الضعفاء لأبي زرعة الرازي في أجوبته على أسئلة البرذعي - أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية
الرازي، أبو زرعة
المجلد الأول
مقدمة أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية تأليف: سعدي الهاشمي مقدمة في اختيار الموضوع ومنهج البحث فيه الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وبعد.. فإن الله سبحانه وتعالى قد بعث محمداً صلى الله عليه وسلم خاتماً للنبيين والمرسلين، وبالرسالة الشاملة للناس أجمعين، وأنزل عليه القرآن الكريم، ومثله معه ليبين للناس ما نزل إليهم من أوامره ونواهيه، فصدع بالحق المبين واستقام بأمر الدين وجاهد ونافح حتى اكتمل التنزيل وأشهد أصحابه على ذلك بقوله في حجة الوداع: " ... ألا هل بلغت" والخلق من حوله وعلى مد البصر يقولون: " ... بلى قد بلغت" فيقول: "اللهم فاشهد " وانتقل إلى الرفيق الأعلى والقرآن قد اكتملت أحكامه ودونت سوره وآياته ووعته قلوب الرجال وحفظته صدورهم وذلك وعد الله سبحانه وتعالى بقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (¬1) . أما الوحي الثاني وهو البيان المتمثل - بالسنة النبوية - بقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (¬2) ، فقد وعاها الصحابة رضي الله عنهم وحرصوا عليها كل الحرص فهي الواقع العملي في حياتهم كافة، وهي ¬
الترجمان والبيان لمجمل القرآن، وقد أمروا بالتثبت على أتباعها. قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (¬1) . واشترط لمحبته اتباع نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام في جميع الأحكام، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬2) . وقرن طاعة الرسول بطاعته فقال {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬3) ، فكانت السنة النبوية محفوظة مصونة من التحريف والتزوير، وقد رأى بعض الصحابة رضي الله عنهم - من حرصهم على حفظها - أن يدونها لا سيما بعد أن اطمأنوا إلى أن القرآن الكريم اكتمل جمعه وتدوينه، وزال الخوف من التباسه واختلاطه بغيره، واستثنائاً بقوله عليه الصلاة والسلام يوم فتح مكة "اكتبوا لأبي شاة" (¬4) وغير ذلك. فكتبوا صحفاً ضمنوها بعض أقواله وأحكامه وأفعاله كصحيفة سعد بن عبادة الأنصاري، وصحيفة أبي هريرة، وصحيفة عبد الله بن أبي أوفى، وصحيفة جابر بن عبد الله، والصادقة لعبد الله بن عمرو بن العاص، والصحيفة الصحيحة لهمام بن منبه، إضافة إلى ما كان يكتبه الخلفاء لبعض القبائل أو العمال ككتاب أبي بكر الصديق لأنس بن مالك في فرائض الصدقة التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتاب عمر بن الخطاب لعتبة بن فرقد، وصحيفة علي بن أبي طالب التي كان فيها العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر (¬5) . قال الحافظ ابن رجب: "اعلم أن العلم المتلقى من النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله، كان الصحابة رضي الله عنهم في زمن نبيهم صلى الله عليه وسلم يتداولونه بينهم حفظاً له ورواية، ومنهم من كان يكتب.." ثم ¬
قال: "ثم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كان بعض الصحابة يرخص في كتابة العلم، وبعضهم لا يرخص في ذلك. ودرج التابعون أيضاً على مثل هذا الاختلاف" (¬1) . ولما وقعت الفتنة الظلماء، والمحنة الدهياء بمقتل صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وثالث الخلفاء عثمان بن عفان شهيد الدار رضي الله عنه، ركب الناس الصعب والذلول، وهاجوا وماجو وولجوا الفتن وزين لهم إبليس - لعنه الله - المعاصي ملبّسة بثياب الطاعات، أخذ رؤوس الفتن ومشايعوهم يضعون الأحاديث لنصرة مذهبهم، ولزيادة سوادهم، وإضلال الناس عن دينهم، إضافة إلى ذلك دور الزنادقة والشعوبيين وأبناء المجوس وغيرهم ممن ادعى محبة أهل بيت النبي الكريم، وهم يضمرون للإسلام الشر الدفين، وكذا القصاص، والجهال من الصالحين (¬2) . فهبّ رجال شرح الله صدورهم للتقوى، وجعل في قلوبهم الحمية والغيرة على سنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، فأخذوا يفتشون عن الرجال ويميزون الأصيل من الدخيل، والمستقيم من الإفك المبين، ونذروا أنفسهم لله، وتركوا الأهل والأحباب والديار والأتراب، وشدوا الرحال، وأخذوا بالأسباب، وبحثوا عن آثار المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث نزل الأصحاب - رضي الله عنهم- وصبروا على تدوينها، وصابروا على حفظها، وتظافرت الجهود، والتحمت الأفكار، فوضعوا قوانين للسنة النبوية، وميزوا بين الرجال العدول الثقات، عن المجروحين والكذابين وصنفوهم حسب الأمصار أو الطبقات، وميزوا بين من تشرف بمرتبة الصحبة، عمن انتحلها أو وهم فيه، واهتموا بالإسناد، وعدوه من عدتهم، حتى إن سفيان الثوري قال: " الإسناد سلاح المؤمن" (¬3) ، وقال ابن مبارك: "الإسناد من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء" (¬4) . ¬
ومن ثمرة هذه الجهود المباركة ظهور علم الجرح والتعديل (¬1) بشكل منسق منضبط بقواعد وأصول، واستخدام مصطلحات وألفاظ دقيقة محكمة تعارف عليها أئمة هذا الشأن. فكان علماً مستقلاً متكاملاً، ومن أتقنه، فقد أتقن نصف العلم. قال علي بن المديني: " الفقه في معاني الحديث نصف العلم، ومعرفة الرجال نصف العلم" (¬2) . لذلك لم يتقنه إلا نزر يسير في كل طبقة من طبقات حفاظ المحدثين. ومن هؤلاء الأئمة الذين عرفوا به شعبة بن الحجاج (ت 160 هـ) ، وسفيان الثوري (ت 161 هـ) والإمام مالك (ت 179 هـ) ، ثم بعدهم ابن المبارك (ت 181 هـ) ، ووكيع بن الجراح (ت 197 هـ) ويحيى بن سعيد القطان (ت198 هـ) والإمام الشافعي (ت 204 هـ) . وبعدهم يحيى بن معين (ت 233هـ) وعلي بن المديني (ت 234 هـ) ، وزهير بن حرب أبو خيثمة (ت234 هـ) ، وعبيد الله بن عمر القواريري (ت235 هـ) ، وإسحاق بن راهويه (ت238 هـ) وأحمد بن حنبل (ت241 هـ) . وبعدهم عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (ت255 هـ) ، ومحمد بن إسماعيل البخاري (ت256 هـ) ، ومحمد بن يحيى الدهلي النيسابوري (ت258 هـ) ، ومسلم بن الحجاج (ت261 هـ) وأبو زرعة الرازي (ت264 هـ) ، وأبوداود السجستاني (ت275) وغير هؤلاء، ولقد تميز هؤلاء المذكورون عن الكثير من الحفاظ المتقنين بالإمعان في الحفظ وكثرة الكتابة وأفرطوا في الرحلة، وواظبوا على السنة والمذاكرة والتصنيف والمدارسة. وهكذا حفظ الله سبحانه وتعالى لنا المصدر الثاني في التشريع بعد كلامه ¬
العزيز الوجيز بتسخير الثقات العدول لخدمة السنة النبوية وحفظها، الذين قال فيهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين" (¬1) . فوصلت إلينا كاملة المعالم شاملة الأغراض، متعددة الطرق مبيناً ناسخها من منسوخها، وخاصها من عامها، ولا يماري في ذلك إلا جاهل ضيق التفكير، أو حاقد مغرض، أو رافضي معاند، أو كتابي مكابر. ولقد خلد لنا سجل حفاظ الآثار النبوية الكثير منهم، ومن بين هؤلاء الذين جمعوا بين معرفة الرجال وصنفوا فيهم، وميزوا بينهم وعلى خبرة شاملة لعلل الحديث، ودراية واسعة بفقهه، محدثنا أبو زرعة عبيد الله ابن عبد الكريم الرازي، الذي حاز الرتبة المتقدمة بين أقرانه وشيوخه، فتواتر ثناؤهم عليه، ولذلك الثناء العاطر والمنزلة المرموقة بين جهابذة الحفاظ، ولما اجتمع فيه من علم غزير بالسنة النبوية بجميع فنونها وعلومها اخترته موضوعاً لنيل درجة الدكتوراه والذي شجعني على ذلك ما حازه كتابه الضعفاء من الشهرة الواسعة بين أوساط المحدثين، لما اشتمل عليه من المادة الغزيرة التي أسهمت إسهاماً واضحاً في دعم وترسيخ علم الرجال، وذلك بالكشف عن حال ودرجة الكثير من حملة السنة ورواة الآثار. وقد جعلت الرسالة في مقدمة، وثلاثة أبواب، وخاتمة. ¬
تكلمت في المقدمة عن السنة وأهميتها، وجهود العلماء في المحافظة عليها وحرصهم عل تدوينها وخدمتها، وعن سبب اختياري لهذا الموضوع، وعن خطتي في البحث. أما الباب الأول: فخصصته لدراسة حياة الإمام أبي زرعة الرازي، ويقع في تسعة فصول. فالفصل الأول: هو عبارة عن التعريف بالمراكز العلمية في بلاد خراسان وما جاورها، وتعريف بمدينة الري، بلد أبي زرعة. وتكلمت عن طبقات المحدثين في الري ابتداء من عصر التابعين حتى عصر أبي زرعة، وكذلك ذكرت أهم العوائل العلمية، ثم تكلمت عن الفرق الكلامية والمذاهب الفقهية في البلد، وأثر ذلك على محدثنا، ودوره فيها. ثم ختمت الفصل بأهمية الريّ بالنسبة للمراكز العلمية الأخرى. وأما الفصل الثاني: فقد تناول اسمه، ونسبه، وكنيته، وهو: عبيد الله ابن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ بن داود، مولى عياش بن مطرف بن عبيد الله بن عياش بن أبي ربيعة القرش المخزومي، أبو زرعة الرازي. وذكرت سبب تكنيته بهذه الكنية، والاختلاف في تحديد السنة التي ولد فيها، ورجحت أحد التواريخ الأربعة وهو عام 194هـ، مع سرد للمصادر التي ترجمت له. وذكرت أسرته، ومن اشتهر بها بطلب العلم. أما الفصل الثالث: فخصصته بنشأته العلمية وتحصيله لعلوم الحديث مع ذكر رحلاته إلى المراكز العلمية في ذلك العصر، وذكر أخباره وأحواله في كل بلد. أما الفصل الرابع: فهو خاص بمشيخته، حيث جمعت شيوخه من المصادر المخطوطة والمطبوعة، وأقول وبكل ثقة، أصبح هذا الفصل المصدر الرئيسي لشيوخه، حتى من تحمل عنهم الحديث بطريق المكاتبة، ثم بينت في هذا الفصل أيضاً الرواة الذين ترك الرواية عنهم. وختمته بمناقشة لقول ابن حجر حيث نص على أن كل من حدث عنه أبو زرعة يعد ثقة، وبينت بالأدلة أن هذا القول لا يؤخذ مطلقاً، بل قد يروي عن بعض الضعفاء وشأنه في هذا شأن الأئمة.
أما الفصل الخامس: فهو خاص بتلاميذه والرواة عنه، وقد جمعتهم من كتب الرجال والتواريخ مطبوعة ومخطوطة. أما الفصل السادس: فهو خاص بعلومه ومؤلفاته. أما علومه فقد ذكرت نماذخ منها كمعرفته بعلم القراءات، ومعرفته وإتقانه لموطأ الإمام مالك، وكذلك بعض أقواله في مصطلح الحديث، وأما مؤلفاته فعددتها وتكلمت عنها وأقمت الأدلة على نسبتها إليه، ومصادره في بعضها كالتفسير مع ذكر بعض النماذج التي وقفت عليها من التفسير والمسند وأعلام النبوة وغيرها. أما الفصل السابع: فأفردته بحفظه- باعتباره أحد الحفاظ القلائل الذين حازوا هذه الرتبة- فذكرت طائفة من أقوال وثناء العلماء عليه، ثم تكلمت عن مكانته أيضاً بين علماء عصره، وحبهم وتقديرهم له مع ذكر أقوال طائفة منهم وبعض رسائلهم التي كانوا يرسلونها إليه متضمنة الثناء العاطر والشكر المتواصل مع الدعاء. أما الفصل الثامن: فتكلمت فيه عن مذهبه الفقهي، وإحاطته بالمذاهب الفقهية المشهورة، وذكرت عقيدته مع جملة من أقواله في المعتقد، واعتمدت في الدرجة الأولى على عقيدته التي ضمنها هبة الله اللالكائي في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة، وتكلمت فيه أيضاً عن زهده ومحبته لزهاد عصره وأدبه معهم، وختمت الفصل بذكر وفاته وبعض الأشعار التي قيلت في رثائه. أما الفصل التاسع: فهو خاص بمنهجه في تعليل الأحاديث، فقدمته بكلام عن العلة وأهمية العلم بمعرفة علل الحديث، ومعرفة أبي زرعة فيه، وثناء بعض الأئمة عليه في ذلك، مع ذكر بعض الحوادث التي تشهد لتلك المعرفة، ثم شرعت في بيان منهجه، وذلك من خلال دراستي لكتاب علل الحديث لابن أبي حاتم، الذي هو عبارة عن أسئلة وجهها لأبيه وأبي زرعة في علل الحديث. أما الباب الثاني: فيتكون من تمهيد، والنص الذي حققته، ويتضمن
كتاب أسماء الضعفاء والمتكلم فيهم لأبي زرعة المسمى بـ (كتاب الضعفاء) مع أجوبته على أسئلة البرذعي أيضاً. أما التمهيد، فيتكون من اثنتي عشرة فقرة: الأولى: في اسم الكتاب، ومؤلفه. والثانية: في أهم الأسئلة المدونة. والثالثة: في أهمية أجوبة أبي زرعة. والرابعة: المصنفات التي نقلت عن الأجوبة. والخامسة: منهج أبي زرعة في الأجوبة. السادسة: الشيوخ الذين روى عنهم واستدل بأقوالهم في الأجوبة. السابعة: الرجال الذين ذكرهم في الأجوبة. الثامنة: ألفاظ التجريح التي أطلقها في الرواة. التاسعة: ملاحظات حول كتاب أسامي الضعفاء له. العاشرة:تراجم رواة الأجوبة. الحادية عشرة: وصف المخطوطة. الثانية عشرة: منهجي في التحقيق. ثم بعد التمهيد حققت النص المذكور بالطريقة التي وصفتها في الفقرة الثانية عشرة من التمهيد. أما الباب الثالث: فيتكون من أربعة فصول: الفصل الأول: جمعت فيه أسماء الرواة الذين جرحهم أبو زرعة ولم يرد ذكرهم في أجوبته على أسئلة البرذعي، ولا في كتابه الضعفاء. وهذا الفصل يعتبر كالمستدرك للنص المحقق. أما الفصل الثاني: فقد جمعت فيه أسماء الرواة الذين عدّلهم أبو زرعة مع ألفاظ التوثيق فيهم، من كتب الجرح والتعديل والطبقات والتواريخ. أما الفصل الثالث: فذكرت فيه الرواة الذين جرحهم أبو زرعة مرة ووثقهم مرة أخرى وبينت السبب في ذلك. أما الفصل الرابع: فهو خاص بالأئمة الذي انتقدهم أبو زرعة وجرحهم مع الدفاع عنهم، وحاولت التوفيق بين الأقوال والأسباب الداعية لذلك. وأما الخاتمة، فقد ضمنتها النتائج التي توصلت إليها بعد دراستي لهذا الإمام الحافظ.
ولقد رأيت من إتمام الفائدة أن أضع خلاصة لهذه الرسالة باللغة الإنكليزية، كي يعلم من تهمهم الدراسات المتعلقة بالسنة النبوية وحفاظها ما احتوته الرسالة. ولقد زودت الرسالة ببعض الصور التوضيحية وخارطة موضح فيها الأماكن التي رحل إليها أبو زرعة الرازي طلباً للسنة النبوية، وكذلك بعض لوحات من المخطوط كي يطلع القارئ الكريم على صعوبة خطها ومشكلاته وبعض الأماكن المهمة منه كبداية الكتاب مع سند روايته، ونهايته، وبداية كتاب الضعفاء. ووضعت بعد هذه المقدمة الرموز المستخدمة عند المحدثين التي تدل على المصنفات التي فيها أحاديث ذلك الراوي، لأني قد وضعت أمام كل راو الرمز المتعلق به. وفي ختام هذه المقدمة أرى لزاماً علي أن أوفي صاحب الحق حقّه، وذا الفضل فضله، وأن من أولى الناس بهذا، فضيلة الأستاذ الدكتور الحسيني عبد المجيد هاشم المشرف على هذه الرسالة، لما قدمه لي من جهد وتوجيه كريم- على كثرة أعماله ومسؤولياته وضيق وقته. كما أسجل شكري وتقديري لأستاذي الفاضل الدكتور القدير أكرم ضياء العمري وكذلك الأستاذ الكريم الدكتور محمود الميرة لما أبدياه من ملاحظات قيمة نافعة أسهمت في خدمة الرسالة فجزاهما الله خير الجزاء ونفع بهما طلاب العلم. وأشكر السيد الفاضل صبحي السامرائي الذي انتفعت بمكتبته العامرة، من الكتب المخطوطة والمطبوعة. وكذلك أتوجه بخالص الشكر والتقدير للجامعة الإسلامية لسعيها في نشر هذا الكتاب وغيره من كتب السلف الصالح. كما أشكر أيضاً إدارة وعمال الشركة المتحدة على جهودهم في إخراج الكتاب بهذه الصورة. وأسأل الله أن يرزقني الإخلاص، وينظمنا في موكب خدام سنة نبيه الكريم، وأن يجنبنا الزلل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الرموز المستخدمة للدلالة على الكتب التي خرجت أحاديث الرواة الذين ورد ذكرهم في هذه الرسالة: (ع) للسنة (4) للأربعة (خ) للبخاري (م) لمسلم (د) لأبي داود (ت) للترمذي (س) للنسائي (ق) لابن ماجة (خت) للبخاري في التعاليق (بخ) للبخاري في الأدب المفرد (ى) للبخاري في جزء رفع اليدين (عخ) للبخاري في خلق أفعال العباد (ز) للبخاري في جزء القراءة خلف الإمام (مق) لمسلم في مقدمة كتابه (الجامع الصحيح) (مد) لأبي داود في المراسيل (قد) لأبي داود في القدر
(خد) لأبي داود في الناسخ والمنسوخ (ف) لأبي داود في كتاب التفرد (صد) لأبي داود في فضائل الأنصار (ل) لأبي داود في المسائل (كد) لأبي داود في مسند مالك (تم) للترمذي في الشمائل (سي) للنسائي في اليوم والليلة (كن) للنسائي في مسند مالك (ص) للنسائي في خصائص علي (عس) للنسائي في مسند علي (فق) لابن ماجة في التفسير (أ) للإمام أحمد في المسند (فه) للإمام أبي حنيفة في المسند (فع) للإمام الشافعي (ك) للإمام مالك في الموطأ
الباب الأول
الباب الأول الفصل الأول: أهم المراكز العلمية في بلاد خراسان وما جاورها شهد فتوحات بلاد خراسان الكثير من الصحابة والتابعين، وحبذ بعضهم الاستقرار فيها حتى وفاته. قال الحاكم: "نزل خراسان من الصحابة وتوفي بها بريدة بن حصيب الأسلمي، مدفون بمرو، وأبو برزة الأسلمي والحكم بن عمرو الغفاري، وعبد الله بن خازم الأسلمي المدفون بنيسابور، وقثم بن العباس المدفون بسمرقند" (¬1) . ويعني نزول أحد الصحابة، أو أحد كبار التابعين في بلد من هذه البلاد انتشار العلم فيها، وتبليغ سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وبمرور الزمن نشطت الحياة الفكرية في هذه المدن، وأصبحت مراكز علمية تقصد من قبل طلاب الحديث، ويرحل إليها. ومن أهم هذه المراكز: 1- الدينور: مدينة من أعمال الجبل قرب قرميسين وتقع أطلال مدينة الدينور على نحو خمسة وعشرين ميلاً من غربي كنكوار- مدينة إيرانية وعلى ستين ميلاً جنوب مدينة سحنة وهي القاعدة الحديثة لإقليم كردستان الفارسي أي الجهة الغربية الشمالية من إيران الحديثة. ينسب إليها خلق كثير من أهل الأدب والحديث كمحمد بن عبد العزيز، وأبي محمد بن قتيبة، وعبد الله بن وهب أبي محمد الدينوري الحافظ (¬2) . ¬
2- همذان: بالتحريك، والذال معجمة، وآخره نون همذان بينها وبين الري ستون فرسخاً (¬1) . وهي دار السنة صار بها علماء من سنة 200 هـ، وهلم جراً (¬2) . 3- قزوين: بالفتح ثم السكون، وكسر الواو، وياء مثناة من تحت ساكنة ونون، مدينة مشهورة بينها وبين الري سبعة وعشرون فرسخا. وتقع قزوين في الوقت الحاضر على نحو مائة ميل شمال غربي طهران وهي في أسفل الجبال العظيمة وينسب إليها خلق لا يحصون ومنها محمد بن سعد ابن سابق الرازي القزويني، والطنافسي، وعمرو بن رافع، وخلق غيرهم (¬3) . 4- جرجان: بالضم، وآخره نون، مدينة عظيمة مشهورة بين طبرستان، وخراسان وتسمى جرجان في الوقت الحاضر (كركان) وتمتد هذه المدينة في جنوب شرقي بحر قزوين في نهاية الخط الحديدي القادم من طهران. وقد خرج منها خلق من الأدباء، والعلماء، والفقهاء، والمحدثين (¬4) . 5- نيسابور: فتح أوله، مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة معدن الفضلاء ومنبع العلماء وتسمى في الوقت الحاضر نيشابور وتقع إلى الجنوب من (مشهد) وعلى بعد 125 كم منها. وقد خرج منها من أئمة العلم من لا يحصى، وتسمى دار السنة والعوالي، صارت بإبراهيم بن طهمان، وحفص بن عبد الله، ثم يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه (¬5) . 6- طوس: مدينة بخراسان بينها وبين نيسابور نحو عشرة فراسخ وطوس في الوقت الحاضر قرية صغيرة عامرة تقع إلى الشمال الغربي من (مشهد) وعلى بعد 20 كم منها على ضفة نهر هراة، ومشهد مدينة إيرانية مشهورة ¬
دفن بها الإمام الثامن عند الشيعة علي الرضا ت202 هـ بجانب قبر الخليفة هارون الرشيد ت193هـ رحمهما الله. وقد خرج منها من أئمة أهل العلم، والفقه ما لا يحصى كمحمد بن أسلم الطوسي، وأصحابه (¬1) . 7- هراة: بالفتح مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان وهي في الوقت الحاضر من المدن الأفغانية المشهورة تقع على مجرى نهر هاري ومن أئمتها عبد الله بن واقد، والفضل بن عبد الله الهروي (¬2) . 8- مرو: وتسمى مرو الشاهجان: وهي مرو العظمى أشهر مدن خراسان وقصبتها، بينها وبين نيسابور سبعون فرسخاً، وتقع مرو اليوم ضمن بلاد التركمان (تركمانستان) تحت السيطرة الشيوعية الروسية. وقد خرجت من الأعيان، وعلماء الدين، والأركان مالم تخرج مدينة مثلهم، وكان بها بريدة ابن الحصيب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطائفة من الصحابة، ثم عبد الله بن بريدة ويحيى بن يعمر، وعدة من التابعين ثم ابن المبارك، وسفيان، وأحمد وغيرهم (¬3) . 9- بلخ: مدينة مشهورة بخراسان وهي من أجلّ مدن خراسان، وأذكرها، وأكثرها خيراً، وأوسعها غلة وتقع على نهر يعرف باسمها. وهي إلى الغرب من مدينة مزار شريف- حيث دفن فيه على ما يقال الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو كذب صريح - على مسافة مائة كيلومتر تقريباً. وينسب إليها خلق كثير منهم محمد بن علي بن طرخان ابن عبد الله أبو بكر البلخي البيكندي، وكان حافظاً للحديث حسن التصنيف توفي سنة ¬
278 هـ، والحسن بن شجاع الحافظ وغيرهما (¬1) . وهي من المدن الأفغانية المهمة في الوقت الحاضر. 10- بخارى: بالضم: من أعظم مدن ما وراء النهر، وأجلها، وينسب إليها خلق كثير من أئمة المسلمين في فنون شتى، منهم المسندي، والبخاري (¬2) . وتقع الآن في جمهورية أوزبكستان في الاتحاد السوفياتي. 11- سمرقند: بفتح أوله وثانيه، بلد معروف مشهور، قامت منذ عام 1871 مدينة روسية جديدة إلى الغرب من مدينة سمرقند ربطت بالسكة الحديدية مع الخط الحديدي الخاص ببلاد ما وراء بحر قزوين. وينسب إليها جماعة كثيرة كأبي عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومحمد ابن نصر المروزي (¬3) . 12- الشاش: بالشين المعجمة بالريّ قرية يقال لها شاش، النسبة إليها قليلة، ولكن الشاش التي خرج منها العلماء، ونسب إليها خلق من الرواة والفصحاء فهي بما وراء النهر، وهي آخر بلاد الإسلام التي بها الحديث وتسمى في الوقت الحاضر (تاشكند) أو (طاشقند) وهي عاصمة تركستان الروسية منها الحسن بن الحاجب، والهيثم بن كليب (¬4) .. 13- فرياب: بكسر أوله، وسكون ثانيه، ثم ياء مثناة من تحت، وآخره باء موحدة بلد من نواحي بلخ، إن خرائب مدينة فرياب (فارياب) قد تطابق ما يعرف اليوم بـ (خيراباد) حيث توجد قلعة قديمة تحيط بها تلول من الآجر وكانت من أجل مدن الجوزجان في العصور الوسطى ¬
والجوزجان مدينة مشهورة في أفغانستان الحديثة. خرج منها جماعة من العلماء أقدمهم محمد بن يوسف الفريابي صاحب الثوري، ومنهم القاضي جعفر بن محمد الفريابي صاحب التصانيف سمع بفرياب في سنة 226 هـ (¬1) . 14- خوارزم: أوله بين الضمة والفتحة، والألف مسترقة مختلسة ليست بألف صحيحة هكذا يتلفظون به، بلد كبير وخوارزم في الوقت الحاضر في بلاد جمهورية أوزبكستان قريبة من بحيرة خوارزم التي تعرف الآن باسم بحر آرال. والذين ينسبون إليه من الأعلام والعلماء لا يحصون، منهم داود بن رشيد، أبو الفضل الخوارزمي توفي سنة 239 هـ (¬2) . 15- شيراز: بالكسر، وآخره زاي. بلد عظيم مشهور معروف مذكور وهو قصبة بلاد فارس. وتقع الآن جنوبي أصبهان وقد نسب إلى شيراز جماعة كثيرة من العلماء في كل فن، ومن محدثيها الحسن بن عثمان بن حماد بن حسان القاضي الشيرازي توفي سنة 272 هـ (¬3) . 16- أصبهان: منهم من يفتح الهمزة وهم الأكثر، وكسرها آخرون، مدينة عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها وهي الآن من أشهر المدن الإيرانية. وقد خرج منها من العلماء والأئمة في كل فن مالم يخرج من مدينة من المدن وعلى الخصوص علو الإسناد؛ فإن أعمار أهلها تطول، ولهم مع ذلك عناية وافرة بسماع الحديث، وبها من الحفاظ خلق لا يحصون (¬4) . ¬
الريّ قال ياقوت الحموي: "الري: بفتح أوله، وتشديد ثانيه، فإن كان عربياً فأصله من رويت على الراوية أروى رياً فأنا راو إذا شددت عليها الرواء" (¬1) . قال أبو منصور: "أنشدني أعرابي، وهو يعاكمني: رياً تميمياً على المزايد" (¬2) . وحكى الجوهري: "رويت من الماء بالكسر. أروى رَيّاً وَرِيّاً، وروى مثل رضىً" (¬3) ... وهي مدينة في بلاد الجبال قد يشاهد الرائي أطلالها على مسيرة خمسة أميال تقريباً من الجنوب الشرقي من طهران- عاصمة إيران- وهي إلى الجنوب من طنف من جبال البرز يمتد إلى السهل. وتقع قرية شاه عبد العظيم وضريحه جنوبي الاطلال مباشرة (¬4) . فتحها المسلمون أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة (20) للهجرة وقيل سنة (19) (¬5) . واهتموا بها لموقعها الخطير من بلاد المشرق من الناحية العسكرية والإدارية، ولشهرتها التجارية وغير ذلك من الأسباب. فجمعت لتراثها القديم وشهرتها روعة الإسلام وتعاليمه القويمة حتى أضحت مركزاً علمياً هاماً خلد عبر العصور والأجيال. وسنذكر في الصفحات القادمة من هذا الفصل لمحات عن جوانب لهذا المركز العلمي. نماذج من طبقات المحدثين في الري بعد أن دخل الإسلام إلى بلاد الري ورسخ في القلوب بدأ كثير من أبنائه يحرصون على تعلم أحكام الدين المختلفة وآدابه، فانتشرت في طول البلاد وعرضها ¬
بيوت الله حيث حلق العلم والتعلم والمذاكرة، ورحل الكثير منهم إلى المراكز العلمية الأخرى للاغتراف من مناهل العلم والتزود ثم الرجوع إلى الري لتعليم وتبليغ أهله العلم. فبرز الكثير من العلماء الأعلام ابتداء من عصر التابعين حتى بلغت عصرها الذهبي في القرن الثالث، ومن هؤلاء: 1- (ع) الزبير بن عدي الهمداني اليامي، أبو عدي الكوفي قاضي الري (ت 131 هـ) (¬1) . 2- (خت ت س) عنبسة بن سعيد بن الضريس الأسدي أبو بكر الكوفي قاضي الري الّذي روى عن ابن المبارك (ت 181 هـ) وطبقته (¬2) . 3- (د) شعيب بن خالد البجلي الرازي الذي روى عن الزهري (ت 124 هـ) وغيره (¬3) . 4- (ع) الحافظ الحجة جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي أبو عبد الله، الرازي، القاضي الذي رحل إليه المحدثون لثقته وحفظه وسعة علمه (ت 188 هـ) (¬4) . 5- (م ت) يحيى بن الضريس بن يسار البجلي مولاهم، أبو زكرياء، الرازي كان عنده عن حماد بن سلمة عشرة آلاف، وعن الثوري عشرة آلاف أو نحوه (ت 203 هـ) (¬5) . 6- (ع) هشام بن عبيد الله الرازي، السبتي الفقيه قال عن نفسه: لقيت ألف وسبعمائة شيخ، وأنفقت في العلم سبعمائة ألف درهم، ووصفه الذهبي بأنه كان داعية للسنة محطاً على الجهمية (ت 211هـ) (¬6) . ¬
7- (ع) إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زاذان، التميمي أبو إسحاق الرازي الفراء، كتب عنه أبو زرعة مائة ألف حديث (ت 220 هـ) (¬1) . العوائل العلمية في الريّ ومن مظاهر الحركة العلمية في الري وجود عوائل علمية- بيوتات- حافظت على التراث العلمي وبثه بين أبناء الري وطلبة العلم فيها. وكانت هذه الظاهرة نتيجة لوسائل وأسباب أخذ بها العلماء الأعلام من أهل الري، فقد دأبوا على تربية أولادهم والذين تحت رعايتهم من عوائلهم تربية خاصة حرصاً منهم على تخريجهم علماء عاملين يحملون العلم عنهم ويبلغونه لغيرهم. فكانوا يصطحبون أبناءهم معهم في رحلاتهم كي يعتادوا على طلب الحديث وتدوينه من العلماء الكبار في المراكز العلمية الأخرى في بلاد المشرق وكذلك فقد كانوا يأخذونهم إلى مجالس العلم في المساجد وبيوت بعض الأمراء والرؤساء وبيوت العلماء حيث يرتادها فحول المحدثين الذين يقدمون للري فيدونون الأحاديث عنهم أو يأخذون الإذن بالرواية وهكذا تسلم الأمانة إلى الأبناء ومن بعدهم إلى الأحفاد، وكان رائدهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" (¬2) . فيورثونهم العلم والصلاح، وكان خير ما يعتز به المؤمن علم أبيه ومصنفاته فيحافظ عليها ويرويها ويميز بين صحيحها وضعيفها وذلك من خلال معرفته لمنهج أبيه أو جده. ومن هذه العوائل التي عنيت بالحديث: 1- عائلة يحيى بن الضريس بن يسار البجلي مولاهم أبو زكرياء الرازي (ت 253 هـ) (¬3) . ¬
2- عائلة أبي عبد الله محمد بن عاصم النصر أباذي الرازي (ت 230 هـ) (¬1) . 3- عائلة سهل بن زنجلة الصغدى، السعدي، أبو عمرو الأشتر الرازي الحافظ (قدم بغداد في 231 هـ) (¬2) . 4- عائلة عبد المؤمن بن علي الزعفراني، الأسدي الكوفي (¬3) . 5- عائلة فرات بن خالد الضبي، أبو إسحاق الرازي الحافظ (¬4) . 6- عائلة أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف الهسنجاني الرازي (ت 301 هـ) (¬5) . 7- عائلة أبي زرعة وأبي حاكم (¬6) . 4 - المذاهب الفكرية والفقهية في الريّ امتاز القرن الثاني والثالث بصورة خاصة بنشوء وظهور الفرق المنحرفة عن الطريق المستقيم الذي ارتضاه لنا رب العالمين وأمرنا بالتزام به بقوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (¬7) ولهذه الميزة أسباب ساعدت على نشاطها لا مجال لذكرها في هذا المقام: منها: دخول شعوب كثيرة، وأمم مختلفة المعتقدات والديانات في المجتمع الإسلامي، وكان يضمر بعض رؤوس الفتن الشر المستطير، والشعوبية من أبناء المجوس الحقد الدفين، وكانوا يتحينون الفرصة بعد الأخرى ليعتموا نور الإسلام العظيم ¬
ويعكروا صفو بحره العميق، فأخذوا يدرسون الدين بعمق وشمول، ودخلوا من بعض المداخل تارة بل إن معظم وأخطر المداخل حب أهل بيت النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وتارة بتأويل بعض الآيات أو الأحاديث المتعلقة بالصفات أو الذات الإلهية. ومنها: ترجمة كتب بعض العلوم التي أدخلت على الفكر الإسلامي الصافي شبهات الأمم ومعضلاتها التي كانت سبباً في تناحرها، وهلاكها، تلك كتب علم الكلام والمنطق والفلسفة التي أشار أحد طواغيت الروم وكهانهم على عظيمهم بعد تمنعه في الموافقة على ترجمتها إلى اللغة العربية - لما طلب منه الخليفة المأمون ذلك- وبرر هذا الحاقد اللئيم بأن هذه العلوم ما دخلت على أمة إلا أهلكتها، وقد تأثر بهذه النقول المعتزلة ومن والاهم، والجهمية ومن جاراهم، فبثت هذه السموم في أقطار الدولة الإسلامية. ومنها: الري فأصابها ما أصاب غيرها من بعض المعتقدات وتأثر بها عدد غير قليل من الناس مما جعل المؤمنين المخلصين والأئمة العارفين ينافحون عن المعتقد الصحيح، ودعوة الناس وحملهم وترغيبهم للتمسك بكتاب الله وسنة رسوله. هذا من جهة، ومن جهة أخرى كانت هنالك المذاهب الفقهية واعتزاز كل فقيه بمذهبه، واعتقاده بصحة منهجه وحسن استنباطه واجتهاده، وكل هذه الآراء الفكرية والمذاهب الفقهية بلا شك تعمل على شحذ الهمم والبحث عن الحجج ودراسة الآراء والرد على المخالفين المعترضين وتفنيدها وتقعيد القواعد والأصول، ومن ثم تكوين أسس تلك المدرسة الفقهية أو الكلامية، وهذا بمجموعه عمل على تكوين تراث علمي، ونشاط فكري لمدينة الري، وسأذكر طرفاً من أخبار وأحوال أهل الري الفكرية والمذاهب الفقهية وما كان عليه الناس في عصر - إمامنا- أبي زرعة الرازي، وأختمه بدوره في ذلك.
المذاهب الفكرية في الريّ أولاً - المرجئة (¬1) : يقول عبد القاهر البغدادي عند كلامه عن المرجئة والفرق التي تفرقت إليها: "وأما النجارية فإنها اليوم بالريّ أكثر من عشر فرق ومرجعها في الأصل إلى ثلاث فرق: برغوثية، وزعفرانية ومستدركة. وأما البكرية والضرارية فكل واحدة منها فرقة واحدة ليس لها تبع كثير، والجهمية أيضاً فرقة واحدة" (¬2) . ثم فصل القول عن فرقها هذه فقال: (أ) النجارية: هؤلاء أتباع الحسين بن محمد النجار (¬3) وقد وافقوا أصحابنا في أصول ووافقوا القدرية في أصول، وانفردوا بأصول لهم، وافترقوا بعد هذا فيما بينهم في العبارة عن خلق القرآن، وفي حكم أقوال مخالفيهم فرقاً كبيرة كل فرقة منها تكفر سائرها، والمشهورون منها ثلاث فرق وهي: البرغوثية، والزعفرانية، والمستدركة من الزعفرانية (¬4) . وقال الشهرستاني عن النجارية: وهؤلاء مثل أغلب المعتزلة يقولون إن القرآن مخلوق (¬5) ، ويقول: إن أغلب معتزلة الري على مذهب النجارية (¬6) . 1- البرغوثية: أتباع محمد بن عيسى الملقب ببرغوث، وكان على مذهب ¬
النجار في أكثر مذاهبه، وخالفه في تسمية المكتسب فاعلاً فامتنع عنه، وخالفه، في غير ذلك أيضاً (¬1) . 2- الزعفرانية: أتباع الزعفراني الَّذي كان بالري وكان يتناقض بآخر كلامه أوله فيقول: إن كلام الله تعالى غيره، وكل ما هو غير الله تعالى مخلوق. ثم يقول مع ذلك الكلب خير ممن يقول كلام الله مخلوق. وذكر بعض أصحاب التواريخ أن هذا الزعفراني أراد أن يشهر نفسه في الآفاق فاكترى رجلاً على أن يخرج إلى مكة ويسبه ويلعنه في مواسم مكة ليشتهر ذكره عند حجيج الآفاق (¬2) . 3- المستدركة: هؤلاء قوم من النجارية يزعمون أنهم استدركوا ما خفي على أسلافهم لأن أسلافهم؛ منعوا إطلاق القول بأن القرآن مخلوق، وزعمت المستدركة أنه مخلوق ثم افترقوا فيما بينهم فرقتين. وذكر اختلافهم فيما بينهم في القول بخلق القرآن إلى أن قال: ومن هؤلاء المستدركة قوم بالري يزعمون أنَّ أقوال مخالفيهم كلها كذب حتى لو قال الواحد منهم في الشمس أنها شمس لكان كاذباً فيه (¬3) . (ب) البكرية: أتباع بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد (¬4) وكان يوافق النظام (¬5) ¬
في دعواه أن الإنسان هو الروح دون الجسد الذي فيه الروح.. إلى أن قال عبد القاهر عنه: "وانفرد بضلالات أكفرته الأمة فيها" (¬1) . (جـ) وأما الضرارية: فهم أتباع ضرار بن عمرو ... (¬2) وقال عنه: "انفرد بأشياء منكرة" (¬3) . ولقد كان بعض الكذابين من المحدثين يضعون الأحاديث للمرجئة من أهل الري كي يستدلوا بها على مذهبهم الباطل، نقل ابن أبي حاتم في ترجمة محمد بن أبان ابن عائشة القصراني الرازي، عن أبي زرعة أنه قال عنه: "أول ما قدم الري قال للناس: أي شيء يشتهي أهل الري من الحديث؟ فقيل له: أحاديث في الإرجاء فافتعل لهم جزءً في الإرجاء" (¬4) فكان يفضحه أبو زرعة وأبو حاتم ويصرفان الناس عنه، قال ابن أبي حاتم في ترجمته: "قال أبو زرعة وأبو حاتم عنه هو كذاب كان يفتعل الحديث، وكان لا يحسن أن يفتعل كان يحدث بعد هشام في مسجد حرم ويجتمع عليه الناس" (¬5) . ثانياً - الجهمية: أتباع جهم بن صفوان (¬6) الذي قال بالإجبار والاضطرار إلى الأعمال وأنكر الاستطاعات كلها، وزعم أن الجنة والنار تبيدان وتفنيان (¬7) . ¬
ويصف لنا المقدسي مذاهب أهل الري وعلاقة بعض المذاهب الفقهية بمعتقد الفرق الكلامية فيقول عند كلامه عن مذاهب إقليم الجبال: "أما بالري فالغلبة للحنفيين وهم نجارية إلا رساتيق القصبة فإنهم زعفرانية يقفون في خلق القرآن وسمعت بعض دعاة الصاحب (¬1) يقول: قد لان لي أهل السواد في كل شيء إلا في خلق القرآن، ورأيت أبا عبد الله بن الزعفراني قد عدل عن مذهب آبائه إلى مذهب النجار وتبرأ منه أهل الرساتيق، وبالري حنابلة كثير لهم جلبة. والعوام قد تابعوا الفقهاء في خلق القرآن" (¬2) . ويقول: "يقع بالري عصبيات في خلق القرآن" (¬3) . ثالثاً - الشيعة: لقد استغل اليهود والمجوس وغيرهم محبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في تضليل الناس عن الصراط المستقيم، ولقد تستر بها الكثير من أصحاب الفرق الضالة، والمبادىء الخبيثة ابتداء من السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ اليهودي الذي أثار الفتنة الكبرى قي زمن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم ظهرت الفتن المظلمة بعدها، وأصحاب هذه الفرق المنحرفة هم أخذل الناس لأهل بيت النبي الكريم، وأقل خبثهم تكفير أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ابن كثير: "وأما طوائف الروافض وجهلهم وقلة عقلهم، ودعاويهم أن الصحابة كفروا إلا سبعة عشر صحابيا، وسموهم فهو من الهذيان بلا دليل إلا مجرد الرأي الفاسد، عن ذهن بارد، وهوى متبع وهو أقل من أن يرد" (¬4) . ولقد كان بعض هؤلاء في مدينة الري إلا أنهم كانوا مخذولين مقهورين حتى تغلب أحمد بن الحسن المارداني عليها سنة 275 هـ (¬5) فأظهروا ¬
خبثهم، ومن هؤلاء داهر بن يحيى الرازي الذي قال عنه الذهبي: "رافضي بغيض لايتابع على بلاياه"، وقال العقيلي: "كان يغلو في الرفض وذكروا من أباطيله ما رواه عن الأعمش، عن عباية الأسدي، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا أم سلمة، إن علياً لحمه من لحمي ... " الخ الحديث (¬1) . وكذلك ولده عبد الله بن داهر بن يحيى أبو سليمان المعروف بالأحمري، قال عنه العقيلي: "رافضي خبيث"، وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه في فضائل علي، وهو متهم في ذلك" (¬2) . والحسن بن عباس بن جرير العامري الحريشي الرازي الذي روى عن أبي جعفر الباقر، وذكره النجاشي في مصنفي الإمامية وقال: "هو ضعيف جداً"، وقال علي بن الحكم ضعيف: "لايوثق بحديثه" وقيل: أنه كان يضع الحديث (¬3) ، وغير هؤلاء. رابعاً - أهل السنة والجماعة: ذكرتهم في هذا الموضع لأنهم يمثلون السواد الأعظم ولهم الكلمة النافذة المسموعة وكانت لهم المنابر والمدارس والمجالس ومعتقدهم المعتقد الصحيح. قال ياقوت: "وكان أهل الري أهل سنة وجماعة إلى أن تغلب أحمد ابن الحسن المارداني عليها فأظهر التشيع وأكرم أهله وقربهم فتقرب إليه الناس بتصنيف الكتب في ذلك فصنف له عبد الرحمن بن أبي حاتم كتاباً في ¬
فضائل أهل البيت وغيره وكان ذلك في أيام المعتمد وتغلبه عليها في سنة 275 هـ ... " (¬1) . أما المذاهب الفقهية في الري فكان المشهور المعروف بها مذهب أهل الرأي ومذهب أهل الحديث. وأهل الرأي فهم كما وصفهم الأستاذ الخضري بقوله: "أما أهل الرأي والقياس فإنهم رأوا الشريعة معقولة المعنى، رأوا أصولاً عامة نطق بها القرآن الكريم وأيدتها السنة، ورأوا كذلك لكل باب من أبواب الفقه أصولاً أخذوها من الكتاب والسنة، وردوا إليها جميع المسائل التي تعرض من هذا الباب ولو لم يكن فيها نص، وهم بالنسبة إلى السنة كالأولين- أي أهل الحديث متى وثقوا من صحتها" (¬2) . وأما فقهاء الحديث فقد وصفهم ابن رجب بقوله: "وأما فقهاء أهل الحديث العاملون به، فإن معظم همهم البحث عن معاني كتاب الله عز وجل وما يفسره من السنن الصحيحة، وكلام الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحيحها وسقيمها، ثم الفقه فيها وتفهيمها والوقوف على معانيها، ثم معرفة كلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان في أنواع العلوم من التفسير والحديث ومسائل الحلال والحرام، وأصول السنة، والزهد والرقائق، وغير ذلك" (¬3) . ولقد كانت تقع بينهم المناظرات ومجالس الجدل حتى خرج بهم ذلك إلى النفرة والمقاطعة. بل تعدى الأمر إلى الاستعانة بأمير البلد، ولقد ورثوا هذه ¬
الخصومات أبناءهم حتى جاءهم عدوهم فاستباح بيضتهم بعد أن وجد الحالقة حلت بهم. ولقد لعب أبو زرعة دوراً بارزاً متميزاً عن غيره في هذه المناظرات ومجالس الجدل وكان نشيطاً في نشر السنة وحث الناس على الالتزام بها، ومما زاده حماساً لذلك صلته السابقة بأهل الرأي أيام كان حدثاً صغيراً يطلب العلم، فيصف حاله بقوله: "كان أهل الري قد افتتنوا بأبي حنيفة وكنا أحداثاً نجري معهم، ولقد سألت أبا نعيم عن هذا وأنا أرى أني في عمل، ولقد كان الحميدي يقرأ كتاب الرد ويذكر أبا حنيفة وأنا أهم بالوثوب عليه حتى منَّ الله علينا ... " (¬1) . ويبدو أن السبب في تحوله عن مذهب أهل الرأي اتصاله بالأئمة المحدثين، واقتناعه برجحان مذهبهم، وخاصة اتصاله وصلته بالإمام أحمد ابن حنبل، إضافة إلى ذلك نفرته من بعض الآراء والأقوال في المعتقد التي كان أهل الرأي يوافقون بعض الفرق الكلامية فيها كالقول في مسألة خلق القرآن والتي أصبحت الحدَّ الفاصل بين الناس لاسيما إبان محنة الإمام أحمد (¬2) ، وكذلك اتهام الإمام أبي حنيفة وأتباعه باعتناق مذهب الجهمية وكذا القول بالإرجاء، قال ابن عبد البر: (كثير من أهل الحجاز استجازوا الطعن على أبي حنيفة لرده كثيراً من أخبار العدول، لأنه كان يذهب في ذلك إلى عرضها على ما أجمع عليه من الأحاديث ومعاني القرآن، فما شذ عن ذلك رده وسماه شاذاً، وكان مع ذلك يقول: الطاعات من الصلاة وغيرها لا تسمى إيماناً، وكل من قال من أهل السنة: الإيمان قول وعمل ينكرون قوله ويبدّعونه بذلك، وكان مع ذلك محسوداً لفهمه وفطنته" (¬3) ، لذا أصبح إمامنا يحمل راية أهل الحديث وكان يصدر الأوامر بمقاطعة الذين يلتحقون بجماعة أهل الرأي، والامتناع عن كتابة الحديث عنهم، فمثلاً يحيى بن محمد بن يحيى أبو بشر البصري نزيل الريّ قال عنه أبو حاتم: "قدم الري وكان صحيح الحديث، ولحق بابن مقاتل فنهى أبو ¬
زرعة أن يكتب عنه" (¬1) . ولقد كان شديدأ مع محمد بن مقاتل الرازي (¬2) إمام أهل الرأي في الري، ولقد صرح بذلك بقوله: "قال محمد بن مقاتل لما قدم الري: رأيت أسباب أبي حنيفة قد ضعفت بالعراق فلأنصرنَّه بغاية النصر قال أبو زرعة فسلط عليه منا ما قد علمت" (¬3) ، وكان أهل الرأي يظنون أن الحجج التي كان يجابه بها محمد بن مقاتل ليست من حفظه واستنباطه بل يلقن بها تلقيناً. يقول ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول - وقلت له إنهم كانوا يقولون إن رجلاً بصرياً يحمل إليك الكلام الذي ترويه في ابن مقاتل- فقال: يفرغ ابن مقاتل من مجلسه يوم الجمعة إلى قرب المغرب وأرد عليه من الغد بكرة، من وضع لي؟ وددت أني كنت أرى في ذلك الوقت الذي دفع إلى ما روى في مجلسه رجلا" (¬4) ولقد كان يفتخر الأئمة الحفاظ بموقف أبي زرعة هذا، فكان يقول له أبو جعفر الجمال: ما لهم- يعني أصحاب الرأي- سواك (¬5) . ولقد كان غاية أبي زرعة من حملته هذه إظهار سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث الناس على الالتزام بها وأنها تغني عن آراء الرجال لشمولها وإحاطتها بما يحتاجه المؤمن فيقول: "ما رغبت قط في سكنى الري وما كاشفت القوم وأنا لا أريد مزاحمتهم في دنيا ولا مال ولا في ضيعة وقلت في نفسي أنا لست براغب في شيء من هذا فأقاسي إظهار السنن فإن كان كون خرجت وهربت إلى طرسوس" (¬6) ¬
وظل ملتزماً بمنهجه هذا ثابتا عليه مما جعل أهل الرأي يستعينون بأمير البلد ليمنعه من التحديث ونشر السنة. يقول أبو زرعة: "قال لي السري بن معاذ: لو أني قبلت لأعطيت مائة ألف درهم قبل الليل فيك وفي ابن مسلم- أي محمد بن مسلم بن وارة- من غير أن أحبسكم ولا أضربكم أكثر من أن أمنعكم من التحديث" (¬1) ولقد كانوا يعمدون إلى بعض ألوان الاستفزاز له، وذلك أن منهم من كان يجلس في مجلسه، ويلقي عليه أحاديث موضوعة باطلة على سبيل الامتحان وإظهار إعجازه عن الجواب عنها، فقد روي عن الحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري المتوفى سنة 308 هـ أنه قال: حضرت أبا زرعة، وخراساني يلقي عليه الموضوعات وهو يقول: باطل، والرجل يضحك، ويقول: كل ما لا يحفظه يقول باطل، فقلت: يا هذا ما مذهبك؟ قال: حنفي، قلت: ما أسند أبو حنيفة عن حماد؟ فوقف، فقلت: يا أبا زرعة ما تحفظ لأبي حنيفة عن حماد فسرد أحاديث، فقلت للعلج: ألا تستحي؟ تقصد إمام المسلمين بالموضوعات وأنت لاتحفظ حديثاً لإمامك؟ فأعجب ذلك أبا زرعة وقبلني (¬2) . وهكذا لقي في سبيل نشر السنة ما لقي وثبت عليها وثبت من معه، ولا يفوتني أن أذكر موقفه مع المعتدلين منهم فهؤلاء كان يعاملهم معاملة تختلف عن المتزمتين المتعصبين، فقد أثنى على المعلى بن منصور الرازي (¬3) على الرغم من معرفته لرأي شيخه الإمام أحمد فيه. يقول أبو زرعة: "رحم الله أحمد بن حنبل، بلغني أنه كان في قلبه غصص من أحاديث ظهرت عن المعلى بن منصور، كان يحتاج إليها، وكان المعلى أشبه القوم بأهل العلم؛ ذلك أنه كان ¬
طلابة للعلم ورحل وعنى به فصبر أحمد عن تلك الأحاديث، ولم يسمع منه حرفاً، وأما علي بن المديني، وأبو خيثمة، وعامة أصحابنا سمعوا منه ... " ثم قال بعد كلام: "المعلى صدوق" (¬1) وكذلك فقد كان يحترم آراء الحفاظ الآخرين، فلقد كان محمد بن عمير، أبو بكر الطبري (¬2) جليسه والمفتي في مجلسه، كان يفتي برأي أبي ثور (¬3) . 3- مكانة الري بالنسبة للمراكز العلمية الأخرى في بلاد المشرق عد الرامهرمزي الري من المراكز العلمية التي رحل إليها العلماء طلباً للحديث وغيره من العلوم، وكذلك ذكرها السخاوي ضمن المدن التي اهتم أهلها بالحديث، وتدوينه، وروايته، ولا بد من معرفة الأسباب التي عملت في تكوين هذا المركز المهم الذي ساهم في نشر العلوم الإسلامية، وتنشيط المراكز الأخرى في بلاد المشرق، ويمكننا أن نحصر هذه الأسباب والعوامل بالنقاط التالية: 1- لقيت الري قبل الإسلام عناية كبيرة، وحظيت بقدسية ومهابة في نفوس المجوس من أبناء فارس باعتبارها المكان المقدس الثاني عشر عندهم ولأن زرادشت كان من أهلها. ¬
2- أصبحت مركزاً مهما في ظل الدولة الإسلامية، وإحدى القواعد الرئيسة للفتوحات الإسلامية، ونشر الدعوة بين شعوب وأمم تلك البلاد، وكذلك لعبت دوراً مهما في إخماد بعض الثورات والفتن التي قامت في أواخر العصر الأموي والعصر العباسي الأول ودهراً من الثاني، بل كانت مسرحاً لبعض المعارك والحروب. 3- كانت المركز التجاري الرئيسي حيث عمل على تنسيق التجارة بين دول المغرب ودول المشرق، إضافة إلى المواد التي كانت تصدرها. 4- مكانها الجغرافي، حيث كانت تقع في طريق قوافل الحجاج القادمة من نيسابور، ومرو، وبلخ، وهراة، وغيرها من البلاد، وهذا يعني نزولهم في خانات الري ودور الضيافة فيها (¬1) ، وعقد المجالس العلمية وروايتهم للحديث وتدوينهم لما فاتهم من سماعه وذلك حسب مدة إقامتهم فيها. 5- انتعاش الحالة الإقتصادية فيها، وهذا عامل مهم في دعم وتنشيط الحركة العلمية. 6- تشجيع بعض الخلفاء وأمرائهم لمجالس العلم وتقريب العلماء. 7- وجود العوائل العلمية التي كان العلماء المبرزون فيها يورثون أبناءهم علومهم، ومصنفاتهم، ومروياتهم، وهم بدورهم يحافظون عليها ويروونها لطلاب العلم من أبناء الري والقادمين إليهم من الأقاليم الأخرى. 8- اشتهار عدد من علمائها بالحفظ والإحاطة بالسنة النبوية ورواة الآثار والعلوم الأخرى. 9- نشوء بعض الفرق الكلامية فيها، ونشاط أصحابها في نشرها، مما كان يحمل العلماء الأعلام على رد وتفنيد مقالاتهم الباطلة بالحجة والبرهان وتصنيف الكتب ضدهم. ¬
وبعد عرضنا لأهم الأسباب والعوامل التي جعلت من الري مركزاً مهما ظل فترة طويلة يمد التراث الإسلامي بالعلماء والمصنفات نذكر أهم العلماء الذين رحلوا إلى الري وحدثوا بها: 1- (ع) الإمام سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي مولاهم أبو محمد الكوفي الذي قال عنه أبو القاسم الطبري: "ثقة إمام حجة على المسلمين". قتل سنة 95 هـ (¬1) . 2- (4) الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو القاسم الخراساني، قال عنه ابن معين وأبو زرعة والعجلي والدارقطني: "ثقة". ولقي الضحاك سعيد بن جبير في الري وأخذ عنه التفسير. ت 105 هـ (¬2) . 3- (ع) عامر بن شراحيل بن عبدٍ الشعبي، الحميري، أبو عمرو الكوفي الذي قال عن نفسه: "أدركت خمسمائة من الصحابة"، قال عنه ابن معين وأبو زرعة وغير واحد: "ثقة"، دخل الري مع قتيبة بن مسلم الباهلي- رحمه الله- توفي الشعبي سنة 103 هـ وقيل غير ذلك (¬3) . 4- خباب بن نافع الضبي الكوفي الذي يروي عن نافع مولى ابن عمر (ت 117 هـ) قال ابن أبي حاتم في ترجمته: "قدم الري زائراً لجرير بن عبد الحميد (ت 188 هـ) ، روى عنه يحيى بن المغيرة". ولم أقف على تاريخ وفاة خباب (¬4) . 5- (بخ م 4) الحجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة النخعي أبو أرطأة الكوفي القاضي أحد الفقهاء وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس، شخص إلى الرّيّ بصحبة الخليفة المهدي- رحمه الله- 169هـ- قال خليفة بن خياط: "مات بالري". توفي الحجاج سنة145 هـ (¬5) . ¬
6- الإمام محمد بن الحسن الشيباني أبو عبد الله أحد الفقهاء وصاحب الإمام أبي حنيفة- رحمه الله- كان من بحور العلم والفقه قوياً في مالك، وتفقه على أبي حنيفة وسمع الحديث من الثوري والأوزاعي ومسعر وغيرهم. قال الشافعي: "حملت عن محمد وقر بعير كتباً". قال ثعلب: "توفي الكسائي ومحمد بن الحسن في يوم واحد فقال الناس: "دفن اليوم اللغة والفقه". وذلك سنة 180 هـ برنبوية من أعمال الريّ (¬1) . 7- (خت م 4) محمد بن اسحاق بن يسار المدني، أبو بكر المطلبي مولاهم. كان الزهري يتلقف المغازي منه وقال عنه شعبة: "أمير المؤمنين لحفظه". وقال ابن عدي: "له حديث كثير وقد روى عنه أئمة الناس ولو لم يكن له من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شيء إلى الاشتغال بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبعثه ومبدأ الخلق لكانت هذه فضيلة سبق إليها وقد صنفها بعده قوم فلم يبلغوا مبلغه". توفي سنة 152 أو 153 هـ (¬2) . 8- (ع) أمير المؤمنين في الحديث سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي الحافظ، الفقيه، العابد، الإمام، الحجة، حدث بالري ما لم يحدث بغيرها من الأمصار، وكان يستعين به القاضي الزبير بن عدي حيث كان يستفتى الثوري في قضايا ترد عليه، ويفتيه الثوري فيقضي بها الزبير، توفي سنة 161 هـ (¬3) . 9- علي بن حمزة بن عبد الله بن قيس الأسدي مولاهم الكوفي الكسائي أحد أئمة القراءة والتجويد في بغداد. وكان نحوياً لغوياً أدب الرشيد وولده ¬
الأمين. قال الشافعي: "من أراد النحو فهو عيال على الكسائي" توفي سنة 180هـ وكان في صحبة الرشيد ببلاد الري (¬1) . 10- (ع) الإمام القدوة الزاهد المجاهد عبد الله بن المبارك المروزي، مولى بني حنظلة الثقة، الثبت، الفقيه الذي جمعت فيه خصال الخير. قال ابن أبي حاتم في ترجمة سعد بن عمرو الرازي: "كان ابن المبارك ينزل عليه إذا قدم الري". توفي سنة 181 هـ (¬2) . 11- أبو الفضل سلمة بن بشير النيسابوري توفي سنة 211 هـ الذي قال عن نفسه: "حدثت بالري أربعين ألف حديث فهل يتهيأ لأحد أن يعتب علي شيئاً؟ " (¬3) . 12- (خ د ت س فق) الإمام علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح، السعدي مولاهم، أبو الحسن، ابن المديني البصري، الثقة، الثبت، أعلم أهل عصره بالحديث، وعلله حتى قال البخاري: "ما استصغرت نفسي إلا عنده"، وقال النسائي: "كأن الله خلقه للحديث". توفي سنة 234 هـ (¬4) . ... وغير هؤلاء الأعلام، وحتى في مجال العلوم الأخرى فقد رحل إلى الري مثلاً الفزاري المنجم محمد بن إبراهيم بن حبيب الكوفي (¬5) . ومما يدل على أهمية الري والرحلة إليها قول الإمام أحمد بن حنبل: "لو كان عندي خمسون درهماً، كنت قد خرجت إلى الري، إلى جرير بن عبد الحميد، فخرج بعض ¬
أصحابنا ولم يمكني الخروج، لأنه لم يكن عندي" (¬1) ومن مجالس العلم المهمة، المجالس التي كان يعقدها وزير المهدي معاوية بن عبيد الله الأشعري (¬2) وكان يحدث في مجلسه محمد بن إسحاق صاحب السيرة النبوية" (¬3) . ¬
الفصل الثاني: اسمه ونسبه، وكنيته، ومولده، وعائلته.
الفصل الثاني: اسمه ونسبه، وكنيته، ومولده، وعائلته. 1- اسمه ونسبه هو عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد (¬1) بن فروخ بن داود (¬2) مولى عياش بن مطرف بن عبيد الله بن عياش بن أبي ربيعة القرشي، المخزومي (¬3) ، ¬
¬
¬
وروى ابن عساكر في تاريخه بسنده إلى أبي زرعة أنه (من موالي عياش بن مطرف) فكان ينسب نفسه فيقول: عبيد الله ابن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ مولى عياش بن مطرف (¬1) ، ونسب الى مدينة الري لأنها مسقط رأسه، وفيها نشأ وطلب العلم، ودرس فيها في مسجده حتى وفاته- رحمه الله. 2- كنيته أما كنيته (أبو زرعة) بضم الزاي فيشترك فيها معه ما ينيف على الخمسين علماً ممن سبقه، أو عاصره، أو أتى بعده (¬2) . وكنيته هذه غطت من اشتهر بها، فإذا ذكرت مجردة من غير نسبة، فالمقصود بها هو، ولقد أطلق عليه هذه الكنية الرازيون الذين زاروا دمشق، والتقوا بأبي زرعة الدمشقي فكنوه بنفس الكنية تيمناً. ذكر ذلك ابن عساكر في تاريخه حيث روى بإسناده إلى أبي زرعة الدمشقي أنه قال: بكنيتى كنى أبا زرعة الرازي، ¬
وذلك أن جماعة من أهل الري قدموا علينا بدمشق قديماً منهم أبو يحيى مزحويه (¬1) فلما انصرفوا إلى الري فيما أخبرني غير واحد، منهم أبو حاتم رأوا هذا الفتى قد كانوا يعنون أبا زرعة الرازي فقالوا له: نكنيك بكنية أبي زرعة الدمشقي ثم لقيني أبو زرعة الرازي فجالسني بدمشق، وكان يذكر لي هذا الحديث وقال لي: تكنيت بكنيتك (¬2) . 3 - ولادته لقد اختلف في تاريخ ميلاده على أقوال هي: ا- قال خليل بن إيبك الصفدي أنه: ولد سنة تسعين ومائة فيما قيل، ويقال سنة مائتين (¬3) . 2- روى الخطيب بسنده إلى أبي زرعة أنه قال: "ولدت سنة مائتين.." (¬4) . 3- ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء أن "مولده بعد نيف ومائتين.." (¬5) . ثم قال الذهبي: "وقد ذكر ابن أبي حاتم أن أبا زرعة سمع من عبد الله بن صالح العجلي (¬6) ، والحسن بن عطية بن نجيح (¬7) ، وهما ممن توفي سنة إحدى عشرة ومائتين فيما بلغني، فإما وقع غلط في وفاتهما، وإما في مولده، ¬
وأما في لقيه لهما.." ثم قال الذهبي في نفس الترجمة: "والظاهر أنه ولد سنة مائتين والله أعلم" (¬1) . 4- قال الحاكم في كتابه (الجامع لذكر أئمة الأمصار المزكين لرواة الأخبار) : "سمعت عبد الله بن محمد بن موسى سمعت أحمد بن محمد بن سليمان الرازي الحافظ يقول: (ولد أبو زرعة سنة أربع وتسعين ومائة.." (¬2) . مناقشة الذهبي: ذكر الذهبي احتمالات ثلاثة تتعلق بتأريخ ميلاد أبي زرعة هي: 1- احتمال وقوع الغلط في تأريخ وفاة عبد الله بن صالح العجلي، والحسن بن عطية بن نجيح. وهذا احتمال ضعيف، وذلك لأن تاريخ وفاتهما صحيح، فقد نص الحافظ جمال الدين المزي على أن العجلي توفي سنة 211 هـ (¬3) ، وقد نقل الذهبي نفسه عن أحمد العجلي أنه قال: "مات والدي سنة 211 هـ"، وقد أيد هذا التأريخ ابن حجر (¬4) ، وكذلك تاريخ وفاة الحسن بن عطية، فقد نص عليه البخاري (¬5) ، وأقره المزي، والذهبي، وابن حجر، وغيرهم (¬6) . 2 -احتمال وقوع الغلط في لقيه لهما وهذا الآخر بعيد لأن من عادة المحدثين الذين صنفوا كتب الرجال إذا روى أحد الرواة عن آخر بواسطة- لعدم لقائه به مثلاً- يذكر ذلك، ولما لم يذكر أو يلمح المزي أو غيره أن أبا زرعة روى عنهما بواسطة، فإن الحجة مع من نص على الرواية المتضمنة للقيّ. 3- احتمال وقوع الغلط في تأريخ ميلاده، وهذا الاحتمال أراه قوياً. ¬
4- نقل الذهبي قول أبي عبد الله الحاكم بعد أن ذكر الاحتمالات، ولم يعترض عليه أو يفند قوله، أو يعقب عليه، وهذا يشير إلى أنه قد تردد، ولم يجزم. القول الراجح: ترجح لي القول الرابع الذي ذكره الحاكم النيسابوري، وذلك للأسباب الآتية: 1- أن الحاكم ذكر هذا التاريخ عن شيخه عبد الله بن محمد بن موسى سماعا وشيخه أيضاً سمعه من شيخه أحمد بن محمد بن سليمان الرازي الحافظ التي عاصر أبا زرعة وهذا يجعل مجال التردد ضيقاً لقرب المدة ما بين الحاكم، وأحمد بن محمد الرازي الحافظ، والتصريح بالسماع. 2- ذكر الحاكم في تاريخ نيسابور (¬1) ، حادثة مهمة تتعلق بتحديد تاريخ ميلاد أبي زرعة، مفادها أن علياً الرضا بن موسى بن جعفر بن محمد الباقر - رضي الله عنهم- حينما قدم إلى نيسابور في السفرة التي نال فيها فضيلة الشهادة عرض له في السوق أبو زرعة الرازي، ومحمد بن أسلم الطوسي (¬2) ، ومن المعلوم أن علي الرضا توفي سنة 203 هـ في شهر صفر (¬3) ، وهذا الخبر الذي ذكره الحاكم في تاريخ نيسابور ينسجم مع ¬
تاريخ ولادته التي ذكرها في كتابه (الجامع لذكر أئمة الأمصار..) وعليه يكون محدثنا يوم التقى بعلي الرضا بنيسابور ابن تسع وهذا يحتمل منه لاسيما وأنه قد وصف بالفطنة والحفظ، وطلبه للحديث في سن مبكرة، وكان يستقبله بعض الأئمة (¬1) بعد أن يعكف على دراسة مجموعة عظيمة من الأحاديث، وحينما يسأل عن سبب اعتكافه يقول: بلغني ورود هذا الغلام، والغلام هو الذي لم يبلغ الحلم، ولم ينبت شاربه. أما التاريخ الذي ذكره الصفدي أي سنة 190 هـ- فهو ضعيف ولكن يجعل النفس تميل إلى ترجيح سنة 194 هـ والله أعلم. أما التاريخ الذي ذكره الخطيب البغدادي، وغيره فيتعارض مع التاريخ الراجح، وإن صح اتصال سند الرواية عن الخطيب حتى أبي زرعة من غير ضعف استبعد التاريخ الذي ذكره الحاكم في كتابه (الجامع لذكر أئمة الأمصار..) وبهذا أيضاً تنهار الحكاية أو الحادثة التي ذكرها الحاكم نفسه في كتابه تاريخ نيسابور لاستحالة احتمال سماع أبي زرعة من علي الرضا لأن عمر أبي زرعة يكون على التاريخ الذي ذكره الخطيب سنتان. 4- عائلته واهتمامها بالعلم تعتبر عائلة أبي زرعة الرازي من أهم العوائل المشهورة التي كانت تعنى بالعلوم الإسلامية لا سيما الحديث الشريف، فقد خلف يزيد بن فروخ الرازي جد أبي زرعة ثلاثة من المحدثين هم: 1- إسماعيل بن يزيد (¬2) ، طلب الحديث فروى عن السندي عن عبدويه، واسحاق بن سليمان، وعبد الصمد العطار، ولعله هو نفسه ¬
عبد الصمد بن النعمان البزاز (¬1) ، وعبد الله بن هاشم الكوفي نزيل الري (¬2) ، وعثمان بن سعيد بن مرة القرضي المري، أبو عبد الله، كوفي قدم الري ثم رجع إلى الكوفة، وكتب عنه إسماعيل بن يزيد بالري (¬3) . ولقد كان يصحب معه الفتيان من عائلته في رحلاته في طلب الحديث. نقل أبن أبي حاتم في ترجمة محمد بن حاتم الجرجرائي عن أبيه أنه قال: "قدمنا جرجرايا، وكان خالي إسماعيل معي وهو مريض، وكان بها محمد بن حاتم فاشتغلت بعلة خالي، ولم أسمع منه وكان صدوقاً" (¬4) . 2- محمد بن يزيد، أبو جعفر الأحدب، طلب الحديث أيضاً فروى عن حبويه إسحاق بن إسماعيل، والسندي عن عبدويه، وإسحاق ابن سليمان. قال ابن أبي حاتم في ترجمته: "روى عنه أبي (¬5) ووثقه بالعبادة والحفظ والفقه لرأي القوم" ثم قال: "سئل أبي عنه؟ فقال: صدوق" (¬6) . 3- عبد الكريم بن يزيد والد أبي زرعة. قال ابن أبي حاتم في ترجمته بعد أن ذكر اسمه ونسبه "روى عنه أبي سألت أبي عنه؟ فقال: شيخ" (¬7) . ولقد كان مقرباً عند العلماء حريصاًَ على مجالستهم، ومن حرصه على العلم وطلبه للحديث كان يربي ابنه أبا زرعة على نهج المحدثين فيأخذه إلى مجالس العلماء المحدثين كي يعتاد عليها، ويتعرف على روادها وهو لا يزال غلاماًَ صغيراً. فيحدثنا أبو زرعة عن نفسه حينما بدأ يدخل مجالس أهل العلم فيقول: "ذهب بي أبي إلى عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد ¬
الدشتكي (¬1) فلما رأيته نفرت من هيبته فتقدم أبي إليه فسلم عليه، وقعد بجنبه فلم أزل أدنو، وأنظر إليه ولا أجسر من الهيبة أن أدنو منه، فلما رآني أتقدم قال لأبي: من هذا؟ فقال: هذا ابني قال: ادعه، فدعاني فجئت حتى دنوت من أبي فقال لي عبد الرحمن ادن مني، وأنا أدنو شيئاً بعد شيء، فلم يزل يقول ادن، حتى دنوت فأظنه أقعدني على فخذه أو أقعدني بجنبه ... "، ثم قال أبو زرعة: "فتفرس فيّ فقال لأبي: إن ابنك هذا سيكون له شأن ويحفظ القرآن، والعلم"، وذكر أشياء (¬2) . ولقد استفاد أبو زرعة من أبيه، ونقل عنه ما يدل على معرفته بالرجال، وتمييز الأحاديث. قال ابن أبي حاتم في ترجمة العلاء بن الحصين، أبو الحصين قاضي الري: "سمعت أبا زرعة يقول: سمعت أبي يقول: كان العلاء بن الحصين قاضياً بالري نزل الأردان، وكان يقضي في حصن الأردان" (¬3) . أشار ابن أبي حاتم في ترجمة عمرو بن حكام الأزدي، أبي عثمان إلى أخ لأبي زرعة كان معنياً بالحديث أيضاً فقال: سألت أبا زرعة عن عمرو ابن حكام؟ فقال: قدم الري وكتب عنه أخي أبو بكر ... (¬4) . وهكذا نجد أمثلة تدل بوضوح على اهتمام عائلة أبي زرعة في الحديث النبوي الشريف مكنت وهيأت لأبي زرعة المكانة البارزة فيهم لخدمة السنة النبوية.، وكذلك فقد استفاد من عائلة إدريس بن المنذر الحنظلي زوج عمته فقد صحب أبا حاتم ابن عمته، ورحلا إلى أماكن كثيرة في طلب الحديث، وروى عنه وبعض من أقرانه. ¬
الفصل الثالث: نشأته ورحلاته في طلب العلم
الفصل الثالث: نشأته ورحلاته في طلب العلم 1- نشأته وتحصيله العلمي إن نضوج الحركة العلمية في مدينة الري كان لها أثر كبير على أبي زرعة في تحصيله العلمي، وخاصة جو الأسرة التي عاش وترعرع فيها حيث توجيهات أبيه، وأعمامه، ومن ثم الجهد الذي أبداه في رحلاته إلى المراكز العلمية الأخرى والصبر على طلب الحديث، ولقائه بكبار المحدثين، والمشهورين في سعة الرواية والدراية من علماء عصره كل ذلك مكنه من بلوغه مكانة الأئمة الحفاظ، وجعله يشار إليه بالبنان، ويحتج بأقواله في الجرح والتعديل وبيان علل الحديث سنداً ومتناً، وظل من بعده من الأئمة يستشهدون بآرائه الصائبة، ويستنبطون القواعد من فوائده رحمه الله. ابتدأ أبو زرعة بطلب الحديث في سن مبكرة، وقد مر آنفاً اهتمام أبيه به وحمله إلى مجالس العلماء كالدشتكي، وغيره. وكان صاحب همة، طلابة للعلم حريصاً على مجالسه يقول عن نفسه "كنا نبكر بالأسحار إلى مجلس الحديث نسمع من الشيوخ، فبينما أنا يوماً من الأيام قد بكرت، وكنت حدثاً إذ لقيني في بعض طرق الري من سماه أبي ونسيته أنا شيخ مخضوب بالحناء فيما وقع لي فسلم عليّ فرددت السلام فقال لي: يا أبا زرعة سيكون لك شأن وذكر ... " (¬1) وكان يتتبع ¬
العلماء في مجالسهم، ويأخذ عنهم سواء عن الذين يمرون بالري، أو الذين نزلوا بها، ولقد كان علماء بلده يعرفون فضله وحفظه للحديث منذ نعومة أظفاره، ويفتخرون به أمام من يقدم عليهم من الحفاظ، فقد روى الخطيب بسنده إلى أبي العباس محمد بن إسحاق الثقفي أنه قال "لما انصرف قتيبة بن سعيد (¬1) إلى الري سألوه أن يحدثهم فامتنع وقال: أحدثكم بعد أن حضر مجالسي أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو خيثمة؟ قالوا له: فإن عندنا غلاماً يسرد كل ما حدثت به مجلساً مجلساً، قم يا أبا زرعة، فقام أبو زرعة فسرد كل ما حدث به قتيبة، فحدثهم قتيبة" (¬2) . ومما يدل على تبكيره في طلب العلم وتقييد الحديث قوله عن نفسه "إن في بيتي ما كتبته منذ خمسين سنة ولم أطالعه منذ كتبته.." (¬3) . ولم أقف على نص يحدد لنا بالضبط السنة التي ابتدأ بها أبو زرعة تلقّيه العلم، وروايته للحديث إلا أن الحاكم النيسابوري ذكر أن أبا زرعة ارتحل من الري وهو ابن ثلاث عشرة سنة (¬4) . ومن المعلوم أن طالب العلم قبل أن يبتدىء بالرحلة في طلب الحديث، ¬
يحفظ ويدون أحاديث شيوخ بلده (¬1) والقرى المجاورة لها، والقادمين إليها، ويعد من القلائل الذين رحلوا في طلب الحديث في مثل سنه، وبرحلته إلى المدن والمراكز القريبة والبعيدة عن بلده ابتدأ طوراً جديداً في حياته العلمية (¬2) إذ فيها يلتقي بمن كانت تشد الرحال إليهم لغزارة علمهم، وكثرة حفظهم. سئل أبو زرعة في أي سنة كتبتم عن أبي نعيم- الفضل بن دكين-؟ قال: "في سنة أربع عشرة ومائتين ومات في سنة ثماني عشرة ومائتين" (¬3) ، وأخذ التفسير عن الأئمة الكبار المعنيين به والثقات في روايته (¬4) وكذلك علم القراءات أتقنه من عيسى بن ميناء، المعروف بقالون المقرىء، وحفص الدوري، وخلف البزار، وغيرهم (¬5) وكان يقول: "أنا أحفظ ستمائة ألف حديث صحيح وأربعة عشر ألف إسناد في التفسير والقراءات، وعشرة آلاف حديث مزورة، قيل له: ما بال المزورة تحفظ؟ قال: إذا مرّ بي منها حديث عرفته" (¬6) ، وأخذ ولعه وحبه لطلب الحديث يزداد كلما ازداد حفظه له، وكان رحمه الله يكثر من ملازمة الأئمة الأفذاذ ويستزيد منهم كتابة الحديث كأحمد بن حنبل (¬7) ، وابن أبي شيبة وغيرهم. روى الخطيب بسنده إلى أبي زرعة أنه قال: "كتبت عن رجلين مائتي ألف حديث، كتبت عن إبراهيم الفراء مائة ألف حديث، وعن ابن أبي شيبة عبد الله ¬
مائة ألف حديث" (¬1) ، ولازم إبراهيم بن موسى الفراء ثماني سنين من سنة أربع عشرة في آخرها إلى سنة اثنتين وعشرين (¬2) ، وكتب عن أبي سلمة التبوذكي عشرة آلاف حديث، وعن حماد بن سلمة عشرة آلاف حديث أيضاً (¬3) . وكان إلى جانب تلقيه العلم وروايته للحديث وتقييده ينشر السنة النبوية ويعلمها للناس، ويدافع عنها ويرد على المخالفين المعترضين، وكان تقبل عليه جموع الطلبة فيروي لهم ويسمع منهم الحديث ويصوب الصحيح، ويعلل الضعيف، وكان ابن أبي حاتم يقول عنه: "كان أبو زرعة قل يوم ألا يخرج معه إلى المسجد كتابين أو ثلاثة كتب لكل قوم كتابهم الذي سألوه فيه فيقرأ على كل قوم ما يتفق له القراءة من كتاب ثم يقرأ للآخر كتابه الذي قد سأل فيه أوراقاً ثم يقرأ للثالث كمثل ذلك فإذا رجعوا أولئك في يومهم يكون قد أخرج معه كتابهم فيجيء إلى الموضع الذي كان قرأ عليهم إلى ذلك المكان فيقرأ من غير أن يسألهم: إلى أين بلغتم؟ وما أول مجلسكم؟ فكان ذلك دأبه كل يوم لا يستفهم من أحد منهم أول مجلسه وهذا بالغداة وبالعشي كمثل، ولا أعلم أحداً من المحدثين قدر على هذا" (¬4) . 2- رحلاته قي طلب العلم يعد القرن الثالث الهجري العصر الذهبي للسنة النبوية حيث تضافرت فيه جهود المحدثين في مختلف مجالاتهم ضمن علومها الواسعة، من حيث تمييز الحديث الصحيح وإفراده بالتصنيف دون كلام الصحابة والتابعين. ووضعوا ¬
قواعد للجرح والتعديل لمعرفة الرجال، وكذا الجمع والتوفيق بين المتعارض الصحيح منه، والاعتناء بشرح غريبه، وغير ذلك، ومن هذه الجهود العظيمة التي يحق للمؤمنين أن يفتخروا بها رحلات العلماء في طلب الحديث حيث نشطت في القرن الثالث أكثر من ذي قبل، فكانوا يخرجون من بلادهم تاركين الأهل والأحبة ابتغاء مرضاة الله وحرصاً على تدوين حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن أصحابه قد انتشروا في البلاد وسمع البعض منهم ما لم يسمعه البعض الآخر، وحرصاً على تنسيق وتدوين أقواله وأفعاله، حركاته وسكناته، وغزواته، وشمائله، حله، وترحاله، تحملوا الصعاب وقطعوا الفيافي والقفار، وأخذوا يصيبون على من لا يرحل حتى قال يحيى بن معين: "أربعة لا تؤنس منهم رشداً، منهم رجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث" (¬1) . وقال ابن أدهم: "إن الله تعالى يرفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث" (¬2) . ولم تكن رحلتهم لمجرد اللقاء بالشيوخ وتدوين أحاديثهم، بل كانوا يهدفون منها التعرف على الرواة وأحوالهم من حيث التوثيق والتجريح، واهتمامهم بالتصنيف وغير ذلك من أهل مدنهم وقراهم، وكذلك كانوا يحرصون على علو الإسناد ولقاء الحفاظ. يقول الخطيب البغدادي: "المقصود بالرحلة في الحديث أمران: أحدهما: تحصيل علو الإسناد، وقدم السماع، والثاني: لقاء الحفاظ والمذاكرة لهم والاستفادة عنهم، فإذا كان الأمران موجودين في بلد الطالب، ومعدومين في غيره فلا فائدة في الرحلة فالاقتصار على ما في البلد أولى" (¬3) ، ولقد كان لأهل الري نصيب محمود في هذا السعي المبارك، فعدها الرامهرمزي من المراكز العلمية التي كان المحدثون يشدون الرحال إليها طلباً لتدوين الحديث عن علمائها (¬4) ، وكذلك ذكر ضمن الراحلين الذين جمعوا بين الأقطار، أبا زرعة، ¬
وأبا حاتم وعدهما من الذين جمعوا بين العراق، والحجاز، والجزيرة، والشام (¬1) ، ولقد حسدهم على هذه المكانة بعض أهل العلم مما حمل أبا حاتم على أن يرد عليه، وعلى أمثاله، قال ابن أبي حاتم في ترجمة داود بن خلف الأصبهاني إمام أهل الظاهر: "وأما أبي رحمه الله فحمل إليه كتاب له يسميه كتاب البيوع وقصد أهل الحديث وذمهم وعابهم بكثرة طلبهم للحديث ورحلتهم في ذلك فأخرج أبي كتابا في الرد عليه في نحو خمسين ورقة" (¬2) ولقد عد الحافظ المزي أبا زرعة من الجوالين المكثرين (¬3) ، وذكر الداوودي بعض المدن التي رحل إليها أبو زرعة وهي (الحرمان، والعراق، والشام، والجزيرة، وخراسان، ومصر) (¬4) ، وهذه البلاد كان فيها أهم المراكز العلمية. بعد هذه المقدمة نريد التعرف على رحلات أبي زرعة والمدن والبلاد التي دخلها، وكيف كان بعض الأئمة يستقبله ويتهيأ للقائه مع ذكر بعض أخباره في تلك البلاد. من المعلوم أن المحدث حينما يبتدئ بطلب الحديث وتدوينه يحرص على تحمله وروايته عن علماء بلده، وعمن كان يمرّ عليهم من العلماء ثم يبتدئ بالخروج والتجوال في القرى المحيطة بهم. وهكذا كان أبو زرعة رحمه الله فقد لازم الشيوخ الكبار في مدينة الري وحرص على تدوين حديثهم، وكذلك حرص على ملازمة من يقدم إلى الري من المدن الأخرى فيستقر أو يمر بها، فيقول أبو زرعة عن نفسه: "وكتبت بالري قبل أن أخرج إلى العراق نحو ثلاثين شيخاً منهم عبد الله بن الجراح (¬5) وعبد العزيز بن المغيرة (¬6) ، وعبد الصمد بن ¬
حسان (¬1) وجعفر بن عيسى (¬2) ، وبشر بن يزيد (¬3) ، وسلمة بن بشير (¬4) ، وعبيد بن إسحاق" (¬5) ، وذكر شيوخاً كثيرة (¬6) ، وبعد اغترافه من منهل النبوة العذب الذي استقاه علماء الري، ومن نزل بها، شد الرحال على سنة الرجال، وكان قصده الكوفة التي كانت تموج بالعلماء والمحدثين، وقد اعتاد طلاب العلم السفر جماعة ومع رفقة مأمونة وذلك لمخاطر الطرق ووعورتها، والمفاوز والقفار، إضافة إلى اللصوص والأشرار. يقول بعض الباحثين عند كلامه عن سفر العلماء وطلاب العلم: " (يندر سفر رجال بمفردهم إذ أن الطرق العامة كانت غير مأمونة، والطريقة الاعتيادية كانت أن يصاحب الفرد قافلة عند انتقاله من مكان إلى آخر والذي يقوي احتمال قيام الفرد بهذا الأمر هو كون كثير من العلماء إن لم نقل معظمهم كانوا يجمعون بين الدراسة والشغل، فكانوا يسافرون كتجار للاشتغال في تجارتهم ويشغلون أنفسهم بطلب العلم خلال بقائهم التي قد تطول أو تقصر مدته في المدن المختلفة ... " (¬7) . وهكذا ارتحل أبو زرعة (وهو ابن ثلاث عشرة سنة) (¬8) ¬
بصحبة مجموعة من أهل الري يطلبون الحديث، ولا شك أنهم قد مروا على بعض المراكز المهمة التي اشتهرت بعلمائها، ومجالس الحديث فيها قبل وصولهم إلى الكوفة، ولقد أقام أبو زرعة في رحلته الأولى هذه في الكوفة مدة عشرة أشهر (¬1) . والظاهر أنه سمع في إقامته هذه من أبي نعيم الفضل بن دكين فقد سئل في أي سنة كتبتم عن أبي نعيم؟ قال: "في سنة أربع عشرة ومائتين، ومات في سنة ثماني عشرة ومائتين" (¬2) . رحلته الثانية: تعتبر رحلته الثانية من أطول الرحلات مدة، ولعل أهمها فقد ابتدأ بها من سنة 227 هـ إلى أول سنة 232 هـ، فزار مراكز علمية كثيرة، ومدناً، وقرى. ولنستمع إليه حيث يحدثنا عن رحلته هذه فيقول: "خرجت من الري المرة الثانية سنة سبع وعشرين ومائتين، ورجعت سنة اثنتين وثلاثين في أولها، بدأت فحججت ثم خرجت إلى مصر فأقمت بمصر خمسة عشر شهراً، وكنت عزمت في بدو قدومي مصر أني أقل المقام بها، فلما رأيت كئرة العلم بها وكثرة الاستفادة عزمت على المقام ولم أكن عزمت على سماع كتب الشافعي، فلما عزمت على المقام وجهت إلى أعرف رجل بمصر بكتب الشافعي فقبلتها منه بثمانين درهماً أن يكتبها كلها وأعطيته الكاغد (¬3) وكنت حملت معي ثوبين ديبقيين لأقطعهما لنفسي فلما عزمت على كتابتها أمرت ببيعها فبيعا بستين درهماً واشتريت مائة ورقة كاغد بعشرة دراهم كتبت فيها كتب الشافعي. ثم خرجت إلى الشام فأقمت بها ما أقمت، ثم خرجت إلى الجزيرة (¬4) وأقمت ما أقمت، ثم رجعت إلى بغداد سنة ثلاثين في آخرها، ¬
ورجعت إلى الكوفة وأقمت بها ما أقمت، وقدمت البصرة فكتبت بها عن شيبان (¬1) وعبد الأعلى"، (¬2) ، (¬3) . رحلته الثالثة: ويحدثنا أبو زرعة عن رحلته الثالثة فيقول: "أقمت في خرجتي الثالثة بالشام، والعراق، ومصر أربع سنين وستة أشهر فما أعلم أني طبخت فيها قدراً بيد نفسي" (¬4) . فتبين من هذه النصوص أن أبا زرعة رحمه الله قام برحلات ثلاث الى بلاد العراق، وبلاد الشام ومصر وغيرها من المراكز المهمة تميزت بطول المدة، وتعدد الأماكن هذا عدا الرحلات القصيرة التي قد تستغرق الأسابيع أو الأيام بين مدينة الري ومدن المشرق الأخرى، وسأجتهد في ذكر جميع الأماكن التي رحل إليها ولقي فيها الشيوخ والأئمة مع ذكر بعض أحواله وأخباره في بعض تلك الأماكن لأنه كان حريصاً على السماع في كل بلد من بلاد المسلمين حتى إنه كان يذهب إلى ثغور (¬5) المسلمين فيسمع من العلماء المرابطين المجاهدين ¬
فقد روى الخليلي بسنده إلى البرذعي أنه قال: "سمعت أبا زرعة الرازي يقول: لم أعرف لنفسي رباطاً خالصاً في ثغرة قصدت قزوين مرابطاً ومن همتي أن أسمع الحديث من الطنافسي (¬1) ومحمد بن سعيد بن سابق (¬2) ، ودخلت بيروت مرابطاً ومن همتي أن أسمع عن العباس ابن الوليد (¬3) ، ودخلت رها (¬4) مرابطاً ومن نيتي أن أسمع عن أيى فروة الرهاوي (¬5) فلا أعرف لنفسي رباطاً خلصت نيتي فيه، ثم بكى) (¬6) وزاد الذهبي قوله: "وأما عسقلان فأردنا محمد بن أبي السري" (¬7) . ¬
3- رحلة أبي زرعة إلى بعض الأماكن القريبة قرية وهبن: قال ابن أبي حاتم في ترجمة مغيرة بن يحيى بن المغيرة السعدي الرازي "من قرية وهبن (¬1) من رستاق القرج، وأبوه يحيى بن المغيرة صاحب جرير الذي رحل إليه أبي وأبو زرعة رحمهما الله" (¬2) . أفرندين (¬3) : قال ابن أبي حاتم في ترجمة إسحاق بن الحجاج الطاحوني المقرىء: "سمعت أبي يقول: كنت عزمت أنا وأبو زرعة أن نخرج إليه من وهبن بعد فراغنا من يحيى بن المغيرة، وكتب إلينا أن محمد بن مقاتل المروزي (¬4) قد وافى أفرندين، فخرجنا من هناك إلى أفرندين" (¬5) . ¬
4- رحلته إلى قزوين (¬1) ترجم صاحب تاريخ قزوين (¬2) لأبي زرعة وذكر بعض الذين روى عنهم أبو زرعة، وكذا أسماء من روى عنهم وبعض أخباره وثناء العلماء عليه، ومن المعلوم أنه قد ترجم في كتابه هذا لكل من دخل قزوين، قال الحافظ الخليلي في (الإرشاد) في ترجمة أبي زرعة: "وسمع منه من أهل قزوين، أبو عبد الله ابن ماجة، وموسى بن هارون بن حيان والحسين بن علي الطنافسي، وأحمد بن إبراهيم بن سمويه العجلي، وإسحاق بن محمد الكيساني، وأبو بكر بن هارون بن الحجاج ... " (¬3) . وقال أيضاً في ترجمة أبي الحسن علي بن محمد الطنافسي المتوفى سنة 233 هـ، وأخيه الحسن المتوفى سنة 222 هـ: "إماما قزوين، وارتحل إليهما الكبار، أبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن مسلم بن وارة، ومحمد بن أيوب" (¬4) . وقال أيضاً في ترجمة محمد بن سعيد بن سابق المتوفى سنة 216هـ "ارتحل إليه أبو زرعة وأبو حاتم ومحمد بن أيوب، وسهل بن زنجلة وابنه" (¬5) . ولعله قد رحل إلى قزوين قبل سنة 214 هـ، وذلك لتقدم وفاة محمد بن سعيد، وأرجح إنها كانت سنة 213 هـ، لأن الخليلي نقل عن أبي حاتم أنه قال: "دخلت قزوين سنة ثلاث عشرة ومائتين مع خالي محمد بن يزيد ... " (¬6) ولقد كان أبو زرعة وأبو حاتم يرحلان مع بعض في كثير من الرحلات. ¬
5- رحلته إلى ساوَهْ (¬1) قال الخليلي في ترجمة عيسى بن موسى المعروف بغنجار المتوفى سنة 187 هـ "وروى عنه أهل بخارى وروى عنه محمد بن أمية الساوي (¬2) أحاديث ذوات عدد فقصده أبو زرعة وأبو حاتم لسماع ذلك" (¬3) . 6- رحلته إلى نيسابور ذكر أبو عبد الله الحاكم في تاريخ نيسابور أن أبا زرعة الرازي التقى بعلي بن موسى الرضا هو ومحمد بن أسلم الطوسي مع طلبة العلم والحديث وحدثهم بحديث من طريق آبائه رضي الله عنهم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رب العزة سبحانه وتعالى أي حديث "كلمة لا إله إلا الله حصني. فمن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي" (¬4) . ¬
وقيل لإسحاق بن راهويه (¬1) : "إن هذا الصبي الرازي يعني أبا زرعة وارد عليك فكان يصلي يومئذ ثم يرجع إلى البيت ولا يأذن لأحد فقيل له في ذلك فقال: بلغني أن هذا الفتى وارد، وقد أعددت مائة وخمسين ألف حديث ألقيها عليه. خمسون ألفاً منها معلولات لا تصح" (¬2) . 7- رحلته إلى بغداد قال الخطيب البغدادي في ترجمة أبي زرعة: "قدم بغداد غير مرة، وجالس أحمد بن حنبل وذاكره وحدث، فروى عنه من البغداديين إبراهيم ابن إسحاق الحربي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وقاسم بن زكريا المطرز ... " (¬3) ولما كانت بغداد دار الخلافة والعلم وملتقى علماء بلاد الإسلام نشط طلاب العلم للرحلة إليها والمكث الطويل فيها وأصبحت الرحلة إليها من الواجبات بالنسبة للمحدثين لذا حرص على القدوم إليها معظم العلماء الأعلام من أهل المشرق والمغرب وكان الكثير منهم لا يكتفي بزيارة واحدة إليها ¬
بل يكثر من المكوث فيها، وكان معظم علماء مدن بلاد خراسان ونيسابور وما وراء النهر يمرون بها حين ذهابهم إلى بلاد الشام ومصر والحجاز والعودة منها، فحرص أبو زرعة على ملازمة أئمتها والاغتراف من علمهم، ففي رحلاته الثلاث دخل بغداد، واستفاد من علمائها وأفاد وهذه بعض أخباره في بغداد. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "لما ورد علينا أبو زرعة نزل عندنا، فقال لي أبي: يا بني قد اعتضت بنوافلي مذاكرة هذا الشيخ" (¬1) ولقد استفاد الإمام أحمد على غزارة علمه من تلميذه أبي زرعة وصحح له بعض الأحاديث التي توقف في تصحيحها، فقد روى الخطيب بسنده إلى محمد بن صالح البغدادي أنه قال: "رأيت أبا زرعة دخل على أحمد بن حنبل وحدثه، ورأيته قد مجمج (¬2) على حديث كان حدثه عبد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى بين جنبيه. وقد مجمج عليه أحمد فقال له أبو زرعة أي شيء خبر هذا الحديث؟ فقال: أخاف أن يكون غلطاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن سفيان قد حدث عن منصور عن إبراهيم إنه كان إذا سجد جافى بين جنبيه. فقال له أبو زرعة: يا أبا عبد الله الحديث صحيح، فنظر إليه فقال أبو زرعة: حدثنا أبو عبد الله البخاري محمد بن إسماعيل حدثنا رضوان البخاري قال حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن سالم، عن جابر: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ¬
سجد جافى بين جنبيه". وحدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام بن يوسف الصنعاني أخبرنا معمر، عن سالم، عن جابر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى بين جنبيه".- فقال أحمد: هات القلم إليَّ فكتب صح، صح، صح، ثلاث مرات" (¬1) . ولقد كان يجتمع عليه الحفاظ لامتحانه ومذاكرته قال أحمد بن خالد بن الحروري: "دخل أبو زرعة بغداد متوجهاً إلى الحج فاجتمع إليه الحفاظ يذاكرونه وهو يجيب ويغلبهم في المذاكرة حتى عجزوا عن مذاكرته فقام واحد منهم فقال في أذنه: "يا داماما" وشتمه بأقبح شتيمة فتبسم أبو زرعة وقال له: يا هذا اشتغل بالعلم فإن هذا بعيد مما نحن فيه" (¬2) . 8- دخوله لمدينة واسط قال أبو يعلى الموصلي عن أبي زرعة: "كتبنا بانتخابه بواسط ستة آلاف" (¬3) . 9- إقامته في حديثة النورة ومن المدن التابعة للعراق والتي دخلها محدثنا، واستفاد من أهل العلم فيها مدينة حديثة (¬4) فدخلها بعد رجوعه من مصر. قال أبو زرعة وهو يجيب على ¬
البرذعي- حينما سأله عن سويد بن سعيد (¬1) : "لما قدمت من مصر مررت به فأقمت عنده، فقلت: إن عندي أحاديث لابن وهب، عن ضمام ليست عندك؟ فقال: ذاكرني بها، فأخرجت الكتب، وأقبلت أذاكره فكلما كنت أذاكره كان يقول: حدثنا بها ضمام، وكان يدلس حريز بن عثمان، وحديث نيار بن مُكرم، وحديث عبد الله بن عمرو (زر غبا) ؟ فقلت: أبو محمد لم يسمع هذه الثلاثة الأحاديث من هؤلاء فغضب، فقلت لأبي زرعة:- القائل البرذعي- فأيش حاله؟ قال: أما كتبه فصحاح، وكنت أتتبع أصوله، وأكتب منها، فأما إذا حدث من حفظه فلا" (¬2) . 10-رحلته إلى البصرة لقد اهتم أبو زرعة بمدينة البصرة كاهتمامه بمدينة بغداد والكوفة وغيرهما من المراكز العلمية في العراق فتردد إليها أكثر من مرة وروى الكثير عن أئمتها وكانوا يكرمونه ويعرفون مكانته، قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول لنا أبو الوليد الطيالسي (¬3) : إذا كان عندنا قوم فلا تستأذنوا فليس عليكم حجاب. وربما دخلنا عليه وهو يأكل فيشدد علينا أن كلوا" (¬4) ، ولقد كتب عنه أبو زرعة ¬
الكثير وكان يُمَيّزُ وينتقي وينتخب من أحاديثه، ولا يدون كل حديث يسمعه قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول: قعدت إلى أبي الوليد يوماً فحملت عنه ثمانية عشر حديثاً، وحدثنا مذاكرة من غير أن كتبت منه حرفا وتحفظت عنه كله) (¬1) ، ولازم الحافظ موسى بن إسماعيل التبوذكي (¬2) وكتب عنه الكثير أيضاً. قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول- كتبت عن أبي سلمة التبوذكي عشرة آلاف حديث، أما حديث حماد بن سلمة (¬3) فعشرة آلاف حديث وكنا نظن أنه يقرأ كما كان يقرأ قديماً فاستكتبنا الكثير، ومات فبقي علينا شيء نحو قوصرة (¬4) فوهبت لقوم بالبصرة" (¬5) . ولقد كان يتجنب في رحلاته أهل البدع فلا يقربهم ولا يكتب عنهم. قال ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية: حدثنا أبي وأبو زرعة قال: "كان يحكى لنا أن هنا رجلاً من قصة هذا، فحدثني أبو زرعة قال: كان بالبصرة رجل وأنا مقيم في سنة ثلاثين ومائتين فحدثني عثمان بن عمرو بن الضحاك عنه أنه قال: إن لم يكن القرآن مخلوقا فمحا الله ما في صدري من ¬
القرآن وكان من قراء القرآن فنسى حتى كان يقال له: قل: "بسم الله الرحمن الرحيم" فيقول: معروف معروف ولا يتكلم به، قال أبو زرعة: فجهدوا بي أن أراه فلم أره" (¬1) ، ولقد كان يعقد مجالس لمناظرة بعض الحفاظ الذين يكذبون في بعض مجالسهم واكتفى بذكر أول مجلس له مع سليمان الشاذكوني (¬2) ، فقد روى الخطيب بسنده إلى أبي زرعة أنه قال: "دخلت البصرة فصرت إلى سليمان الشاذكوني يوم الجمعة وهو يحدث، وهو أول مجلس جلست إليه فقال: حدثنا يزيد بن زريع، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر عن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يموت له ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم" فقلت للمستملي: ليس هذا من حديث عاصم بن عمر، إنما هذا رواه محمد بن إبراهيم، فقال له فرجع إلى محمد ابن إبراهيم. قال: وذكر في هذا المجلس أيضاً فقال: حدثنا ابن أبي غنية، عن أبيه، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير، عن أبيه أنه قال: "لاحلف في الإسلام"، قال: فقلت هذا وهم، وهم فيه إسحاق بن سليمان، وإنما هو سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن جبير، قال من يقول هذا؟ قلت: حدثنا إبراهيم بن موسى الفراء حدثنا ابن أبي غنية، عن أبيه، عن سعد ابن إبراهيم، عن أبيه، عن جبير، قال: فغضب ثم قال لي: ما تقول فيمن جعل الأذان مكان الإقامة؟ قلت: يعيد. قال: من قال هذا؟ قلت: الشعبي. قال: من عن الشعبي؟ قلت: حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن جابر، عن الشعبي، قال: ومن غير هذا؟ قلت: إبراهيم. قال من عن إبراهيم؟ قلت: حدثنا أبو نعيم حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن مغيرة عن إبراهيم. قال: أخطأت. قلت: حدثنا أبو نعيم حدثنا جعفر الأحمر عن مغيرة عن إبراهيم. قال: أخطأت، قلت حدثنا أبو نعيم حدثنا أبو كدينة عن مغيرة عن إبراهيم. قال: أصبت. قال أبو زرعة: كتبت هذه الأحاديث الثلائة عن أبي نعيم فما طالعتها منذ كتبتها فاشتبه علي ثم ¬
قال: وأي شيء غير هذا؟ قلت: معاذ بن هشام، عن أشعث، عن الحسن، قال: هذا سرقته مني- وصدق- كان ذاكرني به رجل ببغداد فحفظته عنه" (¬1) . 11- رحلته إلى الحرمين: مكة والمدينة لا ندري كم مرة حج أبو زرعة الرازي إلا أنه قال حين الكلام عن رحلته الثانية التي ابتدأ بها من سنة 227 هـ، إلى أول سنة 232 هـ: "بدأت فحججت ثم خرجت إلى مصر" (¬2) ، وحج قبل هذه المرة أو اعتمر في حدود سنة 215 هـ، أو قبلها لأنه قد كتب عن محمد بن عاصم بن حفص المعافري مولاهم، أبو عبد الله المصري حيث قال ابن أبي حاتم في ترجمته "كتب عنه أبي وأبو زرعة بمكة" (¬3) وثبت في ترجمته أنه توفي سنة 215 هـ (¬4) ، ومن المعلوم أن مكة- حماها الله- كان العلماء ينتفعون بالرحلة إليها. فإضافة إلى أداء الحج والعمرة كانوا يحرصون على أخذ الحديث عن المجاورين لبيت الله الحرام- وما أكثرهم حينئذ- والاجتماع بالكثير من المحدثين في موسم الحج، ومن هناك يعلمون بوفيات علماء البلاد ومن بقي منهم كي يعدّوا أنفسهم للرحلة إليه. وقد أخذ أبو زرعة الحديث النبوي عن كثير من أولئك الأعلام والحفاظ منهم يعقوب بن إسحاق البصري. قال ابن أبي حاتم في ترجمته "روى عنه أبو زرعة وقال كتبت عنه بمكة وهو شيخ قديم" (¬5) ، وموسى بن حماد النخعي، أبو الحسن الذي روى ¬
عن شعبة. قال ابن أبي حاتم في ترجمته: "كتب عنه أبو زرعة بمكة وروى عنه" (¬1) ، ومحمد بن سلام بن عبد الله بن زياد بن عقيل، أبو عبد الله الأيلي. قال ابن أبي حاتم في ترجمته "روى عنه أبو زرعة كتب عنه بمكة" (¬2) ، وعمرو بن هاشم البيروتي الذي روى عن الأوزاعي (¬3) . قال أبو زرعة حدثنا عمرو بن هاشم بمكة عن الأوزاعي (¬4) . أما مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمه فقد دخلها أبو زرعة ثلاث مرات كما صرح هو بذلك حينما سأله أبو عثمان البرذعي عن لقائه بإسماعيل بن أبي أويس حيث قال: "دخلت المدينة ثلاث مرات وهو حي ولم يقدر لي أن أكتب عنه شيئاً. قلت- القائل البرذعي- وكيف ذلك؟ قال: كان مرة عليلاً ومرة متوارياً وكان مرة غائباً" (¬5) . 12- رحلته إلى بلاد الشام تشمل بلاد الشام عدة مدن. ولقد زارها أبو زرعة أكثر من مرة فنص على دخولها في رحلته الثانية، ورحلته الثالثة. ولعله دخلها أثناء سفره لبعض البلاد، ولقد كانت بلاد الشام تتمتع بمكانة علمية وفنية وخاصة مدينة دمشق ذلك لأنها شرفت بدخول العديد من الصحابة الذين التف حولهم الكثير من التابعين. قال السخاوي: "وكثر بها العلم في زمن معاوية، ثم في زمن عبد الملك وأولاده، وما زال بها فقهاء، ومحدثون، ومقرئون، في زمن التابعين وتابعيهم، إلى أيام أبي مسهر، ومروان بن محمد الطاطري، وهشام، ودُحيم، وسليمان بن بنت شرحبيل، ثم أصحابهم، وعصرهم، وهي دار قرآن وحديث وفقه" (¬6) . ¬
وسأذكر طرفا من أخباره- أي أبو زرعة- وأحواله في دمشق، ثم ما جاورها من مدن أخرى من بلاد الشام، وأبتدىء بدمشق لما ذكر من فضلها آنفا. وأبدأ بما ذكره ابن عساكر في تاريخه مقتصراً على أخباره فيها، حيث قال بعد نعته بما يستحق "سمع بدمشق من صفوان بن صالح، وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، وعمران بن يزيد بن أبي جميل، والعباس بن الوليد ابن مزيد الخلال، وعبد الحميد بن بكار، وعمرو بن المغيرة بن الوليد بن يزيد البيروتي، وخلاد بن يحيى، وأيى نعيم، والقعنبي، وسعيد بن محمد الجرمي، وعيسى بن ميناء قالون، وسهل بن تمام بن بزيع، ومحمد بن سعيد بن سابق، وقرة بن حبيب القنوي" (¬1) ، وذكر غيرهم. ولقد التقى بأئمة حفاظ وأخذ عنهم والتقى ببعض القراء مثل عبد الله بن أحمد البهراني المقرىء (¬2) . وأخذ عن محمد بن عائذ القرشي الدمشقي صاحب المغازي (¬3) ، ولقد كان بعض الأئمة يعكف على مصنفاته ومصنفات غيره استعداداً لمذاكرته بها، نقل إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني عن سليمان بن عبد الرحمن أبي أيوب الدمشقي أنه قال: "بلغني ورود هذا الغلام الرازي يعني أبا زرعة فدرست للقائه ثلاثمائة ألف حديث" (¬4) . وحتى كان بعض المتشددين في الرواية ومن فيه الجفاء يعرف حقه وينزله منزلته. يقول أبو زرعة: "لما أتيت محمد بن عائذ وكان رجلاً جافياً ومعي جماعة فرفع صوته فقال: من أين أنتم؟ قلنا من بلدان مختلفة من خراسان، من الري، من كذا وكذا. قال: أنتم أمثل من أهل العراق، قال ما تريدون؟ ورفع صوته. قلنا: شيئاً من حديث يحيى بن حمزة فلم أزل أرفق به وأداريه حتى حدثني بما معي ثم قال: خذ الكتاب فاذهب به معك. قال أبو زرعة: فدعوت له وشكرته على مافعل. قلت: أنا أجل كتابك عن حمله وأنا أصيب نسخة هذا عند ¬
أصحابنا فذهبت فأخذت من بعض أصحاب الحديث فنسخته على الوجه، وسألته كتاب الهيثم بن حميد فأخرج إلي جزءاً عن الهيثم بن حميد وكان عند هشام بن عمار، عن الهيثم بن حميد شيء يسير فأخرج هو جزءاً عن الهيثم فاستغنمته وكتبته على الوجه، وسألته كتاب الفتن عن الوليد بن مسلم فأجابني، وتعجب الدمشقيون مما يفعل بي، ونسخت كتاب الفتن فأتيته مع رفقائي فقال: إنما أجبتك ولم أجب هؤلاء، فلم أزل أرفق به وأداريه حتى حدثنا به وسمعوا معي" (¬1) . ولقد سجل لنا محمد بن عوف تأريخ دخوله لحمص فقال: "كان أبو زرعة عندنا بحمص سنة ثلاثين ومائتين" (¬2) . ودخل مدينة حلب وسمع بها من عبيد بن هاشم الحلبي، أبي نعيم القلانسي (¬3) ، وكان يفتش عن المحدثين في القرى ويرحل إليهم، فيقول عن مخلد بن مالك بن جابر الحراني السلمْسِيني لا بأس به خرجت إلى قريته على فرسخين من حران فكتبت عنه" (¬4) ، ويقول ابن أبي حاتم في ترجمة أحمد بن شبويه المروزي، أبو الحسن الخزاعي المتوفى بطرسوس سنة 230 هـ: "سمعت أبا زرعة يقول: جاءنا نعيه وأنا بنجران ولم أكتب عنه" (¬5) . وأختم أخبار رحلته بالشام بقول أهلها فيه: فقد روى الخطيب بسنده إلى يزيد بن عبد الصمد أنه قال: "قدم علينا أبو زرعة الرازي سنة ثمان وعشرين فما رأينا مثله، وكنا نجلس إليه، فلما أراد الخروج قلت له: يا أبا زرعة اجعلني خليفتك في هذه الحلقة، قال فقال لي: قد جعلتك" (¬6) ، وقال محمد بن عوف: "قدم علينا أبو زرعة فما ندري مما يتعجب منه؟ مما وهب الله له من الصيانة والمعرفة، مع الفهم الواسع" (¬7) . ¬
13- رحلته إلى عسقلان رحل أبو زرعة إلى عسقلان للسماع من محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن الحافظ العسقلاني (¬1) ، ولا نستغرب حينما نقرأ عن رحلات الأئمة الحفاظ أن أحدهم كان يقصد مدينة ما لكي يسمع من أحد الحفاظ. فقد كان اشتهار عالم واحد في مدينة ما يكفي لأن تجتذب إليها الأنظار، ويسعى إليها طلاب العلم من كل مكان (¬2) ، وهكذا كان أبو زرعة يحرص على اللقاء بكل حافظ وإن شطت مدينته. وسمع أيضاً في رحلته هذه من طيب بن زبان أبو زبان الفلسطيني العسقلاني في قريته سناجية (¬3) . 14- رحلته إلى بيروت لقد مضى قول أبي زرعة في طلبه للحفاظ في الثغور ومنها بيروت حيث قال: "ودخلت بيروت مرابطاً ومن همتي أن أسمع من العباس ابن الوليد.." (¬4) ، ويحدثنا أيضاً عن شهادة بعض شيوخها فيه فيقول: "مررت يوماً ببيروت فإذا شيخ مخضوب متكىء على عصا فلما نظر إليّ قال الرجل: ترى هذا ليس في الدنيا أحفظ من هذا. قال أبو زرعة ما يدريه؟ عرف حفاظ الدنيا حتى يشهد لي بهذه الشهادة غير أن الناس إذا سمعوا شيئاً قالوه" (¬5) . وقوله هذا يدل على تواضعه. ¬
15- رحلته إلى مصر رحل أبو زرعة الى مصر في خرجته الثانية من الري- من سنة 227- أول سنة 232 هـ- بعد أن أدى فريضة الحج وطوف في مدن عديدة. وكذلك دخلها في رحلته الثالثة كما مر في حديثه عن رحلاته. ولقد أثنى على الحركة العلمية في مصر وعلمائها، ولا شك في ذلك فهي كما يقول السخاوي: "بلد عظيم، وقطر متسع، شرقي وغربي، وصعيد أعلى وأدق، افتتحها عمرو في زمن عمر رضي الله عنهما، وسكنها خلق من الصحابة، وكثر العلم بها، زمن التابعين، ثم ازداد في زمن عمرو بن الحارث، يحيى بن أيوب، وحيوة بن شريح، والليث بن سعد، وابن لهيعة، وإلى زمن ابن وهب، والشافعي، وابن القسم، وأصحابهم. وما زال بها علم جم إلى أن ضعف ذلك باستيلاء العبيديين الرافضة عليها سنة 358هـ وبنوا القاهرة) (¬1) ، وهذه بعض أخبار أبي زرعة فيها حيث كان يستفيد ويفيد، روى الخطيب بسنده إلى أبي حفص عمر بن مقلاص أنه قال: "كان أبو زرعة ها هنا عندنا بمصر سنة تسع وعشرين ومائتين إذا فرغ من سماع ابن بكير وعمرو بن خالد والشيوخ اجتمع إليه أصحاب الحديث فيملي عليهم وهو ابن سبع وعشرين سنة" (¬2) ، ولقد أقام أبو زرعة بمصر في رحلته هذه خمسة عشر شهراً (¬3) ، حتى تمكن من سماع جميع كتب الشافعي من الربيع قبل موت البويطي بأربع سنين (¬4) ، والذي جعله يمكث هذه المدة وفرة العلماء، وغزارة علمهم. يقول أبو زرعة: "وكنت عزمت في بدو قدومي مصر أني أقل المقام بها، فلما رأيت كثرة العلم بها وكثرة الاستفادة عزمت على المقام ولم أكن عزمت على سماع كتب الشافعي، فلما عزمت على المقام وجهت إلى أعرف رجل بمصر ¬
بكتب الشافعي فقبلتها منه بثمانين درهما أن يكتبها كلها وأعطيته الكاغد وكنت حملت معي ثوبين ديبقيين لأقطعهما لنفسي، فلما عزمت على كتابتها أمرت ببيعها فبيعا بستين درهماً، واشتريت مائة ورقة كاغذ بعشرة دراهم كتبت فيها كتب الشافعي" (¬1) . ولقد درس حديث ابن وهب واعتنى به أثناء إقامته بمصر وأتقنه، وذلك لوجود مظانه يقول محدثاً: "نظرت في نحو من ثمانين ألف حديث من حديث ابن وهب بمصر، وفي غير مصر ما أعلم أني رأيت له حديثا لا أصل له" (¬2) ، ولقد حفظ لنا ابن أبي حاتم نصا لطيفاً يدل على اهتمام العلماء والمحدثين بكتب الشافعي، وحرص المصريين على روايتها فيقول: "سمعت أبا زرعة وقلت لا إله أخبرت أنه قرأ عليك الربيع بالليل فقال: ما أعلم أني سمعت منه بالليل إلا مجلساً واحداً رافقني رجل فلما تهيأ خروجي امتنع عن الخروج قلت: مالك؟ قال: قد بقي عليَّ شيء من كتب الشافعي وكان قد سمع كتب الشافعي من حرملة (¬3) فقلت لرفيقي: ترضى أن يقرأ عليك الربيع؟ قال: نعم. قال أبو زرعة: فلقيت الربيع فأخبرته بالقصة وسألته أن يجيئنا ليلاً فيقرأ على رفيقي مابقي عليه فجاءنا ليلاً فقرأ علينا. قلت: أخبرت أن الربيع قرأها عليك في أربعين يوماً؟ قال: لا يا بني إنما كنت أسمع منه في وقت أتفرغ فيه إليه، وكنت آخذ ميعاده في مسجد الجامع فربما أبطأت عليه، وربما لم أجىء فلا ينصرف فيقول: إذا لم يمكنك المجيء فأكتب على الاسطوانة حتى أمضي" (¬4) . وبعد أن قضى هذه الفترة بين السماع من الشيوخ وبين التدوين عزم ¬
على الرحيل، فجاء ليودع يحيى بن عبد الله بن بكير، وهو أحد الشيوخ الذين أكثر عنهم- فيقول: "أردت الخروج من مصر، فجئت لأودع يحيى بن عبد الله بن بكير فقلت: تأمر بشيء؟ فقال: أخلف الله علينا بخير" (¬1) ، وهذا يدل على الحب العميق الذي تركه في قلوب محدثي مصر وعلمائها فهذا الربيع بن سليمان صاحب الشافعي يقول:"لم نلق مثل أبي زرعة وأبي حاتم ممن ورد علينا من العلماء" (¬2) ، وقال عنه حافظ مصر يونس بن عبد الأعلى: "أبا زرعة أشهر في الدنيا من الدنيا" (¬3) . هذا ما وقفت عليه من أخبار رحلته رحمه الله ورحم الله أولئك الذين سبقوه وسنوا الرحلة في طلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ¬
الفصل الرابع: شيوخه
الفصل الرابع: شيوخه سنتناول في هذا الفصل ذكر أسماء شيوخه، ومن روى عنهم مكاتبة، والرواة الذين ترك الرواية عنهم، مع بيان قول ابن حجر في شيوخه. 1- أسماء شيوخه تتلمذ الإمام أبو زرعة على عدد كبير من أعلام عصره ومحدثيه وها هي أسماؤ هم: 1- (دفق) أحمد بن إبراهيم بن خالد، أبو علي الموصلي نزيل بغداد ت 236 هـ (¬1) . 2- (م دث ق) أحمد بن إبراهيم بن كثير بن زيد الذورقي النكري البغدادي ت 246 هـ (¬2) . 3- (س ق) أحمد بن الأزهر بن منيع، أو الأزهر العبدي النيسابوري ت 263 هـ (¬3) . ¬
4- أحمد بن أسد بن بنت مالك بن مغول البجلي أبو عاصم روى عن ابن المبارك (¬1) . 5- (بخ) أحمد بن أيوب بن راشد الضبي الشعري البصري (¬2) . 6- (ع) أحمد بن أبي بكر واسمه القاسم بن الحارث بن زرارة أبو مصعب الزهري المدني ت 242 هـ (¬3) . 7- (أ) أحمد بن جميل المروزي، أبو يوسف نزيل بغداد ت 230هـ (¬4) . 8- (م دس) أحمد بن جناب بن المغيرة المصيص، أبو الوليد الحدثي ت 230 هـ (¬5) . 9- (م د) أحمد بن جواس الحنفي، أبو عاصم الكوفي ت 238 هـ (¬6) . 10- أحمد بن حاتم بن مخش البصري (¬7) . 11- (خ ت) أحمد بن الحسن بن جنيدب، أبو الحسن الترمذي الحافظ ت قبل 250 هـ (¬8) . 12- (خ م دت ق) أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي، أبو جعفر السرخسي ت 253 هـ (¬9) . ¬
13- (خ ت) أحمد بن أبي الطيب سليمان البغدادي، أبو سليمان المعروف بالمروزي (¬1) . 14- (خ خدس) أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي، أبو عبد الله البصري، الجحدري ت 229 هـ (¬2) . 15- (خ دتم) أحمد بن صالح المصري، أبو جعفر الحافظ المعروف بابن الطبري ت 248 هـ (¬3) . 16- (خ دس) أحمد بن الصباح النهشلي، أبو جعفر بن أبي سريج الرازي ت بعد 240 هـ (¬4) . 17- (خ) أحمد بن عبد الله بن أيوب الحنفي، أبو الوليد بن أبي رجاء الهروي ت 232 هـ (¬5) . 18- (خ د) أحمد بن عبيد اللة، ويقال عبد الله مكبراً بن سهيل بن صخر الغداني أبو عبد الله البصري ت 224 هـ (¬6) . 19- (خ دت البخاري) أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب مسلم الحراني، أبو الحسن القرشي مولاهم ت 233 هـ (¬7) . 20- أحمد بن عبد الله البغدادي، المعروف بابن الطبري (¬8) . 21- (دق) أحمد بن عبد الله بن ميمون بن العباس بن الحارث التغلبي أبو ¬
الحسن بن أبي الحواري، الدمشقي، الغطفاني الزاهد، كوفي الأصل ت 246 هـ (¬1) . 22- (ع) أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس التميمي اليربوعي الكوفي ت 227 هـ (¬2) . 23- (م) أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، أبو عبيد الله المصري يعرف بحشل ت 264 هـ (¬3) . 24- (خ س ق) أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني الأسدي مولاهم أبو يحيى ت 221 هـ (¬4) . 25- (م 4) أحمد بن عبدة بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري ت 245 هـ (¬5) . 26- (م ت س) أحمد بن عثمان بن أبي عثمان عبد النور بن عبد الله النوفلي، أبو عثمان البصري المعروف بأبي الجوزاء ت 246 هـ (¬6) . 27- (م ل) أحمد بن عمر بن حفص بن جهم بن واقد الكندي، أبو جعفر الجلاب الضرير المقدمي الوكيعي ت 235 هـ (¬7) . 28- (م دس ق) أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح الأموي مولاهم أبو الطاهر المصري ت 255 هـ (¬8) . 29- أحمد بن عمران الأخنس أبو عبد الله كتب عنه ببغداد (¬9) . ¬
30- (خ م س ق) أحمد بن عيسى بن حسان المصري، أبو عبد الله العسكري التستري ت 243 هـ (¬1) . 31- (ع) أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي نزيل بغداد أبو عبد الله ت 241 هـ (¬2) . 32- (م دس) أحمد بن المفضل القرشي، الأموي أبو علي الكوفي الحفري ت 215 هـ (¬3) . 33- أحمد بن مقاتل بن مطلود السوسي (¬4) . 34- (خ ت س ق) أحمد بن المقدام بن سليمان بن الأشعث بن أسلم العجلي، أبو الأشعث البصري ت 253 هـ (¬5) . 35- (م) أحمد بن منصور بن راشد الحنظلي، المروزي، لقبه زاج ت 258 هـ (¬6) . 36- (ع) أحمد بن منيع بن عبد الرحمن البغوي، أبو جعفر الأصم الحافظ نزيل بغداد ت 244 هـ (¬7) . 37- (ل) أحمد بن هاشم بن أبي العباس الرملي (¬8) . 38- أحمد بن يعقوب بن محمد، الزهري، أبو إبراهيم (¬9) . ¬
39- (دت) إبراهيم بن بشار الرمادي، أبو إسحاق البصري ت في حدود 230 هـ (¬1) . 40- إبراهيم بن جابر القزاز أبو إسحاق البصري، الباهلي (¬2) . 41- (س) إبراهيم بن الحجاج بن زيد السامي الناجي أبو إسحاق البصري ت 231 هـ (¬3) . 42- (عب) إبراهيم بن الحسن بن نجيح الباهلي المقرىء التبان البصري ت 235 هـ (¬4) . 43- (خ دس) إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن عبد الله بن الزبير المدني أبو إسحاق ت 230 هـ (¬5) . 44- (م) إبراهيم بن دينار، البغدادي أبو إسحاق التمار ت 232 هـ (¬6) . 45- (م دس) إبراهيم بن زياد البغدادي، أبو إسحاق المعروف بسبلان ت 232 هـ أو 228 هـ (¬7) . 46- (ل فق) إبراهيم بن شماس الغازي، أبو إسحاق السمرقندي يُعدُّ في الخراسانيين ت 221 هـ (¬8) . 47- (ت ق) إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي، أبو إسحاق ت 244هـ (¬9) . ¬
48- (البخاري ق) إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خواستي، العبسي، أبو شيبة بن أبي شيبة الكوفي ت 265 هـ (¬1) . 49- (د) إبراهيم بن العلاء بن الضحاك بن المهاجر بن عبد الرحمن الزبيدي الحمصي بن زبريق ت 235 هـ (¬2) . 50- إبراهيم بن الفضل بن أبي سويد الذارع البصري (¬3) . 51- (س ق) إبراهيم بن محمد بن العباس المطلبي المكي ابن عم الإمام الشافعي أبو إسحاق ت 237 أو 238 هـ (¬4) . 52- (د) إبراهيم بن محمد بن خازم، أبو إسحاق بن أبي معاوية الضرير الكوفي ت 236 هـ (¬5) . 53- (م س) إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن البرند السامي، أبو إسحاق البصري ت 231 هـ (¬6) . 54- إبراهيم بن محمد بن مافنة (¬7) . 55- (د) إبراهيم بن مروان بن محمد بن حسان الطاطري الدمشقي. 56- (خ ت س ق) إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن المنذر بن المغيرة الأسدي الخزامي أبو إسحاق المدني ت 236 هـ (¬8) . ¬
57- (ع) إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زاذان التميمي، أبو إسحاق الرازي الفراء المعروف بالصغير ت 220 هـ (¬1) . 58- إبراهيم بن نصر، السورياني، النيسابوري (¬2) . 59- إبراهيم بن الوليد بن سلمة الأزدي، الطبراني (¬3) . 60- (دت س) إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي، أبو إسحاق السعدي، أبو إسحاق الجوزجاني ت 259 هـ (¬4) . 61- (خد) الأزرق بن علي بن مسلم الحنفي أبو الجهم (¬5) . 62- أزرق بن العذور بن دحين بن زبيب بن ثعلبة، بصري (¬6) . 63- إسحاق بن إبراهيم، أبو يعقوب، القرقساني (¬7) . 64- إسحاق بن إبراهيم بن موسى، أبو موسى، الهروي (¬8) . 65- إسحاق بن بشر البزار، الرازي (¬9) . 66- إسحاق بن بهلول الأنباري أبو يعقوب (¬10) . 67- (د) إسحاق بن الضيف، ويقال إسحاق بن إبراهيم بن الضيف الباهلي أبو يعقوب العسكري البصري (¬11) . ¬
68- (م صد) إسحاق بن عمر بن سليط الهذلي، أبو يعقوب البصري ت 229 هـ (¬1) . 69- إسحاق بن عمر القرشي المؤدب، مولى قريش، أبو يعقوب (¬2) . 70- إسحاق بن محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي فروة، القرشي أبو يعقوب الفروي (¬3) . 71- (خ م ت س ق) إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، أبو يعقوب التميمي المروزي ت 251 هـ (¬4) . 72- (م ت س ق) إسحاق بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن يزيد الأنصاري الخطمي، أبو موسى ت 244 هـ (¬5) . 73- (خ ق) إسحاق بن وهب بن زياد العلاف، أبو يعقوب الواسطي ت 255 هـ (¬6) . 74- (خ مدت) إسماعيل بن أبان الوراق الأزدي أبو إسحاق، ويقال أبو إبراهيم الكوفي ت 216 هـ (¬7) . 75- (س) إسماعيل بن إبراهيم بن بسام البغدادي، أبو إبراهيم الترجماني ت 236 هـ (¬8) . ¬
76- (خ م دس) إسماعيل بن إبراهيم بن معمر بن الحسن الهذلي، أبو معمر القطيعي الهروي نزيل بغداد ت 236 هـ (¬1) . 77- (ق) إسماعيل بن بهرام بن يحيى الهمداني، ثم الخبذعي الوشاء الكوفي ت 241 هـ (¬2) . 78- (ق) إسماعيل بن توبة بن سليمان بن زيد الثقفي أبو سليمان، ويقال أبو سهل الرازي ت 247 هـ (¬3) . 79- إسماعيل بن أبي الحكم، الثقفي (¬4) . 80- إسماعيل بن الخليل، كوفي، أبو عبد الله، الخزاز (¬5) . 81- (بخ س ق) إسماعيل بن عبيد بن عمر بن أبي كريمه. الأموي مولاهم أبو أحمد الحراني ت 240 هـ (¬6) . 82- إسماعيل بن عيسى، العطار يعد في البغداديين (¬7) . 83- (ق) إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن زكرياء التيمي الطلحي الكوفي ت 233 أو 232 هـ (¬8) . 84- (ق) إسماعيل بن مسلمة بن قعنب الحارثي القعنبي، أبو بشر نزيل مصر ت 209 هـ (¬9) . ¬
85- (خ م س) أمية بن بسطام بن منتشر العيثي، أبوبكر البصري، ت 231 هـ (¬1) . 86- أيوب بن عروة، القرجني، كوفي نزل في بعض قرى الري، الرازي (¬2) . 87- أيوب بن يونس، الصفار، البصري (¬3) . 88- (فق) بشار بن موسى الشيباني، ويقال العجلي، الخفاف، أبو عثمان البصري، ت 228 هـ (¬4) . 89- (دت عس ق) بشر بن آدم بن يزيد البصري، أبو عبد الرحمن ابن بنت أزهر بن سعد السمان، ت 254 هـ (¬5) . 90- بشر بن سبحان، الثقفي، أبو علي بصري (¬6) . 91- بشر بن عبد الملك، أبو يزيد الكوفي، نزيل البصرة (¬7) . 92- (خ) بشر بن عبيس بن مرحوم بن عبد العزيز بن مهران العطار البصري، مولى آل معاوية، ت 235 أو 238 هـ (¬8) . 93- بكار بن عبد الله بن يسر، الدمشقى، القرشى وهو من ولد بسر بن أرطاة (¬9) . 94- بكر بن الأسود العائذي الكوفي، ويقال له بكار، أبو عمر (¬10) . ¬
95- (خت د ق) بكر بن خلف، البصري، ختن المقرىء، أبو بشر ت بعد 240 هـ (¬1) . 96- (ق) بكر بن يحيى بن زيَّان، عبدي، ويقال عنزي، ويقال: عمري، بصري، يكنى أبا علي (¬2) . 97- بكير بن محمد بن أسماء بن عبيد ابن أخي جويرية، البصري (¬3) . 98- (خ) بيان بن عمرو البخاري، أبو محمد العائذ، ت 222 هـ (¬4) . 99- (خ ت) ثابت بن محمد العابد، أبو محمد، ويقال أبو إسماعيل، الشيباني، ويقال: الكناني ت 215 هـ (¬5) . 100- (س) جابر بن كردي الواسطي، البزاز ت 255 هـ (¬6) . 101- جامع بن صبيح الرملي (¬7) . 102- جراح بن وكيع بن الجراح بن مليح (¬8) . 103- (م) جعفر بن حميد العبسي، الكوفي، أبو محمد، ت 240 هـ (¬9) . 104- جعفر بن محمد النسائي (¬10) . 105- (أ) جعفر بن مهران، السباك، البصري، أبو النضر ت 232 هـ (¬11) . ¬
106- (بخ) جندل بن والق بن هجرس، التغلبي، أبو علي، الكوفي ت 226 هـ (¬1) . 107- الحارث بن أبي الزبير، المدفي (¬2) . 108- الحارث بن سليمان الرملي (¬3) . 109- حازم بن محمد بن يونس بن محمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري (¬4) . 110- (د) حامد بن يحيى بن هانىء، البلخي، أبو عبد الله نزيل طرسوس ت242هـ (¬5) . 111- (خ م ت س) حبان بن موسى بن سوار، السلمي، أبو محمد المروزي، الكشميهني، ت 233 هـ (¬6) . 112- حجاج بن حمزة بن سويد، العجلي، الخشابي، الرازي أبو يوسف (¬7) . 113- (م س ق) حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي، أبو حفص، المصري ت 244 هـ (¬8) . 114- (خ) حسان بن حسان البصري، أبو علي بن أبي عباد نزيل مكة، ت 213 هـ (¬9) . ¬
115- (خ ت س) الحسن بن بشر بن سلم بن المسيب، الهمذاني، البجلي أبو علي الكوفي ت 221 هـ (¬1) . 116- (دس ق) المحسن بن حماد كسيب الحضرمي، أبو علي، البغدادي، المعروف بسجادة ت 241 هـ (¬2) . 117- (س) الحسن بن حماد الضبي، أبو علي، الوراق، الكوفي، الصيرفي ت 238 هـ (¬3) . 118- الحسن بن الربيع بن. سليمان البجلي، القسري، أبو علي الكوفي، البوراني، الحصار الخشاب ت 220 هـ (¬4) . 119- الحسن بن سهل الجعفري (¬5) . 120- (ت) الحسن بن شجاع بن رجاء البلخي، أبو علي الحافظ أحد الأئمة ت244 هـ من أقرانه (¬6) . 121- الحسن بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (¬7) . 122- (ت) الحسن بن عطية بن نجيح، القرشي، أبو علي البزار الكوفي ت211 هـ (¬8) . 123- (دس) الحسن بن علي بن راشد الواسطي نزيل البصرة ت 237 هـ (¬9) . ¬
124- (خ) الحسن بن عمر بن شقيق بن أسماء الجرمي البصري، ت 230 أو 232 هـ (¬1) . 125- الحسن بن عمرو بن عون، الباهلي، البصري (¬2) . 126- (ت س ق) الحسن بن قزعة بن عبيد الهاشمي أبو علي ويقال أبو محمد الخلقاني البصري ت 250 هـ (¬3) . 127- الحسن بن محمد الطنافسي ابن أخت يعلى أخو علي الطنافسي (¬4) . 128- الحسن بن محبوب بن الحسن وهو ابن هلال بن أبي زينب القرشي (¬5) . 129- (خ م دت س) الحسين بن حريث بن الحسن بن ثابت بن قطبة، الخزاعي، أبو عمار المروزي ت 244 هـ (¬6) . 130- (دت) الحسين بن يزيد بن يحيى الطحان، الأنصاري، أبو علي، وقيل أبو عبد الله الكوفي ت 244 هـ (¬7) . 131- (س) حفص بن عمر بن عبد الرحمن الرازي، أبو عمر، المهرقاني (¬8) . 132- (ق) حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهيب، ويقال: صهبان الأزدي، أبو عمر الدوري، المقرىء ت 248 هـ (¬9) . ¬
133- (د) حفص بن عمر، أبو عمر، الضرير، الأكبر، البصري ت 220 هـ (¬1) . 134- (خت م مدس ق) الحكم بن موسى بن أبي زهير شيرزاد البغدادي أبو صالح القنطري ت 232 هـ (¬2) . 135- (دس) حكيم بن سيف بن حكيم الأسدي مولاهم أبو عمرو الرفسي ت 238 هـ (¬3) . 136- حميد بن الربيع الخزاز، اللخمي (¬4) . 137- حماد بن زاذان، أبو زياد، القطان الرازي (¬5) . 138- (دس) حميد بن مخلد بن قتيبة بن عبد الله الأزدي، أبو أحمد زنجويه، وهو لقب أبيه ت 248 أو 251 هـ (¬6) . 139- (م 4) حميد بن مسعدة بن المبارك السلمي الباهلي، أبو علي، ويقال أبو العباس البصري ت 244 هـ (¬7) . 140- حوئرة بن الأشرس بن عون بن المجشر بن حريث بن الربيع العدوي أبو عامر (¬8) . 141- (بخ م كدس) خالد بن حداش بن عجلان الأزدي، المهلبي مولاهم، أبو الهيثم البصري (¬9) . ¬
142- خالد بن مرداس، أبو الهيثم، بغدادي (¬1) . 143- (خ) خالد بن يزيد بن زياد الأسدي، الكاهلي، أبو الهيثم الطبيب، الكحال، المقرىء، الكوفي ت 212 أو 215 هـ (¬2) . 144- (س) خلف بن سالم المخرّمي أبو محمد، المهلبي مولاهم السندي، البغدادي، ت 231 هـ (¬3) . 145- (م دز) خلف بن هشام بن ثعلب (بالمثلثة والمهملة) ، البزار المقرىء البغدادي ت 229 هـ (¬4) . 146- خلف بن الوليد، أبو الوليد، العتكي، البغدادي، الجوهري سكن مكة (¬5) . 147- خلاد بن خالد، الشيباني، أبو عيسى، المقرىء (¬6) . 148- (خ دت) خلاد بن يحيى بن صفوان السلمي، أبو محمد الكوفي ت 213 أو 217 هـ (¬7) . 149- داود بن حماد بن فرافصة، البلخي، كان بنيسابور ومر بالري حاجا (¬8) . ¬
150- (خ م دس ق) داود بن رشيد، الهاشمى مولاهم، أبو الفضل، الخوارزمي، البغدادي ت 239 هـ (¬1) . 151- داود بن سليمان بن مسلم، الهنائي، بصري، مؤذن مسجد ثابت البناني (¬2) . 152- داود بن عبد الله، أبو سليمان البصري (¬3) . 153- الربيع بن ثعلب البغدادي (¬4) . 154- (دس ق) الربيع بن سليمان بن عبد النجار بن كامل المرادي مولاهم أبو محمد المصري صاحب الشافعي ت 270 هـ (¬5) . 155- (خ د) ربيع بن يحيى بن مقسم، المرئي. أبو الفضل البصري، الأشناني ت 224 هـ (¬6) . 156- (خ) روح بن عبد المؤمن، الهذلي، مولاهم، أبو الحسن البصري، المقرىء ت 233 هـ (¬7) . 157- زكرياء بن سهل بن بسام، المروزي (¬8) . 158- زكرياء بن يحيى بن صبيح، الواسطي، المعروف بزحمويه (¬9) . ¬
159- (خ م دس ق) زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة النسائي، نزيل بغداد ت 234 هـ (¬1) . 160- (خ دت س) زياد بن أيوب بن زياد البغدادي، أبو هاشم الطوسي، دلويه ت 252 هـ (¬2) . 161- (خ 4) سريج بن النعمان بن مروان الجوهرى اللؤلؤي، أبو الحسين، ويقال أبو الحسن البغدادي ت 217 هـ (¬3) . 162- (خ م س) سريج بن يونس بن إبراهيم البغدادي، أبو الحارث العابد مروزي الأصل ت 235 هـ (¬4) . 163- سعيد بن أسد بن موسى، المصري (¬5) . 164- (عب) سعيد بن أشعث بن سعيد السمان وهو ابن أبي الربيع السمان (¬6) . 165- (ع) سعيد بن سليمان الضبي، أبو عثمان الواسطي البزار المعروف بسعدويه ت 225 هـ (¬7) . 166- سعيد بن سليمان بن خالد ابن بنت نشيط، الديلي، البصري المعروف بالنشيطي (¬8) . ¬
167- سعيد بن صالح، الرازي، القزويني (¬1) . 168- (م د) سعيد بن عبد الجبار بن يزيد، القرشي، أبو عثمان الكرابيسي، البصري ت 236 هـ (¬2) . 169- (م س) سعيد بن عمروبن سهل بن إسحاق بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي (¬3) . 170- سعيد بن عون، القرشي، البصري (¬4) . 171- (خ م دق) سعيد بن محمد بن سعيد، الجرمي، أبو محمد، وقيل أبو عبيد الله الكوفي (¬5) . 172- (ع) سعيد بن منصور بن شعبة، الخراساني، أبو عثمان، المروزي، الطالقاني ت 229 هـ (¬6) . 173- (خ م دت س) سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد ابن العاصي، الأموي، أبو عثمان البغدادي ت 249 هـ (¬7) . 174- (دت س) سعيد بن يعقوب، أبو بكرت 244 هـ (¬8) . 175- سلمة بن المثنى بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك، الأنصاري بصري (¬9) . ¬
176- سلمة بن بشير، النيسابوري، نزيل الري، أبو الفضل سمع منه أبو حاتم سنة 211 هـ (¬1) . 177- (م 4) سلمة بن شبيب، النيسابوري، أبو عبد الرحمن، الحجري، المسمعي ت 247 هـ (¬2) . 178- (ع) سليمان بن حرب، الأزدي، الواشحي، البصري، القاضي بمكة ت 224 هـ (¬3) . 179- سليمان بن داود بن محمد بن شعبة بن يزيد بن النجار اليمامي، أبو أيوب (¬4) . 180- (م) سليمان بن داود بن رشيد، البغدادي، أبو الربيع، الختلي، الأحول ت 231 هـ (¬5) . 181- (خ م دس) سليمان بن داود العتكي، أبو الربيع، الزهراني، البصري (¬6) . 182- (م س) سليمان بن داود، ويقال ابن محمد بن سليمان، أبو داود المباركي (¬7) . ¬
183- سليمان بن داود بن صالح بن حسان، الثقفي، أبو أحمد الفرار رازي (¬1) . 184- (د) سليمان بن عبد الرحمن بن حماد بن عمران بن موسى ابن طلحة، التميمي، الطلحي، أبو داود التمار الكوفي ت 252 هـ (¬2) . 185- (خ 4) سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى بن ميمون، التميمي، الدمشقي أبو أيوب ابن بنت شرحبيل بن مسلم الخولاني ت 232 هـ (¬3) . 186- سليمان بن النعمان، الشيباني، أبو أيوب بصري (¬4) . 187- (ق) سنيد ين داود، المصيصي، أبو علي، المحتسب، واسمه الحسين. ت 226 هـ (¬5) . 188- (خ دس) سهل بن بكار بن بشر الدارير، ويقال البرجمي، ويقال القيس، أبو بشر البصري ت 228 هـ (¬6) . 189- (د) سهل بن تمام بن بزيع، السعدي، البصري، أبو عمرو، الطفاوي (¬7) . 190- (ق) سهل بن زنجلة بن أبي الصفدي، الرازي، أبو عمرو، الخياط الأمير، الحافظ ت في حدود 240 هـ (¬8) . ¬
191- (م) سهل بن عثمان بن فارس، الكندي، أبو مسعود، العسكري، الحافظ ت 235 هـ (¬1) . 192- سهل بن عقيل، الواسطي قرابة عمرو بن عون ومؤذن مسجده (¬2) . 193- (دس) سهل بن محمد بن الزبير، العسكري، أبو سعيد، وقيل أبو داود نزيل البصرة (¬3) . 194- (م ق) سويد بن سعيدبن سهل بن شهريار الهروي، أبو محمد الحدثاني الأنباري (¬4) . 195- سلامة بن جواس، الطائي، الحمصي (¬5) . 196- (دس) شاذ بن فياض اليشكري، أبو عبيدة، البصري، واسمه هلال، وشاذ لقب غلب عليه ت 225 هـ (¬6) . 197- شجاع بن أشرس، أبو العباس (¬7) . 198- (م دق) شجاع بن مخلد الفلاس، أبو الفضل البغوي، نزيل بغداد ت 235 هـ (¬8) . 199- شعيب بن محرز، أبو محمد البصري وهو ابن شعيب بن زيد ابن أبي الزعراء الكوفي صاحب ابن مسعود (¬9) . 200- (س) شعيب بن يوسف، النسائي، أبو عمرو (¬10) ¬
201- (م) صالح بن حاتم بن وردان، البصري، أبو محمد ت 236 هـ (¬1) . 202- (د) صالح بن سهيل، النخعي، أبو أحمد، الكوفي، مولى يحيى ابن زكرياء بن أبي زائدة (¬2) . 203- (ت) صالح بن عبد الله بن ذكوان، الباهلي، أبو عبد الله الترمذي ت 231 هـ (¬3) كتب عنه ببغداد. 204- صالح بن مالك، أبو عبد الله، روى عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون (¬4) . 205- (دت س فق) صفوان بن صالح بن صفوان بن دينار، الثقفي مولاهم أبو عبد الملك الدمشقي ت 237 هـ (¬5) . 206- (م) الصلت بن مسعود بن طريف، الجحدري، أبو بكر، ويقال، أبو محمد البصري ت 239 هـ (¬6) . 207- (عخ) ضرار بن صرد، التيمي أبو نعيم الطحان، الكوفي ت 229 هـ (¬7) . 208- طيب بن زبان، أبو زبان، الفلسطينى، العسقلاني من أهل قرية سناجية (¬8) . 209- عامر بن حجير ابن أخي قزعة بن سويد بن حجير بن سويد بن حجير، الباهلي، البصري، أبو الحسن (¬9) . ¬
210- (خ م دس) عباد بن موسى، الختلي، أبو محمد، الأنباري ت 229 هـ (¬1) . 211- (ق) عباس بن الوليد بن صبح الخلالى، السلمي، أبو الفضل الدمشقي ت 248 هـ (¬2) . 212- (دس) عباس بن الوليد بن مزيد، العذري، أبو الفضل، البيروتي ت 270 هـ (¬3) . 213- (خ م س) عباس بن الوليد بن نصر، النرسي، أبو الفضل، البصري ت 238 هـ (¬4) . 214- (دق) عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان البهراني، أبو عمرو، ويقال أبو محمد الدمشقي المقرىء ت 242 هـ (¬5) . 215- (خت م) عبد الله بن براد بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري أبو عامر الكوفي ت 234 هـ (¬6) . 216- (بخ) عبد الله بن أبي بكر، واسمه السكن بن الفضل بن المؤتمن العتكي ت 224 هـ (¬7) . 217- (كن ق) عبد الله بن الجراح بن سعد، التيمي، أبو محمد، القهستاني نزيل الري ت 232 هـ (¬8) . ¬
218- عبد الله بن الحسن، الهسنجاني، أبو محمد، الرازي (¬1) . 219- (دث ق) عبد الله بن الحكم ابن أبي زياد القطواني، أبو عبد الرحمن الكوفي، الدهقان ت 255هـ (¬2) . 220- (خ مق دث س فق) عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله الحميدي، المكي، القرشي ت219هـ (¬3) . 221- (دعس ق) عبد الله بن سالم، ويقال ابن محمد بن سالم الزبيدي، أبو محمد الكوفي، القزاز المفلوج ت235هـ (¬4) . 222- (خ) عبد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن أخو عبيد الله الزهري ت238هـ (¬5) . 223- (ع) عبد الله بن سعيد بن حصين، الكندي، أبو سعيد الأشج، الكوفي ت257هـ (¬6) . 224- (س) عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامة بن عنزة، العنبري، أبو السوار البصري ت228هـ (¬7) . 225- عبد الله بن شبيب، أبو سعيد الربعي، بصري نزل مكة (¬8) . ¬
226- عبد الله بن شيبة بن خالد، البكري، أبو سعيد (¬1) . 227- (خ) عبد الله بن صالح بن مسلم بن صالح، أبو صالح، العجلي، الكوفي، المقرىء ت 211 هـ (¬2) . 228- (خ م دت س) عبد الله بن الصباح بن عبد الله، الهاشمي، العطار، البصري، المربدي ت 250 هـ (¬3) . 229- (ق) عبد الله بن عاصم، الحماني، أبو سعيد، البصري (¬4) . 230- (م دق) عبد الله بن عامر بن زرارة، الحضرمي، مولاهم، أبو محمد الكوفي ت 237 هـ (¬5) . 231- (د) عبد الله بن عبد الجبار، الخبائري، أبو القاسم، الحمصي ت 235 هـ (¬6) . 232- (م دت) عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام بن عبد الصمد، التميمي، الدارمي أبو محمد ت 255 هـ (¬7) . 233- (م دص) عبد الله بن عمر بن محمد بن لبان بن صالح، الأموي مولاهم، أبو عبد الرحمن الكوفي مشكدانة ت 239 هـ (¬8) . 234- (ع) عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، ميسرة التميمي، أبو معمر المقعد، المنقري البصري ت 224 هـ (¬9) . ¬
235- (م س) عبد الله بن عون بن أيى عون عبد الملك بن يزيد الهلالي، أبو محمد البغدادي، الخراز ت 232 هـ (¬1) . 236- (خ م دس ق) عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن خواستي العبسي مولاهم، أبو بكر الحافظ الكوفي ت 235 هـ (¬2) . 237- (خ م دس) عبد الله بن محمد بن أسماء بن عبد بن مخارق، الضبعي، أبو عبد الرحمن البصري ت 231 هـ (¬3) . 238- (خ ت) عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر، الجعفي، أبو جعفر البخاري، الحافظ المسندي ت 229 هـ (¬4) . 239- (خ 4) عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل بن زراع، وقيل أبو عبد الله ابن قيس القضاعي، أبو جعفر النفيلي الحراني ت 234 هـ (¬5) . 240- عبد الله بن محمد، الفهمي، المصري، أبو محموية، ويقال له البيطاري (¬6) . 241- عبد الله بن محمد بن الفضل بن الشيخ بن عميرة، الأسدي، أبو بكر الأسدي (¬7) . 242- (خ م دت س) عبد الله بن مسلمة بن قعنب، القعنبي، الحارثي، أبو عبد الرحمن المدني ت 221 هـ (¬8) ، ¬
243- (دس ق) عبد الله بن نجيئ بن سلمة بن جشم بن أسد، الحضرمي، الكوفي، أبو لقمان (¬1) . 244- عبد الله بن يزيد بن راشد، القرشي، الدمشقي المقري، أبو بكر (¬2) . 245- عبد الله بن يونس بن عبيد، البصري (¬3) . 246- عبد الأعلى بن إسماعيل بن عبد الأعلى، العنبري، أبو القاسم (¬4) . 247- (خ م دس) عبد الأعلى بن حماد بن نصر، الباهلي مولاهم، البصري، أبو يحيى المعروف بالنرسي ت 237 هـ (¬5) . 248- عبد الجبار بن سعيد، المساحقي، أبو معاوية، القرشي، العامري (¬6) . 249- عبد الجبار بن عاصم، الخراساني، أبو طالب، النسائي نزيل بغداد ت 233 هـ (¬7) . 250- (مدكن) عبد الحميد بن بكار، السلمي، أبو عبد الله، الدمشقي ثم البيروتي (¬8) . 251- (م دق) عبد الحميد بن بيان بن زكرياء بن خالد بن أسلم، الواسطي، أبو الحسن، العطار، السكري ت 244 هـ (¬9) . 252- (س) عبد الحميد بن صالح بن عجلان، البرجمي، أبو صالح، الكوفي ت 230 هـ (¬10) . ¬
253- عبد الحميد بن أبي طالب، بصري، أبو يزيد، واسم أبي طالب حماد (¬1) . 254- عبد الحميد بن موسى بن خلف، العمي، أبو عبد الله، بصري (¬2) . 255- (خ م دس ق) عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو القرشي الأموي مولى آل عثمان، أبو سعيد، الدمشقي القاضي المعروف بدحيم الحافظ ابن اليتيم ت 245 هـ (¬3) . 256- عبد الرحمن بن بشر بن عبد الرحمن، الحبطي، أبو فراس (¬4) . 257- (م) عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم، الجمحي، البصري ت 230 هـ (¬5) . 258- عبد الرحمن بن بكر، الطبري، الآملي (¬6) . 259- عبد الرحمن بن جبلة بن خالد بن جبلة بن عبد الرحمن، الباهلي (¬7) . 260- عبد الرحمن بن الحكم بن بشير بن سلمان (¬8) . 261- عبد الرحمن بن خالد بن جبلة الباهلي وهو ابن جبلة بن خالد بن جبلة بن عبد الرحمن أبو خالد (¬9) . 262- عبد الرحمن بن سنان، المقرىء، أبو يحيى الرازي (¬10) . ¬
263- (م) عبد الرحمن بن سلام بن عبيد الله بن سالم، الجمحي مولاهم، أبو حرب، البصري ت 232 هـ (¬1) . 264- (ص) عبد الرحمن بن صالح الأزدي، العتكي أبو صالح، ويقال أبو محمد الكوفي ت 235 هـ (¬2) . 265- (خ البخاري) عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة، وقيل ابن محمد بن شيبة الحزامي مولاهم المدني أبو بكر (¬3) . 266- (ق) عبد الرحمن بن عبد الوهاب، العمي، البصري، الصيرفي (¬4) . 267- عبد الرحمن بن علقمة، المروزي، أبو يزيد (¬5) . 268- (ق) عبد الرحمن بن عمر بن يزيد بن كثير، الزهري، أبو الحسن، الأصبهاني، الأزرق، المعروف برستة ت 255 هـ (¬6) . 269- عبد الرحمن بن أبي الغمر، أبو زيد، المصري، الفقيه ت 234 هـ (¬7) . 270- (خ دس) عبد الرحمن بن المبارك بن عبد الله العيشي، الطفاوي، البصري، أبو بكر الخلقاني ت 228 هـ (¬8) . 271- عبد الرحمن بن محمد، العنبري، الطبري (¬9) . 272- عبد الرحمن بن نافع، المعروف بدرخت، أبو زياد مولى بني هاشم (¬10) . ¬
273- (دق) عبد الرحمن بن هانئ بن سعيد الكوفي، أبو نعيم النخعي الصغير ت 211 هـ (¬1) . 274- (خ) عبد الرحمن بن يونس بن هاشم الرومي، أبو مسلم المستمسلي البغدادي ت 225 هـ أو نحوها (¬2) . 275- (دس) عبد الرحيم بن مطرف بن أنيس بن قدامة الرواس أبو سفيان، الكوفي السروجي ت 232 هـ (¬3) . 276- (خ د) عبد السلام بن مطهر بن حسام الأزدي، أبو ظفر، البصري ت224 هـ (¬4) . 277- (ص ق) عبد العزيز بن الخطاب الكوفي، أبو الحسن نزيل البصرة ت 224 هـ (¬5) . 278- (س) عبد العزيز بن أبي سلمة بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن المدني (¬6) . 279- (خ دت ق كن) عبد العزيز بن عبد الله بن يحيى العامري، القرشي، الأويسي، أبو القاسم المدني (¬7) . 280- عبد العزيز بن عمران بن أيوب بن مقلاص الإمام أبو علي الخزاعي، مولاهم المصري الفقيه ت 234 هـ (¬8) . ¬
281- (ق) عبد العزيز بن المغيرة بن أمي، ويقال أمية المنقري، أبو عبد الرحمن الصفار البصري (¬1) . 282- (ق) عبد العزيز بن منيب بن سلام بن الضريس، أبو الدرداء، المروزي ت 267 هـ (¬2) . 283- (دس) عبد العزيز بن يحيى بن يوسف، البكائي، أبو الأصبغ الحراني ت 235 هـ (¬3) . 284- عبد الملك بن بشير، السامي، البصري (¬4) . 285- (م س) عبد الملك بن عبد العزيز، القشيري، النسوي، أبو نصر التمار الدقيقي ت 228 هـ (¬5) . 286- (د) عبد الملك بن مروان بن قارظ، ويقال قراظ الأهوازي، يكنى أبا بشر ت 256 هـ (¬6) . 287- عبد الواحد بن عمرو بن صالح بن المختار بن قيس، البصري، الزهري، المكتب، ووالده قاضي رام هرمز (¬7) . 288- (د) عبد الواحد بن غياث، المربدي، البصري، أبو بحر الصيرفي ت 238 هـ (¬8) . ¬
289- (دس) عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، أبو محمد، الجبلي، ت 232 هـ قال ابن أبي حاتم: (روى عنه أبو زرعة فيما كتب إليه) (¬1) . 290- (خ م س) عبيد الله بن سعيد بن يحيى بن برد، اليشكري مولاهم أبو قدامة السرخسي الحافظ ت 241 هـ (¬2) . 291- (خ م دس) عبيد الله بن عمرو بن ميسرة الجشمي مولاهم القواريري، أبو سعيد البصري ت 235 هـ (¬3) . 292- (دت س) عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر بن موسى التميمي أبو عبد الرحمن البصري ت 228 هـ (¬4) . 293- (خ م دس) عبيد الله بن معاذ بن نصر الخشخاشي العنبري أبو عمرو البصري الحافظ ت 238 هـ (¬5) . 294- (س) عبيد بن آدم بن أبي إياس، العسقلاني ت 258 هـ (¬6) . 295- عبيد بن إسحاق، العطار، الكوفي، أبو عبد الرحمن (¬7) . 296- عبيد بن جناد، الحلبي (¬8) . 297- عبيد بن هاشم، الغاضري، التميمي، الضرير (¬9) . ¬
298- (د) عبيد بن هشام، أبو نعيم، جرجاني الأصل، الحلبي، القلانسي سمع منه أبو زرعة بحلب (¬1) . 299- (ي م س) عبيد بن يعيش، المحاملي، أبو محمد، الكوفي، العطار ت227هـ (¬2) . 300- عتيق بن يعقوب بن موسى بن عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو بكر الزبيري المديني (¬3) . 301- (ت س) عثمان بن زفر بن مزاحم بن زفر التيمي، أبو زفر، ويقال أبو عمر الكوفي ت 218 هـ (¬4) . 302- عثمان بن عمرو، البصري، الكحال نزيل الكوفة (¬5) . 303- عثمان بن الفضل، أبو الحسن، الواسطي (¬6) . 304- (خ م دس ق) عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن خوستي العبسي مولاهم، أبو الحسن بن أبي شيبة (¬7) . 305- (ع) عفان بن مسلم بن عبد الله الصفار، أبو عثمان البصري مولى عزرة بن ثابت الأنصاري ت 219 هـ (¬8) . 306- عقبة بن مكرم بن عقبة بن مكرم، الضبي، الهلالي، أبو مكرم الكوفي ت234هـ (¬9) . ¬
307- (خت دت) علي بن بحر بن بري، القطان، أبو الحسن، البغدادي ت 234هـ (¬1) . 308- (خ د) علي بن الجعد بن عبيد، الجوهري، أبو الحسن البغدادي مولى بني هاشم ت 230 هـ (¬2) . 309- (م ق) علي بن الحسن بن سليمان، الحضرمي، أبو الحسن، ويقال أبو الحسين الواسطي ت 237 هـ (¬3) . 310- (د) علي بن الحسن بن موسى الهلالي، أبو الحسن بن أبي عيسى الدرابجردي ت 267 هـ (¬4) . 311- علي بن الحسن التميمي البزار، الكوفي، يعرف بكراع (¬5) . 312- (بخ م س) علي بن حكيم بن ذبيان، الأودي، الكوفي، ت 231 هـ (¬6) . 313- علي بن حمزة بن سوار، العتكي، بصري (¬7) . 314- (دس) علي بن سهيل بن قادم، ويقال ابن موسى الحرشي، أبو الحسن الرملي، ت 261 هـ (¬8) . ¬
315- (خ دت س فق) علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح، السعدي مولاهم، أبو الحسن المديني ت 234 هـ (¬1) . 316- علي بن عثمان بن عبد الحميد بن لاحق الرقاشي بصري اللاحقي (¬2) . 317- (خ 4) علي بن عياش بن مسلم، الألهاني، أبوالحسن الحمصي، البكاء ت219 هـ (¬3) . 318- علي بن عيسى، المخرمي مولى روح بن حاتم المهلبي ت 233 هـ (¬4) . 319- (عس ق) علي بن محمد بن إسحاق بن أبي شداد، أبو الحسن الطنافسي، الكوفي، مولى آل الخطاب ت 233 هـ (¬5) . 320- علي بن ميسرة بن خالد، الهمداني، أبو الحسن (¬6) . 321- (س ق) علي بن ميمون، الرقي، أبو الحسن، العطار ت 246 هـ (¬7) . 322- (م دت س) علي بن نصر بن علي بن نصر بن علي، الجهضمي، أبو الحسن، البصري الصغير ت 250 هـ (¬8) . 323- عمار بن عمر بن المختار، أبو ياسر، روى عن سهيل بن أسلم، روى عنه أبو زرعة قديماً (¬9) . ¬
324- عمر بن حفص بن شليلة، الدمشقي (¬1) . 325- (خ م دت س) عمر بن حفص بن غياث بن طلق بن معاوية، النخعي، أبوحفص الكوفي ت 222 هـ (¬2) . 326- (ل) عمر بن عثمان بن عاصم بن صهيب بن سنان التيمي، أبو حفص، الواسطي (¬3) . 327- عمر بن علي بن أبي بكر، الكندي، الأسفذني، الرازي (¬4) . 328- عمرو بن حماد بن محمد، أبومحمد، البصري، العبدي (¬5) . 329- (بخ م دس فق) عمرو بن حماد بن طلحة، القناد، أبو محمد، الكوفي ت222 هـ (¬6) . 330- (خ ق) عمرو بن خالد بن فروخ بن سعيد بن عبد الرحمن التميمي الحنظلي أبو الحسن الحراني، ت 229 هـ (¬7) . 331- (ق) عمرو بن رافع بن الفرات بن رافع البجلي، أبو حجر، القزويني، الحافظ ت 237 هـ (¬8) . 332- (م 4) عمرو بن سعيد، أبوعثمان، البصري (¬9) . 333- عمرو بن سعيد. شيخ بصري. قال الذهبي: "من مشيخة أبي زرعة الرازي" (¬10) . ¬
334- (دس ق) عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي، أبو حفص الحمصي، مولى بني أمية ت 250 هـ (¬1) . 335- (ع) عمرو بن علي بن بحر بن كنيز، الباهلي، أبو حفص البصري، الصيرفي الفلاس، ت 249 هـ (¬2) . 336- (ع) عمرو بن عون بن أوس بن الجعد، أبو عثمان، الواسطي، البزار الحافظ، البصري، ت 225 هـ (¬3) . 337- (خ م دس) عمرو بن محمد بن بكير بن سابور، أبو عثمان البغدادي الحافظ نزيل الرقة ت 232 هـ (¬4) . 338- (خ د) عمرو بن مرزوق الباهلي، يقال مولاهم أبو عثمان البصري، ت224هـ (¬5) . 339- عمرو بن محمد بن مرزوق، مولى لبني شيبان، أبو عثمان الرقي (¬6) . 340- (ل) عمرو بن هارون، المقرىء، أبو عثمان، البصري، صاحب الكري (¬7) . 341- (ق) عمرو بن هاشم، البيروتي (¬8) . 342- (س) عمرو بن هشام، الحرّاني، أبو أمية، ت 245 هـ (¬9) . ¬
343- (خ د) عمران بن ميسرة، المنقري، أبو الحسن، البصري، الآدمي، ت 213 هـ (¬1) . 344- عمران بن هارون، الرملي، أبو موسى (¬2) . 345- عون بن المحكم بن سنان، الباهلي، أبو بكر، بصري (¬3) . 346- (م) عون بن سلام، القرشي، أبو جعفر، الكوفي، مولى بني هاشم، ت 230 هـ (¬4) . 347- العلاء بن عمرو، الحنفي، أبومحمد (¬5) . 348- (خ دس) عياش بن الوليد الرقام، القطان، أبو الوليد، البصري، ت226هـ (¬6) . 349- (د) عيسى بن إبراهيم بن سيار، ويقال ابن دينار الشعيري، أبو إسحاق البصري، البركي، ت 228 هـ (¬7) . 350- (م دس ق) عيسى بن حماد بن مسلم، التُّجِيْبِي، الأنصاري، لقبه زغبة، أبو موسى، ت 248 هـ (¬8) . 351- (عب) عيسى بن سالم، أبوسعيد، ولقبه عويش، الشاشي، حدث ببغداد (¬9) . 352- عيسى بن صبيح، وهو ابن أبي فاطمة، أبو الحسن (¬10) . ¬
353- (دس ق) عيسى بن محمد بن إسحاق، ويقال ابن عيسى، أبو عمير بن النحاس، الرملي، ت 256 هـ (¬1) . 354 - عيسى بن ميناء، المديني، المعروف بقالون، المقرىء (¬2) . 355- غالب بن حلبس بن محمد، الكلبي (¬3) . 356- (م د) غسان بن الفضل، السجستاني، أبو عمرو، نزيل مكة (¬4) . 357- غسان بن مالك بن عباد، أبو عبد الرحمن، السلمي، بصري (¬5) . 358- فتح بن عمرو، الكسي، أبونصر، التميمي (¬6) . 359- فرات بن محبوب، السكوني، أبو بحر، الكوفي (¬7) . 360- (خ ت) فروة بن أبي المغراء، واسمه معدي كرب، الكندي، أبو القاسم الكوفي، ت 225 هـ (¬8) . 361- الفضل بن داود، أبو الحسن، الواسطي (¬9) . 362- (ع) الفضل بن دكين، الكوفي، واسم دكين، عمرو بن حماد بن زهير، التبعي مولاهم الأحول، أبونعيم الملائي، ت 219 هـ (¬10) . 363- الفضل بن زياد، الطساس، البغدادي (¬11) . ¬
364- الفضل بن الفضل بن الفضل، السعدي، أبو عبيدة بن أبي سويد، السقطي، البصري (¬1) . 365- الفضل بن عبد الله، أبومعاذ، الواسطي (¬2) . 366- (خ م دس) فضيل بن حسين بن طلحة، البصري، أبو كامل الجحدري، ت237 هـ (¬3) . 367- (ع ب) فطر بن حماد بن واقد، البصري، روى عن مالك ابن أنس وحماد بن زيد (¬4) . 368- فيض بن الوثيق بن يوسف بن عبد الله بن يوسف، الثقفي (¬5) . 369- (ت) القاسم بن أمية، الحذاء، العقدي، أبومحمد البصري (¬6) . 370- القاسم بن سلام بن مسكين، الأزدي، أبو محمد، البصري، ت 228هـ (¬7) . 371- القاسم بن محمد بن أبي شيبة، العبسي، أخو الحافظين: أبي بكر، وعثمان، ت 235 هـ (¬8) . 372- (ع) قبيصة بن عقبة بن محمد بن سفيان السوائي، أبوعامر، الكوفي، ت 213 هـ (¬9) . ¬
373- (ع) قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي مولاهم، أبو رجاء البغلاني، ت 240 هـ (¬1) . 374- (خ) قرة بن حبيب بن يزيد بن شهرزاد، القنوي، الرماح، أبو علي، البصري، القشيري، ت 224 هـ (¬2) . 375- (س) قطن بن إبراهيم بن عيسى بن مسلم بن خالد، القشيري، أبوسعيد، القشيري، ت 261 هـ (¬3) . 376- (خ م د) قيس بن حفص بن القعقاع، التميمي، الدارمي مولاهم، أبو محمد البصري، ت 227 هـ (¬4) . 377- (دس ق) كثير بن عبيد بن نمير، المذحجي، أبو الحسن، الحمصى، الحذاء، المقرىء، ت 250 هـ (¬5) . 378- (ع ب) كثير بن يحيى بن كثير، أبو مالك البصري، الحنفي (¬6) . 379- (خ) محمد بن أبان بن عمران بن زياد بن ناصح، السلمي، أبو الحسن، الواسطي، الطحان، ت 239 هـ (¬7) . 380- (دس ق) محمد بن إدريس بن المنذر بن داود الحنظلي، أبو حاتم الرازي، ت 277 هـ، وهو من أقرانه (¬8) . ¬
381- (م د) محمد بن إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن، المخزومي، المسيبي، أبو عبد الله المدني، ت 236 هـ (¬1) . 382- (م 4) محمد بن إسحاق بن جعفر، الصغاني، أبو بكر، نزيل بغداد، ت 270 هـ (¬2) . 383- (ت س) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، الجعفي مولاهم، أبو عبد الله، البخاري، ت 256 هـ وهو من أقرانه (¬3) . 384- محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب، الجعفري (¬4) . 385- (خ د) محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة، أبو عبد الله البصري، مولى بني هاشم، ت 230 هـ (¬5) . 386- (دق) محمد بن إسماعيل بن عياش بن سليم، العنسي، الحمصي (¬6) . 387- (بخ ق) محمد بن أمية بن آدم، القرشي، أبو أحمد الساوي، مولى عقبة بن أبي معيط، ت 226 هـ (¬7) . ¬
388- (ق) محمد بن أيوب الكلابي، أبو هريرة، الواسطي. كتب عنه أبو حاتم سنة 214 هـ (¬1) . 389- (ع) محمد بن بشار بن عثمان بن داود بن كيسان، العبدي، أبو بكر الحافظ البصري، ت 252 هـ (¬2) . 390- محمد بن بشر، الحريري، الأسدي، الكوفي (¬3) . 391- محمد بن بحر، الهجيمي (¬4) . 392- (م د) محمد بن بكار بن الريان، الهاشمي مولاهم، أبو عبد الله البغدادي، الرصافي (¬5) . 393- (خ م س) محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم المقدمي، أبو عبد الله الثقفي، مولاهم البصري، ث 238 هـ (¬6) . 394- (ق) محمد بن ثعلبة بن سواء بن عنبر، السدوسي البصري (¬7) . 395- (خ ت ق) محمد بن جعفر السمناني، القومسي، أبو جعفر ابن أبي الحسين الحافظ، ت قبل 220 هـ (¬8) . 396- (م دس) محمد بن جعفر بن زياد، الوركاني، أبو عمران، الخراساني نزيل بغداد، ت 228 هـ (¬9) . ¬
397- (م د) محمد بن حاتم بن ميمون البغدادي، أبو عبد الله القطيعي، المعروف بالسمين، ت 5 أو 236 هـ (¬1) . 398- (خ م د) محمد بن حرب بن حرمان، النشائى، أبو عبد الله، الواسطي، ت 255 هـ (¬2) . 399-محمد بن الحسن بن المختار، التميمي، الكوفي، نزيل الزي (¬3) . 400- محمد بن حميد، أبو عبد الرحمن، الأصباعي (¬4) . 401- (م) محمد بن حيان، أبو الأحوص، البغوي، نزيل بغداد، ت 227 هـ (¬5) . 402- محمد بن خلاد بن هلال، الإسكندراني، أبو عبد الله، ت 231 هـ (¬6) . 403- (خ م دت س) محمد بن رافع بن أبي زيد سابور القشيري، مولاهم أبو عبد الله النيسابوري، ت 245 هـ (¬7) . 404-محمد بن زياد، أبو جعفر، الرازي يعرف بالأصبهاني القطان، راوية ابن عيينة، البلدي (¬8) . ¬
405- (دس) محمد بن سعيد بن سابق، أبو سعيد، ويقال أبو عبد الله الرازي، ت 216 هـ (¬1) . 406- (خ ت س) محمد بن سعيد بن سليمان بن عبد الله الكوفي، أبو جعفر ابن الأصبهاني لقبه حمدان، ت 220 هـ (¬2) . 407- محمد بن سعيد بن السكن بن عبد الرحمن، الكندي، أبو الفضل، البصري (¬3) . 408- (خ) محمد بن سعيد بن الوليد، الخزاعي، أبو عمرو، ويقال أبو بكر البصري مردويه، ت 230 هـ (¬4) . 409- (م د) محمد بن سماعة، الرملي، أبو الأصبغ القرشي الأموي مولاهم، ت 238 هـ (¬5) . 410- محمد بن سهل بن حصيل، روى عن حسان بن إبراهيم الكرماني (¬6) . 411- محمد بن سلام بن عبد الله بن زياد بن عقيل، أبو عبد الله، الأيلي (¬7) . 412- (دق) محمد بن الصباح بن سفيان بن أبي سفيان، الجرجرائي، أبو جعفر التاجر، ت 240 هـ (¬8) . 413- (ع) محمد بن الصباح الدولابي، أبو جعفر البغدادي، البزاز مولى مزينة، ت 227 هـ (¬9) . ¬
414- (خ س) محمد بن الصلت البصري، أبو يعلى التوزي، ت 227 هـ (¬1) . 415- (خ ت س ق) محمد بن الصلت بن الحجاج الأسدي، أبوجعفر الكوفي الأصم، ت في حدود 220 هـ (¬2) . 416- (م دت ق) محمد بن طريف بن خليفة، البجلي، أبو جعفر، الكوفي، ت 242 هـ (¬3) . 417- (دس) محمد بن عايذ بن أحمد ويقال سعيد القرشي، أبو أحمد الدمشقي، صاحب المغازي، ت 233 هـ (¬4) . 418- (خ م ت س ق) محمد بن عباد بن الزبرقان المكي، أبو عبد الله، ت 234هـ (¬5) . 419- (دق) محمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعي، أبو عبد الله البصري، ت 223هـ (¬6) . 420- (ع) محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني الخارفي، أبو عبد الرحمن الكوفي الحافظ، ت 234 هـ (¬7) . 421- (م د) محمد بن عبد الله الأرزي، ويقال الرزي، أبو جعفر البغدادي، ت 231 هـ (¬8) . ¬
422- (م قدت س ق) محمد بن عبد الأعلى الصنعاني القيسي، أبو عبد الله البصري، ت 245 هـ (¬1) . 423- (قدق) محمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن علي الجعفي، أبو بكر الكوفي ت 260 هـ (¬2) . 424- (د) محمد بن عبد الرحمن بن عبد الصمد العنبري، أبو عبد الله البصري ت 234 هـ (¬3) . 425- محمد بن عبد الرحمن، القرشي المخزومي روى عن حاتم بن عبيد الله البصري (¬4) . 426- (خ 4) محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة واسمه غزوان اليشكري مولاهم أبو عمرو المروزي ت 241 هـ (¬5) . 427- محمد بن عبد الوهاب العمري، الحراني (¬6) . 428- محمد بن عبد الوهاب بن صالح، الحنفي، البصري (¬7) . 429- (خ س) محمد بن عبيد الله بن محمد بن زيد الأموي مولى عثمان، أبو ثابث المدني (¬8) . 430- (م دس) محمد بن عبيد بن حساب، الغبري، البصري ت 238 هـ (¬9) . ¬
431- (دت س) محمد بن عبيد بن محمد بن واقد، المحاربي، الكندي، أبو جعفر النحاس الكوفي ت 251 هـ (¬1) . 432- (خ ق) محمد بن عبيد بن ميمون المدني التبان التيمي، العلاف (¬2) . 433- (مق ت) محمد بن أبي عتاب، البغدادي، أبو بكر الأعين واسم أبيه طريف ت 240 هـ (¬3) . 434- (ق ص) محمد بن عثمان بن خالد بن عمر عبد الله بن الوليد الأموي، أبو مروان العثمان ت 241 هـ (¬4) . 435- (دس) محمد بن عثمان بن أبي صفوان بن مروان الثقفى أبو عبد الله البصري ت 250 هـ (¬5) . 436- (دق) محمد بن عثمان، التنوخي، أبو الجماهر، الكفرسوسي، أبو عبد الرحمن ت 224 هـ (¬6) . 437- (ت س) محمد بن علي بن الحسن بن شقيق بن دينار العبدي مولاهم المروزي ت 250 هـ (¬7) . 438- محمد بن عمربن الوليد بن لاحق التيمي كوفي (¬8) . ¬
439- (م دق) محمد بن عمرو بن بكر بن سالم التميمي أبو غسان الرازي، زنيج ت 240 هـ (¬1) . 440- محمد بن عمرو بن الجراح، الغزي من أهل غزة (¬2) . 441- (م د) محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة بن أبي رواد العتكي مولاهم أبو جعفر البصري ت 234 هـ (¬3) . 442- (خ ت) محمد بن عمرو السواق، ويقال السويقي، أبو عبد الله البلخي ت 236 هـ (¬4) . 443- محمد بن عمرو، التنوري ابن ابنة عبد الوارث (¬5) . 444- (بخ ت) محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري، أبو عبد الرحمن الكوفي (¬6) . 445- (دعس) محمد بن عوف بن سفيان، الطائي، أبو جعفر الحمصي الحافظ ت 272 هـ (¬7) . 446- محمد بن عون، الزيادي، البصري، أبو عون (¬8) . 447- (ع) محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، أبو كريب الكوفي الحافظ ت 248هـ (¬9) . ¬
448- (ت ق) محمد بن فراس الضبعي، أبو هريرة الصيرفي، البصري ت 245هـ (¬1) . 449- (م د) محمد بن الفرج بن عبد الوارث، أبو جعفر البغدادي، مولى بني هاشم ت 236 هـ (¬2) . 450- (ع) محمد بن الفضل السدوسي أبو النعمان البصري المعروف بعارم ت 223 هـ أو 224 هـ (¬3) . 451- محمد بن القاسم المعروف بسحيم الحراني (¬4) . 452- (ع) محمد بن كثير العبدي، أبو عبد الله البصري ت 223 هـ (¬5) . 453- (د) محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن بن حسان الهاشمي مولاهم، أبو عبد الله الحافظ العسقلاني ت 238 هـ (¬6) . 454- (ع) محمد بن المثنى بن عبيد بن قيس العنزي، أبو موسى البصري الحافظ الزمن ت 252 هـ (¬7) . 455- (م ت ق) محمد بن محمد بن مرزوق بن بكير الباهلي أبو عبد الله البصري، ت248هـ (¬8) . ¬
456- (س) محمد بن مسلم بن عثمان بن عبد الله الرازي أبو عبد الله بن وارة، ت 270 هـ (¬1) . 457- (م د) محمد بن معاذ بن عباد بن معاذ بن نصر، العنبري البصري، ت 223 هـ (¬2) . 458- (خ) محمد بن مقاتل المروزي أبو الحسن الكسائي لقبه رخ ت 226 هـ (¬3) . 459- (دس) محمد بن منصور بن داود الطوسي، نزيل بغداد، أبو جعفر، العابد ت254 أو 256 هـ (¬4) . 460- (خ م دس) محمد بن المنهال التميمي، المجاشعي، أبو جعفر أو أبو عبد الله البصري الحافظ ت 231 هـ (¬5) . 461- محمد بن المنهال، العطار البصري، الأنماطي، أخو الحجاج ت 231 هـ (¬6) . 462- (خ م د) محمد بن مهران، الجمال، أبو جعفر الرازي الحافظ ت 239 هـ (¬7) . 463- (ق) محمد بن موسى بن أبي نعيم، الواسطي، الهذلي ت 223 هـ (¬8) . ¬
464- محمد بن ميزان الأبلي روى عن أبي داود الطيالسي (¬1) . 465- محمد بن هارون، أبو عبد الله الرازي، اللؤلؤي (¬2) . 466- (خت مق ل) محمد بن يحيى بن سعيد بن فروخ القطان؛ أبو صالح البصري ت 233 هـ (¬3) . 467- (د) محمد بن يحيى بن أبي سمينة مهران البغدادي، أبو جعفر التمار ت 239 هـ (¬4) . 468- (خ 4) محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد، الذهلي الحافظ، أبو عبد الله النيسابوري ت 258 هـ (¬5) . 469- (م ت س ق) محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، أبو عبد الله الحافظ نزيل مكة ت 243 هـ (¬6) . 470- (ع ب) محمد بن يعقوب، أبو الهيثم، الرقاش، البصري، الزبالي (¬7) . 471- محمد بن يوسف الغضيض، روى عن ابن وهب (¬8) . 472- (ع) مالك بن إسماعيل بن درهم، أبو غسان النهدي مولاهم الكوفي الحافظ ت 219 هـ (¬9) . ¬
473- مالك بن سليمان، أبو أنس، الألهاني، الحمصي (¬1) . 474- (م) المثنى بن معاذ بن معاذ، العنبري ت 228 هـ (¬2) . 475- مثنى بن مطر بن جامع بن مطر، الحبطي، أبو الحسن (¬3) . 476- (م 4) مجاهد بن موسى بن فروخ، الخوارزمي، أبو علي الختلي ت244 هـ (¬4) . 477- مجيب بن غياث، الرازي (¬5) . 478- (دس ق) محمود بن خالد، السلمي، أبو علي الدمشقي ت247هـ (¬6) . 479- (خ م ت س ق) محمود بن غيلان العدوي، مولاهم، أبو أحمد، المروزي الحافظ ت 239 هـ (¬7) . 480- (عس) مخلد بن مالك بن شيبان القرشي، وقيل السكسكي، أبو محمد، الحراني، ت 242 هـ (¬8) . 481- مروان بن جعفر بن سعد بن سمرة روى صحيفة سمرة (¬9) . 482- مسجع بن مصعب، العبدي، أبو الحكم، البصري (¬10) . ¬
483- (خ دت س) مسدد بن مسرهد بن مسربل البصري، الأسدي، أبو الحسن الحافظ ت 228 هـ (¬1) . 484- (ق) مسروق بن المزربان بن مسروق بن معدان الكندي الكوفي ت240هـ (¬2) . 475- (ع) مسلم بن إبراهيم الأزدي الفراهيدي، مولاهم أبو عمرو البصري الحافظ ت 222 هـ (¬3) . 486- المسيب بن واضح حمصي الأصل روى عن أبي إسحاق الفزاري وغيره (¬4) . 487- (د) مصرف بن عمرو بن كعب، اليامي، أبو القاسم ت 240 هـ (¬5) . 488- (س ق) مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام، الأسدي، أبو عبد الله الزبيري، المدني، نزيل بغداد ت 236 هـ (¬6) . 489- مصر بن غسان بن مضر، الأزدي، النمري، أبو عيينة (¬7) . 490- (خ ت ق) مطرف بن عبد الله بن مطرف بن سليمان الباري الهلالي، أبو مصعب المدني ت 220 هـ (¬8) . ¬
491- (خ د) معاذ بن أسد المروزي، كاتب ابن المبارك، أبو عبد الله، نزل البصرة ت 223 أو 228 هـ (¬1) . 492- (س) المعافي بن سليمان، الجزري، أبو محمد، الرسعني ت234 هـ (¬2) . 493- (ع) معاوية بن عمر بن المهلب بن عمرو، الأزدي، المعني، أبو عمرو، البغدادي ت 214 هـ (¬3) . 494- (عب) معاوية بن عبد الله بن معاوية بن عاصم بن المنذر بن الزبير (¬4) . 495- معدان بن عبد الجبار بن محمد بن عمر بن معدان الأزدي (¬5) . 496- مغيرة بن معمر، البصري، روى عن معافى بن عمران، الموصلي (¬6) . 497- مقاتل بن محمد النصر أباذي، الرازي (¬7) . 498- مكرم بن محرز، الكعبي، الخزاعي (¬8) . 499- مليح بن وكيع بن الجراح روى عن أبيه وعن جرير بن عبد الحميد وغيرهما (¬9) . ¬
500- (م فق) منجاب بن الحارث بن عبد الرحمن، التميمي، أبو محمد الكوفي ت 231 هـ (¬1) . 501- (م دس) منصور بن أبي مزاحم بشير التركي، أبو نصر البغدادي ت 235 هـ (¬2) . 502- مهدي بن جعفر بن حيان، الرملي، الزاهد، أبو محمد ت 230 هـ (¬3) . 503- مهدي بن عيسى الواسطي، أبو الحسن (¬4) . 504- (ع) موسى بن إسماعيل، المنقري مولاهم أبو سلمة التبوذكي البصري ت 223 هـ (¬5) . 505- (دس) موسى بن أيوب بن عيسى، النصيبي، أبو عمران الأنطاكي (¬6) . 506- موسى بن الحكم، أبو عمران روى عن محمد بن زياد، الراسبي (¬7) . 507- موسى بن حماد، النخمي، أبو الحسن، روكب عن شعبة (¬8) . 508- نافع بن خالد، الطاحي، البصري (¬9) . ¬
509- (ع) نصر بن علي بن نصر بن علي بن صهبان، الأزدي، الجهضمي، أبو عمرو البصري ت 250 هـ (¬1) . 510- نصر بن فديد، أبو صفوان، الليثي، بصري كناني (¬2) . 511- (دس) نصير بن الفرج، الأسلمي، أبو حمزة الثغري ت 245 هـ (¬3) . 512- (زت س ق) هارون بن إسحاق بن محمد الهمداني، أبو القاسم الكوفي الحافظ ت 258 هـ (¬4) . 513- (م 4) هارون بن عبد الله بن مروان البغدادي، أبو موسى البزاز الحافظ الجمال ت 243 هـ (¬5) . 514- (خ م د) هارون بن معروف المروزي، أبو علي الخزاز الضرير نزيل بغداد ت231 هـ (¬6) . 515- (ق) هارون بن موسى بن حيان التميمي، أبو موسى القزويني ت 248 هـ (¬7) . 516- هاشم بن عبد الواحد، الجشاش، أبو بشر، القيسي، كوفي (¬8) . 517- (خ م د) هدبة بن خالد بن الأسود القيسي، أبو خالد البصري ويقال له هداب، الثوباني ت سنة بضع وثلاثين ومائتين (¬9) ¬
518- (ق) هدية بن عبد الوهاب المروزي، أبو صالح ت 241 هـ (¬1) . 519- هريم بن عثمان، أبو المهلب، الطفاوي، البصري (¬2) . 520- (دق) هشام بن خالد بن يزيد بن مروان أزرق، أبو مروان ت249 هـ (¬3) . 521- (دس ق) هشام بن عبد الملك بن عمران اليزني، أبو تقى الحمصي ت251 هـ (¬4) . 522- (ع) هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم، أبو الوليد الطيالسي البصري الحافظ الإمام ت 227 هـ (¬5) . 523- (خ 4) هشام بن عماربن نصير بن ميسرة بن أبان السلمي، أبو الوليد الدمشقي ت 245 هـ (¬6) . 524- (عخ م د) هناد بن السري بن مصعب بن أبي بكر التميمي، الدارمي، الكوفي ت 243 هـ (¬7) . 525- (خ س ق) الهيثم بن خارجة الخراساني الحافظ، أبو أحمد المروزي، البغدادي ت 227 هـ (¬8) . 526- واصل بن عبد الله بن بدر بن واصل الجهني، أبو الحسن (¬9) . ¬
527- (م 4) واصل بن عبد الأعلى بن هلال، الأسدي، أبو القاسم، ويقال أبو محمد الكوفي ت 244 هـ (¬1) . 528- الوليد بن عبد الملك بن عبيد الله بن مسرح الحراني، أبو وهب (¬2) . 529- (د) الوليد بن عتبة، الأشجعي، أبو العباس الدمشقي، المقرىء ت240هـ (¬3) . 530- (دس) الوليد بن مزيد، العذري، أبو العباس، البيروتي ت 283 هـ (¬4) . 531- (م دس) وهب بن بقية بن عثمان بن شابور، الواسطي، أبو محمد، وهبان ت 239 هـ (¬5) . 532- وهب الفامي عن محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي (¬6) . 533- (عخ م د عس) يحيى بن أيوب المقابري، أبو زكرياء البغدادي ت234 هـ (¬7) . 534- يحيى بن أبي الخصيب زياد، الرازي قاضي عكبرا (¬8) . 535- (خ ت) يحيى بن سليمان بن يحيى بن سعيد، الجعفي، أبو سعيد الكوفي المقرىء ت 237 أو 238 هـ (¬9) . ¬
536- (خ م ق) يحيى بن عبد الله بن بكير، القرشي، المخزومي مولاهم، أبو زكرياء المصري الحافظ، ت 231 هـ (¬1) . 537- (دس ق) يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير، القرشي، أبو سليمان، الحمصي، ت 255 هـ (¬2) . 538- (عب) يحيى بن عثمان، أبو زكرياء، الحربي، البغدادي، السجزي، الجرمي، ت 238 هـ (¬3) . 539- يحيى بن محمد بن مطيع، الشيباني (¬4) . 540- يحيى بن مصعب، أبو زكرياء، الكلبي، الكوفي، جار الأعمش (¬5) . 541- (ع) يحيى بن معين بن عون بن زياد الغطفاني مولاهم أبو زكريا، البغدادي ت 233 هـ (¬6) . 542- يحيى بن مغيرة، السعدي، الرازي (¬7) . 543- (خ م دس ق) يحيى بن يعلى بن الحارث، المحاربي، أبو زكرياء الكوفي، ت 216 هـ (¬8) . ¬
544- (خ ق) يحيى بن يوسف، الزمي، الخراساني، أبو زكرياء، يقال له ابن أبي كريمة، ت سنة بضع وعشرين ومائتين (¬1) . 545- (دس ق) يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب، الهمداني، أبو خالد، الزاهد، ت 232 هـ (¬2) . 546- يزيد بن عبد العزيز، الطلاس (¬3) . 547- (ع) يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد، أبو يوسف الدورقي، الحافظ، البغدادي، ت 252 هـ (¬4) . 548- يعقوب بن إبراهيم بن جبير، الواسطي (¬5) . 549- يعقوب بن إسحاق البصري، روى عن عبد الله بن أبي عثمان الأموي، عن أبي عمر (¬6) . 550- (خ س) يوسف بن عدي بن زريق بن إسماعيل التيمي مولاهم، أبو يعقوب الكوفي، ت 232 هـ (¬7) . 551- (خ دت عس ق) يوسف بن موسى بن راشد القطان، أبو يعقوب الكوفي، الرازي، البغدادي، ت 253 هـ (¬8) . ¬
552- (خ م) يوسف بن يعقوب الصفار، أبو يعقوب، الكوفي، ت 231 هـ (¬1) . 553- يوسف بن أبي أمية، الثقفي (¬2) . 554- (خ) يوسف بن بهلول، التميمي، الأنباري، نزيل الكوفة، ت 218 هـ (¬3) . 555- (م س ق) يونس بن عبد الأعلى بن موسى، الصدفي، أبو موسى المصري، كان إماماً في القراءات، ت 264 هـ (¬4) . 556- (د) أبوحصين بن يحيى بن سليمان الرازي (¬5) . ¬
2- الرواة الذين تحمل عنهم أبو زرعة بالمكاتبة على الرغم من رحلات أبي زرعة الواسعة كان يفوته اللقاء بعدد من الشيوخ، إما لأنهم لم يكونوا من مدنهم أو قراهم أثناء إقامته فيها أو مروره بها أو لم يتسن له دخولها، فكان يحرص على تدوينها، وتحملها بطريق المكاتبة، وصورة المكاتبة: "أن يكتب الشيخ بعض حديثه لمن حضر عنده، أو لمن غاب عنه، ويرسله إليه وسواء كتبه بنفسه أم أمر غيره أن يكتبه، ويكفي أن يعرف المكتوب له خط الشيخ أو خط الكاتب عن الشيخ، ويشترط في هذا أن يعلم أن الكاتب ثقة" (¬1) . فكان بعض الشيوخ يكتب له بواسطة تلميذه سعيد البرذعي (¬2) أو غيره (¬3) فوائد (¬4) من حديثه أو جزء منها، فيدرسها أبو زرعة متنا، واسنادا. فإن وجدها موافقة لشروطه قبلها ورواها (¬5) . لذا نرى ابن أبي حاتم يقول في بعض التراجم من الجرح والتعديل: كتب عنه أبو زرعة وروى عنه، أو يقول: "كتب ¬
عنه أبي وأبو زرعة ورويا عنه"، أو ينقل عنهما قولهما في بعض الرواة: "كتبنا عنه" ويعقب عليهما بقوله: "ورويا عنه" (¬1) . وأما إذا وجدها ضعيفة من حيث الإسناد، أو من حيث المتن، أو الإسناد والمتن جميعاً فلا يقبلها ولا يرويها، ويترك ذلك الشيخ لأنه ثبت عنده أنه مجروح (¬2) . وقد يقف على أحاديث أحد الرواة أو يسجل فوائد من حديثه أثناء لقائه به (¬3) ، ثم يفحصها أو يكشف له بعض أقرانه (¬4) ، أو أحد شيوخه (¬5) عن علة تلك الأحاديث أو يتذاكر بها حين قراءتها على أحد تلاميذه في المذاكرة (¬6) فيردها ولا يعتبرها ويترك ذلك الشيخ، وكان بعض الأحيان يندم على عدم الاكثار عن أحد الشيوخ الثقات لما يجد تلك الفوائد (أي الأحاديث) التي كتبها عنه صالحة للاحتجاج لكونها موافقة لشروطه (¬7) ، وقد يدرك بعض الرواة أو يلتقي بهم ولم يكتب عنهم، وقد يصرح في بعض الأحيان عن السبب في عدم كتابة حديثه، وقد لايصرح، وقد يكتب عن بعضهم أبو حاتم، ولكل اجتهاده (¬8) . ¬
وفيما يلي قائمة بأسماء الرواة الذين تحمل الحديث عنهم أبو زرعة بطريق المكاتبة والذين كتب عنهم في مجالس العلم، ثم أعقبهم بقائمة المتروكين من شيوخه، وبالله التوفيق. 557- (خ دس) أحمد بن حفص بن عبد الله، السلمي، النيسابوري، قال ابن أبي حاتم: "كتب إلى أبي وأبي زرعة بجزء من حديثه" (¬1) . 558- (م دس ق) أحمد بن يوسف بن خالد، المهلبي، الأزدي، أبو الحسن، السلمي، النيسابوري، المعروف بحمدان ت 264 هـ قال: "كتب إلى أبي، وأبي زرعة بجزء من حديثه" (¬2) . 559- إبراهيم بن عامر بن إبراهيم، الأصبهاني، أبو إسحاق المؤذن، الأشعري ت260 هـ قال: "كتب إلى أبي وأبي زرعة بأحاديث" (¬3) . 560- سعد بن مسعود المروزي قال: "كتب إلى أبي وأبي زرعة وإلي ببعض حديثه وهو صدوق" (¬4) . 561- سليمان بن عبد الله بن محمد بن سليمان الحراني قال: "كتب إلى أبي وأبي زرعة على يدي سعيد البرذعي" (¬5) . 562- (م دس) شيبان بن فروخ وهو شيبان بن أبي شيبة الحبطي مولاهم أبو محمد الأيلي المتوفي سنة 236 هـ (¬6) . ¬
563- علي بن الحسن بن أبي عيسى، الهلالي نيسابوري قال: "كتب إلى أبي وأبي زرعة وإلي بأحاديث على يدي سعيد البرذعي" (¬1) . 564- عمار بن رجاء، الأستاراباذي قال: "كتب إلينا وإلى أبي وأبي زرعة". (¬2) . 565- محمد بن إبراهيم، أبو أمية الطرسوسي قال: "كتب إلى أبي وأبي زرعة، والي بحديث عن قبيصة" وذكر الحديث (¬3) . 566- (س) محمد بن جبلة وقيل ابن خالد بن جبلة، الرافقي، أبو بكر، ويقال أبو عمر خراساني الأصل ت 255 هـ قال: "كتب إلى أبي، وأبي زرعة، وإلي بأحاديث من فوائده" (¬4) . 567- (م) محمد بن عبد الله بن قهزاد المروزي، أبو جابر ت 262 هـ قال: "كتب إلى أبي وأبي زرعة وإليَّ ببعض حديثه" (¬5) . 568- محمد عبد الكريم المروزي قال: "كتب إلى أبي وأبي زرعة وإلي ببعض ¬
حديثه فوجد أبي في حديثه حديث كذب فقال: هذا الشيخ كذاب، وهذا الحديث كذب" (¬1) . 569- (خ) محمود بن آدم المروزي ت 258 هـ قال: "كتب إلى أبي وأبي زرعة وإلي" (¬2) . 570- يوسف بن سعيد بن مسلم، المصيصي قال: "كتب إلى أبي وأبي زرعة وإلي ببعض حديثه وهو صدوق ثقة" (¬3) . أما الرواة الذين كتب عنهم فهم: 571- إسحاق بن بشر، البزار، الرازي قال: "كتب عنه أبو زرعة شوى، فذاكرته ببعض ما كتبت عنه فرأيته يتلهف عليه" (¬4) . 572- إسماعيل بن عبد الحميد، العجلي، أبو بكر العطار، صاحب الرقيق قال: "كتب عنه أبي وأبو زرعة يعد في البصريين" (¬5) . 573- أشعث بن هلال، أبو رجاء قاضي جرجان قال: "وقال أبي كتبنا عنه. سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك زاد أبو زرعة: يعد في الجرجانيين" (¬6) . ¬
574- (خ س ق) الحسن بن مدرك بن بشير، السدوسي، أبو علي البصري، الطحان الحافظ قال: "سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: كتبنا عنه" (¬1) . 575- (ت) عمر بن إسماعيل بن مجالد، الهمداني، الكوفي، نزيل بغداد قال: "كتب عنه أبو زرعة" (¬2) . 576- (س) عمران بن خالد بن يزيد بن مسلم بن خالد، القرشي، ويقال الطائي مولاهم، أبو عمر، ويقال: أبو عمرو، الدمشقي ت 244 هـ قال أبو زرعة: "كتبت عن عمران بن أبي جميل حديثا واحدا حديث رديح بن عطية" (¬3) . 577- فهد بن سلام، أبو حمام المنقري، البصري قال أبو حاتم: "كتبت عنه، وأبو زرعة" (¬4) . 578- محمد بن خالد، أبو هارون، الخراز، الرازي قال: "كتبت عنه مع أبي وأبي زرعة" (¬5) . 579- (ق) محمد بن عاصم بن جعفر (¬6) ، المعافري، المصري ت 215 هـ قال: "كتب عنه أبي وأبو زرعة بمكة" (¬7) . 580- الوليد بن محمد بن النعمان السلمي البصري النحوي صاحب شعبة ¬
قال: "كتب عنه أبي وأبو زرعة" وقال: سألت أبا زرعة عنه؟ فقال: سألت عنه بالبصرة فلم أجد أحداً يعرفه" (¬1) . 3- الشيوخ الذين ترك أبو زرعة الرواية عنهم بسبب ضعفهم في الرواية، أو بسبب آخر 1- (بخ دس) إسحاق بن أبي إسرائيل، واسمه إبراهيم بن كامجرا، أبو يعقوب المروزي نزيل بغداد ت 240 هـ سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: "كان عندي إنه لا يكذب. فقيل له إن أبا حاتم قال: ما مات حتى حدث بالكذب. فقال: حدث بحديث منكر، وترك الحديث عنه" (¬2) . 2- (ق) جُبارة بن المغلس الحماني أبو محمد الكوفي ت 241 هـ. قال ابن أبي حاتم: "كان أبو زرعة حدث عنه في أول أمره (وفي نسخة- في أول مرة-) ، وكناه قال: حدثنا أبو محمد الحماني ثم ترك حديثه بعد ذلك فلم يقرأ علينا حديثه) (¬3) وقال: "سمعت أبا زرعة ذكر جبارة بن المغلس فقال قال لي ابن نمير: ماهو عندي ممن يكذب. قلت كتبت عنه؟ قال نعم، قلت: تحدث عنه؟ قال: لا. قلت: ماحاله؟ قال: كان يوضع له الحديث فيحدث به وما كان عندي ممن يتعمد الكذب" (¬4) . 3- خالد بن يزيد العمري، المكي، أبو الوليد ت 229 هـ قال ابن أبي حاتم: "كتب عنه أبو زرعة، وترك الرواية عنه) (¬5) ، وقال البرذعي: "قلت لأبي زرعة: خالد بن يزيد العمري الذي كان يكون بمكة؟ فوهن أمره جداً، ¬
وقال: قد رأيته، وقال: كتبت عنه، ولم يحدث عنه أبو زرعة بشيء، ورأيته يضعفه، وقد كتب عنه أبو زرعة ولم يحدث عنه، ترك حديثه وأساء عليه الثناء" (¬1) . 4- سفيان بن محمد، الفزاري المصيصي، قال ابن أبي حاتم: "سمع منه أبي وأبو زرعة وتركا حديثه" (¬2) . 5- (خ دت س فق) علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم أبو الحسن ابن المديني البصري الامام ت 234 هـ الذي قال عنه أبو زرعة نفسه "لاترتاب في صدقه" قال ابن أبي حاتم: "كتب عنه أبي وأبو زرعة، وترك أبو زرعة الرواية عنه من أجل ما كان منه في المحنة، وكان أبي يروي عنه لنزوعه عما كان منه" (¬3) . 6- (ت س) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة الجعفي مولاهم، أبو عبد الله البخاري ت 256 هـ قدم عليهم الري سنة 250 هـ قال ابن أبي حاتم: "سمع منه أبي وأبو زرعة ثم تركا حديثه عندما كتب إليهما محمد بن يحيى النيسابوري أنه أظهر عندهم أن لفظه بالقرآن مخلوق" (¬4) . 7- محمد بن الحارث بن زياد بن الربيع الحارثي البصري، أبو عبد الله قال ابن أبي حاتم: "ترك أبو زرعة حديثه ولم يقرأ علينا في كتاب الشفعة" (¬5) . ¬
8- موسى بن محمد بن حيان أبو عمران البصري قال ابن أبي حاتم: "ترك أبو زرعة حديثه، ولم يقرأ علينا كان قد أخرجه قديماً في فوائده" (¬1) . 9- محمد بن معاوية بن أعين النيسابوري، أبو علي سكن بغداد، ثم مكة ت 229 هـ قال ابن أبي حاتم: "سألت أبازرعة عنه؟ فقال: كان شيخاً صالحاً إلا أنه كلما لقن يلقن، وكلما قيل إن هذا من حديثك حدث به، يجيئه الرجل فيقول: هذا من حديث معلى الرازي وكنت أنت معه فيحدث بها على التوهم، وترك أبو زرعة الرواية عنه ولم يقرأ علينا حديثه" (¬2) . 10- محمد بن سعيد بن زياد، القرشي، أبو سعيد، المصري الأثرم البغدادي ت 231 هـ قال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه؟ فقال: "ضعيف الحديث كتبت عنه بالبصرة، وكتب عنه أبو حاتم ببغداد وليس بشيء، وترك حديثه ولم يقرأ علينا" (¬3) . 11- محمد بن عكاشة الكرماني. سئل أبو زرعة عنه؟ فقال: "قد رأيته وكتبت عنه وكان كذاباً قدم علينا مع محمد بن رافع النيسابوري، وكان رفيقه فأول ما أملى حديث كذب على الله عز وجل وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم فحدث بحديث، عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام، عن الله عز وجل أنه قال: "من لم يؤمن بالقدر فليس مني" (¬4) . 12- محمد بن عقبة بن هرم، السدوسي، البصري قال ابن أبي حاتم: "سمع ¬
منه أبي وأبو زرعة" ثم قال: "وترك أبو زرعة حديثه ولم يقرأه علينا وقال لا أحدث عنه" (¬1) . 13- (دت ق) محمد بن حميد الرازي الحافظ، أبو عبد الله ت 248 هـ قال الخليلي: "أمسك أبو زرعة عن الرواية عنه، وحكى عنه أنه قال: أحفظ عمن لا أروي عنه عشرين ألف حديث، يريد محمد بن حميد" (¬2) . 14- هارون بن حاتم الكوفي ت 249 هـ قال ابن أبي حاتم: "كتب عنه أبو زرعة ثم أمسك عن الرواية عنه" (¬3) وقال أبو زرعة: "كتبت عن هارون بن حاتم ولا أحدث- وفي نسخة لا أروى- عنه" (¬4) ، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وسئل عنه فقال: "أسأل الله السلامة كان أبو زرعة كتب عنه فأخبرته بسببه فكان لا يحدث عنه وترك حديثه" (¬5) . 4- قول ابن حجر في شيوخ أبي زرعة قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ترجمة داود بن حماد بن فرافصة، البلخي الذي روى عنه أبو زرعة، وغيره، والذي قال عنه ابن القطان: "حاله مجهول"، "بل هو ثقة، فمن عادة أبي زرعة أن لا يحدث إلا عن ثقة" (¬6) . وبناء على هذه القاعدة التي نص عليها ابن حجر يحق لمعترض أن يقول: لم فرقت بين قائمة شيوخ أبي زرعة، وبين قائمة الرواة الذين عدلهم أبو زرعة، ولم تذكر ¬
شيوخه ضمن الرواة الثقات؟ فأقول وبالله التوفيق: لقد سبرت الأخبار، وتتبعت أقوال أبي زرعة في بعض الرواة الذين روى عنهم فتبين لي أن هذه القاعدة ليست مطلقة، بل قد يروي عن بعض الضعفاء الذين جرحهم هو، وذلك ليعتبر بحديثهم أو يجعله شاهداً لأحاديث أخرى أو لفائدة حديثية. وفيما يلي بعضى الأمثلة التي لاتنطبق عليها قاعدة ابن حجر: 1- سعيد بن سليمان بن خالد بن بنت نشيط الديلي البصري، المعروف بالنشيطي مولى زياد الذي روى عن حماد بن سلمة، وغيره. قال ابن أبي حاتم: "روى عنه أبي وأبو زرعة" (¬1) ، وقال: "سمعت أبي يقول: "لا نرضى سعيد بن سليمان النشيطي وفيه نظر) (¬2) ، وقال ابن أبي حاتم أيضاً: "سألت أبا زرعة عنه؟ فقال: نسأل الله السلامة قلت: هو صدوق؟ قال: نسأل الله السلامة، وحرك رأسه وقال: ليس بالقوي" (¬3) . 2- (عخ ق) يعقوب بن حميد بن كاسب المدني سكن مكة، وقد ينسب إلى جده ت 241 هـ روى عن ابن عيينة وغيره. قال ابن أبي حاتم: "روي عنه أبي وأبو زرعة" (¬4) وقال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول: هو ضعيف الحديث" (¬5) ، وقال ابن أبي حاتم أيضاً "سألت أبا زرعة عن يعقوب بن كاسب فحرك رأسه. قلت: كان صدوقاً في الحديث قال: لهذا شروط، وقال في حديث رواه يعقوب: "قلبي لا يسكن على ابن كاسب" (¬6) . ¬
3- (خ م س ق) أحمد بن عيسى بن حسان المصري، أبوعبد الله، العسكري المعروف بالتستري ت 243 هـ روى عنه (أبو زرعة، وأبو حاتم) (¬1) وغيرهما، قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي عنه؟ فقال: قيل لي بمصر إنه قدمها واشترى كتب ابن وهب، وكتاب المفضل بن فضالة ثم قدمت بغداد فسألت هل يحدث عن المفضل؟ فقالوا: نعم، فأنكرت ذلك، وذلك أن الرواية، عن ابن وهب، والمفضل لايستويان، قال، وسئل أبي عنه؟ فقال: تكلم الناس فيه" (¬2) . وقال سعيد البرذعي: "شهدت أبا زرعة ذكر عنده صحيح مسلم فقال: هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه فعملوا شيئاً يتسوقون به. وقال: يروي عن أحمد بن عيسى في الصحيح. مارأيت أهل مصر يشكون في أنه وأشار إلى لسانه كأنه يقول الكذب" (¬3) ، ولم أقف على نص يشير إلى أن أبا زرعة ترك الرواية عنه بعد اعتراضه على مسلم. 4- أحمد بن عمران، أبوعبد الله، الأخنس الذي روى عن عبد السلام بن حرب وغيره. قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول: لم أكتب عنه وقد أدركته، قلت: ما حاله، قال: شيخ، قال: سمعت أبا زرعة يقول: كتبت عنه، قال وسئل أبو زرعة عنه فقال: كتبت عنه ببغداد، وكان كوفياً وتركوه" (¬4) ثم قال ابن أبي حاتم: "روى عنه أبو زرعة" (¬5) . هذه بعض الأمثلة المخالفة للقاعدة التي نص عليها ابن حجر، ولقد روى ¬
أبو زرعة عن بعض الشيوخ الذين جرحهم غيره (¬1) . ورواية أبي زرعة عن مثل هؤلاء لا تعني أنه يروى عن الضعفاء، بل شأنه شأن الأئمة من المحدثين الحفاظ. قال الحافظ ابن رجب عند كلامه عن رواية أحمد عن الضعفاء: "والذي يتبين من عمل الإمام أحمد وكلامه أنه يترك الرواية عن المتهمين والذين كثر خطؤهم للغفلة وسوء الحفظ، ويحدث عمن دونهم في الضعف مثل من في حفظه شيء، ويختلف الناس في تضعيفه وتوثيقه. وكذلك كان أبوزرعة يفعل" (¬2) ، وهذه بعض أقوال الأئمة الحفاظ التي تكشف لنا عن منهجهم في الرواية عن بعض المتكلم فيهم ودوافعهم في ذلك. روى الحاكم بسنده إلى أحمد بن حنبل أنه قال: "إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشدّدنا، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لايضع حكماً ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد" (¬3) . وروي العقيلي بإسناد له عن الثورى أنه قال: "إني لأروي الحديث على ثلائة أوجه: أسمع الحديث من الرجل أتخذه ديناً، وأسمع الحديث من الرجل أوقف حديثه، وأسمع الحديث من الرجل لا أعبأ بحديثه وأحب معرفته" (¬4) وقال سليمان بن أحمد الدمشقي: "قلت لعبد الرحمن بن مهدي أكتب عمن يغلط في عشرة؟ قال: نعم. قيل له: يغلط في عشرين؟ قال: نعم. قلت: فثلاثين؟ قال: نعم. قلت: فخمسين؟ قال: نعم" (¬5) . وسأله أيضاً: "أكتب ¬
عمن يغلط في مائة؟ قال: لا مائة كثير، قال أبو محمد- أي ابن أبي حاتم- يعني مائة حديث" (¬1) . وقال الشعبي: "حدثنا الحارث، وأشهد بالله إنه كان كذاباً" (¬2) . وقال محمد بن رافع: "رأيت أحمد بن حنبل في مجلس يزيد بن هارون ومعه كتاب زهير، عن جابر الجعفي فقلت له: يا أبا عبد الله تنهونا عن جابر وتكتبونه؟ قال: لنعرفه" (¬3) . وقال ابن أبي حاتم: "ثنا أبي ثنا عبدة قال: قيل لابن المبارك وروى عن رجل حديثاً، فقيل هذا رجل ضعيف؟ فقال يحتمل أن يروى عنه هذا القدر أو مثل هذه الأشياء. قلت لعبدة: مثل أي شيء كان؟ قال: في أدب، موعظة، في زهد" (¬4) . ¬
الفصل الخامس: تلاميذه والرواة عنه
الفصل الخامس: تلاميذه والرواة عنه 1- (م) أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار، أبو عبد الرحمن، النسائي الحافظ صاحب السنن، سمع بخراسان، والعراق، والحجاز، ومصر والشام، والجزيرة (215- 303 هـ) (¬1) . 2- أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن خلال التميمي، أبو يعلى الموصلي صاحب المسند الكبير وقد خرج لنفسه معجم شيوخه في ثلاثة أجزاء، وثقه ابن حبان ووصفه بالإتقان والدين، ثم قال: "بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أنفس" (215- 307) (¬2) . 3- أحمد بن محمد بن الحسين بن معاوية، أبو الحسين، الكاغذي ت 328 هـ (¬3) . 4- أحمد بن خالد بن صعب، أبو عبد الله، الحروري (¬4) . ¬
5- أحمد بن زهير التستري (¬1) . 6- أحمد بن محمد بن ساكن الزنجاني ارتحل إلى العراقين، والحجاز، ومصر، وبغداد، وحلوان. وأخذ علم الحديث عن أبي زرعة وسمع منه الكبار ت قبل 300 هـ (¬2) . 7- أحمد بن محمد البراء (¬3) . 8- أحمد بن محمد بن حامد، الطوسي (¬4) . 9- أحمد بن محمد بن الحزم بن أبي حمزة، أبو الحسين، المذهبي (¬5) . 10- أحمد بن محمد بن سليمان، أبو جعفر التستري (¬6) . 11- أحمد بن محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن عمر بن الحافظ محمد بن المنكدر، القرشي، التيمي، المدني، المنكدري، أبو بكر الحافظ البارع، الجوال، الإمام نزل البصرة ثم أصبهان ثم الري، ونيسابور، وسمع بمكة، ومصر، والعراق، والجزيرة، وفارس، والكوفة، والشام. جمع فأوعى وصنف وأفاد على لين فيه، توفي بمرو سنة 314 هـ (¬7) . ¬
12- إبراهيم بن إسحاق، أبو إسحاق البغدادي الحافظ الإمام تفقه على الإمام أحمد فكان من جلة أصحابه، قال الخطيب البغدادي: "كان إماماً في العلم رأساً في الزهد، عارفاً بالفقه، بصيراً بالأحكام، حافظاً للحديث مميزاً للعلة، قيما بالآدب، جماعاً للغة، صنف غريب الحديث، وكتباً كثيرة، أصله من مرو، وهو من أقرانه" (198- 285 هـ) (¬1) . 13- إبراهيم بن محمد بن عبيد بن جهينة أبو إسحاق، الحافظ، الجوال، الشهرزوري قال عنه الذهبي: "كان من أئمة الأثر حدث عنه أهل الري وقزوين بقي إلى سنة نيف وعشرين وثلاث مائة" (¬2) . 14- (م ت س ق) إسحاق بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن يزيد الأنصاري الخطمي، أبو موسى، المدني الفقيه، الحافظ الثبت قاضي نيسابور وكان من أئمة الحديث صاحب سنة ت 244 هـ وهو من شيوخه (¬3) . 15- تميم بن عبد الله الرازي (¬4) . 16- الحسن بن علي بن نصر بن منصور، الطوسي. قال عنه الخليلي: "ثقة عالم سمع بالري ابن وارة وأبا زرعة وأبا حاتم توفي في طريقه للغزو سنة 308 هـ" (¬5) . ¬
17- الحسن بن محمد الداركي (¬1) . 18- (م س ق) حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي، أبو حفص، المصري الحافظ، العلامة الفقيه صاحب الشافعي روى مائة ألف حديث عن عبد الله بن وهب أو أكثر وهو من شيوخه (166-244هـ) (¬2) . 19- الحسين بن مأمون، البرذعي قال عنه: "ثقة حافظ كبير المحل" (¬3) . 20- (س) خالد بن روم بن السري بن أبي حجير، الثقفي، أبو عبد الرحمن الدمشقي وهو ثقة ت 280 هـ (¬4) . 21- داود بن الدسيم، أبو سليمان، البوشنجي (¬5) . 22- (ع دس ق) الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي مولاهم أبو محمد المصري المؤذن صاحب الشافعي وراوية كتبه عنه، الحافظ الامام محدث الديار المصرية وهو من شيوخه (174- 270 هـ) (¬6) . 23- زكريا بن يحيى بن عبدك الأنصاري (¬7) . 24- سعيد بن عمرو الأزدي، أبو عثمان البرذعي، الحافظ، الناقدة ت 292 هـ (¬8) . 25- صالح بن محمد بن عمرو بن حبيب، أبو علي، الأسدي مولاهم ¬
البغدادي نزيل بخارى، الحافظ العلامة الثبت شيخ ما وراء النهر المعروف بصالح جزرة سمع بالحجاز، والشام، ومصر، وخراسان، وما وراء النهر. قال الخطيب: "حدث دهرا من حفظه ولم يكن استصحب معه كتابا، وكان ثبتا صدوقا مشهورا بالمزاح" (205- 293 هـ) (¬1) . 26- العباس بن الفضل بن شاذان المقرىء له معرفة عظيمة بالقراءات والتفسير وتصانيف كثيرة (¬2) . 27- (س) عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني، أبو عبد الرحمن البغدادي الإمام الحافظ الحجة. قال ابن المنادى: "ما زلنا نرى أكابر شيوخنا يشهدون لعبد الله بمعرفة الرجال ومعرفة علل الحديث والأسماء والمواظبة على الطلب" (213-290هـ) (¬3) . 28- عبد الله بن سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي، السجستاني أبو بكر الحافظ العلامة قدوة المحدثين وصاحب التصانيف سمع بخراسان، والعراق، والحرمين، ومصر، والشام، والجزيرة، برع وساد الأقران استوطن بغداد وصنف المسند والسنن والتفسير والقراءات والناسخ المنسوخ وغير ذلك (230-316) (¬4) . 29- عبد الله بن محمد بن وهب، أبو محمد، الدينوري الحافظ، العلامة، الجوال ت 308 هـ (¬5) . 30- عبد الله بن زياد بن واصل، أبو بكر النيسابوري الحافظ، المجرد الفقيه، الشافعي صاحب التصانيف. قال الحاكم: "كان إمام عصره من ¬
الشافعية بالعراق، ومن أحفظ الناس للفقهيات واختلاف للصحابة" (238- 324 هـ) (¬1) . 31- عبد الله بن محمد، أبو بكر (¬2) . 32- عبد الله بن حسكويه (¬3) . 33- عبد الله بن محمد ابن أخي أبي زرعة الرازي أبو القاسم ت 300 هـ (¬4) . 34- عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام أبو محمد (0 24- 327 هـ) (¬5) . 35- عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله بن صفوان بن عمرو، النصري، أبو زرعة الدمشقي، الحافظ، الثقة محدث الشام ت 281 هـ وهو من أقرا نه (¬6) . 36- عبد الملك بن محمد بن عدي، أبو نعيم، الجرجاني، الاستراباذي الحافظ، الحجة، الفقيه. كتب بالحرمين ومصر والشام والعراق والجزيرة وخراسان وتخرج بأبي زرعة وأبي حاتم. قال الأستاذ أبو الوليد حسان بن محمد: "لم يكن في عصرنا من الفقهاء أحفظ للفقيهات وأقوال الصحابة بخراسان من أبي نعيم الجرجاني" وله تصانيف في الفقه، وكتاب الضعفاء في عشرة أجزاء (242- 323 هـ) (¬7) . ¬
37- عثمان بن الطيب، القزويني قال عنه الخليلي: "شيخ كبير المحل ثقة سمع أبا زرعة" (¬1) . 38- عدي بن عبد الله، الجرجاني (¬2) . 39- علي بن أحمد، البرذعي (¬3) . 40- (فق) علي بن الحسن، الهرثمي، الرازي (¬4) . 41- علي بن الحسين بن الجنيد، أبو الحسن الرازي، الحافظ، الثبت، المالكي لكونه جمع حديث مالك، كان بصيرا بالرجال والعلل ت 291 هـ (¬5) . 42- علي بن الطيب أخو عثمان بن الطيب، القزويني (¬6) . 43- عمر بن عبد العزيز بن مقلاص، المصري (¬7) . 44- (ع) عمرو بن علي بن بحر بن كنيز أبوحفص الحافظ الإمام الثبت الباهلي البصري، الصيرفي الفلاس ت 249 هـ وهو من شيوخه (¬8) . 45- عيسى بن محمد، أبو القاسم، الوسفندي المزكي قال عنه الخليلي ثقة متفق عليه سمع من حرب بن إسماعيل الكرماني التاريخ الكبير الذي كتبه عن أحمد بن حنبل ت 318 هـ (¬9) . 46- القاسم بن زكرياء بن يحى، أبو بكر البغدادي، المقرىء ويعرف بالمطرز ¬
قال ابن المنادى: كان من أهل الحديث والصدق والمكثرين في تصنيف المسند والأبواب والرجال ت 305 هـ (¬1) . 47- القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب (¬2) . 48- (دس ق) محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران، الحنظلي، أبوحاتم الرازي الحافظ الكبير أحد الأئمة. (195- 277 هـ) وهو من أقرا نه (¬3) . 49- محمد بن إسحاق بن عاصم الرازي، أبو عاصم (¬4) . 50- محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، أبو جعفر الطبري الإمام العام الفرد الحافظ أحد الأعلام وصاحب التصانيف في التفسير والسنن، والتاريخ والأصول والفروع وتفرد بمسائل حفظت عنه (224- 310 هـ) (¬5) . 51- محمد بن الحسين بن الحسن، أبو بكر القطان النيسابوري مسند نيسابور (¬6) . 52- محمد بن حمدون بن خالد بن يزيد، أبو بكر النيسابوري الحافظ الكبير، وأحد الأثبات. قال الحاكم: "كان من الثقات الاثبات الجوالين في الأقطار" ت 320 هـ (¬7) . 53- (دت ق) محمد بن حميد بن حيان، التميمي، الحافظ، أبو عبد الله، ¬
الرازي. قال الذهبي: "هو من بحور العلم لكنه غير معتمد يأتي بمناكير كثيرة" ت 248 هـ وهو من شيوخه (¬1) . 54- محمد بن صالح، أبوعبد الله، البغدادي (¬2) . 55- محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن ويعرف بابن بلبل، الزعفراني، الهمداني ت 320 هـ قال صالح الحافظ "سمعته يقول: عندي عن أبي زرعة الرازي نحو خمسين ألف حديث" (¬3) . 56- محمد بن علي، أبوجعفر، الساوي وراق أبي زرعة (¬4) . 57- (د) محمد بن عوف بن سفيان، أبوجعفر، الطائي، الحمصي الحافظ الإمام محدث الشام. قال ابن عدي: "هو عالم بحديث الشام الصحيح منه والضعيف وعليه كان اعتماد ابن جوصاء ومنه يسأل حديث أهل حمص خاصة ت 272 هـ وهومن شيوخه" (¬5) . 58- محمد بن عيسى بن سورة، أبو عيسى، السلمي الترمذي الإمام الحافظ الضرير مصنف الجامع وكتاب العلل ت 297 هـ (¬6) . 59- محمد بن قارن بن العباس، أبو بكر الرازي. قال الخليلي: "له في الحديث تصانيف ومجموعات وكان من العدول الكبار" (¬7) . 60- محمد بن هارون الحجاج المقرىء، أبو بكر القزويني من الفضلاء الكبار ت 321 هـ (¬8) . ¬
61- (ت) مسلم بن الحجاج، أبو الحسين، القشيري، النيسابوري الإمام الحافظ حجة الإسلام صاحب التصانيف (204- 261 هـ) (¬1) . 62- محمد بن يزيد الربعي مولاهم أبو عبد الله بن ماجة القزويني الحافظ قال الخليلي "ثقة كبير متفق عليه محتج به" ت 273 هـ (¬2) . 63- موسى بن العباس، أبو عمران الجويني، الحافظ صاحب المسند الصحيح على هيئة مسلم. قال الذهبي: "كان من نبلاء المحدثين"، ت 323 هـ (¬3) . 64- النضر بن محمد (¬4) . 65- يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد، أبو عوانة الاسفراييني، النيسابوري الأصل صاحب الصحيح المسند المخرج على صحيح مسلم وله فيه زيادات عدة. طوف الدنيا وعنى بهذا الشأن ت 316 هـ (¬5) . 66- (م س ق) يونس بن عبد الأعلى، أبوموسى الصدفي، المصري الحافظ المقرىء، الفقيه (170- 264 هـ) وهو من شيوخه (¬6) . 67- أبو حامد الأصبهاني (¬7) . 68- أبو محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق بن يزيد بن كيسان. قال الخليلي: "ثقة متفق عليه ارتحل إلى الري وأصبهان والعراق والحجاز ت 319 هـ" (¬8) . ¬
الفصل السادس: علومه ومؤلفاته
الفصل السادس: علومه ومؤلفاته 1- علومه (أ) معرفته بعلم القراءات: لقد اعتنى أبو زرعة رحمه الله بعلم القراءات عناية فائقة فاق بها أقرانه حيث أخذ هذا العلم العزيز عن الأئمة المعنيين به، وروى أحاديث كثيرة مكنته من تمييز القراءة الصحيحة، عن الشاذة، ولقد ضمن ابن أبي حاتم في كتابه علل الحديث بعض الأحاديث التي أعلها أبو زرعة والمتعلقة بالقراءات. وفيما يلي قائمة بأسماء مشاهير الأئمة القراء الذين روى عنهم ثم أُتبعها ببعض الأخبار التي يستدل بها على سعة حفظه وإحاطته بهذا العلم. 1- (خ دس) أحمد بن الصباح النهشلي، أبو جعفر بن أبي سريج الرازي المقرىء الذي قرأ القراءات على الكساني، توفي بعد 245 هـ (¬1) . 2- إبراهيم بن الحسن بن نجيح الباهلي المقرىء التبان البصري المتوفى سنة 235 هـ والذي قال عنه أبو زرعة: "كان صاحب قرآن وكان بصيراً به وكان شيخاً ثقة" (¬2) . ¬
3- (ق) حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهيب الأزدي، أبو عمر الدوري المقرىء الضرير المتوفى سنة 246 هـ الذي روى عن علي ابن حمزة الكسائي قال عنه الخطيب: "كان يقرأ بقراءة الكسائي واشتهر بها"، وقال ابن سعد: "كان عالما بالقرآن وتفسيره" (¬1) . 4- (خ) خالد بن يزيد بن زياد الأسدي الكاهلي، أبو الهيثم الطبيب الكحال المقرىء الكوفي المتوفى مابين 211-215 هـ، قال محمد بن الحجاج الضبي: "كان من القراء من أصحاب حمزة" (¬2) . 5- (م د) خلف بن هشام بن ثعلب، ويقال طالب بن غراب البزار البغدادي المقرىء المتوفى سنة 229 هـ قال أبو عمرو الداني: "قرأ القرآن عن سليم وأخذ حرف نافع عن إسحاق المسيبي وحرف عاصم عن يحى بن آدم وهو إمام في القراءات وله اختيار، حمل عنه ... " (¬3) . 6- زكرياء بن يحيى الخزار المقرىء البصري (¬4) . 7- (دق) عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان البهراني، أبو عمرو الدمشقي المقرىء المتوفى سنة 242 هـ، قال عنه الوليد بن عتيبة: "ما بالعراق اقرأ منه" وقال أبو زرعة الدمشقي: "ولا بالحجاز ولا بالشام ولا بمصر ولا بخراسان في زمنه عندي أقرأ منه" (¬5) . 8- (خ) عبد الله بن صالح بن مسلم أبو صالح العجلي الكوفي المقرىء المتوفى سنة 211 هـ قال عنه الوليد بن بكر الأندلسي: "من ثقات أئمة أهل الكوفة صاحب قرآن وسنة" (¬6) . ¬
9- عبد الله بن يزيد بن راشد القرشي الدمشقي المقرىء أبو بكر (¬1) . 10- (ل) عمرو بن هارون المقرىء، أبو عثمان البصري صاحب الكري قال أبو عمرو الداني: "أخذ القراءة عن أيوب بن المتوكل وقرأ عليه روح بن عبد المؤمن وغيره" (¬2) . 11- عيسى بن ميناء قالون المدني المقرىء المتوفى سنة 220 هـ صاحب نافع قال الذهبي عنه: "أما في القراءة فثبت، وأما في الحديث فيكتب حديثه في الجملة" (¬3) . 12- (دس ق) كثير بن عبيد بن نمير المذحجي، أبو الحسن الحمصي المقرىء المتوفى بحدود سنة 250 هـ (¬4) . 13- (خ) روح بن عبد المؤمن الهذلي مولاهم أبو الحسن البصري المقرىء المتوفى سنة 233 هـ قال الداني: "قرأ على يعقوب الحضرمي" (¬5) . 14- خلاد بن خالد الشيباني، أبو عيسى المقرىء (¬6) . وغير هؤلاء من مشاهير القراء، أما ما يدل على سعة حفظه، وإحاطته بأحاديث القراءات ووجوهها فكثيرة، منها ما رواه الخطيب بسنده إلى أم عمرو بنت شمر أنها قالت: "سمعت سويد بن غفلة يقرأ (وعيسى عين) يريد (حور عين) ، قال صالح: ألقيت هذا على أبي زرعة فبقي متعجباً وقال: أنا أحفظ في القراءات عشرة آلاف حديث. قلت: فتحفظ هذا؟ قال: لا" (¬7) ، ونقل ابن رجب عن ¬
أبي زرعة أنه قال: "أنا أحفظ ستماية ألف حديث صحيح وأربعة عشر ألف إسناد في التفسير والقراءات ... " (¬1) وقد يسأله بعض أهل العلم عن وجوه القراءات لبعض الآيات مستدلين بأحاديث فيعلل هذه الأحاديث أو قد يرجح بعضها على بعض، فمثلا يقول ابن أبي حاتم: "سئل أبو زرعة عن حديث رواه الحكم بن عبد الملك، واختلف في متن الحديث في الرواية، عن الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ (وَتَرَى النَّاسَ سَكَرَى) يعني بنصب السين بغير ألف (¬2) ، ورواه الحسن بن بشير البجلي، عن الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن الحسن عن عمران بن حصين، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ، {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} يعني برفع السين بألف، فقال أبو زرعة: "ليس ذا ولا ذاك قد روى الثقات فلم يذكروا فيه الحروف، لم يذكروا قراءة" (¬3) ، وسئل أبو زرعة عن حديث علي بن نصر، ومعتمربن سليمان كلاهما عن شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان نصر، ومعتمربن سليمان كلاهما عن شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سليمان بن قتة قال سمعت ابن عباس ومعاوية وعمرو بن العاص يقرؤون فاختلفوا في آداء الحرف ففي رواية علي بن نصر (وهو عليهم عَمٍ) بالخفض منون، وفي رواية معتمر (وهو عليهم عمى) يعني بالنصب منونا فقال أبو زرعة: "حديث المعتمر أصح" (¬4) . ¬
(ب) معرفته وإتقانه لموطأ الإمام مالك: صنف الإمام مالك الموطأ وتوخى فيه القوى من حديث أهل الحجاز ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين ومن بعدهم فكان فيه المرسل، والمنقطع، والبلاغات وقد ميزها العلماء. يقول أبو بكر الأبهري: "جملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة والتابعين (1720) حديثا المسند منها (0 60) ، والمرسل (222) ، والموقوف (613) ، وعن قول التابعين (285) (¬1) . وقد انتقى الإمام مالك أحاديث الموطأ من مائة ألف حديث كان يرويها، واستغرق تصنيفه وتنقيحه أربعين عاماً (¬2) ، ولما كان الإمام مالك أحد أعلام الإسلام، وشديد الانتقاد للرجال عالماً بشأنهم (¬3) ، ولا يروي في كتبه إلا عن الثقات- قال بشر الزهراني: "سألت مالكاً عن رجل فقال رأيته في كتبي. قلت: لا. قال: لو كان ثقة لرأيته في كتبي" (¬4) . وقال ابن معين: "كل من روى عنه مالك فهو ثقة إلا عبد الكريم) (¬5) ولأجل هذا اهتم أبو زرعة بموطأ مالك حتى أحاط به إحاطة تامة مع الإتقان والتثبيت، ولقد ابتدأ حفظه للسنة النبوية بأحاديث الإمام- قال أبو زرعة: "أول شيء أخذت نفسي تحفظه من الحديث مالك فلما حفظته، ووعيته طلبت حديث الثورى" ... (¬6) حتى برع فيه. قال علي بن الحسين بن الجنيد المالكي: "ما رأيت أحداً أعلم بحديث مالك بن أنس مسندها، ومنقطعها من أبي زرعة، وكذلك سائر العلوم، ولكن ¬
خاصة حديث مالك" (¬1) ، وذكره ابن أبي حاتم في موضع آخر وفيه يقول للمالكي: "قلت: ما في الموطأ والزيادات التي ليست في الموطأ؟ قال نعم" (¬2) ، ويبدو أن زيادة الاهتمام جاءت من روايته عن أحمد بن عمرو ابن عبد الملك الأموي مولاهم، أبي الطاهر المصري المتوفي سنة 255 هـ الذي يعد من الطبقة الثانية من أصحاب مالك من أهل العراق (¬3) ، وأحمد ابن أبي بكر ابن القاسم بن الحارث، أبي مصعب الزهري المتوفى سنة 242 هـ الذي عُدَّ من الطبقة الصغرى من أصحاب مالك وأحد رواة الموطأ عنه (¬4) . ومن تنبيه شيخه يحيى بن عبد الله بن بكير القرشي المخزومي مولاهم المصري الحافظ المتوفى سنة 231 هـ بأهمية الموطأ حيث قال له: "ليس هذا زعزعة، عن زوبعة ترفع الستر، وتنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه بين يديه. مالك، عن نافع، عن ابن عمر" (¬5) . وعلى الرغم من اعترافه بصحة أحاديث الموطأ حيث يقول: "لو حلف رجل بالطلاق على أحاديث مالك التي بالموطأ أنها صحاح كلها لم يحنث، ولو حلف على حديث غيره كان حانثاً" (¬6) ؟ فقد نبه على بعض الأوهام التي وهم فيها الإمام مالك. وهذه بعض الأمثلة. قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه مالك بن أنس، عن حميد الطويل، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر؟ فقالا: إنما هو عن أنس، عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت لهما: الوهم ممن هو؟ قالا: من مالك" (¬7) وقال ¬
أيضاً "سئل أبو زرعة عن حديث مالك، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن عمر بن عثمان بن عفان، عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يرث المسلم الكافر" قال أبو زرعة: "الرواة يقولون: عمرو. ومالك يقول: عمر ابن عثمان. قال أبو محمد: أما الرواة الذين قالوا عمرو بن عثمان فسفيان ابن عيينة، ويونس بن يزيد، عن الزهري" (¬1) . وأختم هذا الفصل ببعض الأمثلة التي تدل على معرفة أبي زرعة لما في الموطأ وضبطه له وبيان بعض الأوهام التي وهم فيها بعض الرواة عن مالك. قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة وذكر حديثا حدثنا به عن الأويس، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر "أن عمر ضرب لليهود والنصارى والمجوس إقامة ثلاث ليال بالمدينة يتسوقون ويقضون حوائجهم" قال أبو زرعة: "في الموطأ مالك، عن نافع، عن أسلم أن عمر. والصحيح ما في الموطأ" (¬2) ، وقال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة وذكر حديثا رواه ابن وهب، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه عن عمر أن رفيقا لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة فنحروها فرفع ذلك إلى عمر فأمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم ثم قال عمر إني أراك تجيعهم، والله لأغرمنك غرما يشق عليك ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟ قال أربع مائة درهم. قال أعطه ثماني مائة درهم. قال أبو زرعة، وفي موطأ مالك، ¬
عن هشام، عن أبيه، عن يحيى بن عبد الرحمن عن عمر، ولم يقل عن أبيه وهذا الصحيح" (¬1) . (جـ) علمه بمصطلح الحديث: لقد أحاط أبو زرعة بجميع الفنون المتعلقة بالسنة النبوية سواء ماكان يتعلق بالرواية أو الدراية، وفيما يلي بعض أقواله، وآرائه التي تتعلق بمصطلح الحديث. قوله في الاحتجاج بالحديث المرسل: قال ابن أبي حاتم: "وسمعت أبي وأبا زرعة يقولان لا يحتج بالمراسيل، ولا تقوم الحجة إلا بالأسانيد الصحاح المتصلة" (¬2) . رأيه في الرواية بالإجازة من غير مناولة: قال الحافظ ابن رجب: "وقد ذكر الترمذي عن بعض أهل العلم إجازتها، وقد حكاه غيره عن جمهور العلماء، وحكاه بعضهم إجماعاً. وليس كذلك بل قد أنكر الإجازة جماعة من العلماء، وحكي ذلك عن أبي زرعة، وصالح بن محمد، وإبراهيم الحربي ... " (¬3) . رأيه في رواية الثقة عن رجل غير معروف: قال ابن أبي حاتم: "وسألت أبا زرعة عن رواية الثقات، عن رجل مما تقوى حديثه؟ قال: أي لعمري. قلت الكلبي (¬4) روى عنه الثوري قال: إنما ذلك إذالم يتكلم فيه العلماء، وكان الكلبي يتكلم فيه. قلت: فما معنى رواية ¬
الثوري عنه، وهو غير ثقة عنده؟ قال: كان الثوري يذكر الرواية عن الكلبي على الإنكار والتعجب فيعلقون عنه روايته عنه، ولم تكن روايته عن الكلبي قبوله له" (¬1) فتبين أنه لايعتبر الرجل الضعيف معدلا إذا روى عنه ثقة. رأيه في الرواية عن الضعفاء من أهل التهمة بالكذب وكثرة الغلط والغفلة: وللعلماء في ذلك قولان: أحدهما: جواز الرواية عنهم. والثاني: الامتناع من ذلك. قال ابن رجب: "والذي يتبين من عمل الإمام أحمد وكلامه أنه يترك عمن دونهم في الضعف مثل من في حفظه شيء، ويختلف الناس في تضعيفه وتوثيقه. وكذلك كان أبو زرعة يفعل" (¬2) . أصح الأسانيد عنده: قال ابن أبي حاتم: "سألت أبا زرعة فقلت: أي الاسناد أصح؟ قال الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح، ومنصور عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح. وابن عون، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيح" (¬3) . وقال أيضأ: "سألت أبا زرعة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة؟ قال: سهيل أشبه" (¬4) . وقال أيضا: "قلت لأبي زرعة: ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة أحب إليك أو العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أو سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة؟ قال جميعا ما أقربهم" (¬5) . ¬
وقال أيضا: "سألت أبا زرعة عن ابن أبي الزناد، وورقاء، وشعيب ابن أبي حمزة، والمغيرة بن عبد الرحمن المديني كلهم، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحب اليك منهم؟ قال ورقاء أحب إلي من كلهم، قلت: بعده من أحب إليك؟ قال: المغيرة أحب إلي من كلهم، قلت: بعده من أحب إليك؟ قال: المغيرة أحب إلي من ابن أيى الزناد وشعيب؟ قلت: فابن أبي الزناد وشعيب؟ قال شعيب أشبه حديثا وأصح منه" (¬1) . شرطه في قبول العنعنة من الثقة غير المدلس: اشترط أبو زرعة ثبوت السماع مع الرؤية في قبول العنعنة من الثقة غير المدلس عمن عاصره، وأمكنه اللقى، وقد ذكر ابن رجب أبا زرعة ضمن من اشترط ذلك قال الحافظ ابن رجب: "وما قاله ابن المديني، والبخاري، هو مقتضى كلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم وغيرهم من أعيان الحفاظ، بل كلامهم يدل على اشتراط ثبوت السماع كما تقدم عن الشافعي رضي الله عنه فإنهم قالوا في جماعة من الأعيان ثبتت لهم الرؤية لبعض الصحابة، وقالوا مع ذلك لم يثبت لهم السماع منهم، فرواياتهم عنهم مرسلة منهم الأعمش ويحيى بن أبي كثير، وأيوب وأبي عون، وقرة بن خالد رأوا أنساً، ولم يسمعوا منه. فروايتهم عنه مرسلة. كذا قاله أبو حاتم. وقاله أبو زرعة في يحيى بن أبي كثير، وقال أحمد في يحيى بن أبي كثير قد رأى أنسا فلا أدري سمع منه أم لا، ولم يجعلوا روايته عنه متصلة بمجرد الرؤية، والرؤية أبلغ من إمكان اللقي" (¬2) . وقال أيضا ابن رجب: "وقال أبو زرعة في أبي أمامة ابن سهل بن حنيف لم يسمع من عمر (¬3) . هذا مع أن أبا أمامة رأى النبي صلى الله عليه وسلم. فدل كلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم على أن الاتصال لا يثبت إلا بثبوت التصريح بالسماع، وهذا أضيق من قول ابن المديني، والبخاري، فإن المحكي عنهما إنه يعتبر أحد أمرين من ¬
السماع، وأما اللقاء، وأحمد ومن تبعه عندهم لا بد من ثبوت السماع، ويدل على أن هذا مرادهم أن أحمد قال: ابن سيرين لم يجىء عنه سماع من ابن عباس" (¬1) . 2- مؤلفات أبي زرعة إمام كأبي زرعة زاد عدد شيوخه على الألف، وجاب أقطار الأرض، واشتهر برحلاتة البعيدة وملازمة للأئمة الكبار، لا بد وأن يكون له مصنفات كبيرة في العلوم التي طلبها ولو لم يصل إلينا معظمها. فهناك نصوص كثيرة تدل وتؤكد على قوة تصانيفه وتنوعها، وعظم حجمها. فهذا الحافظ الخليلي صاحب الإرشاد يصفه بقوله: " ... فضائله أكثر من أن تعد، وفي تصانيفه لايوازيه أحد" (¬2) ولقد استفاد من مصنفاته الأئمة الذين أتوا من بعده وخاصة تلاميذه مثل البرذعي وابن أبي حاتم الذي قال عنه الخليلي: "أخذ علم أبيه وأبي زرعة وكان بحرا في العلوم، ومعرفة الرجال والحديث الصحيح من السقيم، وله من التصانيف ما هو أشهر من أن يوصف في الفقه والتواريخ، واختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار ... " (¬3) ويكاد لايوجد مصنف من مصنفات ابن أبي حاتم إلا وأقوال أبي زرعة وآراؤه فيه. في الجرح والتعديل، وعلل الحديث، والمراسيل، وبيان خطأ البخاري، واعتقاد أهل السنة، والتفسير وغير ذلك، ولا بد في هذا الموضع من ذكر أمر مهم يتعلق بأصول مؤلفات أبي زرعة حيث قال الخليلي في ترجمة ابن أبي حاتم: "ويقال إن السنة بالري ختمت به، وأمر بدفن الأصول من كتب أبي زرعة وأبي حاتم ووقف من الكتب تصانيفه وكان وصيه ابن الدرستيني" (¬4) وهو علي بن الحسين الدرستيني القاضي. ¬
الرد على هذا الخبر: إن هذا الخبر انفرد بذكره الخليلي في كتابه الإرشاد فقط، وأورده من غير إسناد. إضافة إلى ذلك ذكره بصيغة التمريض. لذا نستبعد صحته، وكان الأولى بابن أبي حاتم أن يفعل هذا بكتبه لايوقفها من بعده على طلبة العلم- والله أعلم- ابن الحسين الدرستيني القاضي- وهذا الخبر يحتاج إلى تأمل وتمحيص وهو يحتمل أحد أمرين لاثالث لهما. إما أنه أمر بدفن الأصول في حالة روحية غمرته وأصبح مرهف الحساسية مشفقا عليهما، يخشى أن مصنفاتهما ليست لابتغاء وجه الله أو قد داخلها بعض الرياء. وهذا أمر قد حصل لعدد غير قليل من السلف الصالح رحمهم الله حيث كانوا لايعدون الحديث والتدوين من عدة الموتى لذا أوصى محمد بن العلاء الهمداني المتوفى سنة 248 هـ أن تدفن كتبه معه فدفنت (¬1) . قال أبو زرعة عن عطاء بن مسلم الخفاف: "كان من أهل الكوفة دفن كتبه ثم روى من حفظه فوهم، وكان رجلا صالحاً" (¬2) . وقال العجلي عن يوسف بن أسباط الشيباني: "صاحب سند وخبر دفن كتبه وقال لايصلح فكبر عليها" (¬3) . وإما أنه أمر بدفنها- أي الأصول- بعد أن ضمنها في كتبه التي صنفها فمن أراد كتب أبيه أو كتب أبي زرعة فعليه بمصنفاته باعتبار أن مصنفاته صارت الغاية في التصنيف، وهذا هو الاحتمال الراجح. وكذلك حفظ لنا البرذعي بعض مصنفات أبي زرعة، منها كتاب أسماء الضعفاء، وأجوبة أبي زرعة على أسئلته التي وجهها إليه في تجريح الرواة. وفيما يلي تعداد لمؤلفات أبو زرعة وعرض لبعضها: 1- كتاب فوائد الرازيين: ويبدو أن هذا الكتاب مؤلف من عدة أجزاء ضمنها فوائد حديثية رواها ¬
عن حفاظ الري، كل حافظ وفوائده. يقول البرذعي: "دفع إليّ أبو زرعة جزءا من فوائد الرازيين فنسخت منه ما نسخت وكان فيه أحاديث عن أحمد بن أبي سريج، وعمن دون أحمد، فلما أتيته بالكتاب قلت: لا أراك أدخلت في هذا الجزء محمد بن حميد يحتاج إلى جزء على حدة" (¬1) . 2- كتاب الفوائد (¬2) : قال أبو حاتم حين كلامه عن إسماعيل بن قيس أبي مصعب الأنصاري: "وأتعجب من أبي زرعة حيث أدخل حديثه عن ابن عبد الملك ابن شيبة في فوائده ولا يعجبني حديثه" (¬3) . 3- كتاب الفضائل (¬4) . 4- كتاب أعلام النبوة أو (دلائل النبوة) : ذكره الحافظ ابن كثير في تاريخه المشهور فقال: "قال الإمام العالم الحافظ أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، نضر الله وجهه في كتاب دلاثل النبوة- وهو كتاب جليل ... " (¬5) وذكر حديثاً رواه أبو زرعة في كتابه هذا يتعلق بما شاهده النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به. والكتاب يتعلق بمعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، كآية انشقاق ¬
القمر (¬1) ، وإضاءة عصا بعض الصحابة في ليلة ظلماء (¬2) ، وما سيكون من أحداث بعد وفاته ووقع. وقد أورد أبو زرعة في كتابه ما صح من الروايات، وإذا ثبت لديه ضعف بعضها يضرب عليها ولا يحدث بها. قال البرذعي: "وشهدت أبا زرعة في كتاب أعلام النبوة على باب ما يعرف من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعلي في الطائر أنه قال: "اللهم ائتني بأحب خلقك إليك" (¬3) ، فلم يقرأ علينا شيئا مما في الباب. وقال: "ليس فيه حديث صحيح"، ولقد ذكره السخاوي باسم (دلائل النبوة) (¬4) ، وذكر ابن أبي حاتم كتابا لأبي زرعة باسم (الدلالات) (¬5) ولعله نفس الكتاب واكتفى بهذه التسمية. 5- كتاب السير (¬6) . 6- كتاب المختصر (¬7) . 7- كتاب الزهد (¬8) . ¬
8- كتاب الأطعمة (¬1) . 9- كتاب الفرائض (¬2) . 10- كتاب الصوم (¬3) . 11- كتاب الآداب (¬4) . 12- كتاب الوضوء (¬5) . 13- كتاب الشفعة (¬6) . 14- كتاب الأفراد (¬7) . ¬
15- كتاب العلل: حيث أفرد فيه الكلام عن علل الأحاديث (¬1) . 16- كتاب الجرح والتعديل (¬2) . ولقد اعترض بعض الأئمة على أبي زرعة في تأليفه هذا الكتاب، وقالوا ماهو إلا كتاب التاريخ الكبير للبخاري، (¬3) . قال الإمام الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد النيسابوري الكرابيسي المتوفى سنة 378 هـ: "كنت بالري وهم يقرؤون على ابن أبي حاتم كتاب الجرح والتعديل فقلت لابن عبدويه الوراق: هذه ضحكة أراكم تقرؤون كتاب التاريخ للبخاري على شيخكم على الوجه وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم، فقال: يا أبا أحمد إن أبا زرعة وأبا حاتم لما حمل إليهما تاريخ البخاري قالا: هذا علم لا يستغنى عنه، ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا، فأقعدا عبد الرحمن يسألهما عن رجل بعد رجل وزادا فيه ونقصا" (¬4) ، وزاد الخطيب في الخبر "ونسبه عبد الرحمن إليهما" (¬5) . وقال الحاكم أيضا في كتابه الكنى " ... وكتاب محمد بن إسماعيل في التاريخ كتاب لم يسبق إليه، ومن ألف بعده شيئا من التاريخ أو الأسماء أو الكنى لم يستغن عنه، فمنهم من نسبه إلى نفسه، مثل أبي زرعة، وأبي حاتم، ومسلم، ومنهم من حكاه عنه، فالله يرحمه فإنه الذي أصل الأصول" (¬6) ، وذكر الخليلي في الإرشاد نحو هذا الكلام (¬7) . ¬
والصواب أن أبا زرعة وأبا حاتم لما وقفا على كتاب التاريخ الكبير للبخاري وجدا فيه نقصا في بعض التراجم، من حيث ضبط الأسماء أو الكنى، أو منزلتهم في تحمل الحديث وروايته. ولما كانا يمتلكان القدرة على التمييز والفهم لمراد الأئمة في ألفاظهم التي استعملوها في تجريح الرواة وتوثيقهم، صنف كل منهما كتابا في الجرح والتعديل على نفس منهج البخاري، مع الزيادة في حجمه وبعض التغيير في هيكله، وضبط بعض الأسماء والكنى التي قد أخطأ فيها البخاري (¬1) حسب اجتهادهما ومن ثم جمع كتابيهما ابن أبي حاتم في كتابه المشهور المعروف بالجرح والتعديل (¬2) ، وأضاف إلى كتابيهما ما دوّنه عن شيوخه وما اجتهد به من أحكام على الرواة ومن يطيل النظر والدراسة لكتابه يجد مصداق ذلك. ولقد أحسن الحافظ ابن رجب في كلامه وحكمه على ذلك بقوله حين كلامه عن مصادر الترمذي في كتاب العلل: "وأما التواريخ والعلل والأسماء ونحو ذلك، فقد ذكر أن أكثر كلامه فيه استخرجه من كتاب تاريخ البخاري وهو كتاب جليل لم يسبق إلى مثله رحمه الله، ورضي عنه وهو جامع لذلك كله. ثم لما وقف عليه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان رحمهما الله صنفا على منواله كتابين: أحدهما: كتاب الجرح والتعديل، وفيه ذكر الأسماء فقط. وزاد على ماذكره البخاري أشياء من الجرح والتعديل وفي كتابيهما من ذلك شيء كثير لم يذكره البخاري (¬3) . 17- كتاب بيان خطأ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه. وهو عبارة عن كتاب صنفه أبو زرعة بعد اطلاعه على كتاب التاريخ الكبير للبخاري ضمنه الأخطاء والأوهام التي وجدها فيه. روى الخطيب بسنده إلى أبي علي صالح بن محمد الحافظ أنه قال: "قال لي أبو زرعة: يا أبا علي نظرت في كتاب محمد بن إسماعيل هذا أسماء الرجال فإذا فيه خطأ كثير، فقلت ¬
له: بليته إنه رجل كل من كان يقدم عليه من العراق من أهل بخارى نظر في كتبهم، فإذا رأى اسما لايعرفه وليس عنده كتبه، وهم لايضبطون وتكون كتبهم غير منقوطة، فيضمه في كتابه خطأ-، وإلا فما رأيت خراسانيا أفهم منه لولا في لسانه وفي ذلك الكتاب أسام لاتعرف ولم يبين من روى عنهم، وعمن رووا، وأي شيء رووا، فيتحير الإنسان فيه. قال: وسألني خالد بن أحمد أبو الهيثم أن أنظر له شيئا في هذا الكتاب فأصحح له فنظرت فغيرت أشياء أخطأ فيه وصحف ورأيت محمد بن إسماعيل ببغداد يقرأ عليهم هذا الكتاب فقال: وإبراهيم بن شعيب روى عنه ابن وهب. فقلت له: إنما هو إبراهيم بن شعيث، ثم قلت له: أنت تنظر في كتب الناس فإذا مر بك اسم لاتعرفه أخذته والخطأ فيه من غيرك، لأنهم كانوا لايضبطون" (¬1) . وأبو زرعة هو أول من صنف في بيان خطأ البخاري، ثم أبو حاتم ثم بعدهما ابن أبي حاتم. حيث صنف في الأخطاء كتابا (¬2) ضمنه تصويبات أبي زرعة وأبيه وقد ينبه في كل ترجمة فيما إذا اتفق والده مع أبي زرعة أو يخالفه وسماه بنفس اسم كتاب أبي زرعة. يقول ابن أبي حاتم في بدايته: "سمعت أبي يقول: قال أبو زرعة رضي الله عنهم: حمل إلى الفضل بن العباس المعروف بالصائغ كتاب التاريخ ذكر أنه كتبه من كتاب محمد بن إسماعيل البخاري فوجدت فيه ... " (¬3) وأخذ ينبه على ما رآه خطأ مع بيان الصواب عنده إلى آخر الكتاب، ولقد دافع عن كتاب التاريخ الكبير الخطيب البغدادي بعد اطلاعه على كتاب ابن أبي حاتم حيث يقول: "وقد جمع عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي الأوهام التي أخذها أبو زرعة على البخاري في كتاب مفرد ونظرت فيه فوجدت كثيرا منها لا تلزمه وقد حكى عنه في ذلك الكتاب أشياء هي مدونة في تاريخه على الصواب بخلاف الحكاية عنه، ومن العجب أن ابن أبي حاتم أغار على ¬
كتاب البخاري ونقله إلى كتابه في الجرح والتعديل وعمد إلى ما تضمنه من الأسماء فسأل عنها أباه وأبا زرعة ودوّن عنهما الجواب في ذلك ثم جمع الأوهام المأخوذة على البخاري وذكرها من غير أن يقدم ما يقيم به العذر لنفسه عند العلماء في أن قصده بتدوين تلك الأوهام بيان الصواب لمن وقعت إليه دون الانتقاص والعيب لمن حفظت عليه ونحن لا نظن أنه قصد غير ذلك فإنه كان بمحل من الدين، وأحد الرفعاء من أئمة المسلمين رحمة الله عليه وعليهم أجمعين" (¬1) ، ولقد أجاد الشيخ المعلمي اليماني رحمه الله- حيث أقرّ الخطيب على دفاعه وبرر انتقاد أبي زرعة ومن معه فقال بعد أن نقل عن البخاري إنه قال عن تاريخه (صنفته ثلاث مرات) : "ومعنى هذا أنه بدأ فقيد: التراجم بغير ترتيب ثم كرّ عليها فرتبها على الحروف ثم عاد فرتب تراجم كل حرف عل الأسماء: باب إبراهيم. باب إسماعيل ... الخ، هذا هو الذي التزمته ويزيد من الأسماء التي تكثر مثل محمد وإبراهيم فيرتب تراجم كل اسم على ترتيب الحروت الأوائل لأسماء الآباء ونحوها، وقال بعد نقله قول البخاري: "صنفت جميع كتبي ثلاث مرات" يعني والله أعلم أنه يصنف الكتاب ويخرجه للناس. ثم يأخذ يزيد في نسخته ويصلح ثم يخرجه الثالثة وهذا ثابت للتاريخ كما يأتي، ثم قال بعد كلام: "فإن ما تقدم من كلام أبي زرعة وصالح بن محمد الحافظ، وما جمعه ابن أبي حاتم من المآخذ على البخاري كان بالنظر إلى النسخة التي أخرجها البخاري أولا وبهذا يتضح السبب فيما ذكره الخطيب معترضا على ابن أبي حاتم قال: "وحكي عنه- أي عن البخاري- في ذلك الكتاب أشياء على الغلط هي مدونة في تاريخه على الصواب بخلاف الحكاية عنه فكلام ابن أبي حاتم كان بحسب النسخة التي أخرجها البخاري أولا وكلام الخطيب بالنظر إلى النسخة التي أخرجها ثانيا وهي رواية أبي أحمد محمد بن سليمان بن فارس الدلال النيسابوري المتوفى سنة 312 هـ ذكر الخطيب في الموضح أول اعتراضاته على البخاري إسناده إليه. وفي رواية ابن فارس هذه مواضع على الخطأ وهي في رواية محمد بن سهل بن كردي عن البخاري على الصواب- ثم قال اليماني- انظر: موضح الأوهام 7 و 9 و13 من أوهام البخاري مع تعليقي، فظهر أن ¬
رواية ابن فارس مما أخرجه البخاري ثانياً، ورواية ابن سهل مما أخرجه ثالثاً" (¬1) ومن يقرأ كتاب بيان خطأ أبي عبد الله ... لابن أبي حاتم يتضح له أن أبا زرعة صنف هذا الكتاب ثم بعده أبو حاتم وبعدهما ابن أبي حاتم وكذا في الجرح والتعديل فمثلا في ترجمة عاصم بن عمر بن الخطاب ابن أبي حاتم: "سئل أبو زرعة فقيل له أن محمد بن إسماعيل البخاري أخرج في كتابه عاصم بن عمرو ابن أبي أحمد القرشي الذي روى بكير بن الأشج عن محمد بن وهب عنه؟ قال أبو زرعة: إنما هو عاصم بن عمر بن الخطاب وابن أبي أحمد بن جحش) (¬2) وقال في ترجمة عبد الله بن ناسح الحضرمي: "كان البخاري أخرج هذا الاسم في باب النون ناسخ الحضرمي فغير أبي بخطه وقال إنما هو عبد الله بن ناسح الحضرمي، وكذلك أخرج أبو زرعة فيما أخرج عن خطأ البخاري هذا الاسم وقال كما قال أبي" (¬3) . 18- التفسير: لقد عدّ الحافظ شمس الدين محمد بن علي الداودي المتوفى سنة 945 هـ أبا زرعة الرازي أحد المفسرين الذين عنوا بالتفسير وأفرد له ترجمة في كتابه طبقات المفسرين (¬4) ، ولقد استفاد أبو زرعة من كبار المفسرين وروى بعض ¬
التفاسير المعتمدة عن التابعين ومن بعدهم ولقد اتبع منهج التفسير بالمأثور فيأخذ ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين وتابعيهم وكان يميّز الأحاديث الصحيحة عن الضعيفة الواردة في التفسير، ذكر عددا منها ابن أبي حاتم في علل الحديث (¬1) ، وهذا هو المنهج الصحيح إن أردنا أن نفسر القرآن الكريم تفسيرا خاليا من الأحاديث الضعيفة نقيا من الإسرائيليات. ولقد ضم ابن أبي حاتم قسما كبيرا من تفسير أبي زرعة في تفسيره (¬2) ، فبعض طرقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬3) ، أو بعض الصحابة أو إلى التابعين أو تابعيهم. وهذه بعض الطرق التي روى أبو زرعة منها التفسير. أ- تفسير السدي وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة المتوفى سنة 128 هـ. يرويه بالسند التالي: قال أبو زرعة: ثنا عمرو بن حماد بن طلحة ¬
القناد، المتوفى سنة 222 هـ، ثنا أسباط بن نصر الهمداني، المتوفى سنة 170 هـ عن السدي (¬1) . ب- تفسير سعيد بن جبير الأسدي تلميذ عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر الذي قتله الحجاج سنة 95 هـ، يرويه بالسند التالي: قال أبو زرعة: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، القرشي الحافظ المتوفي سنة 231 هـ، ثنا ابن لهيعة، وهو عبد الله بن لهيعة بن عقبة المصري الفقيه المتوفى سنة 174 هـ، عن عطاء بن دينار، الهذلي مولاهم أبو الزيات المصري، المتوفى سنة 126 هـ (¬2) ، عن سعيد بن جبير (¬3) . ج- تفسير عطاء بن أبي رباح أسلم القرشي الذي أدرك مائتين من الصحابة، المتوفى سنة 114 هـ يرويه بالسند التالي: قال أبو زرعة: حدثنا صفوان، هو ابن صالح بن صفوان الثقفي الدمشقي، المتوفى سنة 237 هـ، ثنا الوليد بن مسلم القرشي الدمشقي الذي قال فيه أبو زرعة هو أعلم من وكيع بأمر المغازي المتوفى سنة 194 هـ، ثنا عثمان بن الأسود بن موسى المكي، المتوفى سنة 150 هـ، عن عطاء بن أبي رباح (¬4) . (د) تفسير عبد الله بن عباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم. يرويه بالسندين التاليين: قال أبو زرعة: ثنا منجاب بن الحارث بن عبد الرحمن التميمي الكوفي، المتوفى سنة 231 هـ، ثنا بشر بن عمارة الخثعمي المكتب الكوفي، عن أبي روق، عطية بن الحارث ¬
الهمداني الكوفي الذي ذكره ابن سعد في الطبقة الخامسة وقال عنه هو صاحب التفسير (¬1) ، عن الضحاك بن مزاحم الهلالي الخراساني المتوفى سنة 105 هـ، عن ابن عباس (¬2) . وقال أبو زرعة: ثنا ابن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشام القصار الأزدي الكوفي، المتوفى سنة 205 هـ، عن عمار بن رزيق الضبي التميمي، أبو الأحوص الكوفي، المتوفى سنة 159 هـ، عن عطاء بن أبي السائب ابن مالك الثقفي الكوفي، المتوفى سنة 137 هـ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (¬3) . هـ- تفسير قتادة ابن دعامة السدوسي، المتوفى سنة 118 هـ، يرويه بالسندين التاليين: قال أبو زرعة: ثنا العباس بن الوليد الترسي البصري، المتوفى سنة 238 هـ، ثنا يزيد بن زريع التميمي، البصري الحافظ، المتوفى سنة 182 هـ، ثنا سعيد بن أبي عروبة العدوي البصري، المتوفى بحدود 156 هـ، عن قتادة السدوسي (¬4) . وقال أبو زرعة: ثنا صفوان بن صالح الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم الدمشقي، ثنا ويقول تارة أخبرني سعيد بن بشير الأزدي، البصري المتوفى سنة 168 هـ، عن قتادة السدوسي (¬5) . ¬
وقال أبو زرعة: ثنا محمد بن المثنى، عن عبيد العنزي المتوفى سنة 252 هـ، ثنا معاذ بن معاذ بن نصر العنبري الحافظ البصري المتوفي سنة 196 هـ، عن ابن عون، أبو عبد الله الخراساني، المتوفى بين سنة 145- 150 هـ، عن محمد بن سيرين (¬1) . ي- تفسير مكحول الشامي المتوفى بعد سنة 112 هـ، يرويه بالسند التالي: قال أبو زرعة: ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري الكوفي، الحافظ المتوفى سنة 193 هـ، ثنا صبيح مولى بني مروان عن مكحول (¬2) . ك- تفسير عكرمة بن خالد العاص، توفي بعد عطاء بن أبي رباح، أي بعد 114 هـ، يرويه بالسندين التاليين: قال أبو زرعة: ثنا محمد بن أبي بكر المقدسي، ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد البصري الحافظ، المتوفى بحدود 189 هـ، عن مالك بن دينار، عن عكرمة (¬3) . وقال أبو زرعة: ثنا محمد بن الصباح البزاز البغدادي، المتوفى سنة 227 هـ، ثنا إسماعيل بن زكرياء، عن محمد بن عون الخراساني، عن عكرمة (¬4) . وكان حريصا على رواية التفاسير المعتمدة عن الثقات. يقول ابن أبي حاتم في ترجمة محمد بن المنهال الضرير البصري الحافظ المتوفى سنة 231 هـ "سمعت أبا زرعة يقول سألت محمد بن المنهال أن يقرأ عليّ تفسير أبي رجاء ليزيد بن زريع فأملى عليّ من حفظه نصفه ثم أتيته يوما آخر بعدكم فأملى عليّ من حيث انتهى فقال: خذ فتعجبت من ذلك وكان يحفظ حديث يزيد بن زريع" (¬5) . ¬
وكذلك أخذ التفسير عن محمد بن يزيد الأسفاطي (¬1) ، البصري، وكان يحفظ مائة وأربعين ألف حديث في التفسير والقراءات، ومن كانت هذه حصيلته، كان له القدرة على فهم كتاب الله فهما صحيحا. 19- أجوبته على أسئلة البرذعي (في الضعفاء) (¬2) . 20- كتاب أسماء الضعفاء (¬3) . 21- أجوبته على أسئلة البرذعي (في الثقات) : يقول البرذعي: "وسألته بعد هذا عن قوم مدحهم، فأجابني بما ضمنته غير هذا الموضع" (¬4) . 22- كتاب الصحابة: من مجموع النصوص التي وقفت عليها والمتعلقة بالصحابة لعلها تدل على أن أبا زرعة الرازي أفرد الصحابة رضي الله عنهم بمصنف. ويبدو لي من النصوص أنه ضمنه الكلام عن منزلة الصحابة، ومكانتهم، وعددهم، والحكم بزندقة من جرحهم، وتمييز الصحابي عن التابعي. قال ابن حجر في ترجمة مسلم بن الحارث التميمي: "وصحح البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان والترمذي وابن قانع وغير واحد أن مسلم بن الحارث هو صحابي ... " (¬5) . ويدل على إحاطته بمعرفة الصحابة ما رواه الثقات عنه "أن رجلا سأله فقال له: يا أبا زرعة، أليس يقال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث؟ قال: ومن قال ذا؟ قلقل الله أنيابه، هذا قول الزنادقة، ومن يحصي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه. قيل: يا أبا زرعة، هؤلاء أين كانوا وسمعوا منه (¬1) ؟ قال: أهل المدينة وأهل مكة ومن بينهما والأعراب ومن شهد معه حجة الوداع" (¬2) . وأما حكمه بالزندقة على من يجرح الصحابة، فقد روى الخطيب بسنده إليه أنه قال: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعلم إنه زنديق، وذلك أن الرسول حق والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة (¬3) ، ومما يدل على تمييزه ودقة معرفته نراه يحكم على بعض الرواة بقوله: "ليست له صحبة" (¬4) ، ويقول تارة عن بعضهم: "له صحبة قديمة" (¬5) ، ويقول: "لا يسمى وهو صحابي في الصحابة" (¬6) أو يقول عن البعض: "هو من التابعين" (¬7) ولم ينس الصحابيات ¬
رضي الله عنهن فقد أولاهن حضنهن بالمعرفة والإحاطة، فمثلا يقول عن أم خالد فيما نقله عنه ابن أبي حاتم: "اسمها أمة وتكنى بأم خالد، وكانت تحت الزبير وهي ابنة خالد بن سعيد بن العاص بن أمية. وقال- أي ابن أبي حاتم- سمعت أبا زرعة يقول: أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص الأكبر اسمها أمة، صح لها عن النبي صلى الله عليه رسلم أحاديث، وسعيد بن العاص مات في الجاهلية بين الطائف ومكة وهي امرأة الزبير كان خالد بن الزبير ولد منها، ولدته بأرض الحبشة" (¬1) . 23- المسند: لقد صنف كثير من الحفاظ والمحدثين المسانيد قبل عصر أبي زرعة وفي عهده من شيوخه وأقرانه، وبعد طبقته. والمسانيد كما يقول الكتاني: "جمع مسند وهي الكتب التي موضوعها جعل حديث كل صحابي على حدة. صحيحا كان أو حسنا أو ضعيفاً، مرتبين على حروف الهجاء في أسماء الصحابة، كما فعله غير واحد، وهو أسهل تناولاً، أو على القبائل أو السابقة في الإسلام، أو الشرافة النسبية، أو غير ذلك، وقد يقتصر في بعضها على أحاديث صحابي واحد، كمسند أبي بكر، أو أحاديث جماعة منهم، كمسند الأربعة أو العشرة أو طائفة مخصوصة، جمعها وصف واحد، كمسند المقلين، ومسند الصحابة الذين نزلوا مصر، إلى غير ذلك (¬2) ، وذكر الكتاني مسند أبي زرعة ضمن المسانيد التي ذكرها (¬3) . ولم أعثر على نسخة من مسند أبي زرعة- رغم تتبعي وبحثي في فهارس المخطوطات- وهو من جملة مصنفاته المفقودة، وأود في هذه المناسبة أن أنبه إلى وهم وقع فيه بروكلمان حيث قال في تاريخ الأدب العربي ج 3/ 310 حين كلامه عن مسند أحمد (وتوجد أقسام متفرقة منه من مسند الشاميين؛ ¬
برلين 1259، كوبريلي 412- 416 (برواية أبي زرعة المتوفى 276 هـ، والصواب. أنه توفي سنة 264 هـ وانظر طبقات الحفاظ للسيوطي 9/ 78، أو هو كتاب مستقل لتلميذه المذكور) ، ولم يتابعه الأستاذ سزكين في هذا بل نسبه للإمام أحمد (¬1) ، ووهم صاحب فهرس المخطوطات المحفوظة في مكتبة كوبريلي زادة (¬2) حيث ذكره في كتب الحديث باسم (مسند الشاميين) ونسبه لأبي زرعة ولم يذكر نسبه، وأعطى لأجزائه الأرقام التالية: 412، 413، 414، 415، 416، ولقد كتبت إلى أحد الإخوة من طلبة العلم الأتراك كي يصف لي الكتاب المعطى لأجزائه الأرقام السابقة فاستجاب مشكورا ورد على رسالتي برد (¬3) ضمنه وصفا دقيقا لهذه الأجزاء التي تدل بكل وضوح ودون لبس على أنها أجزاء من مسند الإمام أحمد رحمه الله والجزء الأول ورقمه (412) والسادس ورقمه (414) ويتضمنان مسند الشاميين، والجزء الثاني ورقمه (413) يتضمن مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه والجزء الثامن ورقمه (415) يتضمن مسند الأنصار وغيرهم من القبائل، والجزء الخامس ورقمه (414) يتضمن مسند أبي قتادة الأنصاري وغيره، والجزء التاسع ورقمه (416) يتضمن مسند صفوان المرادي. وهذه النسخة من المسند مروية بالسند التالي مما رواه عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل عن أبيه، رواية أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي عنه، رواية أبي علي الحسن بن علي بن المذهب عنه، رواية أبي القاسم هبة الله بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني. وهذا السند كتب على الأجزاء المذكورة ولا يوجد فيها أي إشارة إلى أن أبا زرعة هو الذي رواها. وأما النسخة التي أشار إليها بروكلمان في مكتبة برلين الغربية فقد اطلعت عليها في صيف عام 1399 هـ، فتبين أنها مسند الشاميين من مسند ¬
أحمد بن حنبل أيضاً وبرواية القطيعي، ورواه عنه ابن المذهب، وعن ابن المذهب رواه ابن الحصين الشيباني. ومن خلال النصوص التي جمعتها والمتعفقة بالمسند يبدو أن أبا زرعة رتّب مسنده على حسب المدن التي نزلها الصحابة رضي الله عنهم بعد أن أورد أحاديث العشرة ثم المهاجرين، ثم الأنصار وهكذا، أو يبدو أن له أكثر من مسند يتضمن مجموع الصحابة وآخر يتعلق بالشاميين- والله أعلم- لما لهم من أهمية وهذه بعض النماذج التي تلقي ضوءاً على منهجه. مسند ابن عمر. قال ابن أبي حاتم: "وانتهى أبو زرعة في مسند ابن عمر إلى حديث لإسماعيل بن إبراهيم بن هود فقال: اضربوا عليه ولم يقرأه" (¬1) . مسند المصريين. قال ابن أبي حاتم في ترجمة أبي اليقظان "أخرج أبو زرعة لأبي اليقظان هذا الحديث الواحد في مسند المصريين" (¬2) ، والحديث "أبشروا فوالله لأنتم أشدّ حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تروه من عامة من رآه". مسند البصريين. قال ابن أبي حاتم في ترجمة قبيصة بن وقاص، السلمي، البصري "أدخله أبو زرعة في مسند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين سكنوا البصرة ولا نعرف له غير هذا الحديث الواحد.." (¬3) ، أي حديث "يكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة ... ". مسند الشاميين. قال ابن أبي حاتم في ترجمة عروة بن مغيث: "وضبطه ابن حجر باسم معتب) الأنصاري (أخرج اسمه أبو زرعة في مسند ¬
الشاميين" (¬1) ، وقال في ترجمة فرات بن ثعلبة البهراني: "شامي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أدخله أبي في مسند الوحدان، وأدخله أبو زرعة في مسند الشاميين ولم يذكر فيما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم لقياً ولا سماعاً" (¬2) . وقال في ترجمة شرحبيل بن أوس: شامي، ويقال أوس بن شرحبيل، وشرحبيل بن أوس أشبه له صحبة، وقال: "رأيت في كتاب أبي زرعة بخطه قد أخرج في مسنده، شرحبيل بن أوس ثم أخرج في آخر أحاديث شرحبيل حديث الزبيدي- أي محمد بن الوليد الزبيدي، عن عياش عن مؤنس، عن نمران- كتبه، ولم يترجم لأوس بن شرحبيل في مسند الشاميين" (¬3) ، ومن النصوص التي تتعلق بعموم الذين خرج أحاديثهم دون تعيين المدن التي نزلوها ما قاله ابن أبي حاتم في عبد الله بن خنبش ويقال عبد الرحمن بن خنبش- قال أبو محمد- وهو أصح وذلك أن أبا زرعة ترجم له في كتاب المسند عبد الرحمن بن خنبش روى عن النبي صلى الله عليه وسلم (¬4) . ¬
الفصل السابع: حفظه، ومكانته بين العلماء
الفصل السابع: حفظه، ومكانته بين العلماء 1- حفظه إن من أهم المميزات التي تميز بها محدثنا هي الحفظ، ولقد شهد بذلك الأئمة الحفاظ من شيوخه، وأقرانه، وتلاميذه، وهذه جملة من أقوالهم. قيل لأبي بكر بن أبي شيبة (¬1) : "من أحفظ من رأيت؟ قال: ما رأيت أحدا أحفظ من أبي زرعة الرازي" (¬2) . وقال ابن وارة: سمعت إسحاق بن راهوية يقول: "كل حديث لا يعرفه أبو زرعة فليس له أصل" (¬3) . ¬
وقال أحمد بن حنبل: "ماجاوز الجسر أفقه من إسحاق بن راهويه، ولا أحفظ من أبي زرعة" (¬1) . وقال أبوحاتم: "رحم الله أبا زرعة كان والله مجتهدا في حفظ آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم" (¬2) . وقال أبو يعلى الموصلي (¬3) : "ما سمعنا بذكر أحد في الحفظ إلا كان اسمه أكثر من رؤيته إلا أبا زرعة الرازي فإن مشاهدته كانت أعظم من اسمه، وكان لايرى أحدا ممن هو دونه في الحفظ، أنه أعرف منه، وكان قد جمع الأبواب، والشيوخ والتفسير، وغير ذلك، وكتبنا بانتخابه بواسط ستة آلاف" (¬4) . وقال يحيى بن مندة (¬5) : "قيل أحفظ الأمة أبو هريرة، ثم أبو زرعة الرازي" (¬6) . ولقد اندهش من حفظه الغزير أحد المحدثين فقال: "ما ولدت حواء قط أحفظ من أبي زرعة" (¬7) . ¬
أما مقدار الأحاديث التي حفظها فقد ورد عن إمام أهل السنة أحمد ابن حنبل أنه قال: "صح من الحديث سبعمائة ألف حديث وكسر، وهذا الفتى- يعني أبا زرعة- قد حفظ ستمائة ألف" (¬1) . وقال الحافظ البيهقي معقبا على قول أحمد: "إنما أراد ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقاويل الصحابة، وفتاوى من أخذ عنهم من التابعين" (¬2) . وقال أبو بكر محمد بن عمر الرازي الحافظ: "لم يكن في هذه الأمة أحفظ من أبي زرعة، كان يحفظ سبعمائة ألف حديث، وكان يحفظ مائة وأربعين ألفا في التفسير والقراءات.." (¬3) . وقال الحافظ يحيى بن مندة: "وبلغني بإسناد هو لي مسموع أن أبا زرعة قال: أنا أحفظ ستمائة ألف حديث صحيح، وأربعة عشر ألف إسناد في التفسير، والقراءات، وعشرة آلاف حديث مزورة، قيل له: ما بال المزورة تحفظ؟ قال: إذا مرّ بي منها حديث عرفته" (¬4) ، وبهذا يتضح لنا أن قوله موافق لشهادة أحمد في مجموع الأحاديث التي حفظها وهي ستمائة ألف، حديث صحيح. أما في التفسير، والقراءات فكان يحفظ أربعة عشر ألف إسناد، وقد يدخل فيها أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وآثار الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم من التابعين، ولعل الحافظ البيهقي قد وهم في إحصائها مع جلالة منزلته لأن فتاوى التابعين لاتعتبر من الحديث الصحيح. وأما قول ¬
الحافظ أبي بكر محمد بن عمر الرازي فقد خالف ماصرح به أبو زرعة نفسه، الذي وافق فيه أحمد، ولقد روى الخطيب البغدادي بسنده الى أم عمرو بنت شمر أنها قالت: "سمعت سويد بن غفلة يقرأ (وعيس عين) ، يريد حورعين. قال صالح: ألقيت هذا على أبي زرعة فبقي متعجباً. وقال: أنا أحفظ قي القراءات عشرة آلاف حديث. قلت: فتحفظ هذا؟ قال: لا" (¬1) أقول: فلعله زاد في حفظه لها بعد هذه الحادثة فأصبح يحفظ المقدار الذي صرح به- والله أعلم. ومن الطريف ما ذكره الخطيب بسنده إلى أبي العباس محمد بن جعفر الرازي أنه قال: "سئل أبو زرعة الرازي عن رجل حلف بالطلاق إن أبا زرعة يحفظ مائتي ألف حديث، هل حنث؟ فقال: لا، ثم قال أبو زرعة: أحفظ مائتي ألف كما يحفظ الإنسان قل هو الله أحد، وفي المذاكرة ثلاثمائة ألف حديث" (¬2) . لذا يعد من الحفاظ القلائل الذين حفظوا هذا القدر العظيم من كلام النبوة، كابن أبي شيبة، والبخاري، وإبراهيم بن موسى الرازي، وغيرهم حتَّى إن الإمام أحمد صرح بحفظه وسرده للأحاديث من بين أقرانه فقد سأله ابنه عبد الله: "يا أبت من الحفاظ؟ قال: يا بني شباب كانوا عندنا من أهل خراسان، وقد تفرقوا. قلت: من هم يا أبت؟ قال: محمد ابن إسماعيل ذاك البخاري، وعبيد الله بن عبد الكريم ذاك الرازي، وعبد الله بن عبد الرحمن ذاك ¬
السمرقندي، والحسن بن شجاع ذاك البلخي" (¬1) ، ثم قال له: "يا أبت: فمن أحفظهم؟ قال: أسردهم أبو زرعة، وأعرفهم محمد بن إسماعيل، وأتقنهم عبد الله، وأجمعهم للأبواب الحسن" (¬2) . وإذا أردنا أن نعرف الوسائل التي اتبعها محدثنا حتى وصل إلى هذه المنزلة الرفيعة في الحفظ فهي بلاشك تقوى الله، والتقرب إليه بالنوافل والطاعات. قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} (¬3) ، ودعاء المخلصين من شيوخه، والصالحين الذين صحبهم، ولما كان الجزاء من جنس العمل، فكان يترك الرذائل، ويصون سمعه عن الباطل أكرمه الله بالحفظ المتواصل، فقد ذكر الخطيب البغدادي عنه أنه قال: "ما سمعت أذني شيئاً من العلم إلا وعاه قلبي، وإني كنت أمشي في سوق بغداد فأسمع من الغرف صوت المغنيات، فأضع أصبعي في أذني مخافة أن يعيه قلبي" (¬4) . ولقد كان شديد التعاهد لمذاكرة تراث المصطفى صلى الله عليه وسلم. يقول أبو زرعة لأحد أصحابه: "إذا مرضت شهرا أو شهرين تبين علي في حفظ القرآن، وأما الحديث فإذا تركته أياما تبين علي ثم قال أبو زرعة: ترى قوما من أصحابنا كتبوا الحديث تركوا المجالسة منذ عشرين سنة أو أقل إذا جلسوا اليوم مع الأحداث كأنهم لا يعرفون ولا يحسنون الحديث. ثم قال: الحديث مثل الشمس إذا جلس من الشرق خمسة أيام لا يعرف فهذا الشأن تحتاج أن تتعاهده أبدا" (¬5) ولقد كان من حرصه على الحفظ أن ترك أكل الجبن والخل لما كان يشيع في عصره من سوء أثرهما على الحفظ. ¬
يقول ابن أبي حاتم: "وكان أبو زرعة لا يأكل الجبن ولا الخل" (¬1) ولقد استطاع - رحمه الله- ملازمة هذا المنهج حتى بقي حافظا متمتعا بذاكرة قوية حتى إنه كان يقول: "إن في بيتي ما كتبته منذ خمسين سنة، ولم أطالعه منذ كتبته، وإني أعلم في أي كتاب هو، في أي ورقة هو، في أي صفحة هو، في أي سطر هو" (¬2) . وحتى وهو في النزع بلّغ حديثا من حفظه لما توقف أقرانه من الحفاظ في إسناده (¬3) ، والأمثلة على حفظه وقوة ذاكرته كثيرة (¬4) . 2- مكانته بين العلماء لقد تمتع محدثنا الرازي بمكانة مرموقة بين علماء عصره، حازت السبق والتفوق على أقرانه، وانتشر ذكره وذاع صيته في كل مركز علمي يدخله، وما من حافظ كبير وإمام جليل يلتقي به إلا ترجم حبه له وإعجابه به، بآيات من الثناء العاطر والشكر المتواصل، وأخذ حبهم وتقديرهم لأبي زرعة يزداد كلما ازداد طلبا للحديث وتمسكا به والذب عنه، وأهلته إحاطته بعلوم السنة الشريفة، ومعرفته بدقائق رواياتها لأن يكون حكما بين المحدثين إذا اختلفوا. وأقواله في الرواة أساسا اذا جرحوا أو عدلوا. ولم يقتصر هذا على تلاميذه بل ¬
عم أقرانه وشيوخه، وليس هذا في حدود الري بل في البلاد الأخرى أيضا حتى إن إمام السنة أحمد بن حنبل كان يقتصر على أداء الفرائض حينما ينزل عنده أبو زرعة في زياراته لبغداد حرصا على مذاكرته، وصحح أحاديث كان مترددا في ثبوتها بمعرفته، وكثيرا ما كان يحتكم أقرانه إليه ليميّز لهم الأحاديث المعللة من الصحيحة (¬1) ، حتى إن الحافظ محمد بن مسلم بن وارة كان يسأله عن بعض ما يخفى عليه من فقه الحديث وغريبه، من ذلك ما ذكر عنه أنه قال: "مازلت أستجفي عائشة رضي الله عنها في قولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: وبمنة الله لا بمنتك" حتى سألت أبا زرعة الرازي فقال: وآت الحمد أهله" (¬2) ولقد كان العلماء يطمئنون للأثر أو الخبر بمجرد إقرار أبي زرعة له، فقد أورد ابن الصلاح في مقدمته خبرا يتعلق بتحديد مفهوم الصحبة والصحابي ثم قال: "إسناده جيد حدث به مسلم بحضرة أبي زرعة" (¬3) . ويرجع الفضل إليه في خلو صحيح مسلم من الأحاديث المنتقدة. يقول ابن الصلاح: "ومما جاء في فضل صحيح مسلم ما بلغنا عن مكي ابن عبدان أحد حفاظ نيسابور أنه قال: سمعت مسلما يقول: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي فكل ما أشار أن له علة تركته، وكل ما قال إنه صحيح وليس له علة خرجته" (¬4) . وهذه طائفة من نصوص التقدير والإعجاب التي توضح وتبين لنا مكانة محدثنا بين علماء عصره. قال أبو زرعة: سمعت إبراهيم بن موسى يقول لي: "أجد منك ريح الولد" (¬5) أي يحبه كحبه لأولاده. ¬
قال إسحاق بن راهويه: "كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي ليس له أصل" (¬1) . قال عمرو بن سهل بن صرخاب: "ما ولد في خمسين ومائة سنة مثل أبي زرعة" (¬2) . وقال أحمد بن سليمان الرهاوي: "ما أحد أحب إلي أن أراه من أبي زرعة" (¬3) . وقال فضلك الصائغ: "دخلت المدينة فصرت إلى باب أبي مصعب فخرج إلي شيخ مخضوب وكنت أنا ناعسا فحركني فقال: يا مردريك من أين أنت؟ لأي شيء تنام؟ فقلت: أصلحك الله من الري، من بعض شاكردي أي زرعة. فقال: تركت أبا زرعة وجئتني؟ لقيت مالك بن أنس، وغيره فما رأت عيناي مثله" (¬4) . وقال أبو عبد الله بن ساكن الزنجاني: "دخلت مصر والشام فرأيت الكبراء من أصحاب الشافعي، ودخلت البصرة والكوفة ورأيت المبرزين ما رأيت فيهم مثل أبي زرعة ورعاً وديانة وحفظاً" (¬5) . وقال محمد بن يحيى النيسابوري: "لا يزال المسلمون بخير ما أبقى الله ¬
عز وجل لهم مثل أبي زرعة وما كان الله عز وجل ليترك الأرض إلا وفيها مثل أبي زرعة يعلم الناس ما جهلوه" - وجعل يمدح أبا زرعة في كلام كثير (¬1) . وقال أبو حاتم الرازي: "إذا رأيت الرازي، وغيره يبغض أبا زرعة فاعلم أنه مبتدع" (¬2) ، وشهد له بالإمامة (¬3) ، وكان يحدث عنه فيقول: "حدثني أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد القرشي، وما خلف بعده مثله علما وفهما، وصيانة وحذقا، وهذا ما لا يرتاب فيه، ولا أعلم من المشرق والمغرب من كان يفهم في هذا الشأن مثله، ولقد كان من هذا الأمر بسبيل" (¬4) ، وكان يفضله على بعض الحفاظ فيقول: "كان أبو زرعة أفهم من أبي عبد الله الطهراني، وأعلم منه بكل شيء بالفقه والحديث وغيره" (¬5) . وظل محافظا على حبه وولائه حتى بعد وفاته من ذلك قوله: "رحم الله أبا زرعة كان والله مجتهدا في حفظ آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم" (¬6) ، وسمعه ابنه عبد الرحمن يقول: "الذي كان يحسن صحيح الحديث من سقيمه، وعنده تمييز ذلك ويحسن علل الحديث أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني، وبعدهم أبو زرعة كان يحسن ذلك". قيل لأبي- القائل عبد الرحمن- فغير هؤلاء تعرف اليوم أحداً؟ قال: لا" (¬7) . وقال محمد بن مسلم بن وارة: "إن الله تعالى إذا أراد بقوم خيرا جعل ¬
فيهم آية، وإن أبا زرعة آية من آيات الله عز وجل" (¬1) وقال أيضاً: "ما خلف أبو زرعة مثله وكان دربندان العلم" (¬2) . وقال ابن حبان: "كان أحد أئمة الدنيا في الحديث مع الدين والورع والمواظبة على الحفظ والمذاكرة وترك الدنيا وما فيه الناس" (¬3) . وقال الحافظ الخليلي: "فضائله أكثر من أن تعد، وفي تصانيفه لايوازيه أحد"، وقال أيضاً: "الإمام المتفق عليه بلا مدافعة بالحجاز والعراق والشام ومصر والجبل وخراسان لا يختلف فيه أحد" (¬4) . وقال عبد الرحمن بن محمد القزويني القاضي: "حدثنا يونس بن عبد الأعلى يوما فقال: حدثني أبو زرعة فقال له رجل من أصحاب الحديث من أبو زرعة هذا؟ قال: إن أبا زرعة أشهر في الدنيا من الدنيا" (¬5) ، وقال أيضاً: "أبو زرعة آية، وإذا أراد الله أن يجعل عبدا من عباده آية جعله" (¬6) ، وقال: "ما رأيت أكثر تواضعا من أبي زرعة" (¬7) ، وقال: "أبو زرعة وأبو حاتم إماما خراسان - ودعا لهما - وقال: بقاؤهما صلاح للمسلمين" (¬8) . وقال الفضل الصائغ: "دخلت على الربيع بمصر فقال لي: من أين أنت؟ قلت من أهل الري – أصلحك الله – من بعض شاكردي أبو زرعة فقال: ¬
تركت أبا زرعة وجئتني؟ إن أبا زرعة آية، وإن الله إذا جعل إنسانا آية من شكله حتى لا يكون له ثان" (¬1) . وقال الحسين بن صالح: "ما رأيت أحدا يحدث لله غير أبي زرعة الرازي، ويحيى الكرابيسي" (¬2) . وقال عبد الله بن محمد القزويني: "سمعت محمد بن إسحاق الصاغاني يقول في حديث ذكره من حديث الكوفة فقال: هذا أفادنيه أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم، فقال له بعض من حضر يا أبا بكر أبو زرعة من أولئك الحفاظ الذين رأيتهم؟ وذكر جماعة من الحفاظ، منهم الفلاس. فقال: أبو زرعة أعلاهم، لأنه جمع الحفظ مع التقوى والورع، وهو يشبه بأبي عبد الله أحمد بن حنبل" (¬3) . ولقد عمد بعض المحدثين إلى أسلوب من أساليب الود والتقدير لأبي زرعة فكتبوا له كتبا يكبرون فيها إلتزامه بنهج السلف الصالح ودعوته الناس للتمسك بالسنة النبوية وترغيبهم بها وترهيبهم من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، والرد على المخالفين وهذه بعض الرسائل التي كتبها الأئمة. يقول الإمام إسحاق بن راهوية في كتابه لأبي زرعة: "إني أزداد بك كل يوم سرورا فالحمد لله الذي جعلك ممن يحفظ سنته وهذا من أعظم مايحتاج إليه اليوم طالب العلم، وأحمد بن إبراهيم لا يزال في ذكرك الجميل حتى يكاد يفرط، وإن لم يكن فيك بحمد الله إفراط، وأقرأني كتابك إليه بنحو ما أوصيتك من إظهار السنة، وترك المداهنة فجزاك الله خيرا أقدم على ما أوصيتك فإن للباطل ¬
جولة ثم يضمحل، وإنك ممن أحب صلاحه وزينه، وإني أسمع من إخواننا القادمين ما أنت عليه من العلم والحفظ فأسر بذلك" (¬1) . وكتب إليه عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني المعروف برسته (¬2) من أصبهان، يقول في كتابه "اعلم رحمك الله أني ما أكاد أنساك في الدعاء لك ليلي ونهاري أن يمتع المسلمون بطول بقائك فإنه لايزال الناس بخير مابقي من يعرف العلم وحقه من باطله، ولولا ذلك لذهب العلم وصار الناس إلى الجهل، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، وقد جعلك الله فيهم فأحمد الله على ذلك فقد وجب لله عز وجل الشكر في ذلك" (¬3) . وكان الحب والتقدير يعبر عنه أحياناً بالدعاء. فقد ذكر ابن أبي حاتم عن الحسن بن أحمد بن الليث أنه قال: "سمعت أحمد بن حنبل- وسأله رجل فقال: بالريّ شاب يقال له أبو زرعة، فغضب أحمد وقال: تقول شاب؟ كالمنكر عليه، ثم رفع يديه وجعل يدعو الله عز وجل لأبي زرعة ويقول: اللهم انصره على من بغى عليه، اللهم عافه، اللهم ادفع البلاء اللهم، اللهم- في دعاء كثير. قال الحسن: "فلما قدمت حكيت ذلك لأبي زرعة وحملت إليه دعاء أحمد بن حنبل له وكنت كتبته عنه، فكتبه أبو زرعة، وقال لي أبو زرعة: ما وقعت في بلية ¬
فذكرت دعاء أحمد إلا ظننت أن الله عز وجل يفرج بدعائه عني" (¬1) . وكان محمد بن مسلم بن وارة يدعو له في صلاته بعد موته (¬2) . ¬
الفصل الثامن: مذهبه، وعقيدته، وزهده، ووفاته.
الفصل الثامن: مذهبه، وعقيدته، وزهده، ووفاته. 1- مذهبه شهدت الري كغيرها من بلاد خراسان، وما جاورها نشوء الاتجاهات الفكرية الإسلامية، واكتمال مناهج مذاهب أهل الرأي وأهل الحديث وغيرها، وكان الكثير من أهل الري على مذهب أهل الرأي المتمثل بالإمام أبي حنيفة وكان أبو زرعة أحد الأتباع أيام حداثة سنه، قال أبو زرعة: "كان أهل الري قد افتتنوا بأبي حنيفة وكنا أحداثاً (¬1) ، نجري معهم ولقد سألت أبا نعيم عن هذا، وأنا أرى أني في عمل، ولقد كان الحميدي يقرأ كتاب الرد ويذكر أبا حنيفة، وأنا أهم بالوثوب عليه ... " (¬2) ، ولقد كان مهتما تلك الفترة من حياته بفقه أبي حنيفة حتى إنه حفظ ما دون من كتب الامام. قال أبو بكر محمد بن عمر الرازي الحافظ عنه: "وحفظ كتب أبي حنيفة في أربعين يوماً، وكان يسردها مثل الماء ... " (¬3) ولكن لا ندري مدة هذه الفترة التي كان متابعا فيها لمذهب أبي حنيفة، ويبدو أنها قصيرة فبعد أن اتصل بأهل الحديث أخذ يبتعد عن أهل ¬
الرأي، وانكب على حفظ الأحاديث النبوية، وأول ما بدأ بحفظه حديث الإمام مالك فيقول عن نفسه: "أول شيء أخذت نفسي تحفظه من الحديث، حديث مالك، فلما حفظته، ووعيته طلبت حديث الثوري وشعبة، وغيرهما.." (¬1) ولم يهتم بتلك الفترة بحفظ آراء الفقهاء وفقههم، ومناظرة أتباعهم فيحدثنا عن نفسه أيام لقائه بإسماعيل بن يحيى المزني (¬2) فيقول: "ما أعلم أني أتيت المزني إلا مرة واحدة مررت به وهو قاعد فسلم عليّ فاستحييت منه فجلست إليه ساعة، فقلت له- القائل ابن أيى حاتم- سألته عن شيء أو جرى بينك وبينه شيء؟ قال: لا لم يكن لي نهمة (¬3) في الكلام والمناظرة في تلك الأيام، وإنما كان نهمتي في كتابة الحديث" (¬4) ، إلا أنه بعد هذه الفترة التي استوعبت حافظته فيها معظم الطرق والروايات للأحاديث النبوية أخذ يهتم بتدوين مسائل الصحابة، والتابعين ثم آراء ومسائل الفقهاء من أتباع التابعين. فنقل عنه أنه قال: "فلما تناهيت في حفظ الحديث نظرت في رأي مالك والثوري، والأوزاعي وكتبت كتب الشافعي (¬5) ، وروى عنه أنه قال: "رأيت فيما يرى النائم كأني في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وكأني أمسح يدي على منبر النبي صلى الله عليه وسلم موضع المقعد والذي يليه والذي يليه ثم أمسكته، فقصصته على رجل من أهل سجستان كان معنا بحران. فقال: هذا أنت تعنى بحديث النيي صلى الله عليه ¬
وسلم، والصحابة والتابعين وكنت إذ ذاك لا أحفظ كثير شيء من مسائل الأوزاعي ومالك والثوري وغيرهم، ثم عنيت به بعد" (¬1) . ثم اعتنى بفقه الشافعي فدون جميع كتبه أثناء إقامته في مصر سنة 228-229 هـ، في رحلته الثانية وسمع جميعها من الربيع (¬2) قبل موت البويطي بأربع سنين (¬3) . يقول أبو زرعة: "وكنت عزمت في بدو قدومي مصر أني أقل المقام بها فلما رأيت كثرة العلم بها، وكثرة الاستفادة، عزمت على المقام ولم أكن عزمت على سماع كتب الشافعي فلما عزمت على المقام وجهت إلى أعرف رجل بمصر بكتب الشافعي فقبلتها منه بثمانين درهما أن يكتبها كلها وأعطيته الكاغد، وكنت حملت معي ثوبين ديبقيين لأقطعهما لنفسي فلما عزمت على كتابتها أمرت ببيعهما، فبيعا بستين درهما، واشتريت مائة ورقة كاغد بعشرة دراهم كتبت فيها كتب الشافعي" (¬4) حتى إنه برع في فروع المذهب وأصوله، وكان يميز اجتهاد بعض تلاميذ الإمام وتفريعهم على المذهب ومخالفتهم له فقد روى الخليلي بسنده إلى أبي عثمان سعيد بن عمرو البرذعي أنه قال: "لما رجعت إلى مصر وأردت الخروج إلى خراسان أقمت ثانيا عند أبي زرعة الحافظ فعرضت عليه كتاب المزني، فكلما قرأت عليه مما خالف الشافعي جعل أبو زرعة يبتسم ¬
ويقول: لم يعمل صاحبك شيئا في اختياره لنفسه لا يمكنه الانفصال فيما ادعى. قلت: هل سمعت منه شيئا؟ قال: لا، وما جالسته إلا يومين" (¬1) . إضافة إلى هذه الحصيلة الفكرية الغزيرة فقد اطلع على مذهب شيخه الكبير أحمد بن حنبل، فقد ذكره القاضي أبو الحسين محمد بن أبي يعلى الفراء في جملة من نقل الفقه عن الإمام أحمد (¬2) ، وذكر أبو بكر الخلال أنه "روى عن الإمام أحمد الكثير من المسائل الغريبة، وأنه كان يحفظ حديثه كله" (¬3) . بعد هذا العرض الذي بين الإحاطة الواسعة لأبي زرعة في مذاهب الأئمة رحمهم الله من أتباع التابعين إضافة إلى اغترافه من مشكاة النبوة وعلل نهله بآثار أصحابه رضي الله عنهم نتساءل هل استقر على مذهب معين أم انفرد بطريقة خاصة ومذهب معروف في استنباط الأحكام والفتيا؟ أم بقي ضمن الحفاظ الذين يحفظون الأحاديث والآثار وآراء الفقهاء ولا قدرة لهم على الاستنباط كما يرى ذلك ابن القيم حيث قسم العلماء إلى قسمين فيقول: "قسم حفاظ معتنون بالضبط، والحفظ، والآداء كما سمعوا ولا يستنبطون ولا يستخرجون كنوز ما حفظوه، وقسم معتنون بالاستنباط، واستخراج الأحكام من النصوص والتفقه فيها. فالأول كأبي زرعة وأبي حاتم وابن وارة، وقبلهم كبندار محمد بن بشار، وعمرو الناقد، وعبد الرزاق، وقبلهم كمحمد بن جعفر وسعيد بن أبي عروبة، وغيرهم من أهل الحفظ والإتقان والضبط لما سمعوه من غير استنباط وتصرف، واستخراج الأحكام من ألفاظ النصوص" (¬4) . فأقول وبالله التوفيق: لا شك أن أبا زرعة من الحفاظ المتقنين الذين شهد لهم بالضبط والإتقان وهو أحد الحفاظ ¬
الذين عنوا بفقه الحديث حتى إن الحاكم ذكره ضمن فقهاء المحدثين، وأفرده بترجمة كباقي الأئمة كالزهري، والأوزاعي، وابن عيينة وابن المبارك، ويحيى القطان، وابن مهدي، وأحمد بن حنبل، وابن المديني، وغيرهم، وذكر قبل تراجمهم المقصود بفقه الحديث فقال: "بعد معرفة فقه الحديث، إذ هو ثمرة هذه العلوم، وبه قوام الشريعة، فأما فقهاء الإسلام أصحاب القياس، والرأي والاستنباط، والجدل، والنظر فمعروفون في كل عصر، وأهل كل بلد، ونحن ذاكرون بمشيئة الله في هذا الموضع فقه الحديث عن أهله ليستدل بذلك على أن أهل هذه الصنعة من تبحر فيها لا يجهل فقه الحديث إذ هو نوع من أنواع هذا العلم" (¬1) وبقول الحاكم هذا يرد كلام ابن القيم رحمه الله. وبناء على قول الحاكم هذا أرجح أن أبا زرعة اتبع طريقة الإمام أحمد في الفقه وأصبح من أتباعه، وقد تكون منزلته كمنزلة المجتهدين الذين يتبعون بعض الأئمة واجتهادهم داخل مذاهب أولئك الأئمة، فلا يخرجون عن قواعدهم في الاستنباط والاجتهاد، واجتهادهم يكون تفريعا على أصول أئمة المذاهب. وسأذكر طريقة الإمام أحمد بن حنبل في استنباط الأحكام الشرعية، وأذكر بعض الشواهد التي تدل على متابعة أبي زرعة له. بين الحافظ ابن رجب أن العلماء حيال المسائل المفروضة ينقسمون ثلاثة أقسام، ثم ذكر أن الطريقة المثلى في ذلك هي طريقة أحمد بن حنبل ثم قال في تقسيمه للعلماء: " ... وأما فقهاء أهل الحديث العاملون به، فإن معظم همهم البحث عن معاني كتاب الله عز وجل، وما يفسره من السنن الصحيحة، وكلام الصحابة والتابعين بإحسان، وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحيحها وسقيمها، ثم الفقه فيها وتفهيمها والوقوف على معانيها، ثم معرفة كلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان في أنواع العلوم من التفسير والحديث، ومسائل الحلال والحرام، وأصول السنة، والزهد والرقائق، وغير ذلك. وهذه هي طريقة الإمام أحمد ومن وافقه من أهل الحديث الربانيين، وفي معرفة هذا شغل شاغل عن التشاغل بما أحدث من الرأي مما لا ينتفع به ولا يقع، وإنما يورث التجادل فيه الخصومات والجدال وكثرة ¬
القيل والقال" (¬1) . فهذه طريقة الإمام أحمد، ومن تبعه من المحدثين، رأس مالهم في الاجتهاد والفتيا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد كتاب الله عز وجل، ثم يليهما في الرتبة أقوال فتاوى الصحابة ومن بعدهم من التابعين، وكان أبو زرعة يرى أن من يتصدر للفتيا في مسائل الطلاق عليه أن يحفظ قدراً كبيراً من الحديث فيقول: "عجبت ممن يفتي في مسائل الطلاق يحفظ أقل من مائة ألف حديث" (¬2) . ومما يدل على تأثره بطريقة الإمام أحمد قوله: "اختيار أحمد وإسحاق أحب إليّ من قول الشافعي، وما أعرف في أصحابنا أسود الرأس أفقه من أحمد" (¬3) ، ولقد ذكر ابن عبد البر أن أبا زرعة قال: فيمن أسلم على ميراث قبل أن يقسم إنه له" (¬4) . وتابع في هذا إمامه أحمد (¬5) ، ولقد مدحه أحد أصحابه بقوله: فتى حنبلي الرأي لايتبع الهوى ... ولكنه من خشية الله يحذر يؤدي عن الآثار لا الرأي همه ... وعن سلف الأخيار ماسيل يخبر فتى صيغ من فقه بل الفقه صوغه ... مثال عبيد الله مافيه يشكر تمنى رجال أن يكونوا كمثله ... وقد شيبتهم في الرياسة أعصر (¬6) . 2- عقيدته، وأقواله في المعتقد لقد نهج كثير من السلف الصالح على تدوين اعتقادهم ضمن مصنفاتهم ومؤلفاتهم أو يقررونها على تلاميذهم. وأبو زرعة شأنه شأن أئمة الحديث في ذلك إلا أننا لم نقف على مصنف دونه بنفسه في العقيدة إلا أن تلميذه الملازم له ¬
ابن أبي حاتم قد ضمن كتابه (أصل السنة واعتقاد الدين) (¬1) عقيدة أبيه وأبي زرعة ومنه نقل العلماء هذا المعتقد في مؤلفاتهم منهم الامام الجليل أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن منصور الطبري اللالكائي في كتابه النفيس (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم) (¬2) حيث رواه بسنده عن شيخه محمد بن المظفر المقرىء، قال حدثنا الحسين بن محمد بن حبش المقرىء قال حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم ... وكذلك الحافظ الذهبي في كتابه (العلو للعلي الغفار) (¬3) ذكر بعض اعتقاده رواه بسنده عن شيخه أحمد بن أبي الخير عن يحيى بن يونس، أنبأنا أبو طالب اليوسفي أنبأنا أبو إسحاق البرمكي أنبأنا علي بن عبد العزيز قال حدثنا عبد الرحمن ابن أبي حاتم ... وذكره أيضا الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية باختصار (¬4) . وسأذكر نص الاعتقاد ثم أعقبه ببعض أقواله المتفرقة أيضا وبالله التوفيق. نص الاعتقاد من كتابي ابن أبي حاتم وأبي القاسم اللالكائي. قال ابن أبي حاتم: "سألت أبي وأبا زرعة رضي الله عنهما عن مذاهب (أهل السنة) (¬5) في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك؟ فقالا: أدركنا العلما (ء) في جميع الأمصار حجازا (¬6) وعراقاً (¬7) ¬
ومصراً (¬1) وشاما ويمناً فكان من مذهبهم إن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته، والقدر خيره وشره من الله وخير هذه الأمة بعد نبيها (عليه السلام) (¬2) أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان (¬3) بن عفان ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم (¬4) وهم الخلفا (ء) الراشدون المهديون وإن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد لهم (¬5) بالجنة على ماشهد به رسول (الله صلى الله عليه وسلم) (¬6) وقوله الحق، والترحم على جميع أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) (¬7) ، والكف عما شجر بينهم وإن الله عز وجل علىعرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله (صلى الله عليه وسلم) (¬8) بلا كيف، أحاط بكل شيء علما ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، والله (¬9) تبارك وتعالى يُرى في الآخرة، يراه (¬10) أهل الجنة بأبصارهم ويسمعون كلامه كيف شا (ء) وكما شا (ء) والجنة والنار حق وهما مخلوقتان لايغيبان أبدا (¬11) والجنة ثواب لأوليائه والنار عقاب لأهل معصيته إلا من رحم (¬12) ، والصراط حق والميزان له كفتان توزن فيه أعمال العباد حسنها وسيئتها حق والحوض المكرم به نبينا (صلى الله عليه وسلم) (¬13) حق والشفاعة حق (وإن ناسا من أهل التوحيد يخرجون من النار بالشفاعة حق ¬
وعذاب القبر حق ومنكر ونكير والكرام الكاتبين حق) (¬1) والبعث من بعد الموت حق وأهل الكبائر في مشيئة الله عز وجل لانكفر أهل القبلة بذنوبهم ونكل سرائرهم (¬2) إلى الله عز وجل ونقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين في كل دهر وزمان ولا نرى الخروج على الأئمة ولا القتال في الفتنة ونسمع ونطيع لمن (ولاه الله عز وجل أمرنا) (¬3) ولا ننزع يداً (¬4) من طاعة ونتبع السنة والجماعة ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة وإن الجهاد (¬5) ماض مذ بعث الله (¬6) نبيه صلى الله عليه وسلم (¬7) إلى قيام الساعة مع أولي الأمر من أئمة المسلمين لا يبطله شيء والحج كذلك. ودفع الصدقات من السوائم إلى أولي الأمر من أئمة المسلمين. والناس موقنون في أحكامهم (ومواريثهم ولا ندري) (¬8) ما هم عند الله (¬9) فمن قال إنه مؤمن حقا فهو مبتدع ومن قال إنه (¬10) مؤمن عند الله فهو من الكاذبين، ومن قال إني مؤمن بالله (¬11) فهو مصيب، والمرجئة مبتدعة ضلال والقدرية مبتدعة ضلال ومن (¬12) أنكر منهم أن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون فهو كافر (¬13) وإن الجهمية كفار، والرافضة رفضوا الاسلام والخوارج مرّاق ومن زعم أن القرآن مخلوق فهوكافركفراً ينقل عن الملة (¬14) ومن شك في كفره ¬
ممن يفهم فهو كافر، ومن شك في كلام الله فوقف فيه شاكا يقول لا أدري مخلوق أم غير مخلوق فهو جهمي، ومن وقف في القرآن جاهلا علم وبدّع (ولم) (¬1) يكفر. ومن قال: (لفظي بالقرآن مخلوق أو القرآن بلفظي مخلوق فهو جهمي) (¬2) ، وفيه أيضا قال أبو محمد: (سمعت أبي وأبا) (¬3) زرعة (يأمران) (¬4) بهجران أهل الزيغ والبدع ويغلظان بذلك أشد التغليظ (¬5) وينكران وضع الكتب بالرأي غير آثار (¬6) وينهيان عن مجالسة أهل الكلام (¬7) وعن النظر في كتب المتكلمين ويقولان: "لا يفلح صاحب كلام أبداً". ثم قال أبو محمد: "وبه أقول أنا". واكتفى الذهبي في كتاب (العلو للعلي الغفار) بعد أن ذكر سؤال ابن أبي حاتم لأبيه وأبي زرعة وجوابهما له. بقولهما "أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويمنا فكان من مذهبهم أن الله تبارك وتعالى على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه بلا كيف أحاط بكل شيء علما ثم قال (ح) وأخبرنا التاج عبد الخالق أنبأنا ابن قدامة أنبأنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين ابن زكرياء أنبأنا هبة الله بن الحسن وذكر باقي سند اللالكائي ثم قال (ح) وأنبأنا التاج أنبأنا ابن قدامة قال: وقرأت بالموصل على أبي الفضل الطوسي أخبركم أبو الحسن العلاف أنبأنا أبو القاسم بن بشران أنبأنا علي ابن حردك أنبأنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار فكان من مذاهبهم أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته والقدر خيره وشره من الله تعالى، وأن الله تعالى على عرشه بائن ¬
من خلقه كما وصف نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله بلا كيف أحاط بكل شيء علما ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" (¬1) . وذكر أبو القاسم هبة الله في (باب سياق ذكر من رسم بالإمامة في السنة والدعوة والهداية إلى طريق الاستقامة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام الأئمة) ثم قال: "فمن الصحابة ... " وذكرهم ثم قال: "ومن التابعين وذكرهم حتى ذكر طبقة أبي زرعة فقال: "ومن أهل الري إبراهيم بن موسى (الهعا) والصواب الفراء وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي وأبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي ... الخ" (¬2) ، واستدل أبو القاسم اللالكائي بقول أبي زرعة مع علماء الري حيث قالوا: "القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال مخلوق فهوكافر" (¬3) . وذكر الذهبي الأئمة الذين قالوا بتكفير من قال بخلق القرآن من عصر مالك والثوري، وذكر أئمة آخرين منهم أبو زرعة الرازي (¬4) . وقال أبو زرعة "القرآن كلام الله في مخلوق والذي يقف فيه على الشك هو والذي يقول: مخلوق: شيء واحد. أحمد بن حنبل يقول: تفرقت الجهمية على ثلاث أصناف: صنف قالت: القرآن مخلوق، وصنف وقفت، وصنف قالت: لفظنا بالقرآن مخلوق" (¬5) . وقال ابن أبى حاتم في كتاب (الرد على الجهمية) (¬6) حدثنا أبي وأبو زرعة قالا كان يُحكى لنا أن هنا رجلا من قصة هذا فحدثني أبو زرعة قال: "كان بالبصرة رجل وأنا مقيم في سنة (230) فحدثني عثمان بن عمرو بن الضحاك عنه أنه قال: إن لم يكن القرآن مخلوقا فمحا الله ما في صدري من القرآن وكان ¬
من قراء القرآن فنسي حتى كان يقال له: قل (بسم الله الرحمن الرحيم) فيقول: معروف معروف ولا يتكلم به. قال أبو زرعة: "فجهدوا بي أن أراه فلم أره" (¬1) . قال أبو زرعة الرازي: حدثنا هدبة بن خالد، سمعت سلام بن أبي مطيع يقول: "ويلكم ما تنكرون هذا الأمر والله ما في الحديث شيء إلا وفي القرآن ما هو أثبت منه، قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (¬2) {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} (¬3) {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} (¬4) {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (¬5) {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (¬6) {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ} (¬7) {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} (¬8) {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ} (¬9) . "قال: فما زال في ذا من العصر إلى المغرب" (¬10) وقال أبو زرعة الرازي: حدثنا سويد بن سعيد، عن معاوية بن عمار قال سئل جعفر بن محمد عن القرآن فقال: "ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله عز وجل" (¬11) . قال أبو إسماعيل الأنصاري مصنف (ذم الكلام وأهله) أنبأ أبو يعقوب القراب، أنبأنا جدي، سمعت أبا الفضل إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم الأصبهاني، سمعت أبا زرعة الرازي- وسئل عن تفسير {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ ¬
اسْتَوَى} (¬1) فغضب وقال: "تفسيره كما تقرأ هو على عرشه وعلمه في كل مكان، من قال غير هذا فعليه لعنة الله" (¬2) . قول أبي زرعة فيمن ينتقص من الصحابة: روى الخطيب بسنده إلى أبي زرعة أنه قال: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة" (¬3) . رأي أبي زرعة في أحاديث الصفات: قال أبو زرعة: "الأخبار التي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرؤية وخلق آدم على صورته والأحاديث التي في النزول ونحو هذه الأخبار: المعتقد من هذه الأخبار: مراد النبي صلى الله عليه وسلم والتسليم بها حدثني أبو موسى الأنصاري قال: قال سفيان بن عيينة ماوصف الله تبارك وتعالى به نفسه في كتابه: فقراءته تفسيره ليس لأحد أن يفسره إلا الله" (¬4) . وقال أبو زرعة في الإيمان: "الإيمان عندنا قول وعمل يزيد وينقص ومن قال غير ذلك فهو مبتدع مرجىء" (¬5) . اعتقاده في التفضيل بين الصحابة: قيل لأبي زرعة "من الذي شهد على علي بن أبي طالب بتفضيل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؟ قال أبو زرعة: روى ذلك من أصحاب النبي صلى الله ¬
عليه وسلم أبو موسى وأبو هريرة، وعمرو بن حريث، وأبو جحيفة، ومن التابعين محمد بن الحنفية، وعبد خير، وعلقمة، وأبو هلال العلي" (¬1) وإضافة إلى استنباطه من السنة النبوية والآثار نراه يتثبت ويتحرى أقوال أئمة المسلمين في ذلك. فقد روى ابن عبد البر بسنده إلى أبي علي الحسن بن أحمد بن الليث الرازي أنه قال: "سألت أحمد بن حنبل فقلت يا أبا عبد الله من تفضل؟ قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وهم الخلفاء. فقال يا أبا عبد الله إنما أسألك عن التفضيل من تفضل؟ قال أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وهم الخلفاء المهديون الراشدون، ورد الباب في وجهي. قال أبو علي: ثم قدمت الري فقلت لأبي زرعة: سألت أحمد وذكرت له القصة فقال: لا نبالي من خالفنا نقول أبو بكر وعمر وعثمان وعلي في الخلافة والتفضيل جميعا هذا ديني أدين الله به، وأرجو أن يقبضني الله عليه" (¬2) . وروى الحافظ ابن عساكر عن الإمام أبي زرعة "أن رجلا قال له: إني أبغض معاوية، فقال له أبو زرعة: ولم؟ قال: لأنه قاتل علياً، فقال له أبو زرعة: ويحك، إن رب معاوية رحيم، وخصم معاوية خصم كريم، فأيش (¬3) دخولك أنت بينهما رضي الله عنهما" (¬4) . ومن اعتقاده أيضا: قوله: "الجمعة والجهاد عندنا مع البر والفاجر ممن يتولى ذلك من الولاة" (¬5) . قوله في بعض الفرق: روى القاضي، أبو الحسين بن أبي يعلى بسنده إلى أحمد بن صالح أنه ¬
قال: "سمعت أبازرعة الرازي يقول: إذا رأيت الكوفي يطعن على سفيان الثوري وزائدة فلا تشك أنه رافضي. وإذا رأيت الشامي يطعن على مكحول والأوزاعي فلا تشك أنه ناصبي. وإذا رأيت الخراساني يطعن على عبد الله بن المبارك: فلا تشك أنه مرجىء، واعلم أن هذه الطوائف كلها مجمعة على بغض أحمد بن حنبل لأن ما منهم أحد إلا وفي قلبه منه سهم لابرء له" (¬1) . 3- زهده إن ثمرة طلب العلم مرضاة الله سبحانه وتعالى وخشيته، والإنابة إليه. قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (¬2) ، وخير العلوم علم معرفة طريق الآخرة، وهذه المعرفة ملازمة للكتاب والسنة فلا يستطيع السالك النفوذ منها إلا بعد تسلحه بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته. قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬3) وقال الجنيد بن محمد البغدادي رحمه الله: "الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى آثار الرسول صلى الله عليه وسلم" (¬4) ، وقال: "من لم يحفظ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر لأن علمنا مقيد بالكتاب والسنة" (¬5) ، لذا نرى الكثير من الأئمة الحفاظ آثروا الآخرة، وزهدوا في الدنيا لأنهم عاشوا بأرواحهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصف لنا زهده أبو زرعة فقال: "ترك النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا وهو واجد لها، وقد ذمها. وقد عرضت عليه مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فأبى ذلك صلى الله عليه وسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لوشئت لسارت معي جبال الدنيا ¬
ذهباً وفضة" (¬1) ، وإمامنا أبو زرعة الرازي أحد الأئمة الذين وصفوا بالزهد والعبادة، يقول الحافظ ابن كثير عنه: "كان فقيهاً، ورعاً، زاهداً، عابدا متواضعا خاشعا أثنى عليه أهل زمانه بالحفظ، والديانة، وشهدوا له بالتقدم على أقرانه" (¬2) وعده أبو حاتم الرازي من الزهاد الأربعة الذين أعجب بهم فيقول: أزهد من رأيت أربعة: آدم بن أبي إياس (¬3) ، وثابت بن محمد الزاهد (¬4) ، وأبو زرعة، وأحمد بن حنبل (¬5) . وسئل عنه محمد بن إسحاق الصاغاني، وذكر جماعة من الحفاظ فقال: "أبو زرعة أعلاهم، لأنه جمع الحفظ مع التقوى والورع، وهو يشبه بأبي عبد الله أحمد بن حنبل" (¬6) . ولقد صنف أبو زرعة كتابا في الزهد (¬7) . وذكره بعض مصنفي كتب الزهاد، فأفرد له ابن الجوزي ترجمة في كتابه (صفة الصفوة) . ولعل الفضل الأكبر في تميزه عن أقرانه بهذه الدرجة من الزهد، صحبته لكبار الزهاد في زمانه كبشر بن الحارث الحافي (¬8) ، وأحمد بن حنبل، وروايته كذلك عن أحمد بن عبد الله الزاهد (¬9) ، والربيع بن ثعلب العابد (¬10) ، وسريج بن ¬
يونس (¬1) وسلمة بن عقار البغدادي (¬2) - الذي روى عن معروف الكرخي، وفضيل بن عياض، وغيرهما (¬3) -، وغير هؤلاء، ولقد كان يحرص على تتبع أخبارهم وأحوالهم، وحفظ أقوالهم (¬4) ، ولقد كان منهجه في الزهد معتدلا، ممدوحا نلمسه من قوله الذي سمعه ابن أبي حاتم. يقول أبو زرعة: "لو كان لي صحة بدن على ما أريد كنت أتصدق بمالي كله، وأخرج إلى طرسوس أو إلى ثغر من الثغور، وآكل من المباحات وألزمها"، ثم قال: "إني لألبس الثياب لكي إذا نظر إلي الناس لا يقولون قد ترك أبو زرعة الدنيا، ولبس الثياب الدون، وإني لآكل ما يقدم إليّ من الطيبات، والحلواء لكي لا يقول الناس إن أبا زرعة لا يأكل الطيبات لزهده، وإني لآكل الشيء الطيب، وما مجراه عندي، ومجرى غيره من الأدم إلا واحد، وألبس الثياب الجياد، ودونه من الثياب عندي واحد، لأن جميعاً يعملان عملاً واحداً، ومن أحب أن يسلم من لبسه الثياب يلبسه لستر عورته فإنه إذا نوى هذا، ولم ينو غيره سلم" (¬5) . وسمعه يقول أيضاً: "كنت فيما مضى وأنا صحيح، وربما أخذتني الحمى فأضعف، وأجد لذلك ألماً، وأنا اليوم ربما حممت، وربما لم أحم فلا أجد لشيء مما أنا فيه ألماً أظن في نفسي أنه كذا ينبغي أن يكون" (¬6) . ومنهجه هذا يدل على تأثره بسفيان الثوري، وأحمد. قال سفيان: "الزهد في الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ، ولا لبس العباء" (¬7) . "وسئل أحمد بن حنبل عن الرجل يكون معه ألف دينار، هل يكون زاهداً؟ فقال: نعم، على شريطة أن لا يفرح إذا زادت، ولا يحزن إذا نقصت" (¬8) . ولقد كان رحمه الله يستمع لنصيحة الزهاد الصالحين، ويلتزم بها ¬
وخاصة تحذيرهم إياه من التقرب إلى الولاة والأمراء. فقد ذكر ابن عساكر عن أبي زرعة أنه قال: "كنا نبكر بالأسحار إلى مجلس الحديث نسمع من الشيوخ فبينما أنا يوما من الأيام قد بكرت، وكنت حدثا إذ لقيني في بعض طرق الريّ من سماه أبي، ونسيته أنا، شيخ مخضوب بالحناء فيما وقع لي فسلم علي فرددت عليه السلام، فقال لي: يا أبا زرعة سيكون لك شأن وذكر، فاحذر أن تأتي أبواب الأمراء ثم مضى الشيخ، ومضى هذا لهذا الحديث دهر وسنين كثيرة، وصرت شيخا كبيراً، ونسيت ما أوصاني به الشيخ، وكنت أزور الأمراء، وأغشى أبوابهم، فبينما أنا يوماً، وقد بكرت أطلب دار الأمير من حاجة عرضت لي إليه، فإذا أنا بذلك الشيخ الخضيب بعينه في ذلك الموضع فسلم عليّ كهيئة المغضب، وقال لي: ألم أنهك عن أبواب (¬1) الأمراء أن تغشاهم، ثم ولى عني، فالتفت فلم أره وكأن الأرض انشقت فابتلعته فخيل إلي أنه الخضر (¬2) من وقتي فلم أزر أميراً، ولا غشيت بابه، ولا سألته حاجة حتى تكون له الحاجة فيركب إلي فربما أذنت له، وربما لم آذن له على قدر ما يتفق" (¬3) ، حتى إن بعضهم كره زيارة والي الري له. فقد ذكر الرافعي أن أحد طلاب العلم قال: قال لي أبو زرعة يعني الرازي: "تبلغ سلامي الشيخ الصالح إدريس الصايغ وهو من أهل أبهر يقال إنه كان سيد الأولياء في عصره قال: فلما دخلت على إدريس قال لي كلاما حاصل معناه بالعربية لا تبلغ إلي رسالة أبي زرعة. قلت: لم وأبو زرعة إمام الدنيا؟ فقال: أليس دخل عليه والي الري فصافحه. قال سعيد: وكنت أقيم بأبهر شهرين وثلاثة ثم أعود إلى أبي زرعة، فلما عدت إلى أبي زرعة قال: بلغت إدريس سلامي؟ قلت: أستعفى من ذلك. قال: ومن أين كان بلغه. فقلت: من عبد الله: فبكى أبو زرعة وقال: قل له إذا عدت إليه قد تبت على يدك فاسمع سلامي ورد علي الجواب. قال: فلما دخلت عليه قال لي: أيش خبر أبي زرعة؟ قلت: بخير ¬
يبلغك السلام. قال عليه السلام ورحمة الله فأنهيته إلى أبي زرعة فقال: هو أحب إليّ من عبادة كذا وكذا" (¬1) ، ولقد كان خاشعا في صلاته مقبلا بقلبه إلى ربه. قال أحمد بن سعيد الدارمي: "صلى أبو زرعة الرازي في مسجده عشرين سنة بعد قدومه من السفر، فلما كان يوم من الأيام قدم عليه قوم من أصحاب الحديث فنظروا، فإذا في محرابه كتابة قالوا له: كيف تقول في الكتابة في المحاريب؟ فقال: قد كرهه قوم ممن مضى. قالوا له هو ذا في محرابك كتابة أو ما علمت به؟ قال: سبحان الله رجل يدخل على الله تعالى ويدري ما بين يديه" (¬2) . معرفته بسمت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهديه: لقد كان أبو زرعة الرازي يتقن سمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه، ويحافظ عليهما، حتى يخيل لمن رآه أنه أحد أصحاب النبي الكريم وذلك لشدة حرصه على اتباع سنن الرسول صلى الله عليه وسلم في المأكل والملبس وفي شؤونه الأخرى وكأنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. قال الحافظ أبو الحسن علي بن الحسين الدرستيني القاضي: "كان يقال عبد الله بن مسعود يشبه النبي صلى الله عليه وسلم سمتا وهدياً" (¬3) ، وقال عبد الله: "من أراد أن ينظر إلى سمتي وهدي فلينظر إلى علقمة" (¬4) ، وقال علقمة مثل ذلك في إبراهيم النخعي (¬5) ، ¬
وقال إبراهيم مثل ذلك في منصور ابن المعتمر (¬1) ، وقال منصور مثل ذلك في سفيان الثوري، وقال سفيان مثل ذلك في وكيع بن الجراح (¬2) ، وقال وكيع مثل ذلك في أحمد بن حنبل، وقال أحمد مثل ذلك في أبي زرعة الرازي، وقال أبو زرعة مثل ذلك في عبد الرحمن بن أبي حاتم" (¬3) . 4- وفاته وبعد هذه الحياة المليئة بالأسفار، وطلب الحديث ونشره وروايته وحض طلاب العلم على التمسك بسنة الرسول الكريم أدركه الأجل على إثر مرض ظل ينتابه مدة ولقد وصفه أبو حاتم بقوله: "مات أبو زرعة مطعونا مبطونا يعرق جبينه في النزع" (¬4) ، وكان لسانه يردد ذكر الله، ذكر المطمئن المشتاق إلى لقاء ربه ¬
ويقول: "اللهم أني أشتاق إلى رؤيتك فإن قال لي: بأي عمل اشتقت إليّ قلت: برحمتك يا رب" (¬1) . ولقد ضرب أبو زرعة مثلا عظيما في المحبة للسنة النبوية، والحرص على تبليغها أمام أقرانه وتلاميذه من المحدثين حينما توقفوا في روايتهم لحديث التلقين، ولنستمع للخبر كما يرويه أبو جعفر التستري فيقول: "حضرنا أبا زرعة - يعني الرازي- بماشهران، وكان في السوق، وعنده أبو حاتم، ومحمد بن مسلم، والمنذر بن شاذان، وجماعة من العلماء فذكروا حديث التلقين وقوله صلى الله عليه وسلم "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله" قال: فاستحيوا من أبي زرعة، وهابوه أن يلقنوه فقالوا: تعالوا نذكر الحديث. فقال محمد بن مسلم: حدثنا الضحاك بن مخلد عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح وجعل يقول ولم يجاوز، وقال أبو حاتم: حدثنا بندار حدثنا أبو عاصم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح، ولم يجاوز، والباقون سكتوا. فقال أبو زرعة- وهو في السوق- حدثنا بندار حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي غريب، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" (¬2) . وتوفي رحمه الله، ¬
وزاد أبو حاتم "فصار البيت ضجة ببكاء من حضر" (¬1) . وذلك يوم الإثنين، ودفن يوم الثلاثاء سلخ ذي الحجة سنة أربع وستين ومائتين" (¬2) . ومما قيل فيه من الشعر: أضاءت بلاد الري نورا وأشرقت--بذكر عبيد الله فالله أكبر فشكرا لمن أبناه فينا وحمده--على أنه فينا التقي المخير لقد نور الريّ العريضة علمه--بدين رسول الله فالدين أنور إذا غاب غاب العلم والحلم والتقى--وعند حضور القرن يبهى ويزهر تمنى جماعات الرجال وترتجى--أراملها والكف بالجود تمطر فلو كان بالري العريضة كائن--كمثل عبيد الله يا قوم يشكر أنسنا بما آنستنا من فوائد--وكنت ضيا ظلماتنا فهي مقمر حبانا بك الله العزيز بقدرة--وبصرنا ما لم نكن قبل نبصر فتى حنبلي الرأي لا يتبع الهوى--ولكنه من خشية الله يحذر يؤدي عن الآثار لا الرأي همه--وعن سلف الأخيار ما سيل يخبر وليس كمن يأتي لنعمان دينه--وحجته حمادُ يوما ومسعر فتى صيغ من فقه بل الفقه صوغه--مثال عبيد الله ما فيه منكر تمنى رجال أن يكونوا كمثله--وقد شيبتهم في الرياسة أعصر ¬
وهيهات أن يستدركوا فضل علمه ... ولو مكثوا تسعين حولا وعمرو لكي يدركوه أو تنال أكفهم ... مدى النجم من حيث استقل المغور أبا زرعة القمقام أصبحت بارزاً ... على كل مرجىء بدينك تفخر أبو زرعة شيخ النهى بكمالها ... لك السبق إذ أنت الأغر المشهر فمتعك الرحمن بالحلم والتقى ... وأبقاك ما دام الدجاج يقرقر فمن مبلغ عني أميري طاهرا ... بأن عبيد الله شاه مظفر أقام منار الدين فينا بعلمه ... وليس كمن في دينه ينتصر أتيتك لا أدلي إليك بقربة ... سوى قربة الدين الذي هو أكثر فسبقك محمود وشكرك واجب ... وعلمك مبسوط وبحرك يزخر وأبقاك ربي ماحييت بغبطة ... فأنت نقي العرض ليث غضنفر (¬1) ومن رثاه من أهل الأدب أيضاً الحواري فيقول: نفى النوم عن عيني ومازلت ساهراً ... أراعي نجوما في السماء طوالعاً بفقدان حبر مات بالري فاضلاً ... عليما حليما خيرا متواضعاً عنيت عبيد الخالق الجهبذ الذي ... أقام لنا آثار أحمد بارعاً أقام لنا دين النبي محمد ... وأوضح للإسلام حقا وتابعا وأنفى لنا التكذيب والبطل حسبة ... ورد على الضلال من كان ضائعا بآثار ختام النبيين أحمد ... وكان إماماً قدوة كان خاضعاً فكاد له قلبي يطير مفجعاً ... غداة نعوه أو تصدع جازعاً وما زلت ذا شجو وهم وعبرة ... كثكلى كئيبا دامع العين فاجعاً لقد مات محموداً سعيداً ولم نجد ... له خلفاً في المشرقين مطالعاً كمثل عبيد الله ذي الحلم فاضل ... أبي زرعة الغواص في العلم شاسعاً دفيناً كريماً تحت رمس وبرزخ ... وأورثنا غماً إلى الحشر فاظعاً ¬
فبورك قبر أنت فيه مغيب ... ... ولا زلت في الجنات جذلان راتعاً أبا زرعة فجعت من كان عالما ... ... بموتك ياذا العلم بحراً جامعاً تركت أولي علم حيارى أذلة ... ... لموتك حتى الحشر فينا جوازعاً أبا زرعة يا خير من مات فاقداً ... ... فبعدك قد صرنا نقاس القوارعا فقل لذوي زور وإفك وباطل ... ... ومن كان أمسى شامتا أو مخادعاً (¬1) إلى أن قال: فصلى عليك الواحد الفرد ما دعت ... حمامة أيك أو يرى النجم ساطعا فاجعاً وصلى عليك الصالحون ملائك ... وكل نبي كان في الدهر شافعا وصلى عليك الراسخون فواضل ... إلى الحشر مثل الرمل إذ كنت خاشعاً (¬2) ¬
الفصل التاسع: منهجه في بيان علل الحديث
الفَصْل التَاسِع: مَنهَجُه في بَيَان عِلَل الحَديثِ قبل أن أبين منهج أبي زرعة في تعليله للأحاديث لا بدّ من ذكر حد الحديث المعلل وبعض أقوال الأئمة في أهمية معرفته، ثم أعقبها ببعض الحوادث والأخبار التي رواها الأئمة عن أبي زرعة والتي تدل على سعة اطلاعه ومعرفته في علل الحديث. فالحديث المعلل، ويسميه أهل الحديث (المعلول) وذلك منهم ومن الفقهاء في قولهم في باب القياس: (العلة والمعلول) مرذول عند أهل العربية واللغة فهو: الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها، ويتطرّق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر (¬1) . قال الحاكم: "معرفة علل الحديث وهو علم برأسه غير الصحيح والسقيم والجرح والتعديل" (¬2) . وقال أيضا في نهاية حديثه عن معرفة علل الحديث: "إن معرفة علل الحديث من أجل هذه العلوم" (¬3) وقال الحاكم أيضأ: "وإنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل فإن حديث المجروح ساقط واه وعلة ¬
الحديث يكثر في أحاديث الثقات أن يحدّثوا بحديث له علة فيخفى عليهم علمه فيصير الحديث معلولا والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير" (¬1) . وقال عبد الرحمن بن مهدي: "لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب إليّ من أن أكتب عشرين حديثا ليس عندي" (¬2) . وقال أيضاً: "معرفة الحديث إلهام، فلو قلت للعالم يعلل الحديث من أين قلت هذا لم يكن له حجة" (¬3) ، وقيل له "إنك تقول للشيء هذا صحيح وهذا لم يثبت فعمن تقول ذلك؟ فقال: أرأيت لو أتيت الناقد فأريته دراهمك فقال هذا جيد وهذا بهرج (أي الرديء من الفضة) أكنت تسأل عمن ذلك أو تسلم له الأمر قال: فهذا كذلك بطول المجالسة والمناظرة والخبرة" (¬4) . وقال ابن رجب خلال كلامه عن حديث معلول: "وإنما يحمل مثل هذه الأحاديث على تقدير صحتها على معرفة أئمة أهل الحديث الجهابذة النقاد الذين كثرت دراستهم لكلام النبي صلى الله عليه وسلم ولكلام غيره لحال رواة الأحاديث ونقلة الأخبار ومعرفتهم بصدقهم وكذبهم وضبطهم وحفظهم. فإن هؤلاء لهم نقد خاص في الحديث مختصون بمعرفته كما يختص البصير الحاذق بمعرفة النقود جيّدها ورديئها وخالصها ومشوبها، والجوهري الحاذق في معرفة الجوهر بإنقاد الجواهر وكل من هؤلاء لا يمكن أن يعبر عن سبب معرفته ولا يقيم عليه دليلا لغيره، وآية ذلك أنه يعرض الحديث الواحد على جماعة ممن يعلم هذا العلم فيتفقون على الجواب فيه من غيرمواطأة وقد امتحن منهم غير هذا مرة ¬
في زمن أبي زرعة وأبي حاتم فوجد الأمر على ذلك، فقال السائل أشهد أن هذا العلم إلهام" (¬1) . وهذه الحادثة التي أشار إليها ابن رجب رواها الحاكم بسنده إلى محمد بن صالح الكيليني أنه قال: "سمعت أبا زرعة وقال له رجل: ما الحجة في تعليلكم الحديث؟ قال: الحجة أن تسألني عن حديث له علة فأذكر علته، ثم تقصد ابن وارة يعني محمد بن مسلم بن وارة، وتسأله عنه ولا تخبره بأنك قد سألتنى عنه فيذكر علته، ثم تقصد أبا حاتم فيعلله، ثم تميز كلام كل منا على ذلك الحديث، فإن وجدت بيننا خلافا في علته فاعلم أن كلا منا تكلم على مراده، وإن وجدت الكلمة متفقة فاعلم حقيقة هذا العلم، قال ففعل الرجل فاتفقت كلمتهم عليه فقال: أشهد أن هذا العلم إلهام" (¬2) . وكثيرا ماكان أبوحاتم وأبو زرعة يتذاكران في علل الحديث. قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: "جرى بيني وبين أبي زرعة يوما تمييز الحديث ومعرفته فجعل يذكر أحاديث ويذكر عللها، وكذلك كنت أذكر أحاديث خطأ وعللها وخطأ الشيوخ فقال لي: يا أبا حاتم قل من يفهم هذا، ما أعز هذا. إذا رفعت هذا من واحد واثنين فما أقل من تجد من يحسن هذا، وربما أشك في شيء أو يتخالجني شيء في حديث فإلى أن ألتقي معك لا أجد من يشفيني منه. قال أبي: وكذلك كان أمري" (¬3) . ويشهد أبوحاتم بمعرفة أبي زرعة في علل الحديث فيقول في مجلسه وقد جرى عنده معرفة الحديث: "ذهب الذي كان يحسن هذا يعني أبا زرعة وما بقي بمصر ولا بالعراق أحد يحسن هذا. قال- القائل ابن أبي حاتم-: ¬
محمد بن مسلم؟ قال: يفهم طرفاً منه" (¬1) ولقد ذكر ابن رجب خلال شرحه لحديث "استفت قلبك" الأئمة المشهورين بمعرفة علل الحديث فقال: "فالجهابذة النقاد والعارفون بعلل الحديث أفراد قليل من أهل الحديث جدا. وأول من اشتهر في الكلام في نقد الحديث ابن سيرين، ثم خلفه أيوب السختياني، وأخذ عنه شعبة وأخذ عن شعبة يحيى القطان وابن مهدي، وأخذ عنهما أحمد وعلي بن المديني وابن معين، وأخذ عنهم مثل البخاري وأبي داوود وأبي زرعة وأبي حاتم. وكان أبو زرعة في زمانه يقول: قل من يفهم هذا وما أعزه إذا رفعت هذا (¬2) عن واحد واثنين فما أقل من تجد من يحسن هذا. ولما مات أبو زرعة قال أبوحاتم: ذهب الذي كان يحسن هذا المعنى. يعني أبا زرعة ما بقي بمصر ولا بالعراق واحد يحسن هذا. وقيل له بعد موت أبي زرعة تعرف اليوم واحدا يعرف هذا؟ قال: لا وجاء بعد هؤلاء جماعة منهم النسائي والعقيلي وابن عدي والدارقطني وقل من جاء بعدهم من هو بارع في معرفة ذلك حتى قال أبو الفرج ابن الجوزي في أول كتابه الموضوعات: قل من يفهم هذا بل عدم والله أعلم" (¬3) ، ولقد روى المحدثون عن أبي زرعة أخبارا كثيرة في تعليله للأحاديث فتارة يحتكم إليه بعض أقرانه فيبين علة الحديث، وتارة يكتب إليه بعض المحدثين من غير بلده، وتارة يعل أحاديث بعض شيوخه حتى إن ابن أبي حاتم أفرد في باب خاص أخبار أبي زرعة في علل الحديث من تقدمة الجرح والتعديل بعنوان (باب ما ذكر من معرفة أبي زرعة بعلل الحديث وبصحيحه من سقيمه) وها أنا ذا أذكر بعض هذه الأخبار. قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا وكيع عن مسعر عن عاصم بن عبيد الله قال: "رأيت ابن عمر يهرول إلى المسجد، فقال أبو زرعة: فقلت له: مسعر لم يرو عن عاصم ¬
بن عبيد الله شيئا إنما هذا سفيان عن عاصم، فلح فيه قال فدخل بيته فطلبه فرجع فقال: غيروه هو عن سفيان" (¬1) . وقال ابن أبي حاتم: "رأيت في كتاب كتبه عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني المعروف برسته من أصبهان إلى أبي زرعة بخطه: وإني كنت رويت عندكم عن ابن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم". فقلت: هذا غلط الناس يروون عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم فوقع ذلك من قولك في نفسي فلم أكن أنساه حتى قدمت ونظرت في الأصل فإذا هو عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن خف عليك فاعلم أبا حاتم عافاه الله، ومن سألك من أصحابنا فإنك في ذلك إن شاء الله والعار خير من النار" (¬2) . وقال ابن أبي حاتم: "حضر عند أبي زرعة محمد بن مسلم والفضل ابن العباس المعروف بالصائغ فجرى بينهم مذاكرة فذكر محمد بن مسلم حديثا فأنكر فضل الصائغ فقال: يا أبا عبد الله ليس هكذا هو فقال كيف هو؟ فذكر رواية أخرى فقال محمد بن مسلم بل الصحيح ما قلت والخطأ ما قلت قال فضل: فأبو زرعة الحاكم بيننا فقال محمد بن مسلم لأبي زرعة أيش تقول أينا المخطىء؟ فسكت أبو زرعة ولم يجب. فقال محمد ابن مسلم: مالك سكت تكلم، فجعل أبو زرعة يتغافل فألح عليه محمد ابن مسلم وقال: لا أعرف لسكوتك معنى إن كنت أنا المخطىء فأخبر وإن كان هو المخطىء فأخبر، فقال هاتوا أبا القاسم ابن أخي فدعى به فقال اذهب وادخل بيت الكتب فدع القمطر الأول والقمطر الثاني والقمطر الثالث وعدّ ستة عشر جزءا وائتني بالجزء السابع ¬
عشر، فذهب فجاء بالدفتر فدفعه إليه فأخذ أبو زرعة فتصفح الأوراق وأخرج الحديث ودفعه إلى محمد بن مسلم فقرأه محمد بن مسلم فقال نعم غلطنا فكان ماذا؟ " (¬1) . وقال ابن أبي حاتم أيضاً: "قيل لأبي زرعة بلغنا عنك أنك قلت لم أر أحداً أحفظ من ابن أبي شيبة؟ فقال نعم في الحفظ ولكن في الحديث- كأنه لم يحمده فقال: روى مرة حديث حذيفة في الإزار فقال حدثنا أبو الأحوص عن أبي اسحاق عن أبي معلى عن حذيفة فقلت له إنما: هو أبو إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة، وذاك الذي ذكرت عن أبي إسحاق عن أبي المعلى عن حذيفة قال كنت ذرب اللسان فبقي فقلت للوارق أحضروا المسند، فأتوا بمسند حذيفة فأصابه كما قلت" (¬2) . وكان أبو زرعة وأقرانه يبينون علل أحاديث الشيوخ ويكون حكمهم واحداً متفقين عليه. قال ابن أبي حاتم: "سمعت أبا زرعة يقول أتينا أبا عمر الحوضي وقد دخل قوم عليه وهو يحدثهم وأنا وأبو حاتم وجماعة منا خارج نتسمع فوقع في مسامعنا وهو يقول: حدثنا جرير بن حازم عن مجالد عن الشعبي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم: إني مكاثر بكم الأمم. فصحنا من وراء الباب فقلنا يا أبا عمر هذا عن جابر. فقال: صدقتم صدقتم ادخلوا" (¬3) . ¬
1- أهم الأساليب التي اتبعها أبو زرعة في تعليل الأحاديث 1- تارة يعرض على أبي زرعة طرق الحديث فيرجح إحدى هذه الروايات على الأخرى بقوله "حديث فلان أصح" مثال ذلك. قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج1/ 176رقم الحديث 505 "سئل أبو زرعة عن حديث رواه هشيم وسفيان بن حسين وروى أحمد بن يونس عن أبي عوانة كلهم عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير، أنه قال: "أنا أعلم الناس بوقت صلاة العشاء كان يصلّيها بعد سقوط القمر ليلة الثالثة من أول الشهر. وروى مسدد عن أبي عوانة عن أبي بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو زرعة حديث بشير بن ثابت أصح" (¬1) . 2- وتارة يعلل الحديث بالإرسال بأن يعرض الحديث متصلاً فيحكم بأن الصواب مرسلاً وليس بمتصل. قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج1/ 179 رقم الحديث (512) : "سئل أبو زرعة عن حديث رواه إسماعيل بن عياش عن ابن جريح عن ابن أبي مليكة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قاء أحدكم في صلاته أو رعف أو قلس فلينصرف وليتوضأ، ثم يبني على ما مضى من صلاته مالم يتكلم". قال أبو زرعة: "هذا خطأ، الصحيح عن ابن جريج عن أبيه عن ابن أبي مليكة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل" (¬2) . ¬
3- وتارة يعلل الحديث بقوله: "وهم فيه فلان أو الوهم من فلان. قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 12 رقم الحديث: (7) وسألت أبا زرعة عن حديث رواه محمد بن أبي بكر المقدمي عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن الأعمش عن أبي وائل عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء أنه قال هذا وضوء من لم يحدث، قال أبو زرعة: "هذا خطأ إنما هو الأعمش عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت لأبي زرعة: الوهم ممن هو قال: من الطفاوي. قلت: ما حال الطفاوي؟ قال: صدوق إلا أنه يهم أحياناً" (¬1) . 4- وتارة يعلل الحديث بقوله: "حديث منكر. والحديث المنكر هو الحديث الذي رواه ضعيف مخالفاً لثقة (¬2) . قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 194 الحديث رقم (557) "سئل أبو زرعة عن حديث رواه عثمان بن أبي صالح المصري، عن ابن لهيعة، عن عقيل، عن الزهري، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة. قال أبو زرعة: "هذا حديث منكر" (¬3) . ¬
5- وتارة يعلل الحديث بقوله: "أخطأ فيه فلان". قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 11 حديث رقم (1) : "سألت أبا زرعة رضي الله عنه عن حديث رواه قبيصة بن عقبة، عن الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن محجل أو محجن، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الصعيد كافيك ولو لم تجد الماء عشر سنين فإذا أصبت الماء فأصبته بشرتك. قال أبو زرعة: هذا خطأ أخطأ فيه قبيصة إنما هو أبو قلابة عن عمرو بن بجدان، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم" (¬1) . 6- وتارة يعلل الحديث بقوله: "موقوف". قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 223 حديث رقم 647 "سئل أبو زرعة عن حديث رواه القواريري عن يزيد بن هارون، عن حجاج بن أرطاة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه ¬
وسلم قال: "ما أدي زكاته فليس كنزاً " قال أبو زرعة: "هكذا رواه القواريري والصحيح موقوف" (¬1) . 7- وتارة يعلل الحديث بقوله: "ليس بقوي" قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 24 الحديث رقم 36: "سمعت أبا زرعة يقول: حديث سمعان في بول الأعرابي في المسجد عن أبي وائل، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: احفروا موضعه. قال: هذا حديث ليس بقوي" (¬2) . أو يعلل الحديث بقوله عن راوية: "فلان ليس بقوي": قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 44 حديث رقم 98: "سمعت أبا زرعة يقول في حديث رواه وكيع عن عيسى بن المسيب، عن أبي زرعة ابن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الهر سبع". فقال أبو زرعة: "لم يرفعه أبو نعيم وهو أصح. وعيسى ليس بقوي". 8- وقد يعلل الحديث بقوله عن رواية: "فلان لا يشتغل به، في حديثه مثل فلان هو مضطرب الحديث" (¬3) . 9- وقد يعلل الحديث بقوله عن راوي الحديث "ضعيف الحديث": قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 252 حديث رقم 743: "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه بقية عن سعيد بن أبي سعيد عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجم وهو ¬
صائم فقالا: هو سعيد بن عبد الجبار عن ابن جزي عن هشام والحديث حديث هشام عن أبيه أنه كان يحتجم وهو صائم، وأبو جزي ضعيف الحديث" أو يقول كما في الحديث رقم 1629 "ليس بمحفوظ وفلان ضعيف الحديث" وانظر رقم 1637، أو يقول كما في الحديث 2090 "فلان ضعيف الحديث وفلان مرسل" أو يقول كما في الحديث 2818 "ضعيف الحديث كان يكذب". 10- وتارة يعلل الحديث المروي من طرق عديدة بقوله "فلان أحفظ" فتكون الروايات الأخرى معلّة. قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 2/ 12 حديث رقم 1510: "وسئل عن حديث رواه القعنبي عن سليمان ابن المغيرة عن ثابت، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها، ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان" ورواه حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبو زرعة: حماد أحفظ" (¬1) . 11- وقد يعلل الحديث بقوله "باطل اضربوا عليه"، ولا يحدثهم به: قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 479 حديث رقم 1432: "سئل أبو زرعة عن حديث رواه إبراهيم بن أبي الليث، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، عن أبيه وعبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الشفعة ما لم تقع الحدود فإذا وقعت الحدود فلا شفعة"، قال أبو زرعة هذا حديث باطل فامتنع أن يحدث به وقال: اضربوا عليه" (¬2) . 12- قد تذكر له (أي لأبي زرعة) طرق لحديث واحد فيرجح واحدة بقوله "حديث فلان أشبه". ¬
قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 11 حديث رقم 2: "سألت أبا زرعة عن حديث رواه شعبة والأعمش عن سلمة بن كهيل عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه أن رجلا أتى عمر فقال: إني أجنبت ولم أجد الماء فذكر عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم ورواه الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي مالك عن عبد الرحمن ابن أبزى قال: كنت عند عمر إذ جاءه رجل. قال أبو زرعة: حديث شعبة أشبه." (¬1) . 13- أو يقول: "الحديث حديث فلان فتكون الرواية الأخرى أو الروايات معللة". قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 184-185 حديث رقم 529: "سئل أبو زرعة عن حديث رواه الحكم بن بشير عن عمرو بن قيس الملائي، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي رزين، عن أبي هريرة قال: أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ذات ليلة حتى ذهب ثلث الليل أو قريب، ثم خرج علينا والناس قليل فغضب غضباً شديداً ثم قال: "لو أن رجلا دعا الناس إلى عرق أو مرماتين- قال أبو زرعة سهمين- لأجابوه وهم يسمعون النداء للصلاة". لقد هممت أن أبعث رجالاً، ثم أتخلل دور قوم لا يشهد أهلها الصلاة فأضرمها بالنار، وروى هذا الحديث حماد بن سلمة وزيد بن أنيسة فقالا عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقال أبو زرعة الحديث حديث حماد وزيد بن أنيسة وتابعهما على ذلك أبو بكر بن عياش". 14- وقد يعلل الحديث بأن يكون المتن صحيحا والمسند لحديث آخر: قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 12 حديث رقم 5: ¬
"سألت أبا زرعة عن حديث رواه إبراهيم بن عبد الملك، عن قتادة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد. قال أبو زرعة: "هذا خطأ إنما هو قتادة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم". 15- وقد يعلل الحديث بقوله: "واه" أو عن الراوي واهي الحديث أو "واه": قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/45 حديث رقم 100 بعد أن سأل والده عن حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة وقال: "هذا وضوء من لا يقبل الله صلاة إلا به". ثم توضأ مرتين مرتين، وقال: "هذا وضوء من يضاعف الله له الأجر مرتين". ثم توضأ ثلاثاً ثلاثا وقال: "هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي". "وسئل أبو زرعة عن هذا الحديث فقال: هو عندي حديث واه ومعاوية بن قرة لم يلحق ابن عمر..". أو يقول "حديث واه جداً" كما في الحديث رقم 1312 أو يقول عن الراوي: "فلان واه" كما في الحديث رقم 2628. 16- وقد يصحح الحديث مرفوعا فتكون الرواية الأخرى أو الروايات معللة: قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 2/88 حديث رقم 1759 "سئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو سلمة المنقري عن حماد، عن ثابت، عن أنس موقوفاً {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً} قال: "ساخ الجبل" ورواه عبد الصمد بن عبد الوارث ومحمد بن كثير العبدي كلاهما عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} "فلما تجلى ربه للجبل" وذكر الحديث قال أبو زرعة كان أبو سلمة يقول قبلنا عن حماد عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم إن شاء الله فلما قرأت عليه لم يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم والصحيح موقوف" (¬1) . ¬
وهذه أمثلة لعلل مختلفة. قال أبو زرعة: - "حديث فلان أبي فلان ليس بصحيح وأبوفلان مجهول" (¬1) . - "المحفوظ عن فلان عن فلان عن أنس" فتكون الروايات الأخرى معلولة (¬2) . - "لا أحفظ من حديث فلان إلا هكذا" (¬3) . - "اختلفوا في هذا الإسناد" (¬4) . - "الصحيح عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا ميمونة" (¬5) . - "فلان ليس يمكن أن يقضى له" (¬6) . - "اختلف الرواة فيه" (¬7) . - "لم يسمع فلان عن فلان شيئاً" (¬8) . - "منكر وهو من حديث فلان أشبه وروي من طريق آخر والصحيح عن فلان" (¬9) . - "إنما هو عن طريق فلان" (¬10) . - "ليس بمحفوظ والصحيح فلان" (¬11) ¬
- "قصر به شعبة" (¬1) . - "الحديث ليس عندهم بحمص" (¬2) . - "ليس له أصل" (¬3) . - "واه ضعيف باطل غير ثابت ولا صحيح ولا أعلم بين أهل العلم بالحديث خلافا أنه حديث واه ضعيف لا تقوم بمثله حجة" (¬4) . - "سمعت أحمد بن حنبل يقول: حديث فلان خطأ الإسناد" (¬5) . - "حديث فيه كلام أدرج من قبل الزهري فالحفاظ يميّزون كلامه" (¬6) . - "فلان لا أعرفه إلا في هذا وأخاف أن يكون غلط" (¬7) . وقد يعلل بعض الأحاديث دون ذكر السبب. قال ابن أبي حاتم في علل الحديث ج 1/ 488 حديث رقم 1462، "سألت أبا زرعة عن حديث رواه بقية عن عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه لم يكن يرى بالقز والحرير للنساء بأساً". فقال أبو زرعة: "هذا حديث منكر. قلت: تعرف له علة؟ قال: لا" (¬8) . ¬
المجلد الثاني
التمهيد 1- اسم الكتاب ومؤلفه كتب على الورقة الأولى من المخطوط اسم الكتاب وهو (كتاب الضعفاء والكذابين والمتروكين من أصحاب الحديث عن أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم وأبي حاتم محمد بن إدريس الرازيين رحمهما الله مما سألهما عنه وجمعه وألفه أبوعثمان سعيد بن عمرو بن عمار البرذعي الحافظ رحمه الله) . وهذا يدل على أن الكتاب صنفه البرذعي، وأما إضافة أبي حاتم لأبي زرعة، فلعل ذلك كتبه الناسخ أو أحد رواة الأجوبة. لأن العلماء لم يضف أحد منهم اسم أبي حاتم إلى أبي زرعة عند ذكرهم هذه الأجوبة أو السؤالات والذي يقرأ هذه الأجوبة بإمعان يجد أن معظم أقوال أبي حاتم هي عبارة عن تأييد لأقوال أبي زرعة في رواة جرحهم، فإن مجلس أبي زرعة كان يضم بعض الحفاظ كأبي حاتم ومحمد بن وارة، وغيرهما فكان أبو حاتم يشارك أبا زرعة في بعض الأجوبة، وفي بعض الأحيان يصف أحد الرواة له فيتذكره ثم يحكم عليه، ولقد انفرد أبو حاتم ببعض الأجوبة في عدد من الرواة، إما يسأله البرذعي فيها أو هو ذكرها له في مجلس أبي زرعة. وضم البرذعي لهذه الأجوبة أيضاً أجوبة لبعض الأئمة وجدها في مصنفاتهم أو أخذها مشافهة منهم، فنقل عن تاريخ أبي زرعة الدمشقي أربعة نصوص، وكذلك نصاً من التأريخ الكبير للبخاري وأجوبة لمحمد بن يحيى النيسابوري، وعليه فإن هذا الكتاب صنفه البرذعي وضمنه أجوبة شيخه أبي زرعة الرازي مع أجوبة قليلة جداً ومعدودة لبعض الأئمة الذين كانوا في مجلس محدثنا عدا النصوص المنقولة، وضم لهذا المصنف أيضاً
كتاب الضعفاء لأبي زرعة الرازي. وروى البرذعي هذا المصنف بدوره لتلاميذه وهذا الأسلوب كان متبعاً في تلك الفترة، فكان طلاب الحديث يتوجهون بأسئلتهم إلى شيوخهم فيدونون أجوبته. وهذه الأجوبة تخص الشيخ المجيب على الأسئلة وتنسب له لا لتلميذه الذي دونها. بقيت مسألة تحتاج إلى بيان وهي أن المخطوط كتب عليه (كتاب الضعفاء والكذابين والمتروكين ... ) والذي اشتهر عن البرذعي كما مر أنه صنف كتاباً ضمنه سؤالاته لأبي زرعة، أو يطلقون عليه أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي. ولم أقف على نص يقطع التساؤلات ويدل على أن البرذعي هو الذي سماه بهذا الاسم، ومن الجائز أن أحد تلاميذه أو الذين رووا هذه الأجوبة هو الذي سماه باسم (كتاب الضعفاء والكذابين ... ) . وآثرت الاسم الذي أطلقه الحفاظ على الكتاب، وهذه بعض النصوص التي ذكر فيها اسم الكتاب: 1- قال الخطيب البغدادي في ترجمة يعقوب بن موسى الأردبيلي: "سكن بغداد، وحدث بها عن أحمد بن طاهر بن النجم الميانجي، عن سعيد ابن عمرو البرذعي سؤالات وتعاليق عن أبي زرعة الرازي، ولم يكن عنده شيء يرويه غير ذلك" (¬1) . ومن المعلوم أن الخطيب روى جميع النصوص - التي نقلها من الأجوبة- عن شيخه أبي بكر أحمد بن محمد البرقاني، والبرقاني رواها عن الأردبيلي. 2- قال الحافظ ابن حجر في ترجمة إسماعيل بن زياد السكوني: "وفي سؤالات سعيد بن عمرو البرذعي لأبي زرعة الرازي ... " (¬2) . أما كتاب الضعفاء لأبي زرعة الرازي الذي ضمه البرذعي إلى كتابه فقد سماه باسم (أسامي الضعفاء ومن تكلم فيهم من المحدثين" (¬3) . ¬
وسماه المزي باسم (أسامي الضعفاء ومن تكلم فيهم) (¬1) دون ذكر جملة (من المحدثين) . وقد سماه الحافظ الذهبي باسم (الضعفاء) فقال في ترجمة أيوب بن صالح "وثقه أبو حاتم، وغيره. وأما أبو زرعة فسرد اسمه في كتاب الضعفاء" (¬2) . وكذلك سماه الحافظ ابن عساكر. وقال الحافظ ابن حجر في ترجمة سليمان بن موسى الزهري: "وحكى ابن عساكر أن أبا زرعة ذكره في الضعفاء" (¬3) . وأشار إليه شمس الدين السخاوي في شرح الألفية، وفي الإعلان بالتوبيخ (¬4) . ويبدو أن كتاب الضعفاء، رواه غير البرذعي أيضا فقد قال الحافظ الذهبي في ترجمة جبر بن أيوب "ذكره أبو زرعة في الضعفاء، نقله النباتي والبرذعي، وغيره. وما أحسبه إلا تصحف بجرير بن أيوب، وهو واه ويشهد لذلك بأن جبيرا ماله ذكر في رواية البرذعي، عن أبي زرعة". وأشار المزي في ترجمة عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد أنه قد وقف على نسختين من أجوبة أبي زرعة المتضمنة لكتاب الضعفاء فنقل النص المتعلق بكاتب الليث وفي آخره "كان يكتب لليث والله أعلم" ثم قال:- أي المزي "وفي نسخة وأثنى عليه بدل والله أعلم" (¬5) . ¬
2- أهم الأسئلة المدونة إن مجالس الحفاظ من المحدثين لم تقتصر على رواية الحديث، والسماع، وتمييز الأحاديث الضعيفة، وبيان درجتها فقط، بل كان يبحث فيها كل ما يتعلق بالسنة النبوية، وخاصة في علم الرجال حيث بينوا لتلاميذهم ومن روى عنهم درجة الرواة، وفرقوا بين الثقات والضعفاء، وكشفوا عن أحوالهم ومروياتهم، وكثيراً ما كان تلامذتهم يتوجهون بالأسئلة إليهم، وهم يتولون الإجابة عنها. ولأهميتها، وفائدتها، كانوا ينسخونها، ويروونها لمن يأخذ عنهم، ولقد حفظت لنا هذه الأسئلة المدونة علما غزيراً وكشفت عن أحوال الكثير من الرواة - وصفاتهم، مروياتهم، شيوخهم، وغير ذلك- مما قد لا نجده في كتب علم الرجال الأخرى، وهذه الأسئلة قد تكون خاصة بالرجال الضعفاء والكذابين كأسئلة البرذعي، وغيره، وقد تتعلق بالثقات والضعفاء معاً أو تبين أحوال الرواة من خلال تعليل الأحاديث. وهذه أهم الأسئلة التي وقفت عليها، والتي سبق معظمها أسئلة البرذعي، أذكرها لأهميتها: 1- مسائل عباس الدوري (¬1) في الرجال والعلل للإمام يحيى بن معين المعروف بـ (التأريخ والعلل) (¬2) . 2- سؤالات أبي خلف مرثد بن الهيثم بن طهمان الناقد ليحيى بن معين أيضاً (¬3) . ¬
3- سؤالات أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الختلي له أيضاً (¬1) . 4- سؤالات عثمان بن طالوت له أيضاً (¬2) . 5- سؤالات هاشم بن مرثد الطبراني له أيضاً (¬3) . 6- سؤالات عثمان بن سعيد الدارمى له أيضاً (¬4) . 7- سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شبية له أيضاً (¬5) . 8- سؤالات أبي العباس أحمد بن محرز له أيضاً (¬6) . 9- سؤالات إسحاق بن منصور الكوسج له أيضاً (¬7) . ¬
10- أسئلة عثمان بن أبي شبية لعلي بن المديني وهي عبارة عن (آراؤه في علماء البصرة الذين وصفهم يحيى بن معين بالقدر" (¬1) . 11- سؤالات إسحاق بن منصور الكوسج لإسحاق بن راهويه (¬2) . 12- سؤالات إسحاق بن منصور الكوسج أيضاً لأحمد بن حنبل (¬3) . 13- أسئلة أحمد بن محمد بن الحجاج، أبي بكر لأحمد أيضاً (¬4) . 14- أسئلة أحمد بن محمد بن هانئ، أبي بكر لأحمد أيضاً (¬5) . 15- مسائل أحمد بن حميد، أبو طالب المشكاني لأحمد أيضاً (¬6) . ¬
16- مسائل مهنى بن يحيى الشامي لأحمد أيضاً (¬1) . 17- سؤالات محمد بن الحسين البغدادي لأحمد أيضاً (¬2) . 18- أسئلة أبي داود السجستاني- صاحب السنن- لأحمد أيضاً (¬3) . 19- سؤالات عبد الملك بن عبد الحميد بن مهران الميموني لأحمد أيضاً (¬4) . 20- أسئلة إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن بشر لأحمد أيضاً (¬5) . 21- أسئلة حنبل بن إسحاق أبو علي لأحمد أيضاً (¬6) . 22- أسئلة عبد الله بن أحمد لأبيه أحمد (¬7) . 23- أسئلة صالح بن أحمد لأبيه أحمد أيضاً (¬8) . ¬
24- أسئلة إسماعيل بن سعيد الشالنجي لأحمد أيضاً (¬1) . 25- سؤالات أبي عيسى الترمذي - صاحب الجامع - لمحمد بن إسماعيل البخاري (¬2) . 26- أسئلة أبي عيسى الترمذي أيضاً لأبي زرعة الرازي (¬3) . 27- أسئلة المغاربة لمحمد بن مسعود بن يوسف النيسابوري المتوفى سنة 247 هـ. قال الحافظ ابن حجر: "وللمغاربة عنه أسئلة عن الرجال والعلل" (¬4) . 28- أجوبة مرار بن حمويه بن منصور الثقفي أبو أحمد الهمذاني الحافظ المتوفى سنة 254هـ على أسئلة جمهور النهاوندي. قال شيرويه الديلمي في ترجمة مرار: "ولجمهور النهاوندي مسائل سأله عنها، فأملي عليه الجواب فيها، من نظر فيها عرف محل المرار من العلم الواسع والحفظ والإتقان والديانة" (¬5) . 29- سؤالات أبي عبيد محمد بن علي عثمان الآجري لأبي داود السجستاني (¬6) . ¬
30- مسائل عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمد المصري الفقيه المتوفى سنة 197 هـ للإمام مالك (¬1) . 31- سؤالات حمزة الكناني للحافظ النسائي صاحب السنن (¬2) . 32- مسائل أسد بن الفرات لمحمد بن الحسن وتسمى المسائل الأسدية (¬3) . هذه أهم الأسئلة التي وقفت عليها، ولم أذكر الأسئلة الأخرى التي دونت عن علماء الطبقة التي تلت أبي زرعة وأقرانه، إذ لا مجال لذكرها كأسئلة البرقاني والدارقطني والحاكم، وغيرها. 3- أهمية أجوبة أبي زرعة إن المكتبة الحديثة بحاجة ماسة لكتب الجرح والتعديل المتضمنة لأقوال الأئمة في توثيق وتجريح الرواة، لا سيما أقوال المتقدمين منهم، وإمام كأبي زرعة استوعب الكثير من علم أحمد، وعلي بن المديني، ويحيى ابن معين، وأضرابهم الذين أخذوا وتأثروا بسيد الحفاظ يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم، لا يستغنى عن أقواله في الرواة سواء في التوثيق أو التجريح. لهذا كله حظيت أجوبته على أسئلة البرذعي عناية العلماء فضمنوا النصوص الكثيرة منها في مصنفاتهم، وقد تميّزت هذه الأجوبة بمعلومات دقيقة عن بعض المحدثين والعلماء وعليها عوّل من صنف في الجرح والتعديل، أو التاريخ فاعتمد البغدادي، والحافظ المزّي، والسبكي، والذهبي، وابن حجر، على أقواله في الحارث المحاسبي، وداود الظاهري ويحيى الحماني وغيرهم. كذلك فقد تضمنت الأجوبة، بعض الاعتراضات والرد عليها. فمثلا ¬
كلام أبي زرعة في صحيح مسلم واعتراضه على بعض الرجال، وعلى تسميته لكتابه الجامع الصحيح، ودفاع مسلم عن نفسه في ذلك. وكشفت أيضاً هذه الأجوبة عن بعض الجوانب العلمية في حياة عدد من الرواة وسبب تجريح طائفة منهم، ولقاء أبي زرعة، أو البرذعي ببعضهم إضافة إلى أن بعض النصوص المنقولة عن الأجوبة قد وقع فيها تصحيف أو تحريف، وبالرجوع للأصل نجد النص قد ضبط وذكر بصورة أدق. وعلى العموم فإن الأجوبة قد ضمت معلومات كثيرة وحفظت لنا أقوالاً لا نجدها في كتب الجرح والتعديل، وبهذا تكمن الفائدة ويجعلها بالمنزلة المهمة بين مصنفات علم الرجال. ولولا الإطالة والخروج إلى حد الاستطراد لذكرت جميع أقوال أبي زرعة في الرواة المجروحين التي لم يذكرها الأئمة والحفاظ في تراجمهم وسأكتفي بنماذج قليلة جداً، فأذكر اسم الراوي الذي جرحه أبو زرعة مع ذكر أماكن ترجمته في الجرح والتعديل، وتهذيب التهذيب، وميزان الاعتدال: اسم الراوي ... الجرح والتعديل ... التهذيب ... الميزان 1 - عبد الله بن مسلم بن هرمز ... ج2/ق2/164 ... ج6/29 ... ج2/503 2 - سيف بن عمر التميمي ... ج2/ق1/278 ... ج4/295 ... ج2/255 3 - داود بن عبد الرحمن العطار ... ج1/ق2/417 ... ج3/192 ... ج2/11 4 - مبشر بن عبيد الحمصي ... ج4/ق1/343 ... ج10/32 ... ج3/433 5 - سيف بن محمد الكوفي ... ج2/ق1/277 ... ج4/296 ... ج2/256 6 - عثمان بن فرقد البصري ... ج3/ق1/164 ... ج7/148 ... ج3/52 7 - عبد الأعلى بن أعين الكوفي ... ج3/ق1/28 ... ج6/93 ... ج2/529 8 - نوح بن أبي مريم المروزي ... ج4/ق1/484 ... ج10/487 ... ج4/279 9 - يونس بن أبي إسحاق ... ج4/ق2/243 ... ج11/433 ... ج4/482 10- مصعب بن سلام التميمي ... ج4/ق1/307 ... ج10/161 ... ج4/120 11 - عبد الملك بن قدامة الجمحي ... ج2/ق2/362 ... ج6/414 ... ج2/661 12 - بريد بن عبد الله بن أبي بردة ... ج1/ق1/426 ... ج1/431 ... ج1/305 13 - بسطام بن حريث ... ج1/ق1/415 ... ج1/439 ... ج1/309 14- فليح بن سليمان بن أبي المغيرة ... ج3/ق2/84 ... ج8/303 ... ج3/365 15 - غفير بن معدان ... ج3/ق2/36 ... ج7/235 ... ج3/83
4- المصنفات التي نقلت عن أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي اعتمد معظم مصنفي كتب الجرح والتعديل على أجوبة أبي زرعة في مؤلفاتهم، وذلك لأهميتها واحتوائها على معلومات دقيقة عن الكذابين والضعفاء التي قد لا نجدها في مصنف آخر. وهذه أهم كتب الجرح والتعديل وغيرها من كتب التاريخ أو الطبقات التي اعتمدت على هذه الأجوبة: 1- كتاب تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ولعله أكثر المصنفين نقلا عنها حتى إنه روى هذه الأجوبة بسنده إلى البرذعي وذكر جميع النصوص التي اقتبسها منها مقرونة بسند الرواية (¬1) . 2- كتاب شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادى أيضاً (¬2) . 3- كتاب الكفاية في معرفة أصول علم الرواية (¬3) . ¬
4- كتاب تهذيب الكمال في أسماء الرجال لأبي الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي المتوفى سنة 742 هـ (¬1) . 5- كتاب ميزان الاعتدال في نقد الرجال للحافظ الذهبي المتوفى سنة 748 هـ (¬2) . 6- تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني أحمد بن علي المتوفى سنة 852 هـ (¬3) . ¬
7- وكذلك النصوص التي نقلها في لسان الميزان (¬1) . 8- شرح علل الترمذي للحافظ زين الدين بن رجب الحنبلي المتوفى سنة 795 هـ (¬2) . 9- المنهاج في شرح صحيح مسلم لمحي الدين يحيى بن شرف الدين النووي المتوفى سنة 676 هـ (¬3) . 10- تلبيس إبليس أو نقد العلم والعلماء لعبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي المتوفى سنة 597 هـ (¬4) . 11- طبقات الشافعية لتاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي الأنصاري المتوفى سنة 771 هـ (¬5) . 12- مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي أيضاً (¬6) . 13- تاريخ جرجان للحافظ حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى السهمي الجرجاني المتوفى سنة 427 هـ (¬7) . ¬
14- تاريخ دمشق للحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر الدمشقي المتوفى سنة 571 هـ (¬1) . 15- معجم البلدان لياقوت بن عبد الله الحموي المتوفى سنة 628 هـ (¬2) . 16- الجرح والتعديل لابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي المتوفى سنة 327 هـ. وهذه نصوص تدل على نقله من الأجوبة. أجوبة أبي زرعة الجرح والتعديل 1- قال البرذعي: وسئل- أي أبو زرعة- عن الحسن بن جعفر؟ قال: "ليس بالقوي"، ثم قال: "روى عنه عباد بن العوام". انظر: ورقة (17- أ- ب. - قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن الحسن بن أبي جعفر؟ فقال: "ليس بالقوي، وروى عنه عباد بن العوام". انظر: ج 1/ ق2/ 29. 2- قال البرذعي: قلت: حسام بن مصك؟ قال: "واهى الحديث، منكر الحديث". انظر: ورقة (20- أ) - قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن حسام بن مصك؟ فقال: "واهي الحديث، منكر الحديث". انظر: ج 1/ ق2/ 317. 3- قال البرذعي: قلت: زيد بن واقد شيخ كان بالريّ؟ قال: "نعم قد رأيته يحدث عن السدّي؟ وأبي هارون العبدي ليس بشيء". انظر: ورقة (19- أ) . - قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن زيد بن واقد البصري؟ فقال: "هذا شيخ كان بالريّ قد رأيته يحدث عن السدّي، وأبي هارون العبدي ليس بشيء". انظر: ج1/ ق2/ 574 -575. ¬
4- قال البرذعي: قلت: عاصم ابن هلال؟ قال: ما أدري ما أقول لكم حدث عنه الناس، وقد حدث عن أيوب بأحاديث مناكير. انظر: ورقة (19- أ) . - قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن عاصم بن هلال؟ فقال: "صالح هو شيخ، ما أدري ما أقول لكم حدث عن أيوب بأحاديث مناكير، وقد حدث الناس عنه. انظر: ج 3/ ق1/ 351، وفي بعض النسخ لاتوجد جملة "صالح هو شيخ". 5- قال البرذعي: وسئل عن المبارك بن سحيم؟ فقال: "واهي الحديث، منكر الحديث"، ثم قال: "ما أعرف له حديثاً واحدا وقد حسنوه بمولى عبد العزيز بن صهيب". انظر: ورقة (17-أ) . - قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن مبارك بن سحيم؟ فقال، "واهي الحديث منكر الحديث ما أعرف له حديثا صحيحا وقد حسنوه بمولى عبد العزيز بن صهيب". انظر: ج4/ ق1/ 341. ولقد أشار ابن أبي حاتم إلى بعض الأجوبة التي استفادها، وذلك أن بعض تلاميذه قالوا له: "هذا الذي تقول: سئل أبو زرعة سأله غيرك وأنت تسمعه أو سأله وأنت لا تسمع؟ فقال: كلما أقول: سئل أبو زرعة. فإني قد سمعته منه إلا أنه سأله غيري بحضرتي فلذلك لا أقول: سألته، وأنا فلا أدلس بوجه ولا سبب. أو نحو ما قال". والمعنى هذا والله أعلم. انظر الجرح والتعديل ج2/ ق1/ 501.
5- منهج أبي زرعة في أجوبته على أسئلة البرذعي نستطيع أن نلخص منهج أبي زرعة في أجوبته على أسئلة البرذعي بالنقاط التالية: 1- اعتمد في تجريحه لطائفة من الرواة على أقوال الأئمة المتقدمين (¬1) . 2- يذكر البرذعي قول أحد الأئمة في بعض الرواة فيجيبه أبوزرعة إما بالتأييد له، أو يخالفه في الرأي. فمثلا نقل عن يحيى القطان أنه قال: الأفريقي ثقة، رجاله لا نعرفهم. وقال عنه أبوزرعة: حديثه عن هؤلاء لا يدري واستدل على ضعفه بحديث منكر قد رواه (¬2) ثم أعطاه درجة أحد المحدثين الذين ضعفهم ثم قال عن الأفريقي في موضع آخر "ليس بالقوي" (¬3) . 3- يذكر له البرذعي أحد الرواة فيضعفه ثم يذكر له سميه أي محدثاً آخر اشترك معه في اسمه واسم أبيه، فيوثقه (¬4) . 4- يذكر له البرذعي حديثا من طريق أحد الرواة فينكر أبو زرعة تلك الرواية ويثبت الطريق الصحيحة، أو يحكم على الراوي من خلال نقده وتعليله للحديث الذي رواه أو الأحاديث التي اتهم بها (¬5) . 5- قد يحكم على بعض المحدثين الذين خرج حديثهم في الصحيح بالضعف وهو عند غيره من الثقات فهشام بن سعد قال عنه: واهي الحديث. ثم قال البرذعي: وهو عند غير أبي زرعة أجل من هذا الوزن فتفكرت فيما ¬
قال أبو زرعة فوجدت في حديثه وهماً كبيراً من ذلك أنه حدث الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة (في قصة المواقع في رمضان) ، وقد روى أصحاب الزهري قاطبة، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، وليس من حديث أبي سلمة، وقد حدث به وكيع، عن هشام، عن الزهري، عن أبي هريرة. كأنه أراد الستر على هشام في قوله عن أبي سلمة (¬1) . 6- لا يمنعه زهده وورعه ومحبته للصالحين من انتقاد بعض الزهاد الذين يحيدون عن نهج السلف بطريقتهم وسلوكهم أو مصنفاتهم فمثلا انتقد المحاسبي، وحذر من كتبه ورهّب منها ووصفها بالضلال والبدع لأن الأئمة لم يصنف أحد منهم مثلها كمالك والأوزاعي وغيرهما (¬2) . وكذلك انتقد يحيى بن معاذ الرازي الذي وصف نفسه بأنه رجل نواح، وكان يتكلم على طريقة منصور بن عمار وغيره وبرر أبو زرعة رفضه مقالته لكونها من مقالات الذين يبتغون المال من طريقتهم هذه (¬3) . 7- كان شأنه شأن الأئمة من المحدثين في نبذ علم الكلام والترهيب منه فنقل البرذعي أن فضل الرازي وابن خراش البغدادي اختلفا في أمر داود الأصبهاني والمزني ونالا منهما، وأن أبا زرعة أنكر عليهما قولهما وبين لهما أن علة داود الظاهري والمزني استعانتهما بعلم الكلام على نشر العلم، ونصحهما بألا يتبعا هذا الأسلوب (¬4) . 8- يسأله البرذعي أحياناً عن الإخوة من الرواة فيجرح أحدهم ويوثق الثاني أو يحكم بالضعف على بعضهم ويبين بما يمتاز به كل منهما- أو يجرح الراوي ويوثق والده أو قريبه أو أخاه (¬5) . ¬
9- كان معتدلا في تجريحه في أغلب الرواة، دقيقاً في أحكامه عليهم، فيمدح بعض الرواة ويصف كرمهم وأدبهم، إلا أنه يجرحهم من حيث روايتهم للحديث (¬1) . 10- قد يطلق نفس الحكم على عدد من الرواة بأن يقول: فلان وفلان وفلان يقاربون في الضعف في الحديث وأهون أو غير ذلك (¬2) . 11- قد يسأله البرذعي عن بعض الرواة، وقبل أن يحكم عليه يذكر لقاءه به وبعض الأحاديث التي رواها، وأنه تتبع أصوله وكتب منها، ثم يقول: أما كتبه فصحاح، وأما إذا حدث من حفظه فلا، ثم يذكر أقوال العلماء فيه (¬3) . 12- كان شديدا على بعض أهل الرأي وأئمتهم ولعل السبب في هذا يعود إلى انتمائه إلى مدرسة أهل الحديث المخالفة في المنهج لمدرسة أهل الرأي فنراه يحكم بالضعف على بعضهم لأنه خاض في مسألة خلق القرآن أو لأنه وصل بعض الأحاديث المرسلة أو لاتباع عدد منهم مذهب جهم والقول بالإرجاء إلا أنه قد عدل ومدح بعضهم من الذين عنوا بالحديث وطلبوه (¬4) . هذه بعض الملاحظات عن منهجه والتي قد يبدو من خلالها أنه كان على نهج المتشددين في الحكم على الرجال، كشعبة ويحيى القطان وغيرهما، والحق يقال إنه في معظم الحالات يفسر تجريحه ويعلل ويذكر أسباب تضعيفه لذلك الراوي الضعيف أو الكذاب. وهذا يدل على أمانته العلمية وورعه في تجريح الرواة وبهذا نستطيع أن نعده من المعتدلين والله أعلم. ¬
لشيوخ الذين روى عنهم أبو زرعة في أجوبته على أسئلة البرذعي اعتمد أبو زرعة في عدد غير قليل من إجاباته على أسئلة البرذعي على روايات شيوخه الذين جرحوا أولئك الرجال الذين سأل عنهم البرذعي أو أقوالهم هم مباشرة. وهذه قائمة بأسماء الشيوخ الذين استدل أبو زرعة بأقوالهم أو رواياتهم: 1- إبراهيم بن دينار، البغدادي، أبو إسحاق التمار المتوفى سنة 232 هـ (¬1) . 2- إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زاذان التميمي، أبو إسحاق الرازي المتوفى بعد 220 هـ (¬2) . 3- أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني، أبو عبد الله المروزي البغدادي المتوفى سنة 241هـ (¬3) . 4- أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي الكوفي، المتوفى سنة 227 هـ (¬4) . 5- إسحاق بن إبراهيم بن مخلد، أبو يعقوب الحنظلي المعروف بابن راهويه المتوفى سنة 238 هـ (¬5) . 6- حرملة بن يحيى بن عبد الله التجيبي، أبو حفص المصري المتوفى سنة 244هـ (¬6) . 7- سليمان بن حرب بن بجيل الأزدي، الواشحي، المصري، المتوفى سنة 224هـ (¬7) ¬
8- سعيد بن أسد بن موسى المصري (¬1) . 9- عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الأشج المتوفى سنة 257 هـ (¬2) . 10- عبد الله بن الحسن الهسنجاني، أبو محمد الرازي (¬3) . 11- عبد الله بن الجراح أبو محمد القهستاني المتوفى سنة 232 هـ (¬4) . 12- عبد الرحمن بن صالح الأزدي العتكي المتوفى سنة 235 هـ (¬5) . 13- عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامي مولاهم المدني أبو بكر (¬6) . 14- عبد الرحمن بن عمر بن يزيد الزهري، الأصبهاني الأزرق المتوفى سنة 255هـ (¬7) . 15- عبد العزيز بن عمران ابن ابنة سعيد بن أبي أيوب المصري (¬8) . 16- عثمان بن محمد بن أبي شيبة (¬9) . 17- عقيل بن يحيى بن الأسود الطهراني المتوفى سنة 258 هـ (¬10) . 18- عمرو بن علي بن بحر بن كنيز الباهلي، أبو حفص البصري الفلاس المتوفى سنة249هـ (¬11) . 19- الفضل بن دكين، أبو نعيم الملائي الكوفي المتوفى سنة 219 هـ (¬12) . 20- محمد بن محمد بن مرزوق الباهلي أبو عبد الله البصري المتوفى سنة 248 هـ (¬13) . ¬
21- محمد بن عبد الله بن نمير، الهمذاني الكوفي المتوفى سنة 234هـ (¬1) . 22- محمد بن عبد الله بن عبد الحكم الحافظ، أبو عبد الله المصري المتوفى سنة 268 هـ (¬2) . 23- محمد بن عبيد الله بن محمد بن زيد الأموي (¬3) . 24- محمد بن أبي عتاب البغدادي أبو بكر الأعين المتوفى سنة 240 هـ (¬4) . 25- مجاهد بن موسى بن فروخ الخوارزمي، أبو علي الختلي المتوفى سنة244هـ (¬5) 26- مسدد بن مسرهد بن مسربل البصري المتوفى سنة 228 هـ (¬6) . 27- مقاتل بن محمد النصر أباذي الرازي (¬7) . 28- هشام بن عبد الملك، أبو الوليد الطيالسي المتوفى سنة 227 هـ (¬8) . 29- نصر بن علي بن نصر بن صهبان، أبو عمرو الأزدي (¬9) . 30- يحيى بن معين بن عون المري، أبو زكريا البغدادي المتوفى سنة 233 هـ (¬10) . 31- يحيى بن عبد الله بن بكير، المصري، أبو زكريا المتوفى سنة 231 هـ (¬11) 32- يحيى بن المغيرة، السعدي الرازي (¬12) . ¬
الرجال الذين ذكرهم أبو زرعة في أجوبته تناول محدثنا في أجوبته على أسئلة البرذعي العديد من الرجال يمكننا تصنيفهم كما يلي: 1- الثقات. 2- الضعفاء، والمتكلم فيهم. أما الثقات فيذكرهم حينما يسأله البرذعي عن عدد من الرجال، ويطلب منه التمييز بينهم، أو يذكر له أحد الرواة فيجرحه، ويوثق سميه الذي اتفق معه في اسمه واسم أبيه، أو يوثق أحد الرواة ويضعفه في حالة من الحالات كأن يكون حديثه في البلد الفلاني صحيحاً، وحديثه في البلد الآخر ضعيفاً، أو فلان ثقة إذا حدث من كتابه، وضعيف إذا حدث من حفظه، أو يذكر أحد الأئمة بأنه ثقة ولكنه إذا حدث عن فلان فهو ليس بالحافظ وهكذا. أما الضعفاء والمتكلم فيهم فيمكننا تصنيفهم إلى: أ- رجال لا رواية لهم في الكتب الستة - أي البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة ب- رجال الكتب الستة، وهم على أقسام هي: 1- رجال انفرد ابن ماجة، عن الستة بالرواية عنهم. 2- رجال انفرد الترمذي، عن الستة بالرواية عنهم. 3- رجال انفرد ابن ماجة والترمذي عن الستة بالرواية عنهم. 4- رجال انفرد النسائي، عن الستة بالرواية عنهم. 5- رجال انفرد أبوداود، عن الستة بالرواية عنهم. 6- رجال الكتب الأربعة - أي أصحاب السنن -. 7- رجال خرج حديثهم في الصحيحين أو أحدهما وقد يشارك في بعضهم أحد أصحاب السنن الأربعة. 8- رجال خرج حديثهم أصحاب الكتب الستة. وأكتفي بهذا السرد دون التعضيل، وإفراد كل صنف بقائمة للرجال
خشية الإطالة والاستطراد، ولقد وضعت أمام كل راو من الرواة المتكلم فيهم رمزاً يدل على اسم الإمام الذي خرج حديثه. ألفاظ التجريح التي أطلقها أبو زرعة في الرواة لقد استخدم أبو زرعة ألفاظاً كثيرة ومختلفة من ألفاظ التجريح والتضعيف تابع في بعضها أئمة الجرح والتعديل، من شيوخه، والذين من قبلهم، كأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأبي داود الطيالسي ويحيى بن سعيد القطان، وشعبة، وغيرهم. وقد يخالفهم في بعض الرواة، فيوثق من ثبتت عدالته عنده أو يجرح بعض الذين وثقوا بعد أن يسبر الأخبار، ويمحص الأقوال، وكان تجريحه للرواة يتسم بالورع والتثبت فلا يطلق القول فيهم جزافاً. قال الحافظ الذهبي: "يعجبني كثيرا كلام أبي زرعة في الجرح والتعديل، يبين عليه الورع والخبرة بخلاف رفيقه أبي حاتم؛ فإنه جراح" (¬1) . ومع ورعه وخبرته، فقد جرح بعض الرواة والأئمة ما كان ينبغي له - رحمه الله- أن يجرحهم، والله أعلم (¬2) . وسأحاول جاهدا ترتيب هذه الأقوال ضمن حدود مراتب ألفاظ التجريح التي ذكرها ابن أبي حاتم، ومن بعده من الأئمة كابن الصلاح، وغيره. وأضيف إليها الرتبة الخامسة التي ذكرها الحافظ العراقي، مع توضيح بعض الألفاظ ثم أعقبها بذكر ألفاظه التي أطلقها على بعض المبتدعة أو- المبدعين- وبالله التوفيق. ألفاظ المرتبة الأولى: ضعيف، فيه ضعف، ليس بذاك القوي، ليس بذاك الثبت، لين الحديث، فيه لين، كان رديء الحفظ، يعرف وينكر، وأما في نفسه فلا بأس ¬
به، لم يكن عندي ممن يحفظ الحديث، كان وكيع يتكلم فيه، يختلفون في حديثه. وهؤلاء الرواة يكتب حديثهم، وينظر فيه اعتباراً (¬1) . ألفاظ المرتبة الثانية: ليس بقوي، لين وليس بالقوي، منكر الحديث-، منكر الحديث اختلط قبل موته، واهي الحديث، واهي الحديث كل حديثه واه، واهي الحديث حدث بحديثين منكرين، واهٍ في الحديث فاضل متعبد، واهي الحديث لا أعلم حدث عنه كبير أحد إلا من لا يدري الحديث، وهن أمره، في حديثه اضطراب، منكر واهي الحديث، منكر الحديث يهم كثيراً. وهؤلاء الرواة كأصحاب الرتبة الأولى يكتب حديثهم، وينظر فيه اعتباراً إلا أنها دونها- أي الأحاديث- (¬2) . ألفاظ المرتبة الثالثة: ضعيف الحديث، ضعيف الحديث يحدث عن فلان بأحاديث مقلوبة، (ضعيف الحديث، يحدث عن فلان بمناكير) ضعيف الحديث حدث بحديث باطل، مخلط ضعيف الحديث، ليس بشيء وهو ضعيف، مجهول لا أعرفه إلا في كذا..، منكر الحديث جداً، ينكر كثيراً، ضعيف جداً، واهي الحديث جداً، وهن أمره جداً، واه بمرة، ليس بشيء واهي الحديث، واهي الحديث جداً لا سيما اذا حدث عن فلان فيقع ضعف على ضعف، ولعل (ليس بشيء) تساويها جملة (لا يساوي فلسا) . وهؤلاء الرواة دون أصحاب الرتبة الثانية لا يطرح حديثهم. بل يعتبر به (¬3) . ¬
ألفاظ المرتبة الرابعة: ليس بثقة، لا يحدث عنه بشيء، منكر الحديث لايكتب حديثه، ذاهب، هالك، لا تكتبوا عنه، لا يكتب حديثه، لا يكتب عنه، متروك الحديث، تركره، لا ينبغي أن يحدث عنه أضرب على حديثه، ترك الناس حديثه، ذاهب الحديث كذاب، سكتوا عنه، كان يتهم بالكذب، واهي الحديث، منكر الحديث. وحديث هؤلاء ساقط لا يكتب (¬1) . ألفاظ المرتبة الخامسة: يروي أحاديث موضوعة، يروي أباطيل، يحدث بأحاديث أباطيل، آفة من الآفات، يحدث بأحاديث ليست لها أصول، كان لا يتعمد ولكن كان يوضع له الحديث فيقرؤه، كان يضع الأحاديث للناس، يضع الحديث، زنديق، يروي أحاديث مفتعلة وأحاديث موضوعة (¬2) . ولقد جرح أبو زرعة بعض الرواة لمعتقدهم أو اتباعهم لبعض فرق المبتدعة، لا بد من بيان رأي العلماء في ذلك قبل سرد ألفاظه في أولئك المجروحين. قال ابن حجر: "وأما البدعة فالموصوف بها إما أن يكون ممن يكفر بها أو يفسق. فالمكقر بها لا بد أن يكون ذلك التكفير متفقا عليه من قواعد جميع الأئمة، كما في غلاة الروافض من دعوى بعضهم حلول الإلهية في علي- رضي الله عنه- أو غيره، أو الإيمان برجوعه إلى الدنيا قبل يوم القيامة، أو غير ذلك" (¬3) . وقال: "والمفسق بها كبدع الخوارج والروافض الذين لا يغلون ذلك الغلو، وغير هؤلاء من الطوائف المخالفين لأصول السنة خلافا ظاهرا لكنه مستند إلى تأويل ظاهره سائغ، فقد اختلف أهل السنة في قبول حديث من هذا ¬
سبيله إذا كان معروفا بالتحرز من الكذب، مشهورا بالملامة من خوارم المروءة موصوفاً بالديانة والعبادة. فقيل: يقبل مطلقا، وقيل: يرد مطلقا، والثالث: التفصيل بين أن يكون داعية لبدعة أو غير داعية فيقبل حديث غير الداعية، ويرد حديث الداعية. وهذا المذهب هو الأعدل، وصارت إليه طوائف من الأئمة، وادعى ابن حبان إجماع أهل النقل عليه، لكن في دعوى ذلك نظر. ثم اختلف القائلون بهذا التفصيل، فبعضهم أطلق ذلك، وبعضهم زاده تفصيلا فقال: إن اشتملت رواية غير الداعية على ما يشيد بدعته ويزينها ويحسنها ظاهرا فلا تقبل، وان لم تشتمل فتقبل" (¬1) . وقال أحمد في رواية أبي داود: "احتملوا من المرجئة الحديث، ويكتب عن القدري إذا لم يكن داعية" (¬2) . وقال المروزي: "كان أبو عبد الله يحدث عن المرجىء إذا لم يكن داعياً، ولم نقف له على نص في الجهمي أنه يروي عنه، إذا لم يكن داعياً، بل كلامه فيه عام أنه لا يروي عنه، وقد عقب ابن رجب على قول الإمام أحمد بقوله: "فيخرج من هذا أن البدع الغليظة كالتجهم يرد بها الرواية مطلقا، والمتوسطة كالقدر إنما يرد رواية الداعي إليها. والخفية كالإرجاء هل نقبل معها الرواية مطلقاً أو يرد على الداعية على روايتين" (¬3) . وهذه أهم ألفاظ الجرح التي تتعلق بالمبتدعة: قدري أما في الحديث فليس بذاك الضعيف، كان يرى القدر، قدري، أو كان قدريا، قدري داعية إلا أنه شديد في الإثبات، قدري داعية منكر الحديث وكلح وجهه، كان مرجئا ولم يكن يكذب، كان يرى الإرجاء، مرجىء أو كان مرجئا، كان يدعو إلى الإرجاء، ¬
جهمي، كان جهميا من أصحاب الرأي، كان يقول القرآن مخلوق، كان حرورياً، كان خارجيا، زيدي. ومن الألفاظ التي كان يستخدمها أبو زرعة في بعض الرواة كلمة (شيخ) ولقد اختلف في مرادها على وجه الدقة، فقد ذكرها ابن أبي حاتم في ألفاظ التعديل فقال: إذا قيل "شيخ" فهو بالمنزلة الثالثة يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية- أي ممن يكتب حديثه وينظر فيه (¬1) . وقال الحافظ الذهبي في ترجمة العباس بن الفضل العدني الذي قال عنه أبو حاتم "شيخ": "فقوله هو شيخ ليس هو عبارة جرح، ولهذا لم أذكر في كتابنا أحدا ممن قال فيه ذلك، ولكنها أيضاً ما هي عبارة توثيق، وبالاستقراء يلوح لك أنه ليس بحجة ومن ذلك قوله- أي قول أبي حاتم-: يكتب حديثه، أي ليس هو بحجة" (¬2) . وقال الحافظ الزيلعي في (نصب الراية) نقلا عن ابن القطان (¬3) في كتابه (الوهم والإيهام) ما نصه: "وسئل عنه- أي عن طالب بن حجير- الرازيان- أي أبو زرعة وأبو حاتم- فقالا: شيخ، يعنيان بذلك أنه ليس من أهل العلم، وإنما هو صاحب رواية" (¬4) . ومحدثنا غالبا كان يقرن هذا المصطلح- أي شيخ- بلفظة أخرى قد تعيننا على تحديد منزلة ذلك الراوي. وهذه هي الأوصاف التي نعت بها أبو زرعة الرواة في أجوبته: ¬
شيخ ربما أنكر، شيخ حدث بحديثين منكرين، شيخ في حديثه مناكير، شيخ يهم كثيرا، شيخ ليس بذاك، شيخ لين، شيخ ليس بالقوى، شيخ حدث بحديث أوهم فيه، شيخ مجهول، ينبغي أن تتقي حديث هذا الشيخ، شيخ صالح إلا أنه ضعيف وكان قدريا وكان قاصا يذكر. وقال في بعض الرواة: "كان يحيى القطان (¬1) يروي عنه" وهذا التعبر يعني أن يحيى القطان ترك الرواية عنه، ولقد استخدم هذا الأسلوب بعض الحفاظ غير أبي زرعة لأن الإمام يحيى بن سعيد القطان أحد الذين يرجع إليهم في الحكم على الرجال، قال علي بن المديني: لم يرو يحيى عن شريك (¬2) ، ولا عن أبي بكر بن عياش (¬3) ، ولا عن الربيع بن صبيح (¬4) ولا عن المبارك بن فضالة (¬5) . لقد بين لنا مراده الترمذي في كتابه العلل من آخر كتابه (الجامع) فقال: وإن كان يحيى ترك الرواية عن هؤلاء، فلم يترك الرواية عنهم لأنه اتهمهم بالكذب، ولكنه تركهم لحال حفظهم. وذكر عن يحيى بن سعيد القطان أنه كان إذا رأى الرجل يحدث عن حفظه مرة هكذا، ومرة هكذا، ولا يثبت على رواية واحدة تركه". وزاد الأمر وضوحا الحافظ ابن رجب فبين منزلة هؤلاء الرواة الذين ترك الرواية عنهم يحيى بن سعيد فقال: "اعلم أن الرواة أقسام فمنهم: من يتهم بالكذب، ومنهم من غلب على حديثه المناكير لغفلته وسوء حفظه. وقد سبق ذكر هذين القسمين وحكم الرواية عنهم، وقسم ثالث: أهل صدق وحفظ ويندر الخطأ والوهم في حديثهم أو يقل، وهؤلاء هم الثقات ¬
المتفق على الاحتجاج بهم. وقسم رابع: وهم أيضاً أهل صدق وحفظ ولكن يقع الوهم في حديثهم كثيراً، ولكن ليس هو الغالب عليهم، وهذا هو القسم الذي ذكره الترمذي ههنا. وذكر عن يحيى بن سعيد القطان أنه ترك حديث هذه الطبقة، وعن ابن المبارك وابن مهدي ووكيع وغيرهم أنهم حدثوا عنهم، وهو أيضاً رأي سفيان وأكثر أهل الحديث المصنفين منهم في السنن والصحاح" (¬1) . ولقد كان محدثنا يضعف بعض الرواة في حالات خاصة فقال عن أيوب ابن عتبة: ضعيف ويقال حديثه باليمامة صحيح، وقال في حديث أخطأ فيه بقية: إذا نقل بقية حديث الكوفة إلى حمص يكون هكذا، وقال عن المسعودي – عبد الرحمن بن عبد الله- أحاديثه عن غير القاسم وعون مضطربة يهم كثيراً. ولقد حكم بالكذب على بعض الرواة إلا أن هذا الحكم يتفاوت بين ضعيف وآخر. وهذا عرض لدرجات الكذب التي وصف بها الضعفاء ابتداء بأقوى الألفاظ: من أكذب الناس، ما زلنا نعرفه بالكذب، كان كذابا، كان يكذب، كذاب يكذب على من لقي ويحدث عمن لم يلقه ويحدث عن قوم قد ماتوا قبل أن يولد بعشر سنين، هو عندي ممن يكذب، أومي بيده إلى فيه أي الكذب - القائل البرذعي- فسكت أنه يعني الكذب، كان يتهم بالكذب، كان لا يصدق، كان لا يصدق عندي وكتب عنه وترك حديثه- عقب على قوله البرذعي- واهي الحديث وكان يكذب، ليس هو ممن يكذب بمرة هو وسط، يكذب في حديث الناس. ومن المعلوم أن حديث الكذاب ساقط لا يكتب. وما دمنا في هذا المقام فلا بد من بيان فرق جوهري بين مراد العلماء - ومنهم محدثنا- في قولهم "منكر الحديث" وبين الألفاظ الأخرى المشابهة التي توهم التسوية وأخذها نفس الحكم كقولهم "يروي المناكير أو "حديث منكر، وهذا ما يرد كثيرا على لسان أبي زرعة في تعليله لبعض الأحاديث أو تجريحه لعدد من الرجال، ومن لم يميز هذا زل وأضل. وقال الحافظ الذهبي في ترجمة ¬
أحمد بن عتاب المروزي: قال أحمد بن سعيد بن معدان: شيخ صالح، روى الفضائل والمناكير. قلت: ما كل من روى المناكير يضعف" (¬1) . وقال السخاوي: "وقد يطلق ذلك- على الثقة إذا روى المناكير عن الضعفاء". قال الحاكم: "قلت للدارقطني: فسليمان ابن بنت شرجيل؟ قال: ثقة". قلت: أليس عنده مناكير؟ قال: يحدث بها عن قوم ضعفاء، أما هو فثقة" (¬2) . وقال الحافظ ابن رجب: "ولم أقف لأحد من المتقدمين على حد المنكر من الحديث وتعريفه الأعلى ما ذكره أبو بكر البرديجي الحافظ، وكان من أعيان الحفاظ المبرزين في العلل: إن المنكر هو الذي يحدث به الرجل عن الصحابة أو عن التابعي عن الصحابة لا يعرف ذلك الحديث، وهو متن الحديث إلا من طريق الذي رواه فيكون منكرا" (¬3) . وقال الحافظ ابن حجر: "المنكر أطلقه أحمد بن حنبل وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له" (¬4) . وقال أيضاً: "أحمد وغيره يطلقون المناكير على الأفراد المطلقة" (¬5) . وقال السخاوي: قال ابن دقيق العيد في (شرح الإلمام) : "روى مناكير لا يقضى بمجرد ترك روايته حتى تكثر المناكير في روايته، وينتهي إلى أن يقال فيه: منكر الحديث، لأن منكر الحديث وصف في الرجل يستحق به الترك لحديثه". والعبارة الأخرى لا تقتضي الديمومة، كيف وقد قال أحمد بن حنبل في (محمد بن إبراهيم التيمي) : "يروي أحاديث منكرة". وهو ممن اتفق عليه الشيخان، وإليه المرجع في حديث: "إنما الأعمال بالنيات" (¬6) . ¬
وهذه بعض الألفاظ التي أطلقها أبو زرعة على بعض الرجال، وعدد من الأحاديث: روى غير حديث منكر، حدث بحديث منكر، أنكر حديثه جداً، يحدث بغير حديث منكر، حدث بمناكير، منكر الحديث يحدث بمناكير، منكر الحديث يحدث بمناكير كثيرة عن قوم ثقات، كل حديثه منكر واه، حديث منكر، حديث منكر جداً، حديث منكر واه. وكان يضعف أحيانا بعض الرواة، لأنهم من أصحاب الرأي، وسبب التجريح هذا يرجع إلى الاختلاف بين منهج أهل الرأي، وأهل الحديث في استنباط الأحكام والأخذ ببعض الأصول، وزاد ذلك الاختلاف قول بعضهم بخلاف معتقد أهل السنة والجماعة كالقول بالإرجاء أو استحسان رأي الجهمية والقول به، أو الخوض في مسألة خلق القرآن. وهذه معظم أقوال أبي زرعة في ذلك. ليس من أهل العلم، وقال مرة كان جاهلا من أصحاب الرأي، كان يتأله ولكنه كان من القوم، كان أبو يوسف استقضاه. كان جهمياً من أصحاب الرأي أو يسمي بعض أئمة أهل الرأي ويقول: جهمي. وأختم هذا الفصل بأقوال قد انفرد فيها أو تابع غيره ويصعب إلحاقها بمراتب ألفاظ التجريح إلا بعد سبر الأقوال، ومطابقتها مع بعضها البعض. وهي: ليس بذا خبر، ربما أنكر وساء الرأي فيه. أضرب على حديثه، إن هذا يحتاج إلى أن يحبس في السجن، كان ينبغي لك أن تكبر عليه- يخاطب بهذا الكلام البرذعي- هو في موضع أن بين الحديث، حرك رأسه، حرك رأسه كالمتقي من ذكري له، لم يثبت حديثه، في موضع لا يحدث عنه، كويتب، ما مات حتى قرأ ما ليس من حديثه، لا أعرفه إلا في حديث منكر، لا أعرفه، وقال عن حديثه باطل زور، كلح وجهه وقال بيده هكذا، كان لا يعقل هذا الشأن، لم يكن من أهل الحديث، هذا رجل ليس كتبه معه، واهي الحديث منكر الحديث لا أعلم له حديثاً صحيحاً، يخطىء كثيرا، واهي الحديث وغلظ فيه القول، أساء الثناء عليه، أساء الثناء عليه جداً، أساء الرأي فيه وأمر بالضرب على حديثه، غلظ فيه القول جداً، لا يبالي بما تكلم به وما خرج ولسانه قليل الدعة، يرسل
كثيرا، أفسدوه بآخره، ترك الناس حديثه إلا أن أحمد ربما ذكره، في حديثه شيء ربما وهم، لم يكن عندي ممن يحفظ الحديث، راوي هذا الحديث مجنون كم من كذاب يكون مجنونا، كان رديء الحفظ، ما هو عندي في موضع يروى عنه. 9- ملاحظات حول كتاب أسامي الضعفاء والمتكلم فيهم لأبي زرعة الرازي ¬
7- طريقته مشابهة للإمام البخاري في كتابه الضعفاء الصغير، وقد يتفق معه في بعض الرواة فينقل أحياناً أقوال نفس الأئمة الذين نقل عنهم البخاري، ويخالفه في الحكم على الكثير من الرجال. واتفاقهما على تجريح هؤلاء الرواة يرجع إلى تأثرهما بنفس المنهج في المدرسة التي ينتميان إليها في الجرح والتعديل. 8- ربما يورد بعض الرواة الثقات الذين ضعفوا بشيء أو تكلم فيهم أحد الأئمة بنوع من التجريح. 10- تراجم رواة الأجوبة 1- أحمد بن طاهر بن النجم الحافظ المتقن، أبو عبد الله الميانجي رحل وسمع أبا مسلم الكجي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأحمد بن هارون البرذعي الحافظ، وطبقتهم، وتبصر في هذا العلم بسعيد بن عمر البرذعي، وحدث عنه عبد الله بن أبي زرعة القزويني، ويعقوب بن يوسف الأردبيلي، وأحمد بن فارس اللغوي الذي قال فيه: "ما رأى ابن النجم مثل نفسه، ولم أر مثله". توفي بعد سنة 350 هـ (¬1) . 2- يعقوب بن موسى، أبو الحسين الأردبيلي. قال عنه الخطيب: "سكن بغداد، وحدث بها عن أحمد بن طاهر بن النجم الميانجي، عن سعيد ابن عمرو البرذعي سؤالات وتعاليق، عن أبي زرعة الرازي ولم يكن عنده شيء يرويه غير ذلك. روى عنه الدارقطني، وحدثنا عنه البرقاني، وكان ثقة أميناً فاضلاً فقيهاً على مذهب الشافعي توفي في شهر ربيع الآخر من سنة 381 هـ. قال عنه البرقاني والأزهري: "كان ثقة" (¬2) . 3- الإمام الحافظ شيخ الفقهاء والمحدثين، أبو بكر أحمد بن محمد ابن أحمد بن ¬
غالب الخوارزمي البرقاني الشافعي، شيخ بغداد، سمع من أبي العباس بن حمدان بخوارزم، ومن أبي علي بن الصواف، وطبقتهم، رحل إلى بغداد، وجرجان، واسفرايين، ونيسابور، وهراة، وصنف التصانيف وخرج على الصحيحين، حدث عنه أبو بكر البيهقي، والخطيب البغدادي، وأبو إسحاق الشيرازي، وأبو طاهر أحمد بن الحسن الكوفي، وأبو المصل بن خيرون، ويحيى بن بندار، وآخرون. توفي سنة425هـ (¬1) . 4- الحافظ العالم الناقد، أبو الفضل أحمد بن الحسن بن أحمد بن خيرون البغدادي بن الباقلاني. سمع أبا علي بن شاذان، وأبا بكر البرقاني، وأحمد بن عبد الله بن المحاملي، وخلائق بعدهم حتى سمع من أقرانه. روى عنه شيخه أبو بكر الخطيب، وأبو القاسم بن السمرقندي وإسماعيل بن سعد الصوفي، وخلق كثير. ذكره السمعاني في الأنساب وقال عنه: "ثقة عدل متقن واسع الرواية كتب بخطه الكثير، وكان له معرفة بالحديث". توفي في رجب سنة 488 هـ (¬2) . 5- ثابت بن بندار بن إبراهيم بن الحسن بن بندار البقال، أبو المعالي يعرف بابن الحمامي، ولد سنة 416 هـ وسمع أبا الحسن بن رمة، وأبا بكر البرقاني، وأبا علي بن شاذان في خلق كثير، وحدث وأقرأ، وكان ثقة ثبتاً صدوقاً. قال عنه ابن الجوزي: "حدثنا عنه أشياخنا آخرهم ولده يحيى، وكان أبو بكر ابن الخاضبة يقول: ثابت ثابت". توفي سنة 498 هـ (¬3) . 6- أبو محمد بن عبد الملك بن عبد القاهر بن أسد بن مسلم المؤدب الأسدي من أهل بغداد، حدث عن أبي علي الحسن بن أحمد بن شاذان البزاز. ¬
سمع عنه أبو طاهر السنجي، وأبو المظفر البغدادي، وعبد الخالق بن يوسف، وهو من أهل نصيبين (¬1) . 7- أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن محمد بن خزاداد الوزان الباقلاني، القاضي الرجل الصالح ولد سنة 401 هـ، روى عن أبي عبد الله المحاملي وأبي علي بن شاذان وابن البرقاني، وأبي العلاء الواسطي، وغيرهم. قال عنه ابن الجوزي: "حدثنا عنه أشياخنا وهو من بيت الحديث، وكان شيخاً صالحاً كثير البكاء من خشية الله تعالى صبوراً على إسماع الحديث" توفي سنة 500 هـ (¬2) . 8- الشيخ أبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار البغدادي البقال سمع من طراد وجماعة. توفي سنة 566 هـ وقد نيف على الثمانين (¬3) . 11- وصف المخطوطة هذه المخطوطة من جملة موقوفات مكتبة كوبرلي الشهيرة في تركيا رقمها 40/3 (¬4) مجموعة أوراقها (39) ورقة، وتتكون كل ورقة من صفحتين (أ، ب) وتتراوح عدد الأسطر في كل صفحة مابين (23- 25) سطرا، وفي كل سطر (15) كلمة تقريبا. والمخطوطة عبارة عن جزأين من الأجزاء الحديثية كتب الناسخ في الصفحة الأولى ما نصه (الجزء الأول وهو النصف من كتاب الضعفاء والكذابين ¬
والمتروكين من أصحاب الحديث) وكذلك في اللوحة الحادية والعشرين كتب مانصه (الجزء الثاني وهو النصف الآخر من كتاب الضعفاء ... الخ) وهذه النسخة مسندة حيث كتب سند روايتها في اللوحة (1، 2- أ-، 21، 21 - أ-) ولقد حدث البرذعي بكتابه هذا في يوم الاثنين سنة إحدى وتسعين ومائتين بأردبيل (¬1) . والمخطوط كما عرفنا يتكون من أجوبة أبي زرعة على أسئلة البرذعي مع تضمينه كتاب الضعفاء لأبي زرعة، والذي يبتدىء من الورقة (25- 28) أما الخط الذي استعمله الناسخ فهو خط معتاد، دقيق يبدو الطمس في كثير من المواضع- وقد لاقيت في قراءته ونسخه مشقة بالغة- والخط دقيق ويميل الناسخ إلى مزج كثير من الكلمات، وكذلك غير معجمة فمثلا يكتب (عثمان) هكذا (عثمن) ويوصل اللام في خالد بالألف فتكتب هكذا (خلد) أما كلمة ابن فيكتبها في معظم الأماكن ممزوجة وتظهر وكأنها حرف مائل متصل بالكلمة التي تلي ذلك الاسم، وكذلك فهو لا يهمز، وإضافة إلى هذا فقد وقع في أخطاء إملائية نبهت عليها. وهذا المخطوط كتب في أواخر جمادى الآخرة سنة 618 هـ. أما الناسخ فهو: الحافظ البارع مقيد الشام تقي الدين أبو الطاهر إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن بن الأنماطي المصري الشافعي، ولد في حدود سنة 570 هـ. سمع من القاضي محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، وأبي القاسم البوصيري، وابن سكينة، وأبي الفتح المندائي، وأبي طاهر الحشويع، وأبي محمد بن عساكر، وغيرهم. قال عمر بن الحاجب: كان إماماً، ثقة، حافظا، مبرزا، واسع الرواية، وعنده فقه وأدب ومعرفة بالشعر وأخبار الناس، ولقد اشتغل منذ صباه وتفقه، وأقرأ الأدب وسمع الكثير وحج سنة إحدى وستمائه وكانت له همة وافرة، وجدٌ واحتهادٌ، ومعرفة كاملة وحفظ وفصاحة وفقه وسرعة فهم واقتدار ¬
على النظم والنثر، وكان معدوم النظير لوقته. وقال الذهبي: كتب بخطه المليح الرشيق ما لا يوصف كثرة. توفي سنة 619 هـ (¬1) . 1 2- منهجي في التحقيق 1- ضبط أسماء الأعلام المذكورين، وتمييز المتشابه منهم، مع التعريف بأصحاب الكنى. 2- بالنسبة لرجال الكتب الستة وضعت أمام كل رجل منهم إشارة تدل على الكتب التي خرجت حديثه وكذا رجال الأربعة- أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد- إن ورد وثبت الرموز المستخدمة عند المحدثين بقائمة حتى يكون القارىء على علم بها. 3- تثبيت مواضع النصوص المنقولة عن أبي زرعة في مصنفات الجرح والتعديل والتاريخ وغيرها. 4- إذا لم أجد من نقل قول أبي زرعة في الراوي، أكتفي بذكر المصادر التي تنقل أقوال أبي زرعة والتي فيها ترجمة ذلك الراوي، أو أكتفي في بعض الأحيان بذكر أقوال بعض أئمة الجرح والتعديل أو أحدهم. 5- نقل أبو زرعة أو البرذعي أقوال بعض الأئمة في الرواة المجروحين فثبت أقوالهم من كتبهم أو من كتب الجرح والتعديل التي نقلتها عنهم. 6- خرجت الأحاديث المذكورة في النص واعتمدت في التخريج على كتب السنة النبوية، وكذلك خرجتها من كتب التواريخ المحلية أيضا ومن بعض الكتب الأخرى كحلية الأولياء، وغيرها، ولم أذكر إلا الطرق التي تتفق مع نفس النص، ومن طريق الصحابي المذكور. ¬
7- ذكرت أسماء السور وأرقام الآيات التي ذكرت في النص، وكذلك عرفت بالأماكن المذكورة. 8- قد يجرح أبو زرعة بعض رجال الصحيح فأضطر إلى ذكر أقوال الأئمة في ذلك الراوي مع قول ابن حجر في هدي الساري حيث دافع فيه عن رجال البخاري المتكلم فيهم. 9- اعتمدت في تعريف كثير من الرواة على ما ذكر ابن حجر فيه في تقريب التهذيب، وأكتفي بالإحالة على تهذيب التهذيب، وميزان الاعتدال وغير ذلك. 10- حصرت الكلمات والحروف الساقطة من النص بين قوسين معكوفين وكذا بعض الحروف التي لا بد من وجودها لاستقامة النص.
كتاب الضعفاء لأبي زرعة الرازي في أجوبته على أسئلة البرذعي
كتاب الضعفاء لأبي زرعة الرازي في أجوبته على أسئلة البرذعي النص المحقق سند النسخة (¬1) عن (¬2) أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم، وأبي حاتم محمد بن إدريس الرازيين- رحمهما الله-. مما سألهما عنه، وجمعه، وألفه أبو عثمان سعيد بن عمرو بن عمار البرذعي الحافظ- رحمه الله-. رواية أبي عبد الله أحمد بن طاهر بن النجم (¬3) الميانجي عنه. رواية أبي الحسين يعقوب بن موسى الفقيه الأردبيلي عنه. رواية أبي بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني الحافظ عنه. رواية أبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون بن إبراهيم الأسدي، وأبي المعالي ثابت بن إبراهيم بن بندار البقال، وأبي سعد محمد بن عبد الملك بن عبد القاهر بن أسد بن مسلم المؤدب (¬4) ، وأبي غالب محمد بن الحسن بن ¬
أحمد بن الحسن بن محمد بن خزادار الوزّان، عنه، رواية الشيخ (¬1) أبي القاسم يحيى بن ثابت بن بندار البقال، عن أبيه، وعن أبي غالب إجازة، عن البرقاني كذلك (¬2) . [2- أ-] بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله بجميع محامده، وسلام على عباده الذين اصطفى. أخبرنا (¬3) أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون بن إبراهيم الأسدي، وأبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم بن الحسن بن بندار البقال، وأبو سعد محمد بن عبد الملك بن عبد القاهر بن أسد بن مسلم المؤدب، وأبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن محمد بن خزادار الوزان قالوا: أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي البرقاني الحافظ قال أبو المعالي وأبو غالب- إجازة- قال: أنا أبو الحسين يعقوب بن موسى الأردبيلي الفقيه قال: أنا أبو عبد الله أحمد بن طاهر بن النجم الميانجي قال: حدثني أبو عثمان سعيد بن عمرو (¬4) بن عمار البرذعي قراءة عليَّ من كتابه يوم الاثنين سنة إحدى وتسعين ومائتين بأردبيل (¬5) قال: سألت أبا زرعة عبيد الله بن عبد الكريم عن عبد الله بن مسلم هرمز (¬6) ؟ قال: "ليس بالقوي". قلت: سيف بن عمر (¬7) ؟ قال: "ضعيف الحديث". ¬
قلت: يروى عن يحيى القطان (¬1) أنه قال: "الأفريقي، (¬2) ثقة، رجاله (¬3) لا نعرفهم؟ ". فقال لي أبو زرعة: "حديثه عن هؤلاء لا يدري" (¬4) ، ولكنه حدث عن عبد الله بن سعيد (¬5) ، عن سعيد بن المسيب (فيمن أتى بهيمة) (¬6) ، وهو منكر. قلت: فكيف محله عندك؟ قال: يقارب يحيى بن عبد الله" (¬7) ، ونحوه. ¬
وسمعت أبا زرعة، وأبا حاتم يقولان: "سمعنا سليمان بن حرب (¬1) يقول: كتبت عن شيوخ، فغلست ما كتبت عنهم بالماء ورميت به، منهم الحكم بن عطية" (¬2) . وسمعت أبا زرعة يقول: "داود العطار (¬3) ليس بذاك الثبت". قلت: مبشر بن عبيد (¬4) ؟ قال: هو عندي ممن يكذب. قلت: سيف بن محمد (¬5) ؟ قال: ":ضعيف الحديث". قلت: أبو حريز المصري (¬6) ؟ قال: "منكر الحديث جداً يسمى سهلاً". ¬
قلت: عثمان بن فرقد (¬1) قال: "ضعيف الحديث، حدثنا عنه علي بن المديني (¬2) وهو ضعيف، وحدثنا، عن أبي داود (¬3) ، عن أبي عبادة الأنصاري (¬4) صاحب الزهري (¬5) ، وهو ضعيف. قلت: عبد الأعلى بن أعين (¬6) ؟ قال: "ضعيف الحديث". وعبد الأعلى بن أبي المساور (¬7) : "ضعيف جداً". ¬
أبو زرعة قال: حدثنا إبراهيم بن موسى (¬1) قال: سمعت ابن أبي زائدة (¬2) يقول: قلت لعبد الرحيم بن سليمان (¬3) "لا يحدث عن عبد الأعلى الجرار بشيء" (¬4) . قلت: مطهر بن الهيثم (¬5) قال: "منكر الحديث"، حدثنا عنه محمد بن مرزوق (¬6) يحدث عن المثنى بن سعيد (¬7) ، عن أنس (¬8) ، عن النبي [2 - ب-] ، صلى الله عليه وسلم بحديث منكر. ¬
قلت: ابن أبي روّاد (¬1) ، عن ابن جريح (¬2) ، عن عطاء (¬3) ، عن ابن عباس (¬4) "كلام القدرية كفر"؟ قال: "هذا عندي باطل، إنما روى هذا أبو عصمة نوح بن أبي مريم (¬5) ، ليس هذا من حديث ابن جريج، ابن أبي رواد، أخاف أن يكون قد عمل في هذا عملا، ألا ترى أنه يقول في آخره: ولا أعلم قوما خيرا من قوم أرْجَوْا". قال لي أبو زرعة: ابن عباس يقول مثل هذا، ثم قال لي أبو زرعة: "كان ¬
ابن أبي رواد مرجئا" (¬1) ، وشهدت أبا زرعة ذكر عبد الرحمن بن مهدي (¬2) ومدحه، وأطنب في مدحه، وقال: "وهم في غير شيء"، قال: "عن شهاب بن شريفة (¬3) . وإنما هو شهاب بن شرنفة، وقال عن سماك (¬4) ، عن عبد الله بن ظالم (¬5) . ¬
وإنما هو مالك بن ظالم (¬1) ، وقال: عن هشام (¬2) ، عن الحجاج، عن عائد بن بطة (¬3) ، وإنما هو ابن نضلة، عن علي (¬4) في الحدود، وقال: عن قيس بن جبير، وإنما هو قيس بن حبتر (¬5) يعني حديث الحسن بن عمرو، عن ¬
غالب بن عباد (¬1) ، عن قيس ابن حبتر في (العمة والخالة) (¬2) . قلت: عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان (¬3) في موضع يحدث عنه؟ وكنت شهدته، وروى عنه حديثاً فقال لي: لا، وكان قرأ له حديثاً فقال لي إنما كتبته لأن بعده حديثاً (¬4) مثله، وسمعته ذكر عبد الله بن سلمة الأفطس (¬5) فقال: "كان عندي صدوق، ولكنه كان يتكلم في عبد الواحد ابن زياد (¬6) ويحيى القطان" (¬7) . ¬
وذكر له يونس بن أبي إسحاق (¬1) ، فقال: "لا ينتهي يونس حتى يقول: سمعت البراء (¬2) قال لي أبو زرعة: فانظر كيف يرد أمره". قال أبو زرعة: "كل من لم يتكلم في هذا الشأن على الديانة، فإنما يعطب (¬3) نفسه كل من كان بينه وبين إنسان حقد أو بلاء يجوز أن يذكره. كان الثوري (¬4) ، ومالك (¬5) يتكلمون في الشيوخ على الدين فنفذ قولهم ومن لم يتكلم فيهم على غير الديانة يرجع الأمر عليه". قلت لأبي زرعة: عبد الله بن دينار الشامي (¬6) ؟ قال: "شيخ ربما أنكر" قلت ¬
عبد الله بن دينار (¬1) الذي يروي عن أنس حديث (الرويضة) (¬2) هو هذا؟ قال: لابن إسحاق (¬3) ما له وهذا؟ قال أبو عثمان: وقد كان رجل من أصحابنا ذاكرني بهذا الحديث، عن شيخ ليس عندي بمأمون، عن أبي قتيبة (¬4) ، عن عبد الله بن المثنى (¬5) ، عن ¬
عبد الله بن دينار، عن أبي الأزهر (¬1) ، عن أنس، وذكرت لأبي زرعة هذا أنه صاحب أنس ولم أجترأ [أ] (¬2) أن أذكر له أنه من رواية هذا الرجل لأنه لم يكن يرضاه فقلت له: هو هذا الشامي؟ فأجابني بهذا". قلت: أحاديث فرقد (¬3) ، عن مرة (¬4) ؟ قال: "منكرات". قلت: العلاء بن بشر [3- أ-] ، الشامي (¬5) ؟ قال: ضعيف الحديث يحدث، عن مكحول (¬6) ، عن واثلة (¬7) بمناكير. قلت: مصعب بن سلام (¬8) قال: "ضعيف الحديث". قلت: حدث عن ¬
أبي بكر الزبرقان (¬1) ، عن حبيب بن يسار (¬2) ، عن زيد بن أرقم (¬3) "ليس منا من لم يأخذ من شاربه" (¬4) ؟ فقال: "منكر، إنما روى هذا يوسف بن صهيب (¬5) ، وأنكره عن الزبرقان (¬6) . وشهدت أبا زرعة ذكر أبا قتادة الحراني (¬7) فقال: "سمعت ابن نفيل ¬
يقول (¬1) : قرأ يعني أبا قتادة كتاب مِسعر (¬2) فبلغ (شك أبو نعيم) (¬3) فقال: ما هذا؟ قال أبو زرعة: وذكر ابن نفيل يوما: مات فلان سنة كذا لشيوخه. فقيل له: متى مات أبو قتادة؟ إنما يسأل، عن تاريخ العلماء فظننت أنه سلط عليه، وذلك أن ابن نفيل حدث فقيل لأبي قتادة حدث ابن نفيل؟ فقال: ابن أخت ذاك الصبي يعني سعيد بن حفص (¬4) فجعلت أعجب من استخفافه به، ثم سلط هذا عليه كما ترى. قلت: عبد العزيز بن أبان (¬5) ؟ فقال: سمعت ابن نمير (¬6) يقول: "ما مات عبد العزيز حتى قرأ ما ليس من حديثه". ¬
قلت: سعيد بن خالد بن أبي طويل (¬1) ؟ قال: "ضعيف الحديث، حدث عن أنس (¬2) بمناكير. قلت: روى عنه غير محمد بن شعيب (¬3) ؟ قال: لا أعلمه". قلت: حكيم بن نافع الرقي (¬4) ؟ قال: "واهي الحديث". قلت: بشر بن يحيى (¬5) بن حسان (¬6) ؟ قال: "خراساني من أصحاب الرأي كان لايقبل العلم (¬7) ، وكان أعلى أصحاب الرأي بخراسان، فقدم علينا فكتبنا (¬8) عنه، وكان يناظر فاحتجواعليه بطاووس، فقال بالفارسية: يحتجون علينا بالطيور". ¬
قال أبو زرعة: "كان جاهلاً، بلغني أنه ناظر إسحاق بن راهويه (¬1) في القرعة، فاحتج (¬2) عليه إسحاق بتلك الأخبار الصحاح، فأفحمه، فانصرف ففتش كتبه. فوجد في كتبه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى، عن القزع" (¬3) فقال لأصحابه: قد وجدت (¬4) حديثاً أكسر به ظهره، فأتى إسحاق، فأخبره. فقال إسحاق (¬5) : إنما هذا القزع أنه يحلق بعض (¬6) رأس الصبي، ويترك بعض". قلت: محمد بن مسروق القاضي (¬7) ؟ قال: شيخ، حدث عن الوليد ¬
ابن جميع (¬1) ، عن أبي الطفيل (¬2) عن سعيد بن زيد (¬3) بحديث أوهم فيه. قلت: فأصححه؟ قال: حدثنا أبونعيم قال: الوليد بن جميع قال: حدثني من سمع سعيد بن زيد يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد" (¬4) . قلت: محمد بن عبد الله بن نمران (¬5) ؟ قال: "منكر الحديث، لايكتب حديثه". ¬
شهدت أبا زرعة ذكر كامل بن طلحة (¬1) : فقال: "كان أبو كامل الفضيل بن الحسين بن طلحة، [وكان كامل بن طلحة] (¬2) عمه، وكان يحيى بن أكثم ضربه، وأقامه للناس في شهادة [3- ب-] فاتضحت (¬3) أسبابه، وكان لا يدفع عن سماع". قلت: محمد بن الحجاج اللخمي (¬4) ؟ قال: "يروي أحاديث موضوعة، عن عبد الملك بن عمير (¬5) ، وغيره". قلت: فمحمد بن الحجاج المصفر (¬6) ؟ قال: وهذا أيضاً يروي أباطيل، ¬
عن شعبة (¬1) ، والدراوردي (¬2) . قلت: فهما قريبان من السواء؟ قال: لا، اللخمي كان في أيام هشيم (¬3) ، وهذا بعد. قلت: إنما أردت أنهما يقاربان في رواية الأباطيل؟ قال: أما في هذا يتقاربان". قلت: جارية بن هرم الفقيمّي (¬4) ؟ قال: "يروي عن ابن عون (¬5) ، وغيره بصري لين الحديث". قلت: الفضل الرقاشي (¬6) ؟ قال: "شيخ صالح إلا أنه ضعيف، وكان ¬
قدريا، وكان قاصا يذكر، وهو خال المعتمر (¬1) ، حدث عنه، أبو عاصم (¬2) العباداني (¬3) ، عن ابن المنكدر (¬4) ، عن أبي هريرة" (¬5) . قلت: يحيى بن سلام المغربي (¬6) ؟ قالك "لا بأس به ربما وهم". قلت: حدث عن سعيد (¬7) ، عن قتادة (¬8) ، عن أنس، عن النبي صلى ¬
الله عليه وسلم "أتدرون أي شجرة أبعد من الخارف" (¬1) ؟ فأنكره أبو زرعة، وقال لي: حدثنا أبو سعيد الجعفي (¬2) قال: نا يحيى بن سلام، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} (¬3) قال: مصر، وجعل أبو زرعة يعظم هذا، ويستقبحه. قلت: فأيش أراد بهذا؟ قال: "هو في تفسير سعيد (¬4) ، عن قتادة (¬5) مصيرهم، وأنكر أبو زرعة حديث الخارف الذي ذاكرته له، ولم يخبرني بعلته، ولا أدري علمه فسكت عنه، أو لم يحفظه". قال أبو عثمان: "وقد ذكر الحديث، وعلته ليهتدي إليه من لا يعرفه". حدثنا بحر بن نصر الخولاني (¬6) ، نا يحيى بن سلام (¬7) ، نا سعيد، عن قتادة، ¬
عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي شجرة أبعد من الخارف أو الخاذف؟ شك بحر. قالوا: فرعها. قال: فكذلك الصف المقدم هو أحصنها من الشيطان". حدثنا زياد بن أيوب (¬1) ، نا هشيم (¬2) ، نا منصور (¬3) ، عن قتادة، عن أبي قلابة (¬4) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي الشجر أمنع من الخارف؟ قالوا: أطولها فرعاً، قال: فكذلك الصف الأول هو أمنع من الشيطان"، وهذا عندنا علة حديث يحيى بن سلام، وله أصل من حديث قتادة إلا أنه أوهم في قوله، عن أنس. وسمعت أبا زرعة يقول: سمعت يحيى بن عبد الله بن بكير (¬5) يقول: ¬
"كان عنبسة (¬1) الذي يروي عن يونس (¬2) يقيم الناس في الشمس ويصب عليهم الزيت في أداء الخراج". قلت لأبي زرعة: سعيد بن داود الزنبري (¬3) ؟ قال: "ضعيف الحديث، ¬
حدث عن مالك (¬1) ، عن [4- أ-] أبي الزناد (¬2) ، عن خارجة بن زيد (¬3) ، عن أبيه (¬4) بحديث باطل، ويحدث بأحاديث مناكير، عن مالك، وقد روى أبو زرعة حديث خارجة هذا، عن رجل عنه أملاه علينا إملاء" (¬5) . قلت: بكر بن بكار (¬6) ؟ قال: "ليس بالقوي". قلت: عبد الرحمن بن حماد الشعيثي (¬7) ؟ قال: "شيخ، ليس بذاك". ¬
قلت: الزبير بن سعيد (¬1) ، قال: شيخ روى عنه، جرير ابن حازم (¬2) ، وابن المبارك (¬3) ، وإسماعيل بن زكرياء (¬4) . قلت: ثابت بن سرج الدوسي (¬5) ؟ قال: "مجهول لا أعرفه إلا في حديث روى عنه الوليد بن مسلم (¬6) ، عن سالم، ولا أحسبه ابن عبد الله ابن عمر (¬7) هو ¬
عندي لسالم بن عبد الله المحاربي (¬1) أشبه، وإن كان مرسلا". قلت: الحسين السدي؟ فضحك، وقال: "روى عنه ابن حميد (¬2) ، وهو ذا أجهد جهدي أن أقف على معرفته، عمن يروي فلا أقدر عليه قد كفانا مؤونة الأسانيد بما يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم، قال عنه أشياء ليست لها أصول ولا أدري عمن حدثها". وقال لي أبو زرعة: قال يحيى يعني ابن بكير (¬3) ، احترق حصن لابن لهيعة (¬4) ، ¬
فبعث إليه الليث (¬1) بمائة دينار (¬2) ، وأنكر يحيى (¬3) أن يكون احترق [ت] كتب لابن لهيعة. قال أبو زرعة: "لم تحترق كتبه، ولكن كان رديء الحفظ". وسمعت أبا زرعة يقول: "سماع يونس بن أبي إسحاق (¬4) ، وزكرياء (¬5) ¬
وزهير (¬1) عن أبي إسحاق (¬2) بعد الاختلاط (¬3) . قال أبو زرعة: "إذا مات شعبة (¬4) وسفيان (¬5) فزهير (¬6) ، خلف ثم زائدة" (¬7) . قلت لأبي زرعة: عيسى بن المسيب (¬8) ؟ قال: "قاضي الكوفة، ليس بالقوي". ¬
وقال لي أبو زرعة: "ما تركت الكتاب عن عبد المؤمن بن علي (¬1) إلا خوفا من أهل البلد أن يشنعوا علي بإتياني إياه". وقال لي أبو زرعة: "ذكرت لأبي جعفر النفيلي (¬2) ، أن أحمد (¬3) حدثنا، عن أبي قتادة (¬4) فاغتم، وقال: قد كتبت إليه أن لا يحدث عنه قال أبو زرعة: "وإنما كان أحمد حدثنا عنه في المذاكرة، ذكرنا ما روى عكرمة (¬5) ، عن الهرماس (¬6) ، وكان عبد الله بن عمران الأصبهاني (¬7) حاضرا فذكر حديث يحيى بن ¬
ضريس (¬1) فكتب أحمد عنه. قال أحمد: وحدثنا عبد الله بن واقد، عن عكرمة فذكر حديث الهرّماس فعلقته حفظا. قلت: محمد بن سلمة بن كهيل (¬2) ؟ قال: "هوعندي قريب من يحيى ابن سلمة (¬3) إلا أن يحيى [ضعيف] (¬4) جداً، ومحمد عندي ضعيف إلا أن محمدا ما أقل من يروي عنه، روى عنه سفيان بن عيينة (¬5) ، وحسان بن إبراهيم (¬6) ، وعلي بن هاشم بن البريد" (¬7) . قال أحمد بن طاهر (¬8) : أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل (¬9) قرىء عليه، وأنا ¬
أسمع فقال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الله بن واقد (¬1) ، عن عكرمة [4- ب-] ابن عمار (¬2) ، عن الهرماس (¬3) أو أبي الهرماس كذا قال عبد الله ابن أحمد، قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي نحو الشام" (¬4) . قيل: عطاء بن جبلة (¬5) ؟ قال: "منكر الحديث. قلت: من روى عنه؟ قال: يحدث عن الأعمش (¬6) ، وغيره، روى عنه إبراهيم بن موسى" (¬7) . ¬
وقال لي أبو زرعة كان الحسين بن الفرج الخياط (¬1) من الحفاظ قدم علينا، وعندنا إبراهيم بن سعيد الجوهري (¬2) ، وكان ها هنا فتى يقال له الحسين الديناري (¬3) ، وكان عنده حديث القاسم بن عبد الله العنقزي (¬4) ، وحديث طحرب العجلي (¬5) فادعاه الحسين، وحدث به، عن القاسم، فكان الحسين الديناري يتذمر، ويقول من أين له هذا، ومتى سمع هو هذا؟ فقال إبراهيم الجوهري رحمه الله (¬6) وكان مزاحاً، كان الحسين (¬7) الديناري عنده حديث يتسوق به فجاءه هذا (¬8) مطره منه، وحكى أيضاً، عن المعيطي قال: كان عندي ¬
حديثان (¬1) أتسوق بهما فجاء الحسين بن الفرج فطرهما مني، وكان الحسين بن الفرج إذا دخل على المعيطي (¬2) ضم كتبه إليه، وقال حذاري حذاري" (¬3) . وسمعت أبا زرعة يقول: ليس على يعقوب الزهري (¬4) قياس، يعقوب الزهري، وابن زبالة (¬5) ،والواقدي (¬6) ، وعمر بن أبي بكر المؤملي (¬7) ، يقاربون في الضعف في الحديث، وهم واهون. ¬
قال لي أبو عثمان: "عمر بن أبي بكر المؤملي آفة من الآفات". قلت لأبي زرعة: بشار بن كدام (¬1) ؟ قال: "ضعيف الحديث، حدث عن محمد بن زيد (¬2) ، عن ابن عمر (¬3) ، عن النبي صلى الله عليه وسلم "الحلف حنث أو ندم" (¬4) ، ورواه عاصم بن محمد بن زيد (¬5) عن أبيه، قال: كان عمر (¬6) ¬
يقول: اليمين مأثمة" (¬1) ، حدثناه أحمد بن يونس (¬2) ، وجماعة". قلت: بشار بن الحكم أبو بدر (¬3) قال: "ضعيف الحديث، روى عنه عمر بن أبي خليفة (¬4) وإبراهيم بن الحجاج (¬5) يحدث، عن ثابت (¬6) مناكير". قلت: عمر بن سعيد بن شريح (¬7) ؟ قال: "ضعيف الحديث، يروي عن ¬
الزهري (¬1) أحاديث مقلوبة. قلت: من روى عنه؟ قال: جماعة منهم ابن أبي حبيبة (¬2) ، وموسى بن يعقوب الزمعي (¬3) ، والفضيل بن سليمان" (¬4) . قلت: عبد الله بن عبد العزيز الليثي (¬5) ؟ قال: "ضعيف الحديث". ¬
قلت: عبد الله بن دكين (¬1) ؟ قال: "ضعيف الحديث". قلت: عبد الملك بن قدامة (¬2) ؟ قال: "منكر الحديث". قلت: حميد مولى علقمة المكي (¬3) ؟ قال: "ضعيف الحديث". وسألت أبا حاتم عنه، وكان حاضراً؟ قال: "إنه قد لزم عطاء (¬4) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم". وسألت أبا زرعة، عن سليمان بن عطاء (¬5) ؟ فقال: "منكر الحديث". وقال لي أبو زرعة: "ذكرت ليحيى بن معين (¬6) حديث [5- أ-] زياد يعني ابن ¬
أبي حسان (¬1) ، عن أبي عثمان (¬2) عن أسامة (¬3) فأنكره، وقال: من رواه؟ قلت: محمد بن عبد الله الرّزي (¬4) قال: ما حدثنا ابن علية (¬5) ، عن زياد بن أبي حسان إلا حديثاً واحدا عن عمر بن عبد العزيز (¬6) ، ثم قال لي: الذي لا يدري هو بالنيل، أو بالكوفة". قال أبو زرعة: "قلت: يقال أن منصور بن أبي مزاحم رواه (¬7) ، فقال: كويتب". ¬
وقال لي أبو حاتم وكان حاضرا: "هذا زياد الجصاص (¬1) روى هذا الحديث محمد بن خالد الوهبي (¬2) ، عن زياد الجصاص". قال أبو زرعة: "زياد الجصاص شيخ، وسعّاد ضعيف" (¬3) . قلت: حميد بن قيس (¬4) صاحب عبد الله بن الحارث (¬5) ؟ قال: "ضعيف الحديث". ¬
قلت: حميد بن قيس المكي (¬1) ؟ قال: "من الثقات هو أخو عمر بن قيس المكي" (¬2) ، ثم قال: "ما أبعد ما بين الأخوين، انظر إلى حميد في أي درجة من العلو، وانظر إلى عمر في أي درجة من الوهاء". قلت: أبو واقد صالح بن محمد (¬3) ؟ قال: "ضعيف الحديث". وسمعته ذكر الخطاب بن القاسم الحراني (¬4) ، فقال: "منكر الحديث"، يقال: "إنه اختلط وتغير قبل موته". قلت: الربيع بن حظيان (¬5) ؟ قال: "منكر الحديث، حدث عن الزهري ¬
بحديث منكر، روى عنه عبد ربه بن ميمون" (¬1) . قلت: رباح بن عبد الله (¬2) ؟ فقال: "كان أحمد بن حنبل يقول: وأشار أبو زرعة بيده إلى لسانه أي أنه كذاب، ثم قال لي أبو زرعة: "منكر الحديث، يحدث عن سهيل (¬3) ، عن أبيه (¬4) عن أبي هريرة: بئس الشعب جياد (¬5) لا أصل له عندي". قلت: عبد المنعم بن إدريس بن سفيان (¬6) ؟ قال: "واهي الحديث، ولد ¬
بعد موت أبيه (¬1) ، وحدث عن أبيه. حدثنا محمد بن علي بن داود" (¬2) . قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: "عبد المنعم بن إدريس يكذب على وهب بن منبه" (¬3) . قيل لأبي زرعة: بريد بن عبد الله بن أبي بردة (¬4) ؟ قال: "شيخ، ليس بالقويّ". قال لي أبو زرعة: خالد بن يزيد المصري (¬5) ، وسعيد بن أبي هلال (¬6) صدوقان، وربما وقع في قلبي من حسن حديثهما. ¬
قال أبو حاتم (¬1) : "أخاف أن يكون بعضها مراسيل، عن ابن أبي فروة (¬2) ، وابن سمعان" (¬3) . وشهدت أبا زرعة: ذكر سلمة بن الفضل الأبرش (¬4) ، فقال: "كان من أهل الري لا يرغبون فيه (لمعان فيه) (¬5) من سوء رأيه، (وظلم فيه) (¬6) ، وأما إبراهيم بن موسى بن موسى (¬7) فسمعته غير مرة، وأشار أبو زرعة إلى لسانه يريد الكذب، ثم قال: قال إبراهيم قال: من بهز بن أسد (¬8) أفدني عنه، فأفدته ¬
[5- ب-] ، ثم أتيت سلمة فأخبرته بمكان بهز، وسألته أن يعظم قدره إذا أتاه فلما أتاه سائله، فقال سلمة لبهز، ما اسمك؟ فغضب بهز، وقام. فقلت له: أليس قد تقدمت إليك؟ ". قال أبو زرعة: "في كتاب ناولني من يده بخطه سلمة بن الفضل. قال علي بن المديني: "ماخرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة" (¬1) . قال أبو زرعة: وقال يحيى بن معين: "هو ثقة، وحدث عنه" (¬2) . قال لي أبو زرعة: قلت لابن نمير (¬3) لم لم تكثر، عن ابن أيى زائدة (¬4) ، إنما أكثر عنه الغرباء؟. فقال: لم تكن (هيئته هيئة) (¬5) النساك. قال أبو زرعة: "لم يحدث عنه، زكرياء بن عدي" (¬6) . قال أبو زرعة: قال إبراهيم: قال لي وكيع (¬7) كتبتم، عني أكثر، أو عن ابن أبي زائدة؟. ¬
فقلنا له: عن ابن أبي زائدة. فقال لم؟ ألم أمكنكم. وسمعت أبا زرعة يحكي، عن ابن نمير، عن أبي النضر هاشم بن القاسم (¬1) ، قال: حديث زكرياء، عن الشعبي (¬2) ، إنما هو بعد الاختلاط (¬3) . قلت لأبي زرعة: عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة (¬4) ؟ قال: "ضعيف الحديث". قلت: عمر بن حمزة (¬5) ؟ قال: "ليس بذا خير". قال لي أبو حاتم: "كان ابن التل يعني عمر بن محمد بن الحسن (¬6) ¬
يصحف، يقول: معاذ بن خيل (¬1) ، وصفوان بن قُراقصة (¬2) ، وعلقمة بن مرتد (¬3) . قلت له: أبوك لم يسلمك إلى الكتاب؟ فقال: كان لنا ضبنة (¬4) شغلتنا (¬5) ، عن الحديث". وسألت أبا زرعة، عن معاوية بن أبي العباس (¬6) ؟ فقال: "نظرت بدمشق في كتاب لمروان بن معاوية، عن معاوية هذا، فرأيت أحاديث (¬7) ، عن شيوخ الثوري، وأحاديث (¬8) يعرف بها الثوري، وأبوابا للثوري، فاستربته وتركته". قال أبو زرعة: "فذكرت ذلك لابن نمير. فقال: كان هذا جار الثوري أخذ كتب الثوري فرواها عن شيوخه". وقال لي أبو زرعة: "قلت لابن نمير، شيخ يحدث عنه الحماني (¬9) يقال له ¬
علي بن سويد (¬1) . فقال: لم تفطن من هذا؟ قلت لا". قال: هو معلى بن هلال (¬2) جعل الحماني معلى علياً (¬3) ، ونسبه إلى جده وهو معلى بن هلال بن سويد. وسمعت أبا زرعة يقول: "فليح بن سليمان (¬4) ، ضعيف الحديث، وأبو ¬
أويس (¬1) ضعيف الحديث، الأ أنهما من حسن حديثهما نعمتان". قلت لأبي زرعة: جعفر بن أبي الأشجعي أبو الوفاء (¬2) ؟ قال: "واهي الحديث يحدث عن أبيه (¬3) ، عن ابن عمر بأحاديث ليست لها أصول". قيل: عفان سيار [6- أ-] الجرجاني (¬4) ؟ قال: "ربما أنكر وذكر غير حديث منكر من روايته، ورأيته يسيء الرأي فيه". قلت: عبد الكريم الجرجاني (¬5) ؟ قال: "كان يتأله، ولكنه كان من القوم، كان أبو يوسف (¬6) استقضاه". ¬
قلت: أبو بكر الكليبي؟ قال: "أبو بكر الكليبي هو عباد بن صهيب (¬1) ، قدري، داعية. إلاّ أنه شديد في الإثبات. هذا قول أبي زرعة". قال أبو عثمان: "وشهدت محمد بن بشار العبدي (¬2) ، وسئل عن عباد ابن صهيب؟ فقال: مبتدع خبيث بيننا وبينه سبب". وسألت أبا زرعة، عن أيوب بن خوط (¬3) ؟ فقال: "قدري". قلت: جارية بن هرم الفقيمي (¬4) ؟ قال: "قدري، داعية، منكر الحديث، وكلح وجهه". قلت: بسطام بن حريث (¬5) ؟ قال: "قدري، إلا أنه صدوق". قلت: زياد البكائي (¬6) ؟ قال: "يهم كثيرا، وهو حسن الحديث". ¬
قلت: معارك بن عباد (¬1) ؟ قال: واهي الحديث جداً، ولا سيما إذا حدث عن عبد الله بن سعيد المقبري (¬2) فيقع ضعف على ضعف. قلت: هارون بن حيان الرقى (¬3) ؟ قال: "منكر الحديث جداً". قلت: سالم بن عبيد (¬4) ؟ قال: "روى عنه، يزيد بن هارون (¬5) يحدث عن أبي عبد الله، عن مرة بغير حديث منكر. ولا أدري من أبو عبد الله هذا". قلت: سعيد بن سلام العطار (¬6) ؟ قال: "منكر الحديث". سمعت أبا زرعة يقول: "كان جندل بن والق (¬7) يحدث، عن عبيد الله بن ¬
عمرو (¬1) ، عن عبد الكريم (¬2) ، عن نافع (¬3) ، عن ابن عمر أن (¬4) النبي صلى الله عليه وسلم (رجم يهوديا ويهودية (¬5)) حيث تراحمه الله (¬6) ، فكانوا يستغربون هذا الحديث (¬7) ، فلما قدمت الرقة كتبته، عن جماعة حيث تحاكموا إليه فعلمت أنه صحف". قال لي أبو زرعة: أظن القاسم بن أبي شيبة (¬8) رأى في كتاب إنسان؟ عن ¬
ابن فضيل (¬1) ، عن أبيه (¬2) ، عن المغيرة بن عتيبة بن النهاس (¬3) ، عن سعيد بن جبير (¬4) (المرجئة يهود القبلة) فعلقه، ولم يضبطه، وكان يحدث به، عن ابن فضيل فيقول: "المرء حيث يهوى قلبه". وسمعت أبا زرعة يقول: "ذاكرني القاسم ابن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون (¬5) ، عن أبي مالك الأشجعي (¬6) ، عن أبيه (¬7) ، عن النيى صلى الله عليه رسلم: "من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة" (¬8) ، فقلت له: ليس هذا من حديث يزيد بن هارون، إنما ¬
هذا حديث خلف بن خليفة (¬1) ، وكنا نجلس إلى ابن منير (¬2) فأبقاني أن أذكر ذاك لابن منير، فسبقني إلى ابن منير فلما جئت (¬3) ابن منير فجلست إليه وجدته عنده، فقال لي: يا أبا زرعة (¬4) أبو عبد الرحمن [6- ب-] قد أنكر الحديث كما أنكرته. فقلت له: نعم ليس هذا من حديث يزيد بن هارون. فقال لي: كيف وقع في كتابي؟ فقلت: لم يقع في كتابك أنت أوقعته. قلت: عفير بن معدان (¬5) ؟ قال: "منكر الحديث جداً الا أنه رجل فاضل كان مؤذنهم بحمص وكان من أفاضلهم إلا أن حديثه ضعيف جداً". ¬
وسمعته يقول: "حماد بن عمرو النصيبي (¬1) واهي الحديث". وسمعته يقول: "إسماعيل بن أبي زياد (¬2) يروي أحاديث مفتعلة. قلت: من أين هو؟ قال: كوفي حدث عن اسرائيل (¬3) عن أبي إسحاق (¬4) ، عن الحارث (¬5) ، عن علي في (الكرفس بقلة الأنبياء) (¬6) وأحاديث موضوعة لا أعلم يحدث عنه أصحاب الحديث". قلت: القاسم بن عبد الرحمن (¬7) صاحب أبي حازم؟ قال: منكر الحديث ¬
حدث عنه، عيسى بن يونس (¬1) ، والأنصاري (¬2) والعباس بن الفضل (¬3) قلت: والعباس بن الفضل؟ قال: "منكر الحديث". قلت: ضرار بن عمرو الملطي (¬4) ؟ قال: "منكر الحديث، روى عنه، عبد العزيز بن مسلم (¬5) ، ومعافى بن عمران" (¬6) . ¬
قلت: أبو بكر (¬1) الذي يحدث عن أبي قبيل (¬2) ؟ قال: "أبو بكر العنسي، روى عنه بقية (¬3) ، ويحيى بن صالح (¬4) ، منكر الحديث". قلت: عبد الخالق بن زيد بن واقد (¬5) ؟ قال: "شيخ". وقال لي أبو زرعة: "ابن نافع الصائغ (¬6) عندي منكر الحديث حدث عن ¬
مالك (¬1) ، عن نافع (¬2) عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم "ما بين بيتي ومنبري" (¬3) ، وأحاديث غيرها مناكير، وله عند أهل المدينة قدر في الفقه. سمعت أبا زرعة يقول: سمعت مقاتل بن محمد (¬4) يقول: سمعت معن بن عيسى (¬5) يقول: لو حلفت لبررت أن عبد الله بن نافع أعلم أهل الأرض. قلت لأبي زرعة: "سليمان بن عبيد الله، أعني الرقي (¬6) ؟ قال: منكر الحديث". ¬
قلت: مصعب بن إبراهيم (¬1) ؟ قال: "منكر الحديث". قلت: أحاديث عتاب (¬2) ، عن خصيف (¬3) منكرات؟ قال: "منها شيء". قلت: فهو أحب إليك، أو محمد بن سلمة (¬4) ، عن خصيف؟ فقال: "محمد أنقى وأقل، محمد عنده مقدار ثلثمائة، وعتاب عنده ألف حديث، عن خصيف". قلت: أبو إسماعيل المؤدب (¬5) عن عطية (¬6) ، عن أبي سعيد (¬7) ، عن ¬
النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لاتقصوا أعرافها) (¬1) ؟ فقال: حديث منكر جداً". قلت لأبي زرعة: في حديث احتججت عليه، عن حميد بن الأسود أبي الأسود (¬2) ، فدفعه. فقلت له: حميد صدوق؟ فقال: حميد في حديثه شيء، ربما وهم. قلت: عمران بن نوح (¬3) ، قال: "ليس بذاك حدث [7- أ-] ، عن ¬
عمران القطان (¬1) ، عن قتادة (¬2) ،عن أبي المليح (¬3) ، عن واثلة (¬4) أن (أعرابياً بال في المسجد) (¬5) . قال أبو زرعة: أراه عندي عبيد الله بن أبي حميد (¬6) ، هذا حديث عبيد الله بن أبي حميد. ¬
قلت: أبو الدهماء البصري (¬1) ؟ قال: "النفيلي (¬2) حدثنا عنه، وهو بصري قدم حران لا يعرف بالبصرة، روى غير حديث منكر". قلت: يوسف بن واقد (¬3) ؟ قال: "كان لايعقل هذا الشأن". قلت: سفيان بن عامر (¬4) ؟ قال: "ليس بالقوي". قلت: حديث زياد بن عبد الله (¬5) ، عن حميد (¬6) ، عن أنس في صلاة الضحى. فقال: "خطأ، إنما هو حميد، عن محمد بن قيس (¬7) ، عن جابر (¬8) . قلت: بلغك أن أحمد بن حنبل كان يضغف حنظلة السدوسي (¬9) ؟ قال: هو ضعيف". ¬
قلت: عبد الوارث (¬1) الذي روى عن أنس، من روى عنه؟. قال: ليث (¬2) ، ويحيى الجابر (¬3) ، وجابر الجعفي (¬4) ، وسلمة بن سابور (¬5) ، وأبو هاشم (¬6) ، وهو منكر الحديث. قلت: أبو سنان (¬7) الذي روى عنه عيسى بن يونس (¬8) ؟ فقال: روى عنه ¬
(عيسى بن يونس) ، وحماد بن سلمة (¬1) ، وأبو أسامة (¬2) ، ويوسف السمتي (¬3) ، ويوسف بن عتبة (¬4) ، واسمه عيسى بن سنان القسطي: "لين الحديث"، (وسألته مرة أخرى) قلت: أبو سنان عيسى ابن سنان؟ قال: "مخلط ضعيف الحديث، روى عنه حماد بن سلمة، وحجاج الصواف (¬5) هو شامي، فلقيهم بالبصرة فكتبوا عنه". قلت: عبيدة بن الأسود (¬6) ؟ قال: "ثقة". قلت: "يروي تلك الأحاديث، وذكرت حديث مجاهد (¬7) ، عن ابن عمر، وغيره. فقال: هذا عيسى فمن دونه". ¬
قلت: من يحيى [بن] عبد الرحمن الأرحبي (¬1) ؟ قال: لا يبعد. قلت: سلمة بن نبيط (¬2) ، عن أبيه (¬3) ، عن عائشة (¬4) "أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج" (¬5) ؟ فقال: "هذا باطل، من رواه؟ ". قلت: حدثنا شيخ بالكوفة يقال له أبو عبيدة بن أبي السفر (¬6) ، عن ¬
زيد بن الحباب (¬1) . فقال: "لوحلف إنسان على هذا أنه باطل لم يحنث عندي". وشهدت أبا حاتم يقول لأبي زرعة: "كان يحيى بن معين (¬2) يقال: يوسف السمتي زنديق (¬3) [وعائذ بن حبيب زنديق] " (¬4) . فقال له (¬5) أبو زرعة: "أما عائذ بن حبيب فصدوق في الحديث، وأما يوسف السمتي (¬6) ، فذاهب الحديث، كان يحيى يقول: كذاب". ¬
قال أبو عثمان (¬1) : "فرأيت هذه الحكاية (¬2) التي حكاها أبوحاتم عندي، عن بعض شيوخنا، عن يحيى، كان عائذ بن حبيب (زيديا) (¬3) وهو (¬4) بهذا أشبه، والله أعلم". قلت لأبي زرعة: عمر بن حبيب القاضي (¬5) ؟ قال: "ليس بالقوي". قلت: عباد بن كثير الرملي (¬6) ، وعباد بن كثير البصري (¬7) ؟ [7- ب] فقال: "كلاهما واهيان في الحديث، وهما فاضلان متعبدان". قلت: عبد الواحد بن زيد (¬8) ؟ قال: قدري. قلت: كيف حديثه؟ قال: "أما في الحديث فليس بذاك الضعيف". ¬
حدثنا محمد بن إسحاق يعني الصاغاني (¬1) ، عن يحيى بن معين أن عبد الواحد بن زيد كان قاصا بالبصرة. وقال أبو زرعة: يريبني أمر أبي غزيّة (¬2) ، حدثني أبو بكر بن أبي شيبة الحزامي (¬3) ، عن أيى كزئة، عن فليح (¬4) ، عن نافع (¬5) عن ابن عمر قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل الكعبة محتبيا (¬6) بيديه". ¬
وحدثنا أبو موسى الأنصاري (¬1) ، عن أبي غزية، عن إبراهيم بن سعد (¬2) ، عن عمر بن محمد (¬3) ، عن ابن عمر قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في ظل الكعبة محتبيا بيديه". قال أبو زرعة: "أخاف أن لا يكون لواحد منهما أصل". وسمعت أبا زرعة يقول: "كنت سمعت رجاء الحافظ (¬4) حين قدم علينا فحدثنا عن علي بن المديني (¬5) ، عن معاذ بن هشام (¬6) عن أبيه (¬7) ، عن عمرو بن دينار (¬8) ، عن عكرمة (¬9) ، عن ابن عباس (¬10) قال: "نهى النبي صلى ¬
الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا) (¬1) فأنكرته ولم أكن دخلت البصرة بعد فلما التقيت مع علي سألته، فقال من حدث بهذا عني مجنون، ما حدثت بهذا قط، وما سمعت هذا من معاذ بن هشام قط. وشهدت أبا زرعة ينكر حديث العلاء بن عبد الرحمن (¬2) (إذا انتصف شعبان) (¬3) وزعم أنه منكر. ¬
قلت: عاصم بن عبد العزيز (¬1) ؟ قال: "ليس بالقوي". قلت: محمد بن عبد الرحمن الطفاوي (¬2) ؟ قال: "ينكر إلا أن أحمد حدثنا عنه". قلت: الأفريقي (¬3) ؟ قال: "ليس بالقوي". قلت: حديث رواه محمد بن أيوب بن سويد الرملي (¬4) ، عن أبيه (¬5) ، عن ¬
الأوزاعي (¬1) ، قال: "حديث (بارك لأمتي في بكورها) (¬2) ؟ قلت: نعم. قال: مفتعل، ثم قال: كنت بالرملة فرأيت شيخا جالسا بحذائي إذا نظرت إليه سبح، وإذا لم أنظر إليه سكت، فقلت في نفسي هذا شيخ هو ذا يتصنع لي. فسألت عنه؟ فقالوا: هذا محمد بن أيوب بن سويد. فقلت لبعض أصحابنا: إذهب بنا إليه فأتيناه فأخرج إلينا كتب أبيه أبوابا مصنفة بخط أيوب بن سويد، وقد بيض أبوه كل باب، وقد زيد في البياض أحاديث بغير الخط الأول، فنظرت فيها فإذا الذي بخط الأول أحاديث صحاح، وإذا الزيادات أحاديث موضوعة ليست من حديث أيوب بن سويد. فقلت: هذا الخط الأول خط من هو؟ فقال: خط أبي. فقلت: هذه الزيادات خط من ¬
هو؟ قال: خطي. قلت [8- أ-] فهذه الأحاديث من أين جئت بها؟ قال: أخرجتها من كتب أبي. قلت: لا ضير أخرج إلي كتب أبيك التي أخرجت هذه الأحاديث منها. قال أبو زرعة: فاصفار لونه (وبقي) (¬1) ، وقال: الكتب ببيت المقدس. فقلت: لا ضير أنا أكتري فيجاء بها إلي فأوجه إلى بيت المقدس، واكتب إلى من كتبك معه حتى يوجهها، فبقي ولم يكن له جواب. فقلت له: ويحك أما تتقي الله ماوجدت لأبيك ماتفقه به سوى هذا. أبوك عند الناس مستور، وتكذب عليه، أما تتقي الله، فلم أزل أكلمه بكلام من نحو هذا، ولا يقدر لي على جواب. قلت: داود بن الزبرقان (¬2) ؟ قال: "واهي الحديث". وسمعت أبا زرعة يقول: هشام بن سعد (¬3) واهي الحديث. أتقنت ذلك، عن أبي زرعة، وهشام عند غير أبي زرعة أجل من هذا الوزن فتفكرت ¬
فيما قال أبو زرعة فوجدت في حديثه وهما كبيرا، من ذلك أنه حدث عن الزهري، عن أبي سلمة (¬1) . عن أبي هريرة (في قصة الواقع في رمضان) (¬2) ، وقد روى أصحاب الزهري قاطبة، عن الزهري، عن حميد ابن عبد الرحمن (¬3) ، ¬
وليس من حديث أبي سلمة، وقد حدث به وكيع (¬1) ، عن هشام (¬2) ، عن الزهري، عن أبي هريرة، كأنه أراد الستر على هشام في قوله عن أبي سلمة. قلت لأبي زرعة: الحسن بن ذكوان (¬3) ؟ قال: "ضعيف الحديث". قلت: موسى بن محمد بن إبراهيم (¬4) ؟ قال: "منكر الحديث". قلت: الحريش بن الخريت (¬5) ؟ قال "واهي الحديث". قلت: يحيى بن اليمان (¬6) ؟ قال: "يهم كثيراً". ¬
قلت: معلى بن عبد الرحمن الواسطي (¬1) ؟ قال: "واهي الحديث". قيل: علي بن عاصم (¬2) ؟ قال: "ترك الناس حديثه إلا أن أحمد ربما ذكره وحدثنا أبو زرعة، عن شيخ له، عن علي بحديث في غير هذ الوقت". وحدثنا محمد بن يحيى النيسابوري (¬3) قال: قلت لأحمد بن حنبل: في علي بن عاصم، وذكرت له خطأه، فقال لي أحمد: "كان حماد ابن سلمة يخطىء، وأومأ أحمد بيده خطأ كثيراً، ولم ير بالرواية عنه بأساً (¬4) وحدثنا محمد بن يحيى عنه". وحدثني عيسى بن بشر الرازي (¬5) قال: سألت يحيى بن معين، عن ¬
علي بن عاصم؟ فقال "ليس بثقة" (¬1) . حدثنا أيوب بن إسحاق بن سافري (¬2) ، قال: يحيى بن معين قال: لقيت علي بن عاصم على الجسر. فقلت: كيف حديث مطرف (¬3) عن الشعبي "من زوّج كريمته) (¬4) فقال: حدثنا مطرف، عن الشعبي، فقلت: لم نسمع هذا ¬
من مطرف قط وليس هذا من حديثك. قال: فأكذب؟ فاستحييت (¬1) منه، وقلت: ذوكرت به فوقع في قلبك فظننت أنك سمعته ولم تسمعه وليس من حديثك. وحدثنا أيوب بن إسحاق عن محمد بن [8- ب-] منهال (¬2) قال: سمعت يزيد بن زريع (¬3) يقول: أفادني علي بن عاصم حديثين، عن خالد الحذاء (¬4) سألته عنهما؟ فقال: "ماحدثت بهذين الحديثين قط". حدثنا أيوب قال: حدثني أبوبكر (¬5) ، وعثمان ابنا أبي شيبة (¬6) قالا: كنا عند يزيد بن هارون ليلة في بيته، وكان صائما فأفطرنا معه. فسألناه، عن علي بن عاصم؟ فقال: "ما زلنا نعرفه بالكذب" (¬7) . ¬
حدثني أحمد بن الفرات (¬1) ، أنا أبو داود (¬2) قال: سمعت شعبة يقول: "لا تكتبوا عنه (¬3) يعني علي بن عاصم". قيل لأبي زرعة وأنا شاهد: فالخفاف عبد الوهاب بن عطاء (¬4) ؟ قال: هو أصلح منه قليلاً يعني من علي بن عاصم. وسمعت أبا زرعة يقول: "المختار بن نافع (¬5) واهي الحديث". قلت: الحكم بن أسلم أبو معاذ (¬6) ؟ قال: "هذا ووقف. قلت أيش حاله؟ قال: القدر". قلت: عيسى بن ميمون (¬7) ؟ قال: "واهي الحديث؟ وكان أبوحاتم ¬
حاضرا، فقال: إلا أن تعني صاحب ابن أبي نجيح (¬1) ؟ فقلت: لا إنما أردت صاحب محمد بن كعب" (¬2) . قال أبو عثمان: حدثنى رفيق لي يقال له محمد قال: سمعت أحمد بن سنان (¬3) ، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي (¬4) قال: "استعديت على عيسى بن ميمون فقلت له: هذه الأحاديث التي تحدث بها، عن القاسم (¬5) عن عائشة (¬6) ؟ وسألت أبا زرعة، عن عبد الله بن داود، الواسطي (¬7) ؟ فقال: "ضعيف الحديث". قلت: ومحمد بن الفضل بن عطية (¬8) ؟، قال: "ضعيف الحديث، وأبوه (¬9) لا بأس به". ¬
قلت: يزيد بن عبد الملك النوفلي (¬1) ؟ قال: "واهي الحديث، وغلظ فيه القول جداً". قلت لأبي زرعة: عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة (¬2) ؟ قال: "يحدث بأحاديث أباطيل، عن سلام بن أبي مطيع" (¬3) . قلت: يوسف بن أخي محمد بن المنكدر (¬4) ؟ قال: "واهي الحديث". ¬
قال لي أبو زرعة: محمد بن مصعب (¬1) "يخطىء كثيراً عن الأوزاعي وغيره"، وكان في كتابنا عن أبي زرعة، عن عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبي شيبة (¬2) ، عن ابن أبي فديك (¬3) ، عن محمد بن عمرو (¬4) ، عن أبي سلمة (¬5) ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قرب إلى أحدكم الحلواء ¬
فليأكل منها ولا يردها" (¬1) . وعنه عن ابن أبي فديك (¬2) عن هشام بن عروة (¬3) ، عن أبيه (¬4) عن عائشة قالت: "كان أحب اللحم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراع" (¬5) ، فسألت أبا زرعة عنهما، فأمرني أن أضرب عليهما، ولم يقرأهما. ¬
وقال لي أبو زرعة: حدثنا يحيى بن المغيرة (¬1) ، حدثنا جرير (¬2) ، عن رقبة (¬3) قال: "كان عبد الله بن المسور (¬4) يضع الأحاديث للناس". حدثني سعيد بن عمرو، قال: حدثني إسماعيل بن عبد الله الأصبهاني (¬5) ، ثنا عثمان بن أبي شيبة أنا جرير، عن رقبة أن أبا جعفر المدائني كان يضع أحاديث، وليست من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان [9- أ] يرويها، عن النبي صلى الله عليه وسلم (¬6) . ¬
قلت لأبي زرعة: ابن شاذان المكي (¬1) ، النضر بن سلمة، حدثنا عن المؤمل بن إسماعيل (¬2) عن الحارث بن عمير (¬3) ، عن عبد الله (¬4) ، عن نافع، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يجير على المسلمين أدناهم" (¬5) ، فقال أبو زرعة: "راوي هذا الحديث مجنون كم من كذاب يكون مجنونا"، وذاكرت أبا زرعة مرة أخرى بحديث فسألني عمن (¬6) كتبته؟ فقلت: عن شاذان المكي، فضحك، وقال لي رواه شاذان؟ قلت: رواه شاذان، ثم قلت: فتنتني (¬7) في ¬
تلك الأيام كثرة فوائده، وكنت أترك الثقات وآتيه. فقال لي أبو زرعة: لو كتبت كلام ابن عيينة، عن ابن أبي عمر (¬1) كان خيراً لك آجرك الله في غناك، فجعلت أذاكره بأحاديث عنه قد كنت حفظتها قديماً، وهو يقول: سبحان الله، ويعجب". قلت لأبي زرعة: سفيان بن وكيع (¬2) "كان يتهم بالكذب؟ قال: الكذب بس، ثم قال لي أبو زرعة: كتبت عنه شيئا؟ قلت: لا. قال: استرحت". قال أبو زرعة: كان وراقة (¬3) نقمة، كان يعمد إلى أحاديث من أحاديث ¬
الواقدي (¬1) فيجيء بها إليه، فيقول: قد أصبت أحاديث، عن أسامة بن زيد (¬2) فلان، وفلان فاكتبها بخطك حتى ندخلها في الفوائد فتحملها على الشيوخ الثقات حتى قال يوما قد بلغـ[ـت] (¬3) الفوائد ألفي حديث". قلت: حديث أسامة بن زيد في (الهريسة) (¬4) من ذاك؟ قال نعم. قال: ما أخوفني أن يكون مثل هذا هو، عن أبي سلمة (¬5) ، أو عطاء بن يسار (¬6) . قلت: تعلم أحداً رواه؟ قال: نعم، حدثنا هشام بن عمار (¬7) قال: ثنا ¬
حاتم (¬1) ، عن أسامة، عن صفوان بن سليم (¬2) (000) (¬3) . وقال لي أبو زرعة: في عمرو بن مرزوق (¬4) ، أنا أخبرك بأمره. سئل أبو الوليد (¬5) عنه؟ فأثنى عليه خيرا (¬6) فذهبوا إليه فسمعوا من أحاديث لزائدة (¬7) ، وعرضوها على أبي الوليد، فقال أبو الوليد: إنما سمع هو من زائدة بعبادان (¬8) . قال أبو زرعة عنه: [روى] (¬9) ثلاثة آلاف عن شعبة". ¬
قيل لأبي زرعة: في أبي معاوية (¬1) - وأنا شاهد- كان يرى الإرجاء؟ قال: نعم، كان يدعو إليه، قيل: فشبابة (¬2) أيضا؟ قال: نعم. قيل: رجع عنه؟ قال: نعم، قال: الإيمان قول وعمل". ورأيت أبا زرعة يسيء المقول في (¬3) سويد بن سعيد" (¬4) . وقال: "رأيت منه (¬5) شيئا لم يعجبني. قلت (¬6) : ما هو؟ قال (¬7) : لما قدمت ¬
[من] (¬1) مصر مررت به فأقمت عنده، فقلت (¬2) : إن عندي أحاديث لابن (¬3) وهب، عن ضمام ليست عندك؟ فقال: ذاكرني بها، فأخرجت الكتب، وأقبلت أذاكره فكلما كنت أذاكره كان (¬4) يقول: حدثنا بها (¬5) ضمام، وكان يدلس حديث حريز بن عثمان (¬6) وحديث نيار بن مكرم (¬7) [9- ب-] ، وحديث عبد الله بن عمرو (¬8) (زر غبا) (¬9) ؟ فقلت: أبو محمدلم يسمع هذه الثلاثة ¬