لله تعالى. وعند مالك والنَّخَعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ سجود الشكر مكروه، وهو إحدى الروايتين عن أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ. وروى عنه أنه قال: لا أعرف سجود الشكر. وعند مُحَمَّد لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة يستحب للمصلي إذا مرت به آية رحمة أن يسألها، وإذا مرت به آية عذاب أن يتعوذ منه، سواء كان إمامًا أو مأمومًا أو منفردًا.

وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى يستحب ذلك في النفل دون الفرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قرأ الماشي آية سجدة سجد على الأرض. وعند الأسود بن يزيد وعلقمة وأبي عبد الرحمن وعَطَاء ومجاهد لا يسجد. * * *

باب ما يفسد الصلاة ويكره فيها

باب ما يفسد الصلاة ويكره فيها مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سبقه الحدث وهو في الصلاة فقَوْلَانِ: الجديد الصحيح تبطل صلاته، وبه قال ابن سِيرِينَ والمسور بن مخرمة وَأَحْمَد في رِوَايَة. والقديم لا تبطل فيتوضأ ويبني على صلاته، وبه قال عمر وعلي وابن عمر وأبو حَنِيفَةَ وابن أبي ليلى والْأَوْزَاعِيّ وداود وَأَحْمَد في رِوَايَة، إلا أن أبا حَنِيفَةَ قال: إذا غلبه المني أو شجه آدمي فخرج منه الدم بطلت صلاته. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه الشاشي وصاحب الدر الشفاف. وغيره موافقه القول الجديد، ونقل عنه صاحب البيان موافقة القول القديم. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة ثالثة إن كان حدث به رعافًا أو قيئًا توضأ وبنى، وإن كان بولاً أو ريحًا أو ضحكًا أعاد الصلاة والوضوء. وعند مالك الرعاف ليس بحدث، فيغسل الدم ويبني على صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء لا بأس أن يصلي وبه غائط أو بول ما لم يشغله ذلك عن الصلاة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق والصحابة والتابعين لا يقوم إلى الصلاة وهو يجد شيئًا من الغائط أو البول، فإن دخل في الصلاة فوجد شيئًا من ذلك فلا ينصرف ما لم يشغله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وابن الزبير وأنس وأكثر العلماء أن المصلي إذا تكلم عامدًا عالمًا بتحريمه لمصلحة الصلاة بطلت صلاته. وعند

مالك والْأَوْزَاعِيّ لا تبطل. وعند الخرقي من أصحاب أَحْمَد لا تبطل في حق الإمام خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عباس وابن مسعود وابن الزبير وأنس وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن المصلي إذا تكلم ناسيًا أو جاهلاً بالتحريم أو سبق لسانه إليه ولم يطل لم تبطل صلاته. وهو رِوَايَة عن أحمد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سعيد بن المسيب وقتادة والنَّخَعِيّ وحماد بن أبي سليمان وأبي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك تبطل صلاته، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة تبطل بالكلام ولا تبطل بالسلام ناسيًا في غير محله. وعند عبيد الله بن الحسن العنبري أنه تبطل صلاته بكلام الناسي. وعند أبي

حَنِيفَةَ في السلام من نسيان، إن قصد به الخروج من الصلاة وكان عنده أنه أتمها بطلت صلاته، وإن كان سلم ساهيًا غير قاصد السلام لم تبطل صلاته، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد عن يَحْيَى. وعند أبي طالب منهم عن يَحْيَى أنها تبطل إذا سلم تسليمتين بكل حال، وإن سلم واحدة لم تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق أن المصلي إذا قصد إلى الكلام وهو يجهل أن الكلام محرم في الصلاة لا تبطل صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المصلي إذا تنحنح أو أَنَّ أو تنفس أو نفخ فبان منه حرفان بطلت صلاته، وإن لم يبن منه حرفان لم تبطل، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة، وعند أبي ثور لا بأس به إلا أن يكون كلامًا مفهومًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إذا نفخ بطلت صلاته بكل حال، وإن تأوَّه أو أنَّ لمرض بطلت، وإن كان لخوف من الله تعالى لم تبطل وإن بان منه حرفان، وبه قال يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا تنحنح متعمدًا بطلت، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إذا نفخ في

صلاته لم تبطل صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا قرأ من المصحف في الصلاة لم تبطل صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل إلا أن تكون آية قصيرة. وعن أَحْمَد في رِوَايَة أنه يقرأ في النافلة خاصة وقال أصحابه: وهذا على طريق الاستحباب وإلا فهما سواء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شمَّت المصلي العاطس بإشارة مفهمة لم تبطل صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد تبطل، وبه قال زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا ناب المصلي شيء في صلاته سبَّح الرجل وصفقت المرأة. وعند مالك يسبِّح الرجل والمرأة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نبه بذلك الإمام جاز، وإن نبه غير الإمام بطلت صلاته.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره للمصلي أن يلتفت في صلاته، وإذا التفت لم تبطل. وعند الحكم من تأمل مَنْ على يمينه وشماله حتى يعرفهُ فليس له صلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن مسعود وأبي ذر وأبي هريرة لا يكره مسح الحصى في الصلاة مرة. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا أفهم غير إمامه بالتسبيح أو التكبير أو التهليل أو القرآن لم تبطل صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نبه إمامه والمارُّ بين يديه لم تبطل صلاته، وإن نبه غيرهما بطلت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى. وعند يَحْيَى والقاسم أيضًا لا يجوز الفتح على الإمام إلا بالآية التي أشكلت عليه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومحمد. وعند النَّاصِر والمؤيد منهم أيضًا يجوز أن يفتح بسائر الآيات والتسبيح والتهليل ورفع الصوت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا فتح على غير الإمام لم تبطل صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة تبطل صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دُعى المصلي فأجاب بقرآن، أو دعا منبهًا أنه في الصلاة لم تبطل صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند يَحْيَى منهم أنها تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المصلي إذا أكل أو شرب عامدًا عالمًا بالتحريم بطلت

صلاته. وعند سعيد بن جبير وطاوس أنه لا بأس بشرب الماء في النافلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى عاقصًا شعرَهُ وجامِعًا ثَوبَهُ كره له وأجزأته صلاته. وعند الحسن يلزمه إعادة الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء يكره التثاؤب في الصلاة. وعند إبراهيم النَّخَعِيّ لا يكره ذلك ويرد ما استطاع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا أخبر في الصلاة بأمر يسوؤه فقال: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، وقصد به قراءة القرآن لم تبطل صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد في رِوَايَة تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر يكره السلام على المصلي، وحكاه ابن المنذر عن جماعة منهم عَطَاء. وعند أَحْمَد وابن عمر لا بأس به. وعن مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما يكره. والثانية لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ إذا سلم على المصلي ردَّ

بالإشارة بيده أو برأسه، ولا تبطل صلاته بذلك، وقال به من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق. وعن مالك رِوَايَتَانِ. وعند أَحْمَد لا بأس بذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يرد عليه، فإن رد عليه بطلت، وبه قال زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند عَطَاء والثَّوْرِيّ أنه يرد عليه بعد فراغه. قال الثَّوْرِيّ: إن كان حاضرًا رد عليه، وإن كان غائبًا تبعه بالرد. وعند النَّخَعِيّ يرد عليه في قلبه. وعند سعيد بن المسيب والحسن وقتادة يرد عليه لفظًا، ولا تبطل صلاته، وبه قالت الْإِمَامِيَّة الشيعة، إلا أنهم يقولون: يجب أن يقول المصلي في رد السلام مثل ما قاله المسلم بسلام عليكم، ولا يقول وعليكم السلام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عمل في صلاته من جنسها في غير محله عمدًا بطلت صلاته، بأن يسجد في محل الركوع، أو ركع في محل السجود، أو قعد في محل القيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تبطل ما لم يقيد الركعة بسجدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فعل ذلك ساهيًا عاد إلى الركن، وصحت صلاته، ويسجد للسهو، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم. وعند النَّاصِر منهم يستأنف الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك الإشارة المفهمة لا تبطل الصلاة إذا لم يتكلم، ولا كثر الفعل باليد والرأس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كانت مفهمة بطلت صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زاد في صلاته ركوعًا أو سجودًا عمدًا بطلت صلاته، سواء

كان على وجه التحري أم لا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تبطل، وبه قال مالك والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء يكره الاختصار في الصلاة. وعند بعض العلماء يكره أن يمشي الرجل مختصرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وبعض الصحابة وبعض التابعين يجوز قَتلُ الحية والعقرب في الصلاة ولا يكره. وعند النَّخَعِيّ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عد الآية في الصلاة عقدًا ولم يتلفظ به لم تبطل صلاته،

والترك أحب إليه. وعند مالك والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق والنَّخَعِيّ وابن أبي ليلى لا بأس به. وعند أَبِي يُوسُفَ لا بأس به في التطوع. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ ومحمد، فنقل عنهما في البيان موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنهما في الشامل وصاحب المعتمد أنه يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يجوز للمصلي أن يدفع المارَّ بين يديه، ويقتل الحية، ويحمل الصبي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة لا يجوز ذلك. * * *

باب سجود السهو

باب سجود السهو مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شك الإمام في عدد الركعات أو فرض من فروض الصلاة غير النية وتكبيرة الإحرام لا يرجع إلى المأمومين، قلوا أو كثروا، بل يبني على يقين نفسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع إلى قول واحد. وعند مالك وَأَحْمَد يرجع إلى قول اثنين، فإن لم يرجع إلى قولهما بطلت صلاته وصلاتهما. وعند الْإِمَامِيَّة لا سهو في الركعتين الأولتين من كل صلاة، ولا سهو في صلاة الفجر أو المغرب أو صلاة السفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ورَبِيعَة وما لك وأبي بكر وعمر وعلي وابن عمر وابن مسعود والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن المصلي إذا شك وهو فى الصلاة هل صلى ركعة أو ركعتين أو ثلاثًا أو أربعًا فإنه يأخذ بالأقل ويبني على صلاته، ويسجد للسهو، وبهذا قال أَحْمَد في المنفرد، وعنه في الإمام رِوَايَتَانِ: إحداهما

أنه يبنى على اليقين. والثانية على غالب ظنه. وعند الشعبي وشريح وسعيد بن جبير وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ وابن عمر وعبد الله بن عمرو وابن عَبَّاسٍ تبطل صلاته. وعن سعيد بن جبير رِوَايَة أنه يعيد المكتوبة، ويسجد سجدتي التطوع. وروى عن سعيد بن جبير أيضًا وعَطَاء وميمون بن مهران أنهم كانوا إذا شكوا في الصلاة أعادوها ثلاث مرات، فإذا كانت الرابعة لم يعيدوا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ، إن لحقه ذلك أول دفعة بطلت صلاته، وإن تكرر ذلك منه اجتهد وعمل على ما يؤديه اجتهاده إليه، فإن لم يؤده اجتهاده إلى شيء عمل على اليقين. وعند الحسن البصري وأبي هريرة وأنس يذهب على وهمه ويسجد للسهو. ونقل الشاشي عن الحسن البصري أنه يأخذ بالأكثر ويسجد للسهو. وعند النَّخَعِيّ في الإمام لا يدري كم صلى ينظر

ما يصنع مَنْ وراءه. وعند الْإِمَامِيَّة إذا اعتدل في ذلك ظنه بنى على الأكثر وهي الثلاث، فإذا سلَّم صلى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس مقام ركعة واحدة، وإن كان الذي بنى عليه هو الصحيح كان ما صلَّاه نافلة وإن كان ما أتى به لثلاث تكون الرابعة جبرًا لصلاته. وكذلك قولهم فيمن شك ولا يدرى أصلى ثلاثًا أو أربعًا، أو من شك بين الثنتين والثلاث والأربع أيضًا بنى على الأكثر، فإذا سلَّم صلى ركعتين من قيام وركعتين من جلوس حتى إن كان بناؤه على الصحيح، فالذي فعله نافلة له، وإن كان الذي صلاه اثنتين كانت الركعتان من قيام جبرًا لصلاته، وإن كان الذي صلاه ثلاثًا فالركعتان من جلوس، وهي مقام واحدة جبران صلاته. واختلفت الزَّيْدِيَّة، فعند النَّاصِر إن كان من أهل التحري تحرى وبنى على غالب ظنه، وإن لم يكن من أهل التحري بنى على الأقل، سواء كان الشك أول عارض، أو كان مبتلى بكثرة الشك، فإن استوى الطرفان بنى على الأقل. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إن كان الشك أول عارض فإنه يعيد لكل حال، وإن كان كثير الشك لا يخلو إما أن يكون مبتلى بكثرة الشك أو لا يكون مبتلى به، فإن لم يكن مبتلاً به عمل على ظنه، فإن استوى طرفاه بنى على الأقل، فإن كان مبتلاً به تحرى وبنى على غالب ظنه، ثم إن استوى طرفاه بنى على الأقل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سبح المأموم للإمام لنسيان لم يلزمه الرجوع إلى قولهم، ويبني على يقينه خاصة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرجع إلى قولهم، أو قول واحد منهم. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما، وبها قال مالك أن يرجع إلى قولهم بكل حال في الزيادة والنقصان، سواء قلنا يجب على المصلي أن يبني على اليقين أو غالب الظن. والثانية إن لم يرجع إلى قولهم لم تبطل صلاته ولم يتبعوه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قام من الركعة الأولى إلى الثانية وإن لم يتيقن أنه ترك سجدة من الأولى، أو شك في تركها لم يحتسب له بما فعله من الثانية حتى تتم الأولى. وعند مالك إذا ذكر بعد الركوع والسجود في الثانية صحت الركعة الثانية وبطلت الأولى، وإذا ذكر قبل الركوع سجد وتمت له الأولى. وعند أَحْمَد إذا ذكرها بعد القراءة في الثانية بطلت الأولى وتمت الثانية، وإن ذكرها قبل القراءة في الثانية يسجد لتمام الأولى كقول الشَّافِعِيّ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود وإِسْحَاق الكوسج إذا ذكر في الركعة الرابعة أنه نسي من كل ركعة سجدة، وكان قد جلس عقيب كل سجدة جلسة الفصل حصل له ركعتان وبقي عليه ركعتان. وعند مالك تصح له الرابعة إلا سجدة، ويلغو ما تقدم. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ. إحداهما كقول مالك، والثانية يبطل الجميع، وهو رِوَايَة أيضًا عن مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والحسن البصري والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ أنه يأتي في آخر صلاته بأربع سجدات ويجزئه. وعند الحسن بن صالح وشريك بن عبد اللَّه أنه لو نسي ثماني سجدات أتى بهن متواليات وأجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قام من الثانية ناسيًا إلى الثالثة، وترك التشهد الأول ثم ذكره، فإن ذكر بعد انتصابه قائمًا لم يعد إليه، وإن ذكر قبل انتصابه قائمًا عاد إليه. وعند مالك إن قام أكثر القيام لم يرجع، وإن قام أقله رجع. وحكى ابن المنذر عنه أنه إذا فارقت إليتاه الأرض لم يرجع. وعند النَّخَعِيّ يرجع ما لم يشرع في القراءة. وعند الحسن البصري يرجع ما لم يركع. وعند حماد إذا ذكر ساعة يقوم جلس. وعند أحمد يرجع قبل أن يستوى قائمًا، وإن استوى قائمًا فهو بالخيار إن شاء رجع، وإن شاء لم يرجع. مسألة: وعند الشَّافِعِيّ والحسن وعَطَاء والزُّهْرِيّ وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود وأَبِي ثَورٍ إذا قام المصلي من ركعة إلى ركعة خامسة ساهيًا ثم ذكر في القيام، أو فى الركوع، أو في السجود فإنه يلزمه العود إلى الجلوس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ إن ذكر قبل السجود في الخامسة رجع إلى الجلوس كقول الشَّافِعِيّ وإن ذكر بعد ما سجد في الخامسة، فإن كان قد قعد في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته، ويضيف إلى هذه الركعة ركعة أخرى تكون له نافلة، لأنه لا يجوز التنفل بأقل من ركعتين، وإن لم يكن قد قعد في الرابعة قدر التشهد بطل فرضه، وصار الجميع نفلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رجع وجلس قبل الانتصاب فقَوْلَانِ: أحدهما يسجد للسهو، وبه قال أَحْمَد وأنس بن مالك. والثاني لا يسجد، وبه قال الْأَوْزَاعِيّ والأسود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك التشهد الأول ثم ذكر وقد انتصب قائمًا لم يجز له أن يعود، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد ويَحْيَى. وعند أَحْمَد إن ذكر قبل الشروع في القراءة استحب له أن لا يعود فإن عاد لم تبطل صلاته. وعند أبي عبد اللَّه الداعي من

الزَّيْدِيَّة أنه يعود وإن شرع في القراءة. وعند النَّاصِر منهم لو عاد بطلت صلاته. وعند مالك إن ارتفعت أليتاه من الأرض لم يعد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جلس في الأولى وفي الثانية وتشهد سجد لسهو. وعند علقمة والأسود لا يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا صلى نافلة فقام إلى ثالثة جاز أن يتمها أربعًا، وجاز أن يرجع إلى الثانية ويساوي ذلك فعل، سجد للسهو، والأولى أن يرجع إلى الثانية، ولا فرق في ذلك بين صلاة الليل وصلاة النهار. وعند حماد إن كانت صلاة نهار فالأولى إتمامها أربعًا، وإن كانت صلاة ليل فالأولى العود إلى الثانية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تعمد ترك ما يقتضي تركه السجود سجد للسهو، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ لا يسجد، وهو قول لبعض الشَّافِعِيَّة، وبه قال يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والنَّاصِر والمؤيد من الزَّيْدِيَّة إذا ترك شيئًا من هيئات الصلاة ناسيًا، كدعاء الاستفتاح وقراءة السورة بعد الفاتحة، والتكبيرات في الصلاة للركوع، والسجود، والرفع وتكبيرات العيد، والجهر والإسرار وغير ذلك من هيئات، فإنه لا يسجد للسهو، وبه قال أَحْمَد في تكبيرات العيد، وقراءة السورة، وفيما إذا جهر في موضع الإسرار، أو أسر في موضع الجهر. وعنه رِوَايَة أخرى أنه يسجد في ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ والثَّوْرِيّ إذا ترك تكبيرات العيد سجد للسهو، ولا يسجد لترك سائر التكبيرات، وإن ترك الجهر والإسرار سجدَ إذا كان إمامًا. وعند قتادة والْأَوْزَاعِيّ يقضي تكبيرات الصلاة والتسبيح في الركوع والسجود ودعاء الافتتاح. وعند الحكم وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ يسجد لذلك. وعند ابن أبي ليلى إذا جهر في موضع الإسرار أو أسرَّ في موضع الجهر بطلت صلاته. وعند النَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأبي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ وَمَالِك عليه السجود، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي وأبو عبد الله الداعي وَأَحْمَد بن عيسى. وحكى ابن المنذر عن مالك أنه إذا جهر في صلاة الظهر وأطال سجد، وإن لم يطل فلا شيء عليه. وعند أَحْمَد إن سجد فحسن، وإن ترك فلا بأس. وعند أَحْمَد أيضًا إذا قرأ في الأخرتين من الظهر والعصر والعشاء الأخيرة بالحمد وسورة ساهيًا، أو صلى على النبي في التشهد الأول، أو دعا فيه بما يدعو به الأخير، أو قرأ في موضع تشهده أو ركوعه أو سجوده أو تشهد في موضع قيامه، أو قال في

ركوعه سمع الله لمن حمده ونحو ذلك سجد للسهو. وعنه رِوَايَة أخرى أنه لا يسجد، وبها قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يسجد لترك تكبيرات الخفض والرفع والتسبيح في الركوع والسجود وقول سمع اللَّه لمن حمده، ربنا لك الحمد. وعند أَحْمَد يسجد. وعند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ إن ترك التشهد الأول ودعاء القنوت سجد للسهو، وإن ترك الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير سجد للسهو، واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب البيان موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنه الشاشي إن جهر في موضع الإسرار سجد سجدتين بعد السلام، وإن أسرَّ في موضع الجهر سجد قبل السلام، ونقل عنه صاحب المعتمد أن من جعل مكان سمع الله لمن حمده، الله أكبر رجع إليه، فإن لم يرجع سجد للسهو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا ترك من الصلاة المفروضة ما هو مسنون متعمدًا لم تبطل صلاته، إلا إذا تركه استخفافًا، وبه قال بعض أصحاب النَّاصِر وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم أنها تبطل بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أهل العلم أنه إذا اجتمع عليه في صلاته سهوان أو أكثر كفاه للجميع سجدتان. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن كانا من جنس واحد تداخلا، وإن كانا من جنسين لم يتداخلا. وعند ابن أبي ليلى وداود يسجد لكل سهو سجدتين. وعند أبي حرام وابن الْمَاجِشُون إن سها سهوًا مختلفًا سجد لكل سهو منه سجدتين، إحداهما قبل السلام، والثانية بعد السلام. وعند الزَّيْدِيَّة إن سها الإمام سجد المأموم مرتين، مرة لسهوه ومرة لسهو الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وكافة العلماء وزيد بن علي والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة والمؤيد منهم إذا سها خلف الإمام فلا سجود عليه، وإن سها إمامه سجد معه. وعند مَكْحُول أنه يقوم عن قعود مع الإمام ويسجد سجدتي السهو، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وإحدى الروايتين عن أَحْمَد إذا لم يسجد الإمام سجد المأموم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والنَّخَعِيّ وعَطَاء والقاسم وحماد والثَّوْرِيّ لا يسجد، وهو قول الْمُزَنِي وأبي حفص بن الوكيل الشَّافِعِيّين، والرِوَايَة الأخرى عن أحمد، وبه قال زيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أهل العلم إذا سها الإمام ثم لحقه مسبوق فأحرم بعده لزم

المأموم حكم سهو الإمام، فإذا سجد الإمام لسهوه لزم المأموم متابعته في السجود. وعند ابن سِيرِينَ لا يلزمه السجود معه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سلَّم الإمام قبل أن يسجد، ثم سجد الإمام بعد الصلاة، قام المأموم إلى ما بقي من صلاته ولم يتابع الإمام في سجود السهو. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه متابعته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلَّى المغرب أربع ركعات ساهيًا سجد للسهو وأجزأته صلاته. وعند قتادة والْأَوْزَاعِيّ يضيف إليها أخرى كيلا تكون شفعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سها في سجود السهو فلا سهو عليه. وعند قتادة عليه السهو. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك مأموم الإمام بعد الرفع من الركوع فإنه يحرم ويتبعه فيما بقي من الركعات بين السجدتين، ولا يحتسب له بها، فإذا فرغ الإمام أتى بما بقي عليه من الركعة، ولم يسجد لذلك السهو. وعند ابن عمر وابن الزبير وأبي سعيد الخدري وعَطَاء وطاوس يمجاهد وإِسْحَاق أنه يسجد للسهو في آخر صلاة نفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه إذا صلى الظهر خمسًا ناسيًا سجد للسهو وأجزأته صلاته. وعند طائفة يضيف إليها ركعة فتصير ستًا فيكون ظهره أربعًا، وركعتين بعدها، وكذلك الصبح إن صلاها ثلاثًا أضاف إليها رابعة فتصير ركعتين فرضًا وركعتين تطوعًا، ويسجد للسهو وهو جالس. وعند حماد إن لم يكن جلس في الرابعة أضاف إليها ركعة فتصير ستًا ويسلم، ويستأنف الصلاة. وعند الثَّوْرِيّ إذا لم يجلس في الرابعة فالمستحب أن يعيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن جلس قدر التشهد أضاف إليها ركعة وتشهد وسجد سجدتين ثم يسلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سجود السهو سنة وليس واجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد هو واجب، وليس بشرط في صحة الصلاة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك إن كان لنقصان فهو واجب، وإن كان لزيادة فليس بواجب. وعند أَحْمَد وداود هو واجب بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وأكثر الفقهاء من أهل المدينة كيَحْيَى بن سعيد أن محل سجود

السهو قبل السلام، سواء كان لزيادة أو نقصان، وبه قال زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة والنَّاصِر أيضًا في رِوَايَة عنه. وعند مالك وابن الْمَاجِشُون والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي وَأَحْمَد في رِوَايَة أنه إن كان السهو لنقصان فمحله قبل السلام، وإن كان لزيادة فمحله بعد السلام، وهو قول قديم للشافعي أيضًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وجعفر، وقال النَّاصِر أيضًا: إن سجد بعد السلام مطلقًا فجائز. وعند أبي حَنِيفَةَ وداود وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والحسن البصري والنَّخَعِيّ وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ والحسن بن صالح وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وأنس بن مالك وابن الزبير وابن عَبَّاسٍ وعمار أن محلهُ بعد السلام، سواء كان لزيادة أو نقصان. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق لا يسجد قبل السلام إلا في المواضع التي لم يرد فيها الأثر وفي سائر المواضع التي ورد فيها الأثر يسجد على ما ورد به الأثر، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع عليه سهوان، سهو زيادة وسهو نقص، قال الشَّافِعِيّ: يسجد قبل السلام سجدتين لا يزيد عليهما، وصححه أصحابه، وقطع به المتولى من أصحابه. وعند بعض الشَّافِعِيَّة يسجد بعد السلام سجدتين، وبه قطع البندنيجي من أصحابه، وهو قول مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي لا يزيد على سجدتين بعد السلام للنقصان، وتصير الزيادة كأن لم تكن. وعند الْأَوْزَاعِيّ والْمَاجِشُون يسجد أربع سجدات اثنتين قبل السلام واثنتين بعده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سلم ناسيًا لسجود السهو، فإن ذكر على القرب سجد، وإن تطاول الفصل فلا يسجد على الجديد، ويسجد على القديم، وفي القرب والبعد قَوْلَانِ: الجديد المرجع فيه إلى العرف والعادة. والقديم القرب ما لم يقم من مجلسه، والبعد هو إذا قام من مجلسه. هذا تحقيق مذهب الشَّافِعِيّ. وعند الحسن البصري وابن سِيرِينَ يسجد ما لم يلتفت من محرابه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يسجد ما لم يتكلم أو يخرج من المسجد. وعند مالك يسجد متى ذكره، ولو بعد شهر، فإن كان قبل السلام بنى فيما قرب من ذلك، وإن تباعد ابتدأ الصلاة. وعند أَحْمَد ما لم يخرج من المسجد فعليه أن يسجد، وإن خرج من المسجد لم يسجد. وعنه رِوَايَة يسجد وإن خرج وتباعد. وعند الحكم وابن شُبْرُمَةَ إن خرج من المسجد أعاد الصلاة. وعند أَبِي ثَورٍ إن تركه عامدًا فسدت صلاته إذا كانت قبل السلام. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر ويَحْيَى: يسجد وإن تطاولت المدة به عن مصلاه، وقال المؤيد: إن كان قريبًا من مصلاه عاد

وسجد، وإن بعد عنه فلا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سجد بعد السلام فإنه يسجد ويسلم على الأصح، وبه قال مالك في رِوَايَة. والوجه الثاني يسجد ثم يتشهد ثم يسلم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك فى الرِوَايَة الثانية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا يسجد بعد السلام للزيادة كبَّر وتشهد وسلَّم، وإن قلنا يسجد قبل السلام فنسي وسجد معه كبّر وسجد وسلَّم، ولا يتشهد، وقيل: يتشهد. وعند الحسن وعَطَاء وأنس لا يتشهد ولا يسلم. وعند قتادة والحكم وحماد والنَّخَعِيّ واللَّيْث والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وابن مسعود فيهما تشهد وسلام. وعند يزيد بن عبد الله بن قسط فيهما تشهد وسلام. وعند ابن سِيرِينَ يسلم منهما ولا يتشهد. وعند عَطَاء أنه إن شاء تشهد وسلم وإن شاء ترك. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إن سجد بعد السلام تشهد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سجد للسهو بعد السلام فإنه يسلم بعد سجود السهو تسليمتين. وعند النَّخَعِيّ لا يسلم إلا تسليمة واحدة، وكذا قال في صلاة الجنازة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه يسجد للسهو في صلاة النفل على الأصح. والثاني لا يسجد لذلك فيها، وهو قول ابن سِيرِينَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قام ليقضي ما فاته مع الإمام فنسي أو دخل في التطوع. فإن كان ما عمل في التطوع قليلًا رجع إلى المكتوبة فأتمها سجد للسهو، وإن تطاول بطلت المكتوبة وعليه إعادتها. وعند الحسن وحماد إذا دخل في التطوع بطلت المكتوبة واستأنف. وعند مالك الأحب أن يبتدأ به. وعند الحكم والْأَوْزَاعِيّ وأنس إن نسي ركعة من صلاة الفريضة حتى دخل في التطوع فذكر صلى بقية صلاة الفرض، ثم يسجد سجدتين وهو جالس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى أن يصلي ركعتين تطوعًا فقام منهما، فإن وصلهما حتى تكون أربعًا سجد سجدتين. وعند الْأَوْزَاعِيّ يمضي فيهما، فإذا صلى أربع ركعات سجد سجدتين وهو جالس، فإن كان في صلاة الليل فقام فتذكر قبل أن يركع الثالثة رجع فتشهد وسلم ولم يسجد. وعند مالك يمضي في صلاة الليل والنهار حتى يتم الرابعة ثم يسجد سجدتين. * * *

باب الساعات التي نهى عن الصلاة فيها

باب السَّاعَاتِ التي نهى عن الصلاة فيها مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خمسة أوقات، ثلاثة نهى عن الصلاة فيها لأجل الوقت، وهو إذا طلعت الشمس حتى ترتفع قيد رمح. وعند الاستواء حتى تزول. وعند الاصفرار حتى تغرب. واثنان نهى عن الصلاة فيها لأجل الفعل، وهو ما بعد صلاة الصبح، وبعد صلاة العصر. وعند ابن المنذر لا يكره فعل النوافل بعد العصر ما لم تصفر الشمس. وعند داود يجوز فعل النوافل إلى غروب الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق أنه لا بأس بالصلاة والطواف بعد العصر وبعد الصبح بمكة. وعند الثَّوْرِيّ وَمَالِك إذا طاف بعد العصر لم يصل حتى تغرب الشمس، وكذا إن طاف بعد صلاة الصبح لم يصل حتى تطلع الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز قضاء الفوائت في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم والنَّاصِر ويَحْيَى. وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز بعد الفجر والعصر خاصة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي وأبو عبد الله الداعي، وأشار إليه منهم السيد المؤيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وعلي بن أبي طالب أن من نسي الصلاة يصليها متى ذكرها في وقت وغير وقت. وعند قوم من أهل الكوفة وأبي بكرة أن من نام عن صلاة العصر واستيقظ عند غروب الشمس لا يصليها حتى تغرب الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نذر صلاة مطلقة، أو عينها بوقت وفات جاز فعلها فى الأوقات الخمسة المنهي عن الصلاة فيها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز، وهو قول أحمد فى رِوَايَة أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزبير وابنه وعائشة وأبي أيوب والنعمان بن بشير وتميم الداري لا يحرم في هذه الأوقات فعل الصلاة الواجبة والسق وصلاة الجنازة وسجود التلاوة. وعند مالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يقضي الفرائض في هذه الأوقات ولا يقضي فيها السنن، وبه قال أحمد، إلا أنه أجاز فيها ركعتي الطواف وصلاة الجنازة مع إمام الحي. واختلف عن مالك في صلاة الكسوف، وسجود القرآن في وقت النهي، وأبو حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ موافقون للشافعي على جواز فعل الصلاة التي لا سبب لها بعد صلاة الصبح. وبعد

صلاة العصر، وأما الأوقات الثلاثة فقال: لا يجوز فعل الصلوات إلا عصر يومه. وعند الزَّيْدِيَّة يكره قضاء النوافل التي لها أوقات في هذه الأوقات. وعند بعضهم لا يكره ذلك. مسألة: الظاهر من مذهب الشَّافِعِيّ أنه يكره التنفل بعد طلوع الفجر، وبه قال ابن عمر وعبد الله بن عمر وابن المسيب والنَّخَعِيّ وأبو حَنِيفَةَ. والوجه الثاني في مذهب الشَّافِعِيّ لا يكره، وبه قال مالك. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن من صلى ركعتي الفجر كره له التنفل وبه قال كافة العلماء وأبو حَنِيفَةَ. والوجه الثاني لا يكره التنفل بعدهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره التنفل بما لا سبب لها يوم الجمعة عند استواء الشمس لمن حضر الجامع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وجماعة من الصحابة والتابعين لا يكره التنفل فى أوقات النهي بمكة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَمَالِك والثَّوْرِيّ يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يكره التنفل بالصلاة بعد طلوع الشمس قدر رمح إلى زوالها. وعند الْإِمَامِيَّة يحرم التنفل بها في هذا الوقت، إلا في يوم الجمعة خاصة. * * *

باب صلاة الجماعة

باب صلاة الجماعة مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن الجماعة فرض على الكفاية، وبه قال أبو عبد اللَّه الداعي من الزَّيْدِيَّة. والوجه الثاني أنها سنة: وبه قال أكثرهم، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد المؤيد وبمذهب الشَّافِعِيّ قال الثَّوْرِيّ وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه وإِسْحَاق وسائر الفقهاء. وقال الْأَوْزَاعِيّ وعَطَاء وَأَحْمَد وأبو ثور وداود وابن المنذر: الجماعة فرض على الأعيان، وليست شرطًا فيها. وقال بعض أهل الظاهر الجماعة شرط في الصلاة، ولا تصح صلاة المنفرد، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقيمت الصلاة وحضر العَشاء، وكانت نفسه تتوق إليه بدأ بالطعام وأكل منه قدر ما يسد به نفسه، وإن لم تتق نفسه إليه بدأ بالصلاة. وعند مالك يبدأ بالصلاة، إلا أن يكون الطعام خفيفًا. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمر وابن عمر يبدأ بالطعام بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق أنه يستحب للنساء الجماعة في الصلوات التي يسن لها الجماعة، إلا أنها لا تتأكد في حقهن كتأكدها في حق الرجال. وعند قتادة والنَّخَعِيّ والشعبي تكره لهن الجماعة في الفرائض، ولا تكره فى النوافل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ أنه لا بأس بحضور العجائز الجماعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره إلا الفجر والعشاء والعيدين. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن المصلي إذا خرج إلى الصلاة أن يمشي على سجية مشيه وعليه السكينة ولو فات الجماعة والتكبيرة الأولى، وبه قال زيد بن ثابت وأنس وأَبِي ثَورٍ. والثاني أنه يسرع إلى ذلك، وبه قال ابن عمر وابن مسعود والأسود ابن يزيد وعبد الرحمن بن يزيد وإِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك أنه لا بد من نية الجماعة في حق المأموم، ولا تفتقر إلى نية الإمام لها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد المؤيد. وعند الثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد لا تصح الجماعة حتى ينوي الإمام الإمامة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا تصح صلاة المأموم حتى ينوي الإمام أنه إمام.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر وَمَالِك أنه لا يشترط على الإمام إذا أمَّ نساءً نية إمامته لهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إن أمَّ الرجل رجالاً لم يشترط نية الإمام أن يكون إمامًا لهم، وإن أمَّ نساءً لم تصح صلاتهن خلفه حتى ينوي الإمام أنه إمامهن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وابن الْمُبَارَك والثَّوْرِيّ إذا كان للمسجد إمام راتب وأقيمت الجماعة كره إقامة جماعة أخرى فيه إذا لم يكن المسجد على قارعة الطريق وكان في المحلة، ويجوز في مساجد الأسواق التي تتكرر فيها الجماعات. وعند عَطَاء والحسن والنَّخَعِيّ وقتادة وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود وابن المنذر وأنس وابن مسعود يندب إلى إقامة جماعة بعد جماعة وإن كان للمسجد إمام راتب، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز بلا أذان ولا إقامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نقل المنفرد صلاة من الانفراد إلى جماعة، بأن نوى الدخول مع الجماعة في الصلاة صحت صلاته على الجديد الصحيح، واختاره الْمُزَنِي. والقديم لا يصح، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وأبي الدرداء وابن المسيب والحسن البصري والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق ومُحَمَّد بن الحسن والزُّهْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة أن ما أدركه المأموم مع الإمام فهر أول صلاة المأموم فعلاً وحكمًا، واختاره ابن المنذر. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد في الرِوَايَة الصحيحة ما أدركه مع الإمام فهو آخر صلاته، وما يقضيه بعد سلام الإمام فهو أول صلاته حكمًا وآخرها فعلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه لا يحتاج إلى أن ينوي أنها أول صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد وصححه جماعة منهم. وعند النَّاصِر ويَحْيَى منهم أنه يحتاج إلى ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وحذيفة وأنس بن مالك أن المصلي إذا صلى صلاة ثم أدركها في جماعة استحب له أن يعيدها مع الجماعة، سواء صلى الأولى منفردًا أو في جماعة، إلا أن حذيفة وعليًا وأنسًا قالوا في المغرب: إذا أعادها وسلم الإمام أضاف إليها أخرى ويسلم، وبه قال أَحْمَد وسعيد بن جبير وابن المسيب والزُّهْرِيّ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ. وعند الشَّافِعِيّ لا يضيف إليها أخرى. وعند الحسن البصري وأَبِي ثَورٍ أنه يعيد الصلوات كلها إلا الصبح والعصر، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند ابن مسعود ومالك والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ وابن عمر وأبي مجلز وأبي مسعود وأبي موسى يعيد كل

صلاة صلاَّها إلا المغرب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعيد إلا الظهر والعشاء. وعند أَحْمَد أيضًا يعيد الصبح والعصر مع إمام الحي دون غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أعادها هل يسقط الفرض بالأولى والثانية تطوّع؟ أو الثانية هي الفرض أو يحتسب الله له بأيهما شاء؟ القول الجديد الصحيح الأول، وبه قال علي وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند الشعبي والْأَوْزَاعِيّ الجميع فرض. وعند مالك الفريضة واحدة لا يعينها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحسَّ الإمام وهو راكع بداخل يريد الصلاة فهل يكره أن ينتظره قَوْلَانِ: أحدهما يكره ذلك، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ. والثاني: لا يكره، وهو قول أَحْمَد وإِسْحَاق والشعبي، ونقله في البيان عن أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا. وعند محمد ابن الحسن أنه قال: أخاف أن أنتظره قد أُشرِك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فارق المأموم الإمام من غير عذر هل تبطل صلاته قَوْلَانِ: أحدهما تبطل، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك والزَّيْدِيَّة. والثاني لا تبطل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج نفسه من الجماعة بعذر صحت صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب، وهو الأصح من مذهب النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حضر المصلي وقد فرغت صلاة الجماعة استحب لأحدهم أن يصلي معه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب لأحدهم ذلك، بل يكره له. * * *

باب صفة الأئمة

باب صفة الأئمة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وبعض العلماء أن الإمام إذا عجز عن القيام صلى قاعدًا، والمأموم القادر يصلي خلفه قائمًا. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وجابر ابن عبد الله وأسيد بن حضير وأبي هريرة وجماعة من الصحابة يصلي المأموم خلفه قاعدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تصح إمامة الصبي المميز العاقل للبالغين في الفرض والنفل، وكذا في الجمعة على أصح القولين. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا تجوز إمامته في الفرض، وفي النفل رِوَايَتَانِ: أحدهما وهو قول مالك والثَّوْرِيّ يجوز أن يكون إمامًا في النفل دون الفرض، وبه قال أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ. وعند ابن عَبَّاسٍ أنه لا يؤم الغلام حتى يحتلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا صلَّى الكافر لم يحكم بإسلامه، سواء صلى فرادى أو في جماعة. وعند القاضي أبي الطيب من أصحاب الشَّافِعِيّ أنه إذا صلى في دار الحرب حكم بإسلامه. وعند المحاملي من أصحاب الشَّافِعِيّ أيضًا يحكم بإسلامه في الظاهر، ولكن لا يلزمه حكم الْإِسْلَام بذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا صلى في جماعة إمامًا كان أو مأمومًا حكم بإسلامه، وإن صلى مفردًا لم يحكم بإسلامه. وعند مُحَمَّد إن صلى في مسجد منفردًا حكم بإسلامه، وكذا إذا أذن حيث يؤذن مؤذن المسلمين، أو حج، أو طاف حكم بإسلامه عنده. وعند أَحْمَد يحكم بإسلامه بالصلاة بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تصح إمامة الفاسق إلا أنها تكره. وعند مالك والْإِمَامِيَّة لا تصح خلف الفاسق بغير تأويل كشارب الخمر والزاني، ومن فسق بتأويل كمن سبَّ السلف وكفَّرهم صحت الصلاة خلفه. وعند أَحْمَد لا تصح الصلاة خلف الفاسق على أصح الروايتين. وعند الزَّيْدِيَّة لا تصح صلاة الفاسق خلف الفاسق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تكره الصلاة خلف ولد الزنا، وخلف من لا يعرف أبوه وتصح خلفه. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وكذا مالك في رِوَايَة أنه لا يكره، واختاره ابن المنذر، وبه قالت عائشة. وعند الْإِمَامِيَّة تكره الصلاة

خلفه ولا تصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا تكره الصلاة خلف الأبرص والمجذوم والمفلوج، وخلف كل ذي عاهة، وعند الْإِمَامِيَّة تكره الصلاة خلفهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجوز إمامة المرأة للرجال ولا للخناث. وعند الْمُزَنِي وأَبِي ثَورٍ ومُحَمَّد بن جرير الطبري يجوز أن تؤم الرجال في التراويح إذا لم يكن قارئ غيرها وتقف خلف الرجال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وعلي وابن عمر وابن عباس، ومن التابعين الحسن والنَّخَعِيّ وابن جبير، ومن الفقهاء الْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ أنه إذا صلى الجنب أو المحدث بقوم بطلت صلاته، علم بحدثه أو لم يعلم، ولا تبطل صلاة من خلفه إذا لم يعلموا. وعند أَحْمَد إن كان عالمًا بحدث نفسه أعادوا بكل حال، وإذا لم يعلم ثم علم بعد الفراغ أعاد الإمام خاصة، وفي أثناء الصلاة يعيد هو، وفي إعادتهم رِوَايَتَانِ. وعند مالك إن علم بحدث نفسه أو جنابته بطلت صلاته وصلاة من خلفه، وإن لم يعلم بذلك بطلت صلاته، ولا تبطل صلاة من خلفه، وقيل هذا قول للشافعي، وليس بمشهور. وعند الشعبي وابن سِيرِينَ وحماد وأَبِي حَنِيفَةَ تبطل صلاته وصلاة من خلفه. وعند عَطَاء إن كان جنبًا صحت صلاة من خلفه، وإن كان محدثًا أعادوا في الوقت، فإن خرج لم يعيدوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسائر الصحابة والتابعين والفقهاء يجوز أن يصلي المتوضئ خلف المتيمم، لكن تكره. وعند علي بن أبي طالب وقوم آخرين لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز للمحبوس والمربوط في الجذع والمصلي بالإيماء للعري والمتيمم ومن يطلب مكانًا يتأتى السجود له فعليه الصلاة في أول الوقت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيد المؤيد. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يصلون إلا في آخر الوقت حتى قالوا: المريض لا يصلي قاعدًا إلا في آخر الوقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يستطع الإمام القيام صلى جالسًا والمؤتم به قائمًا، وهو رِوَايَة عن مالك. والرِوَايَة الثانية عنه لا تجوز صلاة القائم خلف القاعد، وهو قول مُحَمَّد بن الحسن. وعند الْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق َوَأَحْمَد والْمُزَنِي يصلي من خلفه قعود، واختاره ابن المنذر. وعند أَحْمَد لا يؤم القادر

على القيام بالعاجز عنه إلا مع إمام الحي إذا كان يرجى بُرؤه، فإن صلى بهم إمام الحي جالسًا صلوا جلوسًا. وعند الشَّافِعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن صلوا جلوسًا بطلت صلاتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمومئ أن يؤم القاعد والقائم. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أم الأمي القارئ فثلاثة أقوال: أصحها لا تصح، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وسائر الزَّيْدِيَّة. والثاني تصح، وهو قول الثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ، واختاره الْمُزَنِي وابن المنذر ورواه عن عَطَاء وقتادة. والثالث يجوز في الصلاة السرية، ولا يجوز في الجهرية. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا صلى الأميّ بالقارئ فى أول الوقت بطلت صلاتهما جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى أميّ وقارئ خلف أميّ صحت صلاة الأميّ، وفي صلاة القارئ الأقوال المتقدمة. وعند أَحْمَد وَمَالِك تبطل صلاة القارئ وحده. وعند أبي حَنِيفَةَ تبطل صلاة الجميع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وطاوس والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل، والتنفل خلف المفترض، والمفترض خلف من يصلي غير فرضه. وعند الزُّهْرِيّ ورَبِيعَة وَمَالِك ويَحْيَى الأنصاري إذا اختلفت نية الإمام والمأموم لم يجز أن يأتم به بحال. وعند الحسن وأبي قلابة يجوز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وكذا أَحْمَد في الرِوَايَة الصحيحة يجوز للمتنفل أن يصلي خلف المفترض، ولا يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل، ولا خلف من يصلي غير فرضه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والمؤيد باللَّه من الزَّيْدِيَّة يجوز للقاضي أن يأتم بالمؤدى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الأفقه أولى بالإمامة من الأقرأ. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن سِيرِينَ الأقرأ أولى واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذِن رب الدار وإمام المسجد لمن حضر معه أن يتقدم في الصلاة فله أن يتقدم. وعند إِسْحَاق لا يجوز.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة ومُحَمَّد بن أبي بكر وعروة بن الزبير لا تكره إمامة العبد للأحرار. وعند أبي مجلز وأَبِي حَنِيفَةَ تكره. وعند مالك لا يؤم في جمعة ولا عيد. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يؤم الناس، ويؤم مولاه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجوز إمامة الأعمى، وهو والبصير سواء. وروي عن ابن عباس أنه كان يؤم وهو أعمى وعتبان بن مالك وقتادة. وروي عن ابن عَبَّاسٍ أنه كان يقول: كيف أكون إمامهم وهم يعدلوا بي إلى القبلة. وعن أنس بن مالك أنه قال: وما حاجتهم إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يصلي الكاسي خلف العاري. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إمامة الأعرابي جائزة. وعند أبي مجلز تكره إمامته. وعند مالك لا يؤم الأعرابي وإن كان أقرأهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا صلى خلف كافر أو امرأة ولم يعلم بحالهما ثم علم أعاد الصلاة. وعند أَبِي ثَورٍ وبعض أصحاب الظاهر لا إعادة عليه. وعند الْمُزَنِي مثل قولهم في الكافر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحدث الإمام بطلت صلاته وينوي من خلفه مفارقته، ويبني على صلاته، وإن بان ذلك بعد الفراغ فلا إعادة على المأمومين. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة تبطل صلاة من خلفه. * * *

باب موقف الإمام والمأموم

باب موقف الإمام والمأموم مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة من العلماء لا يكره الصف بين السواري. وعند أحمد وإِسْحَاق وجماعة من العلماء يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الفقهاء إذا كان المأموم واحدًا وقف عن يمين الإمام. وعند سعيد بن المسيب يقف عن يساره. وعند النَّخَعِيّ يقف وراءه، فإن جاء آخر وقف معه، فإن ركع الإمام ولم يجيء أحد تقدم ووقف عن يمين الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعلي بن أبي طالب وكافة العلماء إذا كان مع الإمام اثنان اصطفا خلفه. وعند ابن مسعود والنَّخَعِيّ يصطف واحد عن يمينه، وآخر عن يساره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للإمام إذا أراد تعليم المأمومين الصلاة أن يصلي على موضع مرتفع ليروه ويتعلموا صلاته. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يكره ذلك. وعند الْأَوْزَاعِيّ لا يجوز ذلك، فتبطل صلاتهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَمَالِك يكره أن يصلي وحده خلف الصف وتصح صلاته، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الفاسم ويَحْيَى. وعند النَّخَعِيّ والحكم والحسن بن صالح بن حيي وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وجماعة من العلماء تبطل صلاته. واختاره ابن المنذر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والسيد المؤيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تقدم على المأموم لم تصح صلاته على القول الجديد، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، وتصح في القول القديم. وهو قول مالك وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا صلى جماعة في المسجد الحرام جاز لبعض المأمومين أن يقفوا قُدام الإمام متوجهين إلى الإمام في أصح الطريقين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. والطريقة الثانية: قَوْلَانِ: أحدهما هذا. والثاني لا تصح صلاة من وقف قُدَّام الإمام مستقبلاً بوجهه إليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا لم يجد في الصف فرجة فهل يصلي وحده ولا يجذب رجلاً إليه؟ أو يجذب رجلاً إليه؟ وجهان: الأول أنه لا يجذب ويصلي وحده

وهو المنصوص، وقول القاضي أبي الطيب وابن الصباغ من الشَّافِعِيَّة وَمَالِك وَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق. والثاني يجذب، وهو قول الشيخ أبي حامد والمحاملي وسليم الرازي من الشَّافِعِيَّة وعَطَاء والنَّخَعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وقفت امرأة في الصف بين الرجال لم تبطل صلاتها ولا صلاة واحد منهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل من على يمينها وشمالها ومن خلفها من المأمومين ولا تبطل صلاتها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر بالله. وعند سائر الزَّيْدِيَّة تبطل صلاتها أيضًا، وهو الأولى من مذهب النَّاصِر. وعند داود تبطل صلاتها خاصة. وعند أبي بكر الحنبلي تبطل صلاة من يليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزيد بن ثابت وابن مسعود وزيد بن وهب إذا ركع دون الصف ومشى إلى الصف كره له ذلك وأجزأته صلاته. وعند الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ إن كان قريبًا من الصفوف فعل، وإن كان بعيدًا لم يفعل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأنس إذا كان مع الإمام رجل وامرأة جعل الرجل عن يمينه والمرأة من خلفه. وعند الحسن البصري يصلون متواترين بعضهم خلف بعض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا افتتح الصلاة منفردًا ثم صار إمامًا لم تبطل صلاته. وعند أَحْمَد في رِوَايَة تبطل صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا صلى في الصحراء اعتبر أن يكون بين الإمام وبين المأموم في الصف الذي يليه ثلاث مائة ذراع فما دون، فإن كان أكثر من ذلك لم تصح صلاة المأموم. وعند عَطَاء والحسن البصري والنَّخَعِيّ يجوز له أن يأتم به إذا علم بصلاته، قريبًا كان أو بعيدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا كان بينه وبين الإمام حائل يمنع المشاهدة والاستطراق، كحائط المسجد لم يجز الائتمام به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز الائتمام به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بين المأموم وبين الإمام، أو بين الصفوف وبين آخر الصفوف طريق أو بئر لم يمنع صحة الائتمام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يمنع، وهو قول الفوراني من الشَّافِعِيَّة. وعند مالك إذا لم تمنعهم رؤية الصفوف وسماع التكبير جاز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى في سفينة الفرض صلى قائمًا، إلا أن يخاف دوران

الرأس والغرق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يصلي قاعدًا بكل حال. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا صلى في سفينة بإمام في سفينة أخرى ولا حائل بينهما يمنع الاستطراق والمشاهدة وكانتا متصلتين صح، وكذا إذا كانتا منفصلتين وبينهما ثلاث مائة ذراع أو أقل صح ذلك على قول أكثر الشَّافِعِيَّة. وعند أبي سعيد الإصطخري منهم لا تصح، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يصلي في داره بصلاة الإمام إذا لم تتصل الصفوف بداره. وعند مالك يجوز إلا في الجمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا صلى في بيته بصلاة الإمام وهو لا يرى الإمام، ولا يرى من خلفه لأجل الحائط لم تصح صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح ما لم يكن بينهما طريق. * * *

باب صلاة المريض

باب صلاة المريض مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عجز عن الركوع لعلة في ظهره، ولم يعجز عن القيام لم يسقط عنه القيام، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يسقط عنه فرض القيام. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه صاحب البيان والمعتمد أنه بالخيار إن شاء صلى قائمًا، وإن شاء صلى قاعدًا، ونقل عنه الشاشي أنه سقط عنه فرض القيام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد والداعي وأبو طالب ويَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في كيفية الجلوس إذا أراد أن يصلي قاعدًا قَوْلَانِ: أحدهما يصلي متربعًا، وروى ذلك عن ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأنس، وهو قول مالك واللَّيْث والثَّوْرِيّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق ومحمد، وحكاه الحسن بن زياد عن أَبِي حَنِيفَةَ، وقال: إذا أراد أن يركع ثنى رجله، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى والمؤيد. والثاني يصلي مفترشًا وهو قول زفر، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وحكى عن أَبِي حَنِيفَةَ أنه يجلس كيف شاء. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا لم يستطع أن يصلي قاعدًا في كيفية اضطجاعه وجهان: أصحهما وهو المنصوص نص عليه يكون على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع صلى مستلقيًا ورجلاه إلى القبلة، وروى ذلك عن عمر ورِوَايَة عن ابن عمر، وهو قول أَحْمَد وَمَالِك والثَّوْرِيّ في رِوَايَة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره منهم المؤيد. والثاني يصلي مستلقيًا ورجلاه إلى القبلة، وبه قال ابن عمر والثَّوْرِيّ في إحدى الروايتين عنهما والْأَوْزَاعِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف ومحمد، ومن الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى وأبو طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا عجز عن الإيماء ولم يمكنه تحريك لسانه عند القراءة وعقله معه نوى الصلاة وعرض القراءة على قلبه ونوى، وكذا يعرض سائر أفعال الصلاة على قلبه، وينويها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره منهم المؤيد. وعند أبي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى يسقط عنه فعل الصلاة في هذه الحالة. ونقل ابن الصباغ وصاحب المعتمد والدر الشفاف والغزالي والزَّيْدِيَّة خلاف أَبِي حَنِيفَةَ

وصاحبيه فيما إذا لم يستطع أن يومئ برأسه في الركوع والسجود، قالوا: فإنه عند الشَّافِعِيّ يومئ بطرفه وحاجبيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا تجب عليه الصلاة في هذه الحالة، وما حكوه عن أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه في هذه الحالة لا يصح عنهم، وإنما خلافهم فى الحالة التي ذكرناها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كانت السفينة سائرة لم يسقط القيام عن المصلي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسقط عنه القيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وَمَالِك وأكثر أهل العلم إذا افتتح الصلاة قاعدًا ثم قدر على القيام لزمه وبنى على صلاته. وعند مُحَمَّد تبطل صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا افتتح الصلاة مومئًا، ثم قدر على القيام والقعود لزمه الانتقال إليهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والزَّيْدِيَّة تبطل صلاته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا افتتح العريان الصلاة ثم قدر على السترة ستر وبنى على صلاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه تبطل صلاته. مسألة: الذي يجيء على أصل الشَّافِعِيّ أنه إذا كان بعينه رمد، فقيل له: إن صليت مستلقيًا أمكن مداواتك فلا يجوز له ذلك، وهو قول مالك والْأَوْزَاعِيّ. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز له ذلك، وهو قولٌ لبعض الشَّافِعِيَّة. * * *

باب صلاة المسافر

باب صلاة المسافر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يترخص بشيء من رخص السفر في سفر المعصية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ والْمُزَنِي يجوز له الترخص بجميع الرخص، حتى لو خرج مع الحاج ليسرقهم ولا ينوي حجًّا ولا عمرة جاز له أن يترخص، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك له أن يأكل الميتة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أنه لا يشترط في القصر الخوف. وعند داود وأهل الظاهر والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يشترط ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أهل العلم أنه يترخص في السفر المباح والطاعة كما يترخص في السفر الواجب. وعند ابن مسعود لا يجوز قصر الصلاة إلا في السفر الواجب وعند عَطَاء لا يجوز القصر إلا في سفر الطاعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك واللَّيْث وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأكثر أهل العلم لا يجوز القصر في أقل من مسيرة يومين، وهو ستة عشر فرسخًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الباقر. وعند ابن مسعود وسويد بن علقمة وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والحسن بن صالح بن حُيي لا يقصر في أقل من ثلاث مراحل، وهي أربعة وعشرون فرسخًا، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي والسيد المؤيد. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة أقل المسافة أربعة فراسخ، منهم القاسم ويَحْيَى وَأَحْمَد بن عيسى. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأنس يقصر في مسيرة يوم. روى الْأَوْزَاعِيّ عن أنس أنه كان يقصر في خمسة فراسخ. وعند الزُّهْرِيّ وابن عمر يقصر في مسيرة يوم تام، وهو ثلاثون ميلاً. وعند قبيصة بن ذؤيب وهانئ بن كلثوم وعبد الله بن محيريز يقصر فيما بين الرملة وبيت المقدس. وعند داود وأهل الظاهر يقصر في طويل السفر وقصيره مع الخوف، ولا يقصر مع الأمن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وداود وعثمان وسعد بن أبي وقاص وعائشة وابن عمر وابن عَبَّاسٍ القصر رخصة، وهو بالخيار إن شاء قصر، وإن شاء أتم، إلا أن القصر أفضل إذا كانت المسافة ثلاثة أيام. وعند الْإِمَامِيَّة يقصر في بريدين، والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاث أميال، فالجملة أربعة وعشرون ميلاً. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ

وصاحبيه وبعض أصحاب مالك وطائفة من العلماء وعمر وعلي وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة القصر عزيمة لا يجوز التمام، حتى قال أبو حَنِيفَةَ: إذا صلى أربع ركعات، فإن جلس للتشهد الأول أجزأته الركعتان الأولتان، وإن لم يجلس للتشهد أعاد الصلاة. وعند الحسن بن حيي إذا صلى أربعًا متعمدًا أعاد إذا كان منه الشيء اليسير، فإذا طال ذلك في سفره وكثر لم يعد. وعند حماد إذا صلى أربعًا أعاد. وعند الْإِمَامِيَّة تجب عليه الإعادة وإن كان متعمدًا على كل حال، وإن كان أتم ناسيًا أعاد ما دام في الوقت، وبعد خروج الوقت لا إعادة عليه. وهذا الكلام مبهم يقرب مما قاله الحسن بن حيي وحماد. وعند الحسن البصري إذا افتتح الصلاة على أنه يصلي أربعًا أعاد، وإن نوى أن يصلي أربعًا بعد أن افتتح الصلاة بنية أن يصلي ركعتين ثم بدا له وسلم في الركعتين أجزأته صلاته. وعند مالك إذا صلى المسافر أربعًا فإنه يعيد ما دام في الوقت، فإذا مضى الوقت فلا إعادة عليه، وقال: لو أن مسافرًا افتتح المكتوبة ينوي أربعًا، فلما صلى ركعتين بدا له فسلم أنه لا يجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وزيد بن علي إذا نوى السفر لم يجز له القصر حتى يفارق بنيان البلد أو القرية التي يسكنها. وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما أن يفارق بنيان بلده، ولا يحاذيه عن يمينه ولا عن يساره منه شيء. والثانية أن يكون من المصر على ثلاثة أميال. وعند عَطَاء له أن يقصر وإن لم يخرج عن بيوت القرية. وحكى أن الحارث بن رَبِيعَة أراد سفرًا فصلى بهم ركعتين في منزله وفيهم الأسود بن يزيد وغير واحد من أصحاب عبد الله بن مسعود. وعند قتادة إذا جاوز الجسر أو الخندق قصر. وعند مجاهد إن خرج نهارًا لم يقصر إلى الليل، وإن خرج ليلاً لم يقصر إلى النهار. واختلفت الزَّيْدِيَّة في ذلك، فقال النَّاصِر: يقصر إذا خرج من وطنه ميلاً، وقال السيد المؤيد عن يَحْيَى: يقصر إذا توارى تفاصيل بيوت أهله لا جملته. وعند النَّاصِر الأقرب أن له القصر وإن تجاوز البينان بقدر الميل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان للبلد الذي يقصده طريقان يقصر في أحدهما لطوله دون الآخر، فسلك الأبعد لا لغرض سوى القصر، فإنه يجوز له القصر في أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد واختاره الْمُزَنِي. والقول الثاني لا يقصر، واختاره أبو إِسْحَاق المروزي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ملاح السفينة له القصر، وإن كان ماله وأهله

وولده فيها. وعند أَحْمَد والحسن وإِسْحَاق وعَطَاء وأبي أيوب لا يجوز له القصر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان سفره مسيرة ثلاثة أيام كان القصر أفضل من الإتمام على أحد القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد. والقول الثاني الإتمام أفضل، وبه قال الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى الكافر والصبي السفر إلى مسيرة ثلاثة أيام، فسارا يومين فأسلم الكافر وبلغ الصبي جاز لهما أن يقصرا فيما بقي من سفرهما. وعند بعض أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ لا يقصر دون الصبي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز له القصر حتى ينويه عند الإحرام بالصلاة. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يفتقر إلى نية القصر، لأن القصر عنده عزمة. وعند الْمُزَنِي لا يختص القصر بأول الصلاة، بل يجوز أن ينويه في أثنائها. وعند المغربي من أهل الظاهر يجوز له القصر وإن نوى الإتمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا ائتم المسافر بمتم في جزء من صلاته لزمه الإتمام، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق وزيد ابن علي. وعند طاوس والشعبي وإِسْحَاق يجوز له القصر. وعند مالك والحسن وقتادة والنَّخَعِيّ والزُّهْرِيّ إن أدرك ركعة لزمه التمام، وإن كان دونها لم يلزمه التمام. وعند المؤيد من الزَّيْدِيَّة له الاقتداء، إلا أنه يسلم من ركعتين. وعند القاسم ويَحْيَى منهم لا يجوز له الائتمام بالمتم إلا فيما يتفق فيه فرضاهما كالمغرب والفجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى إمام بمسافرين ومقيمين، فأحدث واستخلف مقيمًا لزم المسافرين الإتمام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمهم الإتمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا دخل المسافر في صلاة المقيم ثم أفسدها وزاد، وقضاها في سفره أو حضره فعليه أن يتمها أربعًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصليهما قصرًا. وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي والقاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان بن عفان واللَّيْث وسعيد بن المسيب في رِوَايَة ومالك وأَبِي ثَورٍ إذا نوى المسافر أن يقيم في بلد أربعة أيام غير يوم الدخول ويوم الخروج انقطعت رخص سفره، فيتم الصلاة ولا يقصر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ إذا نوى إقامة خمسة عشر يومًا مع اليوم الذي يدخل فيه واليوم الذي يخرج فيه أتم الصلاة، ولا يجوز له القصر، وإن نوى دون ذلك قصر، وهي إحدى الروايات عن ابن عمر،

واختاره الْمُزَنِي. وعند سعيد بن جبير واللَّيْث أنه إذا نوى إقامة أكثر من خمسة عشر يومًا أتم الصلاة، وإن نوى دون ذلك قصر. وعند علي وابن عَبَّاسٍ والحسن بن صالح بن حيي والْإِمَامِيَّة إن نوى إقامة عشرة أيام أتم، وإن نوى دون ذلك قصر. وعند رَبِيعَة إن نوى إقامة يوم وليلة أتم الصلاة، وإن نوى دون ذلك قصر. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن نوى إقامة اثني عشر يومًا أتم، وإن نوى دون ذلك قصر، وهي الرِوَايَة الثالثة عن ابن عمر. وعند إِسْحَاق إن نوى إقامة سبعة عشر يومًا أتم، وإن نوى دون ذلك قصر، وهي رِوَايَة أخرى عن ابن عباس. وعند أَحْمَد إن نوى إقامة مدة يفعل فيها أكثر من عشرين صلاة أتم، وهذا قريب من مذهب الشَّافِعِيّ، واختاره ابن المنذر. وعند الحسن البصري إذا دخل المسافر البلد أتم الصلاة. وعند عائشة إذا وضع المسافر رحله أتم الصلاة، سواء كان في البلد أو خارجًا منه. وعند سعيد بن المسيب رِوَايَة ثانية كقول الثَّوْرِيّ، وثالثة إذا وطنت نفسك بأرض أكثر من ثلاث فأتم الصلاة. ورابعة إذا أقام المسافر ثلاثًا أتم الصلاة. وفي الترمذي: أن أهل العلم أجمعوا على أن للمسافر أن يقصر ما لم يجمع إقامة، وإن أتى عليه سنون. قلت: وفي دعوى الإجماع هنا نظر، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من كان سفره أكثر من حضره كالملاَّحين والجمَّلين ومن جرى مجراهم أن لهم القصر. وعند الْإِمَامِيَّة لا قصر لهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا نوى إقامة في صلاته أتمها ولا يستأنفها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي ويَحْيَى. وعند أبي عبد الله الداعي منهم عن يَحْيَى أنه يستأنف الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الصحابة إذا نوى الإقامة في موضع لا يصلح للإقامة كمفازة من الأرض كان، كما لو نوى الإقامة في بلده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه الإتمام، وهو قول ضعيف للشافعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك المسافر قرية فأقام بها أربعة أيام من غير نية الإقامة لم يكن له أن يقصر بعدها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقصر ما لم ينو الإقامة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاتته صلاة في الحضر فقضاها في السفر أتم. وعند الحسن رِوَايَة كذلك. وعنه رِوَايَة أنه يقصرها. وعند الْمُزَنِي أنه يقصرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاتته صلاة في السفر فقضاها في الحضر فقَوْلَانِ: القديم:

له قصرها، وهو قول الحسن وَمَالِك وحماد والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ. والجديد يتمها، وهو قول الْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وداود وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إن فاتته صلاة السفر المقضية في السفر يقضيها مقصورة على أصح القولين، وهو قول مالك. والقول الثاني يقضيها تامة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الصحيح إذا سافر بعد دخول وقت الصلاة جاز له القصر، ومقابله أنه إذا سافر وقد بقي من وقت الصلاة قدر الصلاة لم يكن له القصر، وهو قول أحمد، وكذا الْمُزَنِي في رِوَايَة عنه، والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إن بقى قدر ركعة أو أكثر فسافر صلى قصر، وإن لم يبق هذا القدر أتم القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل بلدًا لينجز حاجةً ونوى أنه متى نجزت رحل، فله القصر إلى سبعة عشر يومًا أو ثمانية عشر يومًا في أحد القولين. والقول الثاني: يقصر أيضًا، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأكثرهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى المحارب إقامة أربعة أيام أو أكثر فقَوْلَانِ: القديم يقصر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. والجديد يتم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى القصر، ثم نوى الإقامة أو الإتمام في أثناء الصلاة انقطع سفره، ولزمه الإتمام ولزم من خلفه متابعته. وعند مالك لا يجوز فيه الإتمام، ولا يلزم المأمومين الإتمام. وإن لزم الإمام بنية الإقامة بل يقصرون. والأولى عنده إذا نوى الإقامة. وقد صلى ركعة أن يضيف إليها ركعة أخرى ويجعلها نافلة ويسلم ويستأنف صلاة مقيم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى القصر، ثم نوى الإتمام لزمه الإتمام ولا يجوز له القصر. وعند مالك لا يجوز له الإتمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى القصر فسها فصلى أربعًا أجزأته صلاته وسجد للسهو. وعند بعض المالكية لا تجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نزل المسافر في طريقه على أهله وماله لم يلزمه الإتمام إلا أن ينوي الإقامة أربعة أيام. وعند ابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد أنه يلزمه الإتمام. وعند الزُّهْرِيّ إذا مر بمزرعة له في سفره أتم صلاته. وعند مالك إذا مر بقرية فيها أهله وماله أتم صلاته إذا أراد أن يقيم فيها يومه وليلته.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى خلف من لا يدرى أمقيم هو أو مسافر لزمه الإتمام وإن قصر إمامه، وإن فسدت صلاته لزمه الإتمام أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه الإتمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذ ائتم مسافر بمقيم ثم أفسد صلاته لزمه الإتمام وعند الثَّوْرِيّ لا يلزمه الإتمام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أفسد الإمام صلاته عاد المسافر إلى حاله. وعن أَبِي ثَورٍ رِوَايَتَانِ: إحداهما يتم. والأخرى يقصر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي موسى ومعاذ بن جبل وجابر بن سمرة يجوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما في السفر الطويل، وبه قال المؤيد باللَّهِ من الزَّيْدِيَّة. وعند الحسن البصري وابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ ومَكْحُول وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وبعض الزَّيْدِيَّة لا يجوز الجمع بين الصلاتين في السفر بحال، ويجوز لأجل النسك في عرفة ومزدلفة لا غير، واختاره الْمُزَنِي. وعند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة يجوز ذلك للمعذور، كالخائف والمريض والمشتغل بالطاعات. وعند أبي طالب منهم يجوز أيضًا للمشتغل بالمباحات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز الجمع فيما ذكر في السفر القصير على أصح القولين. ويجوز في القول الثاني، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت الأول منهما في الحضر وفي المطر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي لا يجوز. وعند مالك وَأَحْمَد يجوز الجمع في ذلك بين المغرب والعشاء، ولا يجوز بين الظهر والعصر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز الجمع في الوحل. وعند مالك وَأَحْمَد يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر للمرض والخوف. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز ذلك في المرض والخوف. وعند ابن سِيرِينَ يجوز في غير مرض أيضًا، واختاره ابن المنذر. وعند عمر بن عبد العزيز يجوز الجمع للريح والظلمة والخائف في الحضر. * * *

باب صلاة الخوف

باب صلاةُ الخَوفِ مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء صلاة الخوف ثابتة في وقتنا لم تنسخ. وعند أبي يوسف والْمُزَنِي كانت جائزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ثم نسخت في آخر زمانه وفي حق غيره، فلا يجوز لأحد فعلها بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: لم تنسخ، وإنَّما كانت خاصة للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون من بعده، وهذا ما نقله في البيان هكذا. ونسب في المعتمد والشاشي الوجه القائل بأنها كانت خاصة للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون من بعده إلى أَبِي يُوسُفَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد صلاة الخوف جائزة في الحضر والسفر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يجوز إلا في السفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يؤثر الخوف في عدد الركعات للصلاة. وعند ابن عَبَّاسٍ والحسن البصري وطاوس يؤثر فتكون صلاة الخوف ركعة لكل طائفة، وللإمام ركعتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجوز صلاة الخوف في القتال المحرم. وعند أبي حَنِيفَةَ تجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ تجوز صلاة الخوف في أول الوقت. وعند الزَّيْدِيَّة لا تصلي إلا في آخر الوقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وداود إذا كانوا في السفر وكان العدو في غير جهة القبلة، ولم يأمنوهم، وكان في المسلمين كثرة فرَّقهم الإمام فرقتين، فيجعل طائفة بإزاء العدو وفرقة تصلي معه فيحرم بهم ويصلي بهم ركعة، فإذا قام إلى الثانية نووا مفارقته وصلوا ركعة أخرى لأنفسهم وتشهدوا وسلموا، ثم ذهبوا ووقفوا بإزاء العدو، وجاءت الفرقة التي بإزاء العدو والإمام منتظرٌ لهم. فيحرمون معه ويصلي بهم ركعة، فإذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة قاموا فأتموا لأنفسهم والإمام ينتظرهم جالس، فإذا تشهدوا سلم بهم، وبهذا قال سائر الزَّيْدِيَّة، ومنهم النَّاصِر والصحيح عند النَّاصِر أنه يصلي بالطائفة الأولى ركعة، ثم يقوم ويصلي الركعة الثانية ولا يسلمون لكنهم ينصرفون إلى وجه العدو، وتأتي الفرقة الثانية ويصلي بهم الإمام ركعة ثانية، ثم يصلون باقي صلاتهم والإمام ينتظرهم جالسًا، فإذا أتموا لأنفسهم سلم الإمام بالطائفتين جميعًا.

وعند مالك وَأَحْمَد والحكم كذلك إلا في شيء واحد، وهو أنه إذا صلى الإمام بالفرقة الثانية الركعة التي بقيت عليه فإنه يتشهد بهم ويسلم، فإذا سلم أمر الطائفة الثانية يقضون ما عليهم ويسلمون لأنفسهم كالمسبوق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصلي بالطائفة الأولى ركعة، فإذا قام الإمام إلى الثانية مضت هذه الطائفة إلى وجه العدو وهم في الصلاة، وجاءت الطائفة الأخرى إلى مكان الأولى فيصلي بهم الإمام ركعة ثانية ويتشهد بهم ويسلم الإمام وحده، فإذا فرغ من السلام قامت الطائفة أو مضت إلى وجه العدو وهم فى الصلاة، ثم جاءت الطائفة إلى مكانها فأتمت صلاتها وسلمت ومضت إلى وجه العدو، وجاءت الطائفة الثانية إلى مكانها فأتمت صلاتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الصلاة مغربًا في الخوف صلى بالطائفة الأولى ركعتين وبالأخرى ركعة في أحد القولين، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه، وفي القول الثاني يصلي بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند الحسن يصلي بكل طائفة ثلاث ركعات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ والْإِمَامِيَّة والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا كان العدو في جهة القبلة افتتح الإمام الصلاة بهم جميعًا، ولا يجعلهم فرقتين، ثم يقرأون جميعا ويركع بهم، فإذا سجد الإمام سجد الذين يلونه والصف الأخير قيام يحرسون، فإذا رفع الإمام رأسه من السجدتين سجد الصف الذي حرس بعد تأخر الصف الذي يلي الإمام إلى مقام الصف الثاني ويقدم الصف الأخير مقام الصف الأول، ثم قرأوا جميعًا وركع وقام الآخرون يحرسونهم، فإذا جلس الإمام والصف الذي يليه سجد الآخرون، ثم جلسوا جميعًا فسلم بهم الإمام جميعًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة الحكم في ذلك إذا كان العدو في غير جهة القبلة من غير فرق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الصلاة في الحضر واحتاج الإمام إلى صلاة الخوف، بأن ينزل العدو على باب البلد فيخرج الناس ليقاتلوهم جاز للإمام أن يصلي بهم صلاة الخوف. وعند مالك لا يجوز. وعند أصحابه لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أيجب حمل السلاح في صلاة الخوف؟ قَوْلَانِ: أحدهما يجب، وهو قول داود. والثاني لا يجب، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، وهو الصحيح وبه قالت الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا استبد الخوف وأحاط العدو بالمسلمين ولم يمكن

تفرقتهم صلوا كيف شاءوا رجالاً وركبانًا، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، ويومئون بالركوع والسجود، ولا يجوز لهم إخراج الصلاة عن وقتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز لهم تأخير الصلاة عن وقتها، فإذا زال ذلك صلوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلوا ركبانًا جاز لهم أن يصلوا جماعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز ترك القيام في صلاة الخوف. وعند مُحَمَّد إذا لم يستطع القيام لأجل الخوف جاز له أن يصلي قاعدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا صلى ركعة راكبًا صلاة شدة الخوف، ثم أمن لم يجز له فعلها راكبًا، فإن نزل ولم ينحرف عن القبلة بنى عليها، وإن صلى ركعة على الأرض وهو آمن، ثم لحقه شدة الخوف فركب استأنف على الصحيح. وعند أَبِي ثَورٍ يبني في حال النزول والركوب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رأوا إبلاً أو سوادًا أو غبارًا فظنوا ذلك عدوًا، أو أخبرهم مخبر بالعدو فصلوا صلاة شدة الخوف، ثم بان أنه لم يكن عدوًا لزمهم الإعادة في أحد القولين، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، واختاره الْمُزَنِي والثاني لا تلزمهم الإعادة. * * *

باب ما يكره لبسه

باب ما يكره لبسه مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحرم على الرجال استعمال الحرير في اللبس والجلوس عليه والاستناد إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحرم اللبس خاصة دون ما سواه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الصحيح يجوز لبس الثوب المخلوط من الحرير والقطن والكتان إذا كان القطن أكثر، وبه قال كافة العلماء. وعند الْإِمَامِيَّة يحل وإن كان الغالب الحرير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز لبس الحرير إذا كان سَدأة اللحمة من القطن أو الكتان، ولا يجوز إذا كانت اللحمة حرير. وروى الطحاوي عن الشَّافِعِيّ أنه أباح لبس القباء المحشو بالقز. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة إذا كان نصفه من حرير ونصفه من قطن لا تجوز الصلاة فيه. وعند جماعة منهم أنه يكره ويجزئ. وعندهم أيضًا لا يجوز للرجل أن يصلي وقد شد وسطه بمشد من حرير إلا إذا خاف من حله ولم يجد غيره. وعندهم أيضًا إذا تقلَّد مصحفًا وحمالته من حرير فلا يجوز. * * *

باب صلاة الجمعة

باب صلاةُ الجُمُعة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعلي وابن عمر وأنس وعبد الله بن سمرة وعامة الفقهاء لا تجب الجمعة على المسافر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي والمؤيد. وعند الزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ إذا سمع النداء وجبت عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا أبو عبد اللَّه الداعي وأبو طالب عن القاسم ويَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك لا تجب الجمعة على العبد والمكاتب. وعند داود تجب الجمعة عليهما، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند الحسن وقتادة تجب على المكاتب وعلى العبد الذي يؤدي الضريبة دون من لم يؤد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن المسيب وَأَحْمَد وإِسْحَاق وقتادة وأَبِي ثَورٍ أنه تجب الجمعة على أهل المصر سمعوا النداء أو لم يسمعوا، ومن كان خارج المصر إذا سمع النداء من الموضع الذي تجوز فيه إقامة الجمعة وجب عليهم، وإن لم يسمعوا النداء لم تجب عليهم. وعند ابن عمر وأنس وأبي هريرة وأَبِي يُوسُفَ وأبي ثور أيضًا تجب الجمعة على من يمكنه إتيان الجمعة ويأوي إلى منزله بالليل. وعند عَطَاء تجب الجمعة على من كان من المصر على عشرة أميال. وعند الزُّهْرِيّ تجب على من كان من المصر على ست أميال. وعند رَبِيعَة ومُحَمَّد بن المنكدر تجب على من كان من المصر على أربعة أميال. وعند رَبِيعَة أيضًا أنها تجب على من إذا نودي للصلاة خرج من بيته ماشيًا أدرك الصلاة. وعند مالك واللَّيْث على ثلاثة أميال. وعند أَحْمَد أيضًا على فرسخ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وزيد بن علي لا تجب على من كان خارج المصر، ولو كان بينه وبين المصر خطوة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعند القاسم ويَحْيَى منهم يجب حضورها على من سمع النداء بلديًا كان أو قرويًا حضريًا كان أو بدويًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ إذا كانت قرية فيها أربعون نفسًا توجد فيهم شرائط وجوب الجمعة لزمهم إقامة الجمعة في مواضعهم. وعند عمر بن عبد العزيز والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث إذا كانت قرية عليها أمير جمع فيها. وعند النَّخَعِيّ والحسن وابن سِيرِينَ والثَّوْرِيّ وزيد بن علي وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وعلى لا تصح الجمعة إلا في مصر جامع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند عمر بن عبد العزيز أيضًا أي قرية اجتمع فيها

خمسون رجلاً فليصلوا الجمعة. وعند مَكْحُول إذا كانت القرية فيها الجماعة صلوا الجمعة. وعند مالك القرية التي اتصلت دورها أنه تجمع فيها الجمعة كان فيها والي أم لم يكن. وعند مالك أيضًا يجوز أداؤها في المناهل والقرى إذا كان مسجدًا يجمع فيه ويمكن أن تقوم فيه أربعة أنفس، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند الزَّيْدِيَّة أيضًا إذا كان في الصحراء أو في المفازة بيت له حصيرة مثل المسجد والبيت جاز إقامتها فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ البيع يوم الجمعة بعد الزوال وقبل ظهور الإمام على المنبر مكروه، ولا يحرم. وعند الضحاك ورَبِيعَة وَأَحْمَد يحرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن هذا التحريم يختص بأهل فرض الجمعة فأمَّا من لم يكن من أهل فرض الجمعة كالمسافرين أو العبيد والنساء فلا يحرم عليهم. وعند مالك يحرم عليهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إن كان موضع حرّم فيه البيع ووقع فيه صح البيع. وعند مالك وَأَحْمَد وداود لا يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن تقام الجمعة خارج المصر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز إذا كان الموضع قريبًا منه، نحو الموضع الذي يصلي فيه العيد. وعند أَبِي ثَورٍ كسائر الصلوات إلا أن فيها خطبة فحيث ما أقيمت جاز. وعند ابن عمر وعمر بن عبد العزيز أن أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الفقهاء أنه إذا اجتمع عيد وجمعة في يوم واحد لا تسقط الجمعة بفعل العيد في حق أهل الأمصار. وعند عَطَاء والشعبي والنَّخَعِيّ تسقط الجمعة بفعل العيد. وعند أَحْمَد وابن الزبير وعمر وابن عَبَّاسٍ وعلي وعبد الرحمن السلمى أنه يسقط عنهم حضور الجمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المعذور إذا صلى الظهر في أول الوقت صحت صلاته وسقط عنه الفرض، فإذا سعى إلى الجمعة وصلاها كانت له نافلة في القديم يحتسب الله بأيهما شاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا سعى إلى الجمعة بطلت صلاته. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد تبطل صلاته بالإحرام بالجمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أنه يستحب للمعذورين الجماعة في الظهر يوم الجمعة. وعند

مالك وأَبِي حَنِيفَةَ تكره لهم الجماعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زالت الشمس يوم الجمعة لم يجز له السفر إذا لم يخف فوات الرفقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له. وعند أَحْمَد يجوز له سفر الجهاد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز السفر في يوم الجمعة قبل الزوال قَوْلَانِ: القديم الجواز، وهو قول عمر والزبير وأبي عبيدة بن الجراح والحسن بن صالح وابن سِيرِينَ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه. والجديد لا يجوز إذا لم يخف فوات الرفقة، وهو قول ابن عمر وعائشة وَأَحْمَد، إلا أن أَحْمَد يقول: يجوز إذا كان سفر الجهاد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ العدد شرط في الجمعة، ولا خلاف أنها لا تنعقد بواحد. واختلف العلماء في أقل العدد والذي تنعقد به الجمعة. فعند الشَّافِعِيّ وعمر بن عبد العزيز وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وَأَحْمَد أنها تنعقد بأربعين رجلاً والإمام محسوب منهم، ولا تنعقد بدون ذلك. وعند رَبِيعَة تنعقد باثني عشر رجلاً، ولا تنعقد بما دون ذلك. وعند عكرمة تنعقد بتسعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ ومحمد تنعقد بأربعة: إمام وثلاثة مأمومين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد عن يَحْيَى، واختاره المؤيد. وعند الْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ، وكذا الثَّوْرِيّ أيضًا أنها تنعقد بثلاثة إمام ومأمومين، وهو قول قديم للشافعي أيضًا، وبه قال أبو عبد الله الداعي من الزَّيْدِيَّة عن الهادي. وعند الحسن بن صالح أنها تنعقد بإمام ومأموم. وعند الْإِمَامِيَّة تنعقد بخمسة الإمام أحدهم. وعند مالك العدد غير معتبر، ولا حد في ذلك، وإنما يعتبر عدد تتقرى بهم قرية ويجلبهم المقام فيها والبيع والشراء. وإذا كانت قرية وفيهم سوق ومسجد انعقدت بهم الجمعة، ومنع ذلك في الثلاثة والأربعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم الإمام في الجمعة بأربعين، ثم أنفضى عنه بعضهم أتمها ظهرًا في أصح القولين، وهو قول أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن انفضوا بعد ما صلى بهم ركعة بسجدة أتمها جمعة، وإن انفضوا قبل ذلك أتمها ظهرًا. وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد إذا انفضوا بعد ما أحرم أتمها جمعة وإن بقي وحده. واختلفت الزَّيْدِيَّة في ذلك، فقال النَّاصِر وأبو عبد الله الداعي عن الهادي: إن انفضوا قبل أن يقعد في آخر الصلاة بمقدار التشهد، ولم يبق معه ثلاثة أنفس بنى عليها صلاة الظهر وأتمها ظهرًا. وقال المؤيد: إذا أدركوا الخطبة وافتتحوا الصلاة ثم انفضوا صلاَّها جمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع أربعون عبيدًا ومسافرين وعقدوا جمعة بانفرادهم لم

تنعقد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تنعقد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن من عليه فرض الجمعة إذا صلى الظهر قبل فعل الإمام الجمعة لا تصح في أصح القولين، وهو الجديد، وبه قال مالك وإِسْحَاق وزفر، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة. والقول القديم تصح، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، وأصل القولين هل الجمعة أصل والظهر بدل عنها، أو الظهر أصل والجمعة بدل عنه؟ فيه القَوْلَانِ، وبالأول قال مُحَمَّد بن الحسن، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد بالله، وبالثاني قال أبو حَنِيفَةَ وأبو يوسف، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يلزمه السعي إلى الجمعة، وإذا سعى إليها بطل ظهره. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يبطل بالإحرام لا بنفس السعي. وعند أبي إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة أن الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن صلاته جائزة، وإن حضر الجمعة لم ينتقض ظهره، فإذا أتى بالجمعة قال الشَّافِعِيّ: يحتسب الله له بما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك العدد مشروط في الجمعة مشروط في الخطبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة يجوز أن يخطب وحده، ثم يحضر العدد بعد ذلك ويصلي بهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من أدرك الإمام قبل الركوع في الثانية صحت له الجمعة وإن لم يسمع الخطبة، وبه قال زيد بن علي ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند عَطَاء وطاوس من لم يدرك شيئًا من الخطبة صلى الظهر أربعًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الفاسم ويَحْيَى والنَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة أول وقت جواز فعل الخطبة إذا زالت الشمس. وعند أَحْمَد يجوز فعلها قبل الزوال. واختلف أصحابه فى وقتها، فمنهم من قال: أول وقتها وقت صلاة العيد، ومنهم من قال: يجوز فعلها فى الساعة السادسة. وعند مالك يجوز فعل الخطبة قبل الزوال، ولا يجوز فعل الصلاة قبل الزوال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج وقت الجمعة قبل الفراغ منها لم يجز أن يتمها جمعة ويتمها ظهرًا، ولا يحتاج إلى تجديد النية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تبطل صلاته، ولا تجزئه النية، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند عَطَاء وَمَالِك وَأَحْمَد يتمها جمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ القيام في الخطبة مع القدرة شرط، فإن خطب قاعدًا مع القدرة

لم تصح، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد القيام ليس بشرط فيها بحال. وعند مالك القيام فيها واجب بالسنة، فإن خطب جالسًا كره له ذلك وأجزأه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي وأبو طالب عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الجلوس بين الخطبتين واجب. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد هو مستحب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في اشتراط طهارة الحدث والنجس وسترة العورة في الخطبة قَوْلَانِ: القديم لا يشترط ذلك، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد. والجديد يشترط ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أقل ما يجزئ في الخطبة الحمد للَّهِ ويصلي على نبيه ويوصي بتقوى الله، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ويقرأ آيةً من القرآن، وفي الثانية يحمد الله ويصلي على نبيه ويوصي بتقوى الله، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات. وعند الْأَوْزَاعِيّ والحسن وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يجزئ ما يسمى خطبة في العادة. وعند أبي حَنِيفَةَ يجزئ في الخطبة التحميدة والتسبيحة. وعند مالك رِوَايَتَانِ: إحداهما: إن هلل وسبح أعاد ما لم يصل والثانية: لا يجزئه إلا ما تسميه العرب خطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الزبير إذا صعد الإمام على المنبر استقبل الناس بوجهه وسلم عليهم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يكره له هذا السلام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا خطب استحب له أن يقبل على الناس بوجهه، ولا يلتفت يمينًا وشمالاً. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلتفت يمينًا وشمالاً كالمؤذن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز شرب الماء في حال الخطبة للعطش أو التبرد. وعند مالك َوَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ لا يجوز. قال الْأَوْزَاعِيّ: فإن شرب بطلت جمعته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الجمعة، وفى الثانية بعد الفاتحة سورة المنافقين. وعند مالك يقرأ في الأولى سورة الجمعة، وفي الثانية (هل أتاك حديث الغاشية). وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تتعين القراءة المستحبة فيهما، ويقرأ بما شاء. * * *

باب هيئة الجمعة والتبكير

باب هيئة الجمعة والتبكير مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة أهل العلم غسل الجمعة سنة وليس بواجب. وعند الحسن البصري وداود وأهل الظاهر هو واجب، وروي عن كعب الأحبار أنه قال: لو لم أجد في يوم الجمعة صاعًا إلا بدينار اشتريته واغتسلت به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وقت غسل الجمعة بعد الفجر فإن اغتسل قبله لم يجزئه. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا اغتسل قبل الفجر وراح عقيبه أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اغتسل بعد طلوع الفجر للجمعة وراح عقيبه إليها فقد أتى بالأفضل، وإن لم يرح عقيبه أجزأه. وعند مالك لا يجزئه إلا إذا راح عقيبه. وعند أكثر الزَّيْدِيَّة من شرط الإجزاء ألا يحدث بين الاغتسال والرواح. وعند بعضهم لا يشترط ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الغسل مسنون في حق من حضر الجمعة دون من لم يحضر. وعند أَبِي ثَورٍ مسنون في حق الجميع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يسن للمرأة الغسل إذا أرادت حضور الجمعة. وعند أَحْمَد لا يسن لأنها لا تختلط بالرجال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اغتسل للجنابة وللجمعة غسلاً واحد ونوى لهما أجزأه. وعند مالك لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نوى بغسله الجمعة عن الجنابة لا يجزئه. وعند مالك لا يجزئه في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن كل عذر يسقط الجماعة يسقط الجمعة، من وحل ومطر وغير ذلك. وعند مالك أن المطر ليس بعذر في ترك الجمعة، ورواه عنه ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وجماعة وابن عمر لا يكره الاحتباء في حال الخطبة. وعند بعض أصحاب الحديث يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا ينقطع التنفل يوم الجمعة حتى يجلس الإمام على المنبر، ولا ينقطع الكلام إلا بابتداء الإمام في الخطبة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا خرج الإمام. حرم

الكلام والتنفل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر في رِوَايَة لا يكره الكلام عند فراغ الإمام من الخطبة قبل اشتغاله بالصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والحكم وابن عَبَّاسٍ يكره ذلك، وهي الرِوَايَة الأخرى عن ابن عمر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره لمن دخل وقد ازدحم الناس أن يتخطى رقابهم، ويصلي حيث انتهى به المجلس، إلا أن لا يجد موضعًا يصلي فيه فلا يكره له التخطي، وكذلك إذا كان هناك فرجة ولا يحتاج في الوصول إليها إلا أن يتخطى الواحد والاثنين فيجوز ذلك، فإن كانوا أكثر من ذلك كره له. وعند قتادة يتخطاهم إلى مجلسه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يتخطَّاهم إلى السبعة. وعند مالك يكره له إذا خرج الإمام وقعد على المنبر فأمَّا قبل خروجه فلا يكره له. وعند ابن بطة يجوز أن يتخطاهم بإذنهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والحسن ومَكْحُول وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا دخل والإمام يخطب فإنه يصلي ركعتين خفيفتين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد اللَّه الداعي والقاسم ومُحَمَّد بن يَحْيَى. وعند عَطَاء وابن سِيرِينَ وشريح والنَّخَعِيّ وقتادة وَمَالِك واللَّيْث بن سعد والثَّوْرِيّ وسعيد بن عبد العزيز وأَبِي حَنِيفَةَ يكره ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد وأبو طالب عن يَحْيَى. وعند أبي مجلز إن شئت ركعت، وإن شئت جلست. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن كان قد ركع في بيته لم يصلي، وإن لم يكن قد صلى في بيته ركع ركعتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يجب الإنصات عند الخطبة أو يستحب؟ قَوْلَانِ: أحدهما: وهو القديم يجب، وبه قال عثمان وابن عمر وابن مسعود وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ َوَأَحْمَد وزيد بن علي، واختاره ابن المنذر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وهو الجديد يستحب ذلك ولا يجب، وبه قال عروة بن الزبير والنَّخَعِيّ والشعبي والثَّوْرِيّ. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالقاسم وابنه مُحَمَّد ومُحَمَّد بن يَحْيَى وأبي عبد الله الداعي لا بأس بالكلام الخفى الذي لا يشغله عن سماع الخطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يرد السلام ويشمت العاطس؟ يبنى ذلك على القولين: فإن حرَّمنا الكلام لم يجز رد السلام، ولا تشميت العاطس، وهو قول مالك والْأَوْزَاعِيّ وإن أجزنا الكلام جاز رد السلام وتشميت العاطس، وهو قول الحسن والشعبي والحكم

وحماد والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق. وعند قتادة لا يشمت العاطس ويرد السلام ويسمعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا الكلام محرم في حال الخطبة حرم في حق من كان قريبًا يسمع الخطبة، ومن كان بعيدًا لا يسمعها إلا أن البعيد بالخيار إن شاء سكت، وإن شاء قرأ القرآن، فإن سبح فلا بأس. وعند الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ يؤمر بالسكوت. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا عطس حمد الله في نفسه. وعند ابن الزبير لا بأس بالكلام لمن لا يسمع الخطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قرأ الإمام في الخطبة (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ... ) الآية جاز للمستمع أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويرفع بها صوته. وعند مالك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق يصلي عليه في نفسه ولا يرفع صوته، وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ السكوت أحب إليهما، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا بأس بالإشارة إلى من يتكلم في حال الخطبة، ويكره الحصب بالحصى. وعند ابن عمر من تكلم والإمام يخطب يُحصب، وربما أشار إليه. وعند طاوس تكره الإشارة إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزُّهْرِيّ ومُحَمَّد وابن عمر وابن مسعود وأنس والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم إذا أدرك ركعة من الجمعة أتمها بجمعة. وإن أدرك دون الركعة أتمها ظهرًا. وعند النَّخَعِيّ والحكم وحماد وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا أدرك جزءًا من الصلاة ولو كان في سجدتي السهو أتمها جمعة. وعند عمر وعَطَاء وطاوس ومجاهد ومَكْحُول لا يدرك الجمعة إلا بإدراك الخطبتين، ومن لم يدرك الخطبتين لم يدرك الجمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل مع الإمام ولم يدر أجمعة هي أم ظهر فصلى معه ركعتين لم يجزئه ذلك عن جمعة ولا ظهر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا علق نيته بنية الإمام أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا زحم المأموم عن السجود، فإن أمكنه أن يسجد على ظهر إنسان أو جزء منه فعل، وإن لم يمكنه ذلك صبر حتى يزول الزحام. وعند عَطَاء والزُّهْرِيّ وَمَالِك لا يجوز له أن يسجد على ظهر إنسان، بل ينتظر حتى يزول الزحام، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. وعند الحسن البصري

هو بالخيار إن شاء سجد على ظهر إنسان، وإن شاء وقف حتى يزول الزحام ويسجد على الأرض، وهو قول قديم للشافعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زال الزحام والإمام راكع فهل يشتغل بقضاء ما فاته أو يتابعه فى الركوع؟ فيه قَوْلَانِ. أحدهما لا يتابعه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ واختاره الشيخ أبو حامد. والثاني يتابعه وهو قول مالك، واختاره القفال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يكون العبد إمامًا في الجمعة إذا كان زائدًا على الأربعين. وعند مالك لا يجوز، وهو رِوَايَة عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المسافر يجوز أن يكون إمامًا في الجمعة إذا كان زائدًا على الأربعين. وعند أَحْمَد وَمَالِك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز الاستخلاف للإمام في الصلاة قَوْلَانِ: القديم لا يجوز، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة والجديد الجواز، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا خرج من المسجد قبل الاستخلاف جاز لهم أن يستخلفوا، أو يتموا فرادى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وجماعة من الزَّيْدِيَّة إذا خرج ولم يستخلف بطلت صلاتهم، سواء استخلفوا أو لم يستخلفوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا صلى بقوم، ثم تأخر وقدم رجلاً جاز وعند أبي يوسف ومُحَمَّد لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استخلف امرأة فلم يقتدوا بها لا تبطل صلاتهم. وعند أبي حَنِيفَةَ تبطل صلاتهم بنفس الاستخلاف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استخلف الإمام جنبًا، ثم استخلف الجنب رجلاً طاهرًا لم يجز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحدث في الصلاة قبل الركوع جاز له أن يستخلف من أحرم معه، وإن لم يكن يسمع الخطبة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ لا يجوز له أن يستخلف إلا من سمع الخطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجوز الصلاة نصف النهار يوم الجمعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد

يكره ذلك في الصيف والشتاء، وهو قول ابن الْمُبَارَك، إلا أن ابن الْمُبَارَك يقول: إذا علمت ذلك، فأمَّا إذا لم أعلم، ولا أستطيع أن أنظر فإني أراه واسعًا واسعًا. وعند عَطَاء يجوز ذلك في الشتاء دون الصيف. وعند مالك لا أثني عليه ولا أحبه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأكثر أهل العلم لا تفتقر إقامة الجمعة إلى إذن الإمام. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تقام إلا بإذن الإمام، وهو قول قديم للشافعي غير مشهور. وعند مُحَمَّد إن مات الإمام فقدم الناس رجلاً يصلي بهم الجمعة جاز ذلك، لأنه موضع ضرورة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك لا يُقَامُ في البلد الواحد إلا جمعة واحدة، وإن عظم. وعند أَبِي يُوسُفَ إن كان البلد جانبين، بأن كان في وسطه نهر جاز أن تقام فيه جمعتان، وإن كان جانبًا واحدًا لم تقم فيه إلا جمعة واحدة. وعند مُحَمَّد تقام فيه جمعتان، وإن كان جانبًا واحدًا. وروي عنه ثلاث جمع. وعند أَحْمَد يجوز أن تقام جمعتان وثلاث وأكثر إذا دعت الحاجة إلى ذلك كبغداد والبصرة وغيرهما. وعند عَطَاء وداود تجوز إقامة الجمعة في كل مسجد. وأهل الخلاف يذكرون أن مذهب أَبِي حَنِيفَةَ فيها كمذهب الشَّافِعِيّ، قال الشيخ أبو حامد: والذي يدل عليه كلام الشَّافِعِيّ أن مذهب أَبِي حَنِيفَةَ كمذهب محمد. مسألة: الذي يجيء على أصل الشَّافِعِيّ أن الذي يُصلى بعد الجمعة هو الذي يصلي بعد الظهر. وعند النَّخَعِيّ وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ وابن مسعود والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك يصلي أربعًا. وعند عَطَاء ومجاهد وحميد بن عبد الرحمن وعلي وابن عمر وأبي موسى يصلي ركعتين ثم يصلي أربعًا. وعند أَحْمَد إن شاء صلى ركعتين، وإن شاء صلى أربعًا، وعند ابن عمر والنَّخَعِيّ رِوَايَة أخرى أنه يصلي ركعتين، وعند إِسْحَاق إن صلى في المسجد يوم الجمعة صلى أربعًا وإن صلى في بيته صلى ركعتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي والنعمان بن بشير والمغيرة بن شعبة وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أن القنوت في الجمعة غير مشروع. وعند عمر بن عبد العزيز وبني أمية، وكذا النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة أنه مشروع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والحسن لا تكره الصلاة في المقصورة. وعند الأحنف بن قيس وابن محيريز والشعبي وَأَحْمَد وإِسْحَاق يكره ذلك، إلا أن إِسْحَاق يقول: تجزئ الصلاة. وروى عن ابن عمر أنه كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى المسجد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المسافر إذا أدرك التشهد في صلاة الجمعة صلى أربعًا. وعند إِسْحَاق يصلي ركعتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك ركعة من الجمعة فذكر بعد سلام الإمام أنه فاتته سجدة فيها، سجد سجدة وأتى بثلاث ركعات، وعند أَحْمَد إن لم يكن انتقل بالثانية سجد سجدة وأضاف إليها ركعة أخرى وأجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا يحرم الكلام في الخطبة فلا يجوز الكلام بين الخطبتين إذا سكت الإمام. وعند الحسن البصري لا بأس به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر في رِوَايَة لا يكره الكلام عند فراغ الإمام من الخطبة قبل اشتغاله بالصلاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والحكم وابن عَبَّاسٍ يكره ذلك، وهو رِوَايَة عن ابن عمر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مر الإمام بآية سجدة وهو على المنبر جاز له أن ينزل ويسجد على الأرض، فإن تركه كان أولى. وعند عثمان بن عفان وأبي موسى الأشعري وعمار ابن ياسر والنعمان بن بشير وعقبة بن عامر أنه ينزل ويسجد. وعند مالك أنه لا يحمل على ذلك. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ترك المسبوق مع الإمام ركعة عن الجمعة، ثم خرج الوقت فهل يتمها ظهرًا أو جمعة؟ فيه وجهان. وعند مالك يجوز أن يتبدئ الجمعة بعد خروج الوقت بناء على أصله. * * *

باب صلاة العيدين

باب صلاةُ العيدين مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن صلاة العيد سنة، وبه قال زيد بن علي والنَّاصِر والمؤيد. والوجه الثاني أنها فرض على الكفاية، وبه قال أحمد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو العبَّاس والسيد المؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ واجبة وليست بفرض، وبه قال مُحَمَّد بن القاسم من الزَّيْدِيَّة، واختاره أيضًا منهم السيد المؤيد. وعند الْإِمَامِيَّة هي واجبة على كل من وجبت عليه صلاة الجمعة وملك الشروط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأفضل أن يصلي صلاة العيد في المسجد إلا أن يضيق بالناس فيخرجوا إلى الصحراء وعند مالك الأفضل أن يصلي في المصلَّى بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحضرن العجائز صلاة العيد وصلاة الجماعة وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحضرن ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وقت الغسل لصلاة العيد قَوْلَانِ: أحدهما بعد طلوع الفجر الثاني، وهو قول أحمد. والثاني يجزئه ذلك قبل طلوعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة أهل العلم أنه لا يسن الأذان والإقامة لصلاة العيد. وعند معاوية ومروان وابن الزبير وزياد أنه يسن لها، وأحدثه الحجاج. واختلف العلماء في أول من أحدث هذا، فقال سعيد بن المسيب: هو معاوية، وقال ابن سِيرِينَ: هو مروان، وقال أبو قلابة: هو ابن الزبير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعلي وابن عمر وعائشة وأبي هريرة وزيد بن ثابت وابن عَبَّاسٍ والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق واللَّيْث وداود وأهل المدينة وَمَالِك أيضًا في رِوَايَة أنه إذا فرغ من دعاء الاستفتاح كبَّر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الثانية خمس تكبيرات قبل القراءة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والداعي وأبو طالب. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ والْمُزَنِي يكبر في الأولى ستًا وفي الثانية خمسًا. وعند سائر العلماء من الزَّيْدِيَّة هي ركعتان بتكبيراتها الزوائد، منفردًا كان أو مع الإمام. وعند النَّاصِر منهم يصليها بتكبيراتها الزوائد مع الإمام، وبغير تكبيرات إذا كان منفردًا، وبه قال زيد بن علي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وابن مسعود وأبي موسى وحذيفة والْمُزَنِي والثَّوْرِيّ يكبر ست تكبيرات، ثلاث في الأولى قبل القراءة، وثلاث في الأخرى بعد القراءة.

ونقل عن أَحْمَد موافقة الشَّافِعِيّ أيضًا. وعند سعيد بن المسيب والنَّخَعِيّ وابن عباس أيضًا والمغيرة بن شعبة وأنس بن مالك يكبر في الأولى تسعًا وفي الثانية تسعًا. وعند ابن عبَّاس أيضًا أنه يكبر في الأولى في الفطر سبع، منهن تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع، وفى الثانية ست تكبيرات منهن تكبيرة الركوع. وعند الْإِمَامِيَّة يكبر في الأولى تسع تكبيرات، وفي الثانية خمس من جملتهن تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع. وعند الحسن يكبر في الأولى خمس تكبيرات، وفي الأخرى ثلاث سوى تكبيرة الركوع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند جابر يكبر في الأولى أربع تكبيرات سوى تكبيرة الصلاة، وفي الثانية ثلاث تكبيرات بعد القراءة سوى تكبيرة الصلاة. وعند المؤيد من الزَّيْدِيَّة يكبر في الأولى خمسًا، وفي الثانية أربعًا. وعند الحسن رِوَايَة أيضًا أن التكبير في الأضحى والفطر واحد، يكبر في الأولى ثلاثًا غير تكبيرة الافتتاح، وفي الثانية ثلاثًا بعد القراءة منها تكبيرة الركوع. وعن على أيضًا أنه يكبر في الفطر إحدى عشرة تكبيرة، يكبر واحدة، ثم يقرأ، ثم يكبر خمسًا ويركع بإحداهن، ثم يقوم فيكبر، ثم يكبر خمسًا يركع بإحداهن، وكان يكبر في الأضحى تكبيرة واحدة التي توجب لها الصلاة، ثم يقرأ، ثم يكبر بثنتين يركع بإحداهما، ثم يقوم فيقرأ، ثم يكبر بثنتين يركع بإحداهما. وروى عنه أيضًا أنه كان يكبر في الفطر اثني عشر، وفي الأضحى خمسًا. وعند يَحْيَى ابن يعمر يكبر في الأضحى تكبيرتين في الأولى ثم يقرأ في الأخرى مثل ذلك، وفي الفطر مثل قول ابن مسعود. وعند حماد بن أبي سليمان ليس في تكبيرات العيد شيء يوقّت. وعند ابن عَبَّاسٍ رِوَايَة أخرى أن التكبير يوم الفطر، ويوم النحر تسع تكبيرات وأحد عشر وثلاثة عشر كل سُنَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعتد بتكبيرة الافتتاح والركوع في جملة التكبيرات. وعند مالك يعتد في الركعة الأولى بتكبيرة الافتتاح في جملة التكبيرات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يستحب أن يرفع يديه في كل تكبيرة من هذه التكبيرات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يرفعهما إلى شحمة أذنيه. وعند مالك والثَّوْرِيّ لا يرفع يديه إلا في تكبيرة الافتتاح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والزَّيْدِيَّة يقف بين كل تكبيرة بين ساعة يدعو الله ويذكره في نفسه. وسئل الْأَوْزَاعِيّ هل بين التكبيرتين شيء؟ فقال: ما علمت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكبر متواليًا ولا يقف. وعند الْإِمَامِيَّة يجب القنوت بين كل تكبيرتين.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد بن الحسن وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كبَّر تكبيرة الافتتاح قرأ بعدها دعاء الاستفتاح، ثم يأتي بالتكبيرات السبع، ثم يتعوذ بعدها قبل القراءة. وعند أَبِي يُوسُفَ يتعوذ عقيب دعاء الافتتاح. وعند الْأَوْزَاعِيّ يأتي بدعاء الافتتاح بعد فراغه من التكبيرات كلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك التكبيرات في الركعتين قبل القراءة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه القراءة في الركعة الثانية قبل التكبير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ. وعند الْإِمَامِيَّة القراءة في الركعتين قبل التكبيرات، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والمؤيَّد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي تكبيرات العيد فذكرها قبل الركوع فقَوْلَانِ: القديم يأتي بها، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. والجديد لا يأتي بها، وهو قول مالك وأَبِي ثَورٍ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ إذا أدرك المأموم الإمام وقد فاته بعض تكبيرات العيد قضى ما فاته على القديم، وكذا إذا أدركه وهو يقرأ، ولا يقضيها في قوله الجديد، وإن أدركه في حال الركوع لم يقضها قطعًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد يكبر فى الركوع تكبيرات العيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي تكبيرة من تكبيرات العيد لم يسجد للسهو. وعند أبي ثور وَمَالِك يسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة ب (ق)، وفي الثانية بعد الفاتحة (اقتربت الساعة). وعند مالك وعمر وأَبِي ثَورٍ وكذا أَحْمَد في رِوَايَة يقرأ فى الأولى بـ (سبح اسم ربك الأعلى)، وفي الثانية بعد الفاتحة (هل أتاك حديث الغاشية). وفى رِوَايَة عن مالك يقرأ في الأولى بـ (سبح اسم ربك)، وبها قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس في صلاة العيد قراءة معينة، وهي الرِوَايَة الأخرى عن أحمد، وبها قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند ابن مسعود أنه يقرأ بفاتحة الكتاب وسورة من المفصَّل. وعند أبان بن عثمان يقرأ في الأولى بـ (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية (اقرأ باسم ربك). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجهر بالقراءة فيهما. وعند علي لا يرفع صوته ويسمع من بله.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وعثمان وابن عَبَّاسٍ وأبي مسعود البدري والمغيرة بن شعبة وَأَحْمَد أن صلاة العيد قبل الخطبة. وعند ابن الزبير ومروان بن الحكم أنه يخطب ثم يصلي، وهو رِوَايَة عن عثمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأنس وأبي هريرة وسهل بن سعد وجابر بن عبد الله ورافع بن خديج يكره للإمام التنفل قبل صلاة العيد وبعدها، ويجوز ذلك لغير الإمام قبلها وبعدها. وعند الشعبي ومَسْرُوق والضحاك بن مزاحم والقاسم بن محمد وسالم والزُّهْرِيّ ومعمر وَمَالِك وَأَحْمَد وعلي وابن مسعود وحذيفة وابن عمر وابن أبي أوفى وجابر أيضًا لا يتنفل قبل الصلاة ولا بعدها. وفي المسجد رِوَايَتَانِ عن مالك. وعند علقمة والأسود ومجاهد وابن أبي ليلى والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ والحسن وأبي مسعود البدري يكره التنفل قبلها ولا يكره بعدها. وعند إِسْحَاق يصلي قبلها ويصلي بعدها إذا رجع إلى بيته أربعًا، ولا يصلي في الجبان شيئًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صلاة العيد قَوْلَانِ. أصحهما: وهو الجديد يصليها المنفرد والمسافر والمرأة والعبد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم ويَحْيَى. والثاني لا تقام إلا حيث تقام الجمعة، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وزيد بن علي وَأَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام صلاها ركعتين وحده كصلاة الإمام. وعند أَحْمَد وابن مسعود يصلي أربعًا. وعند الثَّوْرِيّ إن شاء صلى، وإن شاء ترك، وإن شاء صلى ركعتين، وإن شاء صلى أربعًا، وهي رِوَايَة أخرى عن أحمد. وعند الْأَوْزَاعِيّ يصلي ركعتين ولا يجهر فيهما، ولا يكبر كما يكبر الإمام. وعند إِسْحَاق إن صلاها في الجبان صلى ركعتين كصلاة الإمام، وإن لم يصلها في الجبان صلاها أربعًا. * * *

باب التكبير

باب التَّكبير مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة التكبير في العيدين سنة. وعند داود هو واجب في عيد الفطر. وعند النَّخَعِيّ إنما يفعل ذلك الجوَّاكون. وعند ابن عباس يكبر مع الإمام، ولا يكبر المنفرد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في رِوَايَة لا يكبر في عيد الفطر، ويكبر في عيد الأضحى. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر: هو بعد غروب الشمس من ليلة الفطر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكبر يوم الأضحى في ذهابه إلا المصلي ويجهر به، ولا يكبر يوم الفطر. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يكبر من المغرب ليلة الفطر بعدها وبعد العشاء وبعد الصبح والظهر والعصر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يكبر للفطر حين يخرج الإمام إلى أن يبتدئ الخطبة. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ لا يكبر ليلة الفطر، وإنَّما يكبر عند ذهابه إلى المصلي في العيدين جميعًا. وعند مالك أيضًا يكبر في المصلي إلى أن يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام قطع التكبير، ولا يكبر إذا رجع. وعند الْإِمَامِيَّة يجب على المصلي التكبير في ليلة الفطر، وابتداؤه من دبر صلاة المغرب إلى رجوع الإمام من صلاة العيد، فيصير التكبير خلف أربع صلوات، أولاهن مغرب الفطر، وآخراهن صلاة العيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وقت انقطاع تكبير الفطر ثلاثة أقوال: أحدها: إلى أن يظهر الإمام في المصلي. والثاني: إلى أن يحرم بالصلاة. والثالث: إلى أن يفرغ من الصلاة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما: إلى أن يفرغ من الخطبتين. والثانية: حتى يأتي المصلي ويخرج الإمام، وبها قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ التكبير في التشريق مستحب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند النَّاصِر والمؤيد من الزَّيْدِيَّة أنه واجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في ابتداء التكبير في الأضحى ثلاثة أقوال أصحها: يبتدأ التكبير بعد صلاة الظهر يوم النحر، وآخره بعد صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، وروى ذلك عن عثمان وابن عمر وزيد بن ثابت وابن عَبَّاسٍ وأبي سعيد الخدري، وهو قول مالك وعمر بن عبد العزيز. والثاني يكبر بعد المغرب من ليلة النحر إلى الصبح من آخر أيام التشريق، وهو قول الثورى وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ ومحمد، واختاره ابن

المنذر،. وروى ذلك عن عمر وعلي. والثالث يكبر من بعد صلاة الفجر يوم عرفة ويقطعه بعد العصر آخر أيام التشريق. وعن أَحْمَد رِوَايَة وهي الصحيحة عنده أنه يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق، فإن كان محرمًا فمن الظهر يوم النحر. وعند علقمة والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ يكبر بعد الصبح يوم عرفة إلى بعد العصر يوم النحر، وبه قال ابن مسعود في رِوَايَة، وروي عنه أيضًا إلى الظهر يوم النحر. وعند الْأَوْزَاعِيّ والْمُزَنِي ويَحْيَى بن سعيد الأنصاري يكبر من الظهر يوم النحر إلى الظهر من اليوم الثالث من أيام التشريق. وعند داود والزُّهْرِيّ وسعيد بن جبير وابن عَبَّاسٍ يكبر من الظهر يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق. وعند الحسن يكبر من الظهر يوم النحر إلى الظهر من النفر الأول. وعند سفيان بن عيينة أهل منى يكبرون من الظهر يوم النحر، وأهل الأمصار يكبرون غداة يوم عرفة. واختلف القول عن أبي وائل فروى عنه مثل قول الْأَوْزَاعِيّ، وروى عنه أنه قال: يكبرون من الظهر يوم عرفة إلى الظهر من يوم النحر. وعند الْإِمَامِيَّة يجب التكبير على كل من كان بمنى في عيد الأضحى عقب خمس عشرة صلاة، أولاهن صلاة الظهر من يوم العيد، ومن كان في غير منى من سائر الأمصار يكبر عقب عشر صلوات، أولاهن صلاة الظهر من يوم العيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكبر خلف الفرائض في الأمصار، ويكبر المقيم والمسافر والرجل والمرأة، سواء صلى جماعة أو منفردًا، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند أبي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ التكبير مسنون للرجال ومن أهل الأمصار إذا صلوا الفرض في جماعة. وأما أهل السواد والقرى والمسافرون ومن صلى منفردًا فلا يكبرون. ومن صلى في جماعة فإنما يكبر عقيب السلام، فإن أتى بما ينافي الصلاة، مثل أن يتكلم، أو خرج من المسجد لم يكبر، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكبر خلف النوافل وصلاة الجنازة في أصح القولين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. والثاني لا يكبر خلفها، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وصاحباه وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وزيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي التكبير أتى به متى ذكره. وعند مالك إن ذكره قريبًا أتى به، وإن تباعد فلا شيء عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن تكلم أو خرج من المسجد يسقط التكبير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ السنة في التكبير الذي يكبر به خلف الصلوات أن يقول: الله

أكبر اللَّه أكبر الله أكبر ثلاثًا أو سبعًا، وما زاد على ذلك من ذكر فهو حسن. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمر وابن مسعود يكبر مرتين وفي آخره مرة عند أَبِي حَنِيفَةَ، ومرتين عند أحمد. وعند ابن عَبَّاسٍ أنه يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وعند الحكم وحماد ليس فيه شيء مؤقت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك مع الإمام بعض الصلاة، فإذا سلَّم الإمام لم يكبر معه وقضى ما عليه من بقية الصلاة، فإذا سلَّم كبَّر. وعند الحسن وابن أبي ليلى يكبر ثم يقضي ما عليه من بقية الصلاة. وعند مجاهد ومَكْحُول يكبر ثم يقضي ما عليه، فإذا سلَّم أعاد وكبر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شهد شاهدان بوفاء الثلاثين بعد الزوال أن الهلال رؤي من الليل ليلة الثلاثين وعُدِّلا بعد الزوال، فالحكم فيها واحد، فيفطر الناس في الحال، وقد فات وقت الصلاة فهل تقضى؟ فيه قَوْلَانِ: أحدهما تقضى، وهو قول مالك وأَبِي ثَورٍ وداود والْمُزَنِي. والثاني لا تقضى، وهو قول أَحْمَد وأبي العبَّاس من الزَّيْدِيَّة. وعند أبي حَنِيفَةَ تقضى في الفطر في اليوم الثاني، وفي الأضحى في اليوم الثاني والثالث، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والقاسم. وعند مالك لا تصلي في غير يومها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إن أمكن جمع الناس في زمن بأن كان البلد صغيرًا جمع الناس وصلى بهم، وإن لم يمكن جمع الناس لكبر البلد أخرها إلى الغد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يؤخرها إلى الغد بكل حال. * * *

باب صلاة الكسوف

باب صلاة الكسوف مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء صلاة كسوف الشمس والقمر سنة مؤكدة ولا تقضى إذا فاتت. وعند الخفاف من الشَّافِعِيَّة هي فرض على الكفاية. وعند الْإِمَامِيَّة هي واجبة، ومن فاتته هذه الصلاة وجب قضاؤها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ السنة في صلاة الكسوف فعلها في الجماعة والإقامة، فإن فعلها منفردًا أو مسافرًا جاز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند الثَّوْرِيّ ومُحَمَّد لا يجوز فعلها منفردًا. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصلي ركعتين فرادى، وبه قال القاسم من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يسن الصلاة لخسوف القمر كما يسن لكسوف الشمس، إلا أنه يجهر في خسوف القمر ويسرّ في كسوف الشمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصلي في خسوف القمر فرادى، ويكره أن يصلي جماعة. وعند مالك لا يصلي في خسوف القمر، وروي عنه مثل قول أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان وابن عَبَّاسٍ وعلي وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ واللَّيْث وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان وسجودان، وفي رِوَايَة عن أَحْمَد في كل ركعة أربع ركوعات وعند الثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ يصلي ركعتين كصلاة الصبح، وبه قال جماعة من الشَّافِعِيَّة. وعند حذيفة أنها تصلَّى ست ركعات وأربع سجدات. وعن ابن عَبَّاسٍ كذلك فى رِوَايَة. وعند علي في رِوَايَة والحسن البصري والْإِمَامِيَّة يصلي ركعتان في كل ركعة خمس ركوعات وسجدتان. عند بعض الناس في كل ركعة ركوعان وثلاثة وأربعة، وله أن يفعل ما شاء، واختاره ابن المنذر. وعند العلاء بن زياد أنه يقوم فيكبر ويركع، وإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده نظر فإن لم تنجل قرأ ثم ركع، فإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده نظر فإن تُجلى سجد ثم شفع إليها ركعة أخرى، وإن لم تنجل لم يسجد أبدًا حتى تنجلى. وعند إِسْحَاق يصلي أربع ركوعات في ركعتين، وست ركوعات في ركعتين، وثمان ركوعات في ركعتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يسر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس، ولا

يجهر بها في كسوف القمر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند النَّاصِر والمؤيد منهم هو بالخيار فيهما، وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وعلي وعبد الله بن يزيد والبراء بن عازب وزيد بن أرقم، واختاره ابن المنذر أنه يجهر فيها بالقراءة ونقل الترمذي عن مالك موافقة أَحْمَد وإِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يخطب بعد فراغه من صلاة الكسوف. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد لا يخطب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره صلاة الكسوف في الوقت المنهي عنه الصلاة فيه. وعند الحسن وعَطَاء وعكرمة وابن أبي مليكة وعمرو بن شعيب وأبي بكر بن عمرو بن حزم وقتادة وأبي إسماعيل بن أبي أمية والثَّوْرِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ لا يُصلي، بل يذكرون الله تعالى ويدعونه. وعند إِسْحَاق يجوز الصلاة بعد ما لم تتضيف الشمس للغروب، وكذلك بعد الفجر ما لم يطلع حاجب الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يسن هذه الصلاة لغير الكسوف من الآيات، كالزلازل والظُّلم والريح والشدة والمطر والبرد وغير ذلك، بل يكبرون ويدعون، فإن صلَّوا منفردين لئلاَّ يكونوا غافلين فلا بأس. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ يسن الصلاة لذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الصلاة لذلك حسنة. * * *

باب صلاة الاستسقاء

باب صلاة الاستسقاء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وعامة العلماء الاستسقاء الأكمل يكون بالصلاة والخطبة والدعاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تسن الصلاة في الاستسقاء وإنما يسن الدعاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره إخراج أهل الذمة إلى مستسقى المسلمين، فإن خرجوا لم يمنعوا، إلا أنهم لا يختلطون بالمسلمين ويكونوا متميزين. وعند مَكْحُول ويزيد بن عبد الملك لا بأس بإخراجهم للاستسقاء مع المسلمين. وعند إِسْحَاق لا نأمرهم ولا ننهاهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب ومَكْحُول وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين صلاة الاستسقاء كصلاة العيد. وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وزيد بن علي. وعند الزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ َوَأَحْمَد في الرِوَايَة الثانية أنها كصلاة الصبح من غير تكبير زائد. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة أنها أربع ركعات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تسن الصلاة في الاستسقاء، وإنَّما يسن الدعاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يخطب بعد الصلاة. وعند ابن الزبير والبراء بن عازب وزيد بن أرقم وعمر بن عبد العزيز واللَّيْث بن سعد وعمر بن الخطاب أنه يخطب قبل الصلاة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا تسن الخطبة بعد هذه الصلاة، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة، والرِوَايَة الثانية أن فيها خطبة واحدة. وأما الشاشي فقال: لم يذكر أَحْمَد الخطبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب خطبتين يفصل بينهما بجلسة خفيفة وعند عبد الرحمن ابن مهدي يخطب خطبة خفيفة يعظهم ويحثهم على الخير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا خطب الخطبة الثانية استقبل القبلة وحول رداءه ونكسه إن أمكنه. والتحويل أن يجعل ما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر ويجعل ما على عاتقه الأيسر على عاتقه الأيمن. والتنكيس أن يجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه، ويفعل ذلك المأمومين. وعند مالك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحول ولا ينكَّس، وهو قول قديم للشافعي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وصححه وخصه بالإمام دون المأمومين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحول رداءه ولا ينكسه. وعند عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب ومُحَمَّد بن الحسن وأَبِي يُوسُفَ يستحب ذلك للإمام دون المأمومين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يبدأ بالصلاة أولًا ثم يدعو. وعند أَحْمَد يتخيَّر بين أن يبدأ بالصلاة أو الدعاء.

كتاب الجنائز

كتاب الجنائز باب غسل الميت مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن من شق ثوبه في موت ولده أو زوجته أنه لا كفارة عليه. وعند الْإِمَامِيَّة عليه كفارة يمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز أخذ الأجرة على غسل الميت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. وعند المؤيد والنَّاصِر منهم لا يجوز أخذ الأجرة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء للزوجة غسل زوجها إذا مات. وعند أَحْمَد في رِوَايَة أنها لا يجوز لها غسله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات رجل وزوجته حامل فوضعت قبل غسله حل لها غسله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يحل لها ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق وعلي وأكثر العلماء يجوز للزوج غسل زوجته إذا ماتت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ والْمُزَنِي لا يحل له ذلك. مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا مات عن طلقة رجعية فليس لها غسله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد لها غسله. وعند مالك رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا ماتت المرأة بين رجال ليس لها فيهم محرم، أو مات رجل بين نسوة ليس له منهن محرم وجهان: أحدهما يتيمم ولا يغسل ويدفن، وهو قول سعيد بن المسيب وحماد بن أبي سليمان وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة. والثاني يجعل على الميت ثوب ويصب الماء عليه من تحت الثوب ويمر الغاسل بخرقة، وهو قول قتادة والزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ، وهي الرِوَايَة الأخرى عن أحمد. وعند الحسن وإِسْحَاق يصب الماء عليه من فوق الثوب. وعند الْأَوْزَاعِيّ وابن عمر ونافع لا يتيمم ولا يغسل بل يدفن، واختاره صاحب المعتمد من أصحاب الشَّافِعِيّ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا ماتت أم ولده أو أمته جاز له أن يغسلها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة في أم الولد يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه ليس له ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة في أم الولد النَّاصِر وزيد بن علي، واتقفت الزَّيْدِيَّة على أنه يغسل أمته ومدبرته ومكاتبته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز للرجل غسل ذوات محارمه من النساء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا مات السيد جاز لأم ولده غسله في إحدى الوجهين، ولا يجوز له في الوجه الآخر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للرجال والنساء غسل الصغير الذي لا يميز من الذكور والإناث. وعند الحسن سنه ما لم يفطم أو قد فطم. وعند مالك وَأَحْمَد دون سبع سنين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ما لم يتكلم. وعند الْأَوْزَاعِيّ أربع سنين أو خمس. وعند إِسْحَاق ثلاث سنين إلى خمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا لم يكن للمشرك قريب من المشركين جاز لقريبه من المسلمين غسله ودفنه. وعند أَحْمَد وَمَالِك ليس له غسله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يستحب أن يغسل الميت في قميص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأفضل أن يجرد ولا يغسل في قميص، واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه صاحب البيان موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنه الشاشي وصاحب المعتمد موافقة أبي حَنِيفَةَ. مسألة: عئد الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وبعض الزَّيْدِيَّة يكره تسخين الماء إذا لم يكن الزمان باردًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبه يستحب تسخينه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يستحب المضمضة والاستنشاق في حق الميت، وهو أن يمسح ظاهر أسنانه وباطن شفتيه بخرقة، ويدخلها بأصابعه في فمه وأنفه فيزيل ما هنالك. وعند سعيد بن جبير والثَّوْرِيّ والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب المضمضة والاستنشاق في حق الميت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يبدأ بغسل رأسه ثم بلحيته. وعند النَّخَعِيّ يستحب أن يبدأ بلحيته قبل رأسه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يجب ترتيب غسل الميت. وعند الْإِمَامِيَّة يجب ذلك فيبدأ برأسه ثم بميامنه ثم بمياسره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت متلبدة استحب له أن يسرحها بمشط مفرَّج الأسنان وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الواجب في غسل الميت مرة، والمستحب ثلاث، فإن لم ينقى غسل خمسًا أو سبعًا إلى أن ينقى، ويكون جملة الغسلات وترًا. وعند أَحْمَد لا تزاد على سبع. وعند مالك لا اعتبار بالإنقاء ولا اعتبار بالعدد. وعند سعيد بن المسيب والحسن والنَّخَعِيّ يغسل ثلاثًا. وعند عَطَاء يغسل ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يغسل المرة الأولى بالسدر، ويجعل في كل ماء قراح كافورًا، فإن لم يفعل وجعل في الآخرة أجزأه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب السدر ولا الكافور، قال: ولا أعرفهما. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يغسل في الأولى بالحرض والسدر. وفي الثانية بالماء القراح، وفي الثالثة بالكافور، وعند النَّاصِر والصادق منهم يغسل في الأولى بالحرض والخطمى، وفي الثانية بماء وشيء من الكافور، وفي الثالثة بالماء القراح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يغسل رأس الميت بالخطمى عند عدم السدر. وعند سعيد بن المسيب يغسل بالحرض، وقال مرة بورق اللعيثران. وعند الثَّوْرِيّ بالحرض أو غيره. وعند حفصة بنت سِيرِينَ يغسل بالخطمى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يمر يده على بطنه إمرارًا بليغًا في كل غسلة إلا الغسلة الأخيرة. وعند الثَّوْرِيّ يمسح بطنه مسحًا رقيقًا بعد الغسلة الأولى. وعند أَحْمَد يفعل ذلك بعد الغسلة الثانية. وروى عن الضحاك بن مزاحم أنه يوصي أن لا يعصر بطنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للجنب والحائض غسل الميت. وعند الحسن وابن سِيرِينَ وعَطَاء يكره ذلك، وعند مالك لا يغسَّل الجنب الميت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا خرج من الميت شيء بعد فراغ الغسل غسل الموضع ولم يعد الغسل. وعند أَحْمَد يعاد غسله كله، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات الجنب والحائض غسل غسلاً واحدًا. وعند الحسن يغسلان غسلين. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لا يستحب تقليم أظفار الميت وحلق عانته ونتف إبطه

وقص شاربه، وفي كراهة ذلك قَوْلَانِ: القديم يكره، وهو قول أَكْثَر الْعُلَمَاءِ ومالك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ. والقول الجديد لا يكره ذلك، وهو قول أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يضفر شعر المرأة ثلاثة قرون ويلقى خلفها. وعند أبي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ لا يضفَّر، بل يلقى بين ثدييها ويشد خمارها عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يستحب تغطية وجه الميت في حال الغسل. وعند مُحَمَّد بن سِيرِينَ وسليمان بن يسار وأبي داود السجستاني يستحب تغطيته بخرقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك وَمَالِك لا يجب الوضوء من مس الميت. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وسعيد بن المسيب وابن سِيرِينَ يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الغسل من غسل الميت قَوْلَانِ: أحدهما يستحب ولا يجب وهو الصحيح، وبه قال مالك وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وعائشة وسائر الزَّيْدِيَّة. والثاني يجب وبه قال علي وأبو هريرة وسعيد بن المسيب وابن سِيرِينَ. * * *

باب الكفن

باب الكفن مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأكثر أهل العلم يجب الكفن ومؤنة الغسل والدفن من رأس مال الميت مقدمًا على الدَّين، سواء كان موسرًا أو معسرًا. وعند الزُّهْرِيّ وطاوس إن كان موسرًا فمن رأس المال، وإن كان معسرًا فمن ثلثه، وعند خلاس بن عمرو يجب من ثلثه بكل حال. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ في كفن المرأة المزوجة وجهان: أحدهما في مالها، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأبي عبد الله الداعي في نقله عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يستحب في كفن الرجل القميص ولا العمامة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستحب القميص. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يكفن الصغير في ثلاثة أثواب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكفن في خرقتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب في صفة الكفن أن يكفن في ثلاثة أثواب بيض رباط. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون فيها برد حبرة. وعند ابن الْمُبَارَك يستحب أن يكفن في ثيابه التي كان يصلي فيها. واختلفت الزَّيْدِيَّة فعند النَّاصِر يكفن في أربعة أثواب إن كان رجلاً. قميص وملحفة وإزار وعمامة إن لم يكن عليه دَين، وإن كانت امرأة كفنت بملحفة وخمار. وعند يَحْيَى إن شاء كفن في خمسة أثواب أو سبعة أو ثلاثة. وعند المؤيد يكفن في ثلاثة أثواب إن كان رجلاً ملحفة وقميص غير مخيط وإزار يبلغ من سرته إلى ركبته، وإن كانت امرأة يزاد لها خمار وخرقة تبسط على صدرها فيكون خمسة أثواب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يكره أن تكفن المرأة في المعصفر والمزعفر. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يكون وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة إذا حنط بالمسك والعنبر فلا بأس. وعند عَطَاء وطاوس وداود لا يحنط بالمسك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عباس وعَطَاء والثَّوْرِيّ وَمَالِك في رِوَايَة

َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود لا ينقطع الإحرام بالموت ولكن حكمه حكم الحي فلا يلبس المخيط ولا يشد عليه أكفانه ولا يخمر رأسه ولا يقرب طيبًا في يديه وثيابه ولا يجعل الكافور في الماء الذي يغسل به، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي وَأَحْمَد بن عيسى والمؤيد ومالك. وعند ابن عَبَّاسٍ وعائشة والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي ينقطع الإحرام بالموت ويكون حكمه حكم سائر الموتى فيفعل فيه ما ذكرناه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يستحب أن يدرج مع الميت في أكفانه شيئًا من جريد النخل. وعند الْإِمَامِيَّة يستحب أن يدرج معه في أكفانه جريدتان خضروان رطبتان من جريد النخل طول كل واحدة عِظَم الذراع. * * *

باب الصلاة على الميت

باب الصلاة على الميت مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجماعة يكره النداء على الميّت، وهو أن ينادى في الناس ألا إن فلان قد مات ليشهدوا جنازته، ولا بأس بتعريف أصدقائه بذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والنَّخَعِيّ لا بأس بالنداء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأب مقدَّم على الابن في الجنازة. وعند مالك الابن مقدَّم على الأب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الزوج لا ولاية له على زوجته في صلاة الجنازة. وعند عَطَاء والشعبي وعمر بن عبد العزيز وإِسْحَاق وابن عَبَّاسٍ وأبي بكر وَأَحْمَد هو أولى من القريب. وعند الحسن والْأَوْزَاعِيّ الأب مقدَّم على الزوج، والزوج مقدَّم على الابن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ولاية للزوج، إلا أنه إذا كان لها منه ابن قدِّم على ابنه، لأنه يكره أن يتقدم الابن علي الأب، فنقدم الزوج هاهنا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع الوالي والولي في جنازة فالولي أولى من الوالي في القول الجديد، وبه قال أبو يوسف، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وزيد بن علي، حتى لو كان صلَّى الأجنبي بغير إذن الولي يعيدها. وفي القديم الوالي أولى، وهو قول مالك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وعلقمة والأسود وسويد بن غفلة والحسن بن مالك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوصى الميت أن يصلي عليه نجله لم يقدم على الأولياء. وعند أنس بن مالك وزيد بن أرقم وأبي برزة وسعيد بن زيد وأم سلمة وابن سِيرِينَ َوَأَحْمَد والنَّخَعِيّ وإِسْحَاق الوصي أحق. وعند مالك إن كان الوصي ممن يرجى دعاؤه قُدم على الولي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غاب الولي الأقرب واستناب من يصلي، فالذي استنابه أولى من القريب البعيد الحاضر وعند أَبِي حَنِيفَةَ القريب الحاضر أولى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات رجل ولم يكن هناك إلا نسوة صلين عليه فرادى، فإن صلين عليه جماعة قامت إمامتهن وسطهن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصلين جماعة.

مسألة: عند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء أن من شرط صحة الجنازة الطهارة بالماء عند وجوده، أو التيمم عند عدمه أو الخوف من استعماله. وعند الشعبي وابن جرير والشيعة من الْإِمَامِيَّة أن ذلك ليس شرط في صحتها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا خشي فواتها باستعماله بالطهارة بالماء تيمم لها مع وجود الماء. وقد ذكرناه عنه في باب التيمم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره الصلاة على الجنازة في المسجد. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ تكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تكره الصلاة على الجنازة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ والْأَوْزَاعِيّ يكره ذلك. وعند مالك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وجماعة من الصحابة لا يجوز في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها لأجل الوقت، وهي عند طلوع الشمس، وعند الاستواء، وعند اصفرار الشمس، ويجوز في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها لأجل الفعل، وهي بعد الصبح حتى يسفر، وبعد صلاة العصر حتى تصفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إذا اجتمع جنائز مختلفة اعتبر في التقديم إلى الأمام بالذكورة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى وزيد بن علي. وعند بعض الزَّيْدِيَّة الاعتبار بالحرية. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمعوا ذكورًا فوجهان: أصحهما أن الصبي يقدم على البالغ إن جاءت جنازته أولاً. وإن جاءت جنازة البالغ أولاً قدمت، وإن جاءوا معًا أقرع. والوجه الثاني يقدم البالغ على كل حال، وبه قال الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد السنة أن يقف الإمام عند رأس الرجل وعجيزة المرأة. وعند أَحْمَد يقف عند صدر الرجل، وهو قول أبي علي الطبري من الشَّافِعِيَّة. ونقل الترمذي عن أَحْمَد موافقة الشَّافِعِيّ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يقف عند صدره رجلاً كان أو امرأة، وعند مالك يقف عند وسط الرجل ومنكب المرأة. وعند الحسن يقف حيث شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وعثمان وعلي وابن عمر وابن عَبَّاسٍ والحسن والحسين وزيد بن ثابت وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي قتادة وطائفة من الصحابة أنه إذا اجتمعت جنائز رجال ونساء قدم الرجال إلى الأمام والنساء تلي الرجال. وعند الحسن البصري

وسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله والقاسم بن مُحَمَّد يحمل الرجال إلى القبلة والنساء ما يلى الإمام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح الصلاة على الجنازة من قعود مع القدرة على القيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تصح. وفي الشاشي عن أَبِي حَنِيفَةَ أنها لا تصح. وعن أصحابه صحتها راكبًا كسجود التلاوة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعمر وزيد بن ثابت وجابر والحسن بن علي وابن أبي أوفى وأبي هريرة والبراء بن عازب وعقبة بن عامر والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وداود تكبيرات الجنائز أربع. وعند ابن عَبَّاسٍ وأنس بن مالك وجابر بن يزيد وابن سِيرِينَ يكبر ثلاثًا. قال ابن سِيرِينَ: إنما كان التكبير ثلاثًا فزادوا واحدة. وقال ابن مسعود كبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسعًا وسبعًا وخمسًا وأربعًا. فكبروا ما كبر الإمام. وروى عن علي أنه كبر على أبي قتادة سبعًا وكان بدريًّا، وكبَّر على سهل بن حنيف ستًا وكان بدريًا، وكبر على غيرهما من الصحابة خمس تكبيرات، وكبر على غير الصحابة من سائر الناس أربعًا. وعند زيد بن أرقم وحذيفة بن اليمان وابن أبي ليلى والشيعة من الْإِمَامِيَّة يكبر خمسًا. ويروى عن أَحْمَد أيضًا أنه لا يزاد على سبع، ولا ينقص عن أربع. وعند بكر بن عبد الله لا يزاد عن سبع، ولا ينقص من ثلاث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة والتابعين يرفع يديه حذو منكبيه مع كل تكبيرة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة لا يرفع يديه إلا في الأولى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء أنه يقبض يمينه على شماله كما يفعل في الصلاة وعند ابن الْمُبَارَك أنه لا يقبض يمينه على شماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كبر الإمام أكثر من أربع لم يتابعه المأموم في الزيادة ويقف حتى يسلم فيسلم معه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يتابعه. وعند الثَّوْرِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ ينصرف المأموم إذا كبر أربعًا ويسلم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وابن الزبير وابن عمر وَأَحْمَد وإِسْحَاق وداود قراءة الفاتحة واجبة في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الأولى. وعند عَطَاء وطاوس وابن سِيرِينَ وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والشعبي ومجاهد والحاكم وحماد

وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والْأَوْزَاعِيّ ليست فيها قراءة، فمالك يقول: يكره فيها القراءة، وأبو حَنِيفَةَ يقول: يحمد الله ويمجده، ورواه عن ابن عمر وأبي هريرة، وبهذا قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الحسن بن علي وابن سِيرِينَ وشهر ابن حَوشب يقرأ فيها فاتحة الكتاب ثلاث مرات. وعند الحسن البصري يقرأ فاتحة الكتاب فيها في كل تكبيرة. وعند المسور بن مخرمة يقرأ في التكبيرة الأولى فاتحة الكتاب وسورة قصيرة. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة يقرأ الفاتحة بعد التكبيرة الأولى، و (قل هو الله أحد) بعد الثانية، و (قل أعوذ برب الفلق) بعد الثالثة، ثم يدعو للميت بعد الرابعة، ويسلم بعد الخامسة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الصحيح أنه لا يأتي في صلاة الجنازة قبل القراءة بدعاء الافتتاح والتعوذ، وبه قال زيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة. وعند القاضي أبي الطيب من أصحاب الشَّافِعِيّ أنه يأتي بذلك بعد التكبيرة الأولى وقبل الفاتحة. وعند الثَّوْرِيّ وإِسْحَاق يستحب أن يقال بعد التكبيرة الأولى: سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأصحابه والحسن بن حُيي يسلم تسليمتين تسليمة عن يمينه وتسليمة عن يساره. وعند ابن سِيرِينَ والحسن البصري وسعيد بن جبير والثَّوْرِيّ وابن عيينة وابن الْمُبَارَك وعيسى بن يونس ووكيع وابن مهدي وإِسْحَاق وجابر وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وواثلة بن الأسقع وابن أبي أوفى وأبي هريرة وأبي أمامة وأنس بن مالك يسلم تسليمة واحدة. عند مالك يسلم الإمام واحدة ويسمع من يليه، ويسلم من ورائه واحدة فى أنفسهم، وإن أسمعوا من يليهم فلا بأس. وعند الْإِمَامِيَّة لا يسلم في صلاة الجنازة، بل إذا كبر الخامسة خرج من الصلاة بغير سلام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك المأموم الإمام وقد فاته بعض التكبيرات كبَّر ودخل معه فى الصلاة ولم ينتظر تكبيره. وعند الحارث بن زيد والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن إِسْحَاق لا يكبر حتى يكبر الإمام. وعن مالك رِوَايَتَانِ. وعن أَحْمَد القَوْلَانِ معًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا سلم وبقي على المأموم بعض التكبيرات، فإنه يقضيها. وعند الْأَوْزَاعِيّ والحسن وأيوب السختياني وابن عمر لا يقضيها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن لم ترفع الجنازة قضاها، وإن رفعت بطلت صلاته. وعند أَحْمَد المستحب أن يقضيها متتابعًا، فإن لم يقضيها لم تبطل صلاته في أصح الروايتين عنده.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن سِيرِينَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وعمر وعلي وأبي موسى وعائشة وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ من الصحابة وغيرهم إذا فاتته الصلاة على الجنازة صلى على القبر. وعند النَّخَعِيّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ لا يصلي على القبر، إلا أن يدفن ولم يصلِّ عليه فيصلي على القبر إلى ثلاثة أيام، وبعد الثلاث لا يجوز. وإن صلى عليه لم يصلِّ على القبر، إلا الولي والوالي وإمام الحي. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصلي على القبر إلا إذا دفن بغير صلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ تجوز الصلاة على الغائب بالنية، فيتوجه المصلي إلى القبلة ويصلي على الغائب، سواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن في جهة القبلة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا تجوز الصلاة على الغائب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إلى متى يصلي على القبر؟ فيه أوجه: أحدها إلى شهر، وهو قول أحمد. والثاني ما بقي في القبر منه شيء. والثالث من كان من أهل فرض الصلاة عليه عند الموت. والرابع أبدًا. وعند إِسْحَاق يصلي عليه إلى شهر للغائب يقدم من سفر، وإلى ثلاثة أيام للحاضر. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ إنما تجوز الصلاة على القبر إذا كان قد دفن ولم يصلِّ عليه إلى ثلاثة أيام. ومنهم من قال: إن شككنا في تغيره لم يصل عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصلي على القبر إلا الوالي والولي إذا لم يكن صليا، ولا يصلي عليه بعد ثلاث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وجد بعض الميت غسل وصُلي عليه، سواء وجد أكثر البدن أو الأقل. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وجد النصف فما دون لا يصلي عليه، وإن وجد النصف صلى عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استهل السقط صارخًا، ثم مات غسل وصُلي عليه. وعند سعيد بن جبير لا يصلي على من لم يبلغ. وعند بعض الناس يصلي عليه إن كان قد صُلي. وعند الْإِمَامِيَّة أن الأطفال ومن جرى مجراهم ممن لم يكلف في نفسه الصلاة ولا يكلف غيره تمرينه عليها لا تجب الصلاة عليه إذا مات. وحدُّوا من لم يصل من الصغار بأن لم يبلغ ست سنين فصاعدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يستهل السقط صارخًا، ولكن تحرَّك أو اختلج في نفسه فحكمه حكم الذي يستهل صارخًا. وعند مالك لا يصلي عليه إلا أن يطول ذلك وتتبيَّن حياته. فحاصل هذا أن الاستهلال عند الشَّافِعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ هو الصوت والحركة. وعند

مالك هو الصوت والبكاء دون الحركة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ إذا استكمل السقط أربعة أشهر غسل ولا يصلي عليه في الجديد. وفي القديم يصلي عليه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يغسل ويصلي عليه. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يستهل لم يغسَّل ولم يصل عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا اختلط موتى المسلمين بموتى الكافرين ولم يتميزوا، فإنه يصلي على واحد واحد وينوي الصلاة عليه إن كان مسلمًا، سواء كان المسلمون أكثر أو أقل. وكذا إذا صلى صلاة واحدة ونوى بها الصلاة على المسلمين منهم صح. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إن كان المسلمون أكثر صلى عليهم، وإن كانوا أقل لم يصل عليهم. وهذا كله إذا لم يكن ثم أمارة يعرف بها المسلم كالختان والخضاب ولبس السواد، لأن الكفار لا يخضبون ولا يلبسون السواد، وإن كان بعضهم يختتنون وهم اليهود والنصارى دون المجوس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأهل المدينة المقتول من المسلمين في معركة الكفار لا يغسل ولا يصلي عليه. وكذا من مات من المسلمين بسبب من أسباب القتال بأن وقع من دابته أو من جبل، أو رجع عليه سلاحه فمات فهو شهيد وحكمه حكمه. وعند سعيد بن المسيب والحسن البصري يغسل ويصلي عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يغسل ويصلي عليه، وهو الرِوَايَة الأخرى عن أحمد وعند أَحْمَد إن مات بسبب من أسباب القتال كالتردية ورفسة الفرس، أو عاد عليه سلاحه، فإنه يغسَّل ويصلَّى عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا فرق في الشهيد بين الذكر والأنثى، وقال به من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو عبد اللَّه الداعي والقاسم. وعند أبي طالب منهم أن الأنثى تغسَّل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ ينزع عن الشهيد ما لم يكن من لباس الناس من حديد أو جلود أو محشى أو فرو. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا ينزع عنه بقية ثيابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ من جرح في الحرب ومات بعد انقضاء الحرب فالمشهور أنه ليس شهيد، يغسل ويصلي عليه، سواء أكل أو لم يأكل ولم يشرب، وصَّى أو لم يوص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن أكل وشرب لم يثبت له حكم الشهادة، وإن مات قبل ذلك ثبت له حكم الشهيد. وعند مالك إن أكل أو شرب، أو بقي يومين أو ثلاثة فليس

شهيد، وإن لم يأكل ولم يشرب ولم يبق فحكمه حكم الشهيد. واختلفت الزَّيْدِيَّة أيضًا فقال النَّاصِر وزيد بن علي: إذا مات في اليوم أو في الغد كان شهيدًا. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إن مات في المعركة كان شهيدًا ولا فلا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من مات من السبي قبل التلفظ بالشهادتين غسل وصلي عليه. وعند مالك لا يغسل ولا يصلى عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انكشف الصفَّان على مقتول من المسلمين لم يغسل ولم يصلى عليه، سواء كان به أثر أو لم يكن. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إن لم يكن به أثر غسل وصُلِّي عليه، وإن خرج منه دم، فإن كان من عينيه أو أذنه أو رقبته لم يغسَّل، وإن خرج من أنفه أو دبره أو ذكره غسّل وصُلِّي عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ وزفر ومُحَمَّد الشهادة ثبتت في حق الصغير والكبير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي عن القاسم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تثبت في حق من لم يبلغ، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وعلي بن العبَّاس والسيد وأبو طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الشهيد إذا كان جنبًا فلا يغسل ولا يصلى عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن الهادي، واختاره وصححه. وعند أَحْمَد يغسل ولا يصلى عليه، وهو وجه لبعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يغسل ويصلى عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة من قتل في غير معترك المشركين لم يثبت له حكم الشهادة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قتل ظلمًا بحديدة ثبت له حكم الشهادة، وإن قتل بمثقل فلا، وهو قول أَحْمَد في رِوَايَة. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر وصاحب الوافي أنه لا يغسل. وقال أبو طالب منهم: إن مذهب يَحْيَى يحتمل الأمرين. يحتمل أن لا يغسل ويحتمل أن يغسل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل أهل البغي رجلاً من أهل العدل، فأصح القولين أنه يغسل ويصلى عليه، وبه قال مالك، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة. القول الثاني لا يغسل ولا يصلي عليه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قتل أهل العدل رجلاً من أهل البغي

غسّل وصلى عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يغسل ولا يصلي عليه عقوبة له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ولد الزنا يغسل ويصلى عليه. وعند أبي قتادة لا يغسل ولا يصلى عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النفساء إذا ماتت تغسَّل ويصلى عليها. وعند الحسن لا تغسل ولا يصلى عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق من قتل نفسه، أو غل من الغنيمة ومات وجب غسلهما والصلاة عليهما. وعند أَحْمَد لا يصلي عليهما الإمام. وعند الْأَوْزَاعِيّ من قتل نفسه لا يغسَّل ولا يصلي عليه. وكره عمر بن عبد العزيز الصلاة على الغَال من الغنيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصلى على من لم تبلغه الدعوة. وعند سعيد بن جبير لا يصلى عليه. * * *

باب حمل الجنازة والدفن

باب حمل الجنازة والدفن مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من الأفضل في حمل الجنازة أن يجمع من التربيع والحمل بين العمودين، فإن اقتصر على أحدهما فالحمل على العمودين أفضل من التربيع. وعند مالك هما سواء. وعند أَحْمَد التربيع أفضل. وعند الحسن والنَّخَعِيّ يكره الحمل بين العمودين. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه في الشامل والشاشي والمعتمد موافقة النَّخَعِيّ، ونقل عنه في البيان موافقة أحمد. واختلف النقل أيضًا عن الثَّوْرِيّ، فنقل عنه في البيان موافقة أحمد، ونقل عنه في المعتمد موافقة النَّخَعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد المستحب في الحمل في التربيع أن يبدأ بياسرة مقدمة السرير فيجعلها على عاتقه الأيسر. وعند إِسْحَاق وسعيد بن جبير والثَّوْرِيّ وأيوب السختياني وابن مسعود وابن عمر ويروى أيضًا عن أَحْمَد أنه يبدأ بياسرة المقدمة، ثم بياسرة المؤخرة كقول الشَّافِعِيّ ومن وافقه، ثم يأخذ يمين المؤخرة ثم يمين المقدمة. وعند الْأَوْزَاعِيّ يبدأ بأيهما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب الإسراع بالمشي في الجنازة ولا يبلغ به الخبب وإنما يزيد فوق سجية مشي العادة بحيث لا يشق المشي على الضعفاء معها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يبلغ به الخبب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك يكون رأسه في المحمل مقدمًا ورجليه مؤخران. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يسجى الميت رأسه إلى أعلى ورجليه إلى أسفل. وكذلك عند غسله ودخول قبره، وتحمل رجليه يليا القبلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزُّهْرِيّ وَمَالِك وأبي بكر وعمر وعثمان وابن عمر وأبي هريرة والحسن بن علي وابن الزبير وأبي قتادة والقاسم بن مُحَمَّد وشريح وسالم وابن أبي ليلى وأبي أسيد الساعدي وعبيد بن عمير المشي أمام الجنازة أفضل للماشي والراكب من المشي خلفها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسعيد بن جبير والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق المشي خلفها. واختلف النقل عن أحمد، فنقل عنه في البيان والشاشي والمستعجل موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنه الغزالي والفوراني وصاحب الدر الشفَّاف وتهذيب النكت والمعتمد وابن هبيرة إن كان ماشيًا فأمامها أفضل، وإن كان راكبًا فخلفها أفضل. واختلف النقل عن الثَّوْرِيّ أيضًا، فنقل عنه صاحب البيان الراكب خلفها والماشي أمامها، ونقل عنه

صاحب الشامل والشاشي والمعتمد الراكب خلفها والماشي حيث شاء. وعند أنس بن مالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب أن يمشي قريبًا منها، فإن حبس بعد عنها جلس حتى تأتي، إن سبق إلى المقبرة لم يجب عليه القيام لها، بل هو بالخيار إن شاء قام، وإن شاء قعد. ونقل الترمذي عن إِسْحَاق موافقة الشَّافِعِيّ. وعند أبي مسعود البدري وجماعة أنه يجب القيام لها. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق وابن عمر وابن الزبير وأبي هريرة والحسن بن علي لا يجلس حتى توضع عن أعناق الرجال، فإن جلس كره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مرت به الجنازة فلا يقوم لها. وعند أبي مسعود البدري وأبي سعيد الخدري وقيس بن سعد وسهل بن حنيف وسالم بن عبد الله أنه يجب القيام لها. وعند أَحْمَد إن قام لم أعبه، وإن قعد فلا بأس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المشي مع الجنازة أولى من الركوب، وإن ركب فلا بأس، ويكون أمامها. وعند علقمة والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق الراكب خلف الجنازة. وعند ابن عَبَّاسٍ الراكب مع الجنازة، كالجالس في أهله. يدل على أنه لا ثواب له. وعند عبد الله بن رباح للماشي خلف الجنازة قيراطان، وللراكب قيراط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الدفن بالنهار أولى، ولا يكره بالليل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات في البحر فإنه يفعل به جميع ما يفعل بالميت، فإن كانوا قريبين من الساحل ترك حتى يصلوا إلى الساحل ويدفنوه، وإن كانوا في اللجّة جعلوه بين لوحين وألقوه في البحر. وعند عَطَاء وَأَحْمَد ينقل ويلقى في البحر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن مسعود وأبي أمامة وعائشة أنه يكره للنساء اتباع الجنائز، وعند أبي الزناد ورَبِيعَة والزُّهْرِيّ أنه لا يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يعمِّق القبر قدر قامة وبسطة. وعند مالك لا حد فيه، بل يعمق حتى يغيب عن الناس. وعند عمر بن العزيز إلى السرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب ستر القبر بثوب عند الدفن رجلاً كان أو امرأة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يستحب ذلك في حق المرأة دون الرجل. وعند عبد الله بن يزيد وشريح وَأَحْمَد يكره ذلك في حق الرجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعمر وأنس وعبد الله بن يزيد الأنصاري أنه يستحب

أن يجعل رأس الجنازة عند رجل القبر ويسلَّ الميت من قِبل رأسه سلاًّ ويدخل في القبر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وعلي وابن الحنفية المستحب أن توضع الجنازة على جانب القبر مما يلي القبلة ويؤخذ الميت فيدخل القبر متعرضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء والمعتزلة أن البيت الذي دفن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لعائشة. وعند الزَّيْدِيَّة كان له - صلى الله عليه وسلم -. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الزَّيْدِيَّة السنة في القبر التسطيح. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد والثَّوْرِيّ السنة التسنيم، واختاره ابن أبي هريرة من أصحاب الشَّافِعِيّ. وقطع به الغزالي في الوجيز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والحسن البصري يجوز تطيين القبور. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا دفن الميت من غير غسل، أو إلى غير القبلة نبش وغسل ووجه إلى القبلة ما لم يتغير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أهلَّ عليه التراب لم ينبش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ماتت ذمية حامل دفنت بين مقابر المسلمين والمشركين، وجعل ظهرها إلى القبلة، لأنه يقال: وجه الجنين إلى ظهرها. وعند عمر أنها تدفن في مقابر المسلمين، وبه قال مَكْحُول وإِسْحَاق، غير أن أحدهما قال: في الحاشية، والآخر قال: في أدنى مقابر المسلمين. وعند عَطَاء والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ تدفن مع أهل دينها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه لا يكره المشي في المقبرة بنعلين. وعند أحمد يكره ذلك بالنعال، ولا يكره ذلك بالخفاف والكمشكات. مسألة: عند ابن سريج من أصحاب الشَّافِعِيّ إذا ماتت امرأة وفي بطنها جنين حي شق جوفها وأخرج. وعند أَحْمَد يسطوا عليها القوابل، فإن خرج وإلا ترك. وعند مالك نحوه، وقال: لا يجوز شق جوفها. وعند جماعة من الشَّافِعِيَّة تعرض على القوابل، فإن يكن مثله يعيش شق جوفها وأخرج ولم يترك. مسألة: قال صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة: ليس للشافعي نص في نقل الميت من بلد إلى بلد. والذي يشبه عندي أنه يكره ذلك. وروى ذلك عن عائشة. وسئل الزُّهْرِيّ عن ذلك فقال: قد حمل سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد من العقيق إلى المدينة. وقال ابن عيينة: مات ابن عمر هاهنا وأوصى أن لا يدفن بها وأن يدفن بسرف.

باب التعزية والبكاء على الميت

باب التعزية والبكاء على الميت مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وقت التعزية من حين يموت الميت إلى أن يدفن، وبعد الدفن عقيبه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ لا يعزَّى بعد الدفن بل قبله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يكره أن يطأ القبر أو يجلس عليه أو يبكى عليه. وعند مالك أنه لا يكره ذلك، إلا أن يكون لبول أو غائط. * * *

كتاب الزكاة

كتاب الزكاة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس في المال حق سوى الزكاة، وعند الشعبي والنَّخَعِيّ

ومجاهد يجب في الزرع عند الحصاد أن يخرج شيء من السبيل. وعند جذاذ النخل يخرج شيء من الشماريخ، ويخرج الزكاة عند الكمال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وابن عمر لا تجب الزكاة في مال المكاتب، لا على السيد ولا على المكاتب، وعند أَبِي ثَورٍ يجب عليه جميع الزكوات. وعند أبي حَنِيفَةَ يجب العشر في زرعه وثماره، ولا تجب الزكاة في ماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ارتد بعد وجوب الزكاة لم تسقط الزكاة عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسقط عنه بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مضى عليه حول في حال الردة فالزكاة مبنية على ملكه، وفيه أقوال: أحدها أنه باقي فتجب فيه الزكاة. والثاني أنه موقوف، فتكون الزكاة موقوفة. والثالث أنه زائل، وهو قول ابن عمر وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأهل العراق فلا تكون فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمر وعلي وابن عمر وعائشة وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون والمعتوه، ويخرجها الولي من مالهم. وعند ابن مسعود والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ تجب ولكن لا تخرج حتى يبلغ الصبي ويفيق المعتوه والمجنون فيؤديها. وعند ابن شُبْرُمَةَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وابن عبَّاس وأهل العراف والثَّوْرِيّ وعبد الله بن الْمُبَارَك لا تجب الزكاة في ماله، وإنَّما تجب زكاة الفطر والعشر في مالهم، وبهذا قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تمكن من أداء الزكاة وجب أداؤها على الفور ويأثم

بتأخيرها، وهو قول الكرخي من الحنفية، وعند الرازي من الحنفية تجب على التراخي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد لا تسقط الزكاة بالموت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأكثر العلماء تسقط بالموت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا تمكن من أداء الزكاة وأخَّرها ضمنها، فلا تسقط عنه بتلف المال، وعند أَبِي حَنِيفَةَ تسقط بتلف المال، ولا تصير مضمونة. * * *

باب صدقة المواشي وأحكام الملك

باب صدقة المواشي وأحكام الملك مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري وَمَالِك وعَطَاء َوَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والْأَوْزَاعِيّ وعلي وابن عمر وعمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب زكاة العين في الخيل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر وحماد بن أبي سليمان إن كانت الخيل ذكورًا وإناثًا وجبت فيها الزكاة، وإن كانت ذكورًا أو إناثًا ففيها رِوَايَتَانِ. ويعتبر بحول ولا يعتبر فيها النصاب، والخيار في زكاتها إلى ربها إن شاء أخرج عن كل فرس دينارًا أو عشرة دراهم، وإن شاء قوَّمها وأخرج ربع عشر قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب الزكاة في المتولد بين الغنم والظباء، سواء كانت الأمهات من الظباء أو من الغنم، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إن كانت الأمهات غنمًا والفحل ظبيًا وجبت فيها الزكاة، وإن كانت الأمهات من الظباء والفحل من الغنم لم تجب فيها الزكاة. وطرد أبو حَنِيفَةَ هذا التفصيل في إجزائها في الأضحية وفى وجوب الجزاء. وعند أَحْمَد يجب فيها الزكاة بكل حالة، وهي رِوَايَة عن مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب الزكاة في بقر الوحش. وعند أَحْمَد تجب فيها الزكاة فى إحدى الروايتين.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غصب ماله، أو ضاع، أو أودعه فجحده المودع، أو وقع فى بحر لا يمكنه إخراجه، أو دفنه في موضع ونسي موضعه حتى حال عليه الحول وأحوال لم يلزمه إخراج الزكاة عنه قبل أن يرجع إليه. وهل يجب عليه إذا رجع إليه من غير نماء، قَوْلَانِ: القديم لا تجب الزكاة وسقط حوله. وهو قول قتادة وأَبِي حَنِيفَةَ وإحدى الروايتين عن أَحْمَد والجديد يجب إخراجها، وهو قول زفر، والرِوَايَة الثانية عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عاد إلى يده وقلنا تجب زكاته، وكان ذهبًا وفضة زكَّاه في الحال لما مضى، وعند مالك يزكيه بحول واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه نصاب من مال الزكاة وعليه مثله دين لم يجب عليه الزكاة في أحد القولين وهو قول الحسن وسليمان بن يسار واللَّيْث والثَّوْرِيّ وعَطَاء وطاوس وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، إلا أن أَحْمَد روى عنه فى الأموال الظاهرة رِوَايَتَانِ ويجب عليه في القول الثاني الجديد، وهو قول رَبِيعَة وابن أبي ليلى وحماد. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ إذا كان الدين دراهم أو دنانير لم تجب عليه، وإن كان مواشي أو زرع أو ثمار وجبت عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الذي يتوجه فيه المطالبة تمنع وجوب الزكاة، إلا العشر فإنه لا يمنعه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك إذا قلنا الدين يمنع وجوب الزكاة، وكان معه خمس من الإبل ومائتي درهم، وكان عليه مائتي درهم وخمس من الإبل، وله أيضًا دار أو عروض فيها مائتي درهم وجبت عليه الزكاة في المائتي الدرهم، ومضت الإبل بالإبل والزائد والعروض بالدين، وعند أَبِي حَنِيفَةَ ورِوَايَة عن أَحْمَد ويمضي الإبل من الدراهم والدين من الدراهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات صاحب المال لم يبن وراثه الحول على حوله في القول الجديد، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد، وبه قال بعض الزَّيْدِيَّة. وفي القول القديم يبنى، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ واللَّيْث وسفيان وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ وعلي ومعاذ وجابر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه لا تجب الزكاة في المعلوفة ولا في العوامل، وإنما تجب فى السائمة والإبل والبقر والغنم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وعند قتادة ومحكول ورَبِيعَة وَمَالِك وداود، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. تجب الزكاة في المعلوفة والعوامل، إلا معلوفة الغنم فإنه قال داود: لا يجب فيها الزكاة. وعند حماد تجب الزكاة في ثمنها إذا بيعت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في قدر ما يسقط الزكاة عن السائمة إذا علفت ثلاثة أوجه: أحدها ثلاثة أيام. والثاني إذا نوى أن يعلفها وأعلفها مرة سقطت الزكاة. والثالث يعتبر الغالب، فإن كان الغالب السوم لم تسقط الزكاة، وإن كان الغالب العلف سقطت الزكاة، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أنه لا يجب في المواشي ولا في النقد زكاة حتى يحول عليه الحول. وعند ابن عَبَّاسٍ ومُحَمَّد بن الحنفية وابن مسعود والحسن والزُّهْرِيّ أنه إذا استفاد مالاً زكَّاه في الحال، ثم إذا حال عليه الحول زكَّاه مرة أخرى وكان ابن مسعود إذا أخذ عطاعه زكَّاه، وبهذا قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستفاد من غير ما عنده لا يضم إلى ما عنده في الحول، سواء كان من جنس ما عنده أم لا. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يضم إذا كان من جنسه، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر منهم إن كان المستفاد ناقصًا عن النصاب وكان قد أدى الزكاة عن النصاب الأول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ السخال المتولدة في أثناء الحول تضم إلى ما عنده في الحول إذا كانت الأمهات نصابًا. وعند النَّخَعِيّ وداود والحسن البصري والْإِمَامِيَّة لا تضم إلى ما عنده، ويبتدئ لها حول مستأنف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يضم المستفاد إلى الأصل بكل حاله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ ينعقد الحول على السخال بانفرادها إذا كانت نصابًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينعقد الحول عليها بانفرادها، وهو رِوَايَة عن أحمد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تضم السخال على الأمهات حتى تكون الأمهات نصابًا، وعند مالك وَأَحْمَد تضم إليها وإن لم يكن نصابًا إذا كملت بالسخال نصابًا، ويزكى بحول الأمهات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا تلفت الأمهات في أثناء الحول وبقيت السخال نصابًا ما لم ينقطع الحول فيها. وعند أبي القاسم الأنماطي من الشَّافِعِيَّة إذا انقضى نصاب الأمهات انقطع الحول في السخال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن بقي من الأمهات واحدة لم ينقطع الحول في السخال، وإن لم يبق منها شيء انقطع الحول في السخال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في المتمكن من الأداء قَوْلَانِ: القديم أنه شرط في الوجوب، وهو قول مالك. والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة والمؤيد عن يَحْيَى منهم، والجديد أنه شرط في الضمان، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ، ومن الزَّيْدِيَّة أبو طالب وأبو عبد الله الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا تلف المال بعد الحول أو قبل إمكان الأداء من غير تفريط منه لم يضمن الزكاة قطعًا. وعند أَحْمَد يلزمه ضمانها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تمكن من أداء الزكاة ولم يؤدها حتى تلف المال ضمن وعند أَبِي حَنِيفَةَ في الأموال الظاهرة لا يلزمه الإخراج حتى يطالبه الإمام أو الساعي، فإن تلف المال قبل ذلك لم يلزمه ضمان الزكاة. وإن طالبه الإمام أو الساعي فلم يخرجها حتى تلف المال لزمه الضمان. حكاه عنه البغداديون من أصحابه. وحكى عنه الخراسانيون منهم أنه لا ضمان عليه. وعنده في الأموال الباطنة إذا تمكن من أداعها ولم يخرج زكاتها حتى تلف المال فلا ضمان عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بادل ما تجب الزكاة في عينه بما لا تجب الزكاة في عينه انقطع الحول فيه واستأنف الحول في الآخر، وسواء كان في جنسه أو من غير جنسه،

وسواء في ذلك الماشية والذهب والفضة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في الماشية مثل قول الشَّافِعِيّ، وفي الذهب والفضة يبنى حول أحدهما على الآخر. وعند مالك إذا بادل الجنس بالجنس يبنى حول أحدهما على الآخر. وعند أَحْمَد في الماشية يبنى الحول على جنسه، ولا يبنى على غير جنسه، ويبنى حول الذهب على الفضة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الزكاة تجب في غير المال، ويستحق الفقراء أجزاءً منه فى قوله الجديد، وهو قول مالك. وفي قوله القديم تجب في الذمة، ويكون المال مرتهنًا بها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتعلق بغير المال إلا أنه لا يستحق الفقراء جزءًا من المال، ولكنها تتعلق تعلق أرش الجناية في رقبة العبد، ولا يزول ملكه عن شيء من المال إلا بالدفع إلى المستحقين، وهي إحدى الروايتين عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد نقصان النصاب في بعض الحول يسقط الزكاة، واستثنى الشَّافِعِيّ عروض التجارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كمل في الطرفين لم يمنع نقصانه في الوسط من الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصدق زوجته أربعين شاة من الغنم معينة ملكها بنفس العقد، وجرت في الحول، فإذا حال عليها الحول وجبت عليها الزكاة، قبضتها أو لم تقبضها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليها الزكاة ما لم تقبضها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والقاسم من الزَّيْدِيَّة إذا أبرأت المرأة زوجها من صداقها قبل القبض لم تسقط الزكاة بالإبراء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يضمن قدر الزكاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيد المؤيد والنَّاصِر، وهو الصحيح من مذهب الزَّيْدِيَّة حتى قال المؤيد لو مات الزوجان عن أولاد، وكان للمرأة مهر على الزوج والمال في يد الأولاد فيكون قبضهم للمال قبضًا عن الدين الذي هو المهر، ولا يكون قبضًا عن الإرث، فيلزمهم إخراج زكاة المهر للسنين الماضية.

باب صدقة الإبل السائمة

باب صدقة الإبل السائمة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الصحابة والفقهاء أنه يجب في كل خمس من الإبل شاة إلى أربع وعشرون، فإذا صارت خمسًا وعشرين ففيها بنت مخاض، وعند علي يجب فيها خمس شياه، فإذا صارت ستًا وثلاثين وجب فيها بنت لبون. وعند الْإِمَامِيَّة يجب في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي ثَورٍ وداود وإِسْحَاق ورِوَايَة عن أَحْمَد ويَحْيَى والزَّيْدِيَّة في رِوَايَة إذا زادت الإبل على عشرين ومائة واحدة ففيها ثلاث بنات لبون، وتستقر الفريضة في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة. وعند مالك في رِوَايَة، وكذلك أَحْمَد في رِوَايَة لا يتعين الفرض حتى تبلغ ثلاثين فيكون في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، وبه قالت الْإِمَامِيَّة. وهو قول أبي عبيد ومُحَمَّد بن إِسْحَاق صاحب المغازي. وعند مالك في رِوَايَة أخرى إذا زادت على عشرين ومائة واحدة تعين الفرض، ويكون الساعي بالخيار، فيتخير بين حقتين وبين ثلاث بنات لبون. وعند النَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأكثر الزَّيْدِيَّة إذا زادت الإبل على عشرين ومائة استوفيت الفريضة في كل خمسٍ شاة مع الحقتين إلى أن

تبلغ مائة وخمسًا وأربعين ففيها حقتان وبنت مخاض، فإذا بلغت خمسين ففيها ثلاث حقاق وبنت مخاض إلى ست وثمانين، فإذا بلغتها ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون، فإذا بلغتها ففيها أربع حقاق، ثم تستأنف الفريضة هكذا أبدًا. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة ويَحْيَى في رِوَايَة أنه يجب في كل خمسين حقة، ولا يجب في أربعين بنت لبون. وعند علي وابن مسعود أن الفريضة تستأنف. وعند جرير الساعي مخير بين مذهب الشَّافِعِيّ ومذهب أَبِي حَنِيفَةَ، وعند حماد إذا بلغت خمسًا وعشرين ومائة ففيها حقتان وبنت مخاض. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا زادت الإبل على عشرين ومائة بعض بعير، فهل يتغير الفرض؟ فيه وجهان: أحدهما يتغير، وهو قول أبي سعيد الإصطخري. والثاني لا يتغير، وهو المنصوص وقول أكثر الشَّافِعِيَّة، وبه قال مالك. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الوقص، وهو ما بين النصابين على قولين: أحدهما الأوقاص عفو، فلا يتعلق الفرض بها، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وعامة الفقهاء، واختاره الْمُزَنِي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وأبو طالب. والثاني أن الفرض يتعلق بالنصاب وبما زاد عليه، وهو قول محمد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أيضًا النَّاصِر. وعند مالك رِوَايَتَانِ كالقولين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه خمس وعشرون من الإبل، فتلف منها خمس بعد الحول وقبل التمكن من الأداء، فإن قلنا الإمكان من شرائط الوجوب وجب أربع شياه، وإن قلنا التمكن والأداء ليس من شرائط الوجوب وجب فيها خمس شياه الضمان يسقط

خُمس بنت مخاض، ووجب أربعة أخماسها، واختلف النقل عن أَبِي يُوسُفَ ومحمد، فنقل الشاشي عنهما أنهما قائلان بالثاني، ونقل صاحب المعتمد عنهما أنهما قائلان بالأول، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه أربع شياه، وجعل التالف كأن لم يكن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء إذا كانت إبله دون الخمس والعشرين جاز إخراج بنت مخاض عنها. وعند مالك وَأَحْمَد وداود لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج عما دون خمس وعشرين الغنم اعتبر غالب نوع الضأن، أو غالب نوع المعز. وعند مالك إن كان غالب غنم البلد المعز فعليه إخراج المعز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى إذا كان عنده خمس وعشرون من الإبل وجب عليه بنت مخاض فإن لم يكن معه بنت مخاض فابن لبون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والنَّاصِر والزَّيْدِيَّة لا يجوز أن يقام ابن لبون مقامها إلا أن يكون في قيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجزئ ابن لبون عن بنت مخاض مع وجودها. وعند أبي حَنِيفَةَ يجزئ مع وجودها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة مُحَمَّد والنَّاصِر، ويكون بالقيمة لا بالبدل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن في إبله بنت مخاض ولا ابن لبون، فهو بالخيار إن شاء اشترى بنت مخاض، وإن شاء اشترى ابن لبون. وعند مالك وَأَحْمَد ليس له أن يشتري ابن لبون، ويلزمه شراء بنت مخاض، وهو قول صاحب التقريب من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الجبران الذي بين شيئين شاتان، أو عشرون درهمًا. وعند علي والثَّوْرِيّ وأبي عبيد وإِسْحَاق في إحدى الروايتين عنه شاتان أو عشرة دراهم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وجب عليه سن وعدمها وعدم السن الذي يليها، ووجد السن الذي دونهما، والسن الذي أعلى منهما فلرب المال الطلوع ويعطيه الساعي الجبران، أو النزول ويدفع هو للساعي الجبران، وعند بعض الناس لا يجوز، واختاره ابن المنذر. * * *

باب صدقة البقر

باب صدقة البقر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أول نصاب البقر ثلاثون، ولا شيء فيها قبل ذلك، وعند سعيد بن المسيب والزُّهْرِيّ أنه يجب في كل خمس من البقر شاة إلى ثلاثين كالإبل. وعند أبي قلابة يجب في كل خمس منها شاة إلى عشرين، ثم لا شيء فى زيادتها حتى تبلغ ثلاثين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا بلغت أربعين ففيها مسنة، وإذا بلغت ستين ففيها تبيعان، ثم يستقر الحساب، فيجب في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة. وعند ابن المسيب وأبي قلابة أنه يجب في كل خمس شاة إلى خمس وعشرين، فإذا بلغتها ففيها بقرة إلى خمس وسبعين، فإذا جاوزت فبقرتان إلى عشرين ومائة، فإذا جاوزت ففي كل أربعين بقرة بقره. وعند حماد في ثلاثين جذعة أو جذع، وفي أربعين مسنة، فإذا بلغت خمسين فبحساب ذلك، وهو قول الحكم إلا أنه يقول: في خمسين مسنة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ثلاث روايات فيما زاد على أربعين: إحداها مثل قول الشَّافِعِيّ، وبها قال مالك وَأَحْمَد وحماد ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ. والثانية بحساب ذلك. والثالثة لا شيء فيها حتى تبلغ خمسين، فيجب فيها مسنة وربع مسنة، وهو قول النَّخَعِيّ وحماد. وفى الستين ناقة، والله أعلم بغيبه. * * *

باب صدقة الغنم

باب صدقة الغنم مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وعبد الله بن عمر وكافة العلماء أنه لا شيء في الغنم حتى تبلغ أربعين، فإذا بلغت ففيها شاة ثم لا شيء فيها حتى تبلغ مائة وإحدى وعشرين، فإذا بلغتها ففيها شاتان إلى مائتين وشاة، فإذا بلغتها ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، ثم لا شيء فيها حتى تبلغ أربعمائة، ثم تستقر الفريضة في كل مائة شاة شاة. وعند النَّخَعِيّ والحسن بن صالح فيما نقله عنهما صاحب البيان والشامل والمعتمد أنها إذا زادت على ثلاثمائة واحدة وجب فيها أربع شياه إلى أربع مائة، فإذا زادت فيها واحدة وجب فيها خمس شياه. ونقل عنهما الشاشي أنه يجب في ثلثمائة أربع شياه، وفي أربعمائة خمس شياه، وعلى هذا. وعند معاذ بن جبل أن الشياه إذا بلغت مائتين لا تغبر حتى تبلغ أربعين وثلاثمائة، فإذا بلغت ذلك أخذ منها أربع شياه. مسألة: عند الشافعه وَأَحْمَد السن للشاة الواجبة هي الجذعة في الضأن، أو الثنية في المعز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الثنى أو الثنية منهما، هذه رِوَايَة الأصول عنه. وروى الحسن بن زياد عنه كقول الشَّافِعِيّ وعند مالك يجزئه الجذعة منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ وإِسْحَاق إذا كانت الماشية كلها معيبة، أو صغارًا، أو مرضاء أخذ الفرض منها على صفتها، وعند مالك يأخذ من المعيب والمراض صحيحه، ومن الصغار كبيره، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا زكاة في الصغار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عزل الفرض من ماله ليدفعه إلى الفقراء أو إلى الساعي،

فتلف لم يجزئه وكان عليه ضمانه. وعند مالك لا يضمنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الإبل كلها ذكورًا لم يؤخذ منها إلا أنثى. وعند مالك يجوز أخذ الذكر منها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الأربعين في البقر ذكورًا جاز أخذ الذكر منها. وعند مالك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت من البقر ثلاثين جاز أخذ الذكر منها، سواء كانت كلها إناثًا، أو كلها ذكورًا، أو بعضها ذكورًا وبعضها إناثًا، وعند مالك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كانت الغنم كلها ذكورًا وإناثًا لم يجز إخراج الذكر منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الماشية نوعًا واحدًا يسن الفرض، فإن كانت متفقة الصفة، فإن الساعي يختار الواجب منها للفقراء ولا يفرق، وعند الزُّهْرِيّ وعمر يفرق الغنم فرقتين، فرقة لرب المال، وفرقة يختار الساعي منها ما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الماشية أنواعًا من جنسين كالضأن والمعز في الغنم، وكالمميزة والأرحبية والمعتدية في الإبل، والجواميس والعراب في البقر، فقَوْلَانِ: أحدهما تؤخذ الزكاة من الأكثر، فإن تساويا أخذ من أحدهما ما هو أحظ للفقراء، وهو قول عكرمة وَمَالِك وإِسْحَاق، إلا أنهما قالا: إذا تساويا أخذ من أيهما شاء. والثاني يؤخذ منهما بالقسط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان له أربعون من الغنم في بلدين وجب عليه قيمتها شاة. وعند أَحْمَد إن كان البلدان متباعدان لم يجب فيها شيء. وعنده أيضًا إذا كان له في بلد أربعون وجب فيها شاتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس للساعي أن يأخذ الحامل، ولا سنًا أعلى من سن الفرض، كابن لبون أو حقة عن ابن مخاض إلا برضى رب المال، فإن رضي أجزأ ذلك. وعند داود لا يجزئ وإن رضي رب المال.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز إخراج القيمة في الزكاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد يجوز. وعند مالك يجوز إخراج الذهب عن الفضة على وجه البدل لا على وجه القيمة. وعنه في إخراج الفضة عن الذهب رِوَايَتَانِ. وعند أَحْمَد في إخراج الذهب عن الفضة بالقيمة رِوَايَتَانِ. * * *

باب صدقة الخلطاء

باب صدقة الخلطاء مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا كان لاثنين أربعون من الغنم وخلطاها حولاً كاملاً وجب عليهما شاة. وكذا إذا كان ثمانون لكل واحد منهما أربعون وخلطاها حولاً كاملاً وجب عليهما شاة واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأهل العراق ليس للخلطة تأثير في الزكاة، بل يزكي كل واحد من الشريكين زكاة المنفرد. وعند مالك للخلطة تأثير في الزكاة إذا كان ملك كل واحد نصابًا كقول الشَّافِعِيّ، وإن كان ملك كل واحد منهما ناقصًا عن النصاب فلا تأثير لها في الزكاة كقول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ شرائط خلط الأوصاف المراح والمشرب والراعي أن يكون من أهل وجوب الزكاة كقول أَبِي حَنِيفَةَ وأن يكون يبلغ ملكاهما نصابًا. والنية والمحلب على أحد الوجهين، واختلف أصحاب مالك، فمنهم من قال: يكفي شرطان الراعي والمرعي، ومنهم من قال يكفي شرط واحد وهو الراعي، وعند يَحْيَى الأنصاري والْأَوْزَاعِيّ يكفي ثلاث شرائط الفحل والمراح والراعي، وعند عَطَاء وطاوس إذا عرف كل واحد منهما ما له فليسا بخليطين. وهذا يدل منهما أن خلطة الأوصاف لا تأثير لها فى الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ملك من يجب عليه الزكاة أربعين شاة وخالط مكاتبًا أو ذمّيًّا لم تصح الخلطة، ووجب على الحر المسلم زكاة المنفرد. وعند أَبِي ثَورٍ تصح الخلطة مع المكاتب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب على الحر المسلم زكاة المنفرد، كما لا يجب على شريكه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اتفقا في الحول، وثبت لكل واحد منهما حكم الانفراد بأن اشتريا في شهر واحد وأقامت في يد كل واحد منهما شهرًا ثم خلطا، ففيه قَوْلَانِ:

أحدهما يزكيان زكاة الخلطة، وهو القديم، وبه قال مالك. والثاني وهو الجديد يزكيان زكاة المنفرد، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل تصح الخلطة في غير المواشي والذهب والفضة والزرع والثمار؟ قَوْلَانِ: أحدهما وهو القديم لا تصح، وبه قال مالك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق وأبو عبيدة وأبو ثور. والثاني وهو الجديد تصح، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. فعلى هذا إذا اشتركا في زراعة حنطة أو شعير وبلغ خمسة أوسق وجبت الزكاة عليهما. وعند النَّاصِر والمؤيد من الزَّيْدِيَّة وأبي طالب ويَحْيَى لا تجب عليهما حتى تبلغ عشرة أوسق. * * *

باب زكاة الثمار

باب زكاة الثمار مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والحسن البصري وابن سِيرِينَ والشعبي وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ والحسن بن صالح وابن الْمُبَارَك ويَحْيَى بن آدم وأبي عبيد تجب الزكاة في ثمرة النخل والكرم دون غيرهما من الثمار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر تجب الزكاة في جمع الثمار في جميع ما تنبته الأرض. ويقصد بزراعته ثمارها، إلا الحطب والحشيش والقصب الفارسي. وعند أَبِي يُوسُفَ تجب الزكاة في جميع الثمار. وعند أَحْمَد يجب الزكاة في سائر الثمار التي تكال، فأوجبها في الموز وأسقطها في الجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب الزكاة في الزيتون قَوْلَانِ: القديم وجوبها، وبه قال ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وَمَالِك والزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ واللَّيْث. والجديد لا تجب، وبه قال ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبو عبيدة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوجبنا الزكاة في الزيتون، فإن كان مما لا يقصد منه الزيت بل يقصد منه الزيتون أخرج عشره زيتونًا، وإن كان مما يقصد منه الزيت فهو بالخيار، إن شاء أخرج عشره زيتًا، وإن شاء زيتونًا، والزيت أولى. وهذا إذا بلغ الزيتون خمسة أوسق بالكيل، فإن نقص في ذلك فلا شيء فيه. وعند الزُّهْرِيّ واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ يخرج عنه زيتًا صافيًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما لا تجب فيه الزكاة من الخضروات إذا بيعت لم يجب في ثمنها شيء حتى يحول عليها الحول. وعند الزُّهْرِيّ والحسن إذا بيعت وقبض ثمنها وكان نصابًا وجبت فيها الزكاة في الحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ الصاع خمسة أرطال وثلث بالعراقي، وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وابن أبي ليلى والثَّوْرِيّ وابن حُيي ثمانية أرطال. وعند شريك بن عبد الله الصاع أقل من ثمانية وأكثر من سبعة. وعند الْإِمَامِيَّة الصاع تسعة أرطال. وعند النَّاصِر والزَّيْدِيَّة الصاع سبعمائة درهم إلا ستة دراهم وثلثي درهم. وعنه أيضًا أن الصاع ستمائة درهم وأربعون درهم. وحمل منه هذا على نفس الصاع لا على ما يكال به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر وابن عمر وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة لا تجب الزكاة في ثمرة النخل والكرم حتى تبلغ بالسنة خمسة أوسق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر والحسن بن صالح تجب في

كل قليل وكثير، فلو كانت حبة واحدة وجب عشرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النصاب ألف وستمائة رطل البغدادي. وعند أَحْمَد وأبي يوسف ثلثمائة وستون رطلاً. وعند أَبِي يُوسُفَ أيضا يجب في كل عشرة أرطال رطل، ولا شيء فيما دونه. وعند مُحَمَّد مائة وثمانون رطلًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء لا يجب العشر في ورق التوت. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يجب فيه. وعند سائرهم إذا كان يعالج به دود القز لا يجب، إلا إذا بلغت قيمته نصابًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب العشر فيما سقى بغير مؤنة ثقيلة، فإن سقى بمؤنة ثقيلة وجب فيه نصف العشر، وإن سقى نصفه بهذا ونصفه بهذا وجب فيه ثلاثة أرباع العشر، وإن سقى بأحدهما أكثر فقَوْلَانِ: أحدهما يؤخذ من الأكثر في الغالب، وهو قول عَطَاء وَأَحْمَد. والثاني يؤخذ بالقسط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب الزكاة في العسل قَوْلَانِ: القديم وجوبها. والجديد لا تجب، وهو قول مالك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان في غير أرض الخراج وجبت فيه الزكاة، وإن كانت في أرض الخراج لم تجب فيه الزكاة. وعند أَحْمَد ومَكْحُول وسليمان بن موسى وإِسْحَاق تجب الزكاة فيه بكل حال. واختلفت الزَّيْدِيَّة، فقال النَّاصِر يجب الخمس فيه، سواء استخرج من العياص أو الكوارة. وكذا يجب الخمس لما يترك فى الكوارة شفقة على النحل. وقال القاسم ويَحْيَى إن كان مستخرجًا من العياص ففيه الخمس، وإن كان مستخرجًا من الكوارة ففيه العشر إذا بلغت قيمته نصابًا. وعند أبي حَنِيفَةَ وزيد بن علي يجب العشر في قليله وكثيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أوجبنا الزكاة في العسل اعتبر فيه النصاب، وبه قال أَحْمَد وصاحباه، وبه قال زيد بن علي والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. والقول الثاني لا يصح

قدر نصيب أرباب الزكاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم وأبو عبد الله الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره الفرار من الزكاة، وهو أن يبيع جزءًا من مال الزكاة قبل الحول بغير حاجة يقصد بذلك أن يحول الحول والنصاب ناقص، فلا تجب عليه الزكاة، وهو قول أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند أَحْمَد وَمَالِك وبعض التابعين والْإِمَامِيَّة يحرم عليه ذلك، ولا تسقط عنه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع رب المال الثمرة قبل بدو الصلاح لم تجب عليه الزكاة لذلك إن كان القطع لعذر كالأكل، أو ليبيعها، أو ليخفف عن النخل والكرم وإن كان للفرار عن الزكاة وكانت تبلغ نصابًا لو بقيت كره ذلك ولا يحرم. وعند مالك وَأَحْمَد يحرم عليه ذلك، ولا تسقط عنه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وَأَحْمَد وإِسْحَاق وَمَالِك يستحب الخرص للثمرة بعد بدو الصلاح، ويستفاد به جواز التضمين على رب المال. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأهل العراق لا يجوز الخرص ولا يتعلق به حكم. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يجوز الخرص تعريفًا لرب المال حتى لا ينقصها ولا يتلفها. ولا يجوز أن يخرصها ليضمنها. وعند الشعبي الخرص بدعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اختار رب المال ضمان حق الفقراء بعد الخرص، ثم تلفت الثمرة بجائحة لم تسقط الزكاة. وعند مالك تسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يجزئ أن يكون الخارص واحد أو لابد من اثنين، قَوْلَانِ وبأولهما قال أَحْمَد ومالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأصح لا يؤخذ العشر من العنب حتى يصير زبيبًا، ولا من

الرطب حتى يصير تمرًا، وهو رِوَايَة عن أحمد. والرِوَايَة الثانية عنه أنه يوسق رطبًا وعنبًا لا تمرًا وزبيبًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن مؤنة الجفاف على رب المال. وعند عَطَاء يتقسط على الزكاة والمال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجب الزكاة في الثمرة المحبس أصلها في سبيل الله، كالمساجد والرباطات والقناطر، وكذلك ما توقف على الفقراء والمساكين. وحكى ابن المنذر عن الشَّافِعِيّ أيضًا أن الزكاة تجب في جميع ذلك، وعند أَحْمَد لا تجب فيما حبس على الفقراء، وتجب فيما حبس على ولده، وعن أبي عبيد قريب من هذا، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ما يأكل رب المال من الثمرة يحسب عليه ويؤخذ منه في حق الفقراء. وعند أَحْمَد ما يؤكل بالمعروف لا يحسب عليه، وما يطعم صديقه وجاره يحتسب به عليه. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يحتسب عليه بما يأكل ولا بما يطعم صديقه وجاره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أحيا المسلم مواتًا في حيز أرض الصلح بما ساقه من نهر احتفره الأعاجم، أو بعين استخرجها منها، أو قناة، أو دجلة، أو فرات فلا خراج عليها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في النهر عليه الخراج، وفي بقية المواضع لا خراج عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يكره للرجل أن يشتري صدقته، فإن اشتراها صح. وهذا هو الظاهر من قول أحمد. ومن أصحاب أَحْمَد من قال: يبطل البيع وحكى أصحابنا ذلك عن أحمد، وأنكره أصحابه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا كانت الثمرة أنواعًا مختلفة قليلة أخذ من كل نوع بقسطه. وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ يؤخذ من الجبر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت الأنواع كثيرة أخذ من أوسطها، وبه قال مالك في رِوَايَة. والرِوَايَة الثانية يؤخذ من كل نوع بقسطه. وعند بعض أصحاب الشَّافِعِيّ يؤخذ من الأغلب. * * *

باب زكاة الزروع

باب زكاة الزروع مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك تجب الزكاة في الحبوب التي تقتات في حال الاختيار وتدخر، كالحنطة والشعير والذرة والجاورس والأرز، وكذلك القطنية وهي اللوبيا، والهرطمان، والبلسن، والماش، والعتر والباقلاء. وعند الحسن البصري وابن سِيرِينَ والشعبي وابن أبي ليلى وسفيان والحسن بن صالح وابن الْمُبَارَك ويَحْيَى بن آدم وأبي عبيد وَأَحْمَد لا تجب الزكاة إلا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب. وعند أبي ثور تجب في الحنطة والشعير والذرة. وعند ابن عمر تجب الزكاة في السلت. وهو صنف من الشعير، فهو موافق لقولهم، وهو قول النَّخَعِيّ، إلا أنه ضم إلى هذه الأصناف الذرة، وروى ذلك عن ابن عَبَّاسٍ إلا أنه لم يذكر الذرة. وعند عَطَاء تجب في النخل والكرم والحبوب كلها. وعند إِسْحَاق كل ما وقع عليه اسم الحب المأكول، وهو مما يبقى في أيدي الناس ويصير في بعض الأزمنة عند الضرورة طَعَامًا فهو حب يؤخذ منه العشر، وعند مالك في الحبوب المأكولة غالبًا من الزرع. وعند أَبِي يُوسُفَ تجب في الحبوب المأكولة والقطن. وعند أَحْمَد تجب في الحبوب التي تكال، أنبته أو نبت بنفسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تجب في كل مزروع ومغروس من فاكهة وبقل وخضرة. وعند مالك الحبوب كلها فيها الزكاة. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يجب العشر إلا فيما له ثمرة باقية، ولا شيء في الخضروات. وعند الْإِمَامِيَّة لا تجب الزكاة إلا في تسعة أصناف: الدنانير، والدراهم، والحنطة، والشعير، والزبيب، والإبل، والبقر، والغنم، ولا زكاة فيما عدا ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجب الزكاة في الترمس والسمسم وبذر الكتان وحب الفجل وما أشبهه مما تقتاته العرب في حال الاضطرار. وعند مالك تجب في ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن كل ما زرع وجب فيه الزكاة، فلا تجب فيه حتى يكون يابسه خمسة أوسق، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب في القليل والكثير. وعند النَّاصِر والزَّيْدِيَّة لا يعتبر النصاب فيما عدا التمر والزبيب والحنطة والشعير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأصناف التي تجب فيها الزكاة لا يضم صنف إلى صنف في إكمال النصاب، بل تعتبر كل صنف بنفسه إلا السلت فإنه يضم إلى الشعير على وجه. والمنصوص للشافعي أنه لا يضم إلى الشعير، والعلس يضم إلى الحنطة، وتضم الأنواع من صنف واحد بعضها إلى بعض وكذلك القطنيات مثل الباقلاء واللوبيا والحمص والعدس وما أشبه ذلك كل صنف منها معتبر بنفسه في النصاب، ولا يضم بعضها إلى بعض كالحبوب سواء، به قال داود. وعند الحسن والزُّهْرِيّ وَمَالِك يضم الشعير إلى الحنطة. وكذلك السلت ولا يضم إليه القطنيات، وتضم القطنيات بعضها إلى بعض. وعند مالك رِوَايَة أنها أجناس كالربا. وعند طاوس وعكرمة وَأَحْمَد في إحدى الروايتين تضم الحنطة والشعير والقطنيات بعضها إلى بعض ويؤخذ منها الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجوز الزكاة في قشر الأرز ولا في التبن. وعند النَّاصِر والمؤيد من الزَّيْدِيَّة تجب في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجب العشر في غلة الأراضي الموقوفة على الفقراء والمساكين والمساجد والطرق، وتجب في غلة الأراضي الموقوفة على رجل معين، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند الداعي منهم يجب في جميع ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا تؤخذ الزكاة إلا بعد التصفية ومؤنة الدنانير، والتصفية على رب المال. عند عَطَاء تقسط المؤنة على جميع المال.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا أخرج العشر عن الحب والثمار لم يجب فيه عشر آخر. وعند الحسن البصري يجب فيه العشر في كل سنة ما دام باقيًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا يجب العشر على ذمي ومكاتب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان الزرع لواحد والأرض لآخر وجب العشر على مالك الزرع كالمستأجر مع المؤاجر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب العشر على المؤاجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة يجتمع العشر والخراج في الأرض الخراجية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجتمعان، فإذا أخذ الخراج لا يؤخذ العشر. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجتمعان، بل يثبت العشر ويسقط الخراج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك يجوز للإمام أن يزيد في الخراج على وظيفة عمر رضي الله عنه وينقص منها. وكذا في الجزية. وعن أَحْمَد ثلاث روايات: إحداها لا يجوز. والئانية الجواز، وبها قال أبو بكر من أصحابه ومُحَمَّد بن الحسن الحنفي. والثالثة يجوز الزيادة والنقصان. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز النقصان خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا اشترى الذميّ أرضًا عشرية صح شراؤه، ولا يجب عليه الخراج ولا العشر. وعند مالك لا يصح الشراء، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح الشراء، ويجب عليه الخراج. وعند أَبِي يُوسُفَ يجب عليه عشران، وهو رِوَايَة عن أحمد. وعند مُحَمَّد عشر واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أقر الإمام المشركين على أراضيهم وضرب عليهم الخراج باسم الجزية وأسلموا سقطت عنهم الجزية. ووجب عليهم العشر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تسقط عنهم الجزية ولا يجب عليهم العشر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ضرب على نصارى بنى تعلب العشرين في زروعهم مكان الجزية، ثم أسلموا وباعوا الأرض لمسلم سقط أحدهما، وأخذ الآخر على طريق الزكاة. وكذا الذميّ إذا ضربت على أرضه الجزية ثم أسلم سقطت. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تسقط. * * *

باب زكاة الذهب والفضة

باب زكاة الذهب والفضة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وَأَحْمَد في رِوَايَة لا تجب الزكاة في غير الذهب والفضة من الجواهر، كالياقوت والفيروز واللؤلؤ والزبرجد والمرجان والصفر والنحاس، وكذا لا تجب في المسك ولا فيما يستخرج من البحر، إلا أن يكون ذلك كله للتجارة، فتجب فيه زكاة للتجارة، أو ركاز، أو معدن الذهب، أو فضة فيجب فيه حق الركاز والمعدن. وعند الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وأَبِي يُوسُفَ ومحمد وإِسْحَاق يجب في العنبر الخمس، وعند عبيد الله بن الحسن العنبري وَأَحْمَد في رِوَايَة يجب الخمس في كل ما استخرج من البحر إلا السمك. وعند الزُّهْرِيّ يجب في العنبر واللؤلؤ الخمس. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر ويَحْيَى يجب الخمس في المسك والعنبر والنفط والملح أي ملح كان والغاز، وعند المؤيد منهم لا خمس في الملح والنفط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء تجب الزكاة على الذهب والفضة، سواء كان مطبوعًا أو غير مطبوع. وعند الْإِمَامِيَّة أنها لا تجب إلا في المطبوع من ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا تجب الزكاة في الذهب والفضة حتى يبلغ نصابًا. ونصاب الذهب عشرون مثقالاً، ونصاب الفضة مائتي درهم بدراهم الْإِسْلَام،

فإن نقص عن ذلك شيء لم تجب الزكاة. وعند المغربي من أهل الظاهر وبشر المريسي يعتبر العدد دون الوزن. وعند مالك إذا نقص ذلك حبة أو حبتين في جميع الموازين فلا زكاة عليه، وإن نقصت في ميزان دون ميزان فعليه الزكاة. وروى عنه في الموطأ إذا نقص ذلك كله حبة أو حبتين فعليه الزكاة. وروى عنه إذا نقص ثلاثة دراهم وجبت الزكاة. وعند مُحَمَّد بن مسلمة وَأَحْمَد إن نقص ذلك ثلاثة دراهم لم تسقط الزكاة. وروى عن أَحْمَد أيضًا إذا نقصت دانق أو دانقان وجبت الزكاة. وعند طاوس والزُّهْرِيّ ومجاهد وأيوب السختياني وسليمان بن حرب أن نصاب الذهب معتبر بالفضة، فيعتبر أن يبلغ فيه الذهب مائتا درهم، حتى لو كان معه خمسة عشر مثقالاً من الذهب يبلغ قيمتها مائتا درهم وجبت فيها الزكاة، وإن كان معه عشرون مثقالًا لا يساوى مائتا درهم لم يجب فيه شيء وعند الحسن البصري وداود وَأَحْمَد في رِوَايَة واختارها عبد العزيز من أصحابه لا يضم الذهب إلى الفضة في إكمال النصاب. وعند الحسن وقتادة ومالك والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يضم أحدهما إلى الآخر في النصاب، وهي الرِوَايَة الأخرى عن أَحْمَد واختلفوا في كيفية الضم، فقال أبو حَنِيفَةَ: يضم أحدهما إلى الآخر بالقيمة، وقال الياقوت: يضم أحدهما إلى الآخر بالأجزاء، فإذا كان معه عشرة مثاقيل ومائة درهم وجبت عليه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وزفر الأموال التي تجب الزكاة في عينها كالمواشي والذهب والفضة يعتبر النصاب فيها من أول الحول إلى آخره، فإن نقص من النصاب شيء في جزء من الحول لم تجب فيه الزكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الاعتبار بالنصاب فى طرفي الحول، فإن نقص في أثنائه لم ينقطع الحول إذا بقي من المال شيء بنى به إذا كان معه أربعون شاة في أول الحول فهلك الجميع إلا واحدة في أثناء الحول، ثم ملك فى آخره تسعًا وثلاثين مع الباقية من الأربعين وجبت عليه الزكاة عند تمام الحول من حين ملك الأربعين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وداود ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وعلى

وعمر وابن عمر وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب فيما زاد على النصاب في الذهب والفضة بحسابه فى قليله وكثيره، وعند الحسن وعَطَاء وابن المسيب وطاوس والشعبي ومَكْحُول وعمرو ابن دينار والزُّهْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا شيء في الزيادة على نصاب الذهب حتى تبلغ الزيادة أربع دنانير، ولا يجب في الزيادة على نصاب الفضة حتى تبلغ الزيادة أربعين درهمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا كان عنده ذهب مغشوش أو فضة مغشوشة، ويبلغ الخالص في كل واحد منهما نصابًا وجبت فيه الزكاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الغش أكثر، أو كان أسوأ لم تجب الزكاة. وإن كان العشر أقل وجبت فيه الزكاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد بالله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخرج خمسة دراهم مغشوشة عن مائتي درهم جيدة لم يجزئه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزيه، وعند أَبِي يُوسُفَ إن كانت الفضة رديئة أجزأته، وإن كانت مغشوشة لم يجزئه، وعند مُحَمَّد وَأَحْمَد يجزئه ما فيها من الفضة، وعليه أن يخرج الفضل ما بينهما وبين الفضة الجيدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وجابر بن عبد الله إذا كان له دين على ملي مقرٌّ به في الظاهر والباطن، باذلٌ إذا طلبه وجب فيه الزكاة، ووجب إخراجها عنه. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ لا يجب إخراج الزكاة عنه حتى يقبضه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند ابن المنذر وعائشة وعكرمة وعَطَاء أنه لا زكاة في الدين حتى يقبضه صاحبه ويحول عليه الحول من يوم قبضه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد الله الداعي عن مُحَمَّد بن يَحْيَى، وعند عَطَاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وعَطَاء الخراساني وأبي الزناد وَمَالِك يزكِّيه إذا قبضه لسنة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الدين على مقرٍّ به في الباطن جاحدًا له في الظاهر وجبت الزكاة فيه، ولا يجب إخراجها عنده حتى يقبضه. وعند أَبِي يُوسُفَ لا تجب فيه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الدين المأيوس منه قَوْلَانِ: أحدهما لا تجب الزكاة فيه حتى يقبضه ويحول عليه الحول. والثاني تجب فيه الزكاة، فإذا قبضه زكاه لما مضى، وهو قول الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد. وعند عمر بن عبد العزيز والحسن واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ يزكيه لسنة واحدة إذا قبضه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الدين على أحد له في الباطن والظاهر وله بينة، أو علمه الحاكم وجبت فيه الزكاة. وعند مُحَمَّد إن علمه الحاكم وجبت فيه الزكاة، وإن لم يعلمه وله بينة لم تجب فيه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب الزكاة في الحلي المباح وهو ما يتخذه الرجل لحلية نفسه كالمنطقة المحلاة بالفضة، والقبيعة المصوغة، والخاتم من الفضة، وكذا ما تتخذه المرأة لتلبسه من خلاخل الذهب والفضة والدمالج والمغانق وغيرها قَوْلَانِ: أحدهما تجب فيه الزكاة، وبه قال عمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وعبد الله بن عمرو والقاسم بن مُحَمَّد وعبد الله بن شداد وميمون بن مهران ومجاهد وجابر بن زيد والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأبو حَنِيفَةَ وأصحابه. والثاني لا تجب، وبه قال ابن عمر وجابر وعائشة وأسماء وَمَالِك وإِسْحَاق وَأَحْمَد ومجاهد وأبو ثور وأبو عبيد وأنس. واختلف النقل عن الحسن البصري والشعبي، فنقل عنهم صاحب الشامل والمعتمد أنهم قائلون بالقول الأول. ونقل عهم صاحب البيان أنهم قائلون بالقول الثاني. واختلف النقل عن سعيد ابن السيب، فنقل عنه صاحب البيان وابن الصباغ أنه قائل بالقول الثاني، ونقل عنه صاحب المعتمد أنه قائل بالقول الأول، واختلف النقل عن الزُّهْرِيّ فنقل عنه صاحب البيان والمعتمد أنه قائل بالقول الأول، ونقل عنه ابن الصباع أنه قائل بالقول الثاني، واختلف النقل عن سعيد بن جبير وابن سِيرِينَ وعَطَاء، فنقل عنهم ابن الصباع أنهم قائلون بالقول الثاني، ونقل عنهم صاحب المعتمد أنهم قائلون بالقول الأول. وعند أنس ابن مالك يزكى عامًا واحدًا، وعند عبد الله بن عيينة وقتادة زكاته عاريته، وبه قال أَحْمَد والحسن في إحدى الروايتين عنهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز تمويه السقوف بالذهب والفضة وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اتخذ الحلي للكرى ففي وجوب زكاة الحلي قَوْلَانِ: أحدهما لا تجب، وبه قال مالك. والثاني تجب، وهو قول أحمد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز اتخاذ أواني الذهب والفضة في أحد القولين، وبه قال مالك ويجوز في الآخر، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا خالف واتخذها فعليه الزكاة وتعتبر بالقيمة لا بالوزن. وكذلك الحلي الذي تجب فيه الزكاة وعند مالك الاعتبار بالوزن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بادل الأثمان بعضها ببعض انقطع الحول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا ينقطع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز إخراج زكاة الفضة ذهبًا، ولا زكاة الذهب فضة، وعند مالك يجوز ذلك ويكون بدلاً لا قيمة. وقد ذكرناه فيما تقدم. واختلف أصحاب مالك في كيفية الإخراج بالقيمة أو بالبديل. * * *

باب زكاة التجارة

باب زكاة التجارة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وجابر وعائشة وفقهاء المدينة السبعة والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وابن حُيي وأَبِي حَنِيفَةَ وكافة العلماء تجب الزكاة في مال التجارة. وعند ابن عَبَّاسٍ وداود والْإِمَامِيَّة لا تجب فيها الزكاة، وهو القياس. وعند عَطَاء ورَبِيعَة وَمَالِك لا زكاة فيها حتى تُنض دراهم أو دنانير، فإذا نفقت أخذ منها زكاة عام واحد. وعند اللَّيْث إذا ابتاع متاعًا للتجارة فبقي عنده أحوالاً فليس عليه إلا زكاة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا اشترى عرضًا ولم ينو به التجارة حال الشراء لم يصر للتجارة. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ يصير للتجارة إذا نوى بعد العقد أنه للتجارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وكافة العلماء إذا اشترى عرضًا للتجارة يعرض للقنية وعرض القنية من غير أموال الزكاة، وجرى في الحول من يوم

الشراء ووجبت فيه الزكاة إذا حال عليه الحول، وعند مالك لا تجب فيه الزكاة، لأن عنده أنها لا تجب إلا فيما اشترى بالدراهم والدنانير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم ينض رأس المال والربح إلا بعد حولين وأكثر، ولم يكن زكَّاه في كل حول، زكَّى عن الأحولة كلها. وعند عَطَاء وَمَالِك لا يزكّى إلا لحول واحد، إلا أن يكون مدثرًا لا يعرف حول ما يبيع ويشتري، فإنه يجعل لنفسه شهرًا في السنة يقوِّم ما عنده وتركته مع فائض أمواله، وإن كان من يتربص بسلعته النفاق والأسواق لم يجب تقويمها حتى يبيعها بذهب أو ورق يزكى لسنة فقط. قلت: قال أهل اللغة: المدثر هو الرجل الكثير المال، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى عرضًا للتجارة بما دون النصاب يعرض من الأثمان قوّم بجنس ذلك على أصح القولين، وبه قال أبو يوسف. وفي الوجه الثاني يقوَّم بغالب نقد البلد، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يقوّم الأحظ للفقراء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اجتمع زكاة العين وزكاة التجارة، بأن اشترى نصابًا من الماشية وهي سائمة، أو اشترى نخلاً للتجارة فأثمرت في يده، أو اشترى أرضًا للتجارة فزرعها، فإنه لا يجب إلا واحدة منها. واختلف قوله في أيهما تجب، فقال في الجديد تجب زكاة العين، وهو قول مالك. وقال في القديم تجب زكاة التجارة، وهو قول أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول في النخل والزرع كقوله الجديد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشترى عرضًا للتجارة انعقد الحول عليه من حين اشترى، سواء كان المشتري نصابًا أو لم يكن، وسواء كان قيمة العرض نصابًا أو دونه. وإذا حال عليه الحول وبلغ نصابًا وجبت فيه الزكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعتبر وجود النصاب في جميع الحول وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ إذا ملك عرضًا بخلع أو نكاح أو صلح عن دم عمد ونوى به التجارة حين التملك ففيه الزكاة. وعند مُحَمَّد وبعض الشَّافِعِيَّة لا زكاة فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ملك العرض بهبة ونوى بها التجارة لم يصر للتجارة. وعند

أَحْمَد يصير للتجارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن زكاة التجارة تجب في القيمة على القول الجديد، وهو قول مالك وَأَحْمَد. وفي القديم تجب في العين، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. واختلف قول الشَّافِعِيّ في المخرج في زكاة التجارة على ثلاثة أقوال: أحدها يخرج من القيمة، والثاني من العرض، وهو قول أَبِي يُوسُفَ ومحمد، إلا أنهما يقَوْلَانِ: إن نقص قيمة العرض بعد الحول أخرجها ناقصًا. والثالث هو بالخيار إن شاء أخرج من العرض، وإن شاء أخرج من القيمة، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. ويقول: يتعين بالإخراج ويعتبر قيمة المخرج حال الوجوب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ زكاة التجارة وزكاة الفطر يجتمعان فى العيد، فإذا كان له عبد للتجارة وأهلَّ عليه هلال شوال وجب عليه زكاة فطرته، وإن حال عليه حول زكاة للتجارة وجب فيه زكاة التجارة. وعند عَطَاء والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه زكاة التجارة، ولا يجب عليه زكاة فطره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ العامل في القراض لا يملك شيئًا من الربح قبل القسمة، ولا تجب الزكاة في حصته في أحد القولين وعند أَبِي حَنِيفَةَ يملك حصته بالظهور، وتجب منها الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نضَّ من العروض للتجارة في أثناء الحول استؤنف الربح حول في أحد القولين، وزكَّى في الربح لحول الأصل في القول الآخر، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان عنده عرض للتجارة فنوى به القنية صار للقنية بمجرد النية، وانقطع الحول فيه. وعند أَحْمَد وَمَالِك في إحدى الروايتين عنهما لا يصير للقنية بمجرد النية. * * *

باب زكاة المعدن والركاز

باب زكاة المعدن والركاز مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب حق المعدن على المكاتب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب حق المعدن على الذي لا يملكه، ولا شيء عليه فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا لم يأذن له الإمام في العمل لم يملك ما أخذه، وإذا أذن له أخذ منه الخمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يتعلق حق المعدن بغير الذهب والفضة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يتعلق بالذهب والفضة، وبكل ما ينطيع إذا طيع، كالحديد والرصاص والصفر، ولا يتعلق بما لا ينطيع كالفيروز والزجاج، وفي الزئبق عنه رِوَايَتَانِ وعند أَحْمَد يتعلق بكل ما يستخرج من المعدن حتى الصفر والكحل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجب الخمس على الحطب والحشيش، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند يَحْيَى منهم يجب فيها الخمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا وجد في داره معدنًا ففيه ما في

الموات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا شيء فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب في المستخرج من المعدن شيء إذا لم يبلغ نصابًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعتبر النصاب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ حق المعدن زكاة، وعند أبي حَنِيفَةَ ليس بزكاة، ويصرف مصرف الفيء، وهو قول الْمُزَنِي وأبي حفص بن الوكيل من الشَّافِعِيَّة. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في قدر الواجب في المعدن على ثلاثة أقوال أحدها ربع العشر، وهو قول أَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وَمَالِك في رِوَايَة. والثاني الخمس، وهو قول الزُّهْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي. والثالث يختلف باختلاف المؤنة، فإن وجد بذرة واحدة لا يلزمه عليه مؤنة ففيه الخمس، وإن كان يلزمه عليه مؤنة لزمه ربع العشر، وهو قول عمر بن عبد العزيز والْأَوْزَاعِيّ، وكذا مالك في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يعتبر الحول في حق المعدن على أصح القولين، وبه قال

مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وعامة أهل العلم، ويعتبر ذلك في حق ذلك في القول الآخر، وبه قال إِسْحَاق، واختاره الْمُزَنِي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مؤنة التمييز والإخلاص في خاص رأس المال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ المؤنة من المعدن جميعه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد لا يجوز صرف المعدن إلى من وجبت عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الواجب في الركاز الخمس، سواء أظهره أو كتمه. وعند أبي حَنِيفَةَ هو بالخيار بين أن يكتمه ولا شيء عليه، وبين أن يظهره ويخرج منه الخمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب حق الركاز على الذمي. وحكى ابن المنذر عن مالك وأهل المدينة والثَّوْرِيّ وأهل العراق وأصحاب الرأي والْأَوْزَاعِيّ وداود وأَبِي ثَورٍ ورواه عن الشَّافِعِيّ أنه يجب على الذمي الخمس فيما يجب من الركاز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن الصبي والمرأة إذا وجدا ركازًا كان لهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما وجد في موات دار الْإِسْلَام أو العهد أو الحرب فهو ركاز، ويكون لواجده، ويجب عليه الخمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ما وجد في موات دار الْإِسْلَام أو العهد فهو ركاز يجب فيه الخمس، وما وجد في موات دار الحرب فهو ملكه غنيمة له ولا يخمَّس. وعند مالك بين الجيش. وعند الْأَوْزَاعِيّ يؤخذ الخمس، والباقي بين الجيش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا وجده في أرض مملوكة في دار الحرب فإنه يكون غنيمة. وعند أَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ أنه ينفرد به الواجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن عليه علامة لمسلم ولا لكافر، ووجد في موات دار الحرب كان غنيمة، وعند أَبِي يُوسُفَ وأَبِي ثَورٍ هو ركاز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ فيما وجد من الركاز غير الذهب والفضة، فقال في القديم: يجب الخمس، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد وإحدى

الروايتين عن مالك. وقال في الجديد: لا يجب فيه شيء. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الركاز هل يعتبر فيه النصاب أم لا؟ فقال في القديم: لا يعتبر، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عبيد وقال في الجديد: يعتبر ذلك. وعند الحسن إن وجد في دار الحرب ففيه الخمس، وإن وجد في أرض الحرب ففيه الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اكترى من رجل دارًا فوجد فيها ركازًا، فادَّعى كل واحد منهما أنه له فالقول قول المكترى. وعند الْمُزَنِي القول قول المكرى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد إذا وجد ركازًا في ملك الغير فهو لمالك الموضع. وعند الحسن بن صالح وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ هو للواجد. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا استأجر رجلاً ليحفر له في داره فوجد كنزًا فهو للأجير، وإن استأجره ليحفر له رجاء أن يجد كنزًا وسمّاه له فوجد كنزًا فهو له، وللأجير الأجرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة المأخوذ من الركاز زكاة، ومصرفه مصرف الزكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد مصرفه مصرف الفيء، وبه قال الْمُزَنِي وابن الوكيل من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أمر السيد عبده بإخراج ركاز، أو وجده من غير أمر السيد كان ملكًا للسيد وعليه زكاته إن كان ممن تجب عليه الزكاة، وإن قال له السيد خذه لنفسك، فإن قلنا: إن العبد يملكه إذا ملك فهو للعبد ولا زكاة عليهما فيه، وإن قلنا: إنه لا يملك فهو للسيد وعليه الزكاة فيه. وعند الثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأبي عبيد إذا وجد

العبد ركازًا صح له منه ولم يعطه كله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ هو له بعد الخمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ ورِوَايَة عن أَحْمَد أنه إذا وجد ركازًا في داره سئل عن الذي انتقلت عنه حتى يصل إلى الأول ممن ملكها فيكون له. وعند مُحَمَّد وأبي يوسف ورِوَايَة عن أَحْمَد أنه يكون ملكًا لصاحب الدار. * * *

باب زكاة الفطر

باب زكاة الفطر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ زكاة الفطر واجبة مفروضة. وعند الأصم وابن علية وقوم من أهل البصرة ليست بواجبة، وهو قول ابن اللبان من الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأهل العراق هي واجبة وليست بفرض، لأن الفرض عنده ثابت بالأخبار المتواترة، والواجب ما ثبت بخبر الواحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ زكاة الفطر لا تجب في مال المكاتب ولا على سيده. وروى أبو ثور عن الشَّافِعِيّ أنها تجب على سيده، وهو قول عَطَاء ومالك. وعند أَبِي ثَورٍ يجب على المكاتب زكاة رقيقه. وعند أحمد يجب عليه في ماله، وهو قول بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب زكاة الفطر على كل مسلم صلى وصام أم لا، أطاق الصلاة والصوم أم لا. وعند الحسن البصري وسعيد بن المسيب لا تجب إلا على من صام وصلى. وعند علي لا تجب إلا على من أطاقهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب زكاة الفطر إلا على من فضل عن قوته وقوت من يلزمه نفقته ليلة الفطر ويومه ما يؤدى

فى الفطر. ولا يعتبر ملك النصاب بعد القوت، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب إلا على من ملك نصابًا من الذهب أو الورق، أو ما قيمته نصاب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معسرًا حال الوجوب، ثم أيسر يوم الفطر لم يلزمه الإخراج بل يستحب له. وعند مالك يلزمه الإخراج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ أن الولد الصغير الموسر نفقته وفطرته من ماله. وعند مُحَمَّد بن الحسن وَأَحْمَد وزفر تجب نفقته من ماله وفطرته على أبيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له ابن ابن وابن بنت صغير معسر فإنه يلزم الجد نفقته وفطرته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب عليه فطرة والده وولده الكبير إذا كانا زمنين معسرين، فإن كانا صحيحين معسرين فقَوْلَانِ: أحدهما تجب. والثاني لا تجب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب عليه فطر من لا ولاية له عليه، فلا يجب عليه فطرة الوالدين ولا على الأب فطرة الولد البالغ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تطوع بالنفقة على إنسان لم يلزمه زكاة فطره. وعند أَحْمَد تلزمه زكاة فطره. وعند الْإِمَامِيَّة إذا أضاف غيره جميع شهر رمضان وجب عليه إخراج زكاة الفطر عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب على السيد إخراج زكاة الفطر عن عبده المسلم. وعند داود لا يجب على السيد، بل تجب على العبد، وعلى السيد أن يتركه ليكسب ما يؤدى في الفطرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة إذا ملك عبيدًا أخرج عن كل واحد صاعًا، واختاره الخرقي وأبو بكر الحنبليان. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجزئه صاع واحد للجميع، وهو قول أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب عليه إخراج زكاة فطرة الآبق، علم بمكانه أو لم يعلم إذا علم حياته. وعند الزُّهْرِيّ وَأَحْمَد يخرج عنه إذا كان يعلم بمكانه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يخرج عنه إذا كان في دار الْإِسْلَام. وعند عَطَاء والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه أن يخرج عن عبده الآبق. وعند مالك إذا كانت غيبته قريبة ويرجى رجوعه أخرج عنه، وإن طال إباقه وآيس منه لا يخرج عنه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد والزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان عبدًا بين شريكين، أو بين جماعة وجبت عليهم زكاة فطرته على قدر الملك صاعًا واحدًا. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين يجب على كل واحد منهما صاعان. وعند الحسن وعكرمة والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ لا يجب زكاة العبد المشترك على أحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن إذا كانت جارية بين رجلين فأتت بولد فادَّعياه وجبت فطرته عليهما، وبه قال الداعي من الزَّيْدِيَّة. وعند أَبِي يُوسُفَ يجب على كل واحد منهما صاع، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان نصفه حرًا ونصفه عبدًا وجبت زكاة فطره عليه وعلى سيده، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه ولا على سيده. وعند مالك يجب على السيد نصف فطرته، ولا شيء على العبد. وعنه رِوَايَة أخرى كقول الشَّافِعِيّ. وعند عبد الملك الْمَاجِشُون يجب على السيد جميع فطرته. وعند مُحَمَّد بن مسلمة أنه إن لم يكن للعبد مال زكَّى السيد عنه، وإن كان له أخرج السيد نصف فطرته وعليه نصف فطرته. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد يؤدي السيد عن نفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تجب فطرة العبد الذي في أيد العامل للفراض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تجب على الزوج زكاة فطر زوجته. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه لا تجب عليه، بل هي واجبة عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان لليتيم مال وجب عليه زكاة الفطر، ويؤديها عنه الوصي من ماله. وعند مُحَمَّد بن الحسن لا تجب في مال الصغير صدقة يتيمًا كان أو غير يتيم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد ومن التابعين الضحاك بن عثمان وعثمان ابن نافع وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا تجب على السيد في عبده الكافر زكاة الفطر. وعند عَطَاء وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأبي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق تجب عليه زكاة الفطر عن عبده الكافر. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كان العبد مسلمًا والسيد كافرًا تجب على السيد زكاة فطر عبده السلم في أصح الوجهين. ولا تجب عليه في الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وصَّى برقبة عبد لواحد وبمنفعته لآخر كان زكاة فطره على مالك الرقبة. وعند عبد الملك على مالك المنفعة إذا كان الزمان طويلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب على السيد زكاة فطرة عبده المغصوب. وعند أَبِي ثَورٍ لا شيء عليه. مسألة: اختلف قول الشافعى في وقت وجوب الفطرة، فقال في الجديد: تجب بآخر جزء من شهر رمضان، وبه قال الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وهي إحدى الروايتين عن مالك. وقال في القديم: تجب بطلوع الفجر من يوم الفطر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأصحابه وأبو ثور، وهي إحدى الروايتين عن مالك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد وأبو طالب. وقال بعض أصحاب مالك تجب بطلوع الشمس من يوم الفطر،

وبه قال من الزَّيْدِيَّة الداعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز إخراج الفطرة في جميع شهر رمضان، ولا يجوز إخراجها قبله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يجوز إخراجها قبل شهر رمضان بسنة أو بسنتين، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أَحْمَد يجوز إخراجها قبل الفطر بيوم أو يومين، ولا يجوز قبل ذلك. وعند مالك والثَّوْرِيّ لا يجوز إخراجها قبل وجوبها، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، ومن الحنفية الحسن بن زياد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز تأخير زكاة الفطر عن يوم الفطر، وإن أخرها عنه أثم ويجزئه. وعند ابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ أنهما كانا يرخصان في تأخيرها عن يوم الفطر. وعند أَحْمَد أنه لا بأس به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر يجب عليه إخراج زكاة فطرة عبده الذي يكون في حائطه وماشيته وزرعه. وعند عبد الملك بن مروان لا يجب عليه فطرة عبده الذي يكون فى الماشية والزرع والحائط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الخيار في بيع العبد للمشتري، وأهل عليه شوال كانت زكاة فطره عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن استقر الملك على المشتري كانت عليه، وإن فسخ البيع كانت على البائع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب على السيد إخراج زكاة عبيده إذا لم يكن قد ملَّكهم إيَّاهم، أو ملكهم وقلنا هم لا يملكون إذا ملكوا، فإما إذا قلنا إنهم يملكون فلا يلزمه زكاة فطرهم. وحكى ابن المنذر عن أبي الزناد وَمَالِك وأصحاب الرأي أنه لا يلزمهم فطرهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن العبد إذا بيع بيعًا فاسدًا كان زكاة فطرته على البائع، قبضه المشتري أو لم يقبضه، أعتقه أو لم يعتقه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قبضه المشتري أو أعتقه فعليه زكاة فطرته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصدق زوجته عبدًا معينًا، وأهل عليه شوال ثم طلقها قبل الدخول لزمها زكاة فطرته قبضته أم لم تقبضه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قبضته لزمتها زكاة

فطرته، وإن لم تقبضه فلا زكاة عليها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الزبير زكاة الفطر واجبة على أهل البادية، وعند عَطَاء والزُّهْرِيّ ورَبِيعَة لا تجب عليهم زكاة الفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق والحسن البصري وأبي سعيد الخدري وأبي العالية وأبي الشعثاء وجابر بن زيد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الواجب في صدقة الفطر صاع من أي جنس كان من الطعام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وسعيد بن المسيب وعَطَاء وطاوس ومجاهد وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير وعروة ابن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي قلابة وعبد الله بن شداد ومصعب بن سعد وأبي بكر الصديق وعثمان بن عفان وابن مسعود وجابر بن عبد اللَّه وأبي هريرة وابن الزبير ومعاوية وأسماء أنه يجزئ نصف صاع من بر، ولا يجزئ مما سوى ذلك إلا صاعًا. قال ابن المنذر: لا يثبت ذلك عن أبي بكر وعثمان. وعن أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَة أخرى أنه يجزئ نصف صاع من الزبيب. وعند مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ لا يجزئ من الزبيب إلا صاعًا. واختلفت الرِوَايَة عن علي وابن عَبَّاسٍ والشعبي، فروى عنهم نصف صاع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد ثمانية أرطال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز أن يعطى الفقير من الفطرة القليل والكثير من غير تحديد، وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز أن يعطى الفقير الواحد أقل من صاع، وإن جاز أن يعطى أكثر من ذلك. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ فيما إذا عدل عن قوته وقوت بلده إلى قوت أدنى على القولين أحدهما يجزئه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ واختاره أبو إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة، والثاني لا يجزئه، وهو قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت في البلد أقوات متساوية عالية، فالأفضل أن يخرج

من أفضلها، ومن أيّها أخرج جاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد والزَّيْدِيَّة لا يجوز إلا من الأجناس الخمسة المنصوص عليها، والاعتبار بقوته لا بغالب قوت بلده. وإن اختار غير هذه الخمسة أخرجه على وجه القيمة، إلا أن يكون ذلك قوتهم فيخرج منه بنفسه صاعًا لا على وجه القيمة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يؤديها على وجه القيمة عن الخمسة أبدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك لا يجوز إخراج السويق والدقيق في زكاة الفطر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز، ويكون ذلك أصلاً لا قيمة، وبه قال الأنماطي من الشَّافِعِيَّة. وعند أكثر الزَّيْدِيَّة يجوز بطريق البدل. وعند النَّاصِر منهم يجوز بطريق القيمة. مسألة: المنصوص للشافعي أنه يجزئ إخراج الأقط، وبه قال مالك. وفيه قول مخرَّج أنه لا يجزئ، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ لكنه يقول: لا يجزئ أصلا بنفسه، وإنما تجزئ قيمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز إخراج صاع عن واحد من جنسين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد يجوز، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: على سبيل القيمة. وَأَحْمَد يقول: هو أصل. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في أفضل الأقوات، فالقول الصحيح عنده أنه البر، وبه قال جماعة من العلماء. والثاني أنه التمر، وهو قول أَحْمَد وَمَالِك وجماعة. وعند القاضي أبي الطيب من الشَّافِعِيَّة أفضلها أغلاها ثمنًا وأنفسها عند الناس. واستحب مالك إخراج العجوة والتمر. وكان ابن عمر يخرج التمر إلا مرة واحدة فإنه

أخرج شعيرًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يخرج الفقير فطرته إلى الفقير، ثم يخرجها ذلك الفقير عن فطرته إلى الفقير الذي أعطاه أولا. وعند مالك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للزوجة تسليم فطرتها إلى زوجها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من مات بعد وجوب الفطرة عليه لا تسقط عنه. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك تسقط عنه بالموت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز أن تصرف الفطرة للمخالف والفاسق. وعند الْإِمَامِيَّة لا تجوز. * * *

باب تعجيل الزكاة

باب تعجيل الزكاة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وعَطَاء والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي حَنِيفَةَ وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ كل مال وجبت فيه الزكاة بالنصاب والحول إذا ملك النصاب جاز تعجيل الزكاة فيه قبل مُضي الحول، وكذا يجوز تعجيل كفارة الْيَمِين قبل الحنث. وبعد الحنث. وعند رَبِيعَة وداود والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجوز التقديم فيهما، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز تقديم الزكاة قبل الحول، ولا يجوز تقديم الكفارة قبل الحنث. وعند مالك يجوز تقديم الكفارة، ولا يجوز تقديم الزكاة قبل الحول، وبه قال أبو عبيد بن حرب من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وزفر إذا كان معه نصاب واحد لم يجب تعجيل زكاة نصابين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز ذلك. وينهاه على أصله وهو أن المستفاد يضم إلى ما عنده في الحولين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المخرَّج في الزكاة المعجَّلة يضم إلى ماله ويجعل في الحكم كأن ملكه لم يزل عنه، حتى إذا عجَّل شاة من أربعين كانت كانها باقية على ملكه، فإذا حال عليه الحول أجزأته. وكذا إذا عجَّل شاة من مائة وعشرين شاة نتجت شاة قبل الحول لزمه شاة أخرى إذا حال الحول، وكذا إذا عجَّل عن مائتي شاة شاتين ثم نتجت شاة قبل وجوب الحول لزمه شاة أخرى إذا حال الحول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يزول ملكه عن المخرج، فإذا عجَّل شاة من الأربعين نقص النصاب، فإذا حال الحول فلا تجب الزكاة، ولا تكون الشاة المخرجة زكاة، فإن ولدت شاة منها كانت أربعين عند الحول أجزأت المدفوعة عن الزكاة عند الحول. وكذا إذا عجَّل شاة عن مائة وعشرين ثم نتجت شاة قبل الحول لم يلزمه شاة أخرى، وكذا إذا عجَّل عن مائتي شاة شاتين ثم نتجت واحدة من ما عنده لم تضم الشاتين المخرجتين إلى ما عنده في النصاب، فلا يلزمه شاة أخرى. وعنده أيضًا لا يجوز أن يعجل عن النصاب شاة ما لم تكن زيادة على النصاب

قدر الفرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا عجَّل الزكاة، ثم أخرج رب المال عن أن يكون من أهل الزكاة بالموت، أو الردّة، أو تلف النصاب، أو خرج الفقير عن أن يكون من أهل الاستحقاق بالردة أو الموت، أو استغنى بغير الزكاة جاز له استرجاعها إذا تبيَّن عند الدفع أنها زكاة معجَّلة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة ليس له استرجاعها، إلا أن تكون في يد الإمام أو الساعي، ونقول: إن تغيَّر حال رب المال كان تطوعًا وإن تغيَّر حال الفقير أجزأت عن الفرض ووقعت موقعها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الزكاة المعجلة تكون موقوفة بين الإجزاء والاسترجاع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تكون موقوفة بين الإجزاء والتطوع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قبض الإمام الزكاة من غير مسألة أرباب الأموال أو الفقراء قبل الحول فتلفت في يده بتفريط أو غير تفريط ضمنها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمنها، وهو قول بعض أصحاب أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استسلف الإمام الزكاة ودفعها إلى المسكين، ثم أُسِر، أو ارتد، أو مات، ثم حال الحول ورب المال موجود، والنصاب موجود، فإنها لا تجزئ ويسترجعها، وبه قال بعض أصحاب أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أنها تجزئ، وبه قال أكثر أصحاب أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ثبت له الرجوع، فكانت العين تالفة وهي من ذوات القيم وجب على القابض قيمتها يوم القبض على أحد الوجهين، وهو قول أحمد. والثاني يوم التلف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز إخراج العشر عن الثمرة قبل وجود الطلع. وعند أَبِي يُوسُفَ يجوز. * * *

باب قسم الصدقات

باب قسم الصدقات مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجوز للشخص الواحد أن يتولى الدفع والقبول للزكاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة يملك ذلك، فعلى هذا لو قال الإمام اعزل زكاة مالك، فعزل، ثم تلف قبل الوصول إلى الإمام لم يضمن. وعند الشَّافِعِيّ والنَّاصِر يضمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الإمام جائرًا لم يجز دفع الزكاة إليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه دفعها إليه. وعند مالك إن أخذها منه فهو إجزاء، وإن دفعها إليه باختياره لم يجز. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الأموال الظاهرة هل يفرق رب المال زكاتها بنفسه، أو يدفعها إلى الإمام، فقال في القديم. يدفعها إلى الإمام ولا يجزئه أن يفرقها بنفسه، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ. وقال في الجديد. يفرقها بنفسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب لقابض الزكاة أن يدعو لباذلها، ولا يجب ذلك. وعند داود وأهل الظاهر يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الإمام عادلاً يأخذ قدر الزكاة ويضعها في مواضعها، فإنه يأخذ الزكاة من المانع والغال، ويعزِّره على ذلك. وعند مالك وَأَحْمَد يؤخذ منه الزكاة وشطر ماله، وهو قول قديم للشافعي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للساعي إذا قبض الماشية ولم يؤذن له في تفرقتها في الحال أن يسمها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكره له ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء لا يجزئه أداء الزكاة إلا بالنية. وعند الْأَوْزَاعِيّ وداود لا يفتقر أداؤها إلى النية كالدَّين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تصدَّق بجميع ماله ولم ينو بشيء منه الزكاة لم يجزئه عن الزكاة. وعند أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ نية الإمام لا تقوم مقام نية المزكي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ تقوم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى فأخرج فتلف قبل الدفع لا يجزئه. وعند ابن سِيرِينَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا تصدَّق ببعضه لم يجزئه أيضًا. وعند محمد يجزئه من زكاة البعض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد إذا أخرج خمسة دراهم ونوى بها الزكاة والتطوع لم تجزئه عن الزكاة، ووقع ذلك تطوعًا. وعند أَبِي يُوسُفَ تجزيه عن الزكاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حال الحول على ماله فأفرد الزكاة ليحملها ويدفعها إلى أهلها فهلكت في الطريق لم يجزئه عن الفرض. وعند مالك يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر بن عبد العزيز والزُّهْرِيّ وعكرمة وَأَحْمَد في رِوَايَة يجب صرف الزكاة إلى الأصناف الموجودين المذكورين في الآية، ولا يجوز الاقتصار

على بعضهم. وعند الحسن البصري والشعبي وعَطَاء والضحاك وسعيد بن جبير وأبي عبيد وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحاب الرأي وحذيفة وابن عَبَّاسٍ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد يجوز صرفها إلى بعضهم، حتى جوَّز أبو حَنِيفَةَ صرفها إلى واحد منهم، وعند النَّخَعِيّ إذا كانت كثيرة فرَّقها على الأصناف، وإن كانت قليلة دفعها إلى صنف واحد. وعند مالك يدفعها إلى أمسهم حاجة. وعند أَبِي ثَورٍ إن قسَّمها الإمام قسَّمها على من سمى الله تعالى، فإن قسَّمها أرباب الأموال رجوت أن يجزئهم إذا دفعوها إلى واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك في رِوَايَة وَأَحْمَد وجماعة من أهل اللغة الفقير أمسُّ حاجة من المسكين، وهو الذي ليس له شيء، أو شيء يسير لا تقع موقعًا من كفايته سأل أو لم يسأل. والمسكين هو الذين يجد ما يقع موقعًا من حاجته، مثل أن يحتاج إلى عشرة فيكتسب ستة إلى ما دون العشرة. وعند الضحاك الفقراء فقراء المهاجرين، والمساكين هم الذين لم يهاجروا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَمَالِك ومُحَمَّد بن مسلمة والفراء وثعلب وابن قتيبة وكثير من الفقهاء المسكين أمس حاجة من الفقير، واختاره أبو إِسْحَاق المروزي من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان لرجل كتب لا تبلغ قيمتها مائتي درهم حلَّ له قبض الزكاة، لأنها بمنزلة أثاث البيت، وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيد المؤيد وأبو طالب. وعند السيد وجعفر بن مُحَمَّد منهم أنه لا يحل له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وَأَحْمَد إذا كانت له حرفة يكتسب بها ما يمونه ويمون عياله على الدوام لم يجز له أخذ الزكاة. وعند مالك يدفع إليه إذا كان فقيرًا من المال، وإن كان مكتسبًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة إذا لم يملك نصابًا جاز له أخذ

الزكاة. وعند مالك وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا كان له خمسون درهمًا لم يجز له أخذ الزكاة. مسألة: المنصوص للشافعي وغيره من الفقهاء والعلماء أن المسكين إذا ملك نصابًا بحرفته ولم يحصل منه كفايته، أو صنعة يستغلها ولا تكفيه فإنه يعطى ما تزول به حاجته ويحصل به الكفاية على الدوام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا كان مالكًا لنصاب من الأثمان لم يجز له أخذ الزكاة. وكذلك إذا كان مالكًا لقيمة نصاب ويفضل عن مسكنه وخادمه لم يجز له أخذ الزكاة. وعند ابن عمر وعلي وسعد بن أبي وقاص والثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد وابن الْمُبَارَك وابن حُيي والعنبري وإِسْحَاق إذا ملك خمسين درهمًا لم تحل له الزكاة. وعند الحسن وأبي عبيد لا يعطى من الصدقة من له أربعون درهمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن تدفع الزكاة إلى مؤلفة الكفار، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعنه في رِوَايَة أخرى أنه يجوز الدفع إليهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مؤلفة المسلمين أربعة أضرب: ضرب لهم شرف وسؤدد يرجى بعطيتهم إسلام نظرائهم. وضرب لهم شرف وطاعة نبيهم في الْإِسْلَام ضعيفة. وضرب فى طرف بلاد الْإِسْلَام ويليهم قوم من الكفار. فإن أعطوا قاتلوهم ودفعوهم عن المسلمين، وإن لم يعطوا لم يقاتلوهم واحتاج الإمام إلى مؤنة في تجهيز الجيوش إليهم، وضرب يليهم قوم من المسلمين عليهم زكاة لا يؤدونها إلا خوف ممن يليهم من المسلمين، فإن أعطاهم الإمام شيئًا جبوا الزكاة ممن يليهم وأدوها إلى الإمام، وإن لم يعطهم الإمام شيئًا احتاج إلى مؤنة ثقيلة في تجهيز من يجيبها منهم. فالضربان الأولان فى إعطائهم بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - قَوْلَانِ: أحدهما لا يعطون، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. والثاني يعطون، وهو قول أحمد. والضربان الأخران يعطون. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وأهل الكوفة وغيرهم، وكذا أَحْمَد في ما نقله عنه الترمذي قد سقط سهم المؤلفة فلا سهم لهم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وسعيد بن جبير واللَّيْث والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة أن الرقاب في الآية هم المكاتبون، فيعطون من الزكاة ما يؤدونه في الكتابة. وعند الحسن وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعبيد اللَّه بن الحسن العنبري وأبي عبيد وأَبِي ثَورٍ وابن عَبَّاسٍ والْإِمَامِيَّة يشتري من الزكاة عبيدًا ويعتقوا ابتداءً وعند الزُّهْرِيّ يجعل نصيبهم نصفين، نصفًا للمكاتبين، ونصفًا يشتري به عبيدًا ممن صلى وصام وقدم إسلامهم فيعتقوا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من كرم لإصلاح ذات البين في تحمل مال هل يعطى مع الغناء قَوْلَانِ: أحدهما لا يعطى، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني يعطى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غرم لمصلحة نفسه وناب أُعطي مع الفقراء على أحد الوجهين. والثاني لا يعطى، وبه قال قتادة. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا كان لرجل على معسر دين، فأراد من له الدَّين أن يحتسب بدينه عليه من زكاته فوجهان: أصحها لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأبو عبيد، وقطع به الغزالي في البسيط ذكره في كتاب الهبة، فعلى هذا يدفع إلى المعسر بقدره من الزكاة ليعيده إليه عن دينه، والثاني تجوز، وبه قال الحسن وعَطَاء وَمَالِك واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة، وقطع به. وعند اللَّيْث تحتسب ببعضه من الزكاة، والباقي يصرف إلى أهل السهام. مسألة: مذهب الشَّافِعِيّ إذا مات رجل وعليه دين ولا تركة له، ففي جواز قضاء ذلك من سهم الغارمين وجهان: أحدهما لا يجوز، وبه قال النَّخَعِيّ وأبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد. والثاني يجوز، واختاره صاحب المعتمد من الشَّافِعِيَّة وقطع به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن سبيل الله المذكور في الآية هم المجاهدون الذين يغزون إذا نشطوا دون المرتزقين المرتبين في ديوان السلطان، ولا تصرف إلى سائر وجوه القرب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر واختاره منهم المؤيد. وعند أَحْمَد وابن عمر وابن عَبَّاسٍ أن سبيل الله هو الحج. وعند يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة يجوز

صرفه إلى بناء المساجد وإصلاح الطرق وما شاكلهما من وجوه القرب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز دفع سبيل الله إلى المجاهد وإن كان غنيًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر على الأصح إذا كان الدافع هو الإمام، واختاره منهم المؤيد بالله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا كان غنيًا لا يجوز صرفه إليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة القاسم ويَحْيَى، وكذا النَّاصِر في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تصرف إلى الغازي مع الغنى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا تدفع إليه مع الغنى، وكذا في الغارم لإصلاح ذات البين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة ابن السبيل المذكور في الآية هو المختار والمنشئ للسفر من بلده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ هو المختار دون المنشئ للسفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان سفر ابن السبيل معصية فلا يعطى شيء. وعند أبي حَنِيفَةَ يعطى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز لابن السبيل المنشئ للسفر أن يأخذ من الزكاة مع الفقر دون الغناء ولا يلزمه الاستقراض، ويجوز لابن السبيل المختار الأخذ من الزكاة مع الغنى، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم. وعند النَّاصِر منهم لا يجوز له الأخذ مع التمكن من الاستقراض، ولا مع الغنى على الصحيح، واختاره منهم السيد المؤيد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وسلمة بن الأكوع إذا أخذ الخوارج الزكاة أجزأت وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا ظهر الخوارج على قوم وأخذوا منهم الزكاة أجزأ عنهم. وإن مرَّ إنسان بعسكر الخوارج فعسروه لم يجزأه عن زكاته. وعند أبي عبيد لا يعتد بما أخذه الخوارج من الزكاة وعلى أرباب الأموال الإعادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يصدق الساعي أرباب الأموال فيما يخبرون به وكان ذلك مخالفًا للظاهر، فإنه يحلِّفَهم. وهل هو واجب أو مستحب؟ وجهان. وعند طاوس

والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد لا يحلِّفَهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وقاضي قضاة الزَّيْدِيَّة وعبيد الله بن الحسن لا حد لما يعطى الفقير، ويعطى ما تحصل به كفايته وتزول به حاجته قليلاً أو كثيرًا. وعند الثَّوْرِيّ لا يعطى أكثر من خمسين درهمًا، إلا أن يكون غارمًا. وعند أَحْمَد لا يأخذ أكثر من خمسين درهمًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وبعض الزَّيْدِيَّة يكره أن يعطى مائتي درهم إذا لم يكن عليه دين ولا عيال، وإن أُعطي أكثر من ذلك ولو بلغ ألفًا جاز. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز أن يعطى الفقير الواحد أقل من خمسة دراهم. صروى عنهم أن الأقل درهم واحد. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة، وهم النَّاصِر وأبو طالب ويَحْيَى لا يجوز دفع النصاب إليه بل يكون دونه. وعند المؤيد منهم يجوز دفع النصاب إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أقل ما يجزئ في الدفع أن يقتصر من كل صنف على ثلاثة منهم، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز أن يدفع ذلك كله إلى واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا دفع إلى اثنين من كل صنف مع القدرة على الثالث ففيما يضمنه قَوْلَانِ: أحدهما الثلث، وبه قال أحمد. والثاني أقل جزء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز نقل الصدقة عن الأصناف من بلد المال في غيره قَوْلَانِ: أحدهما الجواز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وأبو العالية وَمَالِك في رِوَايَة. والثاني وهو الأصح لا يجوز، وبه قال عمر بن عبد العزيز وَأَحْمَد وَمَالِك والثَّوْرِيّ وطاوس وسعيد ابن جبير والحسن والنَّخَعِيّ، إلا أن الحسن والنَّخَعِيّ قالا: يجوز نقلها لذوي قرابته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ذوا القربى الذين يحرم عليهم الزكاة، بنو هاشم وبنو عبد المطلب وعند أَبِي حَنِيفَةَ يختص التحريم ببني هاشم. وعند أَبِي يُوسُفَ والْإِمَامِيَّة يجوز

لذوي القربى أخذ زكاة بعضهم بعضًا، وإنَّما حرم عليهم أخذ زكاة غيرهم لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر أصحابه لا تجوز الزكاة إلى ذوي القربى، وهم بنو هاشم وبنو المطلب. ولو منعوا حقهم من خمس الخمس. وعند بعض أصحابه يجوز إذا منعوا حقهم من خمس الخمس، وبه قالت الْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز صرف الزكاة إلى غير المسلمين، وعند الزُّهْرِيّ وابن شُبْرُمَةَ وابن سِيرِينَ يجوز صرفها إلى المشركين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز صرف زكاة الفطر خاصة إلى أهل الذمة دون زكاة المال. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز صرفها لها إلا إلى الإمام ولا تسقط بدفعها إلى مخالف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يجوز صرفها إلى الفساق وأصحاب الكبائر. وبه قال من الزَّيْدِيَّة السيد المؤيد. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى والقاسم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز صرف الكفارات والنذور إلى الكفار. وعند أبي حَنِيفَةَ يجوز صرف الكفارات دون كفارة القتل، ودون النذور إلى الكفَّار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز للزوجة أن تدفع زكاتها إلى زوجها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز صرف الزكاة إلى موالي بنى هاشم في أحد القولين وبه قال أحمد. ويجوز في القول الثاني.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ جيران الشخص أحق بزكاته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أقاربه أحق بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع رب المال الزكاة إلى من ظاهره الفقر ثم بان أنه غني فقَوْلَانِ: أحدهما لا يجزئه، وبه قال الثَّوْرِيّ والحسن بن صالح وَمَالِك وأبو يوسف. والثاني يجزئه، وبه قال الحسن البصري وأبو عبيد وأبو حَنِيفَةَ. وعن أَحْمَد روايتين كالقولين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع إلى من ظاهره الْإِسْلَام أو الحرية، فبان كافرًا أو عبدًا ففي وجوب الغرم قَوْلَانِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يغرم. مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز أن يكون العامل فى الصدقات من ذوي القربى ولا كافر ولا عبد، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة في مسألة ذوي القربى. وعند أَحْمَد يجوز أن يكون العاملين من ذوي القربى وكافر وعبد أو صبي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر في مسألة ذوي القربى وبعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز دفع الزكاة إلى كافر زوج على أحد الوجهين، وبه قال أَحْمَد لكنه شرط يسار الزوج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا فرق بين يساره وإعساره. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يعطى العامل مع الغنى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يعطى مع الغنى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز صرف الفيء إلى أهل الصدقات، ولا صرف الصدقات إلى أهل الفيء. وعند مالك يجوز كلا الأمرين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يجوز صرف الزكاة إلى كفن الموتى، ولا إلى قضاء دين الموتى. وعند الْإِمَامِيَّة يجوز ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز دفع الزكاة إلى عبد له مولى فقير، إلا إذا وكَّله الولي بالقبض له، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره منهم المؤيد وصاحب الوافي على أصل يَحْيَى، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي والسيد وأبو طالب. * * *

باب صدقة التطوع

باب صدقة التطوع مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز لبني هاشم وبني المطلب دفع صدقة التطوع إلى بعضهم بعضًا، ويجوز لغيرهم دفع ذلك إليهم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد وبعض أصحاب النَّاصِر، وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة لا يجوز لغيرهم ذلك على الصحيح، ونقله الداعي عن يَحْيَى أيضًا. * * *

كتاب الصيام

كتاب الصيام مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب على المرتد قضاء ما فاته في حال الردة إذا أسلم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه قضاء ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا أفاق المجنون بعد مضي شهر رمضان لم يلزمه قضاء شهر رمضان. وعند مالك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يلزمه قضاؤه، واختاره أبو العبَّاس بن سريج من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أفاق المجنون في أثناء شهر رمضان لم يلزمه قضاء ما فاته، ولا يلزمه قضاء ذلك اليوم، ولا يجب عليه إمساك بقية النهار، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يلزمه قضاء ما فاته من الشهر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة إن كان الجنون طارئًا وجب القضاء لكل حال كان أفاق بعد انسلاخ الشهر أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أسلم الكافر في أثناء شهر رمضان لزمه صوم ما بقي منه، ولا يلزمه قضاء ما فاته، ولا يلزمه قضاء اليوم الذي أسلم فيه، وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يلزمه قضاؤه، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند عَطَاء والحسن في إحدى الروايتين عنه يلزمه قضاء ما مضى من الشهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أطاق الصبي الصوم أمر به استحبابًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح صومه. وعند عبد الملك الْمَاجِشُون يجبر على الصوم، فإن أفطر فعليه القضاء إلا فى علة أو عجز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة أهل الأعذار كالمسافر يَقدُم، والصبي يبلغ، والمجنون يفيق، والحائض والنفساء يطهران من الدم، والكافر يسلم إذا أكلوا وشربوا، ثم زال عذرهم لم يلزمهم الإمساك واستحب لهم ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد في رِوَايَة والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ يجب عليهم الإمساك، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة فى بلوغ الصبي وإسلام الكافر.

مسألة: الصحيح في مذهب الشَّافِعِيّ أن الصبي إذا بلغ مضطرًا لم يجب عليه قضاء ذلك اليوم، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وعند مُحَمَّد إذا بلغ مجنونًا فأفاق في أثناء الشهر وجب عليه قضاء ما مضى منه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بلغ صائمًا لزمه إتمامه ويجزئه. وفيه أوجه أنه لا يجزئه. وعند الْأَوْزَاعِيّ يلزمه قضاء ما مضى إن كان مطيقًا للصوم، وإن لم يكن مطيقًا لم يلزمه القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الشيخ الهمّ والعجوز الهمّة إذا أفطرا فقَوْلَانِ: أحدهما لا يجب عليهما الفدية، وبه قال مالك ورَبِيعَة ومَكْحُول وأبو ثور. والثاني عليهما الفدية، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وطاوس وسعيد بن جبير وَأَحْمَد وأكثر العلماء إلا أن أَحْمَد قال: يطعم عن كل يوم نصف صاع من حنطة، أو صاعًا من تمر. وقال أَحْمَد أيضًا يطعم مدًّا من بر أو نصف من تمر أو شعير. وعند الشَّافِعِيّ يطعم عن كل يوم مدًّا من طعام. وعند الْإِمَامِيَّة إذا بلغ إلى حد يتعذر معه الصوم وجب عليه الإفطار بلا كفارة ولا فدية، وإن كان لو يكلف الصوم تم له لكن بمشقة شديدة يخشى المرض منها والضرر العظيم كان له أن يفطر ويكفر عن كل يوم بمد من الطعام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن المريض الذي لا يرجى زواله إذا أجهده الصوم فهو كالشيخ الذي يجهله الصوم، وإن كان مرضه يسيرًا لا يشق معه الصوم لم يجز له الإفطار. وعند داود يجوز له الإفطار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خاف المريض التلف والزيادة في العلة جاز له أن يفطر. وعند عَطَاء وَأَحْمَد لا يفطر حتى يغلب. وعند الشعبي إذا خشي أن يغلب جاز له أن يفطر. وعند الشَّافِعِيّ أيضًا إذا خشي على نفسه جاز له أن يشرب الماء.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ لا يجوز للمسافر أن يفطر في رمضان إلا في السفر الطويل، وهو الذي يقصر فيه الصلاة، وبه قال النَّاصِر والزَّيْدِيَّة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له الفطر في أقل من مسيرة ثلاثة أيام، وبه قال ابن عمر في رِوَايَة وعند سائر الزَّيْدِيَّة من وجب عليه القصر جاز له الإفطار. وعند بعض الناس يجوز له الإفطار في السفر القصير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأنس وأبي سعيد وسائر الصحابة يصح صوم المسافر. وعند أبي هريرة وداود وأهل الظاهر والشيعة من الْإِمَامِيَّة لا يصح صومه، وعند سعيد بن جبير وابن عمر يكره الصوم في السفر. وعند ابن عمر أيضًا إن صام في السفر قضاه في الحضر، وبه قالت الْإِمَامِيَّة أيضًا. وعند ابن عون الصائم في السفر كالمفطر في الحضر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأنس وعثمان بن أبي العاص وحذيفة وعائشة وَمَالِك وأبي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن المسافر إذا كان لا يجهده الصوم فالأفضل له الصوم. وعند سعيد بن المسيب وَأَحْمَد وإِسْحَاق والْأَوْزَاعِيّ وابن عمر وابن عباس الفطر أفضل، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، وعند عمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة أفضلهما أيسرهما للمرء واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأكثر الفقهاء إذا صام المسافر في رمضان عن غير رمضان كالنذر والكفارة والقضاء لم يصح صومه ولم يقع عن رمضان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح، ويقع عما نواه. وفي التطوع رِوَايَتَانِ عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم جاز له أن يسافر في أثناءه، ولا يتحتم عليه الصوم في سفره، بل هو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر. وعند عبيدة السلماني وسويد بن غفلة يتحتم عليه الصوم بقية شهره. وعند أبي مجلز إذا حضر شهر رمضان فلا يسافر أحد، وإن كان لا بد فليصم إذا سافر.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أصبح صائمًا في الحضر ثم سافر لم يجز له أن يفطر. وعند داود وإِسْحَاق وَأَحْمَد في إحدى الروايتين والشعبي والحسن وعمرو بن شرحبيل والْمُزَنِي يجوز له أن يفطر، واختاره ابن المنذر، حتى قال الحسن: إن شاء أفطر في بيته ثم خرج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدم المسافر في أثناء نهار رمضان وهو مفطر، أو برئ المريض وهو مفطر لم يلزمهما إمساك بقية النهار. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدم المسافر وهو مفطر، فوجد امرأته قد طهرت من الحيض فى ذلك اليوم جاز له وطئها. وعند الْأَوْزَاعِيّ وسعيد بن عبد العزيز لا يجوز له وطئها، ولا يأكل بقية يومه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه لا يرخص للمحارب عند لقاء العدو في الإفطار. وعند عمر وبعض العلماء يرخص له في ذلك. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما، فهل يلزمهما الكفارة مع القضاء، فيه ثلاثة أقوال: الأصح يجب عليهما الكفارة عن كل يوم مد من طعام، وبه قال أحمد، إلا أنه يقول: من بُر أو مُدَّان من تمر أو شعير. والثاني: تجب الكفارة على المرضع دون الحامل، وبه قال اللَّيْث وَمَالِك في إحدى الروايتين. والثالث: لا كفارة على واحدة منهما، وبه قال الزُّهْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ والحسن، وإحدى الروايتين عن مالك والنَّخَعِيّ والضحاك وعَطَاء ورَبِيعَة وأبو ثور وأبو عبيد وداود والْمُزَنِي وابن المنذر وعند ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وسعيد بن جبير عليهما الكفارة دون القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الفقهاء أنه لا يجب صوم رمضان إلا برؤية الهلال، أو باستكمال شعبان ثلاثين يومًا. وعند بعض الناس يعلم دخوله بذلك، ويعلم بالحساب والنجوم أن الهلال قد أهلّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا عرف هلال رجب، وغم عليهم هلال شعبان ورمضان فإنه لا حكم لرؤية هلال رجب ويعد من شعبان ثلاثون يومًا، ثم يصوم بعد ذلك. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة كالنَّاصِر والباقر والصادق يعد من رجب تسعة وخمسون يومًا، ويصوم يوم الستين بالنية عن رمضان.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصبحوا يوم الثلاثين من شعبان وهم يظنوا أنه من شعبان، ثم قامت البينة أنه من رمضان لزمهم قضاؤه وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا نووا الصوم أجزأهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إذا رأى الهلال بالنهار فهو لليلة المستقبلة، سواء رأى قبل الزوال أو بعده، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي يُوسُفَ وابن أبي ليلى إن رأى قبل الزوال فهو لليلة الماضية، وإن رأى بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة، سواء كان في أول الشهر أو آخره وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي وأبو عبد الله الداعي، ومن الحنفية الحسن بن زياد. وعند أَحْمَد إن كان في أوله ورأي قبل الزوال فهو للماضية، وإن رأى بعد الزوال فهو للمستقبلة. وإن كان في آخر الشهر، فإن رأي بعد الزوال فهو للمستقبلة، وإن رأى قبل الزوال فيه رِوَايَتَانِ إحداهما أنه للماضية والثانية أنه للمستقبلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعكرمة وسالم والقاسم وإِسْحَاق إذا رأى الهلال أهل بلد ولم يره أهل بلد آخر، فإن كانا في إقليم واحد لزم من لم ير الهلال حكم رؤية من رأي الهلال. وإن كانا من إقليمين لم يلزمهم ذلك. وعند أَحْمَد واللَّيْث إذا رآه أهل البلد لزم أهل البلد سائر البلاد حكم رؤيته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الشهادة التي تثبت بها هلال رمضان قَوْلَانِ: أصحهما: يثبت بعدل واحد، وبه قال أَحْمَد وابن الْمُبَارَك. والثاني: لا يثبت إلا بعدلين، وبه قال عمر بن عبد العزيز وعَطَاء وَمَالِك وداود وَأَحْمَد في رِوَايَة واللَّيْث والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق والْمَاجِشُون. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إن كان في الغيم ثبت بشهادة الواحد، وإن كان فى الصحو لم يثبت إلا بشهادة الاستفاضة، وهو العدد الكثير، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد والصادق. وعند النَّاصِر والهادي منهم تقبل شهادة العدلين وإن كانت السماء مصحية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قبلنا شهادة العدل الواحد فلا نقبل شهادة العبد والمرأة. وعند أَبِي ثَورٍ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ يقبل ذلك. وعند الْإِمَامِيَّة يقبل فيه شهادة النساء مطلقة. وعند علي ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يقبل فيه رجل وامرأتان. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يقبل ذلك. وكذا الخلاف بينهم جاز في هلال ذي الحجة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه لا يقبل في شوال وغيره من سائر الشهور إلا شاهدين. وعند أَبِي ثَورٍ وطائفة من أهل الحديث أنه يقبل في شوال عدل واحد.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا صاموا بشهادة واحد وقبلناها وتغيمت السماء فى آخر الشهر ولم يروا الهلال أفطروا. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يفطرون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا شهد برؤية الهلال واحد ولم يقبل الحاكم شهادته وجب عليه أن يصوم، وإن جامع فيه وجب عليه الكفارة. وعند أَبِي ثَورٍ والحسن وعَطَاء وإِسْحَاق وابن سِيرِينَ وَأَحْمَد لا يلزمه الصوم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الصوم، وإذا جامع فيه لم تلزمه الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا رأى هلال شوال وحده أفطر سرًا وعند أحمد وَمَالِك لا يجوز له الفطر. وعند الحسن البصري لا يصوم وحده ولا يفطر وحده، بل إن صام الناس بشهادته صام، وإن لم يصوموا لم يصم، وإن أفطر الناس بشهادته أفطر، وإن لم يفطروا لم يفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشتبهت الشهور على أسير فتحرَّى ووافق رمضان أو بعده أجزأه. وعند الحسن بن صالح لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غمت الشهور على أسير فإنه يصوم رمضان بالاجتهاد، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد. وعند داود لا يصوم إلا بيقين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وافق الأسير صوم شوال وكان تسعًا وعشرين يومًا ورمضان تسعًا وعشرين يومًا لزمه قضاء يوم. وعند الحسن بن صالح يلزمه قضاء يومين، واختاره الشيخ أبو حامد من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وافق صوم الأسير شهرًا قبل شهر رمضان، وبان له بعد فوات رمضان لزمه قضاؤه على أحد القولين، وهو قول مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وكثر العلماء. والثاني لا يلزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء أن النية شرط في صحة الصوم فرضًا كان أو تطوعًا. وعند عَطَاء ومجاهد وزفر إن كان الصوم متعينًا عليه بأن يكون صحيحًا مقيمًا لم يفتقر إلى النية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يفتقر صوم رمضان كل يوم منه إلى نية من الليل، وبه قال أكثر العلماء وَأَحْمَد في رِوَايَة. وعند مالك والْإِمَامِيَّة وَأَحْمَد في إحدى الروايتين أنه إذا نوى فى أول ليلة منه صوم جميع الشهر أجزأه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وابن عمر وحفصة بنت عمر والزَّيْدِيَّة وأكثر العلماء أن الصوم الواجب لا يصح إلا بنية من الليل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح صوم رمضان والنذر المعين منه من النهار قبل الزوال. وعند عبد الملك الْمَاجِشُون أنه إذا أصبح يوم الثلاثين من شعبان، وقامت البينة أنه من رمضان، ولم يكن أكل ولا نوى الصوم فإنه يلزمه الإمساك ويجزئه صومه، ولا يجب عليه القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ تعيين النية واجب للصوم، وهو أن ينوي أنه صائم غدًا عن رمضان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يجب تعيين النية في صوم رمضان ولا صوم النذر إذا كان في فور زمان تعينه، ثم قال أبو حَنِيفَةَ: فإن نوى مطلقًا أو نفلاً أو صومًا غيره انصرف ذلك إلى الفرض إذا كان مقيمًا، وإن كان مسافرًا فإن نوى نفلاً ففيه رِوَايَتَانِ: إحداهما تنصرف إلى النفل. والثانية إلى رمضان. وإن نوى صومًا غيره كالنذر والكفارة والقضاء وقع عما نواه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد بن الحسن إذا نوى أنه صائم غدًا قضاء رمضان أو تطوعًا لم يصح عن القضاء، ووقع عن التطوع. وعند أَبِي يُوسُفَ يصح عن القضاء: لأن التطوع لا يفتقر إلى تعيين النية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نوى ليلة الثلاثين من شعبان فقال: أصوم غدًا عن رمضان أو تطوع، وكان من رمضان لم يصح. وإن قال: إن كان غدًا من رمضان فأنا صائم عن رمضان، وإن لم يكن من رمضان فأنا صائم عن تطوع فكان من رمضان لم يصح، وإن قال: ليلة الثلاثين من رمضان إن كان غدًا من رمضان فأنا صائم عن رمضان، وإن لم يكن من رمضان فأنا مفطر، فكان من رمضان صح صومه. وإن قال: إن كان غدًا من رمضان فأنا صائم عن رمضان أو مفطر، وكان من رمضان لم يصح صومه. واختلفت الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر إذا قال: أصوم غدًا من رمضان إن كان من رمضان، فإن لم يكن فمن شعبان فلا يصح، ويصح بنية غير مشروطة بأن يقول: أصوم غدًا من رمضان إن كان من رمضان، ولا يقول بعدها شيئًا آخر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا نوى الخروج من الصوم بطل على أصح الوجهين، وبه قال بعض أصحاب مالك وَأَحْمَد. والوجه الثاني يصح، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن مسعود وأبي الدرداء وأبي

يوسف وحذيفة وأبي طلحة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح صوم التطوع بنية من النهار، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى، وعند مالك والْمُزَنِي وداود وجابر بن زيد وابن عمر لا يصح بنية من النهار، وبه قال النَّاصِر والمؤيد من الزَّيْدِيَّة، إلا أن مالكًا يقول: إن كان ممن يسرد الصوم فيجوز له أن ينوي من النهار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يصح صوم النفل بنية بعد الزوال على أصح القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والقول الثاني يصح وبه قال الثَّوْرِيّ والْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وعلى أنه يدخل في الصوم بطلوع الفجر الثاني، ويخرج منه بغروب الشمس. وعن حذيفة وابن مسعود أنهما تسحّرا بعد طلوع الفجر الثاني ثم صليا الصبح. وقال مَسْرُوق: لم يكونوا يعدُّون الفجر فجركم هذا، إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق، وعن الأعمش وإِسْحَاق أنه يجوز الأكل إلى طلوع الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأبي ذر وأبي الدرداء وزيد بن ثابت وعائشة أنه إذا جامع قبل طلوع الفجر، أو أصبح جنبًا من غير جماع فى شهر رمضان أو غيره أنه لا يؤثر في صومه ويصح صومه. وعند الحسن وسالم بن عبد الله وأبي هريرة يصوم ويقضي. وعند طاوس وعروة بن الزبير إن علم بجنابته ففرَّط فى الغسل حتى أصبح بطل صومه، وإن لم يعلم بجنابته حتى أصبح لم يجب عليه قضاؤه، وروى هذا عن أبي هريرة أيضًا. وعند النَّخَعِيّ والحسن بن صالح بن حُيي يجزئه في التطوع ويقضيه في الفريضة. وبهذا قالت الْإِمَامِيَّة، وأوجبوا عليه القضاء والكفارة، وبعضهم أوجب القضاء دون الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طهرت الحائض قبل الفجر وأخرت الغسل حتى أصبحت لم يؤثر ذلك في صومها. وعند الْأَوْزَاعِيّ عليها القضاء، فرطت في تأخير الغسل أو لم تفرط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان مجامعًا، أو في فيه طعام فرأى أمارات الفجر فنزع مع طلوع الفجر، أو لفظ الطعام لم يفسد صومه. وعند مالك والْمُزَنِي َوَأَحْمَد وزفر يفسد صومه، وأوجب أَحْمَد عليه الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وَأَحْمَد المستحب لمن شك في

طلوع الفجر أن لا يأكل ولا يشرب، فإن أكل وشرب ولم يبن له طلوع الفجر جاز له فعله، وصح صومه، ولا قضاء عليه. وعند مالك يفسد صومه وعليه القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا استعط، أو صب الماء في أنفه فوصل إلى دماغه أفطر. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وداود لا يفطر، إلا أن ينزل إلى حلقه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا احتقن الصائم، أو قطر في إحليله شيء وأدخل فيه ميلاً أفطرته، سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل. وعند الحسن بن صالح لا يفطر بما يصل إلى جوفه من غير الفم والأنف. وعند داود لا يفطر بما يصل إلى القبل والدبر، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يفطر بالتقطير في الإحليل. وعند مالك في الاحتقان رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا داوى جرحه، فوصل الدواء إلى جوفه أو دماغه أفطر، سواء كان الدواء رطبًا أو يابسًا. وعند مالك وداود ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ لا يفطر. واختلف النقل عن أَبِي حَنِيفَةَ، فنقل عنه الشاشي موافقة الشَّافِعِيّ، ونقل عنه صاحب البيان موافقة الشَّافِعِيّ إن كان الدواء رطبًا، ومخالفته إن كان يابسًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جرح نفسه أو جرحه غيره بإذنه فوصلت السكين إلى دماغه أفطر. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يفطر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نفذت الطعنة إلى الجانب الآخر أفطر، وإن لم تنفذ لم يفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحصل الفطر بأي شيء تناوله الصائم من مأكول ومشروب، وغير ذلك من ما لا يقصد إلى أكله كالبثرات وبلع الحصى وغير ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يفطر الصائم بابتلاع حصاة أو جوهرة أو دينار ونحو ذلك. وعند الحسن بن صالح ابن حُيي لا يفطر إلا بما كان مأكولاً أو مشروبًا، وعن أبي طلحة الأنصاري الصحابي أنه كان يشتَّف البرد وهو صائم، ويقول: إنه ليس بطعام ولا شراب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا كان بين أسنانه طعام من لحم أو خبز أو غير ذلك، فحصل في فيه متميزًا عن ريقه فابتلعه فسد صومه. وعن أَبِي حَنِيفَةَ لا يفطر، وقدَّره أصحابه بقدر حمصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن عمر وزيد بن أرقم وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق

َوَأَحْمَد في رِوَايَة إذا استدعى القيء فتقيَّأ أفطر وعليه القضاء ولا كفارة، وإن غلبه القيء لم يفطر، سواء رجع إلى حلقه شيء أم لا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يفطر ما لم يرجع إلى حلقه شيء، سواء كان عامدًا أو بدره القيء، فإذا رجع إلى حلقه من غير اختيار، أو كان قد تقيأ عامدًا، أو بدره القيء، فإذا رجع إلى حلقه عامدًا فسد صومه عندهم. وعند عَطَاء وأَبِي ثَورٍ إذا تقيأ عاملًا قضى وكفر في إحدى الروايتين عن الحسن. وعند أَبِي ثَورٍ أيضًا إذا ذرعه القيء قضى ولا كفارة عليه. وعند بعض أصحاب مالك وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وأنس لا يفطر، سواء كان القيء عامدًا أو غلبه. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ عنه أيضًا: إحداهما إذا تقيًا ملء فمه أفطر. والثانية إذا تقيَّأ نصف فمه أفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ من ذرعه القيء لا قضاء عليه. وعند بعض العلماء عليه القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قبل ولمس فأمذى لم يفطر، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة، والنَّاصِر منهم أيضًا. وعند مالك وَأَحْمَد يفطر. وبه قالت الْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نظر وتلذذ فأنزل لم يفطر، سواء كرر النظر أو لم يكرر. وعند مالك والحسن بن صالح إذا كرر النظر فأنزل أفطر وقضى وكفَّر، وإن أنزل من النظرة الأولى أفطر ولا كفارة عليه. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين عنه عليه القضاء والكفارة، وفي الأخرى عليه القضاء دون الكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ فيما دون الفرج وقبل أو لمس فأنزل فسد صومه. وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعليه القضاء ولا كفارة عليه، وعند الحسن وعَطَاء وَمَالِك وابن الْمُبَارَك وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة عليه القضاء والكفارة. وعند أَحْمَد عليه الكفارة إذا جامع دون الفرج، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وإذا قبل أو لمس ففيه رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وكز فأنزل فلا شيء عليه. وعند مالك يفسد صومه، وبه قال بعض الحنابلة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أكل وشرب، أو جامع ناسيًا لم يبطل صومه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي وَأَحْمَد بن عيسى. وعند رَبِيعَة واللَّيْث

وَمَالِك يجب عليه القضاء بالأكل والجماع دون الكفارة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك رِوَايَة أخرى أن عليه في الجماع الكفارة، وعند عَطَاء والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث يجب عليه القضاء بالجماع دون الأكل. وعند أَحْمَد والْمَاجِشُون يجب عليه القضاء والكفارة بالجماع، ويجب في الأكل القضاء لا غير. ونقل الترمذي عن أَحْمَد موافقة الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تمضمض فوصل الماء إلى حلقه، أو استنشق فوصل الماء إلى دماغه ففيه قَوْلَانِ: أحدهما يفطر، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة، واختاره الْمُزَنِي. والثاني وهو الأصح لا يفطر، وبه قال عَطَاء وقتادة والحسن بن صالح ورَبِيعَة والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن أبي ليلى والْإِمَامِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند ابن عبَّاس والشعبي والنَّخَعِيّ إن كان ذلك في طهارة لمكتوبة لم يفطر، وإن كان في طهارة لنفل أفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ واللَّيْث وعامة العلماء إذا ظن أن الفجر لم يطلع فأكل أو شرب، ثم بانَ أنه قد طلع، أو ظن أن الشمس قد غابت فأكل وشرب، ثم بانَ أنها لم تغرب لم يصح صومه وعليه القضاء. وعند الحسن البصري وعَطَاء وعروة بن الزبير ومجاهد وإِسْحَاق وداود لا يفسد صومه. وعند مالك إن كان الصوم تطوعًا مضى فيه ولا شيء عليه، وإن كان واجبًا فعليه قضاؤه. وعند الْإِمَامِيَّة إن أكل ولم يتأمل الفجر ولم يراعه فعليه القضاء، وإن رصده ورعاه ولم يأكل فلا قضاء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وداود إذا أفطر بغير جماع من الأكل والشرب والمباشرة فيما دون الفرج مع الإنزال وجب عليه القضاء، ولا يجب عليه الكفارة، وعند عَطَاء والحسن والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وابن الْمُبَارَك والْأَوْزَاعِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب عليه الكفارة ككفارة الجماع. وعند ابن عَبَّاسٍ يجب عليه عتق رقبة أو صوم شهر أو إطعام ستين مسكينًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أفطر بما يقصد إلى تناوله أو بالجماع فعليه الكفارة والقضاء، وإن أفطر بما لا يقصد إلى تناوله كابتلاع الحصى والتراب والفستق بقشره فلا كفارة وعليه القضاء. وعند مالك تجب الكفارة لكل ما يحصل به هتك الصوم إلا الردة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أنه إذا وجب القضاء على المفطر، فإنه يجب بدل كل يوم يومًا. وعند علي وابن مسعود لا يقضيه صوم الدهر إن صامه. وعند سعيد بن

المسيب يصوم عن كل يوم شهرًا. وعند النَّخَعِيّ يصوم عن كل يوم ثلاثة آلاف يوم. وعند رَبِيعَة يصوم عن كل يوم اثنا عشر يومًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وعامة أهل العلم أنه إذا جامع في نهار رمضان عامدًا عالمًا بالتحريم وهو حاضر فسد صومه، وعليه القضاء والكفارة. وعند قتادة وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ والشعبي عليه القضاء دون الكفارة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمسافر أن يفطر بالأكل والشرب والجماع وعند أحمد يجوز الفطر فيه بالأكل والشرب دون الجماع. فإن أفطر بالجماع فعليه الكفارة مع القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا لاط بغلام، أو وطئ امرأة في دبرها لزمه القضاء والكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في أشهر الروايتين عنه لا كفارة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ بهيمة بطل صومه، وفي الكفارة الخلاف المشهور في الجديد، وبهذا قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا شيء عليه إلا أن ينزل فيقضي حسب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كفر الواطئ لم يسقط عنه القضاء في أصح القولين، سواء كفَّر بالعتق، أو بالإطعام، أو الصوم. وعند الْأَوْزَاعِيّ إن كفَّر بالعتق والإطعام لم يسقط عنه القضاء، وإن كفر عنها بالصوم سقط عنه القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجز عن خصال الكفارة ففي ثبوتها في ذمته قَوْلَانِ: أحدهما لا تثبت، وبه قال أحمد. والثاني تثبت، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وأما جزاء الصيد فيثبت في الذمة عند الشَّافِعِيّ قطعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأصح الروايتين عن أحمد، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن كفارة إفساد الصوم بالجماع على الترتيب، فالواجب العتق، فإن عدم فصوم شهرين متتابعين، فإن عجز فإطعام ستين مسكينًا وعند داود ليس فيها إطعام مقدَّر، وإنما يجب فيها الإشباع. وعند الحسن هي على التخيير بين العتق وبين أن ينحر بدنة، أو يطعم عشرين صاعًا لأربعين مسكينًا. وعند عَطَاء عليه تحرير رقبة، فإن لم يجد فبدنة أو بقرة، أو عشرين صاعًا من طعام يطعم المساكين. واختلفت الزَّيْدِيَّة في

كفارة الصوم، فقال النَّاصِر: هو أن يطعم عن كل يوم نصف صاع من بر أو قيمته. وقال يَحْيَى: نصف صاع من أي جنس كان. وقال المؤيد: إن كان من البر فنصف صاع، وإن كان من سائر الحبوب فصاع، وهو الصحيح من مذهب النَّاصِر، وهكذا اختلفوا في الكفارة لصلاة يوم وليلة. وعند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء لا كفارة في الصلاة، بل يجب القضاء لا غير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الواجب في الإطعام من الكفارة كل مسكين مد من جميع الحبوب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأهل العراق من البر نصف صاع، ومن غير البر صاع، وفي الزبيب رِوَايَتَانِ. وعند مالك كفارة الْيَمِين يطعم بها بمد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي كفارة الظهار بمد هشام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرع في الصوم ثم قدر على العتق لم يلزمه العتق، بل يستحب له، وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي يجب عليه ولا يجزئه الصوم. اختلف قول الشَّافِعِيّ في الكفارة التي تجب في الجماع على ثلاثة أقوال: أحدها يجب عليه دونها، وبه قال أحمد. والثاني يجب عليه كفارة واحدة عنه وعنها. والثالث يجب كفارتان، كفارة عليه وكفارة عليها، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وأبو ثور وَأَحْمَد في إحدى الروايتين عنه، واختاره ابن المنذر والقاضي أبو الطيب من الشَّافِعِيَّة، وبه قال أكثر العلماء. وعن أَحْمَد رِوَايَة ثالثة: أنه يلزمهما الكفارة في الحج دون الصيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا جامع في يومين أو أيام من رمضان وجب عليه لكل يوم كفارة، سواء كفر عن الأول أو لم يكفر. وعند الْأَوْزَاعِيّ والزُّهْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ. إن لم يكن كفَّر عن الأول لزمه لكل يوم كفارة، وإن كان قد كفَّر عن الأول لزمه للثاني: كفارة. وعن أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَة أخرى أنه لا كفارة عليه. وعنه إذا وطئ في يومين من رمضان روايتين إحداهما: يجب عليه كفارتان وهي المشهورة. والثانية كفارة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وطئ في يوم واحد مرتين لزمه للأول كفارة، ولا يلزمه للثاني كفارة، وعند أَحْمَد إن كفر عن الأول لزمه للثاني كفارة، وإن لم يكفر كفر عن الأول وأجزأه كفارة واحدة عنهما، وتوقف في يومين إذا لم يكن قد كفر عن الأول. واختلف أصحابه فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا علم بطلوع الفجر وهو مجامع، فلم ينزع

واستدام الجماع لم يصح صومه ولزمه القضاء والكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والْمُزَنِي لا كفارة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا جامع في اليوم الذي ردت شهادته فيه برؤية الهلال وجب عليه الكفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا كفارة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أصبح المقيم صائمًا ثم سافر فجامع في ذلك اليوم وجب عليه الكفارة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ لا كفارة عليه، وهي إحدى الروايتين عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في الرِوَايَة الصحيحة عنه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا شاء الصوم فى السفر، ثم جامع لا كفارة عليه. وعند مالك يجب عليه الكفار في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع في نهار رمضان ثم جن أو مرض، أو حاضت المرأة، أو نفست في ذلك اليوم فقَوْلَانِ: أحدهما لا تسقط عنه الكفارة، وبه قال مالك وابن أبي ليلى وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور وداود وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثاني تسقط، وبه قال أبو حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ. وعند زفر الجنون والحيض يسقط الكفارة، والمرض لا يسقطها. وعند الْمَاجِشُون المالكي السفر يسقطها، والمرض والجنون لا يسقطها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ امرأته وهي نائمة لم يبطل صومها، وعليه القضاء والكفارة. وكذلك إذا أكرهها وغلبها على نفسها ولم يمكنها دفعه عن نفسها. وإذا خوَّفها وطاوعته ففيه قَوْلَانِ. وكذلك إذا أوجر الطعام في فيه فإنه لا يبطل صومه، وإذا خُوِّف حتى أكل ففيه قَوْلَانِ. وهكذا إذا أخذ رجلاً فرمى به على رجل فقتله، فإنه لا يجب على المرمى به قصاص. فإذا خوفه فقتله ففيه قَوْلَانِ. وهكذا إذا حمل الحالف وأدخل إلى الموضع المحلوف عليه لم يحنث. وإذا خوَّف فدخل ففيه قَوْلَانِ. وأما الكفارة فلا تجب في هذه المسائل: فإنها لا تجب مع الإكراه، وهذه المسائل كلها من جنس واحد، وذكرها الشَّافِعِيّ متفرقة في أبوابها. وجمعها هنا موضعًا واحدًا ليعم بفهمها وتقرب انتوالها على طالبها، وعند الحسن والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ في المستكرهة عليها القضاء ولا كفارة. وعند مالك عليه القضاء والكفارة، وعليه القضاء وعليه الكفارة عنها. وعند أَبِي ثَورٍ ليس عليها قضاء ولا كفارة إذا استكرهت وجومعت وهي نائمة. وعند أَحْمَد المكره يفطر بالجماع، فإن كان رجلاً فعليه الكفارة، وإن كانت امرأة لم يجب عليها كفارة. وإن أكره على الأكل لم يفطر. وقد مضى الكلام معه في الجماع ناسيًا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع في قضاء رمضان لم يجب عليه الكفارة. وعند قتادة تجب عليه الكفارة. وعند الْإِمَامِيَّة إذا أفطر فيه بغير عذر وكان إفطاره بعد الزوال وجبت عليه الكفارة، وهي إطعام عشرة مساكين وقضاء يوم بدله، وإن لم يقدر على الإطعام أجزأه أن يصوم ثلاثة أيام عن ذلك، وإن كان إفطاره في هذا اليوم قبل الزوال كان عليه قضاء اليوم، ولا كفارة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أفاق المغمى في جزء من النهار، وكان قد نوى الصوم صح صومه في أحد القولين، سواء كان عند طلوع الفجر مغمى عليه أو مفيقًا، وبه قال أحمد. وعند مالك إن كان مغمى عليه عند طلوع الفجر لم ينعقد صومه، وإن أفاق في أوله أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أغمي عليه في بعض اليوم فثلاثة أقوال أحدها إن كان مفيقًا فى أوله صح صومه، وإن لم يكن مفيقًا في نصف اليوم، وبه قال مالك. والثاني: إن كان مفيقًا في جزء من النهار صح صومه، وسواء كان ذلك أوله وآخره وأوسطه وبه قال أحمد. والثالث: لا يصح صومه بكل حال. وعند الْمُزَنِي وأَبِي حَنِيفَةَ يصح صومه، وإن لم يفق في جزء من النهار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للصائم أن يصب على رأسه الماء وينغمس فيه ما لم يصل إلى حلقه أو دماغه، وبه قال أحمد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يكره. وعند الْإِمَامِيَّة يفطر بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ والْأَوْزَاعِيّ يجوز للصائم أن يكتحل، ولا يكره له وإن وجد طعمه في حلقه لم يفطر. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك والثَّوْرِيّ يكره له، وإن وجد طعمه في حلقه أفطر. وعند سليمان التيمي ومنصور بن المعتمر وابن أبي ليلى وابن شُبْرُمَةَ وأصحاب مالك أن الكحل يفطر. وعند قتادة يكره الاكتحال بالصبر دون الإثمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وداود وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وأنس وزيد بن أرقم وأبي سعيد الخدري وأم سلمة وابن مسعود والحسن بن علي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره للصائم الاحتجام ولا يفطر بذلك. وعند أبي هريرة وعائشة والْأَوْزَاعِيّ وعَطَاء والحسن يفطر المحتجم. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يفطر الحاجم والمحجوم، واختاره ابن المنذر ومُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خزيمة، وعن أَحْمَد في وجوب الكفارة رِوَايَتَانِ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ أن من حركت القبلة شهوته وهو صائم حرم عليه أن يقبِّل، ومن لم تحرك القبلة شهوته لم يحرم عليه ذلك وتركها أولى. وعند مالك وعمر وابن عمر تحرم عليه القبلة بكل حال، ورخص في ذلك عَطَاء والحسن والشعبي وإِسْحَاق وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وأبو هريرة وعائشة، ورواه ابن المنذر عن عمر أيضًا. واختلفت الرِوَايَة عن ابن مسعود، فروى عنه مثل ذلك، وبها قطع في البيان عنه، وروى ابن المنذر عنه أنه قال: يقضي يومًا مكانه. يعنى إذا قبَّل وهذا يبعد، إلا أن يكون المراد إذا أنزل. وعن أَحْمَد رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للصائم أن ينزه صومه عن اللفظ القبيح كالغيبة والكذب وغير ذلك، فإن شاتمه أحد أو قاتله لم يجبه وقال إني صائم. وعند بعض الناس لا يتلفظ بقوله إني صائم، بل يقوله في نفسه. وعند الْإِمَامِيَّة والْأَوْزَاعِيّ الكذب على اللَّه تعالى وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجب على الصائم به ما يجب في اعتماد الأكل والشرب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا شاتم الصائم، أو تلفظ باللفظ القبيح لم يفطر. وعند الْأَوْزَاعِيّ يفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء يكره للصائم الوصال، وهو ترك الأكل والشرب بالليل. وكان مباحًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو من خصائصه. وعن ابن الزبير وأبي نعيم أنه لا يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وَأَحْمَد وابن مسعود وإِسْحَاق يكره للصائم السواك بعد الزوال، وعند النَّخَعِيّ وابن سِيرِينَ وعروة بن الزبير وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وعمر وابن عَبَّاسٍ وعائشة يكره له ذلك في جميع النهار. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد في رِوَايَة لا يكره للصائم السواك بالعود الرطب. وعند قتادة وَأَحْمَد في رِوَايَة والشعبي والحكم وعمرو بن شرحبيل ومالك وإِسْحَاق في إحدى الروايتين يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يمكنه قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر قضى ما عليه ولا فدية عليه. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن عمر وسعيد بن جبير وقتادة يطعم ولا يقضي الصوم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وإِسْحَاق وَأَحْمَد وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وأبي هريرة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أنه إذا لم يكن له عذر في التأخير أنه يصوم رمضان الحاضر، ثم يقضي ما عليه بعده، ويلزمه مع القضاء عن كل يوم مد، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى على الصحيح من مذهبه. وعند الحسن والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والمزني يقضي الصوم ولا فدية عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي، واختاره منهم المؤيد أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا نذر صيام شهر بعينه فلم يصمه لعذر أو لغير عذر وجب عليه القضاء، ولا يلزمه مع القضاء كفارة يمين. وعند أَحْمَد إن تركه لغير عذر ثم صام لزمه مع القضاء كفارة يمين، وإن تركه لعذر وصام لزمه مع القضاء كفارة يمين على رِوَايَة. وعند الْإِمَامِيَّة إذا أفطر لغير عذر وجب عليه القضاء والكفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَأَحْمَد يستحب أن يقضي ما عليه متتابعًا. وعند الطحاوي التتابع والتفريق سواء. وعند داود لا يصح إلا متتابعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي هريرة وأنس ومعاذ ورافع بن خديج وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وسائر الزَّيْدِيَّة وزيد بن علي والْأَوْزَاعِيّ لا يجب التتابع في قضاء رمضان. وعند علي وابن عمر وعائشة والحسن البصري وعروة بن الزبير والنَّخَعِيّ وداود من أهل الظاهر التتابع واجب، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وسواء أفطر متتابعًا أو متفرقًا، فإنه إذا قضى غير متتابع لم يصح قضاؤه إلا إذا كان عن علة وعذر، إلا أن داود قال: التتابع ليس بشرط في صحة القضاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا مات من عليه قضاء رمضان ولم يكن قد أمكنه فعله فلا شيء عليه، وبه قالت الزَّيْدِيَّة. وعند طاوس وقتادة يطعم عنه لكل يوم مسكين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات بعد أن تمكن من قضائه ففيه قَوْلَانِ: القديم يصوم عنه وليه، وبه قال ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعائشة وأبو ثور والزُّهْرِيّ وداود والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد ابن حنبل، ومن الزَّيْدِيَّة المؤيد والنَّاصِر. والقول الجديد الصحيح عند الشَّافِعِيّ أنه يطعم عنه كل يوم مسكين، وبه قال مالك والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وصاحباه، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى وزيد بن علي. وهذا الحكم جاز في كل صوم واجب. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وابن عباس إن كان قضاء رمضان أطعم عنه، وإن كان صومًا غيره صام عنه وليه. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ لا يصام عنه ولا يطعم عنه. وعند الْإِمَامِيَّة يطعم عنه لكل يوم مد من طعام، فإن

لم يكن له مال صام عنه وليه، فإن كان له وليان فأكبرهما. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا مات بعد إدراكه رمضان آخر لزمه في تركته مدان على أصح الوجهين. والثاني مد واحد، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاته صوم جميع رمضان جاز أن يقضيه في شهر ذي الحجة. وعند علي والحسن والزُّهْرِيّ لا يجوز أن يقضيه في ذي الحجة. * * *

باب صوم التطوع والأيام التي نهى عن الصوم فيها وليلة القدر

باب صوم التطوع والأيام التي نهى عن الصوم فيها وليلة القدر مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يستحب لمن صام رمضان أن يتبعه بست من شوال، ويستحب تتابعها. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يكره ذلك خوفًا أن يلحق بالفريضة. قال مالك: ما رأيت أحدًا يصومها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب صوم يوم عرفة لغير الحاج، ولا يستحب للحاج. وعند عائشة وابن الزبير وعمر بن الخطاب وعثمان بن أبي العاص يستحب صومه. وعند عَطَاء يصوم في الشتاء ويفطر في الصيف. وعند يَحْيَى الأنصاري يجب الفطر يوم عرفة. وعند قتادة لا بأس أن يصومه إذا لم يضعفه عن الدعاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يستحب صيامه إلا أن يضعفه عن الدعاء ويقطعه عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب صوم عاشوراء، وهو يوم العاشر من المحرم. وعند بعض الناس هو اليوم التاسع من المحرم. ولأجل هذا الاختلاف استحب الشَّافِعِيّ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق صوم العاشر والتاسع من المحرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ صوم عاشوراء لم يكن واجبًا في ابتداء الْإِسْلَام. وعند بعض أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ كان واجبًا، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره صوم الدهر إذا أفطر الأيام التي ينهى عن الصوم فيها. وعند بعض الناس يكره. وعند أَبِي يُوسُفَ إنما نهى عن العبادات التي تشبه التبتل الذي نهى عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وابن مسعود وجابر وَأَحْمَد وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وداود إذا دخل في صلاة تطوع أو صوم تطوع استحب له إتمامه، ويجوز له الخروج منه بعذر وبغير عذر، وإذا خرج منه فلا قضاء عليه، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة

القاسم والنَّاصِر ويَحْيَى والمؤيد، وهو الأصح. وعند الحسن والنَّخَعِيّ ومَكْحُول والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يلزمه المضي في ذلك، ولا يجوز له الخروج منه من غير عذر، وإذا خرج منه لزمه القضاء بعذر كان أو بغير عذر، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة زيد بن علي وأبو عبد الله الداعي والنَّاصِر أيضًا. وعند مُحَمَّد أنه إذا حضر عند أخيه فحلف عليه جاز له أن يفطر وعليه قضاؤه. وعند مالك إن خرج منه بعذر لم يلزمه قضاؤه، وإن خرج منه بغير عذر لزمه قضاؤه في إحدى الروايتين، وبه قال أبو ثور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن الْمُبَارَك وعمر وعلي وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة وحذيفة وعمار وأبي وائل لا يجوز صوم الشك بكل حال، سواء صامه عن رمضان أو تطوع، أو إذا قيده كان إلا أن يوافق عادة له وكان يصوم الدهر، أو يتقدمه بيومين. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ واللَّيْث ومُحَمَّد بن مسلمة وإِسْحَاق لا يكره صومه عن شعبان. ونقل الترمذي عن أَحْمَد وإِسْحَاق موافقة الشَّافِعِيّ. وعند ابن عمر وابن العاص وأنس بن مالك ومعاوية وأبي هريرة وعائشة وأسماء بنت أبي بكر وعمر في إحدى الروايتين وطاوس ومجاهد وميمون بن مهران ومطرف وابن أبي مريم وبكر بن عبد الله الْمُزَنِي وَأَحْمَد إن كانت السماء مصحية كره صومه، وإن كانت معتمة وجب صومه عن شهر رمضان. واختلف أصحاب أَحْمَد في صيام يوم الشك. وروى عن عائشة وأسماء أنهما قالتا: يجوز صوم يوم الشك على الإطلاق. وعند الْإِمَامِيَّة يستحب صومه على الإطلاق. وعند الحسن وابن سِيرِينَ إن صام الإمام صامت الرعية، وإن لم يصم الإمام لم تصم الرعية، وروى ذلك عن أَحْمَد أيضًا، وروى عنه مثل قول الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد لا يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، وعند أَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي يُوسُفَ والزُّهْرِيّ وأبي هريرة وأكثر أصحاب الشَّافِعِيّ أنه يكره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نذر صوم يوم الفطر ويوم النحر لم ينعقد نذره ولا يلزمه بهذا النذر شيء، وبه قال زفر، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق. وعند أبي حَنِيفَةَ وزيد بن علي وسائر الزَّيْدِيَّة ينعقد نذره ويلزمه أن يصوم غيرهما، فإذا صام فيهما أجزأه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وقال السيد أبو طالب منهم: لا يجزئه. وعند أبي

حَنِيفَةَ إن صام فيهما عن نذر مطلق لم يجزأه. وعند أَحْمَد لا يصمه وعليه كفارة يمين، وعنه رِوَايَة أخرى يقضي ويكفَّر. وعنه رِوَايَة أخرى إن صامه أجزأه ولا شيء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يجوز أن يصوم المتمتع في أيام التشريق فيه قَوْلَانِ: القديم يجوز، وبه قال مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عمر وعائشة والقول الجديد لا يجوز، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وعند ابن الزبير وابن عمر والأسود بن يزيد أنه يجوز صوم أيام التشريق مطلقًا. وقال أنس كان أبو طلحة قلما رأيته يفطر إلا يوم فطر أو أضحى، وكان ابن سِيرِينَ لا يرى بأسًا بصوم الدهر غير ذلك اليومين، وعند أَحْمَد لا يجوز صيامهما مطلقًا، وعنه رِوَايَة أخرى أنه يجوز صيامهما عن الفرض خاصة. وعند الشَّافِعِيّ ومالك َوَأَحْمَد وإِسْحَاق أنه إذا أفطر الأيام التي يحرم الصوم فيها وصام باقي السنة أنه لا يكره صوم الدهر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وآكدها عند الشَّافِعِيّ ليلة الحادي والعشرين، وعند أَحْمَد آكدها ليلة الخامس والعشرين. وعند الْمُزَنِي أنها تختلف في كل سنة في العشر الأواخر. وعند عمر هي ليلة ثلاث وعشرين. وعند أبي بن كعب أنها ليلة الخاص والعشرين أو السابع والعشرين. وعند أبي قلابة أنها تتقلب في كل ليلة منها. وعند مالك هي في العشر الأواخر، وليس فيها تعيين. وعند ابن عَبَّاسٍ هي ليلة سابع وعشرين واختلفت الزَّيْدِيَّة في كلٍ، فقال النَّاصِر: هي ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أو سبع وعشرين، وهو الأصح عنده. وقال سائر الزَّيْدِيَّة هي ليلة ثلاث وعشرين، أو سبع وعشرين. * * *

باب الاعتكاف

باب الاعتكاف مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أذن الزوج لزوجته، أو السيد لعبده في الاعتكاف وكان تطوعًا فدخلا فيه كان للزوج منع زوجته، وللسيد منع عبده منه. وعند مالك ليس للزوج ولا للسيد منعهما. وعند أَبِي حَنِيفَةَ للسيد منع عبده، وليس للزوج منع زوجته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للمكاتب أن يعتكف بغير إذن مولاه. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ لا يجوز له، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المسجد شرط في صحة الاعتكاف

للرجل والمرأة، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وله قول قديم أنه يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وهو الذي جعلته لصلاتها، وهو أفضل من المسجد، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها فلا يصح للرجل في أحد الوجهين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والوجه الثاني يصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر أن يعتكف في مسجد المدينة، أو في المسجد الأقصى، ثم أراد أن يعتكف في غيرهما لا يجزئه على أحد القولين، وبه قال أحمد. والثاني يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح الاعتكاف في جميع المساجد، سواء أقيم فيها الجماعة أم لم تقم، وعند حذيفة لا يصح الاعتكاف إلا في ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الأقصى. وعند الزُّهْرِيّ لا يصح إلا في مسجد يقام فيه الجمعة، وهو قول قديم للشافعي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وَمَالِك في رِوَايَة لا يصح إلا في مسجد يقام فيه الجماعة. وعند علي بن أبي طالب وحماد لا يصح إلا في المسجد الحرام. وعند عَطَاء لا يصح إلا في المسجد الحرام ومسجد المدينة. وعند مالك لا يصح إلا في المسجد الجامع. وفي رحاب المساجد التي يجوز الصلاة فيها. وعند الْإِمَامِيَّة لا يصح إلا في مسجد صلى فيه إمام عادل بالناس الجمعة، وهي أربعة مساجد المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد الكوفة، ومسجد البصرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وابن مسعود وأبي مسعود البدري والحسن البصري َوَأَحْمَد وإِسْحَاق يصح الاعتكاف بغير صوم، ويستحب فيه الصوم، ويجوز الاعتكاف فى الأيام التي لا يصح الصوم فيها كيوم الفطر والأضحى وأيام التشريق، ويجوز إفراد الليل بالاعتكاف. وعند ابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعائشة وعروة والزُّهْرِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وإِسْحَاق وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يصح بغير صوم، ولا يصح في الأيام المنهي عن الصوم فيها، ولا بالليل دون النهار، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا دخل فيه من الليل وصام النهار صح الاعتكاف التبع على سبيل التبع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ليس لأول الاعتكاف حد، ويجوز أن يعتكف ساعة، وإذا نذر أن يعتكف لزمه ما يقع عليه الاسم وهو ساعة. وعند مالك لا يصح أقل من

يوم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، والثانية كقول مالك. وعند مالك في رِوَايَة لا أقل من اعتكاف عشرة أيام. وعند الْإِمَامِيَّة لا يكون أقل من ثلاثة أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا نذر أن يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان فإنه يدخل في أول ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان، وهو غروب الشمس من يوم العشرين، سواء كان نذرًا أو تطوعًا. وعند الْأَوْزَاعِيّ وأبي ثور وإِسْحَاق وَأَحْمَد في ظاهر قوله يدخل في أول اليوم الحادي والعشرين. ومن أصحابه من حمل كلامه على الأيام المطلقة. وأما المعينة فقوله فيها كقول الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء إذا اعتكف تطوعًا ثم قطع اعتكافه لم يجب عليه قضاؤه. وعند مالك وبعض العلماء يجب عليه قضاؤه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر اعتكاف شهر بعينه، ولم يشترط التتابع وجب أن يأتي به على الولاء، فإن أخل بيوم منه لزمه قضاؤه، ولا يلزمه الاستئناف. وعند أَحْمَد في رِوَايَة يلزمه الاستئناف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وزفر إذا نذر اعتكاف شهر مطلقًا ولم يشرط التتابع جاز أن يأتي به متفرقًا، والأولى أن يأتي به متتابعًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يلزمه أن يأتي به متتابعًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد والنَّاصِر أيضًا وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ في نذر الصوم المطلق: إحداهما يلزمه التتابع في الاعتكاف رِوَايَة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر اعتكاف ثلاثين يومًا وشرط فيها التتابع لزمه، وإن أطلق النذر أو قال متفرقًا، فإن اعتكف متتابعًا أجزأه، وإن اعتكف متفرقًا أجزأه أيضًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجزئه، وهو قول مخرَّج في المطلق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نذر أن يعتكف يومين وشرط التتابع، أو نواه لزمه أن يعتكف يومين متتابعين والليلة التي بينهما، ولا يلزمه الليلة المستقبلة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه أن يعتكف يومين وليلتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا جامع المعتكف في الفرج عامدًا فسد اعتكافه ولا كفارة عليه. وعند الحسن والزُّهْرِيّ عليه كفارة كالمجامع في نهار رمضان. وعند

مجاهد يتصدق بدينار. وعند أَحْمَد إن وطئ عامدًا أو ساهيًا وجب عليه كفارة يمين فى إحدى الروايتين. وعند الْإِمَامِيَّة إذا جامع نهارًا كان عليه كفارتان، وإذا جامع ليلاً فكفارة واحدة. وإن أكره الزوجة وهي معتكفة نهارًا كان عليه أربع كفارات، وإن كان ليلاً فكفارتان، والكفارة هي كفارة المجامع في نهار رمضان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع في الفرج ساهيًا لم يفسد اعتكافه. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يفسد اعتكافه. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء يجوز للمعتكف إذا خرج من المسجد أن يستظل تحت السقف حتى يعود إلى المسجد، سواء كان ممره فيه أم لا، ولا يبطل اعتكافه. وعند الثَّوْرِيّ والْإِمَامِيَّة ليس له ذلك. وعند الثَّوْرِيّ أيضًا إذا كان أكره تحت السقف جاز له، ولا يبطل اعتكافه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قبَّل سهوًا أو جامع فسد اعتكافه، وإن لم ينزل لم يفسد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طلقت المعتكفة، أو مات زوجها خرجت واعتدت، وإذا فرغت من العدة رجعت وبنت. وعند مالك ورَبِيعَة تمضي في اعتكافها، فإذا فرغت منه خرجت واعتدت، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا شرط التتابع في اعتكافه فخرج من المعتكف بغير حاجة بطل اعتكافه قل الخروج أو كثر. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يبطل حتى يكون خروجه أكثر من نصف يوم. مسألة: عند الشَّافِعِيّ يجوز أن يخرج إلى منزله للأكل والشرب، ولا يبطل اعتكافه بذلك. وعند أبي مجلز وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ ليس له الخروج لذلك، فإن خرج بطل اعتكافه، واختاره ابن سريج من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا نذر اعتكافًا متتابعًا يكون فيه الجمعة، فاعتكف في غير الجامع لزمه الخروج إلى الجمعة، وبطل اعتكافه بالخروج إليها، وفيه قول آخر أنه لا يبطل اعتكافه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر أن يعتكف اليوم الذي يقدم فيه فلان صح نذره، وإن قدم نهارًا لزمه أن يعتكف من حين قدومه، ولا يلزمه قضاء ما فاته. وعند الْمُزَنِي أنه يقضي ما فاته منه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره التطيُّب للمعتكف ولا للمعتكفة، ولا لبس الرفيع، ولا الأكل الطيب. وعند أَحْمَد يكره له لبس الرفيع. وعند معمر يكره له التطيُّب. وعند عَطَاء لا تتطيب المعتكفة إلا أنه لا يقطع ذلك الاعتكاف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للمعتكف تعليم القرآن ودراسة العلم أو تعليمه، وهو أفضل من صلاة النافلة. وعند مالك وَأَحْمَد لا يستحب له قراءة القرآن وتعليم العلم، بل يشتغل بذكر الله تعالى والتسبيح والصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يكره للمعتكف الخياطة في المسجد وما أشبهها، إلا أن يخيط ثوبه وما يحتاج إلى لبسه فلا يكره. وعند مالك إن كانت الخياطة حرفته لم يصح اعتكافه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق يكره البيع والشراء في المسجد. وعند بعض العلماء لا يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز للمعتكف التجارة والبيع والشراء، وعند مالك والْإِمَامِيَّة لا يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وكافة العلماء إذا نذر أن يعتكف مرة لم يجز له عيادة المريض، ولا اتباع الجنائز، ولا شهود الجمعة. وعند سعيد بن جبير والحسن بن يحيى والنَّخَعِيّ وعلي والْإِمَامِيَّة يجوز له ذلك. قال ابن المنذر: لا يثبت ذلك عن على. وعند إِسْحَاق إن اشترط ذلك فله أن يتبع الجنازة، ويعود المريض وإلا فلا. وعند الثَّوْرِيّ يجوز له عيادة المريض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يشترط في الاعتكاف الواجب التتابع أنه متى عرض له عارض من عيادة مريض وشهود جنازة وغير ذلك من الانشغال مما لا ينافي الاعتكاف خرج إليه، فإذا عرض له عارض وخرج إليه عاد وأتم ما عيَّنه. وعند الْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك لا يجوز الشرط. واختلف فيه عن أحمد، فمنع مرة، وقال مرة: أرجو أن لا بأس به. وعند إِسْحَاق يجوز في التطوع، ولا يجوز في الواجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات وعليه اعتكاف واجب فثلاثة أقوال: أصحها: لا يعتكف عنه ولا يطعم إلا أن يكون الاعتكاف بصوم فيطعم لأجل الصوم لا لأجل الاعتكاف والثاني يطعم عنه من تركته لكل يوم مد. والثالث يعتكف عنه وليه كما في

الصوم، وبه قال أبو ثور وعائشة وابن عباس. وعند الحكم إذا كان عليه اعتكاف ثلاثين يومًا يطعم ستين مسكينًا، ثلاثين لأجل الاعتكاف وثلاثين لأجل الصوم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يطعم عنه كل يوم نصف صاع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان فإنه يخرج منه بغروب الشمس من آخر يرم من شهر رمضان. وعند أبي قلابة وأبي مجلز وأبي بكر بن عبد الرحمن والمطلب بن حنطب وَأَحْمَد يستحب للمعتكف أن يكون انصرافه من موضع معتكفه إلى مصلاه يوم الفطر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حاضت المعتكفة خرجت إلى منزلها وعادت إذا طهرت وبنت، وعند أبي قلابة أنها لا تخرج إلى منزلها بل تضرب جناحًا على باب المسجد فإذا طهرت رجعت إلى المسجد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر أن يعتكف شهرًا بصوم فاعتكف شهرًا صائمًا في قضاء لم يجزه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن ينكح المعتكف وينكح، وعند بعض الفقهاء لا يجوز. * * *

كتاب الحج

كتاب الحج مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في وجوب العمرة قَوْلَانِ الجديد وجوبها، وبه قال عَطَاء

وطاوس ومجاهد وابن سِيرِينَ وسعيد بن جبير وأبو بردة ومَسْرُوق وعبد الله بن شداد َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو عبيد والثَّوْرِيّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وداود وجابر، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر. والقول القديم أنها سنة، وبه قال الشعبي وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ والنَّخَعِيّ وأبو ثور وابن مسعود وسائر الزَّيْدِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء أن الحج والعمرة لا يجبان بالشرع في العمر إلا مرة واحدة. وعند بعض الناس يجبان في كل سنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دخل مكة لتجارة أو زيارة، أو كان من أهل مكة وكان غائبًا وقدم، فهل يجوز له أن يدخل بغير إحرام؟ قَوْلَانِ: أحدهما لا يجوز، وبه قال ابن عبَّاس وَمَالِك وَأَحْمَد في رِوَايَة. والثاني يجوز، ويستحب له الإحرام، وبه قال ابن عمر َوَأَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسواء كانت داره وراء الميقات أو دونه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا

كانت داره وراء الميقات لم يجز أن يدخل الحرم من غير إحرام، وسواء كان لقتال أو غيره، وإن كان داره دون الميقات جاز له أن يدخل بغير إحرام، وعند أَبِي يُوسُفَ ليس لمن داره وراء الميقات أن يدخل مكة إلا محرمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا ليس له أن يدخل الحرم إلا بإحرام فتركه لم يلزمه القضاء ولا الدم، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه القضاء والدم فيحرم بحج أو عمرة، إلا أن يحج من سنته حجة الْإِسْلَام، أو منذورة، أو عمرة منذورة فإنه يجزئه، ويدخل فيه الإحرام الذي وجب عليه لأجل الدخول استحبابًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن الصبي لا يجب عليه الحج ويصح منه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يصح الحج من الصبي، وإنَّما يأذن له الولي في الإحرام ليتعلم أفعال الحج، ويتجنب ما يتجنبه المحرم، فإن فعل شيئًا من ذلك فلا فدية عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الكفارة التي تجب بجناية الصبي على الإحرام قَوْلَانِ: أحدهما تجب في مال الولي، وبه قال مالك. والثاني تجب في ماله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المغمى عليه لا يصح أن يحرم عنه رفقاؤه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يصح استحسانًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يصح إحرام العبد بغير إذن سيده. وعند داود وأهل الظاهر لا يصح إحرامه بغير إذن مولاه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أذن السيد لعبده في الإحرام، ثم رجع عن ذلك بعد ما أحرم العبد لم يصح رجوعه، ولم يكن له تحليله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ له تحليله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم العبد بإذن سيده، ثم باعه ولم يعلم المشتري بإحرامه يثبت للمشتري الخيار، فإن مضى به لم يكن له أن يحلله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يثبت له الخيار، وله أن يحلله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحرم العبد بغير إذن سيده كان له تحليله. وعند أَحْمَد ليس له ذلك في إحدى الروايتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق إذا أحرم الصبي والعبد، ثم بلغ الصبي، أو عتق العبد بعرفة أجزأهما عن حجة الْإِسْلَام، وإن بلغ أو عتق قبل الوقوف بعرفة لم يجزئهما عن حجة الْإِسْلَام. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجزئهما

ذلك عن حجة الْإِسْلَام، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة، ولا يتصور الخلاف مع أَبِي حَنِيفَةَ إلا في العبد، فأمَّا الصبي فلا يصح إحرامه عنده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لو حج ثم استطاع أجزأه عن حجة الْإِسْلَام، وبه قال جماعة من الزَّيْدِيَّة. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة لا يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وَأَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وأكثر العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة الاستطاعة هي الزاد والراحلة. وعند ابن الزبير وعكرمة وعَطَاء والضحاك وَمَالِك الاستطاعة صحة البدن. وعند جماعة من الزَّيْدِيَّة منهم النَّاصِر وموسى بن جعفر ومُحَمَّد بن يَحْيَى ومُحَمَّد بن القاسم أنها الزاد والقدرة على المسير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه إذا لم يجد راحلة، أو وجدها بأكثر من ثمن مثلها، أو وجد راحلة لا تصلح لمثله، بأن يكون شيخًا أو شابًا مترفًا لا يقدر على الركوب إلا بالمحمل، أو العمارية لم يجب عليه الحج حتى يجد ذلك. وعند مالك الراحلة ليست شرطًا، فإذا كان قادرًا على المشي أو عادته المشي وجب عليه الحج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له دار يحتاج إلى سكناها، أو خادم يحتاج إلى خدمته لم يلزمه الحج بذلك، ولا يلزمه بيعهما، ولا صرف ثمنهما إلى الحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الحج وبيعهما، ويصرف ثمنهما في الحج، واختاره الشيخ أبو حامد من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن له مسكن يسكنه ومعه ما يكفيه للحج بدأ بشراء المسكن، وما فضل ان كان يكفيه للحج وجب عليه الحج وإلا فلا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يبدأ بشراء المسكن، بل يجب عليه الحج، واختاره الشيخ أبو حامد من الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي يُوسُفَ لا يجب عليه بيع مسكنه، ولا يشترى مسكنًا إذا لم يكن له، بل يصرفه في الحج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان معه مال يحتاج إليه في بضاعة يتجر بها ليحصل له بها ما يقوم به، أو ضيعة يقوم عليها لكفايته لم يلزمه بيعها للحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه بيعها في ذلك، وبه قال أكثر أصحاب الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا غصب مالاً فحج به، أو حمولة فركبها وحج أثم بذلك، ولزمه ضمان ما غصبه، وأجزأه الحج. وعند أَحْمَد لا يجزئه، ولا يسقط

عنه فرض الحج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن له طريق إلا في البحر فلا يجب عليه ركوبه على أحد الخلاف عنده. ومن أصحابه من قال: إن كان الغالب منه السلامة لزمه، وإن لم يكن الغالب منه السلامة لم يلزمه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي يُوسُفَ ومحمد، الأعمى أو مقطوع اليدين والرجلين إذا وجد الزاد والراحلة وقائد يقوده ومن يركبه وينزله مضى، وكان قادرًا على الثبوت على الراحلة من غير مشقة شديدة وجب عليه الحج، ولا يجوز له أن يستنيب فى الحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ في أصح الروايتين عنه يجوز له الاستنابة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة تخلية الطريق وإمكان المسير شرط في وجوب الحج. وعند أَحْمَد ليسا شرط في وجوب الحج، وإنما هو شرط في الأداء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ اعتبار المحرم في حق المرأة ليس بشرط في وجوب الحج، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، واختاره المؤيد منهم. وعند النَّخَعِيّ وأبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ والْأَوْزَاعِيّ هو شرط في وجوب الحج عليها، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، ومن الزَّيْدِيَّة السيد أبو طالب. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في أمر الطريق هل هو من شرائط الوجوب، أو من شرائط الأداء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يقمن النساء الثقات مقام المحرم في حق المرأة، وبه قالت الزَّيْدِيَّة. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يقمن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ لا فرق في ذلك بين قصير السفر وطويله. وعند أبي حَنِيفَةَ يختص الطويل، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان يقدر على المشي وعادته أن يسأل الناس لم يلزمه الحج بذلك. وعند مالك يلزمه الحج بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل الأفضل الحج ماشيًا أو راكبًا؟ قَوْلَانِ: وبأولهما قال ابن عبَّاس والحسن بن علي وإِسْحَاق. والثاني قطع به العراقيون من أصحاب الشَّافِعِيّ، وصححه الباقون منهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن الْمُبَارَك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يمكنه الركوب على الراحلة إلا بمشقة فادحة كالمعضوب، وهو

الزَّمن والشيخ الكبير، ومن كان نحيف الخلقة ضعيف البنية، وكان له مال ووجد من يستأجره لزمه الحج، ووجب عليه أن يستأجره لغرض الحج عنه، ووجب عليه أن يستأجر من يحج عنه. وعند مالك وداود لا يجب عليه الحج، ولا يلزمه أن يستأجر من يحج عنه، وإنما يجب عليه الحج عندهما ان كان مستطيعًا بنفسه خاصة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يكن للمعضوب مال، ولكن له من يطيعه بالحج، فإنه يلزمه الحج، ويلزمه أن يأذن له أن يحج عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجب عليه الحج بطاعة غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والْأَوْزَاعِيّ والثَّوْرِيّ ومُحَمَّد بن الحسن، ومن الزَّيْدِيَّة القاسم يستحب لمن وجب عليه الحج أن يبادر إلى فعله، فإن أخَّره جاز. وعند مالك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ والْمُزَنِي وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي وزيد بن علي والمؤيد يجب على الفور، وكان أبو الحسن الكرخي يقول: هذا هو مذهب أَبِي حَنِيفَةَ، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إذا حج في السنة الثانية كان أداءً، مالك يقول: كان قضاءً. وعند بعض العلماء يكفر بتأخير الحج فإن الله تعالى قال: (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97). مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الحج تدخله النيابة عن المحجوج عنه، وهي رِوَايَة الأصول عند أَبِي حَنِيفَةَ، وعنه رِوَايَة شاذة رواها عنه مُحَمَّد أن الحج لا يدخله النيابة، وإذا استناب وقع الحج عن الحاج، وللمحجوج عنه ثواب النفقة، فيفيد أنه إن لم يكن من جهة نفقة لم يسقط عنه الفرض. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز للصحيح القادر أن يستنيب في حج التطوع. وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات الميت وقد أوصى أن يحج عنه تطوعًا هل تصح الاستنابة في ذلك؟ قَوْلَانِ: أحدهما الصحة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَمَالِك وَأَحْمَد. والثاني عدم الصحة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المريض إذا لم يكن مأيوسًا منه لا يجوز أن يستنيب في الحج، وكذا المحبوس هو عند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يجوز له أن يستنيب، ثم ينظر فإن برئ لزمه إعادة الحج، وإن مات أجزأه، وكذلك قالا في المحبوس.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا استناب المأيوس منه، ثم برئ فلا إعادة عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه الإعادة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة الفقهاء وسائر الزَّيْدِيَّة إذا نذر حجة وعليه حجة الْإِسْلَام قدم حجة الْإِسْلَام، ثم يقيم بمكة إلى السنة القابلة، ثم يحج عن المنذورة، ولا يلزمه الدم بتركه الميقات. وعند علي رضى اللَّه عنه والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا حج بنية حجة الْإِسْلَام أجزأه عنهما جميعًا، وإن حج بنية المنذورة لم تقع عنها، ولو نوى عنهما جميعًا صح عنهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من حج عن ميت وقرن أجزأه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجزئه، وعليه رد النفقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يجوز لمن عليه حجة الْإِسْلَام أو عمرته، أو حجة نذر أو قضاء أن يحج عن غيره، فإن أحرم عن غيره وقع الحج عن نفسه لا عن المحجوج عنه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَحْمَد وابن عبَّاس رِوَايَة أخرى أنه لا يقع عنه ولا عن غيره، وبه قال داود. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وأصحابه وأيوب السختياني وجعفر بن مُحَمَّد والنَّخَعِيّ وعَطَاء والحسن وداود أيضًا وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز أن يحج عن غيره من عليه فرض الحج أو نذره أو قضاؤه، وإذا أحرم عن غيره وقع الحج عمن أحرم عنه. وعند الثَّوْرِيّ وسائر الزَّيْدِيَّة إن كان قادرًا على الحج عن نفسه لم يجز أن يحج عن غيره، وإن كان غير قادر لعدم الزاد والراحلة جاز أن يحج عن غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وابن عَبَّاسٍ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وأبي هريرة لا يسقط الحج بالموت بعد الوجوب والتمكن من الأداء. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والزَّيْدِيَّة يسقط بالموت، فإن أوصى بالحج حج عنه من يليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحج عنه من الميقات. وعند أَحْمَد من دويرة أهله. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة الحج والعمرة مبنيان على تقديم الأهم فالأهم، فلا يجوز أن يتطوع بالحج أو بالعمرة وعليه فرضهما، وإذا نوى التطوع انصرف إلى الفرض، وكذا إذا كان عليه حجة الْإِسْلَام وحجة منذورة فنوى المنذورة انصرف إلى حجة الْإِسْلَام. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يجوز أن يتطوع بالحج والعمرة وعليه فرضهما، وكذا يأتي بالمنذورة عنهما وعليه فرضهما، وإذا نوى التطوع انعقد

تطوعًا، ولا ينصرف إلى الفرض، وكذلك يجوز تقديم الحجة المنذورة على حجة الْإِسْلَام، وإذا نوى الحجة المنذورة انصرف إليها ولم ينصرف إلى حجة الْإِسْلَام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يصح الحج عن الحي والميت. وعند الأصم لا يصح ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز للرجل أن يحج عن الرجل والمرأة، ويجوز للمرأة أن تحج عن الرجل والمرأة. وعند الحسن بن صالح يكره أن تحج المرأة عن الرجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي ثَورٍ وأَبِي يُوسُفَ وابن الزبير وابن مسعود وإحدى الروايتين عن علي وابن عَبَّاسٍ وابن عمر أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وتسعة أيام وعشر ليال من ذي الحجة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشرة أيام وعشر ليالي من ذي الحجة، فالخلاف بيننا وبينهم في اليوم العاشر. وعند مالك أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة بكماله، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا، وهي الرِوَايَة الأخرى عن على وابن عَبَّاسٍ وابن عمر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ والزَّيْدِيَّة يجوز الاستئجار على الحج، وعند أبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز الاستئجار على الحج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال: حجوا عني بمائة دينار استؤجر من يحج عنه بالمائة دينار إن كانت أجرة المثل، وإن زادت على ذلك كانت الزيادة من الثلث، وأجرة المثل من رأس المال، وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد يحج عنه حجة، وما فضل يرد إلى الورثة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم الأجير من دون الميقات لزمه دم، ويُرد من الأجرة بقدر المسافة التي بين الميقات والموضع الذي أحرم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ ترد جميع الأجرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر اثنان واحد ليحرم عن أحدهما بالحج وعن الآخر بالعمرة، فأحرم بالحج والعمرة عنهما لم يصح إحرامه عنهما، ووقع إحرامه عن نفسه، وعند أَبِي ثَورٍ يصح إحرامه عنهما، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والنَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وابن عَبَّاسٍ وجابر وأَبِي يُوسُفَ وأَبِي ثَورٍ وداود لا يجوز الإحرام بالحج إلا في أشهر الحج، فإذا أحرم به في غير أشهره انعقد ذلك عمرة. وعند مالك والثَّوْرِيّ وابن حيي وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وسائر الزَّيْدِيَّة وأكثر

العلماء يكره أن يحرم بالحج في غير أشهره، فإن أحرم به في غير أشهره صح إحرامه بالحج، ولكن لا يأتي بشيء من أفعاله قبل أشهره. وعند الْإِمَامِيَّة لا ينعقد إحرامه بالحج ولا عمرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز فعل العمرة في جميع السنة، ولا يكره فعلها في شيء من السنة. وعند أَبِي يُوسُفَ يكره فعلها في أربعة أيام: يوم النحر، وأيام التشريق الثلاث، وزاد أبو حَنِيفَةَ إلى هذه الأيام في الكراهية يومًا خامسًا هو يوم عرفة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وعائشة وابن عَبَّاسٍ وأنس وأَبِي حَنِيفَةَ وسائر الزَّيْدِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب الإكثار في كل سنة من فعل العمرة وليس لها عدد محصور. وعند الحسن وسعيد بن جبير وابن سِيرِينَ والنَّخَعِيّ ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر لا يفعل العمرة في السنة إلا مرة. مسألة: اختلف قول الشَّافِعِيّ في الإفراد والتمتع والقِران أيها أفضل على ثلاث أقوال أصحها: أن الإفراد أفضلها، وبه قال مالك والْأَوْزَاعِيّ، ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة. والثاني: أن التمتع أفضلها، وبه قال أَحْمَد وإِسْحَاق، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق َوَأَحْمَد بن عيسى. وعند أيى يوسف وابن حُيي التمتع بمنزلة القِران. والثالث: أن القِرَان أفضلها، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وزفر، ومن الزَّيْدِيَّة يَحْيَى أيضًا، واختاره من الشَّافِعِيَّة الْمُزَنِي وأبو إِسْحَاق المروزي وابن المنذر، وكره الثَّوْرِيّ أن يقال بعضها أفضل من بعض. وعند أبي عبد الله الداعي من الزَّيْدِيَّة القِران أفضل لمن حج، والإفراد أفضل لمن لم يحج على مذهب القاسم منهم فيحصل الخلاف مع أَبِي حَنِيفَةَ في ثلاثة مواضع: أحدها: أن الأصح عند الشَّافِعِيّ أن الإفراد أفضل، وعنده القِرَان أفضل. والثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مفردًا، وعنده أنه كان قارنًا. والثالث: الدم الذي يجب بالقِران دم جبران، وعنده دم نسك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء التمتع والقِران جائزان بالإجماع من غير كراهة. وعند عمر وعثمان التمتع مكروه. وعند سليمان بن رَبِيعَة وزيد بن ضوحان القِران مكروه. وعند الْإِمَامِيَّة التمتع لازم ولا يجزئه مع التمكن من غيره. وصفته عندهم أن يحرم من الميقات بالعمرة، ثم يطوف يسعى ويحل من إحرامه، فإذا كان يوم التروية عند زوال الشمس أحرم بالحج من المسجد الحرام وعليه دم التمتع، فإن عدم الهدْي وكان

واجدًا لثمنه تركه عند من يثق به من أهل مكة حتى يذبح عنه طول ذي الحجة، فإن لم يتمكن من ذلك أخره إلى أيام النحر من العام القابل، ومن لم يجد الهدْي ولا ثمنه صام عشرة أيام قبل يوم التروية ويوم عرفة، فمن فاته ذلك صام ثلاثة أيام التشريق وباقي العشرة إذا عاد إلى أهله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز إدخال العمرة على الحج في أصح القولين، وبه قال مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور. ويجوز في القول الثاني، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شرع في طواف العمرة لم يجز له إدخال الحج عليها. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز إدخال الحج عليها ويصير قارنًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج وأتى بأفعالها في أشهر الحج فقَوْلَانِ: أحدهما لا يكون متمتعًا ولا دم عليه، وبه قال قتادة وَأَحْمَد وإِسْحَاق وجابر. والثاني: يكون متمتعًا وعليه الدم، وبه قال الحكم والحسن وابن شُبْرُمَةَ والثَّوْرِيّ. وعند طاوس إن دخل الحرم في رمضان لم يكن متمتعًا، وإن دخل في شوال كان متمتعًا. وعند مالك وعَطَاء والحسن إذا دخل شوال، أو لم يكن قد تحلل من العمرة كان متمتعًا، وإن كان قد أتى بأفعالها في شوال صار متمتعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج لم يلزمه الدم. وعند طاوس يلزمه الدم. وعند الحسن من اعتمر بعد النحر فهو متمتع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المتمتع هو الذي يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحرم بالحج من سنته. وعند أَحْمَد المتمتع الذي يحرم بالحج فيحصر بعدو أو مرض حتى يمضي الحج فيجعلهما عمرة، ويتمتع بحله إلى العام المقبل، ثم يحج ويهدي. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بالحج من مكة، ثم خرج من الميقات وهو محرم بالحج قبل التلبس بشيء من أفعال الحج ففي سقوط الدم عنه وجهان: أحدهما يسقط. والثاني لا يسقط، وبه قال مالك. وعند عَطَاء وَأَحْمَد وإِسْحَاق والمغيرة أن المديني إذا سافر سفرًا يقصر فيه الصلاة لم يجب عليه الدم. وعند طاوس ومجاهد وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ إن رجع إلى أهله يسقط عنه الدم، وإن لم يرجع لم يسقط عنه الدم. وعند سعيد بن المسيب رِوَايَتَانِ: أحدهما مثل قول مالك، والثانية مثل قول الشَّافِعِيّ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عاد المتمتع إلى الميقات لإحرام الحج سقط عنه الدم. وعند أَحْمَد إذا نوى أن يقرن من حجه وعمرته سفرًا صحيحًا يسقط عنه الدم. وعند أبي حَنِيفَةَ لا يسقط حتى يلم بأهله من حجه وعمرته. وعند مالك إن عاد إلى بلده أو مسافة بقدر مسافته سقط عنه الدم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ حاضرو المسجد الحرام الذين لا دم عليهم في التمتع من كان في الحرم، ومن كان بينه وبين الحرم مسافة لا تقصر فيها الصلاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند ابن عَبَّاسٍ والثَّوْرِيّ ومجاهد حاضرو المسجد الحرام من كان بالحرم خاصة لا غير. وعند مالك هم من كان بمكة أو بذي طوى لا غير. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هم من كان داره دون الميقات. وعند عَطَاء رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ. والثانية كقول أَبِي حَنِيفَةَ. وعند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة هم أهل المواقيت، ومن دونها إلى مكة، ومن له أن يدخلها بغير إحرام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ: المكي من كان داره دون الميقات. وعند عَطَاء رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، ومن كان أهله حاضري المسجد الحرام يصح منه التمتع والقِران فلا يكره له ذلك إلا أنه لا دم عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا المؤيد عن يَحْيَى. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأبي عبيدة وابن عمر لا يصح منه التمتع والقِرَان، فإن أحرم بهما ارتفصت عمرته، وإن أحرم بالحج بعد ما طاف شوطًا واحدًا للعمرة ارتفص حجه في قول أَبِي حَنِيفَةَ وارتفصت عمرته في قول أَبِي يُوسُفَ ومحمد، وإن أحرم بعد ما أتى بأكثر الطواف مضى فيهما ولزمه دم جبران. وعند الداعي وأبي طالب من الزَّيْدِيَّة من كان ميقاته داره لا يصح منه التمتع، ولا يكون متمتعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ يجب على القارن دم، وهو شاة. وعند الشعبي عليه بدنة. وعند طاوس وداود لا دم عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب سوق بدنة على القارن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والمؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يكون القِرَان إلا بسوق بدنة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو طالب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المكي إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج من مصر من الأمصار أو من ميقات ذلك المصر وحج من سنته لم يلزمه الدم. وعند طاوس يلزمه الدم.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اعتمر الشخص عن نفسه من الميقات، ثم حج عن غيره من مكة، أو حج عن نفسه من الميقات، ثم اعتمر عن غيره من أدنى الحل فعليه الدم في هاتين المسألتين وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا دم عليه فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا خرج المكي من مكة إلى الحل وأحرم بالحج منه ومضى إلى عرفة لزمه الدم، وإن عاد إلى مكة سقط عنه الدم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن عاد إلى الحرم ملبيًا سقط عنه الدم، وإن عاد غير ملب لم يسقط عنه الدم. وعند أحمد وَمَالِك لا يلزمه الدم بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا أحرم بالحج لم يكن له فسخه إلى العمرة. وعند أَحْمَد يجوز له ذلك لمن لم يكن معه هدْي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب للمتمتع إذا فرغ من عمرته ومعه هدْي أن يحرم بالحج يوم التروية بعد الزوال متوجهًا إلى منى، وإن لم يكن معه هدْي فليلة السادس من ذي الحجة، والمكي يحرم إذا توجه. وعند أَحْمَد الأفضل أن يؤخر المتمتع الإحرام إلى يوم التروية. وعند مالك، وأَبِي ثَورٍ يستحب له أن يحرم بالحج إذا أهلَّ ذو الحجة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وقت وجوب هدْي التمتع إذا فرغ من العمرة وأحرم بالحج. وعند عَطَاء لا يجب حتى يقف بعرفة. وعند مالك لا يجب حتى يرمى جمرة العقبة، فاعتبر كمال الحج. وعَطَاء اعتبر الإتيان بمعظمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأفضل أن لا يذبح هدْي التمتع إلا يوم النحر، فإن ذبح بعد الإحرام بالحج وقبل يوم النحر جاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وابن عمر وعائشة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المتمتع إذا أحرم بالحج ولم يجد الهدْي جاز له أن يصوم الثلاث، ولا يجوز أن يصومها قبل الإحرام بالحج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له صيامها بعد الإحرام وقبل التحلل منها. وعند عَطَاء يجوز صيامها بعد التحلل من العمرة. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول أَبِي حَنِيفَةَ. والثانية كقول عَطَاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاته صوم الثلاث قبل يوم النحر لم يسقط صومها إلى الهدى، ويصوم أيام منى على القول القديم، ويصوم بعد أيام منى على القول الجديد.

وعند سعيد بن جبير وطاوس ومجاهد وأَبِي حَنِيفَةَ تسقط ويستقر الهدْي في ذمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا فاته صوم الثلاث قبل يوم النحر فهل يجوز له صومها أيام منى؟ قَوْلَانِ: القديم يجوز، وبه قال ابن عمر وعائشة. وعروة بن الزبير وعبيد بن عمير والْأَوْزَاعِيّ والزُّهْرِيّ، وإِسْحَاق وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، والجديد لا يجوز ذلك، وبه قال علي بن أبي طالب وأَبِي حَنِيفَةَ وعَطَاء والحسن وزيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا فات صيام الثلاثة أيام التي يفعلها المتمتع في الحج فإنه يقضيها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يراجع المُهدى، فإن كان موسرًا أخرجه ويثبت في ذمته إلى أن يوسر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك لا يجب عليه بتأخير صوم الثلاث شيء. وعند أبي حَنِيفَةَ يلزمه بتأخيرها دم غير الهدْي الذي يستقر عليه بفواتها، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وعنه رِوَايَة أخرى لا يلزمه شيء، ورِوَايَة ثالثة: إن أخره لغير عذر لزم الدم وقضى الصوم، وكذا قال: إذا أخر الهدْي عن سنته لغير عذر لزمه بالتأخير هدْي آخر، وإن أخره لعذر فإنه يقضي ولا دم عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا عدم الهدْي وشرع في صوم الثلاث، ثم قدر على الهدْي استحب له الخروج منه والانتقال إلى الهدْي، ولا يجب عليه ذلك. وعند الثَّوْرِيّ وحماد وعَطَاء وابن أبي نجيح وأبي حَنِيفَةَ، إذا وجد الهدْي في أثناء الصوم لزمه الانتقال إليه، وإن وجده بعد الفراغ منه دم يلزمه الانتقال إليه، إلا أن أبا حَنِيفَةَ يقول: إن فرغ قبل يوم النحر لزمه الانتقال إليه، وإن وجده بعد يوم النحر لم يلزمه الانتقال إليه وإن لم يتحلَّل. مَسْأَلَةٌ: اختلف قول الشَّافِعِيّ في صوم السبعة متى يصومها على ثلاثة أقوال: أصحها: إذا رجع إلى أهله ووطنه، وبه قال عَطَاء ومجاهد وقتادة وابن عمر والثَّوْرِيّ َوَأَحْمَد في رِوَايَة، واختاره ابن المنذر. والثاني: إذا فرغ من أفعال الحج، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والثالث: إذا أخذ في السير، وبه قال مالك وإِسْحَاق، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة، وكذا عَطَاء ومجاهد في رِوَايَة عنهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا إنه يصومها بعد الفراغ من الحج أو في الطريق، فهل الأفضل تأخيرها إلى الوطن؟ قَوْلَانِ: أحدهما تأخيرها إليه أفضل، وبه قال: مالك.

والثاني فعلها أفضل من تأخيرها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا فرغ المتمتع من عمرته كان له التحلل، سواء ساق الهدْي أم لم يسق الهدْي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد إذا ساق الهدْي لم يكن له أن يتحلل، بل يحرم بالحج حتى يتحلل منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا غصب شاة فذبحها عن تمتعه أو قرانه لم يجزه. وإن وجد من مالكها الرضى في الثاني. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حج السلم حجة الْإِسْلَام، ثم ارتد عن الْإِسْلَام لم يحبط عمله بنفس الردة، بل يكون مراعًا، فإن مات أو قتل على الردة حكم بإحباط عمله، وإن أسلم لزمه قضاء ما فاته في حال الردة من الصلاة والصوم. وأما الحجة فحجه قبل الردة صحيح لم يجب عليه قضاؤه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يحبط عمله بنفس الردة، فإذا أسلم يجب عليه قضاء الصلاة والصيام ويجب عليه قضاء الحج. * * *

باب المواقيت

باب المواقيت مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كانت داره دون الميقات إلى مكة فإنه يحرم من موضعه وهو ميقاته. وعند مجاهد إذا كان أهله بين مكة وبين الميقات أحرم من مكة. وعند أبي حَنِيفَةَ يحرم من موضعه، فإن لم يفعل لم يدخل الحرم إلا محرمًا، فإن دخله غير محرم خرج من الحرم، وأحرم من حيث شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لمن مر بذي الحليفة وهو مريد للنسك أن يترك الإحرام منها ويحرم من الجحفة فإن ترك ذلك لزمه الدم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ الأولى أن يحرم من ذي الحليفة، فإن ترك وأحرم من الجحفة جاز ولا دم عليه. وعند عائشة أنه إن أراد الحج أحرم من ذي الحليفة، وإن أراد العمرة أحرم من الجحفة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ من كان داره فوق الميقات جاز له الإحرام من داره، وجاز له الإحرام من الميقات، وفي الأفضل قَوْلَانِ: أحدهما الأفضل أن يحرم من بلده، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ وعمر وعلي والشعبي وإِسْحَاق. والثاني الأفضل أن يحرم من الميقات، وبه قال الحسن وعَطَاء وَمَالِك وَأَحْمَد. وعند الْإِمَامِيَّة لا ينعقد الإحرام عند الميقات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جاوز الميقات غير مريد للنسك لحاجة دون الحرم، ثم بدا له وأراد النسك بعد أن جاوز الميقات فإنه يحرم من مكانه الذي بدا له أن يحرم منه ولا شيء عليه. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق يرجع إلى الميقات ويحرم، فإن لم يفعل لزمه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد والزَّيْدِيَّة والنَّاصِر ويَحْيَى إذا جاوز الميقات ولم يحرم وهو مريد للنسك فأحرم دونه لزمه الدم، فإن عاد إلى الميقات قبل التلبس بنسك سقط عنه الدم سواء لبَّى أو لم يلب. وعند مالك وَأَحْمَد وزفر لا يسقط عنه الدم، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا إن رجع إلى الميقات ولبَّى يسقط عنه الدم، وإن لم يلب لم يسقط عنه الدم. وعند الحسن، والنَّخَعِيّ، وعَطَاء في أحد قوليه لا شيء على من ترك الإحرام من الميقات. وعند ابن الزبير يقضي حجه ثم يعود إلى الميقات فيهلّ بعمرة. وعند سعيد بن جبير لا حج له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جاوز الميقات محلاً ثم أحرم دونه ثم أفسد ثلث الحجة وجب عليه دم ولا يسقط عنه بقضاء الحج في العام المستقبل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يسقط.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: الكافر إذا مرَّ بالميقات مريدًا للنسك ثم أسلم وأحرم دون الميقات ولم يرجع إلى الميقات لزمه. وعند الثَّوْرِيّ وعَطَاء وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ وإِسْحَاق لا يلزمه شيء. وعن أَحْمَد رِوَايَتَانِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جاوز الصبي أو العبد الميقات، ثم بلغ الصبي وعتق العبد وأحرما دونه لزمهما دم إذا لم يرجعا إلى الميقات. وعند أَبِي ثَورٍ وَأَحْمَد لا دم عليهما، ووافقهما في العبد، وأبو حَنِيفَةَ في الصبي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم الأجير من دون الميقات لزمه دم ورده من الأجرة، وبقدر المسافة التي ما بين الميقات والذي أحرم منه، وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ يرد جميع الأجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بالعمرة من مكة وطاف وسعى وحلق ولم يخرج إلى الحل فقَوْلَانِ: أحدهما: لا يجزيه، وبه قال مالك والثاني: يجزيه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وأبو ثور ويجب عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استأجر أجيرًا للحج فأطلق أحرم الأجير من الميقات ويكون من رأس المال وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه يحرم من بلده، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي، وهو الصحيح من مذهب المؤيد. * * *

باب الإحرام

باب الإحرام مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والزَّيْدِيَّة الغسل للإحرام بالحج أو بالعمرة مستحب وليس بواجب. وعند الحسن البصري إذا نسي الغسل عند إحرامه اغتسل إذا ذكره، فإن أراد أن ذلك مستحب فهو وفاق، وإن أراد أنه واجب فليس بصحيح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وابن عَبَّاسٍ وابن الزبير وسعد ابن أبي وقاص ومعاوية وعائشة وأم حبيبة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب لمن أراد أن يحرم أن يتطيب قبل إحرامه، وسواء في ذلك ما بقي أثره وعينه كالغالية والمسك والعود وغير ذلك. وعند بعض الشَّافِعِيَّة لا يتطيب بطيب يبقى عينه. وعند مالك، وعَطَاء ومحمد، وعمر بن الخطاب يكره له أن يتطيب بطيب تبقى رائحته بعد إحرامه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يحرم عقيب الركعتين في أحد القولين، وبه قال: أبو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَد، وسائر الزَّيْدِيَّة. والجديد أنه يستحب أن يحرم حين تنبعث به راحلته إن كان راكبًا، وحين يأخذ في السير إن كان ماشيًا، وعند مالك يحرم حين يشرف على البيداء. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يصلي ست ركعات ثم يصلي الظهر إن كان وقتها ثم يحرم مكانه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك الإحرام ينعقد بمجرد النية ولا يفتقر إلى التلبية ولا بسوق الهدْي إلا أنه يستحب له التلبية، وبه قال من الزَّيْدِيَّة المؤيد عن يَحْيَى. وعند ابن خيران والزبيري من الشَّافِعِيَّة والْإِمَامِيَّة يفتقر إلى النية والتلبية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك لا ينعقد إحرامه حتى يضم إلى النية التلبية، أو سوق الهدْي، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وكذا السيد أبو طالب عن يَحْيَى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء إذا لبَّى ولم ينوِ لم ينعقد إحرامه. وعند داود ينعقد إحرامه بالتلبية دون النية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم إحرامًا مطلقًا فله صرفه إلى الحج أو العمرة أو إليهما فإن طاف بعرفة قبل الصرف إلى شيء لم ينصرف إحرامه بنفس الطواف والوقوف، بل لو صرف إحرامه بعد الطواف إلى الحج وقع الطواف عن طواف القدوم. وعند أبي حَنِيفَةَ إذا طاف انصرف إحرامه إلى العمرة، وإن وقف بعرفة انصرف إلى الحج.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَد، ومالك، وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أحرم لحجتين أو لعمرتين أو أكثر، أو أحرم لحج ثم أدخل عليه حجًا أو أحرم بعمرة، ثم أدخل عليها عمرة لم ينعقد إحرامه إلا بواحد من النسكين. وعند داود لا يصح إحرامه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ينعقد إحرامه بالكل، فإذا أسرع في واحد منهما ارتفصت الأخرى ولزمه قضاءها. واختلفوا فقال أبو يوسف: يرتفص في الحال. وقال أبو حَنِيفَةَ ومحمد: يرتفص إذا أخذ فى السير، فلو أحصر مكانه تحلل منهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا استؤجر ليحرم عن اثنين فأحرم عن أحدهما لا يعينه، فإنه ينعقد إحرامه وله صرفه إلى أيهما شاء. وعند أَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد يقع عن نفسه ولم يكن له صرفه إلى غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بنسك معين ثم نسيه هل أحرم لحج أو عمرة أو لهما؟ فقَوْلَانِ: الجديد الصحيح أنه ينوي القِرَان ويصير قارنًا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والقديم أنه يتحرى ويلبِّي على ما غلب على ظنه. وعند أَحْمَد يجعل ذلك عمرة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد في رِوَايَة أنه يصرف إلى ما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب رفع الصوت بالتلبية في جميع المواضع وفى مسجد منى ومسجد مكة ومسجد إبراهيم بعرفات، وفيما عداها من مساجد الجماعة قَوْلَانِ: القديم لا يلبي، وبه قال مالك، والجديد وهو الأصح يلبي. وعند مالك لا يرفع صوته بالإهلال في مساجد الجماعة ليسمع نفسه ومن يليه إلا في المسجد الحرام ومسجد منى. وعند أَحْمَد لا يستحب إظهار التلبية في الأمصار. مسألة: واختلف قول الشَّافِعِيّ في التلبية في الطواف على ثلاثة أقوال: أصحها لا يلبي. والثاني: تركها أحبُّ، فإن لبَّى فلا شيء عليه. والثالث يلبي ولكن يخفض صوته، وبه قال رَبِيعَة وابن داود وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المستحب أن لا يزاد على تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن زاد لم يكره ولم يستحب. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا زاد عليها كان مستحبًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك التلبية في جميع الحج فقد أساء ولا شيء عليه. وعند الحنفية إذا لبَّى مرة فلا شيء عليه وقد أساء. وعند القاسم صاحب مالك عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره للمرأة أن ترفع صوتها بالتلبية. وعند ميمونة ترفع

صوتها بذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يلبي بالعربية إن كان يحسنها، وإن كان لا يحسنها لزمه أن يتعلم إن كان الوقت واسعًا، وإن ضاق عليه الوقت أتى به بلغته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يأتي بها بأي لفظ شاء إذا كان يوجد فيه معناها بالعربية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن مسعود لا يكره للحلال التلبية. وعند مالك يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء وَمَالِك في إحدى الروايتين أنه يحرم على المحرم حلق شعر بدنه، ويجب به الفدية. وعند أهل الظاهر وإحدى الروايتين عن مالك لا يحرم عليه حلق ذلك، ولا يجب به الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجوز للمحرم حلق شعر الحلال وتقليم ظفره ولا شيء عليه في ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له ذلك، فإن فعله لزمه أن يتصدق بصدقة قاله عنه صاحب البيان والمعتمد والدر الشفاف، ونقل عنه الشاشي أنه يلزمه الفدية. وعند مالك في إحدى الروايتين يلزمه الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وابن الزبير يجوز للمحرم أن يغطي وجهه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد بن الحسن وابن عمر وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز له ذلك، فإن فعله فعليه الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر لا يعقد المحرم رداءه. وعند مالك إن فعل ذلك وتطاول فعليه الفدية. وعند سعيد بن المسيب والحاكم يرخص في ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أدخل المحرم كتفيه في القباء لزمه الفدية وإن لم يخرج بدنه من كميه. وعند النَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ وبعض الحنابلة لا فدية عليه إلا أن يخرج يديه من كميه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز للمحرم أن يستظل في المحمل نازلاً وراكبًا. وعند مالك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يجوز له ذلك نازلاً، ولا له ذلك راكبًا، ومتى فعل فعليه الفدية. وعند عبد الرحمن بن مهدي الاستظلال لا يجوز له. وعن ابن عمر: ضحِّ لمن أحرمت له. وعند الْإِمَامِيَّة لا يجوز أن يستظل في محمله من

الشمس إلا عند الضرورة، فإن فعل فعليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق إذا عدم الإزار جاز له لبس السراويل على جهته، ولا فدية عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لبسه لزمته الفدية، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. واختلف أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ في جواز لبسه، نقال الطحاوي: يحرم عليه لبسه فيفتقه ثم يلبسه، وقال أبو بكر الرازي: يجوز له لبسه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يكره للمحرم لبس المنطقة والهميان. وعند ابن عمر ونافع يكره له ذلك. واختلف النقل عن مالك، فنقل عنه أصحاب الشَّافِعِيّ أنه لا يجوز له ذلك، ونقل عنه أصحابه أنه يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره للمحرم أن يتقلد السيف. وعند الحسن يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا لم يجد المحرم نعلين فليقطع الخفين أسفل من الكعبين ويجعلهما كالشمشكين ويلبسهما ولا فدية عليه، فإن لبسهما على جهتهما لزمه الفدية. وعند عَطَاء بن أبي رباح وسعيد بن سالم َوَأَحْمَد يجوز له لبسهما ولا فدية عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لبس الخف المقطوع من أسفل الكعبين مع وجود النعلين، وكذا لا يجوز لبس الشمشكين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غطَّى بعض عضوٍ لا يجوز تغطيته لزمته الفدية. وعند أبي حَنِيفَةَ لا فدية عليه، إلا أن يغطى الربع فيجب عليه الفدية، وإن غطَّى دون الربع وجب عليه صدقة، والصدقة عنده صاع يدفعه إلى مسكين من أي طعام كان، إلا البر فإنه يجزئ منه نصف صاع، وعنه في التمر رِوَايَتَانِ: إحداهما صاع، والثانية نصف صاع. وعن أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، والأخرى أن الاعتبار بلبس أكثر اليوم، أو أكثر الليلة، أو غطى من ربع الرأس أكثره، فإن لبس نصف يوم أو نصف ليلة، أو غطى نصف ربع رأسه وجبت عليه صدقة. ويقال إن أبا حَنِيفَةَ كان يذهب قديمًا إلى هذا ثم رجع عنه. وعند مُحَمَّد بن الحسن في وجوب كمال الفدية كقول أبي حَنِيفَةَ، وإن لبس أقل من يوم أو أقل من ليلة فعليه بقدر ذلك من الفدية.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في جواز لبس القفازين للمرأة قَوْلَانِ: أصحهما لا يجوز، وبه قال أَحْمَد وعمر وعلي وابن عمر وعائشة، وَمَالِك والزَّيْدِيَّة. والثاني: يجوز، وبه قال الثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وسعد بن أبي وقاص. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة هو القياس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جعل الطيب في الطعام واستهلك فيه ولم يبق له أثر لم يحرم الطعام ولا الشراب على المحرم، ولا تجب عليه الفدية بأكله وشربه، وإن بقيت فيه الرائحة حرم عليه أكله وشربه ولزمته الفدية بذلك، وبه قالت الزَّيْدِيَّة، وإن بقي لونه ولم يبق رائحته فقَوْلَانِ. وإن بقي طعمه فثلاث طرق. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومالك والحميدي وابن عمر وعَطَاء ومجاهد وسعيد بن جبير وطاوس والنَّخَعِيّ إذا طبخه لا يحرم عليه أكله ولا تجب عليه كفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا إذا أكله على جهته من غير طبخ أنه لا فدية عليه، إلا أنه يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا تبخَّر المحرم بالطيب فعليه الفدية، وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا فدية عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في شم الرياحين قَوْلَانِ: أحدهما وهو الجديد لا يجوز ويلزم الفدية بذلك، وبه قال ابن عمر وجابر وَأَحْمَد في رِوَايَة وأبو يوسف، وكذا سائر الزَّيْدِيَّة إلا إنهم قالوا: لا فدية عليه إذا شمه. والثاني يجوز ولا فدية على من شمه، وبه قال الحسن ومجاهد وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ ومحمد، وكذا النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق وعثمان وابن عباس. واختلف في ذلك عن عَطَاء وَأَحْمَد وهذا فيما لا يتخذ منه الطيب، وأما ما يتخذ منه الطيب فيحرم شمه عند الشَّافِعِيّ قولاً واحدًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أن المحرم لو قال: لا والله، وبلى والله ثلاثًا وهو صادق فلا يجب عليه الدم وعليه التوبة، وإن كان كاذبًا، وهو الأولى على مذهب النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا كان صادقًا فعليه دم، ولا يلزمه بما دون ثلاث مرات شيء، وإن كان كاذبًا فعليه التوبة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره للمحرم أن يجلس عند العطار لشم الطيب فإن فعل ذلك فلا شيء عليه. وعند عَطَاء إذا تعمد ذلك لزمه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ العصفر ليس بطيب فلا يحرم على المحرم لبس ما صبغ به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو طيب، فإذا وضعه على بدنه وجبت عليه الفدية، وإن لبس ثوبًا مصبوغًا به وكان إذا عرق فيه ينفض عليه وجبت عليه الفدية.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الحناء ليست بطيب، ولا تجب على المحرم الفدية باستعماله. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ هو طيب ويجب على المحرم باستعماله الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا غسل الثوب المصبوغ بالطيب حتى انقطعت رائحته، أو صبغه بما يغلب على ريح الطيب أو تقادم العهد ولم يبق له رائحته، وصار بحيث إذا رش عليه الماء لا يكون له رائحة جاز له لبسه. وعند مالك يكره ذلك إلا أن يغسله ويذهب لونه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دهن رأسه ولحيته بدهن غير مطيب كالشيرج والزيت والسمن لزمته الفدية، وإن استعمله في بدنه فلا فدية عليه. وعند مالك إذا استعمله في رأسه ووجهه وظاهر بدنه لزمه الفدية، وإن دهن به باطنه فلا فدية عليه. وعند الحسن ابن صالح إذا دهن رأسه ولحيته بما لا طيب فيه فلا شيء عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا استعمل الزيت والشيرج لزمه الفدية، سواء استعمله في بدنه، إلا أن يستعمله على وجه التداوي بجرح وشقوق فإنه لا فدية عليه، وإن استعمل السمن فلا فدية عليه. وعند أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول أَبِي حَنِيفَةَ. والثانية لا فدية عليه، وسواء استعمله في رأسه أو في بدنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طيب بعض عضوٍ، أو لبس في بعض يوم وجبت عليه الفدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه صدقة، وقد بينَّاها عنه في تغطية بعض العضو، وخلافه وخلاف صاحبيه مُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ في تغطية البعض يعود هنا. وعند مالك إن نزعه في الحال فلا شيء عليه، فاعتبر أن يحصل له انتفاع ما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعلي وابن عمر وزيد بن ثابت وسعيد بن السيب وسليمان بن يسار والزُّهْرِيّ وَمَالِك والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للمحرم أن يتزوج ولا يزوِّج غيره بالولاية الخاصة، ولا أن يتوكل للزوج ولا الولي ولا تزوجه المرأة المحرمة. وعند الثَّوْرِيّ والحكم وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ يجوز له أن يتزوج ويزوِّج غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تزوج المحرم أو المحرمة فُرق بينهما بغير طلاق. وعند مالك يفرَّق بينهما بطلقة. وعند الْإِمَامِيَّة إذا تزوج وهو عالم بأن ذلك محرَّم عليه بطل نكاحه، ولم تحل له المرأة أبدًا.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء الإحرام لا يمنع من الرجعة. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين يمنع ذلك الرجعة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا قبَّل امرأة لشهوة وأمنى، أو أمذى لا يفسد حجه ويلزمه دم شاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة مجرد القبلة توجب شاة، فإن أمنى فبدنة، فإن أمذى فبقرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعامة الفقهاء إذا قتل المحرم صيدًا عمدًا أو خطأ وجب عليه الجزاء. وعند مجاهد وبعض أهل الظاهر إن قتله خطأ أو ناسيًا لإحرامه فعليه الجزاء، وإن قتله عمدًا وهو ذاكر لإحرامه فلا جزاء عليه. وعند سعيد بن جبير وطاوس وأَبِي ثَورٍ وداود وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إن قتله خطأ فلا شيء عليه، لان قتله عمدًا فعليه جزاءان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قتل المحرم صيدًا مملوكًا لزمه القيمة والجزاء لحق الله. وعند مالك والثَّوْرِيّ والْمُزَنِي وَأَحْمَد في رِوَايَة وداود لا يلزمه الجزاء لحق اللَّه تعالى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب في الصيد المستأنس الجزاء. وعند مالك وداود لا جزاء فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا جرح صيدًا، أو أتلف جزءًا منه وجب عليه الجزاء. وعند مالك وداود لا جزاء عليه في جرح صيد، ولا في قطع عضو منه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دلَّ المحرم على صيد محرم أو حلالاً كان مسيئًا ولا جزاء عليه. وعند عَطَاء ومجاهد وحماد وَأَحْمَد يضمن المحرم الصيد بالدلالة، فإن كانا محرمين كان الجزاء بينهما، وإن كان الدال محرمًا والمدلول عليه حلالاً كان الجزاء على الدال، وإن كان الدال حلالاً والمدلول حرامًا كان الجزاء على المدلول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ يجب الجزاء على كل واحد منهما جزاء كامل إذا كانا محرمين والدلالة خفية بأن يكن المدلول لا يعلم بموضع الصيد، وإن كان الدال حلالاً والمدلول محرمًا كان الجزاء على المدلول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دلَّ حلالاً على صيد في الحرم فقتله المدلول فلا جزاء على الدال. وعند أَحْمَد عليه الجزاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان المدلول ممن يجب عليه الجزاء

لم يجب على الدال شيء، وإن كان ممن لا يجب عليه كالصبي والكافر وجب عليهما الجزاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعثمان بن عفان وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لحم الصيد محرَّم على المحرم إذا كان قد اصطاده، أو كان له فيه سبب مثل الإعانة والإشارة وإعارة السلاح، وكذا ما صيد له أذن فيه أو لم يأذن، فأمَّا إذا لم يُصَد لأجله ولم يكن له فيه أثر فهو حلال له. وعند عمر بن الخطاب والزبير بن العوام وأبي هريرة ومجاهد وعَطَاء أنه يحل أكل لحم الصيد للمحرم، وبه قال أَحْمَد وأبو حَنِيفَةَ، إلا أن عند أَبِي حَنِيفَةَ يحرم عليه ما اصطاده وما كان له فيه سبب لا يستغنى عنه كإعارة السلاح والدلالة الخفية، بأن يقول: هو في موضع كذا وكذا، ولم يكونوا قد علموا بذلك، فأمَّا إذا صيد من أجله فإنه لا يحرم، وكذا إذا كان له فيه سبب يستغنى عنه كالدلالة الظاهرة، وهو أن يثير إلى الصيد وهم يرونه، أو يعيرهم سلاحًا لا يحتاجون إليه، وهو عند القياس لا يجوز للمحرم أكل الصيد بحال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ذبح المحرم صيدًا ففيه قَوْلَانِ: قال في الجديد: هو ميتة فلا يحل أكله، وبه قال الحسن والقاسم وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وقال في القديم: ليس بميتة فيحل لغيره أكله ولا يحل له، وبه قال الحكم وسفيان الثَّوْرِيّ وأبو ثور، واختاره ابن المنذر. وعند عمرو بن دينار وأيوب السختياني يحل أكله للحلال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذ الأكل من لحم صيد له فقَوْلَانِ: الجديد لا جزاء عليه. والقديم: يلزمه الجزاء بقدر ما أكل، ويلزمه مثله من لحم الغنم، وبه قال أَحْمَد ومالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد إذا ذبح المحرم صيدًا له لزمه الجزاء، فإن أكل من لحمه شيئًا لم يلزمه جزاء آخر، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ مما نقل عنه الشاشي يلزمه جزاء آخر، وعنه فيما نقله عنه صاحب البيان والمعتمد يلزمه قيمة ما أكل من لحمه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند عَطَاء يلزمه كفارتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم وفي ملكه صيد فقَوْلَانِ: أحدهما يزول ملكه عنه. والثاني لا يزول، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند أَبِي يُوسُفَ يجب عليه إرساله.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا لا يزول ملكه عنه فله أن يتصرف فيه بجميع التصرفات إلا بالقتل، فإذا قتله لزمه الجزاء. وعند مجاهد وعبد الله بن الحارث وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يزول عند بدء المشاهدة، ولا يلزمه إزالة اليد الحكمية، ومعناه أنه لا يجوز له إمساكه في يده، وبجوز له إمساكه في بيته من غير تصرف فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا ضمان على من أزال يد المشاهدة عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كان الصيد غير مأكول ولا متولد من مأكول لم يحرم قتله بالإحرام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يحرم قتل كل شيء بالإحرام، ويجب الجزاء بقتله إلا الذئب. وعنده في الضبع يضمن بأقل الأمرين من قيمته أو شاة. وعند مالك السباع المبتدئة الضرر من الوحش والطير كالذئب والفهد والغراب والحدأة لا جزاء فيها، فخالف حينئذ مالك الشَّافِعِيّ فيما لا يؤكل ولا يؤدى إلى الضرر كالثعلب والصقر والباز، فإن عند مالك فيها الجزاء، وعند الشَّافِعِيّ لا جزاء فيها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخذ قملة من ظاهر بدنه أو ثوبه فلا شيء عليه، وإن أخذها من رأسه ولحيته فداها، وبأي شيء فداها فهو خير منها، وهو استحباب لا وجوب. وعند مالك وابن عمر وعَطَاء وقتادة إذا قتل قملة فداها بحفنة من طعام. وعند إِسْحَاق َوَأَحْمَد وطاوس وسعيد بن جبير وأَبِي ثَورٍ ورِوَايَة عن عَطَاء لا يجب فيها شيء. وعند إِسْحَاق يجب فيها تمرة فما زاد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وعمر وابن عَبَّاسٍ يجوز للمحرم أن يقرد بغيره. وعند مالك وابن عمر لا يجوز. وعند سعيد بن المسيب إذا قتل قرادًا يتصدق بتمرة أو تمرتين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء كل صيد وجب على المحرم الجزاء بقتله وجب عليه الجزاء بإتلاف بيضه وهو قيمته. وعند مالك يلزمه عشر قيمة الصيد. وحكى ابن المنذر عن الحسن في بيض النعام جنين من الإبل، ولم يوجب في بيض الحمام شيئًا. وعند الْمُزَنِي وداود وأهل الظاهر لا يلزمه شيء. وعند عَطَاء رِوَايَتَانِ: إحداهما كبش، والثانية درهم هذا في النعام، وفي الحمام كل بيضة درهم. وعند داود والْمُزَنِي وَمَالِك لا يضمن بيض الطيور. وعند الْإِمَامِيَّة يجب في بيض النعام من نتاج الإبل بعدد ما كسر

من ذلك هديًا للبيت، فإن لم يجد ذلك فعليه لكل بيضة شاة، فإن لم يجد فإطعام عشرة مساكين، فإن لم يجد صام عن كل بيضة ثلاثة أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلب المحرم لبن صيد ضمنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يضمنه إن لم ينقص الصيد بذلك، وإن نقص الصيد ضمنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا صال عليه صيد ولم يندفع عنه إلا بقتله لم يجب عليه الجزاء. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وبعض الحنابلة يجب عليه الجزاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انكسر ظفره فقطعه فلا شيء عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الدم. وعند القاسم صاحب مالك إذا احتاج إلى مداواة قرحة، ولا يمكنه ذلك إلا بقطع أظفاره فقطعها فلا شيء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق شعره ناسيًا لزمه دم. وعند إِسْحَاق لا شيء عليه، واختاره ابن المنذر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا احتاج إلى اللبس أو الطيب أو الحلق ففعله فعليه الفدية، وعند داود لا فدية عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا اشتبك الجراد في طريقه ولم يكن له طريق غيره فوطئه فقتله فقَوْلَانِ: أحدهما لا جزاء عليه، وهذا قول عَطَاء. والثاني عليه الجزاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وعَطَاء والزُّهْرِيّ وَأَحْمَد في رِوَايَة إذا لبس أو تطيَّب أو دهن رأسه أو لحيته ناسيًا أو جاهلاً بالتحريم فلا فدية عليه، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه والْمُزَنِي وإحدى الروايتين عن الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأكثر العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة عليه الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لبس ناسيًا، ثم ذكر فإنه ينزعه من قبل رأسه. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وأبي قلابة يشقه ويجعله من أسفل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق شعر المحرم بإذنه وجبت الفدية على المحلوق، ولا يجب على الحالق شيء محلًّا كان أو محرمًا، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان الحالق محرمًا فعليه صدقة، وعلى المحلوق فدية. وعند عَطَاء إن كان الحالق محرمًا لزم الحالق والمحلوق الفدية.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حُلِق شعر المحرم مكرهًا أو نائمًا لزمته الفدية في أحد القولين، محرمًا كان أو محلاً، وبه قال مالك وَأَحْمَد. والقول الثاني يجب الفدية على المحلوق، ويرجع بها على الحالق، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. واختلف أصحابه هل يرجع بها على الحالق؟ فقال أكثرهم لا يرجع، وقال أبو حازم: يرجع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع جاهلاً بالتحريم أو ناسيًا فقَوْلَانِ: القديم يفسد حجه ويلزمه الكفارة، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. والجديد لا يفسد حجه، ولا يلزمه الكفارة، وبه قالت الْإِمَامِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ إذا كان على بدنه وسخ جاز له إزالته في الحمام وغيره ولا فدية عليه. وعند مالك لا يجوز له إزالته، وإذا أزاله لزمته الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز للمحرم أن يغسل رأسه بالسدر والخَطمى، ويكره له ذلك، فإن فعل ذلك فلا فدية عليه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يلزمه الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وأبي هريرة لا يكره للمحرم النظر في المرآة. وعند عَطَاء الخراساني وَمَالِك وإحدى الروايتين عن عَطَاء بن أبي رباح أنه يكره له ذلك، وهو قول الشَّافِعِيّ أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ لا يكره للمحرم غسل ثيابه. وعند مالك يكره له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز للمحرمة لبس الثياب التي فيها زينة، وكذا لبس الديباج، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يجوز لها ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء للمحرمة لبس الحلي، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة. وعند عَطَاء ومجاهد ليس لها ذلك حتى خاتم ذلك، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسعيد بن المسيب يكره للمحرم الاكتحال. وعند مالك لا يجوز له ذلك وعليه الفدية، وللشافعي قول أيضًا لا يكره له ذلك، وبه قال أبو حَنِيفَةَ.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء والزَّيْدِيَّة يجوز للمحرم أن يفتصد ويحتجم إذا لم يقطع شيئًا من شعره. وعند مالك يجب عليه الفدية إذا فعل ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا انغمس في الماء حتى غطى رأسه فلا شيء عليه. وعند مالك عليه الفدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دمى رجله لإخراج الشوكة منها فلا شيء عليه ولو قطع الجلدة. وعند الزَّيْدِيَّة عليه الدم، والله تبارك وتعالى أعلم بالصواب. * * *

باب ما يجب من محظورات الإحرام

باب ما يجب من محظورات الإحرام مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق المحرم من رأسه ثلاث شعرات فما زاد فعليه الفدية. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن حلق ربع رأسه لزمه دم، وإن حلق أقل من الربع فعليه صدقة، ويريد بالصدقة نصف صاع من طعام. وعند أَبِي يُوسُفَ إن حلق نصف رأسه لزمه دم، وإن حلق ما دونه لزمه صدقة. وعند مالك إن حلق من رأسه ما يحصل به إماطة الأذى فعليه دم، وإن حلق ما لا يحصل به ذلك فلا دم عليه. وعن أَحْمَد رِوَايَتَانِ: إحداهما كقول الشَّافِعِيّ، والثانية لا يجب الدم إلا بحلق أربع شعرات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق من رأسه أقل من ثلاث شعرات فهو مضمون. وعند مجاهد وعَطَاء أنه ليس بمضمون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق شعرة أو شعرتين فثلاثة أقوال: أحدها عليه في الشعرة مد، وفي الشعرتين مُدَّان، وبه قال الحسن. والقول الثاني في الشعرة درهم، وفي الشعرتين درهمان. والثالث في الشعرة ثلث دم، وفي الشعرتين ثلثا دم. وعند أحمد ثلاث روايات: أحدها في الشعرة مد. والثانية كف من طعام. والثالثة درهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ حكم الأظفار حكم الشعر حرفًا بحرف، فإذا قلَّم أقل من ثلاثة أظفار كان فيه الأقوال الثلاثة التي في الشعر، وإن قلَّم ثلاثة فما زاد فعليه دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إن قلَّم خمسة أظفار من عضو واحد لزمه دم، وإن قلَّم دون ذلك لم يلزمه دم وعليه صدقة، وإن قلَّم خمسة من عضوين فعليه صدقة. وعند مُحَمَّد إن قلَّم خمسة أظفار لزمه دم، سواء كان من عضو أو من عضوين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تطيب، أو لبس المخيط، أو غطى رأسه عامدًا وجب عليه الفدية، سواء طيب عضوًا كاملاً أو بعض عضو، وسواء استدام اللبس يومًا كاملاً أو بعض يوم، وكذا إذا ستر جزءًا من رأسه زمانًا يسيرًا أو كثيرًا فالحكم فيه واحد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن طيب عضوًا كاملاً فعليه الفدية، وإن طيب أقل من عضو فعليه صدقة، وهو نصف صاع، وإن لبس المخيط يومًا كاملاً فعليه الفدية، وإن لبس أقل من يوم فعليه صدقة. وعنه رِوَايَة أخرى أنه إذا لبس أكثر النهار فعليه الفدية. وبه قال أبو يوسف، ورجع عنه أبو حَنِيفَةَ إلى اليوم، ثم قال: إن ستر ربع رأسه يومًا كاملاً فعليه

الفدية، وإن ستر أقل من الربع أو أقل من اليوم فعليه صدقة. وعند مُحَمَّد إن ستر نصف رأسه يومًا فعليه الفدية. وإن ستر جميع رأسه فعليه الفدية، وإن ستر أقل من النصف فعليه صدقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الفدية التي تجب بحلق الرأس على التخيير، إن شاء أهدى دمًا، وإن شاء صام ثلاثة أيام، وإن شاء أطعم ستة مساكين كل مسكين مدين من بُر وغيره. وعند الثَّوْرِيّ من البر نصف، ومن التمر والشعير والزبيب صاع. وعند أحمد من البر مد، ومن التمر نصف صاع. وعند الحسن وعكرمة ونافع الصيام عشرة أيام، والصدقة على عشرة مساكين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فدية الأداء على التخيير مع العذر وعدم العذر، وكذا أيضًا إذا تطيب أو لبس. وعند أَبِي ثَورٍ إذا فعل ذلك مع عدم العذر لزمه دم ولا تخيير له، وحكاه عن أَبِي حَنِيفَةَ، وبه قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا حلق شعر رأسه وبدنه في حالة واحدة لزمه كفارة واحدة. وعند أَحْمَد كفارتين، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تطيب في حلق وقلَّم الأظفار فإنه يلزمه بكل واحدة كفارة، والى أو لم يوال، كفر عن الأول أو لم يكفر، وكذا إذا تطيب ولبس. وعند الحسن الطيب واللباس جنس واحد، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعند عَطَاء وعمرو بن دينار إذا حلق وتطيب ولبس لزمه كفارة واحدة فرَّق أو لم يفرق. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق إذا حلق وتطيب وقلَّم الأظفار في وقت واحد لزمه كفارة واحدة، وإن فرَّق ذلك لزمه لكل واحدة كفارة واحدة. وعند مالك أيضًا فيمن لبس الثياب ينوي بها إلى زوال عذره فجعلها بالليل ولبسها بالنهار لزمه كفارة واحدة، وإن طال ذلك، وهو أحد قولي الشَّافِعِيّ. والثاني يلزمه كلما خلع ولبس كفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ إذا تطيَّب وحلق ولبس وقصد بذلك رفص الإحرام، أو كان ذلك لغرض واحد لزمه كفارة واحدة، وإن لم يقصد بذلك رفص الإحرام وكان شبيههما مختلفًا وكان في مجلس واحد لزمه أيضًا كفارة واحدة، وإن كان في مجالس مختلفة لزمه لكل واحدة كفارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا فعل محظورات الإحرام على طريق الرفص لإحرامه لزمه بكل محظور كفارة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ كفارة واحدة. وعند مالك في الصيد كفارات، وفي بقية المحظورات كفارة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: إذا كرَّر المحظورات في الإحرام في مجلس واحد بأن لبس ثم لبس، وتطيب ثم تطيب قبل أن يكفر عن الأول كفاه كفارة واحدة، وإن كفَّر للأول لزمه للثاني كفارة أخرى، وإن كان ذلك في مجالس. بأن فعل الثاني بعد أن كفَّر عن الأول لزمه للثاني كفارة أخرى، وإن فعله قبل أن يكفر عن الأول وكان السبب واحدًا فقَوْلَانِ: القديم يجزئه كفارة واحدة، والجديد يلزمه لكل واحد كفارة، وإن كان السبب مختلفًا فطريقان: أحدهما يجب كفارتان قولا واحدًا، والثانية قَوْلَانِ. وعند أَحْمَد يلزمه فى ذلك كفارة واحدة ما لم يكفر، فإن كفر فكفارة ثانية، وفيه رِوَايَة أخرى: إن اختلفت الأسباب فكفارات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن كان في مجلس فكفارة، وإن كانت في مجالس فكفارات. وعند مالك في الوطء كفارة، وفي بقية المحظورات كفارات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جامع المحرم في مجالس قبل أن يكفر عن الأول كفاه فيهما كفارة واحدة في أحد الأقوال، وبه قال مالك، ويلزمه بدنة في القول الثاني، وشاة في القول الثالث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا جامع مرارًا في مجلس واحد فعليه كفارة واحدة، وإن كان في مجالس فعليه لكل مرة كفارة وعند مُحَمَّد والثَّوْرِيّ عليه كفارة واحدة ما لم يكفر عن الأول. وعند الْإِمَامِيَّة يكرر الكفارة، سواء كان ذلك في مجلس واحد أو مجالس، وسواء كفر عن الأول أو لم يكفر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حلق ثم حلق في مجلس واحد ولم يكفر عن الأول أجزأه عنهما كفارة واحدة في أحد القولين، ويلزمه كفارتان في القول الآخر، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة إذا وطئ المحرم في الفرج عامدًا قبل الوقوف بعرفة أو بعد الوقوف وقبل التحلل الأول فسد حجه، ووجب عليه بدنة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن وطئ قبل الوقوف بعرفة فسد حجه وعليه شاة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، فإن وطئ بعد الوقوف لم يفسد حجه وعليه بدنة. وعند أهل العراق إذا وطئ بعد الوقوف بعرفة فلا يفسد حجه وعليه بدنة. وعند مالك في رِوَايَة شاذة أنه إن وطئ بعد الرمي فسد إحرامه. وعند الْإِمَامِيَّة إذا وطئ بعد الإحرام وقبل التلبية فلا شيء عليه. وعند الْإِمَامِيَّة أيضًا إن وطئ قبل الوقوت بالمشعر الحرام فعليه بدنة والحج من قابل، ويجري عندهم مجرى من وطئ قبل الوقوف بعرفة، وإن وطئ بعد وقوفه بالمشعر الحرام لم يفسد حجه وعليه بدنة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا وطئ

قبل الرمي فسد حجه، وبعد الرمي لا يفسد. وعند النَّاصِر أيضًا إذا جامع قبل طواف الزيارة فسد حجه وهو الأصح، وبه قال منهم زيد بن علي والباقر والصادق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ بعد التحلل الأول لم يفسد حجه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومالك، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر، وعليه بدنة في أحد القولين، وشاة في القول الآخر. وعند الحسن وابن عمر عليه الحج من قابل. وعند الزُّهْرِيّ والنَّخَعِيّ وحماد عليه الهدْي مع حج من قابل. وعند عكرمة ورَبِيعَة وَمَالِك في رِوَايَة وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يفسد ما مضى ويفسد ما بقي، وعليه أن يحرم بعمرة حتى يأتي بالطواف في إحرام صحيح، وعليه هدْي، إلا أن إِسْحَاق لم يرو عنه أنه قال عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ في العمرة قبل التحلل فسدت عمرته وعليه القضاء وبدنة. وعند أَحْمَد عليه القضاء وشاة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا وطئ قبل أن يطوف أربعة أشواط فسدت عمرته وعليه القضاء وشاة، وإن وطئ بعد أن طاف أربعة أشواط لم تفسد عمرته وعليه شاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الوطء الثاني في الحج قبل التحلل الأول أو في العمرة هل يجب له بدنة وشاة؟ قَوْلَانِ: وبالأول قال أحمد، وبالثاني قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة أهل العلم إذا فسد حجه أو عمرته لزمه المضي فى الذي أفسده، ولا يخرج منه، ويلزمه الكفارة بما يأتي فيه من المحذورات، وحكمه حكم الصحيح إلا في الإجزاء. وعند الحسن وطاوس ومجاهد وَمَالِك يصير الحج عمرة، وعليه الهدْي والقضاء من قابل. وعند عَطَاء وداود وأهل الظاهر يخرج منه، ويلزمه المضي فيه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ في النسك الفاسد ولم يكن كفَّر عن الأول فيه ثلاثة أقوال: أحدها: لا شيء عليه، وبه قال عَطَاء وَمَالِك وإِسْحَاق، والثاني: عليه بدنة، وبه قال أبو ثور. والثالث: شاة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أن البدنة إذا أطلقت في كتب الفقه والحديث فالمراد بها البعير ذكرًا كان أو أنثى، وبه قال الأزهري فقال: لا يكون إلا من الإبل خاصة، وقال به جمهور المفسرين، ومن الزَّيْدِيَّة السيد أبو طالب عن يَحْيَى. وعند أَبِي يُوسُفَ ومحمد أنها تقع على الإبل والبقر، ولا فاصل بينهما إلا النية، وبه قال أكثر أهل اللغة وجابر

وعَطَاء، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند بعض العلماء تقع على الإبل والبقر والغنم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة وأهل اللغة أن الهدْي يقع على الثلاثة: وهي الإبل والبقر والغنم. وعند ابن عمر لا تقع على الغنم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وابن عَبَّاسٍ إذا أراد الإحرام بالقضاء فإنه يجب عليه أن يحرم من أبعد المكانين، وهما الميقات الشرعي، أو الوضع الذي أحرم منه بالنسك الذي أفسده. وعند النَّخَعِيّ يحرم من الوضع الذي جامع فيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه أن يحرم في الحج من الميقات، وفي العمرة من أدنى الحل بكل حال. وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ يحرم من الميقات ولو كان إحرامه من أبعد منه، وبه قال مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وطئ القارن قبل التحلل فسد إحرامه، وعليه قضاء الحج والعمرة وبدنة، ولا يسقط عنه القِرَان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا وطئ قبل أن يطوف للعمرة فسد إحرامه، وعليه قضاء الحج والعمرة، وشاة لفساد الحج، وشاة لفساد العمرة، وشاة للقران، وإذا وطئ بعد ما طاف أربعة أشواط للعمرة لم تفسد عمرته، ولزمه شاة وفسد حجه، وعليه شاة وشاة للقِران، وإن وطئ بعد أن طاف وسعى فعليه بدنة، وبناه على أصله أن القارن كالمفرد في الطواف والسعي، وعلى أن المفسد للنسك يلزمه شاة، وإذا لم يفسد فعليه بدنة بالوطء. وعند الثَّوْرِيّ إذا جامع بعد الطواف والسعي للعمرة فعليه شاة لعمرته، وعليه بدنة لحجه، والقضاء من قابل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ القارن إذا قضى الحج والعمرة على الانفراد لم يسقط عنه دم القِرَان. وعند أَحْمَد يسقط. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ [إذا] لمس لشهوة أو قبل أو جامع فيما دون الفرج أنزل أو لم ينزل لم يفسد حجه، وعليه شاة. وعند سعيد بن جبير والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وأَبِي ثَورٍ عليه بدنة. وعند عَطَاء والحسن والقاسم بن مُحَمَّد وَمَالِك وإِسْحَاق إذا أنزل فسد حجه. واختلف فيه عن أحمد، فروى عنه أنه يفسد الحج، وروى عنه أنه توقف فيه، وروى عن عَطَاء وسعيد بن جبير أنهما قالا في القبلة: يستغفر اللَّه تعالى ولا شيء عليه، وروى عن سعيد بن جبير رِوَايَة أخرى أنه يفسد حجه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أن المفسد إذا قضى الحج هو وزوجته فوجهان: أحدهما يجب أن يفرق بينهما إذا بلغا إلى المكان الذي أفسدا فيه، ولا يجتمعان حتى يفرغا من

نسكهما، وهو قول أَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والثاني يستحب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وعَطَاء. وعند مالك وابن عَبَّاسٍ وسفيان يفرق بينهما من حيث يحرمان. وعند الْإِمَامِيَّة يفرق بينهما من وقت الإفساد، فلا يجتمعان إلى أن يعودا إلى المكان الذي وقع عليهما فيه من الطريق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد في رِوَايَة البدنة الواجبة على الترتيب، فيجب بدنة، فإن لم يجد فبقرة، فإن لم يجد فسبع من الغنم، وإن لم يجد قوَّم البدنة بمكة دراهم، والدراهم طَعَامًا ويتصدق به، فإن لم يجد صام عن كل مد يومًا. وعند ابن عمر أنها على التخيير فيما ذكرناه بين الخمسة، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة، وَأَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والْإِمَامِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا وطئ امرأة في دبرها أو لاط بغلام أو أتى بهيمة فسد حجه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ فيمن أتى بهيمة لا يفسد حجه، وفيمن لاط بغلام أو أتى امرأة في دبرها رِوَايَتَانِ: إحداهما: يفسد حجه ويلزمه بدنة، والثانية لا يفسد حجه ويلزمه شاة، وبه قال سعيد بن جبير، وكذا أَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق ووافق مالك أبا حَنِيفَةَ في البهيمة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا كرر النظر حتى أمنى فلا شيء عليه. وعند الحسن وَمَالِك وعَطَاء عليه الحج من قابل وهدى. وعند ابن عَبَّاسٍ رِوَايَتَانِ: إحداهما عليه بقرة. والثانية بدنة، وحجته تامة. وعند سعيد بن جبير يريق دمًا، واستحب أحمد ذلك في رِوَايَة، وفي رِوَايَة أخرى بدنة وفي رِوَايَة شاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وطئ زوجته وهي محرمة فسد إحرامهما، وعليهما القضاء، ويلزمه نفقتهما في القضاء على ظاهر نصه، وفي الكفارة ثلاثة أقوال: أحدها: على كل واحد منهما هدْي، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وابن عَبَّاسٍ وسعيد بن المسيب والضحاك والحكم وحماد والثَّوْرِيّ وأَبِي ثَورٍ. وعند النَّخَعِيّ وَمَالِك على كل واحد منهما بدنة. والثاني يجب عليه دونها. والثالث يجب عليها كفارة واحدة يتحملها الزوج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أكرهها على الوطء بأن غلبها على نفسها لم يفسد إحرامها، وإن أكرهها حتى مكنت من نفسها لم يفسد أيضًا على أحد القولين، وفسد في الثاني، ويكون حكمه حكم ما لو طاوعته. وعند عَطَاء وَمَالِك إذا أكرهها على الوطء لزمه أن

يحج بها، ويهدي عنها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قتل المحرم صيدًا له مثل من طريق الخلقة وجب فيه مثله من النعم، وهي الإبل والبقر والغنم. وعند أبي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ الصيد كله مضمون بقيمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ كل صيد حكمت فيه الصحابة والتابعون بأن له مثلاً من النعم فإنه يجب ذلك الثل من غير اجتهاد فيه. وعند مالك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجتهد فيه، ولا يجب الحكم بما حكموا به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يكون القاتل أحد المجتهدين. وعند مالك لا يجوز، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في صغار الصيد بماله مثل من النعم مثله. وعند مالك يجب فى صغار الصيد كبير من مثله من النعم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قتل صيدًا معيبًا فداه بمعيب من مثله من النعم. وعند مالك يفديه بمثله صحيح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق وبعض العلماء أن الضبع صيدٌ يؤكل، ويجب به الجزاء إذا أتلفه المحرم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يؤكل، ولا يجب الجزاء على المحرم بقتله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قتل صيدًا له مثل فهو مخيَّر بين أن يخرج المثل وبين أن يقوَّم المثل بدراهم ويشترى بالدراهم طَعَامًا ويتصدق به، وبين أن يقوم الدراهم طَعَامًا ويصوم عن كل مدٍ يومًا. وإذا قتل ما لا مثل له من النعم فإنه يقومه بالدراهم، ويكون بالخيار بين أن يشتري بها طَعَامًا ويتصدق به، وبين أن يقوم الدراهم طَعَامًا ويصوم عن كل مد يومًا. وإذا قتل ما لا مثل له من النعم فإنه يقومه بالدراهم ويكون بالخيار بين أن يشتري طَعَامًا ويتصدق به، وبين أن يقومها طَعَامًا ويصوم عن كل مد يومًا، وبه قال مالك، إلا إنه قال: يقوم الصيد لا المثل. وعند زفر وابن سِيرِينَ والْإِمَامِيَّة والحسن وابن عَبَّاسٍ والنَّخَعِيّ وابن عياض وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وهو على الترتيب، وهو قول قديم للشافعي، فإن قدر على المثل لم يجز أن يقومه، وإذا قدر على إخراج الطعام لم يجز له الصوم. وعند الثَّوْرِيّ إن لم يجد هديًا أطعم، وإن لم يجد طَعَامًا صام عن كل نصف صاع يومًا. وعند سعيد بن جبير والحسن بن

مسلم إنما جعل الطعام والصيام فيما لا يبلغ ثمن الهدْي. وعند أبي إِسْحَاق وأَبِي ثَورٍ َوَأَحْمَد في رِوَايَة يقوَّم جزاعه دراهم، والدراهم طَعَامًا، ويصوم عن كل نصف صاع يومًا. وعند سعيد بن جبير الصيام من ثلاثة أيام إلى عشرة أيام. وعند ابن عياض أن أكثر الصيام إحدى وعشرون يومًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يخرج بعض الطعام ويصوم عن البعض، وعند مُحَمَّد بن الحسن إذا عجز عن بعض الطعام جاز له أن يصوم عن كل مسكين يومًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب في حمار الوحش بقرة. وعند أبي عبيدة وابن عباس والنَّخَعِيّ بدنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الأرنب عناق. وعند ابن عَبَّاسٍ جمل. وعند عَطَاء شاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ في الضبِّ جدى. وعند جابر بن عبد اللَّه وعَطَاء شاة. وعند مجاهد حفنة من طعام. وعند قتادة صاع من طعام. وعند مالك قيمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ الحمامة مضمونة بشاة، وفرخها مضمون بصغير من ولد شاة. وعند أبى حَنِيفَةَ يضمن بقيمتها. وعند مالك حمامة الحرم مضمونة بشاة، وحمامة الحل مضمونة بقيمتها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في العصافير والجراد والعنابر والبلابل قيمته، وعند داود لا يجب في ذلك شيء. وعند الْأَوْزَاعِيّ في العصفور مد. وعند عَطَاء نصف درهم، وروى عنه أيضًا أنه قال: يحكم به ذو عدل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فيما هو أكبر من الحمام كالبط والوز الكرخي والحجل والحبارى والقطا والكركى والكروان وابن الماء ودجاج الحبش قَوْلَانِ: الجديد وجوب القيمة في ذلك، والقديم يجب شاة، وهو قول عَطَاء. وعند ابن عَبَّاسٍ وجابر في الحجل والقطا والحبارى شاة شاة. وعند أَحْمَد لا شيء في دجاجة الحبش. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وابن عمر وابن عَبَّاسٍ تجب في الجراد قيمته. وعند أبي سعيد الخدري لا جزاء فيه. وعند عروة الجراد نثره حوت. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل صيدًا بعد صيد وجب لكل واحد جزاء. وعند ابن عبَّاس والحسن وشريح وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والنَّخَعِيّ وداود يجب الجزاء بقتل الأول، ولا يجب بالثاني، ولا بالثالث شيء. وعند أَحْمَد في رِوَايَة عنه أنه إن لم

يكفر عن الأول تداخلا، ولزمه جزاء واحد، وإن كفَّر عن الأول لزمه للثاني جزاء آخر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك إن قصد بالقتل رفص الإحرام والتحلل لزمه جزاء واحد، وإن لم يقصد ذلك لزمه لكل واحد جزاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء والزُّهْرِيّ وسليمان بن يسار وَأَحْمَد وإِسْحَاق وعمر وعبد الرحمن بن عوف وابن عمر إذا اشترك جماعة من المحرمين في قتل صيد وجب عليهم جزاء واحد. وعند الحسن والنَّخَعِيّ والشعبي وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب على كل واحد منهم جزاء واحد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان تكفير المشتركين بالصوم وجب على كل واحد منهم قسطه، فيتبعَّض في حقهم، واختاره من الحنابلة ابن حامد. وعند أَحْمَد وأصحابه يلزم كل واحد صيام تام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جرح صيدًا وغاب عنه، ولم يعلم هل سرت الجناية إلى نفسه أم لا؟ فإنه يلزمه ضمان الجرح دون النفس. وعند مالك وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة يلزمه ضمان جميعه، وبه قال من الشَّافِعِيَّة أبو إِسْحَاق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك إذا قتل القارن صيدًا، أو ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام لزمه جزاء واحد وكفارة واحدة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه جزاءان وكفَّارتان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء يجب الجزاء بقتل صيد الحرم. وعند داود لا يجب. وعند الْإِمَامِيَّة إذا قتل المحرم صيدًا في الحرم تضاعفت عليه الدية. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وجابر بن عبد الله وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك المحل إذا صاد صيدًا فى الحل وأدخله الحرم جاز له التصرف فيه، ولا يجب عليه الجزاء بقتله. وعند عَطَاء وطاوس وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وابن عمر وابن عَبَّاسٍ وعائشة لا يجوز له التصرف فيه، ويجب الجزاء بقتله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقع طائر على غصن شجرة وأصلها في الحرم والغصن في الحل فقتله قاتل لا جزاء عليه، وإن كان غصنها في الحرم وأصلها في الحل فعليه الجزاء. وعند الْمَاجِشُون عليه الجزاء في المسألتين جميعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان بعض الصيد في الحل وبعضه في الحرم كان مضمونًا.

وعند الحنفية إن كانت قوامه في الحل ورأسه في الحرم يرعى فليس بمضمون، وإن كان بعض قوامه في الحرم كان مضمونًا، وإن كان نائمًا ورأسه في الحرم فإنه مضمون. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أرسل كلبًا من الحرم على صيد في الحل فقتله، أو أرسل كلبًا من الحل على صيد الحرم فقتله كان عليه الجزاء في المسألتين جميعًا. وعند أَبِي ثَورٍ لا جزاء عليه فيهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الصوم يدخل في ضمان صيد الحرم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يدخل فيه الصوم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قتل الحلال صيدًا في الحرم فهو ميتة أيضًا. وعند الحنفية أنه ليس بميتة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نتف ريش طائر فعليه ضمان ما نقص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عليه جزاء، وبه قال مالك إذا خيف على الطير. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كسر جناح صيد أو نتف مقدم جناحه وأزاله لامتناعه فقتله محرم فقَوْلَانِ: أحدهما يجب على الجارح جزاؤه صحيحًا، وعلى القاتل جزاؤه مجروحًا، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. والثاني يجب على الجارح ضمان ما نقص، وعلى القاتل جزاؤه مجروحًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خلَّص المحرم حمامة من فم السنور أو سبع، أو شق حائط يحجب فيه، أو أصابها لدع فسقاه درياقًا فماتت فقَوْلَانِ: أحدهما لا ضمان عليه، وبه قال عَطَاء. والثاني عليه الضمان. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا باض الصيد على فراشه فنقله إلى موضع آخر فلم يحضنه الصيد فقَوْلَانِ: أحدهما لا يضمنه، وبه قال عَطَاء، والثاني يضمنه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا رمى سهمًا في الحل فاخترق الحرم وخرج إلى الحل وقتل صيدًا فوجهان: أحدهما عليه الجزاء، والثاني لا جزاء عليه، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ شجر الحرم مضمون. وعند مالك وداود وأَبِي ثَورٍ لا يضمن بالجزاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وسواء في ذلك الشجر ما أنبته الله تعالى، أو أنبته الآدميون مما

كان أصله في الحرم. وعند بعض الشَّافِعِيَّة ما أنبته الآدميون يجوز قطعه. وعند أبي حَنِيفَةَ إن كان من جنس ما أنبته الآدميون جاز قطعه، نبت بنفسه أو بفضل آدمي، وإن كان مما لا يُنبت الآدميون جنسه، فإن أنبته الآدمي جاز قطعه، وإن نبت بنفسه لم يجز قطعه. وعند أَحْمَد لا يجب ضمان ما أنبته الآدميون بالجزاء، ويجوز قطعه، وما نبت بنفسه يضمنه، سواء كان من جنس ما ينبته الآدميون أو لم يكن. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ شجر الحرم يضمن بقدر، فيجب في الشجرة الكبيرة بقرة، وفي الصغيرة شاة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يضمن بقيمتها بكل حال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قطع غصنًا منها ضمنه بما نقص من قيمتها. وعند مجاهد وعَطَاء وعمرو بن دينار يجوز قطع المسواك منها، وحكاه أبو ثور عن الشَّافِعِيّ أيضًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز رعي حشيش الحرم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز إخراج تراب الحرم وأحجاره. وعند بعض الناس يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة يحرم قتل صيد حرم المدينة واصطياده، وكذا شجرها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يحرم ذلك، وبه قال زيد بن علي، ومن الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قتل صيدًا في المدينة أو عضد شجرها فيه قَوْلَانِ: أحدهما لا يضمنه، وهو قول مالك ورِوَايَة عن أحمد. والثاني يضمنه بسلب الصائد، وهو قول أَحْمَد وابن أبي ذئب. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لمن يكون السلب وجهان: أحدهما يكون للسالب ينفرد به، وبه قال أحمد. والثاني يتصدَّق به على فقراء المدينة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يحرم صيد وِج، وفي الجزاء قَوْلَانِ. وعند أَحْمَد لا يحرم صيده وشجره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ما وجب من دم أو طعام لأجل الإحرام كدم التمتع والقِرَان ودم الطيب وجزاء الصيد وجب ذبحه في الحرم ولا يفرقه على مساكين الحرم، فإن ذبحه في الحرم وفرقه في الحل لم يجز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك يجزئه. وعند أكثر العلماء الذبح خاصة يختص بالحرم. * * *

باب صفة الحج والعمرة

باب صفة الحج والعمرة مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره دخول مكة ليلاً. وعند النَّخَعِيّ وإِسْحَاق الأولى أن يدخلها نهارًا. وعند عَطَاء لا يجوز دخولها ليلاً. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المستحب أن يرفع يديه في الدعاء عند رؤية البيت، وكان مالك لا يرى ذلك. وقال جابر: ما يفعله إلا اليهود. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ طواف القدوم سُنة، وعند أَبِي ثَورٍ هو نسك ويجب بتركه الدم. وعند مالك إن تركه مرهقًا - أي معجَّلاً - فلا شيء عليه، وإن تركه مطيقًا فعليه الدم. وبعض أصحاب مالك يعبر عنه بالوجوب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكذا أَحْمَد في رِوَايَة إذا أحرم بالحج من مكة طاف للقدوم حين يحرم. وعند مالك وكذا أَحْمَد في رِوَايَة لا يطوف حتى يرجع من عرفات ومنى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الطهارة عن الحدث والنجس وستر العورة شرط في صحة الطواف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس ذلك بشرط في صحته. واختلف أصحابه هل هي واجبة أم لا؟ فقال ابن شجاع: هي سنة وليست بواجبة، وقال غيره: هي واجبة، واتفقوا أنه يجبر ذلك بالدم. وعند أَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى إن أقام بمكة أعاد، وإن عاد إلى بلده أجزأه وجبره بدم. وعند الزَّيْدِيَّة إذا طاف طواف الزيارة جنبًا أو محدثًا جبره بالدم، وهو شاة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجزئه الطواف حتى يطوف سبع طوفات، فإن ترك طوفة من ذلك لم يعتد به حتى يأتي بما ترك، ولا يقوم الدم مقامه، سواءكان بمكة أو خارجًا منها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أتى بأكثر الطواف وأربع طوفات، فإن كان بمكة لزمه الطواف، وإن خرج منها جبره بالدم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الاضطباع سنة. وعند مالك ليس بسنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الطواف المعتد به أن يطوف بالبيت العتيق، وهو المبنى، وستة أذرع أو سبعة من الحجر منه، فإن طاف حول المبنى منه لم يعتد بطوافه، وكذا إذا طاف على شاذروات البيت لم يعتد به. وعند الحسن يعيد

الطواف، فإن كان قد حلّ أراق دمًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا طاف حول البيت المبنى وترك الحجر أجزأه، وعليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة المستحب أن يطوف ماشيًا، فإن طاف راكبًا من غير عدد جاز. ولا شيء عليه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن طاف راكبًا لعذر فلا شيء، وإن كان لغير عذر فعليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حمل بالغًا في طوافه ونويا جميعًا ففيه قَوْلَانِ: أحدهما يقع على الحامل، والثاني يقع عن المحمول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ عنهما جميعًا. وعند أَحْمَد لا يجزئ عن الحامل، وفي المحمول رِوَايَتَانِ: أحدهما يجزئه مع العذر وعليه دم، والثانية لا دم عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عَبَّاسٍ وطاوس يستحب السجود على الحجر الأسود. وعند مالك السجود على الحجر بدعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب التوجه إلى البيت عند ابتداء الطواف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الترتيب شرط في صحة الطواف، وهو أن يجعل البيت على يساره ويطوف على يمين نفسه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الترتيب ليس شرط في صحة الطواف، فإن طاف منكسًا صح، وإن كان بمكة أعاد، وإن خرج إلى بلده أجزأه وعليه دم. وعند داود أنه إذا نكَّسه أجزأ ولا دم عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب أن يستلم الركن اليماني ويقبل يده ولا يقبله. وعند مالك يستلمه ولا يضع يده على فيه ولا يقبلها. وعند أحمد يقبله، ولا يقبل ما استلمه به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستلمه ولا يقبل يده. وعند الْإِمَامِيَّة السنة استلامه وتقبيله. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم يمكنه تقبيل الحجر الأسود استلمه بشيء، ثم قبل ذلك الشيء. وعند مالك يتركه على فيه من غير تقبيل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر ومعاوية لا يستحب استلام الركن العراقي والشامي ولا تقبيلهما. وعند جابر وابن عَبَّاسٍ وابن الزبير وأنس بن مالك والحسن والحسين أنه يستلم ذلك.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة الفقهاء إذا ترك الرمل والاضطباع والاستلام والتقبيل والدعاء في الطواف عامدًا أو ساهيًا بعذر أو بغير عذر جاز وقد أساء، ولا يلزمه بذلك شيء. وعند الحسن البصري والثَّوْرِيّ وعبد الملك الْمَاجِشُون يجب عليه الدم بتركها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ في رِوَايَة قراءة القرآن في الطواف أفضل من الذكر غير المأثور، والذكر المأثور أفضل منه. وعند الحسن وعروة وَمَالِك في إحدى الروايتين يكره قراءة القرآن في الطواف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجب القراءة في الطواف. وعند مجاهد يجب. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحدث في أثناء الطواف توضأ وبنى مع الفصل، ومع طوله قَوْلَانِ: القديم يبطل ويستأنف، وبه قال أحمد، والقول الجديد لا يبطل طوافه ويبني. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وابن مسعود وابن الزبير سنة الرمل أن يرمل من الحجر إلى الحجر. وعند عَطَاء ومجاهد والحسن وسعيد بن جبير والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله أنه يمشي بين الركنين اليمانيين ولا يرمل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا شك في عدد الطواف بنى على يقين نفسه وهو الأقل ولا يقلد غيره. وعند عَطَاء والفضيل بن عياض له أن يقلد الذي لا يشك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والمسور وعائشة لا يكره الجمع بين أسابيع في الطواف ويركع لكل واحد منها. وعند الحسن البصري والزُّهْرِيّ وعروة وَمَالِك وأَبِي حَنِيفَةَ وابن عمر وأَبِي ثَورٍ ومجاهد يكره ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا حضرت صلاة الجنازة وهو في الطواف لم يخرج إليها واستقل بطوافه، فإن خرج إليها بنى على طوافه ولا يستأنف. وعند أَبِي ثَورٍ أنه يستأنف الطواف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ يكره تلفيق أسابيع الطواف. وعند أَحْمَد في رِوَايَة لا يكره، وعنه رِوَايَة أخرى لا يكره بشرط أن يقطع على وتر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يكره للمرأة أن تطوف وهي متقنعة، وفعلته عائشة. وعند طاوس وجابر يكره لها ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يطاف بالمريض ويجزئ ذلك عنه. وعند عَطَاء في إحدى الروايتين يستأجر له من يطوف عنه.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طاف بصبي ونوى بالطواف عنه وعن الصبي، فإن الطواف يقع للمحمول دون الحامل، وإن نوى عن الصبي ولم ينو عن نفسه فقَوْلَانِ: أحدهما يقع عنه. والثاني يقع على الصبي. وعند مالك يقع للحامل دون المحمول. وعند الثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يقع عن الحامل والمحمول. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الرمل والاضطباع من الهيئات. وعند سفيان هو من الواجبات. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ركعتا الطواف سنة في أحد القولين، وهو قول مالك وَأَحْمَد، وواجبة في القول الآخر، وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يصلي هذه الصلاة خلف المقام، فإن فاته ففي الحرم، فإن فاته الحرم ففي أي موضع شاء. وعند الثَّوْرِيّ إن لم يفعلهما خلف المقام لم يعتد له بهما. وعند مالك يجب عليه الدم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نسي ركعتي الطواف حتى خرج من الحرم، أو رجع إلى بلده ركعها حيث شاء من حل أو حرم. وعند مالك إن لم يركعهما حتى رجع إلى بلده فعليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تجزئ الصلاة المكتوبة عن صلاة الطواف. وعند عَطَاء وجابر ابن زيد والحسن البصري وسعيد بن جبير وعبد الرحمن بن الأسود وإِسْحَاق وَأَحْمَد أنها تجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب للرجل أن يرمل على الصفا والمروة ولا يستحب ذلك للمرأة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة أبو عبد اللَّه الداعي والهادي وأبو طالب. وعند النَّاصِر منهم ترمل المرأة عليهما كالرجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يصلي عن الصبي الذي لا يعقل الصلاة ركعتي الطواف. وعند مالك لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وعائشة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ السعي ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به، ولا ينوب عنه الدم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ هو واجب وليس بركن، وينوب عنه الدم. وعند أَحْمَد في إحدى الروايتين لا شيء عليه، وفي الرِوَايَة الأخرى عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يضطبع في السعي. وعند أَحْمَد لا يضطبع.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب أن يسعى بين الصفا والمروة، يبدأ بالصفا وإذا بلغ إلى المروة احتسب له واحدة، وعند ابن جرير لا يحتسب له واحدة حتى يعود إلى الصفا، وهو قول أبي بكر الصيرفي وابن خيران الشَّافِعِيّين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا بدأ بالمروة لم يعتد به بذلك الشوط. وعند عَطَاء في إحدى الروايتين إن جهل أجزأ عنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدَّم السعي على الطواف لم يجزئه. وعند عَطَاء وبعض أصحاب الحديث يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يسعى ماشيًا ويجوز راكبًا لعذر ولغير عذر. وعند عروة بن الزبير وعائشة يكره له ذلك راكبًا. وعند أَبِي ثَورٍ لا يجزئه وعليه إعادته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يعيد إن كان بمكة، وإن رجع إلى بلده أجزأه وعليه دم. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وابن عمر إذا أقيمت الصلاة وهو في السعي جاز له قطع السعي ويشتغل بالصلاة، فإذا فرغ منها بنى من حيث قطع. وعند مالك يمضي في سعيه ولا يقطعه إلا أن يخاف فوات وقت الصلاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يسعى متطهرًا، فإن سعى محدثًا أجزأه. وعند الحسن إن ذكر قبل أن يحل فليعد السعي، وإن ذكر بعد ما حل لا شيء عليه. وعند الثَّوْرِيّ لا يجوز السعي إلا بطهارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز لمن أحرم من مكة إذا طاف طواف الوداع عند خروجه إلى منى أن يسعى بين الصفا والمروة ويجزئه ذلك، والأولى أن يؤخره ليأتي عقب طواف الزيارة. وعند مالك وَأَحْمَد وإِسْحَاق لا يجوز لمن أحرم من مكة أن يقدم السعي بين الصفا والمروة قبل خروجه إلى منى، فإن فعل ذلك لم يجزه، ويلزمه الإعادة. وإنما يجوز ذلك للقادم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يسنُّ لأهل مكة الرمل والطواف. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق لا يسنُّ لهم ذلك. مسألة: عند الشَّافِعِيّ إذا قدَّم السعي رمل في الطواف ولا يعيده في طوافه للإفاضة، وإن أخَّر السعي إلى يوم النحر رمل في طواف الإفاضة. وعند الشَّافِعِيّ أيضًا وَأَحْمَد وعبد الملك الْمَاجِشُون وأصحابه وابن عمر وجابر بن عبد الله وعَطَاء وطاوس ومجاهد

والحسن ورَبِيعَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وَمَالِك وَأَحْمَد وإِسْحَاق القارن بين الحج والعمرة يقتصر على طواف واحد ويسعى، ويستحب له طوافين وسعيين. وعند الشعبي والنَّخَعِيّ وجابر ابن زيد وعبد الرحمن بن الأسود والثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والحسن بن صالح بن حيي وعلي وابن مسعود يجب عليه أن يأتي بطوافين وسعيين، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وشرح مذهب أَبِي حَنِيفَةَ أنه إذا دخل مكة طاف وسعى للعمرة، ولا يحلق حتى يطوف ويسعى يوم النحر، ثم يحلق ويتحلل منهما في حالة واحدة، فإن لم يطف ولم يسع للعمرة حتى وقف بعرفة ارتفصت عمرته، وصح له الحج، ولزمه قضاء العمرة ويجب عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا وقف القارن بعرفة قبل طواف العمرة لم ترتفص عمرته، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ترتفص عمرته، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يستحب للإمام أن يخطب في اليوم السابع من ذي الحجة بمكة بعد صلاة الظهر، ويأمر الناس بالعدو إلى منى من الغد. وعند أَحْمَد لا تسن الخطبة في اليوم السابع من ذي الحجة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا زالت الشمس يوم التاسع خطب خطبة خفيفة وجلس، ثم يقوم إلى الخطبة الثانية ويأخذ المؤذن في الأذان والإمام في الخطبة الثانية حتى يكون فراغ الإمام مع فراغ المؤذن من الأذان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يأمر المؤذن بالأذان، ثم يخطب بعده كالجمعة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا فاته الجمع بعرفات مع الإمام جمع وحده. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له أن يجمع وحده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أهل مكة ومن فيها من المقيمين لا يجوز لهم القصر، وكذا لا يجوز للإمام إذا كان مقيمًا القصر، ويتم من خلفه من المسافرين. وعند مالك يجوز القصر بعرفة للمسافرين وأهل مكة ومن بها من المقيمين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وادي عرفة ليس هو من عرفة، فمن وقف به لم يجزه. وعند مالك هو من عرفة، ويجوز الوقوف به وعليه دم، وبه قال ابن الصبَّاغ من الشَّافِعِيَّة.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وعامة أهل العلم أن أول وقت الوقوف من زوال الشمس يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر. وعند مالك الاعتماد في الوقوف هو الليل، والنهار تبع له. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أدرك جزءًا من زمان الوقوف أجزأه، ليلا كان أو نهارًا. وعند مالك إن وقف بالليل دون النهار أجزأه. وعند أَبِي ثَورٍ لا يجزئه، وبه قال ابن الوكيل من الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا وقف وهو مغمى عليه لم يجزه. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رأى هلال ذي الحجة واحد أو اثنان فرد الحاكم شهادتهما. فإن الشهود يقفون يوم التاسع على حكم رؤيتهم، ويقف الناس يوم العاشر عندهما، فإن وقف الشاهدان مع الناس يوم العاشر ولم يقفا يوم التاسع عندهما لم يجزهما ذلك. وعند مُحَمَّد إن وقفا يوم العاشر مع الناس أجزأهما، وإن وقفا يوم التاسع لم يجزهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخطأ عرفة من وقف بها في غير عرفة لم يجزه. وعند عَطَاء والحسن وأَبِي حَنِيفَةَ يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ذهب من عرفات قبل غروب الشمس ولم يعد إليها حتى طلع الفجر الثاني من يوم النحر أراق دمًا، وهل هو واجب أو مستحب؟ قَوْلَانِ: أحدهما أنه واجب، وبه قال عَطَاء والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ وأبو ثور وَأَحْمَد، والثاني أنه مستحب. وعند الحسن يلزمه هدْي من الإبل. وعند ابن جريج يلزمه بدنة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عاد إلى عرفات قبل طلوع الفجر من يوم النحر سقط عنه الدم. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ إن عاد قبل غروب الشمس فأقام حتى غربت الشمس يسقط عنه الدم، وإن عاد بعد ذلك لم يسقط عنه الدم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق والثَّوْرِيّ وابن جريج ويَحْيَى بن سعيد القطان لا يجوز لأهل مكة أن يقصروا الصلاة بمنى. وعند مالك والْأَوْزَاعِيّ وسفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن مهدي أنه يجوز لهم أن يقصروا الصلاة بمنى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَبِي يُوسُفَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا دفع من عرفات

فالمستحب أن يؤخر المغرب إلى وقت العشاء ليجمع بينهما بالمزدلفة، فإن صلى كل واحدة منهما في وقتها جاز. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والثَّوْرِيّ وجابر ومُحَمَّد لا يجوز أن يصلي المغرب في وقتها، فإن صلاها في وقتها أعاد بالمزدلفة في وقت العشاء. وعند الزَّيْدِيَّة لا يجوز أن يصلي المغرب والعشاء في غير المزدلفة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة أقام لكل واحدة منهما، وهل يؤذن للأولى؟ فيه الأقوال التي قدمناها في باب الأذان. وعند أَحْمَد وأَبِي ثَورٍ يؤذن أذانًا واحدًا ويقيم لكل واحدة منهما. وعند مالك وعمر وابن مسعود يصليهما بأذانين وإقامتين. وعند الثَّوْرِيّ وابن عمر يجمع بينهما بإقامة واحدة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعامة العلماء المبيت بمزدلفة نسك واجب وليس بركن في الحج. وعند الشعبي والحسن البصري وَمَالِك والنَّخَعِيّ هو ركن لا يتم الحج إلا به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا دفع من المزدلفة قبل نصف النهار أراق دمًا، وفي وجوبه قَوْلَانِ: أحدهما أنه واجب، وبه قال عَطَاء والزُّهْرِيّ وقتادة وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور. والثاني أنه مستحب، وبه قال أبو حَنِيفَةَ. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وابن عمر المستحب أن يأخذ الحصى لرمي جمرة العقبة من المزدلفة. وعند عَطَاء وَمَالِك وَأَحْمَد يأخذ الحصى من حيث شاء. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء أن الوقوف على المشعر الحرام ليس بركن من أركان الحج ولا واجب فيه، بل هو سنة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر ويَحْيَى والمؤيد. وعند الْإِمَامِيَّة هو ركن من أركان الحج جاز مجرى الوقوف بعرفة. وعند القاسم من الزَّيْدِيَّة هو واجب. مسألة: عند الشَّافِعِيّ وكافة العلماء أن من فاته الوقوف بعرفة وأدرك الوقوف بالمشعر الحرام أنه لا يجزئه عن الوقوف بعرفة. وعند الْإِمَامِيَّة أن ذلك يجزئه عن الوقوف بعرفة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يجوز الدفع من مزدلفة بعد نصف الليل. وعند أبي حَنِيفَةَ يجب عليه أن يقيم بالمزدلفة حتى إلى طلوع الفجر، فإن دفع قبل طلوع الفجر لعذر فلا شيء عليه، ولغير عذر فعليه دم. وعند مالك إن مرَّ بها فعليه دم وإن نزل بها ثم دفع عنها فلا دم عليه، سواء دفع قبل نصف الليل أو بعده.

مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وعكرمة وَأَحْمَد المستحب أن يرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس، ويجوز رميها بعد نصف الليل إلى غروب الشمس. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز رميها إلا بعد طلوع الفجر الثاني. وعند مجاهد والنَّخَعِيّ والثَّوْرِيّ وأكثر الصحابة والتابعين لا يجوز رميها إلا بعد طلوع الشمس. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء ما بين جمرة العقبة وموضع الرامي ليس بمقدَّر. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يتقدر بخمسة أذرع. وعند القاسم منهم يتقدر بعشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة يستحب أن يرمي جمرة العقبة في يوم النحر راكبًا. وعند القاسم من الزَّيْدِيَّة يرميها ماشيًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وَأَحْمَد والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يقطع الحاج التلبية إلا مع أول حصاة يرمي بها جمرة العقبة، ويبتدئ بالتكبير، وكذا المعتمر لا يزال يلبي حتى يفتتح الطواف، وبهذا قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند مالك وابن عمر لا يلبي الحاج بعد الوقوف، بل يقطعها عند زوال الشمس يوم عرفة، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والباقر والصادق. وعن مالك رِوَايَة أخرى كقول الشَّافِعِيّ. وأما المعتمر فإن أنشأ العمرة من الميقات فإنه يقطع التلبية إذا دخل الحرم، وإن أحرم بها من أدنى الحل قطع التلبية إذا رأى البيت، وبهذا قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة والصادق والْإِمَامِيَّة. وعند عروة بن الزبير والحسن وابن عمرو أيضًا إذا دخل المعتمر الحرم قطع التلبية، وبهذا قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والصادق والْإِمَامِيَّة. وعند سعيد بن المسيب يلبي المعتمر حتى يرى عروش مكة. وعند سعد بن أبي وقاص وعائشة في الحاج أنه يقطع التلبية إذا راح إلى الموقف. وعند على وأم سلمة يقطع الحاج التلبية ظهر يوم عرفة. وعند الحسن البصري يلبي الحاج حتى يصلي الغداة يوم عرفة، فإذا صلى الغداة أمسك عنها. وعند ابن عَبَّاسٍ وميمونة وعَطَاء وطاوس وسعيد بن جبير والنَّخَعِيّ يقطع التلبية إذا فرغ من الجمرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد والْإِمَامِيَّة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز الرمي إلا بالحجر، فإن رمى بغيره من الكحل والزرنيخ والتوت وإن كان متحجرًا، أو رمى بذهب أو فضة لم يجزه ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز الرمي بكل ما كان من جنس الأرض كالكحل والزرنيخ والتوت إلا الذهب والفضة، فإنه لا يجوز الرمي بهما. وعند داود

وأهل الظاهر يجوز الرمي بكل شيء حتى لو رمى بعصفور ميت أجزأه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء لا يتعين صورة الحذف في الرمي بل يستحب ذلك لا غير. وعند الْإِمَامِيَّة يتعين ذلك فلا يجزئه غيره. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يكره أن يرمي بما رمى به، فإن رمى به أجزأه، سواء كان هو الذي رمى به أو غيره. وعند أَحْمَد لا يجزئه. وعند الْمُزَنِي يجوز أن يرمي بما رمى به غيره، ولا يجوز أن يرمي بما رمى هو به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والفقهاء إذا رمى سبع حصيات دفعة واحدة لم يجز إلا عن حصاة واحدة، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند عَطَاء يجزئه لكن يكبر لكل حصاة تكبيرة، وعند الأصم يجزئه وعند الحسن إذا كان جاهلاً أجزأه. وعند سائر الزَّيْدِيَّة لا يجزئه ويلزمه استئناف السبع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا رمى بحصاة فوقعت على ثوب إنسان فنفضها فوقعت في المرمى لم يجزه وعند أَحْمَد يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء يستحب أن يرمي يوم النحر راكبًا، وكذا في يوم الثالث من أيام التشريق، ويرمي في اليومين الأولين من أيام التشريق ماشيًا. وعند أكثر العلماء يستحب أن يرمي ماشيًا في جميع ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الحلاقة نسك أو استباحة محظور قَوْلَانِ: أصحهما أولهما، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ، والقول الثاني أنه استباحة محظور. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أقل ما يجزئ أن يحلق ثلاث شعرات، والمستحب حلق جميعه. وعند مالك وَأَحْمَد يجب حلق جميعها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ - رحمه الله - أقل ما يجزئه الربع، وعند أَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجزئ ما يجزئ في مسح الرأس في الطهارة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أراد الحلق بدأ الحالق بشقه الأيمن ثم الأيسر. وعند أبي حَنِيفَةَ يبدأ بشقه الأيسر، فاعتبر الشَّافِعِيّ يمين المحلوق، واعتبر أبو حَنِيفَةَ يمين الحالق. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم يكن على رأسه شعرًا استحب له إمرار الموسى على رأسه ولا يجب ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب أن يبدأ يوم النحر بالرمي، ثم ينحر، ثم يحلق، ثم يطوف، فإن قدم الطواف على الرمي، أو النحر على الرمي أجزأه

ولا شيء عليه، وإن حلق قبل أن يرمي فعليه دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن قدَّم الحلق على النحر، فإن كان مفردًا فلا شيء عليه، وإن كان قارنًا أو متمتعًا فعليه دم. وعند أحمد الترتيب فيما ذكرنا واجب، فإن حلق قبل الذبح أو قبل الرمي، فإن كان ناسيًا أو جاهلاً فلا شيء عليه، وإن كان عامدًا فعليه دم في إحدى الروايتين. ونقل الترمذي عن أحمد موافقة الشَّافِعِيّ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أخَّر الحِلَاق عن أيام التشريق فلا دم عليه. وعند أبي حَنِيفَةَ عليه دم، وهو رِوَايَة أيضًا عن أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ المستحب أن يكون نحر الهدْي في موضع التحلل، فإن كان معتمرًا فعند المروة، وإن كان حاجًّا فبمنى، وحيث نحرا من فجاج مكة أجزأهما، وعند مالك لا يجزئ المعتمر النحر إلا عند المروة، والحاج إلا بمنى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يخطب الإمام بعد الظهر يوم النحر بمنى ويعلم الناس المناسك. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يستحب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أول وقت طواف الزيارة من النصف الثاني من ليلة النحر، وآخره ليس بمحدود، ففي أي وقت طاف أجزأه ولا دم عليه. وعند أبي حَنِيفَةَ أول وقته طلوع الفجر الثاني من يوم النحر، وآخره اليوم الثاني من آخر أيام منى، فإن أخره إلى اليوم الثالث من أيام منى لزمه دم، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة إذا تركه وخرج من مكة فلا دم عليه. وعند الهادي منهم عليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يطف طواف الزيارة وطاف للوداع وقع عن طواف الزيارة. وعند أَحْمَد لا يجزئه ويقع عما عيَّنه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ أن تعيين النية لا يجب في طواف الزيارة وعند أَحْمَد يجب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المتمتع يحل بعد الفراغ من العمرة، سواء ساق الهدْي أم لا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة الهادي. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه إذا ساق الهدْي لا يصير حلالاً حتى يفرغ من أعمال حجه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر وزيد بن علي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا تحلل التحلل الأول فلا يباح الوطء في الفرج قولاً واحدًا. وفى دواعيه وعقد النكاح والاصطياد والطيب قَوْلَانِ. ويباح له ما عدا ذلك قولاً

واحدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد يباح له جميع المحظورات إلا الجماع في الفرج خاصة، وظاهر كلام أصحاب أَحْمَد أنه يمنع من الوطء ودواعيه، ونقل الترمذي عن أحمد وإِسْحَاق موافقة الشَّافِعِيّ. وعند الْإِمَامِيَّة إذا طاف طواف الزيارة فقد تحلل من كل شيء كان منه محرمًا إلا النساء، وليس له وطئهن إلا بطواف آخر متى فعله حللن له، وهو الذي يسمونه طواف النساء. وعند يَحْيَى منهم لا يحل له الوطء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وابن عَبَّاسٍ يستحب رفع اليدين في الدعاء عند رمي الجمرتين. وعند مالك لا يرفع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك الوقوف للدعاء عند الجمرتين فلا شيء عليه. وعند الثَّوْرِيّ يطعم أو يهرق دمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك لا يجوز رمي الجمار إلا مرتبًا، يبدأ بالأولى وهي التي تلي مسجد الخيف، ثم بالوسطى، ثم بالسفلى وهي جمرة العقبة. وعند عَطَاء والحسن وأَبِي حَنِيفَةَ هذا الترتيب مستحب، فإن رمى منكسًا أجزأه. وعند أحمد رِوَايَة في الناسي أنه يجزئه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وقت الرمي من أيام التشريق بعد الزوال، فإن رمى قبل ذلك لم يعتد به. وعند عَطَاء إن جهل فرمى قبل الزوال أجزأه. وعند طاوص إن شاء رمى أول النهار ونفر. وعند عكرمة إن شاء رمى من أول النهار ولكن لا ينفر إلا بعد الزوال. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أن يرمي في اليوم الثالث قبل الزوال استحسانًا، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة، وحكى عن أَبِي حَنِيفَةَ يجوز أيضًا في اليوم الأول والثاني الرمي من قبل الزوال، والمشهور عنه الأول. وعند إِسْحَاق إن رمى في اليوم الأول والثاني قبل الزوال أعاد، وإن رمى في اليوم الثالث قبل الزوال أجزأه. وعنده أيضًا إن رمى بعد طلوع الشمس يوم النفر الأول فلا شيء عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أخر الرمي إلى الليل فإنه لا يلزمه شيء، فإن رمى بالليل أجزأه، وإن أخره إلى الغد ورمى من الغد أجزأه على أصح القولين، وبه قال أحمد. وعند ابن عمر وَأَحْمَد في رِوَايَة وإِسْحَاق إذا فاته الرمي حتى غربت الشمس لم يرم بالليل، ويرمى من الغد بعد الزوال. وعند عَطَاء لا يرمى بالليل إلا رعاء الإبل، وأما التجار فلا. وعند مالك والثَّوْرِيّ إذا تركه بالنهار رماه ليلاً وعليه دم. وعند أَحْمَد إن تعمَّد تركه إلى الليل رمى وعليه دم. وعنده أيضًا إذا أخر رمي جمرة العقبة متعمدًا

فعليه دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا أخر إلى الليل رمى بالليل ولا شيء عليه، فإن لم يذكر بالليل حتى جاء الغد فعليه أن يرميها وعليه دم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند أبي يوسف ومُحَمَّد لا دم عليه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك حصاة من اليوم الثالث فيها ثلاثة أقوال ذكرناها في السعي، وإن ترك ثلاث حصيات فما زاد لزمه دم، وإن ترك جميع الجمرات فأصح القول أن عليه دم واحد. وعند أَحْمَد إن ترك حصاة فيها روايات: إحداها: مد من طعام. والثانية: قبضة من طعام. والثالثة: لا شيء عليه. والرابعة: عليه دم، وبها قال مالك، ووافق أَحْمَد الشَّافِعِيّ في أنه إذا ترك ثلاث حصيات يلزمه دم. وعند مالك في الموطأ إذا نسي جمرة في بعض أيام منى فلم يذكرها حتى صدر فعليه دم الهدْي، وحكى القاسم عن مالك أنه إن ترك حصاة أراق دمًا، أما في جمرة أو في الجمار كلها فبدنة، فإن لم يجد فبقرة وعند الحسن البصري إذا ترك جمرة واحدة تصدق على مسكين. وعند أَحْمَد وإِسْحَاق إذا رمى الجمار بست فلا شيء عليه. وعند مجاهد إن ترك حصاة أو حصاتين فلا شيء عليه. وعند طاوس من رمى الجمار بست يطعم تمرة أو لقمة. وعند الحكم وحماد والْأَوْزَاعِيّ وعبد الملك الْمَاجِشُون إن ترك حصاة أو حصاتين فعليه دم. وعند عَطَاء من رمى الجمار بست فإن كان موسرًا أراق دمًا، وإن كان معسرًا صام ثلاثة أيام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن ترك حصاة أو حصاتين أو ثلاثًا أو أربعًا فعليه صدقة نصف صاع لكل حصاة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك إذا ترك المبيت ليالي منى أيام التشريق فعليه دم. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا دم عليه. وعند أَحْمَد ثلاث روايات: إحداها كقول الشَّافِعِيّ. والثانية كقول أَبِي حَنِيفَةَ. والثالثة عليه صدقة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا تختص الرخصة لأهل السقاية بأهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعند مالك تختص، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ المستحب أن يخطب الإمام بعد ظهر اليوم الثاني من أيام التشريق يوم النفر الأول. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يستحب ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا لم يتعجل في اليوم الثاني حتى غربت الشمس لزمه المقام والمبيت حتى يرمي في اليوم الثالث. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز له أن يتعجل قبل طلوع الفجر ولا دم عليه. وعند الحسن البصري وداود إن أقام حتى دخل وقت العصر

لم يلزمه أن يتعجل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الرمي واجب فيجبر بالدم عند فواته وليس بركن، وبه قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ، وعند عبد الملك الْمَاجِشُون هو ركن لا يتم الحج إلا به. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ النزول بالمحصَّب - وهو موضع بين منى ومكة - ليلة الرابع عشر مستحب وليس بنسك. وعند عمر بن الخطاب وأَبِي حَنِيفَةَ أنه نسك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عجز المريض عن الرمي بنفسه جاز أن يستنيب غيره في الرمي، ويجزئ عنه ولا شيء عليه. وعند مالك يجزئه وعليه دم، وحين يرمى عنه فيكبر سبع تكبيرات لكل جمرة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل طواف الوداع نسك يجب بتركه الدم؟ قَوْلَانِ: أحدهما أنه نسك يجب بتركه الدم، وبه قال الحسن وعَطَاء والحكم وحماد والثَّوْرِيّ وأبو حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد وإِسْحَاق وأبو ثور. والثاني أنه ليس بنسك ولا يجب بتركه الدم بل يستحب، وبه قال مالك. واختلفت الرِوَايَة عن مجاهد فروى عنه مثل قول الحسن ومن وافقه، وروى عنه مثل قول مالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجب طواف الوداع على كل من خرج إلى منزله قريبًا كان من مكة أو بعيدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب على من كان في المواقيت أو دونها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا طاف للوداع، ثم حضرت صلاة مكتوبة فصلاها لم يلزمه إعادة الطواف، وعند عكرمة يلزمه إعادة الطواف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا طاف الوداع ثم أقام بمكة لشراء متاع، أو عيادة مريض، أو زيارة صديق وما أشبه ذلك لزمه إعادة الطواف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه أن يعيد ولو أقام شهرًا أو شهرين. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي يُوسُفَ إذا فرغ الأفاقي من أفعال الحج ونوى الإقامة بمكة فإنه لا وداع عليه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إن نوى الإقامة بعد أن رحل له النفر الأول لم يسقط عنه طواف الوداع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا خرج ولم يطف طواف الوداع عاد وطاف، فإن كانت المسافة التي عاد منها لا يقصر فيها الصلاة سقط عنه الدم، وإن كانت تقصر فيها الصلاة لم يسقط عنه الدم، وعند عَطَاء إن عاد بعد ما خرج من الحرم لم يسقط عنه الدم، وإن

عاد قبل أن يخرج من الحرم يسقط عنه الدم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ ليس على المعتمر الخارج إلى التنعيم وداع. وعند الثَّوْرِيّ إن لم يودع فعليه دم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وإِسْحَاق يجوز للحائض أن تنفر بغير وداع. وعند عمر وابن عمر وزيد بن ثابت عليها أن تقيم حتى تطهر، ثم تطوف للوداع. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يحبس الجمَّال لأجل المرأة الحائض إذا لم يكن طاف طواف الإفاضة ويقال لها احملي مكانك مثلك. وعند مالك تحبس أيضًا ما يحبسها الدم، ثم تستظهر بثلاثة أيام. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء مكة أفضل من المدينة. وعند مالك، ثم أَحْمَد في رِوَايَة المدينة أفضل من مكة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك لا يكره المجاورة بمكة بل يستحب. وعند أبي حَنِيفَةَ يكره. * * *

باب الفوات والإحصار

باب الفوات والإحصار مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عمر وزيد بن ثابت وابن عَبَّاسٍ من فاته الحج لزمه أن يتحلل بعمل عمرة، وهو الطواف والسعي والحلاق، ولا ينقلب ذلك إلى عمرة، ويسقط عنه توابع الحج وهو المبيت والرمي ويلزمه القضاء وشاة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إلا في الفدية فإنهما قالا: لا فدية عليه. وعند أَحْمَد وأبي يوسف ينقلب إحرامه إلى العمرة ويتحلل بها ويجزئه عن عمرته، ولا دم عليه، ويقضي الحج من قابل. وعن مالك ثلاث روايات: إحداهن كقول الشَّافِعِيّ، والثانية لا قضاء عليه كالمحصر، والثالثة يبقى على إحرامه إلى العام القابل، وبها قال أَكْثَر الْعُلَمَاءِ وبعض أصحاب أحمد. وعند الْمُزَنِي يلزمه أن يأتي بما بقي من أفعال الحج من المبيت والرمي. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا فاته حج التطوع كان عليه القضاء. وعند أَحْمَد في رِوَايَة لا قضاء عليه. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ هل يخرج الدم في سنة القضاء أو في سنة الفوات؟ وجهان، وبأولهما قال أحمد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم بالعمرة وأحصر جاز له التحلل، وعند مالك لا يجوز له التحلل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا صد عن الحرم فتحلل، وكان الحصر عامًا والحج الذي أحرم به تطوعًا فلا قضاء عليه، وإن كان واجبًا في هذه السنة فلا قضاء عليه، وإن كان وجوبه سابقًا فهو باق في ذمته. وعند مجاهد والشعبي وعكرمة وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد في رِوَايَة يلزمه القضاء، سواء كان الإحرام تطوعًا أو واجبًا. وعند عَطَاء إن شاء أتى بحجة، وإن شاء أتى بعمرة، والحج أحب إليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أهل مكة المقيمون بها إذا أحرموا بالحج وصدوا عن عرفة جاز لهم التحلل. وعند مالك لا يجوز لهم ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الإحصار بالعدو دون المرض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون الإحصار

بهما أو بأحدهما. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للمحصر أن يتحلل بغير هدْي. وعند مالك يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ المحصر في الحل إذا لم يمكنه سوق الهدْي إلى الحرم جاز له نحره في الحل ويتحلل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجوز له نحره في الحل، ويلزمه أن يبعث به إلى الحرم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَبِي حَنِيفَةَ يجوز له أن يذبح ويتحلل قبل يوم النحر، لكن أبا حَنِيفَةَ يقدر له مدة، فإذا مضت تلك تحلل، فإن وافق التحلل بعد الإحرام حلَّ، وإن وافق قبل النحر لم يحل. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد لا يجوز له نحره إلا في يوم النحر، وبه قال أَحْمَد في رِوَايَة. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا عدم المحصر الهدْي هل له بدل؟ قَوْلَانِ: أحدهما ليس له بدل ينتقل إليه، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، وأصحهما له بدل ينتقل إليه، وبه قال أحمد ومالك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا لا بدل له فليس له التحلل قبل وجود الهدْي، أو الصوم على أحد القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. والثاني: يتحلل في الحال ويثبت الهدْي في ذمته. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا له بدل ففي ذلك البدل ثلاثة أقوال: أحدها الصوم، وبه قال أحمد. والثاني الطعام. والثالث يتخير بين الطعام والصيام. مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إذا قلنا بدله الصوم فما هو؟ فيه ثلاثة أوجه: أحدها صوم المتمتع وهو عشرة أيام، وبه قال أحمد. والثاني: صوم التعديل. والثالث: صوم فدية الأذى. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ لا يجوز للمحرم أن يتحلل بالمرض. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه يجوز له ذلك. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا أحصر عن البيت بعد الوقوف بعرفة فله التحلل. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له ذلك.

مَسْأَلَةٌ: فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يجوز أن يشرط التحلل لغرض صحيح بأن يقول: إذا مرضت تحللت على أصح الطريقين، وبه قال أَحْمَد وإِسْحَاق والْإِمَامِيَّة. ولا يجوز ذلك فى القول الآخر، وبه قال الزُّهْرِيّ وَمَالِك وأبو حَنِيفَةَ وعائشة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الأمة المزوجة ليس لها أن تحرم بغير إذن زوجها وسيدها، ولا يجزئها في الإحرام إذن أحدهما. وعند مُحَمَّد بن الحسن إذا أذن لها السيد جاز لها أن تحرم، وإن لم يأذن لها الزوج. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ للزوج منع زوجته الحرة من الحج الواجب في أحد القولين، وليس له منعها في القول الثاني، وبه قال مالك وأبو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أحرم العبد بإذن سيده، ثم باعه لم يكن للمشتري أن يحلله. وعند أَبِي يُوسُفَ له أن يحلله مع قوله أن السيد الأول ليس له أن يحلله. وعند مُحَمَّد لا يكره له تحليله مع قوله أن السيد الأول يكره له تحليله. * * *

باب الهدي

باب الهدْي مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وَمَالِك وابن عمر إذا كان الهدى بدنة أو بقرة استحب له تقليده نعلين وإشعاره، وعند سعيد بن جبير لا يشعر البقر، وهو قول مالك إذا لم يكن لها سنام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ الإشعار لا يجوز. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ والثَّوْرِيّ وإِسْحَاق وابن عمر الإشعار هو أن يشق صفحة سنامه الأيمن. وعند سالم بن عبد اللَّه وَمَالِك وأَبِي يُوسُفَ يشق صفحة سنامه الأيسر. وعند مجاهد وَأَحْمَد وإِسْحَاق يشق من أي جانب شاء، وبالوشم يشم من أي جانب شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد إذا كان الهدْي من الغنم استحب تقليدها خرب القرب، وهي عراها: الخلقة البائسة، ولا يقلدها النعال ولا يشعرها. وعند مالك وأبي حَنِيفَةَ لا يستحب تقليدها الخرب ولا النعال. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الهدْي نذرًا معينًا زال ملكه عنه ولم يجز له التصرف فيه ولا إبداله. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يزول ملكه عنه وله التصرف فيه وإبداله، فإن باعه اشترى بثمنه هدْيًا مكانه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ إذا كان الهدْي تطوعًا فهو باق على ملكه وتصرفه إلى أن ينحر. وعند بعض المالكية أنه يصير بالإشعار والتقليد واجبًا حتى أنه لو كان قد أحرم بالعمرة وساق هدْيًا تطوعًا ثم أحرم بالحج لم يجز أن يصرفه إلى قرانه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض الصحابة والتابعين إذا قلد هدْيه لم يصر بذلك محرمًا. وعند ابن عَبَّاسٍ وابن عمر والنَّخَعِيّ والشعبي وابن المنذر أنه يصير بذلك محرمًا. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا نذر هدْيًا وساقه وهو مما يركب فلا يركبه إذا لم يضطر إلى ذلك، وتركه إذا اضطر إليه، وله أن يركبه من إعياء، وإن نقص منه شيء بالركوب ضمنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له ركوبه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يجوز له أن يشرب من لبنه ما يفصل عن ولده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يشرب من لبنه شيئًا، بل يرش على الضرع الماء

حتى ينقطع اللبن إذا لم يكن ثَم ولده. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا أتلف المهدي الهدْي المنذور، أو أخر ذبحه حتى مات لزمه ضمانه بأكثر الأمرين من قيمته، أو هدْي مثله. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يجب عليه قبضه يوم التلف. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر هدْيًا فذبحه آخر بغير إذنه وقع الموقع على أصح القولين، وبه قال أبو حَنِيفَةَ، ويلزم الذابح أرش ما نقص. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يلزمه ذلك. والقول الثاني إن شاء جعله عن الذابح وأخذ قيمته، وإن شاء أخذه وما نقص من قيمته. وعند مالك لا يلزمه المهدي، ويلزمه هدْي بدله، وأضحية إن كانت أضحية وله على الأجنبي الأرش ويكون شاة لحم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وابن عمر وابن عَبَّاسٍ إذا ضلَّ الهدْي الذي عيَّنه عما في ذمته لزمه إخراج ما في ذمته، فإذا عاد الضال لزمه إخراجهما جميعًا. وعند الثَّوْرِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ الأفضل أن ينحرهما جميعًا، فإن نحر الأول وباع الآخر أجزأه، واختاره من الشَّافِعِيَّة القاضي أبو الطيب. وعند الحسن وعَطَاء إن نحر الأخير ثم وجد الضال فعل به ما شاء. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعائشة وابن عَبَّاسٍ ليس من شرط الهدْي إيقافه بعرفات، وروى عن ابن عمر أنه كان لا يرى الهدْي إلا ما عرف به، ووقف مع الناس لا يدفع به حتى يدفع الناس. وعند سعيد بن جبير البدن والبقر لا يصلح ما لم يعرف. وعند مالك يستحب للقارن أن يسوق هدْيه من حيث يحرم، فإن ابتاعه دون ذلك مما يلي مكة فلا بأس بذلك بعد أن يوقفه بعرفات، وقال في هدى المجامع: إن لم يكن ساقه فيستره بمكة، ثم ليخرجه إلى الحل وليسقه منه إلى مكة ولينحره بها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإِسْحَاق إذا عطب الهدْي فلا يأكل هو ولا أحد من أهل رفقته، ويخفَى بينه وبين المساكين يأكلونه، وقد أجزأ عنه، فإن أكل منه شيئًا غرم مقدار ما أكل منه. وعند بعض العلماء يضمن ما أكل. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الهدْي الواجب الذي يجب إبداله إذا عطب يجوز له التصرف فيه بجميع التصرفات من الأكل والبيع وغير ذلك. وعند مالك لا يجوز له التصرف فيه بالبيع.

مسألة: لا يختلف العلماء أن الأيام المعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وأما الأيام المعلومات فعند الشَّافِعِيّ أنها العشر الأول من ذي الحجة وآخرها يوم النحر. وعند مالك الأيام المعلومات يوم النحر ويومان بعده، الحادي عشر والثاني عشر عنده من المعلومات. وعند أَبِي حَنِيفَةَ المعلومات ثلاثة أيام يوم عرفة ويوم النحر ويوم بعده. وعند علي وابن عبَّاس المعلومات أربعة أيام: يوم عرفة، ويوم النحر، ويومان بعده. وروى عن أحمد وعن ابن عمر أن الأيام المعلومات أربعة: يوم النحر، وثلاثة أيام بعده واستحسن ذلك أحمد. وفائدة هذا الخلاف أنه يجوز عند الشَّافِعِيّ ذبح الهدايا والضحايا في أيام التشريق كلها. وعند مالك لا يجوز في اليوم الثالث. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا نذر هديَا لا يعينه، ثم ذبح هدْيًا وتلف اللحم بسرقة ونحوها لزمه الإعادة وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ لا إعادة عليه. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز أن يأكل من الهدْي الواجب ويأكل من هدْي التطوع. وعند ابن عمر لا يؤكل من النذر ولا من جزاء الصيد. وعن الحسن قول ثان: أنه يأكل من جزاء الصيد ونذر المساكين. وعند الْأَوْزَاعِيّ يكره أن يؤكل من الهدْي ما كان من جزاء الصيد وفدية الأذى أو كفارة، ويؤكل ما كان من هدْي التطوع أو استمتاع أو نذر. وعند الحكم يأكل من الجميع. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يأكل من هدْي القِرَان والتمتع والتطوع، ولا يأكل مما سوى ذلك. وعند جابر لا يؤكل من هدْي التطوع، فإن أكل منه وجب الغرم على الآكل. * * *

باب الأضحية

باب الأضحية مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأبي بكر وعمر وأبي مسعود البدري وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وبلال وسعيد بن المسيب وعَطَاء وعلقمة والأسود وَأَحْمَد وإِسْحَاق وسويد بن غفلة وأَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد وَمَالِك في رِوَايَة وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأضحية سنة وليست بواجبة. وعند رَبِيعَة والثَّوْرِيّ والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك هي واجبة، كذا نقله عنهم صاحب البيان والمعتمد، ونقل الشاشي عن أَبِي حَنِيفَةَ وجوبها على المقيمين من أهل الأمصار، قال: ويعتبر في وجوبها النصاب، قال: وهو قول مالك والثَّوْرِيّ. ثم قال: ولم يعتبر مالك الإقامة، وهذا النقل أصح. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وبعض العلماء تصح الأضحية عن الميت. وعند بعضهم لا تصح عنه. وعند ابن الْمُبَارَك الأحب أن يتصدق عنه ولا يضحى، فإن ضحَّى عنه فلا

يؤكل منها شيء، ويتصدق بها كلها. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وداود وقت الأضحية إذا طلعت الشمس ومضى قدر صلاة العيد والخطبتين، فإذا مضى ذلك جاز أن يضحى، سواء صلى الإمام أو لم يصلِّ. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد هي مرتبة على فراغ الإمام من الصلاة والخطبتين، فما لم يصل الإمام ويخطب لا يضحى. وروى أشهب عن مالك أنه قال: لا ينحر حتى ينحر الإمام، فإذا ذبح قبل الإمام أعاده. وعند الثَّوْرِيّ إذا فرغ الإمام من الصلاة جاز له أن يضحي والإمام يخطب. وعند عَطَاء وقتها إذا طلعت الشمس. وعند ابن الْمُبَارَك وبعض العلماء إذا طلع الفجر. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لا يجوز لأهل السواد البادية أن يضحوا قبل طلوع الشمس. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وإِسْحَاق وعَطَاء يجوز لهم ذلك. وعند مالك وقتها في حقهم يعتبر بأقرب البلاد إليهم. مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعلي وقت الأضحية يوم النحر وأيام التشريق بعده. وعند أبي حَنِيفَةَ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وَأَحْمَد وابن عَبَّاسٍ وابن عمر وأنس وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يوم النحر ويومان بعده. وعند سعيد بن جبير يوم النحر لأهل الأمصار خاصة وأيام التشريق، وبوم النحر لأهل السواد، وعند جابر بن زيد لأهل الأمصار يوم واحد وثل