القراءات وأثرها في علوم العربية
محمد سالم محيسن
المقدمة
[المجلد الأول] بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله خالق الانسان ومعلمه البيان، ورافع شأن العقل فيه فجعله مناط الاساءة والاحسان. سبحانه كرم الانسان وفضله على كثير من خلقه تفضيلا، وسخر له ما في السموات وما في الأرض من عوالم ملكه وملكوته، ليتخذ من ظواهر الطبيعة وعواملها معارج لرقيه وتقدمه. والصلاة والسلام على نبينا «محمد» الذي جدد الله به رسالة السماء، وجعله خاتم الأنبياء فلا نبى بعده، ولا كتاب ينزل من السماء بعد الكتاب المنزل عليه. وبعد: فمنذ ان منّ الله تعالى عليّ بحفاظ كتابه، وتعلم رسمه، وضبطه، ولغته، وما صح من قراءاته، وأنا أبذل قصارى جهدى في الاقتباس من معين «القرآن» الذي لا ينضب عطاؤه، ولا تنتهي فنونه وعلومه. ولقد كان من نعم الله عليّ التي لا تحصى ان وفقنى لتصنيف الكثير في الكتب المتصلة بعلوم القرآن، وأحكامه، ولغته. وكنت كلما صنفت كتابا تاقت نفسي، وانشرح صدري الى التفكير في وضع مصنف جديد خدمة لعلوم القرآن الكريم. ومع ان المكتبة الاسلامية، والعربية حافلة بالمصنفات: المطولة، وغير المطولة، فإنني لم أقف، ولم أسمع ان أحدا صنف كتابا في «اشباه ونظائر تخريج قراءات القرآن». ونظرا لتعلقى الشديد، وحبي العظيم لكل دراسة متّصلة بالقرآن الكريم، فقد استخرت الله في وضع مصنف أضمنه «الأشباه والنظائر في القراءات» ولما تحقق حسن نيتي، وصدق عزيمتي شرح الله صدري ووفقني لوضع كتابي هذا: «القراءات وأثرها في علوم العربية».
والله وحده هو الذي يعلم مقدار الجهد الذي بذلته من أجل إخراج هذا البحث، الذي مكثت فيه عدة سنوات، لأن طبيعته اقتضت ان اقوم بعمل استقراء تام لجميع الكلمات القرآنية التي ورد فيها اكثر من قراءة، ثم تخريج جميع هذه القراءات تخريجا لغويا، ثم تصنيفها تصنيفا علميا وفقا لما هو موضح في منهج البحث. والقراءات التي جعلتها مادة هذا البحث هي: «القراءات العشر» من طريق النشر، لحجة القراء: «محمد بن محمد بن محمد بن علي يوسف المعروف بابن الجزري ت 833 هـ» لذلك لا اكون مبالغا اذا قلت: ان هذا البحث لم يسبقني أحد إليه، لا من القدماء، ولا من المحدثين، فهو تصنيف جديد في منهجه لانه جمع بين النظائر المتشابهة في تخريج القراءات العشر المتواترة، فضم النظير الى نظيره، والشبيه الى شبيهه. وبعد ان تم جمع المادة العلمية للبحث عرضتها على استاذ هذا الجيل، وحجة عصره، العالم اللغوى الكبير فضيلة الدكتور «عبد العظيم علي الشناوي» رئيس قسم اللغويات بالجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة فتفضل مشكورا بقراءتها كلمة كلمة واجازة طبعها ونشرها. وعرفانا مني له بالجميل لا يسعني الا ان اسجل له خالص شكري وتقديري، واسأل الله ان يمد من اجله، وان يجزيه عني وعن «القرآن» ولغة العرب افضل الجزاء. وختاما اسأل الله تعالى ان يوفقني دائما إلى خدمة كتابه، وان يجعلني من العاملين بأحكامه، المتمسكين بآدابه، وان يغفر لي ولوالدي ولكل من اسهم في اخراج هذا البحث، وان يجعله في صحائف اعمالي يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وصل اللهم على نبينا «محمد» وعلى آله وصحبه اجمعين، والحمد لله رب العالمين. المدينة المنورة المؤلف غرة شهر رجب سنة 1404 هـ خادم العلم والقرآن الموافق 2 آبريل سنة 1984 م المؤلف خادم العلم والقرآن د/ محمد محمد محمد سالم محيسن
منهج البحث
منهج البحث لقد اقتضت طبيعة البحث ان يكون في أحد عشر بابا تقفوها خاتمة مع وضع فهرس تحليلي لموضوعات البحث: واليك ابواب البحث: الباب الاول: «القراءات» وفيه اربعة فصول: الفصل الاول: نشأة القراءات الفصل الثاني: صلة القراءات العشر بالاحرف السبعة الفصل الثالث: المصادر التي اعتمد عليها «ابن الجزري» في تدوين القراءات الفصل الرابع: تاريخ القراء العشرة الباب الثاني: «اثر القراءات في اللهجات العربية القديمة» وفيه ثلاثة فصول: الفصل الاول: اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصوتي. الفصل الثاني: اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى اصل الاشتقاق. الفصل الثالث: اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصرفي. الباب الثالث: «الالفاظ المعربة في القرآن». الباب الرابع: «الجامد والمشتق». وفيه أحد عشر فصلا: الفصل الاول: الاسماء الجامدة. الفصل الثاني: بين الماضي والامر. الفصل الثالث: بين الماضي المبني للفاعل والمبني للمفعول. الفصل الرابع: بين المضارع المبني للفاعل والمبني للمفعول. الفصل الخامس: الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى اصل الاشتقاق.
الفصل السادس: الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى نوع الاشتقاق. الفصل السابع: بين اسم الفاعل وامثلة المبالغة. الفصل الثامن: بين اسم الفاعل والصفة المشبهة. الفصل التاسع: بين اسم الفاعل واسم المفعول. الفصل العاشر: بين صيغ مختلفة. الفصل الحادي عشر: الميزان الصرفي. الباب الخامس: «الحذف والذكر». وفيه فصلان الفصل الاول: الحذف والذكر موافقة للرسم العثماني. الفصل الثاني: الحذف والذكر لسبب من الأسباب. الباب السادس: كسر همزة «ان» المشددة وفتحها. الباب السابع: تذكير الفعل وتأنيثه. الباب الثامن: من بلاغة القرآن «الالتفات». وفيه فصلان الفصل الاول: الالتفات من الغيبة الى الخطاب، الالتفات من الخطاب الى الغيبة. الفصل الثاني: الالتفات من الغيبة الى التكلم، الالتفات من التكلم الى الغيبة، الالتفات من التكلم الى الخطاب. الباب التاسع: «اسلوب الحمل في اللغة العربية» وفيه اربعة فصول: الفصل الاول: الحمل على الغيبة. الفصل الثاني: الحمل على الخطاب. الفصل الثالث: الحمل على نون العظمة. الفصل الرابع: الحمل على تاء المتكلم. الباب العاشر: «اثر العامل النحوي». الباب الحادي عشر: «صنعة الاعراب». الخاتمة
الباب الأول «القراءات»
الباب الأول «القراءات» وقد أدت طبيعة البحث ان يكون هذا الباب في اربعة فصول: الفصل الأول: نشأة القراءات. الفصل الثاني: صلة القراءات العشر بالأحرف السبعة الفصل الثالث: المصادر التي اعتمد عليها «ابن الجزري» في تدوين القراءات الفصل الرابع: تاريخ القراء العشرة
الفصل الأول من الباب الأول «نشأة القراءات»
الفصل الأول من الباب الأول «نشأة القراءات» سأتحدث باذن الله تعالى في هذا الفصل عن عدة قضايا مهمة لها اتصال وثيق «بنشأة القراءات» مثل: أ- تعريف القراءات ب- هل هناك فرق بين القرآن والقراءات؟ ج- الدليل على نزول القراءات د- بيان المراد من الأحرف السبعة هـ- السبب في تعدد القراءات وفوائد تعدد القراءات ز- متى نشأت القراءات؟ وسأتحدث باذن الله تعالى عن هذه القضايا حسب ترتيبها فأقول وبالله التوفيق: أولا: تعريف القراءات: القراءات جمع قراءة، وهي في اللغة مصدر قرأ يقال: قرأ، يقرأ، قراءة، وقرآنا، بمعنى تلا، فهو قارئ. وفي الاصطلاح: علم بكيفيات اداء كلمات «القرآن الكريم» من تخفيف، وتشديد، واختلاف الفاظ الوحي في الحروف» (¬1) وذلك ان «القرآن» نقل الينا لفظه، ونصه، كما انزله الله تعالى على نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلم، ونقلت الينا كيفية أدائه. ¬
كما نطق بها الرسول، وفقا لما علمه «جبريل» عليه السّلام، وقد اختلف الرواة الناقلون، فكل منهم يعزو ما يرويه باسناد صحيح الى النبي عليه الصلاة والسلام (¬1) ثانيا: فان قيل: هل هناك فرق بين القرآن والقراءات؟ أقول: لقد ورد عن «بدر الدين الزركشي» ت 794 هـ (¬2) ما يفيد أنهما حقيقتان متغايرتان، واليك ما ورد عنه في ذلك: قال الزركشي: «القرآن، والقراءات» حقيقتان متغايرتان، فالقرآن هو الوحي المنزل على «محمد» صلّى الله عليه وسلم للبيان والاعجاز. والقراءات: هي اختلاف الفاظ الوحي المذكور في الحروف وكيفيتها من تخفيف وتشديد وغيرهما. ولا بد من التلقي والمشافهة، لأن القراءات اشياء لا تحكم الا بالسماع، والمشافهة أهـ (¬3). تعقيب: ولكني أرى ان «الزركشي» مع جلالة قدره، قد جانبه الصواب في ذلك وأرى ان كلا من «القرآن، والقراءات» حقيقتان بمعنى واحد. يتضح ذلك بجلاء من تعريف كل منهما، ومن الأحاديث الصحيحة الواردة في نزول القراءات. فسبق ان قلنا: ان القرآن مصدر مرادف للقراءة الخ. ¬
اذا فهما حقيقيان بمعنى واحد. وقال صلّى الله عليه وسلم فيما يرويه «عبد الرحمن بن ابي ليلى» ت 83 هـ عن «أبيّ بن كعب» ت 20 هـ: ان النبي صلّى الله عليه وسلم كان عند «أضاة بنى غفار» (¬1) فأتاه «جبريل» عليه السلام فقال: «ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على حرفين، فقال: اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال «ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على حرفين، فقال: اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك. ثم جاء الثالثة فقال: ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على ثلاثة احرف، فقال: اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك. ثم جاء الرابعة قال: ان الله يأمرك ان تقرئ امتك القرآن على سبعة احرف، فأيما حرف قرءوا عليه فقد اصابوا» أهـ (¬2) الى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة التي سيأتي ذكرها، وكلها تدل دلالة واضحة على أنه لا فرق بين كل من «القرآن، والقراءات»، اذ كل منهما الوحي المنزل على نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلم. ثالثا: الدليل على نزول القراءات: لقد تواتر الخبر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأن «القرآن الكريم» انزل على سبعة احرف. روى ذلك من الصحابة رضوان الله عليهم اثنان وعشرون صحابيا (¬3) ¬
سواء أكان ذلك مباشرة عنه صلّى الله عليه وسلم، ام بواسطة. واليك طرفا من هذه الاحاديث الصحيحة التي تعتبر من الادلة على ان القراءات القرآنية» كلها كلام الله تعالى، لا مدخل للبشر فيها، وكلها منزلة من عند الله تعالى على رسوله «محمد» صلّى الله عليه وسلم، ونقلت عنه حتى وصلت الينا دون تحريف او تغيير. فالله تعالى خص هذه الامة دون سائر الامم السابقة بحفظ كتابها، وتكفل بذلك حيث قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (¬1). اما الامم المتقدمة فقد وكل الله تعالى اليها حفظ كتبها المنزلة على انبيائهم. قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ (¬2) فلما وكل حفظ «التوراة» الى بني اسرائيل دخلها التحريف والتبديل، قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (¬3). اما «القرآن الكريم» فهو باق إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها، لا يندثر، ولا يتبدل ولا يلتبس بالباطل، ولا يمسه اي تحريف، لما سبق في علمه تعالى ان هذا الكتاب هو الدستور الدائم الذي فيه صلاح البشرية كلها ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (¬4). لقد جاء على هذا القرآن زمان كثرت فيه الفرق، وعمت فيه الفتن، واضطربت فيه الأحداث. ¬
ولقد أدخلت هذه الفرق على حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث المكذوبة على النبي صلّى الله عليه وسلم، مما جعل المسلمين المخلصين، وبخاصة العلماء الأتقياء يعملون فكرهم، وأقلامهم لتنقية سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم من كل دخيل عليها. اما «القرآن الكريم» - فنحمد الله تعالى- حيث لم يستطع أحد من اعداء هذا الدين ان يبدل اي نص من نصوصه، او يدخل عليه وسلم اي تحريف او تغيير، بالرغم من حرصهم على ذلك، ولكنهم ما استطاعوا لذلك سبيلا. الحديث الأول: عن ابن شهاب ت 124 هـ (¬1) رضي الله عنه قال: «حدثني عبيد الله بن عبد الله» ت 98 هـ (¬2) ان «عبد الله بن عباس» ت 68 هـ (¬3) رضي الله عنهما حدثه ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: اقرأني «جبريل» عليه وسلم السّلام على حرف واحد فراجعته، فلم أزل أستزيده، ويزيدني، حتى انتهى الى سبعة أحرف» أهـ (¬4) ¬
الحديث الثاني: عن «ابن شهاب» ت 124 هـ (¬1). قال: اخبرني «عروة بن الزبير» ت 93 هـ (¬2) ان «المسور بن مخرمة ت 64 هـ (¬3) وعبد الرحمن بن عبد القارئ ت 80 هـ (¬4) حدثاه انهما سمعا «عمر بن الخطاب» ت 23 (¬5) يقول: سمعت «هشام بن حكيم» (¬6) يقرأ سورة «الفرقان» (¬7) في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فاذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكدت اساوره في الصلاة (¬8) فتصبرت حتى سلم (¬9) فلببته بردائه (¬10) فقلت: من اقرأك هذه السورة التي سمعت تقرأ؟ ¬
قال: اقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: كذبت، فان رسول الله صلّى الله عليه وسلم اقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده الى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت: اني سمعت هذا يقرأ سورة «الفرقان» على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «لعمر»: «أرسله» فأرسله «عمر فقال (¬1) لهشام: «تقرأ يا هشام» فقرأ عليه وسلم القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «هكذا انزلت»، ثم قال: اقرأ يا عمر. فقرأت القراءة التي أقراني فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «كذلك أنزلت. ان هذا القرآن انزل على سبعة احرف فاقرءوا ما تيسر منه» أهـ (¬2) . الحديث الثالث: عن «ابي بن كعب» ت 30 هـ (¬3). قال: كنت في المسجد (¬4) فدخل رجل (¬5) فصلى، فقرأ قراءة أنكرتها. ثم دخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقلت: «ان هذا قرأ قراءة انكرتها عليه» ودخل آخر فقرأ. وفي رواية: ثم قرأ هذا، سوى قراءة صاحبه، فأقرأهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقرأ، فحسن النبي صلّى الله عليه وسلم شأنهما فسقط فى نفسى من التكذيب ولا اذ كنت فى الجاهلية (¬6) فما رأى النبي صلّى ¬
الله عليه وسلم ما قد غشيني، ضرب في صدري ففضت عرقا، وكأنما أنظر الى الله عز وجل فرقا (¬1) فقال (¬2): «يا أبيّ ان ربي ارسل إليّ ان اقرأ «القرآن» على حرف، فرددت اليه ان هون على امتي، فرد الى الثانية: أقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللهم أغفر لأمتي، اللهم أغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب الى الخلق كلهم حتى «إبراهيم» صلّى الله عليه وسلم أهـ (¬3). وفي رواية: عن «أبي بن كعب» ايضا قال: «فدخلت المسجد فصليت، فقرأت سورة «النحل» (¬4) ثم جاء رجل آخر فقرأها على غير قراءتي، ثم دخل رجل آخر فقرأ خلاف قراءتنا، فدخل في نفسي من الشك والتكذيب اشد مما كان في الجاهلية، فأخذت بأيديهما فأتيت بهما النبي صلّى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله استقرئ هذين، فقرأ احدهما فقال (¬5): «أصبت» ثم استقرأ الآخر فقال: «أحسنت» فدخل قلبي اشد مما كان في الجاهلية من الشك والتكذيب، فضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم صدري وقال: «اعاذك الله من الشك وخسأ عنك الشيطان» ففضت عرقا، فقال: أتاني «جبريل» فقال: اقرأ «القرآن» على حرف واحد فقلت: «ان امتي لا تستطيع ذلك، حتى قال: سبع مرات، فقال لي: اقرأ على سبعة احرف» أهـ (¬6). ¬
الحديث الرابع: عن «عبد الرحمن بن ابي ليلى» ت 83 هـ (¬1) عن «ابي بن كعب» ان النبي صلّى الله عليه وسلم كان عند «أضاة بني غفار» (¬2) فأتاه «جبريل» عليه السلام فقال: «ان الله يأمرك ان تقرئ امتك «القرآن» على حرف، فقال: «اسأل الله معافاته ومغفرته، وان أمتي لا تطيق ذلك». ثم أتاه الثانية فقال: ان الله تعالى يأمرك ان تقرئ امتك «القرآن» على حرفين، فقال: اسأل الله معافاته، ومغفرته، وان امتي لا تطيق ذلك». ثم جاء الثالثة فقال: ان الله يأمرك ان تقرئ امتك «القرآن» على سبعة احرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد اصابوا أهـ (¬3) وفي رواية الترمذي: عن «ابي بن كعب» قال: لقى رسول الله صلّى الله عليه وسلم «جبريل» فقال: «يا جبريل اني بعثت الى أمة اميين، منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط، قال: «يا محمد ان القرآن انزل على سبعة احرف» أهـ (¬4) رابعا: بيان المراد من الأحرف السبعة: لقد اهتم العلماء قديما وحديثا ببيان المراد من الأحرف السبعة: ¬
فمن هؤلاء العلماء: 1 - ابو عبيد القاسم بن سلام ت 224 هـ في كتابه غريب الحديث. 2 - ابو جعفر محمد بن جرير الطبري ت 310 هـ في تفسيره المشهور. 3 - مكي بن ابي طالب ت 437 هـ في كتابه الابانة عن معاني القراءات. 4 - شهاب الدين عبد الرحمن بن اسماعيل المعروف بأبي شامة ت 665 هـ في كتابه المرشد الوجيز. 5 - بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي ت 794 هـ في كتابه البرهان في علوم القرآن. 6 - جلال الدين السيوطي ت 911 هـ في كتابه الاتقان في علوم القرآن. الى غير ذلك من المفسرين، والكتاب عن علوم القرآن الكريم. ومن يطالع مصنفات هؤلاء العلماء يجد العجب العجاب، حيث ان الكثيرين من هؤلاء المصنفين يجعل كل همه نقل العديد من الآراء حتى ولو كانت غير معزوة الى أحد من العلماء والمفكرين (¬1). وهذا ان جاز على السابقين فلا ينبغي ان يتأتى من علماء العصر الحديث، بعد ان اصبحت هناك مناهج علمية لأصول البحث والتصنيف، وهم يعلمون ان كل قول مجهول صاحبه لا يعتد به. فان قيل: ما هو السبب في الاهتمام بهذه القضية؟ اقول: لعل ذلك يرجع الى اتصالها بالقرآن الكريم، والعلماء قديما وحديثا يهتمون بكل ما له اتصال بكتاب الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ومن يقف على الأحاديث الواردة في هذه القضية يجد هاتين الظاهرتين: الظاهرة الأولى: لم تتعرض تلك الأحاديث الى بيان ماهية الاختلاف في القراءات القرآنية التي كانت تجعل الصحابة يتخاصمون ويتحاكمون الى النبي صلّى الله عليه وسلم. ¬
الظاهرة الثانية: لم يثبت من قريب او بعيد ان «النبي» صلّى الله عليه وسلم بين المراد من الأحرف السبعة. ولعل ذلك يرجع الى عدة عوامل اهمها: ان ذلك كان معروفا لدى الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين، فلم يحتاجوا الى بيانه، لأنهم لو كانوا في حاجة الى معرفة ذلك لسألوا الرسول صلّى الله عليه وسلم، فعدم سؤالهم دليل على عدم خفائه عليهم. ومنذ فترة طويلة وانا مهتم بهذه القضية كما اهتم بها غيري، فطوفت بين ثنايا الكتب والمصنفات ووقفت على العديد مما كتبه السابقون جزاهم الله خيرا، واقتبست من تلك الآراء ارجحها، وتركت ما تكرر منها، وما كان مجهول الأصل، ثم رتبتها ترتيبا زمنيا، وعلقت على ما يستوجب التعليق منها، وفي نهاية المطاف بينت رأيي في هذه القضية الهامة مع بيان سبب ذلك. وقبل الدخول في بيان تلك الآراء اقول: لقد اتفق العلماء قديما وحديثا على انه لا يجوز ان يكون المراد بالأحرف السبعة قراءة هؤلاء القراء المشهورين (¬1) كما يظنه الكثيرون من الذين لا صلة لهم بعلوم «القرآن» لأن هؤلاء القراء السبعة لم يكونوا قد وجدوا اثناء نزول القرآن الكريم. قال «مكي بن ابي طالب» ت 437 هـ (¬2): ¬
«فأما من ظن ان قراءة كل واحد من هؤلاء القراء مثل: «نافع، عاصم، وأبي عمرو بن العلاء» أحد الاحرف السبعة التي نص عليها النبي صلّى الله عليه وسلم فذلك منه غلط عظيم اذ يجب ان يكون ما لم يقرأ به هؤلاء السبعة متروكا» أهـ (¬1). والآن اليك ايها القارئ الكريم أقوال العلماء في بيان المراد من الأحرف السبعة حسب ترتيبهم الزمني: القول الأول: ورد عن كل من: 1 - الامام «علي بن ابي طالب» رضي الله عنه ت 40 هـ (¬2). 2 - «عبد الله بن عباس» رضي الله عنهما ت 68 هـ (¬3). فقد قالا: «نزل القرآن بلغة كل حي من احياء العرب» أهـ ثم قال «ابن عباس»: «ان النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقرئ الناس بلغة واحدة، فاشتد ذلك عليهم، فنزل «جبريل» فقال: يا «محمد» اقرئ كل قوم بلغتهم» أهـ (¬4). تعليق على هذا القول: قال «ابو شامة» ت 665 هـ (¬5): ¬
«هذا هو الحق، لانه انما ابيح ان يقرأ بغير لسان قريش توسعة على العرب، فلا ينبغي ان يوسع على قوم دون قوم، فلا يكلف أحد الا قدر استطاعته، فمن كانت لغته الامالة، او تخفيف الهمز، او الادغام، او ضم ميم الجمع، او صلة هاء الكناية، او نحو ذلك فكيف يكلف غيره؟ أهـ (¬1). القول الثاني: رواه كل من: 1 - محمد بن السائب الكلبي ت 136 هـ (¬2). 2 - الأعمش ت 147 هـ (¬3). عن «عبد الله بن عباس» رضي الله عنهما ت 68 هـ. فقد قالا نقلا عن «ابي صالح» مولى «ام هاني بنت ابي طالب» عن «ابن عباس»: «انزل القرآن على سبعة احرف، منها خمسة بلغة العجز من «هوازن» أهـ (¬4). فان قيل: من هم عجز هوازن؟ أقول: قال عالم اللغة والتفسير، والقراءات، والحديث، «ابو عبيد القاسم ابن سلام» ت 224 هـ (¬5): العجز من هوازن هم: ¬
1 - سعد بن بكر. 2 - جشم بن بكر. 3 - نصر بن معاوية. 4 - ثقيف. وهؤلاء هم الذين قال فيهم «ابو عمرو بن العلاء البصري» ت 154 هـ: «افصح العرب عليا هوازن، وسفلى تميم» (¬1) القول الثالث: قال «ابو عبيد القاسم بن سلام» ت 224 هـ: المراد سبع لغات من لغات العرب، وليس معناه ان يكون في الحرف الواحد سبعة اوجه، هذا لم نسمع به قط، ولكن نقول: هذه اللغات السبع تفرقة في القرآن، فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه نزل بلغة هوازن. وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة اهل اليمن، وكذلك سائر اللغات. ومعانيها في هذا كله واحدة. ثم قال: ومما يبين ذلك قول «ابن مسعود» رضي الله عنه: «اني سمعت «القراء» فوجدتهم متقاربين، فاقرءوا كما علمتم» أهـ (¬2) وقد وافق «أبا عبيد» في هذا القول كل من: 1 - احمد بن يحيى ثعلب ت 291 هـ 2 - عبد الحق بن غالب المشهور بابن عطية ت 546. وتعقب بعض العلماء هذا الرأي بأن لغات العرب اكثر من سبع لغات، واجيب على ذلك بان المراد افصحها (¬3). ومع هذا فاني اقول: مع اعتزازي بأبي عبيد، وثقتي فيه، حيث عشت معه زمنا طويلا اثناء ¬
تحضيري للماجستير، ابحث عن تاريخه، وأنقب عن مصنفاته، وأحلل أقواله الخ. فاني ارى ان رأي «ابي عبيد» هذا مع وجاهته يرد عليه انه هناك العديد من لغات القبائل العربية ورد بها القرآن الكريم. القول الرابع: قال «أبو العباس احمد بن واصل» المتوفى أوائل المائة الثالثة هـ (¬1) معنى ذلك سبعة معان في القراءة: أحدها: أن يكون الحرف له معنى واحد تختلف فيه قراءتان تخالفان بين نقطة ونقطة مثل «تعلمون» و «يعلمون» (¬2). الثاني: أن يكون المعنى واحدا وهو بلفظين مختلفين، مثل قوله تعالى: «فاسعوا» و «فامضوا» (¬3). الثالث: أن تكون القراءتان مختلفتين في اللفظ الا أن المعنيين مفترقان في الموصوف، مثل قوله تعالى: ملك ومالِكِ (¬4). الرابع: أن يكون في الحرف لغتان والمعنى واحد، وهجاؤهما واحد، مثل قوله تعالى: الرُّشْدِ والرُّشْدِ (¬5). الخامس: أن يكون الحرف مهموزا، وغير مهموز، مثل: «النبيء» و «النبي» (¬6). السادس: التثقيل والتخفيف مثل: «الأكل»، «الأكل» (¬7). ¬
السابع: الاثبات والحذف، مثل: «المنادى» و «المناد» (¬1). واختار هذا الرأي «أبو علي الأهوازي» ت 446 هـ (¬2). وقال: «هذا أقرب الى الصواب ان شاء الله تعالى، ثم قال: وقد روي عن «الامام مالك بن أنس» ت 179 هـ أنه كان ذهب الى هذا المعنى» أهـ (¬3). القول الخامس: قال «القاسم بن ثابت» ت 302 هـ (¬4). «لو أن رجلا مثل مثالا يريد به الدلالة على معنى قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «أنزل القرآن على سبعة أحرف» وجعل الأحرف على مراتب سبعة فقال: 1 - منها لقريش. 2 - ومنها لكنانة. 3 - ومنها لأسد. 4 - ومنها لهذيل. 5 - ومنها لتميم. 6 - ومنها لضبة. 7 - ومنها لقيس. لكن قد أوتي على قبائل مضر في مراتب سبعة تستوعب اللغات التي نزل بها «القرآن» (¬5). ¬
ثم قال: وأن في مصر شواذ لا نختارها، ولا نجيز أن يكون «القرآن» قد اتى بها، مثل: 1 - كشكشة قيس، يجعلون كاف المؤنث شينا (¬1). 2 - وعنعنة تميم، يقولون «عن» في موضع «أن» (¬2). 3 - وكما ذكر عن بعضهم أنه يبدل السين تاء (¬3). ثم يقول: وقد جاء في كتاب الله عز وجل ما له وجوه سبعة من القراءات، من غير أن نقول: ان هذا مراد النبي صلّى الله عليه وسلم بقوله: «انزل القرآن على سبعة احرف» أهـ (¬4). القول السادس: قال أبو محمد البغوي ت 510 هـ (¬5): اظهر الأقاويل، وأصحها، وأشبهها بظاهر الحديث أن المراد من هذه الحروف اللغات: وهو أن يقرأ كل قوم من العرب بلغتهم، وما جرت عليه عادتهم من الادغام، والاظهار، والامالة، والتفخيم، والاشمام، والاتمام، والهمز، والتليين، وغير ذلك من وجوه اللغات الى سبعة أوجه منها في الكلمة الواحدة. ثم قال: ولا يكون هذا الاختلاف داخلا تحت قوله تعالى: وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (¬6). اذ ليس معنى هذه الحروف أن يقرأ كل فريق بما شاء مما يوافق لغته من غير توقيف، بل كل هذه الحروف منصوصة، وكلها، كلام الله عز وجل ¬
نزل بها الروح الامين على النبي صلّى الله عليه وسلم، يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: «ان هذا القرآن انزل على سبعة أحرف» فجعل الأحرف كلها منزلة، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يعارض جبريل عليه السلام في كل شهر رمضان بما يجتمع عنده من القرآن فيحدث الله فيه ما شاء، وينسخ ما يشاء، وكان يعرض عليه في كل عرضة وجها من الوجوه التي أباح الله له أن يقرأ «القرآن» به. وكان يجوز لرسول الله صلّى الله عليه وسلم يأمر الله تعالى «أن يقرأ ويقرئ بجميع ذلك، وهي كلها متفقة المعاني، وإن اختلف بعض حروفها» أهـ (¬1). تعليق: اقول: ان هذا القول له وجاهته، وهو قول سديد، وأرى أنه لا اعتراض عليه، وسيأتي لذلك مزيد من الايضاح أهـ. القول السابع: قال «أبو الفضل الرازي» ت 606 هـ (¬2): الكلام لا يخرج عن سبعة احرف في الاختلاف: الأول: اختلاف الأسماء من إفراد، وتثنية، وجمع، وتذكير، وتأنيث. الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من ماض، ومضارع، وأمر. الثالث: اختلاف وجوه الاعراب. الرابع: الاختلاف بالنقص والزيادة. الخامس: الاختلاف بالتقديم والتأخير. السادس: الاختلاف بالابدال. السابع: اختلاف اللغات: كالفتح، والامالة، والترقيق، والتفخيم، والادغام، والاظهار، ونحو ذلك أهـ (¬3). ¬
تعليق: ان هذا الرأي لا جديد فيه، حيث هناك العديد من الآراء القريبة منه، مثل قول كل من: 1 - أبي العباس احمد بن محمد بن واصل المتوفى أوائل المائة الثالثة (¬1). 2 - الحافظ أبي العلاء ت 569 هـ (¬2). 3 - أبي علي الأهوازي ت 446 هـ (¬3). 4 - أبي غانم المظفر بن احمد بن حمدان ت 333 هـ. ونقله عنه «أبو بكر محمد بن علي احمد الأذفوي» ت 388 هـ في كتابه الاستغناء في علوم القرآن (¬4). القول الثامن: قال الشيخ أبو الحسن السخاوي ت 643 هـ (¬5): فان قيل: أين السبعة الأحرف التي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان القرآن انزل عليها في قراءتكم هذه المشهورة؟ اقول: هي متفرقة في القرآن، وجملة ذلك سبعة اوجه: الأول: كلمتان تقرأ بكل واحدة في موضع الأخرى، نحو «يسيركم، وينشركم» (¬6). ¬
الثاني: زيادة كلمة نحو: «هو الغني» (¬1). الثالث: زيادة حرف نحو: «من تحتها» (¬2). الرابع: مجيء حرف مكان آخر نحو: «ويقول، ونقول» (¬3). الخامس: تغيير في الحركات نحو: «فتلقى آدم من ربه كلمات» (¬4). السادس: التشديد، والتخفيف، نحو: «تساقط» (¬5). السابع: التقديم والتأخير، نحو: «وقاتلوا وقتلوا» (¬6). ¬
القول التاسع: قال أبو شامة ت 665 هـ (¬1): بعد أن نقل في كتابه (¬2) الآراء المتعددة التي وردت في هذه القضية الهامة قال: «وهذه الطرق المذكورة في بيان وجوه السبعة الأحرف في هذه القراءات المشهورة كلها ضعيفة، اذ لا دليل على تعيين ما عينه كل واحد منهم. ومن الممكن تعيين ما لم يعينوا، ثم لم يحصل حصر جميع القراءات. فيما ذكروه من الضوابط، فما الدليل على ما ذكروه مما دخل في ضابطهم من جملة الأحرف السبعة دون ما لم يدخل في ضابطهم. وكان أولى من جميع ذلك لو حملت على سبعة أوجه من الأصول المطردة مثل: 1 - صلة ميم الجمع، وهاء الضمير، وعدم ذلك. 2 - الادغام، والاظهار. 3 - المد، والقصر. 4 - تحقيق الهمز، وتخفيفه. 5 - الامالة، وتركها. 6 - الوقف بالسكون، وبالاشارة الى الحركة. 7 - فتح الياءات، واسكانها، واثباتها، وحذفها (¬3). تعقيب: أقول: هذا الرأي من الآراء المبتكرة حيث لم يسبقه أحد الى القول به فيما أعلم، الا أنه لم يف بالغرض المطلوب. ¬
القول العاشر: قال محمد بن الجزري ت 833 هـ (¬1): بعد ان نقل في كتابه النشر في القراءات العشر العديد من الآراء التي وردت في بيان المراد من الحديث الشريف قال: «ولا زلت استشكل هذا الحديث، وأفكر فيه، وامعن النظر منذ نيف وثلاثين سنة، حتى فتح الله علي بما يمكن ان يكون صوابا إن شاء الله: وذلك اني تتبعت القراءات صحيحها، وشاذها، وضعيفها، ومنكرها فاذا هو يرجع اختلافها الى سبعة أوجه من الاختلاف لا يخرج عنها: الأول: أن يكون الاختلاف في الحركات بلا تغير في المعنى والصورة، نحو: «يحسب» بفتح السين وكسرها. الثاني: أن يكون بتغير في المعنى فقط دون التغير في الصورة نحو: فتلقى آدم من ربه كلمات» (¬2). الثالث: أن يكون في الحروف مع التغير في المعنى لا الصورة، نحو: «تبلوا، تتلوا» (¬3). الرابع: أن يكون في الحروف مع التغير في الصورة لا المعنى، نحو «الصراط، السراط» (¬4). ¬
الخامس: أن يكون في الحروف والصورة نحو: «يأتل، يتأل» (¬1) السادس: أن يكون في التقديم والتأخير نحو: وقاتلوا وقتلوا» (¬2) السابع: أن يكون في الزيادة والنقصان نحو: «وأوصى، ووصى» (¬3) فهذه الأوجه السبعة لا يخرج الخلاف عنها، انتهى ببعض تصرف تعقيب: مما لا شك فيه أن قول «ابن الجزري» هذا لا يعتبر قولا مبتكرا كما يفهم من كلامه، حيث سبقه بعض العلماء بما هو قريب منه (¬4). القول الحادي عشر: للدكتور/ محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن: مؤلف هذا الكتاب لقد استخلصت الأقوال العشرة التي ذكرتها من بين الآراء الكثيرة التي وقفت عليها بعد ان صرفت النظر عما يلي: أولا: الآراء ذات الدلالات الواحدة، أو المتقاربة. ثانيا: الآراء مجهولة الأصل، أي التي لم يذكر المصنفون اصحابها. ثالثا: الآراء التي لا تتمشى ومنطق العلم والاستنباط الصحيح. ¬
واذا كان من حق الباحث أن يسلط الأضواء على أقوال السابقين بالنقد والتحليل، فانني أرى أنه ينبغي أن يتم ذلك بأسلوب علمي مبني على الحجة والدليل، وأن يكون بعيدا عن التجريح والتشهير، اذ المتقدم بلا شك له دائما فضل السبق على المتأخر. وقبل أن أدلي بدلوى في بيان هذه المسألة العلمية أريد أن أسلط الأضواء على بعض الآراء التي ذكرتها. وكل هدفي من ذلك أن يوفقني الله لما أرجو أن يكون صوابا. نقد وتحليل: والآن جاء دور النقد والتحليل فأقول وبالله التوفيق: ان هذا النقد، وهذا التحليل ينبغي أن يكون مبنيا على ما سبق تقريره، وهو أن السبب في تعدد القراءات إرادة التخفيف والتيسير على الأمة لاختلاف لغاتها، وتباين لهجاتها. اذا فكل تفسير لبيان المراد من الأحرف السبعة يعتبر معقولا، ومقبولا اذا كان متمشيا مع ما سبق تقريره من بيان السبب في تعدد القراءات. وكل تفسير يخرج عن هذا الاطار العام ينبغي رده، وعدم قبوله، واعادة النظر فيه. بناء على هذا يمكنني أن أقرر وأنا مطمئن ما يلي: ان هذه الأقوال العشرة يمكنني أن أقسمها الى مجموعتين حيث يوجد تقارب بين كل مجموعة منهما: المجموعة الأولى: وهي المتضمنة للأقوال الستة الآتية: 1 - القول الاول المروي عن كل من: «الامام علي بن أبي طالب» رضي الله عنه ت 40 هـ. «وعبد الله بن عباس» رضي الله عنهما ت 86 هـ. 2 - القول الذي رواه كل من: محمد بن السائب الكلبي ت 146 هـ. وسليمان بن مهران الأعمش ت 147 هـ.
3 - القول الثالث المروي عن: أبي عبيد القاسم بن سلام ت 224 هـ. 4 - القول الرابع المروي عن: القاسم بن ثابت ت 302 هـ. 5 - القول الخامس المروي عن: أبي محمد البغوي ت 510 هـ. 6 - القول السادس المروي عن: أبي شامة شهاب الدين بن عبد الرحمن ت 665 هـ. هذه الأقوال الستة تعتبر معقولة، ومقبولة، لانها جاءت متمشية مع الاطار العام في سبب نزول القراءات. المجموعة الثانية: وهي المتضمنة للأقوال الأربعة الآتية: 1 - القول المروي عن: أبي العباس أحمد بن واصل. 2 - القول المروي عن: أبي الفضل الرازي ت 606 هـ. 3 - القول المروي عن: أبي الحسن السخاوي ت 643. 4 - القول المروي عن: محمد بن الجزري ت 833 هـ. إن هذه الآراء الأربعة مع احترامي وتقديري لأصحابها لا أدري لم ذهب كل منهم هذا المذهب؟ علما بأن الناظر في هذه الأقوال المتقاربة في مدلولها لا يجد في معظمها شيئا من الأسباب التي من اجلها طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الله تعالى أن يخفف على أمته حتى نزلت القراءات. وأنا عند ما أقول هذا انما ابني ذلك على أقوالهم. ولعلك أيها القارئ الكريم تكون معي وتشاركني الرأي عند ما أنقل لك نماذج من الأمثلة التي أوردوها أثناء التدليل على آرائهم: فمن ذلك ما يلي: 1 - يعلمون بالغيب، أو تعملون بالخطاب.
2 - ملك بحذف الألف، أو مالك باثباتها. 3 - الرشد باسكان الشين، والرشد بفتحها. 4 - ينادي باثبات الياء، ويناد بحذفها. هذا لون من الأمثلة التي أوردها «أبو العباس بن واصل» اثناء التمثيل لأنواع التغييرات المرادة في الحديث. وهذه نماذج لما جاء في قول «أبي الفضل الرازي»: 1 - لأمانتهم بالأفراد، لأماناتهم بالجمع. 2 - ننشزها بالزاي، ننشرها بالراء. 3 - وجاءت سكرة الموت بالحق، وجاءت سكرة الحق بالموت بتقديم كلمة «الحق» على كلمة «الموت». واليك نماذج مما أورده الشيخ «أبو الحسن السخاوي». 1 - يسيركم، أو ينشركم. 2 - فتبينوا، أو فتثبتوا. 3 - تبلو، أو تتلو. 4 - بما كسبت ايديهم، أو فيما كسبت أيديهم. وهذه النماذج لما أورده «محمد بن الجزري»: 1 - يحسب بفتح السين أو كسرها. 2 - يأتل، أو «يتأل». 3 - وأوصى، أو «ووصى». 4 - وقاتلوا وقتلوا، أو «وقتلوا وقاتلوا» بالتقديم والتأخير. اعتقد بعد هذا أنه اصبح جليا ان هذه الآراء الأربعة تعتبر مردودة، وغير مقبولة، لمخالفتها للاطار العام الذي من اجله أنزل الله القرآن على سبعة أحرف، حيث لا يجد أي إنسان صعوبة، ولا مشقة أثناء النطق بمثل هذه الأشياء أهـ.
«رأي»: والذي أراه في هذه القضية الهامة: ان المراد من الأحرف السبعة هو: أن «القرآن الكريم» نزل بلغة كل حي من أحياء العرب. وهذا القول هو الوارد عن كل من: 1 - الامام علي بن أبي طالب ت 40 هـ رضي الله عنه. 2 - عبد الله بن عباس ت 68 هـ رضي الله عنه. فإن قيل: لماذا رجحت هذا القول وأخذت به؟ أقول: من ينعم النظر في هذا القول يجد أنه يندرج تحته العديد من اللهجات العربية المشهورة. وهذه اللهجات تندرج كلها تحت قولهما: «نزل بلغة كل حي من أحياء العرب». فان قيل: نريد تفصيل هذا الكلام، والاتيان بأمثاله توضح ذلك. أقول: استجابة لذلك قد خصصت بابا مستقلا في هذا البحث للحديث بالتفصيل عن اللهجات العربية في «القرآن الكريم». وإني أرجو أن أكون قد وفقت لتجلية هذا الموضوع الذي طال حوله الخلاف، وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب. فإن قيل: نريد أن تبين حقيقة اختلاف السبعة الأحرف. أقول: ان حقيقة اختلاف هذه السبعة الأحرف المنصوص عليها من النبي صلى الله عليه وسلم، اختلاف تنوع، وتغاير، لا اختلاف تضاد، وتناقض، لأن هذا محال أن يكون في كلام الله تعالى، قال الله تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (¬1). خامسا: السبب في تعدد القراءات: بعد أن قدمت لك أيها القارئ الكريم النصوص الصحيحة التي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن «القرآن الكريم» أنزل على سبعة أحرف، وهذه الأحرف ¬
ممثلة في القراءات التي نقلت الينا نقلا صحيحا، أجد سؤالا يفرض نفسه وهو ما السبب في تعدد القراءات؟ أقول: ان هذا السؤال لا غرابة فيه، بل هو سؤال وجيه يمليه الفكر الذي يحب ان يقف دائما على علة الأشياء، ويحب ان يتعرف على حكمتها كلما تيسر له ذلك. وان من ينعم النظر في الأحاديث المتقدمة، ويعرف طبيعة الأمة العربية، ذات القبائل المتعددة، واللهجات المتغايرة، يستطيع ان يتوصل من خلال ذلك الى عدة أشياء تعتبر بلا شك سببا موجبا الى أن يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم الله عز وجل ان ينزل عليه «القرآن» بأكثر من حرف حتى وصل الى سبعة احرف. وانني سأحاول هنا ان اقتبس من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الأسباب التي من اجلها أنزل «القرآن» على سبعة احرف. ولست أدعي أن ما اقوله هو كل هذه الأسباب، بل هو بعضها، والمجال لم يزل مفتوحا امام كل مفكر، وكل ذي عقل سليم. واخالني استطيع ان اوجز هذه الاسباب. «في إرادة التخفيف والتيسير على الأمة». تمشيا مع قول الله تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (¬1) يتجلى ذلك من قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الثالث: «يا أبيّ أن ربي أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف فرددت اليه ان هون على أمتي» الخ. وقوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية عن «أبي بن كعب»: أتاني «جبريل» فقال: اقرأ «القرآن» على حرف واحد، فقلت: «ان أمتي لا تستطيع ذلك» حتى قال: «اقرأ على سبعة احرف». ¬
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الرابع: «اسأل الله معاناته ومغفرته وان أمتي لا تطيق ذلك» ... حتى قال له «جبريل»: «أن الله يأمرك ان تقرئ أمتك «القرآن» على سبعة أحرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا». بعد هذا لعلك توافقني أيها القارئ الكريم أن ما قدمته يعتبر سببا مقبولا، ومعقولا، في نزول القرآن على سبعة أحرف. - والله أعلم- سادسا: فوائد تعدد القراءات: ان الوقوف على فوائد تعدد القراءات أمر اجتهادي، ولست أدعي أن ما سأذكره هو كل الفوائد، ولكن يكفي أنني فتحت الباب أمام كل باحث لعله يأتي بجديد. من هذه الفوائد ما يلي: 1 - ما يكون لبيان حكم شرعي مجمع عليه، مثل قراءة «سعد بن أبي وقاص» رضي الله عنه: «وله أخ أو اخت من أم» (¬1) فإن هذه القراءة بينت ان المراد بالاخوة هنا الاخوة لأم، وهذا حكم مجمع عليه بين الفقهاء. 2 - ومنها: ما يكون مرجحا لحكم اختلف فيه كقراءة «أو تحرير رقبة مؤمنة» (¬2) بزيادة «مؤمنة» (¬3) في كفارة اليمين قال تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ (¬4). فكان زيادة لفظ «مؤمنة» في بعض الروايات ترجيح لاشتراط الايمان في الرقبة المعتقة، كما ذهب اليه الشافعي، رحمه الله. ¬
3 - ومنها: ما يكون للجمع بين حكمين مختلفين مثل «يطهرون» بالتخفيف والتشديد، من قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ (¬1). فقد قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يطهرن» بفتح الطاء، والهاء، مع التشديد فيهما، مضارع «تطهر» اي اغتسل، والأصل «يتطهرون» فأدغمت التاء في الطاء. وقرأ الباقون «يطهرن» بسكون الطاء، وضم الهاء مخففة، مضارع «طهر» يقال طهرت المرأة اذا شفيت من الحيض (¬2). فالأولى الجمع بين المعنيين، وهو أن الحائض لا يقربها زوجها حتى تطهر بانقطاع دم حيضها، وتطهر بالاغتسال. 4 - ومنها: ما يكون لأجل اختلاف حكمين شرعيين، كقراءة «وأرجلكم» بالخفض، والنصب، فقد قرأ «نافع، وابن عامر، وحفص، والكسائي، ويعقوب» بنصب اللام، عطفا على «أيديكم» فيكون حكمها الغسل كالوجه. وقرأ الباقون بخفض اللام، عطفا على «برءوسكم» لفظا ومعنى (¬3) والخفض يقتضي فرض المسح، والنصب يقتضي فرض الغسل، وكيفية الجمع بينهما ان يجعل المسح للابس الخف، والغسل لغيره. 5 - ومنها: ما يكون لايضاح حكم يقتضي الظاهر خلافه، كقراءة «فامضوا الى ذكر الله» (¬4). فان قراءة «فاسعوا» (¬5) يقتضي ظاهرها المشي السريع، وليس كذلك، فكانت القراءة الأخرى موضحة لذلك. 6 - ومنها: ما في ذلك من عظيم البرهان، وواضح الدلالة، اذ هو مع ¬
كثرة هذا الاختلاف، وتنوعه، لم يتطرق اليه تضاد، ولا تناقض، ولا تخالف، بل كله يصدق بعضه بعضا، ويبين بعضه بعضا، ويشهد بعضه لبعض نمط واحد وأسلوب واحد، وما ذاك الا آية بالغة، وبرهان قاطع على صدق جاء به النبي صلّى الله عليه وسلم. 7 - ومنها: إعظام اجور هذه الامة من حيث انهم يفرغون جهدهم ليبلغوا قصدهم في تتبع معاني ذلك، واستنباط الحكم، او الاحكام من دلالة كل لفظ، واستخراج كمين اسراره، وخفي اشاراته، وانعامهم النظر في الكشف عن التوجيه، والتعليل، والترجيح، والتفصيل، بقدر ما يبلغ غاية علمهم، ويصل اليه نهاية فهمهم. 8 - ومنها: ما ادخره الله من المنقبة العظيمة، والنعمة الجليلة، لهذه الأمة من اسنادها كتاب ربها، واتصال هذا السبب الالهي بسببها. 9 - ومنها بيان فضل هذه الامة وشرفها على سائر الأمم، من حيث تلقيهم كتاب ربهم هذا التلقي، واقبالهم عليه هذا الاقبال، والبحث عن لفظة لفظة، والكشف عن صيغة صيغة، وبيان صوابه، وبيان تصحيحه، واتقان تجويده، حتى حموه من خلل التحريف، فلم يهملوا تحريكا ولا تسكينا، ولا تفخيما ولا ترقيقا، حتى ضبطوا مقادير المدات، وتفاوت الإمالات، وميزوا بين الحروف بالصفات. 10 - ومنها: ظهور سر الله تعالى في توليه حفظ كتابه العزيز، وصيانة كلامه المنزل بأوفى البيان والتمييز، فان الله تعالى لم يخل عصرا من العصور، ولو في قطر من الأقطار، من امام حجة قائم بنقل كتاب الله تعالى، واتقان حروفه، ورواياته، وتصحيح وجوهه، وقراءاته (¬1). سابعا: متى نشأت القراءات؟ بعد ان وقفنا على الادلة القاطعة، والبراهين الساطعة، التي تثبت ان القراءات القرآنية كلها منزلة من عند الله تعالى على نبيه محمد صلّى الله ¬
عليه وسلم، ولا مجال للعقل ولا للرأي فيها، لأي شخص مهما كان حتى النبي عليه الصلاة والسلام، يرشد الى ذلك قول الله تعالى: وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ* وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ* تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ* وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ* فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ* وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ* وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ* وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ* وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (¬1). وقوله تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ* قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (¬2). فاذا كان النبي صلّى الله عليه وسلم ليس في مقدوره، ولا في استطاعته ان يبدل، او يغير شيئا من القرآن، فما ظنك بغيره ومن هو دونه منزلة، وفصاحة، وبلاغة. لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (¬3). وبعد ان عرفنا الأسباب التي ادت الى تعدد القراءات، ووقفنا على العديد من الفوائد التي استطعنا ان نقتبسها من اختلاف القراءات. بعد كل هذا اطرح سؤالا طالما فكرت فيه منذ زمن طويل، ذلك السؤال هو: متى نشأت القراءات؟ او بمعنى آخر: متى نزلت القراءات؟ او بمعنى اخص: متى بدأ نزول القراءات؟ هل بدأ ذلك بمكة المكرمة؟ اي منذ بدء البعثة النبوية وقبل هجرته صلّى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة؟ أم كان ذلك بعد الهجرة وبالمدينة المنورة؟ وبالبحث عن جواب لهذه التساؤلات وجدت قولين: ¬
القول الأول: ان القراءات نزلت بمكة المكرمة، ويشهد لذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «اقرأني جبريل على حرف واحد فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى الى سبعة احرف» (¬1). فهذا الحديث وغيره من الأحاديث الواردة في نشأة القراءات كلها تفيد ان القراءات نزلت بمكة المكرمة منذ بدء نزول «القرآن الكريم» على النبي عليه الصلاة والسلام. القول الثاني: يفيد ان القراءات انما نزلت بعد الهجرة وفي المدينة المنورة. واستدل اصحاب هذا الرأي بالأحاديث الواردة في اختلاف الصحابة فيما بينهم بسبب سماعهم قراءات بحروف لم يتلقوها من الرسول عليه الصلاة والسلام وكل ذلك كان بالمدينة لا بمكة. تعقيب وترجيح: بعد أن قدمت ما ورد في هذه المسألة أرى ان القول الأول القائل بأن القراءات نزلت بمكة المكرمة هو القول الراجح الذي تطمئن اليه النفس، حيث لا اعتراض عليه، وفيه الأخذ بالأحوط. اما القول الثاني الذي يقول ان القراءات نزلت بالمدينة المنورة فأرى انه مرجوح، حيث يعترض عليه بأن معظم سور القرآن الكريم وعددها: ثلاث وثمانون سورة نزلت بمكة المكرمة، ومما لا شك فيه انها نزلت بالأحرف السبعة لأنه لم يثبت بسند قوي، ولا ضعيف انها نزلت مرة ثانية بالمدينة المنورة. فعدم نزولها مرة ثانية دليل على انها عند ما نزلت بمكة المكرمة انما نزلت مشتملة على الأحرف السبعة. وغير ذلك فالسبب الذي من اجله طلب الرسول صلّى الله عليه وسلم التخفيف على أمته حتى نزلت الأحرف السبعة كان موجودا بمكة المكرمة. - والله أعلم- ¬
الفصل الثاني من الباب الأول صلة القراءات العشر بالأحرف السبعة
الفصل الثاني من الباب الأول صلة القراءات العشر بالأحرف السبعة بعد أن تدرجت في الحديث عن «القراءات القرآنية» وفقا للمنهج العلمي: فتحدثت أولا عن نشأة القراءات، وبينت بالأحاديث النبوية صحة ثبوتها، ونزولها على النبي عليه الصلاة والسلام. ثم ذكرت بالتفصيل اقوال العلماء في بيان المراد من انزال «القرآن» على سبعة احرف. ثم ترجمت للأئمة العشرة، وأثبت بالطرق العلمية صحة اتصال سندهم بالرسول صلّى الله عليه وسلم، وأن «القراءات» التي وصلت الينا عن طريقهم صحيحة، ومتوافرة. بعد هذا اخالني اجد سؤالا يفرض نفسه وهو: ما صلة القراءات العشر بالأحرف السبعة؟ وقبل أن أجيب على هذا السؤال مباشرة اذكر اقوال العلماء السابقين في ذلك: وبالرجوع الى ما كتب في هذه القضية امكنني تلخيصه في قولين: القول الأول: مؤداه ان «القراءات العشر» تعتبر حرفا واحدا من الأحرف السبعة التي نزلت على الرسول صلّى الله عليه وسلم. وقد جنح الى هذا كل من: 1 - أبي جعفر محمد بن جرير الطبري ت 310 هـ. 2 - أبي طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم تلميذ «ابن جرير». واليك ما ذكره كل منهما في هذا المقام:
قال «أبو جعفر الطبري» ت 310 هـ: «الأمة أمرت بحفظ «القرآن» وخيرت في قراءته وحفظه أي تلك الأحرف السبعة شاءت، كما أمرت اذا هي حنثت في يمين وهي موسرة أن تكفر بأي الكفارات الثلاث شاءت: اما بعتق، أو اطعام، أو كسوة. فلو أجمع جميعها على التكفير بواحدة من الكفارات الثلاث دون حظرها التكفير فيها بأي الثلاث شاء المكفر، كانت مصيبة حكم الله مؤيدة في ذلك الواجب عليها من حق الله، فكذلك الأمة أمرت بحفظ «القرآن» وخيرت في قراءاته بأي الأحرف السبعة شاءت: فرأت- لعلة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد- قراءته بحرف واحد، ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية، ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه بما اذن في قراءته به» .. ثم قال: «فحملهم «عثمان» رضي الله عنه على حرف واحد، وجمعهم على مصحف واحد، وحرق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه. فاستوثقت له الأمة على ذلك بالطاعة، ورأت أن فيما فعل من ذلك الرشد، والهداية، فتركت القراءة بالأحرف الستة التي عزم عليها امامها العادل في تركها طاعة منها له نظرا منها له نظرا منها لأنفسها ولمن ابعدها من سائر أهل ملتها، حتى درست من الأمة معرفتها، وتعفت آثارها فلا سبيل اليوم لأحد الى القراءة بها لدثورها، وعفو آثارها. وتتابع المسلمون على رفض القراءة بها من غير جحود منهم صحتها، فلا القراءة اليوم لأحد من المسلمين الا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم امامهم الشفيق الناصح دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية. ثم قال: «فان قال بعض من ضعفت معرفته: «كيف جاز لهم ترك قراءة اقرأهموها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأمرهم بقراءتها؟ قيل: ان أمره اياهم بذلك لم يكن أمر ايجاب وفرض، وانما كان أمر إباحة ورخصة» أهـ (¬1). ¬
وقال «أبو طاهر عبد الواحد بن أبي هاشم» تلميذ «الطبري»: «ان الامر بقراءة «القرآن» على سبعة احرف أمر تخيير ... الى ان قال: فثبتت الأمة على حرف واحد من السبعة التي خير فيها، وكان سبب ثباتها على ذلك ورفض الستة ما اجمع عليه صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحين خافوا على الأمة تكفير بعضهم أن يستطيل ذلك الى القتال وسفك الدماء، وتقطيع الأرحام، فرسموا لهم مصحفا أجمعوا جميعا عليه وعلى نبذ ما عداه لتصير الكلمة واحدة، فكان ذلك حجة قاطعة وفرضا لازما، وأما ما اختلف فيه أئمة القراءة بالأمصار من النصب، والرفع، والتحريك، والاسكان، والهمز، وتركه، والتشديد، والتخفيف، والمد، والقصر، وابدال حرف بحرف يوافق صورته فليس ذلك بداخل في معنى قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «انزل القرآن على سبعة احرف» وذلك من قبل أن كل حرف اختلف فيه أئمة القراءة لا يوجب المراء كفرا لمن مارى به في قول أحد من المسلمين» أهـ (¬1). القول الثاني: مفاده أن القراءات العشر تعتبر بعض الأحرف السبعة التي نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام. وقد جنح الى هذا القول جمهور العلماء، اذكر منهم كلا من: 1 - مكي بن أبي طالب ت 437 هـ. 2 - أبي العباس أحمد بن عمار المقرئ ت 440 هـ. 3 - أبي علي الأهوازي ت 406 هـ. واليك ما ذكره كل منهم في هذه المسألة: قال مكي بن أبي طالب: «هذه القراءات كلها التي يقرؤها الناس اليوم، وصحت روايتها عن الأئمة انما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها «القرآن» ووافق اللفظ بها خط المصحف الذي أجمع الصحابة فمن بعدهم عليه وعلى اطراح ¬
ما سواه» أهـ (¬1). وقال «أبو العباس أحمد بن عمار المقرئ» ت 440 هـ (¬2) «أصح ما عليه الحذاق من أهل النظر في معنى ذلك أن ما نحن عليه في وقتنا هذا من هذه القراءات هو بعض الحروف السبعة التي نزل عليها «القرآن». ثم قال: وتفسير ذلك: أن الحروف السبعة التي أخبر النبي صلّى الله عليه وسلم أن «القرآن» نزل عليها تجري على ضربين: الضرب الأول: زيادة كلمة أو نقص اخرى، وابدال كلمة مكان اخرى، وتقديم كلمة على اخرى ... وذلك نحو ما روي عن بعضهم: «ليس عليكم جناح ان تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج» (¬3). بزيادة «في مواسم الحج» وهي قراءة مروية عن كل من: 1 - عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه ت 32 هـ. 2 - عبد الله بن عباس، رضي الله عنه ت 68 هـ. 3 - عبد الله بن الزبير، رضي الله عنه ت 73 هـ (¬4). ونحو: «اذا جاء فتح الله والنصر» (¬5). وهي قراءة تروى عن: عبد الله بن عباس رضي الله عنه (¬6). ¬
فهذا الضرب وما أشبهه متروك لا تجوز القراءة به. ومن قرأ بشيء منه غير معاند، ولا مجادل عليه، وجب على الامام ان يأخذه بالأدب: بالضرب، والسجن، على ما يظهر له من اجتهاده، فان جادل عليه ودعا الناس اليه وجب عليه القتل، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «المراء في القرآن كفر» ولا جماع الأمة على اتباع المصحف المرسوم. الضرب الثاني: ما اختلف القراء فيه من اظهار، وادغام، وروم، واشمام، وقصر ومد، وتخفيف، وشد، وابدال حركة بأخرى، وياء بتاء، وواو بفاء، ونحو ذلك من الاختلافات المتقاربة، فهذا الضرب هو المستعمل في زماننا هذا، وهذا الذي عليه خط مصاحف الأمصار، سوى ما وقع فيه من اختلاف في حروف يسيرة، ثم قال: فثبت بهذا: أن هذه القراءات التي نقرؤها هي بعض من الحروف السبعة التي نزل عليها «القرآن» استعملت لموافقتها المصحف الذي اجتمعت عليه الأمة، وترك ما سواها من الحروف السبعة لمخالفتها لمرسوم خط المصحف، اذ ليس بواجب علينا القراءة بجميع الحروف السبعة التي نزل عليها «القرآن» واذ قد أباح النبي عليه الصلاة والسلام لنا القراءة ببعضها دون بعض لقوله تعالى: «فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ» (¬1) فصارت هذه القراءة المستعملة في وقتنا هذا هي التي تيسرت لنا بسبب ما رواه سلف الأمة رضوان الله عليهم من جميع الناس على هذا المصحف لقطع ما وقع بين الناس من الاختلاف وتكفير بعضهم لبعض» أهـ (¬2). تعليق وترجيح: أرى ان هذا القول الثاني هو الذي تطمئن اليه النفس، وتميل اليه، لأنه يعتبر متمشيا مع الواقع ومدعوما بالأدلة والبراهين. ¬
الرد على الطبري، ومن قال بقوله: وقد رد «أبو العباس أحمد بن عمار المقرئ ت 440 هـ على «الطبري» ومن قال بقوله بما يلي: «قد ذهب «الطبري» وغيره من العلماء الى أن جميع هذه «القراءات» المستعملة، أي الآن، ترجع الى حرف واحد وهو حرف «زيد بن ثابت» رضي الله عنه ت 45 هـ. قلت: لأن خط المصحف نفى ما كان يقرأ به من الفاظ الزيادة، والنقصان، والمرادفة، والتقديم، والتأخير. وكانوا قد علموا ان تلك الرخصة قد انتهت بكثرة المسلمين، واجتهاد القراء، وتمكنهم من الحفظ» أهـ (¬1). وقال «أبو علي الأهوازي» ت 446 هـ (¬2): «ولسنا نقول: ان ما قرأه هؤلاء السبعة يشتمل على جميع ما أنزله الله عز وجل من الأحرف السبعة التي أباح رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يقرأ بها» أهـ (¬3). - والله أعلم- ¬
الفصل الثالث من الباب الأول أهم المصادر التي اعتمد عليها «ابن الجزري» ت 833 هـ في نقل هذه القراءات
الفصل الثالث من الباب الأول أهم المصادر التي اعتمد عليها «ابن الجزري» ت 833 هـ في نقل هذه القراءات اعتمد «ابن الجزري» على العديد من المصادر الأصيلة أثناء نقله القراءات العشر المتواترة، كما أشار اليها في مقدمة كتابه «النشر في القراءات العشر» بقوله: «ذكر اسناد هذه القراءات من هذه الطرق، والروايات وها أنا أقدم أولا كيفية روايتي للكتب التي رويت منها هذه القراءات نصا، ثم أتبع ذلك بالأداء المتصل بشرطه» أهـ (¬1) والمصادر هي: 1 - كتاب المستنير في القراءات السبع: للامام «أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد الداني» المتوفى سنة اربع واربعين واربعمائة، منتصف شوال. 2 - كتاب مفردة يعقوب: للامام أبي عمرو الداني، سالف الذكر. 3 - كتاب جامع البيان في القراءات السبع: للامام «أبي عمرو الداني» أيضا، وهذا الكتاب يشتمل على نيف وخمسمائة رواية، وطريق عن الأئمة السبعة جمع فيه مؤلفه رحمه الله تعالى كل ما يعلمه من هذا العلم. 4 - كتاب الشاطبية في القراءات السبع: وهي القصيدة المسماة: «بحرز الأماني ووجه التهاني» من نظم الامام «أبي القاسم، القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الرعيني الأندلسي الشاطبي الضرير» المتوفى بالقاهرة في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة، سنة تسعين وخمسمائة هـ. 5 - كتاب شرح الشاطبية: للامام «أبي الحسن علي بن محمد السخاوي» المتوفى بدمشق سنة ثلاث وأربعين وستمائة هـ. ¬
6 - كتاب شرح الشاطبية:
6 - كتاب شرح الشاطبية: للامام «أبي القاسم عبد الرحمن بن اسماعيل الدمشقي» المعروف بأبي شامة، المتوفى عام خمس وستين وستمائة هـ. 7 - كتاب شرح الشاطبية: للشيخ «ابن العز بن رشيد الهمذاني» المتوفى بدمشق عام ثلاث واربعين وستمائة هـ. 8 - كتاب شرح الشاطبية: للامام «أبي عبد الله محمد بن الحسن الفاسي» المتوفى بحلب عام ست وخمسين وستمائة هـ. 9 - كتاب شرح الشاطبية: للامام «أبي اسحاق إبراهيم عمر الجعبري» المتوفى ببلدة الخليل بفلسطين عام اثنين وسبعمائة هـ. 10 - كتاب شرح الشاطبية: للامام «أبي العباس أحمد بن محمد بن عبد المولى بن جبارة المقدسي» المتوفى عام ثمان وعشرين وسبعمائة بالقدس. 11 - كتاب العنوان: للامام «أبي طاهر اسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران الانصاري» الاندلسي الاصل، ثم المصري، المتوفى بالقاهرة عام خمس وخمسين واربعمائة هـ. 12 - كتاب الهادي: للامام الفقيه «أبي عبد الله بن سفيان القيرواني» المالكي. المتوفى ليلة مستهل صفر سنة خمس عشرة واربعمائة هـ. بالمدينة المنورة، ودفن بالبقيع، بعد حجه ومجاورته بمكة سنة. 13 - كتاب الكافي: للامام الاستاذ «أبي عبد الله محمد بن شريح بن أحمد بن محمد»
14 - كتاب الهداية:
الرعيني الاشبيلي، المتوفى في شوال سنة ست وسبعين واربعمائة هـ بإشبيلية من الاندلس. 14 - كتاب الهداية: للامام المقرئ المفسر الاستاذ «أبي العباس أحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي» توفي فيما قاله الحافظ الذهبي بعد الثلاثين وأربعمائة هـ. 15 - كتاب التبصرة: للامام «أبي محمد مكي بن أبي طالب بن محمد بن مختار» القيسي القيرواني، ثم الاندلسي، توفي ثاني المحرم سنة سبع وثلاثين واربعمائة هـ بقرطبة. 16 - كتاب القاصد: لأبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد الخزرجي القرطبي المتوفى بقرطبة سنة ست واربعين واربعمائة هـ. 17 - كتاب الروضة: للامام أبي العمر أحمد بن عبد الله بن لب الطلمنكي الاندلسي نزيل قرطبة، والمتوفى بها بذي الحجة سنة تسع وعشرين واربعمائة هـ. 18 - المجتبى: للامام ابي القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر الطرسوسي نزيل مصر والمتوفى بها سلخ ربيع الاول سنة عشرين واربعمائة هـ. 19 - كتاب تلخيص العبارات: للامام المقري أبي علي الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمة الهواري القيرواني نزيل الاسكندرية، والمتوفى بها ثالث عشر رجب سنة اربع عشرة وخمسمائة هـ. 20 - كتاب التذكرة في القراءات الثماني: للامام أبي الحسن ظاهر بن الامام الاستاذ أبي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون الحلبي نزيل مصر، والمتوفى بها لعشر مضين من ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
21 - كتاب الروضة في القراءات الاحدى عشر:
21 - كتاب الروضة في القراءات الاحدى عشر: وهي قراءات العشرة المشهورة، وقراءة الأعمش، للامام أبي علي حسن ابن محمد بن إبراهيم البغدادي المالكي نزيل مصر، والمتوفى بها في شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين واربعمائة هـ. 22 - كتاب الجامع: تأليف الفارسي، وتوفي بمصر سنة احدى وستين واربعمائة. 23 - كتاب التجريد: للامام الاستاذ ابي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن خلف الصقلي المعروف بابن الفحام شيخ الاسكندرية، وتوفي بها في ذي القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة هـ. 24 - مفردة يعقوب: للامام ابن الفحام سالف الذكر. 25 - كتاب التلخيص في القراءات الثماني: للامام أبي معشر عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي بن محمد الطبري الشافعي شيخ أهل مكة، والمتوفى بها سنة ثمان وسبعين واربعمائة هـ.
26 - كتاب الروضة:
26 - كتاب الروضة: للامام أبي اسماعيل موسى بن الحسين بن اسماعيل بن موسى العدل. 27 - كتاب الاعلان: للامام عبد الرحمن بن اسماعيل بن عثمان بن يوسف الصفراوي الاسكندري، والمتوفى بها في ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وستمائة هـ. 28 - كتاب الارشاد: لأبي الطيب عبد المنعم بن عبد الله بن غلبون الحلبي نزيل مصر، والمتوفى بها في جمادى الاولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة هـ. 29 - كتاب الوجيز: للاستاذ أبي علي الحسن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز الاهوازي، نزيل دمشق، والمتوفى بها رابع ذي الحجة سنة ست واربعين واربعمائة هـ. 30 - كتاب السبعة: للامام أبي بكر احمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي البغدادي، والمتوفى بها في العشرين من شعبان سنة اربع وعشرين وثلاثمائة هـ. 31 - كتاب المستنير في القراءات العشر: للامام الاستاذ ابي طاهر احمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار البغدادي، والمتوفى بها سنة ست وتسعين واربعمائة هـ. 32 - كتاب المبهج في القراءات الثماني: وقراءة «ابن محيصن، والاعمش، واختيار خلف، واليزيدي» للامام أبي محمد عبد الله بن احمد بن عبد الله المعروف بسبط الخياط البغدادي، والمتوفى بها في ربيع الآخر سنة احدى واربعين وخمسمائة هـ. 33 - كتاب الايجاز. لسبط الخياط سالف الذكر. 34 - كتاب إرادة الطالب: في القراءات العشر، وفي فرش القصيدة المنجدة للامام سبط الخياط المذكور من قبل. 35 - كتاب تبصرة المبتدي: للامام سبط الخياط سالف الذكر. 36 - كتاب المهذب، في القراءات العشر: للامام الزاهد أبي منصور محمد بن احمد بن علي الخياط البغدادي، والمتوفى بها سادس عشر المحرم سنة تسع وتسعين واربعمائة هـ. 37 - كتاب الجامع «في القراءات العشر» وقراءة الأعمش: للامام أبي الحسن علي بن محمد علي بن فارس الخياط، البغدادي، والمتوفى بها في حدود سنة خمسين واربعمائة هـ. 38 - كتاب التذكار في القراءات العشر: للامام الاستاذ ابي الفتح عبد الواحد بن الحسين بن احمد بن عباس بن شيطا البغدادي، والمتوفى بها في صفر سنة خمس واربعين واربعمائة هـ. 39 - كتاب المفيد في القراءات العشر: للامام أبي نصر احمد بن مسرور بن عبد الوهاب البغدادي، والمتوفى بها في جمادى الاولى سنة اثنتين واربعين واربعمائة هـ.
40 - كتاب الكفاية في القراءات الست:
40 - كتاب الكفاية في القراءات الست: للامام سبط الخياط سالف الذكر. 41 - كتاب الموضح، والمفتاح في القراءات العشر: كلاهما للامام ابي منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون العطار البغدادي، والمتوفى بها سادس عشر رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة هـ. 43 - كتاب الكفاية الكبرى: للامام ابي العز سالف الذكر. 44 - كتاب كفاية الاختصار: للامام ابي العلاء الحسن بن احمد بن الحسن بن احمد بن محمد العطار الهمذاني، والمتوفى بها في تاسع عشر جمادى الاولى سنة تسع وستين وخمسمائة هـ. 45 - كتاب الاقناع في «القراءات السبع»: للامام أبي جعفر احمد بن علي بن احمد بن خلف بن الباذش الانصاري الغرناطي، والمتوفى بها في جمادى الآخرة سنة اربعين وخمسمائة هـ. 46 - كتاب الغاية: للإمام ابي بكر احمد بن الحسين بن مهران الاصبهاني، ثم النيسابوري، والمتوفى بها في شوال سنة احدى وثمانين وثلاثمائة هـ. 47 - كتاب المصباح «في القراءات العشر»: للامام ابي الكرم المبارك بن الحسن بن احمد بن علي بن فتحان الشهرزوري البغدادي: والمتوفى ثاني عشر ذي الحجة سنة خمسين وخمسمائة هـ. 48 - كتاب الكامل «في القراءات العشر»: للامام ابي القاسم يوسف بن علي بن جبارة بن محمد بن عقيل الهزلي المغربي نزيل نيسابور، والمتوفى بها سنة خمس وستين واربعمائة هـ.
49 - كتاب المنتهى في «القراءات العشر»:
49 - كتاب المنتهى في «القراءات العشر»: للامام أبي الفضل بن محمد بن جعفر الخزاعي، والمتوفى بها سنة ثمان واربعين واربعمائة هـ. 50 - كتاب الاشارة في «القراءات العشر»: للامام أبي نصر منصور بن أحمد العراقي. 51 - كتاب المفيد «في القراءات الثمان»: للامام المقرئ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الحضرمي، اليمني، والمتوفى في حدود سنة ستين وخمسمائة هـ. 52 - كتاب الكنز «في القراءات العشر»: للامام أبي محمد بن عبد الله بن عبد المؤمن بن الوجيه الواسطي، توفي في شوال سنة أربعين وسبعمائة هـ. 53 - كتاب الشفعة «في القراءات السبع»: من نظم الامام العلامة ابي عبد الله محمد بن احمد بن محمد الموصلي المعروف بشعلة، توفي سنة ست وخمسين وستمائة هـ. 54 - كتاب جمع الاصول «في مشهور المنقول»: نظم الامام المقرئ أبي الحسن علي بن أبي محمد بن أبي سعد الديواني الواسطي، والمتوفى بها سنة ثلاث واربعين وسبعمائة هـ. 55 - كتاب عقد اللئالئ «في القراءات السبع العوالي»: من نظم الامام الاستاذ أبي حيان محمد بن يوسف الاندلسي في وزن الشاطبية ورويها. 56 - كتاب الشرعية في القراءات العشر: للامام شرف الدين هبة الله بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن البارزي قاضي حماه، والمتوفى بها سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة هـ. 57 - كتاب البستان «في القراءات العشر»: للامام أبي بكر عبد الله بن عبد الرحيم ايدغدى الشمس الشهير بابن الجندى، توفي بالقاهرة آخر شوال سنة تسع وتسعين وسبعمائة هـ. 58 - كتاب مفردة يعقوب: لأبي محمد عبد الباري بن عبد الرحمن بن عبد الكريم الصعيدي، توفي بالاسكندرية سنة ست وخمسين وستمائة هـ. - والله اعلم-
الفصل الرابع من الباب الاول تاريخ القراء العشرة، أو الائمة العشرة
الفصل الرابع من الباب الاول تاريخ القراء العشرة، أو الائمة العشرة «تراجمهم وسلسلة سندهم في القراءات حتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم». الإمام الأول: نافع المدني ت 169 هـ: هو: أبو رويم نافع بن عبد الرحيم بن أبي نعيم الليثي، أصله من أصفهان، وهو من علماء الطبقة الرابعة، وكان شديد سواد اللون. قال الإمام مالك بن انس ت 179: «نافع امام الناس في القراءة» اهـ (¬1) وقال «أحمد بن هلال المصري»: قال لي الشيباني، قال لي رجل ممن قرأ على «نافع» كان اذا تكلم يشم من فمه رائحة المسك، قلت: «يا أبا عبد الله، أو يا أبا رويم اتتطيب كلما قعدت تقرئ؟ قال: ما أمس طيبا، ولكني رأيت النبي صلّى الله عليه وسلم وهو يقرأ في «في» فمن ذلك أشم من «في» هذه الرائحة» اهـ (¬2). ولد الامام نافع سنة 70 هـ سبعين هجرية. وكان رحمه الله تعالى صاحب دعابة وطيب اخلاق. قال عنه ابن «معين»: «كان ثقة» اهـ. وقال عنه «النسائي»: «ليس به بأس» اهـ. وقال عنه «ابو حاتم»: «كان صدوقا» اهـ (¬3). شيوخ نافع: اتفقت جميع المصادر على ان الامام نافع قرأ على سبعين من التابعين أذكر منهم: ¬
تلاميذ الامام نافع:
1 - أبا جعفر يزيد بن القعقاع ت 128 هـ 2 - عبد الرحمن بن هرمز الاعرج ت 117 هـ 3 - شيبة بن نصاح القاضي ت 130 هـ 4 - يزيد بن رومان ت 120 هـ 5 - مسلم بن جندب الهذلي ت 130 هـ وقد تلقى هؤلاء الخمسة القراءات عن ثلاثة من الصحابة وهم: 1 - ابو هريرة ت 59 هـ 2 - عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ت 68 هـ 3 - عبد الله بن عياش بن ابي ربيعة المخزومي ت 78 هـ وقد تلقى هؤلاء الثلاثة عن: أبي بن كعب ت 30 هـ وقرأ «أبي بن كعب» على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، عن الامين «جبريل» عليه السلام (¬1). من هذا يتبين ان قراءة الامام نافع صحيحة، ومتصلة السند بالرسول عليه الصلاة والسلام. تلاميذ الامام نافع: لقد تتلمذ على الامام نافع خلق كثير لا يحصون من المدينة المنورة والشام، ومصر، والبصرة، وغيرها من بلاد المسلمين، اذكر منهم: 1 - الامام مالك بن أنس، امام دار الهجرة ت 179 هـ 2 - أبا عمرو بن العلاء البصري ت 154 هـ 3 - اسماعيل بن جعفر بن وردان ت 160 هـ 4 - سليمان بن جماز ت 170 هـ 5 - عيسى بن مينا قالون ت 220 هـ 6 - ابو سعيد عثمان المصري «ورش» ت 197 هـ ¬
الامام الثاني:
انتهت الى الامام نافع رئاسة الاقراء بالمدينة المنورة، واقرأ بها اكثر من سبعين سنة. قال «الذهبي» ت 748 هـ: حدثنا «ابن مجاهد» ت 324 هـ عن محمد ابن اسحاق ت 290 هـ عن ابيه قال: لما حضرت نافعا الوفاة قال له ابناؤه «أوصنا» قال: اتقول الله واصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين». توفي الامام نافع بالمدينة المنورة سنة 169 هـ تسع وستين ومائة (¬1). الامام الثاني: ابن كثير ت 120 هـ. هو: عبد الله بن كثير بن عبد الله بن زاذان بن فيروز بن هرمز المكي، من علماء الطبقة الثالثة (¬2). قال «ابن الجزري» ت 833 هـ: «كان «ابن كثير» اماما في القراءة بمكة المكرمة، لم ينازعه فيها منازع» اهـ. وقال «الأصمعي» ت 215 هـ: قلت لأبي عمرو بن العلاء البصري قرأت على «ابن كثير» قال: نعم ختمت على «ابن كثير» بعد ما ختمت على «مجاهد» وكان اعلم بالعربية من «مجاهد» وكان فصيحا، بليغا، مفوها، أبيض اللحية طويلا أحمر، جسيما، يخضب بالحناء عليه السكينة. و «الوقار» ولد «ابن كثير» سنة 45 هـ خمس واربعين، وتوفي سنة 120 هـ عشرين ومائة (¬3). شيوخ ابن كثير: تلقى ابن كثير القراءة عن كل من: ¬
تلاميذ «ابن كثير»:
1 - أبي السائب عبد الله بن السائب المخزومي ت 68 هـ 2 - أبي الحجاج مجاهد بن جبر المكي ت 140 هـ 3 - درباس مولى ابن عباس. لم اقف له على تاريخ وفاة. وقرأ «عبد الله بن السائب» شيخ «ابن كثير» على: 1 - ابي بن كعب ت 30 هـ 2 - وعمر بن الخطاب ت 23 هـ وقرأ «مجاهد بن جبر» شيخ «ابن كثير» على: 1 - عبد الله بن عباس ت 68 هـ 2 - عبد الله بن السائب ت 68 هـ وقرأ «درباس» شيخ «ابن كثير» على: مولاه «عبد الله بن عباس». وقرأ عبد الله بن عباس على 1 - ابي بن كعب ت 30 هـ 2 - زيد بن ثابت ت 45 هـ وقرأ كل من «ابي بن كعب، وزيد بن ثابت» على رسول الله صلى الله عليه وسلم. من هذا يتبين ان قراءة «ابن كثير» صحيحة، ومتصلة السند بالنبي صلى الله عليه وسلم. تلاميذ «ابن كثير»: لقد تتلمذ على «ابن كثير» واخذ عنه القراءة عدد كثير، اذكر منهم: 1 - البزي: احمد بن محمد بن عبد الله بن ابي بزة ت 250 هـ 2 - قنبل: محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد المخزومي ت 291 هـ 3 - اسماعيل بن عبد الله القسطنطين ت 170 هـ 4 - اسماعيل بن مسلم ابن اسحاق المخزومي ت 159 هـ 5
الامام الثالث:
- الحارث بن قدامة، لم أقف له على تاريخ وفاة 6 - حماد بن سلمة ت 167 هـ 7 - الخليل بن أحمد ت 167 هـ 8 - سفيان بن عيينة ت 198 هـ 9 - أبا عمرو بن العلاء البصري ت 154 هـ الامام الثالث: «ابو عمرو بن العلاء البصري» ت 154 هـ هو: زبان بن العلاء بن عمار بن العريان المازني التميمي، البصري، وقيل: اسمه «يحيى» وقيل: اسمه كنيته، كان امام البصرة، ومقرئها (¬1) قال «ابن الجزري» «كان «ابو عمرو بن العلاء» اعلم الناس بالقرآن والعربية مع الصدق، والثقة، والامانة، والدين» اهـ (¬2). ولد «ابو عمرو» بمكة سنة 68 هـ وقيل: سنة 65 هـ. توفي بالكوفة سنة اربع وخمسين ومائة (¬3). شيوخ ابي عمرو: قرأ «أبو عمرو» على عدد كبير: بمكة المكرمة والمدينة المنورة، والكوفة، والبصرة، ويعتبر «ابو عمرو» اكثر القراء شيوخا، اذكر منهم: 1 - أبا جعفر يزيد بن القعقاع ت 128 هـ 2 - يزيد بن رومان ت 120 هـ 3 - شيبة بن نصاح ت 130 هـ 4 - نافع بن ابي نعيم ت 169 هـ 5 - عبد الله بن كثير ت 120 هـ 6 - مجاهد بن جبر ت 104 هـ ¬
تلاميذ ابي عمرو بن العلاء:
7 - الحسن البصري ت 110 هـ 8 - حميد بن قيس الاعرج المكي ت 130 هـ 9 - عبد الله بن ابي اسحاق الحضرمي ت 117 هـ 10 - عطاء بن ابي رباح ت 115 هـ 11 - عاصم بن ابي النجود ت 127 هـ 12 - يحيى بن يعمر ت 129 هـ 13 - أبا العالية رفيع بن مهران الرباحي، لم اقف له على تاريخ وفاة وقرأ «أبو العالية» شيخ «أبي عمرو» على: 1 - عمر بن الخطاب ت 23 هـ 2 - ابي بن كعب ت 30 هـ 3 - زيد بن ثابت ت 45 هـ 4 - عبد الله بن عباس ت 68 هـ وقرأ كل من: «زيد بن ثابت، وابي بن كعب» على رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬1) من هذا يتبين ان قراءة «ابي عمرو بن العلاء» متواترة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام. تلاميذ ابي عمرو بن العلاء: لقد تلقى القراءة على «ابي عمرو بن العلاء» خلق كثير اذكر منهم: 1 - الدوري: أبا عمر حفص بن عبد العزيز ت 246 هـ 2 - السوسى: أبا شعيب صالح بن زياد ت 261 هـ 3 - سلام بن سليمان الطويل ت 171 هـ 4 - شجاع بن ابي نصر ت 190 هـ 5 - العباس بن الفضل بن عمرو بن حنظلة ت 186 هـ 6 - عبد الله بن المبارك بن واضح ت 181 هـ 7 - ابو زيد الانصاري، سعيد بن اوس ت 215 هـ ¬
الامام الرابع:
8 - يونس بن حبيب البصري ت 185 هـ 9 - ابو عبيدة معمر بن المثنى ت 210 هـ قال «وكيع»: «قدم «ابو عمرو بن العلاء» «الكوفة» فاجتمعوا اليه كما اجتمعوا على «هشام بن عروة» اهـ. وقال «ابو عبيدة معمر بن المثنى»: كان «ابو عمرو» اعلم الناس بالقراءات، والعربية، وايام العرب، والشعر، وايام الناس» اهـ (¬1). وقال «ابن معين»: «ابو عمرو بن العلاء ثقة» أهـ (¬2). الامام الرابع: ابن عامر الشامي ت 118 هـ هو: عبد الله بن عامر الشامي اليحصبي، ويكنى أبا عمرو، وهو من التابعين، ومن علماء الطبقة الثالثة (¬3). قال «ابن عامر»: «ولدت سنة ثمان من الهجرة، بضيعة يقال لها «رحاب» «وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي سنتان» أهـ (¬4). ويعتبر «ابن عامر» امام «اهل الشام» في القراءة. قال «ابن الجزري» ت 833 هـ «كان «ابن عامر» اماما كبيرا، وتابعا جليلا، وعالما شهيرا، ام المسلمين بالجامع الاموي سنين كثيرة في ايام «عمر بن عبد العزيز» رضي الله عنه، فكان يأتم به وهو امير المؤمنين، وجمع له بين الامامة، والقضاء، ومشيخة الاقراء «بدمشق» فأجمع الناس على قراءته، وعلى تلقيها بالقبول، وهم الصدر الاول الذين هم أفاضل المسلمين» هـ (¬5). وقال احمد بن عبد الله العجلي»: «ابن عامر الشامي ثقة» اهـ (¬6). ¬
شيوخ ابن عامر:
توفي «ابن عامر» بدمشق سنة 118 هـ ثمان عشرة ومائة (¬1). شيوخ ابن عامر: قال «ابن الجزري» قرأ «ابن عامر» على كل من: 1 - ابي الهاشم المغيرة بن ابي شهاب ت 91 هـ 2 - عبد الله بن عمرو بن المغيرة المخزومي 3 - ابي الدرداء عويمر بن زيد بن قيس ت 32 هـ وقرأ «عبد الله بن المغيرة» شيخ ابن عامر «على: «عثمان بن عفان» رضي الله عنه ت 35 هـ وقرأ «ابو الدرداء» شيخ «ابن عامر»، «وعثمان بن عفان» على رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬2). من هذا يتبين ان قراءة «ابن عامر» متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام. تلاميذ ابن عامر: لقد تلقى القراءات على «ابن عامر» عدد كثير اذكر منهم: 1 - هشام بن عمار الدمشقي ت 245 هـ 2 - ابن ذكوان عبد الله بن احمد القرشي الدمشقي ت 242 هـ 3 - يحيى بن الحارث الذماري، الذي خلف «ابن عامر» 5 - ربيعة بن يزيد 6 - جعفر بن ربيعة 7 - اسماعيل بن عبد الله بن ابي المهاجر 8 - سعيد بن عبد العزيز 9 - خلاد بن يزيد بن صبيح المري 10 - يزيد بن ابي مالك (¬3) ¬
الامام الخامس:
الامام الخامس: عاصم الكوفي ت 127 هـ هو: عاصم بن بهدلة أبو النجود الاسدي، ويكنى أبا بكر، وهو من التابعين، ومن علماء الطبقة الثالثة (¬1). قال «ابن الجزري» ت 833 هـ «كان عاصم الامام الذي انتهت اليه رئاسة الاقراء بالكوفة بعد «ابي عبد الرحمن السلمي» ثم قال: «وقد جلس موضعه ورحل الناس اليه للقراءة، وكان قد جمع بين الفصاحة، والاتقان، والتحرير، والتجويد، وكان من احسن الناس صوتا بالقرآن (¬2). وقال «ابو بكر بن عياش»: «لا احصي ما سمعت أبا اسحاق السبيعي يقول: «ما رأيت أحدا اقرأ للقرآن من عاصم» اهـ (¬3). وقال «عبد الله بن احمد بن حنبل»: «سألت «أبيّ» عن «عاصم» فقال: «رجل صالح ثقة» اهـ (¬4) وقال «ابو بكر ابن عياش»: «دخلت على «عاصم» وقد احتضر فجعل يردد هذه الآية يحققها كأنه في الصلاة: «ثم ردوا الى الله مولاهم الحق» اهـ (¬5). توفي الامام «عاصم» بالكوفة سنة 127 هـ سبع وعشرين ومائة. ¬
شيوخ الامام عاصم:
شيوخ الامام عاصم: قال «ابن الجزري»: قرأ «عاصم» على كل من: 1 - ابي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمى ت 83 هـ 2 - ابي مريم زر بن حبيش الاسدي ت 83 هـ 3 - ابي عمرو سعد بن الياس الشيباني ت 96 هـ وقرأ هؤلاء الثلاثة على: عبد الله بن مسعود ت 32 هـ رضي الله عنه وقرأ كل من: «ابي عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش» على: 1 - عثمان بن عفان ت 35 هـ رضي الله عنه 2 - علي بن ابي طالب ت 40 هـ رضي الله عنه وقرأ «ابو عبد الرحمن السلمي» ايضا على: 1 - ابي بن كعب ت 30 هـ رضي الله عنه 2 - زيد بن ثابت ت 45 هـ رضي الله عنه وقرأ كل من: 1 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه 2 - عثمان بن عفان رضي الله عنه 3 - علي بن ابي طالب رضي الله عنه 4 - ابي بن كعب رضي الله عنه 5 - زيد بن ثابت رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬1). من هذا يتبين ان قراءة «الامام عاصم» متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي صلى الله عليه وسلم. ¬
تلاميذ الامام عاصم:
تلاميذ الامام عاصم: تلقى القراءات على «الامام عاصم» عدد كثير اذكر منهم: 1 - شعبة أبا بكر بن عياش ت 193 هـ 2 - حفصا أبا عمرو حفص بن سليمان بن المغيرة ت 180 هـ 3 - أبان بن تغلب ت 141 هـ 4 - هارون بن موسى الأعور ت 146 هـ (¬1) 5 - سليمان بن مهران الاعمش ت 147 هـ 6 - سهل بن شعيب، لم اقف له على تاريخ وفاة 7 - شيبان بن معاوية ت 164 هـ وروى عن «عاصم» حروفا من «القرآن» كل من: 1 - أبي عمرو بن العلاء ت 154 هـ 2 - حمزة بن حبيب الزيات ت 156 هـ 3 - الحارث بن نبهان لم اقف له على تاريخ وفاة 4 - هارون بن موسى الاعور ت 146 هـ (1) الامام السادس: حمزة الكوفي ت 156 هـ ويكنى أبا عمارة، وهو من علماء الطبقة الرابعة (¬2). قال «ابن الجزري» ت 833 هـ.: «كان «حمزة» امام الناس في القراءة بالكوفة بعد «عاصم» و «الاعمش» وكان ثقة كبيرا حجة رضيا، قيما بكتاب الله: مجودا، عارفا بالفرائض، والعربية حافظا للحديث، ورعا، عابدا، خاشعا، ناسكا، زاهدا، قانتا لله تعالى، لم يكن له نظير. ثم يقول «ابن الجزري»: «وكان «حمزة» يجلب الزيت من العراق الى «حلوان» ويجلب الجبن، والجوز منها الى الكوفة» اهـ (¬3). ¬
شيوخ الامام حمزة:
قال له «الامام أبو حنيفة»: شيئان غلبتنا عليهما، لسنا ننازعك: القرآن، والفرائض» أهـ (¬1). وكان «الاعمش» اذا رآه يقول: «هذا حبر القرآن» اهـ (¬2). وقال «حمزة» عن نفسه: «ما قرأت حرفا من كتاب الله تعالى الا بأثر» أهـ (¬3). وقال «عبد الله بن موسى»: ما رأيت أحدا اقرأ من «حمزة» أهـ (¬4). ولد «حمزة» سنة 80 ثمانين هجرية، وتوفي في خلافة «ابي جعفر المنصور» سنة 156 هـ ست وخمسين ومائة (¬5). شيوخ الامام حمزة: قال «ابن الجزري»: قرأ «حمزة» على كل من: 1 - ابي حمزة حمران بن اعين ت 129 هـ 2 - ابي اسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ت 132 هـ 3 - محمد بن عبد الرحمن بن ابي ليلى ت 148 هـ 4 - ابي محمد طلحة بن مصرف ت 122 هـ 5 - ابي عبد الله بن جعفر بن الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن ابي طالب. وقرأ «ابو محمد طلحة بن مصرف» شيخ «حمزة» على: 1 - ابي محمد يحيى بن وثاب ت 103 هـ 2 - الأسود بن يزيد بن قيس ت 62 هـ 3 - زر بن حبيش ت 82 هـ 4 ¬
- زيد بن وهب الكوفي ت 82 هـ 5 - عبيد بن نضلة وقرأ «عبيد بن نضلة» على: 1 - علقمة بن قيس بن مالك الصحابي ت 62 هـ وقرأ ابو حمزة حمران بن أعين شيخ «حمزة» على: 1 - محمد الباقر وقرأ ابو اسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ت 132 هـ شيخ «حمزة» على: 1 - ابي عبد الرحمن السلمى ت 73 هـ 2 - زر بن حبيش بن ابي مريم ت 82 هـ 3 - عاصم بن ضمرة، لم اقف له على تاريخ وفاة. 4 - الحارث بن عبد الله الهمذاني لم اقف له على تاريخ وفاة. وقرأ «عاصم بن ضمرة» والحارث بن عبد الله الهمذاني» على: 1 - علي بن ابي طالب رضي الله عنه ت 40 هـ وقرأ «علقمة بن قيس، والأسود بن يزيد بن قيس، وعاصم بن ضمرة، والحارث بن عبد الله الهمذاني» على: 1 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ت 32 هـ وقرأ «علقمة بن قيس، والأسود بن يزيد بن قيس، وعاصم بن ضمرة، والحارث بن عبد الله الهمذاني» على: 1 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ت 32 هـ وقرأ «جعفر الصادق» على ابيه «محمد الباقر». وقرأ «محمد الباقر» على ابيه «زين العابدين». وقرأ «زين العابدين» على ابيه «علي بن ابي طالب» رضي الله عنهما. وقرأ كل من: 1 - علي بن ابي طالب رضي الله عنه 2 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬1). ¬
تلاميذ حمزة الكوفي:
من هذا يتبين ان قراءة «حمزة الكوفي» متواترة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام. تلاميذ حمزة الكوفي: لقد اخذ القراءة على «حمزة» عدد كثير، اذكر منهم: 1 - خلف بن هشام البزار ت 229 هـ 2 - خلاد بن خالد الصيرفي ت 220 هـ 3 - سليم بن عيسى، لم اقف له على تاريخ وفاة. 4 - سفيان الثوري ت 161 هـ 5 - علي بن حمزة الكسائي ت 189 هـ 6 - يحيى بن زياد الفراء ت 217 هـ 7 - يحيى بن المبارك بن المغيرة ت 202 هـ (¬1) الامام السابع: الكسائي الكوفي ت 189 هـ هو: علي بن حمزة النحوي، ويكنى أبا الحسن، وقيل له الكسائي من اجل انه احرم في كساء (¬2). وهو من علماء الطبقة الرابعة (¬3). قال «ابن الجزري»: ت 833 هـ «كان الكسائي» امام الناس في القراءة في زمانه، واعلمهم بالقرآن» أهـ (¬4) وقال «ابو بكر الانباري» ت 833 هـ «اجتمعت في الكسائي عدة أمور: كان أعلم الناس بالنحو وواحدهم في الغريب، وكان أوحد الناس في «القرآن» فكانوا يكثرون عليه فيجمعهم ¬
شيوخ الامام الكسائي:
ويجلس على كرسي ويتلو «القرآن» من أوله الى آخره، وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع والمبادئ أهـ (¬1). وقال «الذهبي» ت 278 هـ «انتهت الى «الكسائي» الامامة في القراءة بعد وفاة شيخه حمزة (¬2) توفي «الكسائي» ببلدة يقال لها «رنبويه» بالري سنة 189 هـ تسع وثمانين ومائة وفي يوم وفاته توفي «محمد بن الحسن» صاحب ابي حنيفة، فقال «هارون الرشيد»: دفنا النحو، والفقه معا بالري (¬3). شيوخ الامام الكسائي: لقد تلقى الامام الكسائي على خلق كثير، اذكر منهم: 1 - حمزة بن حبيب الزيات ت 156 هـ وقد تقدم سند «حمزة» حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبناء عليه فالامام «الكسائي» يعتبر موصول السند حتى النبي عليه الصلاة والسلام، وقراءته تعتبر متواترة صحيحة. 2 - محمد بن عبد الرحمن بن ابي ليلى: ت 148 هـ وهو أحد شيوخ «حمزة» الكوفي. تلاميذ الامام الكسائي: لقد تتلمذ على «الكسائي» عدد كثير، اذكر منهم: 1 - أبا الحارث: الليث بن خالد البغدادي ت 240 هـ 2 - حفصا الدوري ت 246 هـ 3 - نصير بن يوسف الرازي 4 - قتيبة بن مهران الاصبهاني ت 202 هـ 5 - احمد بن شريح النهشلي 6 - أبا حمدون الطيب بن اسماعيل ¬
الامام الثامن:
7 - عيسى بن سليمان الشيرازي 8 - أبا عبيد القاسم بن سلام ت 224 هـ 9 - محمد بن سفيان (¬1) الامام الثامن: ابو جعفر المدني ت 128 هـ هو: يزيد بن القعقاع المخزومي المدني: أحد علماء الطبقة الثالثة (¬2). قال «ابن ابي الزناد»: «كان الامام ابو جعفر المدني، يقدم في زمانه على «عبد الرحمن بن هرمز الاعرج» ت 117 هـ وقال «ابن الجزري» ت 833 هـ «كان ابو جعفر تابعيا كبير القدر، انتهت اليه رئاسة القراءة بالمدينة المنورة» اهـ. وقال الامام مالك بن انس ت 179 هـ «كان ابو جعفر رجلا صالحا» وقال يحيى بن معين: «كان ابو جعفر امام اهل المدينة، وكان ثقة» أهـ (¬3). شيوخ الامام ابي جعفر: لقد تلقى القراءة «ابو جعفر» على كل من: 1 - مولاه «عبد الله بن عياش بن ابي ربيعة» ت 78 هـ 2 - عبد الله بن عباس ت 68 هـ 3 - ابي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ت 57 هـ وقرأ هؤلاء الثلاثة على: 1 - ابي بن كعب ت 30 هـ ¬
تلاميذ الامام ابي جعفر:
وقرأ «ابي بن كعب» على رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬1). من هذا يتبين ان قراءة «ابي جعفر» متواترة، ومتصلة السند بالنبي صلى الله عليه وسلم. تلاميذ الامام ابي جعفر: لقد تتلمذ على «ابي جعفر» عدد كثير اذكر منهم: 1 - نافعا المدني وهو الامام الاول ت 160 هـ 2 - أبا الحارث عيسى بن وردان ت 160 هـ 3 - أبا الربيع سليمان بن مسلم بن حجاز ت 170 هـ 4 - أبا عمرو بن العلاء البصري وهو الامام الثالث ت 154 هـ الامام التاسع: يعقوب الحضرمي ت 205 هـ هو ابو محمد يعقوب بن اسحاق بن زيد الحضرمي، وهو من علماء الطبقة الخامسة. قال «ابن الجزري» ت 205 هـ «كان «يعقوب» اماما كبيرا، وثقة، عالما، صالحا، دينا، انتهت اليه رئاسة القراءة بعد «ابي عمرو بن العلاء» وكان امام جامع البصرة سنين» (¬2) وقال «ابو حاتم السجستاني»: «هو من اعلم من رأيت بالحروف، والاختلاف في القراءات، وقال «احمد بن حنبل» «هو صدوق» أهـ (¬3). وقال «علي بن جعفر السعدي»: «كان يعقوب اقرأ أهل زمانه، وكان لا يلحن في كلامه» أهـ. وقال «ابو القاسم الهذلي»: ¬
شيوخ الامام يعقوب:
«لم ير في زمن يعقوب مثله» أهـ (¬1). توفي «يعقوب» في ذي الحجة سنة 205 هـ خمس ومائتين (¬2). شيوخ الامام يعقوب: قرأ «يعقوب» على كل من: 1 - ابي المنذر سلام بن سليمان المزني ت 171 هـ 2 - شهاب بن شرنفة ت 162 هـ (¬3) 3 - ابي يحيى مهدي بن ميمون ت 171 هـ 4 - ابي الاشهب جعفر بن حبان العطاردي ت 165 هـ ¬
تلاميذ الامام يعقوب الحضرمي:
وقرأ «ابو المنذر سلام بن سليمان المزني» على كل من: 1 - عاصم الكوفي، وهو الامام الخامس. 2 - ابي عمرو بن العلاء، وهو الامام الثالث. وقد تقدم سندهما. وقرأ «شهاب بن شرنفة» شيخ «يعقوب» على كل من: 1 - ابي عبد الله هارون بن موسى العتكي الاعور ت 189 هـ 2 - المعلى بن عيسى، لم اقف له تاريخ وفاة. وقرأ «ابو عبد الله هارون بن موسى» على كل من: 1 - عاصم الجحدري ت 127 هـ 2 - ابي عمرو بن العلاء ت 154 هـ وقرأ «ابو يحيى مهدي بن ميمون» شيخ «يعقوب» على كل من: 1 - شعيب بن الحبحاب البصري ت 130 هـ 2 - ابي العالية الرياحي، لم اقف له على تاريخ وفاة. وقرأ «ابو الاشهب» شيخ يعقوب على: 1 - ابي رجاء عمران بن ملحان العطاردي ت 105 هـ وقرأ «ابو رجاء عمران بن ملحان العطاردي» على: 1 - ابي موسى الاشعري ت 44 هـ وقرأ «ابو موسى الاشعري» على رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬1) من هذا يتبين ان قراءة «يعقوب الحضرمي» متواترة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام. تلاميذ الامام يعقوب الحضرمي: لقد تلقى القراءات على «يعقوب الحضرمي» عدد كثير اذكر منهم: 1 - رويسا: عبد الله محمد بن المتوكل البصري ت 234 هـ 2 - روحا: أبا الحسن بن عبد المؤمن البصري ت 234 هـ الامام العاشر: خلف البزار ت 229 هـ هو: ابو محمد خلف بن هشام بن ثعلب البزار ت 229 هـ ولد سنة 150 هـ خمسين ومائة، وحفظ «القرآن» وهو ابن عشر سنين، وابتدأ في طلب العلم، وهو ابن ثلاث عشرة سنة. وكان اماما كبيرا، وعالما فاضلا، زاهدا عابدا، ثقة (¬2). قال «ابن الجزري»: قال «ابو بكر بن أشتة»: «ان «خلف البزار» خالف شيخه «حمزة» - يعني في اختياره- في مائة وعشرين حرفا. ثم يقول «ابن الجزري»: «لقد تتبعت اختيار «خلف» فلم أره يخرج عن قراءة الكوفيين في حرف واحد، بل ولا عن «حمزة، والكسائي، وابي بكر» الا في حرف واحد، وهو قوله تعالى: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ (¬3). قرأها كحفص، والجماعة ¬
شيوخ الامام خلف البزار:
بالالف (¬1). وروى عنه ابو العز القلانسي» في «ارشاده» (¬2) السكت بين السورتين فخالف الكوفيين» اهـ (¬3). وقد توفي «خلف» في جمادى الآخرة سنة 229 هـ تسع وعشرين ومائتين (¬4). شيوخ الامام خلف البزار: لقد تلقى «خلف» القراءة عن كل من: 1 - سليم بن عيسى، عن «حمزة الكوفي» الامام السادس. 2 - يعقوب بن خليفة الأعشى، «ابي بكر شعبة بن عياش» ت 195 هـ 3 - ابي سعيد بن اوس الانصاري ت 215 هـ وقد قرأ كل من: «ابي بكر بن عياش، وابي زيد سعيد بن اوس الانصاري» على «عاصم الكوفي» الامام الخامس، وقد تقدم سند عاصم حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬5). من هذا يتبين ان قراءة «الامام خلف» متواترة وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام. تلاميذ الامام خلف البزار: لقد تتلمذ على «خلف» عدد كثير، اذكر منهم: 1 - اسحاق بن إبراهيم بن عثمان الوراق المروزي ت 268 هـ 2 - أبا الحسن ادريس بن عبد الكريم البغدادي- ت 292 هـ 3 ¬
- إبراهيم بن القصار، لم اقف له على تاريخ وفاة. 4 - احمد بن فريد الحلواني ت 252 هـ 5 - ادريس عبد الكريم الحداد، لم اقف له على تاريخ وفاة. 6 - محمد بن اسحاق شيخ بن شنبوذ ت 226 هـ تعقيب: بعد ان قدمت صورة واضحة عن تراجم «الائمة العشرة» وذكرت أسانيدهم في القراءة حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث اصبح جليا ان قراءة هؤلاء الائمة التي وصلت الينا ونقرأ بها الآن، ودونها الكثيرون في مصنفاتهم، واصبحت تدرس في دور التعليم هي قراءات صحيحة، ومتواترة، ولا ينبغي لاي شخص مهما كان أن يوجهه اليها أي طعن. - والله اعلم-
الباب الثاني أثر القراءات في اللهجات العربية القديمة
الباب الثاني أثر القراءات في اللهجات العربية القديمة وقد أدت طبيعة البحث أن يكون هذا الباب في ثلاثة فصول يسبقها تمهيد: اما «التمهيد» فقد ضمنته عدة نقاط هامة لها اتصال وثيق بموضوع البحث. واما الفصل الاول فقد خصصته بالحديث عن اللهجات العربية التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصوتي. واما الفصل الثاني فقد تحدثت فيه عن اللهجات العربية التي يرجع الاختلاف فيها الى اصل الاشتقاق. واما الفصل الثالث فقد ضمنته الحديث عن اللهجات العربية التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصرفي.
تمهيد
تمهيد ان دراستي لهذه اللهجات هي دراسة لغوية وصفية، تحليلية، تسجل اهم الظواهر اللغوية للهجة من النواحي: الصوتية والصرفية. ثم شرحها والتعليل لما يمكن تعليله منها. وسيكون حديثي في هذا التمهيد عن بعض النقاط الهامة التي لها صلة وثيقة بموضوع البحث مثل: تعريف كل من اللهجة، واللغة، والعلاقة بينهما، عوامل تكوين اللهجات، الصفات التي تتميز بها اللهجة، المراد من اللهجات العربية القديمة الخ .. تعريف اللهجة: اللهجة في الاصطلاح العلمي الحديث: هي مجموعة من الصفات اللغوية تنتمي الى بيئة خاصة، ويشترك في هذه الصفات جميع افراد هذه البيئة (¬1). حد اللغة: قال «ابو الفتح عثمان بن جني» ت 262 هـ (¬2) «حد اللغة: اصوات يعبر بها كل قوم عن اغراضهم» اهـ (¬3). وقيل: هي مجموعة من اللهجات تنتمي الى بيئة معينة اهـ. ¬
ورأى ان التعريف الاخير اوضح واشمل من الاول. فان قيل: ما هي العلاقة بين كل من اللهجة واللغة؟ أقول: لعل العلاقة بينهما هي العلاقة بين العام والخاص، لان اللغة تشتمل على عدة لهجات لكل منها ما يميزها، وجميع هذه اللهجات تشترك في مجموعة من الصفات اللغوية، والعادات التي تؤلف لغة مستقلة عن غيرها من اللغات. فان قيل: كيف تتكون اللهجات؟ اقول: هناك عاملان رئيسيان يعزى اليهما تكوين اللهجات في العالم هما: ا- الانعزال بين بيئات الشعب الواحد. ب- الصراع اللغوي نتيجة غزو، او هجرات. وقد شهد التاريخ نشوء هدة لهجات مستقلة واحدة. نتيجة أحد هذين العاملين، او كليهما معا. فنحن حين نتصور لغة من اللغات قد اتسعت رقعتها، ونصل بين اجزاء اراضيها عوامل جغرافية، او اجتماعية، نستطيع ان نحكم على امكان تشعب هذه اللغة الواحدة الى عدة لهجات، بناء على هذا الانفصال، وقلة احتكاك ابناء الشعب الواحد بعضهم ببعض. وخير مثل يمكن ان يضرب لهذا الانعزال الذي يشعب اللغة الواحدة الى عدة لهجات، تلك اللهجات العربية القديمة في جزيرة العرب. اما العامل الثاني لتكوين اللهجات فمثاله: ان يغزو شعب من الشعوب ارضا يتكلم اهلها بلغة خاصة بهم: عندئذ يقوم صراع عنيف بين اللغتين: الغازية، والمغزوة. وتكون النتيجة ان ينشأ من هذا الصراع لهجة مشتقة من كلتا اللغتين معا. وقد حدثنا التاريخ عن امثلة كثيرة للصراع اللغوي، مثال ذلك: حينما فتح العرب جهات متعددة اللغات استطاعت اللغة العربية آخر الأمر ان تصرع تلك اللغات في مهدها، حيث تغلبت على «الآرامية» في
العراق، والشام، وعلى «القبطية» في مصر، وعلى «البربرية» في بلاد المغرب، وعلى «الفارسية» في بعض بقاع مملكة فارس القديمة (¬1). فان قيل: ما هي الصفات التي تتميز بها اللهجة؟ أقول: لعلها تنحصر في الأصوات، وطبيعتها، وكيفية صدورها. اذا فالفرق الذي يفرق بين لهجة واخرى هو بعض الاختلاف الصوتي في غالب الاحيان مثل: ا- الاختلاف في مخرج بعض الاصوات اللغوية: ب- الاختلاف في مقاييس بعض اصوات اللين، مثل: الحركات الطويلة، والحركات القصيرة (¬2). ح- الاختلاف في قوانين التفاعل بين الاصوات المتجاورة حين يتأثر بعضها ببعض. فان قيل: ما هو المقصود من اللهجات العربية القديمة؟ اقول: ليس المراد من ذلك تلك النقوش التي عثر عليها في شمال شبه الجزيرة العربية في العهود التي سبقت الادب الجاهلي منذ زمن بعيد، بل المقصود هو تلك اللهجات التي نقل الينا طرف منها في كتب اللغة، والادب، والتاريخ، الممثلة في شعرهم، ورجزهم، ونثرهم الخ والتي كانت ذات صفات خاصة تتميز بها القبائل العربية قبيل ظهور الاسلام. فان قيل: نريد ان تبين أثر «القراءات» في اللهجات العربية القديمة؟ أقول: هذا الاثر واضح وجلي كل الوضوح. ولكن لا يستطيع ان يعرف ذلك، ويكتشفه الا من رزقه الله بسطة في علوم العربية، مع قراءات القرآن الكريم. وهذا الاثر يتجلى في العديد من الامور، اذكر منها ما يلي: 1 - لقد كان للقرآن الكريم، وقراءاته الاثر الواضح في تهذيب لهجات ¬
الكثير من القبائل التي كانت موجودة وقت نزول القرآن: ومن يقرأ ما اثر عن هذه القبائل من شعر ونثر يلحظ ذلك جليا. ب- لقد كان لاختلاط العرب بغيرهم من غير الاجناس المختلفة. اصحاب اللهجات المتعددة الاثر الواضح في ضياع اللهجات العربية القديمة. ولولا «القرآن» وقراءاته، لضاعت تلك اللهجات التي لا زالت موجودة منذ نزول القرآن الى ان يرث الله الارض ومن عليها. من هذا يتضح جليا ان «القرآن» وقراءاته، كان لهما الاثر الواضح والفضل الذي لا يختلف فيه اثنان في الحفاظ على الكثير من اللهجات العربية القديمة، التي اصبحت في ذمة التاريخ. ح- لولا «القرآن» وقراءاته، ما عرف الكثيرون من بني الانسان هذه اللهجات، التي لا زال يرددها وينطق بها الملايين من شتى بقاع الارض بما فيهم العربي، وغير العربي. الا يعتبر ما ذكرته اثرا واضحا للقراءات على اللهجات العربية؟ فإن قيل: ما هي الحكمة من اشتمال قراءات القرآن على لهجات لمعظم قبائل العربية. اقول: هذا ان دل على شيء فانما يدل على غاية عظيمة. وهي: توحيد العرب الذين كانوا متفرقين قبل نزول القرآن بحيث تجد كل قبيلة في «القرآن» الذي هو دستور الجميع، الفاظ من اللهجة التي تتكلم بها، وفي ذلك شرف عظيم للجميع. ثم لعل هناك هدفا اسمى من هذا، وهو ان «القرآن» لعله يوحي بإيجاد لغة واحدة تكون اللغة النموذجية للعرب جميعا، هي تلك اللغة المتكاملة، والتي تعتبر من أرقى اللغات واعذبها وابلغها، الا فهي لغة «القرآن» التي جاءت ممثلة لمعظم القبائل العربية. فان قيل: نريد صورة واضحة عن القبائل التي شرفها الله تعالى وانزل القرآن بلهجاتها؟ اقول: لعل هذه القبائل كثيرة، ولكني سأكتفي بذكر ما يلي منها وتتميما للفائدة سأذكر هذه القبائل مرتبة حسب حروف الهجاء:
الأزد: من اعظم القبائل العربية، واشهرها، تنسب الى «الأزد بن الغوث بن كهلان» من القحطانية، وتنقسم اربعة اقسام: 1 - ازد شنوءة، ونسبتهم الى «كعب بن الحارث» وكانت منازلهم «السراة». 2 - ازد غسان، وكانت منازلهم في شبه جزيرة العرب، وبلاد الشام 3 - ازد السراة، وكانت منازلهم في الجبال المعروفة بهذا الاسم. 4 - ازد عمان، وكانت منازلهم بعمان (¬1). أسد: أسد بن خزيمة: قبيلة عظيمة من العدنانية، تنسب الى «أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر» وهي ذات بطون كثيرة، وكانت منازلهم فيما يلي «الكرخ» من ارضي «نجد» وفي مجاورة «طيء» ثم تفرقوا بعد الاسلام على الاقطار، فنزلوا العراق وسكنوا الكوفة منذ سنة 19 هـ (¬2) بكر بن وائل: قبيلة عظيمة من العدنانية، تنسب الى «بكر بن وائل بن نزار بن معد بن عدنان» كانت ديار «بكر بن وائل» من «اليمامة» الى «البحرين» فأطراف سواد العراق، وتقدمت شيئا فشيئا في العراق فقطنت على «دجلة» في المنطقة المدعوة باسم: ديار بكر (¬3). بلحارث: «بلحارث بن كعب» فخذ من «القحطانية» وهم بنو «بلحارث بن كعب بن عمرو بن .. مذجح» «بنو الاوبر» (¬4). ¬
تميم: قبيلة عظيمة من «العدنانية» تنسب الى «تميم بن مرة بن مضر بن نزار» كانت منازلهم بأرض «نجد» دائرة من هنا لك على البصرة، واليمامة حتى يتصلوا بالبحرين، ثم تفرقوا في الحواضر، ولتميم بطون كثيرة (¬1). بنو الحارث: من أهم قبائل اليمن، تقع ديارهم بين صنعاء، ومأرب، كانت منازلهم في شعوب مما يلي صنعاء، وتمتد اراضيها الى اطراف بلاد «بني حشيش» في قرية الفرس (¬2). خثعم: قبيلة من القحطانية، كانت منازلهم بجبال السراة، وما والاها (¬3). ربيعة: شعب عظيم فيه قبائل عظام، وبطون، وافخاذ، ينتسب الى «ربيعة بن نزار بن سعد بن عدنان» كانت ديارهم من بلاد «نجد. وتهامة» فكانت بقرن المنازل، وعكاظ وحنين، ثم وقعت الحرب بين «بني ربيعة» فتفرقت في تلك الحرب، فارتحلت بطونها الى بقاع مختلفة، فاختار بعضهم «البحرين» و «هجر، ونجد والحجاز» (¬4). زبيد: «زبيد بن ربيعة» بطن من «زبيد» الاكبر، من «القحطانية» ويعرف هذا بزبيد الاصغر، اما زبيد الاكبر، فهو «زبيد بن صعب» من بلادهم، وقراهم «زغان» ومن حصونهم باليمن «العصم» (¬5). ¬
سعد العشيرة: تعرف بذوي سعد من بني إبراهيم، من بنى مالك، من جهينة، احدى قبائل الحجاز (¬1). بنو سعد: بطن من هوازن بن قيس بن عيلان، من العدنانية، وهم «بنو سعد بن بكر بن هوازن» .. بن قيس عيلان، من أوديتهم: قرن الجبال، وهو واد يجيء من السراة (¬2). طيّئ: طيّئ بن أدد، قبيلة عظيمة من كهلان، من القحطانية، يتفرع من طيّئ بطون، وأفخاذ عديدة، كانت منازلهم باليمن، فخرجوا منها على اثر خروج «الأزد» ثم ملئوا السهل، والجبل، حجازا وشاما، وعراقا ومصر (¬3). فزارة: بطن عظيم من غطفان، من العدنانية، وهم بنو فزارة بن ذبيان بن مضر ابن نزار بن معد بن عدنان، وينقسم الى خمسة افخاذ، كانت منازلهم بنجد، ووادي القرى، ثم تفرقوا فنزلوا بصعيد مصر، وضواحي القاهرة في قليوب مصر وما حولها. وفي المنطقة الواقعة بين برقة، وطرابلس، والمغرب الاقصى (¬4). قريش: قبيلة عظيمة، وقريش ولد مالك بن النضر بن كنانة، وقالوا هم من ولد فهر بن مالك (¬5). ¬
قضاعة: شعب عظيم، واختلف الناسبون فيه، فقالوا من حمير من القحطانية، وهم بنو قضاعة بن مالك بن مرة بن حمير، وذهب بعضهم الى ان قضاعة من العدنانية، ويقولون هو قضاعة بن معد بن عدنان، كانت منازلهم في «الشحر» ثم في نجران، ثم في الشام، فكان لهم ملك ما بين الشام، والحجاز، الى العراق في أيلة وجبل الكرك الى مشارف الشام (¬1). قيس: بطن من الخزرج من القحطانية، وهم بنو قيس بن معد بن الخزرج. وغلب اسم قيس على سائر العدنانية حتى جعل في المثل مقابل عرب اليمن قاطبة (¬2). كنانة: قبيلة عظيمة من العدنانية، وهم بنو كنانة بن خزيمة بن معد بن عدنان كانت ديارهم بجهات «مكة» وقدمت طائفة منهم الديار المصرية (¬3). لخم: بطن عظيم ينسب الى «لخم»، واسمه مالك بن عدي بن الحارث بن مرة، من القحطانية، كانت مساكنهم متفرقة، واكثرها بين الرملة ومضر في الجفار، وقد نزل قوم منهم بمنطقة بيت المقدس، ولذا يسميها العامة اليوم «بيت لحم» (¬4). مضر: هو مضر بن نزار، قبيلة عظيمة من العدنانية، كانت ديارهم حيز الحرم الى السروات وما دونها من الغور، وكانوا من اهل الكثرة، ¬
والغلب بالحجاز، وكانت لهم رئاسة مكة (¬1). هذيل: هذيل بن مدركة: بطن من مدركة، بن الياس، من العدنانية، وهم بنو هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد، كانت منازلهم بالسروات وسرواتهم متصلة بجبل غزوان المتصل بالطائف تفرقوا بعد الاسلام (¬2). همدان: من قبائل اليمن، تقع ديارهم شمال صنعاء (¬3). هوازن: هوازن بن منصور، بطن من قيس عيلان، من العدنانية، وهم بنو هوازن ابن منصور بن عكرمة بن قيس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، له افخاذ كثيرة، كانوا يقطنون في «نجد» مما يلي اليمن، ومن اوديتهم حنين (¬4). ¬
الفصل الأول من الباب الثاني اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصوتي
الفصل الأول من الباب الثاني اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصوتي ويتمثل ذلك في توجيه القضايا الآتية: 1 - ظاهرة الاظهار والادغام. ب- ظاهرة تخفيف الهمز. ح- ظاهرة الفتح والامالة. د- ظاهرة الفتح والاسكان في ياءات الاضافة. هـ- ظاهرة الاشمام وعدمه في لفظي: الصراط وصراط. وظاهرة الاسكان والتحريك في لفظي «هو وهي» ز- الاشمام وعدمه في لفظ قيل «واخواتها». كما يتمثل ذلك ايضا في توجيه قراءة كلمات مرتبة حسب ترتيب «القرآن». وهذا تفضيل الكلام على هذا النوع من اللهجات. «ظاهرة الاظهار والادغام» الاظهار، والادغام، احدى الظواهر اللغوية التي اهتم بها العلماء قديما وحديثا، ووضع لها الكثير من الضوابط: والقواعد. واختلف العلماء في تعليلها، وتفسيرها، وفي أي القبائل العربية التي كانت تميل الى النطق بالاظهار، وأيها كانت تميل الى الادغام الخ .. وسيرى القارئ من خلال عرضي لهذه الظاهرة محاولة الالمام بشتى جوانبها المبعثرة هنا وهناك. وفي البداية نتعرف على حقيقة كل من الاظهار، والادغام فنقول: الاظهار: لغة البيان، واصطلاحا اخراج كل حرف من مخرجه من غير
والادغام؟
عنه في الحرف المظهر (¬1). والادغام: لغة ادخال الشيء، يقال: ادغمت اللجام في فم الدابة اي ادخلته فيه، واصطلاحا: النطق بالحرفين حرفا واحدا كالثاني مشددا (¬2). فان قيل: أيهما الأصل: الاظهار، أو الادغام؟ اقول: لعل الاظهار هو الاصل، حيث لا يحتاج الى سبب في وجوده. فان قيل: يفهم من كلامك ان الادغام له سبب فما هو؟ اقول: اسباب الادغام ثلاثة: التماثل، او التقارب، او التجانس، وحينئذ اجد سؤالا يفرض نفسه وهو: ما حقيقة كل نوع من هذه الاسباب؟ اقول: التماثل: هو ان يتفق الحرفان في المخرج والصفات معا مثل الباءين في نحو قوله تعالى: اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ (¬3). والتقارب: هو ان يتقارب الحرفان في المخرج، والصفات، مثل: اللام، والراء، في نحو قوله تعالى: وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ (¬4) وذلك لان مخرج كل من اللام، والراء قريب من مخرج الحرف الآخر، فاللام تخرج من ادنى حافتي اللسان بعد مخرج الضاد الى منتهى طرفه مع ما يليه من اصول الثنايا العليا. والراء تخرج من طرف اللسان مما يلي ظهره مع ما فوقه من الحنك الاعلى (¬5). وهما ايضا متقاربان في الصفات وذلك لاشتراكهما في الصفات الآتية: الجهر، والتوسط، والاستفال، والانفتاح، والاذلاق، والانحراف (¬6) ¬
والتجانس:
او يتقارب الحرفان في المخرج، ويتباعدان في الصفات: مثل: «الدال، والسين» في نحو قوله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها (¬1) والدال والسين، متقاربان في المخرج. فالدال تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من اصول الثنايا العليا. والسين تخرج من طرف اللسان مع اطراف الثنايا السفلى (¬2). وهما متباعدان في الصفات حيث ان الدال مجهورة، وشديدة، ومقلقة. والسين مهموسة، ورخوة، وصفرية (¬3). يتباعدان في المخرج، ويتقاربان في الصفة، مثل: «الذال والجيم» في نحو قوله تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً (¬4): فالذال، والجيم متباعدان في المخرج، ومتقاربان في الصفات: اما التباعد في المخرج، فلأن الذال تخرج من طرف اللسان مع اطراف الثنايا العليا. والجيم تخرج من وسط اللسان مع ما يليه من الجنك الاعلى (¬5). واما التقارب في الصفات، فلأن كلا منهما مشترك في الصفات الآتية: الرخاوة، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (¬6). والتجانس: هو ان يتفق الحرفان في المخرج دون الصفات (¬7). مثل: الدال والتاء في نحو قوله تعالى: قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (¬8) فالذال، والتاء يخرجان من مخرج واحد وهو طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا (¬9). ¬
شروط الادغام:
كما نجدهما مشتركين في الصفات التالية: الهمس، والشدة، والاستفال، والانتفاح، والاصمات (¬1). هذا ما قرره علماء التجويد. وقال علماء الاصوات: الدال صوت شديد مجهور يتكون بأن يندفع الهواء مارا بالحنجرة فيحرك الوترين الصوتيين، ثم يأخذ مجراه في الحلق والفم حتى يصل الى مخرج الصوت فينحبس هناك فترة قصيرة جدا لالتقاء طرف اللسان واصول الثنايا العليا، التقاء محكما، فاذا انفصل اللسان عن اصول الثنايا العليا سمع صوت انفجاري نسميه الدال (¬2). وأما التاء فهي صوت شديد مهموس (¬3). شروط الادغام: ان يلتقي الحرفان المدغم والمدغم فيه خطا ولفظا، او خطا لا لفظا: ليدخل نحو: «انه هو» لان الهاءين وان لم يلتقيا لفظا لوجود الواو المدية اثناء النطق، فانهما التقيا خطا، اذ الواو المدية لا تكتب في الخط. اذا فالعبرة في الادغام هو التقاء الحرفين خطا نحو «انه هو» وخرج نحو «انا نذير» لان النونين وان التقيا لفظا الا ان الالف تعتبر فاصلة بينهما، ولذا فان النونين في هذا المثال لا تدغمان، وكذا كل ما يماثلهما. موانع الادغام: بالتتبع وجدت موانع الادغام تتمثل فيما يلي: أولا: كون الحرف الذي يراد ادغامه تاء ضمير، سواء كان للمتكلم. او المخاطب: فالأول نحو: كُنْتُ تُراباً (¬4) والثاني نحو: أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ (¬5) ولعل السبب في منع ادغام «تاء الضمير» الحرص على عدم اللبس الذي ¬
اقسام الادغام:
يحدث من الادغام، اذ الادغام يجعل النطق بتاء المتكلم، والمخاطب واحدا، اذا فالعلامة الصوتية المميزة بين التاءين هي ان تاء المتكلم مضمومة، وتاء المخاطب مفتوحة، والادغام يذهب هذا الفارق، من اجل ذلك امتنع الادغام حرصا على عدم اللبس. ثانيا: كون الحرف المدغم مشددا نحو: مَسَّ سَقَرَ (¬1). وذلك لان الحرف المشدد بحرفين: الاول ساكن، والثاني متحرك، اذا فالحرف الثاني لا يحتمل أن يدغم فيه حرفان في وقت واحد، لهذا وجب الاظهار. ثالثا: كون الحرف الاول متحركا والثاني ساكنا وهما في كلمة واحدة، نحو «يمسك» من قوله تعالى: إِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (¬2). ولعل السبب في منع الادغام في مثل هذا النوع هو الثقل الذي سيتأتى من الادغام، وحينئذ يفوت الغرض الذي من اجله كان الادغام وهو اليسر والسهولة. رابعا: كذلك لا يدغم حرف في حرف ادخل منه في المخرج، مثل الواو، والقاف. في نحو قوله تعالى: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ (¬3). اذ الواو تخرج من الشفتين، والقاف تخرج من اقصى اللسان مع ما فوقه من الحنك الاعلى. والسبب في منع الادغام في هذا النوع الثقل، لانه يلزم من الادغام انعكاس الصوت، فبعد ان يكون الصوت منبعثا الى خارج الفم نحاول رده مرة اخرى الى الداخل، وفي هذا غاية الصعوبة، ويفوت وجه الادغام وهو التخفيف. اقسام الادغام: ينقسم الادغام الى كبير، وصغير: ¬
فالكبير: هو ان يتحرك الحرفان معا المدغم، والمدغم فيه نحو الراءين في قوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ (¬1). والصغير: هو ان يكون المدغم ساكنا، والمدغم فيه متحركا، نحو التاءين في قوله تعالى: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ (¬2). وسمي الاول كبيرا لكثرة العمل فيه: وهو تسكين الحرف اولا ثم ادغامه ثانيا. وسمي الثاني صغيرا لقلة العمل فيه، وهو الادغام فقط. كما ان الادغام ينقسم الى كامل، وناقص: فالكامل: هو ان يذهب الحرف وصفته، مثل ادغام النون الساكنة في الراء في نحو قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ (¬3). والناقص: هو ان يذهب الحرف، وتبقى صفته، مثل ادغام النون الساكنة في الياء، نحو قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ (¬4). على قراءة الجمهور: مما تقدم تبين ان وجه الاظهار الاصل، لانه لا يحتاج الى سبب. وهو الاكثر في الحروف. ووجه الادغام إرادة التخفيف: ولا يكون الا بسبب. وبما ان الادغام ظاهرة صوتية تحدث بسبب تأثر الاصوات المتجاورة بعضها ببعض، وكثيرا ما يحدث ذلك في البيئات البدائية حيث السرعة في النطق ببعض الكلمات، ومزج بعضها ببعض فلا يعطى الحرف حقه الصوتي من تجويد في النطق به. ونحن اذا ما علمنا ان البيئة «العراقية» قد نزح اليها العديد من القبائل التي هي اقرب الى البداوة مما عاشوا في البيئة الحجازية امكننا ان ¬
ظاهرة تخفيف الهمز
نتصور أن «الادغام» كان اكثر شيوعا في لهجات القبائل النازحة الى العراق. ولعل ذلك هو الذي جعل قراء «الكوفة، والبصرة، والشام» اكثر نقلا للادغام من قراء «مكة، والمدينة». نظرا لان البيئة الحجازية كانت بيئة استقرار، وبيئة حضارة نسبيا فيها يميل الناس الى التأني في النطق، والى تحقيق الاصوات وعدم الخلط بينها. - والله اعلم- ظاهرة تخفيف الهمز الهمز من أصعب الحروف في النطق، وذلك لبعد مخرجها اذ تخرج من اقصى الحلق، كما اجتمع فيها صفتان من صفات القوة: وهما: الجهر، والشدة. والهمزة صوت صامت حنجري انفجاري، وهو يحدث بأن تسد الفتحة الموجودة بين الوترين الصوتيين وذلك بانطباق الوترين انطباقا تاما فلا يسمح للهواء بالنفاذ من الحنجرة: يضغط الهواء فيما دون الحنجرة ثم ينفرج الوتران فينفذ الهواء من بينهما فجأة محدثا صوتا انفجاريا (¬1). لذلك فقد عمدت بعض القبائل العربية الى تخفيف النطق بالهمز. فمن الحقائق العامة ان الهمز كان خاصة من الخصائص البدوية التي اشتهرت بها قبائل وسط الجزيرة العربية وشرقيها: «تميم» وما جاورها. وان تخفيف الهمز كان خاصة حضرية امتازت بها لهجة القبائل في شمال الجزيرة وغربيها. وقد ورد النص في كلام «ابي زيد الانصاري» ت 215 هـ ان «اهل الحجاز، وهذيل، واهل مكة، والمدينة المنورة لا ينبرون» (¬2). ¬
وقد نسب عدد من العلماء الاوائل ظاهرة تخفيف الهمز الى «الحجازيين». ولكن ينبغي ان لا نأخذ هذا الحكم مأخذ الصحة المطلقة لاعتبارين: الاول: ان الاخبار تدل على ان بعض «الحجازيين» كانوا يحققون الهمز. الثاني: ان تخفيف الهمز لم يكن مقصورا على منطقة دون اخرى وانما كان فاشيا في كثير من المناطق العربية وان تفاوتت صوره ودرجاته (¬1). واذا كانت القبائل البدوية التي تميل الى السرعة في النطق، وتسلك ايسر السبل الى هذه السرعة فان تحقيق الهمز كان في لسان الخاصة التي تخفف من عيب هذه السرعة، أي ان الناطق البدوي تعود النبر في موضع الهمز، وهي عادة املتها ضرورة انتظام الايقاع النطقي، كما حكمتها ضرورة الابانة عما يريده من نطقه لمجموعة من المقاطع المتتابعة السريعة الانطلاق على لسانه، فموقع النبر في نطقه كان دائما ابرز المقاطع وهو ما كان يمنحه كل اهتمامه وضغطه. اما القبائل الحضرية فعلى العكس من ذلك، اذ كانت متأنية في النطق، متئدة في ادائها او إذا لم تكن بها حاجة الى التماس المزيد من مظاهر الاناة، فأهملت همز كلماتها، أعني المبالغة في النبر واستعاضت عن ذلك بوسيلة اخرى كالتسهيل، والابدال، والاسقاط (¬2). وبالتتبع وجدت الوسائل التي سلكها العرب لتخفيف الهمز ما يلي: النقل- والابدال- والتسهيل- والحذف. وقد وردت القراءات القرآنية الصحيحة بكل ذلك: فالنقل يجوز عند القراء اذا كانت الهمزة متحركة بعد ساكن صحيح، فاذا اريد تخفيفها فانها تحذف بعد نقل حركتها الى الساكن الذي قبلها سواء كانت حركتها فتحة: نحو «قرآن- قد افلح» او كسرة نحو: «من ¬
استبرق» او ضمه نحو: «قل أوحى». وذلك لقصد التخفيف، ومظهر الصوتيات هنا اننا حذفنا من الكلمة مقطعا صوتيا كما اننا حذفنا صوت الهمزة. اما الابدال: فان الهمزة الساكنة تقع بعد فتح نحو: «الهدى ائتنا» او كسر نحو: «الذي ائتمن» او ضم نحو: «يقول ائذن لي» ففي هذه الاحوال الثلاثة يجوز عند القراء ابدال الهمزة حرف مد من جنس حركة الحرف الذي قبلها: فاذا كان فتحا تبدل الفا، واذا كان كسرا تبدل ياء، واذا كان ضما تبدل واوا. وذلك كي يكون الحرف المبدل مجانسا للحركة التي قبله. ومظهر الصوتيات هنا هو اننا احلنا صوت حرف محل الهمزة، فاذا كانت الهمزة مفتوحة فقد احللنا صوت الالف، واذا كانت مكسورة فقد احللنا صوت الياء، واذا كانت مضمومة فقد احللنا صوت الواو. اما التسهيل والحذف: فان الهمزتين من كلمتين تكونان متفقتين في الحركة سواء كانتا مفتوحتين نحو: «جاء أحدكم» او مكسورتين نحو: «هؤلاء ان كنتم» او مضمومتين نحو: «اولياء اولئك» وقد اختلف القراء في تخفيف احدى الهمزتين على النحو التالي: 1 - بعضهم قال بحذف احدى الهمزتين في الاقسام الثلاثة، ومظهر الصوتيات هنا هو اننا حذفنا من الكلمة مقطعا صوتيا. ب- وبعضهم قال بتسهيل احدى الهمزتين «بين بين» في الاقسام الثلاثة، ومظهر الصوتيات هنا هو ان صوت الهمزة المسهلة يختلف عن صوت الهمزة المحققة، وبيان ذلك ان الهمزة المسهلة تعتبر حرفا فرعيا، فاذا كانت مفتوحة تسهل بين الهمزة والالف، واذا كانت مكسورة تسهل بين الهمزة والياء، واذا كانت مضمومة تسهل بين الهمز والواو. ج- وبعضهم يبدل الهمزة الثانية حرف مد في الاقسام الثلاثة، ومظهر الصوتيات هنا هو اننا احللنا صوتا مغلقا محل صوت مفتوح.
ظاهرة الفتح والامالة
ظاهرة الفتح والامالة قضية الفتح والامالة احدى الظواهر اللغوية التي كانت متفشية بين القبائل العربية منذ زمن بعيد قبل الاسلام. والمراد بالفتح هنا: فتح المتكلم لفيه بلفظ الحرف. والامالة لغة: التعويج، يقال: املت الرمح ونحوه اذا عوجته عن استقامته. واصطلاحا: تنقسم الى قسمين: كبرى، وصغرى. فالكبرى: ان تقرب الفتحة من الكسرة، والالف من الياء من غير قلب خالص، ولا اشباع مبالغ فيه: وهي الامالة المحضة، ويقال لها الاضجاع، والبطح. والصغرى: هي ما بين الفتح والامالة الكبرى، ويقال لها: «بين بين» اي بين الفتح والامالة الكبرى. واعلم انه لا يمكن للانسان ان يحسن النطق بالامالة سواء كانت صغرى، او كبرى، الا بالتلقي والمشافهة. وبالتتبع يمكنني بصفة عامة ان انسب «الفتح» الى القبائل العربية التي كانت مساكنها غربي الجزيرة العربية بما في ذلك قبائل الحجاز امثال: «قريش- وثقيف- وهوازن- وكنانة». وان ننسب «الامالة» الى القبائل التي كانت تعيش وسط الجزيرة، وشرقيها، امثال: «تميم- وقيس- وأسد- وطيء- وبكر بن وائل- وعبد القيس» (¬1). فان قيل: ايهما الاصل الفتح او الامالة؟ اقول: هناك رأيان للعلماء: فبعضهم يرى ان كلا منهما اصل قائم بذاته، والبعض الآخر يرى ان الفتح اصل والامالة فرع عنه (¬2). وانني ارجح القول القائل بأن كلا منهما اصل قائم بذاته، اذ كل منهما ¬
ظاهرة الفتح والاسكان في ياءات الاضافة
كان ينطق به عدة قبائل عربية بعضها في غرب الجزيرة العربية، والبعض الآخر في شرقيها. واسباب الامالة تتلخص فيما يلي: 1 - كسرة موجودة في اللفظ قبيلة، او بعدية، نحو: الناس والنار، وكلاهما. 2 - كسرة عارضة في بعض الاحوال نحو: جاء، وشاء، لان فاء الكلمة كسر اذا اتصل بالفعل الضمير المرفوع. 3 - ان تكون الالف منقلبة عن ياء، نحو: «رمى». 4 - او تشبيه بالانقلاب عن الياء كألف التأنيث نحو: «كسالى». 5 - او تشبيه بما اشبه المنقلب عن الياء نحو موسى وعيسى: 6 - مجاورة امالة وتسمى امالة لأجل امالة نحو: امالة نون «نأى». 7 - ان تكون الالف رسمت ياء وان كان أصلها الواو نحو «والضحى». بقي سؤال اخير في هذه القضية وهو: ما فائدة الامالة؟ اقول: سهولة اللفظ، وذلك لان اللسان يرتفع بالفتح وينحدر بالامالة، والانحدار اخف على اللسان من الارتفاع. ظاهرة الفتح والاسكان في ياءات الاضافة ياء الاضافة في اصطلاح القراء هي: الياء الزائدة الدالة على المتكلم، فخرج بقولهم: «الزائدة» الياء الاصلية نحو «وان ادري» وخرج بقولهم: الدالة على المتكلم الياء في جمع المذكر السالم نحو ياء «حاضري المسجد الحرام» والياء في نحو «فكلي واشربي» لدلالتها على المؤنثة المخاطبة لا على المتكلم. وتتصل ياء الاضافة بكل من: «الاسم- والفعل- والحرف» فتكون مع الاسم مجرورة المحل نحو: «نفسي» ومع الفعل منصوبة المحل نحوه: «اوزعني» ومع الحرف مجرورة المحل، ومنصوبته نحو: «لي، واني».
الفصل الاول:
والخلاف في ياءات الاضافة عند القراء دائر بين «الفتح، والاسكان» وهما لغتان فاشيتان عند العرب. والاسكان فيها هو الاصل، لانها حرف مبني، والسكون هو الاصل في البناء، وانما حركت بالفتح لانها اسم على حرف واحد فقوي بالحركة، وكانت فتحة لخفتها عن سائر الحركات. وعلامة ياء الاضافة صحة احلال الكاف، او الهاء محلها فتقول في نحو: «فطرني» فطرك، او فطره. وبالتتبع تبين ان ياءات الاضافة في «القرآن الكريم» على ثلاثة اضرب: الاول: ما اجمع القراء على اسكانه وهو الاكثر لمجيئه على الاصل وجملته 566 - خمسمائة وست وستون ياء، نحو قوله تعالى: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (¬1). الثاني: ما اجمع القراء على فتحه، وجملته- 21 - احدى وعشرون ياء نحو: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (¬2). الثالث: ما اختلف القراء في اسكانه وفتحه، وجملته- 212 - مائتان واثنتا عشرة ياء. وينحصر الكلام على الياءات المختلف فيها في ستة فصول: الفصل الاول: الياءات التي بعدها همزة قطع مفتوحة، وجملة الواقع من ذلك في القرآن الكريم- 99 - تسع وتسعون ياء نحو: إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (¬3). الفصل الثاني: الياءات التي بعدها همزة قطع مكسورة، وجملة المختلف فيه من ذلك- 52 ¬
الفصل الثالث:
- اثنتان وخمسون ياء، نحو مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ (¬1). الفصل الثالث: الياءات التي بعدها همزة قطع مضمومة، وجملة المختلف فيه من ذلك- 10 عشر ياءات، نحو إِنِّي أُعِيذُها بِكَ (¬2). الفصل الرابع: الياءات التي بعدها همزة وصل مع لام التعريف، والمختلف فيه من ذلك- 14 - اربع عشرة ياء نحو لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (¬3). الفصل الخامس: الياءات التي بعدها همزة وصل مجردة عن لام التعريف، والمختلف فيه من ذلك- 7 - سبع ياءات نحو: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ (¬4). الفصل السادس: الياءات التي لم يقع بعدها همزة قطع، ولا وصل، بل حرف من باقي حروف الهجاء، وجملة المختلف فيه من ذلك- 30 - ثلاثون ياء: نحو: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ (¬5). والفتح والاسكان في ياءات الاضافة من التغييرات الصوتية، وذلك ان المقاطع الصوتية نوعان: متحرك وساكن، فالمقطع المتحرك هو الذي ينتهي بصوت لين، قصير او طويل، اما المقطع الساكن فهو الذي ينتهي بصوت مغلق (¬6). توجيه الاشمام وعدمه في لفظي: الصراط- وصراط قرأ بعض القراء لفظي: «الصراط- وصراط» معرفا ومنكرا حيث وقع في القرآن الكريم بالسين، وهي لغة عامة العرب. وقرأ البعض الآخر بالصاد المشمة صوت الزاي حيث وقعا كذلك، وهي لغة «قيس». ¬
توجيه الاسكان والتحريك في لفظي: «هو- وهي»
وقرأ معظم القراء بالصاد الخالصة، وهي لغة «قريش» (¬1). وجه من قرأ بالسين انه جاء على الاصل لانه مشتق من «السرط» وهو البلع. ومما يدل على ان السين هي الاصل انه لو كانت الصاد هي الاصل لم ترد الى السين، وذلك لضعف السين عن الصاد، وليس من اصول كلام العرب ان يردوا الاقوى للاضعف، وانما اصولهم في الحروف عند الابدال ان يردوا الاضعف الى الاقوى. وحجة من قرأ بالصاد انه اتبع خط المصحف. وحجة من قرأ بالاشمام انه لما رأى الصاد فيها مخالفة للطاء في صفة «الجهر» اشم الصاد صوت الزاي، وذلك للجهر الذي فيها، فصار قبل الطاء حرف يشبهها في «الاطباق- والجهر» وحسن ذلك لان الزاي تخرج من مخرج السين، والصاد مؤاخية لها في صفتي: «الصفير- والرخاوة» (¬2). توجيه الاسكان والتحريك في لفظي: «هو- وهي» قرأ بعض القراء باسكان الهاء من لفظي: «واو» نحو: «وهو- وهي» (¬3). وجه من اسكن الهاء لانها لما اتصلت بما قبلها من واو- او فاء او لام- وكانت لا تنفصل عنها، صارت كالكلمة الواحدة مخففة الكلمة فأسكن الوسط: وشبهها بتخفيف العرب للفظ «عضد- وعجز» وهي لغة مشهورة مستعملة. ¬
توجيه الاشمام وعدمه في لفظ «قيل» واخواتها
وأيضا فان الهاء لما توسطت مضمومة بين واوين، او بين واو وياء، ثقل ذلك، والعرب يكرهون توالي ثلاث حركات فيما هو كالكلمة الواحدة، فأسكن الهاء لذلك تخفيفا. ووجه من حرك الهاء انه ابقاها على اصلها قبل دخول الحرف عليها، لانه عارض، ولا يلزمها في كل موضع. وايضا فان الهاء في تقدير الابتداء بها، لان الحرف الذي قبلها زائد، والابتداء بها لا يجوز الا مع حركتها، فحملها على حكم الابتداء بها، وحكم لها مع هذه الحروف على اصلها عند عدمهن. وحجة من اسكن مع «ثم» انه لما كانت كلها حروف عطف حملها كلها محملا واحدا (¬1). ومظهر الصوتيات هنا واضح لان الحرف الساكن صوت مغلق، والحرف المتحرك صوت مفتوح. توجيه الاشمام وعدمه في لفظ «قيل» واخواتها اختلف القراء في اشمام الضم في اوائل ستة افعال وهي: «قيل- وغيض- وحيل- وسيق- وسيء- وجيء» فقرأ بعض القراء باشمام الضم في اوائلها. وكيفية ذلك ان نحرك الحرف الاول من كل كلمة بحركة مركبة من حركتين: ضمة وكسرة، وجزء الضمة مقدم وهو الاقل، ويليه جزء الكسرة وهو الاكثر. وقرأ البعض الآخر من القراء بكسر الحرف الاول في كل ذلك كسرة خالصة (¬2). ¬
والاشمام لغة: «قيس- وعقيل» وعدم الاشمام لغة عامة العرب. وحجة من قرأ بالاشمام ان الاصل في اوائل هذه الافعال ان تكون مضمومة، لانها افعال لم يسم فاعلها، منها اربعة اصل الثاني منها واو، وهي: «سيء- وسيق- وحيل- وقيل» ومنها فعلان اصل الثاني منها ياء، وهما: «غيض- وجيء» واصلها: «سوئ- وقول- وحول- وسوق- وغيض- وجيء» ثم القيت حركة الحرف الثاني منها على الاول فانكسر، وحذفت ضمته، وسكن الثاني منها، ورجعت الواو الى الياء، لانكسار ما قبلها وسكونها. فمن اشم اوائلها الضم اراد ان يبين ان اصل اوائلها الضم، ومن شأن العرب في كثير من كلامها المحافظة على بقاء ما يدل على الاصول وايضا فانها افعال بنيت للمفعول، فمن اشم اراد ان يبقى في الفعل ما يدل على انه مبني للمفعول لا للفاعل. وعلة من كسر اوائلها انه اتى بها على ما وجب لها من الاعتلال (¬1). ومظهر الصوتيات هنا واضح، لان صوت الحرف المشم فيه نوع من التسمين، اما صوت الحرف المكسور فإن فيه نوعين من التخفيف. «للملائكة اسجدوا» حيث جاء في القرآن نحو قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ (¬2) «قرأ» «ابو جعفر» بخلف عن «ابن وردان» بضم التاء حالة وصل «للملائكة» باسجدوا، وذلك اتباعا لضم الجيم، ولم يعتد بالساكن، والوجه الثاني «لابن وردان» اشمام كسرة التاء الضم، والمراد بالاشمام هنا مزج حركة بحركة، وهذا لا يعرف الا بالتلقي، والمشافهة من افواه علماء «القرآن». وقرأ الباقون بكسر التاء كسرة خالصة، على الاصل، وكلها لغات ¬
صحيحة (¬1). «بارئكم» من قوله تعالى: فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ (¬2) «يأمركم» حيثما وقع نحو قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً (¬3) «يأمرهم» من قوله تعالى: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ (¬4) «تأمرهم» من قوله تعالى: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا (¬5) «ينصركم» حيثما وقع نحو قوله تعالى: أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ (¬6) «يشعركم» من قوله تعالى: وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ (¬7) قرأ «الدوري» عن أبي عمرو، بثلاثة اوجه: الاول: اسكان الهمزة من «بارئكم» والراء من «يأمركم، يأمرهم، تأمركم، ينصركم، يشعركم». والثاني: اختلاس الحركة في جميع الالفاظ المتقدمة. والثالث: الحركة الخالصة في جميع الالفاظ ايضا. وقرأ «السوسي» بوجهين: بالاسكان، وبالاختلاس، في جميع الالفاظ وقرأ الباقون بالحركة الخاصة في جميع الالفاظ (¬8). ¬
وجه من قرأ بالاسكان التخفيف، وهو لغة «بني أسد، وتميم» وبعض «نجد». قال «العجاج»: «وبات منتصبا» باسكان الصاد. ووجه الاختلاس التخفيف: وهو لغة لبعض العرب، في الضمات، والكسرات، وهو لا يغير الاعراب، ولا وزن الكلمة. ووجه من قرأ بالحركة الخالصة، انه اتى بالكلمة على اصلها، واعطاها حقها من الحركات، كما يفعل بسائر الكلام، ولم يستثقل توالي الحركات، لانها في تقدير كلمتين، الضمير كلمة، وما قبله كلمة. «هزوا» حيثما وقع نحوه قوله تعالى: قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً (¬1) قرأ «حفص» «هزوا» حيثما وقع في القرآن الكريم بابدال الهمزة واوا للتخفيف، مع ضم الزاي وصلا، ووقفا. وقرأ «حمزة» «هزوا» بالهمزة على الاصل، مع اسكان الزاي وصلا فقط ويقف عليها بنقل حركة الهمزة الى الساكن قبلها، وبابدال الهمزة واوا على الرسم. وقرأ خلف العاشر «هزوا» مع اسكان الزاي وصلا ووقفا. وقرأ الباقون «هزؤا» بالهمزة مع ضم الزاي وصلا ووقفا (¬2). وجه الضم في الزاي انه جاء على الاصل. ووجه الاسكان التخفيف. حكى «الأخفش الاوسط» عن «عيسى بن عمر الثقفي» ان كل اسم ¬
على ثلاثة احرف اوله مضموم فيه لغتان: الضم، والاسكان نحو: «العسر، والهزؤ». ومثله من الجموع ما كان على وزن «فعل» (¬1). «القدس» حيث جاء في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ (¬2). قرأ «ابن كثير» «القدس» حيث جاء في القرآن الكريم باسكان الدال للتخفيف كي لا تتوالى ضمتان نحو: «الحلم- والحلم» وهو لغة «تميم» وقرأ الباقون بضم الدال على الاصل، وهو لغة «اهل الحجاز» (¬3) وروح القدس: هو «جبريل عليه السلام». قال «ابن كثير» والدليل على ان روح القدس هو جبريل كما نص عليه «ابن مسعود» في تفسير هذه الآية ما قاله «البخاري»: عن «ابي هريرة» عن «عائشة» ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم وضع لحسان بن ثابت منبرا في المسجد فكان ينافح عن رسول الله- صلّى الله عليه وسلم فقال رسول الله- صلّى الله عليه وسلم: «اللهم نافح عن حسان كما نافح عن نبيك» وفي شعر حسان قوله: وجبريل رسول الله فينا ... وروح القدس ليس به خفاء وعن «ابن مسعود»: ان رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال «ان روح القدس نفث في روعي انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها واجلها فاتقوا الله واجملوا في الطلب» (¬4). «أرنا» حيثما وقع نحو قوله تعالى: وَأَرِنا مَناسِكَنا (¬5) «ارني» حيثما وقع نحو قوله تعالى: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى (¬6) قرأ «ابن كثير، ويعقوب، وابو عمرو بخلف عنه» باسكان الراء في ¬
«أرنا، وأرني» حيثما وقعا في القرآن الكريم، والوجه الثاني لأبي عمرو: اختلاس كسرة الراء. والاسكان، والاختلاس للتخفيف. وقرأ الباقون «أرنا، وأرني» بكسر الراء فيهما، على الاصل (¬1). والكسر والاسكان، والاختلاس لغات. ومعنى «أرنا»: علمنا (¬2) والمراد بالمناسك «مناسك الحج» وقيل: شرائع الدين (¬3). «لرءوف» حيثما وقع نحو قوله تعالى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (¬4) «رءوف» حيثما قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ (¬5) قرأ «ابو عمرو: وشعبة، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «لرءوف، رءوف» حيثما وقعا في القرآن الكريم بحذف الواو التي بعد الهمزة فيصير اللفظ على وزن «عضد». وقرأ الباقون «لرءوف، رءوف» باثبات الواو التي بعد الهمزة فيصير اللفظ على وزن «فعول». وهما لغتان في اسم الفاعل (¬6). والرأفة: اشد الرحمة (¬7). ¬
«خطوات» حيث وقع نحو قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ (¬1) قرأ «نافع، وأبو عمرو، وشعبة، وحمزة، وخلف العاشر، والبزي بخلف عنه» باسكان الطاء في «خطوات» حيثما وقعت في القرآن الكريم. وقرأ الباقون بضم الطاء، وهو الوجه الثاني للبزي (¬2). والضم، والاسكان لغتان: والضم هو الاصل، لان الاسماء يلزمها الضم في الجمع في نحو: «غرفة وغرفات» فضم الطاء من «خطوات» جاء على الاصل، وهو لغة «اهل الحجاز» واسكان الطاء للتخفيف كي لا يجتمع ضمتان، وواو. فان قيل: هل سكون الطاء، الموجود في الجمع هو السكون الموجود في المفرد؟ اقول: السكون الموجود في الجمع غير السكون الموجود في المفرد، فالسكون الموجود في المفرد اصلي، والسكون الموجود في الجمع عارض جيء به للتخفيف واصله الضم. «خطوات» جمع «خطوة» ومعنى «خطوات الشيطان»: طرق الشيطان، والمراد بها «المعاصي» (¬3). «الميتة» المعرفة سواء كانت غير صفة نحو قوله تعالى: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ (¬4) او كانت صفة للارض نحو قوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها (¬5) «ميتة» المنكرة نحو قوله تعالى: وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ (¬6) «ميتا» المنون المنصوب سواء كان غير صفة نحو قوله تعالى: ¬
أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ (¬1) او كان صفة نحو قوله تعالى: لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً [الفرقان 49] «ميت» المنكر الواقع صفة الى «بلد» نحو قوله تعالى: حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ (¬2). «الميت» المعرف مطلقا سواء كان منصوبا نحو قوله تعالى: وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ (¬3) او كان مجرورا نحو قوله تعالى: وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ (¬4) اختلف القراء العشرة في تشديد هذه الالفاظ وتخفيفها: فقرأ «ابو جعفر» بالتشديد في جميع الالفاظ المتقدمة حيثما وقعت في القرآن الكريم. وقرأ «نافع» بالتشديد في «الميتة» الواقعة صفة للارض وذلك في قوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها (¬5) وكذا «ميتا» النون المنصوب في سورتي الانعام والحجرات وهو قوله تعالى: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً (¬6) وقرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بالتشديد في «ميت الواقع صفة الى «بلد» نحو: فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ (¬7) وفي «الميت» مطلقا سواء كان منصوبا نحو قوله تعالى: .. وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ (¬8) او مجرورا نحو قوله تعالى: وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ (¬9) وقرأ «رويس بالتشديد» في «ميت» الواقع صفة الى «بلد». وفي «الميت» مطلقا: اي المنصوب، والمجرور. وقرأ «روح» بالتشديد في «ميتا» بالانعام رقم- 124 وفي «الميت» المنصوب، والمجرور. ¬
وقرأ الباقون «بالتخفيف في جميع الالفاظ المتقدمة حيثما وقعت في القرآن الكريم (¬1). والتشديد، والتخفيف لغتان، وعلى القراءتين جاء قول الشاعر: ليس من مات فاستراح بميت ... انما الميت ميت الاحياء «تنبيه»: اتفق القراء العشرة على تشديد ما لم يمت نحو قوله تعالى: .. إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (¬2) قال «الراغب» في مادة «موت»: «انواع الموت بحسب انواع الحياة»: فالاول: ما هو بازاء القوة النامية الموجودة في الانسان، والحيوان: والنباتات، نحو قوله تعالى: كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى (¬3). وقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ (¬4). والثاني: زوال القوة الحاسة، نحو قوله تعالى: قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (¬5). والثالث: زوال القوة العاقلة، وهي الجهالة، نحو قوله تعالى: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها (¬6). والرابع: الحزن المكدر للحياة، نحو قوله تعالى في وصف اهل النار: مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ* يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ ¬
الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ (¬1) والميت: بسكون الياء- مخفف عن «الميت» بتشديد الياء اهـ (¬2) وقال «الزبيدي» في مادة «موت»: «مات، يموت موتا» و «مات، يمات» في لغة «طيء» قال الراجز: بنيتي سيدة البنات ... عيشي ولا نأمن أن تماتي ويقال: «مات يميت». والظاهر ان التثليث في مضارع «مات» مطلقا. ولكن الواقع ليس كذلك، فالضم انما هو الواوي مثل: «قال يقول قولا» والكسر انما هو في اليائي، نحو «باع يبيع» وهي لغة مرجوحة انكرها جماعة، والفتح انما هو في المكسور الماضي نحو: «علم يعلم» (¬3) و «الميت» - بتخفيف الياء- الذي مات بالفعل، و «الميت» بالتشديد: و «المائت» - على وزن فاعل-: الذي لم يمت بعد، ولكنه بصدد ان يموت. قال «الخليل»: انشدني «ابو عمرو»: أيا سائلي تفسير ميت وميت ... فدونك قد فسرت ان كنت تعقل فمن كان ذا روح فذلك ميت ... وما الميت الا من القبر يحمل وقال «الزبيدي»: «ميت» بتشديد الياء، يصلح لما قد مات، ولما سيموت. قال الله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (¬4). وقال اهل التصريف: «ميت» كان تصحيحه «ميوت» على وزن «فيعل» ثم ادغموا الواو في الياء (¬5). وقال آخرون: «انما كان في الاصل «مويت» مثل: «سيد وسويد» فأدغمنا الياء في الواو (¬6) ونقلناه فقلنا: «ميت». ¬
يقول «الزبيدى»: «قال شيخنا بعد ان نقل قول «الخليل» عن «ابي عمرو» ما نصه: «وعلى هذه التفرقة جماعة من الفقهاء، والادباء، ثم يقول «الزبيدي»: وعندي فيه نظر فانهم صرحوا بان «الميت» مخفف الياء مأخوذ من «الميت» المشدد، واذا كان مأخوذا منه فكيف يتصور الفرق فيهما في الاطلاق، حتى قال العلامة «ابن دحية» في كتاب «التنوير في مولد البشير والنذير»: بأنه خطأ في القياس ومخالف للسماع: اما القياس فان المخفف، انما اصله «ميت» المشدد: فخفف، وتخفيفه لم يحدث فيه معنى مخالف لمعناه في حال التشديد، كما يقال: «هين، وهين» فكما ان التخفيف في «هين» لم يحل معناها، كذلك تخفيف «ميت» (¬1). واما السماع: فانا وجدنا العرب لم تجعل بينهما فرقا في الاستعمال، ومن أبين ما جاء في ذلك قول الشاعر: ليس من مات فاستراح بميت ... انما الميت ميت الاحياء وقال آخر: الا يا ليتني والمرء ميت ... وما يغني عن الحدثان ليت ففي البيت الاول سوى بينهما، وفي الثاني جعل «الميت» المخفف «للحي» الذي لم يمت، الا ترى ان معناه: والمرء سيموت، فجرى مجرى قوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (¬2). وقال شيخنا: «ثم رأيت في «المصباح» فرقا آخر وهو انه قال: «الميتة» من «الحيوان» جمعها «ميتات» وأصلها «ميتة» بالتشديد. وقيل: التزم التشديد في «ميتة» الاناسي: لأنه الاصل، والتزم في التخفيف في غير الاناسي، فرقا بينهما، ولان استعمال هذا اكثر في الآدميات، وكانت اولى بالتخفيف. والجمع: «أموات، وموتى، وميتون، وميتون» بتخفيف الياء، وتشديدها. قال «سيبويه»: «كان بابه الجمع بالواو، والنون، لان الهاء تدخل في انثاه كثيرا. ¬
وفي «المصباح المنير»: «ميت، واموات» كبيت، وابيات، والانثى «ميتة» بالتشديد: والتخفيف، «وميت» مشددا بغير هاء، ويخفف. وقال «الزجاج»: «الميت» بالتشديد الا انه يخفف، والمعنى واحد يستوي فيه المذكر، والمؤنث» اهـ (¬1). الكسر والضم تخلصا من التقاء الساكنين «فمن اضطر» من قوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (¬2) وبابه مما التقى فيه ساكنان من كلمتين ثالث ثانيهما مضموم ضمة لازمة، ويبدأ بالفعل الذي يلي الساكن الاول بالضم، ويكون اول الساكنين أحد حروف «لتنود» والتنوين: 1 - فاللام نحو قوله تعالى: قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (¬3) 2 - والتاء نحو قوله تعالى: وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ (¬4) 3 - والنون نحو قوله تعالى: أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ (¬5) 4 - والواو نحو قوله تعالى: أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ (¬6) 5 - والدال نحو قوله تعالى: وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ (¬7) 6 - والتنوين سواء كان مجرورا نحو قوله تعالى: كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ (¬8) او غير مجرور نحو قوله تعالى: وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً* انْظُرْ (¬9) ¬
اختلف القراء العشرة في كيفية التخلص من التقاء الساكنين: فقرأ «عاصم، وحمزة بالكسر في الحروف الستة قولا واحدا، وذلك على الاصل في التخلص من التقاء الساكنين». وقرأ «ابو عمرو» بالكسر في اربعة احرف، وهن: «التاء، والنون، والدال، والتنوين». وضم في حرفين وهما: الواو: ولام «قل». وقرأ «يعقوب» بالكسر في خمسة احرف، وهن: «اللام، والتاء، والنون، والدال، والتنوين». وضم في حرف واحد وهو «الواو». وقرأ «قنبل» بالكسر في الحروف الستة، الا انه اختلف عنه في التنوين والمجرور، فروي عنه فيه الكسر، والضم». وقرأ «ابن ذكوان» بالكسر في خمسة احرف، وهن حروف «لتنود» واختلف عنه في التنوين مطلقا، سواء كان مجرورا، او غير مجرور. وقرأ الباقون بالضم في الحروف الستة، وذلك اتباعا لضم ثالث الفعل (¬1). «اضطر» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: .. فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (¬2) قرأ «ابو جعفر» «اضطر» بكسر الراء الاولى، فلما ادغمت الراء الاولى في الثانية نقلت كسرتها الى الطاء بعد حذف حركة الطاء. وقرأ الباقون «اضطر» بضم الطاء، على الاصل. ¬
من هذا يتبين ان كسر الطاء، وضمها لغتان (¬1). «العسر» حيثما وقع نحو قوله تعالى: وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (¬2) «عسر» من قوله تعالى: سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (¬3) «عسرا» من قوله تعالى: وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (¬4) «عسرة» من قوله تعالى: وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ (¬5) «العسرة» من قوله تعالى: الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ (¬6) «للعسرى» من قوله تعالى: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (¬7) «اليسر» من قوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ (¬8) «يسرا» حيثما وقع نحو قوله تعالى: وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً (¬9) «لليسرى» من قوله تعالى: وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (¬10) ومن قوله تعالى: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (¬11) قرأ «ابو جعفر» جميع الالفاظ المتقدمة حيثما وقعت بضم السين واختلف عن «ابن وردان» في «يسرا» من قوله تعالى: فَالْجارِياتِ يُسْراً بالذاريات- 3. ¬
فروي عنه ضم السين، واسكانها .. وقرأ الباقون باسكان السين في جميع الالفاظ (¬1). والاسكان في السين وضمها لغتان. والاسكان هو الاصل، والضم لمناسبة ضم الحرف الذي قبل السين. «البيوت» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى. وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها (¬2) «بيوت» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ (¬3) «بيوتا» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى: وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً. (¬4) «بيوتكم» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى: وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ (¬5) «بيوتكن» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ (¬6) «بيوتنا» وهي في قوله تعالى: يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ (¬7) «بيوتهم» حيث وقع في القرآن الكريم، نحو قوله تعالى: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا (¬8) «بيوتهن» وهي في قوله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ (¬9) قرأ «ورش، وابو عمرو: وحفص، وابو جعفر، ويعقوب» كل هذه الالفاظ حيثما وقعت في القرآن الكريم، بضم الياء، وذلك في جمع «فعل» على «فعول». وقرأ الباقون كل هذه الالفاظ ايضا بكسر الباء، وذلك لمجانسة الياء. من هذا يتبين ان الضم، والكسر لغتان (¬10). ¬
«السلم» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً (¬1) ومن قوله تعالى: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها (¬2) ومن قوله تعالى: فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ (¬3) قرأ «نافع، وابن كثير، والكسائي، وابو جعفر» «السلم» في المواضع الثلاثة بفتح السين. وقرأ الباقون بكسرها (¬4). وهما لغتان في مصدر «سلم». قال «ابو عبيدة معمر بن المثنى، والاخفش الاوسط»: «السلم» بالكسر: الاسلام، وبالفتح: الصلح، والمراد به الاسلام، لان من دخل في الاسلام فقد دخل في الصلح، فالمعنى: ادخلوا في الصلح الذي هو الاسلام» اهـ (¬5). وقال «الراغب»: «السلم» بفتح السين، وبكسرها: «الصلح»، اهـ (¬6). وقال «ابن عباس» رضي الله عنهما: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ يعني الاسلام اهـ (¬7). ¬
«قدره» معا: من قوله تعالى: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ (¬1) قرأ «ابن ذكوان، وحفص، وحمزة، والكسائي، وابو جعفر، وخلف العاشر» «قدره» معا بفتح الدال. وقرأ الباقون باسكان الدال. والفتح، والاسكان لغتان بمعنى واحد، وهو الطاقة، والمقدرة (¬2) قال صاحب المفردات: «القدرة»: اذا وصف بها الانسان، فاسم لهيئة له، بها يتمكن من فعل شيء ما، واذا وصف الله بها فهي نفي العجز عنه. ومحال ان يوصف غير الله بالقدرة المطلقة معنى، وان اطلق عليه لفظا. بل حقه ان يقال: قادر على كذا، ومتى قيل: هو قادر، فعلى سبيل معنى التقييد. ولهذا لا أحد غير الله يوصف بالقدرة من وجه الا ويصح ان يوصف بالعجز من وجه. والقدير: هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقضي الحكمة لا زائد عليه، ولا ناقصا عنه، ولذلك لا يصح ان يوصف به الا الله تعالى (¬3). والقدر: بفتح القاف والدال: وقت الشيء المقدر له، والمكان المقدر له، قال تعالى: إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (¬4). وتستعار «القدرة، والمقدور» للحال، والسعة في المال اهـ (¬5). وجاء في «تاج العروس»: نقل «الازهري، محمد بن احمد أبو منصور» (¬6) ¬
«القدر» بفتح الدال: «القضاء الموفق» اهـ وفي «المحكم» لابن سيده: «القدر» بفتح الدال: «القضاء والحكم» وهو ما يقدره الله عز وجل من القضاء، ويحكم به الامور. اهـ وقال «الليث»: «القدر» بفتح الدال، وسكونها: «مبلغ الشيء» وبه فسر قوله تعالى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ اهـ (¬1). قال: اي ما وصفوه حق صفته. وقال «الاخفش الاوسط»، سعيد بن مسعدة ت 215 هـ: «القدر» بفتح الدال: وسكونها: «الطاقة ومبلغ الشيء، (¬2) وبهما- اي بفتح الدال، وسكونها- قرئ قوله تعالى: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ (¬3). «ويبصط» من قوله تعالى: وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (¬4) ومن قوله تعالى: وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً (¬5) قرأ «دوري ابي عمرو، وهشام، وخلف عن حمزة، ورويس وخلف العاشر» «يبسط، بسطة» بالسين قولا واحدا. وذلك على الاصل، والدليل على ان السين هي الاصل انه لو كانت الصاد هي الاصل ما جاز ان ترد الى السين، لان الصاد اقوى من السين لان الصاد مستعلية، ومطبقة، والسين مسفلة، ومنفتحة، ولا يصح ¬
ان ينقل الحرف القوي الى حرف اضعف منه، فاذا لم يجز ان ترد الصاد الى السين، وجاز ان ترد السين الى الصاد، علم ان السين هي الاصل. وقرأ «نافع، والبزي، وشعبة، والكسائي، وابو جعفر، وروح» «يبصط، بصطة» بالصاد قولا واحدا. وذلك لمجانسة الصاد للطاء التي بعدها، وذلك باشتراكهما في صفات: «الاستعلاء، والاطباق، والاصمات». وقرأ الباقون وهم: «قنبل والسوسي، وابن ذكوان، وحفص، وخلاد» بالسين، والصاد فيهما، وذلك جمعا بين اللغتين (¬1). قال «الجوهري» اسماعيل بن حماد الفارابي ت 393 هـ «بسطه يبسطه بسطا» بالسين، والصاد: «نشره» اهـ (¬2). «عسيتم» من قوله تعالى: فهل عسيتم ان كتب عليكم القتال الا تقاتلوا (¬3) ومن قوله تعالى: فهل عسيتم ان توليتم ان تفسدوا في الارض وتقطعوا ارحامكم (¬4) قرأ «نافع» «عسيتم» في الموضعين بكسر السين، وقرأ الباقون بفتح السين. والكسر والفتح في «عسى» اذا لم يتصل بالضمير (¬5). ¬
وقد اختلف النحاة في «عسى» على ثلاثة اقوال: الاول: ذهب جمهور نحاة البصرة الى ان «عسى» فعل يدل على الرجاء، في جميع الاحوال، سواء اتصل بها ضمير رفع، او ضمير نصب، او لم يتصل بها واحد منهما. وهو يرفع المبتدأ وينصب الخبر (¬1). والثاني: ذهب كل من «ابي العباس احمد بن يحيى ثعلب» ت 291 هـ «وابي بكر محمد بن السري، المعروف بابن السراج» ت 316 هـ وهما من الكوفيين الى ان «عسى» حرف يدل على الرجاء، في جميع الاحوال، مثل «لعل» يعمل عمل «ان» ينصب الاسم ويرفع الخبر (¬2). والثالث: ذهب «سيبويه» (¬3). ت 180 هـ الى انها حرف ان اتصل بها ضمير نصب، مثل قول «صخر بن الحضرمي» فقلت عساها نار كأس وعلّها ... تشكّي فآتي نحوها فأعودها وفعل فيما عدا ذلك، اي اذا لم يتصل بها ضمير نصب (¬4). وقرر النحويون ان الراجح في خبر» عسى ان يكون فعلا مضارعا يكثر اقترانه «بأن» مثل قوله تعالى: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ (¬5). ويقل تجريد خبرها من «ان» مثل قول «هدبة من خشرم العذري»: ¬
عسى الكرب الذي امسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب (¬1). كما انه يندر مجيء خبرها اسما، مثل قول الشاعر (¬2): اكثرت في العذر ملحا دائما ... لا تكثرن ان عشيت صائما (¬3) «بسطة» من قوله تعالى: قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ (¬4) قرأ «قنبل» «بسطة» بالسين، وبالصاد، وهما لغتان. وقرأ الباقون بالسين قولا واحدا، موافقة لرسم المصحف (¬5). جاء في المفردات: «بسط الشيء نشره، وتوسعه، ويقال: بسط الثوب نشره، ومنه البساط: وذلك اسم لكل مبسوط، قال الله تعالى. وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (¬6) واستعار قوم «البسط» لكل شيء لا يتصور فيه تركيب وتأليف ونظم» (¬7) قال الله تعالى: وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ. ¬
«غرفة» من قوله تعالى: إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ (¬1) قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر». «غرفة» بضم الغين، اسم للماء المغترف. والمعنى: الا من اغترف ماء على قدر ملء اليد. وقرأ الباقون «غرفة» بفتح الغين، على انها اسم للمرة (¬2). جاء في المفردات: «الغرف» بفتح الغين وسكون الراء: رفع الشيء وتناوله. يقال: غرفت الماء، والمرق. «والغرفة» بضم الغين وسكون الراء ما يغترف. «والغرفة» ايضا: علية من البناء- بضم عين «علية» قال تعالى: أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا (¬3). وسمى منازل الجنة غرفا، قال تعالى: لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً (¬4) «والغرفة» بفتح وسكون الراء: للمرة. «والمغرفة» لما يتناول به (¬5). وجاء في «تاج العروس»: غرف الماء بيده «يغرفه» بكسر الراء «ويغرفه» بضم الراء «غرفا»: اخذه بيده، كاغترافه، واغترف منه. «والغرفة» بفتح الغين: للمرة الواحدة منه. «والغرفة» بكسر الغين: هيئة الغرف (¬6). «جزءا» المنون المنصوب من قوله تعالى: ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً (¬7) ¬
ومن قوله تعالى: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً (¬1) «جزء» المنون المرفوع من قوله تعالى: لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (¬2) قرأ «شعبة» «جزءا» المنصوب، و «جزء» المرفوع بضم الزاي، وذلك لمجانسة ضم الجيم، وهو لغة الحجازيين» (¬3). وقرأ «ابو جعفر» «جزءا» المنصوب بتشديد الزاي، وذلك بعد ابدال الهمزة زاء وادغام الزاي في الزاي (¬4). وقرأ «جزء» المرفوع باسكان الزاي، وذلك على الاصل، وهو لغة: «تميم- وأسد». وقرأ الباقون «جزءا» المنصوب، و «وجزء» المرفوع باسكان الزاي (¬5) قال «الراغب»: «جزء الشيء ما يتقوم به جملته، كأجزاء السفينة، واجزاء البيت: قال تعالى: لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ اي نصيب، وذلك جزء من الشيء» اهـ (¬6). جاء في «المفردات»: «جزء الشيء» ما يتقوم به جملته، كأجزاء السفينة، واجزاء البيت (¬7) قال الله تعالى: ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً (¬8). وجاء في «تاج العروس»: «الجزء» بالضم في الجيم: «البعض» ويفتح ويطلق على «القسم» لغة، واصطلاحا، والجمع «اجزاء». «وجزأه» بتخفيف الزاي «كجعله»: قسمة اجزاء. «كجزاه» بتشديد الزاي «تجزئة»، وهو في المال بالتشديد لا غير. اهـ (¬9). ¬
«ربوة» من قوله تعالى: كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ (¬1) ومن قوله تعالى: وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ (¬2) قرأ «ابن عامر، وعاصم» «ربوة» في الموضعين بفتح الراء. وقرأ الباقون «ربوة» بضم الراء (¬3). وهما لغتان، والربوة: المكان المرتفع من الارض. جاء في «المفردات» «ربوة» بفتح الراء وكسرها، وضمها «ورباوة» بفتح الراء، وكسرها فقط، قال تعالى: وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ. قال «أبو الحسن» (¬4): «الربوة» بفتح الراء اجود، لقولهم: «ربى» بضم الراء اهـ. وسميت «الربوة» «رابية» كأنها ربت بنفسها في مكان. ومنه «ربا»: اذا زاد وعلا (¬5) قال تعالى: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ (¬6). «أكلها» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ (¬7) «الأكل» من قوله تعالى: وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ (¬8) «الأكل» من قوله تعالى: وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ (¬9) ¬
«اكله» من قوله تعالى: وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ (¬1) قرأ «نافع: وابن كثير» جميع الالفاظ المتقدمة: «اكلها، الاكل، اكل، اكله» حيثما وقعت في القرآن الكريم باسكان الكاف. وقرأ «ابو عمرو» باسكان الكاف في «اكلها» حيثما وقع في القرآن، وبضم الكاف في بقية الالفاظ وهي: «الاكل، اكل، اكله» وقرأ الباقون بضم الكاف في جميع الالفاظ حيثما وقعت (¬2). والاسكان والضم لغتان، في كل اسم على ثلاثة احرف وله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم- وأسد» والضم لمجانسة ضم الحرف الاول وهو لغة «الحجازيين». ومن اسكن في البعض، وضم في البعض الآخر جمع بين اللغتين. «الاكل»: كل ما اجتنى (¬3). وجاء في المفردات: «الاكل» بضم الهمزة والكاف: اسم لما يؤكل، قال تعالى: وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ (¬4). ويعبر به، اي- «بالاكل» عن النصيب، فيقال: فلان ذو اكل من الدنيا، وفلان استوفى اكله: كناية عن انقضاء الاجل. وجاء في «تاج العروس»: قال «ابن الكمال» ت 702 هـ (¬5) «الاكل» بفتح الهمزة، وسكون الكاف: ايصال ما يمضغ الى الجوف ممضوغا اولا، فليس اللبن والسويق مأكولا قلت وقول الشاعر: ¬
من الآكلين الماء ظلما فما ادى ... ينالون خيرا بعد اكلهم الماء فانما يريد قوما كانوا يبيعون الماء فيشترون بثمنه ما يأكلونه فاكتفى بذكر الماء الذي هو سبب المأكول عن ذكر المأكول اهـ (¬1). قال «المناوي»: وفي كلام «الرماني» ت 384 هـ (¬2) ما يخالف كلام: «ابن الكمال» حيث قال «الاكل حقيقة: بلع الطعام بعد مضغه، قال: فبلع «الحصاة» ليس بأكل حقيقة اهـ. «والأكلة» بفتح الهمزة: المرة الواحدة، بالهمزة «اللقمة» تقول: أكلت أكلة واحدة، اي لقمة (¬3). تشديد التاءات: قرأ «البزي» وصلا بخلف عنه بتشديد التاء فيما اصله تاءان، وحذفت واحدة من الخط، ذلك في احدى وثلاثين تاء، وهن: 1 - لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ (¬4) 2 - «ولا تفرقوا» من قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا (¬5) 3 - إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ (¬6) 4 - وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ (¬7) 5 - «فتفرق» من قوله تعالى: وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ (¬8) ¬
6 - فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (¬1) 7 - وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (¬2) 8 - وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا (¬3) 9 - قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ (¬4) 10 - وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (¬5) 11 - فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ (¬6) 12 - لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ (¬7) 13 - ما تنزل الملائكة إلا بالحق (¬8) 14 - وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا (¬9) 15 - إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ (¬10) 16 - فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ (¬11) 17 - فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (¬12) 18 - عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (¬13) 19 - الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (¬14) 20 - وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى (¬15) 21 - وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ (¬16) 22 - ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (¬17) 23 - وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ (¬18) 24 - وَلا تَجَسَّسُوا (¬19) 25 - لِتَعارَفُوا من قوله تعالى: وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا (¬20) 26 - أَنْ تَوَلَّوْهُمْ (¬21) 27 - تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ (¬22) 28 - لَما تَخَيَّرُونَ (¬23) 29 - عَنْهُ تَلَهَّى (¬24) 30 - ناراً تَلَظَّى (¬25) 31 - خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ (¬26) ¬
«قرأ البزي» بخلف عنه بتشديد التاء في هذه المواضع كلها حالة الوصل، اي وصل ما قبل التاء بها، وذلك على ادغام احدى التاءين في الاخرى. واعلم ان هذا الادغام على ثلاثة احوال: الاولى: يكون قبل التاء المدغمة متحرك من كل كلمة نحو: «فتفرق بكم» (¬1) ومن كلمتين نحو: «ان الذين توفاهم الملائكة» (¬2) فهذه لا كلام فيها. والثانية: يكون قبل التاء المدغمة حرف مد، سواء كان الفا نحو: «ولا تيمموا» (¬3) او كان حرف المد ناشئا عن الصلة نحو: «عنه تلهى» (¬4) وفي هذه الحالة يكون لحرف المد الاثبات لفظا مع مده مشبعا للساكن الذي بعده. والثالثة: يكون قبل التاء المدغمة ساكن غير حرف المد، سواء كان ساكنا صحيحا نحو: «اذ تلقونه» (¬5) او تنوينا نحو: «خير من الف شهر تنزل الملائكة» (¬6) وفي هذه الحالة يجمع بين الساكنين، اذ الجمع بينهما في ذلك جائز لصحة الرواية، ولا يلتفت لمن قال بعدم جواز الجمع بين الساكنين. واذا ابتدأ البزي بان تاء المدغمة ابتدأ بتاء واحدة مخففة، وذلك موافقة للرسم، ولعدم جواز الابتداء بالساكن. والوجه الثاني للبزي يكون بقاء واحدة مخففة، وذلك على حذف احدى التاءين تخفيفا. وقرأ «ابو جعفر» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في «لا تناصرون» (¬7) وقرأ ما عدا ذلك بتاء واحدة مخففة. وقرأ «رويس» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في «نارا تلظى» (¬8) ¬
وقرأ ما عدا ذلك بتاء واحدة مخففة. وقرأ الباقون الجميع بتاء واحدة مخففة (¬1). تنبيه: قال ابن الجزري في النشر: «وقد روى الحافظ «ابو عمرو الداني» في كتابه جامع البيان فقال: حدثني «ابو الفرج» محمد بن عبد الله النجاد المقرئ عن «ابي الفتح» احمد بن عبد العزيز بن بدهن، عن «ابي بكر الزينبي» عن «ابي ربيعة» عن «البزي» عن اصحابه عن «ابن كثير» انه شدد التاء في قوله تعالى في آل عمران وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ (¬2) وفي الواقعة: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (¬3) قال الداني: وذلك قياس قول «ابي ربيعة» لانه جعل التشديد في الباب مطردا، ولم يحصره بعدد. وكذلك فعل «البزي» في كتابه» اهـ (¬4) «نعما» من قوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ (¬5) ومن قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ (¬6) قرأ «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نعما» في الموضعين بفتح النون وكسر العين، على الاصل، لان الاصل «نعم» مثل: «شهد». وقرأ «ورش، وابن كثير، وحفص، ويعقوب» «نعما» بكسر النون والعين، فكسر العين على الاصل، وكسر النون اتباعا لكسره العين، لان العين حرف حلقي يجوز ان يتبعه ما قوله في الحركة مثل: «شهد وشهد» «ولعب ولعب» بفتح الفاء وكسرها، وهي لغة «هذيل». ¬
وقرأ «ابو جعفر» «نعما» بكسر النون، واسكان العين، والاصل «نعم» بفتح النون وكسر العين، فكسرت النون اتباعا لكسرة العين، ثم سكنت الميم تخفيفا: وجاز الجمع بين ساكنين لان الساكن الثاني مدغم. وقرأ «قالون، وابو عمرو، وشعبة» بوجهين: الاول: كسر النون، واختلاس كسرة العين للتخفيف، وفرارا من الجمع بين ساكنين. والثاني: كسر النون، واسكان العين كقراءة «ابي جعفر» (¬1). ونعم فعل ماض جامد، وفاعل «نعم» مضمر، و «ما» بمعنى «شيئا» في موضع نصب على التفسير وهي المخصوص بالمدح، اي نعم الشيء شيئا، و «هي» خبر مبتدأ محذوف، كأنّ قائلا قال: «ما الشيء الممدوح». فقيل: هي، اي الممدوحة الصدقة. ويجوز ان يكون «هي» مبتدأ مؤخرا، ونعم فاعلها الخبر: اي الصدقة نعم الشيء، واستغنى عن ضمير يعود على المبتدأ، لاشتمال الجنس على المبتدأ (¬2). قال «ابن يعيش» يعيش بن علي بن يعيش ت 643 هـ: (¬3) اعلم ان «نعم، وبئس» فعلان ماضيان، فنعم للمدح العام، وبئس للذم العام، والذي يدل انهما فعلان انك تضمر فيهما، وذلك اذا قلت: ¬
«نعم رجلا زيد» و «نعم غلاما عليك» ولا تضمر الا في الفعل: وربما برز ذلك الضمير واتصل بالفعل على حد اتصاله بالافعال قالوا: «نعما رجلين، ونعموا رجالا» كما تقول «ضربا وضربوا» حكى ذلك «الكسائي» ت 180 هـ (¬1) عن العرب. ومن ذلك انه تلحقهما تاء التأنيث الساكنة وصلا، ووقفا كما تلحق الافعال نحو: «نعمت الجارية هند. وبئست الجارية جاريتك». كما تقول: «قامت هند، وقعدت». وايضا فان آخرهما مبني على الفتح من غير عارض عرض لهما، كما تكون الافعال الماضية كذلك. الا انهما لا يتصرفان فلا يكون منهما «مضارع، ولا اسم فاعل». والعلة في ذلك انهما تضمنا ما ليس لهما في الاصل، وذلك انهما نقلا من الخبر الى نفس المدح والذم، والاصل في افادة المعاني انما هي الحروف، فلما افادت فائدة الحروف خرجت من بابها ومنعت التصرف «كليس وعسى» هذا مذهب البصريين والكسائي من الكوفيين (¬2). وذهب سائر الكوفيين الى انهما اسمان مبتدآن، واحتجوا لذلك بمفارقتهما الافعال بعدم التصرف، وانه قد تدخل عليهما حروف الجر وحكوا «ما زيد بنعم الرجل». وانشدوا لحسان بن ثابت ت هـ 54 (¬3) ¬
الست بنعم الدار يؤلف بيته ... أخا قلة او معدم المال مصرما وحكى «الفراء» ت 207 هـ ان اعرابيا بشر بمولودة فقيل له: «نعم المولودة مولودتك» فقال: «والله ما هي بنعم الولادة». وحكوا: «يا نعم المولى ونعم النصير»، فنداؤهم اياه دليل على انه اسم (¬1). والحق ما ذكرناه- من انها فعل- واما دخول حرف الجر فعلى معنى الحكاية، والمراد: «الست بجار مقول فيه نعم الجار» وكذلك البواقي. واما النداء فعلى تقدير حذف المنادى، والمعنى: يا من هو نعم المولى ونعم النصير، كما قال سبحانه: الا يا سجدوا لله (¬2). والمراد: «الا يا قوم اسجدوا لله» او «يا هؤلاء اسجدوا لله» وفي «نعم» اربع لغات: 1 - «نعم» على زنة «حمد» و «علم» وهو الاصل. 2 - «نعم» بكسر النون، والعين. 3 - «نعم» بفتح، النون، وسكون العين. 4 - «نعم» بكسر النون، وسكون العين. وليس ذلك شيئا يختص هذين الفعلين، وانما هو عمل في كل ما كان على «فعل» مما عينه حرف حلق (¬3) اسما كان، او فعلا، نحو: «فخذ، وشهد» فانه يسوغ فيهما، وفي كل ما كان مثلهما اربعة اوجه. والعلة في ذلك ان حرف الحلق يستثقل اذا كان مستفلا، فلذلك اثروا التخفيف فيه، وكل ما كان اشد تسفلا، كان اكثر استثقالا: فمن قال: «نعم» بفتح التاء، وكسر العين، فقد اتى بهما على الاصل. ¬
ومن قال «نعم» بكسر الفاء، والعين، اتبع الكسر، لان الخروج من الشيء الى مثله اخف من خروج الى ما يخالفه. ومن قال: «نعم» بفتح الفاء، وسكون العين، فانه اسكن العين تخفيفا. ومن قال «نعم» بكسر الفاء، وسكون العين، وهي اللغة الفاشية، فانه اسكن بعد الاتباع (¬1). ثم قال «ابن يعيش»: «قد ثبت بما ذكرناه كون «نعم وبئس» فعلين، واذا كانا فعلين فلا بد لكل واحد منهما من فاعل ضرورة انعقاد الكلام، واستقلال الفائدة. وفاعلاهما على ضربين: احدهما: ان يكون الفاعل اسما مظهرا فيه «الالف واللام» او مضافا الى ما فيه الالف واللام. والضرب الآخر: ان يكون الفاعل مضمرا فيفسر بنكرة منصوبة: مثال الاول: «نعم الرجل عبد الله» والمضاف الى ما فيه الالف واللام نحو: «نعم غلام الرجل عمر» فالالف واللام هنا لتعريف الجنس: وليست للعهد، انما هي على حد قولك: «اهلك الناس الدرهم والدينار» ولست تعني واحدا من هذا الجنس بعينه، انما تريد مطلق هذا الجنس نحو قوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (¬2). الا ترى انه لو اراد معينا لما جاز الاستثناء منه بقوله: «الا الذين آمنوا» ولو كان للعهد لم يجز وقوعه فاعلا «لنعم» ولو قلت: «نعم الرجل الذي كان عندنا» او «نعم الذي في الدار» لم يجز. فان قيل: ولم لا يكون الفاعل اذا كان ظاهرا «الا جنسا»؟ قيل: لوجهين: احدهما: ما يحكى عن «الزجاج»، إبراهيم بن السري ت 311 هـ: ¬
انهما لما وضعا للمدح العام، والذم العام، جعل فاعلهما عاما، ليطابق معناهما، اذ لو جعل خاصا، لكان نقضا للغرض، لان الفعل اذا اسند الى عام عم، واذا اسند الى خاص خص. الوجه الثاني: انهم جعلوه جنسا، ليدل ان الممدوح، والمذموم، مستحق المدح، والذم في ذلك الجنس، فاذا قلت: «نعم الرجل زيد» اعلمت ان «زيد» الممدوح في الرجال من اجل الرجولية، وكذلك حكم الذم، واذا قلت: «نعم الظريف زيد» دللت بذكر الظريف ان «زيدا» ممدوح في الظراف، من اجل الظرف. ولو قلت: «نعم زيد» لم يكن في اللفظ ما يدل على المعنى الذي استحق به «زيد» المدح، لان لفظ «نعم» لا يختص بنوع من المدح دون نوع، ولفظ «زيد» ايضا لا يدل، اذا كان اسما علما وضع للتفرقة بينه وبين غيره، فاسند الى اسم جنس ليدل انه ممدوح، او مذموم في نوع من الانواع. والمضاف الى ما فيه الالف واللام بمنزلة ما فيه الالف واللام، يعمل «نعم وبئس» فيه كما يعمل في الاول (¬1). والثاني: وهو ما كان فاعله مضمرا قبل الذكر فيفسر بنكرة منصوبة، نحو قولك: «نعم رجلا زيد»، «وبئس غلاما عمرو» ففي كل واحد من «نعم وبئس» فاعل اضمر قبل ان يتقدمه ظاهر، فلزم تفسيره بالنكرة ليكون هذا التفسير في تبنيه بمنزلة تقدم الذكر له، والاصل في كل مضمر ان يكون بعد الذكر، والمضمر هاهنا «الرجل» في «نعم رجلا»، «والغلام» في «بئس غلاما» استغنى عنه بالنكرة المنصوبة التي فسرته، لان كلّ مبهم من الاعداد انما يفسر بالنكرة المنصوبة، ونصب النكرة هنا على التمييز اهـ (¬2) قال «ابن مالك» ت 672 هـ فعلان غير منصرفين ... نعم وبئس رافعان اسمين ما قارني اول مضافين لما ... قارنها كنعم عقبى الكرما ويرفعان مضمرا يفسره ... مميز كنعم قوما معشره ¬
ثم قال «ابن يعيش»: «اعلم ان «ما» قد تستعمل نكرة تامة غير موصوفة ولا موصولة على حد دخولها في التعجب نحو: «ما احسن زيدا» والمراد: شيء احسنه، ولذلك من الاستعمال قد يفسر بها المضمر في باب «نعم» كما يفسر بالنكرة المحضة فيقال: «نعم ما زيد» اي نعم الشيء شيئا زيد. وقوله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ (¬1). فما هنا بمعنى «شيء» وهي نكرة في موضع نصب على التمييز مبينة الضمير المرتفع بنعم: والتقدير: «نعم شيئا هي» اي «نعم الشيء شيئا هي» فهي ضمير الصدقات، وهو المقصود بالمدح. ومثله قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ (¬2) فما في موضع نصب تمييز للمضمر «ويعظكم به»، صفة للمخصوص بالمدح وهو محذوف. والتقدير: نعم الشيء شيئا يعظكم به، اي نعم الوعظ وعظا يعظكم به وحذف الموصوف اهـ (¬3) «ميسرة» من قوله تعالى: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ (¬4) قرأ «نافع» «ميسرة» بضم السين، لغة «الحجاز». وقرأ الباقون «ميسرة» بفتح الميم، لغة باقي العرب» (¬5). ومعنى «الى ميسرة»: الى وقت يسر، وسعة في المال (¬6). وجاء في «المفردات»: «اليسر»: ضد العسر (¬7). قال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (¬8). ¬
«والميسرة واليسار»: عبارة عن الغني (¬1). قال تعالى: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ اهـ. وجاء في «تاج العروس»: «الميسرة» مثلثة السين: «السهولة، والغنى، والسعة» اهـ (¬2). «رضوان» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ (¬3) قرأ «شعبة» بضم الراء في جميع الالفاظ التي وقعت في القرآن الكريم، الا قوله تعالى: يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ (¬4) فقد قرأه بالضم والكسر جمعا بين اللغتين. وقرأ الباقون بكسر الراء حيثما وقع ذلك اللفظ (¬5). وهما مصدران بمعنى واحد، فالضم نحو: «الشكران» والكسر نحو: «الحرمان». قال «الراغب» الرضوان» الرضا الكثير، ولما كان اعظم الرضا رضا الله تعالى خص لفظ «الرضوان» في القرآن بما كان من الله تعالى: قال عز وجل يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً اهـ (¬6). «وكأين» من قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ (¬7) ¬
ومن قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها (¬1) قرأ «ابن كثير، وابو جعفر» «وكائن» بألف ممدودة بعد الكاف، في جميع القرآن وبعدها همزة مكسورة، وحينئذ يكون المد من قبيل المتصل فكل يمد حسب مذهبه. الا ان «أبا جعفر» يسهل الهمزة مع التوسط والقصر. وقرأ الباقون «وكأين» بهمزة مفتوحة بدلا من الالف، وبعدها ياء مكسورة مشددة. وهما لغتان بمعنى كثير (¬2). واعلم ان «كأي» اسم مركب من «كاف» التشبيه، «وأي» المنونة، ولذلك جاز الوقف عليها بالنون (¬3) لان التنوين لما دخل في التركيب اشبه النون الاصلية، ولهذه رسم في المصحف نونا هكذا: «كأين» ووقف عليها «ابو عمرو، ويعقوب» بحذف التنوين، اي على الياء هكذا «كأي»، وذلك للتنبيه على الاصل، وهو ان الكلمة مركبة من كاف التشبيه، «وأي» المنونة. ومعلوم ان التنوين يحذف وقفا (¬4). فائدة مهمة: اعلم ان «كأي» توافق «كم» في خمسة امور وهي: الابهام، والافتقار الى التمييز، والبناء ولزوم التصدير، وافادة التكثير في الغالب نحو قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ (¬5) وتخالفها في خمسة امور هي: ¬
الاول: ان «كأي» مركبة، وكم بسيطة على الصحيح. والثاني: ان مميز «كأي» مجرور بمن غالبا، نحو قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ (¬1) وقوله: وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (¬2) وقوله: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ (¬3). والثالث: ان «كأي» لا تقع استفهامية عند جمهور النحاة. والرابع انها لا تقع مجرورة خلافا لابن قتيبة وابن عصفور حيث جاز نحو: «بكأي تبيع هذا الثوب». والخامس: ان خبرها لا يقع مفردا (¬4). «الرعب» حيث جاء معرفا، ومنكرا، نحو قوله تعالى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ (¬5) ونحو قوله تعالى: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (¬6) ونحو قوله تعالى: وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ (¬7). وقرأ «ابن عامر، والكسائي، وابو جعفر، ويعقوب» «الرعب، رعب» حيث وقع في القرآن الكريم سواء كان معرفا، او منكرا بضم العين. وقرأ الباقون باسكان العين (¬8). ¬
وهما لغتان فاشيتان مثل: «السحت» باسكان العين، وبضمها. وهما مصدران بمعنى واحد. قال «الراغب»: «الرعب: الانقطاع من امتلاء الخوف» اهـ (¬1). وقيل: الاصل السكون، وضمت العين اتباعا لضمة الراء، مثل: «واليسر والعسر» بسكون السين وضمها. وقيل الاصل ضم العين وسكنت تخفيفا، مثل: «الرسل» بضم السين، وسكونها (¬2). «فلأمه» من قوله تعالى: فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ (¬3) ومن قوله تعالى: فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ (¬4) «في أم» من قوله تعالى: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ (¬5) «في امها» من قوله تعالى: حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا (¬6) قرأ «حمزة، والكسائي» هذه الالفاظ الثلاثة المتقدمة بكسر الهمزة وصلا، اي وصل ما قبل الهمزة بها، وذلك لمناسبة الكسرة التي قبل الهمزة، واذا ابتدأ بالهمزة فانهما يبدءان بهمزة مضمومة على الاصل. وقرأ الباقون الالفاظ الثلاثة بضم الهمزة في الحالين: أي وصلا وبدءا والكسر والضم لغتان صحيحتان (¬7). واما اذا اضيف لفظ «ام» الى جمع وكان قبله كسر، وذلك في اربعة مواضع وهن: 1 - «امهاتكم» من قوله تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ (¬8) ¬
2 - ومن قوله تعالى: أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ (¬1) 3 - ومن قوله تعالى: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ (¬2) 4 - ومن قوله تعالى: وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ (¬3) فقد قرأ «حمزة» بكسر الهمزة والميم حالة وصل «امهاتكم» بالكلمة التي قبلها، فالكسر الذي في الهمزة لمناسبة الكسر الذي قبلها، والكسر في الميم اتباعا لكسر الهمزة. وقرأ «الكسائي» بكسر الهمزة فقط حالة وصل «امهاتكم» بالكلمة التي قبلها، وذلك لمناسبة الكسر الذي قبلها. واذا ابتدأ كل من «حمزة، او الكسائي» «بامهاتكم» فانه يقرأ بهمزة مضمومة، وميم مفتوحة، على الاصل. وقرأ الباقون الالفاظ الاربعة بضم الهمزة وفتح الميم في الحالين، اي وصلا وبدءا، وذلك على الاصل، وكلها لغات (¬4). «واللذان» من قوله تعالى: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما (¬5). «هذان» من قوله تعالى: هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ (¬6) «هاتين» من قوله تعالى: إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ (¬7) «فذانك» من قوله تعالى: فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ (¬8) ¬
«الذين» من قوله تعالى: رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا (¬1). قرأ ابن كثير بتشديد النون في المواضع الخمسة مع المد المشبع للساكنين، والتشديد على جعل احدى النونين عوضا عن الياء المحذوفة، وذلك لأن «الذي» مثل «القاضي» تثبت ياؤه في التثنية، فكان حق الياء «الذي» ان تبقى كذلك في التثنية، الا انهم حذفوها من المثنى وعوضوا عنها النون المدغمة، وهذا التوجيه يتحقق في لفظ «الذين». او نقول ان التشديد في النون فيكون عوضا عن الحذف الذي دخل هذه الاسماء المبهمة في التثنية، لانه قد حذف الف منها لالتقاء الساكنين، وهي الالف التي كانت في آخر المفرد والف التثنية، فجعل التشديد في نون المثنى عوضا عن الالف المحذوفة، وهذا التوجيه يتحقق في الالفاظ الآتية: «هاذان. اللذان. فذانك». وأما «هاتين» فتشديد النون فيها على اصل التشديد في «هاتان» حالة الرفع، واجرى الجر مجرى الرفع طردا للباب على وتيرة واحدة. وقرأ «ابو عمرو، ورويس» بتشديد النون مع المد المشبع مثل: «ابن كثير» في لفظ «فذانك» فقط. وبتخفيف النون مع القصر في الالفاظ الاربعة الباقية اما التشديد فقد سبق توجيهه، واما التخفيف فعلى الاصل في التثنية. وقرأ الباقون الالفاظ الخمسة بتخفيف النون مع القصر (¬2) والتشديد، والتخفيف لغتان. «كرها» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً (¬3) ¬
ومن قوله تعالى: قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً (¬1) ومن قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً (¬2) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «كرها» في المواضع الثلاثة بضم الكاف. وقرأ «ابن ذكوان، وعاصم، ويعقوب، وهشام بخلف عنه» بضم الكاف في موضع الاحقاف، وبفتحها في موضعي النساء والتوبة. وقرأ الباقون بفتح الكاف في المواضع الثلاثة (¬3). قال «الاخفش الاوسط»: هما لغتان بمعنى المشقة، والاجبار. اهـ. وقال «ابو عمرو بن العلاء»: الكره بالضم كل شيء يكره فعله، وبالفتح: ما استكره عليه» اهـ (¬4). وقال الراغب الاصفهاني: قيل الكره بالفتح والضم واحد، نحو الضعف، والضعف، وقيل: بالفتح المشقة التي تنال الانسان من خارج فيما يحمل عليه باكراه، وبالضم ما يناله من ذاته وهو يعافه» اهـ (¬5). «بالبخل» من قوله تعالى: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (¬6) ومن قوله تعالى: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (¬7). قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «بالبخل» في الموضعين بفتح الباء والخاء. وقرأ الباقون بضم الباء، وسكون الخاء. ¬
وهما لغتان في مصدر «بخل» مثل: «الحزن، والحزن»، «والعرب والعرب» (¬1). قال «الراغب» البخل امساك المقتنيات عما لا يحق حبسها عنه، ويقابله الجود، يقال: بخل فهو باخل، واما البخيل فالذي يكثر منه البخل. ثم قال: «والبخل ضربان: بخل بقنيات نفسه، وبخل بقنيات غيره، وهو اكثرهما ذما، دليلنا على ذلك قوله تعالى: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ اهـ (¬2). «الدرك» من قوله تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ (¬3) وقرأ «عاصم، وحمزة والكسائي، وخلف العاشر». «الدرك» باسكان الراء. وقرأ الباقون «الدرك» بفتح الراء، والقراءتان لغتان بمعنى واحد مثل: «القدر، والقدر»، «السمع والسمع». والدرك: هو المكان (¬4). قال «ابن عباس» رضي الله عنهما» «ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار» اي في اسفل النار. وقال «سفيان الثوري» رحمه الله تعالى: «في توابيت ترتج عليهم» (¬5). ¬
«شنآن» من قوله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا (¬1) ومن قوله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا (¬2) قرأ «ابن عامر، وشعبة، وابن وردان، وابن جماز بخلف عنه» «شنآن» في الموضعين باسكان النون، على انه صفة، مثل: «عطشان، وسكران». وقيل: انه مصدر «شنا» والتسكين للتخفيف نظرا لكثرة الحركات وقرأ الباقون «شنآن» بفتح النون، وهو الوجه الثاني «لابن جماز» وهو مصدر «شنا»، مثل «الطيران» والشنآن، معناه: «البغض» (¬3) جاء في «تاج العروس»: «شنأه» كمنعه، وسمعه، الاولى عن «ثعلب» ت 291 «يشنؤه» فيهما: «ابغضه»، وبه فسره «الجوهري، والفيومي، وابن القوطية، وابن القطاع، وابن سيده، وابن فارس، وغيرهم». وقال «بعضهم»: اشتد بغضه اياه. والمصدر: «شنا» بتثليث فائه، فالفتح عن «ابي عبيدة» والضم، والكسر عن «ابي عمرو الشيباني». «وشنأة» كحمزة «ومشنأة» بالفتح مقيس «ومشنأة» بكسر الميم كقبرة مسموع «وشان» بالتسكين، «وشنآن» بالتحريك، فهذه ثمانية مصادر ذكرها المصنف. ¬
وزيد «شناءة» ككراهة، قال «الجوهري» وهو كثير في المكسور. «وشنأ» محركة، «ومشنأ» كمقعد، ذكرهما «ابو اسحاق إبراهيم بن محمد الصفاقسي» في اعراب القرآن، ونقل عنه الشيخ «يس الحمصي» في حاشية «التصريح» «ومشنئة» بكسر النون «وشنان» بحذف الهمزة، حكاه «الجوهري» عن «ابي عبيدة» وانشد للأحوص: وما العيش الا ما تلذ وتشتهي ... وان لام فيه ذو الشنان وفندا فهذه خمسة صار المجموع ثلاثة عشر مصدرا. وزاد «الجوهري» «شناء» كسحاب، فصار اربعة عشر بذلك. واستقصى ذلك «ابو القاسم بن القطاع» في تصريفه فقال في آخره: واكثر ما وقع من المصادر للفعل الواحد اربعة عشر مصدرا، نحو «شنئت شنا». ثم قال: وقرئ قوله تعالى: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ بفتح النون، وبتسكينها، فمن سكن فقد يكون مصدرا، ويكون صفة، «كسكران» اي مبغض قوم، وهو شاذ في اللفظ لانه لم يجئ من المصادر عليه، ومن فتح النون فانما هو شاذ في المعنى، لان «فعلان» انما هو من بناء ما كان معناه الحركة، والاضطراب، «كالضربان، والخفقان» اهـ (¬1). واقول ردا على صاحب التاج: قوله: وهو شاذ في اللفظ لانه لم يجئ من المصادر عليه الخ اقول: وان لم يسمع عن العرب كما قال الا انه جاء به «القرآن الكريم» الذي هو تنزيل من رب العالمين، ونطق به نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم الذي يعتبر افصح العرب على الاطلاق، وبعد مجيء «القرآن» به، لا ينبغي لاحد القول بالشذوذ، والله اعلم. ¬
«اجل» من قوله تعالى: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً (¬1) قرأ «ابو جعفر» «اجل» بكسر الهمزة، ونقل حركتها الى النون التي قبلها، واذا وقف على «من» وابتدأ «باجل» ابتدأ بهمزة قطع مكسورة، ومعنى «من اجل ذلك»: اي من جناية ذلك. وقرأ الباقون «اجل» بهمزة مفتوحة، ومعنى «من اجل ذلك»: اي من جر ذلك، وجريرته، وجنايته. من هذا يتبين ان الكسر والفتح في همزة «اجل» لغتان، الا ان الكسر بمعنى «جناية» والفتح بمعنى «جر وسبب» وهما متقاربان في المعنى (¬2). جاء في المفردات: «الاجل» بسكون الجيم: الجناية التي يخاف منها آجلا، فكل «اجل» جناية، وليس كل جناية «اجلا». يقال فعلت كذا من اجله، قال تعالى: مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ: اي من جراء ذلك، وقرئ «من اجل» بكسر الهمزة، أي من جناية ذلك. ويقال: «اجل» بفتح الجيم: في تحقيق خبر سمعته. وبلوغ الاجل في قوله تعالى: فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ (¬3) إشارة الى حين انقضاء العدة» اهـ (¬4). وجاء في «تاج العروس»: «اجل، بالكسر، والفتح، لغتان، وقد يعدى بغير «من» كقول عدي بن زيد: «اجل ان الله قد فضلكم» اهـ (¬5). ¬
«رسلنا» حيثما وقع نحو قوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ (¬1) «رسلهم» حيثما وقع نحو قوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ (¬2) «رسلكم» من قوله تعالى: قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ (¬3) قرأ «ابو عمرو» هذه الالفاظ: «رسلنا، رسلهم، رسلكم» حيثما وقعت في القرآن الكريم باسكان السين. وقرأ الباقون هذه الالفاظ بضم السين (¬4). والاسكان، والضم لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين» اهـ جاء في «المفردات»: «اصل الرسل» بكسر الراء، وسكون السين: الانبعاث على التؤدة. ويقال: ناقة رسلة: سهلة السير، وابل مراسيل: منبعثة انبعاثا سهلا. وتصور منه تارة «الرفق» فقيل: على رسلك، اذا امرته بالرفق، وتارة «الانبعاث» فاشتق منه «الرسول». والرسول يقال للواحد والجمع. وجمع الرسول «رسل»، ورسل الله تارة يراد بها الملائكة، وتارة يراد بها الانبياء: فمن الملائكة قوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى (¬5). ¬
ومن الانبياء قوله تعالى: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ (¬1) اهـ (¬2). وجاء في «تاج العروس»: «الرسول» معناه في اللغة: الذي يتابع اخبار الذي بعثه، اخذا من قولهم: جاء رسلا، اي متتابعة. والجمع «ارسل» بضم السين، قال «الكسائي»: سمعت فصيحا من الاعراب يقول: جاءتنا ارسل السلطان. «ورسل» بضمتين، ويخفف اي بتسكين السين، كصبور، وسبر. «ورسلاء» وهذه عن «ابن الاعرابي، ونسبها الصاغاني «للفراء» اهـ (¬3). «للسحت» من قوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ (¬4) «السحت» من قوله تعالى: وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ (¬5) ومن قوله تعالى: لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ (¬6) قرأ «نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة» «للسحت، السحت» باسكان الحاء. وقرأ الباقون بضم الحاء (¬7). والاسكان، والضم لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل وهو لغة «تميم- وأسد». ¬
والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». قال «الراغب» «السحت القشر الذي يستأصل، والسحت يقال للمحظور الذي يلزم صاحبه العار، كأنه يسحت دينه ومروءته، قال تعالى: أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ اي لما يسحت دينهم اهـ (¬1). جاء في «تاج العروس»: «السحت» بضم السين وسكون الحاء، وبضمها معا وقرئ بهما قوله تعالى: «اكالون للسحت»: وهو الحرام الذي لا يحل كسبه، لانه يسحت البركة اي يذهبها. «والسحت»: كل حرام قبيح الذكر، او ما خبث من المكاسب وحرم، فلزم عنه العار، وقبيح الذكر، كثمن الكلب، والخمر، والخنزير، والجمع، «اسحات» «كقفل، واقفال» اهـ (¬2). «الأذن» من قوله تعالى: وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ (¬3). «الاذن» حيثما وقع نحو قوله تعالى: وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ (¬4) «اذنيه» من قوله تعالى: كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً (¬5). قرأ «نافع» هذه الالفاظ حيثما وقعت: «الاذن، اذن، اذنيه» باسكان الذال. وقرأ الباقون بضم الذال (¬6). والاسكان، والضم لغتان: والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم- وأسد» والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». اهـ. ¬
«يرتد» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (¬1) قرأ «نافع، وابن عامر، وابو جعفر» «يرتدد» بدالين: الاولى مكسورة، والثانية ساكنة مع فك الادغام، وذلك لان حكم الفعل المضعف الثلاثي اذا دخل عليه الجازم جاز فيه الادغام وفكه، نحو: لم يرد بالادغام، ولم يردد بفك الادغام (¬2). والادغام لغة تميم، وفك الادغام لغة اهل الحجاز. وقرأ الباقون «يرتد» بدال واحدة مفتوحة مشددة وذلك على الادغام (¬3). تنبيه: كلمة «يرتد» رسمت في مصاحف اهل المدينة، والشام، هكذا «يرتدد» بدالين تمشيا مع قراءتهم. ورسمت في بقية المصاحف هكذا «يرتد» بدال واحدة تمشيا مع قراءتهم (¬4) اهـ. جاء في «المفردات»: «الرد»: صرف الشيء بذاته، او بحالة من احواله، يقال: «رددته فارتد»: فمن الرد بالذات قوله تعالى: فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ (¬5). ومن الرد الى حالة كان عليها قوله تعالى: وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ (¬6) اي لا دافع، ولا مانع له. ¬
«والارتداد، والردة»: الرجوع في الطريق الذي جاء منه، لكن الردة تختص بالكفر، قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ (¬1) وهو الرجوع من الاسلام الى الكفر. «والارتداد» يستعمل في الكفر، وفي غيره، قال تعالى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ (¬2). وقال تعالى: فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (¬3). ويقال: رددت الحكم في كذا الى فلان: فوضته اليه. قال تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (¬4) اهـ (¬5). «الغيوب» حيثما وقع في القرآن الكريم نحو قوله تعالى: إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (¬6). قرأ «شعبة، وحمزة» «الغيوب» حيثما وقع في القرآن الكريم بكسر «الغين» وذلك لمجانسة الياء. وقرأ الباقون بضمها على الاصل (¬7). من هذا يتبين ان الكسر، والضم لغتان اهـ. جاء في «المفردات»: «الغيب»: مصدر غابت الشمس، وغيرها: اذا استترت على العين. ¬
واستعمل في كل غائب عن الحاسة، وعما يغيب عن علم الانسان، بمعنى الغائب، قال تعالى: وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (¬1). ويقال للشيء: غيب، وغائب، باعتباره بالناس، لا بالله تعالى فانه لا يغيب عنه شيء، كما لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الارض (¬2). وقوله تعالى: عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ (¬3) اي ما يغيب عنكم وما تشهدونه. والغيب في قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (¬4) ما لا يقع تحت الحواس، ولا تقتضيه بداية العقول. «وانما يعلم بخبر الانبياء عليهم السلام» اهـ (¬5). وجاء في «تاج العروس»: «الغيب»: كل ما غاب عنك، كأنه مصدر بمعنى الفاعل. «والغيب» ايضا: ما غاب عن العيون، وان كان محصلا في القلوب، ويقال: سمعت صوتا من وراء الغيب، اي من موضع لا اراه، «والغيب» جمعه «غيوب» اهـ (¬6). «بالغداة» من قوله تعالى: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (¬7). ومن قوله تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (¬8). ¬
قرأ «ابن عامر» «بالغدوة» في الموضعين، أي بضم الغين واسكان الدال، وبعدها واو مفتوحة. وقرأ الباقون «بالغداة» اي بفتح الغين والدال، والف بعدها (¬1). التوجيه: قال «الراغب» في مادة «غدا»: الغدوة، والغداة من اول النهار، وقوبل «الغداة» بالعشي، قال تعالى: «بالغداة والعشي» اهـ (¬2). من هذا يتبين ان «الغدوة، والغداة» لغتان بمعنى واحد، وهو انهما ظرف لاول النهار. وقال صاحب الكشف: «وحجة من قرأ بالف ان «غداة» في كلام العرب نكرة، وادخل عليها الالف واللام للتعريف، و «غدوة» اكثر ما تستعمل معرفة بغير الف ولام ... ثم قال: «وحجة من قرأ بضم الغين ان بعض العرب ينكر «غدوة» فيصرفها في النكرة، فلما وجدها تنكر ادخل عليها الالف واللام للتعريف اتباعا للخط» اهـ (¬3). «ثمره» من قوله تعالى: انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ (¬4). ومن قوله تعالى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ (¬5) ومن قوله تعالى: لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ. (¬6) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ثمره» في المواضع الثلاثة بضم الثاء، والميم على انه جمع «ثمرة» مثل: «خشبة وخشب» او على انه جمع «ثمار» مثل «حمار وحمر» و «ثمار» جمع «ثمرة» وحينئذ يكون جمع الجمع. ¬
وقرأ الباقون «ثمره» في المواضع الثلاثة ايضا بفتح الثاء، والميم على انه جمع ثمرة مثل: «بقرة وبقر» وحينئذ يكون اسم جنس جمعي، واسم الجنس الجمعي: هو ما يدل على اكثر من اثنين، ويفرق بينه وبين مفرده بالتاء، نحو: شجرة، وشجر، وبقرة، وبقر، وكلمة وكلم (¬1). تنبيه: سيأتي حكم قوله تعالى: وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ. وقوله تعالى: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ في سورة الكهف ان شاء الله تعالى. «الثمر»: اسم لكل ما يتطعم من اعمال الشجر. والواحدة «ثمرة»، والجمع: «ثمار، وثمرات» قال تعالى: وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ (¬2). وقال تعالى: انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ (¬3). «والثمر» قيل: هو «الثمار» وقيل: هو جمعه. ويقال لكل نفع يصدر عن شيء ثمرته، كقولك: ثمرة العلم العمل الصالح» (¬4). وجاء في «التاج»: «الثمر» محركة- اي بفتح الميم-: حمل الشجر. قال «ابن الاثير» ت 606 هـ (¬5). ¬
«الثمر» هو الرطب في رأس النخلة، فاذا كبر فهو «التمر» بالتاء المثناة، ويقع «الثمر» على كل الثمار، ويغلب على ثمر النخل» اهـ. يقول «الزبيدي» صاحب التاج: قال شيخنا: واخذه «ملا علي» في قاموسه بتصريف يسير، وقد انتقدوه في قوله: ويغلب على ثمر النخل، فانه قائل بهذه الغلبة، بل عرف اللغة ان ثمر النخل انما يقال بالفوقية عند التجرد، كما يقال: العنب مثلا، والرمان، ونحو ذلك، وانما يطلق على النخل مضافا كثمر النخل مثلا» اهـ (¬1). ومن المجاز «الثمر» انواع المال المثمر. والواحدة «ثمرة» بفتح الثاء والميم، «وثمرة» بفتح الثاء، وسكون الميم «كسمرة». وجمع «ثمر» «ثمار» مثل: «جبل وجبال» وجمع الجمع «ثمر» بضم الثاء والميم، مثل «كتاب، وكتب» وجمع جمع الجمع «اثمار». ويقول صاحب التاج قال شيخنا: «هذا اللفظ في مراتب جمعه من غرائب الاشباه، والنظائر، قال «ابن هشام» في شرح «الكعبية»: ولا نظير لهذا اللفظ في هذا الترتيب في الجموع غير «الاكم» فانه مثله، لان المفرد «اكمة» محركة، وجمعه «اكم» محركة، وجمع «الاكم» «آكام» «كثمرة» «وثمر» بفتح الثاء والميم- «وثمار» وجمع «الإكام» بالكسر «اكم» بضمتين. كما قيل: «ثمار» «وثمر» بضم الثاء والميم. «ككتاب وكتب» وجمع «الاكم» بضمتين «آكام» بهمزة ممدودة «كثمر» بضم الثاء، والميم، «واثمار» ونظيره «عنق، واعناق» وجمع «اثمار» «اثامير» اهـ (¬2). ¬
«عدوا» من قوله تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ (¬1). قرأ «يعقوب» «عدوا» بضم العين، والدال، وتشديد الواو، مثل «علوا» على وزن «فعول» فادغمت الواو المدية في الواو التي هي لام الكلمة. وقرأ الباقون «عدوا» بفتح العين، واسكان الدال، وتخفيف الواو، على وزن «فعل» (¬2). والقراءتان لغتان في المصدر بمعنى واحد، وهو: الاعتداء بغير علم. قال «الراغب» في مادة «عدا»: العدو التجاوز ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر بالقلب فيقال له العداوة، والمعاداة، وتارة بالمشي فيقال له العدو، وتارة في الاخلال بالعدالة في المعاملة فيقال له العدوان والعدو، قال تعالى: فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ اهـ (¬3). وقال «الزبيدى»: «عدا عليه» «عدوا» بفتح العين، وسكون الدال، «وعدوا» بضم العين، والدال، «وعداء» بفتح العين، والدال، «كسحاب» «وعدوانا» بضم العين، وكسرها مع اسكان الدال: ظلمه ظلما جاوز فيه القدر» اهـ (¬4). قال «الطبري» ت 310 هـ: حدثنا «محمد بن الحسين»، قال: ثنا «احمد بن المفضل»، قال: ثنا «اسباط» عن «السدي» ت 127 هـ (¬5). ¬
في تفسير قوله تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ. قال: لما حضر «أبا طالب» الموت، قالت قريش: انطلقوا بنا، فلندخل على هذا الرجل فلنأمره ان ينهى عنا ابن اخيه، فانا نستحي ان نقتله بعد موته، فتقول العرب: كان يمنعه، فلما مات قتلوه، فانطلق «ابو سفيان، وابو جهل، والنضر بن الحرث، وامية، وابي ابنا خلف، وعقبة بن ابي معيط، وعمرو بن العاص، والاسود بن البختري» (¬1)، وبعثوا رجلا منهم يقال له «المطلب» قالوا: استأذن على «ابي طالب» فأتى أبا طالب فقال: هؤلاء مشيخة قومك، يريدون الدخول عليك، فأذن لهم، فدخلوا عليه، فقالوا: يا أبا طالب انت كبيرنا، وسيدنا، وان «محمدا» قد آذانا، وآذى آلهتنا، فنحب ان تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا، ولندعه والهه، فدعاه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له «ابو طالب» هؤلاء قومك، وبنو عمك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تريدون؟. قالوا نريد ان تدعنا وآلهتنا، وندعك وإلهك، قال له «ابو طالب»: قد انصفك قومك فاقبل منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم ان اعطيتكم هذا هل انتم معطي كلمة ان تكلمتم بها ملكتم العرب، ودانت لكم بها العجم بالخراج»؟ قال «ابو جهل»: نعم وابيك لنعطينكها وعشر امثالها- فما هي؟ قال: قولوا: «لا اله الا الله». فأبوا، واشمأزوا، قال «ابو طالب» يا ابن اخي قل غيرها، فان قومك قد فزعوا منها. قال: «يا عم ما انا بالذي اقول غيرها حتى يأتوا بالشمس فيضعوها في يدي، ولو اتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها» إرادة ان يؤيسهم، فغضبوا وقالوا: لتكفن عن شتمك آلهتنا، او لنشتمك، ولنشتمن من يأمرك. ¬
فذلك قوله تعالى: فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ اهـ (¬1). «اضطررتم» من قوله تعالى: إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ (¬2) قرأ «ابن وردان» بخلف عنه «اضطررتم» بكسر الطاء، وذلك لمجانسة الراء. وقرأ الباقون بضم الطاء، وهو الوجه الثاني «لابن وردان» وذلك على الاصل (¬3). من هذا يتبين ان كسر الطاء وضمها لغتان. «ضيقا» من قوله تعالى: وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً (¬4) ومن قوله تعالى: وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ. (¬5) قرأ «ابن كثير» «ضيقا» في السورتين بسكون الياء مخففة. وقرأ الباقون «ضيقا» في الموضعين بكسر الياء مشددة. والتخفيف والتشديد لغتان بمعنى واحد مثل: «ميت ميت» مخففا ومشددا، والضيق ضد السعة، اهـ (¬6). جاء في «التاج»: «ضاق، يضيق» «ضيقا» بكسر الضاد، وفتحها. ¬
«والضيق» (¬1): ضد السعة. قال الفراء ت 207 هـ: «الضيق» بفتح الضاد المشددة، وسكون الياء غير المدية: ما ضاق عنه صدرك. اهـ. وقال أبو عمرو بن العلاء البصري ت 154 هـ: «الضيق» بفتح الضاد المشدّدة، وسكون الياء غير المدية: الشك في القلب، وبه فسّر قوله تعالى: وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (¬2). ويقال «أضاقه، إضاقة، وضيقة، وتضييقا». فهو «ضيق» بفتح الياء، وسكون الياء، «وضيق» بفتح الضاد، وتشديد الياء، «كميت، وميت» «وضائق» قال تعالى: وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ (¬3) وقال «الطبري» ت 310 هـ: في تفسير قوله تعالى: وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً. قال: يقول تعالى ذكره: ومن اراد الله اضلاله عن سبيل الهدى لشغله بكفره، وصده عن سبيله، يجعل صدره بخذلانه، وغلبة الكفر عليه ضيقا حرجا، والحرج: اشد الضيق، وهو الذي لا ينفذ من شدة ضيقه شيء وهو هاهنا الصدر الذي لا تصل اليه الموعظة، ولا يدخله نور الايمان لرين الشرك عليه، وأصله من «الحرج» والحرج جمع «حرجة» وهي الشجرة الملتف بها الاشجار، لا يدخل بينها شيء لشدة التفافها» اهـ (¬4). «المعز» من قوله تعالى: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ (¬5). ¬
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابن ذكوان، ويعقوب، وهشام بخلف عنه» «المعز» بفتح العين، على انه جمع «ماعز» نحو: «حارس وحرس»، «وخادم وخدم». وقرأ الباقون باسكان العين، وهو الوجه الثاني لهشام، على انه جمع «ماعز» ايضا نحو: «صاحب وصحب». من هذا يتبين انهما لغتان بمعنى واحد (¬1). قال «الراغب» في مادة «معز»: قال تعالى: وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ والمعيز: بفتح الميم: جماعة المعز، كما يقول: ضئين لجماعة الضأن» اهـ. وقال «الزبيدى» في التاج: «المعز بالفتح، والمعيز كأمير، والامعوز بالضم، والمعاز ككتاب، والمعزى بالكسر مقصورا ويمد، نقله الصاغاني ... خلاف الضأن من الغنم، فالمعز ذوات الشعور منها، والضأن ذوات الصوف، قال الله تعالى: وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قرأ اهل المدينة والكوفة وابن فليح بتسكين العين، والباقون بتحريكها، قال «سيبويه»: معزى منون مصروف، لان الالف للالحاق لا للتأنيث، وهو ملحق بدرهم على «فعلل» لان الالف الملحقة تجري مجرى ما هو من نفس الكلم، يدل على ذلك قولهم: معيز، وأريط، في تصغير «معزى»، «وارطى» في قول من نون فكسر ما بعد ياء التصغير، كما قالوا: دربهم، ولو كانت للتأنيث لم يقلبوا الالف ياء كما لم يقلبوها في تصغير «حبلى، واخرى». وقال «الفراء»: «المعزى مؤنثة، وبعضهم ذكرها» اهـ. وقال «الاصمعي»: «قلت: لأبي عمرو بن العلاء معزى من المعز، قال: نعم، قلت: وذفرى من الذفر، قال: نعم» ¬
وقال «ابن الاعرابي»: معزى يصرف اذا شبهت بمفعل وهي فعلى، ولا تصرف اذا حملت على فعلى وهو الوجه عنده» اهـ. والماعز واحد المعز، كصاحب وصحب، للذكر والانثى، وقيل: الماعز الذكر، والانثى ماعزة، ومعزاة، والجمع مواعز، ويقال معاذ بالكسر اسم للجمع مثل «البقر» وكذلك «الامعوذ» اهـ (¬1). «نعم» من قوله تعالى: فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ (¬2). ومن قوله تعالى: قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (¬3). ومن قوله تعالى: قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (¬4). ومن قوله تعالى: قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (¬5). قرأ «الكسائي» «نعم» في المواضع الاربعة بكسر العين، والكسر لغة «كنانة، وهذيل». وقرأ باقي القراء العشرة بفتح النون، على الاصل، والفتح لغة باقي العرب (¬6) اهـ. قال «ابن هشام» ت 761 هـ: «نعم» بفتح العين، وكنانة تكسرها، وبها قرأ الكسائي، وبعضهم يبدلها حاء، وبها قرأ «عبد الله بن مسعود» ت 32 هـ (¬7) وبعضهم يكسر النون اتباعا لكسرة العين تنزيلا لها منزلة الفعل في قولهم: «نعم وشهد» بكسرتين. ¬
كما نزلت «بلى» منزلة الفعل في الامالة (¬1). وهي حرف تصديق، ووعد، واعلام: فالاول: بعد الخبر، كقام زيد، وما قام زيد. والثاني: بعد «افعل» ولا تفعل» وما في معناهما، نحو: «هلا تفعل، وهلا لم تفعل» وبعد الاستفهام في نحو: «هلا تعطيني» ويحتمل ان تفسر في هذا بالمعنى الثالث. والثالث: بعد الاستفهام في نحو: «هل جاءك زيد» ونحو: فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا (¬2). وقال «صاحب المقرب» (¬3): «انها بعد الاستفهام للوعد» غير مطرد لما بيناه قبل (¬4). ثم قال «ابن هشام»: وتأتي «نعم» للتوكيد اذا وقعت صدرا نحو: «نعم هذه اطلالهم» والحق انها في ذلك حرف اعلام، وانها جواب لسؤال مقدر. ولم يذكر «سيبويه» معنى الاعلام البتة، بل قال: «وأما نعم فعدة وتصديق، واما «بلى» فيوجب بها بعد النفي، وكانه رأى انه اذا قيل «هل قام زيد» فقيل «نعم» فهي لتصديق ما بعد الاستفهام» اهـ. ¬
والاولى ما ذكرناه من انها للاعلام، اذ لا يصح ان تقول لقائل ذلك: صدقت، لانه انشاء، لا خبر. ثم قال: واعلم انه اذا قيل: «قام زيد» فتصديقه «نعم»، وتكذيبه «لا» ويمتنع دخول «بلى» لعدم النفي. واذا قيل: «ما قام زيد» فتصديقه «نعم» وتكذيبه «بلى» ومنه قوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (¬1). ويمتنع دخول «لا» لانها لنفي الاثبات لا لنفي النفي. واذا قيل: «اقام زيد» فهو مثل: «قام زيد» اعني انك تقول ان اثبت القيام. «نعم» وان نفيته: «لا» ويمتنع دخول «بلى». واذا قيل: «الم يقم زيد» فهو مثل: «لم يقم زيد» فتقول اذا اثبت القيام: «بلى» ويمتنع دخول «لا» وان نفيته قلت: «نعم» قال تعالى: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى (¬2). والحاصل ان «بلى» لا تأتي الا بعد نفي، وان «لا» لا تأثر الا بعد ايجاب، وان «نعم» بعدهما اهـ (¬3). «أم» من قوله تعالى: قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي (¬4). ومن قوله تعالى: قال يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي (¬5). قرأ «ابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «أم» في الموضعين بكسر الميم. والاصل: يا ابن امي، ثم حذفت الياء تخفيفا لدلالة الكسرة عليها، ولكثرة الاستعمال، وهو نداء مضاف، نحو قولك: يا غلام غلام. وقرأ الباقون «أم» في الموضعين بفتح الميم، ووجه ذلك انه جعل ¬
الاسمين اسما واحدا لكثرة الاستعمال، بمنزلة «عشر» فهو مبني على فتح الجزءين، مثل بناء «خمسة عشر» (¬1) اهـ. «الام»: الوالدة، وقيل اصلها «امهة» ولهذا تجمع على «امهات» واجيب بزيادة «الهاء» وان الاصل «امات». قال «ابن جني» «ابو الفتح عثمان بن ابي بكر الكردي» ت 392 هـ: «دعوى الزيادة اسهل من دعوى الحذف» وكثر في الناس «امهات» وفي غير الناس «أمات». وفيها اربع لغات: «أم» بضم الهمزة، وكسرها، و «أمة» بضم الهمزة، و «أمهة» بضم الهمزة. «فالامهات» و «الأمات» لغتان ليست احداهما اصلا للاخرى، ولا حاجة الى دعوى حذف ولا زيادة (¬2). «بالعدوة» من قوله تعالى: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى. (¬3) قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، ويعقوب» «بالعدوة» معا، بكسر العين. وقرأ الباقون بضم العين فيهما. والكسر والضم لغتان مثل: «اسوة» (¬4) فالكسر لغة «قيس» ¬
والضم لغة «قريش» و «عدوة» الوادي: جانبه (¬1). «ولا يتهم» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا (¬2). قرأ «حمزة» «ولايتهم» بكسر الواو. وقرأ الباقون «ولايتهم» بفتح الواو. والولاية: بكسر الواو، وفتحها لغتان في مصدر «وليت الامر اليه ولاية» ومعناها: النصرة، والعرب تقول: «نحن لكم على بني فلان ولاية» اي انصار (¬3). و «الولي» مثل: «فلس»: القرب- وفي الفعل لغتان: اكثرهما «وليه يليه» بكسرتين. والثانية من باب «وعد» وهي قليلة الاستعمال. وقيل: «الولي» حصول الثاني بعد الاول من غير فصل. و «وليت» الامر «اليه» بكسرتين «ولاية» بالكسر توليته (¬4). اثنا عشر من قوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً (¬5) «أحد عشر» من قوله تعالى: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً (¬6). «تسعة عشر» من قوله تعالى: عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (¬7). قرأ «ابو جعفر» «اثنا عشر» باسكان العين، ومد الالف مدا مشبعا لأجل الساكن، لأنه حينئذ اصبح من باب المد اللازم. ¬
وقرأ ايضا «أحد عشر، تسعة عشر» باسكان العين ايضا. كل هذا حالة وصل «اثنا، أحد، تسعة» «بعشر» اما اذا اراد الابتداء على وجه الاختبار «بعشر» فانه حينئذ يبتدئ بفتح العين. وقرأ الباقون كل ذلك بفتح العين، وصلا، وبدءا. والاسكان، والفتح لغتان صحيحتان، وقد سمع عن العرب التقاء الساكنين في قولهم: «التقت حلقتا البطن» باثبات الف «حلقتا» (¬1). «السوء» من قوله تعالى: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (¬2). ومن قوله تعالى: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. (¬3) قرأ «ابن كثير، وابو عمرو» «السوء» في الموضعين بضم السين. وقرأ الباقون «السوء» في الموضعين ايضا بفتح السين. وجه الضم ان المراد بالسوء: «الهزيمة والشر والبلاء» وحينئذ يكون المعنى: عليهم دائرة الهزيمة، والشر، والبلاء، ويقال: رجل سوء بضم السين: اي رجل شر. ومنه قوله تعالى إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ (¬4). وجه الفتح ان المراد بالسوء: الرداءة، والفساد، وحينئذ يكون المعنى: عليهم دائرة الفساد. ومنه قوله تعالى: وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً (¬5) وقيل: الضم، والفتح لغتان بمعنى مثل: «الضر، والضر» (¬6) «قربة» من قوله تعالى: أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ (¬7). ¬
قرأ «ورش» «قربة» بضم الراء. وقرأ الباقون باسكان الراء (¬1). والاسكان، والضم لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم- وأسد» والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». قال «الراغب»: «يقال للحظوة القربة، كقوله تعالى: أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ اهـ (¬2). «جرف» من قوله تعالى: أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ (¬3). قرأ «ابن ذكوان، وشعبة، وحمزة، وخلف العاشر، وهشام بخلف عنه» «جرف» بسكان الراء. وقرأ الباقون بضم الراء، وهو الوجه الثاني لهشام (¬4). والاسكان، والضم لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». قال «الراغب»: قال عز وجل عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ يقال للمكان الذي يأكله السيل فيجرفه أي يذهب به جرف» أهـ (¬5). ¬
«قطعا» من قوله تعالى: كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً. (¬1) قرأ «ابن كثير، والكسائي، ويعقوب» «قطعا» بسكون الطاء، وذلك على وجهين: احدهما: ان «قطعا» جمع «قطعة» نحو: «سدد» جمع «سددة» و «بسر» جمع «بسرة». والثاني: ان «قطع» مفرد، والمراد به ظلمة آخر الليل، وقيل: سواد الليل، و «مظلما» صفة «لقطع». وقرأ الباقون «قطعا» بفتح الطاء، جمع «قطعة» نحو: خرق» جمع «خرقة» و «كسر» جمع «كسرة»، ومعنى الكلام: «كأنما اغشى وجه كل انسان منهم قطعة من الليل، ثم جمع ذلك، لان الوجوه جماعة، و «مظلما» حال من «الليل». والمعنى: كأنما اغشيت وجوههم قطعا من الليل في حال ظلمته (¬2). «لا يهدي» من قوله تعالى أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى (¬3). القراء فيها على سبع مراتب: الاولى: «لحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يهدى» بفتح الياء، واسكان الهاء، وتخفيف الدال. الثانية: «لشعبة» «يهدي» بكسر الياء، والهاء، وتشديد الدال. ¬
الثالثة: «لحفص، ويعقوب» «يهدي» بفتح الياء، وكسر الهاء، وتشديد الدال. الرابعة: «لابن وردان» «يهدي» بفتح الياء، واسكان الهاء، وتشديد الدال. الخامسة: «لورش، وابن كثير، وابن عامر» «يهدي» بفتح الياء، والهاء، وتشديد الدال. السادسة: «لقالون، وابن جماز» «يهدي» بفتح الياء، وتشديد الدال، ولهما في الهاء: الاسكان، واختلاس فتحها. السابعة: «لأبي عمرو» «يهدي» بفتح الياء وتشديد الدال، وله في الهاء: الفتح، والاختلاس. وجه كسر الهاء التخلص من الساكنين، لان اصلها «يهتدي» فلما سكنت التاء لاجل الادغام، والهاء قبلها ساكنة، كسرت الهاء للتخلص من الساكنين. ومن فتح الهاء نقل فتحة التاء اليها، ووجه من كسر الياء انه اتبع حركة الياء للهاء (¬1). «يا بني» من قوله تعالى: يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا. (¬2) ومن قوله تعالى: قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ (¬3). ومن قوله تعالى يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ (¬4). ومن قوله تعالى يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ (¬5). ومن قوله تعالى يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ (¬6). ¬
ومن قوله تعالى: قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ (¬1). قرأ «حفص» «يا بني» في الستة مواضع بفتح الياء. وقرأ «شعبة» بفتح الياء في موضع هود فقط، وبكسر الياء في المواضع الخمسة الباقية. وقرأ «البزي» بفتح الياء في الموضع الاخير من «لقمان» وبتسكين الياء في الموضع الاول من «لقمان» وبكسر الياء في المواضع الاربعة الباقية. وقرأ «قنبل» بتسكين الياء في الموضع الاول، والاخير من «لقمان» وبكسر الياء في المواضع الاربعة الباقية، وقرأ الباقون بكسر الياء في المواضع الستة (¬2). وجه من شدد الياء، وكسرها، ان الاصل فيه ثلاث ياءات: الاولى: ياء التصغير. والثانية: لام الفعل في «ابن» لان اصله «بني» على وزن «فعل» والتصغير يرد الاشياء الى اصولها. والثالثة: ياء الاضافة التي يجب كسر ما قبلها. فأدغمت ياء التصغير في الثانية التي هي لام الفعل، وكسرت لأجل ياء الاضافة ثم حذفت ياء الاضافة لاجتماع ثلاث ياءات، وبقيت الكسرة تدل عليها. كما تقول: يا غلام، ويا صاحب، فتحذف الياء، وتبقى الكسرة لتدل عليها. ووجه من فتح الياء مشددة أنه لما اتى بالكلمة على اصلها بثلاث ¬
ياءات، استثقل اجتماع الياءات، والكسرات، فابدل من الكسرة التي قبل ياء الاضافة فتحة، فانقلبت ياء الاضافة الفا ثم حذفت. قال «المازني» ت 247 هـ: وضع الالف مكان الياء في النداء مطرد، وعلى هذا قرأ «ابن عامر» «يا أبت» بفتح التاء، اراد يا أبتي ثم قلب وحذف الالف لدلالة الفتحة عليها» أهـ (¬1). ووجه من اسكن الياء، انه حذف ياء الاضافة، على اصل حذفها في النداء، ثم استثقل ياء مشددة مكسورة فحذف لام الفعل فبقيت ياء التصغير ساكنة. «يومئذ» من قوله تعالى: وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (¬2). ومن قوله تعالى: وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (¬3). ومن قوله تعالى يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (¬4). قرأ «نافع، والكسائي، وابو جعفر» «يومئذ» في المواضع الثلاثة، بفتح الميم، على انها حركة بناء، لاضافتها الى غير متمكن وهو «اذ»، وعامل اللفظ ولم يعامل تقدير الانفصال. وقرأ «عاصم، وحمزة، وخلف العاشر» «يومئذ» الذي في سورة «النمل» بفتح الميم، وسبق توجيه ذلك. والذي في سورتي: «هود، والمعارج» بكسر الميم، اجراء لليوم ¬
مجرى سائر الاسماء المعربة فخفضه لاضافة: «خزي، وفزع، وعذاب» اليه، ولم يبنوا «يوما» مع اضافته الى «اذ» لجواز انفصاله عنها، والبناء انما يلزم اذا لزمت العلة. وقرأ الباقون «يومئذ» في المواضع الثلاثة بكسر الميم (¬1). «وزلفا» من قوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ (¬2). قرأ «ابو جعفر» «زلفا» بضم اللام، جمع «زلفة» بسكون اللام ايضا كبشر، وبشرة. وقرأ الباقون «زلفا» بفتح اللام، جمع «زلفة» بسكون اللام. و «والزلفة»: الطائفة من اول الليل (¬3). «يا أبت» من قوله تعالى: إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً (¬4). ومن قوله تعالى: وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ (¬5). ومن قوله تعالى: إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ (¬6). ومن قوله تعالى: يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ (¬7). ومن قوله تعالى: يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ (¬8). ¬
ومن قوله تعالى: يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ (¬1). ومن قوله تعالى: قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ (¬2). ومن قوله تعالى: قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ (¬3). قرأ «ابن عامر، وابو جعفر» «يا أبت» في جميع المواضع بفتح التاء، وذلك على تقدير اثبات ياء الاضافة في النداء، وذلك لغة صحيحة جاء بها القرآن الكريم كما في قوله تعالى: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ (¬4) فلما اثبت الياء في المنادى ابدل الكسرة التي قبل الياء فتحة، فانقلبت الياء الفا، ثم حذفت الالف لدلالة الفتحة عليها. وقرأ الباقون «يا أبت» حيثما وقعت بكسر التاء، وذلك لان اصله «يا أبتي» ثم حذفت الياء لدلالة الكسرة عليها (¬5). تنبيه: وقف على «يا أبت» بالهاء «ابن كثير، وابن عامر، وابو جعفر، ويعقوب» ووقف الباقون عليها بالتاء (¬6). «هيت» من قوله تعالى: وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ (¬7) القراء فيها على اربع مراتب: الاولى: «لنافع، وابن ذكوان، وابي جعفر» «هيت» بكسر الهاء، وياء ساكنة، وتاء مفتوحة، ففتح الهاء، وكسرها لغتان، والفتح في التاء للدلالة على المخاطبة من المرأة «ليوسف» عليه السلام، على معنى الدعاء له، والاستجلاب له الى نفسها، على معنى: «هلم» اي تعال ¬
يا يوسف إليّ، و «هيت» على هذه القراءة مبنية على الفتح نحو: «كيف، واين». الثانية: «لابن كثير» «هيت» بفتح الهاء، وياء ساكنة، وضم التاء، وذلك على الاخبار عن نفسها بالاتيان الى «يوسف» عليه السلام، و «هيت» على هذه القراءة مبنية على الضم. الثالثة: «لهشام» «هئت» بكسر الهاء، وهمزة ساكنة، وفتح التاء، وضمها، بمعنى: تهيأ لي امرك، وتهيّأت لك. الرابعة: للباقين «هيت» بفتح الهاء، وسكون الياء، وفتح التاء. وتوجيه هذه القراءة كتوجيه قراءة «نافع» ومن معه. و «هيت» اسم فعل امر بمعنى «هلم» (¬1). «دأبا» من قوله تعالى: قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً (¬2). قرأ «حفص» «دأبا» بفتح الهمزة. وقرأ الباقون باسكان الهمزة. والفتح، والاسكان لغتان في كل اسم كان ثانيه حرفا من حروف الحلق الستة وهي الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين والخاء (¬3) ¬
ومعنى «دأبا»: متوالية متتابعة (¬1). «سبلنا» من قوله تعالى: وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا. (¬2) ومن قوله تعالى: وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا. (¬3) قرأ «ابو عمرو» «سبلنا» في الموضعين باسكان الباء. وقرأ الباقون بضم الباء. والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين» (¬4). قال «الراغب»: «السبيل: الطريق الذي فيه سهولة، وجمعه سبل» اهـ (¬5). «بمصرخي» من قوله تعالى: ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ (¬6). قرأ «حمزة» «بمصرخي» بكسر الياء، وهي لغة «بني يربوع» نص على ذلك «قطرب» ت 206 هـ (¬7). ¬
والاصل «مصرخيني» فحذفت النون للاضافة، فالتقى ساكنان: ياء الاعراب، وياء الاضافة، واصلها السكون، ثم كسرت ياء الاضافة على غير قياس ثم ادغمت ياء الاعراب في ياء الاضافة كما تقول: «مررت بمسلمي». قال «ابن الجزري» ت 833: «واختلفوا في «بمصرخي» فقرأ «حمزة» بكسر الياء، وهي لغة «بني يربوع» نص على ذلك «قطرب» واجازها هو، «والفراء» ت 207 هـ وامام اللغة، والنحو، والقراءة «ابو عمرو بن العلاء» وقال «القاسم بن معن» النحوي: هي صواب، ولا عبرة بقول «الزمخشري»، وغيره ممن ضعفها، او لحنها فانها قراءة صحيحة اجتمعت فيها الاركان الثلاثة (¬1). وقرأ بها ايضا «يحيى بن وثاب» ت 103 هـ (¬2). وسليمان بن مهران الاعمش ت 148 هـ (¬3). ¬
وحمران بن اعين ت 130 هـ (¬1). وجماعة من التابعين، وقياسها في النحو الصحيح، وذلك ان الياء الاولى وهي ياء الجمع جرت مجرى الصحيح لأجل الادغام، فدخلت ساكنة عليها ياء الاضافة، وحركت بالكسر على الاصل في اجتماع الساكنين. وهذه اللغة باقية، شائعة ذائعة في افواه اكثر الناس الى اليوم» اهـ (¬2). وقرأ الباقون «مصرخي» بفتح الياء لان المدغم فيها، وهي ياء الاضافة اصلها الفتح (¬3). يقال: «صرخ- يصرخ» من باب «قتل- يقتل» «صراخا» بضم الصاد، فهو «صارخ» و «صريخ»: اذا صاح. و «صرخ فهو صارخ»: اذا استغاث. و «استصرخته، فأصرخني»: استغثت به فأغاثني. فهو «صريخ» أي مغيث و «مصرخ» على القياس (¬4). «افئدة» من قوله تعالى: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (¬5). ¬
قرأ «هشام» بخلف «أفئيدة» بياء ساكنة بعد الهمزة. قال «ابن الجزري» ت 833 هـ: «اختلف عن «هشام» في «افئدة من الناس» فروى «الحلواني» عنه من جميع طرقه بياء بعد الهمزة هنا خاصة، وهي رواية «العباس بن الوليد البيروني» عن اصحابه، عن «ابن عامر» ... والا فهو على لغة المشبعين من العرب الذين يقولون: «الدراهيم، والصياريف» وليست ضرورة، بل مستعملة، وقد ذكر الامام «ابو عبد الله بن مالك» من شواهد التوضيح ان الاشباع من الحركات الثلاث لغة معروفة، وجعل من ذلك قولهم: «بينا زيد قائم جاء عمرو» اي بين اوقات قيام زيد، فأشبعت فتحة النون فتولدت الالف. وحكى «الفراء»، يحيي بن زياد ت 207 هـ: ان من العرب من يقول: «اكلت لحما شاة» اي لحم شاة اهـ وقال بعضهم: بل هو ضرورة، وان «هشاما» سهل الهمزة كالياء، فعبر الراوي عنها على ما فهم بياء بعد الهمزة، والمراد بياء عوض عنها. ورد ذلك «الحافظ الداني»، ابو عمرو بن عثمان بن سعيد ت 444 هـ. وقال: ان النقلة عن «هشام» كانوا اعلم الناس بالقراءة، ووجهها، وليس يفضي الجهل الى ان يعتقد فيهم مثل ذلك» اهـ (¬1). ثم يقول «ابن الجزري»: «ومما يدل على فساد ذلك القول، ان تسهيل هذه الهمزة كالياء لا يجوز، بل تسهيلها انما يكون بالنقل، ولم يكن «الحلواني» منفردا بها عن «هشام» بل رواها عنه كذلك «ابو العباس احمد بن محمد بن بكر» شيخ «ابن مجاهد». ¬
وكذلك لم ينفرد بها «هشام» عن «ابن عامر» بل رواها عن «ابن عامر» «العباس بن الوليد» وغيره. ورواها لأستاذ «ابو محمد سبط الخياط» عن الأخفش، عن «هشام» وعن «الداجونيّ» عن اصحابه، عن «هشام» وقال: ما رأيته منصوصا في التعليق لكن قرأت به على «الشريف» اهـ (¬1). وقرأ الباقون «افئدة» بدون ياء بعد الهمزة، على الاصل، وهو الوجه الثاني «لهشام» (¬2). تنبيه: «وافئدتهم» من قوله تعالى: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (¬3). اتفق القراء العشرة على قراءته بغير ياء بعد الهمزة، لانه جمع «فؤاد» وهو القلب، اي قلوبهم فارغة من العقول. وكذلك سائر ما ورد في «القرآن» ففرق بينهما. «عيونا» من قوله تعالى وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً (¬4). «عيون» حيثما وقع نحو قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (¬5). «العيون» من قوله تعالى: وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (¬6). قرأ «ابن كثير، وابن ذكوان، وشعبة، وحمزة، والكسائي» هذه الألفاظ: «عيون» المنكر، «العيون» المعرف، «عيونا» المنون المنصوب، بكسر العين لمناسبة الباء. وقرأ الباقون بضم العين على الاصل (¬7). ¬
من هذا يتبين ان الضم، والكسر لغتان. «وعيون ادخلوها» من قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوها (¬1) ا. قرأ «رويس» بخلف عنه بضم تنوين «عيون» حالة وصله بما بعده، وكسر خاء «ادخلوها» على ما لم يسم فاعله، والهمزة على هذه القراءة همزة قطع، نقلت حركتها الى التنوين قبلها، ثم حذفت، فالفعل حينئذ من «ادخل» الرباعي. وقرأ الباقون «بضم خاء «ادخلوها» على انه فعل «امر» من «دخل» الثلاثي، والهمزة على هذه القراءة همزة وصل، وهو الوجه الثاني «لرويس». واعلم ان جميع القراء العشرة حالة البدء ب «ادخلوها» يبتدئون بهمزة مضمومة (¬2). تنبيه: اعلم ان القراء العشرة في ضم وكسر عين «وعيون» وكذا ضم وكسر التنوين وصلا حسب قواعدهم المتقدمة. «قدرنا» من قوله تعالى: إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (¬3). «قدرناها» من قوله تعالى: إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (¬4). قرأ «شعبة» «قدرنا» و «قدرناها» بتخفيف الدال فيهما. وقرأ الباقون بتشديد الدال فيهما. ¬
والتخفيف، والتشديد لغتان بمعنى (¬1). قال «الزجاج» ت 311 هـ: علمنا انها لمن الغابرين، وقيل: دبرنا انها لمن الباقين في العذاب (¬2). «ظعنكم» من قوله تعالى: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ (¬3). قرأ «نافع، وابن كثير، وابو عمرو، وابو جعفر، ويعقوب» «ظعنكم» بفتح العين». وقرأ الباقون باسكانها. وهما لغتان في مصدر «ظعن» بمعنى «سافر» مثل النهر والنهر (¬4). «اف» من قوله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما (¬5). ومن قوله تعالى: أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ (¬6) ومن قوله تعالى: وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما (¬7). قرأ «نافع، وحفص، وابو جعفر» «اف» في السور الثلاث بكسر الفاء منونة، فالكسر لغة «اهل الحجاز، واليمن» والتنوين للتنكير. ¬
وقرأ «ابن كثير، وابن عامر، ويعقوب» «اف» في السور الثلاث ايضا بفتح الفاء بلا تنوين. فالفتح لغة «قيس» وترك التنوين، لقصد عدم التنكير. وقرأ الباقون «اف» بكسر الفاء، بلا تنوين. وقد سبق توجيه كسر الفاء، وعدم التنوين (¬1). «بالقسطاس» من قوله تعالى: وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (¬2). ومن قوله تعالى: وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (¬3). قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «بالقسطاس» في الموضعين، بكسر القاف. وقرأ الباقون «بضم القاف، وهما لغتان: فالضم لغة اهل الحجاز، والكسر لغة غيرهم (3). «والقسطاس»: الميزان، ويعبر به عن العدالة، كما يعبر عنها بالميزان، قال تعالى: وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (¬4). «خلافك» من قوله تعالى: وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (¬5). ¬
قرأ «نافع، وابن كثير، وشعبة، وابو جعفر» «خلفك» بفتح الخاء، واسكان اللام من غير الف. وقرأ الباقون «خلافك» بكسر الخاء، وفتح اللام، والف بعدها. وهما لغتان بمعنى: بعد خروجك. حكى «الاخفش» سعيد بن مسعدة ت 215 هـ. ان «خلافك» بمعنى «خلفك» اهـ (¬1). «من لدنه» من قوله تعالى: لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ (¬2). قرأ «شعبة» «لدنه» باسكان الدال مع اشمامها (¬3). وكسر النون، والهاء، ووصلها بياء في اللفظ فتصير «لدنهى» وذلك للتخفيف. واصلها «لدنها» على وزن «فعل» مثل «عضد» فخففت باسكان الوسط، فأشير الى الضم بالاشمام، تنبيها على انه الاصل، وكسر النون، لانه الاصل خلص من التقاء الساكنين، كما في «امس» وكسرت الهاء اتباعا لكسر ما قبلها ووصلت لوقوعها بين محركين، وكانت الصلة ياء مجانسة لحركة ما قبلها. وقرأ الباقون «لدنه» بضم الدال، وسكون النون، وضم الهاء، وذلك على الاصل. و «لدن» ظرف غير متمكن بمعنى «عند» وهو مبني على السكون (¬4). ¬
جاء في «المفردات»: «لدن» اخص من «عند» لانه يدل على ابتداء نهاية نحو: «اقمت عنده من طلوع الشمس الى غروبها» فيوضع «لدن» موضع نهاية الفعل. وقد يوضع موضع «عند» فيما حكى، يقال «اصبت عنده مالا ولدنه مالا». وقال بعضهم «لدن» ابلغ من «عند» واخص اهـ (¬1). «مرفقا» من قوله تعالى: وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً (¬2). قرأ «نافع، وابن عامر، وابو جعفر» «مرفقا» بفتح الميم، وكسر الفاء مع تفخيم الراء. وقرأ الباقون «مرفقا» بكسر الميم، وفتح الفاء، مع ترقيق الراء، والفتح والكسر لغتان فيما يرتفق به (¬3). جاء في «المصباح»: «المرفق»: ما ارتفقت به، بفتح الميم، وكسر الفاء، كمسجد، وبالعكس، لغتان، ومنه «مرفق» الانسان، واما «مرفق» الدار كالمطبخ ونحوه فبكسر الميم وفتح الفاء لا غير، على التشبيه باسم الآلة، وجمع مرفق» «مرافق» اهـ (¬4). وقال «مكي بن ابي طالب» ت 437 هـ: ¬
«مرفقا» بفتح الميم، وكسر الفاء، «مرفقا» بكسر الميم وفتح الفاء، وهما لغتان. حكى «ابو عبيد» ت 224 هـ: «المرفق» بفتح الميم: ما ارتفقت به، قال: بعضهم يقول: «المرفق» بكسر الميم، فاما في اليدين فهو «مرفق» بكسر الميم وفتح الفاء اهـ. وقال «الأخفش» الاوسط» ت 215 هـ: «مرفقا» بالكسر: هو شيء يرتفقون به، و «مرفقا» بالفتح: اسم كالمسجد اهـ (¬1). «ولملئت» من قوله تعالى: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً (¬2). قرأ «نافع، وابن كثير، وابو جعفر» «ولملئت» بتشديد اللام الثانية. وقرأ الباقون «ولملئت» بتخفيف اللام. والتشديد، والتخفيف لغتان (¬3). قال «الاخفش الاوسط» ت 215 هـ: تقول: ملأتني رعبا، بالتخفيف ولا يكادون يقولون ملأتني، بالتشديد. وقوله تعالى: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ (¬4). يدل على التخفيف، لان «امتلأت» مطاوع «ملأت» اهـ. «بورقكم» من قوله تعالى: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ (¬5). قرأ «ابو عمرو، وشعبة، وحمزة، وروح، وخلف العاشر» ¬
«بورقكم» باسكان الراء، للتخفيف، كما قالوا في «كبد، كبد» وفي «كتف، كتف» بكسر عين الكلمة، واسكانها. وقرأ الباقون «بورقكم» بكسر الراء، على الاصل. ومعنى «بورقكم»: بدراهمكم المضروبة من فضة (¬1). «عقبا» المنون المنصوب من قوله تعالى: هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً (¬2). قرأ «عاصم، وحمزة، وخلف العاشر» «عقبا» المنون المنصوب بسكون القاف. وقرأ الباقون بضم القاف (¬3). والاسكان والضم لغتان: والاسكان هو الاصل، وهو لغة: «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». قال «الراغب»: «عقبه» بفتحات ثلاث: اذا تلاه عقبا: بفتح العين وسكون القاف والعقب، والعقبي، يختصان بالثواب، نحو: «خير ثوابا وخير عقبا» وقال تعالى: أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ والعاقبة اطلاقها يختص بالثواب، نحو: «والعاقبة للمتقين» وبالاضافة قد تستعمل في العقوبة نحو: «ثم كان عاقبة الذين اساءوا السوأى» اهـ (¬4). ¬
«تنبيه»: اتفق القراء العشرة على اسكان القاف من «عقبي» غير المنون المنصوب نحو: «ولا يخاف عقباها» (¬1). ونحو: «اولئك لهم عقبى الدار» (¬2). وذلك لان القراءة سنة متبعة، ومبنية على التوقيف. «للملائكة اسجدوا» من قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ (¬3). قرأ «ابو جعفر بخلف عن ابي وردان» «للملائكة» بضم التاء اذا وصلت ب «اسجدوا» وذلك تبعا لضم الجيم. وقرأ «اين وردان» في وجهه الثاني باشمام كسرة التاء الضم. والاشمام لغة لبعض القبائل العربية. وقرأ الباقون «للملائكة» بالكسرة الخالصة، وذلك على الاصل (¬4) «وما انسانيه» من قوله تعالى: وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ (¬5). قرأ «حفص» «انسانيه» بضم الهاء من غير صلة، وذلك لأن الأصل في هاء الضمير البناء على الضم (¬6). وقرأ «ابن كثير» بكسر الهاء مع الصلة حالة وصلها بما بعدها، ¬
وجه كسر الهاء مناسبة الياء، ووجه الصلة ان الهاء حرف خفي فقوي بالصلة بحرف من جنس حركته. وقرأ الباقون بكسر الهاء من غير صلة، لمناسبة الياء. «نكرا» المنون المنصوب، وهو في ثلاثة مواضع: 1 - قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (¬1). 2 - قوله تعالى: فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً (¬2). 3 - قوله تعالى: وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (¬3). قرأ «نافع، وابن ذكوان، وشعبة، وابو جعفر، ويعقوب» «نكرا» المنون المنصوب في المواضع الثلاثة بضم الكاف. وقرأ الباقون باسكان الكاف (¬4). والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل وهو لغة: «تميم- وأسد» والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». «من لدني» من قوله تعالى: قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (¬5). قرأ «نافع، وابو جعفر» «لدنى» بضم الدال، وتخفيف النون، وذلك على الاصل في ضم الدال، وحذفت نون الوقاية اكتفاء بكسر النون الاصلية لمناسبة الياء. وقرأ «شعبة» بوجهين: الاول: اسكان الدال مع الايماء بالشفتين الى جهة الضم للمح الاصل فيصير النطق بدال ساكنة مشمة، فيكون الاشمام مقارنا للاسكان. ¬
والثاني: اختلاس ضمة الدال لقصد التخفيف. وكلا الوجهين مع تخفيف النون. قال «ابن الجزري» ت 833 هـ: وروى «ابو بكر»، «شعبة» بتخفيف النون، واختلف عنه في ضمة الدال، فاكثر اهل الاداء على اشمام الضم بعد اسكانها، وبه ورد النص عن «العليمى» ... وروى كثير منهم اختلاس ضمة الدال، وهو الذي نص عليه «الحافظ ابو العلاء الهمداني» والاستاذ «ابو طاهر بن سوار» وابو القاسم الهذلي، وغيرهم. ونص عليهما جميعا الحافظ ابو عمرو الداني في مفرداته، وجامعه، وقال فيه: والاشمام في هذه الكلمة يكون ايماء بالشفتين الى الضمة بعد سكون الدال، وقبل كسر النون، كما لخصه «موسى بن حزام» عن «يحيى بن آدم» ويكون ايضا إشارة بالضم الى الدال فلا يخلص لها سكون، بل هي على ذلك في زنة المتحرك، واذا كان ايماء كانت النون المكسورة نون «لدن» الاصلية كسرت لسكونها، وسكون الدال قبلها واعمل العضو بينهما، ولم تكن النون التي تصحب ياء المتكلم، بل هي المحذوفة تخفيفا لزيادتها. واذا كان إشارة بالحركة كانت النون المكسورة التي تصحب ياء المتكلم لملازمتها اياها كسرت كسر بناء، وحذفت الاصلية قبلها للتخفيف» اهـ (¬1). وقرأ الباقون «لدني» بضم الدال، وتشديد النون، لان الاصل في «لدن» ضم الدال، والادغام للتماثل، والحقت نون الوقاية بهذه الكلمة لتقي السكون الاصلي من الكسر (¬2). ¬
قال «ابن مالك»: وقيل يا النفس مع الفعل التزم ... نون وقاية الى ان قال: واضطرارا خففا ... منى عني بعض من قد سلفا وفي لدنى لدنى قل «رحما» من قوله تعالى: فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً (¬1). قرأ «ابن عامر، وابو جعفر، ويعقوب» «رحما» بضم الحاء. وقرأ الباقون باسكان الحاء (¬2). والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان والاصل، وهو لغة: «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». قال «الراغب»: «الرحم رحم المرأة» .. ومنه استعير الرحم للقرابة، لكونهم خارجين من رحم واحدة، يقال: رحم: بفتح الراء، وكسر الحاء، ورحم: بضم الراء، وسكون الحاء، قل تعالى: وَأَقْرَبَ رُحْماً اهـ (¬3). وقال «ابن كثير» في تفسير قوله تعالى: فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً اي ولدا ازكى من هذا، وهما ارحم به منه» اهـ وقال «قتادة»: ابر بوالديه» اهـ (¬4). ¬
«السدين» من قوله تعالى: حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ (¬1). «سدا» من قوله تعالى: عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (¬2). ومن قوله تعالى: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا (¬3). قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وحفص» «السدين» بفتح السين. وقرأ الباقون بضمها. وقرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «سدا» في الكهف وموضعي يس بفتح السين. وقرأ «ابن كثير، وابو عمرو» «سدا» في الكهف بفتح السين، وفي يس بضم السين. وقرأ الباقون «سدا» في الكهف ويس بضم السين (¬4). والسد بفتح السين، وبضمها لغتان في المصدر، وهما بمعنى واحد، وهو الحاجز. وقال «ابو عبيد القاسم بن سلام» ت 224 هـ: «كل شيء من فعل الله كالجبال والشعاب فهو سد بضم السين، وما بناه الآدميون فهو سد بفتح السين» اهـ (¬5). واصل السد مصدر «سد» مضعف الثلاثي، قال تعالى عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا، وشبه به الموانع نحو ما جاء في قوله تعالى: وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا (¬6). ¬
«الصدفين» من قوله تعالى: حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ (¬1). قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر، ويعقوب» «الصدفين» بضم الصاد، والدال، وهي لغة «قريش». وقرأ «شعبة» بضم الصاد، واسكان الدال مخففا من القراءة التي قبلها. وقرأ الباقون، بفتح الصاد، والدال، وهي لغة اهل الحجاز (¬2) قال صاحب المفردات: صدف الجبل «اي جانبه» اهـ (¬3). «عتيا» من قوله تعالى: وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (¬4). قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي» «عتيا» بكسر العين، على ان مفرده «عات» فجمع على «عتوى» على وزن «فعول» فأصل الحرف الثاني الضم، ثم كسر لمناسبة الياء التي بعده، والتي اصلها الواو، لان الياء الساكنة يناسبها كسر ما قبلها فلما كسر الحرف الثاني كسر الحرف الاول تبعا له، ليعمل اللسان فيهما عملا واحدا. وقرأ الباقون «عتيا» بضم العين، وحجة ذلك ان الحرف الثاني كسر لتصح الياء كما سبق بيانه، وترك الحرف الاول مضموما على اصله (¬5). ¬
«نسيا» من قوله تعالى: قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (¬1) قرأ «حفص، وحمزة» «نسيا» بفتح النون. وقرأ الباقون بكسر النون، والفتح، والكسر لغتان كالوتر، ومعنى «النسي» الشيء الحقير الذي لا قيمة له، ولا يحتاج اليه (¬2). المعنى: لما حملت السيدة «مريم» بنبي الله «عيسى» عليه السلام بقدرة الله تعالى وارادته، واحست بألم الوضع واشتد بها الوجع، الجأها المخاض الى جذع نخلة بالقرب من جدول ماء، ولما زاد عليها وجع الطلق، وتذكرت ما سيقوله الناس عنها، وما سيرمونها به، قالت: يا ليتني مت قبل هذا الكرب الذي اعانيه، والفضيحة التي اتوقعها بولادتي مولودا من غير زوج، وعلى غير عادة، وكنت شيئا تافها منسيا لا يعبأ به أحد، ولا يخطر ببال انسان. «بكيا» من قوله تعالى: خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا (¬3). قرأ «حمزة، والكسائي» «بكيا» بكسر الباء، على ان مفرده «باك» فجمع على «بكوى» على وزن «فعول» فأصل الحرف الثاني الضم، ثم كسر لمناسبة الياء التي بعده، والتي اصلها الواو، لان الياء الساكنة يناسبها كسر ما قبلها، فلما كسر الحرف الثاني كسر الحرف الاول تبعا له ليعمل اللسان فيهما عملا واحدا. وقرأ الباقون «بكيا» بضم الباء، وحجة ذلك ان الحرف الثاني كسر لمناسبة الياء كما سبق بيانه، وترك الحرف الاول مضموما على اصله، وهما لغتان (¬4). «جثيا» من قوله تعالى: ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (¬5). «عتيا» من قوله تعالى: أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (¬6). «صليا» من قوله تعالى: ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (¬7). قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي» بكسر الجيم في «جثيا» والعين في «عتيا» والصاد في «صليا»، وذلك ان هذه الاسماء جمع «جاث، وعات، وصال» جمع على «فعول» فأصل الثاني منها الضم، لكن كسر لمناسبة الياء التي بعده التي اصلها واو في «جثي، وعتي» لأن الياء الساكنة لا يكون قبلها ضمة فاما كسر الثاني اتبع كسرته كسر الاول، فكسر للاتباع ليعمل اللسان فيه عملا واحدا. وقرأ الباقون بضم الحروف الثلاثة، وذلك على ترك الحرف الاول مضموما على اصله، وهما لغتان (¬8). ¬
«ولدا» من قوله تعالى: وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً (¬1). ومن قوله تعالى: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً (¬2). ومن قوله تعالى: أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (¬3). ومن قوله تعالى: وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (¬4). «ولد» من قوله تعالى: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (¬5). قرأ «حمزة، والكسائي» المواضع الخمسة بضم الواو، وسكون اللام، جمع «ولد»، نحو: «أسد، وأسد». ¬
وقال «الأخفش الأوسط»: «الولد» بالفتح الابن، والابنة و «الولد» بالضم الاهل. وقرأ الباقون بفتح الواو واللام في الالفاظ الخمسة، اسم مفرد قائم مقام الجمع. وقيل: هما لغتان بمعنى واحد، كالبخل، والبخل، والعرب، والعرب (¬1). «سوى» من قوله تعالى: لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (¬2) قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، ويعقوب، وخلف العاشر» «سوى» بضم السين. وقرأ الباقون «سوى» بكسر السين. والضم، والكسر لغتان مثل «طوى» بضم الطاء، وكسرها، و «سوى» نعت «لمكانا» ومعناه: مكانا نصفا فيما بين الفريقين، اي وسطا تستوي اليه مسافة الجائي من الطرفين، و «فعل» بكسر الفاء، وفتح العين: قليل في الصفات، نحو: «عدى» و «فعل» بضم الفاء، وفتح العين، كثير في الصفات نحو: «لبد» وحطم» (¬3). المعنى: افحم نبي الله «موسى» عليه السّلام «فرعون» ¬
بالحجة والبرهان، خشي «فرعون» ان يتبع الناس سيدنا «موسى» ويؤمنوا به، فقال له «فرعون»: اجئتنا يا موسى لتخرجنا من ارضنا، وتستولي عليها بسحرك، فلنأتيك بسحر مثله، وحينئذ سيظهر كذبك، وانك برسول كما تدعي، فاجعل بيننا وبينك موعدا يحضره القوم، وليشهدوا المباراة التي ستقوم بينك وبين السحرة، واننا لواثقون من قوة سحرتنا، ولذلك فلن نخلف هذا الموعد كما ينبغي عليك ايضا لا تخلفه لأنك انت الذي ستضربه وتختار مكانه وزمانه. «اثري» من قوله تعالى: قال هم اولاء على أثري (¬1). وقرأ الباقون قرأ «رويس» «اثري» بكسر الهمزة، وسكون الثاء (¬2). وهما لغتان بمعنى بعدي، يقال: جاء على اثره بمعنى جاء بعده ولم يتخلف عنه طويلا. قال «الراغب»: «اثر الشيء حصول ما يدل على وجوده، يقال: «اثر، واثر» والجمع «آثار» ومن هذا يقال للطريق المستدل به على من تقدم آثار، نحو قوله تعالى: فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ. وقوله: هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي 1 هـ (¬3). «زهرة» من قوله تعالى: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا (¬4). قرأ «يعقوب» «زهرة» بفتح الهاء. وقرأ الباقون «زهرة» بسكون الهاء. ¬
والفتح، والاسكان لغتان بمعنى «الزينة» (¬1). المعنى: بما ان الحياة الدنيا عرض زائل، ونعيم غير دائم، فقد تضمنت هذه الآية لفت نظر الرسول صلى الله عليه وسلم بان لا يتطلع الى ذلك النعيم الذي انعم الله به عز وجل على بعض الكفار، واليهود، والمشركين لان هذا النعيم ما هو الا ابتلاء، واختبار لهم، اما النعيم الذي اعده الله لنبيه، ولسائر المسلمين فه، نعيم دائم، وافضل بكثير من نعيم الدنيا. «وحرام» من قوله تعالى وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (¬2). قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي» «وحرم» بكسر الحاء، وسكون الراء، وحذف الالف. وقرأ الباقون «وحرام» بفتح الحاء، والراء، واثبات الالف، وهما لغتان في وصف الفعل الذي وجب تركه، يقال: هذا حرم وحرام، كما يقال فيما ابيح فعله هذا حل وحلال (¬3). المعنى: سبق قضاء الله تعالى الذي لا راد لحكمه بانه ممتنع على كل قرية اهلك الله اهلها بالعذاب في الدنيا انهم يعودون الى الدنيا مرة اخرى، وبناء عليه تكون «لا» في قوله تعالى: أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ زائدة. «فكأين» من قوله تعالى: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ (¬4). ¬
ومن قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ (¬1) قرأ «ابن كثير، وابو جعفر» «فكائن» بالف ممدودة بعد الكاف، وبعدها همزة مكسورة، وحينئذ يكون المد من قبيل المتصل فكل يمد حسب مذهبه، ومثلها في الحكم «وكأين» الا ان «أبا جعفر» يسهل الهمزة مع التوسط، والقصر. وقرأ الباقون «فكأين» بهمزة مفتوحة بدلا من الالف وبعدها ياء مكسورة مشددة، ومثلها في الحكم «وكأين» وهما لغتان بمعنى كثير (¬2) «هيهات هيهات» من قوله تعالى: هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (¬3) قرأ «ابو جعفر» هيهات «هيهات» معا بكسر التاء فيهما، وهي لغة «تميم» وأسد. وقرأ الباقون بفتح التاء فيهما، وهي لغة «اهل الحجاز». وهيهات اسم فعل ماض بمعنى بعد (¬4). «رأفة» من قوله تعالى: وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ (¬5) ومن قوله تعالى: وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً (¬6) ¬
قرأ «قنبل» «رأفة» في النور بفتح الهمزة بدون مد، واختلف عنه في سورة الحديد فروى عنه فتح الهمزة والف بعدها، وروى عنه اسكان الهمزة. وقرأ «البزي» «رأفة» في النور بوجهين: الاول فتح الهمزة بدون مد، والثاني تسكين الهمزة، اما موضع الحديد فقد قرأه باسكان الهمزة قولا واحدا. وقرأ الباقون باسكان الهمزة في الموضعين قولا واحدا (¬1). وهما لغتان في مصدر «رأف يرأف» والرأفة: ارق انواع الرحمة (¬2). «خطوات» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ (¬3). قرأ «نافع، وابو عمرو، وشعبة، وحمزة، وخلف العاشر، والبزي» بخلف عنه، «خطوات» باسكان الطاء. وقرأ الباقون بضم الطاء، والاسكان، والضم، لغتان (¬4). «جيوبهن» من قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ (¬5). قرأ «ابن كثير، وابن ذكوان، وحمزة، والكسائي، وشعبة بخلف عنه» بكسر الجيم، لمناسبة الياء. ¬
وقرأ الباقون بضم الجيم على الاصل، وهو الوجه الثاني لشعبة (¬1). والضم والكسر لغتان. المعنى: على المؤمنات ان يسترن رءوسهن، واعناقهن، وصدورهن، بخمرهن، ولا يظهرن زينتهن ومواضعها منهن، كالصدر، والذراعين، وغيرهما، الا لمن يأتي ذكرهم لكثرة مخالطتهم للمرأة، وعدم توقع الفتنة من هذه المخالطة وهم: ازواجهن، لانهم المقصودون بالتزين، ولهم ان ينظروا الى ابدان ازواجهن، او آبائهن، وان علوا، من جهة الآباء، او الامهات او آباء ازواجهن، او ابنائهن وإن سفلوا او ابناء ازواجهن، وان سفلوا، او اخوانهن، سواء كانوا من الاب، او من الأم، او منهما معا، او ابناء اخوانهن، او ابناء اخواتهن، او النساء المسلمات اللاتي على دينهن. اما غير المسلمات فلا يجوز ان يبدين لهن الا ما يجوز ابداؤه للرجال الاجانب، الا ان تكون غير المسلمة امة، او ملكت ايمانهن من الاماء، والعبيد، ولو كانوا كفارا، او الذين يتبعون الناس للحصول على فضل طعامهم ولا مأرب لهم في النساء، اما لبلاهتهم، واما لانهم كبار السن ولا مطمع لهم في النساء. وفي الخصي، والعنين خلاف. او الأطفال الصغار الذين لم يطلعوا على عورات النساء، ولم يميزوا بينها وبين غيرها من الاعضاء، لعدم بلوغهم سن الشهوة. ¬
«أيه المؤمنون» من قوله تعالى: وتوبوا الى الله جميعا ايه المؤمنون (¬1). «ايه الساحر» من قوله تعالى: قالوا يا ايه الساحر (¬2). «ايه الثقلان» من قوله تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (¬3) قرأ «ابن عامر» «ايه» في المواضع الثلاثة بضم الهاء وصلا، واسكانها وقفا. وقرأ الباقون، بفتح الهاء، وحذف الالف وصلا، في المواضع الثلاثة ايضا، وجميع القراء وقف على الهاء مع الالف، الا «أبا عمرو، والكسائي، ويعقوب» فانهم وقفوا بالالف بعد الهاء. وجه من ضم الهاء انه حذف الالف في الوصل لالتقاء الساكنين، وحذفت من الخط لفقدها من اللفظ، فلما رأى الالف محذوفة من خط المصحف اتبع حركة الهاء حركة الياء قبلها. ووجه من فتح الهاء في الوصل انه لما حذف الالف لالتقاء الساكنين، ابقى الفتحة على حالها تدل على الالف المحذوفة، فالفتح هو الاصل. وجه من حذف الالف في الوقف انه اتبع الخط، واتبع اللفظ في الوصل، اذ لا الف في الخط، لأنه كتب على لفظ الوصل ولا الف في الوصل، فحذفها. ووجه من وقف بالالف، ان الالف انما حذفت في الوصل لسكونها، وسكون ما بعدها، فلما وقف وزال ما بعدها ردها الى اصلها فأثبتها ولم يعرج على الخط، لأن الخط انما كتب على لفظ الوصل (¬4). ¬
«وعيون» من قوله تعالى: فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (¬1). ومن قوله تعالى: فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (¬2). قرأ «ابن كثير، وابن ذكوان، وشعبة، وحمزة، والكسائي» «عيون» في الموضعين بكسر العين. وقرأ الباقون بضم العين، وهما لغتان (¬3). «ساقيها» من قوله تعالى: وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها (¬4). «بالسوق» من قوله تعالى: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (¬5). «على سوقه» من قوله تعالى: فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ (¬6). قرأ «قنبل» «ساقيها، بالسوق، سوقه» بهمز الالف، والواو فيهن، وله في «سوقه» القراءة بهمزة مضمومة بعدها واو ساكنة قال «أبو حيان» همزها لغة فيها. وحكى «الاخفش الاوسط» ان «أبا حية النميري»، الهيثم بن الربيع، كان يهمز الواو اذا انضم ما قبلها، كأنه يقدر الضمة عليها، فيهمزها، وهي لغة قليلة خارجة عن القياس» اهـ. وقال «مكي بن ابي طالب»: «والذي قيل في همز «سباقيها» انه ¬
انما جاز همزة لجواز همزة الجمع، في قولك: «سئوق» واذا جمعت «ساقا» على «فعول» او جمعته على «افعل» نحو «اسؤق» همزت الواو فلما استمر الهمز في جمعه همز الواحد لهمزه في الجمع» اهـ. وقرأ الباقون الالفاظ الثلاثة بغير همز، على الاصل (¬1). من هذا يتبين ان الهمز، وعدمه، لغتان، الا ان عدم الهمز افصح واشهر. «جذوة» من قوله تعالى: لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ (¬2) قرأ «حمزة، وخلف العاشر» «جذوة» بضم الجيم. و «عاصم» بفتحها، والباقون بكسرها، وكلها لغات. والجذوة: القطعة الغليظة من الحطب، فيها نار ليس فيها لهب (¬3). المعنى: بعد ان اتم نبي الله «موسى» عليه السّلام الاجل المتفق عليه مع «شعيب» بدا له ان يرجع الى «مصر» لزيارة اهله وعشيرته، وسار نبي الله «موسى» بأهله، فلما جن عليه الليل حط رحاله، ونظر فرأى في جانب الطور الايمن نارا، فأشار على اهله ان يبقوا في مكانهم حتى يذهب الى هذه النار فيأتيهم منها بقطعة فيها نار يستدفئون بها. ¬
«أسوة» من قوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (¬1) ومن قوله تعالى: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ (¬2). ومن قوله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (¬3). قرأ «عاصم» «اسوة» في المواضع الثلاثة بضم الهمزة، وهي لغة «قيس، وتميم». وقرأ الباقون، بكسر الهمزة، وهي لغة «اهل الحجاز». والأسوة: القدوة (¬4). «منسأته» من قوله تعالى: ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ (¬5). قرأ «نافع، وابو عمرو، وابو جعفر» «منسأته» بألف بعد السين بدلا من الهمزة، يقال: نسأت الغنم: اذا سقتها، فأبدل من الهمزة المفتوحة الف، وكان الاصل ان تسهل بين بين، لكن البدل في هذا محكي مسموع عن العرب، وهو لغة «اهل الحجاز». وقرأ «ابن ذكوان، وهشام» بخلف عنه «منسأته» بهمزة ساكنة بعد السين للتخفيف. وقرأ الباقون «منسأته» بهمزة مفتوحة بعد السين، وهو الوجه الثاني «لهشام» وذلك على الاصل اسم الة على وزن «مفعلة» مثل «مكسنة» و «والمنساة»: العصا، وقد حكى «سيبويه» في تصغيرها ¬
«منيسئة» بالهمز، وقد قالوا في جمعها: «مناسئ» بالهمز، والتصغير، والجمع، يردان الاشياء الى اصولها في اكثر الكلام (¬1). «شغل» من قوله تعالى: إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (¬2). قرأ «نافع، وابن كثير، وابو عمرو» «شغل» باسكان الغين. وقرأ الباقون بضم الغين (¬3). والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». قال «الراغب»: «الشغل: العارض الذي يذهل الانسان، قال تعالى: فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ اهـ (¬4). «فواق» من قوله تعالى: وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ (¬5) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فواق» بضم الفاء، وهو لغة «تميم، وأسد، وقيس». ¬
وقرأ الباقون «فواق» بفتح الفاء، وهو لغة «اهل الحجاز» (¬1) «شيوخا» من قوله تعالى: ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً (¬2). قرأ «ابن كثير، وابن ذكوان، وشعبة، وحمزة، والكسائي» «شيوخا» بكسر الشين لمناسبة الياء. وقرأ الباقون بضم الشين على الاصل (¬3). اذا فالضم والكسر لغتان. «نحسات» من قوله تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ (¬4). قرأ «نافع، وابن كثير، وابو عمرو، ويعقوب» «نحسات» باسكان الحاء للتخفيف. وقرأ الباقون، بالكسر، على الاصل، و «نحسات» صفة «لأيام» ومعنى «نحسات»: شديدة البرد، وقيل: مشئومات (¬5). ¬
«سلفا» من قوله تعالى: فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ (¬1) قرأ «حمزة، والكسائي» «سلفا» بضم السين، واللام، جمع «سلف» مثل: «أسد وأسد». وقيل: هو جمع «سليف» نحو: «رغيف، ورغف». و «السليف»: المتقدم، والعرب تقول: مضى منا سالف، وسلف، وسليف. وقرأ الباقون «سلفا» بفتح السين، واللام، على انه جمع «سالف» نحو: «خادم، وخدم» (¬2). «غشاوة» من قوله تعالى: وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً (¬3). قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «غشوة» بفتح العين، واسكان الشين، وحذف الالف، على وزن «فعلة». وقرأ الباقون «غشاوة» بكسر الغين، وفتح الشين، واثبات الالف، على وزن «فعالة». وهم لغتان بمعنى واحد، وهو الغطاء (¬4). «وفصاله» من قوله تعالى: وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً (¬5) ¬
قرأ «يعقوب» و «فصله» بفتح الفاء، واسكان الصاد بلا الف. وقرأ الباقون «وفصاله» بكسر الفاء، وفتح الصاد، والف بعدها (¬1). وهما مصدران مثل: «القتل، والقتال» وفصله، وفصاله، بمعنى فطامه من الرضاع. «تنبيه» قوله تعالى: وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ (¬2). اتفق القراء العشرة على قراءته «وفصاله» بكسر الفاء، وفتح الصاد، واثبات الف بعدها. فان قيل: لماذا لم يرد في موضع لقمان الخلاف الذي ورد في موضع الاحقاف؟ اقول: القراءة سنة متبعة لا مجال للرأي فيها. «وكأين» من قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ (¬3). قرأ «ابن كثير، وابو جعفر» «وكائن» بالف ممدودة بعد الكاف، وبعدها همزة مكسورة، وحينئذ يكون المد من قبيل المتصل فكل يمد حسب مذهبه. الا ان «أبا جعفر» يسهل الهمزة مع التوسط، والقصر. وقرأ الباقون «وكأين» بهمزة مفتوحة بدلا من الالف، وبعدها ياء مكسورة مشددة. وهما لغتان بمعنى كثير (¬4). ¬
«آنفا» من قوله تعالى: حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ماذا قالَ آنِفاً (¬1) قرأ «البزي» بخلف عنه «انفا» بقصر الهمزة. وقرأ الباقون «آنفا» بمد الهمزة، وهو الوجه الثاني «للبزي». وهما لغتان بمعنى واحد، اي: ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم الساعة، قالوا ذلك على سبيل الاستهزاء. والمعنى: انا لم نلتفت الى قوله (¬2): و «آنفا» يراد به الساعة التي هي اقرب الاوقات وانتصابه على الظرفية: أي وقتا مؤتنفا. قال «الزجاج»، إبراهيم بن السري ت 311 هـ «هو من استأنفت الشيء: اذا ابتدأته، وأصله مأخوذ من انف الشيء لما تقدم منه، مستعار من الجارحة» اهـ (¬3). «شطاه» من قوله تعالى: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ (¬4) قرأ «ابن كثير، وابن ذكوان» «شطآه» بفتح الطاء. وقرأ الباقون باسكان الطاء، وهما لغتان مثل: «النهر والنهر» (¬5). قال «الجوهري»، اسماعيل بن حماد الفارابي ت 393 هـ: ¬
شطا الزرع والنبات: فراخه، والجمع «اشطاء». وقد أشطأ الزرع: خرج شطؤه: اهـ. وقال «الاخفش، سعيد بن مسعدة «ت 215 هـ: في قوله تعالى: أَخْرَجَ شَطْأَهُ.: اي طرفه اهـ (¬1). «فآزره» من قوله تعالى: كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ (¬2). قرأ «ابن عامر» بخلف عن «هشام» «فأزره» بقصر الهمزة، على وزن «ففعله». وقرأ الباقون «فآزره» بمد الهمزة على وزن «ففاعله» وهو الوجه الثاني «لهشام» والقصر، والمد لغتان (¬3). ومعنى «فأزره» اي قواه، واعانه، وشده. قال «الفراء» ت 217 هـ: «آزرت فلانا آزره»: اذا قويته اهـ (¬4) «الحجرات» من قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ (¬5) قرأ «ابو جعفر» «الحجرات» بفتح الجيم. وقرأ الباقون، بضم الجيم، وهما لغتان (¬6). ¬
«المصيطرون» من قوله تعالى: أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (¬1) «بمصيطر» من قوله تعالى: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (¬2) قرأ «هشام» المسيطرون، بمسيطر» بالسين فيهما. وقرأ «خلف عن حمزة» باشمام الصاد صوت الزاي فيهما، وهذا لا يعرف الا بالمشافهة، والتلقي من افواه القراء. وقرأ «خلاد» بوجهين: تارة بالاشمام مثل «خلف» واخرى بالصاد الخالصة، وذلك في الموضعين. وقرأ «قنبل، وابن ذكوان، وحفص» بالسين، والصاد، فيهما وقرأ الباقون، بالصاد الخالصة في الموضعين. وجه قراءة السين، انها على الاصل، ولو كانت الصاد هي الاصل ما رجعت اليه السين، لان الاقوى لا ينقل الى الاضعف، وانما ينقل الى الاقوى ابدا، والصاد اقوى من السين، لما في الصاد من صفتي: الاطباق، والاستعلاء، دون السين. ووجه قراءة الصاد، لاجل الطاء، وليعمل اللسان عملا واحدا في الاطباق، والاستعلاء، الموجودين في الصاد، والطاء ووجه قراءة الاشمام انه لغة «قيس» (¬3) «نكر» المجرور وهو في قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (¬4) ¬
قرأ ابن كثير «نكر» باسكان الكاف. وقرأ الباقون بضم الكاف (¬1). والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة: «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». قال الراغب: «النكر: الدهاء، والامر الصعب الذي لا يعرف» قال تعالى: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ اهـ (¬2). وقال «ابن كثير» في تفسير قوله تعالى: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ: أي الى شيء منكر فظيع، وهو موقف الحساب، وما فيه من البلاء، والاهوال» اهـ (¬3). «شواظ» من قوله تعالى: يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ (¬4) قرأ «ابن كثير» «شواظ» بكسر الشين. وقرأ الباقون، بضم الشين. والكسر والضم لغتان (¬5). قال «الشوكاني»: «الشواظ»: اللهب الذي لا دخان معه. وقال «مجاهد بن جبر» ت 104 هـ: «الشواظ»: اللهب الاخضر، المتقطع من النار. ¬
وقال «الضحاك بن مزاحم» ت 105 هـ: «الشواظ»: الدخان الذي يخرج من اللهب وليس بدخان الحطب. وقال «الاخفش الاوسط» و «ابو عمرو بن العلاء»: «هو النار والدخان جميعا» (¬1). «عربا» من قوله تعالى: فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً (¬2) قرأ «شعبة، وحمزة، وخلف العاشر» «عربا» باسكان الراء. وقرأ الباقون بضم الراء (¬3). والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة: «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة: «الحجازيين». قال «الراغب»: «امرأة عروبة: معربة بحالها عن عفتها، ومحبة زوجها، وجمعها «عرب» قال تعالى: عُرُباً أَتْراباً وقرأ «ابن كثير» في تفسير «عربا» اي متحببات الى ازواجهن بالحلاوة، والظرافة، والملاحة» اهـ. «انشزوا فانشزوا» من قوله تعالى: وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا (¬4) قرأ «نافع، وابن عامر، وحفص، وابو جعفر، وشعبة» بخلف ¬
عنه «انشزوا فانشزوا» بضم الشين فيهما، وحالة البدء «بانشزوا» يبدءون بضم همزة الوصل، لضم الشين. وقرأ الباقون، بكسر الشين فيهما، وهو الوجه الثاني «لشعبة» وحالة البدء «بانشزوا» يبدءون بكسر همزة الوصل، لكسر الشين. وضم الشين، وكسرها لغتان بمعنى واحد، يقال: «نشز»: اي ارتفع ينشز، مثل: «عكف يعكف ويعكف» بضم الكاف وكسرها (¬1). والمعنى: اذا قيل لكم انهضوا فانهضوا. قال جمهور المفسرين: اي انهضوا الى الصلاة، وعمل الخير، والجهد» الخ ... (¬2). «خشب» من قوله تعالى: وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ (¬3) قرأ «ابو عمرو، والكسائي، وقنبل بخلف عنه» «خشب» باسكان الشين. وقرأ الباقون بضم الشين وهو الوجه الثاني لقنبل (¬4). والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». قال «الراغب»: «كأنهم خشب مسندة» شبهوا بذلك لقلة غنائهم، وهو جمع «الخشب» اهـ. ¬
«نصوحا» من قوله تعالى: تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً (¬1) قرأ «شعبة» «نصوحا» بضم النون، على انه مصدر «نصح» جاء على «فعول» بضم الفاء، وهو قليل، كما أتى مصدره ايضا على «فعالة» تقول: نصح نصوحا، ونصاحة. وقرأ الباقون «نصوحا» بفتح النون، على أنه مصدر «نصح»، او صيغة مبالغة مثل: «ضروب» اي توبة بالغة في النصح (¬2) قال «قتادة» بن دعامة السدوسي»: ت 118 هـ: «التوبة النصوح» الصادقة وقال «الحسن البصري»: «التوبة النصوح» ان يبغض الذنب الذي احبه، ويستغفر منه اذا ذكره. وقال «الكلبي- محمد بن السائب» ت 146 هـ: «التوبة النصوح: الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والاقلاع بالبدن، والاطمئنان على ان لا يعود» اهـ (¬3). «فسحقا» من قوله تعالى: فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ (¬4) قرأ «ابن جماز، والكسائي، وابن وردان» بخلفهما «فسحقا» بضم الحاء. وقرأ الباقون باسكان الحاء، وهو الوجه الثاني «للكسائي، وابن وردان» (¬5). ¬
والاسكان والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». قال «الراغب»: «سحقه اي جعله باليا، قال تعالى: فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ (¬1). وقال «العكبري»: «فسحقا» اي فالزمهم سحقا، او فاسحقهم سحقا» اهـ (¬2). وقال «مكي بن ابي طالب»: «فسحقا» نصب على اضمار فعل، اي الزمهم الله سحقا، قيل: هو مصدر جعل بدلا من اللفظ بالفعل» اهـ (¬3). «سأل» من قوله تعالى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (¬4). قرأ «نافع، وابن عامر، وابو جعفر» سال «بابدال الهمزة الفا، فتصير مثل «فال» وهي لغة «قريش». وهي من «السؤال» ابدلت همزته على غير قياس عند «سيبويه» لان القياس تسهيل الهمزة بينها وبين الالف، وهو المعروف بالتسهيل بين بين. ومن الابدال على هذا النحو قول «حسان بن ثابت» رضي الله عنه: سالت هذيل رسول الله فاحشة ... ضلت هذيل بما جاءت ولم تصب وقرأ الباقون «سأل» بالهمزة، وهي اللغة الفاشية، وهي من «السؤال» ايضا ويوقف عليها «لحمزة» بالتسهيل بين بين (¬5). ¬
«وولده» من قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً (¬1) قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر». «وولده» بضم الواو الثانية، واسكان اللام. وقرأ الباقون «وولده» بفتح الواو، واللام، وهما لغتان بمعنى: مثل: «البخل والبخل»، وقيل المضموم جمع المفتوح مثل: أسد وأسد» (¬2). قال «الجوهري»: «الولد» قد يكون واحدا، وجمعا، وكذلك «الولد» بالضم، ومن امثال «بني أسد»: «ولدك من دمي عقبيك» وقد يكون «الولد» جمع «الولد» مثل «أُسد وأسد» اهـ (¬3). «ودا» من قوله تعالى: وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً (¬4) قرأ «نافع، وابو جعفر» «ودا» بضم الواو. وقرأ الباقون بفتح الواو، وهما لغتان بمعنى واحد، وهو اسم صنم (¬5). قال «الماوردي»: «فاما «ود» فهو اول صنم معبود، سمي «ودا» لودهم له. وكان بعد قوم نوح «لكلب» (¬6) بدومة الجندل، وفيه يقول شاعرهم: ¬
حياك ود فاذا لا يحل لنا ... لهو النساء ان الدين قد غربا (¬1) «لبدا» من قوله تعالى: كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (¬2) قرأ «هشام» بخلف عنه «لبدا» بضم اللام، جمع «لبدة» على وزن «فعلة» بضم فاء الكلمة، وسكون العين، نحو «غرفة وغرف» ومعنى «لبدا» بضم اللام: كثيرا، كما في قوله تعالى: .. يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً (¬3) وقال «مجاهد بن جبر» ت 104 هـ: «لبدا» اي جماعات، وهو من تلبد الشيء، اي «اجتمع» ومنه «اللبد» الذي يفرش لتراكم صوفه، وكل شيء ألصقته إلصاقا شديدا فقد لبدته» اهـ (¬4). وقرأ الباقون «لبدا» بكسر اللام، وهو الوجه الثاني «لهشام» على انه جمع «لبدة» على وزن «فعلة» بكسر الفاء، وسكون العين، نحو: «سدرة، وسدر» (¬5). ومعنى «لبدا» بكسر اللام: كاد الجن يكونون لبدا، اي متراكمين من ازدحامهم على النبي صلى الله عليه وسلم لسماع «القرآن» منه. وقال «الزجاج»، إبراهيم بن السري ت 311 هـ: معنى «لبدا»: يركب بعضهم بعضا» اهـ (¬6). «ثلثي» من قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ (¬7) قرأ «هشام» «ثلثي» بسكون اللام. ¬
وقرأ الباقون بضم اللام (¬1). والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، هو لغة «الحجازيين». «والرجز» من قوله تعالى: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (¬2) قرأ «حفص، وابو جعفر، ويعقوب» و «الرجز» بضم الراء لغة «اهل الحجاز» وقرأ الباقون، بكسر الراء، لغة «تميم» (¬3) قال «الجوهري»: «وقرئ قوله تعالى: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ. بالكسر والضم. وقال «ابو العالية، والربيع، والكسائي»: «الرجز» بالضم: «الوثن». وبالكسر: «العذاب» اهـ (¬4). «برق» من قوله تعالى: فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (¬5) ¬
قرأ «نافع، وابو جعفر» «برق» بفتح الراء، اي لمع بصره من شدة شخوصه عند الموت. وقرأ الباقون «برق» بكسر الراء، اي فزع، وبهت وتحير (¬1). وقال «ابو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210 هـ: «فتح الراء وكسرها لغتان بمعنى. «عذرا» من قوله تعالى: عُذْراً أَوْ نُذْراً (¬2) قرأ «روح» «عذرا» في موضع المرسلات فقط بضم الذال. وقرأ الباقون باسكان الذال (¬3). والاسكان، والضم لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة: «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». قال «العكبري»: وفي «عذرا او نذرا» وجهان: احدهما مصدر ان يسكن اوسطهما ويضم. والثاني هما جمع عذير، ونذير، فعلى الاول ينتصبان على المفعول له، او على البدل من «ذكرا» وعلى الثاني هما حالان من الضمير في «الملقيات»: اي معذرين، ومنذرين» اهـ. تنبيه «عذرا» من قوله تعالى: قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (¬4) ¬
اتفق القراء العشرة على قراءته باسكان الذال، على الاصل وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف. «نذرا» من قوله تعالى: عُذْراً أَوْ نُذْراً (¬1) قرأ «ابو عمرو، وحفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نذرا» باسكان الذال. وقرأ الباقون بضم الذال (¬2). والاسكان، والضم، لغتان في كل اسم على ثلاثة احرف اوله مضموم: والاسكان هو الاصل، وهو لغة: «تميم- وأسد». والضم لمجانسة ضم الحرف الاول، وهو لغة «الحجازيين». «والوتر» من قوله تعالى: وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (¬3) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «والوتر» بكسر الواو، لغة «تميم». وقرأ الباقون، بفتح الواو، لغة «اهل الحجاز». «والوتر» ضد «الشفع» (¬4). «لهب» من قوله تعالى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ (¬5) قرأ «ابن كثير» «لهب» باسكان الهاء. ¬
وقرأ الباقون، بفتح الهاء، وهما لغتان مثل: «النهر، والنهر» (¬1) «تنبيه»: «لهب» من قوله تعالى: سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (¬2) «اللهب» من قوله تعالى: لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (¬3) اتفق القراء العشرة على فتح الهاء فيهما. «كفوا» من قوله تعالى: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (¬4) قرأ «حفص» بابدال الهمزة واوا في الحالين، مع ضم الفاء. وقرأ «حمزة» «كفؤا» بالهمزة وصلا مع إسكان الفاء، وله وقفا وجهان: الاول: نقل حركة الهمزة الى الفاء، وحذف الهمزة. والثاني: ابدال الهمزة واوا على الرسم، مع اسكان الفاء. وقرأ «يعقوب. وخلف العاشر» «هزؤا» بالهمزة مع اسكان الفاء في الحالين. وقرأ الباقون «هزءا» بالهمزة مع ضم الفاء في الحالتين (¬5). وجه الهمز انه الاصل، والابدال للتخفيف. ووجه الضم في الفاء انه جاء على الاصل، ووجه الاسكان للتخفيف وكلها لغات. ¬
الفصل الثاني من الباب الثاني اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى اصل الاشتقاق
الفصل الثاني من الباب الثاني اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى اصل الاشتقاق لقد تتبعت قراءات «القرآن» واقتبست منها الكلمات التي قرئت بوجهين او اكثر، وكان سبب اختلاف «اللهجات» التي ترجع الى «اصل الاشتقاق» وتفصيل ذلك فيما يلي: «يبشرك» من قوله تعالى: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى (¬1) ومن قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ (¬2) «يبشر» من قوله تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ (¬3) ومن قوله تعالى: وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ (¬4) ومن قوله تعالى: ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ (¬5) «نبشرك» من قوله تعالى: إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (¬6) ومن قوله تعالى: يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ (¬7) «يبشرهم» من قوله تعالى: يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ (¬8) قرأ «حمزة» المواضع الثمانية بفتح الياء من لفظ «يبشر» والنون من لفظ «نبشر» واسكان الباء، وضم الشين مخففة. وقرأ «الكسائي» مثل قراءة «حمزة» في المواضع الخمسة الآتية: موضعي آل عمران- وموضع الاسراء- وموضع الكهف- وموضع الشورى. ¬
وقرأ المواضع الثلاثة الباقية مثل قراءة جمهور القراء: بضم الباء من لفظ «يبشر» والنون من لفظ «نبشر». وفتح الباء، وكسر الشين مشددة. وقرأ «ابن كثير، وابو عمرو» مثل قراءة «حمزة» في موضع الشورى فقط. وقرأ الباقون بضم الياء من: «يبشر» والنون من «نبشر» وفتح الياء، وكسر الشين مشددة، ومثلهم «ابن كثير، وابو عمرو» في غير موضع. والتخفيف لغة «تهامة» وهو فعل مضارع من «بشر» بتخفيف العين. تتغير عنده بشرة الوجه وتنبسط عادة. والتشديد لغة «اهل الحجاز» وهو فعل مضارع من «بشر» مضعف العين، يقال: «بشره يبشره تبشيرا». ونحن اذا ما نظرنا الى هاتين القراءتين وجدناهما ترجعان الى اصل الاشتقاق: فالتخفيف من «بشر» مخفف العين، والتشديد من «بشر» مضعف العين. تنبيه: «تبشرون» من قوله تعالى: قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (¬1). اتفق القراء العشرة على قراءته بتشديد الشين. وذلك لمناسبة ما قبله وبعده من الافعال المجمع على قراءتها بالتشديد (¬2). ¬
وغير ذلك فالقراءة سنة متبعة مبنية على التوقيف. جاء في «المفردات»: «ابشرت الرجل» وبشرته (¬1) وبشرته (¬2): «اخبرته بسار بسط بشرة وجهه. وذلك ان النفس اذا سرت انتشر الدم فيها انتشار الماء في الشجرة. وبين هذه الالفاظ فروق، فان «بشرته» بتخفيف الشين: «عام»، «وابشرته» نحو «احمدته» و «بشرته» بتشديد الشين: على التكثير. «وابشر» يكون لازما، ومتعديا، يقال: «بشرته» بتخفيف الشين «فابشر» اي استبشر، «وابشرته». وقرئ «يبشرك» بتشديد الشين، «ويبشرك» بضم الشين مخففة «ويبشرك» بضم الياء، وسكون الباء، وكسر الشين مخففة، قال الله تعالى: قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ (¬3). «واستبشر». اذا وجد ما يبشره من الفرج، قال تعالى: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ (¬4). ويقال للخبر السار: «البشارة، والبشرى» (¬5). قال تعالى: لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ اهـ (¬6). «يحسبهم» كيف وقع وكان فعلا مضارعا، نحو قوله تعالى: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ (¬7) قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، وابو جعفر» بفتح السين، وهو لغة «تميم». ¬
وقرأ الباقون بكسر السين، وهو لغة أهل «الحجاز» (¬1). والقراءتان ترجعان الى اصل الاشتقاق: فالاولى: من «حسب يحسب» نحو: «علم يعلم». والثانية: من «حسب يحسب» نحو: «ورث يرث». قال «الزبيدي» في التاج مادة «حسب»: «حسبه كنصره يحسبه حسبا على القياس، صرح به «ثعلب، والجوهري وابن سيده» وحسبانا بالضم نقله «الجوهري» وحكاه «ابو عبيد» عن «ابي زيد». وفي التهذيب: حسبت الشيء احسبه حسبانا بالكسر .. وحسابا، ذكره «الجوهري» وغيره. قال الازهري: «وانما سمى الحساب في المعاملة حسابا، لانه يعلم به ما فيه كفاية ليس فيها زيادة على المقدار، ولا نقصان» اهـ (¬2). وقال الراغب» في مادة «حسب»: «الحساب استعمال العدد، يقال: حسبت: بفتح السين، احسب- بكسر السين- حسابا، وحسبانا- بضم الحاء- قال تعالى: لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ (¬3). وقال تعالى: وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ... الى ان قال: قال الله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ، وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ (¬4) فكل ذلك مصدره «الحسبان» - بكسر الحاء- والحسبان: ان يحكم لاحد النقيضين من غير ان يخطر الآخر بباله فيحسبه ويعقد عليه الاصبع- بضم الهمزة والباء، ويكون بعرض ان يعتريه فيه شك، ويقارب ذلك الظن، لكن الظن ان يخطر- بضم الياء- النقيضين بباله فيغلب احدهما على الآخر» اهـ (¬5). ¬
«يعكفون» من قوله تعالى: فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ (¬1). قرأ «حمزة، والكسائي» وخلف العاشر بخلف عن «ادريس» «يعكفون» بكسر الكاف، وهي لغة «أسد». ونحن اذا ما علمنا ان كلا من «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» يمثل قراءة الكوفة، ادركنا السر في قراءتهم، حيث انها كانت متمشية مع لهجة «أسد» اذ نزح البعض من قبيلة «أسد» الى الكوفة. وقرأ باقي القراء العشرة «يعكفون» بضم الكاف، وهو الوجه الثاني عن «ادريس» وهذه القراءة لغة بقية العرب (¬2). ونحن اذا ما انعمنا النظر في هاتين القراءتين وجدناهما ترجعان الى اصل الاشتقاق. حيث ان القراءة الاولى من «عكف يعكف» بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع مثل «ضرب يضرب». والقراءة الثانية من «عكف يعكف» بفتح العين في الماضي، وضمها في المضارع، مثل: «نصر، ينصر». يقال: عكف على الشيء، بمعنى اقام عليه. والعكوف: الاقبال على الشيء، وملازمته على سبيل التعظيم له. والاعتكاف في الشرع. هو الاحتباس في المسجد على سبيل القربة. ويقال: عكفته على كذا، اي حبسته عليه (¬3). ويقال: «عكف» على الشيء «عكوفا» و «وعكفا» من بابي: «قعد وضرب»: لازمه، وواظبه. ¬
كما يقال: «عكفت» الشيء «اعكفه» و «اعكفه» - بضم الكاف، وكسرها- حبسته، ومنه «الاعتكاف» وهو «افتعال» لانه حبس النفس عن التصرفات العادية. ويقال: «عكفته» عن حاجته: منعته (¬1). «يبطشون» من قوله تعالى: أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها (¬2). «يبطش» من قوله تعالى: فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما (¬3). «نبطش» من قوله تعالى: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى (¬4). قرأ «ابو جعفر» «يبطشون، يبطش، نبطش» بضم الطاء على انه مضارع «بطش يبطش» نحو: «خرج يخرج». وقرأ الباقون الالفاظ الثلاثة بكسر الطاء، على انه مضارع «بطش يبطش» نحو: «ضرب يضرب» (¬5). يقال: «بطش به بطشا» من باب «ضرب يضرب ضربا» وفي لغة من باب «قتل يقتل قتلا». و «البطش»: الاخذ بعنف (¬6). «ضعفا» من قوله تعالى: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً (¬7). قرأ «ابو جعفر» «ضعفاء» بضم الضاد، وفتح العين والفاء، وبعدها الف، وبعد الالف همزة مفتوحة بلا تنوين، جمع «ضعيف» مثل: «ظريف وظرفاء». وقرأ «عاصم، وحمزة، وخلف العاشر» «ضعفا» بفتح الضاد. ¬
وقرأ الباقون «ضعفا» بضم الضاد (¬1). و «الضعف» بفتح الضاد لغة «تميم» وبضمها لغة «قريش»: خلاف القوة، والصحة. فالمضموم مصدر «ضعف» بضم العين، مثل: «قرب قربا». والمفتوح مصدر «ضعف» بضم العين، من باب «قتل». ومنهم من يجعل المفتوح في الرأي، والمضموم في الجسد، وهو «ضعيف». والجمع «ضعفا» و «ضعاف» ايضا، وجاء «ضعفة» بفتح الضاد والعين، و «ضعفي» بفتح الضاد، وسكون العين، لان «فعيلا، اذا كان صفة وهو بمعنى «مفعول» جمع على «فعلى» مثل: «قتيل وقتلى» و «جريح وجرحى» قال «الخليل بن احمد الفراهيدي» ت 170 هـ: «هلكى، وموتى، هابا الذي ان المعنى معنى «مفعول». وقالوا: «احمق وحمقى» و «انوك ونوكى» لانه عيب اصيبوا به فكان بمعنى معنى «مفعول». وشذ من ذلك «سقيم من ذلك «سقيم» فجمع على «سقام» بالكسر لا على «سقمى» ذهابا الى المعنى معنى «فاعل». ولوحظ في «ضعيف» معنى «فاعل» فجمع على «ضعاف» «وضعفه» مثل «كافر وكفرة». ويقال: «اضعفه» الله «فضعف» فهو «ضعيف». ¬
و «ضعف عن الشيء»: عجز عن احتماله. و «استضعفته»: رأيته «ضعيفا» او جعلته كذلك (¬1). «يعزب» من قوله تعالى: وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (¬2). ومن قوله تعالى: لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ (¬3). قرأ «الكسائي» «يعزب» في الموضعين بكسر الزاي. وقرأ الباقون بضم الزاي، والكسر والضم لغتان في مضارع «عزب» نحو: «يعرش» مضارع «عرش» و «يعكف» مضارع «عكف» (¬4) يقال: «عزب» الشيء «عزوبا» من باب «قعد يقعد». و «عزب» من بابي: «قتل، وضرب»: «غاب، وخفي» فهو «عازب» (¬5). «يقنط» من قوله تعالى: قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (¬6). «يقنطون» من قول الله تعالى: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (¬7). «تقنطوا» من قول الله تعالى: لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً (¬8). قرأ «ابو عمرو، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر». ¬
«يقنط، يقنطون، تقنطوا» بكسر النون، وهي لغة «اهل الحجاز، وأسد» (¬1). وقرأ الباقون بفتح النون، وهي لغة باقي العرب (¬2). والقراءتان ترجعان الى اصل الاشتقاق: فالقراءة الاولى مضارع «قنط يقنط» بفتح العين في الماضي، وكسرها في المضارع مثل: «ضرب يضرب». والقراءة الثانية مضارع «قنط يقنط» بكسر العين في الماضي، وفتحها في المضارع، مثل: «تعب، يتعب» ومعنى «لا تقنطوا»: لا تيأسوا. جاء في «المفردات»: «القنوط» اليأس من الخير. يقال: «قنط (¬3) يقنط (¬4) قنوطا، وقنط (¬5) يقنط (¬6) قنوطا (¬7). وجاء في «اللسان»: «القنوط»: اليأس، وفي «التهذيب: اليأس من الخير. وقيل: اشد اليأس من الشيء. و «القنوط» بضم القاف: المصدر و «قنط، يقنط، قنوطا» مثل: «جلس، يجلس، جلوسا» و «قنط (¬8) قنطا (¬9) وهو قانط»: «يئس». ¬
وفيه لغة ثالثة: «قنط، يقنط، قنطا» مثل تعب، يتعب، تعبا» وقناطة، فهو «قنط». واما «قنط، يقنط» بالفتح فيهما، و «قنط، يقنط» بالكسر فيهما، فانما هو على الجمع بين اللغتين، قاله «الاخفش» اهـ (¬1). «لتبشر» من قوله تعالى: لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ (¬2). قرأ «حمزة» «لتبشر» بفتح التاء، واسكان الباء الموحدة، وضم الشين مع تخفيفها، من «البشر» وهو البشارة. وقرأ الباقون «لتبشر» بضم التاء، وفتح الباء، وكسر الشين مع تشديدها، مضارع «بشر» مضعف العين. والقراءتان لغتان بمعنى واحد وهو: الاخبار بأمر سار تتغير عنده بشرة الوجه، وتنبسط عادة. والتخفيف لغة «تهامة». والتشديد لغة «اهل الحجاز» (¬3). «فيسحتكم» من قوله تعالى: قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ (¬4). قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، ورويس، وخلف العاشر» «فيسحتكم بضم الياء، وكسر الحاء، وهي لغة كل من نجد، وتميم» (¬5). ¬
وقرأ الباقون «فيسحتكم» بفتح الياء، والحاء، وهي لغة الحجازيين» (¬1). ونحن اذا ما نظرنا الى هاتين القراءتين وجدناهما ترجعان الى اصل «الاشتقاق، حيث ان القراءة الاولى مضارع «اسحته» من الثلاثي المزيد. بالهمزة. والقراءة الثانية مضارع «سحته» من الثلاثي المجرد. يقال: «سحته، واسحته» بمعنى «سحقته واهلكته». «ولا تصعر» من قوله تعالى: وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ (¬2). قرأ «نافع، وابو عمرو وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر». «ولا تصاعر» بألف بعد الصاد، وتخفيف العين، فعل امر من «صاعر» وهو لغة «اهل الحجاز». وقرأ الباقون «ولا تصعر» بحذف الالف، وتشديد العين، فعل امر من «صعر» وهو لغة «تميم». والصعر: مرض يصيب الابل في اعناقها فيميلها. والمعنى: لا تمل خدك للناس، اي لا تعرض عنهم بوجهك تكبرا (¬3). «فاعتلوه» من قوله تعالى: خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ (¬4). قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، ويعقوب» «فاعتلوه» بضم التاء. وقرأ الباقون بكسر التاء، والضم، والكسر لغتان، في مضارع ¬
«عتل» مثل مضارع «عكف» و «حشر» ومعنى فاعتلوه: ردوه بعنف (¬1) «ألتناهم» من قوله تعالى: وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ (¬2). قرأ «ابن كثير بخلف عن قنبل» «ألتناهم» بكسر اللام، على انه فعل ماض، من «ألت يألت» نحو: علم يعلم». وروي عن «قنبل» وجه آخر وهو «وما لتناهم» بحذف الهمزة، مع كسر اللام، على انه فعل ماض، من «لات يليت» نحو: «باع يبيع». وقرأ الباقون «ألتناهم» بفتح اللام، على انه فعل ماض، من «ألت يألت» نحو: «ضرب يضرب». وكلها لغات بمعنى: «وما انقصناهم من عملهم من شيء». والفعل على جميع القراءات مسند الى ضمير العظمة، جريا على السباق، لان قبله قوله تعالى: أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (¬3). «لم يطمثهن» من قوله تعالى: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (¬4). ومن قوله تعالى: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (¬5). قرأ «الكسائي» «يطمثهن» بضم الميم، وكسرها، في الموضعين، وقد ذكرت عدة اقوال في هذا الخلاف: ¬
فقد روى «ابن مجاهد» ت 324 هـ: الضم، والكسر فيهما لا يبالي كيف يقرؤهما. وروى الاكثرون التخيير في احدهما عن «الكسائي» بمعنى انه اذا ضم الاول كسر الثاني، واذا كسر الاول ضم الثاني. والوجهان من التخيير وغيره ثابتان عن الكسائي نصا واداء، كما في النشر. قال علماء القراءات: واذا اردت قراءتهما، وجمعهما في التلاوة. فاقرأ الاول بالضم، ثم بالكسر، والثاني بالكسر ثم بالضم. وقرأ الباقون «يطمثهن» في الموضعين، بكسر الميم فيهما. والضم، والكسر لغتان في مضارع «طمث» (¬1). قال «الفراء» ت 217 هـ: «الطمث»: الافتضاض، وهو النكاح بالقدمية. وقال المفسرون: لم يطأهن، ولم يغشهن، ولم يجامعهن قبلهم أحد» (¬2). ¬
الفصل الثالث من الباب الثاني اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصرفي
الفصل الثالث من الباب الثاني اللهجات التي يرجع الاختلاف فيها الى الجانب الصرفي لقد تتبعت قراءات «القرآن» واقتبست منه الكلمات التي قرئت بوجهين او اكثر، وكان سبب اختلاف «اللهجات» التي ترجع الى «الجانب الصرفي» وتفصيل ذلك فيما يلي: «حج» من قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا (¬1). قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وابو جعفر، وخلف العاشر» «حج» بكسر الحاء، وهي لغة «نجد». وقرأ الباقون بفتح الحاء، وهي لغة «اهل العالية، والحجاز، وأسد» (¬2). وهما مصدران «لحج يحج» والفتح هو المصدر القياسي: قال ابن مالك: فعل قياس مصدر المعدي من ذي ثلاثة كرد ردا قال «الزبيدي» في مادة «حج»: «الحج»: القصد مطلقا، «حجه يحجه حجا»: قصده، وحججت فلانا، واعتمدته: قصدته، ورجل محجوج اي مقصود. وقال جماعة «انه القصد لمعظم» وقيل: «هو كثرة القصد لمعظم» وهذا عند الخليل. ¬
والحج: «الكف» كالحجحجة، يقال: حجحج عن الشيء، وحج» كف عنه والحج: القدوم، يقال: حج علينا فلان: اي قدم (¬1). والحجج: الغلبة بالحجة، يقال: حجه يحجه حجا: اذا غلبه على حجته والحج: كثرة الاختلاف، والتردد، وقد حج بنو فلان فلانا: اذا اطالوا الاختلاف اليه. وفي «التهذيب» تقول: أتيت فلانا اذا أتيته مرة بعد مرة. فقيل: حج البيت، لانهم يأتونه كل سنة، قال «المخبل السعدي»: واشهد من عوف حلولا كثيرة يحجون سب الزبرقان المزعفرا (¬2). اي يقصدونه، ويزورونه، وقال «ابن السكيت» يقول: اي الشاعر يكثرون الاختلاف اليه، هذا الاصل، ثم تعورف استعماله في «قصد مكة للنسك» اهـ وفي «اللسان»: الحج: التوجه الى «البيت» بالاعمال المشروعة، فرضا، وسنة، تقول: «حججت البيت»، و «أحجه حجا» اذا قصدته. وقال بعض الفقهاء: الحج: القصد، واطلق على المناسك لانها تبع لقصد مكة. ويقول: حج البيت يحجه حجا وهو حاج .. والجمع «حجاج» كعمار، وزوار .. ، يجمع على «حج» بالضم كبازل، وبزل، وعائذ، وعوذ، وانشد «ابو زيد» لجرير يهجو «الاخطل» ويذكر ما يفعله «الحجاف بن حكيم» السلمي من قتل «بني تغلب» قوم «الاخطل» بالبشر: وهو «ماء» لبني تميم: قد كان في جيف بدجلة حرقت ... او في الذين على الرحوب شغول وكان عافية النور عليهم ... حج باسفل ذي المجاز نزول يقول: لما كثرت قتلى «بني تغلب» جافت الارض، فحرقوا ليزول نتنهم. ¬
والرحوب: «ماء لبني تغلب» والمشهور رواية البيت «حج» بالكسر، وهو اسم الحاج، وعافية النسور: هي الغاشية التي تغشى لحومهم. «وذي المجاز»: من اسواق العرب. ونقل شيخنا عن «ابن السكيت» «الحج» بالفتح: «القصد»، وبالكسر «القوم الحجاج» قلت: فيستدرك على المصنف ذلك. وفي «اللسان» «الحج» بالكسر: «الحجاج» قال: كأنما اصواتها بالبوادي اصوات حج من عمان عادي هكذا انشده «ابن دريد» بكسر الحاء. «وهي حاجة من حواج بيت الله؟» بالاضافة اذا كن قد حججن، وان لم يكن قد حججن قلت: «حواج بيت الله» فتنصب «البيت» لأنك تريد التنوين في «حواج» الا انه لا ينصرف، كما يقال: «هذا ضارب زيد امس» و «ضارب زيدا غدا» فتدل بحذف التنوين على انه قد ضربه، وباثبات التنوين على انه لم يضربه، كذا حققه «الجوهري» وغيره. والحج: بالكسر «الاسم» قال «سيبويه»: «حجه يحجه حجا» كما قالوا: «ذكره ذكرا» ... الى ان قال: وقرئ «ولله على الناس حج البيت» والفتح اكثر. وقال «الزجاج» في قوله تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ. يقرأ بفتح الحاء، وكسرها، والفتح الاصل. وروي عن «الاثرم» قال: والحج- بالفتح، والحج: بالكسر، ليس عند «الكسائي» بينهما فرقان .. والحجة بالكسر: المرة الواحدة من الحج، وهو شاذ، لوروده على خلاف القياس لان القياس في المرة الفتح في كل فعل ثلاثي، كما ان القياس فيما يدل على الهيئة الكسر، كذا صرح به «ثعلب» في الفصيح» اهـ (¬1) «قرح» من قوله تعالى: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ (¬2). ¬
«القرح» من قوله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ (¬1) قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «قرح- القرح» منكرا، ومعرفا، بضم القاف. وقرأ الباقون بفتح القاف (¬2)، وهما مصدران لقرح والقرح بفتح القاف: الاثر: من الجراحة من شيء يصيبه من خارج. والقرح بضم القاف: اثرها من داخل كالبشرة ونحوها. وقد يقال: القرح بفتح القاف: للجراحة، وبالضم للألم (¬3) «قياما» من قوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً (¬4) ومن قوله تعالى: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ (¬5) قرأ «ابن عامر» «قيما» في الموضعين بغير الف بعد الياء: على انها مصدر «قام بمعنى» القيام لغة فيه. وقرأ «نافع» موضع النساء «قيما» مثل «ابن عامر». وموضع المائدة «قياما» باثبات الالف بعد الياء، على انه مصدر «قام يقيم قياما». قال «الاخفش الاوسط»، سعيد بن مسعدة ت 215 هـ ¬
في المصدر ثلاث لغات: القوام، والقيام، والقيم» اهـ (¬1). وقرأ الباقون «قياما» باثبات الالف بعد الياء في السورتين (¬2). تنبيه: «قياما» من قوله تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ (¬3) ومن قوله تعالى: فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ (¬4) ومن قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً (¬5) اتفق القراء: العشرة على قراءته في هذه المواضع الثلاث «قياما» باثبات الالف بعد الياء. وهذا دليل على ان القراءة مبنية على التوقيف ولا مجال للرأي، او القياس فيها. - والله اعلم- «خفية» من قوله تعالى: قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً (¬6) ومن قوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً (¬7) قرأ «شعبة» «خفية» في الموضعين بكسر الخاء. ¬
وقرأ الباقون بضمها (¬1). وهما لغتان مصدر «خفي» قال «الراغب»: خفي الشيء خفية: استتر قال تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً اهـ (¬2). وقال «ابن كثير» في تفسير قوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً. قيل معناه: تذللا واستكانة وخفية» (¬3). وفي تفسير: تدعونه تضرعا وخفية»: اي جهرا وسرا» اهـ (¬4) «بزعمهم» من قوله تعالى: فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا (¬5) ومن قوله تعالى وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ (¬6) قرأ «الكسائي» «بزعمهم» في الموضعين بضم الزاي، وهي لغة «بني سعد». وقرأ الباقون بفتح الزاي في الموضعين ايضا. وهي لغة «اهل الحجاز». وقيل الضم على انه اسم، والفتح على انه مصدر (¬7). ¬
قال «الراغب في المفردات» في مادة «زعم»: «الزعم حكاية قول يكون مظنة للكذب، ولهذا جاء في القرآن في كل موضع ذم القائلون به نحوه زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (¬1) ونحو قوله تعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا (¬2) جاء في «الناموس»: «الزعم» مثلثة: «القول الحق، والباطل، والكذب ضد، واكثر ما يقال فيما يشك فيه». «والزعمي» بضم الزاي المشددة. وسكون العين، وكسر الميم: الكذاب، والصادق. «والزعيم»: «الكفيل». ويقال: زعم به زعما، وزعامة، وسيد القوم، ورئيسهم، او المتكلم عنهم «زعيم» والجمع «زعما». «والزعامة»: «الشرف، والرئاسة» اهـ (¬3). «حصاده» من قوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ (¬4) قرأ «ابو عمرو، وابن عامر، وعاصم، ويعقوب» «حصاده» بفتح الحاء. وقرأ الباقون بكسر الحاء (¬5). ¬
وهما لغتان في مصدر «حصد». قال «الراغب»: «اصل الحصد قطع الزرع، وزمن الحصاد، بفتح الحاء وكسرها». كقولك: زمن الجذاذ بفتح الجيم وكسرها، وقال تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ فهو الحصاد المحصود في إبانه اهـ (¬1). وقال «ابن عباس» رضي الله عنهما: «وآتوا حقه يوم حصاده» يعني الزكاة المفروضة يوم يكال ويعلم كيله» اهـ (¬2) جاء في «القاموس»: «حصد الزرع، والنبات» «يحصده» بكسر الصاد، وبضمها، «حصدا» و «حصادا» بكسر الحاء، وبكسرها: قطعه بالمنجل- بكسر الميم، وفتح الجيم- كاحتصده، وهو «حاصد» من «حصده، وحصادا» اهـ (¬3). «الرشد» من قوله تعالى: وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا (¬4) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «الرشد» في موضع الاعراف فقط بفتح الراء والشين. وقرأ الباقون بضم الراء، وسكون الشين (¬5). وهما لغتان في المصدر، نحو: «البخل، والبخل». قال «الراغب»: الرشد بفتح الراء والشين، وبضم الراء وسكون الشين: خلاف الغي، ويستعمل استعمال الهداية، يقال: ¬
رشد يرشد، نحو نصر ينصر، ورشد يرشد، نحو علم يعلم: ثم قال: وقال بعضهم: «الرشد بفتح الراء، والشين اخص من الرشد، بضم الراء، وسكون الشين، فان الرشد بضم الراء، وسكون الشين يقال في الامور الدنيوية، والاخروية. والرشد بفتح الراء والشين، يقال في الامور الاخروية لا غير» اهـ (¬1) وقال «ابن كثير» في تفسير وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا: «اي وان ظهر لهم الرشد اي طريق النجاة لا يسلكوها» اهـ (¬2) يقال: «رشد يرشد» «رشدا» من باب «تعب يتعب تعبا». و «رشد يرشد» من باب «قتل يقتل» فهو «راشد». والاسم «الرشاد» ويتعدى بالهمزة. ويقال: «رشده» القاضي «ترشيدا» جعله «رشيدا» ويقال ايضا: «استرشدته فأرشدني» الى الشيء، وعليه وله (¬3). «مرجون» من قوله تعالى: وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ (¬4) قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر، وشعبة، ويعقوب» «مرجئون» بهمزة مضمومة ممدودة بعد الجيم، وهي لغة: «تميم. وسفلى قيس». وقرأ الباقون «مرجون» بواو ساكنة بعد الجيم من غير همز، وهي لغة قريش» (¬5). والقراءتان ترجعان الى اصل الاشتقاق: فالاولى: من «أرجا» مثل أنبأ. ¬
والثانية: من «أرجى» مثل «اعطى». واصل «مرجون» «مرجيون» فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت الفا، ثم حذفت الالف لالتقاء الساكنين، وبقيت الجيم لتدل على الالف المحذوفة. ومعنى القراءتين واحد وهو التأخير عن التوبة (¬1). «بشق» من قوله تعالى: وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ (¬2) قرأ «ابو جعفر» «بشق» بفتح الشين. وقرأ الباقون بكسر الشين، والفتح، والكسر مصدران بمعنى واحد، وهو المشقة. وقيل: الفتح مصدر، والكسر اسم مصدر. و «بشق» في موضع الحال من الضمير المرفوع في «بالغيه» اي مشقوقا عليكم (¬3). «جاء في اللسان»: «الشق، والمشقة»: الجهد والعناء، ومنه قوله عز وجل: إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ واكثر القراء على كسر الشين. معناه: الا بجهد الانفس، وكأنه اسم، وكان «الشق» (¬4) فعل. وقرأ «ابو جعفر» وجماعة: «الا بشق الانفس» بالفتح. قال «ابن جني» ت 392 هـ: وهما بمعنى اهـ (¬5). ¬
«قال سلام» من قوله تعالى: قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (¬1) ومن قوله تعالى قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (¬2) قرأ «حمزة، والكسائي» «سلم» في الموضعين ايضا «سلام» بفتح السين، واللام، واثبات الف بعد اللام. وهما لغتان بمعنى «التحية» وهو رد السلام عليهم اذ سلموا عليه. ويجوز ان يكون «سلام» بمعنى «المسالمة» التي هي خلاف الحرب. و «سلام» مبتدأ والخبر محذوف، والتقدير: «سلام عليكم». ويكون «سلم» بمعنى الصلح، وهو خبر لمبتدإ محذوف اي: «امري سلم» بمعنى: لست مريدا غير السلامة والصلح (¬3). «ضيق» من قوله تعالى: وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (¬4) ومن قوله تعالى: وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (¬5) قرأ «ابن كثير» «ضيق» في الموضعين بكسر الضاد. وقرأ الباقون بفتحها، وهما لغتان في مصدر «ضاق». ¬
نحو «القول والقيل» (¬1). قال «الراغب»: «الضيق ضد السعة، ويقال: الضيق ايضا- اي بفتح الضاد» اهـ (¬2). وقال «ابن كثير»: «ولا تك في ضيق» اي غم اهـ (¬3). «الولاية» من قوله تعالى: هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ (¬4) قرأ «حمزة، والكسائي وخلف العاشر» «الولاية» بكسر الواو. وقرأ الباقون بفتح الواو. والولاية: بكسر الواو، وفتحها، لغتان في مصدر «وليت الامر اليه ولاية» ومعناها: النصرة، والعرب تقول: «نحن لكم على بني فلان ولاية» اي انصار (¬5). «رشدا» من قوله تعالى: قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (¬6) قرأ «ابو عمرو، ويعقوب» «رشدا» في هذا الموضع فقط بفتح الراء، والشين. وقرأ الباقون بضم الراء، واسكان الشين، وهما لغتان في مصدر ¬
«رشد» نحو: «البخل، والبخل» (¬1). تنبيه: «رشدا» من قوله تعالى: فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (¬2) ومن قوله تعالى: وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً (¬3) اتفق القراء العشرة على قراءة «رشدا» في هذين الموضعين بفتح الراء والشين. قال «ابن الجزري» ت 833 هـ: واختلفوا في «مما علمت رشدا» فقرأ البصريان بفتح الراء والشين، وقرأ الباقون بضم الراء، واسكان الشين. واتفقوا على الموضعين المتقدمين من هذه السورة وهما: «وهيّئ لنا من امرنا رشدا، ولأقرب من هذا رشدا». انهما بفتح الراء، والشين، وقد سئل «الامام ابو عمرو بن العلاء» ت 154 هـ عن ذلك فقال: «الرشد» بالضم هو الصلاح، وبالفتح هو العلم، و «موسى» عليه السلام انما طلب من «الخضر» عليه السلام العلم. وهذا في غاية الحسن، الا ترى الى قوله تعالى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً كيف اجمع على ضمه، وقوله وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً ولِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً كيف اجمع على فتحه. ولكن جمهور اهل اللغة اجمع على ان الفتح، والضم في «الرشد، والرشد» لغتان كالبخل، والبخل، «والسقم، والسقم»، «الحزن، والحزن» فيحتمل عندي ان يكون الاتفاق على فتح الحرفين الاولين لمناسبة ¬
رءوس الآي، وموازنتها لما قبل، ولما بعد نحو: «عجبا، وعددا، واحدا» بخلاف الثالث فانه وقع قبله «علما» وبعده «صبرا» فمن سكن فالمناسبة ايضا، ومن فتح فإلحاقا بالنظير، والله تعالى اعلم اهـ (¬1). «خرجا» من قوله تعالى: فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (¬2) ومن قوله تعالى: ام تسألهم خرجا فخراج ربك خير (¬3) «فخراج» من قوله تعالى: فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ قرأ «حمزة والكسائي، وخلف العاشر» «خراجا» في الموضعين بفتح الراء، واثبات الف بعدها. وقرأ الباقون «خرجا» في الموضعين باسكان الراء، وحذف الالف. وقرأ «ابن عامر» فخرج باسكان الراء وحذف الالف. وقرأ الباقون «فخراج» بفتح الراء: واثبات الف بعدها (¬4). والخرج والخراج لغتان في مصدر «خرج» قال «الراغب»: «وقيل لما يخرج من الارض، ومن وكر الحيوان، ونحو ذلك خرج وخراج» ثم قال: «والخرج اعم من الخراج بازاء الدخل، والخراج مختص في الغالب بالضريبة على الارض» اهـ (¬5). وقيل: الخراج بالالف الذي يضرب على الارض في كل عام، او ما يؤدي في كل شهر، او في كل سنة، وعليه قوله تعالى: فهل نجعل لك خراجا على ان تجعل بيننا وبينهم سدا اي فهل نجعل لك اجرة نؤديها اليك في كل وقت نتفق عليه على ان تبنى بيننا وبينهم حاجزا. والخرج بغير الف هو الجعل الذي يدفع مرة واحدة (¬6). ¬
«مهدا» من قوله تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا (¬1) ومن قوله تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا (¬2) قرأ «نافع وابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر، وابو جعفر، ويعقوب» «مهادا» في السورتين بكسر الميم وفتح الهاء، واثبات الف بعدها. وقرأ الباقون «مهدا» بفتح الميم، واسكان الهاء، وحذف الالف (¬3). وهما مصدران، يقال: «مهده مهدا ومهادا». وقيل: «المهاد جمع مهد» مثل: «كعاب جمع كعب» والمهد والمهاد اسم لما يمهد، فالفرش والفراش اسم لما يفرش. قال «الراغب»: «المهد ما تهيّأ للصبي، فقال تعالى: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (¬4). والمهد والمهاد: المكان الممهد الموطأ، قال تعالى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً- ومِهاداً اهـ (¬5) وقال: «ابن كثير»: «الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً» اي قرارا تستقرون عليها، وتقومون وتنامون عليها، وتسافرون على ظهرها» اهـ (¬6). ¬
تنبيه: اتفق القراء العشرة على قراءة «مهادا» من قوله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (¬1) بكسر الميم، وفتح الهاء، واثبات الف بعدها. فان قيل لماذا لم يرد فيها «مهدا» بفتح الميم، واسكان الهاء وحذف الالف، كما ورد في موضعي: طه، والزخرف؟ اقول: لأن القراءة سنة متبعة، ومبنية على التلقي ولا مجال للرأي فيها. «بملكنا» من قوله تعالى: قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا [طه 87]. قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «بملكنا» بضم الميم. وقرأ «نافع، وعاصم، وابو جعفر» بفتح الميم. وقرأ الباقون بكسر الميم (¬2). وكلها لغات في مصدر «ملك يملك» والمعنى: ما اخلفنا العهد الذي بيننا بطاقتنا، وارادتنا، واختيارنا، بل كنا مكرهين (¬3). «جذاذا» من قوله تعالى: فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً (¬4) قرأ «الكسائي» جذاذ» بكسر الجيم. وقرأ الباقون بضم الجيم، وهما لغتان في مصدر «جذ» بمعنى قطع يقال: جذذت الشيء: قطعته (¬5). ¬
«منسكا» من قوله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ (¬1) ومن قوله تعالى: لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ (¬2) قرأ «حمزة والكسائي وخلف العاشر» «منسكا» في الموضعين بكسر السين. وقرأ الباقون بفتحها (¬3). وهما لغتان بمعنى واحد، وهذا الوزن: «مفعل» يصلح ان يكون مصدرا ميميّا، ومعناه النسك، والمراد به هنا الذبح، ويصلح ان يكون اسم مكان، اي مكان النسك، او اسم زمان، اي وقت النسك، والفتح هو القياس، والكسر سماعي. بناء على ما تقدم يكون معنى وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ الخ اي شرعنا لكل امة من الامم السابقة من عهد إبراهيم عليه السلام مكانا للذبح اثناء الحج، او العمرة، اذا فيكون «منسكا» اسم مكان. ويجوز ان يكون «منسكا» اسم زمان، والمعنى: حددنا للذبح اثناء الحج او العمرة زمانا مخصوصا. ويكون معنى لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ ان كل نبي من الانبياء، وامة من الامم السابقين وضعنا لهم شريعة ومتعبدا، ومنهاجا، وبناء عليه يكون «منسكا» مصدرا ميميما. ¬
«فمكث» من قوله تعالى: فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (¬1) قرأ «عاصم، وروح» «فمكث» بفتح الكاف. وقرأ الباقون بضم الكاف، والفتح، والضم لغتان، والفتح اكثر واشهر (¬2). المعنى لما رجع «الهدهد» من غيبته، اتى نبي الله «سليمان» عليه السلام وقال له: قد كنت غائبا في امر هام، واني علمت من امور الدنيا وانا طائر ضعيف ما لم تعلمه وانت ملك ونبي، ولقد عدت اليك من مملكة سبأ بنبإ عظيم الشأن محقق لا مريّة فيه. «وحزنا» من قوله تعالى: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً (¬3) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وحزنا» بضم الحاء، واسكان الزاي. وقرأ الباقون بفتح الحاء، والزاي، وهما لغتان في مصدر «حزن» بكسر الزاي، مثل «العجم، والعجم»، والعرب، والعرب» (¬4). «الرهب» من قوله تعالى: وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ (¬5) ¬
قرأ «ابن عامر، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «الرهب» بضم الراء، وسكون الهاء. وقرأ «حفص» بفتح الراء، وسكون الهاء. وقرأ الباقون بفتح الراء، والهاء (¬1). وكلها لغات في مصدر «رهب» بمعنى الخوف والفزع. «النشأة» من قوله تعالى: «ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ (¬2) ومن قوله تعالى: وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى (¬3) ومن قوله تعالى: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى (¬4) قرأ «ابن كثير، وابو عمرو» «النشأة» في السور الثلاث بفتح الشين، والف بعدها. وقرأ الباقون باسكان الشين، وحذف الالف (¬5). وهما لغتان في مصدر «نشأ» مثل: «رأفة ورآفة» مصدر «رأف». قال «الراغب»: «النشأ، والنشأة، احداث الشيء وتربيته» اهـ (¬6). «ضعف» من قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ ¬
مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً (¬1) قرأ «شعبة، وحمزة، وحفص» بخلف عنه ضعف» بفتح الضاد في المواضع الثلاثة وهي لغة «تميم». وقرأ الباقون بضم الضاد، وهو الوجه الثاني «لحفص» والضم لغة «قريش» (¬2). «بنصب» من قوله تعالى: أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (¬3). قرأ «ابو جعفر» «بنصب» بضم النون، والصاد. و «يعقوب» بفتحهما. والباقون بضم النون، واسكان الصاد، وكلها لغات بمعنى واحد وهو التعب والمشقة (¬4). المعنى: يأمر الله تعالى نبيه «محمدا» صلى الله عليه وسلم ان يذكر لقومه ما حدث لعبده، ونبيه «ايوب» عليه السلام، حيث اصيب بمرض شديد موجع طال امده وحاول الشيطان ان يفتنه عن الله تعالى، ويجعله يجزع لهول ما اصابه في جسمه، وماله، وولده، ولكنه ثبت على الايمان بالله تعالى، وصبر، ولم يجزع، وكل ما كان منه انه لجأ الى ربه وخالقه يدعوه ليكشف عنه ما الم به من ضر وبلاء، فاستجاب الله دعاءه، وتضرعه، ¬
وعافاه مما نزل به، وصدق الله حيث قال: فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (¬1) «ضرا» من قوله تعالى: إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً (¬2) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ضرا» بضم الضاد. وقرأ الباقون بفتح الضاد (¬3). وهما لغتان في المصدر، مثل: «الضعف والضعف» قال «مكي بن ابي طالب»: «وحجة من قرأ بالضم انه جعله من سوء الحال، كما قال تعالى: فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ (¬4). اي من سوء حال، فالمعنى: ان اراد بكم سوء حال. وحجة من قرأ بالفتح انه حمله على «الضر» الذي هو خلاف النفع، فالنفع نقيض «الضر» بالفتح اهـ (¬5). «قدرنا» من قوله تعالى: نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ (¬6) قرأ ابن كثير «قدرنا» بتخفيف الدال وقرأ الباقون «قدرنا» بتشديد الدال. وهما لغتان بمعنى التقدير، وهو «القضاء» (¬7). ¬
«وجدكم» من قوله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ (¬1) قرأ «روح» «وجدكم» بكسر الواو. وقرأ الباقون، بضم الواو، والكسر، والضم لغتان بمعنى «الوسع» (¬2). «تفاوت» من قوله تعالى: ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ (¬3) قرأ «حمزة، والكسائي» «تفوت» بحذف الالف التي بعد الفاء، وتشديد الواو. وقرأ الباقون «تفاوت» باثبات الالف، وتخفيف الواو. وهما لغتان كالتعهد، والتعاهد. حكى «سيبويه»: «ضاعف، وضعف» بمعنى، وكذلك «فاوت وفوت» حكى «ابو زيد الانصاري» ت 215 هـ انه سمع «تفاوت الامر تفاوتا، وتفوتا» (¬4). «فقدر» من قوله تعالى: فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ (¬5) قرأ «ابن عامر، وابو جعفر» «فقدر» بتشديد الدال، لارادة التكثير. ¬
وقرأ الباقون «فقدر» بتخفيف الدال. وهما لغتان بمعنى واحد، وهو «التضييق» (¬1). ¬
الباب الثالث الالفاظ المعربة في القرآن
الباب الثالث الالفاظ المعربة في القرآن (¬1) وقبل الدخول في توجيه الكلمات التي تندرج تحت هذا الباب. أجد من تمام المنفعة ان القي الضوء على اقوال العلماء، وآرائهم، عن وقوع «الالفاظ المعربة في «القرآن» فاقول وبالله التوفيق: هذه القضية احدى القضايا اللغوية المتصلة بالقرآن الكريم، وقد اهتم بها العلماء منذ زمن طويل، مما جعل بعضهم يفرد مصنفا خاصا بها (¬2). وقد اختلف العلماء في وقوع المعرب في القرآن: 1 - فالاكثرون على عدم وقوعه فيه، وذلك ان «القرآن» انزله الله بلغة العرب، قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا (¬3) وقال تعالى: وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ (¬4). وممن ذهب الى ذلك كل من: 1 - الامام محمد بن ادريس الشافعي ت 204 هـ 2 - ابي عبيدة معمر بن المثنى ت 210 هـ 3 - محمد بن جرير الطبري ت 310 هـ 4 - احمد بن فارس ت 395 هـ 5 - ابو بكر بن محمد بن الطيب الباقلاني ت 403 هـ 6 - ابو المعالي عزيزي بن عبد الملك ت 494 هـ 7 - ابن عطية: عبد الحق بن غالب ت 541 هـ ¬
واليك بعض النصوص الواردة عن هؤلاء ليتبين لك من خلالها صحة ما ذهبوا اليه: قال «الامام الشافعي» ت 204 هـ: «قد تكلم في العلم من لو امسك عن بعض ما تكلم فيه لكان الامساك اولى به، واقرب من السلامة له فقال قائل منهم: «ان في «القرآن» عربيا واعجميا» اهـ، والقرآن يدل على انه ليس في كتاب الله شيء الا بلسان العرب» اهـ (¬1). وقال «السيوطي» ت 911 هـ: «لقد شدد الشافعي النكير على القائل بذلك» اهـ (¬2). وقال «ابو عبيدة» ت 210 هـ: «انما انزل القرآن بلسان عربي متين، فمن زعم انه فيه غير العربية فقد اعظم القول، ومن زعم ان كذا بالنبطية فقد اكبر القول» اهـ (¬3) وقال «احمد بن فارس» ت 395 هـ: «لو كان في القرآن من لغة غير العرب شيء لتوهم ان العرب انما عجزت عن الاتيان بمثله، لانه اتى بلغات لا يعرفونها» اهـ (¬4). وقال «ابو المعالي عزيز بن عبد الملك» ت 494 هـ (¬5). «انما وجدت هذا في كلام العرب لانها أوسع اللغات واكثرها الفاظا: ¬
ويجوز ان يكون العرب قد سبقهم غيرهم الى هذه الالفاظ اهـ (¬1). وقال «ابن عطية» ت 541 هـ: (¬2). «بل كان العرب العاربة التي نزل القرآن بلغتهم بعض مخالطة لسائر الالسن بتجارات، وبرحلتي قريش، وبسفر مسافرين ... فعلقت العرب بهذا كله الفاظا اعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها، وجرت في تخفيف ثقل العجمة، واستعملتها في اشعارها، ومحاوراتها، حتى جرت مجرى العربي الفصيح، ووقع فيها البيان. وعلى هذا الحد نزل بها «القرآن» فان جهلها عربي، فكجهله الصريح بما في لغة غيره. ثم قال: فحقيقة العبارة عن هذه الالفاظ انها في الاصل اعجمية، ولكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه» اهـ (¬3). تعقيب وترجيح: ارى ان هذا هو القول السديد الذي تطمئن اليه النفس لانه يعتبر متمشيا مع النصوص القرآنية الصريحة، ولا ينبغي العدول عنه، بل لا يلتفت الى ما سواه، والله اعلم. ب- وذهب فريق الى القول بوجود الفاظ غير عربية في القرآن الكريم. اذكر من هؤلاء كلا من: 1 - سعيد بن جبير ت 95 هـ. ¬
2 - الخويي، شمس الدين احمد بن الخليل ت 657 هـ (¬1) 3 - ابن النقيب، محمد بن سليمان ت 698 هـ (¬2). 4 - جلال الدين السيوطي ت 911 هـ (¬3). وهذه بعض النصوص الواردة عن هؤلاء لنتعرف على حجتهم، وسنرد على ما يستحق الرد منها: قال «ابن النقيب» ت 698 هـ: «من خصائص القرآن على سائر كتب الله تعالى المنزلة انها نزلت بلغة القوم الذين انزلت عليهم، ولم ينزل فيها شيء بلغة غيرهم. والقرآن احتوى على جميع لغات العرب، وانزل فيه بلغات غيرهم من: «الروم، والفرس، والحبشة» اهـ (¬4). ¬
وقال «السيوطي» ت 119 هـ «وذهب آخرون الى وقوعه فيه، واجابوا عن قوله تعالى: قُرْآناً عَرَبِيًّا (¬1) بان الكلمات اليسيرة بغير العربية لا تخرجه عن كونه عربيا، بدليل ان القصيدة الفارسية لا تخرج عنها بلفظة فيها عربية. كما اجابوا عن قوله تعالى: ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ (¬2) بان المعنى من السياق: «أكلام أعجمي ومخاطب عربي»؟ كما استدلوا باتفاق النحاة على ان منع صرف نحو: «إبراهيم» للعلمية والعجمة» اهـ (¬3). ورد هذا الاستدلال بان الاعلام ليست محل خلاف. ثم يقول «السيوطي» ايضا: «واقوى ما رايته للوقوع- وهو اختياري- قول «ميسرة»: «في القرآن من كل لسان» اهـ (¬4). ورد بان هذا غير مطابق للواقع، لاننا لو تتبعنا «القرآن» فلن نجد فيه من كل لسان كما نقل «ميسرة». وقال «ابو عبيد القاسم بن سلام» ت 224 هـ: (¬5). «والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعا: وذلك ان هذه الحروف اصولها اعجمية كما قال الفقهاء، الا انها سقطت ¬
الى العرب فعربتها بألسنتها، وحولتها عن الفاظ العجم الى ألفاظها، فصارت عربية، ثم نزل «القرآن» وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب. فمن قال: انها عربية فهو صادق، ومن قال: اعجمية فهو صادق ايضا. ثم قال: وانما فسرها الفقهاء لئلا يقدم أحد عليهم فينسبهم الى الجهل، ويتوهم عليهم انهم اقدموا على كتاب الله بغير ما اراده الله عز وجل، فهم كانوا أعلم بالتأويل، وأشد تعظيما للقرآن» اهـ (¬1). وقال «ابن فارس» ت 395 هـ (¬2): «فالقول اذن ما قاله «ابو عبيد» وان كان قوم من الاوائل قد ذهبوا الى غيره» اهـ (¬3). رأي وتعقيب: بعد عرض آراء العلماء في هذه القضية الهامة يمكنني القول: بان اسماء جميع الانبياء الذين ورد ذكرهم في «القرآن الكريم» معتد بعجميتها في منع الصرف، الا ما استثنى منها نحو: «هود، وصالح». اما القول بفتح الباب على مصراعيه، والقول بورود الكثير من الالفاظ الاعجمية في القرآن، فهو قول مردود، ومرفوض، لانه يتعارض تعارضا تاما مع النصوص الصريحة التي تدل على ان «القرآن» عربي. كما انه يفتح مجالا للطعن، ويهيّئ مناخا للتشكيك في اعجاز «القرآن» علما بانه ثبت بما لا يدع مجالا للشك بان «القرآن» معجز بألفاظه، وتراكيبه العربية الخالصة. - والله اعلم- ¬
الالفاظ المعربة لقد تتبعت قراءات القرآن، واستخلصت منها الالفاظ المعربة التي ورد فيها اكثر من قراءة، وهي فيما يلي حسب ترتيب «القرآن» «جبريل» من قوله تعالى: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ (¬1) ومن قوله تعالى: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ (¬2) ومن قوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ (¬3) قرأ «ابن كثير» «جبريل» بفتح الجيم، وكسر الراء، وحذف الهمزة، واثبات الياء. وقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر، وشعبة بخلف عنه» «جبرئيل» بفتح الجيم، والراء، وهمزة مكسورة، وياء ساكنة مدية. والوجه الثاني «لشعبة» مثل هذه القراءة الا انه بحذف الياء فيصير اللفظ «جبرئل». وقرأ الباقون «جبريل» بكسر الجيم، والراء، وحذف الهمزة، واثبات الياء (¬4) «وجبريل» اسم اعجمي، وكلها لغات، غير ان من قرأ «جبريل» بكسر الجيم، والراء، وحذف الهمزة، واثبات الهمزة، واثبات الياء، فقد جاء على وزن ابنية العرب، فهو مثل: «قنديل، ومنديل». ومن قرأ بغير ذلك فقد جاء على غير ابنية العرب ليعلم انه اعجمي. «وميكال» من قوله تعالى: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ (¬5) قرأ «ابو عمرو، وحفص، ويعقوب» «ميكال» على وزن «مثقال» ¬
بحذف الهمزة من غير ياء بعدها، وهي لغة «الحجازيين». وقرأ «نافع، وابو جعفر، وقنبل بخلف عنه» «ميكائل» بهمزة بعد الالف من غير ياء، وهي لغة بعض العرب. وقرأ الباقون «ميكائيل» بالهمزة، واثبات ياء بعدها، وهو الوجه الثاني «لقنبل» وهي لغة ايضا (¬1). وميكال: اسم اعجمي، غير ان من قرأه «ميكال» على وزن «مفعال» فقد جاء على وزن أبنية العرب. ومن قرأ بغير ذلك فقد جاء على غير أبنية العرب ليعلم انه أعجمي، خارج عن ابنية العرب. «إبراهيم» في ثلاثة وثلاثين موضعا: من ذلك خمسة عشر موضعا في سورة البقرة نحو قوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ (¬2) والثلاثة الاخيرة في سورة النساء وهن: 1 - قوله تعالى: وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (¬3) 2 - قوله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا (¬4) 3 - قوله تعالى: وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ (¬5) والموضع الأخير من سورة الأنعام، وهو قوله تعالى: دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (¬6) والموضعان الأخيران من سورة التوبة وهما: ¬
1 - قوله تعالى: وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ (¬1) 2 - قوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (¬2) وموضع في سورة إبراهيم وهو قوله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً (¬3) وموضعان في سورة النحل وهما: 1 - قوله تعالى: إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً (¬4) 2 - قوله تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً (¬5) وثلاثة مواضع بمريم وهن: 1 - وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ (¬6) 2 - قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ (¬7) 3 - وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ (¬8) والموضع الاخير من سورة العنكبوت وهو قوله تعالى: .. وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى (¬9) وموضع في الشورى وهو قوله تعالى: وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى (¬10) وموضع في الذاريات وهو قوله تعالى: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (¬11) وموضع في النجم وهو قوله تعالى: وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى (¬12) وموضع في الحديد وهو قوله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ (¬13) ¬
والموضع الاول من سورة الممتحنة، وهو قوله تعالى: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ (¬1) قرأ «ابن عامر» بخلف عن «ابن ذكوان» جميع هذه الالفاظ المتقدمة في الثلاثة وثلاثين موضعا «ابراهام» بفتح الهاء، والف بعدها. وقرأ الباقون «إبراهيم» بكسر الهاء، وياء بعدها، وهو الوجه الثاني «لابن ذكوان» وهما لغتان بمعنى واحد (¬2). ووجه خصوصية هذه المواضع دون غيرها انها كتبت في المصحف الشامي بحذف الياء. تنبيه: اتفق القراء العشرة على قراءة لفظ «إبراهيم» في غير هذه المواضع السابقة بالياء، لاتفاق جميع المصاحف على رسمها بالياء. «زكريا» حيثما جاءت في القرآن الكريم، وقد وقعت في سبعة مواضع نحو قوله تعالى: وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا (¬3) قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «زكريا» بالقصر من غير همز في جميع القرآن». وقرأ الباقون «زكريا» بالهمز والمد (¬4). ¬
والقصر، والمد لغتان مشهورتان. تنبيه: اعلم ان «شعبة» نصب لفظ «زكريا» هنا على انه مفعول كان «لكفلها» ورفعه الباقون ممن قرأ «وكفلها» بالتخفيف. «زبورا» المنكر من قوله تعالى: وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (¬1) ومن قوله تعالى: وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (¬2) «الزبور» المعرف من قوله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ (¬3) قرأ «حمزة، وخلف العاشر» «زبورا» في الموضعين و «الزبور» بضم الزاي. وقرأ الباقون بفتح الزاي، والضم والفتح لغتان في اسم الكتاب المنزل على نبي الله «داود» عليه السلام (¬4). «آزر» من قوله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ (¬5) قرأ «يعقوب» «آزر» بضم الراء، على انه منادى حذف منه حرف النداء. وقرأ الباقون «آزر» بفتح الراء على انه بدل من «ابيه» وهو مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لانه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. (¬6). ¬
«واليسع» من قوله تعالى: وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً (¬1) ومن قوله تعالى: وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ (¬2) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «واليسع» في السورتين بلام مشددة مفتوحة، وبعدها ياء ساكنة، وذلك على ان اصله «ليسع» على وزن ضيغم، وهو اسم اعجمي علم على نبي من الانبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو معرفة بدون اللام، فقدر تنكيره ثم دخلت عليه «ال» اي الالف واللام للتعريف ثم أدغمت اللام في اللام، وقلنا بتقدير تنكيره لان الاعلام لا يصح دخول الالف واللام عليها، اذ لا يتعرف الاسم من وجهين. وقيل: ان الالف واللام زائدتان وليستا للتعريف (¬3). وقرأ الباقون «واليسع» بلام ساكنة خفيفة، وبعدها ياء مفتوحة، على ان اصله «يسع» على وزن «يضع» ثم دخلت عليه الالف واللام كما دخلت على «يزيد» كما في قول «ابن ميادة» وهو: الرماح بن ابرد بن ثوبان يمدح «الوليد بن يزيد». رأيت الوليد بن اليزيد مباركا ... شديدا بأعباء الخلافة كاهله قال النحويون: دخول الالف واللام على «يزيد» يحتمل امرين: الاول: ان تكون للتعريف ويكون ذلك على تقدير ان الشاعر قبل ان يدخل «آل» قدر في «يزيد» التنكير فصار شائعا شيوع «رجل» ونحوه من النكرات. والثاني: ان تكون «ال» زيدت فيه للضرورة (¬4). ¬
«عزير» من قوله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ (¬1) قرأ «عاصم والكسائي، ويعقوب» «عزير» بالتنوين، وكسره حال الوصل، على الاصل في التخلص من التقاء الساكنين، ولا يجوز ضمه «للكسائي» على مذهبه، حيث يقرأ بضم اول الساكنين، لان ضمة نون «ابن» ضمة اعراب، فهي غير لازمة. و «عزير» وان كان اسما اعجميا الا انه صرف لخفته «كنوح ولوط». وقيل: صرف لانه جاء على صورة الاسماء العربية المصغرة، مثل: «نصيرا، وبكيرا»، فلما اشبهها نون وصرف وان كان في الاصل اعجميا. وعلى هذه القراءة يعرب «عزير» مبتدأ، و «ابن» خبر ولفظ الجلالة مضاف اليه. وقرأ الباقون «عزير» بضم الراء، وحذف التنوين على انه اسم اعجمي ممنوع من الصرف، و «عزير» مبتدأ و «ابن» صفة، لفظ الجلالة مضاف اليه، وخبر المبتدأ محذوف، والتقدير: «معبودنا». وقيل: حذف التنوين في «عزير» لكثرة الاستعمال، ولان الصفة والموصوف كاسم أحد، واثبات التنوين مع كون «ابن» صفة لا يحسن، لانه مرفوض غير مستعمل (¬2). «ثمود» من قوله تعالى: أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ (¬3) ¬
ومن قوله تعالى: وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ (¬1) ومن قوله تعالى: وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ (¬2) ومن قوله تعالى: وَثَمُودَ فَما أَبْقى (¬3) قرأ «حفص، وحمزة، ويعقوب» «ثمود» في السور الاربع بغير تنوين، على انه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، على إرادة القبيلة، ويقفون على الدال بلا الف. وقرأ «شعبة» «ثمود» في سورة النجم فقط بدون تنوين. وسبق توجيهه. وقرأ في السور الثلاث الباقية بالتنوين، مصروفا على إرادة الحي. ويقف على «ثمود» بالالف. وقرأ الباقون «ثمود» في السور الاربع بالتنوين مصروفا. «لثمود» من قوله تعالى: أَلا بُعْداً لِثَمُودَ (¬4) قرأ «الكسائي» «لثمود» بكسر الدال مع التنوين مصروفا. وقرأ الباقون بفتح الدال من غير تنوين ممنوعا من الصرف (¬5). «الياس» من قوله تعالى: وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (¬6) ¬
قرأ ابن عامر بخلف عنه «الياس» بهمزة وصل، فصير اللفظ بلام ساكنة بعد «ان» فاذا وقف على «ان» ابتدأ بهمزة مفتوحة، لا اصلها «ياس» دخلت عليها «ال». وقرأ الباقون «الياس» بهمزة قطع مكسورة في الحالين، وهو الوجه الثاني «لابن عامر» (¬1). ¬
الباب الرابع الجامد والمشتق
الباب الرابع الجامد والمشتق وقد ادت طبيعة البحث ان يكون هذا الباب في أحد عشر فصلا: الفصل الاول: الاسماء الجامدة الفصل الثاني: بين الماضي- والامر الفصل الثالث: بين الماضي المبني للفاعل- والمبني للمفعول الفصل الرابع: بين المضارع المبني للفاعل والمبني للمفعول الفصل الخامس: الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى «اصل الاشتقاق» الفصل السادس: الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى «نوع الاشتقاق» الفصل السابع: بين اسم الفاعل- وامثلة المبالغة الفصل الثامن: بين اسم الفاعل- والصفة المشبهة الفصل التاسع: بين اسم الفاعل- واسم المفعول الفصل العاشر: بين صيغ مختلفة الفصل الحادي عشر: الميزان الصرفي وقبل الدخول في الحديث عن تفاصيل هذا الباب اجد من تمام المنفعة ان ألقي الضوء على الجامد والمشتق فأقول:
الجامد والمشتق اذا تتبعنا الاسماء، والافعال العربية في كلام العرب: شعرهم، ونثرهم، ورجزهم، وجدناها نوعين لا ثالث لهما: جامدة ومشتقة: فالجامد: هو ما لم يؤخذ من غيره ليدل على ذات وحدث بينهما ارتباط. وذلك بان يدل على ذات فقط مثل: رجل- وحجر- وفرس. او معنى فقط مثل: علم- وضرب- وشجاعة. والمشتق (¬1) في اصطلاح الصرفيين: هو ما اخذ من غيره ليدل على ذات وحدث، له ارتباط بتلك الذات. ونعني بالارتباط ان يكون بينهما اتصال ما، سواء اكان على جهة الوقوع منها، او عليها، او فيها، او بواسطتها. ¬
والمشتق بهذا التحديد يشمل: اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، واسم التفصيل، واسم الزمان، واسم المكان، واسم الآلة. نحو: ضارب، ومبيع، وحسن، وافضل منه، وموعد- ومبرد. وانما سمى ما اخذ من غيره على هذا الوجه مشتقا، لانه فرع عن الجامد، والفرع يكون فيه معنى الاصل، فكأنك تشقه وتستخرج منه معنى الاصل (¬1). - والله اعلم- ¬
الفصل الاول من الباب الرابع الأسماء الجامدة
الفصل الاول من الباب الرابع الأسماء الجامدة لقد تتبعت قراءات القرآن، واقتبست منها الكلمات الجامدة التي قرأت بوجهين مختلفين، وقد صنفت هذه الكلمات صنفين: الاول: ورود كلمة تقرأ بالافراد تارة، والجمع بالالف والتاء المزيدتين تارة اخرى، وذلك في اسلوب واحد. والثاني: ورود كلمة تقرأ بالافراد تارة، وبجمع التكسير تارة اخرى، وذلك في اسلوب واحد: اما الصنف الاول فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية: «خطيئته» من قوله تعالى: وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ (¬1) قرأ «نافع، وابو جعفر» «خطيئاته» بالجمع، وتوجيه ذلك: لما كانت الذنوب كثيرة جاء اللفظ مطابقا للمعنى. وقرأ الباقون «خطيئته» بالافراد، والمراد اسم الجنس، واسم الجنس يشمل القليل، والكثير (¬2). قال «الراغب» ت 502 هـ في مادة «خطأ»: «الخطأ»: العدول عن الجهة، وذلك اضرب: أحدها: ان يريد غير ما تحسن ارادته فيفعله، وهذا هو الخطأ التام ¬
المأخوذ به الانسان، يقال «خطئ، يخطأ، خطأ» قال تعالى: إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (¬1). والثاني: ان يريد ما يحسن فعله، ولكن يقع منه خلاف ما يريد، فيقال: «اخطاء، فهو مخطئ» وهذا قد أصاب في الارادة، واخطأ في الفعل، وهذا المعنى بقوله عليه الصلاة والسلام: «رفع عن امتي الخطأ والنسيان» وبقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ الخ (¬2). والثالث: ان يريد ما لا يحسن فعله، ويتفق منه خلافه، فهذا مخطئ في الارادة، ومصيب في الفعل، فهو مذموم بقصده، وغير محمود على فعله، وهذا المعنى هو المعنى بقول بعضهم: «وقد يحسن الانسان من حيث لا يدري» وجملة الامر ان من اراد شيئا فاتفق منه غيره، يقال اخطأ. وان وقع منه كما اراد يقال: اصاب. وقد يقال لمن فعل فعلا لا يحسن، او اراد إرادة لا تجمل: انه اخطأ ولهذا يقال: اصاب الخطأ، واخطأ الصواب، واصاب الصواب، واخطأ الخطأ. والخطيئة، والسيئة، يتقاربان، لكن الخطيئة اكثر ما تقال فيما لا يكون مقصودا اليه في نفسه، بل يكون القصد سببا لتولد ذلك الفعل منه، كمن يرمي «صيدا» فاصاب انسانا. اهـ (¬3) وجاء في «تاج العروس» في مادة «خطئ»: «الخطأ» بتحريك الطاء: ما لم يتعمد منه. ¬
وقال «الليث» (¬1): الخطيئة» «فعيلة» وجمعها كان ينبغي ان يكون «خطائيء» بهمزتين فاستثقلوا التقاء همزتين، فخففوا الآخرة منهما، كما يخفف «جائئ» على هذا القياس، وكرهوا ان يكون علته علة «جائئ» لان تلك الهمزة زائدة، وهذه اصلية، ففروا «بخطايا» الى «يتامى» ووجدوا له في الاسماء الصحيحة نظيرا، مثل: «طاهر، وطاهرة، وطهارى» اهـ. وفي «العباب»: جمع «خطيئة» «خطايا» وكان الاصل «خطائىء» على «فعائل» فلما اجتمعت الهمزتان تليت الثانية ياء، لان قبلها كسرة، ثم استثقلت، والجمع ثقيل وهو معتل مع ذلك، فقلبت الياء الفا، ثم قلبت الهمزة الاولى ياء لخفائها بين الالفين» اهـ (¬2). «رسالته» من قوله تعالى: وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ (¬3) قرأ «نافع، وابن عامر، وشعبة، وابو جعفر، ويعقوب» «رسالاته» باثبات الف بعد اللام مع كسر التاء، على الجمع، وذلك انه لما كانت الرسل يأتي كل واحد بضروب مختلفة من الشرائع المرسلة معهم. حسن الجمع ليدل على ذلك، اذ ليس ما جاءوا به رسالة واحدة، فحسن الجمع لما اختلفت الاجناس. وقرأ الباقون «رسالته» بحذف الالف، ونصب التاء، على الافراد، وذلك لان الرسالة على انفراد لفظها تدل على ما يدل عليه لفظ الجمع مثل قوله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها (¬4) والنعم كثيرة، والمعدود لا يكون الا كثيرا (¬5). ¬
«كلمت» من قوله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا (¬1) ومن قوله تعالى: كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (¬2) ومن قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (¬3) ومن قوله تعالى: وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (¬4) قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «كلمت» في المواضع الأربعة بحذف الالف التي بعد الميم، وذلك على التوحيد، والمراد بهذا الجنس. وقرأ «نافع، وابن عامر، وابو جعفر» «كلمات» في المواضع الاربعة باثبات الالف التي بعد الميم، وذلك على الجمع، لان كلمات الله تعالى متنوعة: امرا، ونهيا، وغير ذلك. وهي مرسومة بالتاء المفتوحة في جميع المصاحف، فمن قرأها بالجمع وقف بالتاء، ومن قرأها بالافراد فمنهم من وقف بالتاء وهم: عاصم، وحمزة، وخلف العاشر، ومنهم من وقف بالهاء وهما: الكسائي، ويعقوب. وقرأ «ابن كثير، وابو عمرو» بالجمع في موضع الانعام، وبالافراد في موضعي: يونس، وموضع غافر. وعلى قراءة الجمع يقفان بالتاء، وعلى قراءة الافراد يقفان بالهاء (¬5). ¬
تنبيه: اعلم انه لم يرد خلاف بين القراء العشرة في لفظ «كلمت» بين الافراد والجمع في غير المواضع الأربعة التي سبق ذكرها، وذلك لان القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف. علما بانه ورد لفظ «كلمة» في القرآن غير المواضع صاحبة الخلاف في اكثر من موضع، مثال ذلك: 1 - قوله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا (¬1) 2 - وقوله تعالى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (¬2) 3 - وقوله تعالى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (¬3) 4 - وقوله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ (¬4) 5 - وقوله تعالى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى (¬5) 6 - ومن قوله تعالى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (¬6) 7 - وقوله تعالى: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ (¬7) - والله اعلم- قال «الطبري» ت 310 هـ: في تفسير قوله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (¬8) ¬
يقول تعالى ذكره «وتمت كلمت ربك» يعني «القرآن»، سماه كلمة كما تقول العرب للقصيدة من الشعر يقولها الشاعر: هذه كلمة فلان. «صدقا وعدلا» يقول: كملت كلمة ربك من الصدق، والعدل، والصدق، والعدل، نصبا على التفسير للكلمة، كما يقال: عندي عشرون درهما «لا مبدل لكلماته» يقول: لا مغير لما اخبر في كتبه انه كائن من وقوعه في حينه واجله الذي اخبر الله انه واقع فيه، وذلك نظير قوله جل ثناؤه: «يريدون ان يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل» فكانت ارادتهم تبديل كلام الله، مسألتهم نبي الله لن يتركهم يحضرون الحرب معه، وقولهم له، ولمن معه من المؤمنين «ذرونا نتبعكم» بعد الخبر الذي كان الله اخبرهم تعالى ذكره في كتابه بقوله: «فان رجعك الله الى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي ابدا ولن تقاتلوا معي عدوا» الآية فحاولوا تبديل كلام الله وخبره بانهم لن يخرجوا مع نبي الله في «غزاة» ولن يقاتلوا معه عدوا بقولهم لهم: «ذرونا نتبعكم» فقال الله جل ثناؤه لنبيه «محمد» صلى الله عليه وسلم: يريدون ان يبدلوا بمسألتهم اياهم ذلك كلام الله وخبره «قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل» فكذلك معنى قوله: «لا مبدل لكلماته» انما هو: لا مغير لما اخبر عنه من خير انه كائن فيبطل مجيئه وكونه، ووقوعه، على ما اخبر جل ثناؤه لانه لا يزيد المفترون في كتب الله، ولا ينقصون منها، وذلك ان اليهود، والنصارى لا شك انهم اهل كتب الله التي انزلها على انبيائه، وقد اخبر جل ثناؤه انهم يحرفون غير الذي اخبر انه لا مبدل له» اهـ (¬1). «رسالته» من قوله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (¬2) قرأ «ابن كثير، وحفص» «رسالته» بغير الف بعد اللام، ونصب التاء، وذلك على الافراد، والرسالة على انفراد لفظها تدل على الكثرة، بمعنى انها تدل على ما يدل عليه لفظ الجمع، وبناء عليه فهذه القراءة تتحد في المعنى مع القراءة التالية. ¬
وقرأ الباقون «رسالاته» باثبات الف بعد اللام، وكسر التاء، على الجمع، وذلك انه لما كانت الرسل يأتي كل واحد بضروب من الشرائع المرسلة حسن الجمع ليدل على ذلك (¬1). «مكانتكم» من قوله تعالى: قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ (¬2) ومن قوله تعالى: وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (¬3) ومن قوله تعالى: قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (¬4) «مكانتهم» من قوله تعالى وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ (¬5) قرأ «شعبة» مكاناتكم، «مكاناتهم» في الالفاظ المذكورة قبل بألف بعد النون، على انها جمع «مكانة» وهي الحالة التي هم عليها، ولما كانوا على احوال من امر دنياهم جمع لاختلاف الانواع. وقرأ الباقون «مكانتكم» و «مكانتهم» بحذف الالف التي بعد النون، وذلك على الافراد، وهو مصدر يدل على القليل والكثير من صنفه من غير جمع ولا تثنية، واصل المصدر ان لا يثنى ولا يجمع، مثل الفعل، والفعل مأخوذ من المصدر، فكما ان الفعل لا يثنى ولا يجمع فكذلك المصدر، الا اذا اختلفت انواعه فحينئذ يشابه المفعول، فيجوز جمعه (¬6). ¬
«برسالاتي» من قوله تعالى: يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي (¬1). قرأ «نافع، وابن كثير، وابو جعفر، وروح» «برسالتي» بحذف الالف التي بعد اللام، على التوحيد، والمراد به المصدر، اي بارسالي إياك. وقرأ الباقون «برسالاتي» باثبات الالف التي بعد اللام، على الجمع، والمراد: «أسفار التوراة» (¬2). «ذريتهم» من قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ (¬3) قرأ «ابن كثير، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ذريتهم» بالافراد، وحجة ذلك ان «الذرية» تقع للواحد، والجمع، وقد اجمع على الافراد في قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ (¬4) ولا شيء اكثر من ذرية آدم عليه السلام. فلما صح وقوع «الذرية» للجمع، استغنى بذلك عن الجمع. وقرأ الباقون «ذرياتهم» بالجمع، وحجة ذلك انه لما كانت «الذرية» تقع للواحد اتى بلفظ لا يقع للواحد، فجمع ليخلص الكلمة الى معناها المقصود اليه لا يشركها فيه شيء، وهو الجمع، لان ظهور بني آدم استخرج منها ذريات كثيرة، لا يعلم عددهم الا الله تعالى (¬5). ¬
«الذرية» على وزن «فعلية» بضم الفاء، وسكون العين، وكسر اللام مخففة، وتشديد الياء: من «الذر» وهم الصغار. وتكون «الذرية» واحدا، وجمعا. وفيها ثلاث لغات: افصحها ضم الذال، والثانية كسرها، والثالثة فتح الذال مع تخفيف الراء، وزان «كريمة»، وتجمع على «ذريات» وقد تجمع على «الذراري». وقد اطلقت «الذرية» على الآباء ايضا مجازا. وبعضهم يجعل «الذرية» من «ذرا» الله تعالى الخلق، وترك همزها للتخفيف، فوزنها «فعلية» (¬1). «وعشيرتكم» من قوله تعالى: قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ (¬2) قرأ «شعبة» «عشيراتكم» بألف بعد الراء، على الجمع، لان كل واحد من المخاطبين عشيرة، فجمع لكثرة عشائرهم. والعشيرة: «القبيلة» ولا واحد لها من لفظها. والجمع «عشيرات، وعشائر» (¬3). وقرأ الباقون «عشيرتكم» بغير ألف على الافراد، لان العشيرة واقعة على الجمع، اي عشيرة كل منهم، فاستغنى بذلك لخفته (¬4). «صلاتك» من قوله تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (¬5) ¬
قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «صلاتك» بالتوحيد، ونصب التاء، على ان المراد بها الجنس. وقيل: الصلاة معناها الدعاء، والدعاء صنف واحد، وهو مصدر، والمصدر يقع للقليل، والكثير بلفظه. وقد اجمعوا على التوحيد في قوله تعالى وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً (¬1) وقرأ الباقون «صلواتك» بالجمع، وكسر التاء، ووجه ذلك ان الدعاء تختلف اجناسه، وانواعه فجمع لذلك. وقد اجمعوا على الجمع في قوله تعالى: وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ (¬2) «اصلاتك» من قوله تعالى: قالوا يا شعيب اصلواتك تأمرك ان نترك ما يعبد آباؤنا (¬3) قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «اصلاتك» بالافراد، ورفع التاء، على ان المراد بها الجنس. وقيل: الصلاة معناها الدعاء، والدعاء صنف واحد، وهو مصدر، والمصدر يقع للقليل، والكثير بلفظه. وقرأ الباقون «اصلواتك» بالجمع مع رفع التاء. ووجه ذلك ان الدعاء تختلف اجناسه، وانواعه فجمع لذلك (¬4). ¬
«آيات» من قوله تعالى: لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (¬1) قرأ «ابن كثير» «آية» بالافراد، كان الله سبحانه وتعالى جعل شأن «يوسف» عليه السّلام آية على الجملة، وان في التفصيل آيات كما قال تعالى: وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً (¬2) فافرد آية، وان كان شأنهما على التفصيل آيات. وقرأ الباقون «آيات» بالجمع، وذلك لاختلاف احوال يوسف، ولانتقاله من حال الى حال، ففي كل حال جرت عليه آية، فجمع لذلك المعنى (¬3). «غيابات» من قوله تعالى: لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ (¬4) ومن قوله تعالى: فلما ذهبوا به واجمعوا ان يجعلوه في غيابت الجب (¬5) قرأ «نافع، وابو جعفر» «غيابات» في الموضعين، بالجمع، لان كل ما غاب عن النظر من الجب غيابة، فالمعنى: القوه فيما غاب عن النظر من الجب، وذلك اشياء كثيرة تغيب عن النظر منه، فجمع على ذلك. وقرأ الباقون «غيابت» في الموضعين ايضا بالافراد، لان «يوسف» عليه السلام لم يلق الا في غيابة واحدة، لان الانسان لا تحويه امكنة متعددة، انما يحويه مكان واحد، فافرد لذلك (¬6). ¬
«لأماناتهم» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (¬1) ومن قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (¬2) قرأ «ابن كثير» «لأماناتهم» بحذف الالف التي بعد النون، على التوحيد، وهو مصدر، والمصدر يدل على القليل والكثير من جنسه بلفظ التوحيد، ولان بعده قوله تعالى: وَعَهْدِهِمْ وهو مصدر ايضا، وقد اجمع على قراءته بالتوحيد، مع كثرة العهود، واختلافها وتباينها. وقرأ الباقون «لأماناتهم» باثبات الالف، على الجمع، لان المصدر اذا اختلفت اجناسه، وانواعه جمع، والأمانات التي تلزم الناس مراعاتها كثيرة، فجمع المصدر لكثرتها، وقد اتفق القراء على الجمع في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها (¬3) «على صلواتهم» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (¬4) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «صلاتهم» بغير واو بعد اللام، على التوحيد، لارادة الجنس. وقرأ الباقون «صلواتهم» بواو بعد اللام، على الجمع، لارادة الفرائض الخمس، او الفرائض والنوافل معا (¬5). ¬
«وذرياتنا» من قوله تعالى: رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ (¬1) قرأ «ابو عمرو، وشعبة، والكسائي، وخلف العاشر» «وذريتنا» بحذف الالف التي بعد الياء، على التوحيد، لارادة الجنس، ولان «الذرية» تقع للجمع، فلما دلت على الجمع بلفظها استغنى عن جمعها، ويدل على وقوع «ذرية» للجمع قوله تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً (¬2) وقد علم ان لكل واحد ذرية. وقرأ الباقون «وذرياتنا» باثبات الف بعد الياء، على الجمع، وذلك حملا على المعنى، لان كل واحد ذرية، فجمع لانهم جماعة لا تحصى (¬3) «آيات من ربه» من قوله تعالى: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ (¬4) قرأ «ابن كثير، وشعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «آية» بالتوحيد، على إرادة الجنس. وقرأ الباقون «آيات» بالجمع على إرادة الانواع، لانهم اقترحوا آيات تنزل عليهم، فجاء الجواب: قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ بالجمع، فدل هذا على انهم اقترحوا آيات متعددة (¬5). ¬
«الغرفات» من قوله تعالى: وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (¬1) قرأ «حمزة» «الغرفة» باسكان الراء من غير الف بعد الفاء، على التوحيد، وهو اسم جنس يدل على الجمع، ومنه قوله تعالى: أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا (¬2) وقرأ الباقون «الغرفات» بضم الراء، وبألف بعد الفاء، على الجمع، لان اصحاب الغرف جماعات كثيرة، فلهم غرف كثيرة، وقد اجمع القراء على الجمع في قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها (¬3) ومن قوله تعالى: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ (¬4) وقد اتفق القراء العشرة على الوقف على هذه الكلمة بالتاء، سواء من قرأ بالافراد، او الجمع (¬5). «بينت» من قوله تعالى: ام آتيناهم كتابا فهم على بينات منه (¬6) قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وحفص، وحمزة، وخلف العاشر» «بينت» بغير الف بعد النون، على الافراد، وذلك على إرادة ما في كتاب الله تعالى، ويؤيد هذه القراءة قوله تعالى: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ ¬
يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ (¬1) وقوله تعالى: قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي (¬2) وقرأ الباقون «بينات» باثبات الالف، على الجمع، وذلك لكثرة ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات والبراهين، الدالة على صدق نبوته من القرآن، وغير ذلك (¬3). وهي مرسومة في جميع المصاحف بالتاء المفتوحة. فمن قرأ بالجمع وقف بالتاء، ومن قرأ بالافراد فمنهم من وقف بالهاء وهما: ابن كثير، وابو عمرو. ومنهم من وقف بالتاء، وهم: حفص، وحمزة، وخلف العاشر. «ذريتهم» من قوله تعالى: وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (¬4) قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ذريتهم» بحذف الالف التي بعد الياء، وفتح التاء، على الافراد، وحجة ذلك ان «الذرية» تقع للواحد، والجمع، ولا شيء اكثر من ذرية آدم عليه السّلام، فلما صح وقوع «الذرية» للجمع، استغنى بذلك عن الجمع. وقرأ الباقون «ذرياتهم» بالجمع، وحجة ذلك انه لما كانت «الذرية» تقع للواحد اتى بلفظ لا يقع للواحد، فجمع لتخلص الكلمة الى معناها ¬
المقصود اليه، لا يشركها فيه شيء، وهو الجمع لان ظهور بني آدم استخرج منها ذكريات كثيرة، لا يعلم عددهم الا الله تعالى (¬1). المعنى: يقول الله تعالى: وهذا دليل آخر لاهل مكة على قدرتنا، وكمال وحدانيتنا، وهو انا حملنا آباءهم عند ما عم الطوفان في عهد نبي الله «نوح» في السفينة المملوءة بركابها، فنجيناهم من الموت غرقا، ولولا ذلك لا نقرض نسل بني الانسان. «بمفازتهم» من قوله تعالى: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ (¬2) قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «بمفازتهم» بالف بعد الزاي على الجمع، لاختلاف انواع ما ينجو المؤمن منه يوم القيامة، ولانه ينجو بفضل الله وبرحمته من شدائد، واهوال مختلفة. وقرأ الباقون «بمفازتهم» بغير الف، على الافراد، لان «مفازة» مصدر ميمي، والمصدر يدل على القليل والكثير بلفظه (¬3). «ثمرات» من قوله تعالى: وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها (¬4) قرأ «نافع، وابن عامر، وحفص، وابو جعفر» «ثمرات» بالف بعد الراء، على الجمع، وذلك لكثرة الثمرات، واختلاف انواعها. وقرأ الباقون «ثمرت» بغير الف، على الافراد، لارادة الجنس، ولان ¬
دخول «من» على «ثمرة» يدل على الكثرة كما تقول: «هل من رجل» فرجل عام للرجال كلهم، ولست تسأل عن رجل واحد، فكذلك «من ثمرة» لست تريد ثمرة واحدة، بل هو عام في جميع الثمرات، فاستغنى بالواحد عن الجمع (¬1). ومن قرأ بالجمع وقف بالتاء، ومن قرأ بالافراد فمنهم من وقف بالهاء وهم: «ابن كثير، وابو عمرو، والكسائي، ويعقوب». ووقف الباقون بالتاء، وهم: «شعبة، وحمزة، وخلف العاشر» «بشهاداتهم» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (¬2) قرأ «حفص، ويعقوب» «بشهاداتهم» باثبات الف بعد الدال، على الجمع، لتعدد انواع الشهادة، ولانه مضاف الى ضمير الجماعة، فحسن ان يكون المضاف ايضا جمعا. وقرأ الباقون «بشهادتهم» بحذف الالف، على التوحيد، لارادة الجنس، ولانه مصدر يدل على القليل، والكثير (¬3). تنبيه: «صلاتهم» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (¬4) اتفق القراء العشرة على قراءته بالافراد. «يلاقوا» من قوله تعالى: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (¬5) ¬
تقدم في اثناء توجيه: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (¬1) واما الصنف الثاني فانه يتمثل في قراءات الكلمات الآتية: «الرياح» من قوله تعالى: وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ (¬2) اختلف القراء في لفظ «الرياح» من حيث الجمع، والافراد، والمواضع المختلف فيها وقعت في ستة عشر موضعا: الاول وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ (¬3) والثاني وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ (¬4) والثالث أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ (¬5) والرابع وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ (¬6) والخامس فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ (¬7) والسادس فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ (¬8) والسابع وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ (¬9) والثامن أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (¬10) والتاسع وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ (¬11) والعاشر وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ (¬12) ¬
والحادي عشر اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً (¬1) والثاني عشر وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ (¬2) والثالث عشر وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً (¬3) والرابع عشر فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ (¬4) والخامس عشر إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ (¬5) والسادس عشر وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (¬6) فقرأ «ابو جعفر» «الرياح» بالجمع قولا واحدا، في خمسة عشر موضعا، واختلف عنه في الموضع السادس عشر وهو الوارد في سورة «الحج» فقرأه بالجمع، والافراد. وقرأ «نافع» بالافراد في خمسة مواضع وهي الواردة في السور الآتية: الاسراء، والانبياء، والحج، سبأ، ص، وقرأ الباقي بالجمع. وقرأ «ابن كثير» بالجمع في اربعة مواضع وهي الواردة في السور الآتية: البقرة، والحجر، والكهف، والجاثية، وقرأ الباقي بالافراد. وقرأ «ابو عمرو، وابن عامر، وعاصم، ويعقوب» بالجمع في تسعة مواضع وهي الواردة في السور الآتية: البقرة، والاعراف، والحجر، والكهف، والفرقان، والنمل، وثاني الروم، وفاطر، الجاثية، وقرأ الباقي بالافراد. وقرأ «حمزة، وخلف» بالافراد في موضعين وهما الواردان في الحج، والفرقان، وقرأ الباقي بالجمع. ¬
وقرأ «الكسائي» بالافراد في ثلاثة مواضع، وهي الواردة في السور الآتية: الحجر، والحج، والفرقان. وجه القراءة بالجمع نظرا لاختلاف انواع الرياح في هبوبها: جنوبا، وشمالا، وصبا، ودبورا، وفي اوصافها: حارة وباردة. ووجه القراءة بالافراد ان «الريح» اسم جنس يصدق على القليل والكثير. تنبيه: اتفق القراء على القراءة بالجمع في اول الروم، وهو قوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ (¬1) وذلك من اجل الجمع في «مبشرات». كما اتفقوا على القراءة بالافراد في موضع الذاريات وهو قوله تعالى: وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (¬2) وذلك من اجل الافراد في «العقيم» (¬3) «وكتبه» من قوله تعالى: كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ (¬4) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وكتابه» بكسر الكاف، ¬
وفتح التاء، والف بعدها، على التوحيد، والمراد به الجنس، او القرآن. وقرأ الباقون «وكتبه» بضم الكاف، والتاء، وحذف الالف، على الجمع، وذلك لتعدد الكتب المنزلة من السماء على الانبياء، والمرسلين (¬1). «الطير، طيرا» من قوله تعالى: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ (¬2) وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي (¬3) قرأ «ابو جعفر» «الطائر»، المعرف، «وطائرا» المنكر في السورتين بالف بعد الطاء، وهمزة مكسورة بعدها مكان الياء، وذلك على الافراد، فقد ورد انه ما خلق سوى الخفاش وطار في الفضاء ثم سقط ميتا. وقرأ «نافع ويعقوب» «طائرا» المنكر في السورتين مثل قراءة «ابي جعفر» بألف بعد الطاء، وهمزة مكسورة بعدها مكان الياء، على الافراد. وقرأ الباقون «الطير» المعرف، «وطيرا» المنكر في السورتين من غير الف، وبياء ساكنة بعد الطاء، على ان المراد به اسم الجنس، اي جنس الطير (¬4). ¬
«اصرهم» من قوله تعالى: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ (¬1) قرأ «ابن عامر» «آصارهم» بفتح الهمزة، ومدها، وفتح الصاد، واثبات الف بعدها، بالجمع، على وزن «أعمالهم». وقرأ الباقون «اصرهم» بفتح الهمزة من غير مد، واسكان الصاد، وحذف الالف التي بعدها، على الافراد، مثل «اثمهم» فاكتفوا بالواحد، لانه مصدر يدل على القليل والكثير من جنسه مع افراد لفظه (¬2). «الاصر» بفتح الهمزة: عقد الشيء، وحسه لقهره. يقال: «اصرته فهو مأصور» و «المأصر» بفتح الصاد، وكسرها: محبس السفينة. قال تعالى: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ اي الامور التي تثبطهم، وتقيدهم عن الخيرات، وعن الوصول الى الثوابات. و «الاصر»: بكسر الهمزة العهد المؤكد الذي يثبط ناقضه عن الثواب والخيرات قال تعالى: وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي (¬3) (¬4) «مساجد» من قوله تعالى: ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ (¬5) قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، ويعقوب» «مسجد» الموضع الاول من سورة التوبة بالتوحيد، لان المراد به المسجد الحرام. قال «ابو عمرو بن العلاء البصري» ت 154 هـ: ¬
«ويؤيد هذا قوله تعالى بعد: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (¬1) وقرأ الباقون «مساجد» بالجمع، لان المراد جميع المساجد، ويدخل المسجد الحرام من باب اولى، ودل على ذلك قوله تعالى بعد: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (¬2) (¬3) تنبيه: «مساجد» من قوله تعالى: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (¬4) اتفق القراء العشرة على قراءته بالجمع، لان المراد جميع المساجد. «الكفار» من قوله تعالى: وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (¬5) قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «الكفار» بضم الكاف، وفتح الفاء وتشديدها، والف بعدها، جمع تكثير، ووجه ذلك ان الكلام اتى عقب قوله تعالى قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ثم قال: وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ بلفظ ما تقدمه ليأتلف الكلام على سياق واحد. وقرأ الباقون «الكافر» بفتح الكاف، والف بعدها، وكسر الفاء، على الافراد، والمراد الجنس، والمعنى: سيعلم كل من كفر من الناس (¬6). ¬
«كسفا» من قوله تعالى: أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً (¬1) ومن قوله تعالى: فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ (¬2) ومن قوله تعالى: وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ (¬3) ومن قوله تعالى: أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ (¬4) قرأ «حفص» «كسفا» بفتح السين في المواضع الاربعة. وقرأ «نافع، وشعبة» بالفتح في الاسراء، وبالاسكان في الشعراء، وسبأ. وقرأ «ابن ذكوان، وأبو جعفر» بالفتح في الاسراء، وبالاسكان في الباقي. وقرأ «هشام» بالفتح في الاسراء، وبالاسكان في الشعراء، وسبأ، وبالفتح والاسكان في الروم. وقرأ الباقون وهم «ابن كثير، وابو عمرو، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» بالاسكان في المواضع الاربعة. وجه قراءة الفتح انه جمع «كسفة» مثل «قطعة، وقطع». ووجه قراءة الاسكان، ان «كسفة» مفرد (¬5). ¬
تنبيه: «كسفا» من قوله تعالى: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (¬1) اتفق القراء العشرة على قراءته باسكان السين، وذلك لوصفه بالمفرد المذكر في قوله تعالى «ساقطا». - والله اعلم- «للكتب» من قوله تعالى: يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ (¬2) قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «للكتب» بضم الكاف، والتاء، وحذف الالف، على انه جمع كتاب بمعنى الصحف. وقرأ الباقون «للكتاب» بكسر الكاف، وفتح التاء، واثبات الف بعدها، على الافراد (¬3). «عظاما، العظام»، من قوله تعالى: فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً (¬4) قرأ «ابن عامر، وشعبة» «عظما، العظم» بفتح العين، واسكان الظاء، وحذف الالف التي بعدها، على التوحيد لقصد الجنس على حد قوله تعالى: قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي (¬5) وقرأ الباقون «عظاما، العظام» بكسر العين، وفتح الظاء، واثبات الالف التي بعدها، على الجمع لقصد الانواع، لان العظام مختلفة، منها ¬
الدقيقة، والغليظة، والمستديرة، والمستطيلة، على حد قوله تعالى: وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها (¬1) «سراجا» من قوله تعالى: وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً (¬2) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «سرجا» بضم السين، والراء من غير الف، بالجمع، وذلك على إرادة الكوكب، لان كل كوكب سراج، وهي تطلع مع القمر، وذكرها كما ذكر القمر، والقمر والكواكب من آيات الله تعالى: وقد قال تعالى: وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً (¬3) والمصابيح هي السرج. وقرأ الباقون «سراجا» بكسر السين، وفتح الراء. والف بعدها على التوحيد، والمراد: «الشمس» لان القمر اذا ذكر في اكثر المواضع ذكرت الشمس معه، وقد قال تعالى في آية اخرى: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (¬4) «آثار» من قوله تعالى: فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ (¬5) قرأ «ابن عامر، وحفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «آثار» بألف بعد الهمزة، وألف بعد الثاء، على الجمع، وذلك لتعدد اثر المطر، ومنافعه. ¬
وقرأ الباقون «اثر» بحذف الالفين على التوحيد، وذلك لانه لما اضيف الى مفرد آخر ليأتلف الكلام، وايضا فان الواحد يدل على الجمع، لقصد الجنس (¬1). «نعمة» من قوله تعالى: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً (¬2) قرأ «نافع، وابو عمرو، وحفص، وابو جعفر» «نعمه» بفتح العين، وهاء مضمومة غير منونة، على التذكير، جمع «نعمة» مثل: «سدرة، وسدر» والهاء ضمير يعود على الله تعالى ونعم الله لا حصر لها، كما قال تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها (¬3) وقرأ الباقون «نعمة» باسكان العين، وتاء منونة، على التأنيث والافراد، وهو مصدر اريد به اسم جنس (¬4). «آل ياسين» من قوله تعالى: سلام على آل ياسين (¬5) قرأ «نافع، وابن عامر، ويعقوب» «آل ياسين» بفتح الهمزة، ومدها، وكسر اللام، وفصلها عما بعدها وعلى هذا يكون «آل» كلمة، و «ياسين» كلمة، اضيف «آل» الى «ياسين» و «ياسين» اسم نبي، فسلم على «اهله» لاجله، فهو داخل في السلام، اي من اجله سلم ¬
على اهله، ويجوز قراءة قطع «آل» عن «ياسين» والوقف على «آل» عند الاضطرار. او الاختبار. وقرأ الباقون «الياسين» بكسر الهمزة، وبعدها لام ساكنة موصولة بما بعدها، فتكون كلمة واحدة، و «الياسين» اسم واحد جمع منسوب الى «الياس» فيكون السلام واقعا على من نسب الى «الياس» النبي عليه السلام. وكان الاصل «سلام على الياس» فجمع المنسوب الى «الياس» بالياء والنون، وهذه الياء تحذف كثيرا من النسب في الجمع المسلم، والمكسر، ولذلك قالوا «الأعجمون، والنميرون» والواحد «اعجمي، ونمير» فحذفت ياء النسب في الجمعين استخفافا، لثقل الياء، وثقل الجمع، فكذلك «الياس» في قراءة من كسر الهمزة، انما هو على النسب، وحذفت الياء من الجمع (¬1). «عبادنا» من قوله تعالى: وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ (¬2) قرأ «ابن كثير» «عبدنا» بفتح العين، واسكان الباء، على الافراد، والمراد به نبي الله «إبراهيم» عليه السلام وحده، اجلالا له، وتعظيما، وجعل ما بعده وهو «اسحاق» عطف على «إبراهيم» وما بعده معطوف عليه. وقرأ الباقون «عبادنا» بكسر العين، وفتح الباء، على الجمع، والمراد الثلاثة: إبراهيم وما عطف عليه (¬3). ¬
«وآخر» من قوله تعالى: وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (¬1) قرأ «ابو عمرو، ويعقوب» «وآخر» بضم الهمزة مقصورة، على الجمع، وذلك لكثرة اصناف العذاب التي يعذبون بها غير الحميم، والغساق. و «آخر» جمع «اخرى» مثل: «الكبر، والكبرى» وهو ممنوع من الصرف للوصفية، والعدل. وقرأ الباقون «وآخر» بالفتح والمد، على انه مفرد، اريد به الزمهرير» وهو ممنوع من الصرف للوصفية، ووزن الفعل. ومن قرأ «وآخر» بالجمع رفعه بالابتداء، و «شكله» صفة للمبتدإ، و «ازواج» خبر المبتدأ. ومن قرأ «وآخر» بالافراد رفعه بالابتداء، و «من شكله» خبر مقدم، و «ازواج» مبتدأ مؤخر، والجملة من المبتدأ، والخبر، خبر «آخر» (¬2). «عبده» من قوله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ (¬3) قرأ «حمزة، والكسائي، وابو جعفر وخلف العاشر» «عباده» بكسر العين، وفتح الباء، والف بعدها، على الجمع، والمراد: الانبياء، والمطيعون من المؤمنين. وقرأ الباقون «عبده» بفتح العين، واسكان الياء، وحذف الالف، على الافراد، وهو مصدر يدل بلفظه على القليل والكثير (¬4). ¬
«كبائر» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ (¬1) ومن قوله تعالى: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ (¬2) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «كبير» بكسر الباء، وياء بعدها، ولا الف ولا همزة، على وزن «فعيل» في الموضعين على التوحيد، مرادا بها الجنس، فيصدق على القليل والكثير، ووزن «فعيل» يقع بمعنى الجمع، مثل قوله تعالى: وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (¬3) اي رفقاء، فهذه القراءة ترجع الى القراءة بالجمع في المعنى. وقرأ الباقون «كبائر» في الموضعين ايضا، بفتح الباء، والف بعدها، ثم همزة مكسورة، جمع «كبيرة» وذلك لان بعده «الفواحش» بالجمع، فحسن ان تكون «الكبائر» بالجمع، ليتفق اللفظان (¬4). «سقفا» من قوله تعالى: لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ (¬5) قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابو جعفر» «سقفا» بفتح السين، واسكان القاف، على الافراد، لارادة الجنس، وعلى معنى ان لكل بيت سقفا. وقرأ الباقون «سقفا» بضم السين، والقاف، بالجمع على لفظ «البيوت» لان لكل بيت سقفا، فجمع اللفظ والمعنى (¬6). ¬
«المجالس» من قوله تعالى: إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ (¬1) قرأ «عاصم» «المجالس» بفتح الجيم، والف بعدها، على الجمع، وذلك لكثرة المجالس التي يجتمع فيها المسلمون. وقرأ الباقون «المجلس» باسكان الجيم، وحذف الالف، على الافراد، لان المراد به مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، فوحد على المعنى (¬2). وقال «القرطبي»: الصحيح في الآية انها عامة في كل مجلس اجتمع فيه المسلمون للخير، والاجر، سواء كان مجلس حرب، او ذكر، او يوم جمعة، ان كل واحد احق بمكانه الذي سبق اليه، ولكن يوسع لاخيه، ما لم يتأذ بذلك فيخرجه الضيق عن موضعه. ويؤيد هذا حديث «ابن عمر» رضي الله عنهما، الذي اخرجه البخاري، ومسلم، ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقم الرجل للرجل من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا» اهـ «جدر» من قوله تعالى: لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ (¬3) قرأ «ابن كثير، وابو عمرو» «جدار» بكسر الجيم، وفتح الدال، والف بعدها، على الافراد، على معنى ان كل فرقة منهم وراء «جدار». وقيل: ان «الجدار» ويراد به «السور» الواحد يعم جميعهم، ويسترهم. ويجوز ان يكون المراد الجمع، لان المعنى يدل عليه. وقرأ الباقون «جدر» على وزن «فعل» بضم الجيم والدال، وحذف ¬
الالف على الجمع، على معنى ان كل فرقة منهم وراء «جدار» فهي جدر كثيرة يستترون بها في القتال (¬1). «وكتبه» من قوله تعالى: وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ (¬2) قرأ «ابو عمرو، وحفص، ويعقوب» «وكتبه» بضم الكاف، والتاء، جمع «كتاب» لان مريم عليها السلام آمنت بكتب الله المنزلة، ولم تؤمن بكتاب واحد فقط. وقرأ الباقون «وكتابه» بكسر الكاف، وفتح التاء، والف بعدها، على الافراد، والمراد نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم (¬3). «نصب» من قوله تعالى: كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (¬4) قرأ «ابن عامر، وحفص» «نصب» بضم النون، والصاد، جمع «نصب» على وزن «فعل» بفتح الفاء، وسكون العين، مثل «سقف وسقف» و «رهن ورهن». وقرأ الباقون «نصب» بفتح النون، واسكان الصاد، اسم مفرد، بمعنى المنصوب للعبادة. قال «ابو عمرو بن العلاء» ت 154 هـ: «النصب»: شبكة الصائد ¬
يسرع اليها عند وقوع الصيد فيها خوف انقلابه (¬1). قال «الجوهري»: «والنصب» بفتح النون، وسكون الصاد: ما نصب فعبد من دون الله، وكذلك «النصب» بالضم، وقد يحرك». اهـ. وقال «الحسن البصري» ت 110 هـ: «كانوا يبتدرون اذا طلعت الشمس الى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا يلوي اولهم على آخرهم» اهـ. ¬
الفصل الثاني من الباب الرابع بين الماضي والامر
الفصل الثاني من الباب الرابع بين الماضي والامر لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرئت مرة على انها فعل ماض، واخرى على انها فعل امر، وذلك في اسلوب واحد، وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية: «واتخذوا» من قوله تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (¬1) قرأ «نافع، وابن عامر» «واتخذوا» بفتح الخاء، على انه فعل ماض، اريد به الاخبار، وهو معطوف على قوله تعالى: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً مع اضمار إِذْ. والمعنى: واتخذ الناس من المكان الذي وقف عليه سيدنا «إبراهيم» عليه السلام عند بناء الكعبة «مصلى» اي يصلون عنده بعد الطواف بالبيت، وهذا المكان لم يزل موجودا حتى الآن، وفيه اثر قدم سيدنا «إبراهيم» وهو «الحجر» وهذه تعتبر معجزة لسيدنا «إبراهيم» حيث غاصت قدمه في «الحجر» على غير عادة. وقرأ الباقون «واتخذوا» بكسر الخاء، على انه فعل امر، والمأمور بذلك قيل: «سيدنا إبراهيم» وذريته. وقيل: نبينا «محمد» عليه الصلاة والسلام، وامته. والامر بالصلاة عند مقام سيدنا «إبراهيم» للندب، وليس للوجوب، بحيث من ترك الصلاة عنده لا يفسد حجه (¬2). ¬
«الأخذ»: حوز الشيء وتحصيله (¬1). «والاتخاذ» افتعال من «الاخذ» ويعدى الى مفعولين، ويجري مجرى «الجعل» نحو قوله تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (¬2). وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ (¬3). وقيل «الأخذ»: خلاف العطاء، وقيل: معناه ايضا «التناول» (¬4). «قل» من قوله تعالى: قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا (¬5) قرأ «ابن كثير، وابن عامر» «قال» بفتح القاف، واثبات الف بعدها، بصيغة الماضي، وكذلك اخبارا عما قاله نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم ردا على ما طلبه الكفار. وهذه القراءة موافقة لرسم مصحف اهل مكة، واهل الشام (¬6). وقرأ الباقون «قل» بضم القاف، وحذف الالف، بصيغة الامر، على انه فعل امر من الله تعالى الى نبيه «محمد» عليه الصلاة والسلام لينزه الله تعالى ردا على ما طلبه الكفار المعاندون في قولهم: وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً الخ. وهذه القراءة موافقة في الرسم لبقية المصاحف (¬7). ¬
«قال ربي» من قوله تعالى: قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ (¬1) قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «قال» بفتح القاف، واثبات الف بعدها، وفتح اللام، على انه فعل ماض مسند الى ضمير الرسول «محمد» صلى الله عليه وسلم وهو اخبار من الله تعالى حكاية عما اجاب به النبي عليه الصلاة والسلام الطاعنين في رسالته، وفيما جاء به. وقرأ الباقون «قل» بضم القاف، وحذف الالف، واسكان اللام، على انه فعل امر من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ليجيب به الطاعنين في رسالته (¬2). تنبيه: لفظ «قل» الاول من سورة الانبياء وهو قوله تعالى: قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ. قال في المقنع: وفي الانبياء في مصاحف اهل الكوفة «قال» بالالف وفي سائر المصاحف «قل» بغير الف (¬3). «قال رب» من قوله تعالى: قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ (¬4) قرأ «حفص» «قال» بفتح القاف، واثبات الف بعدها، وفتح اللام، على انه فعل ماض مسند الى ضمير الرسول «محمد» صلى الله عليه وسلم المتقدم ذكره في قوله تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ وهو اخبار من الله تعالى عما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام للمعرضين عن دعوته. وقرأ الباقون «قل» بضم القاف، وحذف الالف، واسكان اللام، على ¬
انه فعل امر من الله تعالى لنبيه ليجيب به المعرضين عن دعوته (¬1). وقرأ «ابو جعفر» «رب» بضم الباء، على انها ضمة بناء وهي احدى اللغات الجائزة في المنادى المضاف لياء المتكلم نحو «يا غلامي» مبنيا على الضم مع نية الاضافة. وقرأ الباقون «رب» بالكسرة، على انه منادى مضاف لياء المتكلم المحذوفة للتخفيف، والكسرة لمناسبة الياء المحذوفة (¬2). «قال كم» من قوله تعالى: قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (¬3) قرأ «ابن كثير، وحمزة، والكسائي» «قل» بضم القاف، وحذف الالف، واسكان اللام، على انه فعل امر، والمخاطب بهذا الامر الملك الموكل بهم. وقرأ الباقون «قال» بفتح القاف، واثبات الف بعدها، وفتح اللام، على انه فعل ماض، وفاعل ضمير يعود على «ربنا» المتقدم فى قوله تعالى: «رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها» (¬4) او ضمير يعود على الملك الموكل بهم. (¬5) المعنى: يقول الله تعالى لاهل النار على لسان «مالك» خازن النار، توبيخا لهم، لانهم كانوا يزعمون ان لا حياة الا حياة الدنيا: «كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ» اي كم من السنين لبثتم احياء فى الدنيا؟ ¬
«قال ان» من قوله تعالى: «قال ان لبثتم الا قليلا» (¬1) قرأ «حمزة، والكسائي» «قل» بلفظ الامر، والمخاطب بهذا الامر الملك الموكل بهم. وقرأ الباقون «قال» بلفظ الماضي، وفاعله ضمير يعود على «ربنا» المتقدم في قوله تعالى: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها (¬2) او ضمير يعود على الملك الموكل بهم (¬3). «تنبيه»: «لا ترجعون» من قوله تعالى: وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (¬4) تقدم حكمه اثناء الحديث على توجيه القراءات التي في قوله تعالى: ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (¬5) «قال أولو» من قوله تعالى: قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ (¬6) قرأ «حفص، وابن عامر» «قال» بفتح القاف، واللام، على انه فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «النذير» المتقدم في قوله تعالى: وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ (¬7) وهو خبر عن قول النذير. وقرأ الباقون «قل» بضم القاف، واسكان اللام، على انه فعل امر، والفاعل ضمير مستتر تقديره «انت» والمراد به «النذير» المتقدم ذكره. وهو امر من الله تعالى للنذير ليقول لهم ذلك يحتج به عليهم، فهو ¬
حكاية عن الحال التي جرت من امر الله تعالى للنذير، فاخبرنا الله انه امر النذير فقال له:- قل أولو جئتكم (¬1) «قل انما» من قوله تعالى: قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي (¬2) قرأ «عاصم، وحمزة، وابو جعفر» «قل» بضم القاف، وسكون اللام، على انه فعل امر، حملا على ما اتى بعده من لفظ الامر، في قوله تعالى: قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (¬3) وقوله: قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ (¬4) والفاعل ضمير مستتر تقديره «انت» والمراد به نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم. وقرأ الباقون «قال» بفتح القاف، واللام، على انه فعل ماض، على لفظ الخبر، والغيبة، حملا على ما قبله من الخبر، والغيبة، في قوله تعالى: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ (¬5) والتقدير: لما قام عبد الله يدعوه، قال انما ادعوا ربي ولا اشرك به أحدا، وفاعل «قال» ضمير مستتر تقديره، «هو» يعود على «عبد الله» المراد به نبينا «محمد» عليه الصلاة والسلام (¬6). «انطلقوا الى ظل» من قوله تعالى: انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (¬7) ¬
قرأ «رويس» «انطلقوا» بفتح اللام، على انه فعل ماض. وقرأ الباقون «انطلقوا» بكسر اللام، على انه فعل امر (¬1). تنبيه: «انطلقوا» من قوله تعالى: انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (¬2) اتفق القراء على قراءته بكسر اللام، ولذا قيد الناظم موضع الخلاف بالثاني: وانطلقوا الثاني افتح اللام غلا. ¬
الفصل الثالث من الباب الرابع بين الماضي المبني للفاعل والمبني للمفعول
الفصل الثالث من الباب الرابع بين الماضي المبني للفاعل والمبني للمفعول لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرئت مرة على انها «فعل ماض» مبني للفاعل، واخرى على انها «فعل ماض» مبني للمفعول، وذلك في اسلوب واحد، وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية: «قاتل» من قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ (¬1). قرأ «نافع، وابن كثير، وابو عمرو، ويعقوب» «قتل» بضم القاف، وحذف الالف، وكسر التاء، وذلك على البناء للمفعول، وهو من «القتل» و «ربيون» نائب فاعل. وقرأ الباقون «قاتل» بفتح القاف، واثبات الالف، وفتح التاء، وذلك على البناء للفاعل، وهو من «القتال» و «ربيون» فاعل (¬2). «نزل، انزل» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ (¬3). قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر» «نزل، وانزل» بضم النون، والهمزة، وكسر الزاي فيهما، وذلك على بنائهما للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «الكتاب». ¬
وقرأ الباقون «نزل، انزل» بفتح النون، والهمزة، والزاي، وذلك على بنائهما للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «الله» المتقدم في قوله: «آمنوا بالله» (¬1). «نزل» من قوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ (¬2) قرأ «عاصم، ويعقوب» «نزل» بفتح النون، والزاي، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى، وان ما بعدها في محل نصب بنزل. وقرأ الباقون «نزل» بضم النون، وكسر الزاي، على البناء للمفعول، وان وما بعدها في محل رفع نائب فاعل، والتقدير: وقد نزل عليكم المنع من مجالسة المنافقين، والكافرين، عند سماع الكفر بآيات الله والاستهزاء بها (¬3). «استحق، الاوليان» من قوله تعالى: فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ (¬4) قرأ «حفص» «استحق» بفتح التاء، والحاء، مبنيا للفاعل، واذا ابتدأ كسر الهمزة. وقرأ «الاوليان» باسكان الواو، وفتح اللام، وكسر النون، مثنى «اولى» اي الأحقان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما، وهو مرفوع على انه فاعل «استحق». وقرأ «شعبة، وحمزة، ويعقوب، وخلف العاشر» «استحق» بضم التاء، وكسر الحاء، مبنيا للمفعول، واذا ابتدءوا ضموا الهمزة، ونائب فاعل «استحق» «عليهم» اي الجار والمجرور. وقرءوا «الاولين» بتشديد الواو وفتحها، وكسر اللام وبعدها ياء ساكنة، وفتح النون، لجمع «اول» المقابل لآخر، وهو مجرور صفة للذين، او بدل منه، او بدل من الضمير في عليهم. وقرأ الباقون «استحق» بضم التاء، وكسر الحاء، مبنيا للمفعول، واذا ابتدءوا ضموا الهمزة. وقرءوا «الاوليان» باسكان الواو، وفتح اللام، وكسر النون، مثنى ¬
«اولى» وهو مرفوع على انه نائب فاعل «استحق» (¬1). «فصل، حرم» من قوله تعالى: وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ (¬2). قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وابن عامر» «فصل» بضم الفاء، وكسر الصاد، و «حرم» بضم الحاء، وكسر الراء، وذلك على بناء الفعلين للمفعول، ونائب فاعل «فصل» «ما» ونائب فاعل «حرم» ضمير مستتر جوازا تقديره «هو» يعود على «ما». وقرأ «نافع، وحفص، وابو جعفر، ويعقوب» «فصل» بفتح الفاء، والصاد، و «حرم» بفتح الحاء، والراء، وذلك على بناء الفعلين ¬
للفاعل، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره «هو» يعود على «الله» المتقدم ذكره. وقرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فصل» بالبناء للفاعل، و «حرم» بالبناء للمفعول (¬1). «اسس بنيانه» من قوله تعالى: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ (¬2). قرأ «نافع، وابن عامر» «اسس» في الموضعين، بضم الهمزة، وكسر السين، وذلك على البناء للمفعول، و «بنيانه» بالرفع نائب فاعل. وقد اجمع القراء على القراءة بالبناء للمفعول في قوله تعالى: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى (¬3). وقرأ الباقون «اسس» في الموضعين بفتح الهمزة، والسين، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر يعود على «من» و «بنيانه» بالنصب مفعول به (¬4). «تقطع» من قوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ (¬5). قرأ «نافع، وابن كثير، وابو عمرو، وشعبة، والكسائي، وخلف ¬
العاشر» «تقطع» بضم التاء، على البناء للمفعول، مضارع «قطع» مضعف العين، و «قلوبهم» نائب فاعل. وقرأ الباقون «تقطع» بفتح التاء، على البناء للفاعل، مضارع «تقطع»، والاصل «تتقطع» فحذفت احدى التاءين تخفيفا، و «قلوبهم» فاعل (¬1). «لقضي اليهم اجلهم» من قوله تعالى: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ (¬2). قرأ «ابن عامر، ويعقوب» «لقضي» بفتح القاف، والضاد، وقلب الياء الفا، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر يعود على «الله تعالى» و «اجلهم» بالنصب مفعول به. وقرأ الباقون «لقضي» بضم القاف، وكسر الضاد، وفتح الياء على البناء للمفعول، و «واجلهم» بالرفع نائب فاعل (¬3). «فعميت» من قوله تعالى: فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ (¬4). قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فعميت» بضم العين، وتشديد الميم، على البناء للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر ¬
تقديره «هي» يعود على «رحمة» المتقدم في قوله تعالى: وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ (¬1). ومعنى «عميت»: اخفيت، كما يقال: عميت عليه الامر حتى لا يبصره وقرأ الباقون «فعميت» بفتح العين، وتخفيف الميم، على البناء للفاعل والفاعل ضمير مستتر تقديره «هي» يعود على «رحمة» (¬2). تنبيه: «فعميت» من قوله تعالى: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ (¬3). اتفق القراء العشرة على قراءته بفتح العين، وتخفيف الميم على البناء للفاعل، لانها في امر الآخرة، ففرقوا بينها وبين امر الدنيا، فان الشبهات تزول في الآخرة، والمعنى: ضلت عنهم حجتهم، وخفيت محجتهم. «سعدوا» من قوله تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها (¬4). قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «سعدوا» بضم السين، على البناء للمفعول، والواو نائب فاعل، و «سعد» فعل لازم فلا يتعدى، تقول: «سعد زيد»، واذا لم يتعد الى مفعول لم يرد الى ما لم يسم فاعله اذ لا مفعول في الكلام يقوم مقام الفاعل. ولذلك قيل: انه حمل على لغة حكيت عن العرب خارجة عن القياس حكى: «سعده الله» بمعنى: «اسعده الله» وذلك قليل، وقولهم «مسعود» يدل على «سعده الله». ¬
وقال «الكسائي»: «سعد، واسعد لغتان بمعنى» اهـ (¬1). وقرأ الباقون «سعدوا» بفتح السين، على البناء للفاعل، والواو فاعل، وذلك لاجماعهم على فتح الشين في قوله تعالى قبل: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ (¬2). فكان رد ما اختلفوا فيه الى ما اجمعوا عليه اولى ولو كانت بضم السين كان الافصح ان يقال «اسعدوا» (¬3). «وصدوا» من قوله تعالى: بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ (¬4). «وصد» من قوله تعالى: وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ (¬5). قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «وصدوا» و «صد» بضم الصاد، على البناء للمفعول. ونائب الفاعل في موضع «الرعد» واو الجماعة العائدة على الذين كفروا. ونائب الفاعل في موضع «غافر» ضمير مستتر تقديره «هو» عائد على «فرعون» عليه لعنة الله. وقرأ الباقون الفعلين: «وصدوا، وصد» بفتح الصاد، على البناء للفاعل، والفاعل في موضع «الرعد» واو الجماعة. وفي موضع «غافر» ضمير مستتر تقديره «هو» عائد على «فرعون» (¬6). ¬
«فتنوا» من قوله تعالى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا (¬1). قرأ «ابن عامر» «فتنوا» بفتح الفاء، والتاء، على البناء للفاعل، اي فتنوا المؤمنين باكراههم على الكفر، ثم آمنوا وهاجروا، فالله غفور لما فعلوه. وقرأ الباقون «فتنوا» بضم الفاء، وكسر التاء، على البناء للمفعول، اي فتنهم الكفار بالاكراه على التلفظ بالكفر، قلوبهم مطمئنة بالايمان «كعمار ابن ياسر» فالله غفور لهم، ودليله قول الله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ (¬2) «أذن» من قوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (¬3). قرأ «نافع، وابو عمرو، وعاصم، وابو جعفر، ويعقوب، وادريس» بخلف عنه «اذن» بضم الهمزة، على انه فعل ماض مبني للمجهول حذف فاعله للعلم به، و «للذين» في محل رفع نائب فاعل. وقرأ الباقون بفتح الهمزة، على انه فعل ماض مبني للمعلوم، و «للذين» متعلق به، والفاعل ضمير يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا (¬4). ¬
«كما استخلف» من قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ (¬1). قرأ «شعبة» «استخلف» بضم التاء، وكسر اللام، على البناء للمفعول، و «الذين» نائب فاعل، ويبتدئ بهمزة الوصل في «استخلف» مضمومة لضم ثالث الفعل. وقرأ الباقون «استخلف» بفتح التاء، واللام، على البناء للفاعل، و «الذين» مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «الله» في قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ ويبتدئون بهمزة الوصل في «استخلف» مكسورة (¬2). «لخسف» من قوله تعالى: لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا (¬3). قرأ «حفص، ويعقوب» «اخسف» بفتح الخاء، والسين، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على الله تعالى في قوله: لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا. وقرأ الباقون «لخسف» بضم الخاء، وكسر السين، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل الجار والمجرور وهو «بنا» (¬4). قال «ابن مالك»: وقابل من ظرف او من مصدر ... او حرف جر بنيابة حرى ¬
«تبينت الجن» من قوله تعالى: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (¬1). قرأ «رويس» «تبينت» بضم التاء الاولى، وضم الباء الموحدة بعدها وكسر الياء التحتية المشددة، على البناء للمفعول، نائب الفاعل «الجن». وقرأ الباقون «تبينت» بفتح الحروف الثلاثة، على البناء للفاعل، والفاعل «الجن» (¬2). «اذن له» من قوله تعالى: وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ (¬3). قرأ «ابو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «اذن» بضم الهمزة، على البناء للمفعول، و «له» نائب فاعل. قال ابن مالك: وقابل من ظرف او من مصدره ... او حرف جر بنيابة حرى وقرأ الباقون «اذن» بفتح الهمزة، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «ربك» من قوله تعالى: وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (¬4). والجار والمجرور متعلق «باذن» ونظير ذلك قوله تعالى: كَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (¬5). ¬
«فزع» من قوله تعالى: حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ (¬1) قرأ «ابن عامر، ويعقوب» «فزع» بفتح الفاء، والزاي مع تشديدها، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «ربك» في قوله تعالى: وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (¬2). اي اذا ازال الله الفزع عن قلوب الشافعين، والمشفوع لهم، قال بعضهم لبعض استبشارا: ماذا قال ربكم في الشفاعة، قالوا: القول الحق، اي قد اذن فيها. وقرأ الباقون «فزع» بضم الفاء، وكسر الزاي، على البناء للمفعول، والجار والمجرور وهو: «عن قلوبهم» نائب فاعل (¬3). «قضى عليها الموت» من قوله تعالى: فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ (¬4). قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «قضى» بضم القاف، وكسر الضاد، وفتح الباء، على البناء للمفعول، و «الموت» بالرفع، نائب فاعل. وقرأ الباقون «قضى» بفتح القاف، والضاد، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها والموت بالنصب مفعول به (¬5). ¬
«اشهدوا» من قوله تعالى: أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ (¬1). قرأ «نافع، وابو جعفر» «أأشهدوا» بهمزتين. الاولى مفتوحة محققة، والثانية مضمومة مسهلة، مع اسكان الشين، واصله «اشهدوا» فعلا رباعيا مبنيا للمفعول، والواو نائب فاعل، دخلت على الفعل همزة الاستفهام التوبيخي، كانهم وبخوا حين ادعوا ما لم يشهدوا، والمعنى: هل احضروا خلق الله الملائكة اناثا، حتى ادعوا ذلك وقالوه؟. وادخل الفاء بين الهمزتين «ابو جعفر، وقالون» بخلف عنه. وقرأ الباقون «اشهدوا» بهمزة واحدة مفتوحة محققة مع فتح الشين، واصله «شهدوا» فعلا ثلاثيا مبنيا للمعلوم، والواو فاعل، دخلت على الفعل همزة الاستفهام التوبيخي ايضا (¬2). «قتلوا» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (¬3). قرأ «ابو عمرو، وحفص، ويعقوب» «قتلوا» بضم القاف وحذف الالف، وكسر التاء، مبنيا للمفعول، الواو نائب فاعل، من القتل. وقرأ الباقون «قاتلوا» بفتح القاف، والف بعدها، وفتح التاء، مبنيا للفاعل، والواو فاعل، من «المقاتلة» (¬4). ¬
«ان توليتم» من قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ (¬1). قرأ «رويس» «توليتم» بضم التاء، والواو، وكسر اللام، على البناء للمفعول بمعنى: ان وليتم امور الناس، ان تفسدوا في الارض الخ. وقال «الشوكاني» معناه: فهل عسيتم ان ولى عليكم ولاة جائرين ان تخرجوا عليهم في الفتنة وتحاربوهم، وتقطعوا ارحامكم بالبغي والظلم والقتل» اهـ (¬2). وقرأ الباقون «توليتم» بفتح لتاء، والواو، وكسر اللام، على البناء للفاعل (¬3). قال «الشوكاني»: «هذا خطاب للذين في قلوبهم مرض بطريق الالتفات، لمزيد من التوبيخ والتقريع. قال «الكلبي»، محمد بن السائب بن بشر ت 146 هـ: «اي فهل عسيتم ان توليتم امر الامة ان تفسدوا في الارض بالظلم» اهـ وقال «قتادة بن دعامة السدوسي» ت 118 هـ: «ان توليتم عن طاعة كتاب الله عز وجل، ان تفسدوا في الارض بسفك الدماء، وتقطعوا ارحامكم» اهـ (¬4). «واملي لهم» من قوله تعالى: الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ (¬5). قرأ «ابو عمرو» «واملي» بضم الهمزة، وكسر اللام، وفتح الياء على البناء للمفعول، نائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «انا» والمراد به ¬
«الله عز وجل» كما قال تعالى في آية اخرى: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (¬1). ومعنى املاء الله لهم: انه تعالى لم يعالجهم بالعقوبة. وحينئذ يحسن الوقف على «سول لهم» ويبتدأ بقوله تعالى: وَأُمْلِي لَهُمْ ليفرق بين الفعل المنسوب الى الشيطان، وفعل الله عز وجل. ويجوز ان يكون نائب الفاعل ضميرا تقديره «هو» يعود على الشيطان، ومعنى املاء الشيطان لهم: وسوس لهم فبعدت آمالهم حتى ماتوا على كفرهم، وحينئذ لا يجوز الوقف على «سول لهم» بل يجب وصل الكلام بعضه ببعض وقرأ «يعقوب» «واملي» مثل قراءة «ابي عمرو» الا انه سكن الياء، على البناء للفاعل، وعلى هذه القراءة يتعين ان يكون الفاعل ضميرا مستترا تقديره «انا» والمراد به الله سبحانه وتعالى. وقرأ الباقون «واملي» بفتح الهمزة، واللام، على انه فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر يعود على الشيطان (¬2). «اخذ ميثاقكم» من قوله تعالى: وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ (¬3). قرأ «ابو عمرو» «أخذ» بضم الهمزة، وكسر الخاء، على البناء للمفعول، و «ميثاقكم» بالرفع، نائب فاعل. وقرأ الباقون «اخذ» بفتح الهمزة، والخاء، على البناء للفاعل، و «ميثاقكم» بالنصب، مفعولا به، وفاعل «اخذ» ضمير مستتر تقديره ¬
«هو» يعود على لفظ الجلالة «الله» المتقدم في صدر الآية في قوله تعالى: وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (¬1) ¬
الفصل الرابع من الباب الرابع بين المضارع المبني للفاعل والمبني للمفعول
الفصل الرابع من الباب الرابع بين المضارع المبني للفاعل والمبني للمفعول لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الكلمات التي قرأت مرة على انها «فعل مضارع مبني للفاعل» واخرى على انها «فعل مضارع مبني للمفعول» وذلك في اسلوب واحد، وهي تتمثل في قراءات الكلمات الآتية: «ترجعون» من قوله تعالى: ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (¬1). اختلف القراء في لفظ «ترجعون» وما جاء منه اذا كان من رجوع الآخرة نحو: «ثم اليه ترجعون» سواء كان غيبا او خطابا، وكذلك: «ترجع الامور- ويرجع الامر». فقرأ «يعقوب» بفتح حرف المضارعة، وكسر الجيم في جميع «القرآن» وذلك على البناء للفاعل، وهو مضارع من «رجع». ووافقه «ابو عمرو» في قوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ (¬2). ووافقه «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (¬3). ووافقه «نافع، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ (¬4). ووافقه «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» في تُرْجَعُ الْأُمُورُ حيث وقع في القرآن. ووافقه كل القراء الا «نافعا، وحفصا» في. وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ¬
اما «نافع، وحفص» فانهما قرءا بضم حرف المضارعة، وفتح الجيم: وذلك على البناء للمفعول، وهو مضارع «رجع». وكذلك قرأ باقي القراء في غير هود بالبناء للمفعول (¬1). قال «الراغب» ت 502 هـ (¬2) في مادة «رجع»: «الرجوع» العود الى ما كان منه البدء، مثل قوله تعالى: فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ (¬3). «والرجع» - بسكون الجيم- الاعادة، مثل قوله تعالى: وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ (¬4) اهـ (¬5). «يرون» من قوله تعالى: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (¬6). قرأ «ابن عامر» «يرون» بضم الياء، على البناء للمفعول، وواو الجماعة نائب فاعل. وقرأ الباقون «يرون» بفتح الياء، على البناء للفاعل، وواو الجماعة فاعل (¬7). ¬
«ليحكم» من قوله تعالى: وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ (¬1). ومن قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ (¬2). ومن قوله تعالى: وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ (¬3) ومن قوله تعالى: إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ (¬4) قرأ «ابو جعفر» «ليحكم» في المواضع الاربعة بضم الياء، وفتح الكاف، على البناء للمفعول، حذف فاعله لارادة عموم الحكم من كل حاكم. وقرأ الباقون «ليحكم» في المواضع الاربعة ايضا بفتح الياء، وضم الكاف، على البناء للفاعل، اي ليحكم كل نبي (¬5). والحكم بالشيء: ان تقضي بانه كذا، او ليس بكذا، سواء الزمت ذلك غيرك، أو لم تلزمه (¬6). وقال «الزبيدي» ت 1205 هـ: الحاكم: منفذ الحكم بين الناس اهـ (¬7). «يخافا» من قوله تعالى وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ (¬8) قرأ «حمزة، وابو جعفر، ويعقوب «يخافا» بضم الياء، على البناء ¬
للمفعول، فحذف الفاعل وناب عنه ضمير الزوجين، و «ان لا يقيما حدود الله» بدل اشتمال من ضمير الزوجين، والتقدير: الا يخافا عدم اقامتهما حدود الله. وقرأ الباقون «يخافا» بفتح الياء، على البناء للفاعل واسناد الفعل الى ضمير الزوجين، المفهوم من السياق وان لا يقيما حدود الله مفعول به» (¬1). «الخوف»: توقع مكروه عن امارة مظنونة او معلومة، ويضاد الخوف «الامن». ويستعمل «الخوف» في الامور الدنيوية، والاخروية (¬2) قال تعالى: وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً (¬3). والخوف من الله تعالى لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب، كاستشعار الخوف من الاسد، بل انما يراد به: الكف عن المعاصي، واختيار الطاعات، ولذلك قيل: لا يعد خائفا من لم يكن للذنوب تاركا. «والخيفة»: «الحالة التي عليها الانسان من الخوف» (¬4). قال تعالى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (¬5). «يغل» من قوله تعالى: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ (¬6). ¬
قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وعاصم» «يغل» بفتح الياء، وضم الغين، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «نبي» والمعنى: لا ينبغي ان يقع من نبي غلول، اي خيانة البتة. وقرأ الباقون «يغل» بضم الياء، وفتح الغين، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «نبي» ايضا، والفعل على هذه القراءة من «اغل» الرباعي، والمعنى: ما كان لنبي ان ينسب اليه غلول البتة، مثل: «اكذبته» نسبته الى الكذب (¬1). قال «الراغب» في مادة «غل»: غل يغل بكسر الغين اذا صار ذا غل، اي ضغن، واغل اي صار ذا غلال، اي خيانة، وغل يغل: بضم الغين: اذا خان: واغللت فلانا نسبته الى الغلول، قال تعالى: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وقرئ ان «يغل» بضم الياء وفتح الغين، اي ينسب الى الخيانة، من اغللته». هـ (¬2). وقال «الزبيدي» في مادة «غلل»: «اغل، اغلالا»: خان، قال «النمر بن تولب»: جزى الله عنا حمزة ابنة نوفل ... جزاء مغل بالامانة كاذب وانشد ابن بري: حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن ... للغدر خائنة مغل الاصبع ويقال: «اغل غلانا»: نسبه الى الغلول، والخيانة، ومنه قراءة من قرأ «وما كان لنبي ان يغل» بضم الياء، وفتح الغين- اي يخون، اي ينسب الى الغلول. ¬
ويقال: غل غلولا» خان، ومنه قوله تعالى: وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ على قراءة «يغل» بفتح الياء، وضم الغين. قال «ابن السكيت»: «لم نسمع في «المغنم» الا «غل غلولا» اهـ وقال «ابو عبيد»: «الغلول» في المغنم خاصة، ولا نراه في الخيانة، ولا من الحقد، ومما يبين ذلك انه يقال من الخيانة «اغل يغل» ومن الحقد «غل يغل» بالكسر، ومن «الغلول» «غل يغل» بالضم اهـ. وقال «ابن الاثير»: «الغلول»: الخيانة في المغنم، والسرقة، وكل من خان في شيء خفية فقد «غل» وسميت «غلولا» لان الايدي فيها تغل، اي يجعل فيها «الغل» اهـ (¬1). «سنكتب، وقتلهم، ونقول» من قوله تعالى: سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (¬2). قرأ «حمزة» «سيكتب» بياء مضمومة، وفتح التاء، مبنيا، للمفعول، و «ما» اسم موصول، او مصدرية، نائب فاعل، والتقدير: سيكتب الذي قالوه، او سيكتب قولهم. وقرأ «وقتلهم» برفع اللام، عطفا على «ما». وقرأ «ويقول» بياء الغيبة، وذلك لمناسبة قوله تعالى قبل: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ الخ وهو معطوف على «سيكتب». وقرأ الباقون «سنكتب» بنون العظمة، وضم التاء، مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» وهو يعود على الله تعالى، وذلك على الالتفات من الغيبة الى المتكلم، و «ما» مفعول به، «وقتلهم» بنصب اللام، عطفا على «ما» «ونقول» بنون العظمة، وهو معطوف على «سنكتب» (¬3). ¬
قال «الراغب» في مادة «كتب»: «الكتب ضم اديم بالخياطة، يقال: كتبت السقاء، وكتبت البغلة: جمعت بين شفريها بحلقة:- بسكون اللام- وفي التعارف: ضم الحروف بعضها الى بعض بالخط، وقد يقال ذلك للمضموم بعضها الى بعض باللفظ، فالاصل في الكتابة: النظم بالخط، لكن يستعاد كل واحد للآخر، ولهذا سمى «كلام الله» وان لم يكتب «كتابا» كقوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ وقوله: قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ ... الى ان قال: «ويعبر عن «الاثبات، والتقدير، والايجاب، والفرض، والعزم» بالكتابة، ووجه ذلك ان الشيء يراد، ثم يقال، ثم يكتب، فالإرادة مبدأ، والكتابة منتهى» اهـ (¬1). وقال في مادة «قتل»: «اصل القتل: ازالة الروح عن الجسد كالموت، لكن اذا اعتبر بفعل المتولي لذلك يقال: «قتل» واذا اعتبر بفوت الحياة، يقال «موت» قال تعالى: أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ اهـ (¬2). وقال في مادة «قول»: «القول، والقيل» واحد، قال تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (¬3). والقول يستعمل على اوجه، اظهرها ان يكون للمركب من الحروف المبرز بالنطق مفردا كان، او جملة ... كما قد تسمى القصيدة، والخطبة ونحوهما قولا. الثاني: يقال للمتصور في النفس قبل الابراز باللفظ قول، فيقال: في نفسي قول لم اظهره، قال تعالى: وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ (¬4) فجعل ما في اعتقادهم قولا. الثالث: للاعتقاد نحو: فلان يقول بقول «ابي هريرة» رضي الله عنه. ¬
الرابع: يقال للدلالة على الشيء، نحو قول الشاعر: «امتلأ الحوض وقال قطني» اهـ (¬1). «يوصى» من قوله تعالى: يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ (¬2). ومن قوله تعالى: يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ (¬3). قرأ «ابن كثير، وابن عامر، وشعبة» «يوصى» في الموضعين بفتح الصاد، والف بعدها لفظا لا خطا، وذلك على البناء للمفعول، وبها نائب فاعل. وقرأ «حفص» الموضع الاول «يوصى» بكسر الصاد، وياء بعدها وذلك على البناء للفاعل، والفاعل ضمير والمراد به الميت، وبها متعلق بيوصى، اي يوصى بها الميت. اما الموضع الثاني فانه قرأه بفتح الصاد والف بعدها، مثل «ابن كثير، وابن عامر، وشعبة». وقرأ الباقون الموضعين بكسر الصاد، وياء بعدها (¬4). «تسوى» من قوله تعالى: لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ (¬5). قرأ «ابن كثير، وابو عمرو، وعاصم، ويعقوب» «تسوى» بضم التاء، وتخفيف السين، فالضم في التاء على بناء الفعل للمجهول، «والارض» نائب فاعل. ¬
وتخفيف السين على حذف احدى التاءين تخفيفا، لان أصل الفعل تتسوى. وقرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «تسوى» بفتح التاء، وتشديد السين، فالفتح في التاء على بناء الفعل للفاعل، و «الارض» فاعل، وتشديد السين على ادغام التاء الثانية في السين. وقرأ باقي القراء وهم: «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر»، «تسوى» بفتح التاء، وتخفيف السين، على البناء للفاعل، وحذف احدى التاءين تخفيفا (¬1). جاء في المفردات: «وتسوية الشيء»: جعله سواء، اما في الرفعة، او في الضمة أهـ (¬2). وجاء في مختصر تفسير «ابن كثير»: ومعنى «لو تسوى بهم الارض»: أي لو انشقت بهم الارض وبلعتهم، مما يرون من أهوال الموقف، وما يحل بهم من الخزي، والفضيحة، والتوبيخ» أهـ (¬3). «يدخلون» من قوله تعالى: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (¬4). ومن قوله تعالى: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (¬5). ومن قوله تعالى: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (¬6). ¬
ومن قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (¬1). «يدخلونها» من قوله تعالى جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها (¬2). قرأ «ابن كثير، وأبو جعفر» «يدخلون» في سورة النساء، ومريم، وموضعي غافر، بضم الياء، وفتح الخاء، على البناء للمفعول والواو نائب فاعل. وقرأ هؤلاء المذكورون قبل «يدخلونها» في «فاطر» بفتح الياء، وضم الخاء، على البناء للفاعل، والواو وهي الفاعل. وقرأ «أبو عمرو» «يدخلون» في سورة النساء، ومريم، وأول غافر، وكذا «يدخلونها» في «فاطر» بضم الياء، وفتح الخاء، على البناء للمفعول. وقرأ «يدخلون» الموضع الثاني من «غافر» بفتح الياء، وضم الخاء، على البناء للفاعل. وقرأ «شعبة» «يدخلون» في النساء، ومريم، وأول غافر، بضم الياء، وفتح الخاء، على البناء للمفعول. أما الموضع الثاني من غافر فقد قرأه بوجهين: بالبناء، للفاعل، وبالبناء للمفعول. وقرأ «يدخلونها» في «فاطر» بالبناء للفاعل قولا واحدا. وقرأ «روح» «يدخلون» في النساء، ومريم، وأول غافر، بالبناء للمفعول. أما الموضع الثاني من غافر، وكذا «يدخلونها» في «فاطر» فقد قرأهما بالبناء للفاعل. وقرأ «رويس» «يدخلون» في مريم، وأول غافر، بالبناء للمفعول، واختلف عنه في الموضع الثاني من «غافر» فقرأه بوجهين: بالبناء للمفعول، وبالبناء للفاعل أما «يدخلونها» في فاطر» فقد قرأه بالبناء للفاعل قولا واحدا. ¬
وقرأ باقي القراء العشرة «يدخلون» وكذا «يدخلونها» في السور المشار اليها من قبل بالبناء للفاعل قولا واحدا (¬1). تنبيه: اتفق القراء العشرة على قراءة «يدخلون، يدخلونها» في غير المواضع التي سبق الحديث عنها بالبناء للفاعل. مثل قوله تعالى: وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ (¬2). وقوله تعالى: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (¬3). وقوله تعالى: وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً (¬4). ومن قوله تعالى: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ (¬5). وقوله تعالى: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ (¬6). وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان القراءة سنة متبعة لا مجال للرأي فيها. «يصرف» من قوله تعالى: مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ (¬7). قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، ويعقوب» «يصرف» بفتح الياء، ¬
وكسر الراء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على «الرب» المتقدم في قوله تعالى: قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (¬1). ومفعول يصرف محذوف لدلالة الكلام عليه، وهو ضمير العذاب، والتقدير: من يصرف الرب عنه العذاب يوم القيامة فقد رحمه. وقرأ الباقون «يصرف» بضم الياء، وفتح الراء، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «العذاب» المتقدم، والتقدير: من يصرف العذاب عنه يوم القيامة، وهذا لا يكون الا بأمر الله تعالى فقد رحمه الله بذلك (¬2). الصرف: رد الشيء من حالة الى حالة، أو ابداله بغيره، يقال: صرفته فانصرف، قال تعالى: ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ (¬3). وقال تعالى: أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ (¬4). والتصريف: كالصرف الا في التكثير، وأكثر ما يقال في صرف الشيء من حالة الى حالة، ومن أمر الى أمر (¬5). وتصريف الآيات: تبيينها. وتصريف الدراهم في البياعات كلها: إنفاقها. والتصريف في الكلام: اشتقاق بعضه من بعض. وتصريف الرياح: صرفها من جهة الى جهة، وكذا تصريف السيول، والخيول، والامور (¬6). ¬
«تخرجون» من قوله تعالى: قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ (¬1). ومن قوله تعالى: وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (¬2). ومن قوله تعالى: فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ (¬3). «لا يخرجون» من قوله تعالى: فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها (¬4). قرأ «حمزة، والكسائى، وخلف العاشر» «تخرجون» في المواضع الثلاثة بفتح التاء، وضم الراء، وذلك على البناء للفاعل ومثلهن في الحكم «لا يخرجون». وقرأ «ابن ذكوان» موضع الاعراف، وموضع الزخرف، بالبناء للفاعل. وموضع الجاثية بالبناء للمفعول. واختلف عنه في الموضع الاول من الروم فقرأه بوجهين: بالبناء للفاعل، وبالبناء للمفعول. وقرأ «يعقوب» موضع الاعراف بالبناء للفاعل، والمواضع الثلاثة الباقية بالبناء للمفعول. وقرأ الباقون المواضع الاربعة بالبناء للمفعول (¬5). تنبيه: قوله تعالى: ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ. (¬6) ¬
وقوله تعالى: خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ (¬1). وقوله تعالى: لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ (¬2). وقوله تعالى: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً (¬3) اتفق القراء العشرة على قراءة الافعال الأربعة بالبناء للفاعل، وذلك لأن القراءة سنة متبعة. «نغفر، خطيئاتكم» من قوله تعالى: نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ (¬4). قرأ «نافع، وابن عامر، وابو جعفر، ويعقوب» «تغفر» بتاء التأنيث مبنيا للمفعول. وقرأ الباقون «نغفر» بالنون مبنيا للفاعل (¬5). وقرأ «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «خطيئاتكم» بالجمع ورفع التاء، على أنها نائب فاعل «لتغفر». وقرأ «ابن عامر» «خطيئتكم» بالافراد، ورفع التاء، على أنها نائب فاعل «لتغفر» أيضا. وقرأ «أبو عمرو» «خطاياكم» جمع تكسير، على انها مفعول به «لنغفر». وقرأ الباقون «خطيئاتكم» بجمع السلامة، ونصب التاء بالكسرة، على أنها مفعول به «لنغفر» (¬6). ¬
«نعف، نعذب، طائفة» من قوله تعالى: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً (¬1). قرأ «عاصم» «نعف» بنون العظمة مفتوحة، وضم الفاء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» يعود على الله تعالى المتقدّم ذكره في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (¬2). وقرأ «نعذب» بنون العظمة مضمومة، وكسر الذال مشددة، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر يعود على «الله تعالى» أيضا، و «طائفة» بالنصب مفعول به. وقرأ الباقون «يعف» بياء تحتية مضمومة، وفتح الفاء، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل الجار والمجرور: «عن طائفة». و «تعذب» بتاء فوقية مضمومة، وفتح الذال مشددة، على البناء للمفعول، و «طائفة» بالرفع نائب فاعل (¬3). «نوحي اليهم» من قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى (¬4). ومن قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (¬5). ومن قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (¬6). قرأ «حفص» «نوحي» في المواضع الثلاثة بنون العظمة، وكسر الحاء، ¬
على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» تمشيا مع السياق في قوله تعالى قبل وما أرسلنا». وقرأ الباقون «يوحى» بالياء التحتية، وفتح الحاء، على البناء للمفعول، و «اليهم» نائب فاعل، والضمير في «اليهم» عائد على «رجالا». «نوحى اليه» من قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (¬1). قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «نوحي» بنون العظمة، وكسر الحاء، مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» تمشيا مع السياق في قوله تعالى قبل: «وما أرسلنا» و «اليه» متعلق بنوحي، والمصدر المنسبك من أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ في محل نصب مفعول، أي: الا نوحي اليه كونه لا اله الا أنا. وقرأ الباقون «يوحي» بالياء التحتية، وفتح الحاء، مبنيا للمفعول، و «اليه» متعلق بيوحى، والمصدر المنسبك من «أن واسمها وخبرها»، نائب فاعل، أي: الا يوحى اليه كونه لا اله الا أنا» (¬2). «ما ننزل الملائكة» من قوله تعالى: ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ (¬3). قرأ شعبة «ما تنزل» بضم التاء وفتح النون والزاي مشددة على البناء للمفعول و «الملائكة» بالرفع نائب فاعل. وقرأ «حفص، وحمزة» والكسائي، وخلف» «ما تنزل» بنونين» الاولى مضمومة، والاخرى مفتوحة، وكسر الزاي مشددة، مبنيا للفاعل، و «الملائكة» بالنصب مفعول به. وقرأ الباقون «ما تنزل» بفتح التاء، والنون، والزاي مشددة، مبنيا ¬
للفاعل، و «الملائكة» بالرفع فاعل وأصل «تنزل» «تنزل» فحذفت احدى التاءين تخفيفا (¬1). وقرأ «البزي» بخلف عنه «تنزل» بتشديد التاء حالة وصلها بما قبلها (¬2). «لا يهدي» من قوله تعالى: إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ (¬3). قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» «لا يهدى» بضم الياء، وفتح الدال، وألف بعدها، وذلك على بناء الفعل للمفعول، و «من» نائب فاعل، أي من يضله الله لا يهدى، وهذه القراءة في المعنى بمنزلة قوله تعالى: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ (¬4). وعن «عكرمة» ت 115 هـ (¬5) عن «عبد الله بن عباس» ت 68 هـ رضي الله عنهما قال: قيل له «فان الله لا يهدى (¬6) من يضل» قال: «من أضله الله لا يهدى» أهـ (¬7). ¬
وقرأ الباقون «لا يهدى» بفتح الياء، وكسر الدال، وياء بعدها، وذلك على بناء الفعل للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «الله تعالى» و «من مفعول به» (¬1). «نسير الجبال» من قوله تعالى: وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ (¬2). قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر،» «تسير» بتاء مثناة فوقية مضمومة مع فتح الياء المشددة، على البناء للمفعول و «الجبال» بالرفع، نائب فاعل. وقرأ الباقون «نسير» بنون العظمة مضمومة مع كسر الياء المشددة، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (¬3). و «الجبال» بالنصب مفعول به، وقوى ذلك أنه محمول على ما بعده من الاخبار في قوله تعالى: وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً فجرى صدر الكلام على آخره، لتطابق الكلام (¬4). «يدخلون» من قوله تعالى: فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً (¬5). ¬
قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وشعبة، وأبو جعفر، ويعقوب» «يدخلون» بضم الياء، وفتح الخاء، على البناء للمفعول، والواو نائب فاعل. وقرأ الباقون «يدخلون» بفتح الياء، وضم الحاء، على البناء للفاعل، والواو فاعل (¬1). «لن تخلفه» من قوله تعالى: وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ (¬2). قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «تخلفه» بكسر اللام، على أنه مضارع مبني للمعلوم من «أخلف زيد الوعد» وهو يتعدى الى مفعولين: الاول: الهاء العائدة على «موعدا». والثاني: محذوف تقديره: لن تخلف الوعد الله. وقرأ الباقون «تخلفه» بفتح اللام، على أنه مضارع مبني للمجهول من «أخلفه الوعد» وهو يتعدى الى مفعولين أيضا: الاول: نائب الفاعل، وهو ضمير المخاطب المستتر. والثاني: الهاء العائدة على «موعدا». والمعنى: لن يخلفك الله موعدا (¬3). «ينفخ» من قوله تعالى: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ (¬4). ¬
قرأ «أبو عمر» «ننفخ» بفتح النون الاولى، وضم الفاء، على أنه مضارع مبني للمعلوم مسند الى ضمير العظمة، لمناسبة قوله تعالى قبل: كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (¬1). وقرأ الباقون «ينفخ» بضم الياء، وفتح الفاء، على أنه مضارع مبني للمجهول. نائب فاعله الجار والمجرور بعده: فِي الصُّورِ (¬2). «أن يقضى اليك وحيه» من قوله تعالى وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ (¬3). قرأ «يعقوب» «نقضي» بنون مفتوحة، وضاد مكسورة، وياء مفتوحة، و «حيه» بالنصب، على أن «نقضي» مضارع مبنى للمعلوم مسند لضمير العظمة مناسبة لقوله تعالى قبل: وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ (¬4). والفعل منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة و «وحيه» مفعول به. وقرأ الباقون «يقضى» بياء مضمومة، وضاد مفتوحة بعدها ألف، و «وحيه» بالرفع، على أن «يقضى» فعل مضارع مبنى للمجهول، و «وحيه» نائب فاعل (¬5). المعنى: لما ذكر الله عظمة القرآن في قوله تعالى: ¬
وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (¬1). كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا القى اليه «جبريل» عليه السلام «الوحي» يتبعه عند تلفظ كل حرف، وكل كلمة لعظيم تشوقه، وشدة حرصه على التلقي والحفظ، فنهاه الله عن ذلك، ورغب اليه التأني، وهذا نمط عال في التربية، والتأديب الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: «أدبني ربي فأحسن تأديبي». «ترضى» من قوله تعالى: وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى (¬2). قرأ «شعبة، والكسائى» «ترضى» بضم التاء، على أنه مضارع مبني للمجهول من «أرضى» الرباعى، ونائب الفاعل ضمير المخاطب، وهو النبي «محمد» صلى الله عليه وسلم، والفاعل هو الله جل ذكره، والمعنى: لعل الله يرضيك يا محمد بما يعطيك من الفضائل والدرجات، والشفاعة العظمى يوم القيامة، و «لعل» من الله تعالى واجبة. وقرأ الباقون «ترضى» بفتح التاء، على أنه مضارع مبني للمعلوم حين «رضي» الثلاثي، والفاعل ضمير المخاطب وهو النبي عليه الصلاة والسلام، والمعنى: لعلك يا محمد ترضى بما يعطيك الله يوم القيامة، ودليله قوله تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (¬3). «نقدر عليه» من قوله تعالى فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ (¬4). ¬
قرأ «يعقوب» «يقدر» بياء تحتية مضمومة، ودال مفتوحة على أن الفعل مضارع مبني للمجهول والجار والمجرور: «عليه» نائب فاعل. وقرأ الباقون «نقدر» بنون مفتوحة، ودال مكسورة، ودال مكسورة، على ان الفعل مبني للمعلوم مسند الى ضمير العظمة، مناسبة لقوله تعالى قبل: وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا. (¬1) المعنى: تضمنت هذه الآية والتي بعدها الإشارة الى قصة نبي الله «يونس ابن متى» صاحب الحوت. وذلك ان الله أرسله الى قوم «بنينوى» من بلاد الموصل بالعراق فلم يستجيبوا لدعوته، وناصبوه العداء، فلما أعيته الحيل معهم، وأصروا على تكذيبه فارقهم غاضبا لكثرة ما قاسى منهم، وظل سائرا حتى أتى الى ساحل البحر الابيض المتوسط، فركب سفينة اكتظت بركابها، وناءت بهم وكادت تهوي بهم الى قرار اليم، وأحس ركابها بما يتهددهم من الاخطار، فرأوا أن يخففوا عنها بالقاء بعض الركاب في البحر رغبة في نجاة سائرهم، فاقترعوا فكان نبي الله «يونس» ممن أصابهم القرعة، فألقوه في البحر فالتقمه «حوت» كبير، ومكث في جوفه بعض الوقت، وأوحى الله اليه أنه لن يحلقه أي أذى، وانما سيكون جوف «الحوت» سجنا له وعقابا على ترك قومه، وحينئذ أحس نبي الله «يونس» بخطئه فدعا ربه وهو مستقر في جوف «الحوت» وقد اجتمعت عليه ظلمة جوف «الحوت» وظلمة «البحر» قائلا: لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فاستجاب الله له ونجاه من كربته، وذلك بأن أمر «الحوت» فقذفه من جوفه على «الساحل» وكذلك ينجي الله المؤمنين من كربتهم اذا استغاثوا به. ¬
«نطوي السماء» من قوله تعالى: يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ (¬1). قرأ «أبو جعفر» «تطوى» بضم التاء وفتح الواو، على أنه فعل مبني للمجهول، و «السماء» بالرفع نائب فاعل، وأنث الفعل لأن «السماء» مؤنثة. وقرأ الباقون «نطوي» بنون العظمة مفتوحة، وكسر الواو و «السماء بالنصب، على أنه فعل مضارع مبني للمعلوم مسند الى ضمير العظمة مناسبة لقوله تعالى قبل: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (¬2). و «السماء» مفعول به (¬3). «يقاتلون» من قوله تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (¬4). قرأ «نافع، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر» «يقاتلون» بفتح التاء، على أنه مضارع مبني للمجهول، والواو نائب فاعل. وقرأ الباقون بكسر التاء، على أنه مضارع مبني للمعلوم، والواو فاعل، والمفعول محذوف، أي يقاتلون الكفار والمشركين (¬5). «يسبح» من قوله تعالى: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ (¬6). ¬
قرأ «ابن عامر، وشعبة» «يسبح» بفتح الباء الموحدة، على أنه فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل الجار والمجرور بعده وهو «له» وحينئذ يكون «رجال» فاعل لفعل محذوف دل عليه المقام كأنه قيل: من الذي يسبحه؟ فقيل: رجال، أي يسبحه رجال صفتهم كذا وكذا. وقرأ الباقون بكسر الباء، على أنه مضارع مبني للمعلوم، و «له» متعلق بيسبح، و «رجال» فاعل (¬1). «ان نتخذ» من قوله تعالى: ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ (¬2). قرأ «أبو جعفر» «نتخذ» بضم النون، وفتح الخاء، على البناء للمفعول، قال «ابن الجزري»: وهي قراءة «زيد بن ثابت، وأبي الدرداء، وأبي رجاء، وزيد بن علي، وجعفر الصادق، وإبراهيم النخعي، وحفص بن عبيد، ومكحول» فقيل هو متعد الى واحد كقراءة الجمهور. وقيل: الى اثنين، والاول الضمير في «نتخذ» النائب عن الفاعل، والثاني «من أولياء» و «من» زائدة. والاحسن ما قاله ابن جني، وغيره أن يكون «من أولياء» حالا، و «من زائدة لمكان النفي المتقدم كما تقول: ما اتخذ زيد من وكيل، والمعنى: ما كان لنا أن نعبده من دونك ولا نستحق الولاء، ولا العبادة. وقرأ الباقون «نتخذ» بفتح النون، وكسر الخاء، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» يعود على الواو في «قالوا سبحانك ¬
ما كان ينبغي لنا» و «من دونك» متعلق «بنتخذ» و «من» زائدة، و «أولياء» مفعول به (¬1). «ونزل الملائكة» من قوله تعالى: وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا (¬2). قرأ «ابن كثير» «وننزل» بنونين: الاولى مضمومة، والثانية ساكنة مع تخفيف الزاي، ورفع اللام، على أنه مضارع «أنزل» الرباعي مسند الى ضمير العظمة لان قبله قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (¬3). وقوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا (¬4). وقوله: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (¬5). فجرى الكلام على نسق واحد، فاعل «ننزل» ضمير مستتر تقديره «نحن» و «الملائكة» بالنصب مفعول به. وقرأ الباقون «ونزل» بنون واحدة مضمومة مع تشديد الزاي، وفتح اللام، على أنه فعل ماض مبني للمجهول، و «الملائكة» بالرفع نائب فاعل (¬6). تنبيه: قال «أبو عمرو الداني» في المقنع: وننزل الملائكة تنزيلا (¬7). ¬
في مصاحف أهل مكة بنونين، وفي سائر المصاحف «ونزل» بنون واحدة» (¬1). يضاعف لها العذاب» من قوله تعالى: يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ (¬2). قرأ «ابن كثير، وابن عامر» «نضعف» بنون مضمومة، وحذف الالف معه الضاد، مع كسر العين وتشديدها، على البناء للفاعل، على أنه فعل مضارع من «ضعف» مضعف العين، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» وهو اخبار من الله عز وجل عن نفسه بذلك، و «العذاب» بالنصب، مفعول به. وقرأ «أبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «يضعف» بياء تحتية مضمومة، وحذف الالف بعد الضاد، مع فتح العين وتشديدها، على البناء للمفعول، وهو مضارع من «ضعف» مضعف العين، و «العذاب» بالرفع، نائب فاعل. وقرأ الباقون «يضاعف» بياء تحتية مضمومة، واثبات الالف بعد الضاد، مع فتح العين وتخفيفها، على البناء للمفعول، وهو مضارع من «ضاعف» و «العذاب» بالرفع، نائب فاعل (¬3). «نجازي الا الكفور» من قوله تعالى: وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ (¬4) قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وشعبة، وأبو جعفر» «يجازى» بالياء المضمومة، وفتح الزاي، مبنيا للمفعول، ¬
و «الكفور» بالرفع، نائب فاعل، ومما لا ريب فيه أن الناس كلهم مجزيون بأعمالهم، الا أن المؤمن يكفر الله عنه سيئاته الصغائر باجتنابه الكبائر، بدليل قوله تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (¬1). والكافر لا تكفير لسيئاته الصغائر، لانه لم يجتنب الكبائر، اذ هو على الكفر، والكفر أعظم الكبائر، فلذلك خص الكافرين بذكر المجازاة في هذه الآية. وقرأ الباقون «نجازي» بنون العظمة، وكسر الزاي مبنيا للفاعل، و «الكفور» بالنصب مفعول به، وهو اخبار من الله تعالى عن نفسه، وقد جرى الكلام على نسق ما قبله من قوله تعالى في صدر الآية: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا (¬2). «ولا ينقص» من قوله تعالى: وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ (¬3). قرأ «يعقوب» بخلف عن «رويس» «ينقص» بفتح الياء، وضم القاف، مبنيا للفاعل، والفاعل يفهم من المقام أي شيء ما. وقرأ الباقون بضم الياء، وفتح القاف، مبنيا للمفعول، وهو الوجه الثاني «لرويس» والجار والمجرور وهو «من عمره» نائب فاعل (¬4). «نجزي كل» من قوله تعالى: كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (¬5). ¬
قرأ «أبو عمرو» «يجزى» بالياء التحتية المضمومة، وفتح الزاي، وألف بعدها، على البناء، و «كل» بالرفع نائب فاعل. وقرأ الباقون «نجزي» بالنون المفتوحة، وكسر الزاي، وياء ساكنة مدية بعدها، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» والمراد به الله تعالى، وقد أسند الفعل الى ضمير العظمة لمناسبة قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا (¬1). و «كل» بالنصب مفعول به (¬2). «يوحي اليك» من قوله تعالى: كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ (¬3). قرأ «ابن كثير» «يوحى» بفتح الحاء، وبعدها ألف رسمت ياء، على البناء للمفعول، و «اليك» نائب فاعل، و «الله» فاعل لفعل مقدر، كأنه قيل: من يوحي؟ فقيل: يوحي الله. وقرأ الباقون «يوحي» بكسر الحاء، على البناء للفاعل، والفاعل، «الله» من قوله تعالى: اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ و «اليك» متعلق «بيوحى» (¬4). «ليجزي قوما» من قوله تعالى: لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (¬5). قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، ويعقوب» «ليجزى» بياء مفتوحة مع كسر الزاي، وفتح الياء، مبنية للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «الله» المتقدم ذكره في قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ (¬6). ¬
و «قوما» بالنصب مفعول به. وقرأ «أبو جعفر» «ليجزي» بضم الياء، وفتح الزاي، على البناء للمفعول، و «قوما» بالنصب مفعول به، ونائب الفاعل محذوف تقديره «الخير» اذ الاصل «ليجزي الله الخير قوما» مثل: «جزاك الله خيرا» ويجوز أن يكون نائب الفاعل الجار والمجرور، وهو: «بما كانوا يكسبون» ويكون ذلك حجة للكوفيين حيث يجيزون نيابة الظرف، أو الجار والمجرور مع وجود المفعول به. والى ذلك أشار «ابن مالك» بقوله: «وقد يرد». وقرأ الباقون «لنجزي» بنون العظمة مفتوحة مع كسر الزاى، وفتح الياء، مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» وحينئذ يكون في الكلام التفات من الغيبة الى التكلم، و «قوما» بالنصب مفعول به (¬1). «نتقبل، أحسن، ونتجاوز» من قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ (¬2). قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وشعبة، وأبو جعفر، ويعقوب» «يتقبل، ويتجاوز» بياء تحتية مضمومة في الفعلين، على البناء للمفعول، و «أحسن» بالرفع نائب فاعل «يتقبل» وأما نائب فاعل «يتجاوز» فهو الجار والمجرور بعده: «عن سيئاتهم». وقرأ الباقون «نتقبل، ونتجاوز» بنون مفتوحة في الفعلين، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» والمراد به «الله» سبحانه وتعالى، وقد جرى الكلام على نسق ما قبله، لان قبله قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ (¬3). ¬
و «أحسن» بالنصب مفعول به (¬1). «لا يرى الا مساكنهم» من قوله تعالى: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ (¬2). قرأ «عاصم، وحمزة، ويعقوب، وخلف العاشر» «لا يرى» بياء تحتية مضمومة، على البناء للمفعول، و «مساكنهم» بالرفع، نائب فاعل، والتقدير: «لا يرى شيء الا مساكنهم» ولذلك ذكر الفعل، لانه محمول على «شيء» المقدر، والمساكن نائب فاعل «يرى». وقرأ الباقون «لا ترى» بتاء فوقية مفتوحة، على البناء للفاعل، وهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، المفهوم من قوله تعالى: وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ (¬3). وبناء عليه فالفاعل ضمير مستتر تقديره «أنت» والمراد به النبي عليه الصلاة والسلام، ويجوز ان يكون الخطاب عاما لكل من يصلح له الخطاب، و «مساكنهم» بالنصب، مفعول به و «ترى» بصرية لا تنصب الا مفعولا واحدا، والتقدير: لا ترى شيئا الا مساكنهم (¬4). تنبيه: «بقادر» من قوله تعالى: بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (¬5). تقدم في أثناء توجيه: بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ (¬6). ¬
«يصعقون» من قوله تعالى: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (¬1). قرأ «ابن عامر، وعاصم» يصعقون» بضم الياء، على البناء للمفعول، وهو فعل مضارع مبني للمجهول من أصعق» الرباعي، والواو نائب فاعل. ولا يحسن أن يكون من «صعق» الثلاثي، ثم رد إلى ما لم يسم فاعله، لانه اذا كان ثلاثيا لا يتعدى، والفعل الذي لا يتعدى لا يرد الى ما لم يسم فاعله، على أن يقوم الفاعل مقام المفعول الذي لم يسم فاعله. وقرأ الباقون «يصعقون» بفتح الياء، على البناء للفاعل، وهو فعل مضارع من «صعق» الثلاثي نحو: «علم» والواو فاعل (¬2). المعنى: أمر الله سبحانه وتعالى نبيه «محمدا» صلى الله عليه وسلم أن يترك الكفار وشأنهم، ويخلي سبيلهم، حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون، وهو يوم موتهم أو يوم قتلهم «ببدر» أو يوم القيامة الذي سيلقون فيه العذاب الاليم. «يخرج» من قوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (¬3). قرأ «نافع، وأبو عمرو، وأبو جعفر، ويعقوب» «يخرج» بضم الياء، وفتح الراء، على البناء للمفعول، و «اللؤلؤ» نائب فاعل، و «المرجان» معطوف عليه، وحينئذ يكون الكلام محمولا على معناه، لان «اللؤلؤ والمرجان» لا يخرجان منهما بأنفسهما من غير مخرج لهما. وقرأ الباقون «يخرج» بفتح الياء، وضم الراء، على البناء للفاعل، ¬
و «اللؤلؤ» فاعل، و «المرجان» معطوف عليه، وحينئذ يكون اسناد الفعل الى «اللؤلؤ والمرجان» على الاتساع، لانه اذا أخرج فقد خرج (¬1). «يفصل بينكم» من قوله تعالى: يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ (¬2). قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر» «يفصل» بضم الياء، وسكون الفاء، وفتح الصاد مخففة، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل «بينكم» وهو مضارع «فصل» الثلاثي نحو «ضرب» وقيل: نائب الفاعل مصدر مضمر، والتقدير: «يفصل الفصل بينكم». وقرأ «ابن ذكوان» «يفصل» بضم الياء، وفتح الفاء، والصاد المشددة، على البناء للمجهول، وتوجيهها كتوجيه القراءة، المتقدمة، الا أن الفعل مضارع «فصل» مضعف العين، نحو: «علم». وقرأ «عاصم، ويعقوب» «يفصل» بفتح الياء، واسكان الفاء، وكسر الصاد مخففة، على البناء للفاعل، وهو مضارع «فصل» الثلاثى، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على الله المتقدم في قوله تعالى: أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ (¬3). وقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يفصل» بضم الياء، وفتح الفاء، وكسر الصاد مشددة، على البناء للفاعل أيضا، مضارع «فصل» مضعف العين. وقرأ «هشام» بوجهين: الاول كابن ذكوان، والثاني كنافع ومن معه (¬4). ¬
«ولا يسأل» من قوله تعالى: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (¬1). قرأ «أبو جعفر، والبزي» بخلف عنه «ولا يسأل» بضم الياء، على البناء للمفعول، و «حميم» نائب فاعل، و «حميما» منصوب بنزع الخافض، أي: ولا يسأل قريب عن قريبه. وقرأ الباقون «ولا يسأل» بفتح الياء، مبنيا للفاعل، «حميم» فاعل، و «حميما» مفعول، والمفعول الثاني محذوف، والتقدير: ولا يسأل قريب قريبا، نصره، ولا شفاعته. وبهذه القراءة يقرأ «البزي» في وجهه الثاني (¬2). «ليعلم» من قوله تعالى: لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ (¬3). قرأ «رويس» «ليعلم» بضم الياء، مبنيا للمفعول، ونائب الفاعل محذوف يفهم من السياق، والتقدير: ليعلم الناس، أي المرسل اليهم أن الرسل قد أبلغوا رسالات ربهم. وقرأ الباقون «ليعلم» بفتح الياء، مبنيا للفاعل، والمراد به «العلم» المتعلق بالابلاغ الموجود بالفعل، و «أن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف، والخبر الجملة. وفاعل «يعلم» ضمير مستتر تقديره «هو» والمراد به نبينا «محمد» صلّى الله عليه وسلم. والمعنى: ليعلم «محمد» عليه الصلاة والسلام، ان الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة، كما بلغ هو الرسالة (¬4). ¬
«تعرف» من قوله تعالى: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (¬1). قرأ «أبو جعفر، ويعقوب» «تعرف» بضم التاء، وفتح الراء، مبنيا للمفعول، و «نضرة» بالرفع نائب فاعل. وقرأ الباقون «تعرف» بفتح التاء، وكسر الراء، مبنيا للفاعل، و «نضرة» بالنصب مفعول به. أي: اذا رأيت «الابرار» عرفت أنهم من أهل النعمة، لما نراه في وجوههم من النور، والحسن، والبياض، والبهجة، والرونق، والخطاب موجه لكل «راء» يصلح لذلك. يقال: أنضر النبات: اذا أزهر، ونور. قال «عطاء بن يسار» ت 102 هـ: «وذلك أن الله زاد في جمالهم، وفي ألوانهم ما لا يصفه واصف» أهـ (¬2). «تصلى» من قوله تعالى: تَصْلى ناراً حامِيَةً (¬3). قرأ «أبو عمرو، وشعبة، ويعقوب» «تصلى» بضم التاء، مبنيا للمفعول، ونائب الفاعل ضمير يعود على «الوجوه» من قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (¬4). و «تصلى» مضارع، والماضي «أصلى» رباعي، وهو يتعدى الى مفعولين، الاول نائب الفاعل، والثاني «نارا». وقرأ الباقون «تصلى» بفتح التاء، مبنيا للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «الوجوه» أيضا، والماضي «صلى» فعل ثلاثي، يتعدى الى مفعول ¬
واحد، هو «نارا» (¬1). «لا تسمع» من قوله تعالى: لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً (¬2). قرأ «نافع» لا تسمع» بالتاء الفوقية المضمومة، على البناء للمفعول، و «لاغية» بالرفع، نائب فاعل، وأنث الفعل لتأنيث نائب الفاعل. وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ورويس» «لا يسمع» بالياء التحتية المضمومة، على البناء للمفعول، و «لاغية» بالرفع، نائب فاعل. وذكر الفعل، لان تأنيث نائب الفاعل مجازي، وللفصل بالجار والمجرور. وقرأ الباقون «لا تسمع» بالتاء الفوقية المفتوحة، على البناء للفاعل، والفاعل ضمير تقديره «هي» يعود على الوجوه الناعمة، من قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ (¬3). والمراد أصحاب الوجوه الناعمة، و «لاغية» بالنصب مفعول به (¬4) «لا يعذب» من قوله تعالى: فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (¬5). «ولا يوثق» من قوله تعالى: وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (¬6). قرأ «الكسائي، ويعقوب» «لا يعذب، ولا يوثق» بفتح الذال، والثاء، على البناء للمفعول، ونائب الفاعل «أحد» والهاء في «عذابه، ووثاقه» ¬
تعود على الانسان «المعذب، الموثق» والتقدير: فيومئذ لا يعذب أحد مثل تعذيبه، ولا يوثق أحد مثل «ايثاقه». وقرأ الباقون، بكسر الذال، والثاء، على البناء للفاعل، والفاعل «أحد» والهاء في «عذابه، ووثاقه» تعود على «الله تعالى» والتقدير: فيومئذ لا يعذب أحد أحدا مثل تعذيب الله للعصاة، والكافرين، ولا يوثق أحد أحدا مثل ايثاق الله للعصاة، والكافرين (¬1). «لترون» من قوله تعالى: لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (¬2). قرأ «ابن عامر، والكسائي» «لترون» بضم التاء، مبنيا للمفعول، مضارع «أرى» معدى «رأى» البصرية، بالهمز لاثنين، رفع الاول على النيابة عن الفاعل، وهو واو الجمع، وبقي الثاني منصوبا وهو «الجحيم». وأصله «لترأيون» مثل: «تكرمون» على وزن «تفعلون» نقلت حركة الهمزة الى «الراء» فانقلبت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الالف للساكنين، ودخلت النون الثقيلة، فحذفت نون الرفع لتوالي الامثال وحركت الواو للساكنين، ولم تحذف لانها علامة جمع، وقبلها فتحة. من هذا يتبين أن «لترون» على وزن «لتفون» بحذف العين واللام. وقرأ الباقون «لترون» بفتح التاء، مبنيا للفاعل، مضارع «رأى» البصرية فلا تنصب الا مفعولا واحدا، وهو «الجحيم» والواو فاعل (¬3). تنبيه: «لترونها» الثاني اتفق القراء على قراءته بفتح التاء. ¬
الفصل الخامس من الباب الرابع «الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق»
الفصل الخامس من الباب الرابع «الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق» لقد تتبعت قراءات القرآن واقتبست منها الافعال التي قرئت بوجهين مختلفين في أسلوب واحد وكان الخلاف فيها يرجع الى «أصل الاشتقاق» بمعنى أن مادة الكلمة في القراءتين واحدة. قد رتبت هذه الافعال حسب أصول الكلمات بغض النظر عن حروف الزيادة. والفهرس التالي يمثل الافعال موضوع البحث:
فهرس الافعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق حسب حروف الهجاء مادة الكلمة/ مادة الكلمة/ مادة الكلمة/ مادة الكلمة/ مادة الكلمة/ آب/ ذكر/ ظهر/ كذب/ نوش/ أتى/ ذهب/ عجز/ كفل/ هجر/ أتل/ رأى/ عذر/ كمل/ ورث/ بدل/ ربت/ عزز/ لات/ وصى/ بلغ/ رتع/ عرش/ لحد/ وقد/ تبع/ ردم/ علم/ لقف/ وهن/ تخذ/ زفّ/ غشي/ لقى/ ثبت/ زلق/ فتح/ لمز// جرى/ زور/ فجر/ مارى// جمع/ سأل/ فدى/ متع// حرق/ سخر/ فرط/ مد// حرن/ سقط/ فقه/ مسك// حض/ سقى/ فطر/ مناة// سمع حل/ صار/ قتر/ موت// حمل/ صد/ قتل/ نبت// خرب/ صدر/ قدر/ نجى// خرج/ صدق/ قدم/ نزف// خصم/ صلى/ قرن/ نزل// خطأ/ صبر/ قطع/ نسخ// خطف/ ضعف/ قول/ نشا// دخل/ ضل/ قوم/ نظر// دفع/ طهر/ كبر/ نكس//
الأفعال التي يرجع الاختلاف فيها الى أصل الاشتقاق «إيابهم» من قوله تعالى: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (¬1). قرأ «أبو جعفر» «ايابهم» بتشديد الياء، وهو مصدر «أيب» على وزن «فيعل» مثل: «بيطر» والاصل «أيوب» فاجتمعت الياء، والواو، وسبقت احداهما بالسكون، فانقلبت «الواو» «ياء» ثم ادغمت الياء في الياء، و «اياب» على وزن «فيعال». ومعنى «ايابهم»: رجوعهم بعد الموت. وقرأ الباقون «ايابهم» بتخفيف الياء، مصدر «آب يؤب إيابا» بمعنى: رجع، على وزن «قام يقوم قياما» (¬2). «لآتوها» من قوله تعالى: وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها (¬3). قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر، وابن ذكوان بخلف عنه «لأتوها» بقصر الهمزة، أي بحذف الالف التي بعدها، على أنه فعل ماض من «الاتيان» على معنى: جاءوها، وقوى ذلك أنه لم يتعد الا الى مفعول واحد. وقرأ الباقون «لآتوها» بمد الهمزة، أي باثبات الالف التي بعدها، على أنه فعل ماض، من باب الاعطاء، على معنى: لأعطوها السائلين، أي لم يمتنعوا منها، أي لو قيل لهم: كونوا على المسلمين لفعلوا ذلك وهو الوجه ¬
الثاني «لابن ذكوان» (¬1). «بما آتاكم» من قوله تعالى: وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ (¬2). قرأ «أبو عمرو» «أتاكم» بقصر الهمزة- أي بدون مد نهائيا- من «الاتيان» والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «ما» والتقدير: ولا تفرحوا بالذي جاءكم. وقرأ الباقون «آتاكم» بمد الهمزة، من «الايتاء» وهو الاعطاء، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على لفظ الجلالة «الله» المتقدم ذكره في قوله تعالى: وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (¬3). «ولا يأتل» من قوله تعالى: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ (¬4). قرأ «أبو جعفر» «ولا يتأل» بتاء مفتوحة بعد الياء، وبعدها همزة مفتوحة، وبعدها لام مشددة مفتوحة على وزن «يتفع» بحذف لام الكلمة «مضارع» «تألى» بمعنى حلف. قال «ابن الجزري»: وهي قراءة» عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة مولاه، وزيد بن أسلم، وهي من «الالية» على وزن «فعلية» وهو الحلف، أي ولا يتكلف الحلف، أو لا يحلف أولوا الفضل أن لا يؤتوا، ودل على حذف «لا» خلو الفعل من النون الثقيلة فانها تلزم في الايجاب» أهـ. ¬
وقرأ الباقون «يأتل» بهمزة ساكنة بعد الياء، وبعدها تاء مفتوحة، وبعدها لام مكسورة مخففة على وزن «يفتح بحذف لام الكلمة» مضارع «ائتلى» من «الالية» وهي الحلف فالقراءتان بمعنى واحد. وقال «ابن الجزري»: هذه القراءة اما من «ألوت» أي قصرت، أو من «آليت» أي حلفت، يقال: آلى، وأتلى، وتألى بمعنى فتكون القراءتان بمعنى أهـ (¬1). «أن يبدلهما» من قوله تعالى: فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ (¬2). «أن يبدله» من قوله تعالى: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً (¬3). «أن يبدلنا» من قوله تعالى: عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها (¬4). قرأ «ابن كثير، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يبدلهما، يبدله، يبدلنا» باسكان الباء، وتخفيف الدال، على أن الفعل مضارع «أبدل» الثلاثي المزيد بهمزة. وقرأ الباقون الافعال الثلاثة بفتح الباء، وتشديد الدال، على أن الفعل مضارع «بدل» الثلاثي مضعف العين (¬5). «وليبدلنهم» من قوله تعالى: وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً (¬6). ¬
قرأ «ابن كثير، وشعبة، ويعقوب» «وليبدلنهم» باسكان الباء الموحدة، وتخفيف الدال، مضارع «أبدل» الرباعي. وقرأ الباقون بفتح الباء، وتشديد الدال، مضارع «بدل» مضعف العين (¬1). المعنى: وعد الله المؤمنين الذين آمنوا بالله ظاهرا، وباطنا، وعملوا الصالحات ليجعلنهم خلفاء في الارض، متصرفين فيها تصرف الملوك في ممالكهم، كما استخلف عليها الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دين الاسلام الذي ارتضاه لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم من أعدائهم الكفار آمنا منهم، بعد أن كانوا مستضعفين خائفين. «أبلغكم» من قوله تعالى: أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ (¬2). ومن قوله تعالى: أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (¬3). ومن قوله تعالى: قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ (¬4). قرأ «أبو عمرو» «أبلغكم» في المواضع المتقدمة، بسكون الباء، وتخفيف اللام، على أنه مضارع «أبلغ» ومنه قوله تعالى: فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ (¬5). وقرأ الباقون «أبلغكم» بفتح الباء، وتشديد اللام. على أنه مضارع «بلغ» المضعف، ومنه قوله تعالى: ¬
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (¬1). «البلوغ، والبلاغ»: الانتهاء الى أقصى المقصد، والمنتهى، مكانا كان، أو زمانا، أو أمرا من الامور المقدرة (¬2). ويقال أبلغه» السلام، و «بلغه» بالالف والتشديد: أصله (¬3) «لنبوئنهم» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً (¬4). قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لنثوينهم» بثاء مثلثة ساكنة بعد النون، وتخفيف الواو، وبعدها ياء تحتية مفتوحة، على أنه مضارع من «الثواء» يقال: أثواه بالمكان: أقامه به، وأنزل فيه. وقرأ الباقون «لنبوئنهم» بباء موحدة مفتوحة في مكان الثاء، وتشديد الواو، وبعدها همزة مفتوحة، على أنه مضارع من «التبوء» وهو الاقامة أيضا، يقال بوأه كذا اذا أنزل فيه، فالقراءتان متحدتان في المعنى (¬5). «لا يتبعوكم» من قوله تعالى: وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ (¬6). «يتبعهم» من قوله تعالى: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (¬7). قرأ «نافع» «لا يتبعوكم» في الاعراف، «يتبعهم» في الشعراء ¬
باسكان التاء وفتح الباء، على أنه مضارع «تبع» الثلاثي. وقرأ الباقون بفتح التاء المشددة، وكسر الباء في الموضعين على أنه مضارع «اتبع» (¬1). قال «مكي بن أبي طالب» ت 437 هـ: والقراءتان لغتان بمعنى، حكى «أبو زيد الانصاري» ت 215 هـ: «رأيت القوم فاتبعتهم، اذا سبقوك فأسرعت نحوهم، وتبعتهم مثله» أهـ. ثم قال: وقال بعض أهل اللغة: «تبعه» مخففا: اذا مضى خلفه، ولم يدركه، «واتبعه» مشددا: اذا مضى خلفه فأدركه» أهـ (¬2). ويقال: «تبع» زيد عمرا «تبعا» من باب «تعب تعبا» مشى خلفه، أو مرّ به فمضى معه. والمصلى «تبع» لامامه، والناس «تبع» له، ويكون واحدا، وجمعا، ويجوز جمعه على «اتباع» مثل: «سبب وأسباب». و «تتابعت» الاخبار: جاء بعضها اثر بعض بلا فصل. و «تتبعت» أحواله: تطلبتها شيئا بعد شيء في مهلة و «التبعة» وزان «كلمة»: ما تطلبه من ظلامه ونحوها (¬3). «لاتخذت» من قوله تعالى: قال لو شئت لتخذت عليه أجرا (¬4). قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «لتخذت» بتخفيف التاء الاولى، وكسر الخاء من غير ألف وصل، على أنه فعل ماض من «تخذ، يتخذ» على وزن «علم، يعلم». ¬
وقرأ الباقون «لاتخذت» بألف وصل، وتشديد التاء الاولى، وفتح الخاء، على أنه فعل ماض من «اتخذ» على وزن «افتعل» فأدغمت فاء الكلمة في تاء «افتعل» (¬1). وقرأ ابن كثير، وحفص، ورويس» بخلف عنه، باظهار الذال عند التاء. وقرأ الباقون بادغام الذال في التاء، وهو الوجه الثاني «لرويس» (¬2) «ويثبت» من قوله تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ (¬3) قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، ويعقوب» «ويثبت» باسكان الثاء، وتخفيف الباء الموحدة، على أنه مضارع «أثبت» المزيدة بهمزة. وقرأ الباقون «ويثبت» بفتح الثاء، وتشديد الباء، على أنه مضارع «ثبت» مضعف العين (¬4). «مجريها» من قوله تعالى: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها (¬5). قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «مجريها» بفتح الميم، على أنه مصدر «جرى» الثلاثى. ¬
وقرأ الباقون «مجريها» بضم الميم، على أنه مصدر «أجرى» الرباعي (¬1). «فاجمعوا» من قوله تعالى: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ (¬2). قرأ «رويس» بخلف عنه «فاجمعوا» بوصل الهمزة، وفتح الميم، على أنه فعل أمر من «جمع» الثلاثي ضد فرق، قال تعالى: فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (¬3). وقيل: «جمع» و «أجمع» بمعنى واحد. وقرأ الباقون «فأجمعوا» بقطع الهمزة مفتوحة، وكسر الميم، وهو الثاني «لرويس» على أنه فعل أمر من «أجمع» الرباعي، يقال: «أجمع» في المعاني نحو: أجمعت أمري «وجمع» في الاعيان مثل: جمعت القوم. وقد يستعمل كل مكان الآخر (¬4). «فأجمعوا» من قوله تعالى: فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا (¬5). قرأ «أبو عمرو» فأجمعوا» بهمزة وصل بعد الفاء، وفتح الميم، على أنه فعل أمر من «جمع» الثلاثي ضد «فرق» بمعنى الضم، ويلزم منه الاحكام. وقرأ الباقون «فأجمعوا» بهمزة قطع مفتوحة مع كسر الميم، على أنه فعل أمر من «أجمع» الرباعي. ¬
وأعلم أن «جمع» الثلاثي يتعدى للحسي والمعنوي، تقول: جمعت القوم، وجمعت أمري. وأن «أجمع» الرباعي لا يتعدى الا للمعنوي، تقول: أجمعت أمري، ولا تقول أجمعت القوم (¬1). «لنحرقنه» من قوله تعالى: لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (¬2). قرأ «ابن وردان» «لنحرقنه» بفتح النون، واسكان الحاء، وضم الراء مخففة، على أنه مضارع «حرق» الثلاثي، يقال: حرق الحديد بفتح الراء يحرقه بضمها: اذا برده بالمبرد. وقرأ «ابن جماز» «لنحرقنه» بضم النون، واسكان الحاء، وكسر الراء مخففة، على أنه مضارع «أحرق» يقال: أحرقه بالنار احراقا، وأحرقه تحريقا. وقرأ الباقون «لنحرقنه» بضم النون، وفتح الحاء، وكسر الراء مشددة، على أنه مضارع «حرق» مضعف الراء، للمبالغة في الحرق (¬3). «يحزنك» من قوله تعالى: وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ (¬4). ومن قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ (¬5). ¬
ومن قوله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ (¬1). ومن قوله تعالى: وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (¬2). ومن قوله تعالى: وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ (¬3). ومن قوله تعالى: فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ (¬4). «ليحزننى» من قوله تعالى: قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ (¬5). «يحزنهم» من قوله تعالى: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ (¬6). «ليحزن» من قوله تعالى: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا (¬7). قرأ «نافع» جميع هذه الافعال حيثما وقعت في القرآن الكريم، بضم الياء، وكسر الزاي، على أنه مضارع «أحزن» الثلاثي المزيدة بالهمزة نحو: «أكرم يكرم». الا موضوع الانبياء رقم/ 103 فقد قرأه بفتح الياء، وضم الزاي، على أنه مضارع «حزن» الثلاثي نحو: «علم يعلم» ومنه قوله تعالى: وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (¬8). وذلك جمعا بين اللغتين. وقرأ «أبو جعفر» جميع هذه الافعال بفتح الياء، وضم الزاي الا موضع الانبياء (¬9). فقد قرأه بضم الياء، وكسر الزاي، جمعا بين اللغتين أيضا. ¬
وقرأ الباقون جميع هذه الافعال بفتح الياء، وضم الزاي (¬1). قال «الراغب» في مادة «حزن» «الحزن» بضم الحاء، وسكون الزاي، والحزن بفتح الحاء والزاي، خشونة في الارض، وخشونة في النفس لما يحصل فيه من الغم، ويضاده الفرح «أهـ (¬2) «ولا تحاضون» من قوله تعالى: وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (¬3). قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «ولا تحاضون» بفتح الحاء، واثبات ألف بعدها، وهو فعل مضارع حذفت منه احدى التاءين تخفيفا، وأدغمت الضاد في الضاد، والأصل «تتحاضون» على وزن «تتفاعلون» أي يحض بعضكم بعضا على إطعام المسكين، ومعنى «يحض»: «يحرض ويحث». وقرأ الباقون «ولا تحضون» بضم الحاء، وحذف الالف التي بعدها، مضارع «حض» مضعف الثلاثى، مثل «رد برد» (¬4). «فيحل، ومن يحلل» من قوله تعالى: فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى (¬5). قرأ «الكسائي» بضم الحاء من «فيحل» واللام من «يحلل» على ¬
أنهما مضارعان من «حل يحل» بالضم: اذا نزل بالمكان، من قوله تعالى: أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ (¬1) والمعنى: فينزل عليكم غضبي ومن ينزل عليه غضبي فقد هوى، وهو خطاب لبنى اسرائيل. وقرأ الباقون بكسر الحاء من «فيحل» واللام من «يحلل» على أنهما مضارعان من حل عليه الدين يحل بكسر الحاء أي وجب قضاؤه، ومنه قوله تعالى: وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (¬2). والمعنى: فيجب عليكم غضبى ومن يجب عليه غضبي فقد هوى (¬3). «حملنا» من قوله تعالى: وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ (¬4). قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر، ورويس» «حملنا» يضم الحاء، وكسر الميم مشددة، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «حمل» مضعف العين، متعد لاثنين: الاول «نا» وهي نائب فاعل، والثاني «أوزارا». وقرأ الباقون «حملنا» بفتح الحاء، والميم مخففة، على أنه فعل ماض ثلاثي مجرد مبني للمعلوم متعد لواحد، وهو «أوزارا» و «نا» فاعل (¬5). ¬
«يخربون» من قوله تعالى: يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ (¬1). قرأ «أبو عمرو» «يخربون» بفتح الخاء، وتشديد الراء، مضارع «خرب» مضعف العين، على معنى: التكثير للخراب. وقرأ الباقون «يخربون» باسكان الخاء، وتخفيف الراء، مضارع «أخرب» الرباعي (¬2). والقراءتان لغتان بمعنى واحد وهو «الهدم» قال «سيبويه» ت 180 هـ: «ان معنى فعلت، وأفعلت، يتعاقبان، نحو: «أخربته، وخربته، وأفرحته، وفرحته» أهـ. وقال «أبو عمرو بن العلاء» ت 154 هـ: «ان معنى فعلت، وأفعلت، يتعاقبان، نحو: «أخربته، وخربته، وأفرحته، وفرحته» أهـ. وقال «أبو عمرو بن العلاء» ت 154 هـ: «يقال: أخربت الموضع: تركته خرابا، وخربته: هدمته» أهـ (¬3) «ونخرج» من قوله تعالى: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً (¬4). قرأ «أبو جعفر» «ويخرج» بياء تحتية مضمومة، وراء مفتوحة، على أنه مضارع «أخرج» الرباعي، مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «طائره» المتقدم ذكره في قوله تعالى: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وكِتاباً حال. وقرأ «يعقوب» «ويخرج» بالياء التحتية المفتوحة، وراء مضمومة، على أنه مضارع «خرج» الثلاثى، مبنى للمعلوم، والفاعل ضمير مستتر ¬
تقديره «هو» يعود على «طائره» أيضا، و «كتابا» حال. وقرأ الباقون «ونخرج» بنون العظمة مضمومة، وراء مكسورة، على انه مضارع «أخرج» الرباعي، مبني للمعلوم، والفاعل ضمير مستتر تقديره «نحن» يعود على الله تعالى، وقد جرى الكلام على نسق واحد، لان قبله وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ و «كتابا» مفعول به (¬1). «يخصمون» من قوله تعالى: ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (¬2). قرأ «ورش، وابن كثير» «يخصمون» بفتح الياء، والخاء، وتشديد الصاد. «وابن ذكوان، وحفص، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» بفتح الياء، وكسر الخاء، وتشديد الصاد. «وحمزة» بفتح الياء، واسكان الخاء، وتخفيف الصاد. «وأبو جعفر» بفتح الياء، واسكان الخاء، وتشديد الصاد. «وأبو عمرو» بفتح الياء، وتشديد الصاد، وله في الخاء الفتح واختلاسها. «وهشام» بفتح الياء، وتشديد الصاد، وله في الخاء الفتح والكسر. «وشعبة» بكسر الخاء، وتشديد الصاد، وله في الياء الفتح والكسر. «وقالون» بفتح الياء، وتشديد الصاد، وله في الخاء الاسكان، والفتح والاختلاس. ¬
وحجة من أسكن الخاء، وخفف الصاد، أنه بناه على وزن «يفعلون» مضارع «خصم يخصم» فهو يتعدى الى مفعول مضمر محذوف، لدلالة الكلام عليه، تقديره: يخصم بعضهم بعضا، بدلالة ما حكى الله جل ذكره عنهم من مخاصمة بعضهم بعضا في غير هذا الموضع، فحذف المضاف، وهو بعض الاول، وقام الضمير المحذوف مقام بعض في الاعراب، فصار ضميرا مرفوعا، فاستتر في الفعل، لان المضمر المرفوع لا ينفصل بعد الفعل، لا تقول: اختصم هم، ولا قام أنت، والضمير فاعل، والتقدير: يخصمون مجادلهم عند أنفسهم، وفي ظنهم، ثم حذف المفعول. وحجة من اختلس حركة الخاء وأخفاها، أن أصله «يفتعلون» فالخاء مساكنة، فلما كانت ساكنة في الاصل في «يختصمون» وأدغمت التاء في الصاد لم يمكن أن يجتمع ساكنان: المشدد والخاء، فأعطاهما حركة مختلسة، أو مخفاة، ليدل بذلك أن أصل الخاء السكون. وحجة من فتح الخاء، وشدد الصاد، أنه بناه على «يفتعلون» أي يختصمون، فأدغم التاء في الصاد، لقربهما في المخرج، اذ التاء تخرج من: طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والصاد تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى. كما أنهما مشتركان في الصفتين الآتيتين وهما الهمس، والاصمات. وحجة من كسر الخاء أنه لما أدغم التاء في الصاد، اجتمع ساكنان: الخاء والمشدد، فكسر الخاء لالتقاء الساكنين، ولم يلق حركة التاء على الخاء. وحجة من كسر الياء، أنه على الاتباع لكسرة الخاء (¬1). ¬
«خطأ» من قوله تعالى: إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (¬1). قرأ «ابن كثير» «خطأ» بكسر الخاء، وفتح الطاء، وألف ممدودة بعدها، على أنه مصدر «خاطأ، يخاطئ، خطأ» مثل: «قاتل، يقاتل، قتالا». قال «ابن مالك»: لفاعل الفعال والمفاعلة. وقرأ «ابن ذكوان، وأبو جعفر، وهشام بخلف عنه» «خطأ» بفتح الخاء والطاء، من غير ألف، على أنه مصدر «خطئ، خطأ فهو خاطئ»: اذا تعمد، مثل: «تعب، يتعب، تعبا». والمشهور في مصدر «خطئ» «خطأ» كما قال «ابن مالك»: وفعل اللازم بابه فعل ... كفرح وكجوى وكشلل وقرأ الباقون «خطأ» بكسر الخاء، وسكون الطاء، وهو الوجه الثاني «لهشام»، على أنه مصدر «خطئ، خطأ» بمعنى: مجانبة الصواب، مثل: أثم، اثما» (¬2). قال ابن مالك: وما أتى مخالفا لما مضى ... فبابه النقل كسخط ورضى «فتخطفه» من قوله تعالى: فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ (¬3). قرأ «نافع، وأبو جعفر» «فتخطفه» بفتح الخاء، والطاء مشددة ¬
على أنه مضارع «تخطف» والاصل «تتخطفه» فحذفت احدى التاءين تخفيفا. وقرأ الباقون بسكون الخاء، وفتح الطاء مخففة، على أنه مضارع «خطف» بكسر العين، على وزن «فهم» (¬1). المعنى: من يتخذ مع الله شريكا فقد سقط من أوج الايمان الى حضيض الكفر، فيصير بمنزلة من سقط من السماء فتخطفه الطير، وتعصف به الريح فتهوى به في مكان بعيد، حتى يصبح لا يرجى فلاحه. «مدخلا» من قوله تعالى: وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (¬2). من قوله تعالى: لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ (¬3). قرأ «نافع، وأبو جعفر» «مدخلا» في السورتين بفتح الميم على أنه مصدر أو اسم مكان من «دخل» الثلاثي، وعليه فيقدر له فعل ثلاثي مطاوع «لندخلكم» والتقدير: وندخلكم فتدخلون مدخلا، أو مكان دخول. وقرأ الباقون «مدخلا» في الموضعين بضم الميم، على أنه مصدر، أو اسم مكان من «أدخل» الرباعي (¬4). تنبيه: اتفق القراء العشرة على ضم الميم من «مدخل» من قوله تعالى: ¬
وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ (¬1). لأن قبله» أدخلني «وهو فعل رباعي فيكون «مدخل» مفعولا به». «مدخلا» من قوله تعالى: لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلًا (¬2). قرأ «يعقوب» «مدخلا» بفتح الميم، واسكان الدال مخففة، على أنه اسم مكان من «دخل يدخل» الثلاثي. وقرأ الباقون «مدخلا» بضم الميم وفتح الدال مشددة، على أنه اسم مكان من «ادخل» على وزن «افتعل» والاصل «مدتخلا» فأدغمت الدال في التاء، وذلك لوجود التجانس بينهما اذ يخرجان من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا. كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الشدة، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (¬3). «دفع» من قوله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ (¬4). ومن قوله تعالى: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ (¬5). قرأ «نافع، وأبو جعفر، ويعقوب» «دفاع» بكسر الدال، وفتح ¬
الفاء، وألف بعدها، على أنها مصدر «دافع» نحو: «قاتل قتالا» (¬1). وقرأ الباقون «دفع» بفتح الدال، واسكان الفاء من غير ألف، على أنها مصدر «دفع يدفع» (¬2) نحو: «فتح يفتح» (¬3). جاء في «المفردات»: «الدفع» اذا عدّي ب «إلى» اقتضى معنى «الانالة» نحو قوله تعالى: فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ (¬4) واذا عدي ب «عن» اقتضى معنى «الحماية» نحو قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا (¬5). أهـ (¬6). «يدافع» من قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا (¬7) قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «يدفع» بفتح الياء، واسكان الدال، وحذف الالف التي بعدها، وفتح الفاء، على أنه مضارع «دفع» الثلاثي. وقرأ الباقون «يدافع» بضم الياء، وفتح الدال، واثبات ألف بعدها، وكسر الفاء، على أنه مضارع «دافع» والمفاعلة فيه ليست على بابها، بل هي من جانب واحد مثل «سافر» وانما المفاعلة لقصد المبالغة في الدفع عن ¬
المؤمنين» (¬1). «ليذكروا» من قوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا (¬2). من قوله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا (¬3). قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ليذكروا» في الموضعين بسكون الذال، وضم الكاف مخففة، على أنه مضارع «ذكر، يذكر» الثلاثي من الذكر ضد النسيان قال تعالى: فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ (¬4). وقرأ الباقون «ليذّكّروا» بتشديد الذال، والكاف حالة كونهما مفتوحتين، على أنه مضارع «تذكر، يتذكر» مضعف العين، وأصله «يتذكر» فأبدلت التاء «ذالا» وأدغمت في الذال، وذلك لوجود التقارب بينهما في المخرج: اذ التاء تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا. والذال تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا. كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات. والتذكر معناه: التيقظ، والمبالغة في الانتباه من الغفلة. ومن قوله تعالى: وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (¬5). ¬
«يذكر» من قوله تعالى: أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً (¬1). قرأ «نافع، وابن عامر، وعاصم» «يذكر» باسكان الذال، وضم الكاف، على أنه مضارع «ذكر» من الذكر الذي يكون عقيب النسيان، والغفلة. وقرأ الباقون «يذكر» بتشديد الذال، والكاف، على أنه مضارع «تذكر» وأصله «يتذكر» فأبدلت التاء ذالا، وأدغمت في الذال، والتذكر معناه: التيقظ والمبالغة في الانتباه من الغفلة (¬2). «أن يذكر» من قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً (¬3). قرأ «حمزة، وخلف العاشر» «يذكر» بتخفيف الذال مسكنة، وتخفيف الكاف مضمومة، على معنى الذكر لله تعالى، وهو مضارع «ذكر يذكر» الثلاثي المخفف. وقر الباقون بتشديد الذال، والكاف مفتوحتين، على معنى: التذكر، والتدبر، والاعتبار مرة بعد مرة، وهو مضارع «تذكر» والاصل «يتذكر» فأدغمت التاء في الذال، لتقاربهما في المخرج، اذ التاء تخرج، من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والذال تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا. ¬
كما أنهما متفقان في الصفات الآتية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات (¬1). «ذكرتم» من قوله تعالى: قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ (¬2). قرأ «أبو جعفر» «ذكرتم» بتخفيف الكاف، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «الذكر» وتاء المخاطبين نائب فاعل. وقرأ الباقون «ذكرتم» بتشديد الكاف، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «التذكر» وتاء المخاطبين نائب فاعل (¬3). «يذهب بالابصار» من قوله تعالى: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (¬4). قرأ «أبو جعفر» «يذهب» بضم الياء، وكسر الهاء، مضارع «أذهب» الرباعي، والباء في «بالابصار» زائدة مثل قوله تعالى: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ (¬5). و «الابصار» مفعول به، والفاعل مستتر ضمير يعود على «سنا برقه». وقيل: الباء أصلية وهي بمعنى «من» والمفعول محذوف تقديره يذهب سنا برقه النور من الابصار. ¬
وقرأ الباقون «يذهب» بفتح الياء، والهاء، مضارع «ذهب» الثلاثي، والباء للتعدية، و «الابصار» مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «سنا برقه» (¬1). فلا تذهب نفسك» من قوله تعالى: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ (¬2). قرأ «أبو جعفر» «تذهب» بضم التاء، وكسر الهاء، مضارع «أذهب» معدى بالهمزة، والفاعل ضمير مستتر تقديره «أنت» والمراد به نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم المشار اليه في قوله تعالى: وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ (¬3). و «نفسك» بالنصب، مفعول به «لتذهب». وقرأ الباقون «تذهب» بفتح التاء، والهاء، مضارع» ذهب «الثلاثي، و «نفسك» بالرفع فاعل. والمعنى: أفمن زين له سوء عمله، فغلب عليه هواه، فرأى الباطل حقا، والقبيح حسنا، فأصبحت تغتم من أجله وتتحسر عليه، فلا تغتم ولا تحزن، ولا تهلك نفسك على تكذيبهم اياك، ولا يشتد أسفك على عدم قبولهم دعوتك، فما عليك الا البلاغ، وفي هذا تسلية له صلى الله عليه وسلم (¬4). «يرتع ويلعب» من قوله تعالى: أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ (¬5). ¬
«يرتع» القراء فيها على خمس مراتب: الاولى: «لنافع، وأبي جعفر» «يرتع» بالياء من تحت، على اسناد الفعل الى نبى الله يوسف عليه السلام، وكسر العين من غير ياء، على أن الفعل مجزوم بحذف حرف العلة، وهو مضارع «ارتعى» على وزن «افتعل» من الرعي بمعنى المراعاة وهي الحفظ للشيء (¬1). الثانية: «لعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يرتع» بالياء التحتية مع سكون العين، على أنه مضارع «رتع» الثلاثي صحيح الآخر مجزوم بالسكون. يقال: «رتع، يرتع، ورتوعا» والاسم «الرتعة». «والرتع»: الاكل والشرب رغد في الريف (¬2). الثالثة: «لأبي عمرو، وابن عامر» «نرتع» بالنون، وجزم العين فالنون لمناسبة قوله تعالى قبل: أَرْسِلْهُ مَعَنا وجزم العين سبق توجيهه. الرابعة: «للبزى» «نرتع» بالنون، وكسر العين من غير ياء وقد تقدم ذلك. الخامسة: «لقنبل» «نرتع» بالنون، وكسر العين، وله في الياء الحذف، والاثبات، وصلا ووقفا. «ويلعب» قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر» «نلعب» بالنون، مناسبة لقوله تعالى قبل: أَرْسِلْهُ مَعَنا. وقرأ الباقون «يلعب» بالياء التحتية، على اسناد الفعل الى نبي الله يوسف عليه السلام (¬3). ¬
«ردما ائتوني» من قوله تعالى: فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ (¬1). قرأ «شعبة» بخلف عنه بكسر تنوين «ردما» وهمزة ساكنة بعده وصلا، على أن «ائتوني» فعل أمر من الثلاثي بمعنى المجيء فان وقف على «ردما» وابتدأ «بائتوني» فانه يبتدئ بهمزة وصل مكسورة، وابدال الهمزة الساكنة بعدها ياء. وقرأ الباقون، باسكان التنوين في «ردما» وهمزة قطع مفتوحة، وبعدها ألف ثابتة وصلا ووقفا، على أن «آتوني» فعل أمر من الرباعي، بمعنى اعطوني، وهو الوجه الثاني لشعبة (¬2). «نرى» من قوله تعالى: وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما (¬3) قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ويرى» بياء تحتية مفتوحة، وبعدها راء مفتوحة وألف بعدها ممالة، مضارع «رأي» الثلاثي، و «فرعون» بالرفع فاعل «يرى» و «هامان، وجنودهما» بالرفع أيضا عطفا على ¬
«فرعون». وقرأ الباقون «ونري» بنون مضمومة، وكسر الراء، وفتح الياء، مضارع «أرى» الرباعي، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» وهو اخبار عن الله تعالى المعظم نفسه، وجاء الكلام على نسق ما قبله، لان قبله نَتْلُوهُ عَلَيْكَ، وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ، و «فرعون»، بالنصب مفعول «نرى» و «هامان، وجنودهما» بالنصب أيضا عطفا على «فرعون» (¬1). «ماذا ترى» من قوله تعالى: فَانْظُرْ ماذا تَرى (¬2). قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ترى» بضم التاء، وكسر الراء، وياء بعدها، وهو مشتق من «الرأي» الذي هو الاعتقاد في القلب. وهو مضارع «أريته الشيء» اذا جعلته يعتقده. فالمعنى: فانظر ماذا تحملني عليه من الرأي فيما قلت لك هل تصبر أو تجزع. وهو يتعدى الى مفعولين يجوز الاقتصار على أحدهما مثل «أعطى» فالمفعول الهاء المحذوفة اذا جعلت «ما» مبتدأ، و «ذا» بمعنى الذي خبر «ما» أي ما الذي تريه. ويجوز أن يكون «ماذا» مفعول أول «بترى» والمفعول الثاني محذوف، أي ماذا تريناه. وقرأ الباقون «ترى» بفتح التاء، والراء، من «الرأي» الذي هو الاعتقاد في القلب أيضا، وهو مضارع «رأي» ويتعدى الى مفعول واحد، وهو «ماذا» على أنها اسم استفهام مفعول مقدم «لترى» أي أيّ شيء ترى. ولا يحسن اضمار الهاء مع نصب «ماذا» «بترى» لان الهاء لا تحذف من غير الصلة، والصفة، الا في الشعر. وليس «ترى» من رؤية العين، لانه لم يأمره أن يبصر شيئا ببصره، ¬
وانما أمره يدبر أمرا عرضه عليه يقول فيه برأيه وهو الذبح. وليس ذلك من نبي الله «إبراهيم» لابنه «اسماعيل» على معنى الاستشارة له في أمر الله تعالى. وانما هو على سبيل الامتحان للذبيح، هل سيصبر أو يجزع، ولذلك جاء الجواب بالصبر، يشير الى ذلك قوله تعالى: قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (¬1). ولا يحسن أن يكون «ترى» من العلم، لانه يلزم أن يتعدى الى مفعولين، وليس في الكلام غير مفعول واحد، وهو «ماذا». فلما امتنع ن يكون «ترى» من رؤية العين، أو من العلم، لم يبق الا أن يكون من «الرأي» الذي هو الاعتقاد في القلب (¬2). «ربت» من قوله تعالى: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ (¬3). من قوله تعالى: فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ (¬4). قرأ «أبو جعفر» «وربأت» في الموضعين بهمزة مفتوحة بعد الياء بمعنى ارتفعت، وهو فعل مهموز، يقال: فلان يربأ بنفسه عن كذا، بمعنى يرتفع. وقرأ الباقون «وربت» في الموضعين بحذف الهمزة، بمعنى زادت من «ربا يربو» (¬5). ¬
«يزفون» من قوله تعالى: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (¬1). قرأ «حمزة» «يزفون» بضم الياء، على أنه مضارع «أزف» أخبر الله عنهم أنهم يحملون غيرهم على الاسراع، فالمفعول محذوف، والمعنى: فأقبلوا اليه يحملون غيرهم على الاسراع: يحمل بعضهم بعضا على الاسراع. والزفيف: الاسراع في الخطو مع مقاربة المشي. قال «الاصمعى» ت 216 هـ يقال: «أزفت الابل، اذا حملتها على أن تزف أي تسرع» أهـ. وقرأ الباقون «يزفون» بفتح الياء، مضارع «زفّ» بمعنى: عدا بسرعة، يقال: زفت الابل، اذا أسرعت (¬2). «ليزلقونك» من قوله تعالى: وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ (¬3). قرأ «نافع، وأبو جعفر» «ليزلقونك» بفتح الياء، مضارع «زلق» الثلاثي يقال: زلق عن موضعه: اذا تنحى. وقرأ الباقون «ليزلقونك» بضم الياء، مضارع «أزلق» الرباعي، يقال: أزلقه عن موضعه: اذا نحاه (¬4). جاء في تفسير الشوكاني: قال «الهروي»: معنى «ليزلقونك» ¬
أي فيغتابونك بعيونهم فيزلقونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوة لك» أهـ. وقال «الكلبي» ت 146 هـ: «يزلقونك» أي يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة. وقال «ابن عتيبة»، عبد الله بن مسلم ت 276 هـ، «لا يريد الله أنهم يصيبونك بأعينهم كما يصيب «العائن» بعينه ما يعجبه، وانما أراد أنهم ينظرون اليك اذا قرأت القرآن نظرا شديدا بالعداوة، والبغضاء، يكاد يسقطك» أهـ (¬1). «تزاور» من قوله تعالى: وترى الشمس اذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين (¬2). قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تزاور» بفتح الزاي مخففة، والف بعدها، وتخفيف الراء، على أنه مضارع «تزاور» وأصله «تتزاور» فحذفت منه احدى التاءين تخفيفا. ومعنى «تزاور»: تميل. وقرأ «ابن عامر، ويعقوب» «تزور» باسكان الزاي، وتشديد الراء بلا ألف «كتحمرّ»، ومعنى «نزور» تنقبض عنهم، و «تزور» مضارع «أزور» مضعف اللام. وقرأ الباقون «تزاور» بفتح الزاي مشددة، وألف بعدها، وتخفيف الراء، على أنه مضارع «تزاور» وأصله «تتزاور» فأدغمت التاء في الزاي، وذلك لقربهما. اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا. و «الزاي» تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا السفلى. ¬
كما أنهما مشتركان في الصفات التالية: الاستفال، والانفتاح، والاصمات (¬1). تنبيه: «تحسبهم» من قوله تعالى: وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ (¬2). تقدم حكمة اثناء الحديث عن القراءات التي في قوله تعالى: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ (¬3). «يسألون» من قوله تعالى: يسائلون عن أنبائكم (¬4). قرأ «رويس» «يساءلون» بتشديد السين المفتوحة، وألف بعدها، وأصلها «يتساءلون» فأدغمت التاء، في السين، لقربهما في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والسين تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى، كما أنهما مشتركان في الصفات التالية: الهمس، والاستفال، والانفتاح، والاصمات، ومعنى يتساءلون: يسأل بعضهم بعضا. وقرأ الباقون «يسألون» بسكون السين، بعدها همزة بلا ألف، مضارع «سأل (¬5). «سخريا» من قوله تعالى: فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي (¬6). ¬
ومن قوله تعالى: أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (¬1). قرأ «نافع، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «سخريا» بضم السين فيهما، وهو مصدر من «التسخير» وهو الخدمة، وقيل: هو بمعنى الهزء. وقرأ الباقون بكسر السين فيهما، وهو مصدر من «السخرية» وهو الاستهزاء، ودليله قوله تعالى بعده: وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (¬2). فالضحك بالشيء نظير الاستهزاء به (¬3). تنبيه: اتفق القراء العشرة على ضم السين في حرف الزخرف، وهو قوله تعالى: وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا (¬4). لانه من السخرة. «تساقط» من قوله تعالى: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (¬5). قرأ «حفص» «تساقط» بضم التاء وتخفيف السين، وكسر القاف، على أنه مضارع «ساقط» والفاعل ضمير مستتر تقديره «هي» يعود على «النخلة» و «رطبا» مفعول به، و «جنيا» صفة. ¬
وقرأ «حمزة» «تساقط» بفتح التاء، وتخفيف السين، وفتح القاف، على أنه مضارع «تساقط» والاصل «تتساقط» فحذف منه احدى التاءين تخفيفا، والفاعل ضمير مستتر يعود على النخلة، والمفعول مضمر تقديره: تساقط النخلة عليك تمرها، ورطبا حال، و «جنيا» صفة. وقرأ «يعقوب» «يساقط» بالياء التحتية مفتوحة، على التذكير، وتشديد السين، وفتح القاف، على أنه مضارع «تساقط» والاصل «يتساقط» فأدغمت التاء في السين تخفيفا، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «الجذع» والمفعول محذوف، والتقدير: يساقط الجذع عليك تمرا، و «رطبا» حال، و «جنيا» صفة. وشعبة له قراءتان: الاولى مثل قراءة «يعقوب». والثانية: «تساقط» بفتح التاء، وتشديد السين، وفتح القاف، على أنه مضارع «تساقط» والاصل «تتساقط» فأدغمت التاء في السين، والفاعل ضمير يعود على النخلة، والفاعل ضمير محذوف، و «رطبا» حال، وبهذه القراءة قرأ باقي القراء (¬1). «نسقيكم» من قوله تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ (¬2). ومن قوله تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها (¬3). قرأ «نافع، وابن عامر، وشعبة، ويعقوب» «نسقيكم» في الموضعين والنون المفتوحة، على أنه مضارع «سقي» الثلاثي، كما قال تعالى: ¬
وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (¬1). وفاعل «نسقيكم» ضمير مستتر وجوبا تقديره «نحن» يعود على الله تعالى المتقدم ذكره في قوله تعالى: وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ (¬2). وجرى الكلام على نسق واحد وهو اسناد الفعل الى المعظم نفسه. وقرأ «أبو جعفر» «تسقيكم» في الموضعين، بالتاء الفوقية المفتوحة، على تأنيث الفعل، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره «هي» يعود على «الانعام» وهي مؤنثة ولذلك جاز تأنيث الفعل. وقرأ الباقون «نسقيكم» في الموضعين بالنون المضمومة، على أنه مضارع «أسقى» الرباعي، ومنه قوله تعالى: وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (¬3). فان قيل: هل هناك فرق بين «سقى، وأسقى»؟ القول: قال «الخليل بن أحمد الفراهيدي» ت 170 هـ وسيبويه، عمرو بن عثمان بن قنبر ت 180 هـ: يقال: سقيته: ناولته فشرب، وأسقيته: جعلت له سقيا» أهـ. وقال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210 هـ: «هما لغتان» أهـ وقال «أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس» ت 338 هـ: «سقيته، يكون بمعنى عرضته لان يشرب، وأسقيته، دعوت له ¬
بالسقيا، وأسقيته: جعلت له سقيا، وأسقيته: بمعنى «سقيته» عند «أبي عبيدة» أهـ (¬1). فان قيل: ما وجه عود الضمير مذكرا في سورة «النحل» في قوله تعالى: مِمَّا فِي بُطُونِهِ. أقول: هناك عدة توجيهات: أحدها: أن الانعام تذكر، وتؤنث، فذكر الضمير على احدى اللغتين. والثاني: أن الانعام جنس، فعاد الضمير اليه على المعنى. والثالث: أن مفرد الانعام «نعم» والضمير عائد على مفرده. والرابع: انه عائد على المذكور، فتقديره مما في بطون المذكور. والخامس: أنه عائد على البعض الذي له لبن منها (¬2). «ولا يسمع الصم» من قوله تعالى: وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (¬3). قرأ «ابن عامر» تسمع» بتاء فوقية مضمومة، وكسر الميم. و «الصم» بنصب الميم، على أنه فعل مضارع من «أسمع» الرباعي، مسند الى ضمير المخاطب وهو النبي «محمد» صلى الله عليه وسلم، لتقدم لفظ الخطاب له في قوله تعالى: قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ والفعل يتعدى الى مفعولين: فالصم مفعول أول، والدعاء مفعول ثان. وقرأ الباقون «يسمع» بياء تحتية مفتوحة، وفتح الميم، و «الصم» برفع الميم، على أنه مضارع من «سمع» الثلاثي، و «الصم» فاعل، و «الدعاء» مفعول به (¬4). ¬
«ولا تسمع الصم» من قوله تعالى: وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (¬1). ومن قوله تعالى: وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (¬2). وقرأ «ابن كثير» «يسمع» في الموضعين، بياء مفتوحة مع فتح الميم، على أنه فعل مضارع مبني للمعلوم من «سمع» الثلاثي، و «الصم» برفع الميم فاعل «يسمع» و «الدعاء» مفعول به، وذلك على الاخبار عن المعرضين عن سماع دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالدخول في الاسلام، وفي ذلك نفي السماع عنهم (¬3). والمعنى أنهم لا ينقادون الى الحق كما لا يسمع الاصم المعرض المدبر عن سماع ما يقال له، فلم يكفه أنه معرض عما يقال له حتى وصفه بالصمم، فهذا غاية امتناع سماع ما يقال له فشبههم في اعراضهم عن قبول ما يقال لهم من الاسلام بدعاء الاصم المعرض عن الشيء. وقرأ الباقون «تسمع» بتاء مضمومة مع كسر الميم على أنه مضارع مبني للمعلوم من «أسمع» الرباعي، و «الصم» بفتح الميم مفعول أول، و «الدعاء» مفعول ثان، وفاعل «تسمع» ضمير مستتر تقديره «أنت» والمراد نبينا «محمد» صلى الله عليه وسلم المتقدم ذكره في قوله تعالى: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى. فجرى الثاني على لفظ الاول من الخطاب. «لا يسمعون» من قوله تعالى: لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى (¬4). قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لا يسمعون» ¬
بتشديد السين، والميم، على أن الاصل «يتسمعون» مضارع «تسمع» الذي هو مطاوع «سمع» مضعف العين، ثم أدغمت التاء في السين، لقربهما في المخرج، اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، و «السين» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى. كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الهمس، والاستفال، والانفتاح، والاصمات. وحسن حمله على «تسمع» لان «التسمع» قد يكون، ولا يكون معه ادراك سمع، واذا نفى «التسمع» عنهم، فقد نفى سمعهم من جهة «التسمع» ومن غيره، فذلك أبلغ في نفي السمع عنهم. وقرأ الباقون «لا يسمعون» باسكان السين، وتخفيف الميم، على أنه مضارع «سمع» الثلاثي، والمعنى أنه نفى السمع عنهم، بدلالة قوله تعالى: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (¬1). «يصدون» من قوله تعالى: إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (¬2). قرأ «نافع، وابن عامر، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «يصدون» بضم الصاد، مضارع «صد يصد» بضم العين، نحو: «قتل يقتل». ومعنى «يصدون»: يضحكون فرحا. وقرأ الباقون، بكسر الصاد، مضارع «صد يصد» بكسر العين، نحو «جلس يجلس» (¬3). ¬
«يصدر الرعاء» من قوله تعالى: قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ (¬1). قرأ «أبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر» «يصدر» بفتح الياء، وضم الدال، مضارع «صدر يصدر» نحو: «نصر ينصر» وهو فعل لازم، و «الرعاء» فاعل، والمعنى: حتى يرجع الرعاء بمواشيهم. وقرأ الباقون «يصدر» بضم الياء، وكسر الدال، مضارع «أصدر» الرباعي المعدى بالهمزة، و «الرعاء» فاعل، والمفعول محذوف، والمعنى: حتى يصرف الرعاء مواشيهم عن السقي (¬2). «ان المصدقين والمصدقات» من قوله تعالى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً (¬3). قرأ «ابن كثير، وشعبة» «المصدقين والمصدقات» بتخفيف الصاد فيهما، اسم فاعل من التصديق بالله وكتبه، ورسله ومعناه: ان المؤمنين والمؤمنات، لان الايمان والتصديق، بمعنى واحد. وقرأ الباقون، بتشديد الصاد فيهما، اسم فاعل من «تصدق» والاصل: «المتصدقين والمتصدقات» فأدغمت التاء في الصاد، لقربهما في المخرج، اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، و «الصاد» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا السفلى. كما انهما مشتركان في صفتي: الهمس، والاصمات (¬4). ¬
«فصرهن» من قوله تعالى: قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ (¬1). قرأ «حمزة، وأبو جعفر، ورويس، وخلف العاشر» «فصرهن» بكسر الصاد. وقرأ الباقون بضم الصاد (¬2). وجه الكسر في الصاد انه من «صار يصير» يقال صرت الشيء: أملته، وصرته قطعته. وجه الضم أنه من «صار يصور» على معنى أملهن، او قطعهن، فاذا جعلته بمعنى أملهن: كان التقدير: أملهن اليك فقطعهن، واذا جعلته بمعنى قطعهن، كان التقدير: فخذ أربعة من الطير اليك فقطعهن. اذا فكل من الكسر والضم في الصاد لغة بمعنى الميل والتقطيع. وقيل: الكسر بمعنى: «قطعهن» والضم بمعنى: «أملهن وضمهن» (¬3) جاء في «المفردات»: «الصير» بتشديد الصاد، وسكون الياء: «الشق» وهو المصدر، ومنه قرئ «فصرهن». «وصار الى كذا» انتهى اليه، ومنه «صير الباب» لمصيره الذي ينتهي اليه في تنقله وتحركه قال تعالى: وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (¬4). وصار عبارة عن التنقل من حال الى حال أهـ (¬5). ¬
«وسيصلون» من قوله تعالى: إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (¬1). قرأ «ابن عامر، وشعبة» و «سيصلون» بضم الياء، على أنه مضارع مبني للمجهول من «أصلى» الثلاثي المزيد بالهمزة، والواو نائب فاعل، وهي المفعول الاول، وسعيرا مفعول ثان، ومنه قوله تعالى: سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً (¬2). وقرأ الباقون «وسيصلون» بفتح الياء، على أنه مضارع مبني للفاعل من «صلا» الثلاثي، والواو فاعل، وسعيرا مفعول به، ومنه قوله تعالى: جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (¬3). قال «الراغب»: صلا: أصل الصلى لا يقاد النار، ويقال: صلى بالنار وبكذا أي بلى بها» أهـ (¬4). «ويصلى» من قوله تعالى: وَيَصْلى سَعِيراً (¬5). قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، والكسائي» «ويصلى» بضم الياء، وفتح الصاد، وتشديد اللام، مضارع «صلى» مضعف العين، مبنيا للمفعول، ونائب ضمير تقديره «هو» يعود على الذي أوتي كتابه وراء ظهره، المتقدم في قوله تعالى: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (¬6). و «سعيرا» مفعول ثان «ليصلى» لانه عدى الى مفعولين بسبب التضعيف، الاول نائب فاعل، والثاني «سعيرا». وقرأ الباقون «ويصلى» بفتح الياء، وسكون الصاد، وتخفيف اللام، ¬
مضارع «صلى» مخففا، مبنيا للفاعل، يتعدى الى مفعول واحد، وهو «سعيرا» وفاعل «يصلى» ضمير يعود على الذي أوتى كتابه وراء ظهره (¬1). «فيضاعفه» من قوله تعالى: فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً (¬2). ومن قوله تعالى: فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (¬3). «يضاعف» من قوله تعالى: وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ (¬4). «يضاعفه» من قوله تعالى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ (¬5). «يضاعفها» من قوله تعالى: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها (¬6). «يضاعف» وهو في أربعة مواضع نحو قوله تعالى: يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ (¬7). «ومضاعفة» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً (¬8). قرأ «ابن كثير، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» جميع الالفاظ المتقدمة حيثما وقعت في القرآن الكريم بحذف الالف التي بعد الضاد، وتشديد العين، على أنه مشتق من «ضعف» مشدد العين، للدلالة على التكثير. ¬
وقرأ الباقون باثبات الالف، وتخفيف العين، على أنه مشتق من «ضاعف» (¬1). «يضل» من قوله تعالى: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا (¬2). قرأ «حفص، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يضل» بضم الياء، وفتح الضاد، وهو مضارع مبني للمفعول من «أضل» الرباعي، على معنى أن كبراءهم يحملونهم على تأخير حرمة الشهر الحرام، فيضلونهم بذلك، و «الذين كفروا» نائب فاعل. وقرأ «يعقوب» «يضل» بضم الياء، وكسر الضاد، على البناء للفاعل، وهو مضارع «أضل» أيضا، والفاعل ضمير على «الله تعالى» المتقدم ذكره في قوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً (¬3). و «الذين كفروا» مفعول. وقرأ الباقون «يضل» بفتح الياء، وكسر الضاد، على أنه مضارع «ضل» الثلاثي مبني للفاعل، و «الذين كفروا» فاعل، وأضيف الفعل الى الكفار، لانهم هم الضالون في أنفسهم بذلك تأخير، لانهم يحلون ما حرم الله (¬4). «ليضلون» من قوله تعالى: وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ (¬5). ¬
«ليضلوا» من قوله تعالى: رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ (¬1). قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «ليضلون»، «ليضلوا» بضم الياء، على أنه مضارع من «أضل» الرباعي، والواو فاعل، والمفعول محذوف، والتقدير: ليضلوا غيرهم. وقرأ الباقون الفعلين بفتح الياء، على أنهما مضارع من «ضل» الثلاثي، وهو فعل لازم، والواو فاعل. يقال: ضل فلان، وأضل غيره (¬2). «ليضلوا» من قوله تعالى: وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ (¬3). «ليضل» من قوله تعالى: ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (¬4) ومن قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ (¬5). ومن قوله تعالى: وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ (¬6). قرأ «ابن كثير، وأبو عمرو» «ليضلوا، ليضل» في جميع المواضع المذكورة بفتح الياء، على أنها مضارع «ضل» الثلاثي، وهو فعل لازم، أي ليضلوا هم في أنفسهم. وقرأ «رويس» «ليضلوا، ليضل» في جميع المواضع ما عدا موضع «لقمان» بفتح الياء، وقد سبق توجيه ذلك. ¬
أما موضع «لقمان» فقد قرأه بوجهين: الاول: بفتح الياء، على أنه مضارع «ضل» الثلاثي. والثاني: بفتح الياء، على أنه مضارع «أضل» الرباعي، وهو متعد الى مفعول محذوف، أي ليضلوا غيرهم. وقرأ الباقون «ليضلوا، ليضل» في جميع المواضع، بضم الياء وقد سبق توجيه ذلك (¬1). «يطهرن» من قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ (¬2). قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يطهره» بفتح الطاء والهاء مع التشديد فيهما، على أنه مضارع «تطهر» أي اغتسل، والاصل يتطهرون، فأدغمت التاء في الطاء، لوجود التجانس بينهما، لانهما يخرجان من مخرج واحد وهو: طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا. وقرأ الباقون «يطهرن» بسكون الطاء، وضم الهاء مخففة، على أنه مضارع «طهر» يقال: طهرت المرأة اذا شفيت من الحيض، واغتسلت (¬3). المعنى: نهى الله تعالى الازواج عن مباشرة أزواجهم بالجماع أثناء ¬
الحيض لما فيه من الضرر الشديد والاذى، ويكون ذلك سببا لكثير من الامراض التي أثبتها الطب الحديث، كما بين أنه ينبغي على الزوج أن لا يجامع امرأته الا بعد انقطاع دم الحيض تماما واغتسالها، وهذا ما يستفاد من قوله تعالى: فَإِذا تَطَهَّرْنَ أي اغتسلن بالماء بعد انقطاع الدم فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أي من القبل فقط. يقال: «طهرت المرأة» بضم الهاء «طهرا، وطهارة» ويقال أيضا: «طهرت» بفتح الهاء. ويقال: «طهرته» بتشديد الهاء «فطهر» بضم الهاء «وتطهر» «واطهر» بتشديد الطاء، والهاء، فهو «طاهر، ومتطهر» والطهارة ضربان: الاول: طهارة الجسم، قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (¬1). والثاني: طهارة النفس، قال تعالى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (¬2). وقال «الزبيدى»: «الطهر» بضم الطاء: نقيض النجاسة «كالطهارة» بالفتح. «والطهر» أيضا: نقيض الحيض، والمرأة طاهرة من الحيض، وطاهرة من النجاسة. ويقال: «رجل طاهر، ورجال طاهرون، ونساء طاهرات». وفي «المحكم»: «طهرت» بتثليث الهاء: انقطع دمها، ورأت الطهر، واغتسلت من الحيض وغيره. وقال «ثعلب» ت 291 هـ (¬3): «الفتح أرجح في «طهرت» أهـ (¬4) ¬
«يظاهرون» من قوله تعالى: الذين يظاهرون منكم من نسائهم (¬1). ومن قوله تعالى: والذين يظاهرون من نسائهم (¬2). قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» «يظهرون» في الموضعين، بفتح الياء، وتشديد الظاء، والهاء وفتحها من غير ألف بعد الظاء، على أنه مضارع «تظهر» على وزن «تفعل» بتشديد العين، والاصل «يتظهرون» على وزن «يتفعلون» ثم أدغمت التاء في الظاء، لقربهما في المخرج، اذ «التاء» تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، و «الظاء» تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا، كما أنهما مشتركان في صفة «الاصمات». وقرأ «عاصم» «يظاهرون» في الموضعين، بضم الياء، وتخفيف الظاء، والهاء وكسرها، وألف بعد الظاء، على أنه مضارع «ظاهر» على وزن «فاعل». وقرأ «ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «يظاهرون» في الموضعين، بفتح الياء، وتشديد الظاء، وألف بعدها، مع تخفيف الهاء وفتحها، على أنها مضارع «تظاهر» على وزن «تفاعل» والاصل «يتظاهرون» فأدغمت التاء في الظاء (¬3). «تظاهرون» من قوله تعالى: وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم (¬4). ¬
قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر» «تظهرون» بفتح التاء، وتشديد الظاء، وحذف الالف التي بعدها، وفتح الهاء وتشديدها، وهو مضارع «تظهر» على وزن «تفعل» وأصله «تتظهرون» فأدغمت التاء في الظاء، لقربها في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان، وأصول الثنايا العليا، والظاء تخرج من طرف اللسان، وأطراف الثنايا العليا، كما أنهما مشتركان في صفة «الاصمات». وقرأ «ابن عامر» «تظاهرون» بفتح التاء، وتشديد الظاء، والف بعدها، وفتح الهاء وتخفيفها، وهو مضارع «تظاهر» على وزن «تفاعل» وأصله «تتظاهرون» فأدغمت التاء في الظاء. وقرأ «عاصم» «تظاهرون» بضم التاء، وتخفيف الظاء، وألف بعدها، وكسر الهاء مخففة، وهو مضارع «ظاهر» على وزن «فاعل». وقرأ الباقون «تظاهرون» بفتح التاء، وتخفيف الظاء، وألف بعدها، وفتح الهاء مخففة، وهو مضارع «تظاهر» وأصله «تتظاهرون» فحذفت احدى التاءين تخفيفا (¬1). «معاجزين» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ (¬2). ومن قوله تعالى: وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ (¬3). ومن قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ (¬4). «قرأ ابن كثير، وأبو عمرو» «معجزين» بحذف الالف التي بعد العين، ¬
وتشديد الجيم، على أنه اسم فاعل من «عجزه» اذا ثبطه، والمعنى: مثبطين المؤمنين عن الدخول في الاسلام. وقرأ الباقون «معاجزين» باثبات الالف، وتخفيف الجيم، على أنه اسم فاعل من «عاجزه» اذا سابقه فسبقه، وأصله يستعمل في مسابقة الخيل، لان كل واحد من المتسابقين يحاول سبق غيره، واظهار عجزه عن اللحاق به، ثم استعمل في المتخاصمين لان كل واحد يحاول اعجاز الآخر، وابطال حجته. والمعنى: والذين سعوا في آياتنا معاجزين، أي محاولين ابطال ما نطقت به الآيات من الحجج والبراهين على ثبوت نبوة «محمد» صلى الله عليه وسلم، أولئك أصحاب الجحيم (¬1). «المعذرون» من قوله تعالى: وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ (¬2). قرأ «يعقوب» «المعذرون» بسكون العين، وكسر الذال مخففة، على أنه اسم فاعل من «أعذر» الرباعي. وقرأ الباقون «المعذرون» بفتح العين، وكسر الذال مشددة، وهذه القراءة توجيهها يحتمل أمرين: الاول: أن يكون اسم فاعل من «عذر» مضعف العين. والثاني: أن يكون اسم فاعل من «اعتذر» فأدغمت التاء في الذال لوجود التقارب بينهما في المخرج، اذ التاء تخرج من طرف اللسان مع ما يليه من أصول الثنايا العليا. والذال تخرج من طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا. ¬
كما أنهما مشتركان في الصفات الآتية: الشدة، والاستفال، والانفتاح، والاصمات (¬1). «يعرشون» من قول الله تعالى: وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ (¬2). وقوله تعالى: وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (¬3). قرأ «شعبة، وابن عامر» «يعرشون» في الموضعين بضم الراء، نحو «نصر ينصر» (¬4). وقرأ الباقون «يعرشون» بكسر الراء، نحو: «ضرب يضرب» (¬5). وهما لغتان، يقال: «عرش يعرش» بكسر العين وضمها بمعنى «بنى». ونحن اذا ما نظرنا الى هاتين القراءتين وجدناهما ترجعان الى أصل الاشتقاق، حيث ان القراءة الاولى من «عرش يعرش» بفتح العين في الماضي، وضمها في المضارع نحو: «نصر ينصر» والقراءة الثانية من «عرش يعرش» بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع نحو: «ضرب يضرب». «العرش» في الاصل: شيء مسقف، وجمعه «عروش» قال تعالى: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها (¬6). ¬
ومنه قيل: عرشت الكرم، وعرشته: اذا جعلت له كهيئة سقف. ومنه قوله تعالى: وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ (¬1). قال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210 هـ: «يبنون» أهـ (¬2). وجاء في المصباح: «العرش»: السرير، و «عرش» البيت: سقفه، و «العرش» أيضا: شبه بيت من جريد يجعل فوقه «الثمام» (¬3) والجمع «عروش» مثل: «فلس، وفلوس» والعريش» مثله، وجمعه «عرش» بضمتين، نحو «بريد، وبرد». وكان «ابن عمر» رضي الله عنه يقطع التلبية اذا رأى «عروش مكة» يعني «البيوت». «وعريش» الكرم: ما يعمل مرتفعا يمتد عليه الكرم، والجمع «عرائش». و «عرشته» بالتثقيل: «عملت له عريشا». و «العريشة» بالهاء: «الهودج» والجمع «عرائش» أيضا أهـ (¬4). «فعززنا» من قوله تعالى: فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (¬5). قرأ «شعبة» «فعززنا» بتخفيف الزاي الاولى، من «عز» بمعنى: غلب، ومنه قوله تعالى: وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ أي غلبني في الخطاب. وهو متعد، ومفعوله محذوف، وهو المرسل اليهم، تقديره: فعززناهم بثالث، أي فغلبنا أهل القرية بثالث. ¬
وقرأ الباقون «فعززنا» بتشديد الزاي، من «عزز» بمعنى: القوة، أي فقويناهم بثالث، والمفعول أيضا محذوف، يعود على الرسولين، أي فقوينا المرسلين برسول ثالث (¬1). المعنى: كان أهل «أنطاكية» (¬2) أيام نبي الله «عيسى» عليه السلام يعبدون الاصنام ممن دون الله، فأرسل اليهم «عيسى» اثنين من الحواريين يبلغانهم شريعته، فطلب الرسولان من أهل أنطاكية عبادة الله، وترك عبادة الاصنام، فكذبوهما، فقواهما الله وشد أزرهما برسول ثالث، وهو «شمعون» رئيس الحواريين، فقالوا لهم انا اليكم مرسلون من قبل الله الواحد القهار. «تعلمون» من قوله تعالى: وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ (¬3). قرأ «ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «تعلمون» بضم التاء، وفتح العين، وكسر اللام مشددة، على أنه مضارع «علم» مضعف العين، فينصب مفعولين أولهما محذوف تقديره: «الناس» وثانيهما «الكتاب». وقرأ الباقون «تعلمون» بفتح التاء، واسكان العين، وفتح اللام مخففة، على أنه مضارع «علم» نحو «فهم» مخفف العين، وهو ينصب مفعولا واحدا، وهو «الكتاب» (¬4). ¬
«يغشي» من قوله تعالى: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً (¬1). ومن قوله تعالى: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (¬2). قرأ «شعبة، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «يغشي» بفتح الغين، وتشديد الشين، على أنه مضارع «غشى» مضعف العين. وقرأ الباقون «يغشي» باسكان الغين وتخفيف الشين، على أنه مضارع «أغشى» المزيد بالهمزة (¬3). «والغشاء»: «الغطاء» وزنا ومعنى، وهو مشتق من «غشيت الشيء» بالتثقيل، اذا غطيته. «والغشاوة» بالكسر: «الغطاء» أيضا «وغشى» الليل، من باب «تعب» و «أغشى» بالالف: أظلم (¬4). «فتحنا» من قوله تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ (¬5). ومن قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ (¬6). ¬
ومن قوله تعالى: فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (¬1). قرأ «ابن عامر وابن وردان» «فتحنا» في السور الثلاث بتشديد التاء، نحو «كرم» مضعف الثلاثي. وقرأ «ابن جماز» بالتشديد في موضع «القمر» وبالتشديد والتخفيف في موضعي: «الانعام، والاعراف». وقرأ «روح» بالتشديد في موضع «القمر» وبالتخفيف في موضعي «الانعام، والاعراف». وقرأ «رويس» بالتشديد، والتخفيف في السور الثلاث وقرأ الباقون بالتخفيف في السور الثلاث (¬2). والتخفيف، والتشديد لغتان، الا أن التشديد للدلالة على التكثير. تنبيه: اتفق القراء العشر على القراءة بالتخفيف في لفظ «فتحنا» في غير المواضع المتقدمة، وقد وقع ذلك في قوله تعالى: وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (¬3). وفي قوله تعالى: حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (¬4). ¬
وفي قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (¬1). وذلك لوقوع المفرد بعدها، والتشديد يقتضي التكثير. ولأن القراءة سنة متبعة، ومبنية على التوقيف. «الفتح» ازالة الاغلاق، والاشكال. وذلك ضربان. أحدهما: يدرك بالبصر، كفتح الباب، ونحوه، وكفتح القفل (¬2). قال تعالى: وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ (¬3). والثاني: يدرك بالبصيرة، كفتح الهم، وهو ازالة الغم. وذلك ضروب: الاول: في الامور الدنيوية كغم يفرج، وفقر يزال باعطاء المال ونحوه، قال تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ (¬4). والثاني: فتح المستغلق من العلوم، نحو قولك: فلا فتح من العلم بابا مغلقا (¬5). «لا تفتح» من قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ (¬6). قرأ «أبو عمرو» «لا تفتح» بتاء التأنيث، وسكون الفاء، وفتح التاء مخففة، على أنه مضارع «فتح» الثلاثي مبني للمجهول «وأبواب» نائب فاعل. وأنث الفعل لتأنيث نائب الفاعل. ¬
وقرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «لا يفتح» بياء التذكير، وسكون الفاء، وفتح التاء مخففة، على أنه مضارع «فتح» الثلاثى مبني للمجهول، «وأبواب» نائب فاعل، وذكر الفعل لا تأنيث «أبواب» غير حقيقي، وللفصل بين الفعل ونائب الفاعل بالجار والمجرور. وقرأ الباقون «لا تفتح» بتاء التأنيث، وفتح الفاء، وتشديد التاء، على أنه مضارع «فتح» مضعف عين الكلمة، على معنى التكرير، والتكثير مرة بعد مرة (¬1). «فتحت» من قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها (¬2). ومن قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها (¬3). ومن قوله تعالى: وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (¬4). قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «فتحت» في المواضع الثلاث، بتخفيف التاء، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «فتح» الثلاثي، و «أبوابها» و «السماء» نائب فاعل. وقرأ الباقون «فتحت» بتشديد التاء، على أنه فعل ماض مبني للمجهول من «فتح» مضعف العين، والتشديد فيه معنى التكثير، والتكرير (¬5). ¬
«تفجر» من قوله تعالى: وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (¬1). قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، وخلف العاشر» «تفجر» بفتح التاء، وسكون الفاء، وضم الجيم مخففة، على أنه مضارع «فجر» الثلاثي. وقرأ الباقون «تفجر» بضم التاء، وفتح الفاء، وكسر الجيم مشددة، على أنه مضارع «فجر» مضعف العين، وذلك أنهم سألوا النبي عليه الصلاة والسلام كثرة «التفجير» فشددت العين ليدل التشديد على طلب تكرير الفعل (¬2). تنبيه: «فتفجر» من قوله تعالى: فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (¬3). اتفق القراء العشرة على قراءته بالتشديد، من أجل قوله تعالى، «تفجيرا». «تفادوهم» من قوله تعالى: وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ (¬4). قرأ «نافع، وعاصم، والكسائي، وأبو جعفر، ويعقوب» تفادوهم» بضم التاء، وفتح الفاء، وألف بعدها، من «فادى» وهذه القراءة تحتمل أحد معنيين: الاول: أن تكون المفاعلة على بابها، اذ الاصل فيها أن تكون بين ¬
فريقين يدفع كل فريق من عنده من الاسرى للفريق الآخر، سواء كان العدد مماثلا، أو غير مماثل حسب الاتفاق الذي يتم بين الفريقين. والثاني: أن تكون المفاعلة ليست على بابها مثل قول «ابن عباس» رضي الله عنه: «فاديت نفس» وحينئذ تتحد هذه القراءة في المعنى مع القراءة الآتية. وقرأ الباقون «تفدوهم» بفتح التاء، واسكان الفاء، وحذف الالف بعدها، من «فدى» فالفعل من جانب واحد، اذ لا يكون كل واحد من الفريقين غالبا، وحينئذ فأحد الفريقين يفدي أصحابه من الفريق الآخر بمال أو غيره (¬1). «الفدى، والفداء»: حفظ الانسان عن النائبة بما يبذله عنه، قال تعالى: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (¬2). ويقال: «فديته بمال»، وفديته بنفسي»، «فاديته بكذا»، قال تعالى: وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ (¬3). ويقال: «تفادى فلان من فلان»: أي تحامى من شيء بذله. ويقال: «افتدى» اذا بذل عن نفسه، قال تعالى: فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ (¬4). ¬
«والمفاداة»: هو أن يرد «أسرى» العدو، ويسترجع منهم من في أيديهم (¬1). ويقال: «فداه بنفسه» «يفديه فداء» ككساء، «وفدى» بالكسر مقصور، ويفتح. وقال «الفراء» ت 207 هـ: (¬2). «اذ فتحوا الفاء قصروا فقالوا «فدى لك، واذا كسروا الفاء مدوا، قال «متمم بن نويرة»: فداء لممساك ابن أمي وخالتي ... وأمي وما فوق الشراكين من نعلي وربما كسروا الفاء وقصروا فقالوا: «هم فدى لك» أهـ (¬3). وقال «علي بن سليمان الاخفش الصغير» ت 315 هـ: (¬4). «لا يقصر «الفداء» بكسر الفاء الا للضرورة، وانما المقصود هو المفتوح الفاء» أهـ (¬5). «مفرطون» من قوله تعالى: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (¬6). قرأ «نافع» «مفرطون» بكسر الراء مخففة، على أنها اسم فاعل من ¬
«أفرط» اذا جاوز الحد، يقال: كانوا مفرطين على أنفسهم في الذنوب. وقال «مكي بن أبي طالب» ت 437: «مفرطون» بكسر الراء، اسم فاعل من «أفرط» اذا أعجل، فمعناه: وأنهم معجلون الى النار، أي: سابقون اليها. وقيل معناه: وأنهم ذوو إفراط الى النار أي: ذوو عجل اليها. حكى «أبو زيد الانصارى» ت 215 هـ: فرط الرجل أصحابه يفرطهم: اذا سبقهم، والفارط: المتقدم الى الماء وغيره» أهـ (¬1). وقرأ «أبو جعفر» «مفرطون» بكسر الراء مشددة، على أنها اسم فاعل من «فرط» مضعف العين، بمعنى: قصرت، وضيعت، ومنه قوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ (¬2). وقرأ الباقون «مفرطون» بفتح الراء مخففة، اسم مفعول من «أفرط» الرباعي. قال «الفراء»، يحيى بن زياد أبو زكريا ت 207 هـ: معناه: منسيون في النار. وقيل: منسيون، مضيعون، متركون، قال: والعرب تقول: أفرطت منهم ناسا، أي: خلقتهم ونسيتهم» أهـ (¬3). ¬
«يتفطرن» من قوله تعالى: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ (¬1). ومن قوله تعالى: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ (¬2). قرأ «نافع، وابن كثير، وحفص، والكسائي، وأبو جعفر» «يتفطرن» في الموضعين، بتاء فوقية مفتوحة بعد الياء مع فتح الطاء وتشديدها، على أنه مضارع «تفطر» بمعنى تشقق، مطاوع «فطره» بالتشديد: اذا شقه مرة بعد أخرى. وقرأ «أبو عمرو، وشعبة، ويعقوب» «ينفطرن» في الموضعين، بنون ساكنة بعد الياء مع كسر الطاء مخففة، على أنه مضارع «انفطر» بمعنى انشق، مطاوع «فطره» بالتخفيف اذا شقه. وقرأ «ابن عامر، وحمزة، وخلف العاشر» موضع «مريم» «ينفطرن» مثل قراءة «أبي عمرو، ومن معه» وموضع «الشورى» «يتفطرون» مثل قراءة نافع، ومن معه (¬3). «يفقهون» من قوله تعالى: وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (¬4). قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «يفقهون» على أن الفعل رباعي من «أفقه» غيره، أي: أفهمه ما يقوله، وهو متعد لمفعولين: المفعول الثاني: قولا، والمفعول الاول محذوف، تقديره «أحدا» والمعنى: لا يكادون يفهمون السامع كلامهم. ¬
وقرأ الباقون «يفقهون» بفتح الياء، والقاف، على أن الفعل ثلاثي من «فقه» وهو يتعدى لمفعول واحد، وهو «قولا» والمعنى: لا يكادون يفهمون كلام غيرهم لجهلهم بلسان من يخاطبهم، وقلة فطنتهم (¬1). «ولم يقتروا» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا (¬2). قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «يقتروا» بضم الياء، وكسر التاء، مضارع «أقتر» الرباعي، مثل: «أكرم يكرم» قال تعالى: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ (¬3). والمقتر اسم فاعل من «أقتر» وقرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» بفتح الياء وضم التاء، مضارع «قتر» الثلاثي، مثل: «قتل يقتل». وقرأ «ابن كثير، وأبو عمرو، ويعقوب» بفتح الياء، وكسر التاء، مضارع «قتر» أيضا، مثل: «ضرب يضرب» (¬4). ¬
«تقاتلوهم، يقاتلوكم، قاتلوكم» من قوله تعالى: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (¬1). قرأ «حمزة، والكسائي، وخلف العاشر» ولا تقاتلوهم، يقاتلوكم، قاتلوكم» بفتح تاء الفعل الاول، وياء الثاني، واسكان القاف فيهما، وضم التاء بعدها، وحذف الالف التي بعد القاف في الكلمات الثلاث، من «القتل». وقرأ الباقون باثبات الالف في الكلمات الثلاث مع ضم تاء الفعل الاول وياء الثاني، وفتح القاف فيهما مع كسر تاءيهما، من «القتال» (¬2). «ويقتلون» من قوله تعالى: وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ (¬3). قرأ «حمزة» «ويقتلون» الذي بعده: «الذين يأمرون بالقسط» الخ. وقرأ «ويقاتلون» بضم الياء، وفتح القاف، وألف بعدها، وكسر التاء من «قاتل» والمفاعلة من الجانبين، لانه وقع قتال بين الطرفين: الكفار، والذين يأمرون بالقسط من الناس. وقرأ الباقون «ويقتلون» بفتح الياء، واسكان القاف، وحذف الالف، على أنه مضارع من «قتل» (¬4). وذلك عطفا على قوله تعالى أول الآية: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ. ¬
فقد أخبر الله عن الكفار بقتلهم للأنبياء بغير حق فقتل من دونهم أسهل عليهم، ومن تجرأ على قتل «نبي» فهو على قتل من هو دون النبي من المؤمنين أجرأ، فحمل آخر الكلام على أوله في الاخبار عن الكفار بالقتل. تنبيه: «ويقتلون» من قوله تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ (¬1). اتفق القراء العشرة على قراءته «ويقتلون» بفتح الياء، واسكان القاف، وحذف الالف على أنه مضارع من «قتل» ولم يرد فيه الخلاف الذي في «ويقتلون الذين يأمرون بالقسط» لان القراءة سنة متبعة، ومبنية على التلقي والتوقيف. قال «الزبيدي» «قتله قتلا، وتقتالا، نقلهما الجوهري وقال «سيبويه»: «والتقتال: القتل، وهو بناء موضوع للتكثير» أماته بضرب، أو حجر، أو سم، فهو قاتل، وذلك مقتولا» أهـ (¬2). «قتلوا» من قوله تعالى: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً (¬3). ومن قوله تعالى: فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا (¬4). ومن قوله تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ (¬5). ¬
ومن قوله تعالى: وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا (¬1). قرأ «ابن عامر» «قتلوا» في المواضع الاربع بتشديد التاء، على أن الفعل مضارع مبني للمجهول من «قتل» مضعف العين، والواو نائب فاعل، وذلك لارادة التكثير في القتل. وقرأ «ابن كثير» بتشديد التاء في الموضع الاخير من آل عمران رقم/ 195 وكذا موضع الانعام رقم/ 140. أما موضع آل عمران رقم/ 169، وكذا موضع الحج رقم/ 58. فقد قرأهما بتخفيف التاء، على أنه مضارع مبني للمجهول من «قتل» الثلاثي مثل «نصر» وذلك جمعا بين اللغتين. وقرأ الباقون بتخفيف التاء في المواضع الاربع (¬2). تنبيه: «قتلوا» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ (¬3). اتفق القراء العشرة على قراءته بالبناء للمجهول مع تخفيف التاء. «وقتلوا» من قوله تعالى: أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (¬4). اتفق القراء العشرة على قراءته بالبناء للمجهول مع تشديد التاء. ¬
وهذا ان دل على شيء فانما يدل على أن القراءة سنة متبعة ومبنية على التوقيف. «ما قتلوا» من قوله تعالى: الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا (¬1). قرأ «هشام» بخلف عنه «ما قتلوا» بتشديد التاء، على أنه مضارع مبني للمجهول من «قتل» مضعف العين، والواو نائب فاعل، وذلك لارادة التكثير في القتل. وقرأ الباقون «ما قتلوا» بتخفيف التاء، وهو الوجه الثاني لهشام، على أنه مضارع مبني للمجهول من «قتل» الثلاثي مثل «نصر» والواو نائب فاعل (¬2). تنبيه: «وما قتلوا» من قوله تعالى: وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا (¬3). اتفق القراء العشرة على قراءته بتخفيف التاء مع البناء للمجهول. وذلك اما لمناسبة «ما ماتوا» أو لان القتل في هذا الموضع ليس مختصا بسبيل الله بدليل «اذا ضربوا في الارض» لان المقصود به السفر في التجارة وقد روي عن «ابن عامر» أنه قال: «ما كان من القتل في سبيل الله فهو بالتشديد» أي يجوز فيه التشديد. ¬
«سنقتل» من قوله تعالى: قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ (¬1). قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو جعفر» «سنقتل» بفتح النون واسكان القاف، وضم التاء مخففة، على أنه مضارع «قتل يقتل» نحو: «نصر ينصر» وذلك على أصل الفعل الذي يدل على القلة، والكثرة. وقرأ الباقون «سنقتل» بضم النون، وفتح القاف، وكسر التاء مشددة، على أنه مضارع «قتل» مضعف العين، الذي يدل على معنى التكثير مرة بعد مرة (¬2). «يقتلون» من قوله تعالى: يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ (¬3). قرأ «نافع» «يقتلون» بفتح الياء، وسكون القاف، وكسر التاء مشددة، على أنه مضارع «قتل يقتل» نحو: «نصر ينصر» على الاصل، فهو يدل على القلة، والكثرة. وقرأ الباقون «يقتلون» بضم الياء، وفتح القاف، وكسر التاء مشددة، على أنه مضارع «قتل» مضعف العين للمبالغة، اذ فيه معنى التكثير، قتل بعد قتل (¬4). ¬
يقال: «قتلته قتلا»: أزهقت روحه، فهو «قتيل» والمرأة «قتيل» أيضا، اذا كان وصفا، فاذا حذف الموصوف جعل اسما ودخلت الهاء، نحو: رأيت «قتيلة» بني فلان، والجمع فيهما «قتلى». والقتلة: بكسر القاف: الهيئة، يقال: قتله قتلة سوء والقتلة بفتح القاف: المرة. ويقال قاتله مقاتلة، وقتالا، فهو «مقاتل» بالكسر اسم فاعل، والجمع «مقاتلون» و «مقاتلة» وبالفتح اسم مفعول. و «المقاتلة» الذين يأخذون في القتال بفتح التاء، وكسرها لان الفعل واقع من كل واحد وعليه، فهو فاعل ومفعول في حالة واحدة. وعبارة «سيبويه» في هذا الباب: «باب الفاعلين والمفعولين اللذين يفعل كل واحد بصاحبه ما يفعله صاحبه به» (¬1). وأما الذين يصلحون للقتال ولم يشرعوا في القتال فبالكسر لا غير، لان الفعل لم يقع عليهم، فلم يكونوا مفعولين، فلم يجز الفتح. والمقتل: بفتح الميم، والتاء: الموضع الذي اذا أصيب لا يكاد صاحبه يسلم «كالصدغ» بضم الصاد، وسكون الدال (¬2). «فقدرنا» من قوله تعالى: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (¬3). قرأ «نافع، والكسائي، وأبو جعفر» «فقدرنا» بتشديد الدال، فعل ماض، من «التقدير»، كأنه مرة بعد مرة. ¬
وقد أجمعوا على التشديد في قوله تعالى: مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (¬1). وقرأ الباقون «فقدرنا» بتخفيف الدال، فعل ماض من «القدرة» (¬2). وقال الكسائي، والفراء»: «هما لغتان بمعنى، تقول قدرت كذا، وقدرته» أهـ (¬3). «قدر» من قوله تعالى: وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى (¬4). قرأ «الكسائي» «قدر» بتخفيف الدال، على أنه فعل ماض من «القدرة» على ايجاد جميع المخلوقات من العدم، وعلى غير مثال سبق، الى غير ذلك مما يدل عليه لفظ «القدرة»، فهو الفعال لما يريد، ولا يسأل عما يفعل. وقرأ الباقون «قدر» بتشديد الدال، على أنه فعل ماض من «التقدير». والمعنى: قدر اجناس الاشياء، وأنواعها، وصفاتها، وأفعالها، وأقوالها، وآجالها، فهدى كل واحد منها الى ما يصدر عنه وينبغي له، ويسره لما خلق له، والهمة الى أمور دينه ودنياه (¬5). ¬
«لا تقدموا» من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (¬1). قرأ «يعقوب» «لا تقدموا» بفتح التاء، والدال، وذلك على حذف احدى التاءين، لان الاصل «تتقدموا» ومضارع «تقدم». وقرأ الباقون بضم التاء، وكسر الدال، مضارع «قدم» مضعف العين ومعنى الآية: لا تقطعوا أمرا دون الله ورسوله، ولا تتعجلوا به (¬2). «وقرن» من قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ (¬3). قرأ «نافع، وعاصم، وأبو جعفر» «وقرن» بفتح القاف، على أنه فعل أمر من «قررن» بكسر الراء الاولى «يقررن» بفتحها، والامر منه «اقررن» حذفت منه الراء الثانية تخفيفا، ثم نقلت فتحة الراء الى القاف. ثم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بفتحة القاف، فصار الفعل «قرن» على وزن «فعل» بحذف لام الكلمة. وقرأ الباقون «وقرن» بكسر القاف، على أنه فعل أمر مشتق من القرار وهو السكون، يقال: «قر في المكان يقر» على وزن «فعل يفعل» مثل: «جلس يجلس» والامر منه «أقررن» بكسر الراء الاولى، وسكون الثانية، ثم حذفت الراء الثانية تخفيفا، ثم نقلت كسرة الراء الى القاف، ثم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بكسرة القاف، فصار الفعل «قرن» على وزن «فعن» بحذف لام الكلمة (¬4). ¬
«وتقطعوا» من قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (¬1). قرأ «يعقوب» «وتقطعوا» بفتح التاء، وسكون القاف، وفتح الطاء مخففة، مضارع «قطع» الثلاثي، من «القطع». يقال: قطعت الصديق «قطيعة»: هجرته، و «قطعته عن حقه»: منعته. قرأ الباقون «وتقطعوا» بضم التاء، وفتح القاف، وكسر الطاء مشددة، مضارع «قطع» مضعف العين، من «التقطيع» والتضعيف للتكثير (¬2). «تقول» من قوله تعالى: أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (¬3). قرأ «يعقوب» تقول» بفتح القاف، وتشديد الواو، مضارع «تقول» على وزن «تفعل» مضعف العين، والاصل «فتقول» فحذفت احدى التاءين تخفيفا، وهو مشتق من «التقول» وهو «الكذب»، فيكون «كذبا» مفعولا به «لتقول» وقرأ الباقون «تقول» بضم القاف، واسكان الواو، مضارع «قال» من «القول» وعلى هذه القراءة يكون «كذبا» مصدرا مؤكدا «لتقول» لان الكذب نوع من القول، أو صفة لمصدر محذوف، أي قولا كذبا (¬4). ¬
«مقاما» من قوله تعالى: أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً (¬1). قرأ «ابن كثير» «مقاما» بضم الميم الاولى، على أنه مصدر ميمي، أو اسم مكان من «أقام» الرباعي، أي خير اقامة، أو مكان اقامة. وقرأ الباقون «مقاما» بفتح الميم، على أنه مصدر ميمي، أو اسم مكان من «قام» الثلاثى، أي خير قياما أو مكان قيام (¬2). المعنى: كان فقراء الصحابة في خشونة عيش، ورثاثة ملبس، وكان الكفار في سعة عيش، وفاخر ملبس، فقال كبيرهم وهو «النضر بن الحارث»: أي الفريقين له المنزل البهيج، والمسكن الانيق، والمجلس الحسن؟ أنحن أم أنتم يا أتباع «محمد»؟ إن الله لا شك يحبنا أكثر منكم، لأنه أكرمنا، وأنعم علينا بطيبات الحياة الدنيا، وزينتها، اذا فنحن عند الله خير منكم، فنزلت هذه الآية: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا. «لا مقام» من قوله تعالى: وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ (¬3). قرأ «حفص» «لا مقام» بضم الميم الاولى، على أنها اسم مكان من «أقام» الرباعي، أي لا مكان اقامة لكم، أو مصدر من «أقام» الرباعي أيضا، والمعنى: لا اقامة لكم. وقرأ الباقون «لا مقام» بفتح الميم، على أنها اسم مكان من «قام» ¬
أي لا مكان قيام لكم، أو مصدر من «قام» الثلاثي أيضا، والمعنى: لا قيام لكم (¬1). المعنى: يقول الله تعالى: «اذكروا ايها المؤمنون ما حدث في غزوة الاحزاب: اذ قالت طائفة من المنافقين لاهل المدينة المقاتلين: يا أهل يثرب لا جدوى من اقامتكم بظاهر المدينة على الذل والهوان، معرضين أنفسكم للقتل والاسر على أيدي كفار مكة، فارجعوا الى منازلكم، فان ذلك أسلم لكم. «مقام أمين» من قوله تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ (¬2). قرأ «نافع، وابن عامر، وأبو جعفر» «مقام» بضم الميم الاولى، على أنه اسم مكان من «أقام» أو مصدر ميمي على حذف مضاف والتقدير في موضع اقامة وقرأ الباقون «مقام» بفتح الميم على أنه اسم مكان من «قام» كأنه اسم للمجلس، كما قال تعالى: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ (¬3). ووصفه بالامن يدل على أنه اسم مكان. تنبيه: اتفق القراء العشرة على قراءة الحرف الأول من هذه السورة، وهو قوله تعالى: وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (¬4). بفتح الميم، لان المراد به المكان، ولذلك قيد الناظم موضع الخلاف بالثاني، فقال: دخان الثان عم (¬5). ¬
«كبيرا» من قوله تعالى: وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (¬1). قرأ «عاصم، وهشام» بخلف عنه «كبيرا» بالباء الموحدة، من «الكبر» أي أشد اللعن، أو أعظمه، ولما كان «الكبر» مثل «العظم» في المعنى، وكان كل شيء كبيرا عظيما دل العظم على الكثرة، وعلى الكبر، من هذا يتبين ان القراءة بالباء تضمنت المعنيين جميعا: الكبر، والكثرة. وقرأ الباقون «كثيرا» بالثاء المثلثة، من الكثرة، على معنى أنهم يلعنون مرة بعد مرة، بدلالة قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (¬2). «يكذبون» من قوله تعالى: وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (¬3). قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو جعفر، ويعقوب» يكذبون» بضم الياء، وفتح الكاف، وكسر الذال مشددة، على أنه مضارع «كذب» المضعف، من التكذيب لله، ورسوله، وقد عدى بالتضعيف، والمفعول محذوف تقديره «يكذبونه». وقرأ الباقون «بفتح الياء، وسكون الكاف، وكسر الذال مخففة، على أنه مضارع «كذب» اللازم، وهو من الكذب الذي اتصفوا به كما أخبر الله عنهم (¬4). ¬
قال «الزبيدي» (¬1) في مادة «كذب»: يقال «كذب، يكذب» من باب «ضرب يضرب» «كذبا» ككتف. يقول «الزبيدي»: قال شيخنا: وهو غريب في المصادر، حتى قالوا: انه لم يأت مصدر على هذا الوزن الا ألفاظا قليلة حصرها «القزاز» في جامعه في أحد عشر حرفا لا تزيد عليها، فذكر «اللعب»، «والضحك» «والكذب» وغيره وأما الاسماء التي ليست بمصادر فتأتي على هذا الوزن كثيرة أهـ (¬2). يقال: «كذب، كذابا» مثل: «كتب كتابا» قال «الكسائي»: أهل اليمن يجعلون المصدر من «فعل» - مخفف العين- «فعالا» أهـ وفي «الصحاح»: وقوله تعالى: وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (¬3). هو أحد مصادر المشدد، لان مصدره قد يجيء على «تفعيل» كالتكليم، وعلى «فعال» بتشديد العين- مثل «كذاب» وعلى «تفعلة» مثل «توصية» وعلى «مفعل» مثل: «ومزقناهم كل ممزق» أهـ (¬4). «لا يكذبونك» من قوله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ (¬5). قرأ «نافع، والكسائي» «لا يكذبونك» بضم الياء، واسكان الكاف، ¬
وتخفيف الذال، على أنه مضارع «أكذب» على وزن «أفعل» على معنى: لا يجدونك كاذبا لانهم يعرفونك بالصدق، فهو من باب «أحمدت الرجل» وجدته محمودا. حكى «الكسائي» عن العرب «أكذبت الرجل» اذا أخبرت أنه جاء بكذب. وحكى «قطرب»: «أكذبت الرجل» دللت على كذبه. وقيل معنى ذلك: أنهم لا يجعلونك كذابا اذ لم يجربوا عليك ذلك. وقرأ الباقون «لا يكذبونك» بضم الياء، وفتح الكاف، وتشديد الذال، على أنه مضارع «كذب» مضعف الثلاثي، على معنى: أنهم لا ينسبونك الى الكذب، كما يقال: «فسقته وخطأته» أي نسبته الى الفسق والى الكذب. اذ فيكون المعنى: أنهم لا يقدرون أن ينسبوك الى الكذب فيما جئت به (¬1). «ولا كذابا» من قوله تعالى: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (¬2). قرأ «الكسائي» «ولا كذابا» بتخفيف الذال، على وزن «فعال» مثل «كتاب» على أنه مصدر «كذب كذابا» مخفف العين، نحو: «كتب كتابا». وقرأ الباقون «ولا كذابا» بتشديد الذال، على وزن «فعال» على أنه مصدر «كذب كذابا» مضعف العين (¬3). ¬
تنبيه: «ولا كذابا» الذي فيه الخلاف هو الموضع الثاني في هذه السورة وهو المسبوق «بلا». أما الموضع الاول غير المسبوق بلا، وهو قوله تعالى: وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (¬1). فقد اتفق القراء على قراءته بتشديد الذال لوجود فعله معه. «وكفلها» من قوله تعالى: فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا (¬2). قرأ «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف العاشر» «وكفلها» بتشديد الفاء، على أنه فعل ماض من «كفل» مضعف الفاء، وفاعل «كفل» ضمير يعود على «ربها» والهاء مفعول ثان مقدم، و «زكريا» مفعول أول مؤخر، والتقدير: جعل الله زكريا عليه السلام كافلا مريم، أي ضامنا مصالحها. وقرأ الباقون «وكفلها» بتخفيف الفاء، والفاعل «زكريا» عليه السلام، والهاء مفعول به، أي كفل زكريا يا مريم (¬3). قال «الراغب»: في مادة «كفل» الكفالة الضمان، تقول تكفلت بكذا وكفلته فلانا، وقرئ «وكفلها زكريا» بتشديد الفاء، أي كفلها الله تعالى، ومن خفف- أي الفاء- جعل الفعل زكريا، والمعنى تضمنها» أهـ (¬4). وقال «الزبيدي» في مادة «كفل»: «والكافل»: العائل، يكفل انسانا، أي يعوله، ومنه قوله تعالى: وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا- بتخفيف الفاء- ¬
وهي قراءة غير الكوفيين، والمعنى: ضمن القيام بأمرها، و «كفله» - بتشديد الفاء- تكفيلا، وبه قرأ «الكوفيون» الآية، أي كفل الله زكريا اياها، أي ضمنها حتى تكفل بحضانتها» أهـ (¬1). «ولتكملوا» من قوله تعالى: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ (¬2). قرأ «شعبة، ويعقوب» «ولتكملوا» بفتح الكاف وتشديد الميم، على أنه مضارع «كمل» مضعف العين. وقرأ الباقون «ولتكملوا» باسكان الكاف، وتخفيف الميم، على أنه مضارع «أكمل» المزيد بالهمزة (¬3). وكمال الشيء: «حصول ما فيه الغرض منه» (¬4). قال «الزبيدي»: «كمل» فيه ثلاث لغات: فتح العين، وضمها، وكسرها. وقال «الجوهري»: «الكسر» أردؤها. أهـ (¬5). «لا يلتكم» من قوله تعالى: وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً (¬6). قرأ «أبو عمرو، ويعقوب» «لا يألتكم» بهمزة ساكنة بعد الياء، وقبل ¬
اللام، مضارع «ألته» بفتح العين «يألته» بكسرها، مثل: «صدف يصدف» وهي لغة «غطفان». ومنه قوله تعالى: وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ (¬1). وقرأ الباقون «لا يلتكم» بكسر اللام من غير همزة، مضارع «لاته يليته» مثل «باع يبيع» و «كال يكيل» وهي لغة «أهل الحجاز». والمعنى: لا ينقصكم من أعمالكم شيئا (¬2). «يلحدون» من قوله تعالى: وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ (¬3). ومن قوله تعالى: لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ (¬4). ومن قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا (¬5). قرأ «حمزة» «يلحدون» في السور الثلاث، بفتح الياء، والحاء، على أنه مضارع «لحد» الثلاثي. وقرأ «الكسائي، وخلف العاشر» موضع النحل بفتح الياء، والحاء، وقد سبق توجيهه. وقرأ موضعي «الاعراف، وفصلت» بضم الياء، وكسر الحاء، على أنه مضارع «الحد» الرباعي. ¬
وقرأ الباقون في السور الثلاث بضم الياء، وكسر الحاء. ولحد، وألحد لغتان بمعنى واحد وهو: العدول عن الاستقامة، ومنه قيل: «اللحد»، لانه اذا حفر يمال به الى جانب القبر (¬1). يقال: «اللحد» بفتح اللام: الشق في جانب القبر، والجمع «لحود» مثل: «فلس وفلوس». و «اللحد» بضم اللام لغة، وجمعه «الحاد» مثل: «قفل وأقفال». و «لحدت» اللحد «لحدا» من باب «نفع ينفع نفعا». و «ألحدته» «إلحادا»: حفرته. و «لحدت» الميت و «ألحدته»: جعلته في «اللحد». و «لحد» الرجل في الدين «لحدا» و «ألحد» «إلحادا»: طعن. وقال «أبو عبيدة معمر بن المثنى» ت 210 هـ: «ألحد» «إلحادا»: جادل، ومارى، و «لحد»: جار وظلم، و «الحد» في الحرم بالالف: استحل حرمته وانهكها. و «الملتحد» بفتح الحاء: اسم الموضع وهو الملجأ. أهـ (¬2). «تلقف» من قوله تعالى: فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (¬3). ومن قوله تعالى: وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا (¬4). ¬
ومن قوله تعالى: فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (¬1) قرأ «البزي» بخلف عنه «تلقف» بتشديد التاء حالة وصل «تلقف» بما قبلها، وبفتح اللام، وتشديد القاف مطلقا. وعند الابتداء «بتلقف» يخفف التاء، ويفتح اللام، ويشدد القاف، على أنه مضارع «تلقف» المضعف (¬2). وقرأ «حفص» «تلقف» بسكون اللام، وتخفيف القاف، على أنه مضارع «لقف» نحو: «علم يعلم» يقال: لقفت الشيء: أخذته بسرعة. وقرأ الباقون «تلقف» بفتح اللام، وتشديد القاف، مضارع «تلقف» المضعف وهو الوجه الثاني «للبزي» (¬3). «تلقف» من قوله تعالى: وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا (¬4). قرأ «ابن ذكوان» «تلقف» بفتح اللام، وتشديد القاف، ورفع الفاء، على أنه مضارع من «تلقف يتلقف» والرفع على الاستئناف أي فانها تلقف، أي تبتلع. وقرأ «حفص» «تلقف» باسكان اللام، وتخفيف القاف، وجزم الفاء في جواب الامر وهو قوله تعالى: وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ وهو مضارع «لقف يلقف». ¬
وقرأ الباقون «تلقف» بفتح اللام، وتشديد القاف، وجزم الفاء على أنه مضارع وجزم في جواب الامر (¬1) وهو مضارع «تلقف يتلقف». «يلقاه» من قوله تعالى: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً (¬2). قرأ «ابن عامر، وأبو جعفر» «يلقاه» بضم الياء، وفتح اللام، وتشديد القاف، على أنه مضارع «لقى» مضعف العين، مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «الانسان» المتقدم ذكره في قوله تعالى: «وكل انسان» وهو المفعول الاول، والهاء التي في «يلقاه» مفعوله الثاني، وهي عائدة على «كتابا» و «منشورا» صفة الى «كتابا». وقد أجمع القراء على التشديد في قوله تعالى: وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (¬3). وقرأ الباقون «يلقاه» بفتح الياء، وتخفيف القاف، وسكون اللام، على أنه مضارع «لقى» الثلاثي، والفاعل ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على صاحب الكتاب وهو الانسان المتقدم ذكره، والضمير في «يلقاه» مفعول به، وهو عائد على «كتابا» و «منشورا» صفة الى «كتابا» (¬4). «ويلقون» من قوله تعالى: وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (¬5). ¬
قرأ «نافع» وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر، ويعقوب» «ويلقون» بضم الياء، وفتح اللام، وتشديد القاف، على أنه مضارع «لقى» مضعف العين، وهو فعل مضارع مبني للمجهول يتعدى الى مفعولين: الاول: الواو التي في «يلقون» وهي نائب فاعل، والثاني: «تحية». ودليل قراءة التشديد اجماع القراء عليه في قوله تعالى في سورة الانسان رقم/ 11 وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً. وقرأ الباقون «ويلقون» بفتح الياء، وسكون اللام، وتخفيف القاف، على أنه مضارع «لقى» الثلاثى، وهو فعل مضارع مبني للمعلوم، يتعدى الى مفعول واحد، وهو «تحية» والواو فاعل. والقراءتان ترجعان الى معنى واحد، لانهم اذا تلقوا التحية فقد لقوها، واذا ألقوها فقد تلقوها (¬1). «يلاقوا» من قوله تعالى: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (¬2). ومن قوله تعالى: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (¬3). ومن قوله تعالى: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (¬4). قرأ «أبو جعفر» «يلقوا» بفتح الياء التحتية، واسكان اللام، وفتح القاف، مضارع «لقى» الثلاثي. وقرأ الباقون «يلاقوا» بضم الياء، وفتح اللام، وضم القاف، على أنه مضارع «لاقى» على وزن «فاعل» من الملاقاة (¬5). ¬
«يلمزك» من قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ (¬1). «يلمزون» من قوله تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ (¬2). «تلمزوا» من قوله تعالى: وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ (¬3). قرأ «يعقوب» «يلمزك، يلمزون، تلمزوا» بضم الميم، على أنه مضارع «لمز يلمز» من باب «نصر ينصر». واللمز: الاغتياب، وتتبع المعاب. وقرأ الباقون الالفاظ الثلاثة بكسر الميم، على أنه مضارع «لمز يلمز» من باب «ضرب يضرب» (¬4). «أفتمارونه» من قوله تعالى: أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (¬5). قرأ «نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وأبو جعفر» «افتمارونه» بضم التاء، وفتح الميم، وألف بعدها، مضارع «مارى يماري» اذا جادله، والمعنى: أفتجادلونه فيما علمه، ورآه، كما قال تعالى: يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ (¬6). وقرأ الباقون «أفتمرونه» بفتح التاء، وسكون الميم، وحذف الالف، مضارع «مرى يمري» اذا جحد، والمعنى: أفتجحدونه على ما يرى، ¬
اذ كان شأن المشركين الجحود لما يأتيهم به النبي «محمد» صلى الله عليه وسلم، فحمل على ذلك. والقراءتان متداخلتان، لان من جادل في ابطال شيء فقد جحده، ومن جحد شيئا جادل في ابطاله (¬1). «فأمتعه» من قوله تعالى: قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا (¬2). قرأ «ابن عامر» «فأمتعه» باسكان الميم، وتخفيف التاء، على أنه مضارع «أمتع» المعدى بالهمز والمعنى: يخبر الله تعالى بأنه سيمتع الكفار بالرزق في الدنيا، وهذا النعيم الذي يجدونه اذا ما قيس بنعيم الدار الآخرة الذي لا ينقطع أبدا يعتبر نعيما ومتاعا قليلا، ثم بعد ذلك يكون مأواهم النار وبئس المصير. وقرأ الباقون «فأمتعه» بفتح الميم، وتشديد التاء، على أنه مضارع «متع» المعدى بالتضعيف (¬3). ¬
«المتاع»: انتفاع ممتد الوقت (¬1) يقال متعه الله بالصحة، وأمتعه، ومنها قوله تعالى: فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا حيث قرئ لفظ «فأمتعه» بتشديد التاء، وبتخفيفها. ويقال لما ينتفع به في البيت «متاع» قال تعالى: وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ (¬2). «والمتاع»: المنفعة، قال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ (¬3). «والمتاع»: كل ما تمتعت به من الحوائج (¬4). وقال «الأزهري» ت 370 هـ: (¬5) «المتاع» في الاصل كل شيء ينتفع به، ويتبلغ به ويتزود» أهـ وجمع «متاع» «أمتعة» (¬6). «يمدونهم» من قوله تعالى: وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ (¬7). قرأ «نافع، وأبو جعفر» «يمدونهم» بضم الياء، وكسر الميم، على أنه مضارع «أمد يمد» المزيد بهمزة. ¬
وقرأ الباقون «يمدونهم» بفتح الياء، وضم الميم، على أنه مضارع «مد يمد» مضعف الثلاثي. (¬1) ومد، وأمد: لغتان، يقال: مددت في الشر، ومنه قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (¬2). ويقال: أمددت في الخير، ومنه قوله تعالى: وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (¬3). يقال: «مددت» الدواة «مدا» من باب «قتل يقتل قتلا»: جعلت فيها «المداد». و «أمددتها» بالالف «لغة». و «مددت» من الدواة، و «استمددت» منها: أخذت منها بالقلم للكتابة، و «مد» البحر «مدا»: زاد، و «مدة» غيره «مدا»: زاده، و «أمد» بالالف، و «أمده» غيره، يستعمل الثلاثى، والرباعى لازمين، ومتعديين (¬4). «يمسكون» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ (¬5). قرأ «شعبة» «يمسكون» بسكون الميم، وتخفيف السين، على أنه مضارع «أمسك» ومنه قوله تعالى: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ (¬6). وقوله تعالى: لا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً (¬7). ¬
وقرأ الباقون «يمسكون» بفتح الميم، وتشديد السين، على أنه مضارع «مسك» مضعف العين